التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية] تحذير الشيخ صالح السحيمي من كتاب هارماجدون ومن أخذ العلم من

تعليمية تعليمية
[صوتية] تحذير الشيخ صالح السحيمي -حفظه الله تعالى- من كتاب هارماجدون ومن أخذ العلم من دعاة الفضائيات

بسم الله الرحمن الرحيم

تحذير الشيخ صالح السحيمي من كتاب هارماجدون وكذلك من أخد العلم من دعاة الفضائيات

من شرح نونية القحطاني

لفضيلة الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله

لتحميل المادة الصوتية من هنا

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

هل الاجماع بعد الصحابة شرع لنا؟ قول الشيخ العثيمين

الإجماع


تعريفه
:
الإجماع لغة: العزم والاتفاق.
واصطلاحاً: اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم على حكم شرعي.
فخرج بقولنا: (اتفاق) ؛ وجود خلاف ولو من واحد، فلا ينعقد معه الإجماع.
وخرج بقولنا: (مجتهدي) ؛ العوام والمقلدون، فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم.
وخرج بقولنا: (هذه الأمة) ؛ إجماع غيرها فلا يعتبر.
وخرج بقولنا: (بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم) ؛ اتفاقهم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا يعتبر إجماعاً من حيث كونه دليلاً، لأن الدليل حصل بسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، ولذلك إذا قال الصحابي: كنا نفعل، أو كانوا يفعلون كذا على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ كان مرفوعاً حكماً، لا نقلاً للإجماع.
وخرج بقولنا: (على حكم شرعي) ؛ اتفاقهم على حكم عقلي، أو عادي فلا مدخل له هنا، إذ البحث في الإجماع كدليل من أدلة الشرع.
والإجماع حجة لأدلة منها:
1 – قوله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)(البقرة: الآية143) فقوله: شهداء على الناس، يشمل الشهادة على أعمالهم وعلى أحكام أعمالهم، والشهيد قوله مقبول.
2 – قوله تعالى: ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)(النساء: الآية59)دل على أن ما اتفقوا عليه حق.
3 – قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (40).
4 – أن نقول: إجماع الأمة على شيء، إما أن يكون حقًّا، وإما أن يكون باطلاً، فإن كان حقًّا فهو حجة، وإن كان باطلاً فكيف يجوز أن تجمع هذه الأمة التي هي أكرم الأمم على الله منذ عهد نبيها إلى قيام الساعة على أمر باطل لا يرضى به الله؟ هذا من أكبر المحال.
أنواعالإجماع:
الإجماع نوعان: قطعي وظني.
1 – فالقطعي: ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس وتحريم الزنى، وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ولا كونه حجة، ويكفر مخالفه إذا كان ممن لا يجهله.
2 – والظني: ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء. وقد اختلف العلماء في إمكان ثبوته، وأرجح الأقوال في ذلك رأي شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "العقيدة الواسطية" (41): "والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة". اهـ.
واعلم أن الأمة لا يمكن أن تجمع على خلاف دليل صحيح صريح غير منسوخ، فإنها لا تجمع إلا على حق، وإذا رأيت إجماعاً تظنه مخالفاً لذلك، فانظر فإما أن يكون الدليل غير صحيح، أو غير صريح، أو منسوخاً، أو في المسألة خلاف لم تعلمه.
شروط الإجماع:
للإجماع شروط منها:
1 – أن يثبت بطريق صحيح، بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء أو ناقله ثقة واسع الاطلاع.
2 – أن لا يسبقه خلاف مستقر، فإن سبقه ذلك فلا إجماع، لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها.
فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق، وإنما يمنع من حدوث خلاف، هذا هو القول الراجح لقوة مأخذه، وقيل: لا يشترط ذلك فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة، ويكون حجة على من بعده، ولا يشترط على رأي الجمهور انقراض عصر المجمعين فينعقد الإجماع من أهله بمجرد اتفاقهم، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم مخالفته بعد، لأن الأدلة على أن الإجماع حجة ليس فيها اشتراط انقراض العصر، ولأن الإجماع حصل ساعة اتفاقهم فما الذي يرفعه؟
وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً، واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد، ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار، فقيل: يكون إجماعاً، وقيل: يكون حجة لا إجماعاً، وقيل: ليس بإجماع ولا حجة، وقيل: إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع؛ لأن استمرار سكوتهم إلى الانقراض مع قدرتهم على الإنكار دليل على موافقتهم، وهذا أقرب الأقوال.

(40) رواه الترمزي (2167) كتاب الفتن ،7- باب ما جاء في لزوم الجماعة وقال : غريب . وأبو داود (4235) كتاب الفتن والملاحم باب ذكر الفتن ودلائلها وابن ماجه (3590) كتاب الفتن ،8- باب السواد الأعظم . قال البوصيري : وقد روى هذا الحديث من حديث أبي ذر ، وابي مالك الأشعري ، وابن عمر ، وأبي نضرة ، وقدامة ابن عبيد الله الكلابي ، وفي كلها نظر ، قال له شيخنا العراقي . وضعفه النووي في شرح صحيح مسلم (13/67) وحسنه الألباني في تخريج السنة (ح82) .

(41) أنظر شرح العقيدة الواسطية للمؤلف رحمه الله (2/328) طبعة دار ابن الجوزي
.

فضيلة الشيخ العلامة
محمد بن صالح العثيمين

المصدر




التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة الشيخ حافظ بن احمد حكمي

ترجمة الشيخ حافظ بن احمد حكمي

مولده ونشأته
ولد الشيخ حافظ الحكمي لأربع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان المبارك من سنة 1342هـ بقرية (السلام) التابعة لمدينة (المضايا) – الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة (جازان) حاضرة المنطقة ، على الساحل ، قريبة منها – حيث قبيلته التي إليها ينتسب
ثم انتقل مع والده أحمد إلى قرية (الجاضع) التابعة لمدينة (صامطة) في نفس المنطقة ، وهو ما يزال صغيراً ؛ لأن أكثر مصالح والده – من أراض زراعية ومواش ونحوهما – كانت هناك ، وإن بقيت أسرته الصغيرة تنتقل بين قريتي (السلام) و (الجاضع) لظروفها المعيشية
ونشأ حافظ في كنف والديه نشأة صالحة طيبة تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق ، وكان قبل بلوغه يقوم برعي غنم والديه التي كانت أهم ثروة لديهم آنذاك جرياً على عادة المجتمع في ذلك الوقت ، إلا أن حافظاً لم يكن كغيره من فتيان مجتمعه ؛ فقد كان آية في الذكاء وسرعة الحفظ والفهم ، فلقد ختم القرآن وحفظ الكثير منه وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة بعد ، وكذلك تعلم الخط وأحسن الكتابة منذ الصغر

طلبه للعلم
عندما بلغ الشيخ حافظ من العمر سبع سنوات أدخله والده مع شقيقه الأكبر محمد مدرسة لتعليم القرآن الكريم بقرية (الجاضع) فقرأ على مدرِّسه بها جزأي (عم ، وتبارك) ؛ ثم واصل قراءته مع أخيه حتى أتم قراءة القرآن مجوَّدة خلا أشهر معدودة ، ثم أكمل حفظه حفظاً تاماً بعيد ذلك
اشتغل بعدئذ بتحسين الخط فأولاه أكبر جهوده حتى أتقنه ، وكان ينسخ من مصحف مكتوب بخط ممتاز ، إلى جانب اشتغاله مع أخيه بقراءة بعض كتب الفقه والفرائض والحديث والتفسير والتوحيد مطالعة وحفظاً بمنزل والده إذ لم يكن بالقرية عالم يوثق بعلمه فُيتتلمذ على يديه
وفي مطلع سنة 1358هـ قدم من (نجد) الشيخ الداعية المصلح عبد الله بن محمد بن حمد القرعاوي إلى منطقة (تهامة) في جنوب المملكة ، بعد أن سمع عما كان فيها من الجهل والبدع – شأن كل منطقة يقلًّ فيها الدعاة والمصلحون أو ينعدمون – ونذر نفسه مخلصاً على أن يقوم بالدعوة إلى الدين القويم ، وتصحيح العقيدة الإسلامية في النفوس ، وإلى إصلاح المجتمع وإزاحة ما كان عالقاً في أذهان الجهال من اعتقادات فاسدة وخرافات مضلة
وفي سنة 1359هـ قدم شقيق حافظ عٍّمي (محمد بن أحمد) برساله منه ومن أخيه حافظ يطلبان فيها من الشيخ القرعاوي كتباً في التوحيد ، ويعتذران عن عدم القدرة على المجيء إليه لانشغالهما بخدمة والديهما والعناية بشؤونهما ، كما يطلبان منه – إن كان في استطاعته – أن يتوجه إليهما بقريتهما ليسمعا من بعض ما يلقي من دروس ، وفعلاً لبى الشيخ طلبهما وذهب إلى قريتهما ، وهناك التقى بحافظ وعرفه عن كثب ، وتوسم فيه النجابة والذكاء ، وقد صدقت فيه فراسته
ومكث الشيخ عدة أيام في (الجاضع) ألقى فيها بعض دروسه العلمية التي حضرها مجموعة من شيوخ القرية وشبابها ومن بينهم الشيخ حافظ الذي كان أصغرهم سناً ، لكنه كان أسرعهم فهماً وأكثرهم حفظاً واستيعاباً لما يلقى الشيخ من معلومات ، يقول عنه (الشيخ عبد الله القرعاوي : (وهكذا جلست عدة أيام في الجاضع ، وحافظ يأخذ الدروس وإن فاته شيء نقله من زملائه ، فهو على اسمه (حافظ) يحفظ بقلبه وخطه ، والطلبة الكبار كانوا يراجعونه في كل ما يشكل عليهم في المعنى والكتابة ، لأني كنت أملي عليهم إملاء ثم أشرحه لهم
وعندما أراد الشيخ العودة إلى مدينة (صامطة) التي جعلها مقراً له ومركزاً لدعوته ، طلب من والدي حافظ أن يرسلاه معه ليطلب العلم على يديه في (صامطة) على أن يجعل لهما من يرعى غنمهما بدلاً عنه ، ولكنهما رفضا طلب الشيخ أول الأمر وأصرَّا على أن يبقى ابنهما الصغير في خدمتهما لحاجتهما الكبيرة إليه
وتشاء إرادة الله أن لا تطول حياة والدته بعد ذلك إذ توفيت في شهر رجب سنة 1360هـ فيسمح والده له ولأخيه محمد بأن يذهبا إلى الشيخ للدراسة لمدة يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع ثم يعودا إليه ، فكان حافظ لذلك يذهب إلى الشيخ في (صامطة) فيملي عليه الدروس ، ثم يعود إلى قريته ، وكان ملهماً يفهم ويعي كل ما يقرأ أو يسمع من معلومات
ولم يعمر والده بعد ذلك إذ انتقل إلى جوار ربه وهو عائد من حجٍّ سنة 1360هـ رحمه الله – فتفرغ حافظ للدراسة والتحصيل ، وذهب إلى شيخه ولازمه ملازمة دائمة يقرأ عليه ويستفيد منه
وكان حافظ في كل دراساته على شيخه مبرزاً ونابغة ، فأثمر في العلم بسرعة فائقة ، وأجاد قول الشعر والنثر معاً ، وألف مؤلفات عديدة في كثير من العلوم والفنون الإسلامية ، ولقد كان كما قال عنه شيخه : ((لم يكن له نظير في التحصيل والتأليف والتعليم والإدارة في وقت قصير))

علمه
مكث حافظ يطلب العلم على يد شيخه الجليل عبد الله القرعاوي ، ويعمل على تحصيله ، ويقتني الكتب القيمة والنادرة من أمهات المصادر الدينية واللغوية والتاريخية وغيرها يستوعبها قراءة وفهماً
وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره – ومع صغر سنه – طلب منه شيخه أن يؤلف كتاباً في توحيد الله ، يشتمل على عقيدة السلف الصالح ، ويكون نظماً ليسهل حفظه على الطلاب ، يعدّ بمثابة اختبار له يدل على القدر الذي استفاد من قراءاته وتحصيله العلمي ؛ فصنف منظومته (سلم الوصول إلى علم الأصول – في التوحيد) التي انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ وقد أجاد فيها ، ولاقت استحسان شيخه والعلماء المعاصرين له
ثم تابع تصنيف الكتب بعد ذلك ، فألَّف في التوحيد ، وفي مصطلح الحديث ، وفي الفقه وأصوله ، وفي الفرائض ، وفي السيرة النبوية ، وفي الوصايا والآداب العلمية ، وغير ذلك نظماً ونثراً ، وقد طبعت جميعها طبعتها الأولى على نفقة المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز
ويتضح لنا من آثاره العلمية أن أبرز مقروءاته ذات الأثر في منهجه العلمي ومؤلفاته هي تلك الكتب التي ألّفها علماء السلف الصالح من أهل السنة في العلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وأصوله ، أما في مجال العقيدة فقدا بدا شديد التأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثير الاستفادة من مؤلفاتهما والأخذ عنها ، هذا إلى جانب استيعابه لكثير من مصادر التاريخ والأدب واللغة والنحو والبيان المؤلفة في مختلف العصور الإسلامية
ولقد كان – رحمه الله – عميق الفهم سريع الحفظ لما يقرأ ، وقد مر بنا قول لشيخه يشيد فيه بتلميذه حافظ ، الذي كان يحفظ بقلبه وخطه – على حد تعبير الشيخ – وكان زملاؤه الكبار يراجعونه في كل ما يشكل عليهم منذ مراحل تعليمه الأولى

أعماله
عندما لمس الشيخ عبد الله القرعاوي تفوُّق تلميذه حافظ ونبوغه العلمي أقامه مدرِّساً لزملائه والمستجدين من التلاميذ ، فألقى عليهم دروساً نافعة استفادوا منها فائدة كبرى
ثم عيَّنه شيخه في سنة 1363هـ مديراً لمدرسة (صامطة) السلفية – أول مدرسة افتتحها الشيخ في المنطقة لطلاب العلم – ، وأسند ‘ليه أمر الإشراف على مدارس القرى المجاورة
واتسعت بعد ذلك مدارس الشيخ في منطقتي (تهامة وعسير) فما من مدينة أو قرية إلا وأسس بها مدرسة أو أكثر تدرس العلوم الإسلامية ، وجعل بها من تلاميذه من يقوم بالتدريس فيها ويتولى شؤون إدارتها . ولما كان الشيخ يقوم في فترات متعددة بجولات على مئات المدارس التي كان قد أسسها في المنطقة جعل تلميذه الأول الشيخ حافظاً الحكمي مساعداً له يتولى الإشراف على سير التعليم وأمور الإدارة أثناء تجوال الشيخ على مدارسه ، فنهض حافظ بالعبء الملقى على عاتقه وأدى الأمانة خير الأداء
ثم تنقل الشيخ حافظ – للقيام بواجبه مع شيخه – في عدة أماكن منها قرية (السلامة العليا) ومدينة (بيش : أم الخشب) في الجزء الشمالي من منطقة (جازان) وغيرهما ، عاد بعدها إلى مدينة (صامطة) مرة أخرى يدير مدارسها ويساعد شيخه في تحمل المسؤولية والإشراف على سير التعليم ومواصلة تدعيم مهام الدعوة والإصلاح
وهكذا مضى الشيخ حافظ يؤدي واجباته في سبيل النهوض بأبناء منطقته ، وليرفع من مستواهم الثقافي والاجتماعي ، وليفيدهم من علمه قدر ما يستطيع ، فقد كان يجتمع إليه طلبة العلم من كل مكان للتتلمذ على يديه فيستفيدون منه فائدة عظمى ، ومن طلبته الآن علماء أفاضل يتولون مناصب القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية وغيرها
وفي سنة 1373هـ افتتحت وزارة المعارف السعودية مدرسة ثانوية بـ (جازان) عاصمة المنطقة ، فعين الشيخ حافظ أول مدير لها في ذلك العام
ثم افتتح معهد علمي تابع للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية آنذاك (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حالياً) بمدينة (صامطة) في عام 1374هـ فعين الشيخ حافظ مديراً له ؛ فقام بعمله هذا خير قيام ، وكان يلقي فيه بعض المحاضرات ويملي على تلاميذه الكثير من المعلومات الشرعية واللغوية المفيدة ، ويضع لهم المذكرات الدراسية للفنون التي لم تقرَّر لها كتب علمية وفق المناهج المحددة ، كان يمليها أحياناً بنفسه ، وقد يمليها عن طريق المدرسين بالمعهد أحياناً أخرى

صفاته
كان الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله – مثالاً يحتذي لكل طالب علم يريد التحصيل والعلم النافع ، ومثالاً لكل عالم جليل متواضع يحب لتلاميذه وزملائه كل خير وصلاح
ويكفي أن أورد هنا ماقاله عنه شقيقه الأكبر الشيخ محمد بن أحمد الحكمي – رحمه الله – في رسالة كتبها إليَّ إجابة لطلبي
((كان رحمه الله على جانب كبير من الورع والكرم والعفة والتقوى ، قويّ الإيمان ، شديد التمسك ، صداعاً بالحق ، يأمر بالمعروف ويأتيه ، وينهى عن المنكر ويبتعد عنه ، لا تأخذه في الله لومة لائم))
((كانت مجالسه دائماً عامرة بالدرس والمذاكرة وتحصيل العلم ، تغص بطلابه في البيت والمسجد والمدرسة ، لا يملّ حديثه ، ولا يسأم جليسه))
((كان جلّ أوقاته ملازماً لتلاوة القرآن الكريم ، ومطالعة الكتب العلمية ، بالإضافة إلى التدريس والتأليف والمذاكرة))
((وكان خفيف النفس يحب الرياضة والدعابة والمزاح مع زملائه وطلابه وزوَّاره ، مما يجذب قلوب الناس إليه ، ويحبب إليهم مجالسته والاستفادة منه))

وفاته
لم يزل الشيخ حافظ مديراً لمعهد صامطة العلمي حتى حجَّ في سنة 1377هـ ، وبعد انتهائه من أداء مناسك الحج لبى نداء ربه في يوم السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1377هـ بمكة المكرمة على إثر مرض ألمَّ به ، وهو في ريعان شبابه ، إذ كان عمره آنذاك خمساً وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر ، ودفن بمكة المكرمة ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
وقد كان وقع خبر وفاته على شيخه وعلى أهله وزملائه وأصدقائه وتلاميذه شديداً ، والمصيبة به فادحة ،وقد خلَّف الشيخ – رحمه الله – بعد رحيله مكتبة علمية كبيرة عامرة بكل علم وفن ، أوصى بأن تكون وقفاً على طلاب العلم ورواد المعرفة ، فضمَّت إلى معهد صامطة العلمي لينتفع بها المدرسون والطلاب ، ولتبقى تحت إشراف إدارة المعهد
كما خلَّف من تأليفه آثاراً علمية نافعة في كثير من الفنون الإسلامية ، لا يستغني عنها كل طالب علم
وله من الأبناء أربعة هم أحمد – كاتب هذه الأسطر – ، وعبد الله ، ومحمد ، وعبد الرحمن ، وفقهم الله جميعاً وسدد خطاهم ، وأخذ بأيديهم لما فيه خيرهم وصلاحهم

