التصنيفات
الخواطر

مقتطفات من خواطر الإمام ابن الجوزي رحمه الله

تعليمية
تعليمية
بسم الله الرحمن الرحيم

إخترت لكم مجموعة من خواطر الإمام ابن الجوزي…

من كتابه صيد الخاطر...من أروع الكتب لا يمل من قرأته..

تعليمية تعليمية

{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}:

يقول ابن الجوزي:
ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص، فعرضت لي هذه الآية: **وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فعلمت أنّ التقوى سبب للمخرج من كل غم، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج، فلا ينبغي أن يتوكل المؤمن إلا على الله، فالله عزّ وجل كافيه، فيقوم بالأسباب ولكن لا يعلق قلبه بها.

تعليمية تعليمية

يتبع بإذن الله مقتطفات من روائع الإمام ابن الجوزي…

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
من ترك شيئا لله عوضه خير منه:

يقول الإمام ابن الجوزي : قدرت في بعض الأيام على شهوة للنفس، هي عندي أحلى من الماء الزلال في فم الصادي، وقال التأويل: ما ههنا مانع ولا معوق إلا نوع ورع، وكان ظاهر الأمر امتناع الجواز، فترددت بين الأمرين فمنعت نفسي عن ذلك، فبقيت حيرتي، فقلت لها: يا نفسي، والله ما من سبيل إلى ما تودين ولا ما دونه، فتقلقلت، فصحت بها، كم وافقتك في مراد ذهبت لذته، وبقي التأسف على فعله، فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد، أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها.
فقالت: كيف أصنع؟
فقلت: هأنذا أنتظر من الله عزّ وجل حسن الجزاء على هذا العمل فأسطره إن شاء الله، فإنه قد يعجل جزاء الصبر، وقد يؤخره، فإن عجل سطرته، وإن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه، فإنّ من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه.
والله إني ما تركته إلا لله تعالى، ويكفيني تركه ذخيرة، حتى لو قيل لي: أتذكر يوماً آثرت الله على هواك؟
قلت: يوم كذا وكذا.
وكان هذا في سنة 561 هجرية، فلما دخلت سنة 565 هجرية عوضت خيراً من ذلك، فقلت هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا، ولأجر الآخرة خير والحمد لله.

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

التلطف مع النفس

يقول الإمام ابن الجوزي:

اعلم أن أصلح الأمور الاعتدال في كل شيء وإذا رأينا أرباب الدنيا قد غلبت آمالهم وفسدت في الخير أعمالهم أمرناهم بذكر الموت والقبور والآخرة‏.‏
فأما إذا كان العالم لا يغيب عن ذكره الموت‏.‏
وأحاديث الآخرة تقرأ عليه وتجري على لسانه فتذكاره الموت زيادة على ذلك لا تفيد إلا انقطاعه بالمرة‏.‏
بل ينبغي لهذا العالم الشديد الخوف من الله تعالى الكثير الذكر للآخرة أن يشاغل نفسه عن ذكر الموت ليمتد نفسه أمله قليلاً فيصنف ويعمل أعمال خير ويقدر على طلب ولد‏.‏
فأما إذا لهج بذكر الموت كانت مفسدته عليه أكثر من مصلحته‏.‏
ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة رضي الله عنها فسبقته فسبقها وكان يمزح ويشاغل نفسه‏.‏
وقد روي عن أحمد بن حنبل رحمة الله عليه‏:‏ أنه سأل الله تعالى أن يفتح عليه باب الخوف ففتح عليه فخاف على عقله‏.‏
فسأل الله أن يرد ذلك عنه‏.‏

نتأمل هذا الأصل فإنه لا بد من مغالطة النفس وفي ذلك صلاحها والله الموفق والسلام‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

هاجس مقلق

يقول ابن الجوزي:

تأملت حالة أزعجتني وهو أن الرجل قد يفعل مع امرأته كل جميل وهي لا تحبه وكذا يفعل مع صديقه والصديق يبغضه وقد يتقرب إلى السلطان بكل ما يقدر عليه والسلطان لا يؤثره فيبقى متحيراً يقول‏:‏ ما حيلتي‏.‏
فخفت أن تكون هذه حالتي مع الخالق سبحانه أتقرب إليه وهو لا يريدني‏.‏
وربما يكون قد كتبني شقياً في الأزل‏.‏

ومن هذا خاف الحسن فقال‏:‏ أخاف أن يكون اطلع على بعض ذنوبي فقال‏:‏ لا غفرت لك‏.‏

فليس إلا القلق والخوف لعل سفينة الرجا تسلم – يوم دخلوها الشاطىء – من جرف‏.‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
ميزان الرجولة

يقول ابن الجوزي:

