التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العبرة في شهر الصوم*** الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد

تعليمية تعليمية

عنوان المقال: العبرة في شهر الصوم
فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد


محاضرة ألقيت في مدرسة طيبة الثانوية بالمدينة المنورة ونشرت في العدد الثاني من السنة الثالثة لمجلة الجامعة الإسلامية الصادر في شهر شوال عام 1390هـ. وطبعت أيضا ضمن مجموع: كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر في ثمانية مجلدات، دار التوحيد للنشر والتوزيع الرياض

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذه المحاضرة: العبرة في شهر الصوم، فأقول:

الدنيا دار ابتلاء وامتحان

خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له وقال في كتابه العزيز: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون﴾ [الذاريات:56]، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36]، وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ [الملك:2]، ثم قال: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور﴾ مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازي بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز وذلك كقوله تعالى: ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم﴾ [الحجر:49-50].

موسم من مواسم الآخرة

وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض، فضّل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:68]. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه بعبادة الله المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.

زيادة في الخير

ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إنهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر». قال الحافظ المنذري: رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني. وزاد وقال: قلت: بكل يوم عشرة. قال: «نعم». ورواته رواة الصحيح. انتهى.

وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً، فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.

من خير إلى خير

ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائمة بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]. نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين، أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت بعدها أيام الحج الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلاَّ ويستقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

العبرة من شهر الصوم

وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله.

وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمّة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.

وسأحاول في هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:

أوّلاً: إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك شغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلاَّ ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فالفائدة التي يكتسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات لأن الله تعبد عباده حتى الممات ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾ [الحجر:99]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ [آل عمران:102]، فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذ أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار، لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما.

ثانياً: الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلاَّ هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»، وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول إنه صائم ولا يعلم ذلك إلاَّ الله تبارك وتعالى، ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله، فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة، والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم، فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام.

ثالثاً: إنَّ مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك، فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاَّ ظله، فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقاً بالمساجد، كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان، أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام، فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم، وذلك أن الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي: هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام، فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بها أوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه، ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعا عن استعمالها في معصية من تفضل بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.

فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه، وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل أطلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله، توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾ [الإسراء:36]، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ [يس:65]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ [فصلت:19-21].

وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان. وقال له معاذ: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاَّ حصائد ألسنتهم؟». رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة». رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «من وقاه الله شر ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة».

وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات». أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والحاصل أنَّ الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجليه عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضى الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له، لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائما خوفا من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتين، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فالصائم يفرح عند فطره؛ لأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.

ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله، فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمنين عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظاته في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: «يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان»، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك، وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: «وماذا أعددت لها»، مبينا أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]، وذلك أن كل سفر لابد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

كلمة ختامية

وأختم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول: إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام، ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز برضى الرب جلّ جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذ ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود، فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم: « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام »، إنه لفضل عظيم من الله، صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك، ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثا أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام. سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.

ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة، فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها، فمن يعصي الله بعيدا عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد عليّ رضي الله عن الجميع، وفيها قُبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من الله إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعليّ أبو الحسنين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين، وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.

وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

منقول من موقع راية الإصلاح
http://www.rayatalislah.com/Ramadhan…ticle.php?id=4

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
أخبار و ثقافة طبية

الشاعر الموريتاني " أحمد ولد طالب عثمان يمدح الشيخ محمد الهاشمى"

الشاعر الموريتاني " أحمد ولد طالب عثمان " لمجلة الحقيقة:
" الشعر مقدس في موريتانيا… و الجزائر بلد الحضارة بامتياز"
*أسعى لنشر مجموعتين شعريتين لكي لا تبقى كتاباتي حبيسة الأدراج
*الشعر موروث ثقافي و على الجميع الحفاظ عليه

تعليمية

تعليمية

" أحمد ولد طالب عثمان "هو شاعر أتانا من موريتانيا و في جعبته الكثير ليسرده لنا و ذلك من خلاله إبداعاته الشعرية الذي حاول جاهدا منذ سنوات أن يضع بصمته الخاصة به تحت عنوان " الشعر العربي الأصيل " و قد حاولت مجلة " الحقيقة " أن تتعرف عليه أكثر في اللقاء الذي جمعها به حيث تطرقت إلى أبرز المحطات التي كانت عاملا هاما في صياغة أسلوبه المميز و هذه مجمل تفاصيل الحوار.
حاورته: نسرين عوادي
الاخراج الفوتوغرافي:هدى باسي

تعليمية

أولا نرحب بكم سيدي الكريم في بلدكم الثاني الجزائر و مشكورين على تلبيتكم دعوتنا ؟؟؟
أنا الذي أشكركم سيدتي الكريمة من خلال هذا المنبر الإعلامي و الذي جعل صوتي يصل إلى الجزائر الحبيبة.
عرف بنفسك لقراء مجلة الحقيقة؟
أنا السيد " أحمد ولد طالب عثمان" شاعر موريتاني من مواليد سنة 1977عضو باتحاد الأدباء و الكتاب الموريتانيين و أشغل حاليا منصب مدرس في صنف التعليم الأساسي.
منذ متى بدأت بكتابة الشعر؟
لما كنت أستاذا بولاية أدرار سنة 1999 انطلقت في الكتابة الشعرية و قد كانت مجرد كتابات متواضعة عن بلدي موريطانيا من جانبها السياسي، و ككل شاعر تعثرت في بدايتي لكني تداركت الأمر بعد ذلك.
ما هي المواضيع التي تتطرق إليها في شعرك؟.
أتطرق في كتابتي للشعر إلى جميع المواضيع بما فيها السياسي و الاجتماعي ….حيث أعارض النقاد في عصرنا الحديث الذين يعتبرون أن أغراض الشعر باتت مهمشة فالشعر هو شعر بكل مقاييسه ، و كل موضوع يتطلب غرضا شعريا معينا كالمدح و الوصف و الهجاء و غيرها، فالشعر في الأول و الأخير هو تراث و لا بد من الحفاظ عليه.
على ذكركم التراث ، حدثنا قليلا عن الشعر الموريتاني؟
الشعر الموريتاني شعر حافل و لا يمكني أن أتكلم عليه في بضع دقائق، حيث نملك شعراء مميزون و لدينا كوكبة من الشباب يبدعون بأقلامهم في كل مرة بكتابة أشعار رائعة و أحييهم من هذا المنبر و أتمنى أن يواصلوا على هذا المنوال كما أريد أن أنوه إلى نقطة أن الكل يحفظ الشعر من الصغير إلى الكبير فالشعر مقدس في موريتانيا.
هل كانت لك مشاركات في مهرجانات الشعر على غرار مسابقة أمير الشعراء من تنظيم هيئة أبوظبي للثقافة و التراث بالإمارات العربية المتحدة، حدثنا عن هذه التجربة؟
أكيد شاركت في العديد من مهرجانات الشعر و على رأسها المهرجان السنوي للشعر الذي يقام في موريتانيا بحيث يعتبر فرصة للقاء الشعراء و بالأخص الشباب أين يتم الأخذ و العطاء فيما بيننا ، كما شاركت في التصفيات الأولى لمسابقة أمير الشعراء من تنظيم هيئة أبوظبي للثقافة و التراث بالإمارات العربية المتحدة فقد كنا 13 مشاركا من موريتانيا لكن لم يسعفني الحظ للذهاب هناك لأن 7 منا هم من تحصلوا على التأشيرة و شرفوا بلدي في ذلك الحدث الثقافي و لا يفوتني بالمناسبة إلا أن أحيي هيئة أبو ظبي للثقافة و التراث على عطائها الفذ و اهتمامها بالشعر و تشجيع الهواة و خاصة الشباب.
كتبت شعرا للشيخ محمد بن راشد الهاشمي من أين استوحيت الفكرة؟، و ما هو دافعك؟
في بادئ الأمر كنت أتابع قناة الحقيقة الفضائية الشائعة في موريتانيا و إذا بي أرى عطاءا إنسانيا لا مثيل له و لا ينكره إلا جاحد من خلال شخص اسمه " محمد بن راشد الهاشمي " فراسلته عبر البريد الإلكتروني و قد بدأت رسالتي بقصيدة بعنوان " وجه الصبح " و رد علي بكل لباقة و احترام فلم يكن ذلك الإنسان المتكبر المتعالي بل متواضع لأقسى الحدود و من ثم جاءتني الفكرة لأكتب في هذا الشخص شعرا يليق بمقامه الحسن فهو إنسان خلوق و ذو قيم عالية.

