التصنيفات
اسلاميات عامة

الجليس الصالح

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم يسر لي جليساً صالحـاً

‏عَنْ ‏ ‏عَلْقَمَةَ ‏ ‏قَالَ :-

قَدِمْتُ ‏ ‏الشَّأْمَ ‏ ‏فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْتُ :- "اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا "
فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟
قَالُوا : ‏ ‏أَبُو الدَّرْدَاءِ ‏ ، ‏فَقُلْتُ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا فَيَسَّرَكَ لِي .
قَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ، قُلْتُ : مِنْ ‏ ‏أَهْلِ الْكُوفَةِ ‏
‏قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ‏ ‏ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ‏ ‏صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ ،
وَفِيكُمْ ‏ ‏الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ ‏ ‏مِنْ الشَّيْطَانِ ‏ ‏يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏،
‏أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ . (1)

" اللهم يسر لي جليسا صالحـا "

هذه هي مسألة أولئك الأخيار ، وهذا كان من دعائهم

إن البحث عن جليس صالح في تلك الأزمنة الفاضلة والقرون الخـيِّرة ليس بالأمر العسير بل هو أمر ميسور ، لكثرة الأخيار وقلّة الأشرار .

أما في زماننا هذا فلو قلّبت ناظريك فيمن جلس إليك – في مكان عام – لرأيت أنك أحرى بهذا السؤال ، وبهذه المسألة :
" اللهم يسر لي جليساً صالحـاً "

إن الجليس الصالح ربما كان أندر من الغُراب الأعصم

كما أن جلساء السوء " أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَـا " !

وليت رأس جليس السوء عليه ريشة حتى يُعرَف ويُحذر !

وقديما قيل : الوِحدة خيرٌ من جليس السّوء .

وذلك أن صاحب الوِحدة يُحدّث نفسه ، وحديث النفس معفوٌّ عنه ، وجليس السوء يأمر بالسوء ، فله نصيب مِن وَصْف ( يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء ) .

قال أبو الدرداء : لَصَاحِبٌ صالح خير من الوِحدة ، والوحدة خير من صاحب السوء ، ومُمْلِي الخير خير من الساكت ، والساكت خير من مُمْلِي الشر .

قال ابن حبان : العاقل لا يُصاحب الأشرار ، لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار ، تُعْقِب الضغائن ، لا يَستقيم وِدُّه ، ولا يَفِي بعهده .

وقال أيضا :
وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ! ومن يَصحب صاحب السوء لا يَسْلَم ، كما أن من يدخل مداخل السوء يُتَّهَم .

ومِن علامات جليس السّوء :

أنه لا يُذكِّرك إذا غَفَلْت
ولا يُعينك إذا ذَكَرْت
ولا يأمرك إذا قصّرت
ولا ينهاك إذ أخطأت
ولا يُقوّمك إذا اعوججت

فلا يأمرك ولا ينهاك
بل هو موافق لك فيما فعلت
ساكت عما قصّرت فيه أو تَرَكْت
تاركك وهواك
فهو ساع في هلاكك
مسرع بك إلى رَداك

فهو يَتركك وهَواك ! زاعما أنه اختار لك الراحة ، وقد اختار لك العَطَب !

تَرْكُ نفسك يوما وهواها = سعي لها في رداهـا

وهذا النوع من الناس يصدق فيهم قول ابن القيم رحمه الله :

إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر .
وكم سَلَبَت المخالطة والمعاشرة من نِعمة ؟
وكم زرعت من عداوة ؟
وكم غرست في القلب من حزازات تَزُول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ؟!

ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة ، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة .

منقول




طبت و طاب منقولك
بارك الله فيك الموضوع القيم




بارك الله فيكي أختي غاية الهدى,فسبحان الله,عندما يكون جليسنا صالحا فنحن نستفيد وهو يستفيد وعندما يكون الجليس غير صالح قد نأثم وأكيد لانستفيد,ولكن لاننسى أن نحمد الله أننا لسنا مثله ,جزاكي الله خيرا على الموضوع




بارك الله فيكما رنين والأميرة ..

اللهم اجعلنا من الجلسيسات الصالحات




طبت و طاب نقلك
بارك الله فيك على الموضوع القيم




شكرا اخي لقد افدتنا كثيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

إنكم تشددون عند ذكر الجماعات وإذا ذكر قتلى المسلمين مرّ على ألسنتكم مرور الكرام!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سئل فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي – حفظه الله – السؤال التالي :

(بارك اللّه فيكم ، يقول هذا السّائل : يقول بعض النّاس : إنّكم تشدّدون عند ذكر الجماعات ، وإذا ذكر قتلى المسلمين مرّ على ألسنتكم مرور الكرام ، فبمذا نردّ عليه ؟)
الجواب:

(أوّلا، كما ذكرت لكم ، أنّ أهل السّنّة ينصحون النّاس ، ويبيّنون لهم دينهم ،
وأهل السّنّة الذين إستقاموا على السّنّة، – ونسأل اللّه أن نكون وإيّاكم منهم – لهم غيرة على دينهم وعلى عقيدتهم ،
ولهم غيرة على دماء المسلمين
واللّه لا يوجد مسلم ، ولو كان عنده ما عنده من التّقصير ، لا يغضب لقتل المسلمين، ولا يتألّم لقتل المسلمين،
فدعوى أنّ أهل السّنّة لا يغضبون […] لا ينتصرون لإخوانهم ،
هذا غير صحيح،
ولكنّ أهل السّنّة يعالجون الأمور معالجة حسنة،
ليست بالإثارة،

ليست الغيرة على دماء المسلمين عندما نسمع خبرا أنّه قُتل من المسلمين في بلد كذا أن يأتي الرّجل ويعتليَ المنبر، ويتشنّج أمام النّاس ، ويقول نفذ الصّبر،
مذا سنفعل؟
ما الذي قدّمنا ؟
ويهيّج النّاس
هل هذا من النّصح للمسلمين؟
ما الذي يريد هذا المهيّج؟
[…] مسجد عامّته من عوامّ المسلمين ،
ليس لهم حول ولا قوّة من هذا الكلام
واللّه لا نفع للمسلمين في هذا
وإنّما هو إثارة للفتنة
لكنّ أهل السّنّة يُناصحون الائمّة ، الذين بيدهم الحلّ والعقد،
ومناصحتهم سرّا،
هذا الذي ينفع،
ويدعون لإخوانهم،
ويوجّهونهم إلى الخير،
هذه هي الغيرة،
وأمّا التّشهير، هذا ليس من الغيرة،
والعاقل يتّعظ بغيره،
أنظروا إلى البلدان التي سلكت هذه المسالك
عندما تصدّى لمن يزعم أنّه ينتصر لدماء المسلمين إلى هذه الفتنة،
وأصبحوا يشهّرون ، ويسبّون ويشتمون ويلعنون،
ويقول النّاس :ما أغيرهم على دين اللّه
ما الذي أورثوا الأمّة؟
ورّثوهم فتن!
وأدخلوا الشّباب السّجون
وزجّوا بهم في الفتن
ثمّ بعد ذلك تخلّوا عنهم،
أمّا أهل السّنّة، يغارون واللّه على دماء المسلمين ويغضبون لهذا،
لكنّ غضبهم وغيرتهم منظبطة بالعقل ، وبالدّين ، وبالنّصّ،
فأهل السّنّة هم الذين يسعون لكشف هذه الغمّة عن المسلمين،
لكن بأيّ شيء؟
بالعلم والفقه،
وأنا أذكر مثالا لإمام من أئمّة أهل السّنّة،
قال ما قال، فطُعن فيه بسببها،
وإتّبع غير قوله،
ثمّ ما الذي أورث الأمّة؟
عندما إندلعت الفتنة في فلسطين،
وخرج ما يُسمّى بأطفال الحجارة،
وأخذوا يرمون اليهود بالحجارة،
فقام الكثير من المهيّجين، وقالوا هذا بداية النّصر، وهذا بداية الجهاد،
وأصبحوا يردّدون أنّ أطفال الحجارة غدا سيُخرجون اليهود،
ويبنون خيالات وأوهام،
ويصوّرون للنّاس أنّ هذا هوالجهاد،
فسُئل الشّيخ عبد العزيز بن باز:
ما تقولون في هؤلاء؟
قال :
هؤلاء لا حيلة لهم، ولا قدرة لهم على الجهاد،
وينبغي في هذه الأوقات عدم إثارة العدوّ ،الذي ليس للمسلمين تمكّن من قتاله،
فقيل أنّ هذه مداهنة،
وهذه كذا وكذا،
وهذه لو لم تصدر من الشيخ عبد العزيز بن باز لقيل فيه أكثر ممّا قيل في الشّيخ،
ثمّ ما هي النّتيجة؟
هذه السّنين قد مرّت،
ما الذي أورثت الأمّة؟
[…] هذه الفتنة،
ما الذي حصل للمسلمين؟
بعد أن كانوا في بيوتهم آمنين، دمّرت البيوت تماما،

وهُدِمَتْ المساجد،
وهدمت المدارس،
وهدمت المرافق كلّها،
وأصبحوا في […] في أرض قاحلة،
ثمّ ما هي النّتيجة؟!
النّتيجة رجعوا وخضعوا الآن، هم أنفسهم ، ويقولون الآن السّلطة، والمهادنة، بعد أن دمّروا كلّ شيء
هذه نتيجة التّهوّر
يظهرون الغيرة على دماء المسلمين ويزجّون بهم في الفتن
والذي ينهى عن الطّيش ، يُقال له مداهن؟!
هؤلاء العلماء أغير النّاس على دين اللّه
لكن يعالجون الأمور بحكمة
وأمّا ما ذكره السّائل من الفرق، فواللّه إنّ البدعة أشدّ على النّاس من المعصية
قتل المسلمين إذا كان من المسلمين معصية،
وإذا كان من الكفّار فهو شهادة للمسلمين،
إذا قتل المسلم المسلم، فهذه معصية من المسلم في حقّ أخيه
قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم (القاتل والمقتول في النّار)
إذا إلتقى المسلمَيْنِ بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النّار،
ووعيد شديد،
وأمّا المسلم إذا قُتل على أيدي الكفّار فهي شهادة له ، إن شاء اللّه،
فعلى كلّ حال إن صدر القتل من المسلمين فهو معصية،
وإن صدر قتل للمسلمين من الكفّار فهذا من الإبتلاء الذي يحصل للمسلمين ، و[…] رفعة،
لكن ما يُبتلى به المسلمون من البدع في دينهم ، فالفتنة أشدّ من القتل، كما قال اللّه عزّ وجلّ ،
والفتنة هي البدعة كما فسّرها السّلف،
وأهل السّنّة ينطلقون من فقه،
ففتنة البدع على الأمّة أشدّ من فتنة المعاصي،
ولكم أن تتأمّلوا:
من الذي قتل عمر؟
هو رجل من أهل الكفر ، بدافع من أهل الزّيغ والضّلال،
من الذي قتل عثمان؟أهل البدع
من الذي قتل عليّا رضي اللّه عنه؟
من الذي طعن معاوية؟
من الذي سبّ الصّحابة ولعنهم؟
من الذي طعن في العلماء؟
من الذي خرج على الحكّام؟
من الذي يُفجّر في بلاد المسلمين اليوم؟
أهل المعاصي أم أهل البدع؟
أهل البدع
ولهذا أهل السّنّة يحذّرون من البدع
لأنّ أمرها خطير
وهي أشدّ ما تكون على الأمّة
ولهذا قال سفيان بن عيينة : البدعة أحبّ إلى إبليس من المعصية
لأنّ المعصية يُتاب منها،
وأمّا البدعة فلا يُتاب منها،
حتّى بعض الآن الذين يقتلون المسلمين
بعض الآن الذين يقتلون المسلمين قد يُوعظ في ساعة فيتوب إلى اللّه
لكن أنظر إلى المبتدع: لا يتوب
ليس المقصود أنّه إذا تاب لا يتوب اللّه عليه
لكن لا يتوب لأنّه يرى أنه على خير وعلى هداية
فينبغي للإخوة،-ونحن واللّه نحب لإخواننا الخير-أن يفهموا دينهم
لا ينبغي لنا ان نهوّن من أمر البدع والتّحذير منها
بل إنّ التّحذير من البدع هو نجاة الأمّة
لزوم الجماعة والجهاد في سبيل اللّه مقامه على السّنّة
لا جهاد مع البدع والتّفرّق

فنحن عندما ندعوا إلى السّنّة ونبذ البدع، هذه دعوة إلى لزوم الجماعة
لزوم الجماعة يقوم عليها الجهاد
وأمّا المعاصي ، فنحن نحذّر منها
ولا نرى واللّه السكوت عن معصية
ونحن نتلمّس إذا ما وُجدت مخالفة في الأمّة من أكل الحرام،
من وجود المعاصي،
من بعض المخالفات الشّرعيّة،
يتكلّم أهل العلم ويُبيّن هذا،
وأهل السّنّة لا يسكتون عن خطأ،
وإن كانوا يعتنون بالتّحذير من البدع أكثر من عنايتهم بالتّحذير من المعاصي لأنّ البدع أشدّ على الأمّة من المعصية)

منقول

لقاء مفتوح مع الشيخ إبراهيم الرحيلي

دورة إمام دار الهجرة العلمية السابعة

المقامة في مسجد القبلتين بالمدينة النبوية لعام 1443هـ


[…] كلام غير واضح




جزاك الله كل خير أختي ام عبيد الله

ونفعنا الله وسدد خطانا لما يحب

بوركت




التصنيفات
اسلاميات عامة

ما هي صفات العلماء الذين يُستفتون ؟ للشيخ صالح السحيمي حفظه الله

تعليمية


ما هي صفات العلماء الذين يُستفتون ؟ للشيخ صالح السحيمي حفظه الله – فتوى مفرغة –

جزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم ونفع بعلمكم , يقول السائل :

ما هي صفات العلماء الذين يُستفتون ؟

صفات العلماء الذين يستفتون واضحة جدا أوضح من الشمس

الصفة الأولى : اهتمامهم بالكتاب والسنة وتعويلهم عليها وتركيزهم عليها .

والصفة الثانية : اعتدالهم ووسطيتهم في جميع الأمور .

الصفة الثالثة : تعويلهم على العلم والتعلم , والفقه في دين الله عز وجل .

الصفة الرابعة : وضوح منهجهم ووضوح طريقتهم العلمية , فلا يتخفون بفتاواهم أو بتجمعات خاصة بعيدة عن أنظار الناس بدعوى الاختفاء عن الأنظار , وإنما يدعون في وضح النهار , ليس عندهم شيء يخفونه , وليس عندهم شيء يخشون منه إلا الله عز وجل , ولذلك هم فتاواهم معلنة , لا تُبث عبر شبكة , ولا تبث عبر أشرطة مدسوسة مخفاة , أو تبث عبر رسائل من هنا وهناك , لأ ؛ أمورهم واضحة , ولذلك يروى عن سفيان ابن عيينة أنه قال : ( إذا رأيت الناس يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم مفتتحوا باب ضلالة أو بدعة )

إذ أن من علامات المبتدعة التناجي دائما , لأنهم مثل الخفافيش , الذي لا يتحرك إلا بماذا ؟ في الظلام , لكن العالم الرباني دينه واضح , منهجه واضح طريقته واضحة ( إن هذا العلم دين فاعرفوا عمن تأخذون دينكم ) قاله ابن سيرين في الإسناد ولكنه يشمل جميع أمور الدين , فاعرفوا عمن تأخذون دينكم .

من علاماتهم : محبة الخير للناس يحبون لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم .

من علاماتهم التواضع : ومن تواضع لله رفعه

من علاماتهم التحري تحري الصواب , وعرض المسائل الجديدة على الكتاب والسنة وقواعد السلف القديمة , وقد يختلفون فيها الليالي والأيام ثم يتوصلون فيها إلى شيء أو قد ينقسمون فيها إلى قسمين في المسائل التي يسوغ فيها ماذا ؟ الإجتهاد .

من علاماتهم الرجوع عن الخطأ وإعلان الرجوع , ولو رأيتم ما بين مشايخنا الشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن إبراهيم وسماحة المفتي والشيخ الفوزان , والشيخ ابن عثيمين وغيرهم ما بينهم من ردود في بعض المسائل , حيث يرجع بعضهم في كثير من الأحيان إلى قول البعض الآخر , ويعلن أنه تبين لي أن ما رآه أخي فلان هو الحق والصواب فرجعت إليه , لأنهم ليس عندهم تعصب لآرائهم , الحق ضالتهم أنى وجدوه ماذا ؟ اتبعوه .

من أعظم علامات العلماء الربانيين أن يكون لهم موقف واضح في النوازل المدلهمة , والمسائل التي تتعلق بمصير الأمة , موقف واضح لا ( يشوبه ) غبار , ولا يستره الظلام , فإذا ألمَّت مُلِمَّة بالمسلمين سارع إلى الجد والإجتهاد للوصول إلى الحق فيها , وانظروا إلى بيانات كبار علمائنا فيما يتعلق بماذا ؟ من يكمل ؟ ها ؟ بفعل من ؟ فيما يتعلق بفعل من ؟ ها ؟ بفعل من ؟ ما زلتم تترددون في أن تسموهم خوارج , بفعل الخوااارج مدوها مد لازم , خوارج بكل معنى الكلمة , جماعة أسامة والظواهري , ولا تكفيهم بل أقول لكم شيئا إن الخوارج الأولين على ما عندهم من ضلال أقل منهم خطرا .
لأن الخوارج القدامى يعلنون موقفهم , ويبارزون بالسلاح , أما هؤلاء يسيرون في الأنفاق المظلمة , حتى اضطروا أن يفتوا أتباعهم بجواز حلق لحاهم , وبجواز لبس لباس من ؟ المرأة , ولباس المتخنفسين , على قاعدة أحد منظريهم القَعَدة , فإنه قَعَّدَ لهم قاعدة قبل نحو سبع عشرة سنة وهي قوله : ( إننا قد نضطر أحيانا إلى تطبيق نظرية ميكافيللي ) ما هي نظرية ميكافيللي ؟ الغاية تبرر الوسيلة , يمكن يلبس ثوب مرأة , يمكن يذهب إلى الكفار ويمالئهم ضد المسلمين , يمكن ينزل إليهم ويمالئهم ضد المسلمين , يمكن أن يذبح ويقتل , هذا معنى الغاية تبرر ايش ؟ الوسيلة .

