التصنيفات
العقيدة الاسلامية

انحراف الصوفية,, لابن الجوزي.

تعليمية تعليمية
انحراف الصوفية,, لابن الجوزي.


انحراف الصوفية

للإمام ابن الجوزي

"تأملت أحوال الصوفية و الزهاد ، فرأيت أكثرها منحرفاً عن الشريعة ، بين جهل بالشرع ، و ابتداع بالرأي . يستدلون بآيات لا يفهمون معناها ، و بأحاديث لها أسباب ، و جمهورها لا يثبت .
فمن ذلك ، أنهم سمعوا في القرآن العزيز 🙁و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (إنما الحياة الدنيا لعب و لهو و زينة )
ثم سمعوا في الحديث :" للدنيا أهون على الله من شاة ميتة على أهلها"[ رواه مسلم].

فبالغوا في هجرها من غير بحث عن حقيقتها .
و ذلك أنه ما لم يعرف حقيقه الشيء فلا يجوز أن يمدح و لا أن يذم .
فإذا بحثنا عن الدنيا رأينا هذه الأرض البسيطة التي جعلت قراراً للخلق ، تخرج منها أقواتهم ، و يدفن فيها أمواتهم .
و مثل هذا لا يذم لموضع المصلحة فيه.
و رأينا ما عليها من ماء ، و زرع ، و حيوان ، كله لمصالح الآدمي ، و فيه حفظ لسبب بقائه .
و رأينا بقاء الآدمي سبباً لمعرفة ربه ، و طاعته إياه ، و خدمته . و ما كان سبباً لبقاء العارف العابد ، يمدح و لا يذم .
فبان لنا أن الذم إنما هو لأفعال الجاهل ، أو العاصي في الدنيا .
فإنه إذا اقتنى المال المباح ، و أدى زكاته ، لم يلم .

فقد علم ما خلف الزبير ، و ابن عوف و غيرهما .
و بلغت صدقة علي ـ رضي الله عنه ـ أربعين ألفاً .
و خلفت ابن مسعود تسعين ألفاً .
و كان الليث ابن سعد يستغل كل سنة عشرين ألفاً.
و كان سفيان يتجر بمال .
و كان ابن مهدي يستغل كل سنة ألفى دينار .


* و إن أكثر من النكاح و السراري ، كان ممدوحاً لا مذموماً..

فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم زوجات و سراري .

و جمهور الصحابة ، كانوا على الإكثار من ذلك .

و كان لعلي بن أبي طالب أربع حرائر ، و سبع عشرة أمة .

و تزوج ولده الحسن ، نحو أربعمائة .

فإن طلب التزوج للأولاد ، فهو الغاية في التعبد ، و إن أراد التلذذ فمباح ، يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى ، من إعفاف نفسه و المرأة ، إلى غير ذلك . و قد أنفق موسى ـ عليه السلام ـ من عمره الشريف عشر سنين في مهر بنت شعيب .

فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء ، لما ذهب كثير من زمان الأنبياء فيه .

و قد قال ابن عباس رضي الله عنهما : [ خيار هذه الأمة أكثرها نساء ] .

و كان يطأ جارية له ، و ينزل في أخرى .
و قالت سرية الربيع بن خيثم : كان الربيع يعزل .

*و أما المطعم : فالمراد منه تقوية هذا البدن لخدمة الله عز وجل ، و حق على ذي الناقة أن يكرمها لتحمله .

و قد كان النبي ، يأكل ما وجد, فإن وجد اللحم أكله , و يأكل لحم الدجاج ، و أحب الأشياء إليه الحلوى و العسل ، و ما نقل عنه أنه امتنع من مباح .

و جيء علي _ رضي الله عنه_بفالوذج فأكل منه ، و قال : " ما هذا " ؟ قالوا : يوم النوروز ، فقال : " نوروزا كل يوم " .

و إنما يكره الأكل فوق الشبع ، و اللبس على وجه الاختيال و البطر .

* و قد اقتنع أقوام بالدون من ذلك ، لأن الحلال الصافي لا يكاد يمكن فيه تحصيل المراد ، و إلا فقد لبس النبي حلة اشتريت له بسبعة و عشرين بعيراً .

وكان لتميم الداري حلة اشتريت بألف درهم ، يصلي فيها بالليل .

فجاء أقوام ، فأظهروا التزهد ، و ابتكروا طريقة زينها لهم الهوى ، ثم تطلبوا لها الدليل .

و إنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل ، لا أن يتبع طريقاً و يتطلب دليلها .

ثم انقسموا :

فمنهم :

_ متصنع في الظاهر ، ليث الشرى في الباطن ، يتناول في خلواته الشهوات ، و ينعكف على اللذات . و يري الناس بزيه أنه متصوف متزهد ، و ما تزهد إلا القميص ، و إذا نظر إلى أحواله فعنده كبر فرعون .

_ و منهم : سليم الباطن ، إلا أنه في الشرع جاهل .

_ و منهم : من تصدر ، و صنف ، فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة ، و كانوا كعمي اتبعوا أعمى .

و لو أنهم تلمحوا للأمر الأول ، الذي كان عليه الرسول و الصحابة _رضي الله عنهم _ لما زلوا .

و لقد كان جماعة من المحققين ،لا يبالون بمعظم في النفوس إذا حاد عن الشريعة ، بل يوسعونه لوما .

* فنقل عن أحمد أنه قال له المروذي : ما تقول في النكاح ؟ فقال : " سنة النبي صلى الله عليه وسلم " .

فقال : قد قال إبراهيم .

قال : فصاح بي و قال : "جئتنا ببنيات الطريق ؟ "
*و قيل له : إن سريا السقطي قال : لما خلق الله تعالى الحروف ، و قف الألف و سجدت الباء ، فقال :" نفروا الناس عنه ".

* و اعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم ، كما قال رجل لعلي بن أبي طالب : أتظن أنا نظن أن طلحة و الزبير ، كانا على الباطل ؟ فقال له : " إن الحق لا يعرف بالرجال ، أعرف الحق تعرف أهله " .

و لعمري أنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام ، فإذا نقل عنهم شيء فسمعه جاهل بالشرع قبله ، لتعظيمهم في نفسه .

كما ينقل عن أبي يزيد ، أنه قال : " تراعنت علي نفسي فحلفت لا أشرب الماء سنة ".

و هذا إذا صح عنه ، كان خطأ قبيحاً , و زلة فاحشة ، لأن الماء ينفذ الأغذية إلى البدن ، و لا يقوم مقامه شيء . فإذا لم يشرب فقد سعى في أذى بدنه . و قد كان ُيستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه و سلم .

أفترى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له ، و أنه لا يجوز التصرف فيها إلا عن إذن مالكها .

و كذلك ينقلون عن بعض الصوفية ، أنه قال : "سرت إلى مكة على طريق التوكل حافياً ، فكانت الشوكة تدخل في رجلي فأحكها بالأرض و لا أرفعها ، و كان علي مسح ، فكانت عيني إذا آلمتني أدلكها بالمسح فذهبت إحدى عيني " .

و أمثال هذا كثير ..

و ربما حملها القصاص على الكرامات ، و عظموها عند العوام ، فيخايل لهم أن فاعل هذا أعلى مرتبة من الشافعي ، و أحمد .

و لعمري ، إن هذا من أعظم الذنوب و أقبح العيوب ، لأن الله تعالى قال و لا تقتلوا أنفسكم.
و قال النبي عليه الصلاة و السلام :" إن لنفسك عليك حقاً" [ متفق عليه] .
و قد طلب أبو بكر، في طريق الهجرة للنبي ، ظلا ، حتى رأى صخرة ففرش له في ظلها[ رواه البخاري] .

* و قد نقل عن قدماء هذه الأمة بدايات هذا التفريط ، و كان سببه من وجهين :

أحدهما : الجهل بالعلم .

و الثاني : قرب العهد بالرهبانية .

* و قد كان الحسن يعيب فرقد السبخي ، و مالك بن دينار ، في زهدهما فرئي عنده طعام فيه لحم ، فقال: " لا رغيفي مالك ، و لا صحني فرقد " .

و رأى على فرقد كساء ، فقال : "يا فرقد إن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية " .

وكم قد ذوق قاص مجلسه بذكر أقوام خرجوا إلى السياحة بلا زاد و لا ماء و هو لا يعلم أن هذا من أقبح الأفعال ، و أن الله تعالى لا يجرب عليه .

فربما سمعه جاهل من التائبين فخرج فمات في الطريق ، فصار للقائل نصيب من إثمه .
* و كم يروون عن ذي النون : أنه لقي امرأة في السياحة فكلمها و كلمته ، و ينسون الأحاديث الصحاح : "لا يحل لامرأة أن تسافر يوماً و ليلة إلا بمحرم" .[متفق عليه]
* و كم ينقلون : أن أقواماً مشوا على الماء .. و قد قال إبراهيم الحربي :" لا يصح أن أحداً مشى على الماء قط " .
فإذا سمعوا هذا قالوا : أتنكرون كرامات الأولياء الصالحين ؟
فنقول : لسنا من المنكرين لها ، بل نتبع ما صح ، و الصالحون هم الذين يتبعون الشرع ، و لا يتعبدون بآرائهم .

و في الحديث : "إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم ".[ رواه أبو داود]

و كم يحثون على الفقر حتى حملوا خلقاً على إخراج أموالهم ، ثم آل بهم الأمر إما إلى التسخط عند الحاجة ، و إما إلى التعرض بسؤال الناس .

و كم تأذى مسلم بأمرهم الناس بالتقلل ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلث طعام ، و ثلث شراب ، و ثلث نفس ".[رواه أحمد]

فما قنعوا حتى أمروا بالمبالغة في التقلل .
فحكى أبو طالب المكي في " قوت القلوب " : أن فيهم من كان يزن قوته بكربة رطبة ، ففي كل ليلة يذهب من رطوبتها قليل ، و كنت أنا ممن اقتدى بقوله في الصبا ، فضاق المعي و أوجب ذلك ، مرض سنين .
أفترى هذا شيئاً تقتضيه الحكمة ، أو ندب إليه الشرع ؟
و إنما مطية الآدمي قواه ، فإذا سعى في تقليلها ، ضعف عن العبادة .
_ ولا تقولن : الحصول على الحلال المحض مستحيل, لذلك وجب الزهد تجنبا للشبهات, فإن المؤمن حسبه أن يتحرى في كسبه هو الحلال, ولا عليه من الأصول التي نبتت من هذه الأموال.

فإنا لو دخلنا ديار الروم ، فوجدنا أثمان الخمور و أجرة الفجور ، كان لنا حلالاً بوصف الغنيمة .

أفتريد حلالاً ، على معني أن الحبة من الذهب لم تنتقل مذ خرجت من المعدن ، على وجه لا يجوز ؟

فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله .

أو ليس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام ، فلما تصدق على بريرة بلحم فأهدته ، جاز له آكل تلك العين لتغير الوصف .
و قد قال أحمد بن حنبل "أكره التقلل من الطعام ، فإن أقواماً فعلوه فعجزوا عن الفرائض " .
و هذا صحيح . فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل ثم الفرائض ، ثم يعجز عن مباشرة أهله و إعفافهم ، و عن بذل القوى في الكسب لهم ، و عن فعل خير قد كان يفعله .

*و لا يهولنك ما تسمعه من الأحاديث التي تحث على الجوع ، فإن المراد بها إما الحث على الصوم , و إما النهي عن مقاومة الشبع .

فأما تنقيص المطعم على الدوام ، فمؤثر في القوى ، فلا يجوز .

ثم في هؤلاء المذمومين من يرى هجر اللحم ، و النبي كان يود أن يأكله كل يوم.

و اسمع مني بلا محاباة : لا تحتجن علي بأسماء الرجال ، فتقول : قال بشر ، و قال إبراهيم بن أدهم. فإن من احتج بالرسول _ عليه السلام- و أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ أقوى حجة . على أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظن .
و لقد ذاكرت بعض مشايخنا ما يروى عن جماعة من السادات ، أنهم دفنوا كتبهم فقلت له : ما وجه هذا ؟ فقال : "أحسن ما نقول أن نسكت" ، يشير إلى أن هذا جهل من فاعله .
و تأولت أنا لهم ، فقلت : لعل ما دفنوا من كتبهم ، فيه شيء من الرأي ، فما رأوا أن يعمل الناس به .
و لقد روينا في الحديث ، عن أحمد بن أبي الحواري : أنه أخذ كتبه فرمى بها في البحر ، و قال :" نعم الدليل كنت ! و لا حاجة لنا إلى الدليل بعد الوصول إلى المدلول " .
و هذا ـ إذا أحسنا به الظن ـ قلنا : كان فيها من كلامهم ما لا يرتضيه .
فأما إذا كانت علوماً صحيحة ، كان هذا من أفحش الإضاعة ، و أنا و إن تأولت لهم هذا ، فهو تأويل صحيح في حق العلماء منهم ، لأنا قد روينا عن سفيان الثوري : أنه قد أوصى بدفن كتبه _ و كان ندم على أشياء كتبها عن قوم ، و قال : حملني شهوة الحديث .
و هذا لأنه كان يكتب عن الضعفاء و المتروكين ، فكأنه لما عسر عليه التمييز أوصى بدفن الكل .
و كذلك من كان له رأي من كلامه ثم رجع عنه ، جاز أن يدفن الكتب التي فيها ذلك ، فهذا وجه التأويل للعلماء .
فأما المتزهدون ، الذين رأوا صورة فعل العلماء ، و دفنوا كتباً صالحة لئلا تشغلهم عن التعبد ، فإنه جهل منهم ، لأنهم شرعوا في إطفاء مصباح يضيء لهم ، مع الإقدام على تضييع مال لا يحل تضييعه .
و من جملة من عمل بواقعة دفن كتب العلم ، يوسف بن أسباط ، ثم لم يصبر عن التحديث فخلط ، فعد في الضعفاء .
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ، قال : أخبرنا محمد بن المظفر الشامي ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي ، قال : حدثنا يوسف بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : أخبرنا أحمد بن خالد الخلال . قال : سمعت شعيب بن حرب يقول : قلت ليوسف بن أسباط : كيف صنعت بكتبك ؟ قال : " جئت إلى الجزيرة ، فلما نضب الماء دفنتها حتى جاء الماء عليها ، فذهبت " .
قلت : ما حملك على ذلك ؟
قال : " أردت أن يكون الهم هماً واحداً " .
قال العقيلي : و حدثني آدم ، قال : سمعت البخاري قال : قال صدقة : "دفن يوسف بن أسباط كتبه ، و كان يغلب عليه الوهم فلا يجيء كما ينبغي " .
قال المؤلف : قلت : الظاهر أن هذه كتب علم ينفع ، و لكن قلة العلم أوجبت هذا التفريط ، الذي قصد به الخير ، و هو شر .
فلو كانت كتبه من جنس كتب الثوري ، فإن فيها عن ضعفاء و لم يصح له التمييز ، قرب الحال . إنما تعليله يجمع الهم هو الدليل على أنها ليست كذلك ، فانظر إلى قلة العلم ، ماذا تؤثر مع أهل الخير .
و لقد بلغنا في الحديث عن بعض من نعظمه ، و نزوره ، أنه كان على شاطئ دجلة ، فبال ثم تيمم ، فقيل له : الماء قريب منك ، فقال : خفت ألا أبلغه ! !.
و هذا و إن كان يدل على قصر الأمل ، إلا أن الفقهاء إذا سمعوا عنه مثل هذا الحديث تلاعبوا به ، من جهة أن التيمم ، إنما يصح عند عدم الماء .
فإذا كان الماء موجوداً كان تحريك اليدين بالتيمم عبثاً . و ليس من ضرورة وجود الماء أن يكون إلى جانب المحدث ، بل لو كان على أذرع كثيرة ، كان موجوداً فلا فعل للتيمم و لا أثر حينئذ .

*و من تأمل هذه الأشياء ، علم أن فقيهاً واحداً ـ و إن قل أتباعه و خَفَتَ إذا مات أشياعه ـ أفضل من ألوف تتمسح العوام بهم تبركاً ، و يشيع جنائزهم ما لا يحصى .

و هل الناس إلا صاحب أثر نتبعه ، أو فقيه يفهم مراد الشرع و يفتي به ؟ نعوذ بالله من الجهل ، و تعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل !

فإن من ورد المشرب الأول ، رأى سائر المشارب كدرة .

و المحنة العظمى مدائح العوام ، فكم غرت ! !
كما قال علي: " ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً ".
و لقد رأينا و سمعنا من العوام ، أنهم يمدحون الشخص ، فيقولون : لا ينام الليل ، و لا يفطر النهار ، و لا يعرف زوجة ، و لا يذوق من شهوات الدنيا شيئاً ، قد نحل جسمه ، و دق عظمه حتى أنه يصلي قاعداً ، فهو خير من العلماء الذين يأكلون و يتمتعون .
ذلك مبلغهم من العلم ، و لو فقهوا علموا أن الدنيا لو اجتمعت في لقمة فتناولها عالم يفتي عن الله ، و يخبر بشريعته ، كانت فتوى واحدة منه يرشد بها إلى الله تعالى خيراً و أفضل من عباده ذلك العابد باقي عمره! .
و قد قال ابن عباس : " فقيه واحد ، أشد على إبليس من ألف عابد " .

× و من سمع هذا الكلام فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه .

و إنما أمدح العاملين بالعلم ، و هم أعلم بمصالح أنفسهم . فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش ، كأحمد بن حنبل . و كان فيهم من يستعمل رقيق العيش ، كسفيان الثوري مع ورعه ، و مالك مع تدينه ، و الشافعي مع قوة فقهه .

و لا ينبغي أن يطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره ، فيضعف هو عنه .

فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه . و قد قالت رابعة : " إن كان صلاح قلبك في الفالوذج ، فكله " .
و لا تكون أيها السامع ممن يرى صور الزهد . فرب متنعم لا يريد التنعم و إنما يقصد المصلحة .
و ليس كل بدن يقوى على الخشونة ، خصوصاً من قد لاقى الكد و أجهده الفكر ، و أمضه الفقر ، فإنه إن لم يرفق بنفسه ، ترك واجباً عليه من الرفق .

فهذه جملة لو شرحتها بذكر الأخبار و المنقولات لطالت ، غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري ، و الله ولي النفع برحمته .

[صيد الخاطر صـ66].

ولا يفهم من هذا التقعيد عدم الحث على الزهد والتقلل من فضولات المباحات.. والصبر على القليل..

وإنما جاء ما ذكر في معرض الرد على من غلى وابتدع.

والله أعلم.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاك الله خيرا غاليتي ام ليلى على الجلب الطيب للموضوع
دوما مميزة




بارك الله فيك ع الجلب المتميز




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

التوكل لإبن القيم الجوزي رحمه الله

تعليمية تعليمية
التوكل لإبن القيم الجوزي رحمه الله

(قاعدة)


التوكل على الله نوعان أحدهما: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية, أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية. والثاني: التوكل على الله في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه. وبين النوعين من الفضل مالا يحصيه إلا الله. فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية. ومتى توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا, لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه. فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية, وتجريد التوحيد, ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد أهل الباطل, فهذا توكل الرسل وخاصّة أتباعهم.
والتوكل تارة يكون توكل اضطرار وإلجاء, بحيث لا يجد العبد ملجأ ولا وزرا إلا التوكل, كما إذا ضاقت عليه الأسباب وضاقت عليه نفسه وظن أن لا ملجأ من الله إلا إليه, وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة. وتارة يكون توكل اختيار, وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد, فإن كان السبب مأمور به ذم على تركه. وإن قام بالسبب, وترك التوكل, ذم على تركه أيضا, فإنه واجب باتفاق الأمة ونص القرآن, والواجب القيام بهما, والجمع بينهما. وإن كان السبب محرما, حرم عليه مباشرته, وتوحد السبب في حقه في التوكل, فلم يبق سبب سواه, فإن التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد, ودفع المكروه, بل هو أقوى الأسباب على الإطلاق.وإن كان السبب مباحا نظرت هل يضعف قيامك به التوكل أو لا يضعفه؟ فإن أضعفه وفرق عليك قلبك وشتت همك فتركه أولى, وإن لم يضعفه فمباشرته أولى؛ لأن حكمة أحكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به فلا تعطل حكمته

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الشعر والنثر

مخترات من شعر " ابن الجوزي "

تعليمية تعليمية
بسم الله الرحمان الرحيم

تعليمية

أمولاي اني عبد ضعيف … أتيتك أرغب بما لديك

أتيتك أشكو مصاب الذنوب … وهل يشتكى الضر الا اليك

فمنّ بعفوك يا سيّدي … فليس اعتمادي الا عليك

( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )

تعليمية

الهي ان كنت الغريق وعاصيا … فعفوك يا ذا الجود والسعة الرحب

بشدّة فقري باضطراري بحاجتي … اليك الهي حين يشتد بي الكرب

بما بي من ضعف وعجز وفاقة … بما ضمّنت من وسع رحمتك الكتب

صلاة وتسليم وروح ورواحة … على الصادق المصدوق ما انفلق الحب

أبي القاسم الماحي الأباطيل كلها … وأصحابه الأخيار ساداتنا النجب

( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )

تعليمية

عليك يا ذا الجلال معتمدي … طوبى لمن كنت أنت مولاه

طوبى لمن بات خائفا وجلا … يشكو الى ذي الجلال بلواه

وما بـه علـة ولا سـقـم … أكـر مـن حبـّه لمـولاه

اذا خلا في ظلام الليل مبتهلا … أجابــه الله ثـم لبــّاه

ومن ينل ذا من الالـه فقـد … فاز بقـرب تقـرّ عينــاه

( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )

تعليمية

وقفت وأجفاني تفيض دموعها … وقلبي من خوف القطيعة هائم

وكل مسيء أوبقته ذنوبه … ذليل حزين مطرق الطرف نادم

فيا رب ذنبي تعاظم قدره … وأنت بما أشكو يا رب عالم

وأنت رؤوف بالعباد مهيمن … حليم كريم واسع العفو راحم

( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )

تعليمية

أتيتك راجيا يا ذا الجلال … ففرّج ما ترى من سوء حالي

عصيتك سيّدي ويلي بجهلي … وعيب الذنب لم يخطر ببالي

الى من يشتكي المملوك الا … الى مولاه يا مولى الموالي

فويلي لم أمي لم تلدني … ولا أعصيك في ظلم الليالي

وها أنا ذا عبيدك عبد سوء … ببابك واقف يا ذا الجلال

فان عاقبت يا ربي فاني … محق بالعذاب وبالنكال

وان تعفو فعفوك أرتجيه … ويحسن ان عفوت قبيح حالي

( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )

تعليمية

دعوني أناجي مولى جليلا … اذا الليل أرخى على السدولا

نظرت اليك بقلب ذليل … لأرجو به يا الهي القبولا

لك الحمد والمجد والكبرياء … وأنت الاله الذي لن يزولا

وأنت الاله الذي لم يزل … حميدا كريما عظيما جليلا

تميت الأنام وتحيي العظام … وتنشى الخلائق جيلا فجيلا

عظيم الجلال كريم الفعال … جزيل النوال تنيل السؤولا

حبيب القلوب غفور الذنوب … تواري العيوب تقيل الجهولا

وتعطي الجزيل وتولي الجميل … وتأخذ من ذا وذاك القليلا

خزائن جودك لا تنقضي … تعمّ الجواد بها والبخيلا

🙁( من كتاب بحر الدموع لأبن الجوزي )🙁

تعليمية تعليمية




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




مقتطفات في القمة
بارك الله فيك على الجلب المميز والرائع
في انتظار الجديد
بالتوفيق




التصنيفات
الخواطر

مقتطفات من خواطر الإمام ابن الجوزي رحمه الله

تعليمية تعليمية
بسم الله الرحمن الرحيم

إخترت لكم مجموعة من خواطر الإمام ابن الجوزي…

من كتابه صيد الخاطر...من أروع الكتب لا يمل من قرأته..

تعليمية تعليمية

{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}:

يقول ابن الجوزي:
ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص، فعرضت لي هذه الآية: **وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فعلمت أنّ التقوى سبب للمخرج من كل غم، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج، فلا ينبغي أن يتوكل المؤمن إلا على الله، فالله عزّ وجل كافيه، فيقوم بالأسباب ولكن لا يعلق قلبه بها.

تعليمية تعليمية

يتبع بإذن الله مقتطفات من روائع الإمام ابن الجوزي…

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
من ترك شيئا لله عوضه خير منه:

يقول الإمام ابن الجوزي : قدرت في بعض الأيام على شهوة للنفس، هي عندي أحلى من الماء الزلال في فم الصادي، وقال التأويل: ما ههنا مانع ولا معوق إلا نوع ورع، وكان ظاهر الأمر امتناع الجواز، فترددت بين الأمرين فمنعت نفسي عن ذلك، فبقيت حيرتي، فقلت لها: يا نفسي، والله ما من سبيل إلى ما تودين ولا ما دونه، فتقلقلت، فصحت بها، كم وافقتك في مراد ذهبت لذته، وبقي التأسف على فعله، فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد، أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها.
فقالت: كيف أصنع؟
فقلت: هأنذا أنتظر من الله عزّ وجل حسن الجزاء على هذا العمل فأسطره إن شاء الله، فإنه قد يعجل جزاء الصبر، وقد يؤخره، فإن عجل سطرته، وإن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه، فإنّ من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه.
والله إني ما تركته إلا لله تعالى، ويكفيني تركه ذخيرة، حتى لو قيل لي: أتذكر يوماً آثرت الله على هواك؟
قلت: يوم كذا وكذا.
وكان هذا في سنة 561 هجرية، فلما دخلت سنة 565 هجرية عوضت خيراً من ذلك، فقلت هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا، ولأجر الآخرة خير والحمد لله.

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

التلطف مع النفس

يقول الإمام ابن الجوزي:

اعلم أن أصلح الأمور الاعتدال في كل شيء وإذا رأينا أرباب الدنيا قد غلبت آمالهم وفسدت في الخير أعمالهم أمرناهم بذكر الموت والقبور والآخرة‏.‏
فأما إذا كان العالم لا يغيب عن ذكره الموت‏.‏
وأحاديث الآخرة تقرأ عليه وتجري على لسانه فتذكاره الموت زيادة على ذلك لا تفيد إلا انقطاعه بالمرة‏.‏
بل ينبغي لهذا العالم الشديد الخوف من الله تعالى الكثير الذكر للآخرة أن يشاغل نفسه عن ذكر الموت ليمتد نفسه أمله قليلاً فيصنف ويعمل أعمال خير ويقدر على طلب ولد‏.‏
فأما إذا لهج بذكر الموت كانت مفسدته عليه أكثر من مصلحته‏.‏
ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة رضي الله عنها فسبقته فسبقها وكان يمزح ويشاغل نفسه‏.‏
وقد روي عن أحمد بن حنبل رحمة الله عليه‏:‏ أنه سأل الله تعالى أن يفتح عليه باب الخوف ففتح عليه فخاف على عقله‏.‏
فسأل الله أن يرد ذلك عنه‏.‏

نتأمل هذا الأصل فإنه لا بد من مغالطة النفس وفي ذلك صلاحها والله الموفق والسلام‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

هاجس مقلق

يقول ابن الجوزي:

تأملت حالة أزعجتني وهو أن الرجل قد يفعل مع امرأته كل جميل وهي لا تحبه وكذا يفعل مع صديقه والصديق يبغضه وقد يتقرب إلى السلطان بكل ما يقدر عليه والسلطان لا يؤثره فيبقى متحيراً يقول‏:‏ ما حيلتي‏.‏
فخفت أن تكون هذه حالتي مع الخالق سبحانه أتقرب إليه وهو لا يريدني‏.‏
وربما يكون قد كتبني شقياً في الأزل‏.‏

ومن هذا خاف الحسن فقال‏:‏ أخاف أن يكون اطلع على بعض ذنوبي فقال‏:‏ لا غفرت لك‏.‏

فليس إلا القلق والخوف لعل سفينة الرجا تسلم – يوم دخلوها الشاطىء – من جرف‏.‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
ميزان الرجولة

يقول ابن الجوزي:

لا يغرك من الرجل طنطنته وما تراه يفعل من صلاة وصوم وعزلة عن الخلق‏.‏
إنما الرجل هو الذي يراعي شيئين‏:‏ حفظ الحدود وإخلاص العمل‏.‏
فكم قد رأينا متعبداً يخرق الحدود بالغيبة وفعل ما لا يجوز مما يوافق هواه‏.‏
وكم قد اعتبرنا على صاحب دين أنه يقصد بفعله غير الله تعالى‏.‏
وهذه الآفة تزيد وتنقص في الخلق‏.‏
والذي يحسن القصد فيكون عمله وقوله خالصاً لله تعالى لا يريد به الخلق ولا تعظيمهم له‏.‏
فرب خاشع ليقال ناسك وصامت ليقال خائف وتارك للدنيا ليقال زاهد‏.‏
وعلامة المخلص أن يكون في جلوته كخلوته وربما تكلف بين الناس التبسم والانبساط لينمحي عنه اسم زاهد‏.‏
فقد كان ابن سيرين يضحك بالنهار فإذا جن الليل فكأنه قتل أهل القرية‏.‏
واعلم أن المعمول معه لا يريد الشركاء فالمخلص مفرد له بالقصد والمرائي قد أشرك ليحصل له مدح الناس‏.‏
وذلك ينقلب لأن قلوبهم بيد من أشرك معه فهو يقلبها عليه لا إليه‏.‏
فالموفق من كانت معاملته باطنة وأعماله خالصة‏.‏
وذاك الذي تحبه الناس وإن لم يبالهم كما يمقتون المرائي وإن زاد تعبده‏.‏
ثم إن الرجل الموصوف بهذه الخصال لا يتناهى عن كمال العلوم ولا يقصر عن طلب الفضائل‏.‏
فهو يملأ الزمان بأكثر ما يسعه من الخير وقلبه لا يفتر عن العمل القلبي‏.‏
أبى أن يصير شغله بالحق سبحانه وتعالى‏.‏
رأيت خلقاً يفرطون في أديانهم ثم يقولون احملونا إذا متنا إلى مقبرة أحمد‏.‏
أتراهم ما سمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على من عليه دين وعلى الغال وقال‏:‏ ما ينفعه صلاتي عليه‏.‏
ولقد رأيت أقواماً من العلماء حملهم حب الصيت على أن استخرجوا إذناً من السلطان فدفنوا في دكة أحمد بن حنبل وهم يعلمون أن هناك خلقاً رفات بعضهم على بعض‏.‏
وما فيهم إلا من يعلم أنه ما يستحق القرب من مثل ذلك‏.‏
فأين احتقار النفوس أما سمعوا أن عمر بن عبد العزيز قيل له‏:‏ تدفن في الحجرة فقال‏:‏ لأن ألقى الله بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن أرى نفسي أهلاً لذلك‏.‏
لكن العادات وحب الرياسة غلبت على هؤلاء فبقي العلم يجري على الألسن عادة لا للعمل به‏.‏
ثم آل الأمر إلى جماعة خالطوا السلاطين وباشروا الظلم يزاحمون على الدفن بمقبرة أحمد ويوصون بذلك‏.‏
فليتهم أوصوا بالدفن في موضع فارغ إنما يدفنون على موتى‏.‏
ويخرج عظام أولئك فيحشرون على ما ألقوا من الظلم حتى في موتهم وينسون أنهم كانوا من أترى ما علموا أن مساعد الظالم ظالم وفي الحديث‏:‏ كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة‏.‏

قال السجان لأحمد بن حنبل‏:‏ هل أنا من أعوان الظلمة فقال‏:‏ لا أنت من الظلمة إنما أعوان الظلمة من أعانك في أمر‏.‏

تعليمية تعليمية





تعليمية تعليمية

فصل عظمة الهمة

يقول الإمام ابن الجوزي:

دعوت يوماً فقلت‏:‏ اللهم بلغني آمالي من العلم والعمل وأطل عمري لأبلغ ما أحب من ذلك فعارضني وسواس من إبليس فقال‏:‏ ثم ماذا أليس الموت فما الذي ينفع طول الحياة‏.‏
فقلت له‏:‏ يا أبله‏.‏
لو فهمت ما تحت سؤالي علمت أنه ليس بعبث‏.‏
أليس في كل يوم يزيد علمي ومعرفتي فتكثر ثمار غرسي فأشكر يوم حصادي‏.‏
أفيسرني أنني مت منذ عشرين سنة لا والله لأني ما كنت أعرف الله تعالى عشر معرفتي به اليوم‏.‏
وكل ذلك ثمرة الحياة التي فيها اجتنيت أدلة الوحدانية وارتقيت عن حضيض التقليد إلى يفاع البصيرة واطلعت على علوم زاد بها قدري وتجوهرت بها نفسي‏.‏
ثم زاد غرسي لآخرتي وقويت تجارتي في إنقاذ المباضعين من المتعلمين وقد قال الله لسيد المرسلين‏:‏ ‏"‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ‏"‏‏.‏
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ لا يزيد المؤمن من عمره إلا خيراً‏.‏
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله عز وجل الإنابة‏.‏
فيا ليتني قدرت على عمر نوح فإن العلم كثير وكلما حصل منه حاصل رفع ونفع‏.‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

إضاعة الوقت

يقول الإمام ابن الجوزي:

رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً‏.‏
إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر‏.‏
وإن طال النهار فبالنوم‏.‏
وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق‏.‏
فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر‏.‏
ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل‏.‏
إلا أنهم يتفاوتون وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة‏.‏
والغافلون منهم يحملون ما اتفق وربما خرجوا لا مع خفير‏.‏
فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً‏.‏
فالله الله في مواسم العمل‏.‏
والبدار البدار قبل الفوات‏.‏

واستشهدوا العلم واستدلوا الحكمة ونافسوا الزمان وناقشوا النفوس واستظهروا بالزاد‏.‏

فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته من وقع مع الندم‏.‏

تعليمية تعليمية