التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[جمع] الشُّبَه التي أجاب عنها الشيخ العثيمين رحمه الله

تعليمية تعليمية
[جمع] الشُّبَه التي أجاب عنها الشيخ العثيمين رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعدُ :

من تأمل مؤلفات وشرح فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وجده لا يترك مجالا لأي شبهة ترد في عقل الإنسان إلا وطرحها و طرح الإجابة عليها ، مع أنه ينهى عن السؤال الذي لم يسأله الصحابة قلبنا الذين كانوا أكثر علما و فهما و حرصا على الدين مِنا ، إلا أنه يورد الشبه و يطرح الإجابة عليها ، سعيا منه رحمه الله في إكمال الصورة الحقيقة في فهم طالب العلم و إزاحة الشبه التي تنتابه ما استطاع لذلك سبيلا ، فجزاه الله عن الأمة خير الجزاء و تقبل منه و غفر الله لنا وله .

وفي هذه الصفحة سنحاول بإذن الله تعالى ، جمع الشبه التي أجاب الشيخ رحمه الله عنها من خلال محاضراته و مؤلفاته ، ولعلنا في وقت لاحق بإذن الله نرتبها بحسب الأبواب إن شاء الله تعالى .

يقول الشيخ العثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة الفاتحة :

الملك لله وحده، و لكن كأني بواحد منكم يقول: إنك تقول إن الملك لله وحده، وقد أثبت الله الملك لغيره فقال في كتابه : " أو ما ملكتم مفاتحه" و قال " و الذين يبتغون الكتاب مما ملكَت أيمانكم " وقال إلا على أزواجهم وما ملكت أيمانهم " فكيف تقول إنه لا مالك إلا الله ؟ الجواب : ما يملكه البشر فهو جزء مما يملكه الله، فملك البشر ناقص قاصر لذلك أنا أملك حقيبة دروس وأنت لا تملكها ، أو أنت تملك حقيبة دروسك و أنا لا أملكها، إذا ملكي قاصر أو شامل ؟ قاصر، وملك الله شامل، وملك الإنسان أيضا قاصر من حيث التصرف، لا يملك الإنسان أن يتصرف في ملكه كيف يشاء ، لو أراد أن يُتلِف ماله ؟ يملك ؟ لا يملك ، و إذا أتلفه فهو آثم و إذا أتلفه حجرناه عليه ومنعناه من التصرف ، لذلك نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن إضاعة المال * : فأنا لا أملك إضاعة مالي أو إتلافه ، و إن كان الناس لا يشاركونني في مالي ، لكن أنا لا أملك إضاعته ، فانتبهوا يا جماعة ، إذا ملك البشر قاصر من حيث الشمول وقاصر من حيث التصرف ، أما ملك الله فهو شامل وملك الله تام ، يتصرف في خلقه كما يشاء : يعطي ويمنع يعز ويذل يحيي و يميت يرفع و يخفض إلى غير ذلك من أنواع التصرفات في ملكه ..

[ المادة الصوتية في المرفقات ]

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ

* : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ، وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ ، وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ " . صحيح مسلم . 3242

يتبع إن شاء الله ..

الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العربية والعرب,صرف,نحو,إملاء...إلخ

قواعد في الإملاء لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

هذه قواعدُ في الإملاء

(( القاعدة الأولى : في كتابة الألف ))

للألف موضعان :

أحدهما : أن تكون في وسط الكلمة : فتكتب بصورة الألف بكل حال ، مثل : قال ، وباع .

الثاني : أن تكون في آخر الكلمة : فتارة تكتب بصورة الألف ، وتارة بصورة الياء .

فتكتب بصورة الألف في خمسة مواضع :

1- أن تكون الكلمة حرفاً مثل : كلا ، ولولا .

ويستثنى من ذلك : بلى ، وإلى ، وعلى ، وحتى ما لم تتصل بما الاستفهامية .

فإن اتصلت بها كتبت بصورة الألف مع حذف ألف ما مثل : إلام ، علام ، حتام .

2- أن تكون الكلمة اسماً مبنياً ، مثل : قمنا ، ذا .

ويستثنى من ذلك : أن ، ومتى ، وأولى اسم إشارة ، والألى اسم موصول فتكتب بالياء .
3- أن تكون الكلمة اسماً أعجمياً ، مثل : أمريكا .

ويستثنى من ذلك : موسى ، وعيسى ، وكسرى ، وبخارى ، فتكتب بالياء .

