التصنيفات
العقيدة الاسلامية

القنـوات الفضـائـيـة . شرور وسمـــوم

القنـوات الفضـائـيـة… شرور وسمـــوم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياءوالمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:فإننا نعيش هذه الأيام زمنا تكاثرت فيه الشرور وعظمت فيه الفتن، وصارت بسببكثرتها يرقق بعضها بعضا ولعل في هذا مصدقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { إن هذه الأمة جُعل عافيتها في أولها، وسيُصيب أخرَها بلاء وأمور تُنكرونها، تجيئ الفتنيرقق بعضها بعضا، وتجيئ الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف، وتجيئ الفتنةفيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهويؤمن بالله واليوم الآخر }.لقد تزايد في هذا الزمان كيد الكفار أعداء الله وأعداء دينه وأعداء عبادهالمؤمنين، مستهدفين ديار المسلمين، يبتغون خلخلة دينهم وزعزعة إيمانهم وتدميرأخلاقهم و إفساد سلوكهم ونشر الفاحشة والرذيلة بينهم وإخراجهم من حظيرة الإسلام، لابلغهم الله ما يريدون.ولقد كانوا سابقا يعجَزون عن الوصول إلى أفكار الشباب وعقول الناشئة لبث ما لديهممن سموم وعرض ما عندهم من كفر و إلحاد و مجون، أما الآن فقد أصبحت تحمل أفكارهمالرياح، إنها رياح مهلكة، بل أعاصير مدمرة تقصف بالمبادئ والقيم، وتدمر الأديانوالأخلاق، وتقتلع جذور الفضيلة والصلاح، وتجتث أصول الحق واليقين.لقد تمكن أعداء دين الله من خلال القنوات الفضائية والبث المباشر من الوصول إلىالعقول والأفكار، ومن الدخول إلى المساكن والبيوت، يحملون نتنهم وسمومهم، ويبثونكفرهم وإلحادهم و مجونهم، وينشرون رذائلهم وحقاراتهم وفجورهم في مشاهد زور، ومدارسخنى، وفجور، تطبع في نفوس النساء والشباب محبة العشق والفساد والخمور، بل إنهابمثابة شرك الكيد وحبائل الصيد تقتنص القلوب الضعيفة وتصطاد النفوس الغافلة، فتفسدعقائدها، وتحرف أخلاقها وتوقعها في الافتتان، ولا أشد من الفتنة التي تغزو الناس فيعقر دورهم ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد.ومن أسف ! بل ومما يملؤ القلب حزناً وكمداً أن أصبح في أبناء المسلمين وبناتهممن يجلس أمام هذه الشاشات المدمرة ساعات طوال، و أوقات كثار يصغي بسمعه إلى هؤلاء،وينظر بعينه إلى ما يعرضون ويقبل بقلبه و قالبه على ما يقدمون ومع مر الأيام تتسللالأفكار الخبيثة وتتعمق المبادئ الهدامة وتغري العقول والأفكار، ويتحقق للكفار مايريدونفَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُفَيُدْهِنُونَ [القلم:8 ،9]،وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْفَتَكُونُونَ سَوَاء ] النساء:89[،وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِالْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْعِندِ أَنفُسِهِم[البقرة:109]،وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْيُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69].إن من يتأمل الأضرار والأخطار التي يجنيها من يشاهد ما يَبُثه هؤلاء يجدها كثيرةلا تحصى وعديدة لا تستقصى، أضرار عقائدية، وأضرار اجتماعية، وأضرار أخلاقية وأضرارفكرية ونفسية.فمن الأضرار العقائدية خلخلة عقائد المسلمين والتشكيك فيها ليعيش المسلم في حيرةواضطراب، وشك وارتياب، واضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض فينصرف المسلم عنحب الله وحب دينه وحب المسلمين إلى حب زعماء الباطل ورموز الفساد ودعاة المجون،إضافة إلى ما فيها من دعوات صريحة إلى تقليد النصارى وغيرهم من الكفار في عقائدهموعاداتهم وتقاليدهم واعيادهم وغير ذلك.ومن الأضرار الاجتماعية ما تبثه تلك القنوات الآثمة من الدعوة إلى الجريمة بعرضمشاهد العنف والقتل والخطف والاغتصاب، والدعوة إلى تكوين العصابات للاعتداءوالإجرام، وتعليم السرقة والاحتيال والاختلاس والتزوير، والدعوة إلى الاختلاطوالسفور والتعري وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، والدعوة إلى إقامة العلاقاتال***ية الفاسدة لتشيع الفاحشة وتنشر الرذيلة إضافة إلى ما فيها من إكساب النفوسطابع العنف والعدوان بمشاهدة أفلام العنف والدماء والرصاص والأسلحة والجريمة، ناهيكعما تسببه تلك المشاهدات من إضاعة للفرائض والواجبات و إهمال للطاعات والعبادات ولاسيما الصلوات الخمس التي هي ركن من أركان الإسلام. إلى غير ذلك من الأضرار والأخطارالتي يصعب حصرها ويطول عدهاإِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداًوَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداًلطارق:17-15].هذا بعض ما يقوم به هؤلاء ويسعون إلى الوصول إليه، فما الواجب علينا تجاه ذلككله، أيليق بالمسلم أن يصغى لكيدهم و يركن لشرهم ويستمع لباطلهم، أيليق بالمسلم أنيرضى لنفسه وأبنائه وبناته الجلوس لمشاهدة ما ينشره هؤلاء و الاستماع إلى ما يبثون،أيليق بالمسلم أن يرضى لنفسه بالدنية ولأهل بيته بالخزي والعار و الرزية.لقد حذر الله عباده من الركون إلى الكفار، وبين عظم شرهم وكبر خطرهم وفداحةكيدهم ومكرهم، وبين سبحانه لعباده السبيل السوية التي من سلكها نجا ومن سار عليهاهدي إلى صراط مستقيم، إنها العودة الصادقة لدين الله والاعتصام الكامل بحبله والسيرالحثيث على نهج رسول اللهصلى الله عليه وسلم و الصبر على ذلك كله إلى حين لقاء اللهوَإِنتَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَايَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120].إن المسئولية تجاه النشأ عظيمة، والواجب نحوهم كبير، فهم أمانة في الأعناق، وكلمسئول عمن يعول يوم القيامةيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواقُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُعَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْوَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن عبد اللهبن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول : { كلكم راع وكلكممسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول في أهله،والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عنرعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته} .وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أنس بن مالكأن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: {إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ أم ضيّع } .وروى مسلم في صحيحه عن معقل بن يسارقال: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: {ما من عبديسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيتهإلا حرم الله عليه الجنة } .فنسأل الله أن يعين الجميع على ما تحملوه من مسؤولية، وأن يعيذ المسلمين منالفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرد ضالهم إلى الحق ردا جميلا، وأن يثبت صالحهم علىالحق والهدى، إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد حفظه الله .




بارك الله فيك أخي على هذا الطرح والالتفاتة الطيبة إلى هذا الموضوع الحساس والمهم والذي يحتاج إلى انتباه وتفطن كبير من أولياء الأمور وأرباب البيوت وهو اشد ويشتد خطره على الأطفال الصغار وكلام الشيخ كان وافي وشافي وكافي وحجة للجميع .
جزاك الله خير الجزاء




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخي على هذا المجهود وعلى هذا الموضوع الهادف والذي تجاهله الكثير من الناس وفي حقيقة الامر ان سسب التفرقة التي تشهدها الامة الاسلامية سببها الرئيسي هي وسائل الاعلام بغض النضر عن البرامج والافلام والمسلسلات التي تبثها هذه القنوات التي كان لها دور كبير في طمس الشخصية الاسلامية واستبدالها بشخصية تتقبل كل ما هو سيئ الا من رحم ربي
وهذه فتوى للشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله في قناة الرسالة وقناة طيور الجنة
http://www.alsoheemy.net/play.php?catsmktba=782

يبين فيها مدى خطورة هاتين القناتين على عقيدة المؤمن ارجو من الاخوة الافاصل الاستماع اليها




