التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية وتفريغها] فابتغوا عند الله الرزق كلمة ألقاها فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر- عقي

تعليمية تعليمية
[صوتية وتفريغها] فابتغوا عند الله الرزق كلمة ألقاها فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر

بسم الله الرحمن الرحيم

فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ

لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله تعالى-

فابتغوا عند الله الرزق لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر.mp3

الحمد لله ربِّ العالمين ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ؛ صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أمَّا بعدُ :

قولُ خليل الرَّحمٰن إبراهيم عليه السَّلام في سياق دعوته لقومه إلى توحيد الله جلَّ وعلا وإخلاص الدِّين له وبيانِه لبطلان الشِّرك وفساده ذاكرًا في هٰذا المقام حُججًا متنوِّعاتٍ وآياتٍ بيِّنات وبراهين واضحات على وجوب إخلاص الدِّين لربِّ الأرض والسَّمٰوات ؛ فذكر عليه السَّلام في جملة ما ذكر من آيات قال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت:17] . فمن البراهين الدالة على بطلان عبادة الأوثان أنَّها لا تملك رزقا لعابديها ؛ بل لا تملك ذلك لنفسها فضلًا أن تملكه لغيرها ، فهي لا تملك لنفسها موتًا ولا حياةً ولا نشورًا فضلًا أن تملك شيئًا من ذلك لغيرها ، فهي مخلوقاتٌ عاجزة وناقصة وليس بيدها شيء ؛ بل حقيقةُ أمرها أنَّها حجرٌ كسائر الأحجار أو شجرةٌ كسائر الأشجار عظَّم المشركون أمرَها فعبدُوها وسألُوها وأنزلوا بها حاجاتهم وطلباتهم .
فممَّا تُبطَل به هٰذه العبادة ويُنقَض به هٰذا التعلُّق الباطل هٰذا القول العظيم من خليل الرَّحمٰن عليه السَّلام لقومه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا ﴾ أي ليس بيدها شيئا من ذلك ولا تملك شيئا من ذلك ، فالرِّزق كلُّه بيد الله ، واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحده هو الرَّزاق.
ولهٰذا فالله جلَّ شأنه ذكر هٰذا البرهان نفسه في السِّياق نفسِه ؛ لما بيَّن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الذَّاريات أنَّه إنِّما خلق الإنس والجنَّ لعبادته قال: ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) ﴾ أي أنَّ العبادة إنَّما تُصرَف لمن بيده الرِّزق ، تُصرف للرَّزاق جلَّ شأنه ، لا تصرف للمرزوق.
ومن لطيف ما مرَّ عليَّ في هٰذا الباب وطريفه ومفيده أنَّ أحد العوام قال له أحد الضُّلاَّل المبتلَين بالتعلُّق بالقبور وعبادة المقبورين: أليس اللهُ يقول عن الشُّهداء: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران:169] ؟ قال: أليسو هم أحياء! إذاً لماذا لا ندعوهم ؟! إذاً لماذا لا نسألهم؟! هكذا يقول المضلِّل ، فقال ذلك العامِّي بفطرته : إنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال ﴿ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ أي يرزقهم الله ، ولم يقل: يَرزُقون ، فأنا أعبدُ الذي يرزقهم -وهو عامِّي!- فاستدل بالحُجّة نفسها ، فالذي يرزق وبيده الرِّزق هو وحده الذي يدعى ، أمَّا العبد المرزوق الفقير المحتاج الذي لا يملك لنفسه رزقا كيف يُعبَد! كيف يُدعى! كيف يُسأل! كيف تُعرض الحاجة عليه! وهو لا يملك لنفسه رزقاً فضلًا أن يملك شيئا من ذلك لغيره.
والرَّزاق المعبود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في السَّماء عليٌّ على خلقه ، وبيده تبارك وتعالى مقاليد السَّمٰوات والأرض ، ويمينه جلَّ وعلا ملأى لا يغيضها نفقة سحَّاء الليل والنهار ، عطاؤه جل شأنه كلام ومنعه كلام ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس:82] ، هٰذا الذي ينبغي أن تُصرف له وحده العبادة ، وأنْ لا يُجعل معه شريكٌ في شيء من ذلك؛ ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات:22] ، والرَّزَّاق جلَّ شأنه في السَّماء ، وهو الذي يرزق من يشاء ويعطي من يشاء والأمر كله بيده تبارك وتعالى.

و« الرَّزَّاق » كما مر معنا اسم من أسمائه سبحانه ، وهو يدلُّ على ثبوت صفة الرَّزق له عزَّ وجلَّ بفتح الراء ؛ لأنَّ الرَّزق بفتحها هو الفعل ، الصِّفة ، وبالكسر الرِّزق الأثر أثر الصِّفة ، فالله عزَّ وجل هو الرزاق؛ أيّ المتَّصف بالرَّزق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، ورزقه لبعاده نوعان :
1- رزقٌ عام يشمل جميع المخلوقات برَّها وفاجرها مؤمنها وكافرها صالحها وطالحها ، وهو رزق بالصِّحة والمال واللباس والمسكن والعافية وغير ذلك ، والله يقول : ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ﴾ [الإسراء:20].

2- والنوع الثاني: رزق القلوب بالهداية للإيمان ، والصَّلاح ، والإستقامة، وانشراح الصَّدر لهٰذا الدين ، وحسن الإقبال على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ربِّ العالمين ، فهٰذا رزق خاص يهَبُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لمن شاء الله هدايته وكتَبَ جلَّ شأنه صلاحه واستقامته.

