التصنيفات
اسلاميات عامة

الابتلاء بالمرض لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله

تعليمية

خطبة الجمعة: 25-01-1432هـ
لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله


الابتلاء بالمرض


الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، إن العافية في البدن من نعم الله على العبد التي يلزم عليه شكر الله عليها وسؤاله تمامها ودوامها وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة"، قالوا ماذا نقول يا رسول الله قال: "سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة"، وقال له رجل يا رسول الله علمني دعاء أدعوا الله به قال: "سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة"، ثم سأله من الغد فقال: "سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة"، فإنك إذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة كنت من أهل الفلاح.
أيها المسلم، وسأله العباس بن عبدالمطلب يا رسول الله علمني شيء أسأله الله قال: "سل الله العافية"، فجاءه بعد أيام فقال له علمني شيئًا أسأل الله به قال: "يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة"، والعافية نعمة من أجل نعم الله على العبد بعد الإيمان والاستقامة على الهدى يقول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمنًا في سربه معافًا في جسده عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، ولكن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان واختبار للعبد لا بد فيها من منغصات ومكدرات ومن تلك المنغصات المرض فالمرض من أعظم البلاء لا سيما إن استعصى علاجه وطال أمده فلا شك أنه بلاء ولكن للمسلم في هذا البلاء مع الصبر والاحتساب مصالح تعود عليه بالخير في عاجل أمره وآجله فمن تلكم المصالح أن هذا المرض سبب لتكفير الذنوب والسيئات يقول الله جل وعلا: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصب المؤمن من نصب ولا وصب ولا حزن ولا هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله بها من خطاياه"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يزال البلاء بالمسلم في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة"، وحم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الصحابة إن حماك عن رجلين كما يحمى رجلين قال: "نعم"، قال لأن لك الأجر مرتين قال: "أجل"، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة وهي تشكوا الحمى فسبت الحمى فقال: "لا تدعي على الحمى فإن الحمى يذهب بها الأذى عن العبد كما يذهب الكير خبث الحديد"، ومن مصالح العبد له في ذلك أيضا علو منزلته قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)، وجاء في الحديث أن العبد ليكون له عند الله منزلة في الجنة لا يبلغها بعمله فيبتليه الله حتى يبلغ تلك المنزلة ومن مصالحها على العبد قربه من الله قال جل وعلا: (الذين أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)، وفي الحديث يقول الله لابن آدم: (مرضت فلم تعدني)، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال: (مرض عبدي فلم تعده فلو عدته لو جدتني عنده)، ومن مصالح المرض للعبد أيضا السعادة والهناء بقضاء الله وقدره قال جل وعلا مبينًا ذلك: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)، وجاء في الحديث أن أهل العافية إذا رأوا ما أعطي أهل البلاء تمنوا أن جلودهم قد قرضت بالمقاريض وجاء في الحديث إذا قبض الملك ابن المسلم قال الله: (قبضت ابن عبدي وثمرة فؤاده)، قالوا: نعم قال: (ماذا قال؟)