التصنيفات
القران الكريم

لماذا نقرأ سورتي الإخلاص في سنة الفجر والمغرب والوتر؟

لماذا نقرأ سورتي الإخلاص في سنة الفجر والمغرب والوتر؟

للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله

ملاك السعادة والنجاة والفوز بتحقيق التوحيدين اللذين عليهما مدار كتاب الله تعالى، وبتحقيقهما بعث الله سبحانه وتعالى رسوله، وإليهما دعت الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم- من أولهم إلى آخرهم:
أحدهما : التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله تعالى، وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل، وتنزيهه عن صفات النقص.
والتوحيد الثاني : عبادته وحده لا شريك له، وتجريد محبته، والإخلاص له، وخوفه، ورجاؤه، والتوكل عليه، والرضى به رباً وإلاهاً وولياً، وأن لا يجعل له عدلاً في شيء من الأشياء.
وقد جمع سبحانه وتعالى هذين النوعين من التوحيد في سورتي الإخلاص وهما:
1-سورة : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} المتضمن للتوحيد العملي الإرادي،
2- وسورة : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} المتضمنة للتوحيد العلمي الخبري.

فسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيها بيان ما يجب لله تعالى من صفات الكمال، وبيان ما يجب تنزيهه من النقائص والأمثال.
وسورة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فيها إيجاب عبادته وحده لا شريك له، والتبريء من عبادة كل ما سواه.
ولا يتم أحد التوحيدين إلا بالآخر ولهذا كان النبي يقرأ بهاتين السورتين في سنة الفجر والمغرب والوتر اللتين هما فاتحة العمل وخاتمته ليكون مبدأ النهار توحيدا، وخاتمته توحيدا.
المصدر

من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية ص 93




نعم الفائدة !

أحسن الله إليكم و نفع بكم




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبيد الله الأثرية تعليمية
نعم الفائدة !

أحسن الله إليكم و نفع بكم

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
نسال الله ان يفقهنا في ديننا ويعلمنا ما جهلنا به ويوفقنا الى تعليمه لغيرنا




بارك الله فيكم وسدد خطاكم وجعلكم من اهل الجنة ومن الطيبن يارب العالمين

فائدة قيمة




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء تعليمية
بارك الله فيكم وسدد خطاكم وجعلكم من اهل الجنة ومن الطيبن يارب العالمين

فائدة قيمة

وفيكم بارك الله وجعلني واياكم من عباده الصالحين وجعنا من ورثة جنة النعيم ورزقنا صحبة الانبياء والصالحين يوم الدين




بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
نسال الله ان يفقهنا في ديننا ويعلمنا ما جهلنا به ويوفقنا الى تعليمه لغيرنا




التصنيفات
القران الكريم

الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية

قال تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ

دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة : 5 ) وقال تعالى : (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ

(سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج : 37 )

1 – وعن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط

بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول:( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى

الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى

ما هاجر إليه) متفق على صحته .

رواه إماما المحدثين: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي

البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما

في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة .

الشَّرْحُ

لما كان هذا الباب في الإخلاص لله، وأنه ينبغي أن تكون النية المخلصة لله في كل قول وفي كل
فعل وعلى كل حال وذكر المؤلف من الآيات ما يتعلق بهذا المعنى، ذكر رحمه الله من الأحاديث
ما يتعلق به أيضاً، وصدر هذا بحديث عمر بن الخطاب الذي قال فيه سمعت الرسول صلى الله
عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى هاتان الجملتان اختلف العلماء –
رحمهم الله – فيهما، فقال بعض العلماء إنهما جملتان بمعنى واحد، وأن الجملة الثانية تأكيد للجملة
الأولى .
ولكن هذا ليس بصحيح وذلك لأن الأصل في الكلام أن يكون تأسيساً لا تأكيداً .
ثم إنهما عند التأمل يتبين أن بينهما فرقاً عظيماً، فالأولى سبب، والثانية نتيجة .
الأولى سبب يبين فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن كل عمل لابد فيه من نية كل عمل يعمله
الإنسان وهو عاقل مختار فلابد فيه من نية ولا يمكن لأي عاقل مختار أن يعمل عملاً إلا بنية .
حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق وهذا صحيح، كيف تعمل
وأنت عاقل في عقلك وأنت مختار غير مكره عملاً بلا نية ؟ هذا مستحيل لأن العمل ناتج عن
إرادة وقدرة، والإرادة هي النية، إذا فالجملة الأولى معناها أنه ما من عامل إلا وله نية ولكن
النيات تختلف اختلافاً عظيما وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض .
من الناس من نيته في القمة في أعلى شيء ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء
وأدنى شيء .
حتى إنك لترى الرجلين يعملان عملاً واحداً يتفقان في ابتدائه وانتهائه وفي أثنائه وفي الحركات
والسكنات والأقوال والأفعال، وبينهما كما بين السماء والأرض كل ذلك باختلاف النية .
إذاً الأساس أنه: ما من عمل بلا نية .
نتيجة قوله: وإنما لكل امرئ ما نوى إن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك،
وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل .(مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ) (الإسراء : 18 )
ما قال عجلنا لهما يريد بل قال ما نشاء أي لا ما يشاء هو لمن نريد لا لكل إن
قال الله: سان فقيد المعجل والمعجل له .
إذاًَ من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنهم من يعطى شيئاً منه ومنهم من لا يعطى شيئاً أبداً .
هذا معنى قوله { عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } أما (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً) (الإسراء : 19 ) لابد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه
الله والدار الآخرة .
وقوله: إنما الأعمال بالنيات ..
إلخ هذه ميزان لكل عمل، لكنه ميزان الباطن وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان
عن عائشة رضي الله عنها: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ميزان للأعمال الظاهرة .
ولهذا قال أهل العلم: هذان الحديثان يجمعان الدين كله ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم
مثلاً يطبق هذا الحديث عليه، قال:( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله،
ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) الهجرة: أن ينتقل الإنسان
من دار الكفر إلى دار الإسلام، مثل أن يكون في أمريكا – وأمريكا دار كفر – فيسلم ولا يتمكن من
إظهار دينه هناك، فينتقل إلى البلاد الإسلامية هذه هي الهجرة .
إذا هاجر الناس، فهم يختلفون في الهجرة، منهم من يهاجر ويدع بلده إلى الله ورسوله، يعني إلى
شريعة الله التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم هذا هو الذي ينال الخير،
وينال مقصوده ولهذا قال: فهجرته إلى الله ورسوله أي فقد أدرك ما نوى الثاني: هاجر لدنيا يصيبها،
مثلاً رجل يحب جمع المال فسمع أن في بلاد الإسلام مرتعاً خصباً لاكتساب الأموال فهاجر من بلد
الكفر إلى بلد الإسلام فقط، لا يقصد أن يستقيم على دينه ولا يهتم لدينه، إنما همه المال .
ثالثاً: رجل هاجر من بلد الكفر إلى بلد الإسلام يريد امرأة يتزوجها قيل له لا نزوجك إلى في بلاد
الإسلام ولا تسافر بها إلى بلاد الكفر، فهاجر من بلده إلى بلاد الإسلام من أجل المرأة .
فمريد الدنيا ومريد المرأة لم يهاجر إلى الله ورسوله، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(فهجرته إلى ما هاجر إليه )وهنا قال: إلى ما هاجر إليه ولم يقل فهجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة
ينكحها، فلماذا ؟ قيل لطول الكلام، فإذا قيل فهجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها طال الكلام
وقيل بل لم ينص عليهما احتقاراً وإعراضاًَ عن ذكرهما لأنها نية فاسدة منحطة .
وعلى كل حال فإن هذا الذي نوى بهجرته الدنيا أو المرأة لاشك أن نيته سافلة منحطة هابطة بخلاف
الأول الذي هاجر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
أقسام الهجرة: الهجرة تكون للعمل، وتكون للعامل، وتكون للمكان .
القسم الأول: هجرة المكان: فأن ينتقل الإنسان من مكان تكثر فيه المعاصي ويكثر فيه الفسوق
وربما يكون بلد كفر إلى بلد لا يوجد فيه ذلك .
وأعظمه الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وقد ذكر أهل العلم أنه تجب الهجرة من بلد الكفر
إلى بلد الإسلام إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يظهر دينه .
وأما إذا كان قادراً على إظهار دينه ولا يعارض إذا أقام شعائر الإسلام فإن الهجرة لا تجب عليه ولكنها
تستحب، وبناء على ذلك يكون السفر إلى بلد الكفر أعظم من البقاء فيه، فإذا كان بلد الكفر الذي
كان وطن الإنسان إذا لم يستطع إقامة دينه فيه وجب عليه مغادرته والهجرة منه .
فكذلك إذا كان الإنسان من أهل الإسلام ومن بلاد المسلمين فإنه لا يجوز له أن يسافر إلى بلد
الكفر لما في ذلك من الخطر على دينه وعلى أخلاقه ولما في ذلك من إضاعة ماله ولما في ذلك
من تقوية اقتصاد الكفار ونحن مأمورون بأن نغيظ الكفار بكل ما نستطيع كما قال الله تبارك تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)
(التوبة : 123 )
وقال تعالى: (وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة : 120 ) فالكافر أياً كان، سواء كان من النصارى أو من اليهود أو من الملحدين،
وسواء تسمى بالإسلام أو لم يتسم بالإسلام، الكافر عدو لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين جميعاً،
مهما تلبس بما يتلبس به فإنه عدو .
فلا يجوز للإنسان أن يسافر إلى بلد الكفر إلا بشروط ثلاثة: الشرط الأول: أن يكون عنده علم يدفع به
الشبهات، لأن الكفار يوردون على المسلمين شبهاً في دينهم وفي رسولهم وفي كتابهم وفي
أخلاقهم، في كل شيء يوردون الشبهة ليبقى الإنسان شاكاً متذبذباً، ومن المعلوم أن الإنسان
إذا شك في الأمور التي يجب فيها اليقين فإنه لم يقم بالواجب، فالإيمان بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره يجب أن يكون يقيناً فإن شك الإنسان في شيء من ذلك
فهو كافر .
فالكفار يدخلون على المسلمين الشك حتى أن بعض زعمائهم صرح قائلاً: لا تحاولوا أن تخرجوا
المسلم من دينه إلى دين النصارى ولكن يكفي أن تشككوه في دينه، لأنكم إذا شككتموه في
دينه سلبتموه الدين وهذا كاف .
أنتم أخرجوه من هذه الحظيرة التي فيها العزة والغلبة والكرامة ويكفي، أما أن تحاولوا أن تدخلوه
في دين النصارى المبني على الضلال والسفاهة فهذا لا يمكن، لأن النصارى ضالون كما جاء في
الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان فدين المسيح دين حق لكنه دين الحق في
وقته قبل أن ينسخ برسالة النبي صلى الله عليه وسلم .
الشرط الثاني: أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات لأن الإنسان الذي ليس عنده دين إذا ذهب
إلى بلاد الكفر انغمس لأنه يجد زهرة الدنيا هناك، من خمر وزنى ولواط وغير ذلك .
الشرط الثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك مثل أن يكون مريضاً يحتاج إلى السفر إلى بلاد الكفر
للاستشفاء، أو يكون محتاجاً إلى علم لا يوجد في بلاد الإسلام تخصص فيه فيذهب إلى هناك
أو يكون الإنسان محتاجاً إلى تجارة، يذهب ويتجر ويرجع المهم أن يكون هناك حاجة ولهذا أرى
أن الذين يسافرون إلى بلد الكفر من أجل السياحة فقط أرى أنهم آثمون، وأن كل قرش يصرفونه
لهذا السفر فإنه حرام عليهم وإضاعة لمالهم وسيحاسبون عنه يوم القيامة حين لا يجدون مكاناً
يتفسحون فيه أو يتنزهون فيه .
حين لا يجدون إلا أعمالهم لأن هؤلاء يضيعون أوقاتهم ويتلفون أموالهم ويفسدون أخلاقهم وكذلك
ربما يكون معهم عوائلهم، ومن عجب أن هؤلاء يذهبون إلى بلاد الكفر التي لا يسمع فيها صوت
مؤذن ولا ذكر ذاكر وإنما يسمع فيها أبواق اليهود ونواقيس النصارى ثم يبقون فيها مدة هم
وأهلوهم وبنوهم وبناتهم فيحصل في هذا شر كثير نسأل الله العافية والسلامة .
وهذا من البلاء الذي يحل الله به النكبات والنكبات التي تأتينا والتي نحن الآن نعيشها كلها بسبب
الذنوب والمعاصي، كما قال الله: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)
(الشورى : 30 ) نحن غافلون في بلادنا كأن ربنا غافل عنا كأنه لا يعلم، كأنه لا يملي للظالم
حتى إذا أخذه لم يفلته .
والناس يعصرون في هذه الحوادث ولكن قلوبهم قاسية والعياذ بالله وقد قال الله سبحانه:
(وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) (المؤمنون : 76 ) أخذهم العذاب ونزل بهم ومع ذلك
ما استكانوا إلى الله وما تضرعوا إليه بالدعاء وما خافوا من سطوته، لكن قست القلوب نسأل
الله العافية وماتت حتى أصبحت الحوادث المصيرية تمر على القلب وكأنها ماء بارد .
نعوذ بالله من موت القلب وقسوته وإلا لو كان الناس في عقل وصحوة وفي قلوب حية ما ساروا على
هذا الوضع الذي عليه نحن الآن مع أننا في وضع نعتبر أننا في حال حرب مدمرة مهلكة، حرب غازات
الأعصاب والجنود وغير ذلك ومع هذا لا تجد أحداً حرك ساكناً إلا أن يشاء الله .
إن أناساً في هذه الظروف العصيبة ذهبوا بأهليهم يتنزهون في بلاد الكفر وفي بلاد الفسق وفي
بلاد المجون والعياذ بالله .
أقول مرة ثانية إن الهجرة من بلد الكفر الذي لا يستطيع أن يقيم الإنسان فيه دينه واجبة .
والسفر إلى بلاد الكفر للدعوة يجوز إذا كان له أثر وتأثير هناك فإنه جائز لأنه سفر لمصلحة، وبلاد الكفر
كثير من عوامهم قد عمي عليهم الإسلام لا يدرون عن الإسلام شيئاً بل قد ضللوا وقيل لهم إن
الإسلام دين وحشية وهمجية ورعاع ولا سيما إذا سمع الغرب هذه الحوادث التي جرت على
يد أناس يقولون إنهم مسلمون سيقولون أين الإسلام ؟ هذه وحشية فينفرون من الإسلام بسبب
المسلمين وأفعالهم، نسأل الله أن يهدينا أجمعين .
القسم الثاني: هجرة العمل، وهي أن يهجر الإنسان ما نهاه الله عنه من المعاصي والفسوق كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم:( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من
هجر ما نهى الله عنه ) فاهجر كل ما حرم الله عليك سواء كان مما يتعلق بحقوق الله أو مما يتعلق
بحقوق عباد الله فتهجر السب والشتم والقتل والغش وأكل المال بالباطل وعقوق الوالدين وقطيعة
الأرحام وكل شيء حرم الله تهجره، حتى لو أن نفسك دعتك إلى هذا وألحت عليك فذكرها أن الله
حرم ذلك حتى تهجره وتبعد عنه .
القسم الثالث: هجرة العامل، فالعامل قد تجب هجرته أحياناً، قال أهل العلم: مثل الرجل المجاهر
بالمعصية الذي لا يبالي بها فإنه يشرع هجره إذا كان في هجره فائدة ومصلحة .