ثم أيها الإخوة الكرام: إذا آمن العبد بأنَّ الرَّزَّاق هو الله وأنَّ الرِّزق بيده إحتاج في هٰذا المقام إلى أمرين:
– الأول منهما: أن يبتغي الرِّزق عند الله لا عند غيره ؛ فلا يسأل إلَّا الله ، ولا يرجو إلَّا الله ، ولا يطمع في حصول خيراته وبركاته ونِعمَه إلَّا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ﴾ فيُخلِص طلبه للرِّزق لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فلا يسأل إلَّا الله ولا يرجو إلَّا الله ولا يطمع في نوالٍ وعطاء إلَّا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، ولا يلتفت بقلبه إلى غيره بل يفوِّض أمره إليه ويتوكَّل في حاجاته عليه ، وقد كان نبيِّنا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يقول كل يوم إذا أصبح بعد صلاة الصُّبح: « إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا » يسأل اللهَ كل يوم في باكورة يومه أن يرزقه الرِّزق الطيِّب.
والأمر الثاني: أن يبذل السَّبب ؛ مع الإستعانة والدعاء والسؤال والطلب يبذل السَّبب ، والرَّزاق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمَرَنا ببذل الأسباب قال: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك:] ، أي أن الإنسان لا يبقى في مكانه ولا يعطِّل الأسباب التي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باتِّخاذها وفِعْلها ؛ بل يبذل السَّبب ولا يكتفي بالدُّعاء والتوكُّل مع تعطيل الأسباب ، لأنّ هٰذا تواكل وليس بتوكُّل ، فإنَّ عمر ابن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لما ٍرأى قومًا خرجوا من ديارهم بلا زاد وقالوا نحن المتوكلون قال: هؤلاء المتواكلون أو المتأكِّلون . قال: المتوكل الذي يضع البذر ويتوكَّل على الله ، تكون عنده أرض فيضع البذور ويتوكَّل على الله ، أمَّا أنه لا يضع بذوراً ولا يعمل ولا يبذل سببًا هٰذا ليس توكُّل وإنَّما هو تواكل ، ولهٰذا قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ؛ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا » ، «تغدو» هٰذا بذل للسَّبب ؛ الطير لا تجلس في عشها تنتظر الحَب يأتي فيه ولا تجلس في عشها تنتظر الماء يأتي فيه ؛ بل إذا أصبحت طارت إلى الأماكن المختلفة والبعيدة تطلب الرِّزق ، فتحصِّل خيرًا وترجع، «تذهب خماصًا وتغدو بطانًا» ، فلمَّا قال: «لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ» ورِزقه للطَّير ببذل سببٍ من الطَّير ، فلا بد من بذل السَّبب.
ولهٰذا بعض النَّاس تكون الطُّيور خيرٌ منه ، خاصة الذين ابتُلوا بعقائد الطُّرقية الذين يعطِّلُون الأسباب فلا يعمل ليكسب مالًا ويحصِّل مالًا لا لنفسه ولا لأهله ويقول وهو في مكانه «إنْ كتب الله لي رزقاً يأتيني في مكاني» ، ولا يعمل ولا يبذل سبباً ويصبح عالةً على الآخرين ، ينتظر صدقاتٍ أو عطفٍ عليه أو إحسانٍ عليه أو على أهله وأولاده ويبقى هكذا معطَّلًا ، بينما الإنسان إذا عمل بهذين الأمرين اللَّذين يقتضيهما هٰذا الإيمان بأنَّ الله الرَّزاق ، وهما: الإلتجاء التَّام إليه وحده إيمانًا وثقةً بالله وتفويضًا بالله وتوكُّلا عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، ثم بذلًا للسبب ؛ وقد قال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: « مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ »، الذي يتحرَّى ويبذل السَّبب ويجِدّ ويجتهد يحصِّل خيرًا كثيرًا.
وكثير من النَّاس الذين حصَّلوا أموالًا كبيرةً كانت بداياتهم من الصِّفر ، أعرفُ رجلًا الآن عمره يتجاوز الخمسين سنة بقليل هو من كبار الأثرياء في هذه البلاد إذا عُدَّ الأثرياء في هذه البلاد على أصابع اليدين يكون معهم ، ذكر أنَّه في بداية حياته كان يصبُّ البنزين عاملاً في إحدى المحطات ، وتدرَّج في الرِّزق واكتساب الرِّزق ولم يُجاوز الخمسين سنة إلا وهو من كبار الأثرياء ، قُل مثل هٰذا في الأمور الأخرى ؛ فالأمور يحتاج إلى ثقة بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وبذل للأسباب ، انظر بذل السَّبب العظيم في قول الصحابي الجليل الذي أصبح حكمة في الباب وأثراً يُستنُّ به في هٰذا المقام عندما قال: « دُلُّوني على السوق ».
وعندما يذهب طالب العلم إلى بلده – هٰذه شكوى يشتكي منها بعض الطلاب – عندما يذهب إلى بلده ولا يتهيَّأ له وظيفة أمامك أرزاق وخيرات ولا تعطِّلك عن أعمالك الدَّعوية ، مثل ما فعل خيار الصَّحابة وخيار الأئمة تقرأ في سيَرهم أخبارًا عجيبة وعظيمة من هٰذا الباب ؛ بل أنبياء الله ورسله منهم من كان يرعى الأغنام ، منهم من عمل نجاراً ، اقرأ في سيرهم ، اقرأ فيما كتبه السَّلف رحمهم الله في هٰذا الباب ، وهٰذه المعاني كلُّها داخلة تحت قول خليل الرَّحمٰن: ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ﴾ أي بالثقة به والتوكل عليه وحُسن الإلتجاء إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وببذل الأسباب التي دعا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عبادَه إلى القيام بها.
وأختم هٰذا الحديث بقصَّة لطيفة حول هٰذا الموضوع فيها أثر استيقاظ القلب بآيات الله عزَّ وجلَّ على القلب حين يُحسن فهم القرآن وسماع كلام الرَّحمٰن ، وهي قصَّة ذكرها ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتابه «التَّوابين» عن الأصمعي ، والأصمعي كان يرحل وله رحلات عديدة يقول: لقيتُ رجلًا من الأعراب جِلْف على بعير فسلَّم عليَّ ، رددت عليه السَّلام . فقال: ممن الرجل؟ فقلت: من بني الأصمع ، قال: من أين أتيت ؟ قلت: أتيت من بلد يُتلى فيه كلام الرَّحمٰن ، قال: أَوَ للرَّحمن كلامٌ يتلوه الآدميين؟! ما سمع بهذا قبل أنَّ للرَّحمن كلام يُتلى ، قلتُ: نعم . قال: أسمعني شيئا من كلام الرَّحمٰن . قال قلتُ: انزل من بعيرك ، فنزل ؛ فتلوت عليه من سورة الذَّاريات ، حتى وصلتُ إلى قوله تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) ﴾ ، قال لي: أوهٰذا كلام الرَّحمٰن ؟ قلت: نعم ، قال: امسِك بعيري ، يقول فمسكته ، فنحر بعيره وقال: أعنِّي على تفريق لحمه ، وزَّعه على الفقراء والمحتاجين ، وودَّعني وهو يقول: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾. يقول: ثم لقيته بعد سنتين في الحرم في مكَّة فعرفني وعرفته قال لي: قد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقا ، قال الأصمعي: عجبتُ له كيف كان لهٰذه الآية هٰذا الوقع في نفسه ، وأنا الذي تلوتُها عليه لم يكن لي مثل الذي كان له ، ثمَّ قال لي: اقرأ عليَّ من كلام الرَّحمٰن ، قال: فقرأت عليه من الذَّاريات حتى بلغت قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23) ﴾ قال: سبحان الله! ومن الذي أغضب الجليل وألجأه إلى اليمين ؟ . يعني ما يحتاج أن يحلف لنا نحن نصدِّق بدون أن يحلف ، الله يقول: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ ﴾ يقول: نحن نصدِّق بدون أن يحلف لنا ، فما الذي ألجأه إلى اليمين؟!
على كل حال نحن الآن في الصباح وبعد صلاة الفجر فندعو بدعوة نبينا: اللَّهمَّ إنَّا نسألك علما نافعًا ورزقا طيِّبًا وعملا متقبَّلا ، وأزيدكم واحدة: من لم يتزوج منكم أن يمنَّ عليه بالزوجة الصالحة.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر موقع فضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر
الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

أثر الأذكار الشرعية في طرد الهم والغم للشيخ الدكتور عبد الرزاق العباد حفظه الله

أما بعد
أولا أحي الإخوة الكرام بتحية الإسلام
فسلام الله عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته
أسال الله جلا وعلا بأسمائه الحسنى أن يكتب لنا جميعا في هذا اللقاء النفع والخير والفائدة وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم مطابقا لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن يجعل ما نقوله حجة لنا لا علينا وأن يجعلنا من عباده المتقين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب

أيها الأخوة موضوع هذا اللقاء عن أثر الأذكار الشرعية في طرد الهم والغم وكلكم يعلم أن الإنسان بين الحين والأخر قد يُلم به بعض الملمات وقد تصيبه بعض المصائب وقد يبتلى ببعض الآلام التي تكدره وتؤلم قلبه وتأكل فؤاده وربما جلبت له الكثير من الحزن أوالهم أوالغم وهذا الحزن أو الألم الذي يصيب القلب إما أن يكون متعلقا بأمور ماضية أو يكون متعلقا بأمور مستقبلة أو يكون متعلقا بحاضر الإنسان قد يتذكر الإنسان أمورا مضت وأشياء قد فاتت عليه فيتألم ويحزن لذلك وقد يكون الألم الذي أصاب قلبه يتعلق بأمور مستقبلة يتخوف من أشياء ويتوقع حصول أشياء يدخل قلبه شيئا من المخاوف وفد يكون الألم يتعلق بواقع الإنسان مصيبة حلت به أو نزلت به ولهذا يقول العلماء إذا كان الألم الذي يصيب القلب متعلقا بشيئا ماضي فهو حزن وإن كان متعلقا بشيئا مستقبل فهو هم وإن كان يتعلق بواقع الإنسان وحاضره فهو غم وهذه الثلاث الحزن والهم والغم كلها آلام تصل إلى القلب ثم إنها إذا وصلت إلى قلب الإنسان تتعبه وتؤرقه وتكدر خاطره ولا يكون وضعه مع وجودها سويا طبيعيا وحتى إنك لتقرأ ذلك في بعض الوجوه تقابل أحد زملائك وبدون أن يتحدث إليك تقول له : ما بالي أراك مهموما محزونا أو مغموما دون أن يتحدث لكنها تبدو آلامه على تقاسيم وجهه ولاسيما إذا اشتدت عليه فإنها أمور تصل إلى الإنسان لأسباب ولأحوال متنوعة تمر عليه في هذه الحياة وعند النظر في طريقة علاجها والسعي في إبعادها وإزالتها من القلب نجد أن الناس يتفاوتون في هذا الباب تفاوتا عظيما وينحون في العلاج مناح شتى ولكن لا علاج ولا دواء ولا شفاء ولا سلامة ذلك كله إلا بالعودة الصادقة إلى الله جلا وعلا فبالعودة إلى الله وذكره وتعظيمه وعمارة القلب بتوحيده والإيمان به واللجوء الصادق إلى الله والافتقار إليه والذل بين يديه والامتثال له سبحانه كل هذه تذهب ولا يبقى منها شيء والذكر هو طمأنينة القلوب وروح النفوس وذهاب الهموم والغموم كما قال جلا وعلا " الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
فطمأنينة القلب وزوال همه وغمه وحزنه إنما يكون بذكر الله وتعظيمه وعمارة القلب بالإيمان به عز وجل وعليه أيها الإخوة فإن الذكر هو الشفاء وهو الدواء وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أذكار عديدة أرشد صلوات الله وسلامه عليه من أصابه كرب أوحل به هم أو نزل به غم أن يلجأ إليها وأن يحافظ عليها وأن يأتيا بها ليزول عنه ما يجدوليذهب عنه ألمه وهمه وغمه وقد ورد في هذا الباب أحاديث عديدة خرجها أهل العلم في كتب الحديث وسأقف بكم أيها الإخوة الكرام على طائفة العطرة ونخبة مباركة من هذه الدعوات والأذكار العظيمة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي يشرع للمسلم أن يقولها عندما يصيبه الهم أو الكرب أو الحزن أو نحو ذلك

روي البخاري ومسلم في صححيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الكرب :" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"

وروى عن أبو داود في سننه عن عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قال لها قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ " أَللَّهُ أَللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا "

وروى أبو داود في سننه عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ "

وروى الترمذي في سننه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ ما دعا بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ "

هذه الأحاديث وهي أربعة أحاديث عظيمة وصحيحة وثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها علاج للكرب الذي يصيب الإنسان ودواء للغم والحزن والهم