، قالوا: حمدك واسترجع قال: (ابنوا له بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد)، ومن آثار ذلك المرض أنه يذهب عن العبد الكبرياء والعلو والطغيان في نفسه فإن العافية الدائمة والنعمة الدائمة قد تطغي العبد وتؤثر عليه (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)، فيذكره المرض ضعفه وعجزه وأنه لا يستطيع أن يحقق النفع والعافية (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ومن مصالح ذلك المرض أيضا توفر الأعمال الصالحة استمرار ثواب العمل الصالح وانتظار الفرج من الله فإن العبد إذا أصيب بمصيبة فإن كان ذا عمل صالح أبقى الله له ثواب أعماله جاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله صحيحا مقيما"، وجاءه أنه إذا أصيب في بدنه قال الله للملك اكتبوا لعبدي ما كان يعمله من صالح الأعمال فيستمر ثواب عمله إذا كان صابرًا محتسبا وانتظار الفرج بعد الشدة وانتظار العافية بعد البلاء كل ذلك من قوة اليقين والرضا عن الله جل وعلا.
أيها المسلم، وللمريض آداب ينبغي أن يلتزم بها فمنها صبره على قضاء الله وقدره فإن عواقب الصبر عظيمة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، وقال جل وعلا: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)، وقال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن عظم البلاء مع عظم الجزاء وإن الله إذا أحب قومُا ابتلاهم"، فمن رضي فله الرضاء ومن سخط فعليه السخط ومن آداب المريض أيضا أن يكون محسن الظن بربه وأن الله أرحم به من أمه الشفيقة عليه يرحمه فلا يعذبه ويعفو عنه فلا يعاقبه فيحسن الظن بربه ويرضى بقضاء الله ويطمأن بذلك وكلما أحس في نفسه شدة استغفر الله وأكثر من ذكره وقال ربي: (أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، ويكثر من ذكر الله والثناء عليه فإن الله جل وعلا يرحم ضعفه ويرحم عجزه ويضاعف حسناته ويحط من سيئاته، ومن آداب ذلك أيضا أن يكون في مرضه جامعًا بين خوف الله وبين رجاء الله فيكون في قلبه تعظيمًا لله ورجاءًا لله وخوف من ذنوبه ومعاصيه دخل النبي على مريض فقال: "كيف تجدك؟"، قال: أرجو الله وأخاف ذنبي قال: "ما اجتمع في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما تمنى وصرف عنه ما يكره"، ومن آداب ذلك أيضا أن يكثر من دعاء الله ويكثر من التداوي فإن الدواء نعمة يقول صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله"، ولكن لا بد أن يكون الدواء مباحا فإن الله لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا ومنها دعاء الله جل وعلا ورجاءه فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم مريضًا فقال: "ضع يدك على البلاء وقل بسم الله ثلاث مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من كل ما أجد وأحاذر سبع مرات"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد ودعا له بقوله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات"، فإن الله يشفيه إذا كان أجله متأخر وكان صلى الله عليه وسلم يرقي المريض بقوله: "أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما"، مرض صلى الله عليه وسلم فرقيه جبريل بقوله: (بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك من كل نفس وعين حاسدة الله يشفيك بسم الله أرقيك).
