التصنيفات
العلوم الانسانية والاجتماعية

الفكر العربي المعاصر "أركون"

مقدمة:
نعرض في هذه الورقة جولة في فكر الدكتور محمد أركون, صاحب أحد المشاريع الفكرية و المعرفية, و الذي استهدف بالأساس فتح آفاقا واسعة للفكر العربي الإسلامي عبر تطبيقاتها لمنجزات و مناهج العلوم الإنسانية الحديثة على دراسة الإسلام. و ظل الدكتور محمد أركون يسعى جاهدا إلى ترسيخ المنهجية التاريخية الحديثة في الفكر الإسلامي, لأنه يرى أنها السبيل الوحيد لتحقيق الفهم العلمي للواقع التاريخي للمجتمعات الإسلامية. و هذا من شأنه إلغاء كافة التعصبات المذهبية و العرقية لاسيما بوضعها على محك الفهم العلمي.
و قد احتار النقاد و الباحثون في أية خانة يصنفون محمد أركون, لكنهم أجمعوا على أنه يدعو إلى تجديد الفكر العربي الإسلامي.
1- كيف يري محمد أركون نفسه؟
2- مشروع أركون
3- القطيعة المعرفية
4- كيف يعرف الغرب الإسلام؟
5- العلمانية و الإسلام
6- الروابط بين الإسلام و العلوم و الفلسفة
7- الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان
8- في الصوفية
9- حول النموذج القومي المستعار من أوروبا
10- التفكير في اللامفكر فيه
1- كيف يرى محمد أركون نفسه؟
ينتمي محمد أركون إلى جيل ميشيل فوكو و بيير بورديو و فرانسوا فوريه و هم الذين أحدثوا ثورة ابستمولوجية و منهجية في الفكر الفرنسي. و محمد أركون أحدث ثورة مشابهة في الفكر الإسلامي و العربي, مما ولد بينه و بين الاستشراق الكلاسيكي – الذي ظل مخلصا للمنهجية الفللوجية- صراعا بينا.
و محمد أركون قام بدراسات ألسنية و تاريخية و أنثروبولوجية و حاول المزج بين عدة مناهج طبقها على التراث العربي الإسلامي. و هي نفس المناهج التي طبقها علماء فرنسا على تراثهم اللاتيني المسيحي الأوروبي. و أركون تأثر في البداية بريجيس بلاشير المحترف في فقه اللغة (الفللوجيا) و تعلم منه منهجية تحقيق و تدقيق النصوص و مقارعتها ببعضها البعض و دراستها على الطريقة التاريخية الوضعية, و لم يكتف بذلك لا سيما و أن توجهاته كانت متعددة كنتاج لفضوله الشخصي و مطالعاته الواسعة. و هو طالب بالجزائر تأثر بلوسيان فيفر, لاسيما بمنهجيته في علم التاريخ.
و هكذا اهتم أركون بالتاريخ الوقائعي و التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي. كما أدخل في دراسته منهجية علم النفس التاريخي بالإضافة إلى علم الاقتصاد.
و في ستينات القرن الماضي اهتم بمنهجية الألسنيات و على ضوئها قرأ المصحف و النصوص الإسلامية الكبرى, السيرة النبوية, نص سيرة علي للشيخ المفيد, نهج البلاغة, رسالة الشافعي, نصوص ابن رشد, ابن خلدون و آخرون.
فلا يبدو أن محمد أركون تأثر بمفكر بعينه, إلا أنه لا مناص من اعتبار استثناء واحد بالنسبة لأبي حيان التوحيدي, إذ يعتبره أخاه الروحي وحدتهما ميزتان :
1- التمرد الفكري ضد كل قسر أو إكراه على العقل و الفكر
2- رفض الانفصام بين الفكر و السلوك و بين العمل الفكري و المسار الأخلاقي العملي,
و شاءت الظروف أن عاش كل منهما و عاين سوء فهم معاصريهما لهما. و في نظر محمد أركون يمثل أبو حيان التوحيدي إحدى اللحظات الأساسية في تاريخ الفكر الإسلامي و العربي. فالتوحيدي هضم الثقافة الفلسفية السائدة في القرن الرابع الهجري, بما فيها الثقافة الصوفية, بالإضافة إلى براعته في اللغة. كما لاالعصر يمكن القول أن أبا حيان التوحيدي كان يتميز بالقلق الابستمولوجي (المعرفي) مما جعله يمر باستمرار من علم إلى آخر. كما لا ينبغي نسيان كذلك شجاعته و جرأته’ فقد تجرأ على كتابة مؤلفه مثالب الوزيرين ضد الصاحب بن عباد و ابن العميد الوزيرين المشهورين صاحبا السلطة و السطوة, و كانت شجاعته تكاد أن تكون انتحارية.
و كذلك محمد أركون تميز بشجاعته, لكن من صنف آخر, و هي شجاعة التطرق إلى اللامفكر فيه. و لفهم موقفه من الاستشراق لابد من الرجوع إلى أركون الطالب بالجامعة الجزائرية و هو يدرس اللغة العربية و آدابها في وضع قاس مطبوع بسيادة الثقافة الغربية الآتية إلى الجزائر لتحضيرها و إدخالها في حلبة الحضارة حسب ادعاء المستعمر الغازي. و منذ ذلك الوقت تبرعمت في نفس أركون بدايات الرفض للاستشراق بكل مناهجه و طرائقه. هذا الرفض تولد عنه التمرد ضد المجتمع و حالته و ضد الظلم السائد فيه. و آنذاك سيطرت على ذهنه الرغبة في الفهم و المزيد من معرفة الواقع و تمحيص الوضع.
لقد امتلكه سؤال شكيب أرسلان : لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم؟ و لازمه آخذا في الإلحاح عليه و طالبا منه الجواب, و ربما هذا ما يفسر عدم انخراط محمد أركون في النضال السياسي على غرار جيله, إذ أنه اختار الطريق الفكري للتحرير, و التمرد الفكري عوض التمرد السياسي لأنه رغب في التحرير الفكري و العقلي للجزائر و لعموم العرب و المسلمين.
و منذ ستينات القرن الماضي, عندما أصبح مدرسا بجامعة السوريون اتبع منهجا مختلفا جذريا لمنهج المستشرقين و شرع في محاولاته التحليلية المعتمدة على المقارنة الواسعة سعيا للخروج من الإطارات الضيقة المرسومة من طرف الارثودوكسية, و هذا ما فعله مع الفكر الإسلامي.
2-مشروع أركون
لقد هدف محمد أركون إلى بناء "إسلاميات تطبيقية" و ذلك بمحاولة تطبيق المنهجيات العلمية على القرآن الكريم, و من ضمنها تلك التي طبقت على النصوص المسيحية, و هي التي أخضعت النص الديني لمحك النقد التاريخي المقارن و التحليل الألسني التفكيكي و للتأمل الفلسفي المتعلق بإنتاج المعنى و توسعاته و تحولاته.
و قد طرح أركون هذا المشروع في الدراسات الإسلامية لكي يهتم به الباحثون العرب و المسلمون عموما, لاسيما و هو مشروع متصل بالبحوث في النص الديني بصفة عامة. انه مشروع مبني بالأساس على التعرف على الظاهرة الدينية حتى تحل الظاهرة الدينية في أفق أوسع من الأفق الإسلامي. لاسيما و أنه يتم الاكتفاء بالنظر إلى تاريخ الإسلام كدين, كإطار فكري دون مراعاة ما حدث و ما يحدث في الأديان الأخرى.
و مشروع أركون يفتح بابا أوسع لتاريخ الأديان إذا انطلقنا من القرآن و من منطقه الذي يطرح قضية تاريخ النجاة, أي كيف نعيش حياتنا كمؤمنين متلقين كلام الله تعالى حتى نطبقه في حياتنا قصد النجاة من العذاب. و معلوم أن فكرة النجاة موجودة في التوراة مع موسى و الأنبياء الذين ذكرهم القرآن. و هذا يدعونا إلى الاهتمام بالتاريخ الروحاني الذي يختلف عن التاريخ السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي. و التاريخ الروحاني يتعلق بوجوب كلام الله على البشر.
و يؤكد محمد أركون أن المسلمين مازالوا لم يمار سوا بعد تاريخ الأديان, لأنه غير موجود لديهم. كما يشير إلى أن ما كتبه الشهرستاني عن الملل و النحل, و ما كتبه ابن حزم عن الملل و النحل تخلى و أعرض عنه المسلمون, إذ ركزوا كثيرا على ما ورد في تاريخ الإسلام أكثر مما ركزوا على ما ورد في القرآن نفسه. فهناك, حسب أركون, فرق بين القرآن الذي هو كلام الله و نزل إلى الجميع و ما قام به الفقهاء المسلمون من جهد نعتمد عليه لفهم الإسلام, و هو بطبيعة الحال فهم متغير الظروف التاريخية و الظروف الثقافية في المجتمع و خاضع أيضا للقوة السياسية العاملة في المجتمع.
ويركز محمد أركون على ضرورة تفهم القرآن-كلام الله- و الذي يفتح للبشر – وللمؤمنين بالخصوص- آفاقا للتدبر و التفكر و التفقه و التعقل. فكم من مرة تكررت "أفلا تتدبرون" و "أفلا تعقلون" في القرآن الكريم؟ لكن هذا النوع من التفكير المتوسع تم تهميشه و ضيقت مجالاته.
و عبر منهجه تمكن أركون من تكوين فكرة دقيقة عن تطور تاريخ الإسلام. و في هذا الصدد يقر أركون بوجود مذاهب متعددة ظهرت في الإسلام أثناء تاريخ الدولة الأموية و الدولة العباسية و هناك حرية منحت في أوائل الإسلام (في القرون الأربعة الأولى من الهجرة) حيث كان المسلمون يتمتعون بحظ لا بأس به من حرية التفكير و من حرية المناظرة و بفضل هذا تعددت المواقف الفكرية و بذلك تكونت مذاهب عديدة في علم الكلام و في الفقه و غيرها من العلوم. و هناك اتجاهات عديدة لأن القرآن مفعم بمعان لا يمكن تحديدها في اتجاه واحد فقط. ثم أن هذه المذاهب تطورت في ظروف سياسية و السياسة دائما تلعب دورها في توجيه البحث في الأمور الدينية, لأن الدولة اهتمت دائما بالدين حتى تستمد منها مشروعيتها كسلطات, و قد أنتج هذا الاستعمال السياسي للجانب الديني مشاكل عديدة, و هذه المشاكل يجب أخذها بعين الاعتبار و إخضاعها للدراسة, لاسيما فيما يتعلق بالتطرف لمعرفة كيف و تحت أي سيطرة أصبحت بعض المذاهب متطرفة و منفصلة.
3- القطيعة المعرفية
فيما يخص مسألة المعرفة يقابل محمد أركون بين موقفين, الأول ينظر إلى الوراء صوب العصور الوسطى و يدافع عن القيم الروحية لتلك العصور. و الثاني يحاول استخراج الدروس و العبر من الثورة الابستمولوجية الحاصلة مع الثورة الفرنسية.
و بالنسبة لهذا الموقف الأخير هناك قطيعة أحدثها هذه الثورة, و تلك القطيعة ذات طبيعة سياسية بالأساس. فالثورة الفرنسية حدث سياسي ذو طبيعة ابستمولوجية في نظر محمد أركون, و القطيعة السياسية تحققت بعد تحقيق القطيعة المعرفية.
ففي نظره, إن تحرير الشرط البشري مسألة حديثة العهد رغم وجود بعض العناصر و البذور في التراث الإسلامي و باقي التوراثات التوحيدية. فأنظمة الفكر لها تاريخ و صيرورة, و لها انطلاقة و منشأ و مسيرة تطور و صيرورة تغيير نحو التقدم أو الانحطاط و الاحتضار, و هذا قانون الحياة و الكون. و المطالبة بإعادة قراءة النصوص الدينية الأساسية من الارتكاز عليها لا يعني في نظر محمد أركون الاستخفاف بتجارب و عبقرية السلف أو إهمال تعاليم النصوص الكبرى و جهود المفسرين, و إنما ما يجب التوق إليه من إعادة القراءة هاته هو الأخذ بعين الاعتبار مسألة التغيير الحاصل في مجال المعرفة البشرية و التاريخ البشري.
و يعتبر محمد أركون أنه لا يمكن نكران وجود مواجهة حاصلة بين النصوص الكبرى التي تبدو متعالية لا تتغير و لا تتبدل و بين التاريخ البشري المتغير و المتبدل بطبيعته. و لعل من أبرز وجوه هذه المواجهة أن الفكر الإسلامي السائد حاليا يرفض كل تاريخية, انه في نظر أركون لا يزال يكذب التاريخ و الواقع رافضا أن يأخذهما بعين الاعتبار حيث يقف متعاليا عن الواقع.
ففي نظر محمد أركون لا يجب الاكتفاء بالنظر إلى الدين فقط في مبادئه السامية و العالية و إنما وجب النظر أيضا إلى التاريخ و كيف تم تطبيق الدين؟ و كيف تم فهمه؟ و كيف تمت ممارسته؟
4- كيف يعرف الغرب الإسلام؟
يتساءل محمد أركون هل يمكن التحدث عن وجود معرفة علمية عن الإسلام في الغرب؟ و يعتبر هذا التساؤل بمثابة تساؤل عن صلاحية و موضوعية في النظرة المتوفرة للغرب عن الإسلام.
فلا يخفى على أحد أن الحداثة التي عرفها العالم مؤخرا قد مست بشكل أو بآخر ببعض المصالح الحيوية للغرب في جملة من مناطق العالم. و كانت و لا تزال ردود الفعل التي تثيرها قد أنعشت المتخيل الغربي السلبي على الإسلام و ضخمته أكثر من أي وقت مضى.
و هذا المتخيل الغربي المشكل تجاه الإسلام تغدي منذ خمسينات القرن الماضي من كل قوة و هيمنة الإعلام, لاسيما بسبب تلاحق الأحداث العنيفة لحركات التحرر الوطني و الحركات الاحتجاجية و التمردية السائدة في المجتمعات الإسلامية آنذاك.
لقد حصل خلط خطير في تشكيل المتخيل الغربي عن الإسلام, خصوصا و أن كل المشاكل ذات الجوهر السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي ألحقت جميعها بالإسلام. و هكذا راح الخلط بين الإسلام كدين و الإسلام كإطار تاريخي لبلورة ثقافة و حضارة معينة يتأبد و يتعقد أو يتشعب.
و في هذا الصدد ركز محمد أركون على ضرورة فهم المأساة التاريخية التي تتخبط فيها الشعوب الإسلامية منذ أن اصطدمت بشكل مفاجئ و عنيف بالحضارة المادية و الحداثة العقلية. فلا الثورة الاشتراكية و لا الثورة الإسلامية أتيح لهما أن تحضيا بمرحلة تحضير و استعداد كافية كما حصل للثورة الفرنسية في القرن 18. إذ لم يمهد لهما عن طريق حركة ضخمة من النقد الفلسفي و العلمي للتراث الديني, ثم لنقد الممارسة السياسية لأنظمة الثقافة الموروثة و لمشكلة المعرفة بشكل عام. و بذلك تراكم اللامفكر فيه في الفكر الإسلامي و العربي.
في حين أن الغرب كان قد انخرط منذ ستينات القرن الماضي في عملية البحث عن أشكال جديدة للحداثة, آنذاك فعل العالم الإسلامي العكس, أدار ظهره للحداثة, بل دخل في مرحلة استخدام الإسلام كأداة لتمويه التصرفات و المؤسسات و النشاطات الثقافية و التعليمية المستلهمة من قبل النموذج الغربي.
5- العلمانية و الإسلام
يعتبر محمد أركون أن العلمانية مشروع أفرزته المجتمعات الغربية, و بواسطتها انتقل المجتمع الغربي إلى التقدم و الحداثة. و العلمانية في تصور أركون لا تعني القضاء على الدين و إنما وضع حد للغزو الذي يقوم به الخطاب العقائدي للمجتمع. و يرجع أركون أسباب نجاح العلمانية في الغرب إلى ثلاثة أمور
1- القطيعات الحاصلة في نظام الفكر
2- دور الطبقة البرجوازية التجارية
3- الثورة الماركسية-اللينينية التي قامت ضد الطوائف الدينية
و قد حسم الأمر في الغرب باتخاذ منحى نضالي ضد رجال الدين و السلطة الدينية. و كانت مغالاة في العلمانية إلى درجة استبعاد الدور الديني.
و العلمانية و الحرية مفهومان مرادفان لدى محمد أركون. كما يرى أن الإسلام بذاته ليس مغلقا في وجه العلمانية, و لقد شهدت المجتمعات الإسلامية, في نظره, تجارب علمانية عبر التاريخ. لقد عرفت القرون الأربعة الأولى للهجرة حركة ثقافية مهمة استطاعت الخروج على القيود التي فرضتها السلطة الدينية.
فالمعتزلة عالجوا مسائل فكرية أساسية انطلاقا من ثقافتهم المزدوجة المرتكزة على الوحي الإسلامي و الفكر اليوناني. كما أدخل المعتزلة بعدا ثقافيا و لغويا في طريقة طرحهم مسألة خلق القرآن و اعترفوا بمسؤولية العقل و دوره في فهم النص الموحى به و امتلاكه. إلا أن الأمر آنذاك حسم لصالح الخط الأشعري الممثل للخط الرسمي.
كما يرى أركون أن المجتمع الإسلامي عرف العلمانية قبل المعتزلة عندما استولى معاوية على السلطة السياسية, و بعد انتصاره خلع عليه رجال الدين رداء الشرعية الدينية. و بذلك تشكلت ايديولوجيا التدبير التي تعطي للحاكم الحق في كل شيء باسم الدين.
و يؤكد أركون أن هذا الأمر ليس إلا عملا واقعيا لا علاقة له بأية شرعية غير شرعية القوة. كما يقر أركون على أن ما يشاع من أن الإسلام لم يعرف التفريق بين الدين و الدنيا (أو بين الروحي و الزمني) قول خاطئ.
و في هذا الصدد يتأسف أركون لكون المجتمعات الإسلامية و العربية لا تزال في عموميتها ترفض العلمانية و تجهل معناها الايجابي. و بذلك يتم قمع, بشكل أو بآخر, كل من حاول اتخاذ موقف حر متفتح على المعرفة, و ذلك منذ المعتزلة إلى ابن رشد إلى يومنا هذا.
لكن محمد أركون يرى أن المجتمعات الإسلامية سائرة نحو العلمانية من غير أن تدري, و ذلك بسبب غياب التفكير الفلسفي و التحليل الثقافي الحديث.