نستوقفك لحظة، و لنتركك تمتعنا بمقطع من القصيدة التي كتبتها في الشيخ الهاشمي
القصيدة بعنوان اعتراف الطائي
إليك القوافي مضمر ..وسؤول
فأنت وفاء الخيرين ..فعــــــــــــول
حبست كلامي في مخابئ لفظه
فدوى حياء مبحر و مديـــــــــــــــــل
زرعت على الأفواه بشرى منحتها
فجاءت نضارات تفت تديــــــــــــــل
إلى النبل تحدو بالنفاسة مركبا
فما تهت يوما والكريم صـــــــــــؤول
حفرت بسفر للمكارم محتدا
يوافي مسرات ألم يطيـــــــــــــــــــل
إليك القوافي أزهرت وتطاولت
تفيض على هاماتها وتسيـــــــــــــــل
و ماذا عن المنشورات، يعني هل شعر أحمد ولد طالب عثمان متوفر في المكتبات؟
نعم لدي منشورات عديدة نذكر منها ديواني الشعري بعنوان عناق الشمس الذي نشر سنة 2022 و ذلك بدعم من اتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين ��ما لدي عمل نثري بعنوان " المطالعة الموريتانية في أدب الطفل " في جزئه الأول و لا يزال الجزء الثاني قيد الطبع بحول الله كما لدي العديد من المقالات المنشورة سنة 2022 و هي متوفرة بالمكتبات، و أنا شخصيا أسعى لنشر كل ما تبدعه أناملي لأن نشر تلك الأعمال تصبح جزء من التراث الحضاري التي تساهم في تدعيم الثقافة و تثري الساحة الشعرية و تمكن من تواصل الأجيال.
إذا تحدثنا عن الشعر الجزائري فما هي الأسماء التي تأثر بها السيد " أحمد ولد طالب عثمان"؟
بصراحة لم أطلع كثيرا على الشعر الجزائري لكني قرأت للأمير عبد القادر في القصيدة التي تقول:
"مصابي جليل و العزاء جميل و ظني بأن الله سوف يديل "
و قصيدة أخرى كتبها عن بساطة المعيشة في البداوة و قد أثرت فيا كثيرا.
هل من مشاريع في المستقبل بحول الله تعالى؟
أسعى في المستقبل القريب لنشر مجموعتين شعريتين، الأولى بعنوان " إمعان في النظر " و الثانية بعنوان " الظلال "، بالإضافة لمجموعة قصصية نثرية في أدب الطفل بعنوان " المطالعة الموريتانية " في جزئها الثاني بحول الله تعالى.
كلمة تريد توجيهها للشيخ محمد الهاشمي في الختام؟
أريد أن أشكر الطاقم الصحفي لقناة الحقيقة الفضائية جزيل الشكر و أرسل تحياتي من بلد الحضارة و الكرم و حسن ضيافة شعبها العظيم كما أشكر و أحيي الشيخ محمد بن راشد الهاشمي داعيا له بدوام الصحة و العافية و مسك الختام أن أقرأ هذه القصيدة على مسامعكم الطيبة التي كتبتها لأجل هذا الشخص الطيب حيث تقول القصيدة:
أيا هاشمي العز صفوة ماجد
تدور بذا أيامنا وتجــــــــــــــــــــــ ول
حفظت عهود الآل حيث بثثتها
تتالت على مر الزمان تصـــــــــــول
بسطت نوال الخير حتى تداخلت
بأطياف كل المعدمين تحـــــــــــــــول
إليك القوافي كلها قد تناثرت
ثناء .. وعاد القول وهو كليــــــــــــل
تروي قفارا إذ غدوت سقاية
تلاشى بها يأس النفوس أفـــــــــــــول
أنرت بدرب للهداية سالكا
فكنت كضوء ثاقب ..ومزيــــــــــــل ..
مددت أكف الصدق تدني تسامحا
تهادت مروءات بها فتــــــــــــــــهول..
إليك القوافي كلها قد تقاصرت
فتسمو علاء فوقها وتــــــــــــؤول ..
ألا يا سماء قصر الطرف دونها
أمد حروفي أنملا فأطيــــــــــــــــل ..
أفتش عن مكنون يمن سدلته
لباسا لسوءات علون يـــــــــــزيل ..
فطاولت ذكرا كل علياء شيدت
أياد بأثواب الصباح تطـــــــــــــول
تجر سطور الوشي تضفي ستائرا
تجاوز هامات السماء تــــــــــــدول
إليك القوافي من سطور تمردت
تبوح بأشواق لها فتطيــــــــــــــل ..




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

تطبيق خاص بمؤسسة سوناطراك حول التتثبيتات سنة 3 تسيير مالي الى استاذ بن الشيخ

السلام عليكم أستاذ بن الشيخ ، لقد وضعت بالأمس تطبيق خاص بمؤسسة سوناطراك حول التتثبيتات ، اريد استفسار عن الفرع الأخير حول الخطوة الواجب اتباعها عند استبدال العنصر السابع ، هل نعتبرها هل نعتبرها خسارة القيمة ام ماذا ، اريد التوضيح لانني لم اتطلع بعد على الكتاب الجديد ، رغم انني في الجامعة دائما احب اتطلع على مواضيعك لأنني استفدت منها عندما كنت في المرحلة الثانوية ، لذا اهتم بمواضيعك واقدمها للمقبلين على شهادة البكالوريا ، انتظر التوضيح يا أستاذ




ما هي المعالجة المحاسبية التي يجب القيام بها بخصوصالمراجعة.؟

بخصوص المعالجة المحاسبية لعملية المراجعة التي تحملتها المؤسسة بقيمة 5.000.000 دج فإن المبدأ العام للنفقات التي تدفع لاحقا على الأصول الثابتة تسجل كنفقات رأسمالية إذا سمحت بزيادة المنافع الاقتصادية المستقبلية بصفة جوهرية ، أما إذا لم تحقق هذا الشرط فتعتبر كنفقات جارية تتحملها الدورة مرة واحدة في الدورة المالية.