مؤلفاته

• في التوحيد
(سلم الوصول ، إلى علم الأصول ، في توحيد الله و اتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم) – أرجوزة في أصول الدين ، انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ ، وهي أوَّل ما ألف . طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 16 صفحة) معارج القبول ، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول – في التوحيد) وهو شرح مطول لأرجوزة (سلم الوصول) – المتقدم ذكرها – ، انتهى من تسويدة في سنة 1366هـ ، ويقع في مجلدين كبيرين تزيد صفحاتهما في طبعته الأولى عن ألف ومائة صفحة (أعلام السنة المنشورة ، لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) كتاب مؤلَّف على طريقة السؤال والجواب ، انتهى من تسويده في غرة شهر شعبان سنة 1365هـ ، و طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة (في 67 صفحة) الجوهرة الفريدة ، في تحقيق العقيدة (منظومة دالية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 19 صفحة)

• في المصطلح
(دليل أرباب الفلاح ، لتحقيق فن الاصطلاح) كتاب جليل حافل في مصطلح الحديث ، طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ (في 174صفحة) (اللؤلؤ المكنون ، في أحوال الأسانيد والمتون) منظومة ، انتهى من نظمها في سنة 1366هـ ، وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 18 صفحة )

• في الفقه

(السبل السوية ، لفقه السنن المروية) منظومة طويلة في الفقه وفق أبوابه المعروفة ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 134صفحة)

• في أصول الفقه
(وسيلة الحصول ، إلى مهمات الأصول) منظومة في أصول الفقه ، انتهى من كتابتها في سنة 1373هـ ، وتقع في 640 بيتاً. طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 35 صفحة)
متن (لامية المنسوخ) منظومة لامية الروى في النسخ وما يدخله من الكتب الفقهية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 10 صفحات )

• في الفرائض
(النور الفائض ، من شمس الوحي ، في علم الفرائض) رسالة منثورة في علم الفرائض ، انتهى من كتابتها في 15-8-1365هـ وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 46 صفحة)

• في التاريخ والسيرة النبوية
(نيل السول ، من تاريخ الأمم وسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم -) منظومة تاريخية ، تزيد أبياتها عن (950 بيتاً) ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 52 صفحة )

• في النصائح والوصايا والآداب العلم
نصيحة الإخوان المشهورة بـ (القاتية) ، وعنوانها : (هذا سؤال بشأن القات والدخان والشمة) ، وهي قصيدة تائية ، وقد طبع معها رد عليها لأحد أهل اليمن ، ثم جواب الشيخ عليه ، وفي الجواب الأخير فوائد جليلة . وقد طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ (في 15 صفحة)
(المنظومة الميمية ، في الوصايا والآداب العلمية) قصيدة ميمية رائعة في الحث على العلم وطلبه والتمسك بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة في – 14 صفحة –
وقد طبعت جميع هذه الكتب من مؤلفات الوالد الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله – طبعتها الأولى – ما أرِّخ منها وما لم يؤرخ – في سنتي 1373هـ -1374هـ على نقفة جلالة المغفور له الملك سعود بن عبد العزيز بمطابع البلاد السعودية بمكة المكرمة ، عدا كتاب معارج القبول الذي طبع طبعته الأولى (نحو سنة 1377هـ) في المطبعة السلفية بمصر

وللوالد الشيخ – من بعد – بعض الرسائل والمنظومات المخطوطة التي لم تطبع بعد ، أهمها
1- (مفتاح دار السلام ، بتحقيق شهادتي الإسلام)
2- (شرح الورقات ، في أصول الفقه – لأبي المعالي الجويني)
3- (همزية الإصلاح ، في تشجيع الإسلام وأهله ، والتمسك كل التمسك بأساسه وأصله)
4- (مجموعة خطب للجمع والمناسبات الدينية)
وكل مؤلفاته – رحمه الله – تعطيك الدليل الواضح على مكانته العلمية ، وعلى تعمقه في كثير من جوانب المعرفة ، وهي كتب قيمة يكفي للدلالة على جودتها وقيمتها أن بعضها عرض على فضيلة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – مفتي الديار السعودية آنذاك ، فاستحسنها واستجادها وأشار إلى الحكومة بطبعها وتوزيعها حتى يستفيد منها الخاصة والعامة على السواء ، لما فيها من فوائد جمَّة ، ونصائح عامة نافعة لجميع المسلمين في دينهم ودنياهم ، ولأنها تحضهم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله الأمين – صلى الله عليه وسلم – ، وعلى اتباع السلف الصالح والأئمة المبرزين من علماء المسلمين
رحم الله الشيخ حافظاً الحكمي رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، وجزاه عما قدم خير الجزاء ، وغفر له ولوالديه ولشيخه ولجميع المسلمين .
المصدر: ملتقى أهل الحديث.




مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي – الإصدار الثالث

الوصف: مكتبة الكترونية تعتني بكتب وتراث الشيخ حافظ بن أحمد حكمي، وتضم ترجمة له ومجموعة من أبرز مؤلفاته، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، والكتب في البرنامج هي:

– أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
– الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة
– سلم الوصول إلى علم الأصول
– معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول
– مفتاح دار السلام بتحقيق شهادتي الإسلام
– همزية الإصلاح
– اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون
– دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح
– مختصر دليل أرباب الفلاح
– السبل السوية لفقه السنن المروية
– وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول
– رسالة الأمــر بالمعروف والنهي عن المنكـر
– رسالة النور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض
– نصيحة الأخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان
– المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية
– المنظومة الهائية
– نيـل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول

وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة.

تعليمية
تعليمية

حجم ملف البرنامج: 5 ميجا بايت.

تحميل البرنامج




جزاك الله كل خير و أورثك الفردوس الأعلى




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فتاوى الحج لفضيلة الشيخ العثيمين رحمه الله

فتاوى الحج
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

س 449: إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال؟ وهل يقضي ما ترك من العبادات إذا تاب إلى الله عز وجل؟

الجواب: ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة موجب للخلود في النار كما دل على ذلك الكتاب، والسنة، وقول السلف- رحمهم الله- وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )(التوبة: الآية28) .
وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول، وذلك لأنه وقع من كافر، والكافر لا تصح منه العبادات لقوله تعالى: )وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:54) .
أما بالنسبة لما ترك من الأعمال السابقة فلا يجب عليه قضاؤها لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) (الأنفال:38) .
فعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويستمر في فعل الطاعات، والتقرب إلى الله عز وجل بكثرة الأعمال الصالحة ويكثر من الاستغفار والتوبة وقد قال الله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53) وهذه الآية نزلت في التائبين فكل ذنب يتوب العبد منه ولو كان شركاً بالله عز وجل فإن الله يتوب عليه. والله الهادي إلى سواء الصراط.


* * *
س450: كثيراً ما نلاحظ بعضاً من المسلمين وخاصة من الشباب من يتساهل في أداء فريضة الحج ويسوف في ذلك، ,أحياناً يتعذر بمشاغل فما حكم ذلك؟ وبماذا تنصحون هذا؟
وأحياناً نلاحظ بعضاً من الآباء يمنعون أبناءهم من أداء فريضة الحج بحجة الخوف عليهم، أو أنهم صغار مع أن شروط الحج متوفرة فيهم فما حكم فعل الآباء هذا؟ وما حكم طاعة الأبناء لآباءهم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً ووفقكم لما فيه خيري الدنيا والآخرة.
الجواب: من المعلوم أن الحج من أركان الإسلام ومبانيه العظام، وأنه لا يتم إسلام الشخص حتى يحج، إذا تمت في حقه شروط الوجوب؛ ولا يحل لمن تمت شروط الوجوب في حقه أن يؤخر الحج؛ لأن أوامر الله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام على الفور، ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له فربما يفتقر ، أو يمرض، أو يموت.
ولا يحل للآباء والأمهات أن يمنعوا أبناءهم من الحج إذا تمت شروط الوجوب في حقهم، وكانوا مع رفقة مؤتمنين في دينهم وأخلاقهم.
ولا يجوز للأبناء أن يطيعوا آباءهم، أو أمهاتهم في ترك الحج مع وجوبه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، اللهم إلا أن يذكر الآباء أو الأمهات مبرراً شرعياً لمنعم فحينئذ يلزم الأبناء تأخير الحج إلى أن يزول هذا المبرر للتأخير.
أسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح.


* * *
س451: من عليه دين هل يلزمه الحج؟
الجواب: إذا كان على الإنسان دين يستغرق ما عنده من المال فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأن الله تعالى إنما أوجب الحج على المستطيع قال الله تعالى: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (آل عمران: الآية97). ومن عليه دين يستغرق ما عنده لم يكن مستطيعاً للحج، وعلى هذا فيوفي الدين، ثم إذا تيسر له بعد ذلك فليحج.
وأما إذا كان الدين أقل مما عنده بحيث يتوفر لديه ما يحج به من بعد أداء الدين فإنه يقضي دينه، ثم يحج حينئذ، سواء كان فرضاً أم تطوعاً، ولكن الفريضة يجب عليه أن يبادر بها، وغير الفريضة هو بالخيار إن شاء تطوع، وإن شاء أن لا يتطوع ، وأن شاء أن لا يتطوع فلا إثم عليه.


* * *
س 452: من وكل شخصاً ليحج عن أمه ثم علم بعد ذلك أن هذا الشخص قد أخذ وكالات عديدة فما الحكم حينئذ؟ أفتونا غفر الله لكم.
الجواب: الذي ينبغي للإنسان أن يكون حازماً في تصرفه، وأن لا يكل الأمر إلا إلى شخص يطمئن إليه في دينه، بأن يكون أميناً عالماً بما يحتاج إليه في مثل ذلك العمل الذي وكل إليه فإذا أردت أن تعطي شخصاً ليحج عن أبيك المتوفى، أو أمك فعليك أن تختار من الناس من تثق به في علمه وفي دينه؛ وذلك لآن كثيراً من الناس عندهم جهل عظيم في أحكام الحج، فلا يؤدون الحج على ما ينبغي، وإن كانوا هم في أنفسهم أمناء، لكنهم يظنون أن هذا هو الواجب عليهم، وهم يخطئون كثيراً ، ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يعطوا إنابة في الحج لقصور علمهم، ومن الناس من يكون عنده علم لكن ليس لديه أمانة فتجده لا يهتم بما يقوله، أو يفعله في مناسك الحج لضعف أمانته ودينه، ومثل هذا أيضاً لا ينبغي أن يعطى أو أن يوكل إليه أداء الحج، فعلى من أراد أن ينيب شخصاً في الحج عنه أن يختار أفضل من يجده علماً وأمانة، حتى يؤدى ما طلب منه على الوجه الأكمل.
وهذا الرجل الذي ذكر السائل أنه أعطاه ليحج عن والدته وسمع فيما بعد أنه أخذ حجات أخرى لغيره ينظر فلعل هذا الرجل أخذ الحجات عن غيره وأقام أناساً يؤدونها، وقام هو بأداء الحج عن الذي استنابه ولكن هل يجوز للإنسان أن يفعل هذا الفعل؟ أي: هل يجوز للإنسان أن يتوكل عن أشخاص متعددين في الحج أو في العمرة، ثم لا يباشر هو بنفسه ذلك، بل يكلها إلى ناس آخرين؟
فنقول في الجواب: إن ذلك لا يجوز ولا يحل ، وهو من أكل المال بالباطل ، فإن بعض الناس يتاجر في هذا الأمر تجده يأخذ عدة حجج، وعدة عمرات على أنه هو الذي سيقوم بها، ولكنه يكلها إلى فلان وفلان من الناس بأقل مما أخذ هو، فيكسب أموالاً بالباطل، ويعطي أشخاصاً قد لا يرضونهم من أعطوه هذه الحجج أو العمرات، فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في إخوانه، وفي نفسه؛ لأنه إذا أخذ مثل هذا المال فقد أخذه بغير حق، ولأنه إذا ائتمن من قبل إخوانه على أنه هو الذي يؤدي الحج ، أو العمرة فإنه لا يجوز له أن يكل ذلك إلى غيره، لأن هذا الغير قد لا يرضاه من أعطاه هذه الحجج أو هذه العمرات.


* * *
س 453: شخص كبير في السن أحرم بالعمرة ولما وصل إلى البيت عجز عن أداء العمرة فماذا يصنع؟
الجواب: أنه يبقى على إحرامه حتى ينشط إلا إذا كان قد اشترط عند الإحرام: (( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني))، فإنه يحل ولا شيء عليه، ولا عمرة، ولا طواف وداع، أما إذا لم يقل ذلك ولم يرجى زوال ما به فإنه يحتلل ويذبح فدية إذا كان واجداً لأن الله تعالى يقول: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (البقرة:196) والنبي عليه الصلاة والسلام عندما أحصر عن إتمام عمرة الحديبية ذبح هديه وحل.


* * *
س 454: إذا حج الإنسان عن غيره بأجرة فبقي منها شيء فهل يأخذه؟
الجواب: إذا أخذ دراهم ليحج بها وزادت هذه الدراهم عن نفقة الحج فإنه لا يلزمه أن يردها إلى من أعطاه هذه الدراهم كان الذي أعطاه قال له: ((حج منها)) ولم يقل: ((حج بها)) فإذا قال ((حج منها)) فإنه إذا زاد شيء عن النفقة يلزمه أن يرده إلى صاحبه، فإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذه ، وأما إذا قال: ((حج بها)) فإنه لا يلزمه أن يرد شيئاً إذا بقي، اللهم إلا إذا يكون الذي أعطاه رجلاً لا يدري عن أمور الحج، ويظن أن الحج يكلف مصاريف كثيرة فأعطاه بناء على ظنه وعدم معرفته فحينئذ يجب عليه أن يبين له، وأن يقول : إني حججت بكذا وكذا، وإن الذي أعطيتني أكثر مما أستحق، وحينئذ إذا رخص له فيه وسمح له فلا حرج.


* * *
س 455: إذا اعتمر الابن عن أبيه فهل يجوز له أن يدعو لنفسه؟
الجواب: يجوز أن يدعو لنفسه في هذه العمرة، ولأبيه ولمن شاء من المسلمين، لأن المقصود أن يأتي بأفعال العمرة لمن أرادها له.
أما مسألة الدعاء فإنه ليس بركن ولا بشرط في العمرة فيجوز أن يدعو لنفسه، ولمن كانت له هذه العمرة، ولجميع المسلمين.


* * *
س 456: ما حكم الإستنابة في الحج أو العمرة؟
الجواب: توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك في فريضة.
الحالة الثانية: أن يكون ذلك في نافلة.
فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت، لمرض مستمر لا يُرجى زواله، أو لكبر ونحو ذلك فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله، ويؤدي الحج بنفسه، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه، فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في أداء النسك عنه؛ لأنه هو المطالب به شخصياً قال الله تعالى: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: 97) فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ليتم له التعبد والتذلل لله – سبحانه وتعالى- ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات.
وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم:
فمنهم من أجازه.
ومنهم من منعه.
والأقرب عندي : المنع، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه، أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه، وكما إنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه، فكذلك في الحج والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير، وإذا كانت عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد –رحمه الله- أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة، سواء كان قادراً أم غير قادر، ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث على الأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم، لأن بعض الناس تمضى عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج بناء على أنه يوكل من يحج عنه.


* * *
س 457: هل يجوز الاعتمار عن الميت؟
الجواب: يجوز الاعتمار عن الميت كما يجوز الحج عنه، وكذلك الطواف عنه يجوز، وكذلك جميع الأعمال الصالحة تجوز عن الميت، قال الإمام أحمد – رحمه الله-: كل قربة فعلها وجعل ثوابها لحي أو ميت مسلم نفعه، ولكن الدعاء للميت أفضل من ثوابها لحي أو ميت مسلم نفعه، ولكن الدعاء للميت أفضل من إهداء الثواب له، والدليل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إذا مات إنسان أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) 447 ، ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: (( أو ولد صالح يتعبد له، أو يقرأ، أو يصلي، أو يعتمر، أو يصوم)) أو ما أشبه ذلك، مع أن الحديث في سياق العمل، فهو يتحدث عن العمل الذي ينقطع بالموت، فلو كان المطلوب من الإنسان أن يعمل لأبيه وأمه لقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وولد صالح يعمل له))، ولكن لو عمل الإنسان عملاً صالحاً وأهدى ثوابه لأحد من المسلمين فإن ذلك جائز.


* * *
س 458: إذا حجت المرأة بدون محرم فهل حجها صحيح؟ وهل الصبي المميز يعتبر محرماً؟ والذي يشترط في المحرم؟
الجواب: حجها صحيح، لكن فعلها وسفرها بدون محرم محرَّم، ومعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه عليه الصلاة والسلام قال: (( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) 448
والصغير الذي لم يبلغ ليس بمحرم؛ لأنه هو نفسه يحتاج إلى ولاية وإلى نظر، ومن كان كذلك فلا يمكن أن يكون ناظراً أو وليّاً لغيره.
والذي يشترط في المحرم أن يكون مسلماً، ذكراً، بالغاً، عاقلاً فإذا لم يكن كذلك فإنه ليس بمحرم.
وهاهنا أمر نأسف له كثيراً وهو : تهاون بعض النساء في السفر بالطائرة بدون محرم، فإنهن يتهاون بذلك تجد المرأة تسافر في الطائرة وحدها، وتعليلهم لهذا الأمر يقولون: إن محرمها يشيعها في المطار الذي أقلعت منه الطائرة، والمحرم الآخر يستقبلها في المطار الذي تهبط فيه الطائرة، وهى في الطائرة آمنة.
وهذه العلة عليلة في الواقع، فإن محرمها الذي شيعها ليس يدخلها في الطائرة، وإنما يدخلها في صالة الانتظار.
وربما تتأخر الطائرة عن الإقلاع فتبقى هذه المرأة ضائعة.
وربما تطير الطائرة ولا تتمكن من الهبوط في المطار الذي تقصده لسبب من الأسباب، وتهبط في مكان آخر، فتضيع هذه المرأة.
وربما تهبط في المطار الذي قصدته، ولكن لا يأتي محرمها الذي يستقبلها لسبب من الأسباب لمرض، أو نوم، أو حادث في سيارته منعه من الوصول ، أو غير ذلك.
وإذا انتفت هذه الموانع كلها، ووصلت الطائرة في وقت وصولها، ووجد المحرم الذي يستقبلها، فإنه من الذي يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون إلى جانبها رجل لا يخشى الله- تعالي- ولا يرحم عباد الله فيغريها وتغتر به، ويحصل بذلك الفتنة والمحظور كما هو معلوم.
فالواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل، وأن لا تسافر إلا مع ذي محرم، والواجب أيضاً على أولياء النساء من الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يتقوا الله عز وجل، وأن لا يفرطوا في محارمهم، وأن لا تذهب غيرتهم ودينهم، فإن الإنسان مسؤول عن أهله، لأن الله تعالى جعلهم أمانة عنده، فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6).


