التصنيفات
الفقه واصوله

[فوائد مستخلصة] الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة

[فوائد مستخلصة] الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة

الحقوق المتعلقة بالتركة وبيان المقدم منها الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة مرتبة كالتالي :
1ـ مؤن تجهيز الميت من ثمن ماء تغسيله وكفنه وحنوطه وأجرة غاسله وحافر قبره .
2ـ الحقوق المتعلقة بعين التركة كالديون الموثقة بالرهن .
3ـ الحقوق المتعلقة بذمة الميت كالديون التي ليس فيها رهن سواء كانت لله تعالى كالزكاة أم للآدميين كالقرض
4ـ الوصية الجائزة ، وهى ما كانت بالثلث فأقل لغير وارث .
5ـ الإرث ، ويقدم منه الإرث بالفرض ثم التعصيب ثم الرحم .
مثال يوضح ذلك :
أن يموت ميت ويبلغ ما يتعلق بتركته كالتالي :
100 ريال مؤن تجهيزه . 100 ريال دين موثق برهن . 100 ريال دين ليس فيه رهن . 100 ريال وصية جائزة .
وارث : زوج أخت شقيقة .
فإذا خلف مائة ريال صرفت في مؤن تجهيزه ،وترك الباقي .
وإذا خلف مائتي ريال فقط صرفت في مؤن تجهيزه والدين الموثق ، وترك الباقي .
وإذا خلف ثلاثمائة ريال فقط صرفت في مؤن تجهيزه والدين الموثق والدين غير الموثق وترك الباقى .
وإذا خلف ستمائة ريال صرفت منها ثلاثمائة فيما سبق ، ومائة ريال فى الوصية ومائة ريال للزوج ، ومائة ريال للأخت الشقيقة .
ووجه تقديم الوصية على الإرث هنا أن فرض كل واحد من الزوج والأخت الشقيقة النصف ، ولم يفرض لهما النصف إلا بالنسبة لما بقي بعد الوصية ولو لم تقدم الوصية عليهما لكان للوصية خمسة وسبعون ، ولكل واحد من الزوج والأخت مائة واثنا عشر ريالا ونصف ريال

العلامة بن عثيمين رحمه الله مقتطف من تلخيص فقه الفرائض

منقول لتعم للفائدة والاجر




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
الفقه واصوله

التبيان أن الحلف على المصحف بدعة من تزيين الشيطان

التبيان أن الحلف على المصحف بدعة من تزيين الشيطان
[الشيخ ماهر القحطاني]

بسم الله الرحمن الرحيم

التبيان أن الحلف على المصحف بدعة من تزيين الشيطان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أما بعد
فقد إنتشرت بين أهل الإسلام بدعة نشأ عليها الصغير وهرم عليها الكبير
واتخذوها سنة إذا أنكرت قالوا غيرت السنة
وهي أن أحدهم إذا أراد التثبت من كذب إنسان أو تأكيد كلام
أو توكيد قسم بالله أمره أن يضع يده على المصحف ويحلف
أو يقول إحلف على المصحف فيزين الشيطان له عظم اليمين
فترى رهبة في قلبه تستوجب عليه الصدق أكثر مما
لو حلف بالله استقلالا ظانا أن الحلف بالمصحف مؤكد
وهو مبتدع في الإسلام محدث كما
روى الدارمي قال أَخْبَرَنَا يَعْلَى حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ :
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَرْبُو فِيهَا
الصَّغِيرُ وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَتْ قَالُوا غُيِّرَتْ السُّنَّةُ قَالُوا وَمَتَى
ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ إِذَا كَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ وَكَثُرَتْ
أُمَرَاؤُكُمْ وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ

فإن المصحف بعد أن كمل وجمع كان السلف
يحلفون وبالله يقسمون فلو كانوا على المصحف
يضعون أيديهم ويحلفون لكان مما تتوفر الدواعي لنقله
وهو أمر ظاهر يتكرر فلما لم يفعلوا ولم يأمر به
الرسول صلى الله عليه وسلم أمر وجوب أو استحباب
علم أنه محدث في باب الإيمان لم يكن عليه السلف الكرام
وأي تأكيد على الكلام أعظم من ذكر إسم الرحمن
تقدست أسماءه وجل شأنه
وليس كل مانتشر اليوم من أمور الدين له أصل في شريعة سيد المرسلين والصحابة المهديين
فقد انتشر تقبيل المصحف وهو محدث
وتقبيل الكف عند شكر الرب وهو محدث
وترديد الصوت بالتكبير خلف الإمام لغير حاجة كمرض ونحوه
وهو محدث
والتطريب في التلبية ومد الصوت بها وهو محدث
والتكبير على الحريق وهو محدث
وتغيير نغمة آخر تكبيرة في الصلاة عند التشهد الأخير من قبل الإمام
بمدها إشعارا بالفراغ من الصلاة أو غير ذلك

ومحدثات كثر سببها الإعراض عن العمل بالسنة والتفقه بها
والإنشغال بالدنيا وزخرفها والتقليد الأعمى لما انتشر من الدين
وظهر من غير سؤال لأهل العلم عن أصلها مع قلة
من ينشر السنة لكثرة الوعاظ والخطباءوالقراء مع قلة الفقهاء
قال بعضهم : ماظهرت بدعة إلا ماتت مكانها سنة
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل كما في مسند أحمد من

حديث العرباض بن سارية :وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا
وقد قال شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
والله المستعان

ولقد أنكر هذه المحدثة المنتشرة بعض فقهاء العصر
وهو العلامة بن عثيمين :

فتاوى نور على الدرب (نصية) : الجنايات ((موقع الشيخ ))
السؤال: بارك الله فيكم هذا المستمع على خ. م. يقول من حلف على
المصحف القرآن الكريم كاذباً ولكنه أصبح نادماً على ما فعل فماذا
يفعل ارجو الافادة حول هذا؟
الجواب

الشيخ: الحلف بالله كاذباً حرام بل عده بعض العلماء من كبائر الذنوب
سواء حلف على المصحف أم لم يحلف على المصحف والحلف على
المصحف من الأمور البدعية التي لم تكن معروفة في عهد النبي صلى
الله عليه وسلم ولكنها أحدثت فيما بعد فمن حلف بالله كاذباً سواء على المصحف أو بدونه
فإنه آثم بل فاعل كبيرة عند بعض العلماء فعليه أن
يتوب إلى الله فيندم على ما مضى ويعزم على أن لا يعود في المستقبل
ومن تاب تاب الله عليه لقول الله تبارك وتعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فإن هذه الآية نزلت في التائبين نعم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار




ليس كل مانتشر اليوم من أمور الدين له أصل في شريعة سيد المرسلين والصحابة المهديين

بارك الله فيكم




السلام عليكم
بارك الله فيك




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
الفقه واصوله

[فوائد مستخلصة] بعض خصائص يوم الجمعة وهدي النبي في يوم الجمعة م

[فوائد مستخلصة] بعض خصائص يوم الجمعة وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم – في يوم الجمعة من زاد المعاد في هدي خير العباد

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الا مام ابن القيم في الزاد ص 375-380
فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيمُ هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره. وقد اختلف العلماء: هل هو أفضلُ، أم يومُ عرفة؟ على قولين: هما وجهان لأصحاب الشافعي.
وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجره بسورتي (الم تنزيل) و (هل أتى على الإِنسان). ويظن كثير ممن لا علم عنده أن المراد تخصيصُ هذه الصلاة بسجدة زائدة، ويسمونها سجدة الجمعة، وإذا لم يقرأ أحدُهم هذه السورة، استحبَّ قراءة سورة أخرى فيها سجدة، ولهذا كره من كره من الأئمة المداومة على قراءة هذه السورة في فجر الجمعة، دفعاً لتوهم الجاهلين، وسمعت شيخَ الإِسلام ابن تيمية يقول: إنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين في فجر الجمعة، لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يَومِها، فإنهما اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذِكر المعاد، وحشر العباد، وذلك يكون يومَ الجمعة، وكان في قراءتهما في هذا اليوم تذكيرٌ للأمة بما كان فيه ويكون، والسجدة جاءت تبعاً ليست مقصودة حتى يقصدَ المصلي قراءتها حيثُ اتفقت. فهذه خاصة من خواص يوم الجمعة.
ص -376- الخاصة الثانية: استحبابُ كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي ليلته، لقوله صلى الله عليه وسلم "أكثِروا مِنَ الصلاة عَلَّي يوم الجُمُعة وَلَيْلَة الجُمُعة". ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم سيدُ الأنام، ويوم الجمعة سيدُ الأيام، فللصلاةِ عليه في هذا اليوم مزيةٌ ليست لغيره مع حكمة أخرى، وهي أن كل خير نالته أمتُه في الدنيا والآخرة، فإنما نالته على يده، فجمع اللّه لأمته به بين خيري الدنيا والآخرة، فأعظمُ كرامة تحصل لهم، فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعثَهم إلى منازلهم وقصورِهم في الجنَّة، وهو يومُ المزيد لهم إذا دخلوا الجنَّة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويوم فيه يُسعفهم اللّه تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يَرُدُّ سائلهم، وهذا كلُ إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمن شكرِه وحمده، وأداءِ القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته.
الخاصة الثالثة: صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض الإِسلام، ومِن أعظم مجامع المسلمين، وهي أعظمُ مِن كل مجمع يجتمعون فيه وأفرضُه سوى مجمع عرفة، ومن تركها تهاوناً بها، طبع اللهُ على قلبه، وقُربُ أهل الجنة يومَ القيامة، وسبقُهم إلى الزيارة يومَ المزيد بحسب قُربهم من الإِمام يومَ الجمعة وتبكيرهم.
الخاصة الرابعة: الأمر بالاغتسال في يومها، وهو أمرٌ مؤكد جداً، ووجوبه أقوى مِن وجوب الوتر، وقراءة البسملة في الصلاة، ووجوب الوضوءِ من مس النساء، ووجوب الوضوءِ مِن مرِّ الذكر، ووجوب الوضوءِ من القهقهة في الصلاة، ووجوب الوضوءِ من الرُّعاف، والحِجامة، والقيء، ووجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ووجوب القراءة على المأموم.
ص -377- وللناس في وجوبه ثلاثةُ أقوال: النفيُ والإِثبات، والتفصيلُ بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها، فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه، فيستحب له، والثلاثة لأصحاب أحمد.

الخاصة الخامسة: التطيب فيه، وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع.
الخاصة السادسة: السِّواك فيه، وله مزية على السواك في غيره.
الخاصة السابعة: التبكير للصلاة.
الخاصة الثامنة: أن يشتغل بالصلاة، والذكر، والقراءة حتى يخرج الإِمام.
الخاصة التاسعة: الإِنصات للخطبة إذا سمعها وجوباً في أصح القولين، فإن تركه، كان لاغياً، ومن لغا، فلا جمعة له، وفي "المسند"، مرفوعاً "والذي يقول لِصاحِبِه أنصِتْ، فَلا جُمُعَةَ لَهُ".
الخاصة العاشرة: قراءة سورة الكهف في يومها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرأَ سُورَةَ الكَهْفِ يَوْمَ الجمُعَةِ، سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِن تَحتِ قَدَمِهِ إلى عَنَانِ السَّمَاء يُضىء بِه يَوْمَ القِيامَةِ، وغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الجُمُعَتَيْنِ".

ص -378- وذكره سعيد بن منصور مِن قول أبي سعيد الخُدري وهو أشبه.
الحادية عشرة: إنه لا يُكره فعلُ الصلاة فيه وقتَ الزوال عند الشافعى رحمه اللّه ومن وافقه، وهو اختيار شيخنا أبي العباس بن تيمية، وَلَم يكن اعتمادُه. على حديث ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كره الصلاة نِصف النهار إلا يومَ الجمعة. وقال: إنَّ جَهَنَّمَ تُسَجَّرُ إلاَّ يَوْمَ الجُمُعَة وإنما كان اعتمادُه على أن من جاء إلى الجمعة يُستحب له أن يُصلِّيَ حتى يخرج الإِمام، وفي الحديث الصحيح "لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيتِه، ثُمَّ يَخرُجُ، فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْن، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ ينْصِتُ إذا تَكَلَّمَ الإِمَامُ إلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَينةُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخْرَى". رواه البخاري فندبه إلى الصلاة ما كتِب له، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإِمام، ولهذا قال غيرُ واحد من السلف، منهم عمر
ص -379- بن الخطاب رضي اللّه عنه، وتبعه عليه الإِمام أحمد بن حنبل: خروجُ الإِمام يمنع الصلاة، وخطبتُه تمنع الكلام، فجعلوا المانع من الصلاة خروجَ الإِمام، لا انتصافَ النهار.
وأيضاً، فإن الناس يكونون في المسجد تحت السقوف، ولا يشعرُون بوقت الزوال، والرجلُ يكون متشاغِلاً بالصلاة لا يدرى بوقت الزوال، ولا يُمكنه أن يخرج، ويتخطَّى رقاب الناس، وينظُر إلى الشمس ويرجِعَ، ولا يشرع له ذلك.
وحديث أبي قتادة هذا، قال أبو داود: هو مرسل لأن أبا الخليل لم يسمع من أبي قتادة، والمرسل إذا اتصل به عمل، وَعَضَدَهُ قياسٌ، أو قولُ صحابي، أو كان مرسله معروفاً باختيار الشيوخ ورغبتهِ عن الرواية عن الضعفاء والمتروكين ونحو ذلك مما يقتضي قوته، عُمِلَ به.
وأيضاً، فقد عضده شواهد أخر، منها ما ذكره الشافعي في كتابه فقال: روي عن إسحاق بن عبد اللّه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى عَنِ الصَّلاةِ نِصفَ النهار حتى تزول الشمسُ إلا يومَ الجمعة. هكذا رواه رحمه اللّه في كتاب "اختلاف الحديث" ورواه في "كتاب الجمعة" حدثنا إبراهيم بن محمد، عن إسحاق، ورواه أبو خالد الأحمر، عن شيخ من أهل المدينة، يقال له: عبد اللّه بن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رواه البيهقي في "المعرفة" من حديث عطاء بن عجلان، عن أبي نضرة، عن أبى سعيد وأبي هريرة قالا: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة نِصفَ النهار، إلا يوم الجمعة ولكن
ص -380- إسناده فيه من لا يحتج به، قاله البيهقي، قال: ولكن إذا انضمت هذه الأحاديث إلى حديث أبي قتادة أحدثت بعض القوة. قال الشافعي: من شأن الناس التهجير إلى الجمعة، والصلاةُ إلى خروج الإِمام، قال البيهقى: الذي أشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب في التبكير إلى الجمعة، وفي الصلاة إلى خروج الإِمام من غير استثناء، وذلك يُوافِق هذه الأحاديث التي أُبيحت فيها الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، وروينا الرُّخصة في ذلك عن عطاء، وطاووس، والحسن، ومكحول. قلت: اختلف الناسُ في كراهة الصلاةِ نِصفَ النهار على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ليس وقت كراهة بحال، وهو مذهب مالك.
الثاني: أنه وقت كراهة في يوم الجمعة وغيرها، وهو مذهب أبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد.
والثالث: أنه وقت كراهة إلا يومَ الجمعة، فليس بوقت كراهة، وهذا مذهب الشافعي.
ثم ذكر جملة منخصائصه فمن اراد مزيد بيان فليرجع إى زاد المعاد فغي هدي خير العباد لابن القيم
المصدر زاد المعاد في هدي خير العباد
تأليف :محمد بن إبي بكر بن قيم الجوزية
الناشر:
مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان
الثالثة, 1406هـ/1986م

منقول لتعم للفائدة والاجر




جزاك الله عنا خيرا أم ليلى و جعله في ميزان حسناتكتعليمية




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
الفقه واصوله

شروط المسح على الخفين

تعليمية

تعليمية

شروط المسح على الخفين

يُشترط للمسح على الخفَّيْن أربعة شروط :

الشرط الأول : أنْ يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (دعْهما فإنِّي أدخَلتُهما طاهرتَيْن) .

الشرط الثاني : أنْ يكون الخُفَّان أو الجوارب طاهرةً فإنْ كانت نجسةً فإنَّه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته وأَخبَر أنَّ جبريل أخبره بأنَّ فيهما أذىً أو قذَراً رواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في مسنده ، وهذا يدل على أنَّه لا تَجوز الصلاة فيما فيه نَجاسة ولأنَّ النَّجس إذا مُسِح عليه تلوَّثَ الماسحُ بالنَّجاسةِ فلا يصِحُّ أنْ يكونَ مطهراً .

الشرط الثالث : أنْ يكون مسحهما في الحَدَث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغُسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال : أَمَرَنا رسولُ الله إذا كنَّا سَفرا أنْ لا نَنْـزِع خِفافنا ثلاثة أيام ولياليَهُنَّ إلاَّ مِن جَنابة ولكنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ رواه أحمد من حديث صفوان بن عسّال رضي الله عنه في مسنده ، فيُشترَطُ أنْ يكون المسح في الحَدَث الأصغر ولا يجوز في الحَدَث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .

الشرط الرابع : أنْ يكون المسح في الوقت المحدَّد شرعاً وهو يومٌ وليلةٌ للمُقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر لحديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم للمُقيم يوماً وليلةً وللمسافر ثلاثة أيام ولياليَهن ، يعني في المسح على الخُفَّين . رواه مسلم ، وهذه المدة تبتدئ مِن أول مرَّة مَسَح بعد الحَدَث وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنسبة للمُقيم واثنتين وسبعين ساعةً بالنسبة للمُسافر ، فإذا قدَّرنا أنَّ شخصاً تطهَّر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلَّى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء و مَسَح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإنَّ ابتـداء المدة يكون في الساعة الخامسة مِن صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة مِن صباح يوم الخميس فلو قُدِّر أنَّه مسَحَ يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإنَّ له أنْ يُصلِّيَ الفجر أي فجرَ يوم الخميس بهذا المسح ويُصلي ما شاء أيضاً مادام على طهارته لأنَّ الوضوء لا يُنتَقَض إذا تَمَّت المدَّة على القول الراجح مِن أقوال أهل العلم وذلك لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُوقِّت الطَّهارة وإنَّما وَقَّتَ المسْح فإذا تَمَّت المدة فلا مسْحَ ولكنَّه إذا كان على طهارة فطهارته باقيةٌ لأنَّ هذه الطهارة ثبتَتْ بمُقتضَى دليلٍ شرعي وما ثبتَ بدليلٍ شرعيٍ فإنَّه لا يرتفع إلاَّ بدليلٍ شرعيٍ ولا دليلَ على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأنَّ الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان حتى يتبيَّن زوالُه فهذه الشروط التي تُشترَط للمسح على الخفَّيْن وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر .

الشيخ محمد بن صالح العثيمين




بارك الله فيك




جزاك الله خيرا




هل هو سنة ام واجب




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
الفقه واصوله

[منهجية] "إنما العلم بالتعلم" الشيخ محمد عمر سالم بازمول

[منهجية] "إنما العلم بالتعلم" الشيخ محمد عمر سالم بازمول

"إنما العلم بالتعلم"([1])