بارك الله فيك يا أستاذ على هذ التوضيح




يا استاذ انا في طلبي هذا لم اقصد المعالجة المحاسبية ، بل ماهي الخطوة الواجب اتباعها في هذا الشان .




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

اختبار الثلاثي الثاني في التسيير المحاسبي scf سنة ثالثة ثانوي 2022 بن الشيخ

السلام عليكم ورحمة الله
سوف تجدون إن شاء الله في المرفقات الاختبار الثاني مع التصحيح لولاية النعامة.


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


سلام الله عليكم استاذ اختبار رائع وفي المستوى جزاك الله خيرا واطال عمرك خدمة للعلم والامة
وجعل هذا العمل صدقة جارية لكم الى يوم الدين


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


شكرا جزيلا لك أستاذ


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


الف شكر استاذ وبارك الله فيك وجعلها الله في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بن الشيخ تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله
سوف تجدون إن شاء الله في المرفقات الاختبار الثاني مع التصحيح لولاية النعامة.

ماشاء الله ولك مني كلمة حق انت المرجع الاول لنا ولا اعني في المنتدى فقط وانما في شعبة تسيير واقتصاد

ونحتسب عند الله ان يجعل اعمالك النيرة في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
بارك الله فيك أستاذ
جزاك الله خيرا


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


شكرا لك نون مرة جعلت في ميزان حسناتك آميـــن


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf اختبار الثلاثي الثاني.pdf‏ (579.1 كيلوبايت, المشاهدات 3386)
نوع الملف: pdf التصحيح النموذجي للاختبار الخاص بالثلاثي الثاني الموضوع الأول.pdf‏ (943.5 كيلوبايت, المشاهدات 3089)


التصنيفات
القران الكريم

تلاوة سورة يوسف بصوت الشيخ الألباني رحمه الله

تعليمية


من الأشرطة النادر وجودها للشيخ رحمه الله

بصيغة mp3 و rm

من هنا بارك الله فيكم

تعليمية

الصّبر سر الظفر ومفتاح الفرَج

ذكر ابن القيِّم أنّ من أسباب اندفاع شر الحاسد:

«الصّبر على عدوِّه، وأن لا يقابله ولا يشكوه، ولا يحدِّث نفسَه بأذاه أصلاً، فما نُصِرَ على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتَّوكُّل على الله، ولا يستطِلْ تأخيرهُ وبغيَه، فإنّه كلما بغى عليه كان جندا وقوَّةً للمبغي عليه المحسود، يقاتل به الباغي نفسَه وهو لا يشعرُ، فبغيه سهامٌ يرميها من نفسه إلى نفسه، ولو رأى المبغيُّ عليه ذلك لسَرَّه بغيُهُ عليه، ولكن لضعفِ بصيرته لا يرى إلاّ صورة البغي دون آخره ومآله، وقد قال تعالى:﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاَقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ الله﴾ [الحج: 60] فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنّه قد استوفى حقَّهُ أولاً، فكيف بمن لم يستوفِ شيئا من حقِّه؟ بل بُغِي عليه وهو صابر!؟ وما من الذُّنوب ذنبٌ أسرع عقوبةً من البغي وقطيعة الرّحم، وقد سبقت سُنَّة الله: أنّه لو بغى جبلٌ على جبل جعل الباغِيَ منهما دَكَّا»

[«بدائع الفوائد» لابن القيِّم: (2/766)].

نقلته للفائدة




شكرا وبارك الله فيك على الموضوع المميز
جزاك الله خيرا
تحياتي الخالصة




بوركت أختي على الموضوع الرائع وننتظر منك المزيد




التصنيفات
اسلاميات عامة

عفو الشيخ ابن عثيمين عمن اغتابه

تعليمية تعليمية

السؤال: أطلب من فضيلتكم السماح لي والدعاء بالمغفرة والتوفيق لأنني قد اغتبتك في عدة مجالس والآن أنا أتوب إلى الله فاسمح لي؟
الجواب: أما إذا كان هذا الرجل أو غيره من الناس اغتابني تديناً، بمعنى: أنه رأى أني أخطأت في أمر واغتابني في ذلك فهذا على كل حال معفوٌ عنه، وأما إذا كان اغتابني بدون تثبت، فماذا أقول؟ أقول: هذه محل نظر، لكن أقول: عفا الله عن كل من اغتابني، وأسأل الله تعالى أن يعاملني وإياه بعفوه، وهو مني في حل.

دروس وفتاوى الحرم المدني لعام 1416هـ الشريط [7،6]

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك على هذا النقل

إشاره في محـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــلها……

إنّ اللبيب من الإشارة يفهم

تعليمية

تعليمية




بارك الله فيك وجزاك خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

وجوب أخذ العلم عن أهل السنة المعروفين لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي

صاحب الفضيلة: جاء في مقدمة صحيح مسلم أثرًا عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-، قال: (إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-ابتدرته أبصارنا. وأصغينا إليه بآذاننا. فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف)، هل هذا الكلام من حَبر الأمة-رضي الله عنه-ينطبق على وُعَّاظ هذا الزمان، مثل مواعظ أبي اسحق الحويني التي ابتلي بها الشباب عندنا في الجزائر؟.

الحمد لله، هذا الحديث حديث ابن عباس أو أثر ابن عباس-رضي الله عنهما-في قصته مع نوف البكاري، وذلك حينما حدثه وكان يتشاغل-رضي الله عنه-عن حديثه، فقال له: (عجبًا يا ابن عباس أحدثك عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ولا تسمع لي؟)، أو كلمة نحوها، فقال له عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-هذا الأثر.

وذلك أن الناس إذا نزلت بهم الفتن، وحَلَّتْ النوازل واختلطت فيها الأمور، فإن الأخذ والسماع إنما يكون عن الموثوقين في العلم والدين، لأنه يقتدى بفعالهم ويؤخذ بأقوالهم.

وهذا بابٌ معروف عند أئمة الدين، (باب تجنب الرواية عن أهل الأهواء والبدع وتحمل العلم عنهم) معروف، فإنه قد تكاثر حتى تواتر عنهم قولهم: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم).

ولقد ذكر طرفًا من هذا الإمام مسلم في مقدمة صحيحه التي نقلت منها هذا الخبر، ولا شك أنه في زمن انتشار البدع والأهواء، وتشعب الآراء، واختلاف الطرق في المسلمين، فإن المرء يجب عليه ألَّا يأخذ إلا عن أهل السنة والجماعة، المعروفين بذلك، المشهود لهم بذلك، المقتفين لآثار رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، الصادقين في قولهم وفعالهم، لأنهم مأمونون وهم أمناء على حمل الشريعة، وهم أهل الحديث والخبر، ونَقَلَة الآثار عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، هم المأمونون في هذا، لأنهم يخافون الله-سبحانه وتعالى-ويتقونه، وبهم حفظ الله الْمِلَّة والشريعة، وأقام الصراط لهذه الأمة كما تركها عليه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.

