الأصول الخمسة للمعتزلة
هذا اختصارلأصولهم الخمسة التي كنت منذ زمن أعرفها عنهم، و لا أذكر بالضبط المراجع التى طالعتها من قبل فبعضها لشيخ الإسلام و بعضها من كتب الأشاعرة يوم أن كنت أشعريا و غيرها من هنا و هناك، يصعب ذكر المراجع بالتحديد فهذا حصالة معلومات كنت أحتفظ بها في ذاكرتي ليس إلا… فالموضوع كله عبارة عن جملة من المعلومات و حصيلة للمطالعات.
*********
الأصول الخمسة للمعتزلة
————————————–
كان "المعتزلة الذين هوجم علم الكلام من قبلهم كانوا يتفيون الأصول إلى الحق بمنهج غلب على ظنهم أنه الصواب في خدمة العقيدة وإثبات التوحيد دون لبس أو غموض لكن المعتزلة لما أن خاضوا في علم الكلام تولد عن خوضهم العديد من الشبهات التي أدت بهم وبغيرهم إلى التوقف والحيرة والشك في الاعتقاد" . [مجلة البحوث الإسلامية : العدد الخامس عشر – الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1406هـ].
و قد حرروا مذهبهم على خمسة أصول خالفوا بها أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة [ و للدكتور عواد بن عبد الله بن محمد المعتق (رسالة ماجستير) قيمة في بيان أصولهم و الرد عليها أسماها " المعتزلة و أصولهم الخمسة وموقف أهل السنة منها"]:
الأصول الخمسة للمعتزلة:
· أما الأصل الأول وهو التوحيد.
· الأصل الثاني للمعتزلة: العدل.
· الأصل الثالث: الوعد والوعيد.
· الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين .
· الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأصل الأول وهو التوحيد
فهم يعدون من نفاة الصفاة، أرادوا أن ينزهوا الله تعالى عن المماثلة فوقعوا في التعطيل و التمثيل معا، و يقصدون بالتوحيد تنزيه الله تعالى عن الشريك و من ثمَ كان لابد من نفي الصفات و إرجاعها إلى ذاته سبحانه فوصفوه بالسلوب، لأن الصفات عندهم ليست شيئا غير الذات فيقال قدير بذاته، بصير بذاته، عليم بذاته .. و هكذا، و إلا للزم القول بقدمها فيتعدد القدماء فاقتضى نفيها ليتحقق بذلك التوحيد عندهم فآمنوا بها مجردة عن المعاني الحسنة .
الأصل الثاني للمعتزلة: العدل
يقصدون به أن الإنسان خالق أفعاله و أن الله سبحانه ليس له فيها صنع و لا تقدير و إنما أقدرهم عليها فقط، و لذلك كان التكليف، إلا أنهم لا ينكرون علم الله الأزلي كما فعل غلاة القدرية كمعبد الجهني وغيلان الدمشقي ، و لأجل هذا سماهم الناس قدرية، فهم قدرية نفاة مع ذلك مثبتون للعلم والكتابة. و لهذا أنكروا صفة التقليب [تقليب القلوب من حال إلى حال و كذا خلق الكفر في قلوب الكفار] لأنه ينافي عدله تعالى على حد زعمهم فما كان ليعذبهم على شيئ كتبه عليهم، و أولوا الطبع بالترك كما في قوله تعالى { طبع الله على قلوبهم} أي تركهم و ما يعملون، اتفقوا على أن أحكامه تعالى معللة برعاية مصالح العباد فأوجبوا عليه إرسال الرسل، و قالوا كذلك أن العقل وحده من يدرك الحسن و القبح و عدوا الحسن هو المصلحة، و ملخص قاعدة الحسن والقبح العقليين:أن كل ما رآه العقل حسنا ، فهو عند الله حسن ومطلوب الفعل ، وكل ما رآه العقل قبيحا فهو عند الله قبيح ومطلوب الترك وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه.، فوضعوا شريعة لله بالعقل سووا بين الله وبين عباده فيما يحسن منهم ويقبح.
الأصل الثالث: الوعد والوعيد
أ – الوعد: يوجبون على الله إن يوفي بوعده و ينفذه لمن التزم بكل ما كلفه به من التكاليف و أن العبد الصالح إنما يدخل الجنة بعمله لا بفضل الله و منه و كرمه أي باستحقاقه للثواب الذي وعد به الله عباده المؤمنين و الشفاعة عند بعضهم إنما تكون لهؤلاء لرفع درجاتهم.
ب-الوعيد: قالوا بإنفاذ الوعيد لا محالة، وأن أصحاب الكبائر والذنوب من أمة النبي صلى الله عليه و سلم مخلدون في النار إلا أن عذابهم أخف من عذاب الكافر، و لا يرون الشفاعة في الآخرة لأحد من الفساق فردوا أحاديث الشفاعة بحجة أن أحاديث الأحاد ليست حجة في العقائد .
الأصل الرابع: المنزلة بين المنزلتين
قالت المعتزلة : صاحب الكبيرة نخرجه من الإيمان ولا ندخله في الكفر فلا يسمى مؤمنا و لا يسمى كافرا فهو في منزلة بين منزلتين ولكنه يخلد في النار إذا مات عليها. و أصل هذا القول أنه لا يجتمع إيمان مع معصية و أن الكبيرة تحبط كل الحسنات حتى لا يبق في القلب منها شيء فاستوجب بذلك الخلود في النار.
الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يوجبون الخروج على الأئمة إذا ارتكبوا شيئا من الكبائر ، ولو لم يكن كفرا ، ويعتبرون هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و هو عندهم من فروض الكفاية.