6- الروابط بين الإسلام و العلوم و الفلسفة
من المعروف أن العلوم لم تكن مفصولة عن الفلسفة عند الإغريق و العرب في القرون الوسطى. فالفيزيقا عند أرسطو كانت مرتبطة بالميتافيزيقا, و الطب كان يمثل جزءا من الفلسفة كما أكد على ذلك ابن سينا في كتب الشفاء, كما أن جابر ابن حيان أكد على ارتباط الكيمياء بالفلسفة.
كما أنه لا يبدو أن البحث العلمي قد عانى من عراقيل دينية في المجال الإسلامي. فالقرآن حث على العلم و المعرفة لا تفعل إلا أن تزيد من إيمان المسلم و تقويه, كما أنها تضيء له الإشارات الرمزية و العلامات الواردة في القرآن الكريم.
فمختلف العلوم شهدت نموا و ازدهارا عند العرب راح الغرب اللاتيني المسيحي يستفيد منها و يغترف منها منذ القرن الثاني عشر الميلادي.
و في واقع الأمر, يقول أٍكون, إن توقف هذه الحركة الكبرى للمعرفة العلمية عائد ليس إلى سلطة الضبط و الهيمنة اللاهوتية و إنما هو عائد إلى التغير الذي أصاب الأطر السياسية و الاجتماعية للمعرفة في العالم الإسلامي بدءا من القرن الحادي عشر و الثاني عشر الميلادي.
فالثقافة العربية الإسلامية المزدهرة في إطار الإمبراطورية الأموية ثم العباسية كانت مرتبطة بالحياة الحضرية (دمشق, بغداد, أصفهان, القاهرة, حلب, القيروان, فاس, قرطبة…), و كان التطور يتم في ظل البلاطات. و لكن بدءا من القرن الحادي عشر راحت الأخطار تحدق بحياة المدن و تهددها بسبب المحيط البدوي غير المسيطر عليه جيدا. و هكذا تراجع البحث العلمي شيئا فشيئا ليترك الساحة خالية للخطاب التعبوي و التجييشي لايديولوجيا الكفاح.
و قد لاحظ أركون أنه كلما تقوت هذه الايديولوجيا و اشتدت كلما تقلصت المكانة المخصصة للفكر العلمي و النقدي. و في نظره سيطرت ايديولوجيا الكفاح هاته منذ الصليبيين و حتى اليوم (الصراع العربي الإسرائيلي و الغرب) و بالتالي تقلصت أهمية الفكر الحر في الساحة العربية و الإسلامية إلى درجة مخيفة.
و في نظر أركون, لكي يقاوموا الحملات الصليبية على فلسطين و هجمة العشائر التركية و المغولية لزم العرب التجمع حول إسلام ارثودكسي و دغمائي صارم, لكنه فعال ايديولوجيا من حيث التعبئة و التجييش. و عندئذ بدأ الدين الشعبي ينتشر في الأرياف و ما انفك هذا التوجه يتفاقم ضمن خط التقلص العقلي و ضيق الآفاق, ثم ضمن خط التشدد حتى القرن التاسع عشر. و بعد ذلك ظهرت الحركة السلفية (الإصلاحية) في وقت كانت القطيعة التاريخية للمسلمين مع التراث العلمي و الثقافي قد حصلت و تر سخت تماما. و هكذا راح الحنين للمجد الضائع لا يترك مكانا للبحث العلمي و النقد البناء. ثم جاءت الايديولوجيا القومية في القرن 20 لقيادة النضالات التحررية.
و هكذا ظل تاريخ العلوم بشكل خاص المجال الأقل اكتشافا و دراسة من كل جوانب التراث.

7- الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان

لازالت نظرة الغرب للإسلام تعتبر أن الدين الإسلامي يرفض الحداثة و حقوق الإنسان و يشجع العنف و الإرهاب. و لقد ساهم المثقفون المسلمون في ترسيخ هذه النظرة, على الأقل لكونهم لم يعملوا فعلا و فعليا على تفنيدها.
و في واقع الأمر فان العالم العربي و الإسلامي استفاق من نومه التاريخي على الأمجاد الغابرة و راح يعاين تخلفه عن الركب بعد اكتشافه أو إعادة اكتشافه لحجم الهوة التي تفصله عن الغرب على صعيد التقدم المادي و الصناعي و التكنولوجي و على صعيد الفكر و العلم و قيم المجتمع و الحريات و حقوق الإنسان.
لكن الإسلام عمل على تأسيس أرضية لحقوق الإنسان و منذ بداية البدايات. فالله خلقنا أحرارا و لا يمكن قبول العبودية لخدمة أغراض مهما كانت سياسية أو غيرها. بل إن البوادر الأولى لحقوق الإنسان متضمنة في الديانات التوحيدية (اليهودية و المسيحية و الإسلام). إلا أن البشر انحرفوا عنها بسبب صراعات التاريخ أو فسروها بشكل مغلوط و قسري و ضيق.
فمسيرة البشر عبر التاريخ مليئة بالصراع و التنافس و التناحر على السلطة و الثروة و السيطرة و النفوذ. و إذا كان لابد من الاعتراف أن حقوق الإنسان و المواطن بالصيغة المعلن عنها من طرف الثورة الفرنسية سنة 1781 تمثل طفرة نوعية في تاريخ البشرية, فهناك رأي يقول أن حقوق الإنسان بالمعنى الحديث المتعارف عليه كانت موجودة في الإسلام منذ قرون و بشكل كامل و ناجز.
و لقد جاء في الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان المعان عنه سنة 1981 أن هذا الإعلان قد بلور من قبل كبار علماء المسلمين و أساتذة القانون و ممثلي مختلف حركات و تيارات الفكر الإسلامي. في حين أن المواد الثلاث و العشرين التي تشكل هذا الإعلان ترتكز على الآيات القرآنية و الحديث النبوي.
و من المبادئ التمهيدية المرتكز عليها نجد :
– أن الإسلام قدم للبشرية قانونا مثاليا لحقوق الإنسان, و ذلك منذ أربعة عشر قرنا من الزمن
– حقوق الإنسان هذه متجذرة و منغرسة في القناعة الراسخة بأن الله عز و جل هو وحده مؤلف القانون و أصل كل حقوق الإنسان
– و نظرا للأصل الإلهي لهذا القانون فلا يمكن لأي زعيم سياسي و أي حاكم أو أي هيئة أن يلغي أو ينتهك أو يغير حقوق الإنسان التي وهبها الله له.
و مهما يكن من أمر, فان محمد أركون يعتبر أن الإعلان الاسلامي العالمي لحقوق الإنسان, على الرغم من كل الانتقادات الموجهة لطابعه الاحتفالي و الشكلاني, فانه يحمل في طياته لغة قانونية حديثة. و لذلك وجب التساؤل حول البعد التاريخي للمشكلة. و هذا البعد في نظره يخص العلاقة بين الدين الإسلامي و المفهوم الحديث لحقوق الإنسان المصاغ من طرف الثورة الفرنسية.
من الأكيد أن البلورة الأساسية الغربية لحقوق الإنسان لم تحصل إلا عامي 1789 و 1948 حيث صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكن ماذا نجد في القرآن الكريم بخصوص الإنسان و حقوقه؟
فهناك إجماع على أن معنى "مسلم" هو الخاضع لله و الذي سلم نفسه له. و كلمة مسلم معناها عام و شامل و واسع, انه يعبر عن العلاقة الروحية للإنسان مع الله, أي, بلغة اليوم, أن هناك ميثاقا يربط الخالق بالمخلوق, و هو مبني على إرادة الله عز وجل في منح الإنسان لمكانة متميزة بين المخلوقات كلها. و الله تعالى وعد الإنسان بالحياة الأبدية إذا ما نفذ تعاليمه في حياته الدنيوية.
و الإنسان مع ظهور الإسلام عرف ترقية حقيقية قياسا لما كان عليه في الجاهلية¸و حقوقه كانت أكثر تقدما مما كانت عليه من قبل و على مختلف الأصعدة. و في الحقيقة إن ظهور الإسلام جعل الشعوب يدخلون في دائرة الحداثة الروحية و العقلية آنذاك, بمعنى الدخول في حركة التاريخ. و قد تحقق ذلك بالفعل على يد سيدنا محمد(ص) الذي, بواسطة القرآن الكريم, بين طريق النجاة و الخلاص. إذن منذ ظهور الإسلام برزت بذور تحرير الشرط البشري و ترقية الإنسان. و هناك آيات كثيرة تركز بشكل خاص على ترقية الإنسان و على القيم الأخلاقية و الروحية الواجب التقيد بها لكي يستحق الإنسان الرفعة و الدرجة العالية التي حباه الله بها فجعله خليفته في الأرض.
و في هذا الصدد, يؤكد أركون أن الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان هو في الحقيقة غير نابع من القراءة للتعاليم المركزية أكثر مما هو محاكاة قانونية للإعلان الغربي لتلك الحقوق. و نصه يخلع الرداء الإسلامي بمفرداته و صياغاته التعبيرية على الممارسات السياسية و المؤسسات الحديثة و الممارسات القانونية المستعارة من الغرب.فحسب محمد أركون, إن الهوة التي تفصل المسلمين اليوم عن تراثهم الخصب و المبدع في العصور الكلاسيكية, تمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لتطورهم الراهن. فلو أنهم يعرفونه جيدا أو يقدرون على قراءته جيدا لاستطاعوا أن يعثروا على نقاط ارتكاز صلبة ينطلقون منها بكل ثقة للتفاعل مع الآخر و يستفيدون و يفيدون. و قد أكد أٍكون أن العرب المسلمون استطاعوا مواجهة التحدي الحضاري في العصور الأولى للإسلام عندما خرج من بين ظهرانيهم خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد (ص) و أدخلهم في حداثة ذلك العصر و فتح لهم أبواب التاريخ.
و في نظر أركون أن ما يعرقل مسألة حقوق الإنسان في المجتمعات العربية الإسلامية هي طبيعة الأنظمة السياسية و طريقة نشأتها و تركيبها بعد الاستقلال. فهي التي في نظره تعرقل عملية تطبيق الحد الأدنى من حقوق الإنسان و احترامها.
و حسب أركون فان أول خطوة لابد من القيام بها هي إعادة قراءة عملية و صيرورة تشكل القانون الإسلامي(الشريعة). و عموما يتصور أركون القانون الديني بصفته تفويضا انطلاقا من نص ديني, و هكذا يتصور أن الأحكام الناتجة عنه كأنها إلهية, و بالتالي فلا يمكن لأية سلطة بشرية أن تقوم بتعديلها أو تطويرها لتتناسب مع مقتضيات الظروف و الأحوال المستجدة. و هذه معضلة كبيرة, لهذا يؤكد على أنه بات من الحيوي إعادة قراءة كتب الفقه المعتبرة كأساس للقانون الإسلامي (الشريعة).

و في نظره إن الشريعة, على عكس ما يتوهمه أغلب المسلمين, ليست قانونا إلهيا مباشرا, و إنما هي ناتجة عن عملية بلورة تاريخية محضة قام بها بشر استنادا على القرآن و الحديث و السيرة النبوية في القرنين الأول و الثاني للهجرة. و يعتبر أركون أن إعادة القراءة هاته تصطدم بعقبات كأداء نظرا لسيادة الاعتقاد أن القانون الإسلامي (الشريعة) هو أصل الهي مباشر و لا علاقة له بالبلورة التاريخية التي قام بها بشر و هم الفقهاء و القضاة.

و تظل الفكرة المحورية لمحمد أركون في هذا الصدد أنه قد وجدت في تاريخ الإسلام تركيبات تيولوجية (لاهوتية) و قانونية و تشريعية جمدت التعاليم القرآنية التي كانت متفتحة غنية متعددة الاحتمالات و التي يمكن للبشرية أن تتأمل به و تفكر فيها حتى يوم الدين.

8- في الصوفية

يرى محمد أركون أن الصوفية هي تيار متزهد, إنها تيار فكري يمتلك معجمه اللغوي و التقني الخاص به و له خطابه المتميز به و نظرياته المتفردة. و التجربة الصوفية بمفهوم أسلوب ديني يستخدم الشعائر الفردية و الجماعية من أجل جعل الجسد و الروح يتواكبان و يساهمان في عملية تجسيد الحقائق الروحية, موجودة في مختلف الأديان.
و التأمل الصوفي هو عبارة عن تمرين فردي و مستقل عن الشعائر و الفرائض التي تؤديها الجماعة.
و الإسلام يحبذ التواصل المباشر بين المؤمن و خالقه دون وساطة.
و قد أدينت الصوفية من قبل البعض كابن الجوزي. كما أنه من المعروف أن الحلاج قد أعدم بعد قد كان لفظ العبارة الشهيرة "أنا الحق", و قد كان ذلك في وقت تتلاقح فيه و تتقاطع عدة تراثات ثقافية و عدة تيارات فكرية. كما راح الصوفيين في البداية يعلقون الوعي بالزمن و عالم الأشياء لكي يتوصلوا إلى وحدة الوجود التي تميز بها ابن عربي, لكن في الوقت ذاته ظلوا متغرسين بقوة في الساحة الثقافية و الفكرية. و من بين هؤلاء الحسن البصري و المحاسبي و الجنيد.

و هناك الجانب الاجتماعي و السياسي للحركة الصوفية, إذ أن الزبائن الأقرب للصوفيين هم أولئك الناس المرتبطين بالأوساط المسحوقة و بالفئات المهمشة. و قد تطورت العلاقة بين الصوفية و الطبقات الكادحة بعد القرن الحادي عشرالميلادي باتجاه ربط الصوفية بالمعارضة, ثم تطورت في القرن 13 نحو الارتباط بالمرابطين و الأولياء الصالحين المحليين. و في نظر محمد أركون أن انتصار الاتجاه الصوفي بعد القرن 13 ارتبط بانهيار الحضارة العربية الإسلامية و ولوج مرحلة الانحطاط. و مادام الغرب تعرف على الإسلام المرابطي, لذا كون صورة سلبية عن الدين الإسلامي, و بالتالي فليس من الغريب أن يتهم الإسلام و المسلمين و العقلية الإسلامية بالتواكل و الكسل و الجمود و الاستسلام لما هو مكتوب. و كل تلك التفسيرات و سوء التفاهمات لازالت تغدي حتى اليوم المتخيل الغربي عن الإسلام, أي التصور الخيالي عن الإسلام. و قد ركز محمد أركون على ظاهرة اعتبر من الضروري دراستها و هي فشل الفكر العلمي و السلطات السياسية في فهم الحركات الدينية و في السيطرة عليها و تخصيص حيز ملائم لتمكينها من التعبير عن نفسها حتى لا تخرج عن الخط و تحدث الأضرار.

90- حول النموذج القومي المستعار من أوروبا

يرى محمد أركون أن بروز النموذج القومي في العالم الإسلامي العربي أدى إلى تحويل مجموعة من الإشارات التي ظلت شغالة في الوعي الجماعي.
لقد استعارت البلدان الإسلامية و العربية النموذج القومي من القوميات الأوروبية. و تم إقامة في كل بلد دولة غداة الاستقلال. و أصبح عليها تحمل مسؤولية البلاد و مواجهة المشاكل الموروثة و التصدي للتحديات التاريخية سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا.
و رغم التباينات الكبيرة بين دول العالم الإسلامي و العربي يمكن, في نظر محمد أركون, اعتبار بعض معايير للتمييز بينها, إذ يمكن التمييز بين الدول التي عرفت استعمارا سكانيا أو الوصاية السياسية أو المحافظة على الاستقلال النسبي. من بين الأولى هناك المغرب و الجزائر و تونس, و من بين الثانية هناك إيران و العراق و اليمن و من بين الثالثة هناك تركيا و الجزيرة العربية.
و هناك حدث بارز و ظاهرة تاريخية أثرت بشكل أو بآخر على قيام النموذج القومي بعد الاستقلال, و هي القضاء العنيف و المفاجئ على الدولة الخليفية بعد دخول المغول إلى بغداد. و رغم أن العثمانيين حاولوا إعادة بعث الخلافة بصفتها سلطة مركزية تمارس دورها على كل أرجاء دار الإسلام, إلا أنهم لم يستعيدوا لقب الخليفة و لا لقب الإمام و إنما استعملوا لقب السلطان. آنذاك كانت الأمة كيان ذو جوهر ديني يرتبط أعضاؤها بواسطة الأخوة الروحية. علما أنه من الناحية العرقية الثقافية و السوسيولوجية كانت الإمبراطورية تشمل مناطق متنوعة و مختلفة. و هذا ما سيبدو بجلاء بعد ذلك من جراء التركيبة المجتمعية و التعددية على الصعيد العرقي الثقافي و الطائفية الدينية. علما أنه من المفروض- حسب الخطاب القومي العربي- أن مثل هذه الوضعية لا ينبغي أن توجد (مذهب واحد, حزب واحد…), و هذا ما أدى إلى عدم الاعتراف بالواقع الفعلي. و قد دفع العالم العربي على الخصوص ثمنا باهضا على هذا الخطأ التاريخي و المغالطات المحتقرة للمكونات الحقيقة للمجتمعات العربية.
و زاد الطين بلة غياب المرجعية المؤسساتية لماض إسلامي ألغي منذ زمن طويل و انجذاب الدول العربية و الإسلامية لنماذج القومية للدول الأوروبية. فقد تم إقامة دولا قومية في ظل فراغ مؤسساتي مرتبط بتاريخ الخلافة أو الأمارة و دون الأخذ بعين الاعتبار آمال و طموحات الفئات العرقية-الثقافية التي ظلت مهمشة من طرف أصحاب القرار.

-10- التفكير في اللامفكر فيه

لقد دعا محمد أركون إلى التفكير في اللامفكر فيه لدراسة ما تم و يتم إغفاله أو تغييبه لأسباب سياسية بالأساس, و يلح في هذا الصدد على استخدام الأنثروبولوجيا كعلم يعطي المفاتيح اللازمة و المناسبة لاكتشاف الثقافات الأخرى و المذاهب المختلفة و الاهتمام بها. إلا أن هذا العلم لا يطبق عند المسلمين. و ما دام الأمر كذلك سيبقى التفكير يصاحبه دائما ما لا يمكن التفكير فيه, يتم العرض عنه و تجاهله و عزله و الانقطاع عن الاهتمام به.
و حسب محمد أركون فان الدراسة العلمية بالتأكيد أنها تخلق جو الهدوء و جو الاعتراف بالآخر و احترامه, لا جو مصادمته. فإذا اكتفى المسلمون بسطح المعنى و سطح الخطاب, فإنهم سيظلون متشبثين بفهم يلغي التاريخ, و بذلك يبتعدون عن الواقع التاريخي إذا هم ظلوا متشبثين بالنصوص دون ربط وظائفها بالضرورات التاريخية و الواقع التاريخي.
فحالة الفكر المنفتح كانت سمة الثقافة العربية الإسلامية أيام ازدهارها و قوتها, حيث كانت ثقافة منفتحة على الآخر ثقافيا و معرفيا, و تلقت منها شعوب أخرى مختلف المعارف الفكرية دون تخوف أو انغلاق أو تعصب, خلافا لما نشهده الآن من تعصب و خوف من الآخر و عدم احترامه, أي الخوف المعرفي منه.
و زادت الوضعية صعوبة مع انتشار الثقافة الشعوبية, و في ستينات و سبعينات و ثمانينات القرن الماضي زادت الوضعية سوءا في المجتمعات العربية ما دامت حكوماتها لو توفق في تدبير شؤون بلدانها مما ساهم في سيادة حالة من الجهل و التعصب و العنف الاجتماعي و السياسي. و هكذا اتسع مجال اللامفكر فيه في مرحلة نتبنى فيها الحداثة المادية و لا نتبنى في نفس الوقت الحداثة الفكرية و الفجوة لا تزال تتعمق بين الحداثتين.
إدريس ولد القابلة.
المغرب




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
ادارة المتوسطات والأساتذة والأولياء

كفاءات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي

كفاءات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي

كفاءات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي:
تنقسم كفايات المعلم إلى كفايات علمية و مهنية و أخلاقية و جسدية
1. الكفاءات العلمية:

و يقصد بها إلمام المعلم بتخصصه العلمي و مادته التدريسية، فاهما لمعانيه، ليس مدعيا لذلك بل متحققا من ذلك، فإذا تم له الإلمام بمادته حيث محتواها من تفاصيل و فروع، مستوعبا لها متفهما لأمورها، يمكنه ممارسة مهنة التعليم.و يشير ابن جماعة لضرورة تنمية الكفاءة العلمية أثناء الخدمة، فينصح المعلم ” بدوام الحرص على الازدياد بملازمية الجهد و الاجتهاد و لاشتغال قراءة و إقراء و مطالعة و تعليقا و حفظا و بحثا و لا يضيع شيئا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم إلا بقدر الضرورة “.و لم يكتف المفكرون بذلك يل طالبوا المعلم ان يكون ذا ثقافة واسعة في غير تخصصه ايضا و ربما كانت هذه شائعة في العصور الإسلامية الأولى حيث كانت الموسوعية سمة العلماء و المفكرين ، فينصح ابن جماعة بالمعلم لأن يكون مبدعا في فن من الفنون ليخرج من عداوة الجهل.
و أن يكون غزير المادة العلمية ، يعرف ما يعلمه أتم معرفة و أعمقها و على المعلم ألا ينقطع عن التعليم و أن يداوم على البحث و الدراسة و تحصيل المعرفة دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد و الاجتهاد و الاشتغال قراءة و إقراء و مطالعة و تعليقا و حفظا و تصنيفا و بحثا و لا يضيع شيئا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم إلا بقدر الضرورة
و يستدل ابن جماعة بقول سعد بن جبير (( لا يزال الرجل عالما ما تعلم ، فإذا ترك التعليم و استغنى ، و اكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون ))
يقول بعض العرب في إنشادهم:
و ليس العمى طول السؤال و إنما تمام العمى طول السكوت على الجهل
فالمعلم إذا شاء أن ينجح في تعليمه فلا مفر له على أن يقبل على الاستزادة من العلم بمادته و تخصصه و لتكن همته في طلب العلم عالية و عليه أن يبادر أوقات عمره إلى التحصيل و لا يغتر بخدع التسويف و التأمل.
2. الكفاءة المهنية:
و يقصد بها مهارات التدريس التي يجب توافرها في المعلم لكي يستطيع أن يؤدي عمله على أكمل وجه لتحقيق أهدافه التربوية. و من هذه المهارات
(أ) استثارة الدافعية عند التلاميذ و وجودها عنده، فالمفكرون التربويون ينصحون المعلم بأن يثير دافعية المتعلم و أن يرغيه في العلم في أكثر الأوقات بذكر ما أعد الله للعلماء من منازل الكرامات و أنهم ورثة الأنبياء و على منابر من نور يغبطهم الأنبياء و الشهداء، و يحبذ الزرنوجي أن تكون الدافعية نابعة من المتعلم بنفسه” فينبغي للمتعلم أن يبعث نفسه على التحصيل ” و يقول : “و كفى بلذة العلم و الفقه و الفهم داعيا و باعثا للعاقل على تحصيل العلم”
(ب)مراعاة الفروق المهنية: فلا ينبغي للمعلم أن يشرك الطالب عالي التحصيل مع متدني التحصيل و ذلك لاختلاف قدرة كل منهما، ففي ذلك عدم إنصاف
و يؤكد الغزالي بقوله بضرورة ” ضرورة مخاطبتهم على قدر عقولهم”.
(ج) طريقة التدريس: حيث أشار المفكرون لأهمية طريقة التدريس للمعلم بأن لا ينقلهم من علم إلى علم حتى يحكموه فإن ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم.
و يؤكد ابن جماعة على المعلم أن يقرب المعنى للتلاميذ و يحتسب إعادة الشرح و تكراره و يبدأ بتصوير المسائل و توضيحها بالأمثلة، و ما ورد في مجامع العرب بأن العلم هو ( ما حوته الصدور لا ما طوته السطور) مع عدم الحفظ الصم دون وعي و إجادة.
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا و غابت عنك أشياء
و من طرق التعليم التي استخدمها المعلمون المسلمون أمثال ابن سينا هو التعليم التعاوني فيقول ” إن الصبي عن الصبي ألقن و هو عنه أخذ به و آنس”
(د)إدارة الصف: و هي مهارة يجب أن يتمتع بها المدرس حني يستطيع تحقيق أهدافه في أحسن جو و أن يصون مجالس درسه في الغوغاء و اللغط و سوء الأدب و أن يعامل طلابه بأدب، فهذا ابن سحنون يروي عن الرسول صلى الله عليه و سلم بأنه قال: ” أريما مؤدب ولى ثلاثة صبية من هذه الأمة و لم يعاملهم بالسوية فقيرهم و غنيهم حشر يوم القيامة مع الخائنين”
(هـ) الثواب و العقاب: و هناك مسألة خلافية كبيرة بين مفكرين العصر و مفكرين الثقافة الإسلامية حيث أن الإسلاميين وضعوا ضوابط للعقاب حتى لا يساء استخدامه من قبل المعلم و أن لا يلجأ للعقوبة البدنية إلا عند الضرورة القصوى و يجب أن لا يكثر من استخدامها حتى لا تكون روتينا عند التلاميذ فتفقد أهميتها، و أن يكون مؤدبا في عقابه رحيما.
و قد وضح الإسلام العلاقة بين المعلم و المتعلم في ضوء الفكر التربوي الإسلامي، فقد أخذ القابسي بالقاعدة التي تقول:” إن الله ليملي للظالم حتى يأخذه أخذ عزيز مقتدر، فالعفو أسبق من العقاب، و الصبر مقدمة الحساب.
فأمر المعلمين بالرفق مع الصبيان و إن كان العفو مع الذنبين من الكبار واردا، فهو مع الصبيان واجب لصغر سنهم و طيش أعمارهم وضيق حلومهم و قلة مداركهم.
فالمعـلم ينزل من الصبيان منزلة الوالد، فهو المأخوذ بآدابهم و القـائم على زجرهم و هو الذي يوجههم إلى ما منه مصلحة أنفسهم وهذا التوجيه يحتاج إلى سياسة و رياضة حتى يصل المعلم بالطفل مع الزمن إلى معرفة الخير و الشر.
3. الكفاءات الأخلاقية: و من الكفايات الأخلاقية التي يجب توافرها في المعلم المسلم:
( أ )القدوة يقول الشاعر
لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيما
يجب أن يكون المعلم قدوة حسنة لتلاميذه في تعليمه للأخلاق، فالمعلم في فكر التربوي الإسلامي بإشراط الغزالي على المعلم أن يعمل بعلمه و استشهد بقوله تعالى:
” أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم “
و يشير ابن جماعة إلى أثر القدوة الحسنة بقوله ” و يسلك – أي التلميذ – في الهدي مسلكه – أي مسلك العلم – و يراعي في العلم و الدين عاداته و عبادته و يتأدب بآدابه و لا يدع الإقتداء به”
و لقد حرص الغزالي على أن يبين أن التمسك بالمبادئ و العمل على تحقيقها يجب أن يكونا من صفات المعلم المثالي، فنصح المعلم بأن لا ينادي بمبدأ و يأتي أفعالا تتناقض مع هذا المبدأ و لا يرتضي المعلم لنفسه من الأعمال ما ينهى عنه تلاميذه، و إلا فالمعلم يفقد هيبته و يصبح مثارا للسخرية و الاحتقار فيفقد بذلك قدرته عل قيادة تلاميذه و يصبح عاجزا على توجيههم و إرشادهم.
يقول الغزالي: “مثل المرشد من المسترشدين مثل النفس من الطين بما لا نقش فيه و متي يستوي الظل و العود أعوج ؟؟ “
(ب) الزهد و التواضع
و يتمثل ذلك في أن يقتصد المعلم في ملبسه و مطعمه و مسكنه و حدها ابن جماعة بأن يكون ( من غير ضرر على نفسه و عياله).
فالتواضع من صفة العلماء و أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن يعلمه سواء كان دونه منصبا أو نسبا أو سنا.
(ج) الوقار و الهيبة
ينصح ابن جماعة المعلم بأن يتجنب مواضع التهم و إن بعدت و لا يفعل شيئا يتضمن نقص مروءته أو ما يستنكر ظاهرا و إن كان جائزا باطنا فإنه يعرض نفسه للتهمة و عرضة للوقيعة.
و أن لا يضحك مع الصبيان و لا يباسطهم لئلا يفضي ذلك إلى زوال حرمته عندهم، كذلك ف، مشية المعلم يجب أن تكون مشية العلماء و أن ينزه نفسه عن المهن الوضيعة و أن يصطحب الوقار و الهيبة مع إخلاصه في العمل ليكون رزقه حلالا.
و يظهر ذلك جليا في أفكار المسلمين الأوائل فعند أخوان الصفا المعلم له شروط و صفات أوجزها في ( الزهد في الدنيا و قلة الرغبة في ملاذها مع التهيؤ الفعلي في العلوم و الصنائع، صارفا عنايته كلها إلى تطهير نفسه قادرا على تحمل كافة المشاق من أجل العلم و أن يكون مشتملا برداء الحلم، حسن العبادة أخلاقه رضية، و آدابه ملكية، معتدل الخلقة، صافي الذهن خاشع القلب)
4. الكفاءات الجسدية:
يهتم الفكر التربوي الإسلامي اهتماما بالغا في الجانب الجسدي عند المعلم فيصف القلقشندي المعلم بأنه” حسن القد، واضح الجبين، واسع الجبهة ”
و يبدوا أن ابن جماعة كان أكثر موضوعية كان أكثر موضوعية حيث وصف المعلم أن يكون دائما بالمظهر المناسب من حيث نظافته ونظافة ثيابه و تطيبه لإزالة كريه الرائحة ، فالمدرس إذا عزم على مجلس التدريس تطهر من الخبث و تنظف و تطيب ولبس أحسن ثيابه اللائقة به بين أهل زمانه قاصدا بذلك تعظيم العلم
و يبدو أن ذلك مستوحى من اهتمام الدين الإسلامي بالصحة و النظافة بشكل عام فالوضوء و الاغتسال و أخذ الزينة عند كل مسجد مظاهر تأثر بها المفكرون في التربية الإسلامية و حرصوا عليها لأن النظافة من الإيمان.
فقد قال ابن جماعة مختصرا المعلم بأنه:” هو الذي كملت أهليته و كان أحسن تعلما – أي كفايته العلمية- و أجود تفهما – أي الكفاية المهنية – و ظهرت مروءته و عرفت عفته – أي الكفاية الأخلاقية-
و لعلنا مما سبق عرضه لاحظنا بأن النظريات العلمية و الإنسانية الحديثة قد ظهرت عند علماء التربية العرب و المسلمين منذ مئات السنين حيث ظهرت إسهاماتهم جلية بعيدة عن اجتهاد الجهال و نزوات المخلفين، بل بذلوا عصارة فكرهم في بيان أصول التربية و فلسفتها و طرق تدريسها فظهرت عدة خلاصات و إيضاحات منها:
1. النظرة الخاطئة نحو التعليم كوسيلة ارتزاق حيث بين الإسلام أهمية هذه المهنة و وظيفتها.

2. بيان أهمية مهنة التعليم في الإسلام بعد أن تحقرت عند المجتمعات كمهنة إنشاءات و خطابات.
3. توضيح العلاقة بين الكم و الكيف في إعداد المعلم في ظل الفكر التربوي الإسلامي

لكاتبه د/راضي فوزي حنفي

جلبته لفائدته كما أرى فأرجو أنْ يُحضى بالإطلاع .




التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية أداب و فلسفة الجزء الثالث

تعليمية تعليمية
تعليمية

أهل حبايبنا نعتذر على هذه الإطالة

من دون نبطئ عليكم

هاهو الجزء الثالث من درس " إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع " وبالضبط " مشكلة انطباق الفكر مع نفسه "

سوف نتحدث عن مبادئ العقل التي اكتشفها الفيلسوف أرسطو منذ العصر القديم

نتمنى أن تأخذوا هذا الدرس بعين الاعتبار

قراءة مفيدة تجدونها في المرفقات
مع تحيات الأستاذة عيسى فاطمة

تعليمية تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


بارك الله فيك و جزاك خيرا على الجلب القيم


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


شكرا كثيرا كنت محتاجة لها جزاكي الله خيرا


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


جزاك الله كل خير


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


* تميــز +-+ تالــق +-+ ابــداع *

مواضيعك في غاية الروعة ننتظر المزيد يا استاذتي فاطمة الغالية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


مشكوووووووووووووووووووووو ووووووووور


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثالث.rar‏ (173.9 كيلوبايت, المشاهدات 378)


التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية فلسفة

تعليمية
تعليمية

تعليمية


الموضوع : إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع

تعليمية

للاطلاع على الدرس كاملا قم بتحميله

من المرفقات

كلمة فك الضغط : www.forum.educ40.net

تعليمية
بالتوفيق ان شاء الله للجميع

لاي سؤال واستفسار حول الموضوع انا جاهزة ان شاء الله

للمزيد من مواضيع مادة الفلسفة للسنة الثانية ثانوي إضغط هنا
مع خالص تحيات الاستاذة فاطمة عيسى

تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


جزاك الله خيرا
موضوع قيم ان شاء الله


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك موضوعقيم ومفيد يا استاذة

تستحقين احلى تقيم على مجهوداتك في هذا المجال شكرا لك

ان شاء الله يستفيد الجميع من هذا الدرس


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


بارك الله فيكم على هذا التشجيع أختي نانو

ربي يبارك في مجهوداتك لهذا المنتى الطيب

أختك فاطمة عيسى


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


بارك الله فيك استاذة على الطرح ماشاء الله عمل منظم ومميز مزيد من التالق والى الامام كلنا معك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


مشمووووووووووووووووورة أختي بارك الله فيك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


بارك الله فيك غاليتي عيسى فاطمة على الجلب الطيب .
تقبلي مروري و تحيتي .


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية ثانوي أداب وفلسفة.rar‏ (12.9 كيلوبايت, المشاهدات 368)


التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة

تعليمية تعليمية

[تعليمية

مقالة فلسفية مهمة لسنة ثانية أداب وفلسفة
تعليمية

نبذة عن المقال : مادته المعرفية ترجع إلى المجال التعليمي : " إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع " و بالضبط إلى المشكلة الأولى " انطباق الفكر مع نفسه " و بالضبط : إلى جل الانتقادات التي قدمت حول المنطق الأرسطي

عليكم طلبتنا الأعزاء العودة إلى الكتاب المدرسي وسوف تجدون كل التفاصيل التي كتبنا من خلالها مقالتنا هذه بالإضافة إلى مجموعة من المصادر و المراجع الخاصة بأرسطو ومن كتب عنه وعن منطقه و كل الانتقادات التي وردت في الفلسفة الغربية و كذلك في الفلسفة الإسلامية .

تعليمية

نص الموضوع : أبطل الأطروحة القائلة :" إن تطابق الفكر مع نفسه شرط كاف لعدم وقوعه في الخطأ "

الطريقة : استقصاء بالرفع


تجدون الحل النموذجي للمقال الفلسفي في المرفقات

نترككم مع هذه المتابعة الممتعة

مع تحيات الخالصة من الأستاذة عيسى فاطمة

تعليمية تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


بارك الله فيك موضوع مفيد ننتظر منك المزيد ليستفيد طلبتنا


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


شطراااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااا


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


الله يحفضك يا أستاذة من فضلك أبعثيلي بريدك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


الفلسفة رائعة أطلعينا أكثر يا أستاذة


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


طھط¹ظ„ظٹظ…ظٹط©


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar مقال فلسفي انطباق الفكر مع نفسه سنة ثانية آداب و فلسفة.rar‏ (13.0 كيلوبايت, المشاهدات 398)


التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

مقالة كيف ينطبق الفكر مع الواقع

اخواني اخواتي ارجو منكم ان تعطوني مقالة جدلية عن السؤال كيف ينطبق الفكر مع الواقع بليز
و تاني حاجة اريد مقالة عن دافع عن الاطروحة التالية استقصاء بالوضع
ان نشاة الفلسفة الاسلامية مرده العوامل الداخلية و جزاكم الله الف خير




ارجوكم احتاجه




مقالة جدلية

انطباق الفكر مع الواقع

الفرضية

نص الموضوع : هل يمكن الاستغناء عن الفرض العلمي؟
طرح المشكلة :
إن الغرض من التفكير العلمي هو دراسة للكشف عن القوانين التي تتحكم فيها هذه الدراسة تتطلب منهجا استقرائيا أو تجريبيا مستندا إلى خطوات ثلاث: هي الملاحظة والفرضية و التجربة أما بالنسبة للفرضية ( الفرض العلمي )هو شرح مؤقت وتيسير غير مؤكد وتكهن مبدئي لتفسير الظاهرة المدروسة وهو استنتاج عقلي يعتمد على الخيال والحدس و الإبداع وقد اختلف الفلاسفة و العلماء في أهمية وقيمة الفرض العلمي ، فهل للفرض دور في منهج التجريبي؟ آم يمكن استبعاده؟
محاولة حل المشكلة :
1 – عرض الأطروحة :
يرى التجريبيون انه لابد من استبعاد الفرض العلمي باعتباره انه يقوم على التكهن والظن و العلم اسمي من ذاك لذا كان نيوتن يقول لنا لا اصطنع الفروض ،كما أن الفرض يقوم على الخيال ولا يقوم على التجربة الحسية لذا كان ماجندي يقول : ***أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر ، والفرض يقيد الملاحظة ويصبح العالم أسيرا له ***، يقول ألان:*** إننا لا نلاحظ إلا ما افترضناه ويعتبر ماجندي أن الملاحظة الجيدة تكفي يقول أن الملاحظة الجيدة تغنينا عن سائر الفروض ، ولكل هذا وضع يكون بطرق الاستقراء ليستطيع العالم أن ينتقل مباشرة من الملاحظة والتجربة إلى القانون دون الحاجة إلى وضع الفروض*** ، وقد جاء جون ستيوارت ميل ونظم هذه الطرق و أخرجها على الشكل التالي : الطريقة الاتفاق أو التلاؤم مع الحضور ونصها : إن وجود العلة ستلزم وجود المعلول وطريقة ا الاختلاف أو التلازم في الغياب ونصها أن غياب العلة يستلزم غياب المعلول ثم طريقة التغير السلبي أو التلازم في التغير ونصها أن تغير العلة يستلزم تغير المعلول و أخيرا طريقة البواقي ونصها العلة الباقية للمعلول الباقي.

مناقشة: ينكر التجريبيون مبادرة العقل في إنشاء المعرفة العلمية لكن : الكشف العلمي يرجع إلى تأثير العقل و احتياجاته يقول بوانكاريه :*** إن الحوادث يتقدم إلى الفكر بدون رابطة إلى أن يجئ الفكر المبدع ، فكما كومة الحجارة ليست بيتا كذلك اجتماع الحقائق بدون ترتيب ليست علما فالجواهر موجودة ولكن تشكل عقدا ما لم يجيء احدهم بخيط ، كما أن الواقعة الخرساء ليست هي التي تهب الفكر بل العقل و الخيال ***، أما طرق الاستقراء فقد وجهت لها الكثير من الانتقادات لذا أعلن باشلار :*** إن البحث العلمي صحيح يتنافى مع هذه الطرق التي تعيده إلى عصر ما قبل العلم***.

2 – عرض نقيض الأطروحة :
يرى العقلانيون أن الفرض العلمي هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي فلولا الفروض لما استطاع العالم أن يجرب برنارد :*** إن الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود يد المجرب ولا تكفي مات تعطيه الملاحظة من أمور حسية ولكن البد من تدخل العقل يقول ابن الهيثم :*** إني لا أصل إلى الحق إلا من آراء تكون عناصرها أمور حسية وصورتها عقلية***.
3 – التركيب : إذن لا يجب التقليل من الفرض العلمي فبدونه لا يقوم أي نشاط عقلي فالتجريب بدون فرض مسبق يؤدي إلى المخاطرة والملاحظة بدون تجريب مسبقة تقيد عملنا،ولكي يؤدي الفرض العلمي في المنهج التجريبي يجب أن يستوفي الشروط التالية يجب أن يعتمد على الملاحظة والتجربة العلميتين كما يجب أن يكون قابلا للتحقيق بالتجربة وان يكون خاليا من التناقض وان لا يتعارض مع حقائق ثابتة أكدها العلم يقول برنارد :*** إن الذين أدانوا استخدام الفروض أخطئوا بخلطهم بين اختراع التجربة وعاينت نتائجها … فمن الصواب أن يقول أن يجب علينا معاينة التجربة بروح مجردة من الفروض ،ولكن لابد من الفرض عندما يتعلق الأمر بتأسيس التجربة بل على العكس هنا لابد أن نترك العنان لخيالنا.
حل المشكلة :
إذن يبقي الفرض العلمي هو المسعى الأساسي الذي يعطي المعرفة العلمية خصبها سواء ثبت صحته أو لم تثبت لان الفرض الخاطئ سيساعد على توجيه الذهن إلى فرض خاطئ وهكذا حتى نصل إلى الفرض الصحيح.




شكرا لكني اريد كيف ينطبق الفكر مع الواقع هل من خلال المنهج التجريبي او من خلال انطباقه مع نفسه اولا




بلييييييييييز احتاجه غدا




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
مادة الفلسفة 2 ثانوي : باشراف الاستاذة أم يحيى

إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع سنة ثانية فلسفة الجزء الثاني

تعليمية تعليمية
تعليمية

أعزائي الطلبة نعتذر عن غيبتنا عليكم

استمرارا لسلسة تقديمنا لدروس الملخصة لكم هاهو الجزء الثاني من درس " إشكالية الفكر ما بين المبدأ والواقع" و بالضبط دائما في نفس المشكلة " انطباق الفكر مع نفسه "

وكالعادة تجدون الدرس مكتوبا برونقة جميلة في المرفقات سوف تستمتعون بها لا محالة تفضلوا من دون تأخر

تعليمية تعليمية

تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


بارك الله فيك استاذة على كل ما تقومين به من مجهودات من اجل ابنائنا

نسال الله ان يجعله في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


شكرا لكم أستاذ عبدو على مروركم بموضوعنا

الأستاذة عيسى فاطمة


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


شكرا

على هذا الطرح القيم



الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


شكرا شكرا شكرا على الموضوع الرائع


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


جزاك الله خيرا ونفع بك.


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar إشكالية الفكر ما بين المبدأ و الواقع سنة ثانية آداب وفلسفة الجزء الثاني.rar‏ (351.4 كيلوبايت, المشاهدات 691)


التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

اللغة و الفكر مقالة فلسفية بطريقة الوضع سنةثالثة ثانوي آداب وفلسفة ، لغات أجنبية

تعليمية
تعليمية

تعليمية


الموضوع : اللغة و الفكر مقالة بطريقة الوضع

تعليمية

أثبت بالبرهان صدق القول :” إن اللغة جسم الفكر.”

للاطلاع على المقالة كاملة قم بتحميلها

من هنا

او

من المرفقات

كلمة فك الضغط : www.forum.educ40.net

تعليمية
بالتوفيق ان شاء الله للجميع

لاي سؤال واستفسار حول الموضوع انا جاهزة ان شاء الله

للمزيد من مواضيع مادة الفلسفة للسنة الثانية ثانوي اضغط هنا

مع خالص تحيات الاستاذة فاطمة عيسى

تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar اللغة و الفكر بطريقة الوضع سنة ثانية ثانوي.rar‏ (4.5 كيلوبايت, المشاهدات 1037)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لك ونحن معكم ان شاء الله وجاري تصيص الاقسام المخصصة لذلك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar اللغة و الفكر بطريقة الوضع سنة ثانية ثانوي.rar‏ (4.5 كيلوبايت, المشاهدات 1037)


بارك الله فيك على الجلب الطيب


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar اللغة و الفكر بطريقة الوضع سنة ثانية ثانوي.rar‏ (4.5 كيلوبايت, المشاهدات 1037)


بارك الله فيك على الجلب الطيب .
تقبلي مروري و تحيتي .


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar اللغة و الفكر بطريقة الوضع سنة ثانية ثانوي.rar‏ (4.5 كيلوبايت, المشاهدات 1037)


بارك الله فيك


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar اللغة و الفكر بطريقة الوضع سنة ثانية ثانوي.rar‏ (4.5 كيلوبايت, المشاهدات 1037)


التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

مقالة هل الفلسفة الحديتة تجاوزت الفكر سابق سنة ثالثة ثانوي

هل الفلسفة الحديتة تجاوزت الفكر سابق

تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


ان شاء الله تجد المساعدة من طرف اساتذة القسم

بالتوفيق والسداد


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


نعم انشاء الله


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


هذه المقالة جواب عن سؤالك والجدل كما طلبتأتمنى أن تستفيد منها .

حمل من هنا تعليمية الفلسفة الحديثة.rar (8.3 كيلوبايت)

أو من المرفقات .


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


شكرا جزيلا لك استاذتنا الفاضلة.


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


بارك الله فيكم وجعلها الله في ميزان حسناتكم يارب


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه


الملفات المرفقة
نوع الملف: rar الفلسفة الحديثة.rar‏ (8.3 كيلوبايت, المشاهدات 121)


التصنيفات
مادة الفلسفة 3 ثانوي : باشراف الاساتذة أم يحيى

مقالة حول اللغة و الفكر – كاملة

هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
طرح المشكلة : لقد شغلت العلاقة بين اللغة والفكر بال فلاسفة اللغة وعلمائها ؛ فاعتقد البعض منهم أن هناك تطابق مطلق بينهما ، ولاوجود لأفكارٍ لا تستطيع اللغة التعبير عنها ، واعتقد آخرون أن هناك انفصال بين اللغة والفكر ، مما يلزم عنه إمكان تواجد أفكار تعجز اللغة عن التعبير عنها وتوصيلها للغير ، فهل فعلا يمكن أن يكون هناك فكارا بدون لغة ؟ بمعنى آخر : هل يمكن ان توجد افكار خارج حدود اللغة ؟
محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الاطروحة : يرى بعض المفكرين من أنصار الاتجاه الثنائي ، أنه لا يوجد تطابق وتناسب بين عالم الافكار وعالم الالفاظ ، فالفكر اسبق من اللغة واوسع منها ، وأن ما يملكه الفرد من افكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من الفاظ وكلمات ، مما يعني انه يمكن أن تتواجد افكار خارج إطار اللغة . ويدافع عن هذه الوجهة من النظر الفلاسفة الحدسانيون أمثال الفرنسي " هنري برغسون " والرمزيون من الادباء والفنانين ، وكذا الصوفية الذين يسمون أنفسهم أهل الباطن والحقائق الكبرى .
1-ب- الحجة : وما يؤكد ذلك ، أن الانسان كثيرا ما يدرك كماً زاخراً من المعاني والافكار تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد الا الفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه المعاني والافكار. كما قد يفهم أمرا من الامور ويكوّن عنه صورة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في فكره من افكار عجز عن ذلك . كما قد يحصل أننا نتوقف – لحظات – أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمات مناسبة لمعنى معين ، أو نقوم بتشطيب أو تمزيق ما نكتبه ثم نعيد صياغته من جديد … و في هذا المعنى يقول " برغسون " : « إننا نملك افكارا اكثر مما نملك اصواتا » .
ثــم إن الالفاظ وُضعت – أصلا – للتعبير عما تواضع واصطلح عليه الناس بغية التواصل وتبادل المنافع ، فهي إذن لا تعبر الا على ما تواضع عليه الناس واصطلحوا عليه ( أي مايعرف بالناحية الاجتماعية للفكر ) ، وتبقى داخل كل إنسان جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك فاللغة عاجزة عن نقل ما نشعر به للاخرين ، يقول " فاليري " : « أجمل الافكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها ». ولهذا تـمّ ابتكار وسائل تعبير بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقى ..
وفضلا عن ذلك ، فإن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر ، أشبه بالسيل الجارف لا يعرف الانسقام او التجزئة ، وهو نابض بالحياة والروح أي " ديمومة " ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الاصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل ان يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل : « الالفاظ قبور المعاني » .
1-جـ- النقد :لكن القول ان الفكر اوسع من اللغة واسبق منها ليس الا مجرد افتراض وهمي ، فإذا كنا ندرك معانٍ ثم نبحث لها عن ألفاظ ما يبرر اسبقية الفكر على اللغة ، فإن العكس قد يحدث أيضا حيث نردد الفاظ دون حصول معانٍ تقابلها وهو ما يعرف في علم النفس بـ " الببغائية " أفلا يعني ذلك أن اللغة اسبق من الفكر ؟ وحتى لو سلمنا – جدلا – بوجود اسبقية الفكر على اللغة فإنها مجرد اسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالانسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ واحد . والواقع يبين ان التفكير يستحيل ان يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن ان تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الافكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية ؟ ثم لو كانت اللغة عاجزة على التعبير عن جميع افكارنا فالعيب قد لا يكون في اللغة ، بل في مستعملها الذي قد يكون فاقد لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن افكاره .
2-أ- نقيض الاطروحة : يعتقد معظم فلاسفة اللغة وعلمائها من انصار الاتجاه الاحادي ، أن هناك تناسب بين الفكر واللغة ، وعليه فعالم الافكار يتطابق مع عالم الالفاظ ، أي ان معاني الافكارتتطابق مع دلالة الالفاظ ، ولا وجود لأفكار خارج اطار اللغة ، والى ذلك يذهب الفليسوف الفرنسي " ديكارت " والالماني " هيجل " والمفكر الانجليزي " هاملتون " وعالم النفس الامريكي " واطسن " ، الذين يؤكدون جميعهم أن بين اللغة والفكر اتصال ووحدة عضوية وهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، باعتبار « ان الفكر لغة صامتة واللغة فكر ناطق . »
2-ب- الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الملاحظة المتأملة وعلم النفس يؤكدان أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أي افكار ، ويبدأ في اكتسابها بالموازاة مع تعلمه اللغة ، أي أنه يتعلم التفكير في نفس الوقت الذي يتعلم فيه اللغة . وعندما يصل الفرد الى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي يتقنها ، فالافكار لا ترد الى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها ، » فـ« مهما كانت الافكار التي تجيئ الى فكر الانسان ، فإنها لا تستطيع ان تنشأ وتوجد الا على مادة اللغة » . وأنه حسب " هيجل " أي محاولة للتفكير بدون لغة هي محاولة عديمة الجدوى ، فاللغة هي التي تعطي للفكر وجده الاسمى والاصح .
ثـم إننا لا نعرف حصول فكرة جديدة في ذهن صاحبها الا اذا تميزت عن الافكار السابقة ، ولا يوجد ما يمايزها الا علامة لغوية منطوقة أو مكتوبة .
كما ان الافكار تبقى عديمة المعنى في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل الى ذلك الا الفاظ اللغة التي تدرك ادراكا حسيا ، فاللغة – إذن – هي التي تبرز الفكر من حيز الكتمان الى حيز التصريح ، ولولاها لبقي كامنا عدما ، لذلك قيل : « الكلمة لباس المعنى ولولاها لبقي مجهولا . »
والنتيجة ان العلاقة بين اللغة والفكر بمثابة العلاقة بين الروح بالجسد ، الامر الذي جعل " هاملتون " يقول : « إن الالفاظ حصون المعاني . »
2-جـ- النقد : لكن ورغم ذلك ، فإنه لا وجود لتطابق مطلق بين الفكر واللغة ، بدليل ان القدرة على الفهم تتفاوت مع القدرة على التبليغ ، من ذلك مثلا أنه اذا خاطبنا شخص بلغة لا نتقنها فإننا نفهم الكثير مما يقول ، لكننا نعجز عن مخاطبته بالمقدار الذي فهمناه ، كما أن الادباء – مثلا – رغم امتلاكهم لثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ .
3- التركيب : في الحقيقة أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة ذات تاثير متبادل ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به ، لكن ورغم ذلك فإنه لا وجود لأفكار لا تستطيع اللغة أن تعبر عنها ، كما أنه – في نفس الوقت – لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة او معنى .
حل المشكلة : وهكذا يتضخ انه لا يمكن للفكر ان يتواجد دون لغة ولا لغة دون فكر ، على الاعتبار ان الانسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره ، وهذا يعني في النهاية أنه يستحيل تصور وجود افكار خارج اطار اللغة .




جزاكم الله خير ونفع بكم وجعلكم من اهل الجنة

ان شاء الله يستفيد الجميع من هذا الموضوع

ننتظر منكم المزيد

اختك هناء




حفظكم الله وسدد خطاكم

سعيد بمرورك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خير الجزاء

موضوع قيم ومفيد




الله يعطيك الصحة بصح عندي طالب بما يخص مقالة حولة النسيان والتخيل




بارك الله فيك و في جهودك اخي الغالي
تحياتي لك