والمصلحة والفائدة أنه إذا هجر عرف قدر نفسه ورجع عن المعصية .
ومثال ذلك: رجل معروف بالغش بالبيع والشراء فيهجره الناس فإذا هجروه تاب من هذا ورجع وندم
ورجل ثان يتعامل بالربا فيهجره الناس ولا يسلمون عليه ولا يكلموه فإذا عرف هذا خجل من نفسه
وعاد إلى صوابه .
أما إذا كان الهجر لا يفيد ولا ينفع وهو من أجل معصية لا من أجل كفر لأن الكافر المرتد يهجر على
كل حال – أفاد أم لم يفد – لكن صاحب المعصية التي دون الكفر إذا لم يكن في هجره مصلحة فإنه
لا يحل هجره لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان
فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ومن المعلوم أن المعاصي التي دون الكفر
عند أهل السنة والجماعة لا تخرج من الإيمان فيبقى النظر هل الهجر يفيد أم لا، فإن أفاد فإنه يهجر
ودليل ذلك قصة كعب بن مالك، وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم الذين تخلفوا عن غزوة
تبوك فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بهجرهم لكنهم انتفعوا في ذلك انتفاعاً
عظيماً، ولجؤوا إلى الله وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم وأيقنوا أن لا ملجأ
من الله إلا إليه فتابوا وتاب الله عليهم .
هذه أنواع الهجرة: هجرة المكان، وهجرة العمل، وهجرة العامل .

——————————————————————————–
شرح رياض الصالحين

محمد بن صالح بن محمد العثيمين رحمه الله




شكرا لك على الموضوع القيم

نفع الله بكم وباعمالكم ونسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتكم

تقبل مرور اختك وزميلتك أسماء




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم




جوزيت خيرا اخي




التصنيفات
اسلاميات عامة

سورة الإخلاص تدخلك الجنة

سورة الإخلاص توجب دخول الجنة، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة، وقد قال رسول الله لمن قرأها وجبت، قالوا وما وجبت؟ قال الجنة، فقد روى الترمذي بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أقبلت مع رسول الله فسمع رجلاً يقرأ « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ» فقال رسول الله «وجبت» قلت ما وجبت؟ قال «الجنة» الترمذي وصححه الألباني

حب سورة الإخلاص يوجب دخول الجنة

وعن أنس بن مالك قال كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا إنك تقرأ بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة بأخرى، فإما أن تقرأ بها وأما أن تدعها وتقرأ بسورة بأخرى، فقال ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بها فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرونه أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي أخبروه الخبر، فقال يا فلان ما يمنعك مما يأمر به أصحابك، وما يحملك أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟ فقال إني أحبها، فقال رسول الله «إن حبها أدخلك الجنة» البخاري ، والترمذي وقال حسن
وعن أنس أن رجلاً قال يا رسول الله إني أحب هذه السورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال «إن حبك إياها يدخلك الجنة » وحسنه الألباني في صفة الصلاة
وفي حديث معاذ بن أنس « من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عشر مرات بنى الله له بيتًا في الجنة» صححه الألباني في صحيح الجامع
وفي الحديث « من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يختمها عشر مرات؛ بنى الله له قصرًا في الجنة» صححه الألباني في السلسلة الصحيحة
تضمنها الاسم الأعظم
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، وَيَدِي فِي يَدِهِ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، قَالَ فَإِذَا ذَلِكَ الرَّجُلُ يَقْرَأُ، قَالَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرَاهُ مُرَائِيًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ، أَوْ أَبُو مُوسَى أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ، قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا أُبَشِّرُهُ، قَالَ بَلَى، فَبَشَّرْتُهُ، فَكَانَ لِي أَخًا أخرجه أحمد، وأبو داود برقم ، وصححه الألباني
وعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِىٍّ أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الأَدْرَعِ حَدَّثَهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ فَقَالَ «قَدْ غُفِرَ لَهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ» ثَلاَثًا أبو داود ، وصححه الألباني
وهي صفة الرحمن وحبها يوجب محبة الله
لحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أن رسول الله بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ «سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» متفق عليه
التعوذ والاستشفاء بها
ثبت عن النبي أنه كان يتعوذ بها مع المعوذتين
فعن عائشة أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق سورة الفلق، وقل أعوذ برب الناس سورة الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات» البخاري
وأخرج أحمد عن عقبة بن عامر أن النبي قال «يا عقبة بن عامر ألا أعلمك خير ثلاث سور أُنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم؟ قال قلت بلى جعلني الله فداك، قال فأقرأني قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعود برب الناس، ثم قال «يا عقبة لا تنسهنَّ ولا تبت ليلة حتى تقرأهن»
وسميت هذه السورة سورة الإخلاص؛ لأنها أُخلصت لوصف الله تعالى، ولأنها تخلص قارئها من الشرك العملي الاعتقادي، وكذلك لاختصاصها بحق الله تعالى في ذاته وصفاته من الوحدانية والصمدية، ولتضمنها نفي الولادة والولد، ونفي الكفء؛ وكلها صفات انفراد لله سبحانه وتعالى
تعدل ثلث القرآن
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» البخاري
وعنه أيضاً قَالَ قَالَ النَّبِيُّ لأَصْحَابِهِ «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ » فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ «اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ» البخاري
قال السيوطي «هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام، انتسب الله إليها، فهي له خالصة من قرأها ثلاث مرات عدل بقراءة الوحي كله» الدر المنثور
وقد يقول قائل لماذا كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؟
والجواب لأن القرآن اشتمل على ثلاثة مقاصد أساسية
أولاً علوم الأحكام والشرائع
ثانيًا ما فيه من قصص وأخبار عن أحوال الرسل مع أممهم
ثالثًا علوم التوحيد وما يجب على العبد معرفته من أسماء الله وصفاته، وهذا هو أشرفها وأجلّها، وهذه السورة تضمنت أصول هذا العلم، واشتملت عليها إجمالاً، فهذا وجه كونها تعدل ثلث القرآن، قال شيخ الإسلام رحمه الله في قصيدة له
والعلم بالرحمن أول صاحب
وأهم فرض الله في مشروعه
وأخو الديانة طالب لمزيده
أبداً ولما ينهه بقطوعه
والمرأ فاقته إليه أشد من

