وقفات مع منظومة السفاريني رحمه الله (منقول):
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين أما بعد :_
إن القارئ لمنظومة الدرة المضيئة في عقد الفرقة المرضية تأليف العالم محمد بن أحمد بن سالم السفاريني رحمه الله , يدرك نفاستها وأهميتها لما تضمنته لمباحث هامة في العقيدة , ولذلك حرص العلماء على حفظها ودراستها وتدريسها لطلابهم , ومن هؤلاء العلماء فضيلة شيخنا الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله حيث قام بشرحها وتوضيح معانيها وأثناء الشرح نبه فضيلته على المواضع التي خالف فيها الناظم عقيدة السلف وهذه المواضع ولله الحمد قليلة ,
ولا يعني وجود بعض الملاحظات على المنظومة أن نتجنبها ونترك الخير الكثير الموجود فيها بل هذه الأخطاء تعرف وتجتنب .
وقد قمت بجمع هذه الملاحظات فوجدت أن عددها ثمان ملاحظات سأقوم بإيرادها مع بيان الصواب في ذلك .
الملاحظة الأولى :
قال في البيت الأول :
الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاق
قوله القديم
لم يرد في الكتاب ولا في سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمية الله بالقديم, والقاعدة أن أسماء الله وصفاته توقيفية , فلايجوز لنا أن نسمي الله أو نصفه إلا بما سمى ووصف به نفسه أو سماه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإنما الإسم الذي ورد في الكتاب والسنة وهو قريب مما قصده المؤلف هو الأول قال تعالى ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (الحديد:3(
الملاحظة الثانية :
قال في البيت الثاني والثلاثين :
أول واجب على العبيد معرفة الإله بالتسديد
في هذا البيت يقول الناظم أن أول ما يجب على العباد هو معرفة الله , والصواب أن أول واجب على العباد هو عبادة الله وحده , لان العباد يعرفون الله بالفطرة والأدلة الكونية , فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما بدأ دعوته قال : قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ولم يقل تعرفوا على الله
الملاحظة الثالثة :
قال في البيت الرابع والثلاثين :
صفاته كذاته قديمة أسماؤه ثابتة عظيمة
قوله ((صفاته كذاته قديمة )) ليس على إطلاقه لان صفات الله تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : صفات قديمة مثل ذاته وهي صفات الذات كالسمع والبصر والعلو … إلخ .
القسم الثاني : صفات الأفعال كالاستواء والنزول والغضب والكلام .. إلخ , هذه الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد بمعنى أن الله متصف بها في الأزل وأن آحاد الفعل يتجدد مثل الكلام , فالله عز وجل متصف بالكلام في الأزل والأبد وفعل الكلام يتجدد أي يتكلم متى شاء وليس المعنى أنه كان يتكلم في القديم أما الآن فلا يتكلم فهذا باطل .
فلابد من هذا التفصيل وعدم إطلاق القدم على صفات الله كلها .
الملاحظة الرابعة :
قال في البيت الثامن والثلاثين :
والعلم والكلام قد تعلقا بكل شيئاً يا خليلي مطلقاً
أما قوله العلم قد تعلقا بكل شيء فهذا صحيح , وأما الكلام فليس متعلق بكل شيء لأن الكلام من أفعاله تعالى وهو تابع لمشيتهِ وإرادته سبحانه فهو يتكلم متى شاء سبحانه.
الملاحظة الخامسة :
قال في البيت الحادي والأربعين
كلامه سبحانه قديم أعي الورى بالنص يا عليم
قوله كلامه سبحانه قديم ليس من قول السلف بل هو من قول ابن كلاب ويعني هذا أنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته .
وأجمع أهل السنة والجماعة على أن الله يتكلم كيف شاء ومتى شاء.
تراجع الملاحظة الثانية
الملاحظة السادسة :
قال في البيت التاسع و الأربعين :
فسائر الصفات والأفعال قديمة لله ذي الجلال
قوله (( قديمة لله )) أطلق القدم على الصفات والأفعال كلها وهذا ليس بصحيح بل لابد من التفصيل
فأفعال الله تتجدد وليست قديمة مطلقاً بل قديمة النوع حادثة الآحاد ,فقد أجمع السلف على أن الله قديم بجميع صفاته لم يزل ولا يزال, لكن مرادهم أن صفات الأفعال والأقوال قديمة النوع حادثة الآحاد.
الملاحظة السابعة :
قال في البيت الثالث والأربعين :
وليس ربنا بجوهر ولا عرض ولا جسم تعالى ذو العلى
هنا الناظم نفى الجوهر والعرض والجسم وهذا ليس بصحيح لأن هذه الألفاظ لم يرد في الكتاب أو السنة إثباتها ولا نفيها , فالصواب في هذا أن يتوقف فيها لأنها ألفاظ محتملة يراد بها حق ويراد بها باطل , وأما معناها فيستفصل فيه إن كان حقٌ لائقٌ بالله قبل وإن كان باطل ينزه الله عنه رد .
الملاحظة الثامنة :
قال في البيت المائة :
ففعلنا نحو الركوع محدث وكل قرآن قديم فابحثوا
قوله عن القرآن انه قديم هذا قول ابن كلاب ولم يقل به أحد من السلف , والصواب أن الله يتكلم متى شاء .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________