4- أن تكون الكلمة ثلاثية وأصل الألف الواو ، مثل : دعا ، العصا .
5- أن تكون الألف مسبوقة بالياء ، مثل : دنيا سجايا .

ويستثنى من ذلك : الأعلام فتكتب على ياء ، مثل : يحيى .

وتكتب الألف بصورة الياء في ثلاثة مواضع :

1- ما استثني مما سبق في التي تكتب بصورة الألف .

2- إذا كانت في الأفعال أو الأسماء المعربة رابعة فأكثر ، مثل : أعطى ، اصطفى ، المعطى ، المصطفى .

3- إذا كانت في فعل أو في اسم معرب ثالثة منقلبة عن ياء ، مثل : الفتى ، سعى .(( القاعدة الثانية : في كتابة الهمزة ))

للهمزة ثلاثة مواضع : أول الكلمة ، وآخرها ، ووسطها .

1- فإن كانت في أولها : كتبت بصورة الألف بكل حال ، مثل : أكرِمْ أبوك إكراماً .

2- وإن كانت في آخرها : فتارة تكتب مفردة ، وتارة على حرف مجانس لحركة ما قبلها .

فتكتب مفردة إذا كان قبلها واو مضمومة مشددة ، مثل : التبوّء .

وإذا وقعت بعد ساكن ، مثل : دفء ، قروء ، دعاء ، ملئ .

ويستثنى من ذلك : إذا كانت منصوبة منونة بعد ساكن يمكن اتصالها به فإنها تكتب على ياء ، مثل : ( خطئاً كبيراً ) ( شيئاً مذكوراً ) .

وتكتب بحرف مجانس لحركة ما قبلها إذا كان ما قبلها متحركاً غير واو مضمومة مشددة فتكتب على واو ، مثل : التواطؤ ، وعلى ألف في مثل : قرأ ، وعلي ياء في مثل : قرئ .

3- وإن كانت الهمزة في وسط الكلمة : فتارة تكتب ألفاً ، وتارة واواً ، وتارة ياء ، وتارة مفردة

فتكتب ألفاً : إذا كانت ساكنة بعد فتح ، مثل : رأس .

أو مفتوحة بعد فتح أو بعد حرف صحيح ساكن ، مثل : سأل ، يسأل .
وتكتب واواً : إذا كانت مفتوحة أو ساكنة بعد ضم ، مثل : مؤلف ، لؤلؤ .

أو كانت مضمومة بعد ضم أو فتح أو سكون ، مثل : شؤون ، يؤم ، مرؤوس .

وبعضهم يكتب الهمزة في نحو مرءوس مفردة .

وتكتب ياء : إذا كانت مكسورة بكل حال ، مثل : سئم ، سئل ، مئين ، أسئلة ، مسائل ، مسيئين .
وإذا كانت مفتوحة أو مضمومة أو ساكنة بعد كسر أو ياء ساكنة ، مثل : مائة ، فتون ، بئر ، مسيئان ، مسيئون ، ولا تكون ساكنة بعد الياء .

وتكتب مفردة : إذا كانت مفتوحة بعد حرف مد غير الياء ، مثل : تساءل ، مروءة ، سموءل .

أو كان بعدها ألف اثنين ولم يمكن اتصالها بما قبلها ، مثل : جزءان ، فإن أمكن اتصالها بما قبلها فعلى ياء ، مثل : خطئان .

(([color="Red"] القاعدة الثالثة [/COLOR]: في كتابة تاء التأنيث ))

تكتب تاء التأنيث تارة مفتوحة ، وتارة مربوطة .
فتكتب مربوطة : في جمع التكسير ، مثل : قضاة ، وفي المفردة المؤنثة ، مثل : شجرة .

ويستثنى من ذلك : بنت ، وأخت ، فإنها مفتوحة فيهما .

وتكتب مفتوحة : إذا اتصلت بالفعل ، مثل : قامت ، أو بجمع المؤنث السالم ، مثل : مسلمات ، أو بالحروف ، مثل : ثمت ، ربت ، لعلت ، لات .
(( القاعدة الرابعة : فيما يكتب ولا ينطق به ))

الذي يكتب ولا ينطق به :

1- همزة الوصل في صلة الكلام .

ويستثنى من ذلك : همزة ابن وابنة بين علمين في سطر واحد فتحذف ، مثل : عمر بن الخطاب ، فاطمة بنة محمد .

2- ألف مائة ومائتان .

3- الألف بعد واو الجماعة المتطرفة في الفعل كقالوا .