لا يغرك من الرجل طنطنته وما تراه يفعل من صلاة وصوم وعزلة عن الخلق‏.‏
إنما الرجل هو الذي يراعي شيئين‏:‏ حفظ الحدود وإخلاص العمل‏.‏
فكم قد رأينا متعبداً يخرق الحدود بالغيبة وفعل ما لا يجوز مما يوافق هواه‏.‏
وكم قد اعتبرنا على صاحب دين أنه يقصد بفعله غير الله تعالى‏.‏
وهذه الآفة تزيد وتنقص في الخلق‏.‏
والذي يحسن القصد فيكون عمله وقوله خالصاً لله تعالى لا يريد به الخلق ولا تعظيمهم له‏.‏
فرب خاشع ليقال ناسك وصامت ليقال خائف وتارك للدنيا ليقال زاهد‏.‏
وعلامة المخلص أن يكون في جلوته كخلوته وربما تكلف بين الناس التبسم والانبساط لينمحي عنه اسم زاهد‏.‏
فقد كان ابن سيرين يضحك بالنهار فإذا جن الليل فكأنه قتل أهل القرية‏.‏
واعلم أن المعمول معه لا يريد الشركاء فالمخلص مفرد له بالقصد والمرائي قد أشرك ليحصل له مدح الناس‏.‏
وذلك ينقلب لأن قلوبهم بيد من أشرك معه فهو يقلبها عليه لا إليه‏.‏
فالموفق من كانت معاملته باطنة وأعماله خالصة‏.‏
وذاك الذي تحبه الناس وإن لم يبالهم كما يمقتون المرائي وإن زاد تعبده‏.‏
ثم إن الرجل الموصوف بهذه الخصال لا يتناهى عن كمال العلوم ولا يقصر عن طلب الفضائل‏.‏
فهو يملأ الزمان بأكثر ما يسعه من الخير وقلبه لا يفتر عن العمل القلبي‏.‏
أبى أن يصير شغله بالحق سبحانه وتعالى‏.‏
رأيت خلقاً يفرطون في أديانهم ثم يقولون احملونا إذا متنا إلى مقبرة أحمد‏.‏
أتراهم ما سمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على من عليه دين وعلى الغال وقال‏:‏ ما ينفعه صلاتي عليه‏.‏
ولقد رأيت أقواماً من العلماء حملهم حب الصيت على أن استخرجوا إذناً من السلطان فدفنوا في دكة أحمد بن حنبل وهم يعلمون أن هناك خلقاً رفات بعضهم على بعض‏.‏
وما فيهم إلا من يعلم أنه ما يستحق القرب من مثل ذلك‏.‏
فأين احتقار النفوس أما سمعوا أن عمر بن عبد العزيز قيل له‏:‏ تدفن في الحجرة فقال‏:‏ لأن ألقى الله بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن أرى نفسي أهلاً لذلك‏.‏
لكن العادات وحب الرياسة غلبت على هؤلاء فبقي العلم يجري على الألسن عادة لا للعمل به‏.‏
ثم آل الأمر إلى جماعة خالطوا السلاطين وباشروا الظلم يزاحمون على الدفن بمقبرة أحمد ويوصون بذلك‏.‏
فليتهم أوصوا بالدفن في موضع فارغ إنما يدفنون على موتى‏.‏
ويخرج عظام أولئك فيحشرون على ما ألقوا من الظلم حتى في موتهم وينسون أنهم كانوا من أترى ما علموا أن مساعد الظالم ظالم وفي الحديث‏:‏ كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة‏.‏

قال السجان لأحمد بن حنبل‏:‏ هل أنا من أعوان الظلمة فقال‏:‏ لا أنت من الظلمة إنما أعوان الظلمة من أعانك في أمر‏.‏

تعليمية تعليمية





تعليمية تعليمية

فصل عظمة الهمة

يقول الإمام ابن الجوزي:

دعوت يوماً فقلت‏:‏ اللهم بلغني آمالي من العلم والعمل وأطل عمري لأبلغ ما أحب من ذلك فعارضني وسواس من إبليس فقال‏:‏ ثم ماذا أليس الموت فما الذي ينفع طول الحياة‏.‏
فقلت له‏:‏ يا أبله‏.‏
لو فهمت ما تحت سؤالي علمت أنه ليس بعبث‏.‏
أليس في كل يوم يزيد علمي ومعرفتي فتكثر ثمار غرسي فأشكر يوم حصادي‏.‏
أفيسرني أنني مت منذ عشرين سنة لا والله لأني ما كنت أعرف الله تعالى عشر معرفتي به اليوم‏.‏
وكل ذلك ثمرة الحياة التي فيها اجتنيت أدلة الوحدانية وارتقيت عن حضيض التقليد إلى يفاع البصيرة واطلعت على علوم زاد بها قدري وتجوهرت بها نفسي‏.‏
ثم زاد غرسي لآخرتي وقويت تجارتي في إنقاذ المباضعين من المتعلمين وقد قال الله لسيد المرسلين‏:‏ ‏"‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ‏"‏‏.‏
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ لا يزيد المؤمن من عمره إلا خيراً‏.‏
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله عز وجل الإنابة‏.‏
فيا ليتني قدرت على عمر نوح فإن العلم كثير وكلما حصل منه حاصل رفع ونفع‏.‏

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية

إضاعة الوقت

يقول الإمام ابن الجوزي:

رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً‏.‏
إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر‏.‏
وإن طال النهار فبالنوم‏.‏
وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق‏.‏
فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر‏.‏
ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل‏.‏
إلا أنهم يتفاوتون وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة‏.‏
والغافلون منهم يحملون ما اتفق وربما خرجوا لا مع خفير‏.‏
فكم ممن قد قطعت عليه الطريق فبقي مفلساً‏.‏
فالله الله في مواسم العمل‏.‏
والبدار البدار قبل الفوات‏.‏

واستشهدوا العلم واستدلوا الحكمة ونافسوا الزمان وناقشوا النفوس واستظهروا بالزاد‏.‏

فكأن قد حدا الحادي فلم يفهم صوته من وقع مع الندم‏.‏

تعليمية تعليمية




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.