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الاصل الاول

شرح كشف الشبهات والأصول الستة

لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

المؤلف : محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

السابق ……………………. . الفهرس……………………. التالي
الأصل الأول

إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له، وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم، وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم‏.‏
الشرح
قوله‏:‏ ‏"‏إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏‏"‏
الإخلاص لله معناه ‏:‏ ‏"‏أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله تعالى والتوصل إلى دار كرامته‏"‏ ‏.‏ بأن يكون العبد مخلصًا لله تعالى في قصده مخلصًا لله تعالى في محبته، مخلصًا لله تعالى في تعظيمه، مخلصًا لله تعالى في ظاهره وباطنه لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى والوصول إلى دار كرامته كما قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام : 162 -163 ) .‏ وقوله تعالى‏:(وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) (الزمر : 54 ) (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) (البقرة : 163 ) ( فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الحج : 34 ) ‏‏ وقد أرسل الله تعالى جميع الرسل بذلك كما قال تعالى‏:‏‏(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء : 25 ).‏ وكما وضح الله ذلك في كتابه كما قال المؤلف‏:‏ ‏"‏من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، فقد وضحه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء عليه الصلاة والسلام بتحقيق التوحيد وإخلاصه وتخليصه من كل شائبة، وسد كل طريق يمكن أن يوصل إلى ثلم هذا التوحيد أو إضعافه، حتى إن رجلًا قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏ما شاء الله وشئت‏)‏ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏أجعلتني لله ندًا بل ما شاء الله وحده‏)‏ ‏فأنكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هذا الرجل أن يقرن مشيئته بمشيئة الله تعالى بحرف يقتضي التسوية بينهما، وجعل ذلك من اتخاذ الند لله عز وجل، ومن ذلك أيضًا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرم الحلف بغير الله وجعل ذلك من الشرك بالله فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك‏)‏ ‏وذلك لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به بما لا يستحقه إلا الله عز وجل، وحينما قدم عليه وفد فقالوا‏:‏ ‏(‏يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا‏)‏ قال ‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل‏)‏ ‏[‏أخرجه الإمام أحمد جـ3 ص 241 ، وعبد الرازق في ‏"‏المصنف‏"‏ جـ11 ص 272 ، والبخاري في ‏"‏الأدب المفرد رقم ‏(‏875‏)‏‏.‏ ‏]‏ وقد عقد المصنف رحمه الله لذلك بابًا في كتاب التوحيد‏.‏
فقال ‏:‏ ‏(‏باب ما جاء في حماية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حمى التوحيد وسده طرق المشرك‏)‏ ‏.‏
وكما بين الله تعالى الإخلاص وأظهره بين ضده وهو الشرك فقال تعالى‏:‏‏(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) (النساء : 116 ) وقال تعالى‏:‏ (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ) (النساء : 36 ).‏ وقال‏:‏(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ) (النحل : 36 ) ‏ والآيات في ذلك كثيرة‏.‏ ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏‏(‏من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري / كتاب العلم/ باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا ، ومسلم / كتاب الإيمان/ باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات مشرك دخل النار‏]‏‏.‏ رواه مسلم من حديث جابر‏.‏
والشرك على نوعين‏:‏
النوع الأول‏:‏ شرك أكبر مخرج عن الملة وهو‏:‏ ‏(‏كل شرك أطلقه الشارع وهو مناف للتوحيد منافاة مطلقة‏)‏ مثل أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله بأن يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله، أو أن يدعو غير الله تعالى مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائبًا لإنقاذه من أمر لا يقدر عليه إلا الحاضر، وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم‏.‏
النوع الثاني‏:‏ الشرك الأصغر وهو ‏"‏كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشارع وصف الشرك لكنه لا ينافي التوحيد منافاة مطلقة‏"‏ مثل الحلف بغير الله فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله مشرك شركًا أصغر، ومثل الرياء وهو خطير قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه‏؟‏ فقال الرياء‏)‏ وقد يصل الرياء إلى الشرك الأكبر، وقد مثل ابن القيم رحمه الله للشرك الأصغر بيسير الرياء وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى‏:‏ (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) (النساء : 116 )‏.‏ يشمل كل شرك ولو كان أصغر، فالواجب الحذر من الشرك مطلقًا فإن عاقبته وخيمة قال الله تعالى‏:‏ (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (المائدة : 72 )‏ فإذا حرمت الجنة على المشرك لزم أن يكون خالدًا في النار أبدًا، فالمشرك بالله تعالى قد خسر الآخرة لا ريب لأنه في النار خالدًا، وخسر الدنيا لأنه قامت عليه الحجة وجاءه النذير ولكنه خسر لم يستفد من الدنيا شيئًا قال الله تعالى‏:‏( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (الزمر : 15 ).‏ فخسر نفسه لأنه لم يستفد منها شيئًا وأوردها النار وبئس الورد المورود، وخسر أهله لأنهم إن كانوا مؤمنين فهم في الجنة فلا يتمتع بهم، وإن كانوا في النار فكذلك لأنه كلما دخلت أمة لعنت أختها‏.‏
واعلم أن الشرك خفي جدًا وقد خافه خليل الرحمن وأمام الحنفاء كما حكي الله عنه‏:‏ (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) (إبراهيم : 35 ) ‏‏‏.‏ وتأمل قوله‏:‏ ‏{‏وَاجْنُبْنِي‏}‏ولم يقل‏:‏ ‏"‏وامنعني‏"‏ لأن معنى اجنبني أي اجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب أي إجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب، وهذا أبلغ من أمنعني لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب، كان أعد، وقال ابن أبي مليكة ‏:‏ ‏(‏أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلهم يخاف النفاق على نفسه‏)‏ وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحذيفة ابن اليمان‏:‏ ‏(‏أنشدك الله هل سماني لك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع من سمى من المنافقين‏)‏
مع أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بشره بالجنة ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أفعاله في حياته، فلا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص وأن يجاهد نفسه عليه قال بعض السلف ‏"‏ما جاهدت على الإخلاص‏"‏ فالشرك أمره صعب جدًا ليس بالهين ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه فيقصد بعمله وجه الله‏.‏
السابق……………………. ….. الفهرس ……………………. . التالي




جزاك الله خير و جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك,امين




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خير الجزاء اختنا وبارك الله فيك على المرور
ونسال الله ان ينفع اخواننا بهاته السلسلة




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

بعض الأسئلة وأجوبتها للشيخ :

تعليمية تعليمية

إشكال وجواب
السؤال: إذا كان نفس الجسد هو الذي يبعث ويعذب فما معنى أن ضرس الكافر مثل أحد؟ الجواب: ليس هناك تنافٍ؛ لأن الجسم يكبر، فيكون جسم الكافر في النار صخماً، كما أن الذين يدخلون الجنة يدخلونها على طول أبيهم آدم ستين ذراعاً كما جاء بذلك الحديث، فلا يدخلون وهم على حجمهم في الدنيا.

مكان حشر الناس
السؤال: هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أرض المحشر هي الشام؟ الجواب: أما في الدنيا فيساق الناس إلى الشام، وأما بعد الموت فإنهم يكونون في أرض أخرى، فقد جاء أن الناس يساقون في آخر الزمان إلى الشام، ويجتمعون هناك، وجاء في الحديث: (أن ناراً تخرج من عدن، فتسوق الناس إلى الشام)، وأما الحشر يوم القيامة فإنه يكون في أرض مستوية ليس فيها مرتفعات ولا منخفضات.

من تلحق به المرأة في الآخرة من أزواجها
السؤال: هل صحيح أن المرأة التي تزوجت بزوجين أو أكثر في الدنيا تخير في الجنة تتزوج بمن شاءت؟ الجواب: الذي جاء أنها تكون للآخر، وأما ما جاء من أنها تخيّر فهو ضعيف.

اعتراض وردٌّ عليه
السؤال: إذا كان الفرق بين الرسول والنبي هو أن الرسول أنزل إليه كتاب، وأما النبي فلم ينزل عليه كتاب فكيف نقول في قوله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ [البقرة:213]؟ الجواب: المقصود بالكتاب هنا الكتب، وكما هو معلوم فالرسل يطلق عليهم أنهم نبيون، كما أطلق على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه نبي مع أنه رسول، فكذلك الرسل أنبياء، أي أنهم أوحي إليهم.

من شرح الاربعين النووية للشيخ :(عبد المحسن العباد) الشريط الخامس

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك على هذا النقل المفيد

تحياتي………….

تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

عبدالقادر الجيلاني بين أهل السنة والصوفية

تعليمية تعليمية
عبدالقادر الجيلاني بين أهل السنة والصوفية

عبدالقادر الجيلاني بين أهل السنة والصوفية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد:

فاطلالة على سيرة الشيخ عبدالقادر من مظانها السنية ، كطبقات الحنابلة وكتب شيخ الإسلام .. لا من يفتري عليه كأصحاب الجبات الصوفية والقائمين على المزارات الشركية قاتلهم الله ..

من هو الشيخ عبدالقادر الجيلاني؟!

الشيخ الزاهد عبدالقادر الجيلاني .. أحد علمـاء الحنابلة .. لهُ كــتاب "الغنية" في مذهب أحمد ..

هذا الشيخ المظلوم .. وقد ظلمه أصحــــاب التصوف والقبوريون فكذبوا عليه .. حتى وصل ببعضهم أن يستغيثون به من دون الله .. وسنرى .. أن هؤلاء المشركون هم أنفسهم يخالفون الشيخ عبدالقادر من الكتب التي عندهم وينسبونها للشيخ ..

تنبيه: أن التصوف عند السلف بمعنى الزهد، أما اليوم فهي الابتداع بالدين واختراع طرق واتباع بدع وتشريع ما لم يشرع الله .. أنظر –بعد قليل – كيف يقرر الشيخ عبدالقادر عقيدة السلف وأنظر للقادرية ومن ينتسبون لعبدالقادر كيف يشركون بالله ويخالفون أمر الله الذي قرره وأكد عليه الشيخ في كتبه؟!!
أنظر كيف يطوفون بقبره ويصيرونه نداً لله.. قاتل الله أصحاب الجبايات الذين يضلون الناس ليكسبوا من هذه المزارات الدراهم الكثيرة..

سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي :
هل كان عبد القادر الجيلاني على عقيدة أهل السنة والجماعة وأن تلاميذه عظموه بعد وفاته؛ لأنني قرأت هذا في بعض الكتب؟

فأجـاب :
نعم عبد القادر الجيلاني من الصالحين، ومن الحنابلة ولكن الناس عكفوا على قبره، وغلوا فيه ودعوه من دون الله، وهو لا يرضى بذلك، وهو من العلماء الأفاضل – من علماء الحنابلة وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وله كتاب الغنية، ومن ذلك ما ذكر شيخ الإسلام عنه قصة:
وهو أن الشياطين تستولي على بعض الناس، وتغريهم بالشرك، وتتسلط على المشركين، ومن ذلك أن بعض الشياطين تدخل في القبور، وتخاطب من يدعوها من دون الله، ويسمع منها الصوت مثل العزى، كان يسمع منها الصوت، فيظن المشرك إذا دعاه، وقد يقضي له حاجته، فيظن أن الميت هو الذي دعاه، وقد ينشق القبر، ثم يخرج الشيطان في صورة الميت، ويسلم عليه، ويقول: أنا أقضي لك حوائجك حتى يغريه بالشرك، ويشجعه على الشرك، هكذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – يأتي ويقول: ذكر عني أنه رآني شخص بصورتي في البلد الفلاني، وأنا في البلد الفلاني، هذا شيطان تشبه به.

ومن ذلك ما يحصل من الشياطين ما حصل لعبد القادر الجيلاني قال: رأيت عرشًا بين السماء والأرض، فناداني صوت قال: يا عبد القادر أنا ربك قد أسقطت عنك الفرائض، وأبحت لك المحارم كلها، أسقطت عنك جميع الواجبات، قال: فقلت له: اخسأ يا عدو الله، فتمزق ذلك العرش، وذلك النور، وقال: نجوت مني بحلمك وعلمك يا عبد القادر وقد فتنت بهذه الفعلة سبعين صديقا أو كما قال. قيل له: كيف عرفت يا عبد القادر أنه شيطان. قال: عرفت بقوله: أسقطت عنك الواجبات، وأبحت لك المحرمات، وعرفت أن الواجبات لا تسقط عن أحد إلا من فقد عقله، وقال: إنه لم يستطع أن يقول: أنا الله، بل قال: أنا ربك.

فهذه من القصص التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن عبد القادر الجيلاني – رأى عرشًا بين السماء والأرض ويخاطبه. فالشياطين لهم شيطنة يتسلطون على بعض الناس، وعباد القبور وغيرهم، يشجعونهم على الشرك، ويؤذونهم، حتى إذا ترك الشرك يؤذيه الشيطان حتى يفعل الشرك إذا تأخر عن الشرك آذاه ولو ما يذبح لغير الله آذاه، وتسلط عليه، قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ حتى إن بعضهم – بعض عباد القبور – يزحف أو يأتي كأنه ساجد حتى يصل إلى القبر، يقول، ولا يستطيع يمشي وهو مستقيم، لو يمشي وهو مستقيم سقط خبطه الشيطان، حتى يمشي وهو راكع، أو يزحف على ركبتيه، وإذا غير هذه الحالة ما استطاع.

وهذا مشاهد وواقع في قصص كثيرة من هذا، وأنا ذكر لي بعض المصريين الحجاج يقول: إنه يذبح للسيد البدوي وبعضهم يقول: يذبح في العام مرة، ويقول: علي ذبيحة لأهل الله، هذا ولي لأهل الله، علي ذبيحة لأهل الله، ويقول: إني أردت مرة أن أترك الذبح، أو تأخرت عن الذبح، فجاءني في الليل جمل فتح فاه، يريد أن يأكلني فما تخلصت حتى ذبحت – حتى ذبح للبدوي – فهذا من تلاعب الشياطين، والشياطين تتسلط عليهم كما قال الله: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

((قُلْت : وَلِهَذَا يَقُولُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ – قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ –
كَثِيرٌ مِنْ الرِّجَالِ إذَا وَصَلُوا إلَى الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَمْسَكُوا وَأَنَا انْفَتَحَتْ لِي فِيهِ رَوْزَنَةٌ فَنَازَعْتُ أَقْدَارَ الْحَقِّ بِالْحَقِّ لِلْحَقِّ وَالرَّجُلُ مَنْ يَكُونُ مُنَازِعًا لِقَدَرِ لَا مُوَافِقًا لَهُ وَهُوَ – رضي الله عنه – كَانَ يُعَظِّمُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَيُوصِي بِاتِّبَاعِ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِالْقَدَرِ )) ( 8/303)

وقال:

(( وَأَمَّا أَئِمَّةُ الصُّوفِيَّةِ وَالْمَشَايِخُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ الْقُدَمَاءِ :
مِثْلُ الجنيد بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَتْبَاعِهِ وَمِثْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَأَمْثَالِهِ فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ لُزُومًا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَتَوْصِيَةً بِاتِّبَاعِ ذَلِكَ وَتَحْذِيرًا مِنْ الْمَشْيِ مَعَ الْقَدَرِ كَمَا مَشَى أَصْحَابُهُمْ أُولَئِكَ وَهَذَا هُوَ " الْفَرْقُ الثَّانِي " الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ الجنيد مَعَ أَصْحَابِهِ . وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ كَلَامُهُ كُلُّهُ يَدُورُ عَلَى اتِّبَاعِ الْمَأْمُورِ , وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ وَلَا يُثْبِتُ طَرِيقًا تُخَالِفُ ذَلِكَ أَصْلًا لَا هُوَ وَلَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَيُحَذِّرُ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْقَدَرِ الْمَحْضِ بِدُونِ اتِّبَاعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ )) ( 8/366)

وهنا أنظر الصوفيين مع هذا الشيخ الجليل وكيف يصيرونه وثناً يعبدونهُ من دون الله بالطواف على قبره والصلاة إليه والذبح وتقديم القرابين والاستغاثة به وغير ذلك .. ثم نتبع بكلامه الذي يفضح ادعاءات الصوفية ويبين كذب اتباعهم لهُ.

يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن في كشفه (كشف ما ألقاهُ إبليس من البهرج والتلبيس) ص261-264:

"وكذلك ما كان يفعلهُ أهل العراق ، والمغرب، والسواحل، من البناء على قبر عبدالقادر الجيلاني ، وبناء المشاهد لعبادة عبدالقادر ، كالمشهد الذي في أقصى المغرب ، وينادونه من مسافة أشهر ؛ بل سنة لتفريج كرباتهم ، وإغاثة لهفاتهم ، ويعتقدون أنهُ من تلك المسافة يسمع داعية ، ويجيب مناديه.
يقول قائلهم:إنه يسمع ومع سماعه ينفع .
وهو لما كان حياً يسمع ويبصر ، لم يعتقد أحد فيه أنه يسمع من ناداهُ من وراء جدار ، ثم بعد موته صار منهم ما صار ، وهل هذا إلا لاعتقادهم أنهُ يعلم الغيب ، ويقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله؟

فلو جاز في حق عبدالقادر لجاز في حق من هو أفضل منهُ بأضعاف ، من الخلفاء الراشدين ، والسابقين الأولين ، والأئمة المهتدين ، أن يدعى من تلك المسافة ، ويستجيب ، لكن الله تعالى صان أولياءهُ ، وخيــار أهل الإيمان أن يفعل معه مثل هذا ، فأين اعتقاد من اعتقد في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الإلهية ، فخدَّ لهم الأخاديد ، وألقى فيها من الحطب ، وأضرم فيها النار فقذفهم فيها.

قال ابن عباس: "إنهم يقتلون بالسيف" ، وفِعْلُهُ أمير المؤمنين لشدةِ غيرته على التوحيد ، وشدةِ إنكاره للشرك والتنديد.
وهذا الذي يفعلهُ هؤلاء مع من ذكرنا إنما هو من تألهِ القلوب بهم ، وشدة اعتقادهم فيهم ، وصرف خصائص الربوبية والإلهية لهم.

وعبدالقادر –رحمه الله- لاشك أنه لهُ فضل ودين ، وهو حنبلي المذهب ، وأكثر أصحاب الإمام أحمد أفضل منه في العلم ، وكذلك الإمام أحمد ، ومن في طبقته من أئمة المحدثين والفقهاء أفضل من عبدالقادر بالاتفاق ، فلو جازت هذه الأمور في حق عبدالقادر لجاز أن تفعل في حق أحد من هؤلاء ، بل وفي حق من هو أفضل من الكل كأعيان التابعين ومن قبلهم من الصحابة كالخلفاء الراشدين.

وعبدالقادر من سائر أهل مذهبه ، وله كتـاب "الغنية" في مذهب أحمد ، ولهُ زهد وعبادة ، وليس أفضل من الفضيل بن عياض ، وبشر بن الحافي والجنيد ، بل أهل العلم يعلمون أن هؤلاء أفضل منه ، فهو فاضل بالنسبة لمن دونه ، مفضول بالنسبة إلى من ذكرنا من الأئمة قبله ، وإن كان يُذْكَرُ لَهُ كرامات الله أعلم بصحة ذلك ، وما آفة الأخبــار إلا رواتها ، فإن صح منها شيء فكرامات الصحابة أعظم ، كما وقع لعمر وعلي وغيرهما ، فلم يعبدوا لأجل ما وقع لهم من كرامات.

والكرامة فعل الله تعالى ، وليست فعلاً لمن وقعت لهُ ، ومن أحسنِ مناقبِ عبدالقادر أن إبليس تراءى لهُ في غمامة فقال: أنا ربك وقد أبحت لك المحارم،فقال لهُ: اخسأ أنت إبليس ، إن الله لا يأمر بالفحشــاء ، أو قال: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} فرحم الله عبدالقادر ، فلقد كان لا يرضى بما قد كانوا يفعلونهُ معه ، ولا بمثل قطرة منه.