فأين أمثال الحسن وابن سيرين، أيوب السختياني، والْحَمَّادَيْن، والْسُفْيانَيْن، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، واسحق بن راهويه، والإمام أبا داوود، وغيرهم من بقية أصحاب الكتب الستة، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وابن أبي حاتم ووالده أبو حاتم، وأبو زرعة الدمشقي، وغيرهم كثير حَدِّثْ عنهم ولا حرج، وأيضًا في المشرق، من أمثال الإمام الذي جمع الله فيه جميع خصال الخير-عبد الله بن المبارك-، رضي الله عنهم جميعًا وأرضاهم.

فإن أمثال هؤلاء كانوا في أزمانهم القدوة وبهم الأسوة، وبهم عصم الله-سبحانه وتعالى-الأمم، كُلٌ منها في منطقتها، أو في جهتها، أو في قطرها وعصرها من الفتن، ومن الأهواء التي ظهرت في أعصارهم وأمصارهم، حتى أسلم الله-سبحانه وتعالى-الدين غلى من جاء بعدهم، وسَلَّمَه أيضًا من عبث العابثين ولعب اللاعبين.

وهذا هو الوعد الذي قطعه الله-سبحانه وتعالى-على نفسه في قوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر:9).

والذِكْر ذِكْرَان:
ذِكْرٌ مَتْلو: وهو كتاب الله العظيم، وكلامه الْمُنَزَّل-القرآن الكريم-.

ذِكْرٌ غير مَتْلو: وهو بيان هذا الكتاب الْمُنَزَّل، وهو السنة النبوية المطهرة، فهي وحيٌ من الله كالقرآن، شاهده في سورة النجم (فاحفظه ولا تهن)كما ذلك شيخ شيوخنا الشيخ حافظ-رحمه الله تعالى-في ميميته في وصاياه لطالب العلم في الآداب التي يجب أن يتحلى بها، في قوله: (وحيٌ من الله كالقرآن، شاهده في سورة النجم فاحفظه ولا تهن)يعني قول الله-سبحانه وتعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6))النجم، فهذه السنة وحيٌ يوحى، فهي وحيٌ من الله كالقرآن.

وقولنا كالقرآن هذا قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) يعني: السنة النبوية.

فحفظ الله القرآن بحفظه له-سبحانه وتعالى-، وحفظ الله-سبحانه وتعالى-السنة النبوية المطهرة، بتهيئة هؤلاء الجهابذة الأعلام، فحفظوها حتى بلغوها إلينا.

وإذا كان هذا حال الأسلاف-رضي الله عنهم-، (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)في زمن الفتنة التي حصلت في زمن الخوارج، حدوث الفتنة في عهد عثمان، ثم خروج الخوارج، وتشيع الشيعة، إذا كان هذا قولهم مع قربهم من عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-وتواكل كثير من الصحابة.

فما بالنا نحن في هذه الأعصار المتأخرة، وما عسى أن نقول نحن، إننا يجب علينا مرات ومرات أن نقول بمقالهم هذا وهو أن نحترز لأنفسنا، فلا نأخذ هذا العلم إلا عمن عرفنا صدقه، وأمانته، وديانته، واستقامته، وإخلاصه، وإتباعه لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-بحقٍ وصدقٍ وعدل، لا بالدعاوى والجعجعة التي لا دليل ولا برهان عليها.

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحدادالاثنين الموافق: 3/ جمادى الآخر/ 1443 للهجرة النبوية الشريفة.

لسماع المادة الصوتية:
من هنا لا حرمكم الله من متعة النظر إلى وجهه الكريم

المصدر




بارك الله فيك على النقل الطيب وجعله الله في ميزان حسناتك

وحظ الله الشيخ محمد بن هادي المدخلي ونفعنا بعلمه

قال الإمام البربهاري رحمه الله: واحذر ثم احذر أهل زمانك خاصة، وانظر مَن تجالس وممن تسمع، وممن تصحب فإن الخلق كأنهم في ردة إلا مَن عصمه الله منهم.
وقال أيضًا رحمه الله: والمحنة في الإسلام بدعة، وأما اليوم فيمتحن بالسنة لقوله: (
إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذوا دينكم)، (ولا تقبلوا الحديث إلا ممن تقبلون الشهادة)، فننظر فإن كان صاحب سنة له معرفة صدوق كتبت عنه وإلا تركته.(كتاب: شرح السنة للبربهاري ).

وقال الإمام ابن العربي رحمه الله: فما زال السلف يزكون بعضهم بعضًا ويتوارثون التزكيات خلفًا عن سلف، وكان علماؤنا لا يأخذون العلم إلا ممن زُكِّي وأخذ الإجازة من أشياخه.

وقال الإمام النووي رحمه الله: ولا يتعلم إلا ممن كملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف:( هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم).




التصنيفات
اسلاميات عامة

الابتلاء بالمرض لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله

تعليمية

خطبة الجمعة: 25-01-1432هـ
لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله


الابتلاء بالمرض


الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، إن العافية في البدن من نعم الله على العبد التي يلزم عليه شكر الله عليها وسؤاله تمامها ودوامها وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة"، قالوا ماذا نقول يا رسول الله قال: "سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة"، وقال له رجل يا رسول الله علمني دعاء أدعوا الله به قال: "سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة"، ثم سأله من الغد فقال: "سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة"، فإنك إذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة كنت من أهل الفلاح.
أيها المسلم، وسأله العباس بن عبدالمطلب يا رسول الله علمني شيء أسأله الله قال: "سل الله العافية"، فجاءه بعد أيام فقال له علمني شيئًا أسأل الله به قال: "يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة"، والعافية نعمة من أجل نعم الله على العبد بعد الإيمان والاستقامة على الهدى يقول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمنًا في سربه معافًا في جسده عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، ولكن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار للعبد لا بد فيها من منغصات ومكدرات ومن تلك المنغصات المرض فالمرض من أعظم البلاء لا سيما إن استعصى علاجه وطال أمده فلا شك أنه بلاء ولكن للمسلم في هذا البلاء مع الصبر والاحتساب مصالح تعود عليه بالخير في عاجل أمره وآجله فمن تلكم المصالح أن هذا المرض سبب لتكفير الذنوب والسيئات يقول الله جل وعلا: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن ولا هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله بها من خطاياه"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يزال البلاء بالمسلم في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة"، وحم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الصحابة إن حماك عن رجلين كما يحمى رجلين قال: "نعم"، قال لأن لك الأجر مرتين قال: "أجل"، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة وهي تشكوا الحمى فسبت الحمى فقال: "لا تدعي على الحمى فإن الحمى يذهب بها الأذى عن العبد كما يذهب الكير خبث الحديد"، ومن مصالح العبد له في ذلك أيضا علو منزلته قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)، وجاء في الحديث أن العبد ليكون له عند الله منزلة في الجنة لا يبلغها بعمله فيبتليه الله حتى يبلغ تلك المنزلة ومن مصالحها على العبد قربه من الله قال جل وعلا: (الذين أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)، وفي الحديث يقول الله لابن آدم: (مرضت فلم تعدني)، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال: (مرض عبدي فلم تعده فلو عدته لو جدتني عنده)، ومن مصالح المرض للعبد أيضا السعادة والهناء بقضاء الله وقدره قال جل وعلا مبينًا ذلك: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)، وجاء في الحديث أن أهل العافية إذا رأوا ما أعطي أهل البلاء تمنوا أن جلودهم قد قرضت بالمقاريض وجاء في الحديث إذا قبض الملك ابن المسلم قال الله: (قبضت ابن عبدي وثمرة فؤاده)، قالوا: نعم قال: (ماذا قال؟)، قالوا: حمدك واسترجع قال: (ابنوا له بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد)، ومن آثار ذلك المرض أنه يذهب عن العبد الكبرياء والعلو والطغيان في نفسه فإن العافية الدائمة والنعمة الدائمة قد تطغي العبد وتؤثر عليه (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)، فيذكره المرض ضعفه وعجزه وأنه لا يستطيع أن يحقق النفع والعافية (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ومن مصالح ذلك المرض أيضا توفر الأعمال الصالحة استمرار ثواب العمل الصالح وانتظار الفرج من الله فإن العبد إذا أصيب بمصيبة فإن كان ذا عمل صالح أبقى الله له ثواب أعماله جاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله صحيحا مقيما"، وجاءه أنه إذا أصيب في بدنه قال الله للملك اكتبوا لعبدي ما كان يعمله من صالح الأعمال فيستمر ثواب عمله إذا كان صابرًا محتسبا وانتظار الفرج بعد الشدة وانتظار العافية بعد البلاء كل ذلك من قوة اليقين والرضا عن الله جل وعلا.
أيها المسلم، وللمريض آداب ينبغي أن يلتزم بها فمنها صبره على قضاء الله وقدره فإن عواقب الصبر عظيمة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، وقال جل وعلا: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)، وقال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن عظم البلاء مع عظم الجزاء وإن الله إذا أحب قومُا ابتلاهم"، فمن رضي فله الرضاء ومن سخط فعليه السخط ومن آداب المريض أيضا أن يكون محسن الظن بربه وأن الله أرحم به من أمه الشفيقة عليه يرحمه فلا يعذبه ويعفو عنه فلا يعاقبه فيحسن الظن بربه ويرضى بقضاء الله ويطمأن بذلك وكلما أحس في نفسه شدة استغفر الله وأكثر من ذكره وقال ربي: (أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، ويكثر من ذكر الله والثناء عليه فإن الله جل وعلا يرحم ضعفه ويرحم عجزه ويضاعف حسناته ويحط من سيئاته، ومن آداب ذلك أيضا أن يكون في مرضه جامعًا بين خوف الله وبين رجاء الله فيكون في قلبه تعظيمًا لله ورجاءًا لله وخوف من ذنوبه ومعاصيه دخل النبي على مريض فقال: "كيف تجدك؟"، قال: أرجو الله وأخاف ذنبي قال: "ما اجتمع في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما تمنى وصرف عنه ما يكره"، ومن آداب ذلك أيضا أن يكثر من دعاء الله ويكثر من التداوي فإن الدواء نعمة يقول صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله"، ولكن لا بد أن يكون الدواء مباحا فإن الله لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا ومنها دعاء الله جل وعلا ورجاءه فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم مريضًا فقال: "ضع يدك على البلاء وقل بسم الله ثلاث مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من كل ما أجد وأحاذر سبع مرات"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد ودعا له بقوله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات"، فإن الله يشفيه إذا كان أجله متأخر وكان صلى الله عليه وسلم يرقي المريض بقوله: "أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما"، مرض صلى الله عليه وسلم فرقيه جبريل بقوله: (بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك من كل نفس وعين حاسدة الله يشفيك بسم الله أرقيك).
أيها المسلم، فهذا آداب المرض فأشكر الله على العافية لا شك أن العبد لا يتمنى الأمراض والأسقام بل يسأل الله العافية دائما لأنه لا يعلم من نفسه هل يصبر أم لا ، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموه فاصبروا"، فالمسلم يسأل الله العافية دائما ولكن إذا ابتلي صبر واحتسب ورضي عن الله واطمأن قلبه بقضاء الله ورجاء من الله المثوبة عما أصابه من البلاء أسأل الله أن يعافيني وإياكم في الدين والدنيا والأهل والمال اللهم إنا نسألك العفو في ديننا وأبداننا وأهلينا وأموالنا اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا وعن يميننا وعن شمائلنا نعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله، إن المؤمن في صحته ومرضه محافظ على طاعة الله ملتزم بالواجبات بعيد عن المحرمات.
أيها المسلم، إن من آداب المريض أن يحافظ على الصلوات الخمس بطهارتها وكمال أركانها وواجباتها إذا كان قادرًا على ذلك فإن الطهارة شرط لصحة الصلاة أن يكون ثوبه طاهر وفراشه طاهر وبدنه طاهر هذا واجب مع القدرة والإمكان ولكن إذا تعذر على المريض ذلك بأن شق عليه طهارة بدنه أو طهارة فراشه أو طهارة ثوبه وليس عنده من يعينه على ذلك فإنه يؤدي الصلوات الخمس على أي حال استطاع إن قدر على الوضوء فذلك الواجب وإن عجز عن الماء عدل إلى التيمم فإن التيمم يقوم مقام الماء لمن عدم الماء أو عجز عن استعماله أو كان استعمال الماء يضر ببدنه إن كان على جرح إصابة جبيرة فإنه يمسح عليها حتى يزول ذلك المرض وليست مقدرة بيوم معلوم بل يمسح على ما غطي به العضو من الأعضاء في يد أو رجل أو نحو ذلك فيمسح على تلك الجبيرة الملفوف به العضو فيمسح عليها إلى أن ينتهي دون أن يقدر مدة معينة يصلي المريض مستقبل القبلة كما هو معروف وأن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ولكن لو عجز عن ذلك أو كان موضع مكانه غير مستقبل القبلة فإنه يصلي على حاله على قدر استطاعته يؤدي كل صلاة في وقتها لكن لو عجز عن ذلك وقدر على بعض دون بعض فله أن يجمع بين الظهر والعصر بأن يصلي الظهر أربع والعصر أربع في وقت واحد والمغرب ثلاث والعشاء أربع وفي وقت واحد كل ذلك تيسير من الله عليه حتى لا يكون هناك مشقة فإن الله يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، كن مكثرًا من ذكر الله ملتجئ إلى الله تعلق قلبك بالله حبًا وخوفًا ورجاء ليقوى يقينك بالله وثقتك بالله ووعد الله لك إذا صبرت واحتسبت أن يثيبك الثواب العظيم (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ليكن همك لقاء الله فتحسن الظن بربك وأن الله عند ظن عبده به فظن بالله خير وأمل في الله خير فإن رحمته وسعت كل شيء تب إليه في تلك الحالة وأكثر من التوبة والالتجاء والتضرع بين يديه لعله أن يرحم ضعفك ويقيل عثرتك ويمحو زلتك ويحسن خاتمتك فإن من أحسن الله خاتمته وأخرجه من هذه الدنيا على أحسن حال فتلك من أجل نعم الله وأعظمها نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا أواخرها وخير أعمالها خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقى الله فيه نسأله العفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير وصلوا على محمد صلى الله عليه وسلم امتثال لأمر ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، ووفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم وفقه لكل ما تحبه وترضاه، اللهم بارك له في عمره وعمله وامنحه الصحة والسلامة والعافية، اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبدالعزيز لكل خير وسدده في أقواله وأعماله ووفق النائب الثاني واجعلهم جميعًا هداة مهتدين وقادة مصلحين إنك على كل شيء قدير (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللهم سقيا رحمةٍ، لا سقيا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]؛ فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكرْكم واشكروه على عموم نعمه يزدْكم، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.