* * *
س 459: امرأة تقول : أنوي أن أؤدي العمرة في رمضان ولكن برفقة أختي وزوجها ووالدتي فهل يجوز لي أن أذهب للعمرة معهم؟
الجواب: لا يجوز لك أن تذهبي للعمرة معهم؛ لأن زوج أختك ليس محرماً لك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)). فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( انطلق فحج مع امرأتك)) 449 ، ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هل مع هذه المرأة نساء؟ وهل كانت شابة أم عجوزاً ؟ وهل كانت آمنة أم غير آمنة؟
وهذه السائلة إذا تخلفت عن العمرة من أجل أنه لا محرم لها فإنه لا إثم عليها، حتى ولو كانت لم تعتمر من قبل ، لأن من شروط وجوب العمرة والحج أن يكون للمرأة محرم.


* * *
س460: ما هي مواقيت الحج الزمانية؟
الجواب مواقيت الحج الزمانية تبتدئ بدخول شهر شوال، وتنتهي إما بعشر ذي الحجة، أي بيوم العيد، أو بآخر يوم من شهر ذي الحجة، وهو القول الراجح لقول الله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات) (البقرة: 197) وأشهر جمع ، والأصل في الجمع أن يراد به حقيقته، ومعنى هذا الزمن أن الحج يقع في خلال هذه الأشهر الثلاثة، وليس يُفعل في إي يوم منها، فإن الحج له أيام معلومة، إلا أن نسك الطواف والسعي إذا قلنا بأن شهر ذي الحجة كله وقت للحج، فإنه يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة وسعي الحج إلى آخر يوم من شهر ذي الحجة، ولا يجوز له أن يؤخرهما عن ذلك، اللهم إلا لعذر ، كما لو نفست المرأة قبل طواف الإفاضة، وبقي النفاس عليها حتى خرج ذي الحجة فهي معذورة في تأخير طواف الإفاضة. هذه هي المواقيت الزمنية في الحج.
أما العمرة فليس لها ميقات زمني، تفعل في أي يوم من أيام السنة، لكنها في رمضان تعدل حجة، وفي أشهر الحج اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم كل عمره، فعمرة الحديبة كانت في ذي القعدة، وعمرة القضاء كانت أيضاً في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة أيضا كانت في ذي القعدة، وعمرة الحج كانت أيضاً مع الحج في ذي القعدة ، وهذا يدل على أن العمرة في أشهر الحج لها مزية وفضل، لاختيار النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأشهر لها.


* * *
س 461: ما حكم الإحرام بالحج قبل دخول هذه المواقيت الزمانية؟
الجواب: اختلف العلماء- رحمهم الله- في الإحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج.
فمن العلماء من قال أن الحج قبل أشهره ينعقد ويبقى محرماً بالحج، إلا أن يكره أن يحرم بالحج قبل دخول أشهره.
ومن العلماء من قالوا : أن من يحرم بالحج قبل أشهره، فإنه لا ينعقد ويكون عمرة، أي يتحول إلى عمرة ، لأن العمرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((دخلت في الحج)) 450 وسماها النبي صلى الله عليه وسلم الحج الأصغر. كما في حديث عمرو بن حزم المرسل المشهور 451، الذي تلقاه الناس بالقبول.


* * *
س 462: ما مواقيت الحج المكانية؟
الجواب: المواقيت المكانية خمسة: وهي ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، وذات عِرق.
أما ذو الحليفة: فهي المكان المسمى الآن بأبيار علي ، وهي قريبة من المدينة، وتبعد عن مكة بنحو عشر مراحل، وهي أبعد المواقيت عن مكة، وهي لأهل المدينة، ولمن مر به من غير أهل المدينة.
وأما الجحفة : فهي قرية قديمة في طريق أهل الشام إلى مكة، وبينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وقد خربت القرية، وصار الناس يحرمون بدلاً منها من رابغ.
وأما يلملم : فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى اليوم : السعدية، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين.
وأما قرن المنازل: فهو جبل أو مكان في طريق أهل اليمن إلى مكة، ويسمى الآن: السيل الكبير، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين أيضاً.
فأما الأربعة الأولى، وهي ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، فقد وقَّتها النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ذات عرق، فقد وقتها النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أهل السنن من حديث عائشة- رضي الله عنها- 452 وصح عن عمر – رضي الله عنه- أنه وقتها لأهل الكوفة والبصرة حين جاءوا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً، وأنها جور عن طريقنا ، فقال عمر رضي الله عنه -: انظروا إلى حذوها من طريقكم 453.
وعلى كل حال، فإن ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأمر ظاهر، وإن لم يثبت، فإن هذا ثبت بسنة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه – وهو أحد الخلفاء الراشدين المهديين الذين أُمرنا باتباعهم، والذي جرت موافقاته لحكم الله – عز وجل- في عدة مواضع، ومنها هذا إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقتها، وهو أيضاً مقتضى القياس، فإن الإنسان إذا مر بميقات لزمه الإحرام منه، فإذا حاذاه صار كالمار به، وفي أثر عمر-رضي الله عنه- فائدة عظيمة في وقتنا هذا، وهو أن الإنسان إذا كان قادماً إلى مكة بالطائرة يريد الحج، أو العمرة، فإنه يلزمه إذا حاذى الميقات من فوقه أن يحرم منه عند محاذاته، ولا يحل له تأخير الإحرام إلى أن يصل إلى جدة كما يفعله كثير من الناس، فإن المحاذاة لا فرق أن تكون في البر، أو في الجو، أو في البحر. ولهذا يُحرم أهل البواخر التي تمر من طريق البحر فتحاذي يلملم أو رابغأً ، يحرمون إذا حاذوا هذين الميقاتين.


* * *
س 463: ما حكم من تجاوز الميقات بدون إحرام؟
الجواب: من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين:
إما أن يكون مريداً للحج أو العمرة، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك، والحج أو العمرة، فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك، وعليه عند أهل العلم فدية دم يذبحه في مكة، ويوزعه على الفقراء هناك.
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج ولا العمرة، فإنه لا شيء عليه، سواء طالت مدة غيابة عن مكة أم قصرت، وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات في مروره هذا، لكان الحج يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة، وقد ثبت عن النبي صلى الله أن الحج لا يجب في العمرة إلا مرة، وأن ما زاد فهو تطوع، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم في من تجاوز الميقات بغير إحرام، أي أنه إذا كان لا يريد الحج ولا العمرة ، فليس عليه شيء، ولا يلزمه الإحرام من الميقات.


* * *
س464: نية الدخول في النسك، هل هي التي يُتلفظ بها في التلبية؟
الجواب: التلبية أن يقول : لبيك عمرة إذا كان في عمرة، ولبيك حجّاً إذا كان في حج، أما التلبية فلا يجوز التلفظ بها، فلا يقول مثلاً : اللهم إني أريد العمرة، أو أريد الحج، فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.


* * *
س 465: ما كيفية إحرام القادم إلى مكة جوّاً؟
الجواب: إحرام القادم إلى مكة جوّاً يجب عليه إذا حاذي الميقات أن يحرم، وعلى هذا فيتأهب أولاً بالاغتسال في بيته، ثم يلبس الإحرام قبل أن يصل إلى الميقات، ومن حين أن يصل إلى الميقات ينوي الدخول في النسك، ولا يتأخر؛ لأن الطائرة مرها سريع، فالدقيقة يمكن أن تقطع بها مسافات كبيرة، وهذا أمر يغفل عنه بعض الناس، تجد بعض الناس لا يتأهب، فإذا أعلن موظف الطائرة بأنهم وصلوا الميقات، ذهب يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام، وهذا تقصير جدّاً ، على أن الموظفين في الطائرة فيما يبدوا بدأوا ينبهون الناس قبل أن يصلوا إلى الميقات بربع ساعة أو نحوها، وهذا عمل يشكرونه عليه؛ لأنهم إذا نبهوهم قبل هذه المدة، جعلوا لهم فرصة في تغيير ثيابهم وتأهبهم، ولكن في هذه الحال ينبغي بل يجب على من أراد الإحرام أن ينتبه للوقت فإذا أعلن موظف الطائرة أنه قد بقي ربع ساعة، فلينظر على ساعته، حتى إذا مضى هذا الجزء الذي هو ربع الساعة أو قبله بدقيقتين أو ثلاث لبى بما يريد من النسك.


* * *
س 466: ما الحكم فيمن تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد العمرة؟
الجواب: الواجب على من أراد الحج أو العمرة ومرّ بالميقات أن لا يتجاوز الميقات حتى يحرم منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة….)) 454 إلخ وكلمة (( يهل)) خبر بمعنى الأمر ، وعلى هذا فيجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يهل منه، ولا يتجاوزه، فإن فعل وتجاوز وجب عليه أن يرجع ليحرم منه، وإذا رجع وأحرم منه فلا فدية عليه، فإن أحرم من مكانه ولم يرجع فعليه عند أهل العلم فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة.

رسالة
كيف يصلي الإنسان ويحرم في الطائرة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولاً: كيف يصلي الإنسان في الطائرة؟
1- يصلي النافلة في الطائرة وهو جالس على مقعده حيث كان اتجاه الطائرة ، ويومئ بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض.
2- لا يصلي الفريضة في الطائرة إلا إذا كان يتمكن من الاتجاه إلى القلبة في جميع الصلاة، ويتمكن أيضاً من الركوع ، والسجود ، والقيام ، والقعود.
3- إذا كان لا يتمكن من ذلك فإنه يؤخر الصلاة حتى يهبط في المطار فيصلى على الأرض، فإن خاف خروج الوقت قبل الهبوط أخرها إلى وقت الثانية إن كانت مما يُجمع إليها كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء. فإن خاف خروج وقت الثانية صلاهما في الطائرة قبل أن يخرج الوقت، ويفعل ما يستطيع من شروط الصلاة وأركانها، وواجباتها.
(مثلاً ) لو أقلعت الطائرة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط في المطار، وينزل فيصلي على الأرض، فإن خاف خروج وقت المغرب أخرها إلى وقت العشاء، فصلاهما جمع تأخير بعد نزوله، فإن خاف خروج وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل صلاهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة.
4- وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة أن يقف ويستقبل القبلة فيكبر، ويقرأ الفاتحة وما تسن قراءته قبلها من الاستفتاح، أو بعدها من القرآن، ثم يركع، ثم يرفع من الركوع ويطمئن قائماً، ثم يسجد، ثم يرفع من السجود ويطمئن جالساً، ثم يسجد الثانية ثم يفعل كذلك في بقية صلاته، فإن لم يتمكن من السجود جلس وأومأ بالسجود جالساً، وإن لم يعرف القبلة ولم يخبره أحد يثق به اجتهد وتحرى وصلى حيث كان اجتهاده.
5- تكون صلاة المسافر في الطائرة قصراً فيصلى الرباعية ركعتين كغيره من المسافرين.
ثانياً: كيف يحرم بالحج والعمرة من سافر في الطائرة؟
1- يغتسل في بيته ويبقى في ثيابه المعتادة، وإن شاء لبس ثياب الإحرام.
2- فإذا اقتربت الطائرة من محاذاة الميقات لبس ثياب الإحرام إن لم يكن لبسها من قبل.
3- فإذا حاذت الطائرة الميقات نوى الدخول في النسك، ولبى بما نواه من حج أو عمرة.
4- فإن أحرم قبل محاذاة الميقات احتياطاً خوفاً من الغفلة، أو النسيان فلا بأس.


* * *
س 467: من سافر من بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة؟
الجواب: لا يخلو الأمر من حالين:
1- أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة، فإنه يحرم من جدة، ولا حرج في ذلك لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- حين ذكر المواقيت قال: ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشئ، حتى أهل مكة من مكة)) 455
2- أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازماً عليها فإن يجب في هذه الحالة أن يحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة، لأنها دون الميقات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقت المواقيت فقال: (( هن لهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة)) 456
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال فإن عليه عند أهل العلم فدية دماً يذبحه في مكة، ويتصدق به على الفقراء وعمرته صحيحة، فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله فإنه يرجع إلى الميقات ويحرم منه، ولا شيء عليه.


* * *
س468: ما حكم الاغتسال للمحرم بعد لبس الإحرام؟
الجواب: الاغتسال للمحرم لا بأس به لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء اغتسل مرة، أو مرتين، ولكنه يجب أن يغتسل إذا احتلم وهو محرم فيغتسل عن الجنابة، وأما الاغتسال للإحرام فهو سنة.


* * *
س 469: ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان جدّاً للإنسان وقد حج النائب عن نفسه؟
الجواب: لا حرج أن يحج الإنسان عن جده الذي لم يحج لأن ذلك قد جاءت به بالسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.


* * *
س 470: هل للإحرام صلاة تخصه؟
الجواب: ليس للإحرام صلاة تخصه، لكن إذا وصل الإنسان إلى الميقات، وهو قريب من وقت الفريضة فالأفضل أن يؤجل الإحرام حتى يصلي الفريضة ثم يحرم، أما إذا وصل إلى الميقات في غير وقت فريضة فإنه كما هو معلوم يغتسل كما يغتسل من الجنابة، ويتطيب، ويلبس ثياب الإحرام، ثم إن أراد أن يصلي صلاة الضحى فيما إذا كان في وقت الضحى، أو أن يصلى سنة الوضوء فيما إذا لم يكن وقت الضحى وأحرم بعد ذلك فحسن، وأما أن يكون هناك صلاة خاصة للإحرام فإن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم .


* * *
س 471: من اعتمر في أشهر الحج ثم سافر إلى المدينة وأحرم بالحج من أبيار علي فهل يكون متمتعاً؟
الجواب: ما دام هذا الرجل حين أتى بالعمرة في أشهر الحج قد عزم أن يحج من عامه فإنه يكون متمتعاً، لأن سفره بين العمرة والحج لا يبطل التمتع إلا إذا رجع إلى بلده، وأنشأ السفر من بلده إلى الحج فحينئذ ينقطع تمتعه؛ لأنه أفرد كل نسك بسفر مستقل فهذا الرجل الذي ذهب إلى المدينة بعد أن أدى العمرة ثم أحرم بالحج من أبيار علي يلزمه هدي التمتع لعموم قوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (البقرة:196).


* * *
س 472: من احرم بالعمرة في شوال وأتمها وهو لم يرد الحج ثم تيسر له الحج فهل يكون متمتعاً؟
الجواب : ليس بمتمتع فلا يجب عليه هدي.


* * *
س 473: ما هي التلبية التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ومتى تقطع التلبية في العمرة والحج؟
الجواب: التلبية التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك 457 . وروى الإمام أحمد- رحمه الله- زيادة: لبيك إله الحق 458 . وإسناده حسن.
وتقطع التلبية في العمرة إذا شرع في الطواف، وفي الحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة يوم العيد، لما روى الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما يرفع الحديث (( أنه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر)) 459 ، صححه الترمذي لكن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعفه الأكثرون، وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن أسامة كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى مزدلفة ثم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى فكلاهما قال: (( لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة)) 460 ، أخرجاه في الصحيحين، وعند مالك يقطع التلبية في العمرة إذا وصل الحرم، وقيل : يقطعها إذا وصل البيت أو رآه. ومعنى لبيك: إقامة على طاعتك وإجابة لدعواتك، ولفظه لفظ المثنى ومعناه الكثرة.


* * *
س 474: هل يجوز للمحرم تمشيط شعره؟
الجواب: تمشيط المحرم شعره لا ينبغي ، لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر ، ولا حرج عليه أن يغسله ، وأما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر، ولكن إذا سقط شعر من المحرم بدون قصد إما لحك رأسه أو لفركه وما أشبه ذلك فإنه لا حرج عليه في هذا، لأنه غير معتمد إزالته، وليعلم أن جميع محظورات الإحرام إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه على سبيل الخطأ، أو على سبيل النسيان فإنه لا حرج عليه فيها؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 5). وقال سبحانه وتعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) (البقرة: 286). فقال الله تعالى : قد فعلت.
وفي خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (المائدة: من الآية95) وهذا القيد وهو قوله تعالى (مُتَعَمِّداً) يفيد أن من قتله غير متعمد فليس عليه جزاء وهذا القيد قيد احترازي؛ لأنه قيد مناسب للحكم وذلك أن المتعمد هو الذي يناسبه إيجاب الجزاء، وأما غير المعتمد فلا يناسبه إيجاب الجزاء لما علم من هذا الدين الإسلامي من أنه دين السماحة والسهولة واليسر وعلى هذا فنقول : جميع محظورات الإحرام بدون استثناء إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً فإنه لا يترتب عليه شيء من أحكامها، لا من وجوب الفدية، ولا من فساد النسك فيما يفسد النسك كالجماع وغير ذلك . هذا هو الذي تقتضيه الأدلة الشرعية التي أشرنا إليها.


* * *
س 475: حاج قصَّر من بعض شعره جهلاً منه وتحلل فما يلزمه؟
الجواب: هذا الحاج الذي قصر من بعض شعره جاهلاً بذلك ثم تحلل لا شيء عليه في هذا التحلل ؛ لأنه جاهل ، ولكن بقى عليه إتمام التقصير لشعر رأسه.
وإنني بهذه المناسبة أنصح إخواني إذا أرادوا شيئاً من العبادات أن لا يدخلوا فيها حتى يعرفوا حدود الله عز وجل فيها لئلا يتلبسوا بأمر يخل بهذه العبادة، لقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) وقوله تعالى (ِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) (الزمر: من الآية9). فكون الإنسان يعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة خير بكثير من كونه يعبد الله سبحانه وتعالى على جهل ، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون.