و و الله الذي لا اله إلا هو إن أتى بها الإنسان متأملا معناها محققا لمقصودها ومقتضاها والله ما يبقى في قلبه من الهم مقدار ذرة ، فإنها دواء ناجح وعلاج مبارك وشفاء لما ما في الصدور ولكن يحتاج المسلم إذا قال هذه الأذكار المباركة أن يتأمل في معناها وأن يعرف مدلولها وأن يحقق مقصودها يقول العلماء : إن إذا الإتيان بالأذكار المأثورة والدعوات المشروعة بدون علم بالمعنى وتفقه في الدلالة ضعيف التأثير قليل الفائدة ولهذا نحتاج لهذا الشيء في ذكر الله عز وجل ، كثير منا يأتي بالأذكار الشرعية ويواظب عليها لكنه لا يقف متأملا في دلالتها
وعليه أيها الإخوة هذه الأذكار لعلاج الكرب وعلاج الهم والغم والحزن لابد أن نتأمل فيما تدل عليه ولو وقفتم أيها الإخوة الكرام متأملين في هذه الأذكار الأربعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها علاج للكرب ، لوجدتم أنها تشترك في شيء واحد هذا الشيء الذي تشترك فيه هذه الأذكار لابد منه لعلاج الكرب والهم والغم ، ولابد منه لسلامة الإنسان ولغنيمته في الدنيا والآخرة وتأمل في الأذكار الأربعة اجتمع تحقيق التوحيد الذي خُلق العبد لأجله ووجد لتحقيقه ، التوحيد الذي هو إخلاص العبادة لله وإخلاص الطاعة له سبحانه وتعالى هو المبدأ للإنسان في كرباته وفي جميع همومه ولزوال الهموم والغموم إلا إذا حقق العبد التوحيد وفزِع إلى الله وأخلص دينه لله تبارك وتعالى وتأملوا معنى الأذكار الأربعة

الأول حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الكرب "لا اله إلا الله العظيم الحليم لا اله إلا الله رب العرش العظيم لا اله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم " لما يقول المكروب هذا الذكر المبارك وهو يتأمل معناه ويقف عند دلالته لا إله إلا الله يتذكر توحيد الله وأنه إنما خلق إلا للتوحيد ووجد لي لا إله إلا الله ليشغل قلبه ووقته وحياته بلا إله إلا الله هو خلق لأجل ذلك ولهذا ينبغي أن تكون لا إله إلا الله هي أكبر هم الإنسان وأهم شغل الإنسان وأعظم اتجاه الإنسان وجل اهتمامه وهو لم يخلق إلا لأجلها ولم يوجد إلا لتحقيقها فهي مقصود الخليقة وأساس إيجاد الناس {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
ما خلقهم الله إلا لأجل لا إله إلا الله ..لا إله إلا الله تعني إخلاص العبادة لله وإخلاص الدين له لا إله إلا الله : أي لا معبود بحق إلا الله فيها نفي واثبات نفي للعبودية عن كل ما سوى الله وإثبات العبودية بجميع معانيها لله وحده فالذي يقول إلا إله إلا الله لا يسأل إلا الله ولا يستغيث إلا بالله ولا يلتجأ إلا لله ولا يعتمد إلا على الله ولا يتوكل إلا على الله ولا يطلب شفاء غمومه وهمومه وأحزانه إلا من الله
فيقول لا إله إلا الله يتذكر عظمة الله وأن الله عز وجل هو الكبير المتعال وهو العلي العظيم ، فيتذكر عظمة الله وكمال قوته وكمال اقتداره وإحاطته بخلقه سبحانه وتعالى وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ويتذكر حُلم الله عز وجل ثم يقول لا إله إلا الله رب العرش العظيم فيتذكر خلق الله للعرش ذلك المخلوق الذي هو أكبر المخلوقات وأوسعها ولهذا وصف في هذا الذكر لأنه عظيم {العرش}ووصف بأنه كريم فالعرش عظيم فعرش الرحمن عظيم وعرش الرحمن كريم والكرم هو السعة والعرش هو أوسع المخلوقات وأكبرها فيتذكر عظمة الله بتذكر عظمة مخلوقاته التي أوجدها الرب عز وجل ثم يتذكر خلق السموات وخلق الله للأرض يتذكر هذه المعاني الجليلة وهو يردد فينشغل قلبه بها وينصدع فؤاده بها وتكون هي شغله , فأي باقية تبقى للهم أو الغم أو الحزن مادام القلب منشغلا بذلك ؟ ولهذا نستفيد من هذا الدعاء وغيره أن علاج الهم والغم توحيد الله , ذكر الله تعظيم الله , تنزيه الله , الالتجاء إلى الله هدا هو العلاج
ففي حديت أسماء بنت عمير قال ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب وهذا منه عليه الصلاة والسلام تشويق وترغيب لها ألا أعلمك كلمات فهذا فيه تشويق لما أشتاق قلبها رضي الله عنها إلى ذلك علما قال تقولين "الله الله ربي لا أشرك به شيئا" هذا علاج للهم
الله الأولى مبتدأ والثانية تأكيد لفظي للمبتدأ لعظم الأمر وكبر المقام وهو توحيد الله وإخلاص الدين له الله الله تكرر هذه الكلمة مرتين حتى تملأ القلب وهو يتأمل فيها الله ربي ومعنى الله أي ذو الألوهية ذو العبودية على خلقه أجمعين الذي تصرف له جميع أنواع الطاعات
من هو الله ؟ من هو المعبود بحق ؟ قال ربي الله ربي
ومعنى قوله الله ربي أي معنى معبودي بحق الذي لا معبود لي سواه هو ربي الذي خلقني ومعنى ربي الرب هو: الخالق الرازق النعم المدبر المتصرف بشؤون خلقه كلها فمعبودي الذي أصرف له العبادة بجميع أنواعها ربي وهذا هو معنى قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}
هنا يقول الله رب يعني عبادتي وتوجهي وقصدي والتجائي واعتمادي كله على ربي الذي خلقني فالرب هو الخالق الرازق المنعم المتصرف المدبر بشؤون الخلائق الذي بيده أزمة الأمور تبارك وتعالى
لا أشرك به شيئا وهذا فيه البراءة من الشرك فعلاج الهم إخلاص التوحيد والبراءة من الشرك بأن يعتمد العبد على ربه سبحانه وتعالى في كل ملماته في جميع أموره ومهماته
وقوله لا أشرك هذا فيه البراءة من الشرك والشرك هو تسوية غير الله به بأي شيء من خصائص الرب عز وجل سواء في الربوبية أو الإلوهية أو الأسماء أو الصفات لا أشرك به شيئا وشيئا هنا نكرة في سياق النفي فتعم أي لا أشرك به شيئا أي شيء كان لا صغير ولا كبير لا دقيق ولا جليل وهذا فيه براءة من الشرك كله , فإذا قال المسلم هذه الكلمة العظيمة ذهب عنه الكرب لأن قلبه انشغل بماذا ؟ انشغل بأعظم الأمور وأوجب الواجبات وأجل المقاصد وأعظم الغايات وهو توحيد الله فما بقي للغم فيه مكان لأنه منشغل بالتوحيد بالأيمان وبالإخلاص للرب العظيم سبحانه وتعالى
الله الله ربي لا أشرك به شيئا

وفي الحديث الثالث حديت أبي بكر رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام دعوات المكروب يعني دعوات من أصابه كرب أن يقول {اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا اله إلا أنت }
ما أعظمها من دعوات
"اللهم رحمتك أرجو" : هذا فيه إخلاص وفيه التوحيد
رحمتك أرجو : أصل الجملة أرجو رحمتك تقدم المعمول على العامل ليفيد الحصر قولك اللهم رحمتك أرجو أي رحمتك وحدك أنت , لا أرجو رحمة أحد سواك وإنما أرجو رحمتك أنت وحدك اللهم رحمتك أرجو وهذه صفة المؤمنين
قال الله تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}
فبدأ دعوته لطرد الكرب الذي أصابه بهذا التوحيد اللهم رحمتك أرجوا يعني أرجو الرحمة منك وأطلبها منك ولا أطلبها من أحد سواك

فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين : وهذا افتقار فيه العبد الكامل لله عز وجل في كل لحظة من لحظاتك وفي كل سكون من سكناته ، فأنت فقير إلى الله حتى في طرفة العين حتى في أقل من ذلك مفتقر إلى الله عز وجل في كل شؤونك لاغنى لك عن ربك وأن الله هو غني عنك بكل وجه وأنت فقير إليه من كل وجه ولهذا تقول لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، إن وكلك الله إلى نفسك ولو لحظة واحدة تضيع وتضل من وكل إلى نفسه ضاع ومن وكل إلى غير الله ضاع ولهذا من نعمة الله على عبده المؤمن أن لا يكله إلا إليه ، من نعمة الله عليك أن لا يكلك إلا إليه لأنه إذا وكلك إلى نفسه سبحانه وكلك إلى قوة وعزة وقهر وسلطان " أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ " ، "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " ، "قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ"
فأنت إذا كنت متوكلا على الله لن تخف من شيء وخافك كل شيء وإذا لم تكن متوكلا على الله أخافك الله من كل شيء حتى ما تتوكل عليه من المخلوقات توكل إليك وتكون سببا لضياعك وهلاكك كما جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال"مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ "
لأن الذي تعلق التميمة وتعلق الودعة علق قلبه بها فيضيع ، بينما المسلم لا يعلق قلبه إلا بالله سبحانه وتعالى ولا يلتجأ إلا إلى الله ولا يعتمد إلا على الله "فلا تكلني لنفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله وهذا فيه افتقارك إلى الله في إصلاح شأنك كله فشأنك في دينك وشأنك في دنياك وشأنك في أخرتك لا يصلح إلا إذا أصلحه الله لك ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يقول في دعائه " اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ"