4- الواو في : أولئك ، وأولو ، وأولي ، وأولات .

5- واو عمرو علماً غير منصوب منون ، مثل : عمرو بن العاص فرقاً بينه وبين عمر ، فإن كان منصوباً منوناً حذفت الواو ، مثل : رأيت عمراً .

6- حروف العلة إذا وليها ساكن ، مثل : سعى ، الفتى ، يدعو الله .

(( القاعدة الخامسة : فيما ينطق به ولا يكتب ))

1- الألف في الكلمات التالية : الله ، إله ، لكن ، ثلثمائة ، ذا مع لام البعد ، مثل : ذلك ، فإن كانت بدون اللام كتبت ، مثل : ذاك ، ها التنبيه إذا اتصلت باسم الإشارة غير مبدوء بالتاء ، مثل: هذا ، فإن بدئ بالتاء كتبت ، مثل : هاتيك ، هاتان .

2- إحدى الواوين في طاوس ، و داود .

3- ( ال ) الواقعة بين لامين ، مثل : لِلّذين ، لليل ، للهو ، للتين .

4- لام اسم الموصول المفرد أو جمع المذكر ، مثل : الذي ، والذين ، بخلاف المثنى ، مثل : اللذان ، أو جمع المؤنث ، مثل : اللات فتكتب اللام .

والله أعلم والحمد لله رب العالمين .

كتبه : محمد بن صالح العثيمين .




هذه هي لغتنا الجميلة ، بحرٌ لا يجفّ
بوركت يا طويلبة وجزاك الله خيرا




جزاك الله خير اخي على المرور




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير




التصنيفات
اسلاميات عامة

فتوى الشيخ العثيمين حول قتل النفس


قال الشيخ العثيمين في شرحه للكبيرة التاسعة و العشرين التى جاءت تحت عنوان "قتل النفس" (الإنتحار):

"… و من ذلك فعل بعض الناس الذين ينتحرون، يلبس قنابل يحزمها على بطنه ثم يذهب إلى فئة من العدو و يطلقها، فيكون هو أول من يموت، و هذا يعتبر قاتلا لنفسه و يعذب بما قتل به نفسه في جهنم – و العياذ بالله-، و هؤلاء يطلقون على أنفسهم " الفدائيين"، و لكنهم قتلوا أنفسهم، فيعذبون في نار جهنم بما قتلوا به أنفسهم و ليسوا بشهداء، لأنهم فعلوا فعلا محرما. و الشهيد هو الذي يتقرب إلى الله تعالى بفعل ما أمره به لا بفعل ما نهاه عنه، و الله عزوجل يقول (و لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) – النساء 29- ، و يقول (و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة *** و أحسنوا، إن الله يحب المحسنين)
– البقرة 195- .

لكننا نقول، هؤلاء الذين نسمع عنهم يفعلون ذلك، نرجوا ألا يعذبوا لأنهم جاهلون متأولون لكنهم ليس لهم أجر و ليسوا بشهداء، لأنهم فعلوا ما لم يأذن به الله، بل ما نهى الله عنه.

فإن قال قائل: أليس الصحابة يغامرون فيدخلون صف الأعداء من الروم و غير الروم؟ قلنا : بلى، لكن هل هذا قتل لأنفسهم؟ ليس بقتل، صحيح أنهم على خطر، لكن فيهم احتمال النجاة. و لهذا يدخلون صفوف الروم فيقتلون من شاء الله ثم يرجعون إلى الجيش. و كذلك ما فعله البراء بن مالك في وقعة الحمامة، فإنهم لما وصلوا إلى حائط مسيلمة الكذاب وجدوا الباب مغلقا، و لم يتمكنوا من دخوله، فطلب من الجيش أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب، فألقوه من وراء الجدار من أجل أن يفتح لهم الباب، و فعلا فتح لهم الباب و نجا.

فلا يمكن أن نستدل بمثل هذه الوقائع على جواز الإنتحار الذي يفعله هؤلاء، و لكن نقول: نرجو من الله عزوجل أن لا يؤاخذهم بما صنعوا. لأنهم صنعوا ذلك عن جهل و حسن نية، فمن قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم. و اعلم أنه قد ورد في الذي قتل نفسه بشيء (أنه يعذب به في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) ، فذكر التأبيد. فهل يعني ذلك أنه كافر، لأنه لا يستحق الخلود الؤبد إلا الكفار؟؟!
الجواب: لا ليس بكافر. بل يغسل و يكفن و يصلى عليه و يدعى له بالمغفرة كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم في الرجل الذي قتل نفسه بمشاقص. فقدم إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ليصلى عليه. لكنه لم يصل عليه و قال صلوا عليه. فصلوا عليه بأمر الرسول صلى الله عليه و سلم، و هذا يدل على أنه ليس بكافر، وحينئذ لا يستحق الخلود الؤبد. فما ذكر في الحديث من ذكر التأبيد إن كانت اللفظة محفوظة عن النبي صلى الله عليه و سلم فالمراد شدة التنفير من هذا العمل، و إلا فليس بكافر.
سؤال و جوابه: الإضراب عن الطعام حتى يموت، هذا من قتل النفس.