المهم هو يصل إلى ما يريد مما يدعي أنه الحق , ولو على أشلاء المسلمين , ولا أَدَلَّ على ذلك من فعل أصحاب الجزائر القريبة هذه , وما فعلوا عندنا في مكة والمدينة والرياض والقصيم وغيرها ,

فانتبهتم هذه ميزة العلماء الربانيين أنهم يتكلمون في وضح النهار ما عندهم جلسات استراحات يدسون فيها علومهم عند بعض الخاصة ,

أحد مشايخنا استدعاه بعض الشباب قال يا شيخ نريد أن نلقاك في نصائح تنصحنا وتوجهنا , قال لهم حبا وكرامة تفضلوا , فوعدوه بمكان , فلما جلسوا قالوا : لا لا يا شيخ هذا المكان يرانا فيه الناس , ثم ذهبوا إلى واد آخر قالوا : لا لا هذا الوادي مكشوف ! ثم ذهبوا لشجرة ثالثة , قالوا : لا لا هذه الشجرة مكشوفة !! فقال لهم : أنتم ما شأنكم ؟ ما الذي وراءكم ؟ ماذا تخفون ؟ عمن تريدون أن تندسوا ؟ عمن تريدون أن تختبئوا ؟ هيا هيا معي أنا أريكم المكان الطيب المناسب , فلعلهم استحوا وذهبوا معه , تصوروا أين ذهب بهم ؟ ها ؟ أين ؟
أحد الحضور : المسجد .
الشيخ : المسجد أحسنت . ذهب بهم إلى المسجد , فقال لهم : هذا المكان لا رقيب فيه إلا الله , …

هذا هو شأن العلماء الربانيين , لا يندسون تحت الأشجار ولا في ( الوياد ) لا يتصورون أن كل البشر عبارة عن استخبارات ومباحث عليهم , هذا من دأب من ؟ وما الذي بينك وبين الباحث والإستخبارات ؟ ماذا بينك وبينهم إذا كنت سليما فلا تخف لا من مباحث ولا من استخبارات , وأما إن كنت ؛ إن كان وراءك شيء تخفيه فأنت وشأنك , ولذلك من علامات هؤلاء المبتدعة الخوارج بالذات : والقطبيين خاصة , من علاماتهم تصور أن كل من يدعو إلى منهج السلف منتمي إلى جهاز كذا وكذا , جهاز مراقبة , جهاز مباحث الخ ..

وماذا بينك وبين المباحث يا أخي أُدعو لهم إخوانك يسهرون الليالي والأيام من أجل راحتك , ويتعرضون للموت أحيانا والقتل , وأنت نائم عند امرأتك , ماذا تنقم عليهم ؟ إن كان والله في بطنك , إذا في بطنك ريح فما أنت بمستريح , أما إن كنت سليما معافى سائرا على منهج السلف واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار أو رائعة النهار فلا عليك من أحد , ولن تؤذى بإذن الله تعالى .

فمن أعظم علامات العلماء الربانيين وضوح ماذا ؟ وضوح المنهج , وضوح الهدف , وضوح الطريق الذي يسلكونه ,

عرفتم إخواني ؟ أنتم تسجلون هذه العلامات ؟ هذا مهم جدا معرفة هذه العلامات حتى نعرف العلماء من غير العلماء ,

أيضا من علامات العلماء الدعاء لولي الأمر : خلهم يسمونك ما شاؤوا , محبة ولي الأمر والدعاء له ومحبة الخير له والدعاء له بالصلاح , والتقى والبطانة الصالحة لأن بصلاحه تصلح الرعية

وبالمقابل من علامات المبتدعة : الدعاء عليه , بعضهم ينقمون عليك إذا دعوت يوم الجمعة لولي الأمر ! لماذا يا أخي ؟

ما الذي عندك عندما لا تريدنا أن ندعو لولي الأمر ؟ والله نحبه في الله ؟ ونتقرب بحبه إلى الله لأن بصلاحه تصلح الرعية , ونتمنى له الخير وندعو له أن يرزقه الله البطانة الصالحة ؟ وأن يوفقه لما فيه صلاح البلاد والعباد , وأن يقيه شر الأعداء .

هذي ترى من علامات أهل السنة , كما روي عن الإمام أحمد وغيره وعن الفضيل بن عياض وغيرهم من أئمة الهدى كانوا يدعون لولاة الأمور , و يقول لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لدعوت لولي الأمر .

أنا أضرب لكم مثل : المأمون العباسي المعتزلي الجهمي , ماذا فعل بالإمام أحمد ؟ تعلمون ماذا فعل بقضية المحنة بالخوف القول بخلق القرآن ؟ لما جاءه بعض الشباب وسجن أحمد وضربه أبناءه من بعده الواثق ضربه وغيره , ومع ذلك يقول لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لادخرتها لمن ؟ لولي الأمر , هو يعلم أن ولي الأمر مخدوع بهذا المذهب خدعه بِشر المريخي وأحمد بن أبي دؤاد وغيرهم وأنه مسكين مغرور مخدوع بهم , ولما جاءه مجموعة من الشباب يدعونه إلى الخروج , ويقول شاركنا نخرج على المأمون الذي فعل وفعل وفعل وقال بخلق القرآن ووو ؛ قال ويحكم لا تفعلوا ثم نصحهم فأبوا أن يسمعوا النصيحة , فما كان منهم إلا أن ذهبوا , فمنهم من شُرِّد ومنهم من قُتِل ومن من سُجِن ومنهم من اختبأ إلى أن زالت الغمة في عهد المتوكل .

كيف يدعو له وهو معتزلي ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لأن بصلاحه تصلح الرعية , ولأنه يعلم أنه مغرر به ولم يكن هو أصلا المتبني لهذا الفكر , فانتبهوا يا إخوان فإذا كان المأمون المعتزلي ووقف منه الإمام أحمد هذا الموقف وهو الذي آذاه بألوان الأذى وسلط عليه المعتزلة والجهمية , ومع ذلك يقول : لو كنت أعلم أني مستجاب الدعوة لدعوت له , سبحان الله أين هذا ( … ) من العلماء ؟ ان شاء الله موجودون ولله الحمد علماؤنا سائرون على هذا الفكر النير – أو ما نسميه فكرا نحن لأن الإسلام ليس فكرا ولا فكرة – على هذا المنهج النير القويم المستد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , اسمحولي السؤال كان مهم جدا مسألة علامات أهل السنة وعلامات العلماء الربانيين كان يتطلب وقفات ووقفات في ذلك أطلنا فيه . اهـ

من هنا المادة صوتية

http://alsoheemy.net/play.php?catsmktba=1020

ــــــــــــــ

( … ) كلمة غير مفهومة

**********

منقووول




سلامـ الله عليكمـ

شكرا لكـ أم عبيد الله على الموضوع القيم

باركـ الله فيكـ وجزاكـ الجنة

تحياتي




التصنيفات
اسلاميات عامة

أنواع القلوب لابن القيم رحمه الله


أنواع القلوب لابن القيم رحمه الله


القلوب ثلاثة :
قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذ بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن
القلب الثاني قلب قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هنالك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر ومنهم من هو تارة وتارة .
القلب الثالث قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان وفيه أنوارها فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا إلا خطفه وقد مثل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت : بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره وبيت خال صفر لا شئ فيه فجاء اللص يسرق من أحد البيوت فمن أيها يسرق ؟ فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لأن البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما : إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها فقال : وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب ؟ وإن قلت : يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فإن عليه من الحرس واليزك وما لا يستطيع اللص الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه ؟ وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله ؟ فلم يبق للص إلا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات .
فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل ولينزله على القلوب فإنها على منواله فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد أحرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فأي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه وقلب قد امتلأ من جلال الله عز و جل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فأي شيطان يجترئ على هذا القلب ؟ وإن أراد سرقة شيء منه فماذا يسرق وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له إذ هو بشر وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع وقد ذكر عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى أنه قال : وفي بعض الكتب الإلهي لست أسكن البيوت ولا تسعني وأي شئ يسعني والسماوات حشو كرسي ؟ ولكن أنا في قلب الوداع التارك لكل شئ سواي وهذا معنى الأثر الآخر ما وسعتني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن وقلب فيه توحيد الله تعالى ومعرفته ومحبته والإيمان به والتصديق بوعده ووعيده وفيه شهوات النفس وأخلاقها ودواعي الهوى والطبع وقلب بين هذين الداعيين : فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وارادته وحده ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع فهذا القلب للشيطان فيه مطمع وله منه منازلات ووقائع ويعطي الله النصر من يشاء ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ).
وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه فيدخل إليه الشيطان فيجد سلاحه عنده فيأخذه ويقاتله فإن أسلحته هي الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة وهي في القلب فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة فيأخذها ويصول بها على القلب فإن كان عند العبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها انتصف من الشيطان وإلا فالدولة لعدوه عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله فإذا أذن العبد لعدوه وفتح له باب بيته وأدخله عليه ومكنه من السلاح يقاتله به فهو الملوم

فنفسك لم ولا تلم المطايا … ومت كمدا فليس لك اعتذار


ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

الوابل الصيب من الكلم الطيب




أحسن الله إليكِ على النقل الطيب..




و اياك اختي
بارك الله فيك





يــآربي يسعدك علــى الموضوع النــآيس ..

لآعدمنـآ آطلآلتك ..

يعطيك العــآفية وتسســلم الآنــآمل ..

دمتـ بخير ..




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على مواضيعك الهادفة جعلها الله في ميزان حسناتك

وما ذكرته جاء في كتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب لبن قيم الجوزية رحمه الله
وقد ذكر أيضا في كتاب
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل

"القلوب آنية الله في أرضه فأحبها إليه أصلبها وأرقها وأصفاها" وقد ذكر سبحانه أنواع القلوب في قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم} فذكر القلب المريض وهو الضعيف المنحل الذي لا تثبت فيه صورة الحق والقلب القاسي اليابس الذي لا يقبلها ولا تنطبع فيه فهذان القلبان شقيان معذبان ثم ذكر القلب المخبت المطمئن إليه وهو الذي ينتفع بالقرآن ويزكو به قال الكلبي: "فتخبت له قلوبهم فترق للقرآن قلوبهم" وقد بين سبحانه حقيقة الإخبات ووصف المخبتين في قوله: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} فذكر للمخبتين أربع علامات وجل قلوبهم عند ذكره والوجل خوف مقرون بهيبة ومحبة وصبرهم على أقداره وإتيانهم بالصلاة قائمة الأركان ظاهرا وباطنا وإحسانهم إلى عباده بالإنفاق مما آتاهم وهذا إنما يتأتى للقلب المخبت قال ابن عباس: "المخبتين المتواضعين" وقال مجاهد: "المطمئنين إلى الله" وقال الأخفش: "الخاشعين" وقال ابن جرير: "الخاضعين" قال الزجاج: "اشتقاقه من الخبت وهو المنخفض من الأرض وكل مخبت متواضع فالإخبات سكون الجوارح على وجه التواضع والخشوع لله"، فإن قيل كان معناه التواضع والخشوع فكيف عدى بالي في قوله: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِم} قيل ضمن معنى أنابوا واطمأنوا وتابوا وهذه عبارات السلف في هذا الموضع والمقصود أن القلب المخبت ضد القاسي والمريض وهو سبحانه الذي جعل بعض القلوب مخبتا إليه وبعضها قاسيا وجعل للقسوة آثارا وللإخبات آثارا فمن آثاره القسوة تحريف الكلم عن مواضعه وذلك من سوء الفهم وسوء القصد وكلاهما ناشئ عن قسوة القلب ومنها نسيان ما ذكر به وهو ترك ما أمر به علما وعملا ومن آثار الإخبات وجل القلوب لذكره سبحانه والصبر على أقداره والإخلاص في عبوديته والإحسان إلى خلقه.