وأصلح لي شأني كله لا اله إلا أنت : ثم ذكر كلمة التوحيد لا إله إلا الله أما معبود بحق سواك لا يلتجأ إلا إليك ولا يعتمد إلا عليك ولا يتوكل إلا عليك ولا تفوض الأمور إلا لك لا إله إلا أنت ، فهذا من الأمور التي يعالج بها الكرب

والأمر الرابع أو الحديث الرابع حديت سعد بن أبي وقاص أن النبي عليه الصلاة والسلام قال دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ انظر هذا الكرب الذي أصاب يونس عليه السلام التقمه الحوت ودخل به في أعماق البحر ، انظر هذا الكرب العظيم في بطن الحوت وفي أعماق البحر مصيبة عظيمة فما كان منه عليه السلام إلا أن أخد يردد هذه الكلمات لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وهو في الظلمات ينادي في ظلمات بطن الحوت وظلمات البحر وظلمات الليل وهو في أعماق البحر هو يردد هده الكلمات لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين هذه دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت فكان يكررها فأذن الله عز وجل للحوت وأمرها أن تلقيه وأنبت عنده شجرة من يقطين وأعاد عليه صحته وقوته بعد أن كان في أعماق البحر ولئن نظرت بنظرتك المجردة الضعيفة إنسان ابتلعه الحوت كيف يخرج ؟ انتهى الأمر لكن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فيها تفريج الهموم وكشف الغموم وإزالة الكربات وإزالة الشدائد مع الإخلاص لله لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يونس كان يقولوها وهو يثني في الله ويعتمد على الله ويلتجأ إلى الله ويعلم أن فرج همه بيد الله عز وجل وهذه الكلمة تضمنت أمورا أربعة :
الأمر الأول : التوحيد لا إله إلا أنت توحيد الله والأمر الثاني تنزيه الله سبحانه وتنزيه سبحانك يعني أنزهك بكل مالا يليق بك أنزهك عن النقائص والعيوب،أنزهك عما يصفك به الواصفون من أعداء الرسل { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }

الأمر الثاني تنزيه الله

الأمر الثالث : الاعتراف بالظلم والتقصير إني كنت من الظالمين

والأمر الرابع العبودية لله سبحانه وتعالى واعترافك بأنك عبد لله عز وجل ولا غنى لك عن الله طرفة عين ، فهذا فيه علاج عظيم وشفاء مبارك ، انظر مرة ثانية للمصيبة التي نزلت بنبي الله يونس عليه السلام انظر الفرج من رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ورب المخلوقات كلها ولهذا يرجع الإنسان في كل ملماته وفي جميع أهواله وشداته إلى الله لا يلجأ إلا إلى الله في أي مصيبة تصيبك وأي نازلة تنزل بك لا تلجأ إلا إلى الله المخلوقات كلها والناس جميعهم والله ما يملكون لك شيء ، إن أرادك الله بضر ما يملكون دفعه وإذا أرادك برحمة ما يملكون إمساكه " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " ، " قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ " ، " قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا "
الضر الذي أراد الله نزوله لا يملكون كشفه ، الضر الذي أنزله الله بكم لا يملكون رفعه ، فالخافض الرافع فالقابض الباسط المعطي المانع المعز المذل الذي بيده أزمة الأمور هو الله سبحانه وتعالى فلا يلجأ إلا إليك ولا يعتمد إلا عليه سبحانه وتعالى

فهذه أيها الإخوة دعوات أو أذكار أربعة تبثث في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في علاج الكرب
وجاء في حديث أخر عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحَا وفي رواية وأبدله فرجا قَالَ الصحابة يا رسول الله أَولَا َتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ

نحن ربما أننا سمعناه مرات ذكرت لنا في بعض الخطب في بعض الدروس قرأناها في بعض الكتب لكن ربما بعضنا ما نشط لتعلمها لا من جهة الحفظ ولا من جهة المعنى جهة فهم المعنى ولا من جهة قولها عندما يصيبنا الهم فهذه ثلاث أنواع من التفريط إما أن يفرط الإنسان في حفظها أصلا وقراءتها ومذاكرتها أو أنه يحفظها ولكنه يفرط في فهم معناها والوقوف عند دلالتها أو أنه يفرط الإتيان بها ، يصيبه الهم والغم فينشغل بأمور كثيرة ولكنه لا يخطر بباله هذا الدعاء المبارك ، هذه مشكلة عندنا ينبغي أن نحاسب أنفسنا عليها وأن نجاهد أنفسنا على معالجتها فهذا دعاء مبارك أخبر صلواته وسلامه عليه أنه ما من عبد يصيبه هم أو غم فيقولوه إلا ويذهب الله غمه وهمه ويبدله مكانه فرحا وفي رواية فرجا بدل الغم الذي يغطي القلب ويؤلمه يتحول فرحا بعد الدعاء يتحول ومن بعد ذلك يأتي فرج من الله سبحانه وتعالى للأمر الذي ألم بالإنسان والذي دلنا على ذلك وأخبرنا به وأرشدنا إليه هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه ، ووالله إن هذا الكلام لحق وإن فيه لتفريج للهموم وشفاء للغموم وحصول للفرج وتحقيق للفرح كما أخبر بذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام ونحن في هذا الدعاء نحتاج إلى أمورا ثلاثة أشرث إليها :

الأمر الأول أن تحفظه

والأمر الثاني أن تفهم معناه

والأمر الثالث أن تحافظ عليه عندما يصيب أحدنا هما أو غما ، وعندما تتأمل أخي الكريم المبارك هذا الدعاء تجد أنه يشتمل على أصول أربعة لابد منها لعلاج الهموم والغموم ولابد أن تتأملها وأن تحرص على فهمها وأنت تأتي بهذا الدعاء :

الأمر الأول أو الأصل الأول تحقيق العبودية لله إذا أردت لهمومك الذهاب فحقق العبودية لله وانظر تحقيق العبودية لله ونظر تحقيق العبودية في هذا الدعاء أول ما تبدأ تحقق العبودية تقول اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك فأنا عبد لك أنا عبد لك قد تكون أنا عبد لك أي بمعنى أنا عابد لك أعبدك أدعوك أرجوك أسألك أعتمد عليك التجأ إليك وتحتمل أنا عبد لك أي أنا معبد لك مذلل لك أنت خلقتني أنت أوجدتني أنت الذي تدبر أموري فأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، والدي ووالده إلى أدم كلهم عبيدك لك أنت الذي خلقتهم وأمي هي حواء كلهن إيماء لك أنت الذي أوجدتهن فأنا مخلوق لك أوجدتني من العدم وخلقتني بعد ما لم أكن فأنا عبدك وأنا عبد لك ألتجأ إليك وأدعوك وأعتمد عليك وأفوض أموري إليك فهذا الأصل الأول تحقيق العبودية لله .

الأصل الثاني : الإيمان بقضاء الله وقدره وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ ما لم يكن ولهذا قال ناصيتي بيدك ماض فيا حكمك عدل فيا قضاؤك هذا إيمان بالقضاء والقدر وأن الأمور كلها بقضاء الله وقدره ، ناصيتي بيدك الناصية مقدمة الرأس وناصية كل إنسان بيد الله يدبرها كيف يشاء ويحكم فيها بما يريد { مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
فنواصي العباد في يد الله يدبرهم كيف يشاء ويقضي بهم بما يريد يحي هذا ويميت هذا ويغني هذا ويفقر هذا ويعز هذا ويذل ذاك ويمرض هذا ويشفي هذا{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فالأمر لله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد وكل أمر إنما يقع بقضاء الله فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولهذا من أعظم ما يكون في علاج الهم والغم الإيمان بالقضاء والقدر ولهذا قال الله تعالى { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
قال بعض السلف هو العبد المؤمن تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ولهذا الإيمان بالقدر له أثر مبارك على العبد في راحة قلبه وطمأنينة نفسه ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ "
المؤمن في السراء يعلم أنها نعمة من الله فيحمد الله عليها وفي الضراء يعلم أن المصيبة بقضاء الله سبحانه وتعالى وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فيصبر عليها فهو في النعمة ينال ثواب الشاكرين وفي المصيبة ينال ثواب الصابرين وهذا لا يكون إلا المؤمن