"شرح الكبائر" شر ح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة

منقول




تعليمية




بارك الله فيكي اختاه وجزاكي الفردوس




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[شرح] الإيمان بالله ما يتضمنه وثمراته الجليلة للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الل

تعليمية تعليمية
[شرح] الإيمان بالله ما يتضمنه وثمراته الجليلة للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا مقتطف من شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين للثلاثة أصول للإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله- أسأل الله أن ينفع به:

((( المرتبة الثانية (1) : الإيمان (2) ، وهو بضع (3) وسبعون شعبة (4) ، فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى (5) عن الطريق، والحياء (6) شعبة من الإيمان، وأركانه ستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة:177]. )))

شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين:

(1) أي مراتب الدين.
(2) الإيمان في اللغة التصديق.
وفي الشرع "إعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح وهو بضع وسبعون شبعة".
(3) البضع: بكسر الباء من الثلاثة إلى التسعة.
(4) الشبعة: الجزء من الشيء.
(5) أي إزالة الأذى وهو ما يؤذي المارة من أحجار وأشواك، ونفايات وقمامة وما له رائحة كريهة ونحو ذلك.
(6) الحياء صفة إنفعالية عند الخجل وتحجز المرء عن فعل ما يخالف المروءة.
والجمع بين ما تضمنه كلام المؤلف رحمه الله تعالى من أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وأن الإيمان أركانه ستة أن نقول: الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"(1)

وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيمانا في قوله: { وما كان الله ليضيع إيمانكم } {سورة البقرة، الآية: 143} قال المفسرون يعني صلاتكم إلى بيت المقدس لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة يصلون إلى بيت المقدس.

(1) الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بوجود الله تعالى:
وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة والعقل والشرع والحس.

1- أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه" (2).

2- وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى: فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.
لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يخلق نفسه، لأن قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقا؟
ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لابد له من محدث، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والإرتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعا باتا أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف يكون منتظما حال بقائه وتطوره؟!
وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها، ولا أن توجد صدفة تعين أن يكون لها موجد وهو الله رب العالمين.
وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال: { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } {سورة الطور، الآية: 35} يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى، ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات: { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون } {سورة الطور، الآيات: 35-37} وكان جبير يؤمئذ مشركا قال: "كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي" رواه البخاري مفرقا (3).

ولنضرب مثلا يوضح ذلك، فإنه لو حدثك شخص عن قصر مشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار ، وملئ بالفرش والأسرة، وزين بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته، وقال لك: إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه، وعددت حديثه سفها من القول، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه وسمائه، وأفلاكه وأحواله، ونظامه البديع الباهر، قد أوجد نفسه، أو وجد صدفة بدون موجد؟!

3- وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك، وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.

4- وأما أدلة الحس على وجود الله فمن وجهين:

أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال الله تعالى: { ونوحاً إذ نادى من قبل فأستجبنا له } {سورة الأنبياء، الآية: 76} وقال تعالى: { إذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم } {سورة الأنفال، الآية: 9} وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه : "أن أعرابيا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع يديه ودعا فثار السحاب أمثال الجبال فلم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته. وفي الجمعة الثانية قام ذلك الأعرابي أو غيره فقال : يارسول الله تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"، فما يشير إلى ناحية إلا أنفرجت" (4).
وما زالت إجابة الداعين أمرا مشهودا إلى يومنا هذا لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى وأتى بشرائط الإجابة.

الوجه الثاني: أن آيات الأنبياء التي تسمى (المعجزات) ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى تأييدا لرسله ونصرا لهم.