* * *
س 476: إذا دخل الآفاقي مكة بدون إحرام من أجل أن يتحايل على ولاة الأمر بعدم إرادة الحج، ثم أحرم من مكة فهل حجه صحيح؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيراً.
الجواب: أما حجه فصحيح، وأما فعله فحرام، حرام من وجهين:
أحدهما: تعدي حدود الله – سبحانه وتعالى- بترك الإحرام من الميقات.
والثاني: مخالفة أمر ولاة الأمور الذين أمرنا بطاعتهم في غير معصية الله، وعلى هذا يلزمه أن يتوب إلى الله، ويستغفره مما وقع ، وعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء لتركه الإحرام من الميقات على ما قاله أهل العلم من وجوب الفدية على من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة.


* * *
س 477: إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهل يعتبر مفرداً؟
الجواب: نعم إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله ، فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداًَ ، فلا يجب عليه هدي التمتع حيئنذ، لكن لو فعل ذلك تحيلاً على إسقاط الهدي فإنه لا يسقط عنه؛ لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يقتضي إسقاطه، كما أن التحيل على المحرم لا يقتضي حله.


* * *
س 478: ما حكم استعمال المظلة للمحرم؟ وكذلك الحزام مع العلم أنه مخيط؟
الجواب: حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس لا بأس به، ولا حرج فيه، ولا يدخل هذا في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الرأس – رأس الرجل- لأن هذا ليس تغطية، بل هو تظليل من الشمس والحر، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد، وبلال أحدهما أخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوباً يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة461 ، وفي رواية : والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس، وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل.
أما وضع الحزام على إزاره فإنه لا بأس به، ولا حرج فيه، وقول السائل : (( مع أنه مخيط)) هذا القول مبني على فهم خاطىء من بعض العامة، حيث ظنوا أن معنى قول العلماء: (( يحرم على المحرم لبس المخيط)) ظنوا أن المراد به ما كان فيه خياطة، وليس كذلك بل مراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مصنوعاً على قدر العضو، ولبس على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل، والفنيلة وما أشبه ذلك، وليس مراد أهل العلم ما كان به خياطة، ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس، وإن كان قد خيط بعضه ببعض.


* * *
س 479: شخص معاق لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فكيف يصنع؟
الجواب: إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يقدر عليه من اللباس الآخر، وعليه عند أهل العلم أما أن يذبح في مكة شاة يفرقها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، هكذا قال أهل العلم قياساً على ما جاء في حلق شعر الرأس حيث قال الله تعالى: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (البقرة: 196) وقد فصل النبي صلى الله عليه وسلم الصيام والصدقة بما ذكرناه.


* * *
س 480: ما حكم من جامع وهو محرم بالحج جاهلاً تحريم الجماع؟
الجواب: من المعلوم أن الجماع من محظورات الإحرام ، قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ) (البقرة: 197) والرفث والجماع ومقدماته، فالجماع أعظم محظورات الإحرام، إذا جامع الإنسان وهو محرم بالحج فإما أن يكون قبل التحلل الأول، أو بعد التحلل الأول، فإن كان قبل التحلل الأول ترتب على جماعه أمور:
أولاً: فساد النسك بحيث لا يجزئه عن نافلة ولا عن فريضة .
ثانياً:الإثم.
ثالثاً: وجوب المضي فيه ، أي أنه مع فساده يستمر ويكمله ويبقى هذا النسك الفاسد كالنسك الصحيح في جميع أحكامه.
رابعاً: وجوب القضاء من العام القادم، سواء كان ذلك الحج فريضة أم نافلة، أما إذا كان فريضة فوجوب القضاء ظاهر لأن الحج الذي جامع فيه لم تبرأ به ذمته، وأما إذا كان نافلة فلأن نافلة الحج يجب المضى فيها لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه) (البقرة:196) وقد سمى الله تعالى التلبس بالحج فرضاً فقال: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَج) (البقرة: 197) فلهذا قلنا إنه يجب عليه قضاء هذا الحج الفاسد سواء كان فرضاً أم نفلاً.
الأمر الخامس مما يترتب عليه : أنه يذبح بدنه، كفارة عن فعله يوزعها على الفقراء ، وإن ذبح عنها سبعاً من الغنم فلا بأس . هذا حكم الجماع قبل التحلل الأول.
أما إذا كان الجماع بعد التحلل الأول فإنه يترتب عليه الإثم وفساد الإحرام فقط، وعليه شاة يذبحها ويوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو غيره، أو يصوم ثلاثة أيام ، فيخير بين هذه الثلاثة ، ويجدد الإحرام فيذهب إلى أدنى الحل ويحرم منه ليطوف طواف الإفاضة محرماً ، هكذا قال فقهاؤنا.
فإن قيل : متى يحصل التحلل الأول؟
قلنا: التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق، أو التقصير، فإذا رمى الإنسان جمرة العقبة يوم العيد، وحلق أو قصر فقد حل التحلل الأول وحل من كل المحظورات إلا النساء ، قالت عائشة – رضي الله عنها- (( كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) 462. وهذا الحديث دليل على أن الإحلال يليه الطواف بالبيت، وهو يقتضي أن يكون الحلق سابقاً على الإحلال كما قررناه آنفاً بأن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد مع الحلق أو التقصير ، فالجماع الذي قبل ذلك يترتب عليه الأمور الخمسة التي ذكرناها آنفاً ،والذي بعد ذلك يترتب عليه ما ذكرناه من الإثم وفساد الإحرام دون النسك، ووجوب فدية، أو إطعام ، أو صيام سواء في مكة أو في غيره، وسواء كان متتابعاً أو متفرقاً، وإذا كان هذا الإنسان داخلاً بمعنى أنه لا يدري أن هذا الشيء حرام فإنه لا شيء عليه سواء كان ذلك قبل التحلل الأول، أو بعده، لأن الله عز وجل يقول: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة:286) فقال الله قد فعلت، ويقول تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 5).
فإن قيل :إذا كان هذا الرجل عالماً بأن الجماع حرام في حال الإحرام لكنه لم يظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور، ولو ظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور ما فعله فهل هذا عذر؟
فالجواب: أن هذا ليس بعذر؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلاً بالحكم لا يدري أن هذا الشيء حرام ، وأما الجهل بما يترتب على الفعل فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلاً محسناً يعلم أن الزنا حرام، وهو بالغ عاقل، وقد تمت شروط الإحصان في حقه لوجب عليه الرجم، ولو قال أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو قال أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له : هذا ليس بعذر فعليك الرجم، وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنا، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يجب عليه ألزامه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة مع انه كان حين جماعه جاهلاً بما يجب عليه ، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية وانتهك حرمات الله – عز وجل- ترتب عليه آثار تلك المعصية، وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها.


* * *
س 481: كيف تتحجب المرأة المحرمة؟ وهل يشترط أن لا يمس الغطاء وجهها؟
الجواب: المرأة المحرمة إذا مرت من عند الرجال، أو مر الرجال من عندها وهم من غير محارمها يجب عليها أن تغطي وجهها كما كانت نساء الصحابة – رضي الله عنهم- على هذا، وفي هذه الحال لا فدية عليها، لأن هذا أمر مأمور به، والمأمور به لا ينقلب محظوراً .
ولا يشترط أن لا يمس الغطاء ووجهها، بل لو مس الغطاء وجهها فلا حرج عليها، فيجب عليها أن تغطي وجهها ما دامت عند الرجال، وإذا دخلت الخيمة، أو كانت في بيتها كشفت الوجه؛ لأن المشروع في حق المحرمة أن تكشف وجهها.


* * *
س 482: امرأة حاجة وحاضت قبل طواف الوداع فما الحكم؟
الجواب: الحكم في هذا أن المرأة إذا طافت طواف الإفاضة وأتاها الحيض بعد أن أتمت مناسك الحج ولم يبق عليها إلا طواف الوداع فإن طواف الوداع يسقط عنها في هذه الحال؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : (( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض ))463 ، ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم :" إن صفية بنت حيي حاضت وكانت قد طافت- رضي الله عنها- طواف الإفاضة قال ((فانفروا إذن))464 وأسقط عنها طواف الوداع.
أما طواف الإفاضة فإنه لا يسقط بالحيض ، فإما أن تبقى المرأة في مكة حتى تطهر وتطوف طواف الإفاضة، وإما أن تذهب إلى بلدها على ما بقي من إحرامها، فإذا طهرت عادت فأتت بطواف الإفاضة وهنا يحسن إذا عادت أن تأتي أولاً بمعرة فتطوف وتسعي وتقصر، ثم تطوف طواف الإفاضة، وإذا كانت لا يمكنها ذلك بأي حال من الأحول فإنها تضع على محل الحيض ما يمنع نزول الحيض، وتلوث المسجد به، ثم تطوف للضرورة على القول الراحج..


* * *
س 483:امرأة أحرمت مع زوجها وهي حائض، وعندما طهرت اعتمرت بدون محرم ثم إنها رأت الدم بعد ذلك فما الحكم؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيراً
الجواب: نقول إن هذه المرأة فيما يبدو قدمت إلى مكة هي ومحرمها ، وقد كانت أحرمت من الميقات وهي حائض، وإحرامها من الميقات وهي حائض إحرام صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استفتته أسماء بنت عميس وهو في ذي الحليفة قالت : يا رسول الله إني نفست، قال (( اغتسلي واستثفري بثوب، واحرمي))465 . وإذا قدمت مكة وطهرت وأدت العمرة بدون محرم فلا حرج عليها؛ لأنها في وسط البلد ، لكن رجوع الدم إليها بعد قد يورث إشكالاً في هذه الطهارة التي رأتها فنقول لها : إذا كنت قد رأيت الطهر يقيناً فإن عمرتك صحيحة، وإن كنت في شك من هذا الطهر فأعيدى العمرة من جديد، لكن ليس معنى إعادة العمرة من جديد أن تذهبي إلى الميقات فتحرمي من جديد، وإنما نريد أن تعيدي الطواف والسعي والتقصير.


* * *
س 484: امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة وحان وقت مغادرتها ولا تستطيع التأخر ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى فكيف تصنع؟ أفتونا جزاكم الله خيراً
الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة وحاضت، ويتعذر أن تبقى في مكة، أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف ففي هذه الحال يجوز لها أن تفعل واحداً من أمرين:
1- إما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف إذا لم يكن عليها ضرر في هذه الإبر.
2- وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة، وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-.
وخلاف ذلك واحد من أمرين:
1- إما أن تبقي على ما بقي من إحرامها بحيث لا يحل لزوجها مباشرتها، ولا أن يعقد عيها إن كانت غير متزوجة.
2- وإما أن تعتبر محصرة تذبح هدياً ، وتحل من إحرامها ، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها.
وكلا الأمرين أمر صعب ، الأمر الأول وهو بقاؤها على ما بقي من إحرامها ، والأمر الثاني الذي يفوت عليها حجها فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله- في مثل هذه الحال للضرورة وقد قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: 78) وقال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (البقرة: 185). أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر، ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر، فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج، وفي هذه المدة لا تحل للأزواج ، لأنها لم تحل التحلل الثاني.


* * *
س 485: امرأة أحرمت بالعمرة ثم حاضت فخرجت من مكة بدون عمرة فماذا عليها؟
الجواب:إذا أحرمت المرأة بالعمرة وأتاها الحيض فإن إحرامها لا يبطل بل تبقى على إحرامها، وهذه المرأة التي أحرمت بالعمرة وخرجت من مكة، ولم تطف، ولم تسع، لا تزال في عمرتها وعليها أن ترجع إلى مكة، وأن تطوف ، وتسعى، وتقصر حتى تحل من إحرامها، ويجب عليها أن تتجنب جميع محظورات الإحرام من الطيب وأخذ الشعر ، أو الظفر، وعدم قربها من زوجها إن كانت ذات زوج حتى تقضي عمرتها، اللهم إلا أن تكون قد خافت من مجيء الحيض فاشترطت عند إحرامها ، أن محلها حيث حبست، فإنها لا شئ عليها إذا تحللت من إحرامها حينئذ.


* * *
س 486: هل يجوز للمحرمة أن تغير الثياب التي أحرمت فيها؟ وهل للإحرام ثياب تخصه؟
الجواب: يجوز للمرأة المحرمة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى، سواء كان ذلك لحاجة أم لغير حاجة، لكن بشرط أن تكون الثياب الأخرى ليست ثياب تبرج وجمال أمام الرجال، وعلى هذا فإذا أرادت أن تغير شيئاً من ثيابها التي أحرمت بها فلا حرج عليها.
وليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة بل تلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ، ولا تلبس القفازين، والنقاب هو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعين، وأما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد، ويسميان شراب اليدين.
وأما الرجل فإن له لباساً خاصّاً في الإحرام، وهو الإزار والرداء، فلا يلبس القميص، ولا السراويل ، ولا العمائم، ولا البرانس ولا الخفاف.


* * *
س 487: هل يجوز للمحرمة أن تلبس القفازين والجورب؟
الجواب: أما لبس المرأة الجورب فلا بأس به. وأما لباسها القفازين فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال في المحرمة : ((لا تلبس القفازين))466


* * *
س 488: امرأة مرت بالميقات وهي حائض فأحرمت منه ونزلت إلى مكة وأخّرت العمرة حتى طهرت فما حكم عمرتها؟
الجواب: العمرة صحيحة ولو أخرتها إلى يوم أو يومين ولكن بشرط أن يكون ذلك بعد طهارتها من الحيض؛ لأن المرأة الحائض لا يحل لها أن تطوف بالبيت، ولهذا لما حاضت عائشة- رضي الله عنها- وهي قد أقبلت إلى مكة محرمة بالعمرة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ((أحرمي بالحج وافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت))467 ، ولما حاضت صفية قال صلى الله عليه وسلم : ((أحابستنا هي))؟ ظن أنها لم تطف طواف الإفاضة، فقالوا إنها قد أفاضت فقال : ((انفروا))468 فالمرأة الحائض لا يحل لها أن تطوف بالبيت، فإذا قدمت إلى مكة وهي حائض وجب عليها الانتظار حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت، أما إذا حصل الحيض بعد طواف العمرة وقبل السعي فلتكمل عمرتها ولا شيء عليها؛ وإذا أتاها الحيض بعد السعي فلا يجب عليها طواف الوداع حينئذ؛ لأن طواف الوداع يسقط عن الحائض.


* * *
س 489: امرأة أحرمت من الميقات وهي حائض ثم طهرت في مكة وخلعت ملابسها فما الحكم؟
الجواب: المرأة إذا أحرمت من الميقات وهي حائض ، ثم وصلت مكة وطهرت فإن لها أن تغير ما شاءت من الثياب، وتلبس ما شاءت من الثياب ما دامت الثياب من الثياب المباحة، وكذلك الرجل يجوز أن يغير ثياب الإحرام بثياب إحرام أخرى، ولا حرج عليه.


* * *
س 490: ما حكم تغطية الوجه بالنقاب في الحج، فقد كنت قرأت حديثاً بما معناه ((لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين))، وقرأت قولاً آخراً لعائشة – رضي الله عنها- وهم في الحج تقول: (( كنا إذا ساوى بنا الرجال أسدلنا على وجوهنا وإذا سبقناهم كشفنا وجوهنا)) فكيف نجمع بين القولين؟
الجواب: الصواب في هذا ما دل عليه الحديث وهو نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المحرمة ، فالمرأة المحرمة منهية عن النقاب مطلقاً سواء مرّ بها الرجال الأجانب أم لم يمروا بها، وعلى هذا فيحرم على المرأة المحرمة أن تنتقب سواء كانت في حج، أو في عمرة، والنقاب معروف عند النساء وهو أن تغطي وجهها بغطاء يكون فيه فتحة لكل واحدة من عينيها، وأما حديث عائشة فلا يعارض النهي عن الانتقاب؛ وذلك لأن حديث عائشة ليس فيه أن النساء ينتقبن، وإنما يغطين الوجه بدون نقاب، وهذا أمر لا بد منه إذا مر الرجال بالنساء، فإنه يجب عليهن أن يسترن وجوههن؛ لأن ستر الوجه عن الرجال الأجانب واجب، وعلى هذا فنقول لبس النقاب للمحرمة حرام عليها مطلقاً، وأما ستر وجهها فالأفضل لها كشف الوجه، ولكن إذا مر الرجال قريباً منها فإنه يجب عليها أن تغطيه، ولكن تغطيه بغير النقاب.


* * *
س 491: من فعل شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً فما الحكم؟
الجواب: إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام بعد أن لبس إحرامه وهو لم يعقد النية بعد فلا شيء عليه؛ لأن العبرة بالنية لا بلبس ثوب الإحرام، ولكن إذا كان قد نوى ودخل في النسك فإنه إذا فعل شيئاً من المحظورات ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، ولكن يجب عليه بمجرد ما يزول العذر فيذكر إن كان ناسياً، ويعلم إن كان جاهلاً يجب عليه أن يتخلى من ذلك المحظور.
مثال هذا : لو أن رجلاً نسي فلبس ثوباً وهو محرم فلا شيء عليه، ولكن من حين ما يذكر يجب عليه أن يخلع هذا الثوب وكذلك لو نسي فأبقى سرواله عليه، ثم ذكر بعد أن عقد النية ولبى، فإنه يجب عليه أن يخلع سرواله فوراً ولا شيء عليه، وكذلك لو كان جاهلاً فإنه لا شيء عليه مثل أن يلبس فنيلة ليس فيها خياط بل منسوجة نسجاً يظن أن المحرم لبس ما فيه خياطة فإنه لا شيء عليه، ولكن إذا تبين له أن الفنيلة وإن لم يكن بها توصيل فإنها من اللباس الممنوع فإنه يجب عليه أن يخلعها.
والقاعدة العامة في هذا أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه لقوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) (البقرة: 286) فقال الله تعالى : قد فعلت ، ولقوله تعالى ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 5) ولقوله تعالى في خصوص الصيد هو من محظورات الإحرام : ( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ) (المائدة: 95). ولا فرق في ذلك بين أن يكون محظور الإحرام من اللباس ، والطيب ونحوهما، أو من قتل الصيد، وحلق شعر الرأس ونحوهما، وإن كان بعض العلماء فرق بين هذا وهذا، ولكن الصحيح عدم التفريق ، لأن هذا من المحظور الذي يعذر فيه الإنسان بالجهل، والنسيان، والإكراه.