هذا المقطع هو جزء من حديث مروي عن رسول الله ، وقد رأيت شرحه وبيانه في المسائل التالية:
المسألة الأولى : هذا الحديث علقه البخاري في كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل.
وهو مروي عن معاوية . وعن أبي الدرداء وعن أبي هريرة.
أمّا عن معاوية فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (19/395)، وفي مسند الشاميين (1/431)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/12) من طريق عُتْبَةُ بن أَبِي حَكِيمٍ، [عن مكحول] عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْفِقْهُ بِالتَّفَقُّهِ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
قال في مجمع الزوائد (1/154): "رواه الطبراني في الكبير وفيه رجل لم يسم، وعتبة بن أبي حكيم وثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان وضعفه جماعة"اهـ
وقال في فتح الباري (1/161): "قوله: "وأنما العلم بالتعلم" هو حديث مرفوع أيضا أورده بن أبي عاصم والطبراني من حديث معاوية أيضا بلفظ: "يا أيها الناس تعلموا إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، إسناده حسن إلا أن فيه مبهما اعتضد بمجيئه من وجه آخر، وروى البزار نحوه من حديث ابن مسعود موقوفا، ورواه أبو نعيم الأصبهاني مرفوعا، وفي الباب عن أبي الدرداء وغيره فلا يغتر بقول من جعله من كلام البخاري"اهـ
قلت: فالحديث مرفوعاً عن معاوية ، يصلح للتقوي والانجبار.
أمّا عن أبي الدرداء فأخرجه الطبراني (في الجزء المفقود من المعجم الكبير)، وفي الأوسط (3/118)، وفي مسند الشاميين (3/209)، وابن أبي الدنيا في الحلم ص43، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال ص272 الشاملة، والزهد لهناد (2/605)، وأبو نعيم في الحلية (5/174)، من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بن عُمَيْرٍ، عَنْ رَجَاءِ بن حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ، ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ لَمْ يَسْكُنِ الدَّرَجَاتِ الْعُلا، وَلا أَقُولُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: مَنْ تَكَهَّنَ، أَوِ اسْتَقْسَمَ، أَوْ رَدَّهُ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرٌ"، قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلا مُحَمَّدُ بن الْحَسَنِ"اهـ. قلت: مراده لم يروه عن سفيان مرفوعاً، وإلا فقد رواه ابن واهب عن سفيان موقوفاً على أبي الدرداء t، كما سيأتي عند ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
قال في مجمع الزوائد (1/154): "رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو كذاب"اهـ. قلت: وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/710)، وقال: " قال المؤلف هذا حديث لا يصح عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمتهم به محمد بن الحسن؛ قال احمد بن حنبل: ما أراه يساوي شيئا. وقال يحيى وأبو داؤد: كان يكذب. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني: لا شيء"اهـ؛ فعليه الحديث مرفوعاً عن أبي الدرداء t عن رسول الله ^، لا يثبت و لا يصلح للمتابعة والشواهد.
أمّا عن أبي هريرة فأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الحلم ص17، والخطيب في " تاريخه " (9 / 127) من طريق إسماعيل بن مجالد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن رجاء بن حيوة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ، ومن يتحر الخير يعطه ، ومن يتق الشر يوقه ».
وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم (342)!
قلت: في نفسي شيء من ثبوت هذا السند، فإن إسماعيل بن مجالد خولف فيه، خالفه الثقات سفيان الثوري وعبيدالله بن عمرو، بروايته موقوفاً عن أبي الدرداء t لا عن أبي هريرة t، (وسيأتي ذكر روايتهما عند رواية أبي الدرداء الموقوفة)، فهذا السند يظهر أنه معلول، ورواية إسماعيل بن مجالد هذه شاذة، لا تصلح للتقوي بها.
وجاء موقوفاً بسند صحيح عن ابن مسعود عند وكيع في الزهد (3/831، تحت رقم 518)، وعن وكيع أخرجه ابن أبي شيبة (6/188)، وأحمد في الزهد ص300، وأبوخيثمة في العلم ص28، ولفظه: "إن أحداً لا يولد عالماً، وإنما العلم بالتعلم". وعند البزار في مسنده (5/423) من طريق أَبِي الأَحْوَصِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ : "إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ ضَلاَلَةٌ ، فَعَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ ، فَإِنَّهَا مَأْدُبَةُ اللهِ ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَأْدُبَةِ اللهِ فَلْيَفْعَلْ ، فَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ".
وعن أبي الدرداء أخرجه البيهقي في الشعب (7/398 بسيوني)، من طريق العلاء بن هلال عن عبيد الله بن عمرو، وأخرجه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (2/175 الشاملة) من طريق ابن وهب عن سفيان الثوري، كلاهما (عبيدالله بن عمرو والثوري عن عبدالملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء t موقوفاً عليه.
فالحديث أعني قوله: "إنما العلم بالتعلم" لا ينزل – إن شاء الله – عن الحسن لغيره، بسنده عن معاوية t مرفوعاً، ويشهد له وروده موقوفاً عن ابن مسعود t وأبي الدرداء t.
المسألة الثانية : المراد بالعلم العلم الشرعي، وهو القائم على اتباع كلام الله عزوجل وسنة رسوله ، وما جاء عن الصحابة . وهكذا في كل نص شرعي إنما يراد بالعلم العلم الشرعي. وأمّا العلوم القائمة على التجربة والملاحظة فهذه تعلمها من باب ?وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ? (الأنفال:60).
المسألة الثالثة : معنى الحديث : ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ من الأنبياء وورثتهم على سبيل التعلم([2]). ففيه تأكيد أن طريق العلم الشرعي هو التعلم.
و(التعلم) على صيغة تفعل، وباب "تفعّلَ" يكون للتكلف غالباً، نحو "تعلّمَ وتصبر وتشجع وتحلم".
وقد يكون التكلف ممزوجاً بإِدعاء شيء ليس من شأن المدعي. نحو تكبر وتعظم وتسرّى، أي تكلف مظاهر الكبرياء والعظماء والسراة([3]).
ووزن "تَفَعّلَ" يكون لمطاوعة فعل غالباً نحو: "قَدَّمته فتقدم" كـ "تَقَدَّم" و "تزَكَّى" و "تقَدَّس" ومنه "اطَّهَرَ" و "ادَّكَرَ" بزيادةِ التاءِ وتضعيفِ العين ([4]).
والمقصود : أن معنى تعلم فيه معنى التكلف في طلب الشيء، وفيه معنى القصد والتوجه إليه. وفيه معنى التدرج في حصول الشيء.
المسألة الرابعة : فيه أن العلم الشرعي والمعرفة بالأحكام الشرعية لا تنال بالكشف والتجلي أو بالإشراق والتخلي، خلافاً لمن يقول: علمكم ميت عن ميت وعلمنا عن الحي الذي لا يموت : حدثني قلبي عن ربي؛ فلا مجال لكل ذلك، لأن العلم إنما يكون بالتعلم .
المسألة الخامسة : فيه أن العلم ليس طريقه العقل المجرد، فلا مكان للتحسين والتقبيح العقلي.
قال ابن تيمية رحمه الله: "والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع :
أحدها : أن يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة و لو لم يرد الشرع بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم و الظلم يشتمل على فسادهم فهذا النوع هو حسن و قبيح و قد يعلم بالعقل و الشرع قبح ذلك لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقبا في الآخرة إذا لم يرد شرع بذلك و هذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين و التقبيح فإنهم قالوا إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة و لو لم يبعث إليهم رسولا و هذا خلاف النص قال تعالى: ?وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا?، و قال تعالى: ?رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل?، وقال تعالى: ?و ما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا و ما كنا مهلكي القرى إلا و أهلها ظالمون?، وفى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: "ما أحد أحب إليه العذر من الله و من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين و منذرين".
و النصوص الدالة على أن الله لا يعذب إلا بعد الرسالة كثيرة ترد على من قال من أهل التحسين و التقبيح أن الخلق يعذبون في الأرض بدون رسول أرسل إليهم.
النوع الثاني : أن الشارع إذا أمر بشيء صار حسنا و إذا نهى عن شيء صار قبيحا و اكتسب الفعل صفة الحسن و القبح بخطاب الشارع.
والنوع الثالث : أن يأمر الشارع بشيء ليمتحن العبد هل يطيعه أم يعصيه و لا يكون المراد فعل المأمور به كما أمر إبراهيم بذبح ابنه فلما أسلما و تله للجبين حصل المقصود ففداه بالذبح و كذلك حديث : "أبرص و أقرع و أعمى لما بعث الله إليهم من سألهم الصدقة فلما أجاب الأعمى قال الملك: أمسك عليك مالك فإنما ابتليتم فرضي عنك و سخط على صاحبيك"، فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس المأمور به. و هذا النوع و الذي قبله لم يفهمه المعتزلة و زعمت أن الحسن و القبح لا يكون إلا لما هو متصف بذلك بدون أمر الشارع و الأشعرية ادعوا أن جميع الشريعة من قسم الامتحان و أن الأفعال ليست لها صفة لا قبل الشرع و لا بالشرع و أما الحكماء و الجمهور فأثبتوا الأقسام الثلاثة و هو الصواب"اهـ([5]).
المسألة السادسة : فيه أنه لا سبيل للعلم الشرعي عن طريق الرياضات والخلوات، وانتظار حصول الخوارق والكرامات، بل طريقه طلب العلم الشرعي بتعلمه من الكتاب والسنة وما جاء عن السلف الصالح وأخذه عن العلماء الذين هم ورثة الأنبياء.
المسالة السابعة: فيه أن العلم لابد فيه من تكلف وجهد وتعب وعناء ومشقة، فلا ينال العلم مستحي و لا متكبر ولا ينال العلم براحة الجسد.
ولا بد فيه من تتبع المشايخ وثني الركب عندهم، والرحلة لطلبه.
قالت عائشة : "نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" أخرجه مسلم.
وقال مجاهد : " لا ينال العلم مستحي ولا مستكبر " .
عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال : سمعت أبي يقول : «لا ينال العلم براحة البدن»([6]).
المسألة الثامنة : فيه أن العلم ليس بمخصوص بأهل فن، و لا بأهل صنعة، و لا بأهل نسب معين، أو بلد معين، فإنما العلم بالتعلم.
المسألة التاسعة : فيه أن العلم ليس بمنحة و لا هدية و لا هبة، و لا شهادة و لا تزكية، إنما العلم بالتعلم.
المسألة العاشرة : أن العلم بكتاب الله وسنة رسوله وما جاء عن السلف الصالح طريقه تعلم ذلك، فالتقليد واتباع غير ذلك والتزامه ليس بعلم.
المسألة الحادية عشرة : فيه الترغيب في طلب العلم. وأن طريقه هو التعلم والأخذ عن العلماء الذين هم ورثة الأنبياء.
المسألة الثانية عشرة : فيه أن المنامات والرؤى ليست علماً، لأنها لا تكون بالتعلم. فلا يثبت بها حكم شرعي!
المسألة الثالثة عشرة : قوله: "والحلم بالتحلم" الحلم هو الأناة والطمأنينة وضبط النفس عند سورة الغضب، وترك العجلة والطيش في مكافأة من ظلمك، وهو خلق من الأخلاق الممدوحة شرعاً وعقلاً.
والتحلم تكلف ذلك.
ففيه أن خلق الحلم مكتسب.
وقد يكون جبلياً كما في حديث أَشَجُّ بني عَصَرٍ المعروف بأشج عبدالقيس واسمه المنذر بن عائذ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ "، قُلْتُ: مَا هُمَا ؟ قَالَ: " الْحِلْمُ ، وَالْحَيَاءُ " قُلْتُ: أَقَدِيمًا كَانَ فِيَّ أَمْ حَدِيثًا ؟ قَالَ: " بَلْ قَدِيمًا " قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا"([7]).
والظاهر أن هكذا سائر الأخلاق، فقد جاء في الصحيحين عن شقيق عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله

كذابا"
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
.1]) هذا المقال في أصله محاضرة ألقيتها مساء الثلاثاء 23/4/1432هـ، بمسجد شيخنا فضيلة الشيخ سعادة الأستاذ الدكتور/ وصي الله عباس، بحي شارع الحج، بمخطط طلال بن دغش، بوادي شبم.

([2]) فتح الباري (1/161).

([3]) جامع الدروس العربية (32/3 الشاملة).

([4]) معجم القواعد العربية (باب الفاء).

([5]) مجموع الفتاوى (8/434- 436).

([6]) جامع بيان العلم وفضله (الشاملة 1/436).

([7]) المسند الرسالة 29/361، تحت رقم 17828).

منقول لتعم للفائدة والاجر




بارك الله فيك اختاه

على الطرح المميز




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




بارك الله فيك




التصنيفات
الفقه واصوله

ذكر الله في القلب مشروع في كل زمان ومكان

ذكر الله في القلب مشروع في كل زمان ومكان
للشيخ ابن باز رحمه الله

مطلوب من الإنسان ذكر الله في كل وقت وعلى كل حال إلا في أماكن نهي عن ذكر الله فيها كالحمام مثلا، فهل يقطع الإنسان ذكر الله في الحمام بتاتا حتى ولو في قلبه؟
ع. ن الرياض

الذكر بالقلب مشروع في كل زمان ومكان في الحمام وغيره، وإنما المكروه في الحمام ونحوه ذكر الله باللسان تعظيما لله سبحانه إلا التسمية عند الوضوء فإنه يأتي بها إذا لم يتيسر الوضوء خارج الحمام ، لأنها واجبة عند بعض أهل العلم وسنة مؤكدة عند الجمهور.


مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس .

المصدر




جزاكِ الله خيرا أخية ،،




بارك الله فيك … في بعض الأحيان أحاول أن ألهي نفسي حتى لا أذكر الله سرا في الأماكن المنهي عنها .




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك و جزاك خيرا




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




بارك الله فيك




بارك الله فيك وفي قلمك

وننتظر المزيد

بالتوفيق




التصنيفات
الفقه واصوله

الاصول من علم الاصول

الفصل الثاني

الكلام
تعريفه:الكلام لغة: اللفظ الموضوع لمعنى.
واصطلاحاً: اللفظ المفيد مثل: الله ربنا ومحمد نبينا.
وأقل ما يتألف منه الكلام اسمان، أو فعل واسم.
مثال الأول: محمد رسول الله، ومثال الثاني: استقام محمد.
وواحد الكلام كلمة وهي: اللفظ الموضوع لمعنى مفرد وهي إما اسم، أو فعل، أو حرف.

أ – فالاسم: ما دل على معنى في نفسه من غير إشعار بزمن.

وهو ثلاثة أنواع:
الأول: ما يفيد العموم كالأسماء الموصولة.
الثاني: ما يفيد الإطلاق كالنكرة في سياق الإثبات.
الثالث: ما يفيد الخصوص كالأعلام
ب – والفعل: ما دل على معنى في نفسه، وأشعر بهيئته بأحد الأزمنة الثلاثة.
وهو إما ماضٍ ك"فَهِمَ"، أو مضارع ك"يَفْهَمُ"، أو أمر كَ"اِفْهَمْ".
والفعل بأقسامه يفيد الإطلاق فلا عموم له.
ج – والحرف: ما دل على معنى في غيره، ومنه:
1 – الواو: وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم، ولا تقتضي الترتيب، ولا تنافيه إلا بدليل.
2 – الفاء: وتأتي عاطفة فتفيد اشتراك المتعاطفين في الحكم مع الترتيب والتعقيب، وتأتي سببية فتفيد التعليل
3 – اللام الجارّة. ولها معانٍ منها: التعليل والتمليك والإباحة.
4 – على الجارّة. ولها معانٍ منها: الوجوب.
أقسام الكلام:
ينقسم الكلام باعتبار إمكان وصفه بالصدق وعدمه إلى قسمين: خبر وإنشاء.
1 – فالخبر: ما يمكن أن يوصف بالصدق أو الكذب لذاته.
فخرج بقولنا: "ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب" ؛ الإنشاء؛ لأنه لا يمكن فيه ذلك، فإن مدلوله ليس مخبراً عنه حتى يمكن أن يقال: إنه صدق أو كذب.
وخرج بقولنا: "لذاته" ؛ الخبر الذي لا يحتمل الصدق، أو لا يحتمل الكذب باعتبار المخبر به، وذلك أن الخبر من حيث المخبر به ثلاثة أقسام:
ا
لأول– ما لا يمكن وصفه بالكذب؛ كخبر الله ورسوله الثابت عنه.
الثاني – ما لا يمكن وصفه بالصدق؛ كالخبر عن المستحيل شرعاً أو عقلاً، فالأول: كخبر مدعي الرسالة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم، والثاني: كالخبر عن اجتماع النقيضين كالحركة والسكون في عين واحدة في زمن واحد.
الثالث: ما يمكن أن يوصف بالصدق والكذب إما على السواء، أو مع رجحان أحدهما، كإخبار شخص عن قدوم غائب ونحوه.
2 – والإنشاء: ما لا يمكن أن يوصف بالصدق والكذب، ومنه الأمر والنهي. كقوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ) [النساء: من الآية36] وقد يكون الكلام خبراً إنشاء باعتبارين؛ كصيغ العقود اللفظية مثل: بعت وقبلت، فإنها باعتبار دلالتها على ما في نفس العاقد خبر، وباعتبار ترتب العقد عليها إنشاء.
وقد يأتي الكلام بصورة الخبر والمراد به الإنشاء وبالعكس لفائدة.
مثال الأول: قوله تعالى:
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)[البقرة: من الآية228] فقوله: يتربصن بصورة الخبر والمراد بها الأمر، وفائدة ذلك تأكيد فعل المأمور به، حتى كأنه أمر واقع، يتحدث عنه كصفة من صفات المأمور.
ومثال العكس: قوله تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ)[العنكبوت: من الآية12] فقوله: "ولنحمل" بصورة الأمر والمراد بها الخبر، أي: ونحن نحمل. وفائدة ذلك تنزيل الشيء المخبر عنه منزلة المفروض الملزم به.
الحقيقة والمجاز:
وينقسم الكلام من حيث الاستعمال إلى حقيقةٍ ومجازٍ.
1 –
فالحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له ، مثل: أسد للحيوان المفترس.
فخرج بقولنا: "المستعمل" ؛ المهمل، فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً.

وخرج بقولنا: "فيما وضع له" ؛ المجاز.
وتنقسم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: لغوية وشرعية وعرفية.
فاللغوية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة.
فخرج بقولنا: "في اللغة" ؛ الحقيقة الشرعية والعرفية.
مثال ذلك الصلاة، فإن حقيقتها اللغوية الدعاء، فتحمل عليه في كلام أهل اللغة.
والحقيقة الشرعية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع .
فخرج بقولنا: "في الشرع" ؛ الحقيقة اللغوية والعرفية.
مثال ذلك: الصلاة، فإن حقيقتها الشرعية الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك.
والحقيقة العرفية هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف.
فخرج بقولنا: "في العرف" ؛ الحقيقة اللغوية والشرعية.
مثال ذلك: الدابة، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف.

وفائدة معرفة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام: أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله، فيحمل في استعمال أهل اللغة على الحقيقة اللغوية، وفي استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية، وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية.
2 – والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مثل: أسد للرجل الشجاع
فخرج بقولنا: "المستعمل" ؛ المهمل، فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً.
وخرج بقولنا: "في غير ما وضع له" ؛ الحقيقة.
ولا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة، وهو ما يسمى في علم البيان بالقرينة.
ويشترط لصحة استعمال اللفظ في مجازه: وجود ارتباط بين المعنى الحقيقي والمجازي، ليصح التعبير به عنه، وهو ما يسمى في علم البيان بالعلاقة، والعلاقة إما أن تكون المشابهة أو غيرها.
فإن كانت المشابهة سمي التجوز "استعارة" ؛ كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع.
وإن كانت غير المشابهة سمي التجوز "مجازاً مرسلاً" إن كان التجوز في الكلمات، و "مجازاً عقليًّا" إن كان التجوز في الإسناد.
مثال ذلك في
المجاز المرسل: أن تقول: رعينا المطر، فكلمة "المطر" مجاز عن العشب، فالتجوز بالكلمة.
ومثال ذلك في
المجاز العقلي: أن تقول: أنبت المطر العشب فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز؛ لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى فالتجوز في الإسناد.
ومن المجاز المرسل: التجوز بالزيادة، والتجوز بالحذف.
مثلوا للمجاز بالزيادة بقوله تعالى:
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11] فقالوا: إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى.
ومثال المجاز بالحذف: قوله تعالى: (وسئل القرية) [يوسف: 82] أي: واسأل أهل القرية؛ فحذفت "أهل" مجازاً، وللمجاز أنواع كثيرة مذكورة في علم البيان.
وإنما ذكر طرف من الحقيقة والمجاز في أصول الفقه؛ لأن دلالة الألفاظ إما حقيقة وإما مجاز، فاحتيج إلى معرفة كل منهما وحكمه. والله أعلم.
تنبيه:
تقسيم الكلام ألى حقيقة ومجاز هو المشهور عند أكثر المتأخرين في القران وغيره، وقال بعض أهل العلم: لا مجاز في القران، وقال آخرون: لا مجاز في القران ولا في غيره، وبه قال أبو إسحاق الإسفراييني ومن المتأخرين العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أنه اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة، ونصره بأدلة قوية كثيرة تبين لمن اطلع عليها أن هذا القول هو الصواب.

الأمر
تعريفه:
الأمر: قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء، مثل: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة.
فخرج بقولنا: "قول" ؛ الإشارة فلا تسمى أمراً، وإن أفادت معناه.
وخرج بقولنا: "طلب الفعل" ؛ النهي لأنه طلب ترك، والمراد بالفعل الإيجاد، فيشمل القول المأمور به.
وخرج بقولنا: "على وجه الاستعلاء" ؛ الالتماس، والدعاء وغيرهما مما يستفاد من صيغة الأمر بالقرائن.
صيغ الأمر:صيغ الأمر أربع:
1 –
فعل الأمر، مثل: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ)[العنكبوت: من الآية45]
2 –
اسم فعل الأمر، مثل: حيّ على الصلاة.
3 –
المصدر النائب عن فعل الأمر، مثل: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَاب)[محمد: من الآية4]
4 –
المضارع المقرون بلام الأمر، مثل: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)[المجادلة: من الآية4]
وقد يستفاد طلب الفعل من غير صيغة الأمر، مثل أن يوصف بأنه فرض، أو واجب، أو مندوب، أو طاعة، أو يمدح فاعله، أو يذم تاركه، أو يرتب على فعله ثواب، أو على تركه عقاب.
ما تقتضيه صيغة الأمر:
صيغة الأمر عند الإطلاق تقتضي: وجوب المأمور به، والمبادرة بفعله فوراً.
فمن الأدلة على أنها تقتضي الوجوب قوله تعالى:
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور: من الآية63]، وجه الدلالة أن الله حذر المخالفين عن أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن تصيبهم فتنة، وهي الزيغ، أو يصيبهم عذاب أليم، والتحذير بمثل ذلك لا يكون إلا على ترك
واجب؛ فدل على أن أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم المطلق يقتضي وجوب فعل المأمور.
ومن الأدلة على أنه للفور قوله تعالى:
(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [البقرة: 148، والمائدة: 48] والمأمورات الشرعية خير، والأمر بالاستباق إليها دليل على وجوب المبادرة.
ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كره تأخير الناس ما أمرهم به من النحر والحلق يوم الحديبية، حتى دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس"1" .
ولأن المبادرة بالفعل أحوط وأبرأ، والتأخير له آفات، ويقتضي تراكم الواجبات حتى يعجز عنها.
وقد يخرج الأمر عن الوجوب والفورية لدليل يقتضي ذلك، فيخرج عن الوجوب إلى معان منها:
1 –
الندب؛ كقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) [البقرة: 282] فالأمر بالإشهاد على التبايع للندب بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم اشترى فرساً من أعرابي ولم يشهد"2" .
2 – الإباحة؛ وأكثر ما يقع ذلك إذا ورد بعد الحظر، أو جواباً لما يتوهم أنه محظور.
مثاله بعد الحظر: قوله تعالى:
(وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) [المائدة: 2] فالأمر بالاصطياد للإباحة لوقوعه بعد الحظر المستفاد من قوله تعالى: (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) [المائدة: 1]
ومثاله جواباً لما يتوهم أنه محظور؛ قوله صلّى الله عليه وسلّم:
(افعل ولا حرج)"3"، في جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض.
3 –
التهديد كقوله تعالى:( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[فصلت: من الآية40]، ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارا)[الكهف: من الآية29] فذكر الوعيد بعد الأمر المذكور دليل على أنه للتهديد.
ويخرج الأمر عن الفورية إلى التراخي.
مثاله: قضاء رمضان فإنه مأمور به لكن دلَّ الدليل على أنه للتراخي، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، وذلك لمكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
"4"
ولو كان التأخير محرماً ما أقِرّت عليه عائشة رضي الله عنها.
ما لا يتم المأمور إلا به:
إذا توقف فعل المأمور به على شيء كان ذلك الشيء مأموراً به، فإن كان المأمور به واجباً كان ذلك الشيء واجباً، وإن كان المأمور به مندوباً كان ذلك الشيء مندوباً.
مثال الواجب: ستر العورة فإذا توقف على شراء ثوب كان ذلك الشراء واجباً.
ومثال المندوب: التطيب للجمعة، فإذا توقف على شراء طيب كان ذلك الشراء مندوباً.
وهذه القاعدة في ضمن قاعدة أعم منها وهي: الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل المأمورات مأمور بها، ووسائل المنهيات منهي عنها.


ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

1 رواه البخاري "2731، 2732" كتاب الشروط، 15- باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط. وأحمد "4/ 326/ 19117".

2 رواه أبو داود "3607" كتاب الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد، يجوز له أن يحكم به؟
3 رواه البخاري "83" كتاب العلم، 23- باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها.ومسلم "1306" كتاب الحج، 57- باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي
4 رواه البخاري"1950" كتاب الصوم ومسلم "1146" كتاب قضاء الصوم




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مشكور على الموضوع ودمت للمنتدى مفيدا ومستفيدا




التصنيفات
الفقه واصوله

الحث على إفشاء السلام عند الملاقاة والرد عليه والتحذير من تحية الكفار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي يسَّر للسالكين إليه الطرق والأسباب، وفتح لهم من خزائن الأعمال الصالحة وما يقرب إليه كل باب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا بذلك بلا ارتياب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي مَنَّ الله به على المؤمنين يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الحكمة والكتاب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .

أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله – تعالى – واعلموا أن الله برحمته وإحسانه يسَّر لكم إلى الخير طرقًا وأسبابًا وفتح لكم إلى خزائنها أبوابًا، فاستبقوا الخيرات وخذوا من كل قسط منها بنصيب وافر تحمدون العقبى في الحياة وبعد الممات، واستمعوا إلى هذا الحديث العظيم الذي رآه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في منامه ورؤيا الأنبياء حق، قال عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه: خرج علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونحن في صفة بالمدينة فقال: «إني رأيت البارحة عجبًا: رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بِرُّه بوالديه فردَّ ملك الموت عنه، ورأيت رجلاً من أمته قد احتوشته الشياطين فجاءه ذِكْر الله فطردَ الشياطين عنه، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم، ورأيت رجلاً من أمتي يلهثُ عطشًا كلما دنا من حوض مُنع وطُرد فجاءه صيام رمضان فأسقاه وأرواه، ورأيت النبيين جلوسًا حلقًا حلقًا كلما دنا إلى حلقة طُرد ومُنع فجاءه غُسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلاً من أمتي من بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحيِّر في ذلك فجاءه حجُّه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلاً من أمتي يتَّقي وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترًا بينه وبين النار وظلاً على رأسه، ورأيت رجلاً من أمتي يكلِّم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت: يا معشر المؤمنين، إنه كان واصلاً لرحمه فكلّموه فكلَّمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم، ورأيت رجلاً من أمتي احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة، ورأيت رجلاً من أمتي جاثيًا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسْنُ خلقه فأخذ بيديه فأُدخل على الله عزَّ وجل، ورأيت رجلاً من أمتي قد ذهبت صحيفته من قِبل شماله فجاءه خوفه من الله – عزَّ وجل – فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه، ورأيت رجلاً من أمتي قد خفَّ ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه وأفراطه هم: أولاده الصغار من ذكور أو إناث، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على شفير جهنم فجاءه رجاؤه في الله – عزَّ وجل – فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي قد هوى في النار فجاءته دمعته التي قد بكاها من خشية الله فاستنقذته من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على الصراط يرعدُ كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسنُ ظنه في الله فسكّن رعدته ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط يحبو أحيانًا ويتعلق أحيانًا فجاءته صلاته عليَّ فأقامته على قدميه وأنقذته – اللهم صلِّ وسلم على محمد – ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة»(1) لا إله إلا الله !
قال الحافظ أبو موسى المديني: هذا حديث حسن جدًّا وقال ابن القيم – رحمه الله – من أكابر تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيميه: سمعت شيخ الإسلام ابن تيميه يعظم أمره ويقول: أصول السُّنَة تشهد له وهو من أحسن الأحاديث، فهذا أيها المسلمون، هذا حديث عظيم بيَّن فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – ما رآه في الأعمال الصالحة المنجية من العذاب، فخذوا من كل واحدة منها بنصيب فما أيسرها على مَنْ يسَّره الله عليه .
إنه لا مشقَّة فيها ولا كُلفة وهي سهلة يسيرة يمكن للإنسان أن يأتي بكل منها أو يأتي بنصيب منها، اسمعوا الله – تعالى – يقول: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ" [الحج: 77-78] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو غفور رحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها من العذاب يوم يلاقيه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن بهداهم اهتدى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .

أما بعد:

فيا عباد الله، إن من شعار الإسلام الذي حثَّ عليه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ورغَّب فيه أن يسلم الإنسان على أخيه حين يلقاه يقول: السلام عليكم؛ فإن هذا شعار الإسلام الذي لا ينبغي للمسلم أن يتركه: يسلم على مَن عرف ومَن لم يعرف، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «واللهِ لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم»(2) أي أظهروه ليسلِّم بعضكم على بعض؛ فإن المسلم إذا سلَّم مرة واحدة وقال: السلام عليكم فإن له بذلك عشر حسنات وهذه غنيمة عظيمة، فابتداء السلام سنة وإجابته فرض على مَن سلم عليه فيقول في الجواب: "عليك السلام" أو "عليكم السلام" أو "وعليك السلام" أو "وعليكم السلام"، كل هذا جائز المهم أن يجيب بذلك، ولا يكفي أن يقول: "أهلاً وسهلاً" أو "مرحبًا"؛ لأن الذي سلَّم عليك دعا لك بالسلامة من الآفات الدينية والدنيوية الخلُقية والخلْقية، فلابد أن تردَّ عليه بمثل ما سلم به عليك لقوله: +وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" [النساء: 86] .
وإنَّ من الأمر الذي يَعجب له الإنسان أن يُعلَّم صبيانه الصغار التحية باللغة الإنجليزية وهذا – واللهِ – عُدول عن سبيل المؤمنين وكفران لنعمة الله – تعالى – باللغة العربية؛ فإن مَنْ مَنَّ الله عليه باللغة العربية فإنها نعمة كبيرة .
إن اللغة العربية لغة القرآن والحديث، لغة علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلا مَن عجز عنها لكون لسانه في قومه على غيرها، إن تعليم الأطفال تحية غير المسلمين جناية عليهم وجناية على الشريعة وجناية على المجتمع كله، أما كونه جناية عليهم؛ فلأنهم سوف يَعدلون عن السلام الشرعي إلى هذه اللغة التي علمهم إياها، وأما كونه جناية على الشريعة؛ فلأنه عدل عن السلام الشرعي الذي شرع محمد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لأمته، وأما كونه جناية على المجتمع؛ فلأن هؤلاء الأطفال سوف يمثلون المجتمع في المستقبل إن الله أبقاهم فيكون في ذلك ثلاث جنايات .
أسأل الله – تعالى – أن يهدي قومنا إلى الحق، أسأل الله أن يهدي قومنا للحق، أسأل الله أن يهدي قومنا للحق وألا يجعلهم إمعة يقولون حيث يقولون ما يقول الناس من غير أن يعوه أو يفهموه، واعلم – أيها الأخ المسلم – أن الكافر إذا تعلَّمت لغته وأخذت بها وجعلتها هي وسيلة الخطاب فإنه يفرح بذلك فرحًا عظيمًا كما أننا نحن إذا رأينا مَن تعلم لغتنا وجعلها وسيلة الخطاب فإننا نفرح بذلك، أولاً؛ لأنه إحياءٌ للغة العربية؛ ولأنه معونة على فهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرقٌ بين فرحنا وفرحهم لكن مع ذلك يجب أن نسدَّ الأبواب دونهم وأن نكون متميزين بما أنعم الله به علينا من اللغة العربية، أما تعلم اللغة العربية بدون أن تكون لغة التفاهم بيننا فإن هذا لا بأس به ولا سيما إذا دعت الحاجة إليه .
أيها الإخوة، «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة – يعني: في الدين – بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة، عليكم بالاجتماع على سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن يد الله على الجماعة، ومَن شَذَّ شَذَّ في النار»(3)، وأكثروا أيها الإخوة، أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، فو اللهِ إنه لأعظم الخلق حقًّا عليكم، أكثروا من الصلاة والسلام عليه، تؤدوا شيئًا من حقه وتغنموا بذلك أجرًا عظيمًا وتمتثلوا أمر الله عزَّ وجل؛ فإن الله – تعالى – قال في كتابه: +إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [الأحزاب: 56]، فسمعًا لك اللهم وطاعة .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم ارزقنا اتباعه ظاهرًا وباطنًا وإيثار هديه على هدي كل أحد يا رب العالمين، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اجعلنا من التابعين لهم بإحسان يا رب العالمين وارضَ عنا بذلك يا أكرم الأكرمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم مَن أراد بالمسلمين سوءًا فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وشتِّت شمله وفرِّق جمعه واهزم جنده يا رب العالمين، +رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23]، +رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] .
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
——————————
(1) أخرجه الحكيم الترمذي في (نوادر الأصول) 3/234 وعزَاهُ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/179 إلى الطبراني وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/699 . وابن كثير في التفسير 4/503 «إبراهيم – 27» من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه .
(2) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم (10238)، والإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب: الإيمان، رقم (81)، والترمذي الحكيم -رحمه الله تعالى- في كتاب: الاستئذان والأدب، رقم (2612)، وابن ماجه في سننه في كتاب: المقدمة، رقم (67)، وأبو داوود في كتاب: الأدب، رقم (4519) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
(3) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم (14455)، والإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب: الحجة، رقم (1435)، والنسائي في كتاب: صلاة العيدين، رقم (1560)، وابن ماجه -رحمهما الله تعالى- في كتاب: المقدمة، رقم (44) وغيرهم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم

خطبة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا




بسم الله الرحمان الرحيم

موضوع جيد يستحق التأمل فيه لما ينجم عنه من أخوة وحسن المعاملة

بارك الله فيه على التذكير ويا حبذا لو يُرفق بموضوع حول الصدق في التحية وحسن التأدب بها

وجزاك الله خيرا .

تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهبارك الله فيكم اخوتي وجزاكم الله خير الجزاء نعم اختنا غاية الهدى ان التحية هي اساس الحب بين الناس اصبح الكثير من الناس يستهين بها ولايعرف احكامها بالرغم من رسولنا الكريم حث عليها واكد عليها لكن اليوم اصبح الناس يلقي التحية على من يعرف فقط وان توفرلنا كما قلتي ان شاء الله سنوافيكم به باذن الله تعالى




التصنيفات
الفقه واصوله

ست نقاط مهمة في شهر شعبان – العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى

تعليمية تعليمية

أما بعد.. أيها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلم حوله في نقاط ست لنبين فيها ما يجب علينا بيانه ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا وعملاً صالحًا.

الأول، بل النقطة الأولى: صيام شعبان.

فهل يتميز شعبان بصيام دون غيره من الشهور؟

الجواب: نعم، فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر من الصيام فيه، حتى كان يصومه إلا قليلاً، وعلى هذا فمن السنَّة أن يكثر الإنسان من الصيام في شهر شعبان اقتداءًا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

النقطة الثانية: صيام نصفه أي صيام يوم النصف بخصوصه.

فهذا وردت فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يُعمل بها؛ لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله، وعلى هذا فلا يُصام يوم النصف من شعبان بخصوصه؛ لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما لم يرد فإنه بدعة.

النقطة الثالثة: فضل ليلة النصف منه.

وهذا أيضًا فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور، لا تمتاز هذه الليلة – أعني ليلة النصف من شعبان – بشيء بل هي كغيرها من الليالي؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة.

النقطة الرابعة: تخصيصها بقيام.

وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان قد اعتاد أن يقوم الليل، فليقم تلك الليلة أسوة بغيرها من الليالي، وإن كان ليس من عادته أن يقوم الليل، فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصصها بقيام ركعات معدودة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذن لا نخصص ليلتها بقيام.

النقطة الخامسة: هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة؟ بمعنى: هل يُقدَّر في تلك الليلة ما يكون في تلك السنة؟

والجواب: لا، ليست ليلة القدر، ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى: (( إنا أنزلناه )) أي: القرآن، (( إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر ))، وقال الله تعالى: (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ))، وعلى هذا فتكون ليلة القدر في رمضان؛ لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن، والقرآن نزل في شهر رمضان، فيتعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور. ومن ذلك ليلة النصف من شعبان، فإنها ليست ليلة القدر، ولا يُقدَّر فيها شيء مما يكون في تلك السنة، بل هي كغيرها من الليالي.

النقطة السادسة: صنع الطعام يوم النصف.

فإن بعض الناس يصنع طعامًا في يوم النصف من شعبان يوزعه على الفقراء ويقول هذا عشاء الأم، هذا عشاء الأب أو هذا عشاء الوالدين، وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.

فهذه ست نقاط أحصيتها ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها ووجب عليَّ أن أبينها لكم.

وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنَّة وينذرون عن البدعة، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وأن يجعلنا وإياكم ممن يقتدون ويهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الملفات المرفقة تعليمية ست نقاط مهمة في شهر شعبان – ابن عثيمين.mp3‏ (1.26 ميجابايت)

تعليمية تعليمية




بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك على هذا الإنتقاء وهذا التوضيح

لأن الكثير يجهل هذه الأمور ، فيجتهد في البدعة

ويتجاهل السنة ….جزاك الله على هذا التذكير




التصنيفات
الفقه واصوله

الأدلة لوقف النزاع في المساجد بسبب القبلة

تعليمية تعليمية

الأدلة لوقف النزاع في المساجد بسبب القبلة

الأدلة
لوقف النزاع في المساجد بسبب القبلة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ، ومن سيئات أعمالنامن يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
)ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمو ن( آل عمران: (102) .
)ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيـرا و نساء واتقوا الله الذي تّسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (النساء : (1 ) .
)يا أيـها الــذين آمنوا اتـقـوا الله وقـولوا قـولا سـديـدا يـصلح لكم أعمالكم ويـغفر لكم ذنـوبكم و من يطـع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما( الأحزاب :(50/51).
أما بعـد:
فان أصدق الحديث كلام الله وخيرالهدي هدي محمد e ،وشر الأمورمحدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
استقبال القبلة :
قبلة المسلمين هي الكعبة المشرفة ، التي هي عنوان توحيدهم ووحدتهم ومتجه أنظارهم ، وملتقى قلوبهم وأراوحهم .

وقد جعل الله هذه الكعبة قياما للناس في أحوال دينهم ودنياهم ، وأمنا لهم عند الشدائد ، يجدون في ظلها الطمأنينة والأمن والإيمان ، وبقاؤها تُحج وتزار هو علامة بقاء الدين وقيامه وبقاء الأمة على خير ، وهدمها هدم للدين ، وذهاب للأمة ،ولا شك أن للقبلة في نفوس المسلمين مكانة عظيمة ، إذ يتجهون إليها في صلواتهم المفروضة والنافلة وأنساكهم كذلك،ولا يختلفون في هذا بل أجمعوا عليه قال الشيخ العلامة الألباني في كتابه الفريد صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم [ص55] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقبل القبلة في الفرض والنفل .. قال عقبه : وهذا لاشك أنه مقطوع فيه لتواتر الأدلة على ذلك .
ونقل غير واحد من العلماء الإجماع على ذلك ، انظر الشرح الممتع للشيخ العتيمين [ج1/ 501] وتسير العلام شرح عندة الأحكام لشيخنا عبد بن عبد الرحمن البسام .
لكن استقبال القبلة وإصابة عينها لمن كان بعيدا عنها من أهل البلدان الإسلامية أصبح مشكلا كبيرا في كثير من المساجد عندنا في الجزائر وفي كثير من بلاد الإسلام حيث انقسموا إلى طوائف ، بعضهم يقول نصلي هكذا وهذه هي جهة عين القبلة ، وبعضهم ينكر ذلك ، ويقول : بل القبلة من هاهنا ونكتفي بالتوجه إلى جهتها… وبقي النزاع قائما وهجر الكثير منهم المسجد بسبب أن المسجد بني منحرفا في نظرهم عن عينها، والبعض الآخر أراد أن يجمع بين الفريقين ، فسنوا شيئا آخر وهو أن يستقبل الإمام القبلة ، والبقية ممن يصلي وراءه يصلون إلى الاتجاه الذي وضع فيه المسجد
وزاد البعض الآخر خطا في الأرض للمأمومين وحرفوه قليلا إلى اتجاه القبلة التي تنازعوا فيها،بعد رصدهم القبلة بهذه الآلات الاصطناعية بما يسمى البوصلة ، هذا النزاع الشديد الذي وصل إلى حد التقاتل في كثير من المساجد بين المصلين عموما ، بعضهم مع بعض وبين السلفيين وبعض عوام الناس أو بعض الحزيبيين خصوصا ، سببه ضيق عطن بعضهم ،وعدم الرجوع إلى العلماء ،وإذا حدث وأن رجع بعضهم إلى طائفة من العلماء فالبقية الأخرى لم يرضوا بفتاوى أولئك العلماء المرجوع إليهم، ولا حول ولاقوة إلا بالله ، وهذا هو عين التعصب الذي ينبغي تركه ، وإلا فالسني يكفيه دليل واحد من أي كان ممن جاء به فكيف بالعلماء الذين أمرنا بطاعتهم في قوله تعالى :{{ …وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمرمنكم }}فأولوا الأمر منا هم العلماء والأمراء ، وعدم الرجوع إليهم ، أو عدم قبول قولهم هو عين الضلال واستكبار ، لهذا كله أردت أن أشارك في هذه المسألة بهذا البحث المتواضع الذي ليس لي فيه إلا الجمع والنقل إلا ما تطلب إلى زيادة بسط او توضيح ، لعله يكون سببا في القضاء على كثير من النزاع القائم أو يقلله إلى حد الخلاف المستساغ الذي لا يفسد للود قضية ، ويجمع الشمل ، ونتجاوز بذلك هذه المحنة والبلاء الذي تسبب فيه التعصب ، والجهل ،والتجرأ ، والاندافع بالتعالم في كثير من الأحيان والأحوال.والله أسأل يوفقنا وإخواننا جميعا لمرضاته والوقوف عند حدوده .

استقبال الكعبة:
لاشك أن استقيل القبلة وهي- الكعبة – شرط من شروط الصلاة ،وليس في هذا خلاف بين أهل الإسلام ، كما ذكرت آنفا فيجب على المصلي أن يتوجه بوجهه وبدنه نحو الكعبة ، ثبت ذلك بالكتاب والسنة . فلا خلاف بين العلماء في استقبال القبلة ،ولكن الخلاف في كونها شرط صحة أو شرط وجوب ، والذي رجحه كثير من المحققين كصديق حسن خان في الروضة ، والشوكاني في نيل الأوطار ، والصنعاني ، والشيخ الألباني رحمهم الله أنها أنه شرط وجوب وليست شرط صحة . وهذا ليس موضوع بحثنا ، لذلك نتجاوزه إلى الأدلة على استقبال القبلة وكيف كانت ثم نأتي إلى بيت القصيد وهو هل استقبال القبلة لمن كان بعيدا عنها فرض عليه استقبال جهتها أم عينها ؟وهي المسألة التي طال فيها النزاع كما أشرت ، وهنا سأنقل بعض الأدلة على استقبال القبلة وأنها إلى بيت الله الحرام – الكعبة – بعد أن كانت إلى بيت المقدس ثم أتطرق إلى المسألة التي من أجلها كان هذا المسطور ، وهي إصابة عين الكعبة أم جهتها لمن كان بعيدا عنها .
أما الكتاب فقوله تعالى :{{ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }}فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجه أن تكون قبلته قبل البيت [ أي الكعبة ]…[ح4486]واللفظ له .
وقوله تعالى :{{ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره }} [ البقرة :144]
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية : قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، وكان أكثر أهلها اليهود ،فأمره أن يستقبل بيت المقدس ،ففرحت يهود فاستقبلها رسول الله بضعة عشر شهرا ، وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء فأنزل الله :{{ قد نرى تقلب وجهك …}}.
إلى قوله :{{ فولوا وجوهكم شطره }}فارتابت من ذلك اليهود وقالوا : {{ ما ولاهم عن قبلتم التي كانوا عليها }}فأنزل الله :{{ قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }}وقال سبحانه : {{ فأينما تولوا فثم وجه الله }}البقرة :115].
قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب [ج1/836]: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه ، وبعدما هاجر إلى المدينة صلى ستة عشر شهرا ، ثم انصرف إلى الكعبة .
الحديث من روية ابن عباس رضي الله عنهما ، أخرجه الإمام أحمد [ج1/325]ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس به.وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وسكت عليه الحافظ في الفتح [1/399]وقال الهيثمي في المجمع [ج2/12]رواه أحمد والطبراني في الكبير ، والبزار ورجاله رجال الصحيح ، وقد أخرجه البيهقي [ج2/3] من هذا الوجه.
وأما السنة وهي كثيرة مستفيضة فأقتصر على بعض منها : ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد انزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة . فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة .البخاري [ح 403 – 4488 -4491 ] ومسلم [ج2/ 5 / 10].
وفي البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله : [ح391-392- 393].
وفيه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :.قلت : وذكره البغوي في شرح السنة [ج2/330] وقال عقبه : وهو قول مالك رحمه الله .
الثانية : قوله :{{ شطر المسجد الحرام }} الشطر له محامل ، يكون الناحية والجهة ،كما في هذه الآية وهو ظرف مكان كما تقول : تلقاءه وجهته . وقال داود بن هند إن في حرف ابن مسعود > قال الشاعر :

أقول لأم زنباع أقيمي *** صدور العيس شطر بني تميم

الثالثة : لا خلاف بين العلماء أن الكعبة قبلة في كل أفق ، وأجمعوا على أن من شاهدها وعاينها فرض عليه استقبالها ، وأنه إن ترك استقبالها وهو معاين لها وعالم بجهتها فلا صلاة له ، أي صلاته باطلة ، وأجمعوا على أن كل من غاب عنها أن يستقبل ناحيتها وشطرها وتلقاءها…
الرابعة : واختلفوا هل فرض الغائب استقبال العين أو الجهة ، فمنهم من قال بالأول .يعني فرض استقبال عينها .
قال ابن العربي رحمه الله في كتابه الأحكام عند هذه الآية : وهذا القول ضعيف لأنه تكليف بما لا يصل إليه ، لأنه غير ظاهر بل غائب .
قلت : وتضعيف ابن العربي لهذا القول صحيح موافق لمقاصد الشرع ، منها قوله تعالى : {{ لايكلف الله نفسا إلا وسعها }}، ومنها قوله تعالى :{{ ما جعل عليكم في الدين من حرج }}.
ومنها فعله صلى الله عليه وسلم حيث < وفي رواية من غير خوف ولا مطر> فقيل لابن عباس لماذا فعل ذلك ؟ قال لرفع الحرج عن أمته . رواه مسلم .
قال القرطبي رحمه الله : ومنهم من قال : يستقبل الجهة يعني جهة المسجد الحرام وهو الصحيح لثلاثة أوجه :
الوجه الأول: أنه الممكن الذي يرتبط به التكليف .
قلت : إذ لاتكليف إلا بقدرة ، وهذا لايقدر على استقبال عين الكعبة ، أما الإعتماد على الآلات المحدثة مما يسمى البوصلة فلا يجوز الاعتماد عليها لما فيه من التضييق والمشقة على المسلمين إذ لايمكنهم جميعا امتلاكها ولا معرفة العمل بها … ويمكن أن تكون غير دقيقة ، وأنها من صنع الكفار وعدالتهم ساقطة ، فإذا كان الأصل في الراوي المسلم الجهالة حتى تثبت عدالته فكيف بكافر لايدرى عينه يخترع أمرا يقاس عليه أمرا معلوما من الدين بالضرورة ، هذا لايجوز ولا يصح الأخذ به ، وقد نقل الباجي في المنتقى شرح الموطأ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وصجيق حسن خان في الروضة الإجماع على عدم جواز الاعتماد في العبادات على الحساب الفلكي والآلات الفلكية ، ونقلت عنهم ذلك في رسالتي كشف الإلتباس عن وقت صلاة الصبح للناس.
الوجه الثاني : أنه المأمور به في القرآن الكريم لقوله تعالى :{{ فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم }} يعني من الأرض من شرق أو غرب ، فولوا وجوهكم شطره .
الوجه الثالث : أن العلماء احتجوا بالصف الطويل الذي يعلم قطعا أنه أضعاف عرض البيت أحكام القرآن للقرطبي [ج2/ 159 – 160].
قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد[موسوعة شروح الموطأ[ج6/521-524]:وكذلك يشهد النظر لقول من قال في المنحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، ولم يكن انحرافه ذلك فاحشا فيشرّق أو يغرّب أنه لاشيء عليه ، لأن السعة في القبلة لأهل الآفاق مبسوطة مسنونة ، وهذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه رضي الله عنهم :> وسيأتي تخريج هذا الأثر- إن شاء الله – ثم ذكر ابن عبد البر رحمه الله طرق هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى من صح من الصحابة نسبته إليهم ، فقال حدثنا سعيد بن نصر وبسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :> أخرجه ابن أبي شيبة [2/362]والترمذي [344] من طريق معلى بن منصور به ،وأخرجه الطبراني في الأوسط [790]من طريق عبد الله بن جعفر به .
وبسنده إلى عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : قال عمر رضي الله عنه :>أخرجه عبد الرزاق [3633 -3634]وابن أبي شيبة لأج2/361-362]والبيهقي [ج2/9]من طريق عبيد الله بن عمر وينظر علل الدارقطني [2/31-33].
وبسندة إلى محمد بن فضاء عن أبيه عن جده قال سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول :.
وبسنده إلى أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال: > أخرجه ابن أبي شيبة [2/362]من طريق اسرائيل به بزيادة عامر الشعبي بين عبد الأعلى وبين أبي عبد الرحمن .
وبسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وعبد العلى عن محمد بن الحنفية قالا :> أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إسرائيل به مقتصرا على قول ابن عباس .
وقال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله – يعني أحمد بم حنبل – يقول: هذا في كل البلدان . قال وتفسيره أن هذا المشرق – وأشار بيساره – وهذا المغرب – وأشار بيمينه .قال: وهذه القبلة فيما بينهما ، وأشار تلقاء وجهه ، قال : وهكذا في كل البلدان إلا مكة عند البيت .ألا ترى أنه إذا استقبل الركن وزال عنه شيئا –وإن قل –فقد ترك القبلة ؟ قال: وليس كذلك قبلة البلدان .
قيل لأبي عبد الله :فإن صلى رجل فيما بين المشرق والمغرب ، ترى صلاته جائزة ؟ قال نعم صلاته جائزة إلا أنه ينبغي له أن يتحرى الوسط .وقيل لأبي عبد الله .قبلة أهل بغداد على الجدي ؟- وهو نجم في السماء –
فجعل ينكر الجدي ويقول ليس على الجدي ،ولكن على حديث عمر :>.
وقال ابن عبد البر رحمه الله :أخبرني عبد الرحمن بن يحي ويحي بن عبد الرحمن قالا : حدثنا
أحمد ابن سعيد قال:قال لنا أحمدبن خالد في قول عمر بن الخطاب :> في هذا سعة للناس أجمعين . قيل له أنتم تقولون : إنه في أهل المدينة . قال : نحن وهم سواء ، والسعة في القبلة للناس كلهم .
قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار [موسوعة شروح الموطأ [ج6/527]:أما حديث مالك في هذا الباب عن نافع أن عمر بن الخطاب ، قال : > إذا توجه قبل البيت ، فقد وصله عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : عمر …به وتقدم تخريجه .
قال : وكذلك قال عثمان بن عفان ،وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ،ومحمد بن الحنفية [رضي الله عنهم] وقد ذكرنا أسانيد عنهم في التمهيد . ونقل هذه الأقوال عنهم البغوي رحمه الله في كتابه شرح السنة [ج2/ 328].
وقال: وأما تفسير قول أحمد بن حنبل : هذا في كل البلدان يريد أن البلدان كلها لأهلها من السعة في قبلتهم مثل ما لمن كانت قبلته بالمدينة الجنوب ،التي تقع لهم فيها الكعبة فيستقبلون جهتها ويتسعون يمينا وشمالا فيها ما بين المغرب والمشرق ، يجعلون المغرب عن أيمانهم والمشرق عن يسارهم وكذلك يكون لأهل اليمن من السعة في قبلتهم مثل ما لأهل المدينة ما بين المشرق والمغرب ، إذا توجهوا أيضا قبل البيت ، إلا انهم يجعلون المشرق عن أيمانهم ، والمغرب عن يسارهم ، وكذلك أهل العراق وخرسان لهم السعة في استقبال القبلة بين الجنوب والشمال مثل ما كان لأهل المدينة من السعة بين المشرق والمغرب ، وكذا أهل العراق على ضد ذلك .
وإنما تضيق القبلة كل الضيق على أهل المسجد الحرام ، وهي لأهل مكة أوسع قليلا ، ثم لأهل الحرم أوسع قليلا ، ثم هي لأهل الآفاق من السعة على حسب ما ذكرنا .وهذا صحيح لا مدفع له ، ولا خلاف بين أهل العلم فيه .
قلت : يؤيده ما أورده القرطبي بقوله قد روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: >.فإن صح هذا فهو نص في موضع الخلاف ، فلا نحتاج إلى قول أحد بعده .
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب [ج2 /847 – 851] : وأما من كان غير مشاهد لها ولم يعرف موضعها فيكفيه أن يستقبل الجهة التي هي فيها لقوله تعالى :{{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }} وقوله عليه الصلاة والسلام : >. الحديث من رواية أبي هريرة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .
أما الأول :فأخرجه الترمذي [2/171] وابن ماجة [1/317]من طريق أبي معشر نجيح عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه مرفوعا به . وأبو معشر ضعيف ، قال الترمذي : وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه .
قلت: أي الشيخ الألباني :لكنه يتقوى بمتابعة غيره له بإسناد آخر ، فقال الترمذي [ج2/173] ثنا الحسن بن أبي بكر المروزي ثنا المعلى بن منصور ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن
محمد الأخنس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا به . وقال :حديث حسن صحيح ، قال البخاري :هو أقوى من حديث أبي معشر وأصح .
قلت : أي- الشيخ الألباني :ورجاله ثقات غير شيخ الترمذي : الحسن بن أبي بكر ، كذا هو في السنن ، حتى في النسخة التي صححها أحمد شاكر القاضي ، وهو خطأ والصواب الحسن بن بكر بحذف لفظة [ أبي ] كذلك هو في كتب الرجال ، ك [ التهذيب ]و[ التقريب ]و[ الخلاصة].
وهو الحسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزي أبو علي نزيل مكة ، وقال مسلمة : [ مجهول ] كما في[ التقريب ].وذكر فيه جمعا من الثقات رووا عنه ، وكأنه لذلك قال في [ التقريب ]:[ إنه صدوق ].والله اعلم .
وبالجملة ، فالحديث بهذين الطريقين حسن ، وهو صحيح بشاهديه ، وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهم . وله طريقان أيضا :
الأول : عن يزيد بن هارون : اخبرنا محمد بن عبد الرحمن المجبر عن نافع عنه مرفوعا به .أخرجه الدارقطني [101] والحكام [1/ 206] وعنه البيهقي [ 2/9] وقال الحاكم : [ صحيح ، وإبن مجبر ثقة ]. ووافقه الذهبي .
وهو عجيب منه ، فإنه قد أورد في[ الميزان ] ابن مجبر هذا ، ونقل أقوال الأثمة في تضعيفه ، ولم يحك ولا قولا واحدا في توثيقه ، وأقره الحافظ في [ اللسان ] ، وذلك يدل على انه ضعيف اتفاقا وان توثيق الحاكم له مما لايعتد به .
لكن قد تابعه عبيد الله بن عمر عن نافع به .أخرجه الدارقطني ، وعنه الضياء المقدسي في [ المختارة ] ، والحاكم [1/ 205] وعنه البيهقي من طريق أبي يوسف يعقوب بن يوسف الواسطي : ثنا شعيب بن أيوب : ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر به .
وقال الحاكم : [ صحيح على شرط الشيخين ، فإن شعيب بن أيوب ثقة وقد أسنده ]. ووافقه الذهبي أيضا .
قلت : أي الشيخ الألباني : ولكن شعيبا لم يخرج له أحد الشيخين ، وإنما هو من رجال أبي داود فقد ، وهو صدوق يدلس كما في [ التقريب ] وقد صرح بالتحديث كما ترى ، فالإسناد صحيح إن كان الراوي عنه يعقوب بن يوسف الواسطي ثقة ، فإني لم أجد له ذكرا في كتب الرجال التي عندي.وقد قال البيهقي بعد أن ساقه من طريقين :[ تفرد بالأول ابن مجبر ، وتفرد بالثاني يعقوب بن يوسف الخلال ، والمشهور رواية الجماعة حماد بن سلمة ، وزائدة بن قدامة ، ويحي بن سعيد القطان ، وغيرهم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر من قوله .قال: وروي عن أبي هريرة مرفوعا ، وروى يحي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
قلت : فهذا شاهد آخر مرسل . ثم قال البيهقي :[ والمراد به – والله أعلم – أهل المدينة ومن كان قبلته على سمت من أهل المدينة فيما بين المشرق والمغرب ، وذلك ينطبق على من كان في الشمال والجنوب ، وأما من كان في الشرق والغرب فقبلته ما بين الشمال والجنوب .
وقال الصنعاني :في سبل السلام :والحديث دليل على أن الواجب استقبل الجهة لا العين في حق من تعذر عليه العين ، وقد ذهب إليه جماعة من العلماء لهذا الحديث .
قلت :أي الألباني وعليه علماؤنا الحنفية ، قال في المجموع :[3/ 208- 209]: وحكاه الترمذي عن عمر بن الخطاب ، وعن علي ابن أبي طالب وابن عباس ، وابن عمر ، وابن المبارك .
وقد نقل القرطبي في تفسيره : [2/160] إجماع العلماء على ذلك ،وفيه نظر ، فقد ذكر النووي أن الصحيح عند الشافعية أن الواجب إصابة عين الكعبة .
قال : وبه قال بعض المالكية ، ورواية عن أحمد .
قلت :أي الألباني : وهذا مخالف للمنقول عن الصحابة ولهذا الحديث . ثم قال الصنعاني : ووجه الاستدلال به على ذلك أن المراد أن بين الجهتين قبلة لغير المعاين ومن كان في حكمه ،لأن المعاين لاتنحصر قبلته بين الجهتين المشرق والمغرب، بل كل الجهات في حقه سواء، متى قابل العين أو شطرها.
وقال العلامة أبو الطيب صديق حسن في الروضة الندية [ص 83-84] ما نصه : أقول : استقبال القبلة هو من ضروريات الدين ، فمن أمكنه استقبل القبلة تحقيقا فذلك الواجب عليه ، مثل القاطن حولها ، المشاهد لها من دون قطع مسافة ولا تجشّم مشقة ، ومن لم يكن كذلك ففرضه استقبال الجهة ، وليس المراد من تلك الجهة على الخصوص ، بل المراد ما أرشد إليه صلى الله عليه وسلم من كون بين المشرق والمغرب قبلة ، فمن كان في جهة اليمن وعرف جهة المشرق وجهة المغرب توجه بين الجهتين ، فإن تلك الجهة هي القبلة ، وكذلك من كان بجهة الشام يتوجه بين الجهتين من دون إتعاب للنفس في تقدير الجهات .
وبوب البغوي رحمه الله في كتابه العظيم شرح السنة [ج2/327] : باب قبلة من غاب عن مكة :
ثم استدل بقوله تعالى : {{ وحيث ما كنتم فولوا وجوهم شطره }}[ البقرة : 144] وبسنده إلى أبي هريرة من طريق الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:> مضى تخريجه قريبا.
قلت : وهذا يؤيده قوله تعالى :{{ ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله }}فقوله : فثم وجه الله : حكى المزني عن الشافعي رحمه الله أنه قال في هذه الآية : فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه .وقال مجاهد : فثم وجه الله : أي قبلة الله .شرح السنة للبغوي [ج2/327].
قال ابن الثيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة [ج2/30 -32] تحت عنوان الحِكم البالغة في القبلة وتحويلها : ثم أن له المشرق والمغرب ، وأنه سبحانه لعظمته وإحاطته حيث استقبل المصلي فثم وجهه تعالى فلا يظن الظان أنه إذا استقبل البيت الحرام خرج عن كونه مستقبلا ربه وقبلته ، فإن الله واسع عليم .ثم ذكر حكما دقيقة رائعة ، انفرد بها عن غيره من أهل العلم ،رحمه الله تعالى ، فيما اطلعت عليه ، فهو مبحث ماتع ، فأنظره غير مأمور ،إن أردت أن تعلم الحِكم في تحويل القبلة إلى بيت الله الحرام وتستفيد منها .موسوعة الأعمال الكاملة لابن القيم ، جامع الفقه ، ليسرى السيد [ج2/189 -191].
قال البغوي : والتوجه إلى عين الكعبة واجب لمن كان بمكة ، أما من غاب عنها فإن كان في بلد أو قرية اتفق أهلها المسلمون على جهة ليس له أن يجتهد في الجهة فيها بل عليه أن يتوجه إلى الجهة التي اتفقوا عليها .وليس له أن يجتهد في الانحراف يمنة أو يسرة .
قلت : فكيف إذا عيّنها ولي الأمر واجتهد أهل الحل والعقد في إقرارها ومضى على ذلك أجيال وأجيال ، ثم يأتي من يشكك للمسلمين في قبلتهم الواسعة ، هذا خروج على الإمام وعلى هذه الأجيال كلها ، وهو عين الفتنة فاحذروها .
وجاء في زاد المستقنع قوله : وفرض من قرب من القبلة إصابة عينها ، ومن بعُد جهتها :قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع [ج1/ 507] وقوله : من بعُد جهتها ، أي من بعد عن الكعبة بحيث لايمكنه المشاهدة ،فعليه إصابة الجهة ، والجهة حددها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : .متفق عليه لما قال شرقوا أو غربوا يريد بذلك عكس القبلة ، وعلى هذا يكون ما بين المشرق والمغرب لأهل المدينة ومن كان في جهتم كله قبلة ، فالجنوب كله قبلة لهم ، ليس قبلتهم ما ساوى الكعبة فقط وبهذا نعرف أن الأمر واسع لأهل البلدان الذين غابوا عن الكعبة ولايمكنهم معاينتها ولو رأينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسافة القبلة فإن ذلك لايضر لأنه لم يزل متجها إلى جهة القبلة ، مالم يتعمد ترك جهة القبلة .
وجهة القبلة لمن كان شمالا عن الكعبة ما بين المشرق والمغرب ، ولمن كان شرقا عن الكعبة ، ما بين الشمال والجنوب ، ولمن كان غربا عنها ، ما بين الشمال والجنوب ، ولمن كانوا جنوبا عن الكعبة ما بين المشرق والمغرب فالجهات أربع وهذا مقتضى الحديث .
قلت: فأين الذين يتكلفون ما ليس في وسعهم مما لم يكفهم الله به ، في أمر جعل لهم فيه سعة ، ورفع عنهم فيه الحرج ،وهذه أدلة العلماء وأقوالهم تكاد تكون متطابقة متآلفة غير مختلفة ، فليتقوا الله وليعود إلى الحق ،ولا يتعصبوا – لا نقول للباطل- وإنما للأمر المرجوح .
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وادفع عنا التعصب المقيت ، وطهر قلوبنا من الحسد والبغضاء ، ولاتزغ قلوبنا بعد إذ هدينتا إنك سميع عليم مجيب .
وصلي اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد المبعوث بالرحمة والألفة ، وعلى أله الأطهار وصحبه الأخيار وعلى من تبعهم بإحسان من عبادك الأبرار وعنا معهم بعفوك وكرمك يا عزيز يا غفار وسلم تسليما كثيرا إلى دار القرار .

وكتبه:
محب العلم والإنصاف *** على طريقة صالح الأسلاف
أبو بكر يوسف لعويسي
الدويرة الجزائر العاصمة [25/1/ 1443هـ
الموافق ل:11/ 1/ 2022م

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك




بارك الله فيكم وسدد خطاكم

ننتظر المزيد من مثل هذه المواضيع المفيدة

شكرا لك

المعلمة هناء