مثال ذلك: آية موسى صلى الله عليه وسلم حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فانفلق أثنى عشر طريقا يابسا، والماء بينها كالجبال، قال الله تعالى: { فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فأنفلك فكان كل فرق كالطود العظيم } {سورة الشعراء، الآية: 63}.
ومثال ثان: آية عيسى صلى الله عليه وسلم حيث كان يحيى الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله، قال الله تعالى: { وأحي الموتى بإذن الله } {سورة آل عمران، الآية: 49} وقال: { وإذ تخرج الموتى بإذني } {سورة المائدة، الآية: 110}.
ومثال ثالث: لمحمد صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه قريش آية، فاشار إلى القمر فأنفلق فرقتين فرآه الناس، وفي ذلك قوله تعالى { أقتربت الساعة وأنشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر } {سورة القمر، الآيتين: 1-2}. فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى تأييدا لرسله، ونصرا لهم ، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.

الثاني: الإيمان بربوبيته:
أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.
والرب: من له الخلق والملك، والأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا هو، ولا أمر إلا له، قال تعالى : { ألا له الخلق والأمر } {سورة الأعراف، الآية: 54} وقال: { ذالكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير } {سورة فاطر، الآية: 13}.
ولم يعلم أن أحدا من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه، إلا أن يكون مكابرا غير معتقد بما يقول،
كما حصل من فرعون حين قال لقومه: { أنا ربكم الأعلى } {سورة النازعات، الآية: 24} وقال: { يأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري } {سورة القصص، الآية: 38} لكن ذلك ليس عن عقيدة، قال الله تعالى: { وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } {سورة النمل، الآية: 14}
وقال موسى لفرعون فيما حكى الله عنه: { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا } { سورة الإسراء، الآية: 102}.
ولهذا كان المشركون يقرون بربوبية الله تعالى، مع إشراكهم به في الألوهية، قال الله تعالى: { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون } {سورة المؤمنون، الآيات: 84-89}.
وقال الله تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } {سورة الزخرف، الآية: 9} وقال: { ولئن سألتهم من خلقهن ليقولن الله فأنى يؤفكون } {سورة الزخرف، الآية: 87}.
وأمر الرب سبحانه شامل للأمر الكوني والشرعي فكما أنه مدبر الكون القاضي فيه بما يريد حسب ما تقتضيه حكمته، فهو كذلك الحاكم فيه بشرع العبادت وأحكام المعاملات حسبما تقتضيه حكمته، فمن اتخذ مع الله تعالى مشرعا في العبادات أو حاكما في المعاملات فقد أشرك به ولم يحقق الإيمان.

الثالث: الإيمان بألوهيته:
أي ( بأنه وحده الإله الحق لا شريك له) و "الإله" بمعنى المألوه" أي "المعبود حيا وتعظيما،
وقال الله تعالى: { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } {سورة البقرة، الآية: 163}
وقال تعالى: { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } {سورة آل عمران، الآية: 18}.
وكل ما اتخذ إلها مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة، قال الله تعالى: { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير } {سورة الحج، الآية: 62}
وتسميتها آلهة لا يعطيها حق الألوهية قال الله تعالى في اللات والعزى ومناة : { إن هي إلا اسماء سميتموها أنتم واباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } {سورة النجم، الآية: 23}
وقال عن هود أنه قال لقومه: { اتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما نزل الله بها من سلطان } {سورة الأعراف، الآية: 71}
وقال عن يوسف أنه قال لصاحبي السجن: { أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما انزل الله بها من سلطان } {سورة يوسف، الآيتين: 39-40}
ولهذا كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام يقولون لأقوامهم { أعبدوا الله ما لكم من إله غيره } ولكن أبى ذلك المشركون، واتخذوا من دون الله آلهة، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى، ويستنصرون بهم، ويستغيثون.

وقد أبطل الله تعالى اتخاذ المشركين هذه الآلهة ببرهانين عقليين:
الأول: أنه ليس في هذه الآلهة التي أتخذوها شيء من خصائص الألوهية، فهي مخلوقة لا تخلق، ولا تجلب نفعا لعابديها، ولا تدفع عنهم ضررا، ولا تملك لهم حياة ولا موتا، ولا يملكون شيئا من السماوات ولا يشاركون فيه.
قال الله تعالى: { واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا } {سورة الفرقان، الآية: 3}.
وقال تعالى: { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } {سورة سبأ، الآيتين: 22-23}.
وقال: { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون } {سورة الأعراف، الآيتين: 191-192}.
وإذا كانت هذه حال تلك الآلهة، فإن اتخاذها آلهة من أسفه السفه وأبطل الباطل.
الثاني: أن هؤلاء المشركين كانوا يقرون بأن الله تعالى وحده الرب الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، وهذا يستلزم أن يوحوده بالألوهية
كما قال تعالى: { يأيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } {سورة البقرة ، الآيتين: 21-22}
وقال: { ولئن سأتلهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون } {سورة الزخرف، الآية: 87}
وقال: { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون * فذلك الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون } {سورة يونس، الآيتين: 31-32}.

الرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته:

أي ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل،
قال الله تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فأدعوه به وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } {سورة الأعراف، الآية: 180}
وقال: { وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } {سورة الروم، الآية: 27}
وقال: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } {سورة الشورى، الآية: 11}.

وقد ضل في هذا الأمر طائفتان:

إحداهما: (المعطلة) الذين أنكروا الأسماء والصفات أو بعضها، زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه، أي تشبيه الله تعالى بخلقه، وهذا الزعم باطل لوجوه منها:
الأول: أنه يستلزم لوازم باطلة كالتناقض في كلام الله سبحانه، وذلك أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات، ونفى أن يكون كمثله شيء، ولو كان إثباتها يستلزم التشبيه لزم التناقض في كلام الله، وتكذيب بعضه بعضا.
الثاني: أنه لا يلزم من أتفاق الشيئين في أسم أو صفة أن يكونا متماثلين، فأنت ترى الشخصين يتفقان في أن كلا منهما إنسان سميع، بصير، متكلم، ولا يلزم من ذلك أن يتماثلا في المعاني الإنسانية، والسمع والبصر، والكلام، وترى الحيوانات لها أيد وأرجل، وأعين ولا يلزم من أتفاقها هذا أن تكون أيديها وأرجلها، وأعينها متماثلة.
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات فيما تتفق فيه من أسماء، أو صفات، فالتباين بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.

الطائفة الثانية: ( المشبهة) الذين أثبتوا الأسماء والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص، لأن الله تعالى يخاطب العباد يفهمون وهذا الزعم باطل لوجوه منها:
الأول: أن مشابهة الله تعالى لخلقه أمر باطل يبطله العقل والشرع، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمرا باطلا.

الثاني: أن الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته وصفاته.
فإذا اثبت الله لنفسه أنه سميع، فإن السمع معلوم من حيث أصل المعنى ( وهو إدراك الأصوات) لكن حقيقة ذلك بالنسبة إلى سمع الله تعالى غير معلومة، لأن حقيقة السمع تتباين حتى في المخلوقات، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.
وإذا أخبر الله تعالى عن نفسه أنه أستوى على عرشه فإن الإستواء من حيث أصل المعنى معلوم، لكن حقيقة الإستواء التي هو عليه غير معلومة بالنسبة إلى استواء الله على عرشه فإن الإستواء تتباين في حق المخلوق، فليس الإستواء على كرسي مستقر كالإستواء على رحل بعير صعب نفور، فإذا تباينت في حق المخلوق، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.

والإيمان بالله تعالى على ما وصفنا يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة منها:
الأولى: تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره رجاء ولا خوفا، ولا يعبد غيره.
الثانية: كمال محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

(1)
رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه. ومسلم، كتاب القدر، باب: ما من مولود يولد إلا على الفطرة.
(3) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، سورة الطور ج4، ص1839.
(4) أخرجه البخاري، كتاب الجمعة، باب: رفع اليدين في الدعاء. ومسلم، كتاب الإستسقاء، باب: الدعاء في الإستسقاء.

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

فضل أيّام عشر ذي الحجة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد ..

فإنّ من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة..

فضـلها:

وقد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها:
1- قال تعالى: {وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2)} [الفجر:1-2]، قال ابن كثير رحمه الله: "المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم".

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيّام أفضل في هذه العشرة، قالوا: ولا الجهاد، قال: ولا الجهاد إلاّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشئ». [رواه البخاري].

3- قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج:28]، قال ابن عباس وابن كثير يعني : "أيام العشر".

4- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مامن أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد». [رواه الطبراني في المعجم الكبير].

5- كان سعيد بن جبير – رحمه الله – إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه. [الدارمي].

6- قال ابن حجر في الفتح: "والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره".

ما يستحب في هذه الأيام:

1- الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل فإنّها من أفضل القربات.
روى ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عليك بكثرة السجود لله فإنّك لا تسجد لله سجدة إلاّ رفعك إليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة» . [رواه مسلم]، وهذا في كل وقت.

2- الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنبدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من كل شهر». [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم]. وقال الإمام النووي عن صوم أيّام العشر أنّه مستحب استحباباً شديداً.

3- التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: «فأكثروا من التهليل والتكبير والتحميد» ، وقال الإمام البخاري – رحمه الله -: "كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما"، وقال أيضا : "وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً".

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيّام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيّام جميعا، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين ..

وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد أضيعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير – وللأسف – بخلاف ما كان عليه السلف الصالح ..

صيغة التكبير:

ورد فيها عدة صيغ مروية عن الصحابة والتابعين منها:

– (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا)) .

– ((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد)).

– ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).

4- صيام يوم عرفة:

يتأكد صوم يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن صوم يوم عرفة: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده». [رواه مسلم].

لكن من كان في عرفة حاجاً فإنّه لا يستحب له الصوم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطراً.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.

محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[شرح] الإيمان بالملائكة ما يتضمنه وثمراته الجليلة للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه

تعليمية تعليمية
[شرح] الإيمان بالملائكة ما يتضمنه وثمراته الجليلة للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا مقتطف من شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين للثلاثة الأصول للإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله- أسأل الله أن ينفع به إنه ولي ذلك والقادر عليه:

((( المرتبة الثانية (1) : الإيمان (2) ، وهو بضع (3) وسبعون شعبة (4) ، فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى (5) عن الطريق، والحياء (6) شعبة من الإيمان، وأركانه ستة: الإيمان بالله وملائكته (7) وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة:177]. )))


شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين:

(1) أي مراتب الدين.
(2) الإيمان في اللغة التصديق.
وفي الشرع "إعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح وهو بضع وسبعون شبعة".
(3) البضع: بكسر الباء من الثلاثة إلى التسعة.
(4) الشبعة: الجزء من الشيء.
(5) أي إزالة الأذى وهو ما يؤذي المارة من أحجار وأشواك، ونفايات وقمامة وما له رائحة كريهة ونحو ذلك.
(6) الحياء صفة إنفعالية عند الخجل وتحجز المرء عن فعل ما يخالف المروءة.
والجمع بين ما تضمنه كلام المؤلف رحمه الله تعالى من أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وأن الإيمان أركانه ستة أن نقول: الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة وهي المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".(7)

وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيمانا في قوله: { وما كان الله ليضيع إيمانكم } {سورة البقرة، الآية: 143} قال المفسرون يعني صلاتكم إلى بيت المقدس لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة يصلون إلى بيت المقدس.

(8) الملائكة: عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الإنقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه. قال الله تعالى: } ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون { {سورة الأنبياء، الآيتين: 19-20}. وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم.(9)

والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بوجودهم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا.
الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق. (10) وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل، كما حصل (لجبريل) حين أرسله تعالى إلى مريم فتمثل لها بشرا سويا، وحين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، والإيمان والإحسان، والساعة، وأماراتها، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". رواه مسلم. (11)
وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا في صورة رجال.
الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلا ونهارا بدون ملل ولا فتور.

وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة:

مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل.
ومثل: ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
ومثل: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
ومثل: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومثل: مالك الروح بالنار وهو خازن النار.
ومثل: الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكا وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.
ومثل: الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص، ملكان: أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال.
ومثل: الملائكة الموكلين بسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه.

والإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها:

الأولى: العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
الثانية: شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
الثالثة: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.

وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجساما، وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: } الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع { {سورة الفاطر، الآية: 1}.
وقال: } ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم { {سورة الأنفال، الآية: 50}.
وقال: } ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم { {سورة الأنعام، الآية: 93}.
وقال: } حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير { {سورة سبأ، الآية: 23}.
وقال في أهل الجنة: } والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار { {سورة الرعد، الآيتين: 23-24}.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء، إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض". (12)
وفيه أيضا عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة على كل باب من أبواب المساجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر". (13)
وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

(7) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام.
(9)
أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات.
(10) البخاري، كتاب بدء الخلق، 3232-3233
(11) تقدم تخريجه.
(12) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. ومسلم، كتاب البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده.
(13) أخرجه البخارين كتاب الجمعة، باب: الإستماع إلى الخطبة. ومسلم، كتاب الجمعة، باب: فضل التهجير يوم الجمعة.