أيها المسلم، فهذا آداب المرض فأشكر الله على العافية لا شك أن العبد لا يتمنى الأمراض والأسقام بل يسأل الله العافية دائما لأنه لا يعلم من نفسه هل يصبر أم لا ، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموه فاصبروا"، فالمسلم يسأل الله العافية دائما ولكن إذا ابتلي صبر واحتسب ورضي عن الله واطمأن قلبه بقضاء الله ورجاء من الله المثوبة عما أصابه من البلاء أسأل الله أن يعافيني وإياكم في الدين والدنيا والأهل والمال اللهم إنا نسألك العفو في ديننا وأبداننا وأهلينا وأموالنا اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا وعن يميننا وعن شمائلنا نعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله، إن المؤمن في صحته ومرضه محافظ على طاعة الله ملتزم بالواجبات بعيد عن المحرمات.
أيها المسلم، إن من آداب المريض أن يحافظ على الصلوات الخمس بطهارتها وكمال أركانها وواجباتها إذا كان قادرًا على ذلك فإن الطهارة شرط لصحة الصلاة أن يكون ثوبه طاهر وفراشه طاهر وبدنه طاهر هذا واجب مع القدرة والإمكان ولكن إذا تعذر على المريض ذلك بأن شق عليه طهارة بدنه أو طهارة فراشه أو طهارة ثوبه وليس عنده من يعينه على ذلك فإنه يؤدي الصلوات الخمس على أي حال استطاع إن قدر على الوضوء فذلك الواجب وإن عجز عن الماء عدل إلى التيمم فإن التيمم يقوم مقام الماء لمن عدم الماء أو عجز عن استعماله أو كان استعمال الماء يضر ببدنه إن كان على جرح إصابة جبيرة فإنه يمسح عليها حتى يزول ذلك المرض وليست مقدرة بيوم معلوم بل يمسح على ما غطي به العضو من الأعضاء في يد أو رجل أو نحو ذلك فيمسح على تلك الجبيرة الملفوف به العضو فيمسح عليها إلى أن ينتهي دون أن يقدر مدة معينة يصلي المريض مستقبل القبلة كما هو معروف وأن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ولكن لو عجز عن ذلك أو كان موضع مكانه غير مستقبل القبلة فإنه يصلي على حاله على قدر استطاعته يؤدي كل صلاة في وقتها لكن لو عجز عن ذلك وقدر على بعض دون بعض فله أن يجمع بين الظهر والعصر بأن يصلي الظهر أربع والعصر أربع في وقت واحد والمغرب ثلاث والعشاء أربع وفي وقت واحد كل ذلك تيسير من الله عليه حتى لا يكون هناك مشقة فإن الله يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، كن مكثرًا من ذكر الله ملتجئ إلى الله تعلق قلبك بالله حبًا وخوفًا ورجاء ليقوى يقينك بالله وثقتك بالله ووعد الله لك إذا صبرت واحتسبت أن يثيبك الثواب العظيم (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ليكن همك لقاء الله فتحسن الظن بربك وأن الله عند ظن عبده به فظن بالله خير وأمل في الله خير فإن رحمته وسعت كل شيء تب إليه في تلك الحالة وأكثر من التوبة والالتجاء والتضرع بين يديه لعله أن يرحم ضعفك ويقيل عثرتك ويمحو زلتك ويحسن خاتمتك فإن من أحسن الله خاتمته وأخرجه من هذه الدنيا على أحسن حال فتلك من أجل نعم الله وأعظمها نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا أواخرها وخير أعمالها خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقى الله فيه نسأله العفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير وصلوا على محمد صلى الله عليه وسلم امتثال لأمر ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، ووفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم وفقه لكل ما تحبه وترضاه، اللهم بارك له في عمره وعمله وامنحه الصحة والسلامة والعافية، اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبدالعزيز لكل خير وسدده في أقواله وأعماله ووفق النائب الثاني واجعلهم جميعًا هداة مهتدين وقادة مصلحين إنك على كل شيء قدير (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللهم سقيا رحمةٍ، لا سقيا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]؛ فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكرْكم واشكروه على عموم نعمه يزدْكم، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.