تفريغ مؤسسة الدعوة الخيريةحفـظ




تسلمي على النقل

تحياتي يا غالية




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواجهة الزجاجية تعليمية
تسلمي على النقل

تحياتي يا غالية

الله يسلمك أختي ، بورك فيكِ




التصنيفات
القران الكريم

حكم قول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من القراءة الشيخ العثيمين

السؤال:

تقف علي وعلى كثير من الناس أسئلة كثيرة فهل لكم أن تشرحوها لنا في برنامجكم نور على الدرب جزاكم الله عنا كل خير يسأل يا فضيلة الشيخ ويقول ما حكم قول صدق الله العظيم عند نهاية كل قراءة من القرآن الكريم.

الجواب
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبين ما ذكره أهل العلم قاطبة بأن العبادة لا بد فيها من شرطين أساسيين أحدهما: الإخلاص لله عز وجل والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الإخلاص فمعناه أن لا يقصد الإنسان بعبادته إلا وجه الله والدارة الآخرة فلا يقصد جاهاً ولا مالاً ولا رئاسةً ولا أن يمدح بين الناس بل لا يقصد إلا الله والدار الآخرة فقط وأما الشرط الثاني: فهو الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يخرج عن شريعته لقول الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) وقوله تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) ولقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فهذه النصوص النصية تدل على أنه لا بدُّ لكل عمل يتقرب به الإنسان لله عز وجل بأن يكون مبيناً على الإخلاص. الإخلاص لله موافقاً لشريعة الله عز وجل ولا تتحقق الموافقة والمتابعة ألا بأن تكون العبادة موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وهيئتها و زمانها ومكانها فمن تعبد لله تعالى عبادة معلقة بسبب لم يجعله الشرع سبباً لها فإن عبادته لم تكن موفقة للشرع فلا تكون مقبولة وإذا لم تكن موافقة للشرع فإنها بدعة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) وبناء على هاتين القاعدتين العظيمتين بل بناء على هذه القاعدة المتضمنة لهذين الشرطين الأساسيين فإننا نقول إن قول الإنسان عند انتهاء قراءته "صدق الله العظيم" لاشك أنه ثناء على الله عز وجل بوصفه سبحانه وتعالى بالصدق: (ومن أصدق من الله قيلاً) والثناء على الله بالصدق عبادة والعبادة لا يمكن أن يتقرب الإنسان بها إلا إذا كانت موافقة للشرع وهنا ننظر هل جعل الشرع انتهاء القراءة سبباً لقول العبد صدق الله العظيم إذا نظرنا إلى ذلك وجدنا أن الأمر ليس هكذا بل أن الشرع لم يجعل انتهاء القاري من قراءته سبباً لأن يقول:( صدق الله العظيم) فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه:" اقرأ قال يا رسول كيف أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأ حتى بلغ قوله تعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) فقال النبي صلى الله عليه وسلم حسبك" ولم يقل عبد الله بن مسعود (صدق الله العظيم) ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وهكذا أيضاً قرأ زيد بن ثابت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة "النجم" حتى ختمها ولم يقل (صدق الله العظيم) وهكذا عامة المسلمين إلى اليوم إذا انتهوا من قراءة الصلاة لم يقل أحدهم عند قراءة الصلاة قبل الركوع (صدق الله العظيم) فدل ذلك على أن هذه الكلمة ليست مشروعة عند انتهاء القارئ من قراءته وإذا لم تكن مشروعة فإنه لا ينبغي للإنسان أن يقولها فإذا انتهيت من قراءتك فاسكت واقطع القراءة أما أن تقول صدق الله العظيم وهي لم ترد لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فإن هذا قول يكون غير مشروع قد يقول قائل أليس الله تعالى قال:(قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) فنقول: بلى إن الله تعالى قال :(قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) ونحن نقول صدق الله لكن هل قال الله تعالى قل عند انتهاء قراءتك قل صدق الله الجواب لا إذا كان كذلك فإننا نقول صدق الله ويجب علينا أن نقول ذلك بألسنتنا ونعتقده بقلوبنا وأن نعتقد أنه لا أحد أصدق من الله قيلا ولكن ليس لنا أن نتعبد إلى الله تعالى بشيء معلقاً بسبب لم يجعله الشارع سبباً له لأنه كما أشرنا من قبل لا تكون العبادة موافقة للشرع حتى يتحقق فيها أو بعبارة أصح لا تتحقق المتابعة في العبادة حتى تكون موافقة للشرع في الأمور الستة السابقة أن تكون موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وصفتها و زمانها ومكانها وبناء على ذلك فلا ينبغي إذا انتهى من قراءته أن يقول (صدق الله العظيم).

المصدر







جزاك الله خيرا تقبلي مروري اختاه.




التصنيفات
القران الكريم

[مقال] البيان في أخطاء الاستشهاد بآي القرآن بقلم: الشيخ عز الدين رمضاني [الحلقة الأو

تعليمية تعليمية

[مقال] البيان في أخطاء الاستشهاد بآي القرآن بقلم: الشيخ عز الدين رمضاني [الحلقة الأولى: قوله تعالى: ﴿ما فرّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيْءٍ -الأنعام:38)

البيان في أخطاء الاستشهاد بآي القرآن[1]

بقلم: الشيخ عز الدين رمضاني

تعليمية

من الأخطاء الشائعة التي درج عليها كلام بعض العامة، ولهجت بها ألسن الوعاظ، وسطرتها بعض أقلام الكتاب، الاستدلال أو الاستشهاد ببعض آيات القرآن أو جزء منها في غير ما نزلت فيه[2]، أو وضعت له حكماً أو معنى، أو هما معا، معتقدين -جهلا أو تجاهلا- أنها نص في المسألة التي يريدون الاحتجاج لها ودليلٌ عليها، أو أن تلك الآية لا تحتمل إلا معنى واحدا –وقد يكون مرجوحا-، أو يجوز أن تحمل على عدة معانٍ دون ترجيح معنى على آخر مع وجود ما يقتضي الترجيح.
وقد جرهم إلى مثل هذا الخطأ وقوفهم على ظاهر الألفاظ دون مراعاة المعاني، أو تجريدهم السياق من سوابقه ولواحقه، أو إهمالهم لما يجب علمه ممَّا يكون سبباُ وسندا في فهم الآية، كعلم أسباب النزول وعلم المكيِّ والمدني وهلم المناسبات بين السُّور والآيات، واختيارهم المعنى بمجرد ما يتبادر للذهن من معان قد تكون صحيحة، من غير إلى المتكلم بها، وهو الله -عز وجل-، ولا نظر إلى المنزَّل عليه ولا المخاطب به.

وهذا من التَّساهل الَّذي أدَّى إلى الوقوع في أخطاء جسام ومخالفات عظام لا تليق بمقام أشرف الكلام، كاتخاذ بعض آياته أو جزء منها مضربا لمثل هازل، أو اقتباس خاطئ أو قياس باطل، وصونا لكتاب الله المنزَّل، ورفعا لشأنه وقَدرِه، وتصحيحا للمفاهيم والاطلاقات الخاطئة ارتَئَيتُ تبصير القرَّاء على صفحات مجلَّتنا ببعض هذه الاستشهادات التي سيقت في غير محلِّها، أو قيلت من غير ضبط لمبناها وفهم معناها، ومن الله أستمد العون والتوفيق والصواب والسداد.

v الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿ما فرّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيْءٍ ﴾[ الأنعام:38]

وجه الخطأ: قصر المعنى على تفسير مرجوح.

ذهب بعض المفسِّرين وتبعهم على ذلك كثير من الوعَّاظ والكتَّاب إلى أن في هذه الآية: ((القرآن))، دون إشارة أو إيماء إلى مرادِ آخر يكون مشتركا معه في المعنى، أو أقوى منه وأظهر، كتفسير الكتاب باللَّوح المحفوظ الذي هو المعنى الرَّاجح.
وقد اقتصر على اختيار القول بأنَّ المراد من الكتاب في هذه الآية هو القرآن جماعة من المفسرين كالسَّمعاني في ((تفسيره)) (2/101) وأبي الحسن على بن أحمد الواحدي أستاذ عصره في التفسير في كتابه ((الوجيز في تفسيره الكتاب العزيز)) (1/352) واكتفى الماوردي في تفسيره ((النكت والعيون)) (1/113) بذكر تأويلين لمعنى الكتاب، أحدهما: إيجاب الأجل، والثاني: القرآن ونسبه إلى الجمهور، ولم يشر إطلاقاً إلى أنَّه اللَّوح المحفوظ.
وممن رجَّح القول بأنه القرآن مع ذكره للقول الآخر ابن عطيَّة في ((المحرَّر الوجيز)) (2/290) وعبارته: ((والكتاب: القرآن وهو الذي يقتضيه نظام المعنى في هذه الآيات)) وهي نفس العبارة التي قالها الثعالبي صاحب ((الجواهر الحسان)) (1/620) وعنه أخذها، وتبع ابن عطية في ذلك أبو حيَّان في تفسيره ((البحر المحيط)) (4/126) ، فقال بعد أن ذكر المعنى الأوَّل للكتاب –وهو اللَّوح المحفوظ- : ((أو القرآن، وهو الذي يقتضيه سياق الآية)).
ومن المتأخرين الذين قالوا بترجيح قول من قال بأنه القرآن: الآلوسي في ((روح المعاني)) (7/144) وقد جزم به مستدلا له، هذا ولم يرجح القرطبي في ((الجامع لأحكام القرآن)) (3/420) عند ذكره للمعنيين (القرآن واللوح المحفوظ) أحد القولين/ ومثله الشّوكاني في ((فتح القدير)) (2/114)، وصديق حسن خان في ((فتح البيان)) (4/136).

ترجيح القول في أنَّ المراد بالكتاب اللوح المحفوظ:

أولاً: ثبوته عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فقد خرج ابن جرير في ((تفسيره)) بتحقيق التركي (3/234) بسند حسن[3] عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿ما فرّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيْءٍ ﴾[ الأنعام:38] ما تركنا شيئاً إلا قد بيناه في أم الكتاب.
وأخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4/1286) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) – تحقيق التركي(2/45) إلى ابن المنذر.

ثانيا: هو قول بعض التابعين ممن اشتهر بالتفسير، ومنهم ابن زيد كما في ((تفسير الطبري)) – تحقيق التركي (9/234)، وابن أبي حاتم (4/1286)، وقتادة كما في ((زاد الميسر)) لابن الجوزي (3/35)، و((الدر المنثور)) للسيوطي- تحقيق التركي (6/45) ونسبه عبد الرزاق وأبي الشيخ.

ثالثا: اقتصار بعض مشاهير المفسرين على القول به دون غيره[4].
1- مقاتل ابن سلمان في ((تفسيره)) (1/345).
2- ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) (9/232).
3- ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (4/1286).
4- ابن أبي زمنين في ((تفسير القرآن العزيز)) (1/67).
5- الثعلبي في ((الكشف والبيان في تفسير القرآن)) (2/532).
6- البغوي في ((معالم التنزيل)) (2/95).
7- الزمخشري في ((الكشاف)) (2/342).
8- ابن كثير في ((تفسير القرآن العظيم)) (3/20).
9- القاسمي في ((محاسن التأويل)) (3/305).

رابعا: ترجيح بعض المحققين لهذا القول على الآخر، ونذكر منهم:
1- ابن القيم في كتابه ((شفاء العليل)) (طبعة العبيكان) (1/164) فبعد إقراره للخلاف الوارد في معنى الكتاب، هل هو القرآن أو اللوح المحفوظ، رجح الثاني، وقال بأنه الأظهر في الآية، والسياق يدلُّ عليه.
2- السعدي في ((تفسيره)) (2/20) يفهم ذلك من بسطه القول في أن المراد به اللوح المحفوظ، وأشار إلى المعنى الثاني بقوله: (ويحتمل أن المراد بالكتاب هنا القرآن).
3- القاسمي في ((محاسن التأويل)) (3/307) قال تحت عنوان (تنبيهات): (السَّادس: ما بيناه في معنى (الكتاب) من أنه اللوح المحفوظ في العرش، وعالم السموات المشتمل على جميع أحوال المخلوقات على التفضيل التام-هو الأظهر، لملاقاته للآية التي ذكرناها تأييدا للنظائر القرآنية).
4- الأمين الشنقيطي في ((العذب المنير)) (1/271) قال: (أكثر المحققين على أنه اللوح المحفوظ).