* * *
س 492: حاج وقع في بعض الأخطاء في أداء نسكه ولم يكن معه ما يكفر به وسافر إلى بلده فهل يخرج ما وجب عليه في بلده أم يلزمه أن يكون في مكة؟ وإذا كان يلزم في مكة فهل يجوز التوكيل؟
الجواب: لا بد أن نعرف ما هو هذا الشيء الذي حصل : إن كان ترك واجب ففيه فدية يذبحها في مكة؛ لأنها تتعلق بالنسك، ولا يجزئ في غير مكة.
وإن كان فعل محظور فإنه يجزى فيه واحد من ثلاث أمور: إما إطعام ستة مساكين ، ويكون في مكة أو في مكان فعل المحظور. وإما صيام ثلاثة أيام، وفي هذه الحال يصوم ثلاثة أيام في مكة أو غيرها.
إلا أن يكون هذا المحظور جماعاً قبل التحلل الأول في الحج، فإن الواجب فيه بدنه يذبحها في مكان فعل المحظور، و في مكة ويفرقها على الفقراء، أو أن يكون جزاء صيد فإن الواجب مثله، أو إطعام، أو صيام فإن كان صوماً ففي أي مكان، وإن كان إطعاماً أو ذبحاً فإن الله تعالى يقول: ( هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) (المائدة: 95). فلا بد أن يكون في الحرم، وله أن يوكل فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكل عليّاً رضي الله عنه في ذبح ما بقي من هديه.


* * *
س 493: هل يجوز تقديم السعي على الطواف؟
الجواب: أما بالنسبة لتقديم سعي الحج على طواف الإفاضة فهذا جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر وجعل الناس يسألونه وقيل له سعيت قبل أن أطوف فقال: (( لا حرج))469 . فمن كان متمتعاً فقدم السعي في الحج على الطواف، أو مفرداً، أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم فقدم السعي علي الطواف فهذا لا بأس به لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا حرج".


* * *
س 494: ما حكم تكرار العمرة في رمضان؟ وهل هناك مدة معينة بين العمرتين؟
الجواب: تكرار العمرة في شهر رمضان من البدع، لأن تكرارها في شهر واحد خلاف ما كان عليه السف حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ذكر في الفتاوى أنه يكره تكرار العمرة والإكثار منها باتفاق السلف، ولاسيما من يكررها في رمضان وهذا لو كان من الأمور المحبوبة لكان السلف أحرص منا على ذلك، ولكرروا العمر، وهذا النبي عليه الصلاة والسلام أتقى الناس لله عز وجل، وأشد الناس حبّاً للخير بقي في مكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، ولم يأت بعمرة، وهذه عائشة – رضي الله عنها – حين ألحت على النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر، أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها من الحرم إلى الحل لتأتي بعمرة، ولم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أن يأتي بعمرة، ولو كان هذا مشروعاً لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان هذا معلوم المشروعية عند الصحابة لفعله عبد الرحمن بن أبي بكر لأنه خرج إلى الحل.
والمدة المعنية لما بين العمرتين قال الإمام أحمد – رحمه الله-: (ينتظر حتى يحمم رأسه)) بمعنى يسود كالحممة، والحممة هي العيدان المحترقة.


* * *
س 495: ما الحكم إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف؟ وهل يستأنف الطواف؟ وإذا لم يستأنف فيمن أين يكمل؟
الجواب: إذا أقيمت الصلاة والإنسان يطوف سواء طواف عمرة، أو طواف حج، أو طواف تطوع فإنه ينصرف من طوافه ويصلي، ثم يرجع ويكمل الطواف، ولا يستأنفه من جديد ويكمل الطواف من الموضع الذي انتهى إليه من قبل، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد؛ لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليل شرعي.


* * *
س 496: إذا سعى المعتمر قبل الطواف ثم طاف فماذا يلزمه؟
الجواب: إذا سعى المعتمر قبل أن يطوف ثم طاف فإنه لا يعيد إلا السعي فقط، وذلك لأن الترتيب بين الطواف والسعي واجب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رتب بينهما وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) 470 وإذا أخذنا عنه صلى الله عليه وسلم مناسكه بدأنا بالطواف أولاً، ثم بالسعي ثانياً، ولكن لو قال أنا تعبت في السعي الأول، قلنا إنه يؤجر على تعبه، ولكن لا يقر على الخطأ.
وذهب بعض التابعين وبعض العلماء إلى أنه سعى قبل الطواف من العمرة ناسياً، أو جاهلاً فلا شيء عليه، كما لو كان ذلك في الحج.


* * *
س 497: ما المراد بالاضطباع؟ ومتى يُشرع؟
الجواب: الاضطباع أن يكشف الإنسان كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على الكتف الأيسر.
وهو مشروع في طواف القدوم ، وأما في غيره فإنه ليس بمشروع.


* * *
س 498: هل يجوز التطوع بالسعي؟
الجواب: لا يجوز التطوع بالسعي، لأن السعي إنما يشرع في النسك، الحج أو العمرة لقول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158).


* * *
س 499: من ترك طواف الإفاضة جهلاً ماذا يلزمه؟
الجواب: طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، فإذا تركه الإنسان فإن حجه لم يتم، ولا بد أن يأتي به فيرجع ولو من بلده فيطوف طواف الإفاضة، وفي هذه الحال ما دام لم يطف لا يجوز أن يستمتع بزوجته؛ لأنه لم يتحلل التحلل الثاني إلا بعد طواف الإفاضة، والسعي إن كان متمتعاً ، أو كان قارناً ، أو مفرداً، ولم يكن سعى مع طواف القدوم.


* * *
س 500: رأيت بعض الطائفين يدفع نساءه لتقبيل الحجر فأيهما أفضل تقبيل الحجر ، أو البعد عن مزاحمة الرجال؟
الجواب: إذا كان هذا السائل رأى هذا الأمر العجيب فأنا رأيت أمراً أعجب منه، رأيت من يقوم قبل أن يسلم من الفريضة ليسعى بشدة إلى تقبيل الحجر فيبطل صلاته الفريضة المفروضة التي هي أحد أركان الإسلام لأجل أن يفعل هذا الأمر، الذي ليس بواجب، وليس بمشروع أيضاً إلا إذا قرن بالطواف، وهذا من جهل الناس، الجهل المطبق الذي يأسف الإنسان له، فتقبيل الحجر واستلام الحجر ليس بسنة إلا في الطواف، لأني لا أعلم أن استلامه مستقلاً عن الطواف من السنة، وأنا أقول في هذا المكان لا أعلم، وأرجو ممن عنده علم خلاف ما أعلم أن يبلغنا به جزاه الله خيراً.
إذا فهو من مسنونات الطواف، ثم إنه ليس بمسنون إلا حيث لا يكون بذلك أذية لا على الطائف ، ولا على غيره؟، فإن كان في ذلك أذية على الطائف، أو على غيره فإننا ننتقل إلى المرتبة الثانية التي شرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث أن الإنسان يستلم الحجر بيده ويقبل يده، فإن كانت هذه المرتبة لا تمكن أيضاً إلا بأذى أو مشقة فإننا ننتقل إلى المرتبة الثالثة التي شرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الإشارة إليه، فنشير إليه بيدنا، لا بيدينا الاثنين، ولكن بيدنا الواحدة اليمنى نشير إليه ولا نقبلها هكذا كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الأمر أفظع وأشد كما يذكر السائل أن الإنسان يدفع بنساءه ربما تكون المرأة حاملاً، أو عجوزاً، أو فتاة لا تطيق، أو صبيًّا يرفعه بيده ليقبل الحجر كل هذا من الأمر المنكر، لأنه يحصل بذلك ضرر على الأهل، ومضايقة ومزاحمة للرجال، وكل هذا مما يكون دائراً بين التحريم، أو الكراهة، فعلى المرء أن لا يفعل ذلك ما دام الأمر، ولله الحمد واسعاً – فأوسع على نفسك، ولا تشدد فيشدد الله عليك.


* * *
س 501: امرأة حجت مع زوجها حج تمتع وفي الشوط السادس من طواف العمرة قال زوجها : إنه السابع وأصر على رأيه فهل عليها شئ؟
الجواب: إذا كانت هي تتيقن أنها في الشوط السادس وأنها لم تكمل الطواف فإن عمرتها لم تتم حتى الآن، لأن الطواف ركن من أركان العمرة لا يمكن أن تتم العمرة إلا به، فإذا أحرمت بالحج بعد صارت قارنه؛ لأنها أدخلت الحج على العمرة قبل انتهائها وإن حصل عندها شك حين رأت زوجها مصمماً على أن هذا هو الشوط السابع فإنه لا شيء عليها؛ لأنه إذا حصل عندها شك، وعند زوجها اليقين، فإنها ترجع إلى قول زوجها لترجحه، الله أعلم.


* * *
س 502: إذا كان المعتمر أو الحاج لا يعرف إلا القليل من الأدعية فهل يقرأ من كتب الأدعية في طوافه وسعيه وغير ذلك من المناسك؟
الجواب: إن الحاج أو المعتمر يكفيه من الأدعية ما يعرفه، لأن الأدعية التي يعرفها يدعو بها وهو يعرف معناها، ويسأل الله حاجته فيها، وأما إذا أخذ كتاباً أو مطوفاً يلقنه ما لا يدري عنه فإن ذلك لا ينفعه، وكثير من الناس يتبعون المطوف بما يقول وهم لا يدرون معنى ما يقول، وكثير من الناس يأخذ هذه الكتيبات ويقرؤها وهو لا يدري ما معناها، وهذه الكتيبات التي فيها لكل شوط دعاء معين هي من البدع، التي لا يجوز للمسلم أن يستعملها، لأنها ضلالة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت لأمته دعاء لكل شوط، : ((إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا و المروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله))471 ، وإذا كان كذلك فإن الواجب على المؤمن الحذر من هذه الكتيبات، وأن يسأل الله حاجته التي يريدها، وأن يذكر الله بما يستطيع وبما يعرف فذلك خير له من أن يستعمل هذه الكتيبات التي قد لا يعرف معناها، بل قد لا يعرف لفظها فضلاً عن معناها.


* * *
س 503: هل هناك دعاء خاص لمناسك الحج والعمرة من طواف وسعي وغيرهما؟
الجواب: ليس هناك دعاء خاص بالحج والعمرة، بل يقول الإنسان ما شاء من دعاء، ولكن إذا أخذ بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أكمل مثل الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)) . وكذلك ما ورد من الدعاء في يوم عرفة، وما ورد من الذكر على الصفا والمرة وما أشبه ذلك، فالشيء الذي يعلمه من السنة ينبغي أن يقوله، والشيء الذي لا يعلمه يكفي عنه ما كان في ذهنه مما يعلمه، وهذا ليس على سبيل الوجوب أيضاً بل هو على سبيل الاستحباب.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إنما يكتب في المناسك الصغيرة التي تقع في أيدي الحجاج والعمار من الأدعية المخصصة لكل شوط أقول: إن هذا من البدع، وفيها من المفاسد ما هو معلوم، فإن هؤلاء الذين يقرؤنها يظنون أنها أمر وارد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يعتقدون التعبد بتلك الألفاظ المعينة، ثم إنهم يقرؤونها ولا يعلمون المراد بها، ثم إنهم يخصون هذا الدعاء بكل شوط، فإذا انتهى الدعاء قبل تمام الشوط كما يكون في الزحام سكتوا في بقية الشوط، وإذا انتهى الشوط قبل انتهاء هذا الدعاء قطعوا الدعاء وتركوه، حتى لو أنه قد وقف على قوله ((اللهم)) ولم يأتي بما يريد قطعه وتركه، وكل هذا من الأضرار التي تترتب على هذه البدعة، وكذلك ما يوجد في هذه المناسك من الدعاء عند مقام إبراهيم ، فإن هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه دعا عند مقام إبراهيم، وإنما قرأ حين أقبل عليه( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً ) (البقرة: 125) وصلى خلفه ركعتين، وأما هذا الدعاء الذي يدعون به، ويشوشون به على المصلين عند المقام فإنه منكر من جهتين: إنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام فهو بدعة.
أنهم يؤذون به هؤلاء المصلين الذين يصلون خلف المقام.
وغالب ما يوجد في هذه المناسك غالبه مبتدع، إما في كيفيته وإما في وقته، وإما في موضعه. نسأل الله الهداية.


* * *
س 504: رجل بعد الفراغ من عمرته وجد في ثياب إحرامه نجاسة فما الحكم؟
الجواب: إذا طاف الإنسان للعمرة وسعى، وبعد ذلك وجد في ثوب إحرامه نجاسة فإن طوافه صحيح ، وسعيه صحيح وعمرته صحيحة؛ وذلك لأن الإنسان إذا كان على ثوبه نجاسة لم يعلم بها، أو كان عالماً بها ولكن نسي أن يغسلها، وصلي في ذلك الثوب فإن صلاته صحيحة، وكذلك لو طاف بهذا الثوب فإن طوافه صحيح والدليل لذلك قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة:286) وهذا دليل عام يعتبر قاعدة عظيمة من قواعد الشرع، وهناك دليل خاص في المسألة وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم بأصحابه وكان من سنته عليه الصلاة والسلام أن يصلي في نعليه، فخلع نعاله، فخلع الناس نعالهم، فلما أتم صلاته قال: (( ما شأنكم))؟ قالوا : رأيناك يا رسول الله خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: (( إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما خبثاً))472 – يعني نجاسة- ولم يستأنف النبي صلى الله عيه وسلم الصلاة، مع أن أول صلاته كان قد لبس حذاءً نجساً، فدل هذا على أن من صلى بثوب نجس ناسياً، أو جاهلاً فإن صلاته صحيحة.
وهنا مسألة : إذا أكل الإنسان لحم جزور وقام يصلى ولم يتوضأ بناء على أنه أكل لحم غنم فهل يعيد الصلاة إذا علم؟
فنقول : إنه يعيد الصلاة بعد أن يتوضأ
فإذا قال قائل : لماذا قلتم في من صلى بثوب نجس جهلاً لا يعيد، وفيمن أكل لحم إبل جاهلاً إنه يعيد؟
قلنا: لأن لدينا قاعدة مفيدة مهمة وهي (( المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان، والمنهيات تسقط بالجهل والنسيان))، ودليل هذه القاعدة قول النبي صلى الله عيه وسلم : (( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها))473. ولما سلم من ركعتين في إحدى صلاتي العشي ونسي بقية الصلاة أتمها لما ذكر، فهذا دليل على أن المأمورات لا تسقط بالنسيان، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر من نسي صلاة أن يصليها :إذا ذكر، ولم تسقط عنه بالنسيان، وكذلك أتم الصلاة ولم يسقط بقيتها بالنسيان، والدليل على أن المأمورات لا تسقط بالجهل أن رجلاً جاء فصلى صلاة لا يطمئن فيها ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال له ((ارجع فإنك لم تصل))، وردده ثلاث مرات، وهو يصلي ويأتي فيقول : ((ارجع فصل فإنك لم تصلّ))474 ، حتى علمه النبي صلى الله عليه وسلم وصلى صلاة صحيحة، فهذا الرجل ترك واجباً جاهلاً لأن الرجل قال: ((والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني))، ولو كان الواجب يسقط بالجهل لعذره النبي صلى الله عليه ، وهذه القاعدة مهمة مفيدة لطالب العلم.


* * *
س 505: هل الأثر الذي في مقام إبراهيم هو أثر قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام أم لا؟
الجواب: لا شك أن مقام إبراهيم ثابت، وأن هذا الذي بني عليه الزجاج هو مقام إبراهيم، لكن الحفر الذي فيه لا يظهر أنها أثر القدمين، لأن المعروف من الناحية التاريخية أن أثر القدمين قد زال منذ أزمنة متطاولة، ولكن حفرت هذه أو صنعت للعلامة فقط، ولا يمكن أن نجزم بأن هذا الحفر هو موضع قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وبالمناسبة أحب أن أنبه على مسألة وهي أن بعض المعتمرين والحجاج يقف عند مقام إبراهيم، ويدعو بدعاء لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وربما يدعو بدعاء بصوت مرتفع، فيشوش على الذين يصلون ركعتي الطواف خلف المقام، وليس للمقام دعاء بل السنة تخفيف الركعتين خلفه ، ثم يقوم بعد التسليم مباشرة ليترك المكان لمن هو أحق به منه من الذين يريدون صلاة ركعتي الطواف.


* * *
س 506: هل يجوز التمسح بثوب الكعبة؟
الجواب: التبرك بثوب الكعبة والتمسح به من البدع؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما طاف معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه- بالكعبة وجعل يمسح جميع أركان البيت، أنكر عليه عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما- فأجاب معاوية (( ليس شيء من البيت مهجوراً ))، فرد عليه ابن عباس بقوله: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين)) يعني الحجر الأسود والركن اليماني وهذا دليل على أننا نتوقف في مسح الكعبة وأركانها على ما جاءت به السنة، لأن هذه هي الأسوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الملتزم الذي بين الحجر الأسود والباب فإن هذا قد ورد عن الصحابة – رضي الله عنهم- أنهم قاموا به فالتزموه يدعون ، والله أعلم.


* * *
س 507: ما حكم الحلق أو التقصير في العمرة؟ وأيهما أفضل؟
الجواب: الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة في حجة الوداع وطاف وسعي أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحل، فلما أمرهم أن يقصروا – والأصل في الأمر الوجوب دل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم حين أحصروا في غزوة الحديبية أن يحلقوا حتى إنه صلى الله عليه وسلم غضب حين توانوا في ذلك.
وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق؟ فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يوفر الحلق للحج.


* * *
س 508: حاج متمتع طاف وسعى للعمرة ولبس ملابسه العادية ولم يقصر ولم يحلق وسأل بعد الحج فأخبر أنه أخطأ فماذا يفعل؟
الجواب : هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند أهل العلم أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على فقراء مكة، وهو باق على تمتعه وعمرته صحيحة.


* * *
س 509: من أحرم متمتعاً ولم يقصر أو يحلق لعمرته وأكمل مناسك الحج ماذا عليه؟
الجواب بقوله : هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة ، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة ويوزعه على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج يجب عليك على ما قاله أهل العلم أن تذبح فدية بمكة ويوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فإنه يوصي من يذبح له الفدية بمكة. والله الموفق.


* * *
س 510: متمتع لم يجد الهدي فصام ثلاثة أيام في الحج ولم يصم السبعة الباقية، ومضى علي ذلك ثلاث سنوات فماذا يفعل؟
الجواب: يلزمه أن يصوم بقية الأيام العشرة وهي سبعة أيام، ونسأل الله له العون.