و اياكم
بارك الله فيكم على الاضافة الطيبة




التصنيفات
اسلاميات عامة

التعالم وآثاره الخطيرة على الأمة

التعالم وآثاره الخطيرة على الأمة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد : فلابد للأمة من العلم والعلماء لأن الله سبحانه بعث الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، وأنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .

قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) . والهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – بعث بالعلم والعمل وإذا رفع العلم بقبض العلماء ( اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً ؛ فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) ؛ كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – .

والعلم لا يحصل إلا بالتعلم والتلقي عن العلماء . قال الله تعالى : ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) .

لا يؤخذ العلم من مجرد الكتب من دون قراءتها على العلماء وتلقي شرحها وبيانها منهم ، ولا يؤخذ العلم عن المتعالمين الذين يأخذون علمهم عن الأوراق ويشرحونها من أفكارهم وأفهامهم .

فالتعالم معناه ادعاء العلم نتيجة للاقتصار على مطالعة الكتب ، ومثل هذا يقال له : الجاهل المركب ، وهو الذي يجهل ولا يدري أنه جاهل بل يظن أنه هو العالم ، وكم جنت هذه الطريقة على الأمة – قديمًا وحديثًا – من الويلات ، فأول خريجي مدرسة التعالم هم الخوارج ؛ الذين كفروا الصحابة وقاتلوهم ، وقتلوا عثمان ، وعليًا ، وطلحة ، والزبير ، وغيرهم من الصحابة – رضي الله عنهم – .

ولا تزال أفواج خريجي هذه المدرسة يتوالى خروجها على الأمة ، وما حادث الحرم ، وحوادث التفجيرات وترويع الآمنين في عصرنا الحاضر إلا امتدادًا لهذه المدرسة المشؤومة ؛ كما أنه لا يزال يتخرج من هذه المدرسة من يكفرون أو يبدعون المسلمين ، ويتخرج منها من يفتون بغير علم فيحلون ما حرم الله ، أو يحرمون ما أحل الله ، ومازالت الأمة الإسلامية تعاني من أضرار هؤلاء الذين يحتقرون العلماء ويصفونهم بأنهم : علماء سلطة ، وأنهم مداهنون ، وأصحاب كراسي وغير ذلك . وينفرون من تلقي العلم عنهم .

والواجب على شباب الأمة الحذر من هؤلاء المتعالمين ، والحرص على تلقي العلم عن العلماء والرجوع إليهم في حل مشكلاتهم ؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء ، وقد ميزهم الله عن غيرهم بالعلم ؛ فقال تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) .

كما أنه يجب ألا يمكن من التدريس والافتاء إلا من عرف بالعلم ، وعرف أين تلقى العلم .

وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

فضيلة العلامة صالح بن فوزان الفوزان


__________________




بارك الله فيك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة om_hammam تعليمية
بارك الله فيك

وفيكم بارك الله
نفعني الله وإياكم بالعلم الصحيح




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة من الشيخ ربيع الى السلفيين في الجزائر وغيرها

نصيحة بليغة إلى السلفيين في بلاد الجزائر وغيرها

للشيخ ربيع بن هادي بن عمير المدخلي حفظه الله ونفعنا بعلمه

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه . أما بعد : فقد طلب مني بعض الأحبة والإخوة من الجزائر توجيه نصيحة إلى المشايخ الدعاة والشباب السَّلفي في الجزائر ؛ تحثهم على التمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، وتحثهم على المحبة في الله والتآخي فيه ، فرأيتُ أن أوجه إليهم هذه النصيحة راجيًا من الله تعالى أن ينفعهم جميعًا بها ؛ فأقول :

هذه النصيحة مستلة من نصيحة واسعة وجهتها لطلاب " الجامعة الإسلامية " في وقت سابق أخذت منها – الآن – ما أرى أنه مناسب لتلافي ما يجري بين بعض الأحبة في الجزائر .

أسأل الله أن يوفق الجميع لقبول النصح من أخيهم ومحبهم في الله مع أملي القوي في أن يحذفوا مقالاتهم جميعًا من كل المواقع ، وأن يفتحوا صفحات جديدة للتآخي بينهم ، والتعاون على البر والتقوى وعلى نشر الدعوة السلفية في أحسن صورها .

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 102 ] . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . [ النساء : 1 ] . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) . [ الأحزاب : 70 – 71 ] . أما بعد :

فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

إنَّ الواجب علينا جميعًا – أيها الإخوة والأحبة – : أن نتبع كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، وأن نعتصم بكتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وأن نعضَّ على ذلك بالنواجذ ؛ كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما وعظ موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فطلبوا منه أن يُوجِّه لهم نصيحة قالوا : ( يا رسول الله ! كأنها موعظة مُوَدِّعٍ فأوصنا ، قال : أوصيكم بتقوى الله – انتبهوا لهذا – والسمع والطاعة ، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسُنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) .

فهذه الموعظة تشمل الوصية بتقوى الله ، تقوى الله التي لابد منها وأحقُّ الناس بها العلماء الصَّادقون الصَّالحون . قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) . [ فاطر : 28 ] .

فاتقوا الله – عزَّ وجلَّ – ، لتصلوا إلى هذه المرتبة ، وتعلموا لتصلوا إلى هذه المرتبة ، لأنَّ الذي يعلم العقائد الصحيحة ، والمناهج الصحيحة ، والأحكام والآداب والأخلاق النابعة من كتاب الله وسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – هذا هو الذي يخشى الله – عزَّ وجلَّ – حقَّ خشيته .

وهذا مقام عظيم – مقام الإحسان – : ( أن تعبد الله كأنَّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، هذا مقام الإحسان ، أن يكون عند الإنسان إحساس قوي بأن الله يراه ، وأنَّ الله يسمع كل ما يقول ، ويسمع نبضات قلبك وخلجات نفسك ، وما تُحدِّث به نفسك ، ويرى حركاتك وسكناتك ، فالذي يُعَظِّمُ الله حقَّ تعظيمه – ويُدرك : أنه يسمع كل ما يقول ، ويعلم كل ما يتحدث به ، ويُحدِّث به نفسه ، وأنَّ لله نعالى كرامًا كاتبين يعلمون ما تفعلون – تحصل عنده ملكة التقوى التي يجتنب بها المعاصي والشرك والبدع والخرافات ، ويحصل له مقام الإحسان ؛ لأنه يراقب الله ويستشعر بأن الله يراه ، ولا يخفى من أمره على الله قليل ولا كثير ، ولا مثقال ذرة .

هذا الإحساس وهذا الشعور النبيل يدفعه – إن شاء الله – إلى تقوى الله تعالى ، ولا يصل إلى هذا إلا من تَعَلَّمَ العقائد الصحيحة والأحكام الصحيحة من الحلال والحرام ، وتَعَرَّفَ الأوامر والنواهي والوعد والوعيد من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله – عليه الصلاة والسلام – ، فهؤلاء الذين استحقوا الثناء من الله تبارك وتعالى فقال فيهم : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) . [ فاطر : 28 ] .

وقال سبحانه : ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) . [ المجادلة : 11 ] .

فاحرصوا : أن تكونوا من هذا الطراز بأن تجمعوا بين العلم والعمل ، اجمعوا بين العلم والعمل ، وذلك هو ثمرة العلم وثمرة تقوى الله تبارك وتعالى ومراقبته .

فعليكم إخواني الكرام بتحصيل الإيمان الصَّادق الخالص ، والعلم النافع ، والعمل الصالح .

قال تعالى : ( وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) . [ العصر ] .

فالإيمان الصادق إنما يقوم على العلم ، وعمل الصالحات ، ولا ينبثق إلا من العلم .

والدعوة إلى الله لا يَنْطَلِقُ بها إلا أهل العلم ، والصَّبر على الأذى – بارك الله فيكم – مطلوب ممَّن عَلِمَ وعَلَّم ودعَا إلى الله تبارك وتعالى ، فكونوا من هؤلاء الذين يعلمون ويعملون بهذا العلم ويَدْعُونَ إلى هذا العلم والإيمان ، ويصبرون على الأذى في سبيل إيصال هذا الحق والخير إلى الناس .

فلا بُدَّ أن يواجه المسلم المؤمن الدَّاعي إلى الله من الأذى ما لا يخطر بباله وما لا يرتقبه ، ولا يستغرب المؤمن ذلك ، فإنَّه قد أُوذِي في سبيل الله وفي سبيل الدعوة إلى الله خير خلق الله وهم الأنبياء والرسل الكرام – عليهم الصَّلاة والسلام – .

فهم قد أوذوا أكثر منَّا ، وابتلوا بعداوة أشد الأعداء أكثر منَّا ( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصَّالحون ثم الأمثل فالأمثل ) .

فمن تمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، ودعا إلى ذلك لا بُدَّ أن يُؤْذَى ، فوطِّنوا أنفسكم على الصَّبر واصبروا – بارك الله فيكم – .

والله تعالى يقول : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) . [ الزمر : 10 ] .

والله تعالى أمر رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أن يتأسى بأولي العزم من الرسل ، أن يصبر في ميدان الدعوة والجهاد ؛ كما صبر أولوا العزم ، فقال تعالى ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ) . [ الأحقاف : 35 ] .

ولنا في رسول الله وفي أنبياء الله جميعًا أسوة حسنة ، فالرسول أُمر أن يقتدي بمن قبله من الأنبياء وأن يهتدي بهداهم ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) . [ الأنعام : 90 ] .

ونحن مأمورون بأن نهتدي برسول الله ، وأن نتأسى به – عليه الصلاة والسلام – ؛ كما قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا ) . [ الأحزاب : 21 ] .

أسوة حسنة شاملة في كل شأن من الشؤون التي جاء بها محمد – صلى الله عليه وسلَّم – ، أسوة في عقيدته ، فنعتقد ما كان يعتقده ، أسوة في عبادته فنعبد الله مخلصين له الدين متبعين لما جاء به هذا الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام – ، أسوة في الأخلاق العظيمة التي قد يفقدها كثير من الدعاة إلى الله تبارك وتعالى ، ويفقدها كثير من الشباب ، وينسى كثيرًا منها أو كلَّها بعضُ الشباب .

الله – جل شأنه – مدح رسوله – عليه الصلاة والسلام – المدح والثناء العاطر ، فقال سبحانه : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . [ القلم : 4 ] .

فالداعي إلى الله ، وطالب العلم والمُوَجِّه يحتاج الجميع إلى أن يتأسوا برسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – في عقيدته ومنهجه وأخلاقه ، فإذا تكاملت هذه الأمور في الداعية إلى الله أو قارب فيها الكمال نجحت دعوته – إن شاء الله – ، وقدَّمَها للناس في أجمل صورها وأفضلها – بارك الله فيكم – .

وإذا خلت من هذه الأمور من هذه الأخلاق ؛ التي منها : الصبر ، ومنها : الحكمة ، ومنها : الرفق ، ومنها : اللِّين ، ومنها : أمور ضرورية تتطلبها دعوة الرسل – عليهم الصَّلاة والسلام – ، فلا بُدَّ أن نستكملها ، وقد يغفل عنها كثير من الناس .

وذلك يضر بالدعوة السلفية ، ويضر بأهلها إذا أغفلها ، وقدَّم إلى الناس ما يكرهونه ويستبشعونه ويستفظعونه من الشدة والغلظة والطَيش ، فإنَّ هذه أمور مبغوضة في أمور الدنيا فضلاً عن أمور الدِّين ؛ فلا بُدَّ للداعي إلى الله : أن يتحلَّى بالأخلاق الكريمة العالية ، ومنها : رفقه في دعوته الناس إلى الله – عزَّ وجلَّ – .

أناس يُوَفَّقُون للعقيدة والمنهج ، لكن في سلوكهم يضيعون العقيدة ويضيعون المنهج ، يكون معهم الحق ، ولكن سلوكهم وأسلوبهم في الدعوة يُؤثِّرُ عليها ويَضُرُّها !

فاحذروا من مخالفة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – في عقيدته ، وفي منهجه وأخلاقه ، وفي حكمته في دعوته .

اعقلوا كيف كان يدعو الناس – عليه الصلاة والسلام – ، واستلهموا هذه التوجيهات النَّبوية إلى الحكمة … إلى الصبر … إلى الحلم … إلى الصَّفح … إلى العفو … إلى اللِّين … إلى الرِّفق … إلى أمور أخرى إلى جانب هذه استوعبوها – يا إخواني – ، واعلموا أنَّها لابُدَّ منها في دعوتنا للنَّاس ، لا تأخذ جانبًا من الإسلام وتهمل الجوانب الأخرى ، أو جانبًا من جوانب طريق الدعوة إلى الله تبارك وتعالى وتهمل جوانب أخرى ، فإنَّ ذلك يَضُرُّ بدين الله – عزَّ وجلَّ – ، ويضر بالدعوة وأهلها .

والله ما انتشرت الدَّعوة السلفية في هذا العصر القريب وفي غيره إلا على أيدي أناس علماء حكماء حُلماء يتمسَّكُون بمنهج الرسول – عليه الصلاة والسلام – ، ويطبقونه قدر الاستطاعة فنفع الله بهم ، وانتشرت الدعوة السَّلفية في أقطار الدنيا بأخلاقهم وعلمهم وحكمتهم ، وفي هذه الأيام نرى أنَّ الدعوة السلفية تتراجع وتتقلَّص ! لأنها فقدت حِكمة هؤلاء وحكمة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – قبل كل شيء وحلمه و رحمته وأخلاقه ورفقه ولينه – صلَّى الله عليه وسلَّم – .

ففي " الصحيحين " من حديث عروة بن الزبير أَنَّ عائشة – رضي الله عنها – زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – قالت : ( دخل رهط من اليهود على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فقالوا : السام عليكم ! قالت عائشة : ففهمتها ، فقلت : وعليكم السام واللعنة . قالت : فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : مهلاً يا عائشة ! إن الله يحب الرفق في الأمر كله ، فقلت يا رسول الله : أولم تسمع ما قالوا ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : قد قلت : وعليكم ) .

في هذا الحديث تربية من النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – عظيمة على الحكمة والرِّفق واللِّين والحلم والصَّفح ، تلكم الأمور العظيمة التي هي من ضرورات الدَّعوة إلى الله تبارك وتعالى ، ومن العوامل التي تجذب الناس إلى الدَّعوة الصَّحيحة فيدخل الناس – إن شاء الله – في دين الله أفواجًا .

فعليكم من – الآن – أن تدركوا ماذا يترتَّب على إهمال هذه الضرورية من المفاسد !

نحن والله نجاهد ونناظر ونكتب وننصح بالحكمة ، وندعوا النَّاس بذلك إلى الله – عزَّ وجلَّ – ، وبعض الناس لا يريد أن نقول : حكمة ولين ورفق – لمَّا رأينا أن الشِّدَّة أهلكت الدَّعوة السَّلفية ومزَّقت أهلها – فماذا نصنع !؟

هل عندما نرى النيران تشتعل نأتي ونَصُبُّ عليها البنزين لنزيدها اشتعالاً !؟

أو نأتي بالأسباب الواقية التي تُطفئُ هذه الحرائق والفتن !؟

فهذا واجب الجميع اليوم – وأقولها من قبل اليوم – لمَّا رأيت الدَّمَار ، لمَّا رأيت هذا البلاء أقول : عليكم بالرفق – بارك الله فيكم – ، عليكم باللِّين ، عليكم بالتَّآخي ، عليكم بالتَّراحم .

الآن هذه الشِّدَّة توجَّهَتْ إلى أهل السنَّة أنفسهم ! تركوا أهل البدع والضَّلال واتَّجهُوا إلى أهل السنَّة بهذه الشِّدَّة المهلكة ! وتخللها ظلم وأحكام باطلة ظالمة !

فإيَّاكم ثمَّ إيَّاكم أن تسلكوا هذا المسلك الذي يهلككم ويهلك الدعوة السلفية ويهلك أهلها .

أدعُ إلى الله – عزَّ شأنه – بكل ما تستطيع ، بالحجة والبرهان في كل مكان : قال الله تعالى ، قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، واسْتَعِنْ بعد ذلك وقبله بالله ثمَّ بكلام أئمة الهدى الذين يُسلِّم بإمامتهم ومنزلتهم في الإسلام أهلُ السنَّة وأهلُ البدع .

خذوا هذا ، وأنا أُوصِي نفسي وإخواني – في الجزائر وغيرها – بتقوى الله تعالى ، والتمسُّك بكتاب الله ، وبسنَّة رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ثم بالدعوة إلى الله بـ : قال الله تعالى ، قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، قال فلان من الأئمة الذين يحترمهم المَدْعُوُون ، والذين لهم منزلتهم عندهم ، ولهم مكانتهم ، وما يستطيعون الطَّعن فيهم ولا في كلامهم .

ففي الجزائر وغيرها من بلاد إفريقيا تقول : قال الإمام ابن عبد البر – رحمه الله – ، قال الإمام مالك – رحمه الله – ، قال الإمام ابن زيد القيرواني – رحمه الله – وغيرهم … يسمعون ويُسلِّمُون لك .

فأهل العقائد الفاسدة لما تأتيهم بكتاب الله تعالى وسنَّة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – وتأتي بكلام العلماء الذين لهم منزلة في نفوسهم يمشون معك وينقادون لك . فإذا ذكرتَ العلماء المحترمين – عندهم – قَبِلُوا منك الحقَّ واحترموه ؛ فهذه من الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى .

أقول : هذا نوع من التنبيه إلى سلوك طريق الحكمة في دعوة الناس إلى الله تبارك وتعالى .

ومنها – كذلك – ألاَّ تَسُبَّ جماعتهم ورؤوسهم .

قال تعالى : ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) . [ الأنعام : 108 ] .

فليس من الحكمة – ابتداءً – في دعوتك النَّاس أن تطعن في شيوخهم ! ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) . [ الأنعام : 108 ] .

فإذا سببتَ الشيخ الفلاني أو قلت عنه بأنَّه ضال – وهم متعلقون به ! – نفروا منك ، ومن دعوتك وتأثم ، لأنَّك قد نفَّرتَ النَّاسَ عن الحقِّ !

والنبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – لما أرسل معاذًا وأباَ موسى – رضي الله عنهما – إلى اليمن قال لهما : ( يَسِراَ ولا تعسرا وبشِّراَ ولا تُنَفِّراَ ) .

فهذه من الطرق التي فيها التيسير وفيها التبشير ، وليس فيها تنفير ولا تعسير .

فتعلموا – يا إخواني – هذه الطرق ؛ فإنَّ القصدَ هدايةُ الناس ، والقصدَ إيصالُ الحق إلى قلوب الناس ، استخدم كل ما تستطيع من وسيلة شرعية ، المهم : أن تصل إلى الغاية بالوسيلة الشريفة خلافًا لأهل البدع الذين يستعملون الكذب واللَّفَّ والدوران والمناورات هذه ليست من المنهج السلفي .

نحن أهل صدق وأهل حق ، ونعرض في أي مدى الصور التي يقبل فيها الناس الحقَّ وتُؤَثِّر في نفوسهم – بارك الله فيكم – .

فاستخدموا – يا إخوتي – العلم النافع والحجة القاطعة والحكمة النَّافعة في دعوتكم ، وعليكم بكل الأخلاق الجميلة النبيلة التي حثَّ عليها كتاب ربنا الكريم وحثَّ عليها رسول الهدى – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، فإنَّها عوامل نصرٍ وعوامل نجاح ، والصَّحابة – رضوان الله عليهم – ما نشروا الإسلام ودخل في القلوب إلا بحكمتهم وعلمهم أكثر من السيوف ، والذي يدخل في الإسلام تحت السيف قد لا يثبت ! والذي يدخل الإسلام – يدخله عن طريق العلم والحجة والبرهان – هذا الذي يثبت إيمانه ، فعليكم بهذه الطرق الطيبة ، وعليكم بالجد في العلم ، وعليكم بالجِدِّ في الدعوة إلى الله .

ثم أنبهكم – يا إخواني ويا أبنائي – إلى التَّآخي بين أهل السنَّة السَّلفيين جميعًا بُثُّوا فيما بينكم روح المودة والأخوة ، وحققوا ما نَبَّهَنا إليه رسول الله – عليه الصلاة والسلام – ، بأن المؤمنين ؛ ( كالبنيان يشد بعضه بعضا ، والمؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) .

كونوا هكذا – يا إخوتي – ، وابتعدوا عن عوامل الفرقة ؛ فإنَّها – والله – شر خطير وداءٌ وَبِيل ، واجتنبوا الأسباب التي تُؤدِّي إلى الإحنِ والبغضاء والفرقة والتنافر . ابتعدوا عن هذه الأشياء .

فاحرصوا – بارك الله فيكم – على الأخوَّة . وإذا حصل بينكم شيء من النُّفرَة فتناسوا الماضي ، وأخرجوا صفحات بيضاء جديدة – الآن – ، وأنا أقول لإخواني السلفيين جميعًا :

الذي يُقَصِّرُ ما نسقطه ونهلكه ! ، بل الذي يُخطِئ منَّا نعالجه باللُّطف والحكمة ، ونُوَجِّه له المحبة والمودة ، حتى يَؤُوبَ ، وإن بقي فيه ضعف ما نستعجل عليه ، وإلا – واللهِ – ما يبقى أحد !

وأنا أعلم أنَّكم لستم بمعصومين ، وليس العلماء بمعصومين – أيضًا – ، فقد يخطؤون ، اللهم إلاَّ إذا دخل في رفض أو في اعتزال ، أو في تجهُّم ، أو في قدرٍ ، أو في إرجاء ، أو في تحزُّب من الحزبيات الموجودة – عياذًا بالله من ذلك كلِّه – .

وأمَّا السَّلفي الذي يوالي السَّلفيين ، ويُحِبُّ المنهج السَّلفي ، ويكره التحزُّب ، ويكره البدع وأهلها ، ثم قد يضعف في بعض النِّقاط ؛ فمثل هذا نترفَّق به ما نتركه ، بل ننصحه وننصحه وننتشله ونصبر عليه ونعالجه – بارك الله فيكم – .

أما من أخطأ ؛ فنسرع إلى إهلاكه ! بهذا الأسلوب لا يبقى معنا أحد !

فأنا أوصيكم – يا أخواني – وأُرَكِّز عليكم : اتركوا الفُرْقَة ، عليكم بالتآخي ، عليكم بالتناصر على الحق ، عليكم بنشر هذه الدعوة على وجهها الصَّحيح ، وصورتها الجميلة ، لا على الصور المُشَوَّهَة .

قدِّمُوا الدَّعوة السَّلفية المباركة ؛ كما قلت لكم بـ : قال الله تعالى ، قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، قال الشافعي ، قال أحمد ، قال البخاري ، قال مسلم ، قال أئمة الإسلام ، وستجدون أكثر النَّاس يُقْبِلُون على دعوتكم ، استخدموا هذه الطرق ، التي تجذب النَّاسَ إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ، وإلى منهج السَّلف الصَّالح ، والعقائد الصَّحيحة والمنهج الصحيح .

وختامًا : أرجو من الجميع : أن يأخذوا بهذه النصيحة القائمة على التوجيهات الربانية والنبوية . قال تعالى : ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ) . [ الإسراء : 53 ] .

وأطلب منهم التآخي ، والتعاون على البرِّ والتقوى ، وألاَّ يُفسحوا المجال للشيطان ليفسد ما بينهم ويفرِّق كلمتهم .

وأأكد على حذف جميع مقالاتهم التي صدرت منهم ، وهي تنطوي على أسباب الفرقة والبغضاء والشحناء .

سدَّد الله خُطَى الجميع على الحقِّ ، ووفقنا وإيَّاهم لما يحب ويرضى ، ووقانا وإيَّاهم مكائد الشيطان إنَّ ربنا لسميع الدعاء .

كما أسأله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الدعاة المخلصين ، ومن العلماء العاملين ، وأن يجنبنا وإيَّاكم كيد الشيطان ، وكيد شياطين الجن والإنس ، وأسأله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلوبكم ، وأن يجمع كلمتكم على الحق ، وأن ينفع بكم أينما حللتم ، وأينما رحلتم وذهبتم .

أسأل الله أن يُحقَّق ذلك ، إنَّ ربنا لسميع الدعاء . والحمد لله رب العالمين .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
اسلاميات عامة

منزلة الإنابة إلى الله

منزلة الإنابة إلى الله

كثيراً ما يتكرر فى القرآن ذكر الإِنابة والأَمر بها كقوله تعالى: {وَأَنِيبوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54]، وقوله حكاية عن شعيب أنه قال: {وَمَا تَوْفِيقِى إِلا باللهِ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]، وقوله: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [سورة ق: 8]، وقوله: {إِنَّ الله يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} [الرعد: 27]، وقوله عن نبيه داود: {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [سورة ص: 24]،

والإنابة الرجوع إلى الله وانصراف دواعى القلب وجواذبه إليه، وهى تتضمن المحبة والخشية، فإِن المنيب محب لمن أَناب إليه خاضع له خاشع ذليل.
والناس فى إِنابتهم على درجات متفاوتة فمنهم المنيب إلى الله بالرجوع إليه من المخالفات والمعاصى، وهذه الإنابة مصدرها مطالعة الوعيد، والحامل عليها العلم والخشية والحذر.

ومنهم المنيب إليه بالدخول فى أَنواع العبادات والقربات، فهو ساع فيها بجهده وقد حبب إليه فعل الطاعات وأَنواع القربات، وهذه الإِنابة مصدرها الرجاءُ ومطالعة الوعد والثواب ومحبة الكرامة من الله وهؤلاء أبسط نفوساً من أهل القسم الأول وأشرح صدوراً وجانب الرجاءِ ومطالعة الرحمة والمنة أغلب عليهم، وإلا فكل واحد من الفريقين منيب بالأمرين جميعاً، ولكن خوف هؤلاء اندرج فى رجائهم فأَنابوا بالعبادات، ورجاء الأَولين اندرج تحت خوفهم فكانت إِنابتهم بترك المخالفات ومنهم المنيب إلى الله بالتضرع والدعاءِ والافتقار إليه والرغبة وسؤال الحاجات كلها منه.


ومصدر هذه الإنابة شهود الفضل والمنة والغنى والكرم والقدرة، فأنزلوا به حوائجهم وعلقوا به آمالهم، فإنابتهم إِليه من هذه الجهة مع قيامهم بالأَمر والنهى، ولكن إِنابتهم الخاصة إِنما هى من هذه الجهة، وأَما الأَعمال فلم يرزقوا فيها الإِنابة الخاصة وأَملهم المنيب إليه عند الشدائد والضراءِ فقط إِنابة اضطرار
لا إِنابة اختيار كحال الذين قال الله فى حقهم: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُرُّ فِى الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدُْْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]، وقوله تعالى: {فَإِذا رَكِبُوا فِى الْفُلُكِ دَعُوُا الله مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65]، وهؤلاء كلهم قد تكون نفس أَرواحهم ملتفتة عن الله سبحانه معرضة عنه إِلى مأْلوف طبيعى نفسانى قد حال بينها وبين إِنابتها بذاتها إلى معبودها وإلهها الحق، فهى ملتفتة إلى غيره ولها إليه إنابة ما بحسب إيمانها به ومعرفتها له
فأَعلى أَنواع الإِنابة إنابة الروح بجملتها إليه لشدة المحبة الخالصة الغنية لهم عما سوى محبوبهم ومعبودهم وحين أَنابت إِليه أرواحهم لم يختلف منهم شيء عن الإِنابة، فإِن الأعضاءَ كلها رعيتها وملكها تبع للروح فلما أَنابت الروح بذاتها إِليه إنابة محب صادق المحبة ليس فيه عرق ولا مفصل إلا وفيه حب ساكن لمحبوبه أَنابت جميع القوى والجوارح: فأَناب القلب أَيضاً بالمحبة والتضرع والذل والانكسار.


وأناب العقل بانفعاله لأوامر المحبوب ونواهيه، وتسليمه لها، وتحكيمه إياها دون غيرها، فلم يبق فيه منازعة شبهة معترضة دونها، وأنابت النفس بالانقياد والانخلاع عن العوائد النفسانية والأخلاق الذميمة والإرادات الفاسدة، وانقادت لللأمر خاضعة له وداعية فيه مؤثرة إياه على غيره، فلم يبق فيها منازعة شهوة تعترضها دون الأمر، وخرجت عن تدبيرها واختيارها تفويضاً إلى مولاها ورضى بقضائه وتسليماً لحكمه.


وقد قيل: إن تدبير العبد لنفسه هو آخر الصفات المذمومة فى النفس.
وأناب الجسد بالأعمال والقيام بها فرضها وسننها على أكمل الوجوه. وأنابت كل جارحة وعضو إنابتها الخاصة فلم يبق من هذا العبد المنيب عرق ولا مفصل إلا وله إنابة ورجوع إلى الحبيب الحق الذى كل محبة سوى محبته عذاب على صاحبها، وإن كانت عذبة فى مباديها فإنها عذاب فى عواقبها، فإنابة العبد ولو ساعة من عمره هذه الإنابة الخالصة أنفع له وأعظم ثمرة من إنابة سنين كثيرة من غيره، فأَين إنابة هذا من إنابة من قبله؟
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ، بل هذه روحه منيبة أبداً، وإن توارى عنه شهود إنابتها باشتغال فهى كامنة فيها كمون النار فى الزناد.
وأما أصحاب الإنابات المتقدمة فإن أناب أحدهم ساعة بالدعاء والذكر والابتهال فلنفسه وروحه وقلبه وعقله التفاتات عمن قد أناب إليه، فهو ينيب ببعضه ساعة ثم يترك ذلك مقبلاً على دواعى نفسه وطبعه. والله الموفق المعين، لا رب
غيره ولا إلَه سواه.

طريق الهجرتين وباب السعادتين
لبن قيم الجوزية رحمه الله وغفر له




بــارك الله فيـــــــــ ـكم




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبيد الله تعليمية
بــارك الله فيـــــــــ ـكم

وفيكم بارك الله




تعليمية




الف شكر لك اخي الكريم على الجلب المميز والقيم
بارك الله فيك وجزاك الخير
تحياتي




التصنيفات
اسلاميات عامة

جواهر من النصح

تعليمية
اهديت لي هذه النصائح وقررت ان اهديكم اياها عسى الله ينفعني واياكم بها

تعليمية

ينبغي للإنسان أن يحب للناس ما يحب لنفسه ويعمل لهم كما يعمل لنفسه، وينبغي أن يستخير الله في أموره المشتبهة في نفعها وفي أيها يقدم، فإذا بان له الصواب؛ فليتوكل على الله وينجزها بهمة صادقة وعزيمة جازمة مستمرة؛ فبذلك ينجح و تتم الأمور، وينبغي أن يكون عمل العبد الديني والدنيوي منظما محكما يأتيه في طمأنينة وتأنِّ، وأن يكون معتدلا لا يميل إلى أحد الطرفين الناقصين: الغلو أو التقصير، الإسراف أو البخل، وينبغي أن يكون مستمعا أكثر مما يكون متكلما، إلا إذا ترجحت المصلحة في أن يكون متكلما لتعليم ونحوه، وينبغي أن يعَوِّد نفسه على الصبر والحلم وكظم الغيظ والعفو عن الناس ليحصل له الثواب، ويستريح باله.

وإياك والغل والحقد والحسد، وأكثر من الدعاء والتحقق بمعنى هذا الدعاء:تعليمية رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ تعليمية[الحشر: 10].

وعليك أن تصغي إلى الناصحين وتبدي لهم الشكر أصابوا أو أخطئوا، وتكون سريع الرجوع عن أخطائك؛ فإن هذا عنوان الإخلاص والفضل.

وإياك أن تثني على نفسك وتقدح في غيرك؛ فإن هذا عنوان النقص والحمق، وإذا عانيت عملا من الأعمال؛ فالزم الثبات عليه.

وإياك والملل والضجر؛ فإن هذا عنوان الفشل والخيبة، واحذر من الكبر والغرور واحتقار الخلق، وعليك بالتواضع والاهتمام بالخلق ورؤية فضل ذي الفضل منهم، واللين والبشاشة لكل أحد مع الإخلاص لله وإرادة إدخال السرور عليهم؛ ففي ذلك من المصالح والفوائد ما لا يعد ولا يحصى، وإذا غلبت في أمر من الأمور؛ فلا يستولي عليك الفشل، بل لا تزال قوي الإرادة إلى كل ما ينفعك في حالة الانتصار وحالة ضده.

وإياك والتحسر على الأمور الماضية التي لم تقدر لك من فقد صحة أو مال أو عمل دينوي ونحوها، وليكن همك في إصلاح عمل يومك؛ فإن الإنسان ابن يومه لا يحزن لما مضى ولا يتطلع للمستقبل حيث لا ينفعه التطلع، وعليك بالصدق والوفاء بالعهد والوعد والإنصاف في المعاملات كلها، وأداء الحقوق كاملة موفرة بنفس مطمئنة وإيمان صادق خالص، واشتغل بعيوبك وشؤونك عن عيوب الناس وشؤونهم، وعامل كل أحد بحسب ما يليق بحاله من كبير وصغير وذكر وأنثى ورئيس ومرؤوس، وكن دقيقا رحيما لكل أحد حتى للحيوان البهيم؛ فإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وكن مقتصدا في أمورك كلها، وافتح ذهنك لكل فائدة دينية أو دنيوية.

وإياك والتعصب الذميم وسوء الظن الذي لا يبنى على أساس، وحاسب نفسك وسدد نقصك، واستغفر الله من تقصيرك وإفراطك.
المصدر: فوائد إشارة إلى إرشادة نافعة (152)
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
تأليف العلامة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1307 ـ 1376 هـ
تعليمية

ارجو ان لا تحرمونا من صالح دعائكم




بارك الله فيك واصل في التميز




التصنيفات
اسلاميات عامة

البكاء عشرة أقسام ! والتباكي قسمان ! للإمام ابن القيم

قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد إلى هدي خير العباد " (1/175) :
" [بُكَاؤُهُ ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :
وَأَمّا بُكَاؤُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : فَكَانَ مِنْ جِنْسِ ضَحِكِهِ لَمْ يَكُنْ بِشَهِيقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ كَمَا لَمْ يَكُنْ ضَحِكُهُ بِقَهْقَهَةٍ وَلَكِنْ كَانَتْ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ حَتّى تُهْمَلَا وَيُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ .
وَكَانَ بُكَاؤُهُ تَارَةً رَحْمَةً لِلْمَيّتِ وَتَارَةً خَوْفًا عَلَى أُمّتِهِ وَشَفَقَةً عَلَيْهَا وَتَارَةً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتَارَةً عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَهُوَ بُكَاءُ اشْتِيَاقٍ وَمَحَبّةٍ وَإِجْلَالٍ مُصَاحِبٌ لِلْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .
وَلَمّا مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَى رَحْمَةً لَهُ وَقَالَ : " تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إلّا مَا يُرْضِي رَبّنَا وَإِنّا بِكَ يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ "
وَبَكَى لَمّا شَاهَدَ إحْدَى بَنَاتِهِ وَنَفْسُهَا تَفِيضُ .
وَبَكَى لَمّا قَرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ النّسَاءِ وَانْتَهَى فِيهَا إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } [النّسَاءُ 41]
وَبَكَى لَمّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ .
وَبَكَى لَمّا كَسَفَتْ الشّمْسُ وَصَلّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَجَعَلَ يَبْكِي فِي صَلَاتِهِ وَجَعَلَ يَنْفُخُ وَيَقُولُ رَبّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَلّا تُعَذّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُك .
وَكَانَ يَبْكِي أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ اللّيْلِ .
[أَنْوَاع الْبُكَاءِ ]
وَالْبُكَاءُ أَنْوَاعٌ :
• أَحَدُهَا : بُكَاءُ الرّحْمَةِ وَالرّقّةِ .
• وَالثّانِي : بُكَاءُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .
• وَالثّالِثُ : بُكَاءُ الْمَحَبّةِ وَالشّوْقِ .
• وَالرّابِعُ : بُكَاءُ الْفَرَحِ وَالسّرُورِ .
• وَالْخَامِسُ : بُكَاءُ الْجَزَعِ مِنْ وُرُودِ الْمُؤْلِمِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهِ .
• وَالسّادِسُ : بُكَاءُ الْحُزْنِ .
[الْفَرْقُ بَيْنَ بُكَاءِ الْحُزْنِ وَبُكَاءِ الْخَوْفِ]
– وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُكَاءِ الْخَوْفِ : أَنّ بُكَاءَ الْحُزْنِ يَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ أَوْ فَوَاتِ مَحْبُوبٍ وَبُكَاءُ الْخَوْفِ يَكُونُ لِمَا يُتَوَقّعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بُكَاءِ السّرُورِ وَالْفَرَحِ وَبُكَاءِ الْحُزْنِ أَنّ دَمْعَةَ السّرُورِ بَارِدَةٌ وَالْقَلْبُ فَرْحَانُ وَدَمْعَةُ الْحُزْنِ حَارّةٌ وَالْقَلْبُ حَزِينٌ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُفْرَحُ بِهِ هُوَ قُرّةُ عَيْنٍ وَأَقَرّ اللّهُ بِهِ عَيْنَهُ وَلِمَا يُحْزِنُ هُوَ سَخِينَةُ الْعَيْنِ وَأَسْخَنَ اللّهُ عَيْنَهُ بِهِ .
• وَالسّابِعُ : بُكَاءُ الْخَورِ وَالضّعْفِ .
• وَالثَّامنُ : بكاء النِّفاق وهو أن تدمعَ العين والقلب قاسٍ! ، فيُظْهِرُ صاحبُه الخشوع وهو من أَقْسَى النّاسِ قَلْبًا !! .

• وَالتّاسِعُ : الْبُكَاءُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَبُكَاءِ النّائِحَةِ بِالْأُجْرَةِ فَإِنّهَا كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : تَبِيعُ عَبْرَتَهَا وَتَبْكِي شَجْوَ غَيْرِهَا .
• وَالْعَاشِرُ : بُكَاءُ الْمُوَافَقَةِ وَهُوَ أَنْ يَرَى الرّجُلُ النّاسَ يَبْكُونَ لِأَمْرٍ وَرَدَ عَلَيْهِمْ فَيَبْكِي مَعَهُمْ وَلَا يَدْرِي لِأَيّ شَيْءٍ يَبْكُونَ وَلَكِنْ يَرَاهُمْ يَبْكُونَ فَيَبْكِي .
[هَيْئَاتُ الْبُكَاءِ ]
وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ دَمْعًا بِلَا صَوْتٍ فَهُوَ بُكًى مَقْصُورٌ وَمَا كَانَ مَعَهُ صَوْتٌ فَهُوَ بُكَاءٌ مَمْدُودٌ عَلَى بِنَاءِ الْأَصْوَاتِ . وَقَالَ الشّاعِرُ :
بَكَتْ عَيْنِي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا *** وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا الْعَوِيلُ !
[ التباكي قسمان محمود ومذموم ]
وَمَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَدْعًى مُتَكَلّفًا فَهُوَ : التّبَاكِي .
وَهُوَ نَوْعَانِ مَحْمُودٌ وَمَذْمُومٌ :
فَالْمَحْمُودُ : أَنْ يُسْتَجْلَبَ لِرِقّةِ الْقَلْبِ وَلِخَشْيَةِ اللّهِ لَا لِلرّيَاءِ وَالسّمْعَةِ .
وَالْمَذْمُومُ : أَنْ يُجْتَلَبَ لِأَجْلِ الْخَلْقِ .
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ رَآهُ يَبْكِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي شَأْنِ أَسَارَى بَدْرٍ : " أَخْبِرْنِي مَا يُبْكِيك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْت وَإِنْ لَمْ أَجِدْ تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا " (صحيح مسلم).
وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السّلَفُ : ابْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا " اهـ .
منقول من شبكة سحاب




مشاء الله موضوع قمة ومعلومات مفيدة جدا

جزاكم الله خيرا الجزاء ونفع بكم




تعليمية تعليمية
[أَنْوَاع الْبُكَاءِ ]
وَالْبُكَاءُ أَنْوَاعٌ :
• أَحَدُهَا : بُكَاءُ الرّحْمَةِ وَالرّقّةِ .
• وَالثّانِي : بُكَاءُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .
• وَالثّالِثُ : بُكَاءُ الْمَحَبّةِ وَالشّوْقِ .
• وَالرّابِعُ : بُكَاءُ الْفَرَحِ وَالسّرُورِ .
• وَالْخَامِسُ : بُكَاءُ الْجَزَعِ مِنْ وُرُودِ الْمُؤْلِمِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهِ .
• وَالسّادِسُ : بُكَاءُ الْحُزْنِ .

تعليمية تعليمية

لست أدري بماذا أعبر أو كيف أقول جزاك الله كل خير و جعلك من المدخلين جناته




التصنيفات
اسلاميات عامة

فاستحضر بعض العقوبات التي رتبها الله سبحانه وتعالى على الذنوب

فاستحضر بعض العقوبات التي رتبها الله سبحانه وتعالى على الذنوب لابن القيم رحمه الله

فصل:

فاستحضر بعض العقوبات التي رتبها الله سبحانه وتعالى على الذنوب, وجوز وصول بعضها إليك, واجعل ذلك داعيا للنفس إلى هجرانها, وأنا أسوق لك منها طرفا يكفي العاقل مع التصديق ببعضه.

فمنها: الختم على القلوب والإسماع, والغشاوة على الإبصار, والإقفال على القلوب, وجعل الأكنة عليها والرين عليها والطبع, وتقليب الأفئدة والإبصار, والحيلولة بين المرأء وقلبه وإغفال القلب عن ذكر الرب, وإنساء الإنسان نفسه وترك إرادة الله تطهير القلب, وجعل الصدر ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء, وصرف القلوب عن الحق, وزيادتها مرضا على مرضها, وإركاسها وإنكاسها, بحيث تبقى منكوسة كما ذكر الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال:"القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر, فذلك قلب المؤمن, وقلب أغلف, فذلك قلب الكافر, وقلب منكوس, فذلك قلب المنافق, وقلب تمده مادتان: مادة إيمان, ومادة نفاق, وهو لما غلب عليه منهما"

ومنها التثبط عن الطاعة, والإقعاد عنها.

ومنها: جعل القلب أصم لا يسمع الحق, أبكم لا ينطق به, أعمى لا يراه, فتصير النسبة بين القلب وبين الحق الذي لا ينفعه غيره, كالنسبة بين أذن. الأصم والأصوات, وعين الأعمى والألوان, ولسان الأخرس والكلام, وبهذا يعلم أن العمى والصمم والبكم للقلب بالذات والحقيقة, وللجوارح بالعرض والتبعية {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وليس المراد نفي العمى الحسي عن البصر, كيف وقد قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ}. وقال {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}. وإنما المراد أن العمى التام في الحقيقة عمى القلب, حتى أن عمي البصر بالنسبة إليه كالأعمى, حتى إنه يصح نفيه بالنسبة إلى كماله وقوته كما قال: النبي صلى الله عليه وسلم"ليس الشديد بالصرعة, ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب". وقوله صلى الله عليه وسلم"ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس, ولا يفطن له فيتصدق عليه"ونظائره كثيرة.

والمقصود: أن من عقوبات المعاصي جعل القلب أعمى أصم أبكم.

ومنها: الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه: فيخسف به إلى أسفل سافلين, وصاحبه لا يشعر, وعلامة الخسف به: أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والراذائل, كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالا حول العرش.

ومنها: البر والخير ومعالي الأعمال والأقوال والأخلاق.
قال بعض السلف: "إن هذه القلوب جوالة, فمنها ما يجول حول العرش, ومنها ما يجول حول العش"

ومنها: مسخ القلب, فيمسخ كما تمسخ الصورة, فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته, فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير لشدة شبه صاحبه به, ومنها ما يمسخ على خلق كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك, وهذا تأويل سفيان بن عيينة في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} قال: منهم من يكون على أخلاق السباع العادية, ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب وأخلاق الخنازير وأخلاق الحمير, ومنهم من يتطوس في ثيابه كما يتطوس الطاوس, في ريشه ومنهم من يكون بليدا كالحمار, ومنهم من يؤثر على نفسه كالديك, ومنهم من يألف ويؤلف كالحمام, ومنهم الحقود كالجمل, ومنهم الذي هو خير كله كالغنم, ومنهم أشباه الذئاب ومنهم أشباه الثعالب التى تروغ كروغانها, وقد شبه الله تعالى أهل الجهل والغي بالحمر تارة, وبالكلب تارة, وبالانعام تارة, وتقوى هذه المشبهة باطنا حتي تظهر في الصورة الظاهرة ظهورا خفيا, يراه المتفرسون, وتظهر في الأعمال ظهورا يراه كل أحد, ولا يزال يقوي حتي تستشنع الصورة, فنقلب له الصورة بإذن الله, وهو المسخ التام, فيقلب الله سبحانه وتعالى الصورة الظاهرة على صورة ذلك الحيوان, كما فعل باليهود وأشباههم ويفعل بقوم من هذه الأمة يمسخهم قردة وخنازير.
فسبحان الله! كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر؟ وقلب ممسوخ, وقلب مخسوف به, وكم من مفتون بثناء الناس عليه؟ ومغرور بستر الله عليه ومستدرج بنعم الله عليه؟ وكل هذه عقوبات وإهانات, ويظن الجاهل أنها كرامة.

ومنها: مكر الله بالماكر, ومخادعته للمخادع, واستهزاؤه بالمستهزىء, وإزاغته القلب الزائغ عن الحق.

ومنها: نكس القلب حتى يرى الباطل حقا, والحق باطلا, والمعروف منكرا, والمنكر معروفا, ويفسد ويرى أنه يصلح, ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعى إليها, ويشتري الضلالة بالهدى, وهو يرى أنه على الهدى, ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيع لمولاه, وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية على القلب

ومنها: حجاب القلب عن الرب في الدنيا, والحجاب الأكبر يوم القيامة.كما قال تعالى:{كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} فمنعتهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم فيصلوا إليها فيروا ما يصلحها ويزكيها, وما يفسدها ويشقيها وإن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم, فتصل القلوب إليه, فتفوز بقربه وكرامته, وتقربه عينا وتطيب به نفسا, بل كانت الذنوب حجابا بينهم وبين قلوبهم, وحجابا بينهم وبين ربهم وخالقهم.

ومنها: المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة, قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر, ولا ريب أنه من المعيشة الضنك, والآية تتناول ما هو أعم منه وإن كانت نكرة في سياق الإثبات فإن عمومها من حيث المعنى, فإنه سبحانه رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره, فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه, وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم, ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ما فيه, وإنما يواريه عنه سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة, وإن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر, فسكرها هذه الأمور أعظم من سكر الخمر, فإنه يفيق صاحبه ويصحوا, وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحوا صاحبه إلاّ إذا سكر في عسكر الأموات, فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم في دنياه وفي البرزخ ويوم معاده, ولا تقر العين, ولا يهدى القلب, ولا تطمئن النفس إلاّ بإلهها ومعبودها الذي هو حق, وكل معبود سواه باطل, فمن قرت عينه بالله.قرت به كل عين, ومن لم تقر عينه بالله تقطعت الدنيا حسرات, والله تعالى إنما جعل الحياة الطيبة لمن آمن بالله وعمل صالحا كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فضمن لأهل الإيمان والعمل الصالح الجزاء في الدنيا بالحياة الطيبة والحسني يوم القيامة فلهم أطيب الحياتين وهم أحياء في الدارين.

الجواب الكافي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي في الله على الموضوع الطيب
جزاك الله خيرا