خامسا: حجة من نصر القول على أنه اللوح المحفوظ. وقد عرض لبعض هذه الحجج العلامة ابن القيم في كتابه المذكور آنفا، وستسوقها بشيِء من التصرف والتقديم والتأخير.
1- دلالة السياق عليه في الآية نفسها: فإنه تعالى قال: ﴿وما مِنْ دابّةٍ فِي الْأرْضِ ولا طائِرٍ يطِير بِجناحيْهِ إِلّا أممٌ أمْثالكمْ ۚ﴾[ الأنعام:38]
قال ابن القيم (1/164): (( وهذا يتضمن أنها أمم أمثالنا في الخلق والرزق والأجل والتقدير الأوَّل، وأنها لم تخلق سدىً، بل هي معبَّدة مذللَّة، قد قدر خلقها وأجلها ورزقها وما تصير إليه، ثم ذكر عاقبتها ومصيرها بعد فنائها، فقال: ﴿ ثمّ إِلىٰ ربِّهِمْ يحْشرون﴾[ الأنعام:38] فذكر مبدئها ونهايتها وأدخل بين هاتين الحالتين قوله: ﴿ما فرّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شيْءٍ ﴾[ الأنعام:38] ،أي كلها قد كتبت وقدرت وأحصيت قبل أن توجد، فلا يناسب هذا ذكر كتاب الأمر والنهي، وإنما يناسب ذكر الكتاب الأول)).
أقول: ومن القواعد في التفسير التي تشهد لهذا المعنى الذي ذهب إليه ابن القيم أنه ((إذا كان للاسم الواحد معانٍ عدَّة حمل في كل موضع على ما يقتضيه السياق))[5] ولا يخفى أن من معاني الكتاب القرآن كما في مواضع كثيرة من القرآن، بل هو من أخص أسمائه، وأما هنا في آية الأنعام فإن السياق لا يدل عليه فلا يتعين الجزم به، وعليه فإنَّ ما ادَّعاه الفخر الرَّازي في ((تفسيره)) (12/215) من أن المراد بالكتاب في الآية هو القرآن وأنه الأظهر، بحجة أن الألف واللام إذا دخلا على الاسم المفرد انصرف إلى المعهود السَّابق، والمعهود السابق من الكتاب عند المسلمين هو القرآن، فليس بمسلَّم، وأبعد من قول الرَّازي قول ابن عطية وأبي حيَّان إذ ادّعيا أنَّ سياق الآية يدُّل عليه ويقتضيه، وقد مر.
وممن استبعد أن يكون لفذ الكتاب هنا القرآن الطاهر بن عاشور في ((التحرير والتنوير)) (7/217) مع أنه لم يشر إشارة صريحة إلى أن المعنى الرَّاجح الذي هو اللوح المحفوظ، واختار القول بأنَّ الكتاب هنا بمعنى المكتوب وهو المكنى عنه بالقلم، فقال في تفسيره: ((وقيل: الكتاب القرآن، وهذا بعيد إذ لا مناسبة بالغرض على هذا التفسير)).

2- دلالة السياق على المعنى في الآية التي قبلها وهي قوله تعالى: ﴿وقالوا لوْلا نزِّل عليْهِ آيةٌ مِنْ ربِّهِ ۚ قلْ إِنّ اللّه قادِرٌ علىٰ أنْ ينزِّل آيةً ولٰكِنّ أكْثرهمْ لا يعْلمون﴾[ الأنعام:37] والمراد بقوله: ﴿وقالوا لوْلا نزِّل عليْهِ آيةٌ مِنْ ربِّهِ﴾ كما قال ابن كثير في ((تفسيره)): (3/60) أي ((خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ومما يتعنتون))، وهذا ينفي قول من قال إن المراد بالآية المنزَّلة هو القرآن، ويرجح القول بأنه اللوح المحفوظ، ووجه الترجيح كما قال ابن القيم أنهم ((لما سألوا الآية أخبرهم سبحانه بأنه لم يترك إنزالها لعدم قدرته على ذلك، فإنه قادر على ذلك، وإنما لم ينزلها لحكمته ورحمته بهم وإحسانه إليهم، إذ لو أنزلها على وقف اقتراحهم لعوجلوا بالعقوبة إن لم يؤمنوا، ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته بخلق الأمم العظيمة التي لا يحصي عددها إلا هو، فمن قدر على خلق هذه الأمم مع اختلاف أجناسها وأنواعها وصفاتها وهيئاتها كيف يعجز عن إنزال آية! ثمَّ أخبر عن كمال قدرته وعلمه بأن هؤلاء الأمم قد أحصاهم، وكتبهم وقدَّر أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم في كتاب لم يفرط فيه من شيء، ثم يميتهم ثم يحشرهم إليه ﴿والّذِين كذّبوا بِآياتِنا صمٌّ وبكْمٌ فِي الظّلماتِ﴾[ الأنعام:39] عن النظر والاعتبار الذي يؤذيهم إلى معرفة ربوبيته ووحدانية وصدق رسله، ثم أخبر أن الآيات لا تستقل بالهدى ولو أنزلها على وفق اقتراح البشر، بل الأمر كله له ﴿منْ يشإِ اللّه يضْلِلْه ومنْ يشأْ يجْعلْه علىٰ صِراطٍ مسْتقِيمٍ﴾[ الأنعام:39] فهو أظهر القولين والله أعلم[6].
وسقت كلام ابن القيم برمته ليظهر تهافت ما ذكره الخفاجي في توهين قول من قال[7] : حمله (أي الكتاب في آية الأنعام) على القرآن لا يلائم ما قبله وما بعده))، حيث فنَّد هذا المعنى وهو صحيح كما ترى- فقال[8] : ((ويدفع بأنَّ المعنى لم نترك شيئا من الحجج وغيرها إلا ذكرناه، فكيف يحتاج إلى آية أخرى ممَّا اقترحوه ويكذب بآياتنا)).
وخلاصة القول في خاتمة هذا المقال هو بيان ترجيح قول من فسَّر الكتاب في الآية المذكورة آنفا باللوح المحفوظ، وهو مدلول الآية المطابق كما عند المحققين، لذا ينبغي التنبيه عليه والقول به عند الاستدلال بهذه الآية، وأنه المعتمد والمقدم على غيره، وعليه فلا يصح أن تقصر الآية على القول الآخر (وهو القرآن)، ومع ذلك فإنه لا بأس بالاستشهاد بها على صحة هذا المعنى المرجوح لتضمن القرآن الوصف المذكور ((ما فرَّطنا)) على ما ذكرنا في هامش البحث من جواز الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه، وخاصَّة إذا انضاف إلي ذلك قول بعض أهل العلم به، واقتصار بعضهم الآخر عليه فقط كما سبق بيانه، والعلم عند الله تعالى.

تم إعادة طبع المقال على الوورد word تحت إشراف شبكة الإمام الآجري

باقي تفريغات حلقات هذه السلسلة المباركة [من هنا]

[1]– مجلة الإصلاح الجزائرية: (العدد الثالث/ص6)
[2]– الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه وتنزيل آيات الكفار على المؤمنين، جائز في الجملة إذا روعيت بعض الشروط والضوابط التي لابدَّ منها، انظر بحثا نفيسا في (مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير) للدكتور مساعد بن سليمان الطيار من (ص269 إلى 276).
[3]– ((التفسير الصحيح)) للدكتور حكمت بشير ياسين (2/237).
[4]– لم أقصد الاستقصاء والحصر.
[5]– ((محاسن التأويل)) للقاسمي (1/262) و((قواعد التفسير)) لعثمان السبت (1/422).
[6]– ((شفاء العليل)) (ط/العبيكان) (1/165و166).
[7]– ((محاسن التأويل)) للقاسمي (3/307).
[8]– المرجع السابق.

المصغرات المرفقة تعليمية
الملفات المرفقة

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




تعليمية
تعليمية




بارك الله فيك