حينما ننظر في العالم الإسلامي، لا نجد عند أكثر المنتسبين إلى الإسلام تمسكًا بالإسلام،
إلا مَنْ رحم الله، إنما هم مسلمون بالاسم …
فالعقيـدة عنـد أكثرهـم ضائعــة:
يعبدون غير الله،
يتعلقون بالأولياء والصالحين، والقبور والأضرحة،
ولا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة، ولا يصومون،
ولا يقومون بما أوجب الله عليهم، ومن ذلك إعداد القوة لجهاد الكفار!!
هذا حال كثير من المنتسبين إلى الإسلام، ضيعوا دينهم فأضاعهم الله عز وجل.
وأهم الأسباب التي أوقعت بهم هذه العقوبات هو:
إهمالهم للتوحيد، ووقوعهم في الشرك الأكبر، ولا يتناهون عنه ولا ينكرونه!
من لا يفعله منهم فإنه لا ينكره؛ بل لا يعده شركًا كما يأتي بيانه إن شاء الله
……. فهذه أهم الأسباب التي أحلت بالمسلمين هذه العقوبات.
ولو أنهم تمسكوا بدينهم، وأقاموا توحيدهم وعقيدتهم على الكتاب والسُّنَّة،
واعتصموا بحبل الله جميعًا ولم يتفرقوا لَمَا حَلَّ بهم ما حَلّ،
قال الله تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
فبَيَّن أنه لا يحصل النصر للمسلمين إلا بهذه الركائز التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وهي:
إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأين هذه الأمور في واقع المسلمين اليوم؟!
أين الصلاة عند كثير ممن يَدَّعُون الإسلام؟!
وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)[2]؛
لكـن أيـن الشـــرط لهـذا الوعــد؟!!
(يَعْبُـدُونَنِي لَا يُشْرِكُـونَ بِـي شَيْئـًا)[3]
فبَيَّن أن هذا الاستخلاف وهذا التمكين لا يتحقق إلا بتحقق شرطه الذي ذكره
وهو عبادته وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد،
فلا تحصل هذه الوعود الكريمة إلا لمن حقق التوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له،
وعبادة الله تدخل فيها الصلاة والصيام والزكاة والحج، وجميع الطاعات.
ولم يقل سبحانه: يعبدونني فقط بل أعقب ذلك بقوله: (لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)؛
لأن العبادة لا تنفع مع وجود الشرك، بل لابُدَّ من اجتناب الشرك أيًّا كان نوعه،
وأيًّا كان شكله، وأيًّا كان اسمه
وهو: "صرف شيء من العبادة لغير الله عَزَّ وجلَّ".
هـذا هـو سبب النجـاة والسلامــة والنصــر والتمكيـن في الأرض،
صـــلاح العقيــدة وصـــلاح العمـــل
وبدون ذلك فإن العقوبات والنكبات، والمثلات قد تحل بمن أخل بشيء
مما ذكره الله من القيام بهذا الشرط،
وهذه النكبات، وهذا التسلط من الأعداء سببه إخلال المسلمين بهذا الشرط
وتفريطهم في عقيدتهم ودينهم، واكتفاؤهم بالتسمي بالإسلام فقط!!.
انتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى[4]
من كتاب (دروس من القرآن): الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان، ص4-6
وكيف يتلقاها ومن من يتلقاها وقد جاء في رسالة للشيخ محمد امان الجامي رحمه الله بعنوان العقيدة اولا
وهذه فقرة منها
إذن العقيدة أولاً لابد من تحقيق العقيدة ولابد من إثبات العقيدة ولابد من تعميق العقيدة في قلوب نشئنا وشبابنا.
ثم إن شبابنا مع هذا كله واقفون على مفترق طرق، جاءهم أشياء شغلتهم عن الاشتغال بالعقيدة وعن الاشتغال بطلب العلم، العلم الصحيح من المصدر الصحيح من الكتاب والسنة، جاءتهم الانتماءات فجعل الشباب ينتمون انتماءات إلى جماعات وفرق فصاروا مشغولين بتنفيذ ما تُمْلِي عليه جماعته التي ينتمي إليها فيترك الاشتغال بالعلم "أنا مع الجماعة الفلانية والجماعة الفلانية تقول واجب الشباب أن يفعلوا كيت.. وكيت.." ولو قرأت في الواجبات التي تمليها تلك الجماعات على الشباب ما وجدت فيها تحقيق العقيدة أو تصحيح العبادة، ما وجدتَ شيئا من ذلك.
من واجب الشباب إذا انتمى إلى جماعة من الجماعات ألا ينتمي إلى جماعة أخرى وأن يكون ولاؤه لهذه الجماعة وأن يكون الحب والبغض في إطار هذه الجماعة، فصار شبابنا مشغولين بهذه الانتماءات وبالتزام هذه الواجبات التي تُمِلِي عليها الجماعات فصار الولاء والحب والبغض كله في إطار الجماعات المتفرقة فذهبت الوحدة، الوحدة الإسلامية، الحب في الله والبغض في الله والاشتغال بتحقيق العقيدة، وربما في هذه الجماعات مَنْ يعيب عليه الاشتغال بالعقيدة ما هي العقيدة؟؟ العقيدة .. العقيدة يا سبحان الله إذا كان الاشتغال بالعقيدة عَيْبَاً ونَقْصَاً ويتنافى مع أداء واجبات الجماعة فبئست تلك الجماعة التي تحول بين الشباب وبين الاشتغال بالعقيدة وتحقيق العقيدة.