و عندهم الكثير من العقائد الأخرى الفاسدة كالإرجاء و تحريف الكلم عن مواضعه و إنكار العلو و القول بخلق القرآن و إنكار صرع الجن للإنسان و كذا الميزان و قولهم بأن الأعمال أعراض لا توزن و قالوا بالمجاز الإصطلاحي الذي هو نقيض الحقيقة و أنكروا وقوع الكرامات و زعموا أن العادات لا تنخرق إلا للأنبياء و أنكر بعضهم نزول عيسى عليه السلام ردوا الأخبار الواردة في الشفاعة والرؤية بحجة أن أحاديث الأحاد ليست حجة في العقائد ، وزعموا أنه لا تجوز الإشارة إليه سبحانه بالرءوس والأصابع إلى فوق , فإن ذلك يوجب التحديد ، و من عقائدهم الفاسدة أيضا إنكارهم خروج الدجال بالكلية ، وردوا الأحاديث الواردة فيه، و قالوا أنه لا يجوز على الله أن يُعذّب أطفال المشركين، و يقولون بفناء كل من الجنة والنار إلى غير ذلك من الضلالات
منقول |
||
وطريقتهم أنهم يثبتون لله تعالى الأسماء دون الصفات، ويجعلون الأسماء أعلاماً محضة، ثم منهم من يقول إنها مترادفة فالعليم، والقدير، والسميع، والبصير شيء واحد، ومنهم من يقول إنها متباينة ولكنه عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، ونحو ذلك.
وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه؛ لأنه لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم، والأجسام متماثلة، فإثبات الصفات يستلزم التشبيه.
والرد عليهم من وجوه:
الأول: أن الله تعالى سمى نفسه بأسماء، ووصف نفسه بصفات، فإن كان إثبات الصفات يستلزم التشبيه فإثبات الأسماء كذلك، وإن كان إثبات الأسماء لا يستلزم التشبيه فإثبات الصفات كذلك، والتفريق بين هذا وهذا تناقض، فإما أن يثبتوا الجميع فيوافقوا السلف، وإما أن ينفوا الجميع فيوافقوا غلاة الجهمية والباطنية، وإما أن يفرقوا فيقعوا في التناقض.
الثاني: أن الله تعالى وصف أسماءه بأنها حسنى، وأمرنا بدعائه بها فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (لأعراف: 180). وهذا يقتضي أن تكون دالة على معاني عظيمة تكون وسيلة لنا في دعائنا، ولا يصح خلوها عنها.
ولو كانت أعلاماً محضة لكانت غير دالة على معنى سوى تعيين المسمى، فضلاً عن أن تكون حسنى ووسيلة في الدعاء.
الثالث: أن الله تعالى أثبت لنفسه الصفات إجمالاً وتفصيلاً مع نفي المماثلة فقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل: 60). وقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11). وهذا يدل على أن إثبات الصفات لا يستلزم التمثيل، ولو كان يستلزم التمثيل لكان كلام الله متناقضاً.
الرابع: أن من لا يتصف بصفات الكمال لا يصلح أن يكون رباً ولا إلهاً، ولهذا عاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام أباه باتخاذه ما لا يسمع ولا يبصر إلهاً فقال: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (مريم: 42).
الخامس: أن كل موجود لابد له من صفة، ولا يمكن وجود ذات مجردة عن الصفات، وحينئذٍ لابد أن يكون الخالق الواجب الوجود متصفاً بالصفات اللائقة به.
السادس: أن القول "بأن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل إلا على ذات الله فقط" قول باطل؛ لأن دلالات الكتاب والسنة متضافرة على أن كل اسم منها دال على معناه المختص به مع اتفاقها على مسمى واحد وموصوف واحد. فالله تعالى هو الحي القيوم، السميع البصير، العليم القدير، فالمسمى والموصوف واحد، والأسماء والصفات متعددة. ألا ترى أن الله تعالى يسمي نفسه بإسمين أو أكثر في موضع واحد كقوله: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) (الحشر: 23). فلو كانت الأسماء مترادفة ترادفاً محضاً لكان ذكرها مجتمعة لغواً من القول لعدم الفائدة.
السابع: أن القول "بأن الله تعالى عليم بلا علم، وقدير بلا قدرة وسميع بلا سمع ونحو ذلك" قول باطل مخالف لمقتضى اللسان العربي وغير العربي، فإن من المعلوم في لغات جميع العالم أن المشتق دال على المعنى المشتق منه، وأنه لا يمكن أن يقال عليم لمن لا علم له، ولا قدير لمن لا قدرة له، ولا سميع لمن لا سمع له ونحو ذلك.
وإذا كان كذلك تعين أن تكون أسماء الله تعالى دالة على ما تقتضيه من الصفات اللائقة به؛ فيتعين إثبات الأسماء والصفات لخالق الأرض والسموات.
الثامن: أن قولهم: "لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم" ممنوع، فإننا نجد من الأشياء ما يصح أن يوصف وليس بجسم، فإنه يقال: ليل طويل، ونهار قصير، وبرد شديد، وحر خفيف ونحو ذلك، وليست هذه أجساماً. على أن إضافة لفظ الجسم إلى الله تعالى إثباتاً أو نفياً من الطرق البدعية التي يتوصل بها أهل التعطيل إلى نفي الصفات التي أثبتها الله لنفسه.
التاسع: أن قولهم: "الأجسام متماثلة" باطل ظاهر البطلان، فإن تفاوت الأجسام ظاهر لا يمكن إنكاره. قال الشيخ "المؤلف": ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل(14)