التصنيفات
اسلاميات عامة

بدع رجب للشيخ العلامة صالح بن الفوزان الفوزان

بدع رجب

للشيخ العلامة

صالح بن الفوزان الفوزان

– عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء –

حفظه الله وبارك في عمره وعلمه-


قال حفظه الله:

الحمد لله رب العالمين، أغنانا بكتابه المُبين و سُنَّة نَبِيِهِ الأمين عن ابتداعِ المُبتدِعِين، و قال و هو أصدق القائلين: (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) الأعراف:3.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر:67. وأشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله، بَلَّغَ الرسالة و نَصَح الأُمة و تركها على البيضاء لا يَزِيغُ عنها إلا الهالكون صلى الله عليه و على آله و أصحابه الذين يَهدُون بالحقّ و به كانوا يَعدِلُون و سلم تسليماً كثيراً إلى يوم يُبعَثُون.

أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى و تَمَسَّكوا بكتاب ربكم و سُنة نبيكم، و احذروا البدع فإنها تُضِلُ عن الدِّين و تُبْعِدُ عن رَبِّ العالمين، و إنَّ مِن البدع ما أحدثه الناس في هذا الشهر – شهر رجب – من العبادات و الإحتفالات، و ما زَعَمُوهُ له من الفضائل و الكرامات التي توارثوها جيل بعد جيل، ابتداءًَ من عصر الجاهلية إلى وقتنا هذا: مِن تَخصيصِهِ بقِيامِ بعض لياليه و صيام بعض أيامه، أو تخصيصه بذبائح تُذبحُ فيه تقربا إلى الله تعالى، أو تَخصيصه بعمرة أو غير ذلك، و ما يَخُصونَ ليلة السابع والعشرين مِنه باحتفالٍ يُسَمُونه: الإحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج، و كل هذه الأمور بِدع مُحْدَثَة ما أنزل الله بها من سلطان، و ليس لشهر رجب خاصيّة على غيره من الشهور إلا أنه مِن الأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فاتخاذه موسماً بحيث يُفرد بالصوم مكروه عند الإمام أحمد و غيره كما روي عن عمر بن الخطاب و أبي بكرة و غيرهما من الصحابة رضي الله عنهما. و مما أًحدث في هذا الشهر من البدع تعظيم يوم أول خميس منه و صلاة ليلة أول يوم جمعة منه، و هي الصلاة المُسَمَّاة بصلاة الرَغَائِب.

قال شيخ الإسلام: فإنَّ تعظيم هذا اليوم و الليلة إنما أُحدِث في الإسلام بعد المائة الرابعة، و روي فيه حديث موضوع باتفاق العلماء، مضمونه: فضيلة صيام ذلك اليوم و فعل هذه الصلاة المُسماة عن الجاهلين بصلاة الرغائب… إلى أنْ قال: و الصواب الذي عليه المُحَقِقون من أهل العلم النَهي عن إفراد هذا اليوم بالصوم، و عن هذه الصلاة المُحدَثَة، و عن كل ما فيه تعظيم لهذا اليوم، و صنعة الأطعمة، و إظهار الزينة و نحو ذلك، حتى يكون هذا اليوم بمنزلة غيره من الأيام و حتى لا يكون له مزية أصلاً.

و قال الحافظ ابن حجر: لم يَرِد في فضل شهر رجب و لا في صيام شيء منه معين و لا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحُجَّة.

و قال الحافظ ابن رجب: فأمَّا الصلاة فلم يَصِّح في شهر رجب صلاة مخصوصة تَخْتصُ بِهِ.
و الأحاديث المَرْوِية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جُمعة من شهر رجب كَذِب و باطل لا تَصِح، و هذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء… إلى أن قال: و أما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، و لا عن أصحابه…انتهى.

و قد اعتاد بعض الناس أداء العمرة في شهر رجب، و يظنون أنَّ للعمرة فيه مزية و فضيلة على العمرة في غيره من الشهور، و هذا خطأ، فإنَّ الوقت الفاضل لأداء العمرة أشهر الحج و شهر رمضان، و ما عداها من الشهور فهي سواء في ذلك. قال ابن سيرين: ما أحد من أهل العلم يشك أنَّ عمرة في أشهر الحج أفضل من عمرة في غير أشهر الحج.

و لما ذَكر ابن القيم عدد العمر التي اعتمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أنها كلها في أشهر الحج، قال: وهذا دليل على أنَّ الإعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك.

و أما المفاضلة بينَهُ، أيّ: الإعتمار في أشهر الحج – و بين الإعتمار في رمضان فَمَوضِعُ نَظَر. و قد صَحَّ أنَّه أَمَرَ أُمَّ مَعقل لَمَّا فاتَهَا الحجّ معه أن تَعتَمِر في رمضان، و أخبرها أنَّ عمرةً في رمضان تعدل حَجّة، و أيضا فقد إجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان و أفضل البقاع، و لكن الله لم يكن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم في عمره إلا أولى الأوقات و أحقّها بها، فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، و هذه الأشهر قد خّصَّها الله تعالى بهذه العبادة وجعلها وقتاً لها. و العمرة حجٌ أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج…انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. و معناه: أنَّ الوقت الفاضل لأداء العمرة حَسب الأدلة هو أشهر الحج وشهر رمضان، و ما عدا هذه الأشهر مِن بَقية السَنة فلا فضل لبعضه على بعض في أداء العمرة، لا في رجب و لا غيره، فلا داعي لِتَحَرِي العمرة في رجب دون غيره و تخصيصه من بين الشهور بالعمرة فيه فهو يحتاج إلى دليل: و لا دليل على ذلك.

و مما أُحدِث في شهر رجب من البدع الإحتفال بمناسبة الإسراء و المعراج في ليلة السابع و العشرين منه، فيجتمعون في المساجد و يلقون الخطب و المحاضرات، و يضيئون المنارات و الشوارع بأنواع خاصة من الأنوار الكهربائية، و يُبَثُّ ما يجري في هذه الإحتفالات من خلال الإذاعات لتبليغها لمن لم يحضرها حتى يقتدي بهم غيرهم في ذلك، و لا شَكَّ أن الإسراء و المعراج آيتان عظيمتان و نِعمتان كبيرتان، قد نَوَّهَ الله بشأنهما في كتابه الكريم، فيجب علينا الإيمان بهما و شكر الله على ما أكرم به رسوله صلى الله عليه وسلم، و أراه من آياته في الإسراء و المعراج، و ما أكرم الله به أمته مِن فَرضِ الصلوات الخمس فيهما، و هي خمس صلوات في العمل و خمسون صلاة في الميزان و الأجر، لأن الحسنة بعشر أمثالها. فواجبنا أن نحمد الله و نشكره على ذلك، و ذلك بطاعته و طاعة رسوله و أداء فرائض الله.

أما إقامة هذه الإحتفالات فهي كُفرٌ بهذه النِّعمَة، لأنها بدعة، ( و كل بدعة ضلالة )، و البدعة معصية لله و لرسوله تباعد عن الله و تَصُدُّ عن دِين الله.

و الدليل على أنَّ ذلك بدعة أنه عمل لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا صحابته الكرام و لا القُرُون المُفَضلة في الإسلام، و إنما حَدَث هذا بَعدهم على أيدي الجهلة و الطغام. و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )، و لأن هذه الليلة التي حصل فيها الإسراء و المعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تَعيينُها لا في رجب و لا غيره، و لم يهتم الصحابة و لا علماء الإسلام مِن بعدهم في البحث عن تَعيين هذه الليلة لأنها لا يتعلق بها حُكمٌ شرعي، فلا فائدة لنا في تعيينها، و قد اختلف المؤرخون في تعيينها و تعيين الشهر الذي حصلت فيه: فقيل هي في شهر ذي القعدة قبل الهجرة بستة عشر شهراً، و قيل في شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسَنَة.

و أما كَون هذه الليلة في شهر رجب فهو لم يثبت كما ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله،و قال الإمام ابن القيم: ( لم يقم دليل على شهرها، و لا على عشرها، و لا على عَينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يُقطَعُ به، و لا شُرِّع للمسلمين تخصيص الليلة التي يُظنُ أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره…إلى أن قال: و لا يُعرف عن أحدٍ من المسلمين أنه جَعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها و لا كان الصحابة و لا التابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور و لا يذكرونها، و لهذا لا يُعرف أيّ ليلة كانت، و إن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم، و مع هذا فلم يُشَرِّع تخصيص ذلك الزمان و لا ذلك المكان بعبادة شرعية). انتهى كلامه رحمه الله.

و لو ثَبَت تعيين ليلة الإسراء لم يَجُز للمسلمين أن يَخُصُّوها بشيء من العبادات و لم يجز لهم أن يحتفلوا فيها، و لأن النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا فيها و لم يخصوها بشيء، و لو كان الإحتفال فيها مشروعاً لَبَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم للأُمَّة إما بالقول و إما بالفعل، و لو وَقَع شيء مِن ذلك عُرِفَ و اشتَهَر و نَقَلهُ الصحابة رضي الله عنهم إلينا. فالإحتفال فيها بدعة ليس مِن دِين الإسلام، فعلى مَن يَفعلُهُ مِن المسلمين أن يتركَهُ و على المسلم أن لا يَغترَّ بما يفعله المبتدعة من الإحتفال في هذه الليلة، و لا بما يُنقلُ في وسائل الإعلام من الصور المرئية أو الصوتية لتلك الإحتفالات البدعية، لأن هؤلاء قومٌ عاشوا في بدع و أَلِفُوها حتى صارت أحَبَّ إليهم مِن السُّنَن، و صار الدِّين عِندهم مُجَرد إقامة احتفالات و إحياء مُناسبات و ذِكريات، كفِعل النصارى في تتبع آثار الأنبياء أو تتبع الأزمنة التي جَرَت فيها أحداث لهم، و عمل أعياد و احتفالات لإحياء ذكرياتها أو التبرك بمناسباتها و قد نُهينا عن ذلك.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: بل غار حِراء الذي ابتدئ فيه بنزول الوحي و كان يَتَحَراه قبل النُبُوَّة لم يَقصدهُ هو و لا أحد من أصحابه بعد النُبوة مُدَّة مَقامِهِ بمكَّة، و لا خَصَّ اليوم الذي أًنزل عليه فيه الوحي بعبادة و لا غيرها، و لا خَصَّ المكان الذي ابتدأ فيه بالوحي و لا الزمان بشيء.

و مَن خَصَّ الأمكنة و الأزمنة مِن عِندهِ بعبادات لأجل هذا و أمثاله كان مِن جِنسِ أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم و عبادات، كيوم الميلاد و يوم التعميد و غير ذلك من أحواله، و قد رآى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جماعةً يتبادرون مكان يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ قالوا: مكان صلى في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتريدون أنْ تَتَخذوا آثار أنبيائكم مساجد، إنما هلك مَن كان قبلكم بهذا، فمن أدركته فيه الصلاة فليصلي و إلا فليمضي.

فاتقوا الله عباد الله، و احذروا البِدع و أهلها و حذروا منها، فإنهما وباءٌ خطير على دِين المسلمين، و تمسكوا بكتاب ربكم و سُنة نبيكم ففيهما النجاة و الخير و الفلاح العاجل و الآجل. ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم.

الحمد لله القائل: ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى:13.

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنَّ محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و سَلم تسليما كثيراً.

أما بعد، أيها الناس اتقوا الله تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) آل عمران:103.

و اعلموا أنه قد ثَبَتَ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم التحذير من البدع و التصريح بأنها ضلالة، فقد كان يقول ( إن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم و شر الأمور محدثاتها و كل بدعة ضلالة ). و كان الصحابة يُحَذرون مِن البدع غاية التحذير، و ذلك لأن البِدع زيادة في الدِّين، و شرع ما لم يشرعه رب العالمين، و تشبه باليهود و النصارى في زيادتهم في دينهم، و في البدع تَنَقُصٌ للدِّين و اتهامه بعدم الكمال، و تكذيب لقوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) المائدة:3.

و في البدع إبعاد للمسلمين عن الدِّين الصحيح، و نَقلُهُم إلى الدِّين الباطل و هذا ما يريده الشيطان، فإنَّ المبتدع أحب إلى الشيطان من العاصي المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، لأنَّ العاصي يعترف أنه عاص و يرجوا أن يتوب بخلاف المبتدع فإنه يَعتبرُ ما هو عليه مِن البدعة هو الدِّين و الطاعة فلا يتوب منه.

فاتقوا الله و اشكروه على نعمة الإسلام و اقتدوا بنبيكم عليه أفضل الصلاة و السلام، و اعلموا أنَّ الله أَمَرَكم أن تُصلوا عليه على الدوام، فقال سبحانه: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) الأحزاب:65.

المصدر




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اختاه وجزاك الله خيرا

وكما عودتنا دائما موماضيعك هدفه




و فيك بارك الله

و جزاك الله خيرا على المرور الطيب




اللهم جنبنا البدع وأهلها

وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
اللهم آمين

جزاكم الله خيرا




تعليمية




بارك الله فيكي اختي الكريمة وجزاكي الخير
تحياتي




بارك الله فيك واصل في التميز




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الفرق بين الكرسى والعرش – لفضيلة الشيخ العلامة : محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تع

ما هو الفرق بين عرش الربّ وكرسيه

السؤال :
ما هو الفرق بين الكرسي والعرش ؟

الجواب : الحمد لله

الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .

والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .

وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .

وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال العلم :

عن ابن مسعود قال : بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء ، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم . رواه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 105 ) ، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ( ص 401 ) .

والأثر : صححه ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ( ص 100 ) ، والذهبي في " العلو " ( ص 64 ) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

هذا الحديث موقوف على ابن مسعود ، لكنه من الأشياء التي لا مجال للرأي فيها ، فيكون لها حكم الرفع ، لأن ابن مسعود لم يُعرف بالأخذ من الإسرائيليات .

" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 379 ) .

وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل هذا الحديث :

… التاسعة : عِظَم الكرسي بالنسبة إلى السماء .

العاشرة : عظم العرش بالنسبة إلى الكرسي .

الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء .

" شرح كتاب التوحيد " ( ص 667 ، 668 ) .

وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .

قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم } [ المؤمنون / 116 ] ، وقال تعالى { وهو رب العرش العظيم } [ التوبة / 129 ] ، وقال تعالى { ذو العرش المجيد } [ البروج / 15 ] .

قال القرطبي :

خصَّ العرش لأنه أعظم المخلوقات فيدخل فيه ما دونه .

" تفسير القرطبي " ( 8 / 302 ، 303 ) .

وقال ابن كثير :

{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل .

" تفسير ابن كثير " ( 2 / 405 ) .

وقال رحمه الله :

{ ذو العرش } أي : صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق ، و{ المجيد } : فيه قراءتان : الرفع على أنه صفة للرب عز وجل ، والجر على أنه صفة للعرش ، وكلاهما معنى صحيح .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 474 ) .

والمجيد : المتسع عظيم القدر .

عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " . رواه البخاري ( 3217 ) .

وللعرش حملة يحملونه .

قال تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) [ غافر / 7 ] .

وهم على خِلقة عظيمة .

عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَك من ملائكة الله من حملة العرش ، إنَّ ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " .

رواه أبو داود ( 4727 ) .

والحديث : قال عنه الحافظ ابن حجر : وإسناده على شرط الصحيح .

" فتح الباري " ( 8 / 665 ) .

والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .

قال ابن القيم :

إنه إذا كان سبحانه مبايناً للعالَم فإما أن يكون محيطا به أو لا يكون محيطا به ، فإن كان محيطاً به لزِم علوّه عليه قطعاً ضرورة علو المحيط على المحاط به ، ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً فما كان محيطاً بجميع ذلك كان عالياً عليه ضرورة ولا يستلزم ذلك محايثته لشيء مما هو محيط به ولا مماثلته ومشابهته له .

" الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) .

7. والعرش ليس هو المُلْك وليس هو الكرسي .

قال ابن أبي العز الحنفي :

وأما من حرَّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك ، كيف يصنع بقوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } [ الحاقة / 17 ] ، وقوله { وكان عرشه على الماء } [ هود / 7 ] ؟ أيقول : ويحمل ملكه يومئذ ثمانية ، وكان ملكه على الماء ويكون موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم المُلْك ؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول .

وأما الكرسي فقال تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة / 255 ] ، وقد قيل : هو العرش ، والصحيح : أنه غيره ، نُقل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .

وقد روي مرفوعاً ، والصواب : أنه موقوف على ابن عباس …

قال أبو ذر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما الكرسي في العرش إلا كحلْقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض " .

.. وهو كما قال غير واحدٍ من السلف : بين يدي العرش كالمرقاة إليه .

" شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 312 ، 313 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .

وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .

والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .
والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم .

القول المفيد شرح كتاب التوحيد " ( 3 / 393 ، 394 ) .
منقول

منقول للفائدة




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[قصيدة صوتية] { سلم الوصول إلى علم الأصول للشيخ العلامة المحدث حافظ بن أحمد الحكمي رح

تعليمية تعليمية
[قصيدة صوتية] { سلم الوصول إلى علم الأصول للشيخ العلامة المحدث حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله }

بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم لإخواني متن
{سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله واتباع الرسول}
للشيخ العلامة حافظ الحكمي رحمه الله
قراءة خالد الشليمي

من هنا ترجمة الشيخ حافظ رحمه الله
ترجمة الشيخ العلامة زيد المدخلي
www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachment id=19513&d=1331982696
محاضرة للشيخ محمد بن هادي المدخلي
www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachment id=19891&d=1332842105

الملفات المرفقة (افحص الملف ببرامج الحماية وقم بالتبليغ عنه إذا وجدته مخالفا) تعليمية سلم الوصول إلى علم الأصول للشيخ العلامة حافظ الحكمي رحمه الله.mp3‏ (4.77 ميجابايت)

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك…………………. …




التصنيفات
الفقه واصوله

ست نقاط مهمة في شهر شعبان – العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى

تعليمية تعليمية

أما بعد.. أيها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلم حوله في نقاط ست لنبين فيها ما يجب علينا بيانه ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم علمًا نافعًا وعملاً صالحًا.

الأول، بل النقطة الأولى: صيام شعبان.

فهل يتميز شعبان بصيام دون غيره من الشهور؟

الجواب: نعم، فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر من الصيام فيه، حتى كان يصومه إلا قليلاً، وعلى هذا فمن السنَّة أن يكثر الإنسان من الصيام في شهر شعبان اقتداءًا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

النقطة الثانية: صيام نصفه أي صيام يوم النصف بخصوصه.

فهذا وردت فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يُعمل بها؛ لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله، وعلى هذا فلا يُصام يوم النصف من شعبان بخصوصه؛ لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وما لم يرد فإنه بدعة.

النقطة الثالثة: فضل ليلة النصف منه.

وهذا أيضًا فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور، لا تمتاز هذه الليلة – أعني ليلة النصف من شعبان – بشيء بل هي كغيرها من الليالي؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة.

النقطة الرابعة: تخصيصها بقيام.

وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان قد اعتاد أن يقوم الليل، فليقم تلك الليلة أسوة بغيرها من الليالي، وإن كان ليس من عادته أن يقوم الليل، فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصصها بقيام ركعات معدودة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذن لا نخصص ليلتها بقيام.

النقطة الخامسة: هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة؟ بمعنى: هل يُقدَّر في تلك الليلة ما يكون في تلك السنة؟

والجواب: لا، ليست ليلة القدر، ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى: (( إنا أنزلناه )) أي: القرآن، (( إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر ))، وقال الله تعالى: (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ))، وعلى هذا فتكون ليلة القدر في رمضان؛ لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن، والقرآن نزل في شهر رمضان، فيتعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور. ومن ذلك ليلة النصف من شعبان، فإنها ليست ليلة القدر، ولا يُقدَّر فيها شيء مما يكون في تلك السنة، بل هي كغيرها من الليالي.

النقطة السادسة: صنع الطعام يوم النصف.

فإن بعض الناس يصنع طعامًا في يوم النصف من شعبان يوزعه على الفقراء ويقول هذا عشاء الأم، هذا عشاء الأب أو هذا عشاء الوالدين، وهذا أيضًا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.

فهذه ست نقاط أحصيتها ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها ووجب عليَّ أن أبينها لكم.

وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنَّة وينذرون عن البدعة، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وأن يجعلنا وإياكم ممن يقتدون ويهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الملفات المرفقة تعليمية ست نقاط مهمة في شهر شعبان – ابن عثيمين.mp3‏ (1.26 ميجابايت)

تعليمية تعليمية




بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك على هذا الإنتقاء وهذا التوضيح

لأن الكثير يجهل هذه الأمور ، فيجتهد في البدعة

ويتجاهل السنة ….جزاك الله على هذا التذكير




التصنيفات
اسلاميات عامة

كلمة الشيخ السحيمي بعد وفاة الشيخ العلامة النجمي

كلمة الشيخ السحيمي بعد وفاة الشيخ العلامة النجمي-رحمه الله- ونصائح مهمة لطلبة العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
إخوتي وأحبتي في الله قبل أن نبدأ هذا اللقاء أود أن أعزي نفسي وإياكم بشيخنا الشيخ أحمد النجمي رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، ذلكم الشيخ الفاضل الذي قضى عمره في النصح والتعليم والتوجيه وفق منهج السلف الصالح وهو أحد خاصة تلاميذ الشيخ القرعاوي والشيخ حافظ الحكمي رحمهم الله تعالى ، فقد انتقل اليوم إلى جوار ربه ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحسن عزاءنا وإياكم فيه وأن يُعظم أجر الجميع وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خير ما يجزي به عالماً عن طلبته وعن الإسلام والمسلمين ، وأن يخلفنا فيه خيراً . وكما تعلمون لسنا ممن يُفْرط في مسألة التأبين كما يقولون ولكن فقْد مثل هذا العالم لا شك أنه أحدث ثلماً عظيماً في الأمة ، وكما يقول – النبي صلى الله عليه وسلم – :
(( إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً وإنما يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبقَ عالم ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا )).
والشيخ رحمة الله عليه كان في جهاد مرير في مقاومة الأفكار الوافدة والتيارات الوافدة إضافة إلى التأصيل والتقعيد لمنهج السلف الصالح ، فقد أبلى في ذلك بلاءً حسناً وأجاد وأفاد ، رحمة الله عليه رحمة واسعة وسيُصلّى عليه غداً في بلده قرب صامطة أو لا أدري لعله يُصلى عليه في جيزان ، المهم أنه سيُنقل إلى المنطقة الجنوبية من منطقة جيزان وهناك يصلى عليه، يبدو إما الفجر وإما ظهر الغد إن شاء الله تعالى فلا تنسوا شيخنا من صالح دعائكم في ظهر الغيب ونسأل الله أن يخلفنا فيه خيراً وأن يجزيه على ما قدم خيراً وها هي مؤلفاته وتسجيلاته وأشرطته تنطق بالحق ، تصدع بالحق ، وتدافع عن الحق وترد على أهل الباطل ، وهي كتب ومؤلفات قد طبقت الآفاق وانتشرت في كل زمان ولله الحمد والمنة ، وأرجو أن يكون ممن ينطبق عليه حديث : ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )) لعل الله أن يحقق بقية الخصال ، أما الخصلة الثالثة فهي موجودة ولله الحمد والمنة وهي العلم الذي يُنتفع به ، جعله الله في موازين حسناته ورفع درجاته في عليين وأخلفنا وإياكم والمسلمين فيه خيراً ، رحمة الله عليه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجمعنا الله وإياكم وإياه في دار الكرامة في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

وأما لقائي الختامي مع إخوتي في هذه الدورة فأوصيهم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ، والمَنْشَط والمَكْرَب ،أوصي الجميع بمواصلة العلم والتعلم ، والتفقه في دين الله – سبحانه وتعالى – لأن هذا هو الذي يبقى مع المسلم ، إلاّ هو مأمور بذلك إلى أن يلقى ربه كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة )) ، وقال – عليه الصلاة والسلام – : (( منهومان لا يشبعان، طالب علم وطالب مال )). وأوصيكم ونفسي بالجد والاجتهاد في طلب العلم الشرعي إلى أن نلقى الله – تبارك وتعالى – كما أوصيكم بالتركيز على التأصيل وفهم عقيدة السلف الصالح المستمدة من القرآن والسنة ، والإخلاص لله وحده ، والجد والاجتهاد بأن يكون عملنا خالصاً لوجه الله – سبحانه وتعالى – فإن العلم جهاد وعبادة يجب الإخلاص فيها وقد سمّاه النبي – صلى الله عليه وسلم – جهاداً ، فلنجتهد في تحقيق هذه المعاني العظيمة ، كما أوصيكم ونفسي بالجد والاجتهاد في تحرّي الصدق والصواب ، وتحرّي الإصابة في القول والعمل وذلك بالرجوع إلى هدي الكتاب والسنة فيما نقول وفيما نَصدر وفيما نُفتي وفيما نقول وفيما نُسمع الناس ، نجتهد أن نربط كل أعمالنا وأقوالنا بهدي القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة وَفق منهج سلفنا الصالح ذلكم المنهج القويم الذي لا اعوجاج فيه والذي لا يتغير بالمؤثرات ولا يتزعزع بالحوادث ولا يتغير أهله وفق المصالح الشخصية ، ولا يتلوَّنون حتى وإن وُجدت عليهم أثرة ، بل يلزمون هذا الطريق الذي لزمه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والتابعون وأتباعهم من بعدهم . فعلينا أن نلزم طريقهم وأن نسير على نهجهم ، وأن نرجع فيما أشكل علينا إلى العلماء الربانيين الذين أفنوا أعمارهم وحياتهم في تحقيق مسائل العلم والذين لا همَّ لهم إلا الجد والاجتهاد في إصلاح المسلمين وتفقيههم في دينهم وبيان الحق لهم بدليله ، والاستقامة على المنهج الحق على صراط الله المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين .
كما أوصي طلبة العلم بالتخلق بالأخلاق الفاضلة فيما بينهم ومع الآخرين فإن ذلك من أفضل ما تُنشر به الدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – التخلق بأخلاق الإسلام ، التخلق بأخلاق المصطفى – صلى الله عليه وسلم – والسير على هديه قولاً وعملاً واعتقاداً .
كما أوصي إخوتي بتبليغ ما تفقّهوا فيه وما علموه من العلم بعد أن يتثبّتوا من سماع ما يقولون وبعد أن يراجعوا المسألة المرة تلو المرة حتى يشعروا أنهم قد أتقنوها وأنهم قد درسوها حق الدراسة .
كما أوصي إخوتي بالجد والاجتهاد في التركيز على العقيدة والتوحيد ولو تخلف عنها المتخلفون ، وأن نبدأ بها في جميع أمور دعوتنا وأن تكون هي منطلقنا حتى نلقى الله – سبحانه وتعالى -.
كما أوصي نفسي وإخوتي بمواصلة طلب العلم دون هوادة ودون تردد .
كما أوصي نفسي وإياكم بالتواضع والحلم والأناة والرفق ، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه .
كما أوصي نفسي وإخواني بالتثبت في نقل الأخبار وعدم التسرع في نقل الشائعات أو تتبُّعها أو بناء أحكام عليها فإن ذلك في غاية الخطورة .
كما أوصي نفسي وإخواني بالجد والاجتهاد في العبادة واللجوء إلى الله – سبحانه وتعالى – والتضرع إليه والانكسار بين يديه ، فإن أكثر ما يصيبنا إنما هو بسبب تقصيرنا في جنب الله – سبحانه وتعالى – (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ))
هذه بعض الوصايا المهمة التي أرجو من إخوتي أن يجدّوا ويجتهدوا في تطبيقها والعمل بها والله نسأل أن يوفقني وإياكم لما فيه رضاه وأن يرزقنا وإياكم الاستقامة على طاعته والعمل بما يرضيه كما نسأله تعالى لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

هل النبى صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور؟ لفضيلة الشيخ العلامة : عبد العزيز بن باز –

حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور، لا أصل له

نسمع في بعض خطب الجمعة عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق من نور وليس من تراب كسائر الناس، فما صحة هذا الكلام؟[1]

هذا الكلام باطل وليس له أصل، فالله خلق نبينا صلى الله عليه وسلم مثل ما خلق بقية البشر من ماء مهين، من ماء أبيه عبد الله وأمه آمنة، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[2]، ومحمد صلى الله عليه وسلم من نسل آدم وجميع نسل آدم كلهم من سلالة ماء مهين.

أما من يرى أنه خلق من النور فهذا لا أصل له وهو حديث موضوع مكذوب باطل لا أصل له، وبعضهم يعزوه إلى مسند أحمد عن جابر، وهذا لا أصل له، وبعضهم يعزوه لمصنف عبد الرزاق وهذا لا أصل له.

إلا أن الله جعله صلى الله عليه وسلم نوراً للناس بما أوحى إليه من الهدى من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، كما قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ[3]، هذا النور هو محمد صلى الله عليه وسلم، وكما قال سبحانه في الآية الأخرى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا[4]، السراج المنير وهو نور لما أعطاه الله من الوحي العظيم من القرآن الكريم والسنة، فإن الله أنار بهما الطريق وأوضح بهما الصراط المستقيم وهدى بهما الأمة إلى الخير فهو نور وجاء بالنور عليه الصلاة والسلام، وليس معناه أنه خلق من نور.

——————————————————————————–

[1] نشر في جريدة عكاظ، العدد 11914، بتاريخ 24/12/1419هـ

[2] سورة السجدة الآية 8.

[3] سورة المائدة ، الآية 15.

[4] سورة الأحزاب ، الآيتان 45، 46.

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الخامس والعشرون.

منقول

http://www.ibnbaz.org.sa/mat/3345

منقول للفائدة




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[كتاب مصور] النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين تأليف العلامة حمد بن ناصر بن

تعليمية تعليمية
[كتاب مصور] النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين تأليف العلامة حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر

كتاب :

تعليمية

النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين
تأليف العلامة حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر
تحقيق العلامة عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
دار العاصمة الرياض
النشرة الاولى 1409

رابط التحميل :
http://archive.org/download/abu_yaal…iin_maamar.pdf

الملفات المرفقة (افحص الملف ببرامج الحماية وقم بالتبليغ عنه إذا وجدته مخالفا) تعليمية النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين تأليف حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر.pdf‏ (2.61 ميجابايت)

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

سؤال موجّه لمحدث العصر العلامة الألباني :

سؤال موجّه لمحدث العصر العلامة الألباني – رحمه الله – :

تقوم بعض النسوة بالخروج لدعوة النساء

حيث يقمن بزيارتهن في بيوتهن ودعوتهن لدروس خاصة ، وقد يكثر ذلك منهن

فهل يخالف ذلك ما أمرهن الله به من القرار في البيوت؛ لأنها تذهب وتتنقل

وخاصة عندنا -يا شيخ- مأذون للمرأة أن تسوق السيارة

فتذهب لهذه وتذهب لهذه فهل هذا مخالف؟

الشيخ :

أعتقد أن هذا العمل أيضاً من مشاكل العصر الحاضر

ومن ذلك أننا أصبحنا اليوم نقول: إن هناك دعاة وداعيات

وهذه -بلا شك- من محدثات الأمور، فما ينبغي أن يكون هناك نساء يتسمين بالداعيات

لا بأس، بل هذا واجب أن يكون هناك نساء متعلمات العلم الشرعي

بحيث أنهن يُقصدن من النساء بسؤال

لأن كثيراً من النساء يتحرجن من أن يتوجهن بأسئلتهن الخاصة بهن إلى أفاضل العلماء

وإذا وجدت في النساء علماء حقاً على الشرط الذي سبق بيانه آنفاً، أي: بالكتاب والسنة

فينبغي على النساء أن يأتينهن وليس بالعكس

لأننا نعتقد بحق قول من قال من أهل العلم:

وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف

وقد وصل الأمر ببعض النساء هنا وربما في بلاد أخرى

أنها تصعد المنبر في المسجد وتلقي الدروس على النساء

وقد يكون هناك في باحة المسجد رجال فاتتهم الصلاة مع الجماعة فيدخلون يصلون

هذا -بلا شك- لا أتورع أن أقول: إن هذه من البدع

فالأمر -كما ذكرت في سؤالك-

أن واجب المرأة أن تقر في بيتها

فإذا كانت مميزة على غيرها بالعلم بشرع الله عز وجل

فذلك لا يؤهلها أن تنطلق هكذا كالرجال، وتساويهم في الخروج

كأنَّ ربنا عز وجل ما قال في كتابه الكريم:

( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )

فالأصل في المرأة

ألا تخرج إلا لحاجة لا يمكنها أن تحققها إلا بالخروج

وهنا يظهر الأمر

بين المرأة العالمة، فلا يجوز لها أن تخرج وتنطلق -كما يقولون- كداعية

وبين المرأة التي تريد أن تتعلم العلم فهي تخرج

لأنه يجوز لها أن تخرج إلى المسجد كما هو معلوم، وكما كان الأمر في عهد الرسول عليه السلام

مع العلم أن الرسول عليه السلام قد قال لهن: « وبيوتهن خير لهن »

ومع ذلك فقد أقرهن عليه الصلاة والسلام في خروجهن إلى المساجد حتى في صلاة العشاء

وجاء النهي الصريح: « لا يمنعنَّ أحدكم زوجته أن تخرج لصلاة العشاء »

وكانت المرأة تنصرف من صلاة الفجر كما جاء في حديث مسلم: " وهن متلفعات بمروطهن "

فإقرار الرسول عليه السلام لخروج النساء لأداء الصلوات الخمس في المساجد

مع بيان أن صلاتهن في بيوتهن خير لهن

ما ذلك إلا لأنهن كن يخرجن لطلب العلم

فإذا كان هناك امرأة تجلس في بيتها، ولا مانع من أن تحضر النساء إليها كل على حسب ظروفها وطاقتها إلخ

أما هي فلا تخرج خروج الرجال؛ لأن هذا من التشبه بالرجال

الموقع الرسمي لفضيلته : الأشرطة المفرغة : سلسلة الهدى والنور / شريط رقم : 189 / فتوى رقم : 18




تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

لماذا لا نحي عهد "الزردة" و"الوعدة" ؟ بقلم: فضيلة الشيخ العلامة حماني

لماذا لا نحي عهد "الزردة" و"الوعدة" ؟

بقلم: فضيلة الشيخ العلامة الفقيه أحمد حماني (رحمه الله)

رئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا بالجزائر

فحوى السؤال :

كنّا نزور المشايخ بنّية خالصة ونتبرك بآثار الصالحين ونتمسّح بقبورهم
ونتوسّل بهم ونقيم الزردات والوعدات كلّما اشتدّت بنا المحن فنظفر بالمنن
وتفرج علينا، حتّى جاء البادسيّون وقطعوا علينا هذه الاحتفالات البهيجة
وغابت علينا وغضب علينا ديوان الصالحين. أفليس من الخير أن نعود
إلى الزردة والوعدة ونحيي ما اندثر، فإنّ ذلك عادات الآباء والأجداد،
زيادة على الرجاء في تبديل الأحوال، وانصراف الأهوال وإرضاء الرجال
وعسى أن تنفرج عنّا المحن وتكثر المنن. هذا ما يقوله بعض الناس ويودّ
أن تُسَبِّح الأمّة فتذهب الغمّة وما علينا في الزردة والوعدة وقضاء زمن كثير
في الأفراح والأيّام والليالي الملاح والقَصْبَة والبَنْدِير، والتهويل والشخير والنحير،
وما رأيكم دام فضلكم ؟

عبد الله الغفلان زمورة (ولاية غليزان)

الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
أوّلا :
سؤال محيّر لا ندري أصاحبه جادّ به أم هازل ؟
فإن كان جادّا أجبناه بعلمنا ولا عتب علينا وإن كان هازلا بنا
فإنّا نعوذ بالله أن نكون من الهازلين.

فقول السائل : "كنا نزور المشايخ بنية صالحة" الصواب كنّا
نزورهم بغفلة فاضحة، أعيننا مغفلة وعقولنا معطّلة. فالشيوخ
كانوا عاطلين عن كلّ ما يؤهّلهم للزيارة ! فلا علم ولا زهد ولا صلاح
ولكن نسب مرتاب في صحّته فكنّا – كما قيل – نعبدهم ونرزقهم.
والزيارة الشرعية تكون للشيخ إذا كان من ذوي العلم والفهم والصلاح
فيكتسب منه الزائر العلم والدين والصلاح ويأخذ منه المنقول والمعقول
ويرجع بفوائده جمّة، كما كان عالم المدينة بها وأبو حنيفة في العراق،
هذه الزيارة هي المأذون فيها وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فأمّا إذا كان
الشيخ كالصنم فماذا يستفيد منه الزائر ؟ أعلما أم زهدا أم صلاحا أم نصيحة
وعقلا ؟ إنّ المشايخ كانوا خلوا من كلّ ذلك، وفاقد الشيء لا يعطيه.
والذين كان لا يمكن الاستفادة من علمهم لم يَرِدُوا في سؤالكم ولا يمكن
أن يخطروا ببالكم مثل ابن باديس والتبسي رحمهما الله، فقد كان يزورهم
الطلاب ويرجعون من عندهم بعلم وفير ونصائح جمّة أفادت الوطن والأمّة.

وإنّما حكمت بأنّك لا تريد هذا الصنف المقيّد من العلماء لأنّك ذكرت مع
زيارتهم، البركة والتمسّح بالقبور والزردة والوعدة ونسيت الهردة والوخدة
والفجور والخمور، فقد أنقذوا الأمة من هذه الشرور وخلّصوها من قبضة
مشايخ الطرق، فكان ذلك مقدمة لتحريرها ورفع رايتها، ولم يكن لغالب مشايخ
الطرق إلا قضية النسب الشريف وهو مظنون، وإن صحّ ففي الحديث :
"من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه" (رواه مسلم)، وأمّ الشرفاء قال لها رسول الله
صلى الله عليه وسلم : "يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئا" (رواه البخاري ومسلم)
فإذا أردت أخذ البركة من المشايخ فاقصدهم للعلم والفضل والصلاح والزهد واقتد بهم
واعمل عملهم تنتفع وتحصل لك أنواع من البركة الحقيقية لا المتخيّلة.

ثانيا :
وأمّا قولك "نتمسّح بقبورهم" فإنّ مثل هذا التمسّح نوع من الشرك
ولا يكون إلاّ للحجر الأسود بالكعبة فقط مع التوحيد الخالص لله وقد قال له عمر
يخاطبه : "والله ما أنت إلا حجر لا تنفع ولا تضر ولو لا أنّي رأيت رسول الله
يقبلك ما قبلتك" (متفق عليه). فإن كنت مع الحجر الأسود كما قال عمر فلا بأس
أن تقبّله، أمّا غيره فلا يجوز لك التمسّح به فإنّ التمسّح به وتقبيله شرك يتنَزّه عنه
المؤمن الموحّد. إنّ المؤمن يعلم – كما علم عمر – أنّه حجر والله يقول في مثله
من الجماد الذي كان يفتن العباد : "إنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا
مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشركِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" [فاطر: 14].
فالبركة المستفادة من هذا التمسّح هي الرجوع إلى عهد الجاهلية والشرك بالله
.

هذا هو التمسّح بالقبور، فإنّها أجداث، فإن قصدت ساكني القبور فإنّ ذلك
منك أضلّ ألم تر أنّ صاحب القبر كان حيّا يرزق ثم جاءه الموت، والموت
كريه لا يحبّ زيارته أحد من الأحياء، فلم يستطع دفعه عن نفسه واستسلم
مكرها ولو استطاع أن يفتدي منه لبذل له الدنيا وما فيها.

فمن رجا الخير من ميّت أو دفع الضرّ المتوقّع فلا أضلّ منه، فادع في كلّ ما
يصيبك الحيّ الذي لا يموت فإنّه النافع الضّار وحده والله يوصي عباده فيقول :
"ومِنْ آيَاتِِهِ اللَّيْلُ والنَّهَارُ والشَّمسُ والقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ
واسْجُدُوا لله الذي خَلَقهُنَّ إنْ كُنتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُون" [فصلت: 37]. ثالثا : فأمّا قولك
"كنّا نتوسّل بهم" فإنّ التوسّل الشائع بين الناس وهو الدعاء – الدعاء هو مخ العبادة –
شرك محض، فالتوحيد أن تدعو الله الذي خلقك – ولو عظمت ذنوبك – فإنه معك
يسمع دعاءك فإن كان لا بدّ من التوسّل فتوسّل بصالح أعمالك كما فعل الثلاثة
اصحاب الغار حينما نزلت عليهم الصخرة وسدّته عليهم، فاستجاب لهم من يعلم
شدّتهم. هذا هو التوسّل الصحيح وغيره قد يوقع صاحبه في الشرك، فلا تحم حوله.

رابعا :
وأمّا قولك "كنّا نقيم الزردات والوعدات كلما اشتدّت بنا المحن"
فإنّ هذه الزردات كانت من آثار غفلتنا منافية ليقظتنا وكان علماؤنا رحمهم الله
يسمونها (أعراس الشيطان)، لما يقع فيها من سفه وتبذير وعهر وخمر واختلاط
وفجور، وإنّما كان يشّد إليها الرحال من تونس حتّى المغرب الغافلون منّا المستهترون
بالدين والأخلاق ممن نامت ضمائرهم وكانت من أعظمها زردة (سيدي عابد)
بناحيتكم، يأتيها الفسّاق من تونس والمغرب وما بينهما، وسل الشيوخ عن الأحياء
ينبئونك، وكانت هذه الزردة كثيرة لأنّ لكلّ قوم لإلههم من أصحاب القبور من حدود
تبسة إلى مغنية، كانت القبور تعبد من دون الله ولكلّ قوم من يقدسونه. فـ(سيدي سعيد)
في تبسة،و(سيدي راشد) في قسنطينة و(سيدي الخير) بالسطيف و(سيدي بن حملاوي)
بالتلاغمة، و(سيدي الزين) بسكيكدة و(سيدي منصور) بولاية تيزي وزو
و(سيدي محمد الكبير) في البليدة، و(سيدي بن يوسف) بمليانة و(سيدي الهواري)
بوهران و(سيدي عابد) بغليزان و(سيدي بومدين) بتلمسان و(سيدي عبد الرحمن)
بالجزائر ويزاحمه (سيدي امحمد) وليعذرني الإخوة ممن لم أذكر آلهة بلدانهم وهم ألوف.

ففعل هؤلاء القوم مع هؤلاء المشايخ يشبه فعل الجاهلية مع هبل
واللات والعزّى وخصوصا إقامة الزردة حولها والذبح لها والتمسح بالقبور،
أفترانا نحيي آثار الشرك ونحن الموحدون ؟

لقد وقف العلماء وقفة صادقة ضدّ هذه المناكير في الزرد، لا فرق بين علماء
الإصلاح وغيرهم ممن كان يناصر جمعية العلماء ومن كان خارجها حتّى قضوا
على الزردة وساء ذلك الدوائر الاستعمارية فأرادت أن تحييها وتحافظ عليها،
وفي علمي أنّ آخر زردة قسنطينة، أقامها سياسي فشل في سياسته الإدماجية
فعادى العلماء واتّهمهم وأقام زردة بثيران المعمون وأخرافهم وأين مدينة قسنطينة
عرين أسد الإصلاح لكنّه دفن نفسه ولم تقم له قائمة.

فمن يريد أن يسير اليوم بإحياء الزردة والوعدة فبشره بخيبة تصيبه مثل
خيبة الأمس فأحذر يا صاحب السؤال.

خامسا :
ثم إنّ الطعام واللحم المقدّم في الزردة لا يحلّ أكله شرعا لأنّه مما نصّ القرآن
على حرمة أكله فإنه سبحانه وتعالى يقول : "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ" [المائدة: 3]. فاللحم من القسم الرابع أي مما أهل
لغير الله، أي ذبح لغير الله بل للمشايخ.

فزردة (سيدي عابد) أقيمت له وهكذا (سيدي أحمد بن عودة) و(سيدي بومدبن)الخ..
أقيمت له الزردة ليرضى وينفع ويدفع الضّر، وتقول إنّ هذه الذبائح قد ذكر اسم الله
عليها، فأقول : ولو ذكر اسم الله فإنَّ النّية الأولى وهي تقديمها إلى صاحب المقام،
يجعلها لغير الله.

برهان ذلك، فعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
مع والد الفرزدق وسحيم، فإنّ سحيما علم أنّ غالبا نحر ليطعم الناس فنحر،
فسمح به غالب فنحر عشرات، فغالبه سحيم ونحر مثله وكثر المنحور حتىّ
عدّ بالمئات، يريدان به الفخر، فلما جاء الأمر إلى علي رضي الله عنه نهى الناس
على أكل لحمها واعتبرها مما أهلّ لغير الله، ولا شكّ أنّ ناحريها قد ذكروا عند
نحرها اسم الله، لكنّ الناحرين قصدا بذلك التباهي والافتخار، فكانت مما أهل
به لغير الله.

فلحم الزردة حرام، وطعامها حرام لأنّه صنع بذلك اللحم والحضور في الزردة حرام،
لأنه تكثير لأهل الباطل ولو كان الذي حضر إماما أو رئيس أئمة أو دكتور أو عالما
فإنّه عار أن نزرد بأموال الدولة ونحن غارقون في الديون، وقد شاهدنا في تلفزتنا
ما يحبّ الأوروبيون أن نكون عليه من اللعب بالثعابين. فكلّ من أحيا فينا الغفلة
التي كنّا فيها بالأمس ليس بناصح لنا بل غاشّ ولن يفلح في مقاصد وسيكون كما
قال الله في مثله ممن جعلوا المال للكيد بالمسلمين : "فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً
ثُمَّ يُغْلَبُونَ" [الأنفال: 36].

وهذا وعد من الله صادق ولن يخلف وعده.

سادسا :
وأمّا قولك "حتى جاء البادسيّون" فالحق أنّ ابن باديس وأصحابه
إنّما دقّوا الجرس فاستيقظ الشعب ورأى الخطر المحدق به فانفضّ عنهم ولم يأت
ابن باديس بدين جديد ولا بطريق جديد وإنما تلا كتاب الله وحدّث بكلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وسار بسيرة السلف الصالح رضي الله عنه أجمعين وكفى
ابن باديس أن أيقظ المسلمين.

سابعا :
إذا أردنا أن تزول المحن عنّا فلنجتنبها ونخالف طريقها : نعبد الله وحده ونطيع الله ورسوله ونوحّد الكلمة فيما بيننا ونعتصم بحبل الله المتين ونجتنب الخلاف والنزاع
ونؤمن بالله ونستقيم ونعمل الصالحات فلا بدّ من العمل المتواصل لأنّ الله يأمر به
"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ" [التوبة: 105]، هذه وسائل النجاح
وليست إقامة الوعدات والزردات ودعاء غير الله فهذا عمل الخاسرين. فإن طلبنا النجاح
وزال المحن بغير هذه الطريقة فنحن في ضلال وخسران كما أقسم على ذلك ربّ الناس.

"وَالعَصْرِ إنْ الإنْسَانَ لضفِي خُسْرٍ إلاَّ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتَوَاصَوْا بِالحَقِّ
وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ"

هذا جواب سؤالك، يا أخا زمورة وستعود إلى الموضوع والسلام عليكم
وعلى كل من اتّبع الهدى.

أحمد حماني (رحمه الله)

(من جريدة الشعب اليومية : الاثنين 18/11/1991 رقم 9 – رياض الإسلام)




إذا أردنا أن تزول المحن عنّا فلنجتنبها ونخالف طريقها




غير مفهوم مراد الأخت لو تُفصل بارك الله فيها، وان كان حسن الظن يقول أن المراد بمخالفة طريق الفتن يدخل فيه ابتداءا ترك الشرك و التحذيرمن طرائقه و توعية أهله و هدايتهم الى الاسلام النقي الصافي البعيد عن اهدار حق رب الأرباب، و قد جاء الاسلام ليقرر هذ الحق قبل غيره، بل جعل غيره من التشريع تبعا له و مرتكزا عليه قال تعالى ( و ما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة).




رحم الله الشيخ حماني رحمة واسعة واسكنه جنة الفردوس ان شاء الله فقد كان من العلماء الربانيين العاملين على احياء السنة الصحيحة ودحر الشرك ومظاهره في جزائرنا الحبيبة




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الفرق بين اليد و القدرة نقلا من كتاب الصفات الإلهية لفضيلة الشيخ العلامة محمد أمان بن

تعليمية تعليمية
الفرق بين اليد و القدرة نقلا من كتاب الصفات الإلهية لفضيلة الشيخ العلامة محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله

بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه فائدة استقيتها من كتاب الصفات الإلهية في الكتاب و السنة النبوية لفضيلة الشيخ العلامة محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه.

….. و يفهم من كلام بعض أهل العلم أن النسبة التي بين اليد و القدرة
كالتي بين الإرادة و المحبة; إذ يقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " و الذي يلوح في معنى هذه الصفة "اليد" أنها قريبة من معنى القدرة, إلا أنها أخص منها معنًى, و القدرة أعم, ثم قال ـ رحمه الله ـ : كالمحبة مع الإرادة و المشيئة, و كل شيء أحبه فقد أراده و ليس كل شيء أراده أحبه, و كذلك كل شيء حادث فهو واقع بالقدرة و ليس كل شيء واقع بالقدرة واقعًا باليد, فاليد أخص من معنى القدرة و لذلك كان فيها تشريف آدم" ابن القيم : بدائع الفوائد (ص 6)

قلت : و كذلك كتابة التوراة و غرس جنة الفردوس كما تقدم.
و عند التحقيق : أن النسبة بين الإرادة و المحبة من باب عموم و خصوص من وجه يجتمعان في إيمان أبي بكر مثلا فهو مراد و محبوب, و تنفرد الإرادة في كفر أبي جهل مثلا; لأنه مراد غير محبوب, و تنفرد المحبة في إيمان إبليس; لأنه غير مراد و هو محبوب لو وجد بإرادة الله و مشيئته.
و أما النسبة بين القدرة و اليد فمن باب العموم و الخصوص المطلق يجتمعان في خلق آدم و ما ذكر معه; لأنه خلقه بقدرته و صنعه بيده سبحانه كما كتب التوراة بيده و غرس جنة الفردوس بيده أيضا, و تنفرد القدرة في سائر مخلوقاته التي لم يباشر خلقها بيده و لكن قال لها : كوني فكانت, و الله أعلم.

و السلام عليكم و رحمة الله

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




فائدة ومعلومات رائعة شكرا لك