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




موضوع قيم

جزاك الله خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

أحكام الأضحية و آداب العيد للعلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –

قال فضيلة الشيخ العلّامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :


بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها :

الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له، والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.

الثاني: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها وأصل هذا قوله تعالى: { فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيع عَلِيمٌ } [البقرة:181].

الثالث: أن يُضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء، فهذه جائزة. وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع بها قياساً على الصدقة عنه، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنّة؛ لأن النبي لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، فلم يضح عن عمه حمزة، وهو من أعزّ أقاربه عنده، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته، وهنّ ثلاث بنات متزوجات وثلاثة أبناء صغار، ولا عن زوجته خديجة، وهي من أحب نسائه، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته.
ونرى أيضاً من الخطأ ما يفعله بعض الناس، يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها ( أضحية الحفرة )، ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه في ثوابها أحد، أَو يضحّون عن أمواتهم تبرعاً أو بمقتضى وصاياهم، ولا يضحّون عن أنفسهم وأهليهم، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك.

فيما يجتنبه من أراد الأضحية :
إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو أضفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال: { إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره } [رواه أحمد ومسلم]، وفي لفظ: { فلا يمسَّ من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي } وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
والحكمة في هذا النهي أنَّ المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه، وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم.
وهذا الحكم خاص بمن يضحّي، أما المضحَّى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي قال: { وأراد أحدكم أن يضحي… } ولم يقل: أو يضحّى عنه؛ ولأن النبي كان يضحّي عن أهل بيته، ولم يُنقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض العوام.
وإذا أخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصّه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصّه لمداواة جرح ونحوه.

أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك :
أخي الحبيب: نُحييك بتحية الإسلام ونقول لك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونهنئك مقدماً بقدوم عيد الأضحى المبارك ونقول لك: تقبل الله منا ومنك، ونرجو أن تقبل منا هذه الرسالة التي نسأل الله عز وجل أن تكون نافعة لك ولجميع المسلمين في كل مكان.
أخي المسلم: الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا ، لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحبّ فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:


التكبير: يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: وَاذكُرُواْ اللهَ فِي أَيَامٍ مَعدُودَاتٍ [البقرة:203]. وصفته أن تقول: ( الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
ذبح الأضحية: ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله : { من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح } [رواه البخاري ومسلم]. ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي أنه قال: { كل أيام التشريق ذبح } [السلسلة الصحيحة:2476].


الاغتسال والتطيب للرجال، ولبس أحسن الثياب: بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أَمام الرجال.


الأكل من الأضحية: كان رسول الله لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته [زاد المعاد:1/441].
الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيسّر.
والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلى في المسجد لفعل الرسول .


الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة؛ لقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِكَ وَانحَر [الكوثر:2] ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحُيَّض والعواتق، ويعتزل الحُيَّض المصلى.


مخالفة الطريق: يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي .


التهنئة بالعيد: لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله .

واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأَخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:


– التكبير الجماعي بصوت واحد،أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.
– اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللآتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.
– أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يُضَحّى من أراد الأضحية لنهي النبي عن ذلك.
– الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله تعالى: وَلا تُسرِفُوا إِنّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ [الأنعام:141].


وختاماً: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام – أيام عشر ذي الحجة – عملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[سؤال] الشيخ العثيمين : كتب شيخ الإسلام وتلميذه و الإمام بن عبد الوهاب، كتب سلفية أثر

تعليمية تعليمية
[سؤال] الشيخ العثيمين : كتب شيخ الإسلام وتلميذه و الإمام بن عبد الوهاب، كتب سلفية أثرية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال:

بارك الله فيكم فقرة أخيرة تقول شيخ محمد بأنها تحتاج إلى تكوين عقيدة صحيحة تواجه بها العائلة علما بأن الأم تغضب منها بشدة وتناقشها في الموضوع وكذلك الأخت الكبرى التي قالت بأنها ستفارقني؟

الشيخ رحمه الله

: أقول اثبتي على العقيدة الصحيحة السليمة وادعي الناس إليها ولا يضرك إذا أحد جادلك في ذلك لأن الحق منصور بلا شك قال الله تبارك وتعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) فأنت استمري في العقيدة الصحيحة وفي الدعوة إليها وعليك بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعا فإنها كتب سلفية أثرية على العقيدة الصالحة الصحيحة.

مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : النساء
المصدر

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية