التصنيفات
القران الكريم

القول الحسن ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ للشيخ عبد الحميد بن

تعليمية تعليمية

القول الحسن ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ للشيخ عبد الحميد بن باديس

القول الحسن
﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء : 53]
اللسان أداة البيان ، وترجمان القلب والوجدان ، والكلام به يتعارف الناس ويتقاربون ، وبه يتحاجون ويتفاوضون ، ولولاه لما ظهرت ثمرات العقول والمدارك ، ولما تلاقحت الأفكار والمشاعر ، ولما تزايدت العلوم والمعارف ، ولما ترقى الإنسان في درجات أنواع الكمالات ، ولما امتاز على بقية الحيوانات.
فهو رابطة أفراد النوع الإنساني وعشائره وأممه ، وبريد عقله وواسطة تفاهمه . فإذا حسن قويت روابط الألفة ، وتمكّنت أسباب المحبة ، وامتد رواق السلام بين الأفراد والعشائر والأمم ، وتقاربت العقول والقلوب بالتفاهم ، وتشابكت الأيدي على التعاون والتوازر، و جنى العَالَمُ من وراء ذلك تقرر الأمن واطرد العمران . وإذا قبح كان الحال على ضدّ ذلك .
فالكلام السيئ قاطع لأواصر الأخوة ، باعث على البغضاء والنفرة، يبعد بين العقول فتحرم الاسترشاد والاستمداد و التعاون، وبين القلوب فتفقد عواطف المحبة وحنان الرحمة ، وهما أشرف ما تتحلى به القلوب، وإذا بطلت الرحمة والمحبة بطلت الألفة والتعاون ، وحلت القساوة والعداوة، وتبعهما التخاصم والتقاتل ، وفي ذلك كلّ الشرّ لأبناء البشر.
فالمحصل للناس سعادتهم وسلامتهم ، والمبعد لهم عن شقاوتهم وهلاكهم هو القول الحسن ، ولهذا أمر الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن يرشد العباد إلى قول التي أحسن فقال تعالى : ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
والعباد المأمورون هنا هم المؤمنون ، لوجهين : الأول أنهم أضيفوا إليه ، وهذه إضافة شرف لا تكون إلا للمؤمنين به . الثاني : أن الذين يخاطبون بهذا الإرشاد ، ويكون منهم الامتثال إنما هم من حصلوا على أصل الإيمان.
والتي هي أحسن : هي الكلمة الطيبة ، والمقالة التي هي أحسن من غيرها ، فيعم ذلك ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس حتى ينادي بعضهم بعضا بأحبّ الأسماء إليه ، وما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات وأقربها للفهم ، حتى لا يحدث الناس بما لا يفهمون فيكون عليهم حديثه فتنة وبلاء ، وما يكون من الكلام في مقام التنازع والخصام فيقتصر على ما يوصله إلى حقه في حدود الموضع المتنازع فيه ، دون إذاية لخصمه ، ولا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به ، وما يكون من باب إقامة الحجة وعرض الأدلّة فيسوقها بأجلى عبارة وأوقعها في النفس ، خالية من السّبّ والقدح ، ومن الغمز والتعريض ، ومن أدنى تلميح إلى شيء قبيح.

وهذا يطالب به المؤمنون سواء كان ذلك فيما بينهم أو بينهم وبين غيرهم ، وقد جاء في الصحيح أنّ رهطا من اليهود دخلوا على النبي – صلى الله عليه وآله سلّم – فقالوا : السام عليكم ، ففهمتها عائشة -رضي الله عنها -، فقالت : وعليكم السام واللعنة . فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : مهلا يا عائشة ! إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه . فقالت : ألم تسمع ما قالوا ؟ فقال: قد قلت : وعليكم . فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم ، وهو قوله : وعليكم أحسن من الرد عليهم باللعنة . فقال – صلى الله عليه وسلم – القولة التي هي أحسن ، وهذا هو أدب الإسلام للمسلمين مع جميع الناس.
وأفاد قوله تعالى : (أحسن) بصيغة اسم التفضيل أن علينا أن نتخير في العبارات الحسنة ، فننتقي أحسنها في جميع ما تقدم من أنواع مواقع الكلام. فحاصل هذا التأديب الرباني هو اجتناب الكلام السيئ جملة ، والاقتصار على الحسن ، وانتقاء واختيار الأحسن من بين ذلك الحسن.
وهذا يستلزم استعمال العقل والروية عند كلّ كلمة تقال ولو كلمة واحدة ، فربّ كلمة واحدة أوقدت حربا ، وأهلكت شعبا ، أو شعوبا ، و ربّ كلمة واحدة أنزلت أمنا ، وأنقذت أمة أو أمما.
وقد بين لنا النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مكانة الكلمة الواحدة من الأثر في قوله : الكلمة الطيبة صدقة ، واتقوا النار ولو بكلمة طيّبة.
و هذا الأدب الإسلامي – وهو التروي عند القول ، واجتناب السيئ ، واختيار الأحسن- ضروري لسعادة العباد و هنائهم . وما كثرت الخلافات ، وتشعبت الخصومات ، وتنافرت المشارب ، وتباعدت المذاهب ، حتى صار المسلم عدوّ المسلم ، والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول : المسلم أخو المسلم ، إلا بتركهم هذا الأدب ، وتركهم للتروّي عند القول ، والتعمّد للسيئ بل للأسوإ في بعض الأحيان .
التحذير من كيد العدو الفتان
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً ﴾
نزغ الشيطان : وسوسته ليهيج الشر والفساد . وعداوته باعتقاده البغض ، وسعيه في جلب الشر والضر . وإبانته لعداوته بإعلانه لها كما علمنا القرآن.
وهو يلقي للإنسان كلمة الشر والسوء ، ويهيج غضبه ليقوله ، ويهيج السامع ليقول مثلها ، وهكذا حتى يشتدّ المراء ، ويقع الشر والفساد . ولون آخر من نزغه ، وهو أنه يحسن للمرء قول الكلمة التي يكون فيها احتمال سوء ، ويلح عليه في قولها ، ويبالغ في تحسين الوجه السالم منه ، وفي تهوين أمر وجهها القبيح – حتى يقولها ، فإذا قالها أعاد لسامعه بالنزغ يطمس عنه الوجه السالم منها ، ويكبر له الوجه القبيح ، ولا يزال به يثير نخوته ، ويهيج غضبه ، حتى يثور ، فيقع الشر والفساد بينه وبين صاحبه.
فحذر الله تعالى عباده من كيده حتى يحترسوا منه إذا تكلموا وإذا سمعوا ، فيتباعدون عما فيه احتمال السوء فضلا عن صريحه ، ويحملون الكلام على وجهه الحسن عند احتماله له ، ويتجاوزون عن سيئه الصريح ما أمكن التجاوز .
المحاسنة على الحال والظاهر والتفويض إلى الله في العواقب والسرائر
رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً [الإسراء : 54]
أقوى الأحوال مظنة لكلمة السوء هي حال المناظرة والمجادلة ، وأقرب ما تكون إلى ذلك إذا كان الجدال في أمر الدين والعقيدة . فما أكثر ما يضلل بعضٌ بعضا أو يفسقه أو يكفره فيكون ذلك سببا لزيادة شقة الخلاف اتساعا ، وتمسك كلٍّ برأيه ونفوره من قول خصمه ، دع ما يكون عن ذلك من البغض و الشر . فذكّر الله تعالى عباده بأنه هو العالم ببواطن خلقه وسرائرهم وعواقب أمرهم ، فيرحم من يشاء بحكمته وعدله ، فلا يقطع لأحد أنه من أهل النار لجهل العاقبة ، سواء كان من أهل الكفر ، أو من أهل الفسق ، أو من أهل الابتداع ، كما لا يقطع لأحد بالجنة كذلك ، إلا من جاء نصّ بهم .
فلا يقال للكافر عند دعوته أو مجادلته أنك من أهل النار ، ولكن تذكر الأدلة على بطلان الكفر وسوء عاقبته. ولا يقال للمبتدع : يا ضال ، وإنما تبين البدعة وقبحها . ولا يقال لمرتكب الكبيرة : يا فاسق ، ولكن يبين قبح تلك الكبيرة وضررها وعظم إثمها . فتقبح الرذائل في نفسها ، وتجتنب أشخاص مرتكبيها ، إذْ رُبَّ شخص هو اليوم من أهل الكفر والضلال تكون عاقبته إلى الخير والكمال ، وربّ شخص هو اليوم من أهل الإيمان ينقلب- والعياذ بالله- على عقبه في هاوية الوبال .
وخاطب الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – أنه لم يرسله وكيلا على الخلق ، حفيظا عليهم ، كفيلا بأعمالهم . فما عليه إلا تبليغ الدعوة ونصرة الحق بالحق ، والهداية والدلالة إلى دين الله وصراطه المستقيم . خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به من قول التي هي أحسن للموافق والمخالف فلا يحملنهم بغض الكفر والمعصية على السوء في القول لأهلهما ، فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلغه نبيهم – صلى الله عليه وآله وسلم – ولن يكون أحد أحرص منه على تبليغه ، فحسبهم أن يكونوا على سنته وهديه . أحيانا الله عليهما ، وأماتنا عليهما ، وحشرنا في زمرة أهلهما ، آمين .

مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير للشيخ عبد الحميد بن باديس ص/ 150-155 . ط1 . وزارة الشؤون الدينية بالجزائر . 1402هـ

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




جزاك الله كل خير على المجهود
تحياتي الخالصة




التصنيفات
اسلاميات عامة

صلاح التعليم أساس الاصلاح – الشيخ عبد الحميد بن باديس عليه رحمة الله

تعليمية تعليمية


تعليمية
تعليمية
لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم(١- لا يراد بالعلماء في عرف الشرع علماء الدنيا وظواهرها المادية والطبيعية ولا الخبراء في تكنولوجيا وجيولوجيا وأصحاب التقنينات العالية في الأبحاث الفضائية، ولا أهل الاختصاصات في الطب والجراحة من أهل العرفان والدراية، وهذه العلوم وإن كانت مطلوبة التحصيل شرعا ومأمور بتحقيقها في إعداد المسلمين وتقوية شوكتهم إلاّ أنّها ليست مطلوبة لذاتها باستثناء ما كان منها وسيلة إلى العلم الشرعي الذي تعينه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، فحملة العلم الشرعي هو ورثة الأنبياء ورثوا منهم العلم وانطبع على أعمالهم ويدعون الناس إليه، نالوا تلك المنزلة بالاجتهاد والصبر وكمال اليقين قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة ٢٤] وقد عبّر عنهم الإمام ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين: (١/٧) بقوله: <هم فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خصوا باستنباط الأحكام، وعنوا بضبط قواعد الحلال والحرام>)، فإنّما العلماء من الأمّة بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كلّه، وصلاح المسلمين إنّما هو بفقههم الإسلام وعملهم به، وإنّما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون، فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم.
ولن يصلح العلماء إلاّ إذا صلح تعليمهم، فالتعليم هو الذي يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته وما يستقبل من علمه لنفسه وغيره فإذا أردنا أن نصلح العلماء فلنصلح التعليم، ونعني بالتعليم التعليم الذي يكون به المسلم عالما من علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينهم ويقتدون به فيه.
ولن يصلح هذا التعليم إلاّ إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله وموضوعه في مادته وصورته فيما كان يعلم صلى الله عليه وآله وسلم وفي صورة تعليمه، فقد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلم أنّه قال: (إنّما بعثت معلما)(٢- ليس في صحيح مسلم رواية بهذا اللفظ وإنّما رواها به الدارمي في سننه: (١/٩٩) وابن ماجه: (١/١٠١) والحديث ضعف إسناده العراقي في تخريج الإحياء، والألباني في السلسلة الضعيفة: (١/٢٢) رقم: (١١)، أمّا لفظ مسلم في صحيحه: (٤/١٨٧-١٨٨) رقم: (٣٧٦٣) فقد أخرجه من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (…إنّ الله لم يبعثني معنّتا ولا متَعنِّتا، ولكن بعثني معلِّما ميسِّرا) وأخرجه من نفس الطريق أحمد: (٣/٣٢٨)، والبيهقي: (٧/٣٨))، فماذا كان يعلم؟ وكيف كان يعلم؟
كان صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الناس دينهم من الإيمان والإسلام والإحسان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في جبريل في الحديث المشهور: (هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم)(٣- أخرجه البخاري:(١/١١٤) رقم: (٥٠) في الإيمان، باب: سؤال جبريل من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومن طريقه رواه مسلم: (١٠٨) بلفظ: (هذا جبريل أراد أن تعلموا إذا لم تسألوا) والحديث ورد من طريق عمر بن الخطاب وابن عباس وأبي ذر رضي الله عنهم (انظر إرواء الغليل للألباني: (١/٣٢-٣٤)).) وكان يعلمهم هذا الدين بتلاوة القرآن عليهم كما قال تعالى: ﴿إِنّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البَلْدَةِ الذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْء وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ القُرْآنَ﴾(٤- آية ٩١-٩٢ من سورة النمل)، وبما بينه لهم من قوله وفعله وسيرته وسلوكه في مجالس تعليمه، وفي جميع أحواله، فكان الناس يتعلمون دينهم بما يسمعون من كلام ربهم، وما يتلقون من بيان نبيهم، وتنفيذه لما أوحى الله إليه، وذلك البيان هو سنته التي كان عليها أصحابه والخلفاء الراشدون من بعده وبقية القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية من التابعين وأتباع التابعين(٥- فهؤلاء وأتباعهم هم أئمة السنة وأهل الحديث والآثار هم صفوة الأمة وخيرتها لما أظهروه من قدرة على التمييز بين صحيح السنة وسقيمها، ولما عرفوا بشدة اتباعهم للسنة وحرصهم على تطبيقها فكانوا الحجة على النّاس في كلّ زمان ومكان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض تعيين الفرقة الناجية: <وبهذا يتبين أنّ أحق النّاس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم ينبوع يتعصبون له إلاّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم أعلم النّاس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعا لها: تصديقا وعملا وحبا وموالاة لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم، وحمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بل يجعلون ما بعث به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه>(مجموع الفتاوى: ٣/٣٤٧)).
وإذا رجعت إلى موطأ(٦- هم أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي الحمري المدني، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه تنسب المالكية، وهو أحد أئمة الحديث وأدقهم في عصره، مناقبه كثيرة ومتعددة، له مصنفات أشهرها كتاب: "الموطأ" ورسالته في القدر والرد على القدرية وكتابه في النجوم ومنازل القمر، ورسالة في الأقضية، وأخرى إلى الليث بن سعد في إجماع أهل المدينة، توفي رحمه الله سنة: ١٧٩ﻫ. (انظر ترجمته في: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ١/١١، ترتيب المدارك للقاضي عياض: ١/١٠٢، طبقات الفقهاء للشيرازي: ٦٧، سير أعلام النبلاء للذهبي: ٨/٤٨، الديباج المذهب لابن فرحون: ١١، انظر المزيد من مصادر ترجمته على هامش مفتاح الوصول للتلمساني بتحقيقي: ٣٠٧)) مالك سيد أتباع التابعين، فإنّك تجده في بيان الدين قد بنى أمره على الآيات القرآنية، وما صح عنده من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله، وما كان من عمل أصحابه(٧- هذه من أصول المذهب المالكي، وقد نص القرافي في تنقيح الفصول(١٨) على أنّ أدلة مالك رحمه الله هي: <القرآن والسنة وإجماع أهل المدينة والقياس وقول الصحابي والمصلحة المرسلة والعرف والعادة وسد الذرائع والاستصحاب والاستحسان>، وحصرها الشاطبي في الموافقات: (٣/٣٤٥) في أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والرأي، فهو يعتبر عمل أهل المدينة من قبيل السنة، وأمّا الأدلة الأخرى فإنّه يشملها الرأي) الذي يأخذ منه ما استقر عليه الحال آخر حياته. لأنّهم كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمره(٨- وجملة: <أنّ الصحابة كانوا يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره> رواها مالك في "الموطإ" :(١/٢٧٥)، ومسلم: (٧/٢٣١)، من قول ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه قصة. لكن الذي جزم به البخاري في صحيحه (٨/٣) أنّها زيادة مدرجة من قول الزهري، قال الحافظ في "الفتح" (٤/١٨١): <وظاهره أنّ الزهري ذهب إلى أنّ الصوم في السفر منسوخ ولم يوافَـق على ذلك>. وقد ترجم ابن خزيمة بابا بيانا للإدراج بقوله: <باب ذكر البيان على أنّ هذه الكلمة: "إنّما يؤخذ بالآخر" ليس من قول ابن عباس رضي الله عنهما> (صحيح ابن خزيمة: ٣/٢٦٢))، وكذلك إذا رجعت إلى كتاب: «الأمّ» لتلميذ مالك، الإمام الشافعي(٩- هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس القرشي المطلبي الشافعي المكي، الإمام المجتهد الفقيه صاحب المذهب وتلميذ مالك -رحمه الله-، مناقبه عديدة وله مصنفات منها: "الرسالة" في أصول الفقه، و"الأم" في الفقه، و"أحكام القرآن" و"اختلاف الحديث"، توفي سنة ٢٠٤ﻫ. (انظر ترجمته في: الفهرست للنديم: (٢٦٣)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٢/٥٦، وفيات الأعيان لابن خلكان: (٤/١٦٣)، البداية والنهاية لابن كثير: (١٠/٢٥١)، طبقات الحفاظ للسيوطي: (١٥٨)، وللمزيد من مصادر ترجمته انظر هامش الوصول للتلمساني: ٣٨٠))، فإنّك تجده قد بنى فقهه على الكتاب وما ثبت عنده من السنة(١٠- قال الشافعي في"الأم"(٧/٢٧٤): <لم أسمع أحدا نسبه للناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أنّ فرض الله عزّ وجلّ اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتسليم لحكمه بأنّ الله عزّ وجلّ لم يجعل لأحد بعده إلاّ اتباعه وأنّه يلزم قول بكل حال إلاّ بكتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ ما سواهما تبع لهما> وقال أيضا في "الرسالة" (٣٩): <ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء: حَلَّ ولا حَرُم إلاّ من جهة العلم، وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس>).
وهكذا كان التعلم والتعليم في القرون الفضلى، مبناها على التفقه في القرآن والسنة، روى ابن عبد البر في الجامع عن الضحاك في قوله تعالى: ﴿كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ﴾(١١- الآية 79 من سورة آل عمران) قال الضحاك: <حق على كلّ من تعلم القرآن أن يكون فقيها>(١٢- "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر: ٢/١٦٧، في باب "رتب الطلب والنصيحة في المذهب"(٢/١٦٦/١٧٥))، وروى عن عمر رضي الله عنه أنّه كتب إلى أبي موسى رضي الله عنه: <أمّا بعد، فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية>(١٣- أخرجه ابن عبد البر في جامعه (٢/١٦٨) من حديث عمر بن زيد رحمه الله). وقال الإمام ابن حزم(١٤- هو أبو محمد علي بن سعيد بن حزم بن غالب الفارسي الأصل، الأندلسي القرطبي، تفقه على المذهب الشافعي، وانتقل إلى المذهب الظاهري، فكان قمة في علوم الإسلام، يجيد النقل ويحسن النظم والنثر، وكان فقيها مفسرا محدثا أصوليا، وطبيبا أديبا مؤرخا، عاملا بعلمه زاهدا في الدنيا، وترك مؤلفات قيمة منها: "الإحكام في أصول الأحكام" و"المحلى في شرح المحلى بالحجج والآثار"، و"الفصل في الملل والنحل"، و"جمهرة أنساب العرب"، توفي سنة ٤٥٦ﻫ. (انظر ترجمته في: وفيات الأعيان لابن خلكان: (٣/٣٢٥)، جذمة المقتبس للحميدي: (٣٠٨)، بغية الملتمس للضبي: (٤١٥)، الصلة لابن بشكوال: (٢/٤١٥)، سير أعلام النبلاء للذهبي: (١٨/١٨٤)، للمزيد من مصادر ترجمته انظر هامش مفتاح الوصول للتلمساني: ٦٢٠)) في كتاب الإحكام -وهو يتحدث عن السلف الصالح كيف كانوا يتعلمون الدين-: <كان أهل هذه القرون الفاضلة المحمودة -يعني القرون الثلاثة- يطلبون حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفقه في القرآن، ويرحلون في ذلك إلى البلاد، فإن وجدوا حديثا عنه عليه السلام عملوا به واعتقدوه> (١٥- "الإحكام" لابن حزم (٦/١١١٣)) ، ومن راجع كتاب العلم من صحيح البخاري(١٦- انظر كتاب العلم من صحيح البخاري: (١٠/١٤٠-٢٣٢)، رقم (٥٩-١٣٤)) ووقف على كتاب جامع العلم(١٧- وهو كتاب مطبوع ومتداول تحت عنوان: "جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي من روايته وحمله" وطبع الطبعة الأولى بتصحيحه وتقييد حواشيه وتقييد حواشيه إدارة الطباعة المنيرية. دار الكتب العلمية بيروت – ثمّ طبع سنة ١٣٩٨ﻫ/١٩٦٨م) للإمام ابن عبد البر(١٨- هو أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الأندلسي، شيخ علماء الأندلس، وكبير محدثيها وأحفظ من كان فيها في وقته، له تآليف نافعة منها: "التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد" و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب"، توفي بشاطبة سنة ٤٦٣ﻫ. (انظر ترجمة في: فهرست ابن خير: ٢١٤، جذوة الاقتباس للحميدي: ٣٩٧، ترتيب المدارك للقاضي عياض: ٢/٨٠٨، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٨/١٥٣، وللمزيد من ترجمته ينظر في هامش مفتاح الوصول للتلمساني: ١٤١)) -عصري ابن حزم وبلديه وصديقه(١٩- وقد ذكر ابن حزم رحمه الله ابن عبد البر رحمه الله في: "جمهرة أنساب العرب" (٣٠٢) بقوله: <الفقيه الأندلسي أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم>، وقال أيضا في حقه: <لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه ؟>(الصلة لابن بشكوال: (٢/٦٧٨)، بغية الملتمس للضبي: ٤٩٠) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (٨/١٦٠) وقيل: <إنّ أبا عمر كان ينبسط إلى أبي محمد بن حزم، ويؤانسه، وعنه أخذ ابن حزم فنّ الحديث>)– عرف من الشواهد على سيرتهم تلك شيئا كثيرا.
هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون؟ فقد حصلنا على شهادة العالمية من جامع الزيتونة(٢٠- إنّ جامع الزيتونة يتبوأ منزلة خاصة بالنظر لأهميته الدينية والعلمية في تاريخ تونس، وكان منارة للعلم والتعليم على مرّ الزمن يرتحل إليه من مختلف أنحاء المغرب العربي وغيره طلبا للعلم والاستزادة منه، وقد اشتهر جامع الزيتونة المعمور في عهد الحفصيين بالفقيه ابن عرفة التونسي وابن خلدون المؤرخ والمبتكر لعلم الاجتماع، وقد ذكر الوزير السراج في "الحلل السندسية في الأخبار التونسية" (١/٥٥١-٨٢١) جملة من أئمة جامع الزيتونة ومدرسيه من العلماء والمصلحين. هذا، وبغض النظر عن عمارة بنيان الجوامع والمساجد، فإنّه لا يخفى أنّ العبرة فيها بتحقيق عمارة الإيمان القائمة على العلم الصحيح والاعتقاد السليم، والمعرفة الحقة، والقيم الإسلامية السمحة) ونحن لم ندرس آية واحدة من كتاب الله ولم يكن عندنا أي شوق أو أدنى رغبة في ذلك، ومن أين يكون لنا هذا ونحن لم نسمع من شيوخنا يوما منزلة القرآن من تعلم الدين والتفقه فيه ولا منزلة السنة النبوية من ذلك، هذا في جامع الزيتونة فدع عنك الحديث عن غيره ممّا هو دونه بعديد المراحل.
فالعلماء -إلاّ قليلا منهم- أجانب أو كالأجانب من الكتاب والسنة من العلم بهما والتفقه فيهما، ومن فطن منهم لهذا الفساد التعليمي الذي باعد بينهم وبين العلم بالدين وحملهم وزرهم ووزر من في رعايتهم، لا يستطيع -إذا كانت له همة ورغبة- أن يتدارك ذلك إلا في نفسه، أمّا تعليمه لغيره فإنّه لا يستطيع أن يخرج فيه عن المعتاد الذي توارثه عن الآباء والأجداد رغم ما يعلم فيه من فساد وإفساد.
ونحن بعد أن بينا تعليم الدين من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن عمل السلف الصالح من أهل القرون الفاضلة المحمودة -ومنهم إمامنا إمام دار الهجرة مالك- فإنّنا عقدنا العزم على إصلاح التعليم الديني في دروسنا حسب ما تبلغ إليه طاقتنا إن شاء الله تعالى.

من آثار الإمام عبد الحميد ابن باديس -رحمه الله-
غرة رجب 1353ﻫ
الموافق لـ: 10 أكتوبر 1934م

تعليمية

الثلاثاء 22 رمضان 1443ﻫ
الموافق ﻟ: 25 أكتوبر 2022م

تعليمية تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا كثيرا على النقل الطيب و نفع بكِ الإسلام و المسلمين..




اختاه اخترت فابدعت
موفقة بحول الله




ماشاء الله إبداع وتفوق ، اجتهاد وإفادة

مرة أخرى أشكرك واقول لك بارك الله فيك وجزيتي خيرا على المواضيع المفيدة والفريدة
وأكثر مرة أقول لك شكرا على التنسيق الجميل و الترتيب الشامل لمواضيعك وا تحتويه

___))_((تقبلي مروري ))_((___
كل ودي واحترامي مع تحياتي أخوك zikouman "عبد الرزاق"




شكرا وبارك الله فيك
تحية خالصة

جزاك الله كل خير




التصنيفات
القران الكريم

[صوتية] تلاوات للقارئ/ عبد الحميد عبد الله الغويل الليبي ||||

تعليمية تعليمية

[صوتية] تلاوات للقارئ/ عبد الحميد عبد الله الغويل الليبي

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه تلاوات للقارئ الليبي البارع/ عبد الحميد عبد الله الغويل
من منطقة بوسليم – طرابلس
وهو أحد أفضل قراء ليبيا
وقد حصل الترتيب الأول في العديد من المسابقات المحلية والدولية
أبرزُها: مسابقة دبي الدولية عام 1443 ه

وهذا تسجيل مشاركته في مسابقة دبي

ملاحظة: صوت التسجيل منخفض, ولا أدري من أين هذا الخلل, الشيخ عبد الحميد بعث لي به هكذا

وهذه مشاركته في مسابقة الجامعات بمدينة البيضاء عام 1443 هـ – تقريبًا –

يتبع – إن شاء الله – …

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

حمل:كتاب وقفات منهجية في الذب عن السلفية للشيخ عبد الحميد العربي تصوير جيد وبرابط مبا

تعليمية تعليمية
حمل:كتاب وقفات منهجية في الذب عن السلفية للشيخ عبد الحميد العربي تصوير جيد وبرابط مباشر

الكتاب: وقفات منهجية في الذب عن السلفية
المؤلف: أبو عبد الباري عبد الحميد بن أحمد العربي
الطبعة الثالثة: 1443 – 2022
عدد الصفخات: 310
الناشر: مجالس الهدى
الصيغة: PDF
الحجم: 5.90 م.ب
حفظ الله مشايخنا
من موقع الشيخ حفظه الله

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

مناظرة بين سلفي ومعتزلي :: للشيخ المصلح المجدد عبد الحميد ابن باديس

تعليمية تعليمية
مناظرة بين سلفي ومعتزلي :: للشيخ المصلح المجدد عبد الحميد ابن باديس – رحمه الله –

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه قصة فريدة ذكرها الشيخ المصلح المجدد عبد الحميد بن باديس
ضمن آثاره (الجزء الثالث،ص155-158 )من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية بالجزائر
سنة 1405هـ/1984م، نترككم مع القصة
ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ [الحج]

أنبه إخواني أنني نقلتها من الكتاب كما هي ولم أتصرف في النص إلا في أمور يسيرة جدا لا تؤثر في المضمون،
بل أحيانا تزيده وضوحا، وهذا يتمثل في الهمزة، إذ إن في الأصل كل الهمزات مرسومة على أنها همزة وصل،
فأصلحتها بما رأيته صوابا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
مناظرة بين سلفي ومعتزلي
في مجلس الواثق

إن اختلاف الأفكار والطباع، مع اختلاط الأمم في الزمن الطويل- أدى الفرق الإسلامية إلى كثير من الاختلاف، وكان من بين ذلك-لا محالة- بدع دينية في الاعتقادات والأعمال، وكل ذي بدعة-لابد- معتقد فيها صوابا، وملتمس لها دليلا.
ولا يقف بالجميع عند حد واحد، إلا دليل واحد، وهو التزام الصحيح الصريح مما كان عليه النبي r وكان عليه أصحابه، فكل قول يراد به إثبات معنى ديني لم نجده في كلام أهل ذلك العصر نكون في سعة من رده وطرحه وإماتته وإعدامه، كما وسعهم عدمه، ولا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم، وكذلك كل فعل ديني لم نجده عندهم وكذلك كل عقيدة، فلا نقول في ديننا إلا ما قالوا، ولا نعتقد فيه إلا ما اعتقدوا ولا نعمل فيه إلا ما عملوا، ونسكت عما سكتوا، فهم-كما قال الشافعي في رسالته البغدادية-: ((أدوا إلينا سنن رسول الله r وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله r عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا)).
ونرى كل فتنة بين الفرق الإسلامية ناشئة عن مخالفة هذا الأصل، ومنها فتنة القول بخلق القرآن التي نقلها في المناظرة عليها القصة التالية عن كتاب ((الاعتصام)) للإمام الشاطبي، وقد كان الفلج فيها لمن التزم هذا الأصل على من خالفه.
ذكر أبو إسحق الشاطبي أن هذه القصة حكاها المسعودي، وحكاها الآجري -في كتاب الشريعة- بأبسط مما ذكره المسعودي، ونقلها هو عن المسعودي-قال- مع إصلاح بعض الألفاظ، قال:

((ذكر صالح بن علي الهاشمي قال: حضرت يوما من الأيام جلوس المهتدي للمظالم، فرأيت من سهولة الوصول ونفوذ الكتب عنه إلى النواحي فيما يتظلم به إليه ما استحسنته، فأقبلت أرمقه ببصري إذا نظر في القصص، فإذا رفع طرفه إلي أطرقت، فكأنه علم ما في نفسي.
فقال لي: يا صالح أحسب أن في نفسك شيئا تحب أن تذكره-قال- فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فأمسك، فلما فرغ من جلوسه أمر أن لا أبرح، ونهض فجلست جلوسا طويلا، فقمت إليه وهو على حصير الصلاة فقال لي: يا صالح أتحدثني بما في نفسك؟ أم أحدثك؟ فقلت: بل هو من أمير المؤمنين أحسن.
فقال: كأنني بك وقد استحسنت من مجلسنا، فقلت: أي خليفة خليفتنا! إن لم يكن يقول بقول أبيه من القول بخلق القرآن، فقال(المهتدي): قد كنت على ذلك برهة من الدهر، حتى أقدم علي الواثق شيخا من أهل الفقه والحديث من ((اذنه)) من الثغر الشامي، مقيدا طوالا، حسن الشيبة، فسلم غير هائب، ودعا فأوجز، فرأيت الحياء منه في حماليق عيني الواثق والرحمة عليه.

فقال (الواثق): يا شيخ أجب أبا عبد الله أحمد بن دؤاد عما يسألك عنه، فقال: يا أمير المؤمنين أحمد يصغر ويضعف ويقل عند المناظرة، فرأيت الواثق وقد صار مكان الرحمة غضبا عليه، فقال: أبو عبد الله يصغر ويضعف ويقل عند مناظرتك؟ فقال: هون عليك يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في كلامه؟ فقال له الواثق: قد أذنت لك.
فأقبل الشيخ على أحمد فقال: يا أحمد إلى مَ دعوت الناس؟ فقال أحمد: إلى القول بخلق القرآن، فقال له الشيخ: مقالتك (1) هذه التي دعوت الناس إليها من القول بخلق القرآن أداخلة في الدين فلا يكون الدين تاما إلا بالقول بها؟ قال: نعم، قال الشيخ: فرسول الله r دعا الناس إليها أم تركهم؟ قال: لا، قال له: يعلمها أم لم يعلمها؟ قال: علمها، قال: فلم دعوت الناس إلى ما لم يدعهم إليه رسول الله r وتركهم منه؟ فأمسك، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين هذه واحدة.
ثم قال له: أخبرني يا أحمد، قال الله تعالى في كتابه العزيز:ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ[المائدة: ٣] الآية. فقلت أنت: الدين لا يكون تاما إلا بمقالتك بخلق القرآن، فالله تعالى Uصدق في تمامه وكماله أم أنت في نقصانك؟ فأمسك، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين! وهذه ثانية.
ثم قال بعد ساعة: أخبرني يا أحمد، قال الله Uﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ[المائدة: ٦٧] فمقالتك هذه التي دعوت الناس إليها، فيما بلغه رسول الله rإلى الأمة أم لا؟ فأمسك، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين! وهذه ثالثة.
ثم قال بعد ساعة: أخبرني يا أحمد! لما علم رسول الله r مقالتك هذه التي دعوت الناس إليها: أتسع له من أن أمسك عنهم أم لا؟ قال أحمد: بل اتسع له ذلك، فقال الشيخ: وكذلك لأبي بكر؟ وكذلك لعمر؟ وكذلك لعثمان؟ وكذلك لعلي؟ رحمة الله عليهم، قال: نعم، فصرف (الشيخ) وجهه إلى الواثق وقال: يا أمير المؤمنين! إذا لم يتسع لنا ما اتسع لرسول الله r ولأصحابه فلا وسع الله علينا، فقال الواثق: نعم! لا وسع الله علينا إذا لم يتسع لنا ما اتسع لرسول الله r ولأصحابه فلا وسع الله علينا.
ثم قال الواثق: اقطعوا قيوده، فلما فكت جاذب (2) عليها فقال الواثق: دعوه، ثم قال: يا شيخ لم جاذبت عليها؟ قال لأني عقدت في نيتي أن أجاذب عليها، فإذا أخذتها أوصيت أن تجعل بين يدي (3) وكفني، ثم أقول: يا ربي! سل عبدك: لم قيدني ظلما وارتاع (4) بي أهلي؟ فبكى الواثق والشيخ وكل من حضر، ثم قال له: يا شيخ! اجعلني في حل، فقال: يا أمير المؤمنين! ما خرجت من منزلي حتى جعلتك في حل إعظاما لرسول الله r، ولقرابتك منه، فتهلل وجه الواثق وسر، ثم قال له: أقم عندي آنس بك، فقال له: مكاني في ذلك الثغر أنفع، وأنا شيخ كبير، ولي حاجة، قال: سل ما بدا لك، قال: يأذن أمير المؤمنين في رجوعي إلى الموضع الذي أخرجني منه هذا الظالم (5)، قال: قد أذنت لك، وأمر له بجائزة فلم يقبلها (6) : فرجعت من ذلك الوقت عن تلك المقالة، وأحسب أيضا أن الواثق رجع عنها.
قال أبو إسحق الشاطبي بعد نقل ما تقدم:
((فتأملوا هذه الحكاية ففيها عبرة لأولي الألباب، وانظروا كيف مأخذ الخصوم (7) في إحجامهم لخصومهم بالرد عليهم بكتاب الله وسنة نبيه r(8).
ــــــــــــــــــ
1 ((ش)):كلام الشيخ على مقالة ابن أبي دؤاد ينطبق على كل مقالة لم يدع إليها النبي r، وقام لها من بعده دعاة.
2- ((ش)): أبي أن يتركها. قلت (أبو مالك): كذا بالأصل وأظنها: أبى.
3- كذا بالأصل والظاهر بين بدني وكفني.
4- الصواب أراع أو روع.
5- يعني ابن أبي دؤاد.
6- هذا قول المهتدي بعد تمام الحكاية.
7- كذا بالأصل والظاهر افخامهم. قلت (أبو مالك): كذا بالأصل والظاهر إفحامهم.
8- ش: ج 11، م5، غرة رجب 1348 هـ ديسمبر 1929 م.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير

تحية طيبة




التصنيفات
السير والتراجم

التعريف بالعلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
التعريف بالعلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له

الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ به من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وصلى الله على نبينا محمد الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، ووفّر من كل خيرٍ و كمالٍ على جميع العالمين نصيبه، و على آله الطاهرين، و أصحابه الهادين

المهتدين، و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أمــابعدُ:

فهذه نبذة تعريفية مختصرة لعالم من أعلام الجزائر وهو العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و غفر له وفاءًا ببعض حقه علينا –

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

إسمه و نسبه:
هو عبد الحميد بن محمد بن مكي بن باديس الصنهاجي.
و ينتهي نسبه إلى المعز بن باديس مؤسس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان.

مولده:
ولد عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 10 ربيع الثاني 1308 الوافق لـ 4 / 12/ 1889م.
ووالده: محمد مصطفى بن باديس، صاحب مكانة مرموقة و شهرة واسعة.
و أمّــــه: السـيدة زهيرة بنت علي الأكحل بن جلول.

– نشأته العلمية و أعماله:
– حفظ القرآن الكريم على الشيخ المدّسي ، و لَمَّا يبلغ الثالثة عشر من عمره.
– أخذ مبادئ العلوم الشرعية و العربية على الشيخ حمدان الونّيسي.
– سافر إلى جامع الزيتونة بتونس و غيرهما ليلقي بعض الدروس في (الجامع الكبير) بقسنطينة من كتاب (الشفاء) للقاضي عياض رحمه الله، لكنه سرعان ما مُنع.
– في عام 1913م غادر قسنطينة متوجهًا إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.
– في المدينة التقى بأستاذه حمدان الونّيسي، كما تعرّف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي.
– رجع ابن باديس إلى قسنطينة ليباشر التعليم في : ( جامع الأخضر) بسعي من والده لدى الحكومة.
– وفي (الجامع الأخضر) ختم تفسير القرآن تدريسًا في ربع قرن، كما أتمَّ شرح كتاب (الموطأ) لإمام دار الهجرة مالك ابن أنس رحمه الله تعالى تدريسًا أيضًا.
أصدر بعد تأسيس ( المطبعة الجزائرية الإسلامية) عدّة جرائد من أشهرها:

المنتقد، الشهاب، السنة، الشريعة، الصراط، البصائر، لتبليغ الدعوة الإصلاحية السلفية.
وفي سنة 1931م تمّ تأسيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) فعين الشيخ عبد الحميد رئيسًا لها.
-أسس بموازاة إخوانه المصلحين المساجد و المدارس الحرّة و النوادي العلمية في شتى أنحاء القطر الجزائري.

شيوخه:
من أشهرهم بقسنطينة: الشيخ حمدان الونيسي، و بتونس: العلامة محمد النخلي، و الشيخ الطاهر بن عاشور، و محمد بن القاضي، و محمد الصادق النيفر، و بلحسن النجار، و غيرهم من علماء الزيتونة الأعلام.
و بالمدينة الشيخ أحمد الهندي.
و بمصر: شيخاه بالإجازة: العلامة محمد بخيت المطيعي، و الشيخ أبو الفضل الجيزاوي.

تلاميذته:
وهم كثيرون، من أبرزهم: العلامة الشيخ مبارك الميلي مؤلف (رسالة الشرك و مظاهره) و (تاريخ الجزائر)، و الشيخ الفضيل الورتلاني، و موسى الأحمدي و الهادي السنوسي ، و باعزيز بن عمر، ومحمد الصالح بن عتيق ، و محمد صالح رمضان و غيرهم.

ثناء أهل العلم و الفضل عليه:
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: " باني النهظتين الفكرية و العلمية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق و قائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، و إمام الحركة السلفية، و منشئ(الشهاب) مرآة الإصلاح و على التفكير الصحيح، و محيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن، وغارس بذور الوطنية الصحيحة وملقّن مباديها، عالم البيان وفارس المنابر، الأستاذ الرئيس الشيخ عبد الحميد بن باديس" مجلة
– و قال الشيخ مبارك الميلي:" الأستاذ العظيم و المرشد الحكيم، عدّتنا العلمية و عمدتنا الإصلاحية".
– – و قال الشيخ الطيب العقبي: " المصلح الفذّ، و العلامة الذي ما أنجبت الجزائر- منذ أحقاب- مثله إلا قليلاً"

عقـــيــدتـــه:
كان العلامة ابن باديس سلفيًّا، متمسكًا بالكتاب الكريم و السنّة الصحيحة، مُعتدًّا بفهم السلف الصالح لهما، وقد قرّر ذلك في أكثر من مناسبة، منها ما حرّره في خاتمة(رسالة جواب سؤال عن سوء مقال) حين قال رحمه الله: " .. الواجب على كل مسلم في كل مكانٍ و زمانٍ أن يعتقد عقدًا يتشرّبه قلبُه، و تسكن له نفسه، و ينشرح له صدرُه، و يلهج به لسانُه، و تنبني عليه أعمالُه، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان و قواعد الإسلام و طرائق الإحسان، إنّما هو في القرآن و السنّة الصحيحة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و عمل السلف الصالح، من الصحابة و التابعين و أتباع التابعين، و أن كلّ ما خرج عن هذه الأصول و لم يحظ لديها بالقبول –قولًا كان أو عملاً أو عقدًا أو حالاً- فإنّه باطل من أصله ، مردود على صاحبه، كائنًا من كان، في كل زمان أو مكان … "

آثـــــــــاره:
لم يصل إلينا منها سوى:
1 – (تفسير ابن باديس) أو (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير).
2 – (من هدي النبوة) أو (مجالس التذكير من كلام البشير النذير صلى الله عليه و سلم).
3 – (رجال السلف و نساؤه).
4 – (القصص الهادف).
5- (العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية).
6 – (مبادئ الأصول).
7 – (رسالة جواب سؤال عن سوء مقال).
8 – (العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي المالكي) تحقيق و تقديم.
كما جُمعت مقالاته في (الشهاب) و (البصائر) غيرهما و نشرت ضمن آثاره غير مرّة.

وفــــــاتــــه:
توفي الشيخ عبد الحميد بن باديس – بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال –مساء الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359هـ الموافق لـ 16 / 4 / 1940م، و دفن في روضة أسرته، بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة.
رحمه الله رحمة واسعة و غفر له.

هذا و الله اعلم




رحم الله الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمة واسعة

جزاكـِ الله خيرا




رحم الله الشيخ بن باديس رحمة واسعة فلو لاه لمحى الاستعمار الدين من ذاكرة اهلينا وقد تصدى رحمه الله لكل الخرافات التي كان يروجها الاجتلال ولا يستطيع احد ان ينكر سلفيته على الرغم من ان تلك الحقبة كانت صعبة جدا لان الاحتلال علم او اعلم ان القضاء على العقيدة الاسلامية سيمكن لهم في ارض الاحرار لكن هيهات حمى الله العقيدة الاسلامية القحة في ارضنا عن طريق الشيخ رحمه الله وكثير ممن كانو معه وممن حملو المشعل بعده.رحمهم الله جميعا وبلغهم منازل الصديقين والشهداء.




تعليمية




رحم الله الشيخ الجليل وخلف من بعده امثاله




بارك الله فيك وفي قلمك بالتوفيق وننتظر المزيد من ابداعاتك




بارك الله فيك أختي الفاضلة على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

ما في عنايتنا برمضان الكريم من مغزى لو تفهمناه، ولولا الإسراف: للشيخ عبد الحميد بن ب

تعليمية تعليمية

ما في عنايتنا برمضان الكريم

من مغزى لو تفهمناه، ولولا الإسراف

ما أحرانا بالاكتفاء في تأدية هذه العبادة الشريفة بالفائدة الدينية الروحية المحضة، ألا وهي، تقديس أمر الله وتعظيمه، وابتغاء مرضاته، لكن نزوغ الفكر الجديد إلى تعليل كل ظاهرة دينية أو فنية قد لا يقتنع بغير إظهار ما يرمى إليه غرض الشارع في مثل هذه الشعيرة المقدسة، معتمدًا في ذلك على أن الإسلام من مبادية تدعيم تعاليمه بالعقل والتفكير، ونحن مع تقديرنا لجانب من يكتفي بالفائدة الروحية، ولجانب من يسمو بفكره إلى الفوائد الأخرى مما يتصل الأخلاق والاجتماع لا غنى لنا عن بحث هذه الظاهرة الدينية، سواء من ناحيتها الأخلاقية، أو الاجتماعية، وعن الإلمام بما يكتنفها من منافع ربما راءها المتجددون مضارا، ومن مضار ربما حسبها البسطاء منافع أو جهلوها بالمرة.

إن الظهور بمثل هذه الظاهرة الدينية لما يزيد في أحكام الرابط الملي وتوثيقه، وإن الشعب كلما كان دءوبًا على القيام بمقدساته كان بعيدًا عن الاندغام، وقويا على مقاومة العوامل الهدامة وعلى الجوانب المادية البحتة التي أمعنت في إغراء الشبان الناشئين، وحسب الشعب في ذلك أن يدلل على أن فيه حياة قومية سامية، وقوة ملية دافعة، وهذا، ما يحدو بنا إلى اليقين بأن التمسك بالمقدسات والقيام بها جميعها مما يرضى الرب، ويجلب الخير العميم للشعب، ويقوي الشعور، ويحي ميت الآمال، بل هذا مما يستحث همم الشبان على التمسك بمقدساتهم دون أن تأنف أنفسهم، أو تعاف الوقوف بجانب المحافظين المتمسكين بها المتصلبين فيها، وحسبهم في الثغلب على تيار المادة الجارف وعلى سلطان الفكر الجديد الجبار النازق أن يلقوا نظرة فاحصة على انكلترا لا تأنف نفسها – رغم تفوقها في مضمار المدينة – من تخويل القانون قسيس لندن أن يفتتح جلسة البرلمان البريطاني في كل دورة بالدعوات الدينية، إن كلا من قوتها المادية والعلمية لم تحل المِلِّية التي تتوسل لإظهارها بكل وسيلة. ولعلنا لا نخطئ المرمى إذا قلنا، إن قيامنا بمقدستنا – كيفما كان شأنها وخطرها وشأننا معها – لمن أسمى الأغراض في مثل هذا العصر الذي طغى فيه تيار الغرام بالاندغام، والكفر بالقومية، والجحود لمزايا الماضي، وكثر الزيغ عن تعاليم الإسلام، وهذا التمسك هو البقية الباقية بأيدينا – ولنعمت الباقية الصالحة هي – زيادة على البقية الأخرى التي شعر بها شاعر النيل حافظ، فعبر عنها في بيته :
لم يبق شيء من الدنيا بأيدينا إلا بقية دمع في مـآقينا

أجل، إن محافظة المسلم عموما، أو صلابته الدينية وقوة شكيمته أمام مقدساته – رغم ما في محافظته وما إليها في بعض الدعائم من ايغال وشطط حينا، وسخافة خرافية أحيانا – لما يجهد عليه وينال من يعرفون ويدركون مغازي الصلابة والمحافظة، حتى في العرف الشائع والتقاليد الوراثية.

إن محافظة المسلم الجزائري خصوصا، وصلابته الدينية في جميع مقدساته – رغم ما يكتنف ذلك من أوضاع أكثرها قشور وعزاء، ورغم أننا لا نحمد له كل غلو يضيع الغرض الأسمى – مما ينبغي أن يكون مثلا أعلى لكل أمة لم يبق بيدها سوى تلك القوة الروحية، ولمن موجبات التفاؤل بالمستقبل السعيد، أو ببقاء الروح الملية وخلودها على الأقل. إن الجزائري متشبع بهذه الروح الوثابة أمام شعائره الدينية عموما، ربما بلغت به هذه الروح إلى حد التطرف، لكن ربما حلت روح التساهل محل روح ذلك التطرف في غير فريضة الصيام، أما فيها فلا هوادة ولا مساومة، ولا تأويل ولا تحوير، ولا منزلة بين الكفر والإيمان، ولا يقتنع الجزائري بدون هذا التصلب، ولو كان في مكان من السذاجة، والانهماك والدعارة والإباحية، فإذا رأيته دءوبا على غشيان المساجد في شهر رمضان فثق بأنه غدا يصلي إكراما لرمضان، على أن هذه الصلاة تنتهي بانتهاء شهر رمضان، وإذا شاهدته في الحمام فتيقن أنه راح يتطهر إجلالا لرمضان، بيد أنه على نية العودة إلى الطهارة، لكن عندما يدور الحول، بل لا يفتأ يرفه البخيل نفسه ويسخو عليها وعلى المعوزين، ويهجر المدمن المستهتر الخمر أم الخبائث، ويتعفف الحشاش، ويتواضع المتحذلق الشامخ بأنفه، وغاية كل واحد من هذه الطهارة والقداسة تعظيم جانب رمضان، واعتبار القائم به قائما بالإسلام كله، واعتبار المنتهك حرمته وحرمة أية شعيرة فيه منتهكا لحرمة الإسلام بتمامه. ولعل الوصول إلى هذا الحد في تمجيد فريضة الصيام والاحتفال به عندنا دون ما هو أوكد من الدعائم الإسلامية الأخرى، وفي العناية في الشرق بفريضة الصلاة أكثر من العناية بفريضة الصيام، لعل مثل ذلك ناشئ عن تغلب العرف والعادة، أو عوامل أخرى نحن في غنى عن بحثها لبيان موقف المسلم العارف الذي يجب أن يقفه إزاءها.

حقًا، إن القيام بشعيرة رمضان على المنوال الذي سارت عليه مثل بلادنا مما يدل على وجود استعداد فطري لمصادمة ومقاومة ما هو أكبر من آلام الجوع اللاذعة، وعلى وجود قوة روحية، بيد أن الكثير يجهلون كل ذلك تبعا لجهلهم ما يترتب عليه من الفوائد الاجتماعية التي يغنمها الصائم، منها، تلقيه درسا حكيما في الصبر والجلد والثبات وقوة العزيمة، وفضيلة الدأب على العمل وقد عرف ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث رواه الترمذي : "الصبر نصف الصوم". ومنها شعور – إذا كان مثريا – بالألم الذي يلذع الجائع حينما يقف الفقير المطعون بالخصاصة أمامه. ومنها شعوره عند انتهاء رمضان بجفاف الرطوبات البدنية وتضاؤل المواد الرسوبية التي وقع الاكتشاف عليها في الغرب حديثا، وما إليها مما ينهك وينشئ أمراضا، وتلك الرطوبات ونحوها متولدة – كما قال ابن سينا الحكيم الإسلامي – من الطعام، بل وبإبراء المصابين بأمراض مستعصية، مثل المرض السكري والحصى، ونحو ذلك مما ألف فيه كثير من علماء الغرب بعد إجراء تجارب عملية في أنفسهم. ومنها، قسر المترفين والجاؤهم إلى مساواة البائسين في فقدهم معا متع الحياة وشهواتها ولذائذها.

إن سير المسلم الجزائري على ذلك النحو مما يحمد عليه، لو كان بصيرا خبيرا بما دون ذلك من المرامي، ولو لا ما يتخلل سلوكه في هذا الشهر من مفاسد ربما كان أثرها السيء يفوق ما توخاه من المثوبة، ومن عواقب لا تحمد، ونتائج قد تعسر معالجتها، والسبب في الانحراف عن طريق التوفيق هو جهل الصائم الهدف الذي هدانا الله إلى معرفته من طريق العقل والتفكير، وعدم تفهمه ما ينطوي عليه تعريف الصوم من أنه : "الإمساك عن شهوتَيِ الفرج والبطن"، وافاده عن معنى حديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أن كما الصوم في كف جميع الجوارح عن شهواتها ولذائذها، وإليك الحديث : "إنما الصوم جنة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتلة أو شاتمة فليقل، إني صائم إني صائم".

إن الصائم عندنا قد وطن نفسه حقا على هجران الشهوتين، لكن لم يقو على هجران ما هو أشد خطورة وأسوأ نتيجة، إنه يعنى بالصلاة والطهارة الحسية، ويسخو بكل عزيز، لكن لا كعناية بما هو أسمى لديه، ولا كسخائه بما هو أنفس في نظره، إنه يريد الظهور بمظهر المسلم الصميم في هذا الشهر، ولا يريد أن يعرف أن الخير بتمامه يتطلب شيئًا من التضحية، يروم أن يكون صائما بكل ما في الكلمة من قوة، لكن الرعونة، وقلق النفس، والنزق والطيش، والقذع، وما إلى ذلك مما يتخلق به في هذا الشهر شأن مأجور منتظر مزية، كل ذلك لا يدعه أن يحقق كل أو بعض ما يروم ويصبو إليه.

ومن السخف أن يظل الإنسان صائما، ثم يفطر على الحرام، الزاني والزانية على السفاح، والمقامر على الميسر، والنهم على مائدة لا يفارقها مدى الليل، يلتهم فيها ما لا قبل لمعدته به. بل ما يرهقها والأمعاء. ومن المخجل أن نرى المترفين لا يغيرون في هذا الشهر سوى مواقيت الأكل بجعلها في الليل. وأن يمعن العامل خصوصا في السهر المضني، وأن لا يتحرج الصائمون من الإسراف في رمضان إلى حد الإنفاق بما لا يطاق. وبما يدعه مدينا مدة السنة. وأن يلهوا على تكظمه أقلام العناصر الأخرى من النقد المر لكل ما لا يتفق ومبادئ الحياة. وعما يصرح به بعض أقلامهم النزيهة في زعمهم من أن الصيام أصبح لا جدوى له، اعتمادا على سلوك الصائمين الذي ألمعنا إلى بعض آثاره السيئة. أخطرها ارتكاب ما ينافي مبدأ التوفير، وإنهاك القوى الجسمانية. والإسراف والإسفاف. واستهلاك دخل العام برمته في نفقات شهر واحد، ونحن لئن شايعنا النقدة في حملات بتلك اللهجة فإننا لا نشايعهم بحال فيما يكظمون في أنفسهم من المرامي البعيدة. أقربها للفهم الحيلولة بين الصائمين وبين ما يرمى إليه غرض الشارع الأساسي. أو بين ما تعتز به الملية وتتدعم. كما لا نشايعهم في نفي كل فائدة عن الصوم. ومعتمدون أن الضعف والذبول الناجمين عن الجوع لا يمكن أن نسميهما صحة. وأن ما ينشد من العلاج بالجوع ينشد في هذا العصر العلمي بدون ذلك من الوسائل الطبية الكيماوية. وتنظيم الأكل تنظيما علميا، كما أن معتمدنا – إذا لم نشايعهم في هذه الناحية وما إليها – أن ما يعقب الضعف والذبول من القوة وسرعة النمو نظرا لقاعدة رد الفعل أكثر مما ذهب ضحية الجوع.

ونزيد، أن من أمانينا أن ينشد الصائم ما يتفق وغرض الوازع الديني، وما يمكن أن يكون كمثل عليا للعالم. وأن يتخطى الصائم المحتسب ما يصادمه، وما يمكن أن يكون كمثل عليا للعالم. وأن يصومه صوم مسلم صميم يراعي المغزى والغاية ويتطلبها عن اقتناع صحيح وإيمان صادق، وأن يكتفي في مثل بلادنا على الأقل ولو بما ينجم عن القيام بهذه المقدسة من أحكام الرباط الملي، وجعل الوحدة القومية في حرز حريز وفي نجوة مما يلتهما ويدمجها في غيرها. وأن يناضل الأفكار المسمومة التي يناوينا بها من أرصد قلمه لنقد كل حركة تبدو منا حتى ينتصر عليها ويستعيض عنها بأفكار نيرة يستثمرها وأمته ماديا وأدبيا. وأن يؤمن بأن وصولنا إلى هذه الغاية النبيلة متوقف على القيام بشعائرنا ومقدساتنا بتمامها، فهلموا إليها وجددوا عهدكم بأن تقوموا بها أتم قيام. وأن تلاحظوا دائما أن ذلك هو رمز الإسلام الذي يهدي الله إليه من يشاء من الأنام(1).

1- الشهاب : ج2، م7، غرة شوال 1349 هـ/مارس 1931 م

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




السلام عليكم

إن الصائم عندنا قد وطن نفسه حقا على هجران الشهوتين، لكن لم يقو على هجران ما هو أشد خطورة وأسوأ نتيجة، إنه يعنى بالصلاة والطهارة الحسية، ويسخو بكل عزيز، لكن لا كعناية بما هو أسمى لديه، ولا كسخائه بما هو أنفس في نظره، إنه يريد الظهور بمظهر المسلم الصميم في هذا الشهر، ولا يريد أن يعرف أن الخير بتمامه يتطلب شيئًا من التضحية، يروم أن يكون صائما بكل ما في الكلمة من قوة، لكن الرعونة، وقلق النفس، والنزق والطيش، والقذع، وما إلى ذلك مما يتخلق به في هذا الشهر شأن مأجور منتظر مزية، كل ذلك لا يدعه أن يحقق كل أو بعض ما يروم ويصبو إليه.

ومن السخف أن يظل الإنسان صائما، ثم يفطر على الحرام، الزاني والزانية على السفاح، والمقامر على الميسر، والنهم على مائدة لا يفارقها مدى الليل، يلتهم فيها ما لا قبل لمعدته به. بل ما يرهقها والأمعاء. ومن المخجل أن نرى المترفين لا يغيرون في هذا الشهر سوى مواقيت الأكل بجعلها في الليل. وأن يمعن العامل خصوصا في السهر المضني، وأن لا يتحرج الصائمون من الإسراف في رمضان إلى حد الإنفاق بما لا يطاق. وبما يدعه مدينا مدة السنة. وأن يلهوا على تكظمه أقلام العناصر الأخرى من النقد المر لكل ما لا يتفق ومبادئ الحياة. وعما يصرح به بعض أقلامهم النزيهة في زعمهم من أن الصيام أصبح لا جدوى له، اعتمادا على سلوك الصائمين الذي ألمعنا إلى بعض آثاره السيئة. أخطرها ارتكاب ما ينافي مبدأ التوفير، وإنهاك القوى الجسمانية. والإسراف والإسفاف. واستهلاك دخل العام برمته في نفقات شهر واحد، ونحن لئن شايعنا النقدة في حملات بتلك اللهجة فإننا لا نشايعهم بحال فيما يكظمون في أنفسهم من المرامي البعيدة.

بورك فيك على هذا الأنتقاء القيم لشخصية مميزة في تاريخ الجزائر الحبيبة

فالصيام وعي وتقرب قبل أن يكون كف عن الأكل والشرب وأرى هنا

بن باديس يحلل هذه الأمور بمنطق العقل فيدخل في أعماق الآفات فيرصدها

ثم يخرجها للمعني بالأمر ليدعها ويفهم حقيقة الصيام.

جزاك الله خيرا وننتظر منك المزيد من الفوائد .تحيــــــــــــــــــــا تي.




شكرا لك ندوووش على الموضوع المميز و المفيد تقبلي مروري و تحيتي.
تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

مكتبتان للشيخين عبد الحميد الجهني و يحيى الحجوري حفظهما الله

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله أما بعد:

فهذه مكتبتان للشيخين:

1. أبو مالك عبد الحميد الجهني حفظه الله
2. يحيى الحجوري حفظه الله

والملفات خاصة بالمكتبة الشاملة

حمل من هنا

الحجم 4.2 ميغابايت

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
رموز و شخصيات

عبد الحميد بن باديس تعريف مختصر

ولد الامام عبد الحميد بن باديس سنة 1889 بقسنطينة بالجزائر من أسرة معروفة بالعلم والجاه تعلم القرأن وحفظه في سن 13 سنة من عمره على يد الشيخ حمدان الونيسي سافر الى تونس سنة 1908 حيث واصل تعليمه العالي في جامعة الزيتونة وفي سنه 1913عاد الى الجزائر أين بدأنشاطه كمدرس في جامع الأخضر واهتم بنشر العلم والدين ___ سافر الى البقاع المقدسة ليؤدي فريضة الحج وهناك تعرف على الشيخ الابراهيمي ___ باشر عمله ونشاطه الاصلاحي جاعلا من المسجد منطلقا فاهتم بتعليم الصغار وتوعية الكبار واتخد من الصحافة وسيلة أخرى لنشر الوعي الديني والسياسي حارب الخرافات والبدع ورفض فكرة الادماج أي ادماج الجزائر بفرنسا في وقت الاحتلال الفرنسي وأعتبر كل من تجنس بالجنسية الفرنسية مرتدا ___اذالك ظهرت اشرافه عدة مجلات منها المنفد1925 والشهاب و البصائر وعمل على تفسير القرأن الكريم وفي سنة 1931 كان من البارزين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ___ كان عبد الحميد بن باديس مفكرا ومرشدا ومربيا سخر كل طاقاته المادية والبشرية لاصلاح أحوال المجتمع الجزائري وللحفاظ على الهوية الجزائرية الاسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ___ تصدى لفكرة الادماج عن طريق اصدار الفتاوى ونجح في بناء جيل ساهم بقوة في ثورة نوفمبر1954 توفي الامام في 16 أفريل 1940 وأعتبر هدا اليوم 16 أفريل يوم العلم لاحياء ذكرى وفاة أحد أبناء وأبطال هذه الأرض الحبيبة الغالية الجزائر رحمه الله وأسكنه فسيحه جناته وعاشت الجزائر حرة مستقلةتعليمية




[بارك الله فيكم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




جزاك الله خيرا.




بارك الله فيك وفي قلمك بالتوفيق
وننتظر المزيد من ابداعاتك




بارك الله فيك أختي الفاضلة على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
رموز و شخصيات

عبد الحميد بن باديس


د الحميد بن باديس في 05ديسمبر 1889 بقسنطينة من عائلة ميسورة الحال تعود أصولها إلى بني زيري التي ينتمي إليها مؤسس مدينة الجزائر بولكين بن منّاد ، تلقى تعليمه الأول بمدينة قسنطينة على يد الشيخ حمدان لونيسي و حفظ القرآن الكريم في صغره .انتقل بن باديس سنة 1908 إلى تونس لمواصلة تعليمه بجامع الزيتونة ، وبه تتلمذ على يد الشيخ الطاهر بن عاشور ، وتحصّل بعد 04 سنوات على إجازة الزيتونة . ومن تونس رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج و استقر بالمدينة المنورة أين التقى معلمه الأول حمدان لونيسي و هناك واصل تلقي العلم حتى حاز درجة العالم ، و في طريق عودته إلى الجزائر عرّج على القاهرة و بها تتلمذ على يد الشيخ رشيد رضا .

2- النشاط الإصلاحي
بعد استقراره بقسنطينة بدأ الشيخ عبد الحميد بن باديس مهمته الإصلاحية بعد أن نضج وعيه الإسلامي و تأثر بأفكار الجامعة الإسلامية ، و أدرك أن طريق الإصلاح يبدأ بالتعليم لأنه لا يمكن للشعب الجاهل أن يفهم معنى التحرر و محاربة الاستعمار ، لذلك باشر بن باديس تأسيس المدارس و تولّى بنفسه مهمة التعليم ، و ركزّ على تعلم الكبار بفتح مدارس خاصة بهم لمحو الأمية ، كما اهتم بالمرأة من خلال المطالبة بتعليم الفتيات إذ أنشأ أول مدرسة للبنات بقسنطينة سنة 1918 ، واعتبر تعليم المرأة من شروط نهضة المجتمع لكن تعليم المرأة لا يعني تجاوز التقاليد و الأخلاق الإسلامية .وسع بن باديس نشاطه ليفتتح عدة مدارس في جهات مختلفة من الوطن بتأطير من شيوخ الإصلاح أمثال البشير الإبراهيمي و مبارك الميلي و غيرهم …كما ساهم في فتح النوادي الثقافية مثل نادي الترقي بالعاصمة ، وساعد على تأسيس الجمعيات المسرحية و الرياضية .
3- منهجه في الإصلاح
اعتمد بن باديس على عقلية الإقناع في دعوته إلى إصلاح أوضاع المجتمع ، وحارب الطرقية و التصوف السلبي الذي أفرز عادات و خرافات لا تتماشى و تعاليم الإسلام الصحيحة ، كما نبذ الخلافات الهامشية بين شيوخ الزوايا و دعا إلى فهم الإسلام فهما صحيحا بعيدا عن الدجّل و الشعوذة ورفض التقليد الأعمى و الارتباط بالإدارة الاستعمارية و قد اختصر مشروعه الإصلاحي في : "الإسلام ديننا ، و العربية لغتنا و الجزائر وطننا." . وقد وقف في وجه دعاة الاندماج و قاومهم بفكره و كتاباته ومحاضراته ، وعبّر عن أرائه في جريدة الشهاب و المنتقد و البصائر و اهتم بن باديس بنشر الثقافة الإسلامية من خلال بناء المدارس و المساجد و توسيع النشاط الدعوي والثقافي والصحافي، لذلك عمل مع أقرانه من أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي، العربي التبسّي والطيب العقبي على تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 05 ماي 1931 وانتخب رئيسا لها إلى غاية وفاته في 16 أفريل 1940، وهو في الواحدة والخمسين من عمره .شارك ضمن وفد المؤتمر الإسلامي سنة 1936 وسافر إلى باريس لتقديم مطالب المؤتمر إلى الحكومة الفرنسية، وبعد العودة ألقى خطابا متميزا في التجمع الذي نظمه وفد المؤتمر بتاريخ 02أوت 1936 لتقديم نتائج رحلته، وقد كان خطاب عبد الحميد بن باديس معبّرا عن مطالب الجزائريين




اتمنا ان يعجبكم




شكرا لك على موضوع




العفو اختي حلوم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيگ اختى
إن
هذه
الأمة
الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون
فرنسا، ولا تريد أن
تصير
فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو
أرادت… بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل
البعد.. في لغتها، وفي أخلاقها،
وفي دينها

صدق عبد الحميد بن باديس




السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
بارك الله فيك