وأعظم المحارم التي ينكرها ما كان يُفعلُ اليوم وقبلهُ عند ضريح من الشرك الذي لا يغفره الله ، فإنه أعظم ذنب عصى الله به ، لا يرتاب في هذا مؤمن.

وهذا الذي ذكرناهُ على سبيل التمثيل ، وإلا فبناء المساجد ، والمشاهد على القبور وعبادتها ، قد عمت به البلوى في كثير ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا)) ، وقال لأمِ سلمةَ لما ذكرت لهُ كنيسة بأرضِ الحبشة ، وما فيها من الصور قال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) .

فما أعظم ما وقع من الشرك في كثير من هذه الأمة ، فقد ربا على شرك أهل الجاهلية ، فإن أولئك أقروا بتوحيد الربوبية وجحدوا توحيد الإلهية ، وهؤلاء صرفوا خصائص الربوبية والإلهية لغير الله ، فالله المستعان. "اهـ

قال الشيخ عبدالقادر الجيلاني في كتابه الفتح الرباني:
" يـــــا من يشكو الخلق مصائبه ، ايش ينفعك شكواك إلى الخلق؟!!
لا ينفعونك ولا يضرونك وإذا اعتمدت عليهم اشركت في باب الحق عزّ وجلّ يبعدونك ، وفي سخطهِ يوقعونك! ..
ويلك أما تستحيي أن تطلب من غير الله وهو أقرب إليك من غيره".

ويقول:
"لا تدعو مع الله أحداً كما قال {فلا تدعو مع الله أحداً} "

وقال لولده عند مرضِ موته:
" لا تخف أحداً ولا ترجه ، وأوكل الحوائج كلها إلى الله ، واطلبها منه ، ولا تثق بأحدٍ سوى الله عز وجل ، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه ، التوحيد ، وجماع الكل التوحيد"

من كتــاب الفتح الرباني والفيض الرحماني ص117-118،159،373 نقلاً عن موسوعة أهل السنة للشيخ أبو عبيدة عبدالرحمن محمد سعيد

قول الشيخ الإمام العارف قدوة العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه

قال في كتابه تحفة المتقين وسبيل العارفين في باب اختلاف المذاهب في صفات الله عز وجل وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله {وما يعلم تأويله إلا الله} قال إسحاق في العلم إلى أن قال: والله تعالى بذاته على العرش علمه محيط بكل مكان والوقف عند أهل الحق على قوله إلا الله وقد روى ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته على العرش ويعلم ما في السموات والأرض إلى أن قال ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله: {الرحمن على العرش استوى} وابتدأوا بقوله استوى له ما في السموات وما في الأرض يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه وهذا خطأ منهم لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته وقال في كتابه الغنية أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن تعرف وتتيقن أن الله واحد أحد إلى أن قال وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال أنه في السماء على العرش استوى قال الله تعالى الرحمن على العرش استوى وساق آيات وأحاديث ثم قال وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش ثم قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف . هذا نص كلامه في الغنية
من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم 1/175

قال الناظم رحمه الله تعالى
فصل:

هذا وخامس عشرها الإجماع من ** رسل الإله الواحد المنان
فالمرسلون جميعهم مع كتبهم ** قد صرحوا بالفوق للرحمن
وحكى لنا إجماعهم شيخ الورى ** والدين عبد القادر الجيلاني
شرح قصيدة ابن القيم 1/432-433

وأبو الوليد المالكي أيضا حكى ** إجماعهم واني ابن رشد الثاني
وكذا أبو العباس أيضا قد حكى ** إجماعهم علم الهدى الحراني
وله إ طلاع لم يكن من قبله ** لسواه من متكلم بلسان

قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام سيد الوعاظ أبو محمد عبد القادر ابن الجيلي في كتاب الغنية له :
أما معرفة الصانع بالآيات والإختصار فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد إلى أن قال وهو بجهة العلو مستو على العرش يحنو على الملك محيط علمه بالأشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرحمن على العرش استوى } وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال وينبغي إطلاق صفة الإستواء من غير تأويل وإنه إستواء الذات على العرش قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف وذكر كلاما طويلا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فأمر الشيخ عبد القادر ( الجيلاني ) وشيخه حماد الدباسي وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة رضي الله عنهم : بأنه لا يريد السالك مراداً قط ، وأنه لا يريد مع إرادة الله عز وجل سواها ، بل يجري فعله فيه ، فيكون هو مراد الحق )) .

ثم قال : (( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف : مثل الفضيل بن عياض ، وإبراهيم بن أدهم ، وأبي سليمان الداراني ، ومعروف الكرخي ، والسري السقطي ، والجنيد بن محمد ، وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبد القادر ، والشيخ حماد ، والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين ، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهوى أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين بل عليه أن يفعل المأمور ، ويدع المحظور إلى أن يموت ، وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف ، وهذا كثير في كلامهم .

وقال شيخ الإسلام أيضاً : (( والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف ، وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر .

فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ مثل بن عياض ، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط ، وحذيفة المرعشى ، ومعروف الكرخي ، إلى الجنيد بن محمد ، وسهل بن عبد الله التستري ، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ .

وقال ابن تيمية عن الجيلاني : (( والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشائخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع ، والأمر والنهي ، وتقديمه على الذوق والقدر ، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية .

من مقال للدكتور يحيى اليحيى حفظه الله ..
فالشيخ يقر بكرامــات الأوليــاء والصالحين ، وما لهم من المكاشفات ، وهم على صلاحهم رضي الله عنهم ، وهو كما قال الله فيهم: {ألا إنَّ أوليــاء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} .

إلا أنهم لا يستحقون من حق الله شيئاً ، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله ، وهم بريئون ممَّن أشرك بالله كبراءة عيسى من النصارى ، وموسى من اليهود ، وعلي من الرافضة ، وكذلك عبدالقادر الجيلاني رحمه الله بريء من أتباع الشيطان الذين ينتسبون إليه ويتسمون بالفقراء الجيلانية.

ثم يبين الشيخ أن هؤلاء الذين يزعمون حب الصالحين ، وهم يخالفونهم ، ويشركون مع الله في الدعــاء والنذر والذبح وغير ذلك من العبادة التي لا تصلح إلا لله ، إن هؤلاء في الحقيقة أعــداء الصالحين ، أما من هداهُ الله ، فلم يدع إلا الله ؛ فهو والله الذي يحبهم ؛ لأن من أحبَ قوماً أطاعهم ، فمن أحب الصالحين حقيقة يطيعهم ، فلا يعتقد إلا في الله كما في طريقتهم.

———————————-
[وبإمكانك مراجعة المصادر التالية للاطلاع على أقوال الشيخ رحمه والتي ملخصها ما سبق ذكره،ومن أراد التفصيل يرجع إلى المراجع المدونة بالأسفل:
"مؤلفات الشيخ" القسم الأول/الشخصية:رقم21 ص147.
== = = == = :رقم8 ص54-55.
= = = = = :رقم15 ص101.
"مؤلفات الشيخ" القسم الثالث/مختصر السيرة:ص296.
"مؤلفات الشيخ" القسم الرابع/التفسير: ص282-183.
"مؤلفات الشيخ" القسم الأول/العقيدة –كشف الشبهات-:ص169.
= = = -ستة الأصول العظيمة-:ص395-396]
————————————

وهذا غيض من فيض .. ولو أردنا التفصيل لطال بنا الحديث
ولم أُرد أن أقف كثيراً مع الصوفيين في كلامهم عن ما يتعقدونه بالجيلاني وادعاء الكرامات منها أنه قاسم الأرزاق ومغيث الملهوف ومجيب الدعاء ومن كراماته أنه يحتلم في ليلة أربعين ليلة … إلى غير ذلك من الضلال ..

رحم الله الشيخ عبدالقادر فوالله أنه لا يرضى بما يفعله أدعياء ااتباع الطريقة القادرية!!
رحم الله الشيخ فقد أهان سيرته وكال الكذب عليه بني صوفان لا كثرهم الله!!

المصدر

شبكة سحاب

تعليمية

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك غاليتي ام ليلى .
طرح مميز للموضوع .
دمت و دام قلمك معطاء لهذا المنتدى .




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

أول طعام أهل الجنة

أول طعام أهل الجنة

فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده ، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة ) ، فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال: " بلى " ، قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عيله وسلم إلينا ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : ( ألا أخبرك بإدامهم ؟ بالام والنون، وقالوا وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا )

قال النووي في شرح الحديث ما ملخصه:

( النزل: ما يعد للضيف عند نزوله ، ويتكفأها بيده ، أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي ، لأنها ليسن منبسطة، كالرقاقة ونحوها ، ومعنى الحديث : أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف العظيم ، ويكون طعاما ونزلا لأهل الجنة ، والنون : الثور ( والـ بالام ) : لفظة عبرانية ، معناها : ثور ، وزائدة كبد الحوت : هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها )

شرح النووي على مسلم: (17/136)

وفي صحيح البخاري

أن عبدالله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم أول قدومه المدينة أسئلة منها : ( ما أول شيء يأكله أهل الجنة ؟ فقال :زيادة كبد الحوت ) .

وفي صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال: زيادة كبد الحوت . قال فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها . قال فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين تسمى سلسبيلا . قال : صدقت )




نسال الله وايكم ان يرزقنا الجنة وان نكون من الفائزين بها يارب العالمين

بارك الله فيك واحسن اليك

فائدة قيمة




جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[فهرسة] سلسلة فقه الأسماء الحسنى ـ للشيخ عبد الرزاق البدر


بسم الله الرحمن الرحيم

[فهرسة] سلسلة فقه الأسماء الحسنى

ـ للشيخ عبد الرزاق البدر ـ حفظه الله ـ

للامانة الموضوع منقول

ملاحظة:
و حقوق النشر محفوظة لمنتديات الإمام الآجري




جزاكِ الله خيرًا




فيكم بارك الله وان شاء الله يستفيد الجميع

شكرا لكم




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

انحراف الصوفية,, لابن الجوزي.

تعليمية تعليمية
انحراف الصوفية,, لابن الجوزي.


انحراف الصوفية

للإمام ابن الجوزي

"تأملت أحوال الصوفية و الزهاد ، فرأيت أكثرها منحرفاً عن الشريعة ، بين جهل بالشرع ، و ابتداع بالرأي . يستدلون بآيات لا يفهمون معناها ، و بأحاديث لها أسباب ، و جمهورها لا يثبت .
فمن ذلك ، أنهم سمعوا في القرآن العزيز 🙁و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (إنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة )
ثم سمعوا في الحديث :" للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها"[ رواه مسلم].

فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها .
و ذلك أنه ما لم يعرف حقيقه الشيء فلا يجوز أن يمدح و لا أن يذم .
فإذا بحثنا عن الدنيا رأينا هذه الأرض البسيطة التي جعلت قراراً للخلق ، تخرج منها أقواتهم ، و يدفن فيها أمواتهم .
و مثل هذا لا يذم لموضع المصلحة فيه.
و رأينا ما عليها من ماء ، و زرع ، و حيوان ، كله لمصالح الآدمي ، و فيه حفظ لسبب بقائه .
و رأينا بقاء الآدمي سبباً لمعرفة ربه ، و طاعته إياه ، و خدمته . و ما كان سبباً لبقاء العارف العابد ، يمدح و لا يذم .
فبان لنا أن الذم إنما هو لأفعال الجاهل ، أو العاصي في الدنيا .
فإنه إذا اقتنى المال المباح ، و أدى زكاته ، لم يلم .

فقد علم ما خلف الزبير ، و ابن عوف و غيرهما .
و بلغت صدقة علي ـ رضي الله عنه ـ أربعين ألفاً .
و خلفت ابن مسعود تسعين ألفاً .
و كان الليث ابن سعد يستغل كل سنة عشرين ألفاً.
و كان سفيان يتجر بمال .
و كان ابن مهدي يستغل كل سنة ألفى دينار .


* و إن أكثر من النكاح و السراري ، كان ممدوحاً لا مذموماً..

فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم زوجات و سراري .

و جمهور الصحابة ، كانوا على الإكثار من ذلك .

و كان لعلي بن أبي طالب أربع حرائر ، و سبع عشرة أمة .

و تزوج ولده الحسن ، نحو أربعمائة .

فإن طلب التزوج للأولاد ، فهو الغاية في التعبد ، و إن أراد التلذذ فمباح ، يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى ، من إعفاف نفسه و المرأة ، إلى غير ذلك . و قد أنفق موسى ـ عليه السلام ـ من عمره الشريف عشر سنين في مهر بنت شعيب .

فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء ، لما ذهب كثير من زمان الأنبياء فيه .

و قد قال ابن عباس رضي الله عنهما : [ خيار هذه الأمة أكثرها نساء ] .

و كان يطأ جارية له ، و ينزل في أخرى .
و قالت سرية الربيع بن خيثم : كان الربيع يعزل .

*و أما المطعم : فالمراد منه تقوية هذا البدن لخدمة الله عز وجل ، و حق على ذي الناقة أن يكرمها لتحمله .

و قد كان النبي ، يأكل ما وجد, فإن وجد اللحم أكله , و يأكل لحم الدجاج ، و أحب الأشياء إليه الحلوى و العسل ، و ما نقل عنه أنه امتنع من مباح .

و جيء علي _ رضي الله عنه_بفالوذج فأكل منه ، و قال : " ما هذا " ؟ قالوا : يوم النوروز ، فقال : " نوروزا كل يوم " .

و إنما يكره الأكل فوق الشبع ، و اللبس على وجه الاختيال و البطر .

* و قد اقتنع أقوام بالدون من ذلك ، لأن الحلال الصافي لا يكاد يمكن فيه تحصيل المراد ، و إلا فقد لبس النبي حلة اشتريت له بسبعة و عشرين بعيراً .

وكان لتميم الداري حلة اشتريت بألف درهم ، يصلي فيها بالليل .

فجاء أقوام ، فأظهروا التزهد ، و ابتكروا طريقة زينها لهم الهوى ، ثم تطلبوا لها الدليل .

و إنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل ، لا أن يتبع طريقاً و يتطلب دليلها .

ثم انقسموا :

فمنهم :

_ متصنع في الظاهر ، ليث الشرى في الباطن ، يتناول في خلواته الشهوات ، و ينعكف على اللذات . و يري الناس بزيه أنه متصوف متزهد ، و ما تزهد إلا القميص ، و إذا نظر إلى أحواله فعنده كبر فرعون .

_ و منهم : سليم الباطن ، إلا أنه في الشرع جاهل .

_ و منهم : من تصدر ، و صنف ، فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة ، و كانوا كعمي اتبعوا أعمى .

و لو أنهم تلمحوا للأمر الأول ، الذي كان عليه الرسول و الصحابة _رضي الله عنهم _ لما زلوا .

و لقد كان جماعة من المحققين ،لا يبالون بمعظم في النفوس إذا حاد عن الشريعة ، بل يوسعونه لوما .

* فنقل عن أحمد أنه قال له المروذي : ما تقول في النكاح ؟ فقال : " سنة النبي صلى الله عليه وسلم " .

فقال : قد قال إبراهيم .

قال : فصاح بي و قال : "جئتنا ببنيات الطريق ؟ "
*و قيل له : إن سريا السقطي قال : لما خلق الله تعالى الحروف ، و قف الألف و سجدت الباء ، فقال :" نفروا الناس عنه ".

* و اعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم ، كما قال رجل لعلي بن أبي طالب : أتظن أنا نظن أن طلحة و الزبير ، كانا على الباطل ؟ فقال له : " إن الحق لا يعرف بالرجال ، أعرف الحق تعرف أهله " .

و لعمري أنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام ، فإذا نقل عنهم شيء فسمعه جاهل بالشرع قبله ، لتعظيمهم في نفسه .

كما ينقل عن أبي يزيد ، أنه قال : " تراعنت علي نفسي فحلفت لا أشرب الماء سنة ".

و هذا إذا صح عنه ، كان خطأ قبيحاً , و زلة فاحشة ، لأن الماء ينفذ الأغذية إلى البدن ، و لا يقوم مقامه شيء . فإذا لم يشرب فقد سعى في أذى بدنه . و قد كان ُيستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه و سلم .

أفترى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له ، و أنه لا يجوز التصرف فيها إلا عن إذن مالكها .

و كذلك ينقلون عن بعض الصوفية ، أنه قال : "سرت إلى مكة على طريق التوكل حافياً ، فكانت الشوكة تدخل في رجلي فأحكها بالأرض و لا أرفعها ، و كان علي مسح ، فكانت عيني إذا آلمتني أدلكها بالمسح فذهبت إحدى عيني " .

و أمثال هذا كثير ..

و ربما حملها القصاص على الكرامات ، و عظموها عند العوام ، فيخايل لهم أن فاعل هذا أعلى مرتبة من الشافعي ، و أحمد .

و لعمري ، إن هذا من أعظم الذنوب و أقبح العيوب ، لأن الله تعالى قال و لا تقتلوا أنفسكم.
و قال النبي عليه الصلاة و السلام :" إن لنفسك عليك حقاً" [ متفق عليه] .
و قد طلب أبو بكر، في طريق الهجرة للنبي ، ظلا ، حتى رأى صخرة ففرش له في ظلها[ رواه البخاري] .

* و قد نقل عن قدماء هذه الأمة بدايات هذا التفريط ، و كان سببه من وجهين :

أحدهما : الجهل بالعلم .

و الثاني : قرب العهد بالرهبانية .

* و قد كان الحسن يعيب فرقد السبخي ، و مالك بن دينار ، في زهدهما فرئي عنده طعام فيه لحم ، فقال: " لا رغيفي مالك ، و لا صحني فرقد " .

و رأى على فرقد كساء ، فقال : "يا فرقد إن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية " .

وكم قد ذوق قاص مجلسه بذكر أقوام خرجوا إلى السياحة بلا زاد و لا ماء و هو لا يعلم أن هذا من أقبح الأفعال ، و أن الله تعالى لا يجرب عليه .

فربما سمعه جاهل من التائبين فخرج فمات في الطريق ، فصار للقائل نصيب من إثمه .
* و كم يروون عن ذي النون : أنه لقي امرأة في السياحة فكلمها و كلمته ، و ينسون الأحاديث الصحاح : "لا يحل لامرأة أن تسافر يوماً و ليلة إلا بمحرم" .[متفق عليه]
* و كم ينقلون : أن أقواماً مشوا على الماء .. و قد قال إبراهيم الحربي :" لا يصح أن أحداً مشى على الماء قط " .
فإذا سمعوا هذا قالوا : أتنكرون كرامات الأولياء الصالحين ؟
فنقول : لسنا من المنكرين لها ، بل نتبع ما صح ، و الصالحون هم الذين يتبعون الشرع ، و لا يتعبدون بآرائهم .

و في الحديث : "إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم ".[ رواه أبو داود]

و كم يحثون على الفقر حتى حملوا خلقاً على إخراج أموالهم ، ثم آل بهم الأمر إما إلى التسخط عند الحاجة ، و إما إلى التعرض بسؤال الناس .

و كم تأذى مسلم بأمرهم الناس بالتقلل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلث طعام ، و ثلث شراب ، و ثلث نفس ".[رواه أحمد]

فما قنعوا حتى أمروا بالمبالغة في التقلل .
فحكى أبو طالب المكي في " قوت القلوب " : أن فيهم من كان يزن قوته بكربة رطبة ، ففي كل ليلة يذهب من رطوبتها قليل ، و كنت أنا ممن اقتدى بقوله في الصبا ، فضاق المعي و أوجب ذلك ، مرض سنين .
أفترى هذا شيئاً تقتضيه الحكمة ، أو ندب إليه الشرع ؟
و إنما مطية الآدمي قواه ، فإذا سعى في تقليلها ، ضعف عن العبادة .
_ ولا تقولن : الحصول على الحلال المحض مستحيل, لذلك وجب الزهد تجنبا للشبهات, فإن المؤمن حسبه أن يتحرى في كسبه هو الحلال, ولا عليه من الأصول التي نبتت من هذه الأموال.

فإنا لو دخلنا ديار الروم ، فوجدنا أثمان الخمور و أجرة الفجور ، كان لنا حلالاً بوصف الغنيمة .

أفتريد حلالاً ، على معني أن الحبة من الذهب لم تنتقل مذ خرجت من المعدن ، على وجه لا يجوز ؟

فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله .

أو ليس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام ، فلما تصدق على بريرة بلحم فأهدته ، جاز له آكل تلك العين لتغير الوصف .
و قد قال أحمد بن حنبل "أكره التقلل من الطعام ، فإن أقواماً فعلوه فعجزوا عن الفرائض " .
و هذا صحيح . فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض ، ثم يعجز عن مباشرة أهله و إعفافهم ، و عن بذل القوى في الكسب لهم ، و عن فعل خير قد كان يفعله .

*و لا يهولنك ما تسمعه من الأحاديث التي تحث على الجوع ، فإن المراد بها إما الحث على الصوم , و إما النهي عن مقاومة الشبع .

فأما تنقيص المطعم على الدوام ، فمؤثر في القوى ، فلا يجوز .

ثم في هؤلاء المذمومين من يرى هجر اللحم ، و النبي كان يود أن يأكله كل يوم.

و اسمع مني بلا محاباة : لا تحتجن علي بأسماء الرجال ، فتقول : قال بشر ، و قال إبراهيم بن أدهم. فإن من احتج بالرسول _ عليه السلام- و أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ أقوى حجة . على أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظن .
و لقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعة من السادات ، أنهم دفنوا كتبهم فقلت له : ما وجه هذا ؟ فقال : "أحسن ما نقول أن نسكت" ، يشير إلى أن هذا جهل من فاعله .
و تأولت أنا لهم ، فقلت : لعل ما دفنوا من كتبهم ، فيه شيء من الرأي ، فما رأوا أن يعمل الناس به .
و لقد روينا في الحديث ، عن أحمد بن أبي الحواري : أنه أخذ كتبه فرمى بها في البحر ، و قال :" نعم الدليل كنت ! و لا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المدلول " .
و هذا ـ إذا أحسنا به الظن ـ قلنا : كان فيها من كلامهم ما لا يرتضيه .
فأما إذا كانت علوماً صحيحة ، كان هذا من أفحش الإضاعة ، و أنا و إن تأولت لهم هذا ، فهو تأويل صحيح في حق العلماء منهم ، لأنا قد روينا عن سفيان الثوري : أنه قد أوصى بدفن كتبه _ و كان ندم على أشياء كتبها عن قوم ، و قال : حملني شهوة الحديث .
و هذا لأنه كان يكتب عن الضعفاء و المتروكين ، فكأنه لما عسر عليه التمييز أوصى بدفن الكل .
و كذلك من كان له رأي من كلامه ثم رجع عنه ، جاز أن يدفن الكتب التي فيها ذلك ، فهذا وجه التأويل للعلماء .
فأما المتزهدون ، الذين رأوا صورة فعل العلماء ، و دفنوا كتباً صالحة لئلا تشغلهم عن التعبد ، فإنه جهل منهم ، لأنهم شرعوا في إطفاء مصباح يضيء لهم ، مع الإقدام على تضييع مال لا يحل تضييعه .
و من جملة من عمل بواقعة دفن كتب العلم ، يوسف بن أسباط ، ثم لم يصبر عن التحديث فخلط ، فعد في الضعفاء .
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ، قال : أخبرنا محمد بن المظفر الشامي ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي ، قال : حدثنا يوسف بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : أخبرنا أحمد بن خالد الخلال . قال : سمعت شعيب بن حرب يقول : قلت ليوسف بن أسباط : كيف صنعت بكتبك ؟ قال : " جئت إلى الجزيرة ، فلما نضب الماء دفنتها حتى جاء الماء عليها ، فذهبت " .
قلت : ما حملك على ذلك ؟
قال : " أردت أن يكون الهم هماً واحداً " .
قال العقيلي : و حدثني آدم ، قال : سمعت البخاري قال : قال صدقة : "دفن يوسف بن أسباط كتبه ، و كان يغلب عليه الوهم فلا يجيء كما ينبغي " .
قال المؤلف : قلت : الظاهر أن هذه كتب علم ينفع ، و لكن قلة العلم أوجبت هذا التفريط ، الذي قصد به الخير ، و هو شر .
فلو كانت كتبه من جنس كتب الثوري ، فإن فيها عن ضعفاء و لم يصح له التمييز ، قرب الحال . إنما تعليله يجمع الهم هو الدليل على أنها ليست كذلك ، فانظر إلى قلة العلم ، ماذا تؤثر مع أهل الخير .
و لقد بلغنا في الحديث عن بعض من نعظمه ، و نزوره ، أنه كان على شاطئ دجلة ، فبال ثم تيمم ، فقيل له : الماء قريب منك ، فقال : خفت ألا أبلغه ! !.
و هذا و إن كان يدل على قصر الأمل ، إلا أن الفقهاء إذا سمعوا عنه مثل هذا الحديث تلاعبوا به ، من جهة أن التيمم ، إنما يصح عند عدم الماء .
فإذا كان الماء موجوداً كان تحريك اليدين بالتيمم عبثاً . و ليس من ضرورة وجود الماء أن يكون إلى جانب المحدث ، بل لو كان على أذرع كثيرة ، كان موجوداً فلا فعل للتيمم و لا أثر حينئذ .

*و من تأمل هذه الأشياء ، علم أن فقيهاً واحداً ـ و إن قل أتباعه و خَفَتَ إذا مات أشياعه ـ أفضل من ألوف تتمسح العوام بهم تبركاً ، و يشيع جنائزهم ما لا يحصى .

و هل الناس إلا صاحب أثر نتبعه ، أو فقيه يفهم مراد الشرع و يفتي به ؟ نعوذ بالله من الجهل ، و تعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل !

فإن من ورد المشرب الأول ، رأى سائر المشارب كدرة .

و المحنة العظمى مدائح العوام ، فكم غرت ! !
كما قال علي: " ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً ".
و لقد رأينا و سمعنا من العوام ، أنهم يمدحون الشخص ، فيقولون : لا ينام الليل ، و لا يفطر النهار ، و لا يعرف زوجة ، و لا يذوق من شهوات الدنيا شيئاً ، قد نحل جسمه ، و دق عظمه حتى أنه يصلي قاعداً ، فهو خير من العلماء الذين يأكلون و يتمتعون .
ذلك مبلغهم من العلم ، و لو فقهوا علموا أن الدنيا لو اجتمعت في لقمة فتناولها عالم يفتي عن الله ، و يخبر بشريعته ، كانت فتوى واحدة منه يرشد بها إلى الله تعالى خيراً و أفضل من عباده ذلك العابد باقي عمره! .
و قد قال ابن عباس : " فقيه واحد ، أشد على إبليس من ألف عابد " .

× و من سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه .

و إنما أمدح العاملين بالعلم ، و هم أعلم بمصالح أنفسهم . فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش ، كأحمد بن حنبل . و كان فيهم من يستعمل رقيق العيش ، كسفيان الثوري مع ورعه ، و مالك مع تدينه ، و الشافعي مع قوة فقهه .

و لا ينبغي أن يطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره ، فيضعف هو عنه .

فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه . و قد قالت رابعة : " إن كان صلاح قلبك في الفالوذج ، فكله " .
و لا تكون أيها السامع ممن يرى صور الزهد . فرب متنعم لا يريد التنعم و إنما يقصد المصلحة .
و ليس كل بدن يقوى على الخشونة ، خصوصاً من قد لاقى الكد و أجهده الفكر ، و أمضه الفقر ، فإنه إن لم يرفق بنفسه ، ترك واجباً عليه من الرفق .

فهذه جملة لو شرحتها بذكر الأخبار و المنقولات لطالت ، غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري ، و الله ولي النفع برحمته .

[صيد الخاطر صـ66].

ولا يفهم من هذا التقعيد عدم الحث على الزهد والتقلل من فضولات المباحات.. والصبر على القليل..

وإنما جاء ما ذكر في معرض الرد على من غلى وابتدع.

والله أعلم.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاك الله خيرا غاليتي ام ليلى على الجلب الطيب للموضوع
دوما مميزة




بارك الله فيك ع الجلب المتميز




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الفرق بين الكرسى والعرش – لفضيلة الشيخ العلامة : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تع

ما هو الفرق بين عرش الربّ وكرسيه

السؤال :
ما هو الفرق بين الكرسي والعرش ؟

الجواب : الحمد لله

الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .

والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .

وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .

وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :

عن ابن مسعود قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . رواه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 105 ) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ( ص 401 ) .

والأثر : صححه ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ( ص 100 ) ، والذهبي في " العلو " ( ص 64 ) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

هذا الحديث موقوف على ابن مسعود ، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها ، فيكون لها حكم الرفع ، لأن ابن مسعود لم يُعرف بالأخذ من الإسرائيليات .

" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 379 ) .

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل هذا الحديث :

… التاسعة : عِظَم الكرسي بالنسبة إلى السماء .

العاشرة : عظم العرش بالنسبة إلى الكرسي .

الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء .

" شرح كتاب التوحيد " ( ص 667 ، 668 ) .

وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .

قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم } [ المؤمنون / 116 ] ، وقال تعالى { وهو رب العرش العظيم } [ التوبة / 129 ] ، وقال تعالى { ذو العرش المجيد } [ البروج / 15 ] .

قال القرطبي :

خصَّ العرش لأنه أعظم المخلوقات فيدخل فيه ما دونه .

" تفسير القرطبي " ( 8 / 302 ، 303 ) .

وقال ابن كثير :

{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 405 ) .

وقال رحمه الله :

{ ذو العرش } أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و{ المجيد } : فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 474 ) .

والمجيد : المتسع عظيم القدر .

عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " . رواه البخاري ( 3217 ) .

وللعرش حملة يحملونه .

قال تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) [ غافر / 7 ] .

وهم على خِلقة عظيمة .

عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .

رواه أبو داود ( 4727 ) .

والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح .

" فتح الباري " ( 8 / 665 ) .

والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .

قال ابن القيم :

إنه إذا كان سبحانه مبايناً للعالَم فإما أن يكون محيطا به أو لا يكون محيطا به ، فإن كان محيطاً به لزِم علوّه عليه قطعاً ضرورة علو المحيط على المحاط به ، ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً فما كان محيطاً بجميع ذلك كان عالياً عليه ضرورة ولا يستلزم ذلك محايثته لشيء مما هو محيط به ولا مماثلته ومشابهته له .

" الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) .

7. والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .

قال ابن أبي العز الحنفي :

وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } [ الحاقة / 17 ] ، وقوله { وكان عرشه على الماء } [ هود / 7 ] ؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول .

وأما الكرسي فقال تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة / 255 ] ، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .

وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس …

قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .

.. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف : بين يدي العرش كالمرقاة إليه .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 312 ، 313 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .

وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .

والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .
والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم .

القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 393 ، 394 ) .
منقول

منقول للفائدة




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

تحقيق في مسألة سماع الموتى. للشيخ صالح السحيمى

تعليمية تعليمية
تحقيق في مسألة سماع الموتى. للشيخ صالح السحيمى


هذا كلام الشيخ صالح السحيمى فى تحقيقه لمسألة سماع الموتى.
ملف مرفق 2188

الملفات المرفقة تعليمية التحقيق فى مسألة سماع الموتى.mp3‏ (1.20 ميجابايت)

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جاري التحميل

تعليمية




باركـ الله فيكـ و جزاكـ خيرا على النقل الطيب




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

المذنب إذا أذنب بكبيرة فإنه يكون فاسقاً مؤمناً

تعليمية تعليمية
المذنب إذا أذنب بكبيرة فإنه يكون فاسقاً مؤمناً

تعليمية


المذنب إذا أذنب بكبيرة فإنه يكون فاسقاً مؤمناً

تعليمية
من شرح العقيدة السفارينية
للشيخ
محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ

قال المؤلف رحمه الله تعالى :
79- ويفسق المذنب بالكبيرة** كذا إذا أصر بالصغيرة

80_ لا يخرج المرء من الإيمان** بموبقات الذنب والعصيان

81- وواجب عليه أن يتوبا **من كل ما جر عليه حوبا

82-ويقبل المولى بمحض الفصل** من غير عبدا كافرا منفصل

83- ما لم يتب من كفره بضده** فيرتجع عن شركه وصده

________________


الشرح

قال المؤلف رحمه الله تعالى :

ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصر بالصغيرة

هذا من الأحكام أيضاً ، وهو أمر مهم ؛ لأن الناس تنازعوا فيه ، فابتدعت فيه طائفتان ، وسلمت الثالثة .

المذنب إذا أذنب بكبيرة فإنه يكون فاسقاً مؤمناً ؛ فيكون فاسقاً بمعصيته ، مؤمناً بإيمانه ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ، وهو المذهب الذي تؤيده النصوص ، ويؤيده النظر والعدل ؛ فالعدل أن يعامل كل إنسان بما يستحق ، فلما كان هذا الرجل مؤمناً ، لكنه فعل كبيرة ولم يتب منها ، فهو باق على إيمانه لكنه فاسق بكبيرته ،ويمكن أن نقول : إنه مؤمن ناقص الإيمان ؛ مؤمن بما معه من أصل الإيمان ، ناقص الإيمان بما اقترفه من معصيته ،وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ، وهو المذهب الحق كما سنذكر إن شاء الله .

وقالت الخوارج : إنه ليس بمؤمن بل هو كافر ، فإذا زنا فقد كفر ، وإذا سرق فقد كفر ، وإذا قتل نفساً بغير حق فقد كفر ، وإذا عق والديه فقد كفر ، وإذا قطع أرحامه فقد كفر ، وهكذا إذا فعل أي كبيرة صار كافراً خارجاً عن الإيمان ، فإذا كان كافراً خارجاً عن الإيمان ، فإنه إذا مات لا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه ، ولا يدفعن في مقابر المسلمين ، وحكمه في الآخرة أنه يخلد في النار .

ووافقتهم المعتزلة على التخليد في النار ، لكن خالفتهم في الحكم في الدنيا ؛
فقالوا – أي المعتزلة -: إن فاعل الكبيرة مخلد في النار ، لكنه في الدنيا في منزلة بين منزلتين ؛ لا نصفه لا بالإيمان ولا بالكفر ، فلا نقول : مؤمن – ولو بقيد النقص – ، ولا نقول : كافر – ولو بقيد أصل الإيمان – ؛ بل نقول : في منزلة بين منزلتين ، وإذا مات فإنه يعامل معاملة المسلمين ؛ لأنه لم يدخل في الكفر ، إلا أنه يخلد في النار .

إذاً توافق الخوارج والمعتزلة في شيء وتخالفوا في شيء ؛ توافقوا في أحكام الآخرة ؛ فجعلوا فاعل الكبيرة خالداً في النار ، واختلفوا في أحكام الدنيا ؛ فحكمت الخوارج بأنه كافر ، وحكمت المعتزلة بأنه ليس بمؤمن ولا كافر – بل في منزلة بين المنزلتين .

فعلى رأي الخوارج إذا رأينا فاعل كبيرة فلنا قتله ؛ لأنه مرتد مباح الدم ، وعلى رأي المعتزلة لا نقتله لأنه ليس بكافر ، ولا نكرمه إكرام المؤمن لأنه ليس بمؤمن .

أما المرجئة فقالوا : إن فاعل الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ، ولا يستحق العقاب ، وليس عليه شيء ، ولو زنا وسرق وشرب الخمر وقتل وعق وقطع وغش وكذب ، ما دام أنه مؤمن بالله فهو مؤمن كامل ، إيمانه كإيمان جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم – ونعوذ بالله – وهذا ليس بمعقول ، لكنه مذهبهم .

ولا يخفى أن الذي يصلح ويناسب الزمان هو ما جاءت به السنة ؛ حيث المعاملة بما يستحقه فاعل الكبيرة ؛ فنقول : هو مؤمن ناقص الإيمان ، أو هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، وهذا هو الحق .

ولهذا قال المؤلف رحمه الله :

ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصر بالصغيرة

لا يخرج المرء من الإيمان بموبقات الذنب والعصيان

قال المؤلف : ( ويفسق المؤمن بالكبيرة ) ،
والفسق في اللغة : الخروج ، ومنه فسقت الثمرة عن قشرها ، أي برزت وخرجت منه ،
وفي الاصطلاح : فعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة .
كما قال المؤلف :

ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصر بالصغيرة

( بالصغيرة ) يعني على الصغيرة ،
فالفسق شرعاً : فعل الكبيرة أو الإصرار على الصغيرة .
فإذا زنا المرء صار فاسقاً ، وإذا أصر على شرب الدخان صار فاسقاً ، وإذا شرب الخمر مرة واحدة فقط فهو فاسق لأن شربه كبيرة .

والكبيرة في المعنى ضد الصغيرة ، والميزان في ذلك – كما قال بعض العلماء رحمهم الله – : ما نص الشارع على أنه كبيرة فهو كبيرة ، وما لم ينص عليه فهو صغيرة ،
فقوله صلى الله عليه وسلم : (( اجتنبوا السبع الموبقات ) ، هذه كبائر ، وقوله : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ) ، هذه كبائر ، فما نص الشارع على أنه كبيرة فهو كبيرة ، وما لا فلا .

وقال بعض العلماء رحمهم الله : ما توعد عليه بلعن أو غضب فهو كبيرة.

وقال آخرون : ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة فهو كبيرة ، واختلفوا اختلافا كبيراً .

وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الكبيرة ما رتبت عليها عقوبة خاصة ، وأما ما نهى عنه فقط ، ولم يعين له عقوبة خاصة فهو صغيرة ، ومع ذلك يقول : إن الكبائر تتفاوت ؛ فبعضها أشد من بعض ، وقوله – رحمه الله – أقرب إلى الصواب .

فمن فعل الكبيرة ولم يتب منها صار فاسقاً ، ومن أصر على الصغيرة -ولم يقلع عنها – صار فاسقاً .

وقوله : ( ويفسق المذنب ) خلافاً للمرجئة ؛
لأن المرجئة يقولون : إن المذنب لا يفسق بالكبيرة ولا بالإصرار على الصغيرة ، بل هو مؤمن كامل الإيمان ،
قال ابن القيم مبيناً مذهبهم :

والناس في الإيمان شيء واحد كالمشط عند تماثل الأسنان

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى :

لا يخرج المرء من الإيمان بموبقات الذنب والعصيان

أي لا يخرج المرء من الإيمان بفعل الموبقات ،
والموبقات : هي المهلكات ، وهذا رد على الخوارج والمعتزلة ؛ لأن

الخوارج والمعتزلة يقولون : إنه يخرج من الإيمان ، لكن الفرق بينهما

أن الخوارج قالوا : إذا خرج من الإيمان دخل في الكفر ، وليس هناك واسطة ، والمعتزلة قالوا : إذا خرج من الإيمان فهو في منزلة بين منزلتين ، كرجل سار من المدينة يريد مكة فنزل في بدر ، فصار في منزلة بين المنزلتين ؛ ليس من أهل المدينة ولا من أهل مكة ، لكن الخوارج أقرب إلى الصواب منهم حيث قالوا : ليس هناك واسطة ، كما قال الله تعالى : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ )(يونس: الآية 32) وقال : (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )(التوبة: الآية 66) ولم يذكر منزلة ، فالمنزلة هذه بدعة مردودة على صاحبها.

قال رحمه الله :

وواجب عليه أن يتوبا من كل ما جر عليه حوبا

( وواجب عليه ) أي على المرء المذنب ( أن يتوبا ) والألف هنا للإطلاق ، أي لإطلاق الروي ، والروي آخر البيت ، ولولا ذلك لقال : ( أن يتوب ) لأن المتحرك الأخير يوقف عليه بالسكون ، ( من كل ما جر عليه ) أي على الفاعل ، ( حوباً ) أي إثما .

ومعنى كلام المؤلف رحمه الله أن على الإنسان أن يتوب من كل شيء حصل له به الإثم ؛ إن كان ترك واجب فبفعله ، وإن كان فعل محرم فبتركه ؛ لأن ترك الواجب يجر على الإنسان الإثم ،وفعل المحرم كذلك يجر على الإنسان الإثم .

والدليل على وجوب التوبة قوله تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: الآية 31) وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً )(التحريم: الآية 8) .

وقوله : ( واجب عليه أن يتوبا ) ، أي : فوراً ؛ لأن الأصل في الواجبات الفورية ، ولأن الإنسان لا يأمن أن يموت ، فقد يأتيه الموت بغتة قبل أن يتوب ، ولو تاب عند الموت لم تنفعه التوبة ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)(النساء: الآية 18) .

وللتوبة شروط خمسة ، هي بالترتيب :
الإخلاص ، والندم ، والإقلاع ، والعزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى ، وأن تكون في وقت قبولها .

وليتنبه هنا إلى أن من شروط قبول التوبة : العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى ،
وليس الشرط ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى ،
إذ لو كان الشرط ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى لكان من غلبته نفسه وعاد إلى الذنب ثانياً لم تقبل توبته الأولى ،

لكن الشرط : العزم على ألا يعود ، فمن غلبته نفسه وعاد إلى الذنب فإن توبته الأولى مقبولة ، ولذلك أن تحقيق هذا الشرط هو العزم على ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى .

قال المؤلف رحمه الله :

ويقبل المولى بمحض الفضل من غير عبد كافر منفصل

قوله : ( ويقبل المولى بمحض الفضل ) أي يقبل الله التوبة من الإنسان ، ( بمحض الفضل ) أي بالفضل الخالص المحض ، لأن الله عز وجل هو الذي منَّ عليه أولاً بالتوبة ، فإن توفيق الله العبد للتوبة توبة ، قال الله تعالى : (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا )(التوبة: الآية 118) ،يعني ثم وفقهم للتوبة ليتوبوا ، فالله عز وجل يمن عليك بمحض الفضل أن تتوب ، ثم يمن عليك مرة أخرى بقبول التوبة ، ولو شاء ألا يقبل لم يقبل ، ولكن من فضله ورحمته عز وجل أن من تاب إلى الله تاب الله عليه .

بل أشد من ذلك وأبلغ أنه يفرح بتوبة عبده ، ويحب توبته ؛ قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: الآية 222) ، ويفرح بتوبة عبده فرحاً أشد من فرح الإنسان الذي أضل راحلته وعليها طعامه وشرابه ، ثم وجدها ، فهذا فرحه لا يوصف ، ومع ذلك فالله يفرح بتوبة عبده المؤمن أشد من فرح هذا الرجل براحلته .

قال رحمه الله :

…………………… من غير عبد كافر منفصل

ما لم يتب من كفره بضده ……………………

الحقيقة أن هذا الاستثناء وهو قوله : ( ما لم يتب ) ، فيه شيء من النظر ؛ لأن كل من تاب تاب الله عليه من أي ذنب كان ، وكلامنا في التوبة ، فإذا تاب تاب الله عليه ولو كان كافراً ، أما إذا مات على المعصية وهي غير كفر ، فهذه هي التي تكون تحت المشيئة ؛ إن شاء الله غفر له وإن شاء عاقبه .

ثم إن قوله : ( من غير عبد كافر منفصل ما لم يتب ) ، ينطبق على الفاسق أيضاً ، فإن الفاسق لا يقبل الله منه حتى يتوب ، وإلا سيبقى على وصف الفسق .
إلا إذا كان المؤلف يرد بقوله : ( يقبل المولى ) أي يقبل العبادات من غير الكافر ، فهذا له وجه ، لكنه لا يرد هذا الشيء .

قوله : ( ما لم يتب من كفره بضده ) وضده الإسلام ، فإذا تاب من كفره بضد الكفر ، فإنه تقبل منه التوبة ، وإن تاب من كفره بكفر آخر فإنه لا يقبل منه ،
ولذلك قال المؤلف : ( فيرتجع عن شركه وصده ) فإنه حينئذ يقبل الله منه ؛ مثل : لو تاب من نوع الكفر وبقي على النوع الآخر ، فإنه لا يقبل منه ، بل لابد أن يكفر بالجميع ، فلو كان رجل منكرا لشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتاب منه لكنه مشرك بالله يعبد الصنم ، فإنه لا يقبل منه حتى يؤمن بكل ما كفر به .

ولو تاب المسلم من ذنب وهو مصر على آخره ، فإنه تقبل توبته مما تاب منه ؛ لعدم اشتراط ألا يكون مصراً على ذنب آخر ، ولعموم الآيات في القرآن الكريم ، وكذلك الأدلة من السنة ، فكلها تدل على أنه إذا تاب من الذنب تاب الله عليه .

وقال بعض العلماء : إنه إذا كان الذنب الذي أصر عليه من جنس الذنب الذي تاب منه ، فإنها لا تقبل توبته ، وإذا كان من غير جنسه قبلت ، لكن الصحيح أنها تقبل .

وذهب بعض العلماء إلى أن التوبة لا تقبل حتى يقلع عن جميع الذنوب ، ولذلك أضافوا شرطاً سادساً إلى الشروط الخمسة ، وهو : أن يقلع عن جميع الذنوب وليس عن الذنب الخاص ، بل عن كل الذنوب ، وبناء على هذا القول فلو تاب من ذنب وهو مصر على آخر فإنه لا تقبل توبته .

مثال ذلك : إذا تاب رجل من الزنا لكنه يشرب الخمر ، فعلى هذا الرأي لا تقبل توبته من الزنا ؛ لأنه لو كان صادقاً ما عصى الله ، ولو كان صادقاً في التوبة والرجوع إلى الله ما عصى الله بالذنب الآخر . ولو تاب من الربا لكنه يغش الناس ، فإنه لا تقبل توبته على هذا الرأي ، ولكن الصحيح أنها تقبل.

ولكن يقال : أما التائب التوبة المطلقة فهذا لابد لتوبته من أن يكون مقلعاً عن جميع الذنوب ، وأما التوبة الخاصة المقيدة فإنها تصح من ذنب مع الإصرار على غيره ، إذاً فالمدح بالتوبة لا يكون إلا لمن أقلع عن جميع الذنوب ، وأما التقييد فيصح من ذنب ولو مع الإصرار على آخر ، فالذي تاب من الزنا لكنه يشرب الخمر ، لا يصح أن نصفه بأنه تائب على سبيل الإطلاق ، لكن نقول : إنه تائب من الزنا – مقيداً – ، فلا يصح الوصف المطلق الذي يمدح به التائب ، وإنما يمدح بقدر ما حصل منه من توبة فقط .

———————
المصدر

موقع الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ


للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيكم

وجعلكم من اهلالجنة لنشركم هذه العلوم