فقر الغذاء لعلم حكم صنيعه
في كل وقت والطعام فإنما
يحتاجه في وقت شدة جوعه
وهو السبيل إلى المحاسن كلها
والصالحات فسوأة لمضيع
قال العلامة السعدي في تفسيره لسورة الإخلاص
قُلْ قولاً جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أي قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل
اللَّهُ الصَّمَدُ أي المقصود في جميع الحوائج فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم؛ لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي كمل في رحمته الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لكمال غناه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى
فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات اهـ
فاحرص أخي المسلم على قراءة هذه السورة، وتدبرها، والوقوف على معانيها، فلقد كان رسول الله يقرأها إذا أصبح ثلاث مرات، وإذا أمسى ثلاث مرات، وعند نومه ثلاث مرات، ويقرأ بها دبر كل صلاة، وفي سنة الفجر وفي سنة الوتر، فلا نعلم سورة كان رسول الله يحرص على قراءتها مثل هذه السورة العظيمة التي هي بحق تعدل ثلث القرآن
والحمد لله رب العالمين

اعداد د جمال المراكبى
رئيس مجلس علماء الجماعة منقول للأمانة




شكرا لك على هذا الموضوع القيم

فسورة الاخلاص رغم قلت اياتها الا انها تساوي ثلث القران

جزاك الله كل خير و جعلها في ميزان حسناتك




حقا هي سورة عظيمة

طبت و طاب لنا نقلك

جزيت خيرا




شكرا على الموضوع القيم




تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الإخلاص

تعليمية تعليمية
الإخلاص

عنوان الكتاب:
الإخلاص
تأليف:
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الناشر:
الجامعة الإسلامية
السنة الأولى ، العدد الثاني ، رجب 1388هـ – تشرين أول 1968م

ص -50- الإخـلاص

للشيخ عبد المحسن العباد المدرس في الجامعة

هو في اللغة: تخليص الشيء وتجريده من غيره, فالشيء يسمى خالصا إذا صفا عن شوبه وخلص عنه, ويسمى الفعل المصفى المخلص من الشوائب إخلاصا, وفي الأول قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ}, فاللبن الخالص ما سلم وصفا من الدم والفرث ومن كل ما يشوبه ويكدر صفاءه, ومن الثاني قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَهُ}.
وفي الاصطلاح: تصفية ما يراد به ثواب الله وتجريده من كل شائبة تكدر صفاءه وخلوصه له سبحانه.
منزلته: الإخلاص هو أساس النجاح والظفر بالمطلوب في الدنيا والآخرة, فهو للعمل بمنزلة الأساس للبنيان, وبمنزلة الروح للجسد, فكما أنه لا يستقر البناء ولا يتمكّن من الانتفاع منه إلا بتقوية أساسه وتعاهده من أن يعتريه خلل فكذلك العمل بدون الإخلاص, وكما أن حياة البدن بالروح فحياة العمل وتحصيل ثمراته بمصاحبته وملازمته للإخلاص, وقد أوضح ذلك الله في كتابه العزيز فقال: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ, وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}, ولما كانت أعمال الكفار التي عملوها عارية من توحيد الله وإخلاص العمل له سبحانه جعل وجودها كعدمها فقال: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}. والإخلاص أحد الركنين العظيمين اللذين انبنى عليهما دين الإسلام, وهما إخلاص العمل لله وحده وتجريد المتابعة للرسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}, قال: "أخلصه وأصوبه", قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل, وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل, حتى يكون خالصا صوابا, فالخالص: ما كان لله,
ص -51- والصواب: ما كان على السنة". وقال شارح الطحاوية: "توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما؛ توحيد المرسل سبحانه وتوحيد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم, فيوحده صلى الله عليه وسلم بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان, كما يوحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل".
محله: ومحل الإخلاص القلب, فهو حصنه الذي يقطن فيه, فمتى كان صالحا عامرا بسكناه وحده تبع ذلك صلاح الجوارح, ومتى كان خرابا سكن فيه الرياء وملاحظة الناس وكسب ودهم وتحصيل ثنائهم والطمع فيما عندهم, ويتبع ذلك سعي الجوارح لتحصيل هذه الأغراض الدنية, وليس أدل على ذلك وأوضح بيانا من قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, إلا وهي القلب", وقد أوضح صلى الله عليه وسلم هذا المعنى وبيَّن تبعية الجوارح لما يقوم بالقلب بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرىء ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله, ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
والإخلاص مطلوب في الصلاة والزكاة والصيام والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وفي كل ما شرعه الله من قول أو فعل, فيقوم الإنسان بتأدية ما شرع له, والباعث له عليه امتثال أمر الله خوفاً من عقابه, وطمعاً فيما لديه من الأجر والثواب.
والإخلاص مطلوب أيضا فيما يلتزمه الإنسان من الأعمال فهو مطلوب من العامل, ومن المستشار والمؤتمن والموظف, ومن المعلم والمتعلم, وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يترتب على طلب العلم والإخلاص فيه من النتائج الحميدة, وما يترتب على فقده من العواقب الوخيمة بقوله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه, وروى عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها, فقال: "ما عملت فيها؟" قال: "قاتلت فيك حتى استشهدت", قال: "كذبت؛ ولكنك قاتلت ليقال: جريء, فقد قيل", ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها فقال: "ما علمت؟" قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن فيك" قال: "كذبت؛ ولكنك تعلمت ليقال: عالم وقرأت ليقال: قارىء, فقد قيل, ثم أمر به فسحب وجهه حتى ألقي على النار" الحديث.
ويروى أن معاوية رضي الله عنه لما بغله هذا الحديث بكى حتى أغمي عليه, فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله؛ قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ}, ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "لا تعلّموا العلم لثلاث؛ لتماروا به السفهاء, ولتجادلوا به الفقهاء, أو لتصرفوا وجهة الناس إليكم, وابتغوا بقولكم وفعلكم ما عند
ص -52- الله فإنه يبقى ويذهب ما سواه".
الحث عليه وبيان فضله: ولما كان الإخلاص بهذه المنزلة التي تقدم وصفها جاء الشرع المطهر في الحث عليه والترغيب فيه وبيان فضله في آيات كثيرة وأحاديث عديدة, نذكر بعضها على سبيل التمثيل فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}, وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}, وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّه} الآية.. وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَه} (الأنعام: الآية 162- 163), وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا} (الكهف: من الآية110), وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} (الزمر:14).
ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لأصحابه في غزوة تبوك: "إن بالمدينة رجالا ما سرتم سيرا, ولا قطعتم واديا إلاّ كانوا معكم حسبكم المرض" وفي رواية: "إلاّ شركوكم في الأجر" متفق عليه واللفظ مسلم, ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلاّ أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك" متفق عليه.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" رواه مسلم, ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" جوابا لمن سأله عن رجل يقاتل شجاعة ويقاتل الحمية ويقاتل رياء أيّ ذلك في سبيل الله, وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يكتسبه الإنسان في الدنيا بسبب الإخلاص إلى جانب ما أعده الله له في الآخرة من مثوبة بما ذكره صلى الله عليه وسلم من قصة الثلاثة الذين آووا إلى غار للمبيت فيه فانحدرت صخرة وسدّت عليهم باب الغار ففرج الله عنهم ذلك بسبب إخلاصهم الأعمال الصالحة له سبحانه وتعالى.
ما يضاد الإخلاص وبم تحصل السلامة منه:
وكما أن الإخلاص تصفية الشيء مما يشوبه فإذا لم تحصل تصفيته انتفى الإخلاص.
إذا قام الإنسان بعمل محمود والباعث له عليه ابتغاء وجه الله سمّي عمله إخلاصاً فإذا فقد ذلك الباعث على العمل أو وجد ولكنه مشوب بباعثٍ آخر كالرياء انتفت التسمية, فإخلاص العمل لله وحده ينافيه, ويقابله أن يحلّ في القلب قصد المخلوقين التماساً لحمدهم وثنائهم وطمعاً فيما عندهم, ولما كان ذلك ينافي الإخلاص جاءت الشريعة الإسلامية بذم الرياء ومقت المرائين فقد قال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ, الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ, الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ, وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}. وأخبر أن الرياء من صفات المنافقين فقال: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى}, وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول

ص -53- الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".


ومن ابتلاه الله بهذا الداء العضال فعليه أن يسعى في تحصيل الأدوية النافعة التي تستأصله وتقضي عليه, ومن أبرزها شيئان:

أحدهما: أن يزهد فيما ينتظر من الناس من الثناء والعطاء.


والثاني: أن يحمل نفسه على إخفاء الأعمال.


وقد أوضح الأول منهما ابن القيم في الفوائد ص 148 فقال:" لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلاّ كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت, فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين الناس, وأقبل على المدح والثناء فازهد فيها زهد عشاق الدنيا والآخرة, فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص. فإن قلت: وما الذي يسهل عليّ ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟ قلت: أما ذبح الطمع فيسهل عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلاّ وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره, ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه, وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهل عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين, ويضر ذمه ويشين إلاّ الله وحده, كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنّ مدحي زين وذمّي شين" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الله عز وجل", فازهد في مدح من لا يزينك مدحه ولا يشينك ذمه, وارغب في مدح مَنْ كل الزين في مدحه وكل شين في ذمه, ولن تقدر على ذلك إلاّ بالصبر واليقين, فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب, قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ}, وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} " انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.


وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى إخفاء العبادة ابتعاداً عن الرياء بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله, "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".


فالحاصل أن العمل مذموم إذا كان الباعث عليه التماس حمد الناس وثنائهم, والطمع فيما عندهم, أما إذا عمل الإنسان العمل خالصا لله ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بسبب ذلك العمل فارتاح لذلك واستبشر به لم يضره, ولم ينقص من أجره, بدليل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يعمل العمل محبة لله فيحمد الناس عليه قال:" تلك عاجل بشرى المؤمن" رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

ماهو الإخلاص ؟ ومن هو المخلص ؟ بقلم الشيخ العلامة السلفي العربي بن بلقاسم التبسي

تعليمية تعليمية

" ماهو الإخلاص ؟ ومنْ هو المخلص ؟"
بقلم : الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي – رحمه الله –

نشرت هذه المقالة في أحد مجلات والتي كانت تصدرها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله

– " أقول : الإخلاص : مصدر أخلص ، ومعناه تصفية الشيئ مما يمكن أن يدخله من الشوائب ، والمصادر من قسم

الألفاظ المطلقة كما هو مقرر في علم الأصول ، فيكون الإخلاص يطلق على الشيئ المصفى من غيره سواء

كان الشيئ خيرا أم شرا .

فيقال ُ لغة : أخلصَ المُرا ئي في ريا ئه ، كما تقول : أخلص المؤمن في عمله لربه ، هذا أصل الإخلاص لغة،

ثمّ أنّ العرْفَ الديني ، والاستعمالات الشرعية قيدت هذا المطلق ، وقصرته على تصفية العمل الشرعي من الشوائب

المفسدة كالريا ء ، والمقاصد الفاسدة ، والغرور .

ويقابل الإخلاص بالمعنى الشرعي : الرياء ، والمخلص دينا على القاعدة الاشتقاقية هو العامل المصفي لعمله

من كل ما يضر ّ بالعمل دينا .

وإذا تبيّن لنا معنى الإخلاص لغة وعرفا فأ نا أقفي كلامي هذا بكلمات لعلماء الدين في الإخلاص والمخلصين

تصحيحا لكلامي، ليعلم المخلصون أنّ الغارة الشعواء التي وقعت هذه الأيام على حقيقة الإخلاص الديني

وعلى لفظه من بعض رواد الأغراض الذاتية ، هي غارة ظالمة ، ودعوة عاطلة ، يُرادُ منها تضليل الرأي العام

وذر الرماد في العيون ، وصرف الناس عن فهم حقيقة صاحب هذه الغارة التي هي رياء لا تغطيه التضليلات ،

ولا تستره عن الأنظار العلمية المخادعات ، وصاحبها باسم المُرائي أولى : وعمله بالرياء أحق .