عاش شبابنا في هذا البلد لا يعرفون إلا سبيل المسلمين، لا يعلمون إلا سبيل الخير فجاءهم أقوام بفرق وأحزاب وبانتماءات وزينوا لهم تزيينا فوقعوا فيما وقعوا فيه، وصدق على شبابنا ما قال عمر بن الخطابرضي الله عنه:(تنقض عرى الإسلام عروة، عروة إذا نشا في الإسلام من لم يعرف الجاهلية)، عدم معرفة الجاهلية قد يوقع الإنسان في شر من حيث لا يعلم، أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام – الذي ضرب مثلا وحلل هذا الكلام هو ابن القيم في الكتيب الذي في مكتبتكم "الفوائد" راجع الفوائد- يقول العلامة ابن القيم :"أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام مرت عليهم الجاهلية فعرفوها وذاقوا مرارتها ثم جاءهم هذا الخير على يد محمد صلى الله عليه وسلم وذاقوا حلاوة الخير وعرفوا الخير وقارنوا بين الشر الذي كانوا فيه والجاهلية التي عاشوها وبين الإسلام والإيمان الذي جاءهم على يد محمد صلى الله عليه وسلم وقارنوا بينهما فأحبوا الإسلام كل الحب وكرهوا الجاهلية كل الكره" فإذا نشا في الإسلام شباب لا يعرفون إلا سبيل المسلمين ويجهلون سبيل المجرمين ويجهلون الجاهلية، يأتي الْمُلَبِّسُ فَيُلَبِّسُ عليهم فيقول لهم:" هذا خير تعالوا بنا نتعاهد، تعالوا بنا"، نتبايع علاما؟؟ على العمل الإسلامي!!! كلمات جميلة ومعسولة، "تعالوا بنا نتبايع على العمل الإسلامي"، ما هو العمل الإسلامي الذي تقدمه هذه الجماعات؟؟ أين هو لا تراه، اجتماعات سرية وهمسات في الآذان واجتماعات في ظلام الليل ووراء الأبواب المغلقة ومشاورات سرية وهكذا..
وإذا خرجوا كل ما نرى منهم لعب الكرة على الطريقة الإسلامية عجبا!!! لعب الكرة تحول عمل إسلامي، الاشتغال بالعلم، زهدوهم فيه كالاشتغال بالعلم وزهدوهم في الاتصال في المشايخ ليستفيدوا منهم قالوا:"لا"- نريد عمل إسلامي-"، يا فتى أين العمل الإسلامي؟؟ لا تراهم، تسمع العمل الإسلامي ولا ترى تسمع جعجعة ولا ترى طِحنا – ما فيش طحين جعجعة-، الماكينة شغالة الطحين لا يخرج.
عجباً!! أين العمل الإسلامي الذي نتبايع عليه؟؟ ولماذا تكون البيعة سرية في ظلام الليل ووراء الأبواب المغلقة لماذا؟؟ وهل نحن في دار أرقم؟؟!! رجعنا بالإسلام إلى السرية فأصبحت الدعوة الإسلامية دعوة سرية في دار أرقم؟؟!!، الإسلام علني له حكومة قائمة وله دولة قائمة والدعوة سائرة، دخلت الدعوة الإسلامية علنا في دول أوروبا وأمريكا ودخلت في مجاهيل أفريقيا التي كانوا يسمونها مجاهيل فتحتها الدعوة الإسلامية السلفية في هدوء وبدون جعجعة.
الدعوة سائرة فيأتي الملبس فِي عقر دارنا فيلبس على الشباب باسم العمل الإسلامي… العمل الإسلامي… العمل الإسلامي.. ولا ترى عملا.
أيها الشباب انتبهوا لأنفسكم، التزموا منهجكم وقد رُزِقْتُم فِي دراستكم، في جامعاتكم ومعاهدكم ومدارسكم بدءاً من تحفيظ القرآن والتعليم الابتدائي إلى التعليم الجامعي، منهجاً لا وجود على وجه الأرض مثله خُذْ هذا مِن مُجَرِّب، هذا المنهج الذي تدرسون فيه فروع اللغة العربية، القرآن وعلومه الحديث وعلومه والفقه وأصوله والعقيدة على منهج السلف لا وجود له إلا عندكم احمدوا ربكم على هذه النعمة.
وإنْ جاء متحذلق فقال:"انتم متأخرون تعالوا نتبايع لنعمل العمل الإسلامي العام، لنرفع راية الإسلام فوق كل ارض تحت كل سماء نريد الخلافة العامة وبلاش من الدويلات هذه"، إياكم ثم إياكم السماع إلى مثل هذه الجعجعة، مضللة، قوم حسدوكم على ما أنتم عليه من الخير من التحابب في الله من التعاون على البر والتقوى، من دراسة المنهج السلفي السليم الذي ليس فيه شيء مِنَ الشركيات والبدع، مع دراسة حاضر العالم الإسلامي، تدرسون حاضر العالم الإسلامي وتعلمون ما يجري حولكم، فيكم من الخير ما لا يوجد عند غيركم، ولو أنكم سافرتم وزرتم تلك البلاد كالجامعات وما يدرسون من المناهج وأخلاق الطلاب هناك والتعليم المختلط لحمدتم ربكم ولَرَدَتُّمْ هذه الشبهات وهذا التزيين ولم تصغوا إليه.
فالعقيدة أولا ثم أولا ثم أولا..