الأمر الثالث أي الأصل الثالث الإيمان بأسماء الله وصفاته والتوسل إليه سبحانه وتعالى بها ولهذا قال عليه الصلاة والسلام {أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك }فمعرفة أسماء الله ومعرفة صفاته الواردة في الكتاب والسنة والتوسل إلى الله بها من أعظم الأمور التي تكشف بها الهموم وتزال بها الغموم ولهذا قال الله تعالى{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }وقال تعالى{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }وقال " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته أعظم الوسائل وهو من معاني قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } يعني ابتغوا القربة إليه بما يرضيه ومما يرضي الله وطلب من عباده أن يتوسلوا إلى الله به أسمائه سبحانه وتعالى ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يتوسل إلى الله بأسمائه كان يقول في دعائه"اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق"توسل إلى الله بقدرته "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي"وفي القرآن {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} توسل إلى الله برحمته سبحانه وتعالى وفي دعاء الاستخارة "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك" توسل إلى الله بالعلم وبالقدرة ولهذا يتوسل المسلم إلى الله بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى وهنا توسل عام شامل بأسماء الله كلها ما علمناه منها وما لم نعلم وهذا الحديث يدلنا على أن هناك أسماء وصفات لله أسثأثرث الله بها في علم الغيب عنده لم ينزلها في كتابه ولم يعلّمها أحد من خلقه وقد جاء في حديث الشفاعة العظيم عندما يشفع النبي عليه الصلاة والسلام للخلائق بأن يأذن الله بحسابهم ويبدأ قال"فأسجد لله سجدة وأحمده بمحامد يعلمني إياها في ذلك الوقت لا أعلمها الآن النبي عليه الصلاة والسلام يقول يعلمني محامد أحمده بها يعلمني يعني في ذلك الوقت فهناك أسماء لله أستأثر بها سبحانه وتعالى في علم الغيب عنده وهذا الدعاء فيه توسل إلى الله بكل اسم هو له سمى به نفسه أنزله في كتابه علمه أحد من خلقه أستأثر به في علم الغيب عنده وفي هذا أيضا دلالة على أن معرفة الله ومعرفة أسمائه ومعرفة صفاته من أعظم الأمور أو أعظم الأمور التي تتحقق بها السعادة في الدنيا والآخرة ولهذا قال الله تعالى { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } كل ما ازداد الإنسان معرفة بالله وأسمائه وصفاته ازداد تعظيما له وإقبالا عليه وبعدا عن معاصيه كما قال بعض السلف : من كان بالله أعرف كأن منه أخوف ولعبادته أطلب وعن معاصيه أبعد ، فكلما زادت معرفتك بالله زاد الخير فيك إذا هذا الأصل الثالث في هذا الدعاء

الأصل الرابع العناية بالقرآن الكريم قراءة وتدبرا وتطبيقا ونحن ما تكاثرت علينا الهموم ولا انتشرت فينا الغموم والهموم إلا لبعدنا عن القرآن وإلا كنا متمسكين بالقرآن قريبين منه نتلوه حق تلاوته لكنا أسعد الناس والله عز وجل يقول { إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }ويقول{وشفاء لما في الصدور}
فالقرآن شفاء ودواء وهداية وموعظة وذكرى للذاكرين وتجد الإنسان عندما يتألم من بعض الأمور فيمسك بكتاب الله ويقرأ متدبرا ما هي إلا لحظات ويجد الصدر منشرح والطمأنينة تكسو القلب والأنس يعمره حتى أنه يظن أن ما عنده أي مشكلة مع أنه عنده مشاكل كثيرة لكنه مع طمأنينة التي تغشى صاحب القرآن السكينة التي تنزل عليه ولا سيما إذا كان يتدبر القرآن يقول عليه الصلاة والسلام" مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ "
فالقرآن شفاء والاستشفاء بالقرآن ليس بأن يشتري الواحد منا مصحفا ويعلقه في الرف أو يضعه في مقدمة السيارة وفي الوقت نفسه يتخذ كتاب الله مهجورا لا يقرأه ولا يتدبره ولا يجاهد نفسه على تطبيقه ليس هذا هو الاستشفاء بالقرآن ،
الاستشفاء بالقرآن بأمور ثلاثة :

قراءة القرآن
وتدبر القرآن
والعمل بالقرآن

{ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }معنى يتلونه حق تلاوته أي يقرءونه ويفهمون معناه ويعملون بمقتضاه ومن التلاوة العمل به وتلاوة القرآن لا تكون مجرد قراءة بل لابد فيها من العمل به ولهذا يقولون تلا فلان فلان أي تبعه فلا بد من العمل بالقرآن ولهذا العناية بالقرآن قراءة وتدبرا وتطبيقا هو أساس السعادة والفلاح وزوال الهموم والغموم ولهذا ختم هدا الدعاء بقوله"أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي" إذا كان القرآن هذا شأنه في قلبك وهذا شأنه في صدرك ، نور صدرك وربيع قلبك وجلاء حزنك وذهاب همك وغمك ، هل الغموم والهموم تجد طريق إلى قلبك ؟ هل لها مدخل إلى صدرك وفؤادك ؟ لا والله لأنه معمور والقلوب أوعية فالقلب وعاء إذا ملأته بالذكر والقرآن واستحضار عظمة الله ما بقي لهذه الأمور أي مكان لكنه إذا ضعف فيه الإيمان وضعف فيه الذكر وضعفت فيه الصلة بالله سبحانه وتعالى وجدت هذه الأمور إليه طريقا وسبيلا قال "أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري" لما ذكر القلب ذكر الربيع ولما ذكر الصدر ذكر النور لأن النور ينعكس على ما في داخله والربيع هو الماء الذي يصل إلى النبات فيغذيها ثم يشع فيها الخير فأنت إذا القرآن سرى إلى قلبك أصبح مثل الربيع ينبت أنواع الزهور وأنواع الحدائق وأنواع الثمار التي لا أطيب منها ولا أجمل ولا أحسن وإذا شع صدرك بالنور أصبحت حياتك كلها نورا وضياء ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني أي أن يجلو حزني ويذهب ولا يبقى منه شيء إلا القرآن بالاستشفاء بالقرآن ، إلا أبدل الله همه وغمه إلا أذهب الله غمه وهمه وأبدله فرحا .
فهذه أيها الأخوة تذكرة لي ولكم حول هده الدعوات العظيمة وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل وأن نتعاهد أذكار النبي عليه الصلاة والسلام ودعواته المأثورة عنه بتعلمها ومدارستها ومذاكرتها وتطبيقها وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج همومنا وهمومكم وأن ينفس كرباتنا وكرباتكم وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا جميعا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا وأن يجعل الحياة لنا زيادة في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إيمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا ونسأل الله جلا وعلا أن يصلح لنا ولكم شأننا كله وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمدا وآله وأصحابه أجمعين

انتهى كلامه حفظه الله

جزى الله من قام بالتفريغ خيرا




بارك الله فيك وجزاك الله حير الجزاء على الموضوع
كذلك هناك كتاب للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر حفضهما الله واطال عمرهما في طاعته
بعنوان فقه الادعية والاذكار وهو كتاب قيم انصح به كل الاخوة الاعضاء ليقتنوا منه وذلك لما فيه من فوائد عضيمة
وشروحات للادعية وذكر أوقاتها المستاجبة والماثورة منها
واليكم هاته الابيات التي اوردها الشيخ في مقدمة الكاتب

فذِكر إلَهِ العرشِ سرًّا ومعلناً … يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عنك ويَطردُ
ويجلبُ للخيراتِ دنيا وآجلاً … وإنْ يأتِك الوَسواسُ يوماً يشَرَّدُ
فقد أخبَر المختارُ يوماً لصحبِه … بأنَّ كثيرَ الذِّكرِ في السَّبق مُفرِدُ
ووَصَّى معاذاً يَستَعين إلهه … على ذكرِه والشكر بالحسن يعبدُ
وأوصى لشخصٍ قد أتى لنصيحةٍ … وقد كان في حمْل الشرائِعِ يَجْهَدُ
بأنْ لا يزالَ رطباً لسانُك هذه … تُعينُ على كلِّ الأمورِ وتُسعِدُ
وأخبَرَ أنَّ الذِكرَ غَرسٌ لأهلِه … بجنَّاتِ عَدن والمساكنُ تُمْهَدُ
وأخبَر أنَّ الله يذكرُ عبدَهُ … ومَعْهُ عى كلِّ الأمرِ يُسَدِّدُ
وأخبَر أنَّ الذِّكرَ يبقى بجنّة … ويَنقطعُ التَّكليفُ حين يُخلَّدُوا
ولو لَم يكنْ في ذِكره غيرَ أنَّه … طريقٌ إلى حبِّ الإلَه ومُرشِدُ
ويَنهَى الفتَى عن غِيبةٍ ونَميمةٍ … وعن كلِّ قولٍ للدِّيانَةِ مُفسِدُ
لكان لنَا حَظٌّ عظيمٌ ورغبةٌ … بكثرةِ ذكرِ الله نعمَ المُوَحَّدُ
ولكنَّنَا من جَهلِنا قلَّ ذِكرُنا … كما قلَّ منَّا للإلَه التَّعبُّدُ
ولهذا فإنَّ الأذكارَ الشرعية والأدعية النبويّة لها منزلةٌ عاليةٌ في

الابيات للشيخ السعدى رحمه الله




و فيكم بارك الرحمن
و بارك الله فيك على الاضافة الطيبة




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[برنامج] إسطوانة فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله

تعليمية تعليمية
[برنامج] إسطوانة فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله

تعليمية

فهذه مشاركة طيبة من أخينا :
أبو أنس دحماني عبد الله ـ وفقه الله ـ على منتديات :


تعليمية

وهي متمثلة في إسطوانة تحوي شرح الشيخ الجليل :
عبد الرزاق بن عباد البدر ـ حفظه الله
للأسماء الحسنى في كلمات ومجالس ألقاها على أثير إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية ، زارد الله في بركتها :



تعليمية

تعليمية

روابط التحميل :

تحميل المقطع الأول
تحميل المقطع الثاني
تحميل المقطع الثالث

أسأل الله أن ينفع بها الجميع .