تفريغ مؤسسة الدعوة الخيريةحفـظ




تسلمي على النقل

تحياتي يا غالية




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواجهة الزجاجية تعليمية
تسلمي على النقل

تحياتي يا غالية

الله يسلمك أختي ، بورك فيكِ




التصنيفات
الفقه واصوله

[خطبة] شكر نعم الله – خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ

تعليمية تعليمية

[خطبة] شكر نعم الله – خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ

شكر نعم الله – خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى واشكروه على نعمه العظيمة وآلاءه الجسيمة (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)، كم لله علينا من نعمة وكم له علينا من إفضال ومنة وكم هي ألفاظه ورحمته بنا "يمين الله لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" نعم الله لا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)، يقول الله في الحديث القدسي: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).
أيها المسلم، إن حقيقة الشكر اعتراف العبد وإقراره بعظيم فضل المنعم وعظيم آلاءه، فيعترف بقلبه ويثني بلسانه ويعمل بجوارحه بطاعة الله على مقتضى ما شرع الله ولا يستعين بشيء من ذلك على معاص الله.
أيها المسلم، إن للشكر فوائد عظيمة فمن تدبر كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم رأى للشكر تلك المزايا والخصائص فأولا قرن الله الشكر بالإيمان فقال: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)، وأخبر أن الشكر قام عليه الخلق والأمر (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وشكرك لربك سبب لرضائه عنك قال تعالى: (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)، وفي الحديث: "إن الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها"؛ ومن فوائد الشكر أن الله جعل الليل والنهار يتعاقبان جعل الشكر والذكر (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً)، وشكر النعم خلق أنبياء الله المرسلين قال تعالى عن نوح عليه السلام: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً)، وقال عن خليله ابراهيم عليه السلام: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقال لموسى: (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ)، وكان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم الناس شكرا لله وتعظيماً لنعمه قام الليل حتى تفطرت قدماه فقيل له إنك عبد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: "ألا أكون عبداً شكورا"؛ ومن فوائد الشكر أن الله ينجي الشاكرين من أزمات الفتن والاختلاف والضلال قال تعالى: (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)؛ ومن فوائد الشكر أنه سبب للنجاة من عذاب الله قال تعالى عن قوم لوط: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ* نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)؛ ومن فوائد الشكر زيادة النعم وبقائها قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)؛ ومن فوائد الشكر أنه سبب لحصول الخير من السماء والأرض قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
أيها المسلم، إن الله يذكرك نعمه عليك داعيا لك إلى شكرها والقيام بحقها والمؤمن إذا تدبر نعم الله عليه عرف قدرها فأحب المنعم وعظمه وعلم أن النعم منه فضلا وكرما (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ)، وأثنى بلسانه إن لا أحد أحب إليه الثناء من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه وعمل بجوارحه بما أمر الله به واجتنب ما نهى الله عنه كل هذا شكر لنعم الله عليه قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وقال: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً).
أيها المسلم، أعظم نعمة عليك أوجدك الله من العدم ورباك بالنعم (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً* إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)، لقد ذكرك الله ذلك بقوله: (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)، وقال: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، فأحسن الله خلقك فأشكره على هذه النعمة جعلك في أحسن صورة وأحسن هيئة فأحمد الله على هذه النعمة. ومن نعم الله عليك الذي يذكرك الله بها مبعث محمد صلى الله عليه وسلم فإن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم نعمة من أجل النعم قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، بعثه الله ليخرجنا من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهدى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)، وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقال: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، فمن نعمة الله أن بعث فينا هذا النبي العظيم الذي أخرجنا الله فيه من الظلمات إلى النور فأقام حجة الله علينا وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك؛ ومن فوائد النعم نعمة العقل الذي يذكرك الله إياها أن من عليك بهذا العقل تدرك بها النافع من الضار والحسن من القبيح والخير من الشر وكل ما قوي القلب بالإيمان ازداد خيراً فأسعد العبد في الدنيا والآخرة وإن قصر علمه كان في الدنيا ولا حظ له في الآخرة قد ذكر الله هذه النعمة وحذرنا من انحراف العقل عن مسيرته قال تعالى مبيناً ضلال من ضل رغم عقولهم وأفكارهم (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ* وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَمِمَّنْ خَلَقْنَا)، وقال: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)، فالعقل النافع الذي دلك على الله وحثك على الخير وتبصرت به مآلك هذا والعقل الكامل في الأثر (إن الله يحب العقل الكامل عند حدوث الشبهات ويحب الإيمان القوي عند حدوث الشهوات).
أيها المسلم؛ ومن فوائد النعم الذي يذكرك الله بها صحة بدنك وسلامة أعضائك فاحمد الله على هذه النعمة "من أصبح آمن في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزة له الدنيا بحذافيرها"، في الحديث: "يصبح على كل سلامى من الانس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس فبكل تسبيحة صدقة، و بكل تكبيرة صدقة ، و بكل تحميدة صدقة، و بكل تهليلة صدقة ، و يُجزي من ذلك ركعتان يركعُهُما من الضحى".
أيها المؤمن؛ ومن نعم الله الذي يذكرك الله إياها نعمة الأمن أن تكون آمناً في بلدك مستقراً مطمئنا فإنها نعمة عظيمة من أجل نعم الله بعد نعمة الإسلام (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)؛ ومن نعم الله عليك تناولك الطعام فهيأ الله لك الطعام ومنحك اشتهائه وسهل عليك هضمه وأعانك على خروج فضلاته والنبي إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك"، وفي بعض الألفاظ يروى أنه قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني"؛ ومن نعم الله عليك هذا النوم الذي تستعين به على طاعة الله ومصالح الدين ودنياك فلو ذهب نومك لضاقت نفسك ولزمت أعمالك وتصوراتك ولذا قال الله: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ).
معشر المسلم، إن جماع الشكر شكر الله بالقلب بالاعتراف له بالفضل والإحسان وأن ما بنا من النعم فضل منه وإحسانا وأسبابنا الذي فعلناها مرتبط بمشيئة الله (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، نثني على الله بألسنتنا ثناء عظيما على عظيم آلاءه وإحسانه نعمل بجوارحنا بطاعة الله ونقوم بما أوجب الله علينا وننظر إلى من هو دوننا لنعرف عظيم نعم الله علينا قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه.
أيها المسلم، فجامع الشكر أن تخضع بقلبك لربك جل وعلا تمد يديك إليه راجيا خائفا تثني عليه بلسانك وتستعين به تحب لأجله وتبغض فيه وإذا ضاقت بك السبل وحلت بكل الكربات فليس لك ملجأ إلا إلى الله قال يعقوب عليه السلام: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، وقال: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ)، فكلما ضاقت بك الأمور وكلما اشتدت بك الكروب فأعلم أن هناك ربا سميعا قريبا مجيب يرى مكانك ويسمع كلامك ويعلم سرك وعلانيتك وهو القادر على تفريج كرباتك وإذهاب همومك وإزالة كل ما كدر صفو حياتك فألجأ إليه فبالتجائك إليه انشراح صدك وقرة عينك وطيب نفسك وصلاح قلبك وعملك فلنشكر الله على النعم ولنكن من الشاكرين قال الله عن داوود عليه السلام: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ)، وقال عن سليمان أنه قال: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
صدق الله القائل: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)، نعم إنها نِعمٌ يعجز العاد عن عدها، يعجز المتصور على عدها كيف يعد نعماً عظيمة يتقلب فيها آناء الليل وأطراف النهار إنها نعم الله العظيمة فلنشكر الله عليها أدى الحجاج مناسك حجهم في أمن ويسر ورغد من العيش وطمأنينة لم يكدر حجهم مرض ولم يشوش عليه فتن بل حجوا حجاً تاماً ولله الحمد على أحسن حال فجزى الله القائمين عليه خير القيام. إنها نعمة من الله أن وقف هذا الملايين من البشر في صعيد عرفات وفي المشاعر وهم في أمن ورغد من العيش ويسر وسهولة فلله الفضل والمنة.
أيها الأخوة، هذا المطر الذي نزل اليوم من نعم الله علينا فلنشكر الله على هذه النعمة (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)، وفي الحديث "عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ، ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب"؛ ومن شكر نعم الله علينا أننا نشكره إذ أذل عدونا وكفانا شر من أرادنا بسوء والحمد لله على هذه النعمة؛ ومن نعم الله علينا هذه القيادة المباركة وكم لها من أيادي بيضاء وكم لها من تحسن مشاكل الأمة وكم لها من نظر في قضاياها وكم لها من وقوف على الحقائق فإن هذه من نعم الله أن يكون والي الأمة يقف على الحقائق كلها وينظر بعينيه كل الأحداث ويشارك أبناءه في كل مهماتهم فتلك من نعم الله على المسلمين فانتظام القيادة وقوتها نعمة عظيمة من الله على العباد فليشكروا الله وليثنوا عليه، وليتأملوا في المحيط بهم من العالم كم من فتن وقتل ونهب وتفجيرات إلى غير ذلك ونحن في هذا البلد في أمن واستقرار ونعمة فلنحمد الله على هذه النعمة ولنقابلها بشكر الله فالله يحب منا أن نشكر نعمته وأهل الشكر فيه المزيد (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة؛ ومن شذ شذ في النار، وصلوا رحمكم الله على عبدالله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم من نوانا وسائر اخواننا المسلمين بشر فأجعل شره في نحره واجعل تدبيره تدمير عليه إنك على كل شيء قدير، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أأمتنا وولاة أمرنا، اللهم وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز لكل خير، اللهم أيده بنصرك واحفظه بحفظك، اللهم كن له عونا في كل ما أهمه، اللهم وفقه للصواب في أقواله وأعماله، اللهم وشد أزره بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز وبارك له في عمره وعمله وألبسه بالصحة والسلامة والعافية ورده سالما معافا إنك على كل شيء قدير، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثتنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




جزاكِ الله خيرا و نفع بك




بوركت أختي على الجلب الطيب
جزاك الله خيرا




جزاك الله خيــرا على هذا الإ نجــــاز المتميز , وشكرا جزيلا لك.