وأظنُّ أنّ الحوادث التي مرتْ بالجزائر في بحر السنوات القريبة مما سأشير إلى قليل منها ، تنادي بأفصح بيان

أنَّ عمل َ مخلص الإخلاص رياء ، وأنّ لسان تقلباته ينشد الناس :

* يوما يمان إذا لقيت ذا يُمْن *** وإذا لقيت معديا فيمان *

ولعمر الحق ، أنّ من يريد أنْ يُرضي الناس َ، ويُوافق كلّ الخصوم لهوَ المُرائي الذي لا يختلف فيه عاقلان ،

وليعلم القرّا ء أني لستُ بمفلت لهذا الموضوع حتى أسرد لهم كلام الأئمة الذين تصدوا للكلام على الإخلاص

والمخلصين ليعلم المُراءون أنّ في السويداء ِ رجالا ، وأنّ عصر التضليل ومخادعة الأمة ذهب غير ما سوف عليه

ولم يبق إلا عصر تعرض فيه الرجال على كير التمحيص ليُعرف الخبيث من الطيب .

" فأمّا الزبدُ فيذهبُ جفاء ، وأمّا ما ينفعُ النّاسَ فيمْكُثُ في الأرضِ ِ " / الرعد : 17

قال السوسي "1" رحمه الله معرّفا للإخلاص : الإخلاص فقد رؤية الإخلاص ، فإنّ منْ شاهد في إخلاصه الإخلاص

فقد احتاج في اخلاصه إلى اخلاص . انتهى.

وقال أبو عثمان "2" : الإ‘خلاص نسين رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق فقط. انتهى .

وقال المحاسبي "3" : الإخلاص هو إخراج الخلق من معاملة الرب .انتهى .

وقال الجنيد : الإخلاص : تصفية العمل من الكدورات .

-والإخلاص الجديد لا حظ له في صدق اجميع هذه التعاريف على إخلاصه ، وكلها تخرجه عن أن يسمى بهذا الاسم

أو يصدق على صاحبه لفظ مخلص ، ذلك أنّ صاحب الإخلاص والمخلص الجديد إنما ينطق لخدمة نفسه

وإرضاء شهوته ، واكتساب الشهرة ،واغتصاب الإخلاص ، وها هو تتغير مواقفه -كشأن كل مراء –

باقبال الناس وإد بارهم عنه ، واحتياجهم إليه ، واستغنائهم عنه ، وهو ما يفتأ يكتب إلى الناس في فضائل

الإخلاص والمخلصين ، ويحاول أن يجذب إليه القارئ لإخلاصه ، ليملأ صدره ، ويحشو مخه بأن هذا الزعيم الجديد

هو المخلص ، ولا أدري كيف ظنّ أنّ الناس سيسمون رياءه اخلاصا وبين أيديهم كتب دين التي قتلت هذه الحقيقة

بحثا ، فأخذ يغرر بالناس ، ويسفه عقولهم ، ويكتب الفصول تلو الفصول مادحا للإخلاص الذي يصح لكل أحد أن يدعيه

توهما أنّ الناس في غفلة عنه وعن مواقفه التي تنادي بالرياء ، وها أنا أسمعُ القرّاء قليلا من كثير من علماء الدين

في الكلام على الإخلاص والمخلصين ليهلك من هلك عن بيّنة…."

*******************
1- أبو العباس السوسي المتوفى سنة 396- تاريخ الأدب العربي –

2- بروكلمان ج 4 ص/80 ، ا

3- من غير الميسور الاهتداء إلى الكتاب الذي ورد فيه التعريف لكون كتب المحاسبي بين مخطوطة ومفقودة ماعدا

القليل منها .

– يُتبـــــع بإذن الله –

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

[خطبة] الرياء عدو الإخلاص – خطبة للشيخ سالم العجمي

تعليمية تعليمية

[خطبة] الرياء عدو الإخلاص – خطبة للشيخ سالم العجمي

الرياء عدو الإخلاص


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .

( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيباً ) .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .

أما بعد:

من الحقائق المسلَّمة التي يشهد لها واقع الناس، أن نفوس البشر تميل بطبيعتها إلى حب المدح والثناء؛ وأن يكون للمرء منزلة في قلوب الناس والتي ينتج عنها بعد ذلك تعظيمه وطاعته وإضفاء صفات المدح والثناء عليه؛ ولذلك كان أعظم من يُبتلى بهذه الآفة الخطيرة العلماء العاملون، والعباد المشمرون لطاعة الله، لأنهم لما منعوا أنفسهم من الشهوات والمعاصي الظاهرة، أعْيَت الشيطان الحيلة منهم فلم يجد إليهم سبيلاً إلا عن طريق الشهوة الخفية؛ وهي مراءاة الناس بالأعمال والأقوال .

فالرياء هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدون صاحبها؛ وهو الشهوة الخفية التي يقود إليها محبة مدح الناس؛ والبحث عن المنزلة في قلوبهم، لذا قال سفيان بن عيينه: «إياكم والشهوة الخفية، قالوا: وما هي؟ قال: الذي يحب أن يمدح على الخير » .

فالنفس تحب انتشار الصيت والاشتهار، وذلك هو الداء الدفين الذي نسج الشيطان شباكه من خلاله ليصطاد به أهل الاستقامة والتدين لما أعيوه باستقامة سلوكهم على الطاعة، فاجتهد أن يحرف نياتهم عن جادة الحق، فيبوؤوا بحبوط أعمالهم وذهاب أجورهم .

فالرياء عدو الإخلاص؛ يحبط الأعمال؛ ويؤذن بحلول غضب الله عز وجل على من اتصف به، قال الله سبحانه: ( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يراءون*ويمنعون الماعون ) .

ولأن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً له وحده سبحانه دون ما سواه؛ فقد حذر عباده من مراءاة الخلق بأعمالهم الصالحة فيجعلونهم شركاء مع الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم: « قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه » .

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الرياء لعظيم خطره؛ فقال: « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر؛ قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر، قال: الرياء. يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة؛ إذا جرى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، هل تجدون عندهم من جزاء »؛ وما كان هذا الوعيد الشديد إلا لأن هذا المرائي قد التمس بعمله الصالح رضا المخلوقين ومدحهم، فكان جزاؤه أن وكَلَه الله سبحانه لمن كان يرائيهم في عمله ويطلب مدحهم وثناءهم .

ومن أجل ذلك فقد عَظُم خوفُ السلف رحمهم الله وتحذيرُهم من الرياء، وما كان ذلك إلا لعظيم إخلاصهم ومعرفتهم بخطر الرياء؛ حيث يَذهبُ الدين وتُقتَل روحُ العبادة، فتكون كالجسد الذي لا يحوي روحاً فلا حياة له ولا نجاة، كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى: « من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بغير ما يعلم الله من قلبه شانه الله عز وجل، فما ظنك في ثواب الله في عاجل رزقه؛ وخزائن رحمته، والسلام » .

ومن تأمل سيرة السلف رحمهم الله وجد أنهم من أبعد الناس عن الرياء مع قوة عبادتهم وإخلاصهم؛ وقد كانوا يؤثرون الخمول ويكرهون المدح خوفاً على أنفسهم من زيغ القلوب وتغير النيات، ولذلك أعقبهم الله عز وجل وأورثهم ذكراً حسناً وثناءً عطراً، ودعاءً صادقاً على لسان المسلمين، وعلى قدر ما كانوا مخلصين بأعمالهم مبتعدين عن الرياء وحب المدح على قدر ما فتح الله لهم قلوباً غلفاً وآذاناً صمّاً، فنفع الله بأعمالهم وأقوالهم؛ وكانوا كالغيث الذي إذا حل بأرض قاحلة عادت مروجاً وأنهاراً، فسُقي منها الظمآن؛ وانبتت الكلأ وانتفع بها الإنسان والحيوان، وقد قال علي بن الفضيل رحمه الله لأبيه: «يا أبت ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال: يا بني؛ وتدري لما حلا؟ قال: لا يا أبت؛ قال: لأنهم أرادوا الله به»، وقال ابن لعمر بن ذر لأبيه: « ما بال المتكلمين يتكلمون فلا يبكي أحد؛ فإذا تكلمت يا أبت سمعت البكاء من ها هنا وها هنا؟، فقال: يا بني ليست النائحة المستأجرة كالنائحة الثكلى » .

و كان كثير من السلف يخفي عبادته حتى عن أقرب الناس إليه خوفاً من الرياء وطلباً للإخلاص, و كان يحبون خمول الذكر بالرغم مما حباهم الله به من العلم و الديانة, قال محمد بن واسع: « لقد أدركت رجالاً, كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة, قد بلَّ ما تحت خدّه من دموعه, لا تشعر به امرأته, ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خدّه, ولا يشعر به الذي إلى جنبه ».

وقال إسحاق بن حنبل: « دخلت على أحمد ويده تحت خدّه, فقلت له: يا ابن أخي؛ أي شيء هذا الحزن, فرفع رأسه وقال: طوبى لمن أخمل الله ذكره » .

و كان أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي ذلك, فإذا كان عند الصبح رفع صوته, كأنه قام تلك الساعة .

و قال الشافعي رحمه الله: « وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس, أؤجر عليه, ولا يحمدوني » .

رحمهم الله, ومن يصل إلى ما وصلوا إليه من قوة الإخلاص, والبعد عن المدح وحُب الظهور .

إن الرياء في الدين أمر خطير, ولذلك خوّفت منه النصوص الشرعية؛ ومن ذلك أن يرائي بأنواعٍ من العبادات كتطويل المصلي صلاته لِما يرى من نظر الناس إليه؛ أو يتصدق أو يصوم لطلب المدح والثناء .

ومنه ما يكون بالقول؛ كمن يعظ ويذكر أو يحفظ الأخبار والآثار لأجل المحاورة وإظهار غزارة العلم, أو تحسين الصوت بالقرآن ليجتمع إليه الناس .

و منه ما يفعله بعض الناس من إظهار علامات الخمول والذبول بسبب العبادة، وهذه أنواع من الرياء؛ وتكون رياءً إذا قصد في دينه طلب مراءاة المخلوقين وحُبَّ مدحهم والتماس الثناء منهم عليه؛ و إلا لو أن الله أنعم عليه بنعمة من النعم الدينية؛ كالصلاة أو الصوم؛ أو فتح عليه في جمال صوته بالقرآن؛ أو أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر؛ أو وعظه للناس وتأثيره فيهم؛ وهو لا يريد المدحَ منهم ولا يحبُّه ومدحوه على ذلك؛ فهذا ليس من الرياء؛ بل إنه مما عجلهُ الله لهُ من البشري الحسنة, وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ أرأيت الرجل يعمل العمل الخير ويحمده الناس عليه؟ فقال: « تلك عاجل بشرى المؤمن » .

أما إذا كان يعمل العمل وذكره الناس به ففرح بمدحهم لاطلاعه بعلو منزلته عندهم؛ وطمعاً في أن يمدحوه ويعظِّموه ويكرموه على ذلك فهذا هو المذموم. ومن أعظم علامات الرياء أن يعمل المرء العمل؛ فإذا اطلع عليه الناس سره ذلك وارتاح له, وروّح ذلك عن قلبه شدّة العبادة, فهذا السرور يدل على رياء خفي في قلبه؛ وأنه لولا التفاتُ قلبه إلى الناس لما ظهر سروره عند اطلاع الناس على عمله, فَعُلم بذلك أن الرياء كان مستكناً في قلبه استكنان النارِ في الحجر؛ فأظهر من اطلاع الناس أثر الفرح والسرور, ثم استشعر تلك اللذة بالاطلاع ولم يقابل ذلك بكراهة.

و قد يختفي المرء بعبادته ولا يريد أن يطلع عليه أحد, ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدؤوه بالسلام, وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير, وينشطوا في قضاء حوائجه, ويسامحوه في المعاملة, ويوسعوا له بالمكان, فإذا قصَّر في ذلك مقصِّر؛شق عليه وثقل ذلك على قلبه, وكأن نفسه تتقاضى الاحترام على الطاعة التي أخفاها .

ولا زال المخلصون يخافون من الرياء على أعمالهم, ويجتهدون في مخادعة الناس عن أعمالهم الصالحة, ويحرصون على إخفائها أعظم ما يحرص الناس عن إخفاء فواحشهم, كل ذلك رجاء أن يخلص عملهم لوجه الله؛ ليجازيهم الله تعالى يوم القيامة بإخلاصهم؛ قال وهب بن منبه: « ذُكِر لأحد الملوك رجلٌ من العبّاد فطمع في لقائه, فركب في موكبه وإذا السهل قد امتلأ من الناس, فقال العابد: ما هذا؟ قيل: هذا الملك, فقال لصاحبه: ائتني بطعام, فجعل يحشو فمَه ويأكلُ أكلاً عنيفاً, فقال الملك: أين صاحبُكم؟. فقالوا: هذا ؛ فقال: كيف أنت؟ قال: كالناس. فقال الملك: ما عند هذا خير, وسقط من عينه, فلما انصرف قال العابد: الحمد لله الذي صَرَفَه عني وهو لائم » .

ولذا قال أيوب رحمه الله: « والله ما صدق عبدٌ إلا سرَّه أنْ لا يُشعَر بمكانه », وقال أحمد: « قل لعبد الوهاب: أخمل ذكرك فإني قد ابتليت بالشهرة » .

هذا وإنَّ أشد ما عانى منه الأتقياءُ المخلصون تثبيت النيات على إخلاص العمل لله رب العالمين؛ حتى قال بعض علماء السلف: « اثنان أعالجهما منذ ثلاثين سنة؛ ترك الطمع فيما بيني وبين الناس, وإخلاص العمل لله رب العالمين ».

نسأل الله أن يصلح نياتنا وأن يرزقنا الإخلاص والقبول .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه؛ والشكر له على توفيقه وامتنانه؛ وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه؛ وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأعوانه .

أما بعد :

فإن مما يدفع المسلم على تجنب الرياء وتحقيق الإخلاص أن يفرِّغ قلبه لله عز وجل, وأن يجاهد في تثبيت نيته على إرادة وجه الله في أعماله كلها؛ وأن يعلم المسلم مضرَّة الرياء في الآجلة والعاجلة, وما يفوته بسبب ذلك من صلاح قلبه؛ ومن المنزلة في الآخرة؛ وما يتعرض له من العذاب والمقت والخزي يوم القيامة؛ مع ما يتعرض له في الدنيا من تشتت قلبه من الهم بسبب ملاحظة الخلق وطلب رضاهم؛ فإن إرضاء الناس غاية لا تدرك؛ وما يُرضي قوماً يسخط آخرين, ومن طلب رضا الناس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس, ثم ماذا يجني العبد من وراء مدح الناس؛ ولا يزيده مدحهم رزقاً ولا أجلاً, ولا ينفعه يوم فقره وفاقته حين يقف بين يدي الله عز وجل, وما الذي يحذره العبد من ذم الناس له إذا عمل بطاعة الله ولا يضرُّه ذمهم شيئاً؛ ولا يعجل أجله, ولا يؤخر رزقه, فإن العباد كلهم عجزة لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً؛ ولا يملكون موتاً ولا حياةً ولا نشوراً .

فإذا تقرر ذلك في نفسه ضعفت رغبته في الرياء, وأقبل على الله تعالى بقلبه, فإن العاقل لا يرغب فيما يضره ويقل نفعه؛ فإن أكثر الناس إنما هلكوا لخوف مذمة الناس وحب مدحهم, فصارت حركاتهم كلها على ما يوافق رضا الناس؛ رجاء المدح وخوفاً من الذم؛ وذلك من المهلكات؛ فوجب على العاقل معالجة نفسه.

وإن من أعظم ما يُضْعِف رغبة الرياء في قلب العبد؛ علمه أن ما يحصل له من الثناء والمدح على ألسنة الخلق إنما هو من فضل الله عز وجل عليه؛ ولجميل ستر الله لعيوبه عن الناس حيث أطلعهم سبحانه وتعالى على جميل أفعاله؛ وأظهر عليه الطاعة وستر عليه القبيح من الأفعال, وأظهر الجميل منها حتى قامت له المنزلة في قلوب الناس, وهذا يوجب له أن يحمد الله على جميل ستره وأن يفرح بستر الله له لا بحمد الناس, وهذا مما يرسخ عند العبد أن الأمور كلها بيد الله, وأن قلوب العباد بين أصابعه يقلبها كيف يشاء؛ فيطلب بعمله التقرب إلى الله لا مدح الخلق على ما يعمله لله, قال بعض السلف: «إذا رأيت من الناس ثناء فلا تغتر؛ فإنما ذلك بجميل ستر الله عليك » .

هذا وإنَّ مما يجدر التنبيه له؛ أنه ليس لخوف العبد من الرياء أن يترك الطاعات, بل الواجب على العبد أن يتحرى الخير ويكثر من العمل الصالح؛ مع مجاهدة النفس بإصلاح النية؛ فإن العمل متى كان الباعث عليه الدِّين وكان خالصاً لوجه الله تعالى فإنه لا يُترك .

نسأل الله أن يفقهنا في الدين؛ وأن يوفقنا للتمسك بسنة خير الورى، وأن يصلح نياتنا وزوجاتنا وذرياتنا .

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا..

1/1/1431هـ ؛ 18/12/2009م .

المصدر

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية







جزاك الله خيــرا على هذا الإ نجــــاز المتميز , وشكرا جزيلا لك.




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

تحقيق الإخلاص في الصِّيام

تحقيق الإخلاص في الصِّيام

فضيلة الشيخ: صالح الفوزان -حفظه الله-
السؤال:

هذه الأخت أم ران؛ تقول: فضيلة الشيخ صالح! -سلَّمه الله- كيف يجب علينا أن نحقِّق الإخلاص في الصِّيام؟
كيف نحقِّقُ الإخلاص في الصِّيام، ونرجو مِن الله القبول لنا ولكم وللمسلمين؟
الجواب:
نعم، يجب على المسلم أن يُخلِص العمل لله -عزَّ وجلَّ-.
وذلك –أولاً- بأنْ: لا يُعجَب بنفسه ويُزكِّي نفسه، ويقول أنَّه أدَّى العمل على المطلوب، ويُعجَب بعمله؛ بل يعتبر عمله قليلاً، ويخاف أنَّه يُردُّ عليه؛ لأنَّه قد يختل شرطٌ من شروطه وهو لا يشعر؛ فيُردُّ عليه عمله؛ فلا يُزكِّي نفسه ولا يُعجب بعمله.
ثانيًا: أنْ يحذر -كلَّ الحذر- من مراءة النَّاس، وأنْ يقصد مدح النَّاس أو ثناء النَّاس عليه، فعليه أن يُخلِصَ عمله لله -عزَّ وجلَّ- ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
﴿عَمَلًا صَالِحًا﴾: بأنْ يكون على سُنَّة الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ليس فيه بدعة.

﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾: هذا هو الإخلاص؛ فلا يكون فيه رياءٌ ولا سُمعة، ولا قصدٌ لغير الله -عزَّ وجلَّ-
ثالثًا : أن يستحضر عظمة الله -عزَّ وجلَّ-؛ حتى يُخلِصَ العمل لوجهه، وأنْ يعلم أنَّه بين يدي الله، وأنَّه بِمرأى ومَسمَعٍ مِنَ الله -عزَّ وجلَّ- يراه ويسمعه؛ حتى إنَّه يعلم ما في قلبه، وخلجات نفسه؛ فعليه أن يُخلِّص لله -عزَّ وجلَّ-، وأن يُراقب الله -عزَّ وجلَّ-؛ كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الإحسان: أنْ تعبُد الله كأنَّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك)).
ولا تعبد الله بقلبٍ غافلِ، وحسب العوايد، أو مع النَّاس؛ وإنما تستحضر عظمة ربك، وتؤدِّي العمل خالصًا لوجهه، وطلبًا لثوابه، وخوفًا من عقابه، تستشعر هذا الشُّعور دائمًا وأبدًا في كلِّ عملٍ تعمله، ولا سيِّما في هذا الشَّهر العظيم. نعم.

المصدر : تحقيق الإخلاص في الصِّيام

الرابط من موقع الشيخ:

من هـنا





جزاكم الله خيرا