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فهذه هي السلسلة الثالثة ضمن سلاسل الآجري العلمية .
وافتتحناها بهذه المحاضرة القيمة للشيخ الدكتور عبد الرزاق البدر حفظه الله ، نرجو من الله عز وجل أن يأجر الشيخ ، وينفع بهذا العمل من قرأه وعمل بما فيه .

تعليمية

التحميل من هنا:
http://www.islamup.com/download.php?id=87416

منقول: منتديات الإمام الآجري




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك

في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




وفيك بارك الله




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

معاني التوحيد في التلبية بالحج للشيخ عبد الرزاق البدر

معاني التوحيد في التلبية بالحج

إن أوّل ما يبدأ به المسلم من أعمال حجّه هو الإهلال بالتوحيد ، معلنا من خلال كلمات التلبية العظيمة توحيده لله وحده ونبذه للشرك والتنديد، ثم يمضي راشدا إلى البيت العتيق يردِّدُ تلك الكلمات "لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" وهو عالم بما دلّت عليه من الإخلاص والتوحيد ووجوب إفرادِ الله وحده بالعبادةِ والبعدِ عن اتخاذِ الشركاء مع الله ، مستشعرٌ لذلك مستحضرٌ له ، مقرٌّ بأنَّ ربَّه سبحانه المتفردَ بالنِّعمة والعطاء والهبة والنَّعماء لا شريك له هو المتفرِّد بالتوحيد لا ندَّ له ؛ ولذا فإنَّ الملبي بهذه الكلمات حقّاً وصدقاً لا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يتوكّل إلا على الله، ولا يذبح ولا ينذر إلا لله ولا يصرف شيئًا من العبادة إلا لله .
وهذا أصل عظيم وأساس متين يجب أن تبنى عليه كلُّ طاعة يتقرب بها العبدُ إلى الله عزّ وجل ، الحجُّ وغيره ولذا قال الله تعالى في سورة الحج {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [ الحج 27، 31 ].
فحذّر سبحانه في هذا السياق المبارك من الشرك وأمر باجتنابه وبيَّن قبحَه وسوءَ عاقبته ، وأنَّ فاعله كأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الرِّيح في مكان سحيق .
ولذا فإن نعمة الله علينا ـ أمّة الإسلام ـ عظيمة ومنته كبيرة أن هدانا لتوحيده ، ووفقنا لهذا الإهلال العظيم بالإخلاص والتوحيد والبراءة من الشرك والتنديد ، بعد أن كان أهل الشرك يُهلُّون باتخاذ الأنداد والشركاء مع أنهم مقرّون بأن الخالق لهم هو الله وحده وأنه المالك لكل شيء ، وأنه وحده مولي النعمة ومسديها .
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله " ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله ، ويعرف أن الله ربه ، وأن الله خالقه ورازقه وهو يشرك به ، ألا ترى كيف قال إبراهيم: {أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ، أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء 75، 77 ]. قد عرَف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون . قال : فليس أحد يشرك إلا وهو يؤمن به ، ألا ترى كيف كانت العرب تلبي ، تقول لبيك لا شريك له إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ، المشركون كانوا يقولون هذا " روه ابن جرير الطبري في تفسيره .
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك. قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويلكم قد قد" (أي: تفي)، فيقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه ومن ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت " .
فهذه حال أهل الشرك والتنديد في تلبيتهم ، حيث يُدْخِلون مع الله في التلبية الشركاءَ والأندادَ ، ويجعلون ملكها بيده ويقرُّون بأنها لا تملك شيئا ، وهذا ضلال مبين ـ عافى الله أمّة الإسلام منه وهداهم إلى الإهلال بالتوحيد بتلك الكلمات النيِّرات " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .
وقوله: "إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" متضمّن جملة من البراهين العظيمة على وجوب توحيد الله وإخلاص العبادة له ، والإقبال عليه وحده بالذل والخضوع ، والرغبة والرهبة والركوع والسجود، والخوف والرجاء وسائر أنواع العبادة، وتتلخص هذه البراهين في أمور خمسة:
الأول : أن الحمد كله لله سبحانه ، فهو تبارك وتعالى الحميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، المستحقّ لكل حمد ومحبة وثناء لما اتصف به من صفات الحمد التي هي صفات الجمال والجلال ، ولما أنعم به على خلقه من النعم الجزال ، فهو المحمود على كل حال ، وهو سبحانه حميد من جميع الوجوه ، لأن جميع أسمائه حمد ، وصفاته حمد، وأفعاله حمد وأحكامه حمد ، وفضله وإحسانه إلى عباده حمد، والخلق والأمر إنما قام بحمد ، ووجِد بحمده ، وظهر بحمده ، وكانت الغاية منه هي حمده، وقد نبَّه الله سبحانه على شمول حمده لخلقه وأمره بأن حمد نفسه في أول الخلق وآخره، وعند الأمر والشرع ، وحمد نفسه على ربوبيته للعالمين ، وحمد نفسه على تفرده بالإلهية وعلى حياته، وحمد نفسه على امتناع اتصافه بما لا يليق به من اتخاذ الولد والشريك إلى غير ذلك من أنواع ما حمد الله به نفسه في كتابه ، وكلُّ ذلك برهان جليٌّ على أنه وحده المعبود بحقٍّ ولا معبودَ بحقٍّ سواه {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[غافر65].
الثاني : أنّ النعمة كلها لله؛ لهذا عرَّفها باللام المفيدة للاستغراق أي: النّعمُ كلها لك يا الله أنت موليها ومسديها والمنعم بها {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } [ النحل 53] ونعمه سبحانه على عباده لا حصر لها ولا عد ؛ من جزيل المواهب ، وسعة العطايا، وكريم الأيادي ، وسعة رحمته لهم ، وبرّه ولطفه ، وإجابته لدعوات المضطرين ، وكشف كربات المكروبين ، وإغاثة الملهوفين ، وأعظم ذلك هدايته خاصته من عبادة إلى سبيل دار السلام ، ومدافعته عنهم أحسن الدفاع ، إلى غير ذلك من نعمه وعطاياه . أفيليق بأن يُجعل مع من هذا فضله ومنّه شريكٌ { وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ، وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ، وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ، ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ، لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ} [النحل: 51، 56].
الثالث : أن الملك كله لله ، لا مالك إلا هو ، وجميع الأشياء هو المالك لها ، المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة ، وفي هذا إثبات لكمال قوّته وعزّته وقدرته، وأنّ علمه محيط بكل شيء وأن مشيئته نافذة ، وقدرته شاملة ، وحكمته واسعة، وأنّ له الحكم العام للعالم العلوي والسفلي ، والحكم العام في الدنيا والآخرة، وأنه المتصرِّف في ملكه بما يشاء تصرف ملك قادر قاهر عادل رحيم حكيم خبير تام الملك لا ينازعه في ملكه منازع ، ولا يعارضه فيه معارض ، وهذا من براهين وجوب توحيده كما قال سبحانه: { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [الزمر6]، وقال سبحانه:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }[المؤمنون11] .
أما من سوى الله فلا يملك لنفسه نفعاً أو ضراً ولا حياةً ولا موتاً ولا نشوراً فضلا عن أن يملك شيئا من ذلك لغيره { قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [المائدة76 ]، { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } [سبأ22].
الرابع : أن هذه التلبية " متضمّنة للإخبار عن اجتماع الملك والنعمة والحمد لله عزّ وجل ، وهذا نوع آخر من الثناء عليه ، غير الثناء بمفردات تلك الأوصاف العليّة، فله سبحانه من أوصافه العلى نوعا ثناء : نوعٌ متعلّق بكل صفةٍ صفةٍ على انفرادها ، ونوعٌ متعلّق باجتماعها ، وهو كمال مع كمال وهو عامة الكمال، والله سبحانه يفرِّق في صفاته بين الملك والحمد ، وسوغ هذا المعنى أن اقتران أحدهما بالآخر من أعظم الكمال ، والملك وحده كمال ، والحمد كمال ، واقتران أحدهما بالآخر كمال ، فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة، مع النعمة المتضمنة لغاية النفع والإحسان والرّحمة ، مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الدّاعي إلي محبته، كان في ذلك من العظمة والكمال والجلال ما هو أولى به وهو أهله ، وكان في ذكر العبد له ومعرفته به من انجذاب قلبه إلى الله وإقباله عليه والتوجه بدواعي المحبة كلها إليه ما هو مقصود العبودية ولبّها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" قاله ابن القيم رحمه الله في كتابه تهذيب السنن ( 2/ 339 ).
الخامس: في قوله: "لا شريك له" وقد تكرّرت في التلبية مرَّتين، مرة عقب إجابته بقوله " لبيك "، ومرة عقب قوله: " إنّ الحمد والنعمة لك والملك " فالأول يتضمّن أنه لا شريك له في إجابة هذه الدّعوة ، والثاني يتضمّن أنه لا شريك له في الحمد والنعمة والملك ، وإذا تقرّر أن الحمد كله من الله ، والنعمة كلها من الله، والملك كله له ، ليس له شريك في ذلك بوجه من الوجوه فليُفرد وحده بالتلبية والخضوع والمحبّة والانقياد والطاعة والإذعان. وكيف يُجعل مع الله شريكا في العبادة من لا يملك في هذا الكون من قطمير ، وليس له مع الله شركة في الملك، ولا يملك نفعاً ولا دفعاً ، وليس بيده عطاءٌ ولا منع تعالى الله عما يشركون ، بل إنّ الأمر كله لله لا شريك له وهذا من أبين ما يكون من دلالة على فساد الشرك، وأنّ أهله من أسفه الناس وأضلهم عن سواء السبيل .
فهذه خمسة دلائل عظيمة وبراهين جليلة على وجوب التوحيد والإخلاص اشتملت عليها كلمات التلبية وأرشدت إليها بوضوح وجلاء .
وقد قال الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كما في صحيح مسلم عندما وصف حجّة النبيّ صلى الله عليه وسلم: " فأهلَّ بالتوحيد ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " فوصف رضي الله عنه هذا الإهلال بأنه إهلاك بالتوحيد لما تضمنته كلمات التلبية من تحقيق الإخلاص ونبذ الشرك وإقامة الحجة والبرهان على ذلك ، وفي هذا أيضا دلالة على أن هذه الكلمات ليست ألفاظاً مجرّدة لا تدلُّ على معان، بل لها معنى عظيم ، ومدلول جليل ، ألا وهو روح الدِّين وأساسه وأصله الذي عليه يبنى توحيد الله عزّ وجل .
ولهذا فإن الواجب على كل من أهلَّ بهذه الكلمات أن يعرف ما دلَّت عليه من معنى ، وأن يستحضر ما تضمّنته من دلالة وأن يحقِّق ذلك ، ليكون صادقا في إهلاله ، موافقاً كلامُه حقيقة حاله؛ بحيث يكون مستمسكاً بالتوحيد، محافظا عليه مراعيا لحقوقه، مجانبا لنواقضه وما يضاده من الشرك بالله ، حذِراً تمام الحذر من الوقوع فيه ، أو في شيء من أسبابه ووسائله وطرقه؛ إذ هو أعظم ذنب وأكبر جرم أجارنا الله جميعا من الشرك ، وحمانا من وسائله وذرائعه ورزقنا التوحيد والإخلاص ، إنه سبحانه سميع الدعاء وهو أهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
منقول من الموقع الرسمي للشيخ عبد الرزاق البدر.
لا تنسونا من صالح دعائكم.





جزاك اللخ خير الجزاء

نسال الله ان يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وان يجعلك من العليين في جنة الخلد

تقبل مروري

اختكم هناء




بارك الله فيك.




بارك الله فيك




التصنيفات
اسلاميات عامة

ضوابط لتجنب الفتن للشيخ الجليل عبد الرزاق البدر.

ضوابط لتجنب الفتن

لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن " رواه أبو داوود وغيره عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه.
وهاهنا يتساءل كثير من الغيورين والناصحين ، ممن يريدون لأنفسهم السلامة ويريدون لأمتهم أمة الإسلام الرفعة والعلو، عن هذه السعادة بما تُنال ، وكيف يُظفَرُ بها وكيف تُتَقَى الفتُن وكيف يجنَّبُها المرء المسلم، ويسلم من أوضارها وشرورها وأخطارها، لأنَّ كلَّ مسلم ناصح غيور لا يريد لنفسه ولا لأمته الفتنة ، لِمَا قام في قلبه من النصيحة لنفسه ولعباد الله متمثلاً في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم ، إذ مقتضَى النصيحة للنفس وللغير أن يحذر العبد من الفتن وأن يسعَى جاهدا في البعد عنها والتخلص منها وعدم الوقوع فيها أو إيقاع الغير فيها والتعوذ بالله تبارك وتعالى من شرّها ما ظهر منها وما بطن.
وفي هذا المقام أُنَّبهُ على نقاط مهمة وأسس عظيمة وضوابطَ قويمة، يكون للمسلم بمراعاتها والتزامها التخلُّصُ من الفتن بإذن الله تبارك وتعالى، وهي ضوابطُ قويمةٌ مستقاة من كتاب الله العزيز وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
إنَّ أهم ما تُتَقَى به الفتن ويتجنب به شرها وضررها، تقوى الله جلّ وعلا وملازمة ذلك في السر والعلانية والغيب والشهادة، والله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يَحتسب) الطلاق: 2 – 3 ، أي: يجعل له مخرجاً من كلِّ فتنة وبلية وشر في الدنيا والآخرة، ويقول الله تعالى: (ومَن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا)الطلاق: 4 ، والعاقبة دائمًا وأبدًا لأهل التقوى.
ولما وقعت الفتنة في زمن التابعين، أتَى نفر من النصحاء إلى طلق بن حبيب رحمه الله وقالوا: قد وقعت الفتنة فكيف نتقيها قال: اتقوها بتقوى الله جلّ وعلا، قالوا له: أجمل لنا التقوى ، فقال: "تقوى الله جلّ وعلا العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله". وبهذا نعلم أن تقوى الله جلّ وعلا ليست كلمة يقولها المرء بلسانه أو دعوى يدعيها، وإنما هي جدٌّ واجتهاد ونصح للنفس بطاعة الله والتقرب إليه جلّ وعلا بما يرضيه، مع لزوم فعل الفرائض والواجبات والبعد عن المعاصي والمحرمات ، فمن كان هذا شأنه وصفه فإنَّ العاقبةَ الحميدةَ والمآل الرشيد يكون له في الدنيا والآخرة.
ومن الضوابط المهمة لاجتناب الفتن لزوم الكتاب والسنة والاعتصام بهما ، فإنَّ الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل العزّ والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله: "السنة سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن تركها هلك وغرق". ومن أَمَّرَ السنة على نفسه نطق بالحكمة وسلِمَ من الفتنة وحصّل خير الدنيا والآخرة، وقد ثبت في حديث العرباض بن سارية المُخَرَّجِ في السنن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة "، فالنجاة إنما تكون بالتمسك بالسنة والبعدِ عن البدع والأهواء، وأن يحكم المرء السنة على نفسه، فيما يأتي ويذر في حركاته وسكناته وقيامه وقعوده وجميع شؤونه، ومن كان هذا شأنه فإنه يُعصم ويُوقَى بإذن الله من كلِّ شر وبلاء وفتنة، وأما من يطلق لنفسه العِنان و يرخي لهواه الزِّمام فإنَّه يجر على نفسه و على غيره من عباد الله البلاء والشر.
ومن الضوابط العظيمة لاتقاء الفتن وتجنبها الرفقُ والأناة والبعد عن التسرع وعدم استعجال العواقب والنظر في عواقب الأمور، فإنَّ العجلة لا تأتي بخير والأناة فيها الخير والبركة ، ومن كان عجولاً في أموره فإنَّه لا يأمن على نفسه من الزلل والوقوع في الانحراف ، ومن كان رفيقًا في أموره متأنيًا في سيره بعيدًا عن العجلة والتهور والاندفاع ناظرًا في عواقب الأمور فإنَّه بإذن الله عز وجلّ يصل إلى العاقبة الحميدة التي يسعد بها في الدنيا والآخرة، وقد ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة"ـ أي:عليكم بالأناة والبعد عن العجلة ـ "فإنَّك أَن تكون تابعًا في الخير، خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشر". فمن يندفع ويتهور في معالجة الأمور ويبتعد عن سبيل الأناة يفتح على نفسه وعلى غيره من عباد الله باباً من الشر والبلاء يتحمل وزره ويبوء بإثمه ويُحَصِّلُ عاقبته الوخيمة ،وفي سنن ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر . وإنَّ من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه . وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه".
فليتأمل عبدُ الله المؤمن في الأمور ولينظر في العواقب وليكن حليمًا رفيقًا متأنيًا، بعيدًا عن الاندفاع والعجلة والتسرع، فإنَّ العجلة والتسرع والاندفاع لا يجر لصاحبه إلا العواقب الوخيمة والأضرار الأليمة والنتائج السيئة التي تجر عليه وعلى غيره الوبال .
ومن الضوابط المهمة التي يحصل بها اتقاءُ الفتن واجتناب شرها لزومُ جماعة المسلمين، والبعدُ عن التفرق والاختلاف، فإنَّ الجماعة رحمة و الفرقة عذاب ، الجماعة يحصل بها لحمة المسلمين وشدة ارتباطهم وقوة هيبتهم ، ويتحقق بها التعاون بينهم على البر والتقوى وعلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأما الخلاف فإنَّه يجر عليهم شرورًا كثيرة وأضرارًا عديدة وبلاء لا يحمدون عاقبته في الدنيا والآخرة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، في غير ما حديث الوصيةُ بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة.
ومن الضوابط العظيمة التي يلزمُ مراعاتها لاتقاء الفتنة واجتناب شرها الأخذُ عن العلماء الراسخين والأئمة المحققين وترك الأخذ عن الأصاغر من الناشئين في طلب العلم والمقلّين في التحصيل منه، يقول صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داوود وغيره: " البركة مع أكابركم " والأكابر هم الذين رسخت أقدامهم في العلم وطالت مدتهم في تحصيله وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله عز وجلّ من العلم والحكمة والرزانة والأناة والنظر في عواقب الأمور ، فمن كان مُعَوِّلاً على كلمة هؤلاء العلماء المحققين والأئمة الراسخين فإنَّه بإذن الله يحمد العاقبة ، وإلى هذا وجه الله عز وجلّ في محكم تنزيله، قال الله تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) النساء: 83.
و من الضوابط المهمة لتجنب الفتن حسنُ الصلة بالله ودعاؤه جلّ وعلا فإنَّ الدعاء مفتاح كلِّ خير في الدنيا والآخرة، ولاسيما سؤال الله تبارك وتعالى أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن والتعوذ به تبارك وتعالى من الفتن كلِّها فإن من استعاذ بالله أعاذه ومن سأل الله أعطاه فإنَّه تبارك وتعالى لا يخيب عبدا دعاه ولا يرد مؤمنًا ناداه وهو القائل عز وجلّ: (وإذا سألك عبادي عني فإنِّي قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة: 186، وإنا لنسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ وأن يحفظ على المسلمين أمنهم وإيمانهم وأن يقيَهُم الشرور كلّها وأن يُحمِدَهم العواقب وأن يرزقهم المآلات الحميدة والنهايات الرشيدة وأن يهدي ضال المسلمين بمنه وكرمه ولا حول ولا قوة إلا بالله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من موقع الشيخ عبد الرزاق البدر.




جزاكم الله خيرا و نفع بكم




اللهم اهدهم واهدينا شكرا لك ننتضر جديدك




جزاك الله كل خير




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




جزاكم الله كل خير اخواني.




التصنيفات
منتدى التسيير والاقتصاد للتعليم الثانوي : باشراف الاستاذ بن الشيخ

الأستاذ عبد الرزاق 25 يطلب منكم الدعاء

السلام عليكم
لقد اتصل بي الاستاد عبد الرزاق 25 هاتفيا و طلب مني أن يعلم الجميع بسبب غيابه .
وهو يطلب منكم الدعاء له بالشفاء نظرا لمرض ألم به في عينه اليمنى وهو لا يستطيع الجلوس أمام الحاسوب.

نتمنى من الله العلي القدير أن يشافيه ويعافيه. ةيرجع لنى لأننا نحتاجه بيننى.




السلام عليكم
نرجوا من الله الصحة و العافية لاستادنا الكريم
شفاك الله يا استاد و نرجوا ان تعود لنا معافى من كل مرض ان شاء الله .




اللهم رب الناس اذهب البأس اشفه انت الشافي شفاءا لايغادره سقما
طهور طهور انشاء الله




تمنياتنا لك با الشفاء العاجل انشاء الله
.. ربي يشافيك انشاء الله




اللهم أذهب البأس رب الناس اشف و أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ..

إني أسألك من عظيم لطفك وكرمك و سترك الجميل أن تشفيه و تمده بالصحة و العافية ..


اللهم
لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك .. إنك على كل شيء قدير
اللهم اشفه شفاء ليس بعده سقما ابدا..اللهم خذ بيده اللهم احرسه بعينك التى لا تنام .




اللهم رب الناس اذهب البأس أشف انت الشافي .




اللهم رب الناس اذهب البأس أشف انت الشافي




التصنيفات
اسلاميات عامة

مكانة التوحيد في حياة المسلم للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله.

مكانة التوحيد في حياة المسلم

إنّ أعظم المقاصد و أجلّ الغايات و أنبل الأهداف توحيدُ ربِّ الأرض و السماوات و الإقرار له جلّ و علا بالوحدانية و إفراده جلّ وعلا بالذّل و الخضوع و الانكسار و إسلام الوجه له خضوعاً و تذللاً رغباً ورهباً خوفاً ورجاءً سُجوداً و رُكوعاً، وإخلاصُ الدّين له جلّ و علا و البراءةُ من الشرك كلِّه قليله وكثيره دقيقه وجليله فهذه هي الغاية العظمى التي خُلق الخلق لأجلها وأُوجدوا لتحقيقها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات56] وهي الغاية التي أرسل الله جلّ و علا لأجلها رسله الكرام و أنزل كتبه العظام: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } [النحل36]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء25].
وبالتوحيد يحيا العبد حياة حقيقية ملؤها رضى الرحمن و الفوز بالكرامة و الإنعام وبدون التوحيد يحيا حياة بهيمة الأنعام: { إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان44] إنّ فاقد التوحيد ميّت ولو كان يمشي على الأرض ومحقّق التوحيد هو الذي يحيا الحياة الحقيقية يقول الله جلّ و علا: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ } [الأنعام122] أي أحييناه بالإيمان والتوحيد ويقول جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال24].
وبالتوحيد أمن الأوطان وراحة الأبدان: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [الأنعام82]، ويقول جلّ و علا : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } [النور55].
وبالتوحيد سعادة الإنسان وطمأنينته يقول الله جلّ وعلا : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل97]، ويقول جلّ وعلا: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه124]، و يقول جلّ و علا: {طه، مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } أي إنما أنزلناه عليك لتسعد به و يسعد به من اتّبعك.
وبالتوحيد تنـزاح عن القلب الأوهام وتنطرد الوساوس و الأفكار الرديئة ويحصل للقلب طمأنينته وراحته وهدوؤه وسكونه يقول الله جل وعلا : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، مَلِكِ النَّاسِ ، إِلَهِ النَّاسِ} وهذا توحيد الله {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ}.
وبالتوحيد تنطرد الشياطين و لا تطيق البقاء في مكان يصدع فيه بالتوحيد و إذا سمع الشيطان الأذان ولى و له ضراط . و القرآن كلّه توحيد وتمجيد و تعظيم لله جل وعلا وآية الكرسي هي آية التوحيد و بيان براهينه وحججه و دلائله و بيناته، وإذا قرأ المؤمن آية الكرسي إذا آوى إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافظ و لا يقربه شيطان حتى يصبح .
وبالتوحيد يسلم العبد بإذن الله من كيد الأشرار من السحرة والمشعوذين {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } [الحج38]، { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الروم47].

وبالتوحيد ينال العبد الخيرات كلِّها وسعادة الدنيا والآخرة فإن الله جلّ و علا قضى في حكمه العظيم أنّ السعادة و النعيم إنما يكون لأهل الإيمان والتوحيد في دنياهم و في قبورهم و في أخراهم {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } [الانفطار13].
فإنَّ توحيد الله جلّ و علا هو أولى أمر و أعظم أمر ينبغي أن يذكّر به الناس قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات55-56 ] .
والعبد يحتاج إلى تقوية إيمانه و تجديد إسلامه و تقوية صلته بربِّه جلّ و علا قال صلى الله عليه وسلم : ((إن الإيمان ليَخْلَقُ فى جوف أحدكم كما يَخْلَقُ الثوب )) وفي خضم الفتن الصارفة و الأهواء الجارفة و الفتن العاصفة يحتاج الناس إلى التأكيد على التوحيد و يحتاج الصغار إلى أن ينشأوا عليه تنشئة عظيمة متينة: { يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان13].
نسأل الله جلّ و علا أن يحينا موحِّدين لله مخلصين الدّين له مؤمنين به جل في علاه معظمين لجنابه وأن يعيذنا أجمعين من الشّرك كله دقيقه و جليله و قليله و كثيره.





بارك الله فيك




بارك الله فيك




للرفع رفع الله قدركم.




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

تعزية الأستاذ عبد الرزاق 25

ببالغ الأسى والحزن وبقلوب مؤمنه بقضاء الله وقدره ، تلقيت خبر وفاة والدة الأستاذ عبد الرزاق 25، إذ نشاطركم ألمكم وأحزانكم بهذا المصاب الجلل برحيلها،
وأتقدم إليكم بتعازينا القلبية الحارة باسمي وباسم جميع أعضاء مدونة خنشلة التعليمة.

نوصيكم بالصبر والاحتساب، والاستغفار لوالدتكم استاذ عبد الرزاق، والدعاء لها بالفوز بالجنة إن شاء الله.

كما أطلب من جميع رواد المنتدى ومن هم قريبون من قسنطينة تقديم واجب العزاء نيابة عنا.

إنا لله وإنا إليه راجعون.




إنا لله و إنا له راجعون. اللهم أفرغ عليهم صبرا و ثبتهم و أرحم موتاهم و موتى المسلمين جميعا. قلوبنا معك أخي عبد الرزاق.




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن لكل بداية نهاية ولكل قوة ضعفاً ولكل حياة موتاً
قال الله تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت)ِ

اللهم ارحم موتاهم و اعطي الصبر لذويهم




رحمه الله و أسكنه فسيح جناته و ألهم ذويه الصبر




رحمها الله وأسكنها فسيح جناتها
وعظم الله أجرك أخي عبد الرزاق




اللهم ارحمها و جميع اموات المسلمين




اللهم ارحمها واغفر لها واسكنها فسيح جنانه
واجعل قبرها روض من رياض الجنة
وارحم موتانا وموتى المسلمين والمسلمات.




التصنيفات
القران الكريم

[صوتية] [محاضرة mp3]"من هدايات سورة الكوثر" للشيخ عبد الرزاق البدر

تعليمية تعليمية

[صوتية] [محاضرة mp3]"من هدايات سورة الكوثر" للشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله تعالى-

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرة: ”من هدايات سورة الكوثر”
للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر ـ حفظه الله تعالى ـ

للتحميل من شبكة الإمام الآجري بصيغة mp3 (الحجم = 4 mb): هنــــــا
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
تم تحميل المحاضرة من هذا الرابط، وتصغير حجمها (موقع الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله):
http://www.al-badr.net/web/index.*******.n=lec&lec=4 098
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

المصدر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله www.al-badr.net

الملفات المرفقة تعليمية ــ”من هدايات سورة الكوثر” للشيخ عبد الرزاق البدر.mp3‏ (3.51 ميجابايت)

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية