لسؤال: هذا سائل من بريطانيا يقول : إمام في أحد المساجد أعلن بعد الصلاة أنّ الذي يُخالفه في وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع متسبب في تفرق المصلين فهل له أن يقول مثل هذه المسائل ,وبماذا تنصحون الذي يصلي في ذلك المسجد ويرى أن ّالسنّة وضع اليدين بعد الرفع من الركوع ؟
الـجــواب:
هذه مسائل اختُلِف فيها ,والإمام أحمد قال : الأمر فيها سهل ,الاختلاف كان يسيرا جدا في ذلك العهد في وضع اليدين على الصدر بعد الرّفع من الركوع ,فسئل عن ذلك الإمام أحمد فقال : الأمر فيها سهل ,لأنّه قد يُفهم من الأحاديث الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث أبي حُمَيد وغيره في وصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام ,وأنّه كان إذا رفع وقام من الركوع يقف حتّى يعود كلّ عضو إلى مكانه فهِم جمهور العلماء " حتى يعود كل عضو إلى مكانه " : الأعضاء الطبيعية ,كما ورد في بعض الروايات "حتى يعود كلّ عضو إلى فقاره " فيقال : المقصود من هذا : الاعتدال المتكامل ,وبعضهم فهِم :"حتى يعود كل عضو إلى مكانه " ؛اليدين مكانهما في القيام الأول على الصدر فإذا ركع ثم رفع عاد كل عضو إلى مكانه ومنها اليدين يعيدهما إلى موضعهما وهو الصدر ,وممن تشددّ في هذا الرأي الشيخ ابن باز – رحمه الله – وتابعه الناس ,الأمر سهل ,والشيخ الألباني تشدد وقال : القبض بعد الركوع بدعة ! ونحن لا نوافقه على أنّها بدعة رحمه الله ,وإن كان رأيه الأرجح ,لكن لا نوافقه في التبديع ,ونقول كما قال الإمام أحمد : الأمر في ذلك سهل لأنّ هذا يريد الحقّ وفهِم من الحديث هذا الفهم ,فلا نتشدد في هذا.
ولا ينبغي لهذا الإمام أن يُعلن مثل هذا الإعلان ,فإننا ما سمعنا بفتنة حصلت ؛يعني في هذه القضية ,اللهم إلاّ إذا كان هناك مالكية يتأذون أو الروافض أو الزيدية يتأذون من وضع اليدين على الصدر حتى في القيام الأول – بارك الله فيكم – ونحن ننصح هذا الإمام أن يترك مثل هذه الأشياء ,اللهم إلاّ إن كانت تحصل فتنة حقّا في هذا الأمر بين أهل السنّة مثلاً فينبغي تركها ,ولابن تيمية بحوث جيّدة في هذا ,وأدخلها في مراعاة المفاسد والمصالح ؛فمثلاً لو أنّ إنسانا يصلي وراء إنسان لا يرفع يديه ,أو لا يقبض ,أو مثلا يرى أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء أو لمس الفرج لا ينقض الوضوء وعرف أنّ الإمام وقع في هذه المخالفة ؛يعني توضأ ثم لمسته امرأته ,أو مسّ فرجه ثم ذهب يؤمّ الناس ,هل للمأموم أن يصلي وراءه ؟ قال : نعم ؛يصلي وراءه ولو كان يعتقد أنّ صلاته خطأ يصلي وراءه وصلاته صحيحة واحتج بالحديث : (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) (1) وعلى هذه الصورة كل المذاهب – والحمد لله – أنّه لو كان الإمام تخالفه في أشياء ,أنت ترى أنها واجبة ,وهو لا يرى وجوبها ,وأنت ترى فساد الصلاة بتركها ,وهو لا يرى ذلك وتقدم للصلاة فصل وراءه ,لأنّ الإسلام عنده غاية عظيمة وهي جمع كلمة المسلمين ؛فلو فُتِح الباب للمسلمين كل واحد إذا خالفه أبطل عمله تفرقت كلمة المسلمين ,وهذا فساد عظيم ليس بعده فساد ,فأكثر الأئمّة يرون أنّك تصلي وراء من تخالفه ,ولو ترى أنّ صلاته غير صحيحة ,اللهم إلا إذا كان لم يتوضأ فهذا بالإجماع لا تصح صلاته ؛لا تصح أبدا ,أو صلى وهو جُنُب والناس يعرفون أنه جنب ,بدون وضوء ولا تيمم مثلاً ,هذا صلاته باطلة بالإجماع ولا يُصَلى وراءه ,أما مثل هذه المسائل الخلافية فأنت تصلي وراء هذا الإمام فمثلا واحد يرى أن هذه بدعة يستغفر الله ,وأما الناس فعليهم أن يصلوا وراءه ولو ترى أنه خطأ وهي إن شاء الله الأمر فيها سهل كما قلنا ,وإذا كان مثلا كما قلت ,وضع اليدين في هذه الصورة ,في هذه الحال ,وهي بعد الرفع من الركوع يؤدي إلى فتنة ,فالواجب على من يتمسك بها أن يتخلى عنها لدفع الفتن ورأب الصدع وجمع كلمة المسلمين ,وراجعوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه القضية .
…………………..
(1) – أخرجه البخاري برقم (662) .