* * *
س 511: شخص يحلق شعره للعمرة في بلده فما حكم عمرته؟
الجواب: يقول أهل العلم إن حلق الرأس لا يختص بمكان فإذا حلق في مكة، أو في غير مكة فلا بأس ،لكن الحلق في العمرة يتوقف عليه الحل، وأيضاً سيكون بعد الحلق طواف وداع فالعمرة هكذا ترتيبها إحرام، وطواف، وسعي، وحلق ، أو تقصير، وطواف وداع إذا أقام الإنسان بعد أداء العمرة، وأما إذا سافر من حين أن أتى بأفعال العمرة فلا وداع عليه، إذاً معناه لابد أن يحلق رأسه أو يقصره وهو في مكة إذا كان يريد الإقامة؛ لأنه سيأتي بعده طواف الوداع، وأما إذا طاف وسعى وخرج إلى بلده فوراً فإنه لا حرج عليه أن يقصر، أو يحلق في بلده، لكنه سيبقى على إحرامه حتى يقصر أو يحلق.


* * *
س 512: من أحرم بالعمرة متمتعاً ثم بد له أن لا يحج فهل عليه شيء؟
الجواب: لا شيء عليه، لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة فأتمها ثم بد له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه، إلا أن ينذر فإذا نذر أن يحج هذا العام وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كان بدون نذر فإنه لا حرج عليه إذا ترك الحج بعد أداء العمرة ، والله الموفق.


* * *
س 513: من أحرم بالحج متمتعاً واعتمر ولم يتحلل من إحرامه إلى أن ذبح الهدي جاهلاً فماذا عليه ؟ وهل حجه صحيح؟

الجواب: يجب أن يعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى، قصر من شعره من جميع الرأس، وحل من إحرامه، هذا هو الواجب، فإذا استمر في إحرامه فإن كان قد نوى الحج قبل أن يشرع في الطواف- إي طواف العمرة- فهذا لا حرج عليه؛ لأنه في هذه الحال يكون قارناً، ويكون ما أدى من الهدي عن القرآن.
وإن كان قد بقي على نية العمرة حتى طاف وسعى فإن كثيراً من أهل العلم يقولون إن إحرامه بالحج غير صحيح؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها.
ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به، وحيث إنه جاهل فالذي أرى أنه لا شيء عليه وأن حجه صحيح إن شاء الله تعالى والله الموفق.


* * *
س 514: قوم ضلوا الطريق إلى مزدلفة فلما أقبلوا عليها توقفوا وصلوا المغرب والعشاء الساعة الواحدة ليلاً ثم دخلوا مزدلفة أذان الفجر وصلوا فيها فهل عليهم شيء؟ أفتونا جزاكم الله عنا خيراً.
الجواب: هؤلاء لا شيء عليهم؛ لأنهم أدركوا صلاة الفجر في مزدلفة حين دخلوها وقت أذان الفجر، وصلوا الفجر فيها بغلس، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجة وقضى تفثه))475 ، لكن هؤلاء أخطأوا حين أخروا الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل، لأن وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم.


* * *
س 515: امرأة دفعت من مزدلفة آخر الليل، ووكلت ابنها في رمي الجمرة عنها مع أنها قادرة، فما الحكم ؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: رمي الجمرات من مناسك الحج لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به وفعله بنفسه، وقال صلى الله عليه وسلم : (( إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله))476 فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وهو عبادة لأن الإنسان يقوم برمي هذه الحصيات في هذا المكان تعبداً لله- عز وجل- وإقامة لذكره، فهي مبنية على مجرد التعبد لله – سبحانه وتعالي- لهذا ينبغي للإنسان أن يكون حين رميه للجمرات خاشعاً خاضعاً لله مهما كان ذلك وإذا دار الأمر بين أن يبادر برمي هذه الجمرات في أول الوقت، أو يؤخره في آخر الوقت لكنه إذا أخره رمى بطمأنينة وخشوع وحضور قلب كان تأخيره أفضل، لأن هذه المزية مزية تتعلق بنفس العبادة، وما تعلق بنفس العبادة فإنه مقدم على ما يتعلق بزمن العبادة أو مكانها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثان))477فيؤخر الإنسان الصلاة عن أول وقتها من أجل قضاء الحاجة، أو دفع الشهوة الشديدة التي حضر مقتضيها وهو الطعام، إذن إذا دار الأمر بين أن يرمي الجمرات في أول الوقت، لكن بمشقة وزحام شديد، وانشغال بإبقاء الحياة، وبين أن يؤخرها في آخر الوقت ولو في الليل لكن بطمأنينة وحضور قلب كان تأخيره أفضل، ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، حتى لا يتأذوا بالزحام الذي يحصل إذا حضر الناس جميعاً بعد طلوع الفجر، إذا تبين ذلك فإنه لا يجوز لإنسان أن يوكل أحداً في رمي الجمار عنه لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة: 196) ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، فإذا تبين ذلك أيضاً وأن رمي الجمرات من العبادات، وأنه لا يجوز للقادر رجلاً أو امرأة أن ينيب عنه فيها، فإنه يجب أن يرمي بنفسه إلا رجلاً، أو امرأة مريضة، أو حاملاً تخشي على حملها فلها أن توكل.
وأما المسألة التي وقعت لهذه المرأة التي ذكر أنها لم ترم مع قدرتها فالذي أرى أن من الأحوط لها أن تذبح فدية في مكة توزعها على الفقراء عن ترك هذا الواجب.


* * *
س 516: حاج رمى جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض وهو في اليوم الثالث عشر هل يلزمه إعادة الرمي كله؟
الجواب: لا يلزمه إعادة الرمي كله وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط ، وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط، ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق إذا لم يسقط الحصى في الحوض، الذي هو موضع الرمي، ولهذا لو رماها من الحسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقط في الحوض.


* * *
س 517: إذا لم تصب جمرة أو جمرتان من الجمار السبع المرمى ومضى يوم أو يومان فهل يعيد رمي هذه الجمرة؟ وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟
الجواب: إذا بقي عليه رمي جمرة أو جمرتين من الجمرات، أو على الأوضح حصاة أو حصاتين من إحدى الجمرات فإن الفقهاء يقولون إذا كان من آخر جمرة فإنه يكملها أي يكمل هذا النقص فقط، ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده.
والصواب عندي: أنه يكمل النقص مطلقاً ، ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها ، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل ، أو بالنسيان، وهذا الرجل قد رمى الثانية وهو لا يعتقد أن عليه شيئاً مما قبلها فهو بين الجهل والنسيان، وحينئذ نقول له: ما نقص من الحصا فارمه، و لا يجب عليه رمي ما بعدها.
وقبل إنهاء الجواب أحب أن أنبه على أن المرمى مجتمع الحصا وليس العمود المنصوب للدلالة عليه، فلو رمى في الحوض ولم يصب العمود بشيء من الحصيات فرميه صحيح. والله أعلم.


* * *
س 518: يقال إنه لا يجوز الرمي بالحصاة التي قد رمي بها فهل هذا صحيح؟ وما الدليل عليه؟ وجزاكم الله عن المسلمين خيراً؟
الجواب: هذا ليس بصحيح، لأن الذين استدلوا بأنه لا يرمى بحصاة قد رمي بها عللوا ذلك بعلل ثلاث:
1- قالوا: أنها- أي الحصاة- التي رمي بها كالماء المستعمل في طهارة واجبة، والماء المستعمل في الطهارة الواجبة يكون طاهراً غير مطهر.
2- أنها كالعبد إذا أعتق، فإنه لا يعتق بعد ذلك في كفارة، أو غيرها.
3- أنه يلزم من القول بالجواز أن يرمي جميع الحجيج بحجر واحد، فترمي أنت هذا الحجر، ثم تأخذه وترمي، ثم تأخذه وترمي حتى تكمل السبع، ثم يجيء الثاني فيأخذه فيرمي حتى يكمل السبع فهذه ثلاث علل وكلها عند التأمل عليلة جداً.
أما التعليل الأول : فإننا نقول بمنع الحكم في الأصل، وهو أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهراً غير مطهر؛ لأنه لا دليل على ذلك ، ولا يمكن نقل الماء عن وصفه الأصلي وهو الطهورية إلا بدليل، وعلى هذا فالماء المستعمل في طهارة واجبة طهور مطهر، فإذا انتفى حكم الأصل المقيس عليه أنتفي حكم الفرع.
وأما التعليل الثاني وهو قياس الحصاة المرمي بها على العبد المعتق، فهو قياس مع الفارق، فإن العبد إذا أعتق حراً لا عبداً فلم يكن محلاً للعتق، بخلاف الحجر إذا رمي به فإنه يبقي حجراً بعد الرمي به، فلم ينتف المعنى الذي كان من أجله صالحاً للرمي به، ولهذا لو أن هذا العبد الذي أعتق استرق مرة أخرى بسبب شرعي جاز أن يعتق مرة ثانية.
وأما التعليل الثالث: وهو أن يلزم من ذلك أن يقتصر الحجاج على حصاة واحدة فنقول إن أمكن ذلك فليكن، ولكن هذا غير ممكن، ولن يعدل إليه أحد مع توفر الحصا.
وبناء على ذلك فإنه إذا سقطت من يدك حصاة أو أكثر حول الجمرات فخذ بدلها مما عندك، وارم به سواء غلب على ظنك أنه قد رمي بها أم لا.


* * *
س 519: هل يجوز للحاج أن يقدم سعي الحج على طواف الإفاضة؟
الجواب: إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يجوز أن يقدم السعي على طواف الإفاضة، فيأتي به بعد طواف القدوم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ساقوا الهدي.
أما إذا كان متمتعاً فإن عليه سعيين ، الأول عند قدومه إلى مكة وهو للعمرة فيطوف، ويسعى ، ويقصر، والثاني في الحج والأفضل أن يكون بعد طواف الإفاضة؛ لأن السعي تابع للطواف فإن قدمه على الطواف فلا حرج على القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: سعيت قبل أن أطوف قال: ((لا حرج))478. فالحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك مرتبة: رمي جمرة العقبة، ثم النحر ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت، ثم السعي بين الصفا والمروة، إلا أن يكون قارناً أو مفرداً سعى بعد طواف القدوم فلا سعي عليه مرة أخرى، والأفضل أن يرتبها على ما ذكرنا، وإن قدم بعضها على بعض لا سيما مع الحاجة فلا حرج وهذا من رحمة الله وتيسيره فلله الحمد رب العالمين.


* * *
س 520: متى ينتهي رمي جمرة العقبة أداء ؟ ومتى ينتهي قضاءً؟
الجواب: أما رمي جمرة العقبة يوم العيد فإنه ينتهي بطلوع الفطر من اليوم الحادي عشر، ويبتدئ من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناس، وأما رميها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللتين معها يبتدئ الرمي من الزوال، وينتهي بطلوع الفجر من الليلة التي تلي اليوم، إذا كان في آخر أيام التشريق فإن الليل لا رمي فيه وهو ليلة الرابع عشر، لأن أيام التشريق انتهت بغروب شمسها، ومع ذلك فالرمي في النهار أفضل إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغشمهم، وعدم مبالاة بعضهم ببعض إذا خاف على نفسه من الهلاك ، أو الضرر، أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه، كما أنه لو رمى ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه المسألة ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه, وأما قوله : ((قضاء)) فإنها تكون قضاء إذا طلع الفجر من اليوم التالي.


* * *
س 521: هل جواز تقديم السعي قبل الطواف خاص بيوم العيد؟
الجواب: الصواب أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوز تقديم السعي على الطواف حتى لو كان بعد يوم العيد لعموم الحديث حيث قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : سعيت قبل أن أطوف، قال (( لا حرج))479 وإذا كان الحديث عاماًّ فإنه لا فرق بين أن يأتي ذلك في يوم العيد أو فيما بعده.


* * *
س 522: إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأخبر بعد ذلك بأن عليه سعياً فهل يسعى فقط أم يلزمه أن يعيد الطواف؟
الجواب: إذا طاف الإنسان معتقداً أن لا سعي عليه ، ثم بعد ذلك أُخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط، ولا حاجة إلى إعادة الطواف، وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي.
حتى لو فرض أن الرجل ترك ذلك عمداً- أي أخر السعي عن الطواف عمداً – فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.


* * *
س 523: ما رأي فضيلتكم فيمن يقصر للعمرة من بعض الرأس فقط؟
الجواب: الذي أرى في هذا أنه لم يتم تقصيره، وأن الواجب عليه أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ويقصر تقصيراً صحيحاً ثم بعد ذلك يتحلل.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه يجب على كل مؤمن أراد أن يتعبد لله بعبادة يجب عليه أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فيها، ليعبد الله على بصيرة، لا على جهل، قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ولو أن إنساناً أراد أن يسافر من مكة إلى المدينة وليس هناك خطوط مزفلتة، فإنه لا يخرج حتى يسأل عن الطريق، فإذا كان هذا في الطرق الحسية فلماذا لا يكون في الطرق المعنوية التي هي الطرق الموصلة إلى الله؟!
والتقصير هو الأخذ من الشعر جميعه ، وأفضل ما يكون في التقصير أن يستعمل المكينة لأنها تعم الرأس كله، وإن كان يجوز أن يقصر بالمقص، لكن بشرط أن يمر على جميع الرأس، كما أنه في الوضوء يمر على جميع الرأس فكذلك في التقصير ، والله أعلم.


* * *
س 524: ما وقت رمي الجمار؟
الجواب: وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة يوم العيد يكون لأهل القدرة والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد، ولغيرهم من الضعفاء ومن لا يستطيع مزاحمة الناس من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقهم من آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما- ترتقب غروب القمر ليلة العيد فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ورمت الجمرة، أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد، وإذا كان زحام أو كان بعيداً عن الجمرات وأحب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك، ولكنه لا يؤخره إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر.
وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زوال الشمس أي من انتصاف النهار عند دخول وقت الظهر ويستمر إلى الليل، وإذا كان هناك مشقة من زحام وغيره فلا بأس أن يرمي بالليل إلى طلوع الفجر، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر قبل الزوال، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال، وقال للناس: (( خذوا عني مناسككم))480 وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي- إلى هذا الوقت – مع أنه في شدة الحر، ويدع أول النهار مع أنه أبرد وأيسر، ودليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت ، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرمي من حين أن تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال، وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل لأجل أن يصلي الصلاة- صلاة الظهر- في أول وقتها؛ لأن الصلاة في أول وقتها أفضل، والحاصل أن الأدلة تدل على أن الرمي في أيام التشريق لا يجوز قبل الزوال.


* * *
س 525: رجل أصابه المرض يوم عرفه ولم يبت في منى ولم يرم الجمار ولم يطف طواف الإفاضة فماذا يلزمه؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل الذي مرض في يوم عرفة مرض مرضاً لا يتمكن معه من إتمام النسك، وقد اشترط في ابتداء إحرامه " إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" فإنه يحل ولا شيء عليه، ولكن إن كان هذا الحج فريضة فإنه يؤديه في سنة أخرى، وإن كان لم يشترط فإنه على القول الراجح إذا لم يتمكن من إكمال حجه له أن يتحلل ولكن يجب عليه هدي لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) فقوله: (أُحْصِرْتُمْ) الصحيح أنه يشمل حصر العدو، وحصر غيره، ومعنى الإحصار : أن يمنع الإنسان مانع من إتمام نسكه.
وعلى هذا فيتحلل ويذبح هدياً ، ولا شيء عليه سوى ذلك، إلا إذا كان لم يؤد فريضة الحج فإنه يحج من العام القادم. أما إذا كان هذا المريض واحل المسير في حجه ووقف بمزدلفة ولكنه في منى لم يبيت، ولم يرم الجمرات فإنه في هذه الحال يكون حجه صحيحاً ومجزئ، ولكن عليه دم لكل واجب تركه فيلزمه على هذا دماً أحدهما: للمبيت بمنى، والثاني : لرمي الجمرات.
وأما طواف الإفاضة فيبقي ويطوف إذا عافاه الله؛ لأن طواف الإفاضة حده على القول الراجح إلى منتهى شهر ذي الحجة فإن كان لعذر فحتى ينتهي العذر.


* * *
س 526: من بات خارج مزدلفة جهلاً بالحدود فماذا عليه؟
الجواب: عليه عند أهل العلم فدية شاة يذبحها ويوزعها على فقراء مكة؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الحج.
وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني الحجاج إلى أن ينتبهوا للحدود حدود المشاعر في عرفة وفي مزدلفة ، فإن كثيراً من الناس في عرفة ينزلون خارج حدود عرفه، ويبقون هناك إلى أن تغرب الشمس، ثم ينصرفون ولا يدخلون إلى عرفة، وهؤلاء إذا انصرفوا بدون دخول عرفة فإنهم ينصرفون بدون حج. ولهذا يجب على الإنسان أن يتحرى حدود عرفة ويتعرف إليها وهي أميال قائمة ولله الحمد.


* * *
س 527: من حج مفرداً وسعى بعد طواف القدوم فهل عليه سعي بعد طواف الإفاضة؟
الجواب: ليس عليه سعي بعد طواف الإفاضة، فالمفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم ، فإن هذا السعي هو سعي الحج فلا يعيده مرة أخرى بعد طواف الإفاضة.


* * *
س 528: هل يكفي طواف واحد وسعي واحد للقارن؟
الجواب: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن العمرة والحج جميعاً، ويكون طواف القدوم طواف سنة، وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة، ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط. ولا يسعى لأنه سعى من قبل ، والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان للعمرة والحج جميعاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة-رضي الله عنها- وكانت قارنة: (( طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعكِ لحجكِ وعمرتك))481 . فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً.


* * *
س 529: ما حكم من بات في منى إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً ثم دخل مكة ولم يعد حتى طلوع الفجر؟
الجواب: إذا كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً هي منتصف الليل في منى فإنه لا بأس أن يخرج منها بعدها، وإن كان الأفضل أن يبقى في منى ليلاً ونهاراً، وإن كانت الثانية عشرة قبل منتصف الليل فإنه لا يخرج؛ لأن المبيت في منى يشترط أن يكون معظم الليل على ما ذكره فقهاؤنا- رحمهم الله تعالى -.


* * *
س 530: إذا خرج الحاج من منى قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر بنية التعجل ولديه عمل في منى سيعود له بعد الغروب فهل يعتبر متعجلاً؟
الجواب: نعم يعتبر متعجلاً ، لأنه أنهى الحج، ونية رجوعه إلى منى لعمله فيها لا يمنع التعجل؛ لأنه إنما نوى الرجوع للعمل المنوط به لا النسك.


* * *
س 531: حاج من خارج المملكة موعد سفره الساعة الرابعة عصراً من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ولم يخرج من منى بعد الرمي من اليوم الثاني عشر وأدركه المبيت ليلة الثالث عشر، فهل يجوز له أن يرمي صباحاً ثم ينفر علماً أنه لو تأخر بعد الزوال فات السفر وترتبت عليه مشقة كبيرة؟ وإذا كان الجواب بعدم الجواز أليس هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال؟ أفيدونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيراً.
الجواب: لا يجوز له أن يرمي قبل الزوال، ولكن يمكن أن نسقط عنه الرمي في هذه الحال للضرورة، ونقول له: يلزمك فدية تذبحها في منى أو مكة، أو توكل من يذبحها عنك، وتوزع على الفقراء، وتطوف طواف الوداع وتمشي.
ونقول : أما قولك (( إذا كان الجواب بعدم الجواز أليس هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال))؟
الجواب: هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال، لكنه ليس بصحيح، الصواب أن الرمي قبل الزوال في الأيام التي بعد العيد لا يجوز ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خذوا عني مناسككم))482 ولم يرم صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام إلا بعد الزوال.
فإن قال قائل : رمي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب.
قلنا : هذا صحيح إنه مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب، أما كونه مجرد فعل فلأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال، ولم يأمر بأن يكون الرمي بعد الزوال، ولا نهى عن الرمي قبل الزوال، وأما كون الفعل لا يدل على الوجوب فلأن الوجوب لا يكون إلا بأمر بالفعل ، أو نهي عن الترك، ولكن نقول هذا الفعل دلت القرينة على أنه للوجوب، ووجه ذلك أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي حتى تزول الشمس يدل على الوجوب، إذ لو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله؛ لأنه أيسر على العباد وأسهل والنبي عليه الصلاة والسلام ما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فكونه لم يختر الأيسر هنا وهو الرمي قبل الزوال يدل على أنه إثم.
والوجه الثاني مما يدل على أن هذا الفعل للوجوب كون الرسول عليه الصلاة والسلام يرمي فور زوال الشمس قبل أن يصلي الظهر فكأنه يترقب الزوال بفارغ الصبر ليبادر بالرمي، ولهذا أخر صلاة الظهر ، مع أن الأفضل تقديمها أول الوقت، كل ذلك من أجل أن يرمي بعد الزوال.


* * *
س 532: من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظنّاً منه أن هذا هو التعجل وغادر ولم يطف للوداع فما حكم حجه؟
الجواب: حجه صحيح؛ لأنه لم يترك فيه ركناً من أركان الحج ، ولكنه ترك فيه ثلاث واجبات إن كان لم يبت ليلة الثاني عشر بمنى.
الواجب الأول : المبيت بمنى ليلة الثاني عشر.
الواجب الثاني : رمي الجمار في اليوم الثاني عشر.
والواجب الثالث: طواف الوداع.
ويجب عليه لكل واحد منها دم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء ، لأن الواجب في الحج عند أهل العلم إذا تركه الإنسان وجب عليه دم يذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواننا الحجاج على هذا الخطأ الذي أرتكبه السائل فإن كثيراً من الحجاج يفهمون مثل ما فهم، يفهمون أن معنى قوله تعالى : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْن) أي خرج في اليوم الحادي عشر فيعتبرون اليومين يوم العيد، واليوم الحادي عشر، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم لأن الله تعالى قال: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) والأيام المعدودات هي أيام التشريق، وأيام التشريق أولها الحادي عشر، وعلى هذا يكون قوله: ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْن) أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي للإنسان أن يصحح مفهومه حول هذه المسألة حتى لا يخطئ.


* * *
س 533: من لم يجد مكاناً في منى فيأتي إليها في الليل ويبقى بها إلى ما بعد نصف الليل ثم يذهب إلى الحرم بقية يومه فما الحكم؟
الجواب: الحكم في هذا العمل مجزئ ولكن الذي ينبغي خلاف ذلك؛ لأن الذي ينبغي أن يبقى الحاج بمنى ليلاً ونهاراً في أيام التشريق، فإن لم يجد مكاناً فيبقى حيث انتهى الناس أي عند آخر خيمة، ولو خارج منى إذا لم يجد مكاناً إذا بحث أتم البحث ولم يجد مكاناً في منى، وقد ذهب بعض أهل العلم في زمننا هذا إلى أنه إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فإنه يسقط عنه المبيت ويجوز له أن يبيت في أي مكان في مكة أو في غيرها، وقاس ذلك على ما إذا فقد عضواً من أعضاء الوضوء، فإنه يسقط غسله، ولكن في هذا نظر؛ لأن العضو يتعلق حكم الطهارة به ولم يوجد، أما هذا فإن المقصود من المبيت أن يكون الناس مجتمعين أمة واحدة، فالواجب أن يكون الإنسان عند آخر خيمة حتى يكون مع الحجيج، ونظير ذلك إذا امتلأ المسجد وصار الناس يصلون حول المسجد فلا بد أن تتواصل الصفوف حتى يكون جماعة واحدة، والمبيت نظير هذا وليس نظير العضو المقطوع.


* * *
س 534: رجل طاف طواف الوداع في الصباح ثم نام وأراد أن يسافر بعد العصر فهل يلزمه شيء؟
الجواب:عليه أن يعيد طواف الوداع في العمرة والحج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت))483 قال ذلك في حجة الوداع فابتداء وجوب طواف الوداع من ذلك الوقت فلا يرد علينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل ذلك ولم ينقل عنه أنه ودع؛ لأن طواف الوداع إنما وجب في حجة الوداع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك))484.
وهذا عام يستثنى منه الوقوف ، والمبيت، والرمي، لأن هذا خاص بالحج بالاتفاق، ويبقى ما عداه على العموم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى العمرة حجاً أصغر485 ، كما في حديث عمرو بن حزم الطويل المشهور الذي تلقاه العلماء بالقبول، وهو حديث مرسل ، لكنه صحيح لتلقي العلماء له بالقبول.
ولأن الله تعالى قال : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) وإذا كان طواف الوداع من إتمام الحج فهو أيضاً من إتمام العمرة.
ولأن هذا الرجل المعتمر دخل المسجد الحرام بتحية فلا ينبغي أن يخرج منه إلا بتحية.
وعلى هذا فإن طواف الوداع يكون واجباً في العمرة كالحج، وهناك حديث أخرجه الترمذي : (( إذا حج الرجل أو أعتمر فلا يخرج حتى يكون آخر عهده بالبيت))486. وهذا الحديث فيه ضعف؛ لأنه من رواية الحجاج بن أرطأة ولولا ضعف هذا الحديث لكان نصّاً في المسألة وقاطعاً للنزاع، ولكن لضعفه لم يقو على الاحتجاج به، إلا أن الأصول التي ذكرناها قبل قليل تدل على وجوب طواف الوداع للعمرة.
ولأنه إذا طاف للعمرة فهو أحوط وأبرأ للذمة؛ لأنك إذا طفت للوداع في العمرة لم يقل أحد إنك أخطأت، لكن إذا لم تطف قال لك من يوجب ذلك: أنك أخطأت، وحينئذ يكون الطائف مصيباً بكل حال، ومن لم يطف فإنه على خطر ومخطئ على قول بعض أهل العلم.


* * *
س 535: ما حكم طواف الوداع للمعتمر؟
الجواب: طواف الوداع للمعتمر إذا كان من نيته حين قدم مكة أن يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، ويرجع فلا طواف عليه، لأن طواف القدوم صار في حقه بمنزلة طواف الوداع، أما إذا بقي في مكة فالراجح أنه يجب عليه أن يطوف للوداع وذلك للأدلة التالية:
أولاً : عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت))487 و (أحد) نكرة في سياق النهي فتعم كل من خرج.
ثانياً: أن العمرة كالحج بل سماها النبي صلى الله عليه وسلم حجّاً كما في حديث عمرو بن حزم المشهور488، الذي تلقته الأمة بالقبول قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( والعمرة هي الحج الأصغر)).
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة))489.
رابعاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليعلى بن أمية: (( اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك)) فإذا كنت تصنع طواف الوداع في حجك فاصنعه في عمرتك، ولا يخرج من ذلك إلا ما أجمع العلماء على خروجه مثل الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، والمبيت بمنى، ورمي الجمار، فإن هذا بالإجماع ليس مشروعاً في العمرة.
ولأن الإنسان إذا طاف صار أبرأ لذمته وأحوط. والله الموفق.


* * *
س 536: رجل أحرم بالحج من الميقات ولما وصل إلى مكة منعه مركز التفتيش لأنه لم يحمل بطاقة الحج فما الحكم؟
الجواب: الحكم في هذه الحال أنه يكون محصراً حين تعذر عليه الدخول إلى مكة، فيذبح هدياً في مكان الإحصار ويحل، ثم إن كانت هذه الحجة هي الفريضة أداها فيما بعد بالخطاب الأول لا قضاء، وإن كانت غير الفريضة فإنه لا شيء عليه على القول الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أحصروا في غزوة الحديبية أن يقضوا تلك العمرة التي أحصروا عنها، فليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجوب القضاء على من أحصر، قال الله تعالى: ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (البقرة: 196) ولم يذكر شيئاً سوى ذلك ، وعمرة القضاء سميت بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاضى قريشاً أي عاهدهم عليها، وليس من القضاء الذي هو استدراك ما فات ، والله أعلم.


* * *
س 537:من قصد الحج ثم منع منه فماذا يلزمه؟
الجواب: إذا لم يتلبس بالإحرام فلا يلزمه شيء في هذه الحال؛ لأن الإنسان إذا لم يتلبس بالإحرام فإن شاء مضى في سبيله وإن شاء رجع إلى أهله، إلا إذا كان الحج فرضاً فإنه يجب عليه أن يبادر به، ولكن إذا حصل مانع فإنه لا شيء عليه.
أما إذا كان هذا المنع بعد التلبس بالإحرام فإن كان قد اشترط عند إحرامه (( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني)) فإنه يحل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فإن كان يرجو زوال المانع عن قرب، انتظر حتى يزول المانع ثم أتم الحج، فإن كان قبل الوقوف بعرفة وقف بعرفة وأتم حجه ، وإن كان بعد الوقوف بعرفة ولم يقف بها فقد فاته الحج، فيتحلل بعمرة، ويقضي الحج من العام القادم إن كان حجه فريضة، وإن كان لا يرجو زوال المانع عن قرب تحلل من إحرامه، وذبح هدياً لعموم قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ).


* * *
س 538: هل ما يفعله الحاج من المعاصي تنقص من أجر الحج؟
الجواب: المعصية مطلقاً تنقص من ثواب الحج، لقول الله تعالى : ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج). بل إن بعض أهل العلم قال: إن المعصية في الحج تفسد الحج ؛ لأنه منهي عنها في الحج، ولكن جمهور أهل العلم على قاعدتهم المعروفة أن التحريم إذا لم يكن خاصّاً بالعبادة فإنه لا يبطلها، والمعاصي ليست خاصة بالإحرام، إذ المعاصي حرام في الإحرام وغير الإحرام، وهذا هو الصواب، وأن هذه المعاصي لا تبطل الحج ولكنها تنقص الحج.


* * *
س 539: من حج بجواز سفر مزور فما حكم حجه؟
الجواب:حجه صحيح؛ لأن تزوير الجواز لا يؤثر في صحة الحج، ولكن عليه الإثم ، وعليه أن يتوب إلى الله- عز وجل- وأن يعدل اسمه إلى الاسم الصحيح حتى لا يحصل تلاعب لدى المسؤولين، ولئلا تسقط الحقوق التي وجبت عليه بالاسم الأول لاختلاف اسمه الثاني عن الاسم الأول، فيكون بذلك آكلاً للمال بالباطل مع الكذب في تغيير الاسم.
وبهذه المناسبة أود أن أنصح إخواني بأن الأمر ليس بالهين بالنسبة لأولئك الذين يزورون الأسماء ، ويستعيرون أسماءً لغيرهم من أجل أن يستفيدوا من إعانة الحكومة، أو من أمور أخرى، فإن ذلك تلاعب في المعاملات، وكذب وغش، وخداع للمسؤولين والحكام، وليعلموا أن من اتقى الله – عز وجل- جعل له مخرجاً،ورزقه من حيث لا يحتسب، وأن من أتقى الله جعل الله له من أمره يسراً، وأن من اتقى الله وقال قولاً سديداً أصلح الله له عمله وغفر له ذنبه.


تم بحمد الله تعالى وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

————————–

(447) أخرجه مسلم : كتاب الوصية/ باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (1632).
(448) أخرجه البخاري: كتاب جزاء الصيد/ باب حج النساء (1862). ومسلم : كتاب الحج/ باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره (1341).
(449) تقدم تخريجه .
(550) أخرجه مسلم: كتاب الحج/ باب جواز العمرة في أشهر الحج (1241).
(451) أخرجه الدار قطني في سننه (2/285) برقم (122).
(452) أخرجه البخاري : كتاب الحج/ باب على أهل مكة الحج والعمرة (1524). ومسلم: كتاب الحج / باب مواقيت الحج والعمرة (1181).
(453) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب ذات عرق لأهل العراق (1531).
(454) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب ميقات أهل المدينة (1525).
(455) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب مهل أهل مكة للحج والعمرة (1524).
(456) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب مهل من كان دون المواقيت (1529).
(457) أخرجه البخاري: كتاب الحج / باب التلبية(1549). ومسلم : كتاب الحج/ باب التلبية وصفتها (1184).
(458) أخرجه الإمام أحمد.
(459) أخرجه أبو داود : كتاب المناسك/ باب متى يقطع المعتمر التلبية (1817). والترمذي كتب الحج/ باب ما جاء متى تقطع التلبية في العمرة (1919).
(460) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب الركوب والترادف في الحج (1543).
(461) أخرجه مسلم: كتاب الحج/ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً (1298).
(462) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب الطيب عند الإحرام (1539) . ومسلم : كتاب الحج/ باب الطيب للمحرم عند الإحرام (1189).
(463) أخرجه البخاري: كتاب طواف الوداع (1756). ومسلم : كتاب الحج/ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (1338).
(464) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت 1757). ومسلم : كتاب الحج/ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (1211).
(465) أخرجه مسلم : كتاب الحج/ باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218).
(466) أخرجه البخاري: كتاب جزاء الصيد/ باب ما ينهى عن الطيب للمحرم والمحرمة (1838).
(467) أخرجه البخاري: كتاب الحيض/ باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف (305).
(468) تقدم تخريجه .
(469) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب إذا رمى بعدما أمسى (1734). ومسلم ، كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر.
(470) أخرجه البخاري:كتاب العلم/ باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها (83) ومسلم : كتاب الحج/باب من حلق قبل النحر … (1306)
(471) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب في الرمل. والترمذي، أبواب الحج باب ما جاء كيف ترمى الجمار. الإمام أحمد في المسند 6/64.
(472) أخرجه أبو داود : كتاب الصلاة/ باب الصلاة في النعال (650).
(473) تقدم تخريجه .
(474) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة. ومسلم ، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
(475) أخرجه البخاري: كتاب الأذان / باب وجوب القراءة للإمام والمأموم.(757) ومسلم : كتاب الصلاة/ باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (397).
(476) تقدم تخرجه .
(477) تقدم تخريجه .
(478) تقدم تخريجه .
(479) تقدم تخريجه .
(480) تقدم تخريجه .
(481) أخرجه أبو داود: كتاب المناسك/ باب طواف القارن (1897).
(482) تقدم تخريجه .
(483) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض (963).
(484) أخرجه البخاري: كتاب الحج/ باب غسل الخلوق ثلاث مرات (1536) . ومسلم: كتاب الحج/ باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة (1180).
(485) تقدم تخريجه .
(486) أخرجه أبو داود: كتاب المناسك/ باب في الوداع (2002) . والترمذي: كتاب الحج/ باب ما جاء من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت (946).
(487) تقدم تخريجه .
(488) تقدم تخريجه .
(489) تقدم تخريجه .

المصدر




التصنيفات
منتدى التسيير والاقتصاد للتعليم الثانوي : باشراف الاستاذ بن الشيخ

إلى أستاذي بن الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمت الله و بركاته
أما بعد
عندي بعض الأسئلة أريد منك أستاذي الفاضل أن تجيبني عنها ان امكن طبعا
هل صحيح يوجد أخطاء في الكتاب المدرسي؟
وو هذه الأخطاء ان وجدت طبعا هل هي أخطاء في المعلومات أو التسيجل الامحاسبي أم في المصطلحات وبعض المفاهيم؟

زيدا على هذا أستاذي كيف تقيم البرنامج الجديد؟ بالنسبة للأستاذ و التلميذ
في انتظار ردك تقبل مني استاذي الفاضل فائق الاحترام و التقدير




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

اختبار الفصل الاول في القانون 2022/2022 سنة ثالثة ثانوي بن الشيخ

تجدون في المرفقات اختبار مادة القانون لشعبة تسيير واقتصاد لثانوية الإخوة حميدات المشرية مرفوق بالحل النموذجي.


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


شكرا لك دائما مميزا واصل موضوع قيم جعل في ميزان حسناتك


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


شكرا جزيلا لك أخ بن السيخ


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


جزاك الله كل خير و وفقك يا أخي الكريم


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


بارك الله فيك وجزاك كل الخير شكراااااااااااااااااااااا


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


تعليمية


الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf ااختبار مادة القانون.pdf‏ (467.8 كيلوبايت, المشاهدات 543)


التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي تسيير واقتصاد

الى الاستاذ بن الشيخ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو من سيادتكم الاجابة على استفساري هذا في أقرب وقت هل الحجم الساعي لمادة التسيير المحاسبي و المالي 5 ساعات فقط أم 6 ساعات أسبوعيا لأني واقعة في مشكل مع مديرة المؤسسة مع العلم أني اطلعت على المنهاج و الوثيقة المرافقة والتوزيع السنوي وجدته 4ساعات لقسم كامل و ساعة تفويج و شكرا تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته استاذي الكريم انا في مشكلة مع المديرة حول الحجم الساعي لمادة التسيير المحاسبي و المالي للسنة الثالثة هل هو 5 ام 6 ساعات مع العلم انه موجود في الوثيقة المرافقة و المنهاج و التوزيع السنوي 5 ساعات و شكرا




و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
عدد الساعات للتسيير المحاسبي و المالي 4+1 أي أن ساعتان تفويج و أربعة عادية التلميذ يدرس خمس ساعات و الأستاذ يدرس سة ساعات و الله أعلم




تعليمية




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحجم الساعي لمادة التسيير المحاسبي المالي 6 ساعات أسبوعيا .




بالنسبة للسنة الثانية ثانوي 4+1 ساعات
بالنسبة للسنة الثالثة ثانوي 5+1 ساعات
هكدا يتم العمل بالمؤسسة التي أعمل بها




عدد الساعات للتسيير المحاسبي و المالي 4+1 أي أن ساعتان تفويج و أربعة عادية




التصنيفات
اسلاميات عامة

منهج الشيخ الألباني في الرد على المخالف بالشدة

تعليمية تعليمية

قال العلامة ناصر الدين الألباني طيب الله ثراه:

وفي ختام هذه المقدمة لا بد لي من كلمة أوجهها إلى كل مخلص من قرائنا، حبيباً كانَ أم بغيضاً، فأقول:

كَثيراً ما يسألني بعضهم عن سبب الشدة التي تبدو أحياناً في بعض كتاباتي في الرد على بعض الكاتبين ضدي؟ و جواباً عليه أقول:
فليعلم هؤلاء القراء أنني بحمد اللّه لا أبتدئ أحداً يرد علي ردّاً علميّاً لا تَهَجُّمَ فيه، بل أنا له من الشاكرين، وإذا وُجِدَ شيءٌ من تلك الشدة في مكان ما من كتبي. فذلك يعود إلى حالة من حالتين:
الأولى: أن تكون ردّاً على مَن رد علي ابتداء، واشتط فيه وأساء إلي بهتاً وافتراءً. كمثل أبي غدة، و الأعظمي الذي تستر باسم أرشد السلفي!
والغماري، والبوطي، وغيرهم؛ كالشيخ إسماعيل الأنصاري غير ما مرة، وما العهد عنه ببعيد!
ومثل هؤلاء الظلمة لا يفيد فيهم- في اعتقادي- الصفح واللين، بل إنه قد يضرهم، ويشجعهم على الاستمرار في بغيهم وعدوانهم. كما قال الشاعر:
إِذا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ *** وإنْ أَنْتْ أَكْرَمْ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا
وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِع السَّيْفِ بالعُلَى *** مُضِر كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى
بل إن تحمُلَ ظلم مثل هؤلاء المتصدرين لِإرشاد الناس وتعليمهم، قد يكون أحياناً فوق الطاقة البشرية، ولذلك جاءت الشريعة الِإسلامية مراعية لهذه الطاقة، فلم تقل- والحمد للّه- كما في الِإنجيل المزعوم اليوم: "مَن ضربك على خدك الأيمن. فأدِرْ له الخد الأيسر، ومن طلب منك رداءك؛ فأعطه كساءك "! بل قال تعالى: "فمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عليهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى علَيْكُمْ" هو، وقال: "وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها"، وأنا ذاكر بفضل اللّه تعالى أن تمام هذه الآية الثانية: " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور " ، ولكني أعتقد أن الصفح المشكور، والصبر المأجور. إنما هو فيمن غلب على الظن أن ذلك ينفع الظالم ولا يضره، ويعزُّ الصابر ولا يذله. كما يدل على ذلك سيرته – صلى الله عليه وسلم – العمليَّة مع أعدائه، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيّاً أو قتله نبي ". انظر " الصحيحة" (281) .

وأقل ما يؤخَذُ من لهذه الآيات ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعذّ وظلم. كقوله تعالى: "لَا يُحِبُّ اللّهُ الجَهْرَ بالسُّوء مِنَ القَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ "، والسنة تؤكد ذلك وتوضحه. كمثل قوله – صلى الله عليه وسلم – لعائشة حين اعتدت إحدى ضرَّاتِها عليها: "دونَكِ فانْتَصري ".
قالت: فأقبلت عليها حتى رأيتها قد يبس ريقها في فيها، ما ترد علي شيئاً، فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – يتهلل وجهه.
رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وغيره؛ بسند صحيح، وهو مخرج في المجلد الرابع من "الصحيحة" (1862) .
فأرجو من أولئك القراء أن لا يبادروا بالِإنكار، فإني مظلوم من كثير ممَّن يدَّعون العلم، وقد يكون بعضهم ممَّن يُظَنُّ أنه معنا على منهج السلف، ولكنه- إن كان كذلك- فهو ممن أكل البغضُ والحسدُ كبدَه؛ كما جاء في الحديث:
"دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلَكم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر". وهو حديث حسن بمجموع طريقيه عن ابن الزبير وأبي هريرة.

فأرجو من أولئك المتسائلين أن يكونوا واقعيين، لا خياليين، وأن يرضوا مني أن أقف في ردِّي على الظالمين مع قول رب العالمين: "وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ "؟؛غير متجاوب مع ذلك الجاهلي القديم:

ألا لَا يَجْهَلَنْ أحدٌ عَلَيْنا *** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْل الجَاهِلِيْنا
عياذاً باللّه أن أكون من الجاهلين.
والحالة الأخرى أن يكون هناك خطأ فاحش في حديث ما، صدر من بعض من عُرِف بقلة التحقيق، فقد أقسو على مثله في الكلام عليه، غيرةً مني على حديث رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -، كقولي الآتي تحت الحديث (142) :
"لم يخجل السيوطي- عفا اللّه عنا وعنه- أن يستشهد بهذا الِإسناد الباطل. فإن (أبو الدنيا) هذا أفاك كذاب، لا يخفى حاله على
السيوطي… ".-
فإن الباعث على هذه الشدة إنما هو الغيرة على حديثه – صلى الله عليه وسلم – ، أن يُنْسَبَ إِليه ما لم يقله، وسلفنا في ذلك بعض الحفاظ المعروفين بالدين والتقوى، فانظر مثلاً إِلى قول الذهبي رحمه اللّه في الحاكم. وقد صحح الحديث الآتي في فضل علي رضي اللّه عنه برقم (757) :
"قلت: بل واللّه موضوع، وأحمد الحراني كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك؟! ".
فليتأمل القارئ الفرق بين الحاكم والسيوطي من جهة، وبين عبارة الذهبي في الحاكم، وعبارتي في السيوطي من جهة أخرى.
ثم وقفتُ على رسالة جديدة للشيخ الأنصاري- وهذه المقدِّمة تحت الطَّبع- تؤكِّدُ لكل مَن يقرؤها أنَّه ماضٍ في بغضهِ وحسده وافتراءاتِه، وهي بعنوان: "نقد تعليقات الألباني على شرح الطَّحاويَّة"! وهو فيه- كعادته في ردوده عليَّ- لا يحسِنُ إلا التهجُّمَ، والتَّحامل عليَّ بشتَّى الأساليب، والغمز، واللمز؛ كقوله في أول حديث انتقدني فيه بغير حق:
"فباعتبار الألباني نفسه محدِّثاً لا فقيهاً (!) … ".
ونحو هذا من الِإفك الذي لا يصدُرُ من كاتب مخلصٍ يبتغي وجه الحق، وينفع فيه اللِّين والأسلوب الهيِّن في الردِّ عليه. لأنه مكابرٌ شديدُ المكابَرة والتمحُّل لتسليك أخطاءِ غير الألباني مع ظهورها، بقدر ِما يتكلَّف في توهيمِه وتجهيلهِ- ولو ببتر كلام العلماء، وتضليل القرَّاء- ليستقيمَ ردُّهُ عليهِ!!
وهو في بعض ما أخذهُ عليَّ ظلما في "نقده " هذا قد سبقهُ إليه الكوثري الصغير أبو غدَّة الحلبي، الذي كنتُ رددتُ عليه في مقدِّمة تخريج "شرح الطحاوية"، فالتقاؤهُ معه في ذلك ممَّا يدلُّ على أنَّه لا يتحرَّجُ في أن يتعاوَنَ مع بعضِ أهلِ الأهواء في الردِّ على أهل السنَّة! فلا أدري واللّه كيف يكون مثلُه باحثاً في دارِ الِإفتاء؛ وفيها كبارُ العلماء الذين لا يمكن أن يخفى عليهِم حال هذا الباحث في انحرافِهِ في الرَّدِّ عن الأسلوب العلميِّ النَّزيه، إلى طريقتِه المبتَدَعة في اتِّهامه لمَن خالفه من أهل السنَّة بالبهت، والافتراء، والتدليس، وتحريف الكلم عن مواضعه، وتتبُّع العَثرات؟!
ومَن أراد أن يتحقَّق من هذا الذي أجملتُه مِن أخلاقِ الرجل، بقلمٍ غير قلمي، وأسلوب ناعمٍ غير أسلوبي؟ فليقرأ ردَّ الأخ الفاضل سمير بن أمين الزُّهيري المنصوري: "فتح الباري في الذَبِّ عن الألباني والرَّد على إسماعيل الأنصاريّ "، أرسلهُ إليَّ جزاه اللّه خيراً وأنا زائر في (جُدة) أواخر شعبان هذه السنة (1410 هـ) ، وهو في المطبعة لمَّا يُنْشَرْ بعد، وما يصل هذا المجلَّد إلى أيدي النَّاس. إلا ويكون قد تداولته الأيدي.
وهو ردٌ علميٌّ هادئٌ جدّاً، نزيهٌ ، لا يقولُ إلا ما وصَلَ إليهِ علمُه، لا يُداري ولا يُماري منطلقاً وراء الحجة والبرهان، وهو مع سعة صدره في الردِّ على الأنصاري، فإنَّه لم يتمالك أن يصرِّح ببعضِ ما سبق وَصْفُه به، فهو يصرِّح (ص 66 و77) :
أنَّه غير منصفٍ في النَّقد، ولا أمين في النقل!
وهو يتعجَّب (ص 82 و86) من مكابرة الأنصاريِّ وادِّعائهِ على الألبانيِّ خلافَ الواقع!
ولقد ضاقَ صدرُه من كثرةِ مكابرته وتدليسه على القرَّاء، فقال (ص 87) :
"أكَرِّر هنا أنَني أسأم من توجيهِ النَّصيحة للشيخ الأنصاري حفظه اللّه: بأنَّه إذا فاته الِإنصاف في النقد، فليحرص على أن لا تَفوتَه الأمانة في النقل ".
ثم كشف عن تدليسه المشار إليه، ثم قال (ص 88) :
"ألا فَلْيَتَّقِ اللّه الشيخُ الأنصاري، فمهما حاول، فلنْ ينالَ من منزلة الشيخ الألباني حفظه اللّه…

من سلسلة الأحاديث الصحيحة، المجلد الأول

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




اتعجب اليوم من اناس يلمزون هذا الجبل ويتكلمون في فقهه رحمه الله
و عقيدته والله ما الالباني هو المقصود هنا انماسنة نبينا صلى الله مليه وسلم ومنهج
المنهج السلفي كما قال بعض العلماء اضنه الرحيلي الذين يتكلمون في الالباني كالفئران
تحفر في جبل شكرا لتطرقك لمثل هذا الموصوع




شكرا لتطرقك لمثل هذا الموصوع بارك الله فيك
جزاك الله خيرا وكثر حسناتك




التصنيفات
اسلاميات عامة

علامات الحج المبرور الشيخ محمد سعيد رسلان صوت + صورة

تعليمية تعليمية
بسم الله الرحمن الرحيم


تعليمية

خطبة الجمعة 18 من ذي القعدة 1443هـ الموافق 6-11-2009م



هذه المحاضرة أضيفت بتاريخ : 06-11-2009

تاريخ إلقاء هذه المحاضرة : الجمعة 18 من ذي القعدة 1443هـ الموافق 6-11-2009م

مكان إلقاء هذه المحاضرة : بالمسجد الشرقي – سبك الأحد – أشمون – محافظة المنوفية – مصر

حجم الملفات : ( RM : 4.55 MBytes ) – ( MP3 : 12.71 MBytes )
( VIDEO : 56.57 MBytes )

نبذة مختصرة عن المحاضرة : ( المادة متوفرة صوتيًا rm & mp3 ومرئيًا wmv )
لحفظ المحاضرة : VIDEO MP3 RM
كيف أحفظ المحاضرة ؟
استمـــاع : VIDEO MP3

( بالصوت والصورة )


( المادة متوفرة صوتيًا rm & mp3 ومرئيًا wmv )

تعليمية تعليمية




جزاك الله خيرا اختي نانو على الموضوع المميز .
بوركت .
تعليمية




مشكورة اخت نانو بارك الله فيك




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة من الشيخ الألباني رحمه الله للنساء المترجلات

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السائل : شيخنا ، كنا سمعنا إنه من هؤلاء النساء الموجودات في بعض الجامعات أو المدارس أو الكليات أو بعض النساء المحُاضِرات – يعنى – عندما يلقون المُحاضرَة أو الدرس أو يقرؤون حتى القرءان في السمّاعة خصوصًا عند الصباح ، سمعنا أن هؤلاء النساء لم يستمتع أزواجهم أبدًا في هؤلاء النساء ، لأنهم مترجلات ، فنريد منك – يعني – توضيح حول هذا السؤال .

الشيخ : الأصل في هذه المسألة هو سوء التربية ، ومن أسباب سوء التربية فساد المجتمع ، وفساد المناهج التي يُقام على أساسها تدريس الرجال والنساء ، أو الشبّان والشابات ، ذلك لأن الطالبات في المدارس أنا على مثل اليقين أنهن لا يسمعن مثل قوله عليه السلام: ((لعن الله الرَجُلة من النساء)) ، وكذلك الحديث الآخر الذي يرويه عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال" في اعتقادي أن الطالبات اللاتي يتخرجن من المدارس الثانوية أو مما فوقها ، لم يطرق سمعهن مثل هذا الحديث أو ذاك – الحديث الأول – ولئن طرق شيء منهما مسامعهن يومًا ما ، فذلك مما يدخل من أذنٍ ويخرج من الأذن الأخرى ، لأن المناهج التي تدرّس – أو تُلقى الدروس على أساسها – لا تسمح للمدرّسة – حتى ولو كانت متدينة – أن تتوسع في مثل هذا الموضوع .
ومعلوم في الشرع وعند أهل العلم به ، أن الأصل في الرجل أن يخرج من داره ليعمل لصالح أهله وذويه ، وعلى العكس من ذلك ، فالأصل للمرأة أن تظّل في بيتها ، وألاّ تخرج عنه ، عملاً بقول ربها – تبارك وتعالى – ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) فلما صارت المرأة كالرجل ، تخرج صباحًا ، وتعود مساءًا ، صارت في ذلك متشبهة بالرجل من حيث تدرى أو لا تدرى ، من حيث تشعر أو لا تشعر .

ولذلك فنحن لم نعد في هذه الأزمنة المتأخرة نرى الفتاة العذراء التي تخجل أن يقع بصرها على رجل ، بل هي – من شدة حيائها – ترمي ببصرها إلى الأرض لترى خطواتها وهى تمشي ، لم نعد نرى هذه الفتاة التي كان أمثالها معروفًا حتى في عهد الجاهلية فضلاً عن عهد الإسلام الأول الأنور الأطهر ، من أجل ذلك جاء في الصحيح في شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه كان أشد حياءًا من البكر في خِدرها" هذه البكر التي شُبه سيد البشر عليه الصلاة والسلام في حيائه بها ، لم نعد نسمع بها في زمننا هذا ، ذلك لأنه غلب على النساء التشبه بالرجال ، ولا شك أن لهذا أسبابًا كثيرة ، من أهمها – ابتداءًا – سيطرة الحكام الكفار على كثير من البلاد الإسلامية ، فنشروا فيها عاداتهم ، وتقاليدهم ، وأذواقهم ، وأخلاقهم المنحرفة عن الفطرة السليمة ، فورثها جيل من الناس ، وتلقاها أساتذة موجهون – زعموا – وأساتذات ، ونشر هؤلاء جميعًا بين هذا الجيل الناشيء من فتيان وفتيات ما يسمونه [بالمساواة بين النساء والرجال] ، فكان هذا من أسباب انتشار قلة الحياء في النساء ، الذي جعل الكثيرات منهن مترجلات .ومما لا شك فيه أن ترجل المرأة يجعلها تعتد بشخصيتها أمام زوجها ، وقد تعلو عليه بصوتها ، وربما تذله أمام بعض أقاربه وأقاربها ، استعلاءًا منها على زوجها .

أين هذا مما جاء في وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الرجال بالنساء ؟ وعلل ذلك بقوله عليه السلام .. بعلة تنافى تمامًا هذه التربية التي نراها في العصر الحاضر ، ألا وهو قوله عليه السلام ((استوصوا بالنساء خيرًا ، فإنهن عوانٍ عندكم)) الشاهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر بالاستيصاء بالنساء خيرًا في هذا الحديث ، علل ذلك عليه السلام بقوله ((فإنهن عوانٍ عندكم)) أي: إنهن كالأسارى ، الأسير لا يستطيع أن يعمل شيئًا مع سيده ، كذلك المرأة المسلمة ، المتخلقة بأخلاق الإسلام الصحيحة ، هي أمام زوجها كالأسير .
ولذلك خشي عليه السلام على الرجال أن يستغلوا هذا الوصف اللائق بالنساء ، فيستعلون عليهن، ويتجبرون عليهن ، ويظلمونهن ، ولذلك أمر بالاستيصاء بالنساء خيرًا ، وعلل بهذه العلة .. ألا وهى قوله عليه السلام((فإنهن عوانٍ عندكم)) .

أصحبت النساء اليوم لسن بحاجه إلى توصية الرجال بهن ، بل انقلبت الآية ، فأصبحت النساء بحاجة إلى أن يوصين بالرجال خيرًا لأنهن أصبحن مستقلاتٍ في أعمالهن ، في تصرفاتهن ، وكثيرًا ما نسمع من بعضهن: أنه ما فيه فرق بيني وبين زوجي ، فهو زوج وأنا زوجة ! وهو شريك وأنا شريك معه في الحياة !
فعلى المسلمات المتمسكات بدينهن إذا كنّ قد ابتلين بشيء من المخالطة لهذا المجتمع ، أن يحاولن أن ينجون بأنفسهن من أن تتأثرن بشيء من هذا الانجراف الذي وقعت فيه كثيرات من النساء ، بسبب ما ذكرناه من فساد التربية ، وفساد المجتمع ، وهذه ذكرى ، والذكرى تنفع المؤمنين ، والسلام عليكم.

السائل : الله يجزيك الخير ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) اهـ

المصدر: سلسلة الهدى والنور ، شريط رقم 19 ,الدقيقة47




بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذا الكلام النفيس من المحدث العلامة ناصر الدين الالباني رحمه الله
ولقد صدق حين قال :
سيطرة الحكام الكفار على كثير من البلاد الإسلامية ، فنشروا فيها عاداتهم ، وتقاليدهم ، وأذواقهم ، وأخلاقهم المنحرفة عن الفطرة السليمة ، فورثها جيل من الناس ، وتلقاها أساتذة موجهون – زعموا – وأساتذات ، ونشر هؤلاء جميعًا بين هذا الجيل الناشيء من فتيان وفتيات ما يسمونه [بالمساواة بين النساء والرجال]




و فيكم بارك الرحمن
و جزاكم الله خيرا




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه







مَوْضُوعٌ طَيِّب

جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا