علم الاجتماع
انتوني غدنز
ترجمة:د.فايز الصياغ
رابط التحميل :
http://www.filedwon.com/xd46jr88zrmh…جتماع.pdf. html
بارك الله فيك
شكرا على الجلب المميز
بالتوفيق
العلوم الانسانية والاجتماعية
علم الاجتماع
انتوني غدنز
ترجمة:د.فايز الصياغ
رابط التحميل :
http://www.filedwon.com/xd46jr88zrmh…جتماع.pdf. html
بارك الله فيك
مقدمة:
نعرض في هذه الورقة جولة في فكر الدكتور محمد أركون, صاحب أحد المشاريع الفكرية و المعرفية, و الذي استهدف بالأساس فتح آفاقا واسعة للفكر العربي الإسلامي عبر تطبيقاتها لمنجزات و مناهج العلوم الإنسانية الحديثة على دراسة الإسلام. و ظل الدكتور محمد أركون يسعى جاهدا إلى ترسيخ المنهجية التاريخية الحديثة في الفكر الإسلامي, لأنه يرى أنها السبيل الوحيد لتحقيق الفهم العلمي للواقع التاريخي للمجتمعات الإسلامية. و هذا من شأنه إلغاء كافة التعصبات المذهبية و العرقية لاسيما بوضعها على محك الفهم العلمي.
و قد احتار النقاد و الباحثون في أية خانة يصنفون محمد أركون, لكنهم أجمعوا على أنه يدعو إلى تجديد الفكر العربي الإسلامي.
1- كيف يري محمد أركون نفسه؟
2- مشروع أركون
3- القطيعة المعرفية
4- كيف يعرف الغرب الإسلام؟
5- العلمانية و الإسلام
6- الروابط بين الإسلام و العلوم و الفلسفة
7- الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان
8- في الصوفية
9- حول النموذج القومي المستعار من أوروبا
10- التفكير في اللامفكر فيه
1- كيف يرى محمد أركون نفسه؟
ينتمي محمد أركون إلى جيل ميشيل فوكو و بيير بورديو و فرانسوا فوريه و هم الذين أحدثوا ثورة ابستمولوجية و منهجية في الفكر الفرنسي. و محمد أركون أحدث ثورة مشابهة في الفكر الإسلامي و العربي, مما ولد بينه و بين الاستشراق الكلاسيكي – الذي ظل مخلصا للمنهجية الفللوجية- صراعا بينا.
و محمد أركون قام بدراسات ألسنية و تاريخية و أنثروبولوجية و حاول المزج بين عدة مناهج طبقها على التراث العربي الإسلامي. و هي نفس المناهج التي طبقها علماء فرنسا على تراثهم اللاتيني المسيحي الأوروبي. و أركون تأثر في البداية بريجيس بلاشير المحترف في فقه اللغة (الفللوجيا) و تعلم منه منهجية تحقيق و تدقيق النصوص و مقارعتها ببعضها البعض و دراستها على الطريقة التاريخية الوضعية, و لم يكتف بذلك لا سيما و أن توجهاته كانت متعددة كنتاج لفضوله الشخصي و مطالعاته الواسعة. و هو طالب بالجزائر تأثر بلوسيان فيفر, لاسيما بمنهجيته في علم التاريخ.
و هكذا اهتم أركون بالتاريخ الوقائعي و التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي. كما أدخل في دراسته منهجية علم النفس التاريخي بالإضافة إلى علم الاقتصاد.
و في ستينات القرن الماضي اهتم بمنهجية الألسنيات و على ضوئها قرأ المصحف و النصوص الإسلامية الكبرى, السيرة النبوية, نص سيرة علي للشيخ المفيد, نهج البلاغة, رسالة الشافعي, نصوص ابن رشد, ابن خلدون و آخرون.
فلا يبدو أن محمد أركون تأثر بمفكر بعينه, إلا أنه لا مناص من اعتبار استثناء واحد بالنسبة لأبي حيان التوحيدي, إذ يعتبره أخاه الروحي وحدتهما ميزتان :
1- التمرد الفكري ضد كل قسر أو إكراه على العقل و الفكر
2- رفض الانفصام بين الفكر و السلوك و بين العمل الفكري و المسار الأخلاقي العملي,
و شاءت الظروف أن عاش كل منهما و عاين سوء فهم معاصريهما لهما. و في نظر محمد أركون يمثل أبو حيان التوحيدي إحدى اللحظات الأساسية في تاريخ الفكر الإسلامي و العربي. فالتوحيدي هضم الثقافة الفلسفية السائدة في القرن الرابع الهجري, بما فيها الثقافة الصوفية, بالإضافة إلى براعته في اللغة. كما لاالعصر يمكن القول أن أبا حيان التوحيدي كان يتميز بالقلق الابستمولوجي (المعرفي) مما جعله يمر باستمرار من علم إلى آخر. كما لا ينبغي نسيان كذلك شجاعته و جرأته’ فقد تجرأ على كتابة مؤلفه مثالب الوزيرين ضد الصاحب بن عباد و ابن العميد الوزيرين المشهورين صاحبا السلطة و السطوة, و كانت شجاعته تكاد أن تكون انتحارية.
و كذلك محمد أركون تميز بشجاعته, لكن من صنف آخر, و هي شجاعة التطرق إلى اللامفكر فيه. و لفهم موقفه من الاستشراق لابد من الرجوع إلى أركون الطالب بالجامعة الجزائرية و هو يدرس اللغة العربية و آدابها في وضع قاس مطبوع بسيادة الثقافة الغربية الآتية إلى الجزائر لتحضيرها و إدخالها في حلبة الحضارة حسب ادعاء المستعمر الغازي. و منذ ذلك الوقت تبرعمت في نفس أركون بدايات الرفض للاستشراق بكل مناهجه و طرائقه. هذا الرفض تولد عنه التمرد ضد المجتمع و حالته و ضد الظلم السائد فيه. و آنذاك سيطرت على ذهنه الرغبة في الفهم و المزيد من معرفة الواقع و تمحيص الوضع.
لقد امتلكه سؤال شكيب أرسلان : لماذا تأخر المسلمون و تقدم غيرهم؟ و لازمه آخذا في الإلحاح عليه و طالبا منه الجواب, و ربما هذا ما يفسر عدم انخراط محمد أركون في النضال السياسي على غرار جيله, إذ أنه اختار الطريق الفكري للتحرير, و التمرد الفكري عوض التمرد السياسي لأنه رغب في التحرير الفكري و العقلي للجزائر و لعموم العرب و المسلمين.
و منذ ستينات القرن الماضي, عندما أصبح مدرسا بجامعة السوريون اتبع منهجا مختلفا جذريا لمنهج المستشرقين و شرع في محاولاته التحليلية المعتمدة على المقارنة الواسعة سعيا للخروج من الإطارات الضيقة المرسومة من طرف الارثودوكسية, و هذا ما فعله مع الفكر الإسلامي.
2-مشروع أركون
لقد هدف محمد أركون إلى بناء "إسلاميات تطبيقية" و ذلك بمحاولة تطبيق المنهجيات العلمية على القرآن الكريم, و من ضمنها تلك التي طبقت على النصوص المسيحية, و هي التي أخضعت النص الديني لمحك النقد التاريخي المقارن و التحليل الألسني التفكيكي و للتأمل الفلسفي المتعلق بإنتاج المعنى و توسعاته و تحولاته.
و قد طرح أركون هذا المشروع في الدراسات الإسلامية لكي يهتم به الباحثون العرب و المسلمون عموما, لاسيما و هو مشروع متصل بالبحوث في النص الديني بصفة عامة. انه مشروع مبني بالأساس على التعرف على الظاهرة الدينية حتى تحل الظاهرة الدينية في أفق أوسع من الأفق الإسلامي. لاسيما و أنه يتم الاكتفاء بالنظر إلى تاريخ الإسلام كدين, كإطار فكري دون مراعاة ما حدث و ما يحدث في الأديان الأخرى.
و مشروع أركون يفتح بابا أوسع لتاريخ الأديان إذا انطلقنا من القرآن و من منطقه الذي يطرح قضية تاريخ النجاة, أي كيف نعيش حياتنا كمؤمنين متلقين كلام الله تعالى حتى نطبقه في حياتنا قصد النجاة من العذاب. و معلوم أن فكرة النجاة موجودة في التوراة مع موسى و الأنبياء الذين ذكرهم القرآن. و هذا يدعونا إلى الاهتمام بالتاريخ الروحاني الذي يختلف عن التاريخ السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي. و التاريخ الروحاني يتعلق بوجوب كلام الله على البشر.
و يؤكد محمد أركون أن المسلمين مازالوا لم يمار سوا بعد تاريخ الأديان, لأنه غير موجود لديهم. كما يشير إلى أن ما كتبه الشهرستاني عن الملل و النحل, و ما كتبه ابن حزم عن الملل و النحل تخلى و أعرض عنه المسلمون, إذ ركزوا كثيرا على ما ورد في تاريخ الإسلام أكثر مما ركزوا على ما ورد في القرآن نفسه. فهناك, حسب أركون, فرق بين القرآن الذي هو كلام الله و نزل إلى الجميع و ما قام به الفقهاء المسلمون من جهد نعتمد عليه لفهم الإسلام, و هو بطبيعة الحال فهم متغير الظروف التاريخية و الظروف الثقافية في المجتمع و خاضع أيضا للقوة السياسية العاملة في المجتمع.
ويركز محمد أركون على ضرورة تفهم القرآن-كلام الله- و الذي يفتح للبشر – وللمؤمنين بالخصوص- آفاقا للتدبر و التفكر و التفقه و التعقل. فكم من مرة تكررت "أفلا تتدبرون" و "أفلا تعقلون" في القرآن الكريم؟ لكن هذا النوع من التفكير المتوسع تم تهميشه و ضيقت مجالاته.
و عبر منهجه تمكن أركون من تكوين فكرة دقيقة عن تطور تاريخ الإسلام. و في هذا الصدد يقر أركون بوجود مذاهب متعددة ظهرت في الإسلام أثناء تاريخ الدولة الأموية و الدولة العباسية و هناك حرية منحت في أوائل الإسلام (في القرون الأربعة الأولى من الهجرة) حيث كان المسلمون يتمتعون بحظ لا بأس به من حرية التفكير و من حرية المناظرة و بفضل هذا تعددت المواقف الفكرية و بذلك تكونت مذاهب عديدة في علم الكلام و في الفقه و غيرها من العلوم. و هناك اتجاهات عديدة لأن القرآن مفعم بمعان لا يمكن تحديدها في اتجاه واحد فقط. ثم أن هذه المذاهب تطورت في ظروف سياسية و السياسة دائما تلعب دورها في توجيه البحث في الأمور الدينية, لأن الدولة اهتمت دائما بالدين حتى تستمد منها مشروعيتها كسلطات, و قد أنتج هذا الاستعمال السياسي للجانب الديني مشاكل عديدة, و هذه المشاكل يجب أخذها بعين الاعتبار و إخضاعها للدراسة, لاسيما فيما يتعلق بالتطرف لمعرفة كيف و تحت أي سيطرة أصبحت بعض المذاهب متطرفة و منفصلة.
3- القطيعة المعرفية
فيما يخص مسألة المعرفة يقابل محمد أركون بين موقفين, الأول ينظر إلى الوراء صوب العصور الوسطى و يدافع عن القيم الروحية لتلك العصور. و الثاني يحاول استخراج الدروس و العبر من الثورة الابستمولوجية الحاصلة مع الثورة الفرنسية.
و بالنسبة لهذا الموقف الأخير هناك قطيعة أحدثها هذه الثورة, و تلك القطيعة ذات طبيعة سياسية بالأساس. فالثورة الفرنسية حدث سياسي ذو طبيعة ابستمولوجية في نظر محمد أركون, و القطيعة السياسية تحققت بعد تحقيق القطيعة المعرفية.
ففي نظره, إن تحرير الشرط البشري مسألة حديثة العهد رغم وجود بعض العناصر و البذور في التراث الإسلامي و باقي التوراثات التوحيدية. فأنظمة الفكر لها تاريخ و صيرورة, و لها انطلاقة و منشأ و مسيرة تطور و صيرورة تغيير نحو التقدم أو الانحطاط و الاحتضار, و هذا قانون الحياة و الكون. و المطالبة بإعادة قراءة النصوص الدينية الأساسية من الارتكاز عليها لا يعني في نظر محمد أركون الاستخفاف بتجارب و عبقرية السلف أو إهمال تعاليم النصوص الكبرى و جهود المفسرين, و إنما ما يجب التوق إليه من إعادة القراءة هاته هو الأخذ بعين الاعتبار مسألة التغيير الحاصل في مجال المعرفة البشرية و التاريخ البشري.
و يعتبر محمد أركون أنه لا يمكن نكران وجود مواجهة حاصلة بين النصوص الكبرى التي تبدو متعالية لا تتغير و لا تتبدل و بين التاريخ البشري المتغير و المتبدل بطبيعته. و لعل من أبرز وجوه هذه المواجهة أن الفكر الإسلامي السائد حاليا يرفض كل تاريخية, انه في نظر أركون لا يزال يكذب التاريخ و الواقع رافضا أن يأخذهما بعين الاعتبار حيث يقف متعاليا عن الواقع.
ففي نظر محمد أركون لا يجب الاكتفاء بالنظر إلى الدين فقط في مبادئه السامية و العالية و إنما وجب النظر أيضا إلى التاريخ و كيف تم تطبيق الدين؟ و كيف تم فهمه؟ و كيف تمت ممارسته؟
4- كيف يعرف الغرب الإسلام؟
يتساءل محمد أركون هل يمكن التحدث عن وجود معرفة علمية عن الإسلام في الغرب؟ و يعتبر هذا التساؤل بمثابة تساؤل عن صلاحية و موضوعية في النظرة المتوفرة للغرب عن الإسلام.
فلا يخفى على أحد أن الحداثة التي عرفها العالم مؤخرا قد مست بشكل أو بآخر ببعض المصالح الحيوية للغرب في جملة من مناطق العالم. و كانت و لا تزال ردود الفعل التي تثيرها قد أنعشت المتخيل الغربي السلبي على الإسلام و ضخمته أكثر من أي وقت مضى.
و هذا المتخيل الغربي المشكل تجاه الإسلام تغدي منذ خمسينات القرن الماضي من كل قوة و هيمنة الإعلام, لاسيما بسبب تلاحق الأحداث العنيفة لحركات التحرر الوطني و الحركات الاحتجاجية و التمردية السائدة في المجتمعات الإسلامية آنذاك.
لقد حصل خلط خطير في تشكيل المتخيل الغربي عن الإسلام, خصوصا و أن كل المشاكل ذات الجوهر السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي ألحقت جميعها بالإسلام. و هكذا راح الخلط بين الإسلام كدين و الإسلام كإطار تاريخي لبلورة ثقافة و حضارة معينة يتأبد و يتعقد أو يتشعب.
و في هذا الصدد ركز محمد أركون على ضرورة فهم المأساة التاريخية التي تتخبط فيها الشعوب الإسلامية منذ أن اصطدمت بشكل مفاجئ و عنيف بالحضارة المادية و الحداثة العقلية. فلا الثورة الاشتراكية و لا الثورة الإسلامية أتيح لهما أن تحضيا بمرحلة تحضير و استعداد كافية كما حصل للثورة الفرنسية في القرن 18. إذ لم يمهد لهما عن طريق حركة ضخمة من النقد الفلسفي و العلمي للتراث الديني, ثم لنقد الممارسة السياسية لأنظمة الثقافة الموروثة و لمشكلة المعرفة بشكل عام. و بذلك تراكم اللامفكر فيه في الفكر الإسلامي و العربي.
في حين أن الغرب كان قد انخرط منذ ستينات القرن الماضي في عملية البحث عن أشكال جديدة للحداثة, آنذاك فعل العالم الإسلامي العكس, أدار ظهره للحداثة, بل دخل في مرحلة استخدام الإسلام كأداة لتمويه التصرفات و المؤسسات و النشاطات الثقافية و التعليمية المستلهمة من قبل النموذج الغربي.
5- العلمانية و الإسلام
يعتبر محمد أركون أن العلمانية مشروع أفرزته المجتمعات الغربية, و بواسطتها انتقل المجتمع الغربي إلى التقدم و الحداثة. و العلمانية في تصور أركون لا تعني القضاء على الدين و إنما وضع حد للغزو الذي يقوم به الخطاب العقائدي للمجتمع. و يرجع أركون أسباب نجاح العلمانية في الغرب إلى ثلاثة أمور
1- القطيعات الحاصلة في نظام الفكر
2- دور الطبقة البرجوازية التجارية
3- الثورة الماركسية-اللينينية التي قامت ضد الطوائف الدينية
و قد حسم الأمر في الغرب باتخاذ منحى نضالي ضد رجال الدين و السلطة الدينية. و كانت مغالاة في العلمانية إلى درجة استبعاد الدور الديني.
و العلمانية و الحرية مفهومان مرادفان لدى محمد أركون. كما يرى أن الإسلام بذاته ليس مغلقا في وجه العلمانية, و لقد شهدت المجتمعات الإسلامية, في نظره, تجارب علمانية عبر التاريخ. لقد عرفت القرون الأربعة الأولى للهجرة حركة ثقافية مهمة استطاعت الخروج على القيود التي فرضتها السلطة الدينية.
فالمعتزلة عالجوا مسائل فكرية أساسية انطلاقا من ثقافتهم المزدوجة المرتكزة على الوحي الإسلامي و الفكر اليوناني. كما أدخل المعتزلة بعدا ثقافيا و لغويا في طريقة طرحهم مسألة خلق القرآن و اعترفوا بمسؤولية العقل و دوره في فهم النص الموحى به و امتلاكه. إلا أن الأمر آنذاك حسم لصالح الخط الأشعري الممثل للخط الرسمي.
كما يرى أركون أن المجتمع الإسلامي عرف العلمانية قبل المعتزلة عندما استولى معاوية على السلطة السياسية, و بعد انتصاره خلع عليه رجال الدين رداء الشرعية الدينية. و بذلك تشكلت ايديولوجيا التدبير التي تعطي للحاكم الحق في كل شيء باسم الدين.
و يؤكد أركون أن هذا الأمر ليس إلا عملا واقعيا لا علاقة له بأية شرعية غير شرعية القوة. كما يقر أركون على أن ما يشاع من أن الإسلام لم يعرف التفريق بين الدين و الدنيا (أو بين الروحي و الزمني) قول خاطئ.
و في هذا الصدد يتأسف أركون لكون المجتمعات الإسلامية و العربية لا تزال في عموميتها ترفض العلمانية و تجهل معناها الايجابي. و بذلك يتم قمع, بشكل أو بآخر, كل من حاول اتخاذ موقف حر متفتح على المعرفة, و ذلك منذ المعتزلة إلى ابن رشد إلى يومنا هذا.
لكن محمد أركون يرى أن المجتمعات الإسلامية سائرة نحو العلمانية من غير أن تدري, و ذلك بسبب غياب التفكير الفلسفي و التحليل الثقافي الحديث.
6- الروابط بين الإسلام و العلوم و الفلسفة
من المعروف أن العلوم لم تكن مفصولة عن الفلسفة عند الإغريق و العرب في القرون الوسطى. فالفيزيقا عند أرسطو كانت مرتبطة بالميتافيزيقا, و الطب كان يمثل جزءا من الفلسفة كما أكد على ذلك ابن سينا في كتب الشفاء, كما أن جابر ابن حيان أكد على ارتباط الكيمياء بالفلسفة.
كما أنه لا يبدو أن البحث العلمي قد عانى من عراقيل دينية في المجال الإسلامي. فالقرآن حث على العلم و المعرفة لا تفعل إلا أن تزيد من إيمان المسلم و تقويه, كما أنها تضيء له الإشارات الرمزية و العلامات الواردة في القرآن الكريم.
فمختلف العلوم شهدت نموا و ازدهارا عند العرب راح الغرب اللاتيني المسيحي يستفيد منها و يغترف منها منذ القرن الثاني عشر الميلادي.
و في واقع الأمر, يقول أٍكون, إن توقف هذه الحركة الكبرى للمعرفة العلمية عائد ليس إلى سلطة الضبط و الهيمنة اللاهوتية و إنما هو عائد إلى التغير الذي أصاب الأطر السياسية و الاجتماعية للمعرفة في العالم الإسلامي بدءا من القرن الحادي عشر و الثاني عشر الميلادي.
فالثقافة العربية الإسلامية المزدهرة في إطار الإمبراطورية الأموية ثم العباسية كانت مرتبطة بالحياة الحضرية (دمشق, بغداد, أصفهان, القاهرة, حلب, القيروان, فاس, قرطبة…), و كان التطور يتم في ظل البلاطات. و لكن بدءا من القرن الحادي عشر راحت الأخطار تحدق بحياة المدن و تهددها بسبب المحيط البدوي غير المسيطر عليه جيدا. و هكذا تراجع البحث العلمي شيئا فشيئا ليترك الساحة خالية للخطاب التعبوي و التجييشي لايديولوجيا الكفاح.
و قد لاحظ أركون أنه كلما تقوت هذه الايديولوجيا و اشتدت كلما تقلصت المكانة المخصصة للفكر العلمي و النقدي. و في نظره سيطرت ايديولوجيا الكفاح هاته منذ الصليبيين و حتى اليوم (الصراع العربي الإسرائيلي و الغرب) و بالتالي تقلصت أهمية الفكر الحر في الساحة العربية و الإسلامية إلى درجة مخيفة.
و في نظر أركون, لكي يقاوموا الحملات الصليبية على فلسطين و هجمة العشائر التركية و المغولية لزم العرب التجمع حول إسلام ارثودكسي و دغمائي صارم, لكنه فعال ايديولوجيا من حيث التعبئة و التجييش. و عندئذ بدأ الدين الشعبي ينتشر في الأرياف و ما انفك هذا التوجه يتفاقم ضمن خط التقلص العقلي و ضيق الآفاق, ثم ضمن خط التشدد حتى القرن التاسع عشر. و بعد ذلك ظهرت الحركة السلفية (الإصلاحية) في وقت كانت القطيعة التاريخية للمسلمين مع التراث العلمي و الثقافي قد حصلت و تر سخت تماما. و هكذا راح الحنين للمجد الضائع لا يترك مكانا للبحث العلمي و النقد البناء. ثم جاءت الايديولوجيا القومية في القرن 20 لقيادة النضالات التحررية.
و هكذا ظل تاريخ العلوم بشكل خاص المجال الأقل اكتشافا و دراسة من كل جوانب التراث.
7- الأصول الإسلامية لحقوق الإنسان
لازالت نظرة الغرب للإسلام تعتبر أن الدين الإسلامي يرفض الحداثة و حقوق الإنسان و يشجع العنف و الإرهاب. و لقد ساهم المثقفون المسلمون في ترسيخ هذه النظرة, على الأقل لكونهم لم يعملوا فعلا و فعليا على تفنيدها.
و في واقع الأمر فان العالم العربي و الإسلامي استفاق من نومه التاريخي على الأمجاد الغابرة و راح يعاين تخلفه عن الركب بعد اكتشافه أو إعادة اكتشافه لحجم الهوة التي تفصله عن الغرب على صعيد التقدم المادي و الصناعي و التكنولوجي و على صعيد الفكر و العلم و قيم المجتمع و الحريات و حقوق الإنسان.
لكن الإسلام عمل على تأسيس أرضية لحقوق الإنسان و منذ بداية البدايات. فالله خلقنا أحرارا و لا يمكن قبول العبودية لخدمة أغراض مهما كانت سياسية أو غيرها. بل إن البوادر الأولى لحقوق الإنسان متضمنة في الديانات التوحيدية (اليهودية و المسيحية و الإسلام). إلا أن البشر انحرفوا عنها بسبب صراعات التاريخ أو فسروها بشكل مغلوط و قسري و ضيق.
فمسيرة البشر عبر التاريخ مليئة بالصراع و التنافس و التناحر على السلطة و الثروة و السيطرة و النفوذ. و إذا كان لابد من الاعتراف أن حقوق الإنسان و المواطن بالصيغة المعلن عنها من طرف الثورة الفرنسية سنة 1781 تمثل طفرة نوعية في تاريخ البشرية, فهناك رأي يقول أن حقوق الإنسان بالمعنى الحديث المتعارف عليه كانت موجودة في الإسلام منذ قرون و بشكل كامل و ناجز.
و لقد جاء في الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان المعان عنه سنة 1981 أن هذا الإعلان قد بلور من قبل كبار علماء المسلمين و أساتذة القانون و ممثلي مختلف حركات و تيارات الفكر الإسلامي. في حين أن المواد الثلاث و العشرين التي تشكل هذا الإعلان ترتكز على الآيات القرآنية و الحديث النبوي.
و من المبادئ التمهيدية المرتكز عليها نجد :
– أن الإسلام قدم للبشرية قانونا مثاليا لحقوق الإنسان, و ذلك منذ أربعة عشر قرنا من الزمن
– حقوق الإنسان هذه متجذرة و منغرسة في القناعة الراسخة بأن الله عز و جل هو وحده مؤلف القانون و أصل كل حقوق الإنسان
– و نظرا للأصل الإلهي لهذا القانون فلا يمكن لأي زعيم سياسي و أي حاكم أو أي هيئة أن يلغي أو ينتهك أو يغير حقوق الإنسان التي وهبها الله له.
و مهما يكن من أمر, فان محمد أركون يعتبر أن الإعلان الاسلامي العالمي لحقوق الإنسان, على الرغم من كل الانتقادات الموجهة لطابعه الاحتفالي و الشكلاني, فانه يحمل في طياته لغة قانونية حديثة. و لذلك وجب التساؤل حول البعد التاريخي للمشكلة. و هذا البعد في نظره يخص العلاقة بين الدين الإسلامي و المفهوم الحديث لحقوق الإنسان المصاغ من طرف الثورة الفرنسية.
من الأكيد أن البلورة الأساسية الغربية لحقوق الإنسان لم تحصل إلا عامي 1789 و 1948 حيث صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لكن ماذا نجد في القرآن الكريم بخصوص الإنسان و حقوقه؟
فهناك إجماع على أن معنى "مسلم" هو الخاضع لله و الذي سلم نفسه له. و كلمة مسلم معناها عام و شامل و واسع, انه يعبر عن العلاقة الروحية للإنسان مع الله, أي, بلغة اليوم, أن هناك ميثاقا يربط الخالق بالمخلوق, و هو مبني على إرادة الله عز وجل في منح الإنسان لمكانة متميزة بين المخلوقات كلها. و الله تعالى وعد الإنسان بالحياة الأبدية إذا ما نفذ تعاليمه في حياته الدنيوية.
و الإنسان مع ظهور الإسلام عرف ترقية حقيقية قياسا لما كان عليه في الجاهلية¸و حقوقه كانت أكثر تقدما مما كانت عليه من قبل و على مختلف الأصعدة. و في الحقيقة إن ظهور الإسلام جعل الشعوب يدخلون في دائرة الحداثة الروحية و العقلية آنذاك, بمعنى الدخول في حركة التاريخ. و قد تحقق ذلك بالفعل على يد سيدنا محمد(ص) الذي, بواسطة القرآن الكريم, بين طريق النجاة و الخلاص. إذن منذ ظهور الإسلام برزت بذور تحرير الشرط البشري و ترقية الإنسان. و هناك آيات كثيرة تركز بشكل خاص على ترقية الإنسان و على القيم الأخلاقية و الروحية الواجب التقيد بها لكي يستحق الإنسان الرفعة و الدرجة العالية التي حباه الله بها فجعله خليفته في الأرض.
و في هذا الصدد, يؤكد أركون أن الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان هو في الحقيقة غير نابع من القراءة للتعاليم المركزية أكثر مما هو محاكاة قانونية للإعلان الغربي لتلك الحقوق. و نصه يخلع الرداء الإسلامي بمفرداته و صياغاته التعبيرية على الممارسات السياسية و المؤسسات الحديثة و الممارسات القانونية المستعارة من الغرب.فحسب محمد أركون, إن الهوة التي تفصل المسلمين اليوم عن تراثهم الخصب و المبدع في العصور الكلاسيكية, تمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لتطورهم الراهن. فلو أنهم يعرفونه جيدا أو يقدرون على قراءته جيدا لاستطاعوا أن يعثروا على نقاط ارتكاز صلبة ينطلقون منها بكل ثقة للتفاعل مع الآخر و يستفيدون و يفيدون. و قد أكد أٍكون أن العرب المسلمون استطاعوا مواجهة التحدي الحضاري في العصور الأولى للإسلام عندما خرج من بين ظهرانيهم خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد (ص) و أدخلهم في حداثة ذلك العصر و فتح لهم أبواب التاريخ.
و في نظر أركون أن ما يعرقل مسألة حقوق الإنسان في المجتمعات العربية الإسلامية هي طبيعة الأنظمة السياسية و طريقة نشأتها و تركيبها بعد الاستقلال. فهي التي في نظره تعرقل عملية تطبيق الحد الأدنى من حقوق الإنسان و احترامها.
و حسب أركون فان أول خطوة لابد من القيام بها هي إعادة قراءة عملية و صيرورة تشكل القانون الإسلامي(الشريعة). و عموما يتصور أركون القانون الديني بصفته تفويضا انطلاقا من نص ديني, و هكذا يتصور أن الأحكام الناتجة عنه كأنها إلهية, و بالتالي فلا يمكن لأية سلطة بشرية أن تقوم بتعديلها أو تطويرها لتتناسب مع مقتضيات الظروف و الأحوال المستجدة. و هذه معضلة كبيرة, لهذا يؤكد على أنه بات من الحيوي إعادة قراءة كتب الفقه المعتبرة كأساس للقانون الإسلامي (الشريعة).
و في نظره إن الشريعة, على عكس ما يتوهمه أغلب المسلمين, ليست قانونا إلهيا مباشرا, و إنما هي ناتجة عن عملية بلورة تاريخية محضة قام بها بشر استنادا على القرآن و الحديث و السيرة النبوية في القرنين الأول و الثاني للهجرة. و يعتبر أركون أن إعادة القراءة هاته تصطدم بعقبات كأداء نظرا لسيادة الاعتقاد أن القانون الإسلامي (الشريعة) هو أصل الهي مباشر و لا علاقة له بالبلورة التاريخية التي قام بها بشر و هم الفقهاء و القضاة.
و تظل الفكرة المحورية لمحمد أركون في هذا الصدد أنه قد وجدت في تاريخ الإسلام تركيبات تيولوجية (لاهوتية) و قانونية و تشريعية جمدت التعاليم القرآنية التي كانت متفتحة غنية متعددة الاحتمالات و التي يمكن للبشرية أن تتأمل به و تفكر فيها حتى يوم الدين.
8- في الصوفية
يرى محمد أركون أن الصوفية هي تيار متزهد, إنها تيار فكري يمتلك معجمه اللغوي و التقني الخاص به و له خطابه المتميز به و نظرياته المتفردة. و التجربة الصوفية بمفهوم أسلوب ديني يستخدم الشعائر الفردية و الجماعية من أجل جعل الجسد و الروح يتواكبان و يساهمان في عملية تجسيد الحقائق الروحية, موجودة في مختلف الأديان.
و التأمل الصوفي هو عبارة عن تمرين فردي و مستقل عن الشعائر و الفرائض التي تؤديها الجماعة.
و الإسلام يحبذ التواصل المباشر بين المؤمن و خالقه دون وساطة.
و قد أدينت الصوفية من قبل البعض كابن الجوزي. كما أنه من المعروف أن الحلاج قد أعدم بعد قد كان لفظ العبارة الشهيرة "أنا الحق", و قد كان ذلك في وقت تتلاقح فيه و تتقاطع عدة تراثات ثقافية و عدة تيارات فكرية. كما راح الصوفيين في البداية يعلقون الوعي بالزمن و عالم الأشياء لكي يتوصلوا إلى وحدة الوجود التي تميز بها ابن عربي, لكن في الوقت ذاته ظلوا متغرسين بقوة في الساحة الثقافية و الفكرية. و من بين هؤلاء الحسن البصري و المحاسبي و الجنيد.
و هناك الجانب الاجتماعي و السياسي للحركة الصوفية, إذ أن الزبائن الأقرب للصوفيين هم أولئك الناس المرتبطين بالأوساط المسحوقة و بالفئات المهمشة. و قد تطورت العلاقة بين الصوفية و الطبقات الكادحة بعد القرن الحادي عشرالميلادي باتجاه ربط الصوفية بالمعارضة, ثم تطورت في القرن 13 نحو الارتباط بالمرابطين و الأولياء الصالحين المحليين. و في نظر محمد أركون أن انتصار الاتجاه الصوفي بعد القرن 13 ارتبط بانهيار الحضارة العربية الإسلامية و ولوج مرحلة الانحطاط. و مادام الغرب تعرف على الإسلام المرابطي, لذا كون صورة سلبية عن الدين الإسلامي, و بالتالي فليس من الغريب أن يتهم الإسلام و المسلمين و العقلية الإسلامية بالتواكل و الكسل و الجمود و الاستسلام لما هو مكتوب. و كل تلك التفسيرات و سوء التفاهمات لازالت تغدي حتى اليوم المتخيل الغربي عن الإسلام, أي التصور الخيالي عن الإسلام. و قد ركز محمد أركون على ظاهرة اعتبر من الضروري دراستها و هي فشل الفكر العلمي و السلطات السياسية في فهم الحركات الدينية و في السيطرة عليها و تخصيص حيز ملائم لتمكينها من التعبير عن نفسها حتى لا تخرج عن الخط و تحدث الأضرار.
90- حول النموذج القومي المستعار من أوروبا
يرى محمد أركون أن بروز النموذج القومي في العالم الإسلامي العربي أدى إلى تحويل مجموعة من الإشارات التي ظلت شغالة في الوعي الجماعي.
لقد استعارت البلدان الإسلامية و العربية النموذج القومي من القوميات الأوروبية. و تم إقامة في كل بلد دولة غداة الاستقلال. و أصبح عليها تحمل مسؤولية البلاد و مواجهة المشاكل الموروثة و التصدي للتحديات التاريخية سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا.
و رغم التباينات الكبيرة بين دول العالم الإسلامي و العربي يمكن, في نظر محمد أركون, اعتبار بعض معايير للتمييز بينها, إذ يمكن التمييز بين الدول التي عرفت استعمارا سكانيا أو الوصاية السياسية أو المحافظة على الاستقلال النسبي. من بين الأولى هناك المغرب و الجزائر و تونس, و من بين الثانية هناك إيران و العراق و اليمن و من بين الثالثة هناك تركيا و الجزيرة العربية.
و هناك حدث بارز و ظاهرة تاريخية أثرت بشكل أو بآخر على قيام النموذج القومي بعد الاستقلال, و هي القضاء العنيف و المفاجئ على الدولة الخليفية بعد دخول المغول إلى بغداد. و رغم أن العثمانيين حاولوا إعادة بعث الخلافة بصفتها سلطة مركزية تمارس دورها على كل أرجاء دار الإسلام, إلا أنهم لم يستعيدوا لقب الخليفة و لا لقب الإمام و إنما استعملوا لقب السلطان. آنذاك كانت الأمة كيان ذو جوهر ديني يرتبط أعضاؤها بواسطة الأخوة الروحية. علما أنه من الناحية العرقية الثقافية و السوسيولوجية كانت الإمبراطورية تشمل مناطق متنوعة و مختلفة. و هذا ما سيبدو بجلاء بعد ذلك من جراء التركيبة المجتمعية و التعددية على الصعيد العرقي الثقافي و الطائفية الدينية. علما أنه من المفروض- حسب الخطاب القومي العربي- أن مثل هذه الوضعية لا ينبغي أن توجد (مذهب واحد, حزب واحد…), و هذا ما أدى إلى عدم الاعتراف بالواقع الفعلي. و قد دفع العالم العربي على الخصوص ثمنا باهضا على هذا الخطأ التاريخي و المغالطات المحتقرة للمكونات الحقيقة للمجتمعات العربية.
و زاد الطين بلة غياب المرجعية المؤسساتية لماض إسلامي ألغي منذ زمن طويل و انجذاب الدول العربية و الإسلامية لنماذج القومية للدول الأوروبية. فقد تم إقامة دولا قومية في ظل فراغ مؤسساتي مرتبط بتاريخ الخلافة أو الأمارة و دون الأخذ بعين الاعتبار آمال و طموحات الفئات العرقية-الثقافية التي ظلت مهمشة من طرف أصحاب القرار.
-10- التفكير في اللامفكر فيه
لقد دعا محمد أركون إلى التفكير في اللامفكر فيه لدراسة ما تم و يتم إغفاله أو تغييبه لأسباب سياسية بالأساس, و يلح في هذا الصدد على استخدام الأنثروبولوجيا كعلم يعطي المفاتيح اللازمة و المناسبة لاكتشاف الثقافات الأخرى و المذاهب المختلفة و الاهتمام بها. إلا أن هذا العلم لا يطبق عند المسلمين. و ما دام الأمر كذلك سيبقى التفكير يصاحبه دائما ما لا يمكن التفكير فيه, يتم العرض عنه و تجاهله و عزله و الانقطاع عن الاهتمام به.
و حسب محمد أركون فان الدراسة العلمية بالتأكيد أنها تخلق جو الهدوء و جو الاعتراف بالآخر و احترامه, لا جو مصادمته. فإذا اكتفى المسلمون بسطح المعنى و سطح الخطاب, فإنهم سيظلون متشبثين بفهم يلغي التاريخ, و بذلك يبتعدون عن الواقع التاريخي إذا هم ظلوا متشبثين بالنصوص دون ربط وظائفها بالضرورات التاريخية و الواقع التاريخي.
فحالة الفكر المنفتح كانت سمة الثقافة العربية الإسلامية أيام ازدهارها و قوتها, حيث كانت ثقافة منفتحة على الآخر ثقافيا و معرفيا, و تلقت منها شعوب أخرى مختلف المعارف الفكرية دون تخوف أو انغلاق أو تعصب, خلافا لما نشهده الآن من تعصب و خوف من الآخر و عدم احترامه, أي الخوف المعرفي منه.
و زادت الوضعية صعوبة مع انتشار الثقافة الشعوبية, و في ستينات و سبعينات و ثمانينات القرن الماضي زادت الوضعية سوءا في المجتمعات العربية ما دامت حكوماتها لو توفق في تدبير شؤون بلدانها مما ساهم في سيادة حالة من الجهل و التعصب و العنف الاجتماعي و السياسي. و هكذا اتسع مجال اللامفكر فيه في مرحلة نتبنى فيها الحداثة المادية و لا نتبنى في نفس الوقت الحداثة الفكرية و الفجوة لا تزال تتعمق بين الحداثتين.
إدريس ولد القابلة.
المغرب
بسم الله الرحمان الرحيم
:_here::):):):):):)
اللغات السامية
السامية تسمية حديثة عهد اقترحها عالم اللاهوت الألماني –النمساوي شلوتزر Scholzer عام 1781 للميلاد، لتكون علماً على عدد من الشعوب التي أنشأت في هذا الجزء من غرب آسيا حضارات ترتبط لغوياً وتاريخياً، كما ترتبط من حيث الأنساب، والتي زعم أنها انحدرت من صلب سام بن نوح، بناء على ما جاء في التوراة في صحيفة الأنساب الواردة في الإصحاح العاشر من سفر التكوين، من أن الطوفان عندما اجتاح سكان الأرض لم ينج منه سوى نوح وأولاده الثلاثة: سام وحام ويافث وما حمل معه في سفينته من كل زوجين اثنين. وقد شاعت هذه التسمية وأصبحت علماً لهذه المجموعة من الشعوب عند عدد كبير من العلماء في الغرب ومن سايرهم من العرب" على الرغم من أن هذه التسمية لا تستند إلى واقع تاريخي، أو إلى أسس علمية عرقية صحيحة، أو وجهة نظر لغوية. [1]
إن هذه الشعوب التي أطلق عليها خطأ اسم "الساميون" هي في حقيقة الأمر قبائل عربية هاجرت بفعل العوامل الطبيعية من جزيرة العرب بحثاً عن الماء والكلأ، ومنها تفرعت الأقوام الأخرى، يؤكد هذا القول ما ذهب إليه "كثير من العلماء الباحثين في أصل الأجناس والسلالات من أن العرب هم أصل العرق السامي، ومن أرومتهم تفرعت الأقوام الأخرى وتشعبت قبائلها، ولهذا الفريق شواهد تاريخية وعرقية ولغوية يدعم بها حجته ويثبت آراءه." [2]
الموطن الأصلي للغات السامية
اختلف علماء الساميات حول الموطن الأصلي للغة السامية الأم. ومن أشهر الآراء في هذا الباب تلك التي تقول إنه:
1-أرض إرمينية وكردستان:
ويعتمد أصحاب هذا الرأي على أدلة دينية ولغوية توراتية. فقد ورد في العهد القديم أن سفينة نوح رست على جبل في إرمينية وقد عاش نوح وأبناؤه في هذه المنطقة، وقد لعن حام وأبعد منها، ورحل عنها يافث، وبقي فيها سام الذي نشأ أبناؤه هناك فيها، ومن ذريته كان أرفكشد. ويزعم هؤلاء أن في هذه المنطقة إقليم يسمى أربختس، وهذا الاسم ما هو إلا تغيير أرفكشد وهو أحد أبناء سام قائلين أنّ الفاء والباء حروف شفوية والكاف والخاء حروف متقاربة المخارج، أي أن أصل أربختس هو – أربخست – أرفكشد.
2- أرض بابل في العراق، أي جنوب العراق، وقد قال بهذا الرأي:
إرنست رينان، ، وفرينـز هومل، وبيترز، وأغناطيوس جويدي، الذي يقول إن الكلمات المشتركة في النبات والحيوان والظواهر الجغرافية في اللغات السامية تناسب بيئة جنوب العراق وبلاد بابل. فمثلا كلمة نهر موجودة في الأكادية والعبرية والآرامية والعربية والسبئية والأثيوبية بينما بعض هذه اللغات لا يوجد أنهار بأرضها كالعربية، فالجزيرة تخلو من مثل هذه الظاهرة الجغرافية. ويتساءل من أين جاء هذا اللفظ في العربية. يقول لا جواب لهذا في رأيه إلا أن يكون العرب قد عرفوا النهر من قبل، وكان في لغتهم وبقي فيها بعد أن انتقلوا من موطنهم الأصلي. كذلك يزعم أن الجبل له كلمات مختلفة في اللغات السامية: في الآرامية طورا، وفي الأكادية شادوا، وفي العبرية صر، وفي العربية جبل، وهذا في رأيه يعود إلى أنهم لم يعرفوا هذه الظاهرة في موطنهم الأول، وعندما تفرقوا في البلاد التي فيها جبال كل منهم وضع له لفظا مختلفا عن الآخر.
ومن الانتقادات التي وجهت إلى هذا الرأي:
أ- هناك وثيقة تبين أن أحد الملوك الساميين في العراق وهو الملك سرجون الأكادي 2600 ق.م كتب عن أصله في نقش مشهور يفهم منه أنه وعشيرته قد جاءوا إلى العراق من شرقي جزيرة العرب.
ب- هناك وثائق كثيرة تدل على أن أرض العراق كانت أرضاً غير سامية في الأصل حيث كانت موطناً للسومريين وهم *** غير سامي، ولهم عادات ولغة وملامح غير سامية.
ج- إن وجود كلمة نهر في جميع اللغات السامية مع عدم وجود نهر في بعض المناطق ليس دليلاً قويا، لأن الجزيرة العربية كانت في قديم الزمان بلادا خصبة ذات أنهار وجنان. وأما اختلافهم في كلمة جبل فلا دليل يستفاد منه لأننا نراهم اختلفوا في كلمة رجل ، وقمر ولا يستطيع أن يزعم زاعم أنهم لم يعرفوا مسمياتها إلا بعد رحيلهم من بابل.
3- أرض إفريقيا:
التي قد انتقلوا منها إلى آسيا منها. وقد قال بهذا الرأي المستشرق البريطاني بارتون ونولدكه، مدللا عليه الأخير بوجود تشابه بين اللغات الحامية واللغات السامية. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف اختفت اللغات السامية من أفريقيا ما عدا الحبشية القريبة من جزيرة العرب؟ إن ما يتكلم عنه نولدكه مرحلة موغلة في القدم تعود إلى ما قبل العائلة الحامية السامية. هذه الدلائل اللغوية غير واضحة والتشابه لا يعني أن الأصل لا بد أن كان في إفريقيا. لم لا يكون أصل الحاميين والساميين في جزيرة العرب ثم انتقل الحاميون إلى إفريقيا ؟
4- شمال سورية بلاد آمورو كما كانت تسمى في النقوش القديمة.
ويحتج المستشرق الأمريكي كلاي بوثائق تقول إن الأسرة البابلية الأولى قد جاءت إلى العراق نازحة من الغرب من إقليم آمورو في سورية، ويشير كلاي إلى بعض التشابه بين الأساطير العراقية والأساطير الفينيقيية وأساطير الساميين في بلاد سورية. هذا التشابه في الخرافات والأساطير لا يقوم دليلا لأن هناك تأثيرات متبادلة بين الإقليمين. ثم كيف يمكننا أن نبرر انتقال الإنسان من بيئة غنية بالنبات والزراعة والمياه والطقس اللطيف إلى مناطق قاحلة. ثم كيف استطاعوا قطع الصحراء قبل استئناس الجمال التي لم يثبت استئناسه إلا في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد.
5- جزيرة العرب (اليمن خاصة):
قال بهذا عدد من المستشرقين مثل إيراهارد شرادر وأيده من بعد فنكلر، وتيله، والأب فنسان، والأثري الفرنسي جاك دي مورجان، والمستشرق الإيطالي كايتاني، الذين يرون أن الموطن الأصلي للساميين كان شبه الجزيرة العربية." [3] وهذا ما أكده إسرائيل ولفنسون, ويؤيد هذا الرأي الأمور التالية: (أ) إن انتقال البشر من المناطق القاحلة إلى الخصبة أمر منطقي تماما. أما القول بعكسه فليس له ما يؤيده من ناحية العقل أو التاريخ. (ب) إن العربية تحتفظ بكثير من السمات اللغوية للغة السامية الأم بينما فقد هذه السمات كثير من اللغات السامية المحاذية لأقوام غير سامية، ومن يحتفظ بالسمات الأولى هو أولى بالأصل من غيره، ولا يعقل أن يكون العرب قد انتقلوا من مناطق لأقوام غير سامية ثم جاءوا إلى جزيرة العرب وبقوا محتفظين بسماتها القديمة. (ج) وجود سمات مشتركة بين العبرية والسبئية، يؤكد هذا ما ذهب إليه مرجوليوث من أن الوطن الأصلي لبني إسرائيل هو بلاد اليمن وليس شبه جزيرة سيناء، وقد اعتمد في رأيه هذا على بعض الخصائص اللغوية المشتركة بين السبئيّة والعبرية، إلى جانب اعتماده على تشابه العادات والتقاليد والأخلاق الدينية عند السبئيين وبني إسرائيل. (د) وجود علاقة بين أسماء بعض الآلهة السامية في الأساطير البابلبية مثل تيامت، وهي آلهة وثنية تهيمن على السواحل، واسم ساحل تهامة وهو ساحل البحر الأحمر في غرب الجزيرة العربية. وعلاقة لغوية بين الأسماء الدينية في التوراة والقرآن الكريم كجنة عدن وبلاد عدن في جنوب الجزيرة العربية.
تقسيم اللغات السامية
اللغات السامية تنقسم إلى ثلاثة فروع هي (1) اللغات السامية الشرقية و (2) اللغات السامية الشمالية الغربية (٣ اللغات السامية الجنوبية الغربية (أو الجنوبية).
ولا يضم الفرع الشرقي غير اللغة الأكادية وهى أقدم لغة سامية تم تأكيد وجودها على أساس النصوص المسمارية. وكانت الأكادية مستعملة في بلاد ما بين النهرين منذ حوالي سنة ٣۰۰۰ قبل الميلاد حتى ما يقارب ١۰۰ سنة بعده. واستمرّ استعمالها لغة كتابة منذ حوالي 2000 ق.م وحتى القرن الثاني أو الثالث الميلادي. وقد تطور منها لهجتان هما البابلية في الجنوب والآشورية في الشمال، اللتان خلفتهما الآرامية في القرن السادس ق. م. إنّ الفرق الرئيسي بين اللغات السامية الشرقية واللغات السامية الغربية هو اختلاف نظام الأفعال.
ويحتوي الفرع السامي الشمالي الغربي على اللغات العمورية والأوغاريتية والكنعانية والآرامية. أما العمورية فهي لغة اكتشفت استناداً إلى بعض الأسماء الشخصية التي دخلت في النصوص الأكادية والمصرية وتعود إلى النصف الأول من الألف الثاني ق .م. والأرجح أن العموريين القدماء كانوا من الأقوام البدوية السامية.
وتمثل اللغة الأوغاريتية شكلاً قديما من الكنعانية وكانت مكتوبة ومنطوقا بها في أوغاريت (رأس شمرا) على الساحل الشمالي لفينيقيا في القرنين ١٤ و ١٣ ق.م. والنصوص الأوغاريتية الأولى التي عثر عليها في أواخر العشرينات من القرن العشرين مكتوبة بأبجدية مشابهة للخط المسماري.
أمّا الكنعانية فتتكون من عدد من اللهجات المترابطة فيما بينها ترابطاً وثيقاً والتي كانت مستعملة في فلسطين وفينيقيا وسورية. وتعود مدوّناتها إلى حوالي سنة ١٥۰۰ ق.م. واللغات الكنعانية الرئيسية هي الفينيقية والفونية والمؤابية والأدومية والعبرية والعمونية وكانت كلها بادئ الأمر تُكتب بالخط الفينيقي. والمدوّنات الفينيقية تعود من مطلع العهد المسيحي إلى ١٠٠٠ سنة ق.م. (نقوش من لبنان وسورية وفلسطين وقبرص وغيرها). أمّا اللغة الفونية التي تطورت من الفينيقية في مستعمراتها حول البحر المتوسط ابتداء من القرن التاسع ق .م فقد ظلّت مستعملة حتى القرن الخامس الميلادي. وأما المؤابية والأدومية والعمونية فكانت منتشرة في أراضى الأردن الحالية. ولم يبق من مدوّنات تلك اللغات إلا القليل من النقوش والخواتم التي تعود إلى الفترة ما بين القرنين ٩ و ٥ ق .م. والأرجح أن الآرامية حلّت محّل تلك اللغات. وأكثر تلك المدّونات شهرة هو النص المؤابي المنقوش في حجر ״ميشع״ والذي يعود إلى حوالي سنة ۸٤۰ ق .م. ويحتوى النص على رواية حروب ميشع (ملك المؤابيين) ضد عمري ملك إسرائيل. أما اللغة العبرية الكلاسيكية أو عبرية الكتاب المقدس فكانت معروفة منذ العهد القديم وكُتبت بها نصوص على مدى ألف سنة. وأقدم النقوش العبرية هو لوح (تقويم جزر) الذي يعود إلى حوالي سنة ٩٢٥ ق .م. وكانت العبرية تُكتب بالأبجدية الكنعانية الفينيقية إلى أن اتخذ اليهود في القرن الرابع ق.م. الخط المربّع من الآرامية وظلّوا يستخدمونه إلى أيامنا هذه. ومع حلول القرن الثالث ق .م.لم يكن مستعملا من العبرية إلا المشناوية في يهوذا. ومع ذلك فقد احتفظ اليهود بتلك اللغة على مدى القرون باعتبارها لغة مقدسة وتم إحياؤها ـ مع ببعض التعديلات ـ في القرن العشرين لتصبح لغة رسمية لإسرائيل في فلسطين المحتلة.
أما المدوّنات الآرامية فتعود إلى 8٥۰ ق .م . (على لوح حجري من تل فخرية في سورية). وقد انتشرت الآرامية انتشاراً سريعاً لتصبح في القرن السادس ق .م. لغة الإدارة واللغة الشائعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط فحلّت محل اللغات السامية الأخرى بما فيها الأكادية والعبرية. وحتى عصر الفتوحات العربية الإسلامية في القرن السابع لم يكن لها نظير في الشرق الأوسط إلا اللغة اليونانية. أما مصادر الآرامية قبل الميلاد (الآرامية العتيقة أو الإمبراطورية) فهي النقوش وبعض الخطابات والوثائق المكتوبة على ورق البردي بالإضافة إلى كتابَيْ عزرا ودانيال من العهد القديم. وتضم الآرامية الغربية: النبطية والتدمرية والآرامية اليهودية الفلسطينية) والآرامية السامرية، والآرامية المسيحية الفلسطينية (السريانية الفلسطينية). ومع أن معظم سكّان المملكة النبطية في البتراء وجوارها في جنوب الأردن، وتدمر (شمالي شرقي سورية) والخضر في شمال العراق كانوا عرباً إلا أنهم كتاباتهم كانت بالآرامية مستعملين أنواعاً خاصة بهم من الخط.
السامية الجنوبية الغربية أو الجنوبية
وتحتوي اللغات السامية الجنوبية الغربية أو الجنوبية على (1) العربية الجنوبية و (2) العربية الشمالية و(3) اللغات الإثيوبية.
ومن مصادر اللغة العربية الجنوبية بعض النقوش القديمة إضافة إلى اللهجات العامية المنطوق بها حاليا في اليمن و عُمان. وقد اشتقت أبجديتها من الخط الكنعاني الذي جيء به إلى المنطقة من شمال الجزيرة العربية حوالي سنة ١٣۰۰ ق .م . وتعود النقوش العربية الجنوبية ـ وهي في شكل نذور ووثائق ونقوش على القبور ـ إلى فترة ما بين ٧۰۰ ق. م. و ٥۰۰م. وتضم العربية الجنوبية بضع لهجات منها السبئية والمعينية والقتبانية ولهجة حضرموت. أما اللغات المعاصرة لجنوب الجزيرة العربية فليست مكتوبة وهى في طريقها إلى الانقراض نتيجة انتشار اللغة العربية الشمالية. وأشهر تلك اللغات هي المهرية والسقطرية.
العربية الشمالية
وتنقسم إلى العربية البائدة وهي التي كان يتكلمها أبناء قبائل ثمود ولحيان في شمال الحجاز وسكان الصفا في بلاد الشام. وثمة آلاف النصوص القصيرة المنقوشة على الصخور التي تعود إلى فترة ما بين ٧۰۰ ق.م .و٤۰۰ م. ويعود أقدم النصوص العربية المكتوبة بالخط المشتق من الأبجدية النبطية إلى القرن الرابع للميلاد. ويقع مهد اللغة العربية الباقية (الفصحى) في شمال الجزيرة العربية. والمصادر الأولى لتلك اللغة هي الشعر الجاهلي والقرآن الكريم. ومع ظهور الإسلام وانتشاره انتشرت العربية وأصبحت لغة الثقافة والعلوم من بلاد فارس وآسيا الصغرى إلى المحيط الأطلسي وأسبانيا.
والإثيوبية تشبه لغات جنوب الجزيرة العربية أكثر مما تشبه العربية الشمالية. وأقدم تلك اللغات هي الجعزية المعروفة باسم الإثيوبية. ويعتقد بعض علماء الساميات أنها تفرّعت من لغة جنوب الجزيرة العربية في بداية العهد المسيحي لتبلغ أوج اتّساعها في القرن الرابع. وكان تكلّم بها في ذلك الوقت سكّان مملكة أكسوم الواقعة على الحدود الحالية بين إثيوبيا وإريتريا .ومع أنّ الجعزية قد توقف استعمالها كلغة للكلام منذ حوالي ١۰۰۰م إلاّ أنها ظلت لغة الطقوس الدينية في الكنيسة الحبشية.
عين
ينُ
عن
عينا
عَيِنْ
لسان
لسان
لِشانُ
لسن
لِشَّانا
لَشُن
سِنّ
سِنّ
شنُّ
ـ
شِنانا
شِنْ
سماء
سماي
شمو
شمم
شِمَيّا
شمايم
ماء
ماي
مُو
مي
مَيّا
مَيم
بيت
بِت
بيتُ
بت
بيتا
بَيِتْ
سلام
سلام
شلامُ
شلم
شِلاما
شَلُوم
اسم
سِم
شُمُ
شم
شِمَا
شِم
الخصائص المشتركة بين اللغات السامية
(أ) وجود عدد كبير من الحروف الحلقية، وهي: ع، غ، ح، خ، هـ، ء. لكن بعض هذه الأصوات لم يبق على حاله في بعض اللغات، بل تغير بعضها إلى أصوات أخرى. ولم تبق كاملة إلا في العربية الشمالية والعربية الجنوبية والأغاريتية. (انظر الجدول).
ع تغير إلى
الأكادية
ح تغير إلى
هـ > ء
الأكادية
خ تغير إلى
العبرية والآرمية
غ تغير إلى
ع > ء
الأكادية
العبرية، الآرمية، الإثيوبية
(ب) وجود عدد من حروف الإطباق وهي: ق، ،ص، ط، ض، ظ لكنها لم تبق أيضا على حالها في جميع هذه اللغات، بل تغير بعضها. ولم يحتفظ كاملة إلا العربية الشمالية والعربية الجنوبية (انظر الجدول).
ض تغير إلى
الأكادية، العبرية، الأوغاريتية
الآرمية
ظ تغير إلى
الأكادية، العبرية، الإثيوبية
الآرمية
(ج) يقوم بناء الكلمة على الحروف الصامتة، فهي وحدها التي تؤدي المعنى العام وأما الحركات القصيرة والطويلة والزوائد فوظيفتها تأدية المعاني الاشتقاقية والصرفية، كتَبَ، كاتب، كُتِب، مكتب.
(د) يقوم معظم جذور الكلمات السامية على ثلاثة أحرف، وقليل مكون من حرفين مثل أب أخ أو فوق الثلاثة مثل أرنب، قنفذ، عقرب.
(هـ) امتازت اللغات السامية بوجود عدد كبير من صيغ الفعل الدلالية التي قلما توجد في عائلات لغوية أخرى، نحو: فعَل، فعّل، أفعل، فاعل ، تفعّل، افتعل، انفعل، تفاعل، استفعل، افعلّ، افعوّل، افعوعل.
(و) ندرة صيغ الدمج الذي نصادفه في اللغات الأوربية مثلاً حيث تدمج كلمتان أو ثلاث لتصبح واحدة كما في الإنجليزية bodyguard المدموجة من (Body+gaurd) و (homework) المدموجة من (home+work)، لكن هناك في الساميات وخاصة العربية ألفاظ قليلة جاءت عن طريق ما يسمى بالنحت وهو غير الدمج مثل حمدله وبسمله وجعفل.
(ز) وجود علامات إعرابية تدل على الموقع الإعرابي أو الحالة التركيبية: المسند إليه، الاسم المسند، و المضاف إليه، إلخ …، وعلى نصب المضارع وجزمه، وقد فقدت بعض اللغات السامية هذه العلامات ولكن العربية احتفظت بالعلامات الأصلية: الفتحة والضمة والكسرة والسكون وهناك علامات فرعية كنيابة حركة عن حركة، وحرف عن حركة عن حرف والحذف …)
(ح) وجود صيغ للتثنية في الأسماء والضمائر المنفصلة والمتصلة الدالة على المخاطب والغائب.
(ط) اتساع النزعة الفعلية في اللغات السامية، أي أن هناك اهتمام بالفعل بدليل وجود صيغ متعددة له وهناك اشتقاقات لأفعال من أسماء جامدة مثل بطن فلان أي أصابه مرض في بطنه وكبدته أي أصبت كبده.
(ي) تمييز المخلوقات والأشياء إلى مذكر أو مؤنث ولا ثالث لهما، نحو شمس، بئر، سماء، وجبل، قمر، ليل، نهار.
الاختلافات بين العربية واللغات السامية
العربية هي أكثر اللغات السامية احتفاظاً بسمات السامية الأولى فقد احتفظت بمعظم أصوات اللغة السامية وخصائصها النحوية والصرفية.
1- فقد احتفظت بأصوات فقدتها بعض اللغات مثل: غ، خ، ض، ظ، ث، ذ. ولا ينافسها في هذه المحافظة إلا العربية الجنوبية. (قارن جدول الأصوات السامية ومقابلاتها)
2- احتفظت العربية بعلامات الإعراب بينما فقدتها اللغات السامية الأخرى.
3- احتفظت بمعظم الصيغ الاشتقاقية للسامية الأم، اسم الفاعل، المفعول. وتصريف الضمائر مع الأسماء والأفعال: بيتي، بيتك، بيته، رأيته، رآني.
4- احتفظت بمعظم الصيغ الأصلية للضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة.
5- يضم معجم العربية الفصحى ثروة لفظية ضخمة لا يعادلها أي معجم سامي آخر. ولهذا أصبحت عونا لعلماء الساميات في إجراء المقارنات اللغوية أو قراءة النصوص السامية القديمة كنصوص الآثار الأكادية والفينيقية والأوغاريتية وحتى نصوص التوراة العبرية.
الاختلافات بين العربية والسامية الأم
بالرغم من أن العربية هي أكثر اللغات السامية احتفاظا بالسمات السامية القديمة، الصوتية منها والصرفية، وهي بهذا أقرب هذه اللغات إلى السامية الأولى، إلا أن هناك اختلافات بينها وبين أمها الأولى، وهذه الاختلافات يمكن تصنيفها كالتالي:
الاختلافات صوتية:
(1) تغيرت بعض الأصوات السامية في العربية:
j < g (ج)
P > f (ف)
Š > S (س) فأصبح صوت (ش) السامي و (س) السامي ينطقان في العربية (ش).
Ś > Š (ش)
(2) القلب المكاني لبعض الكلمات مثل: بركة > ركبة ، ويدلنا على انقلابها من بركة ما نجده في الأوغاريتية brkm والأكادية burku ، وقد بقي من ركام هذا الأصل في العربية الفعل (برك) أي نزل على ركبه (< بركه).
(3) التغيير الصوتي: حيث حدث إبدال في لبعض الأصوات في مثل: أبّل > أبّن "مدح الميت" (قارن الجذر ?bl في الأغاريتية والعبرية والآرمية: "ينعى") ، أحد > واحد (قارن: أحد في الأغاريتية و أحّاد في العبرية) ، ألمنة > أرملة (قارن: الأكادية almattu والأغاريتية almnt)
اختلافات صرفية
(1) تغير صيغة تفعل السامية إلى افتعل، نحو اكتسب (< تكسب)، اختبر (< تخبر). [5]
(2) أداة التعريف في العربية الـ وفي العبرية هـ ، ويرى بعض علماء الساميات أن هناك علاقة بين أداة التعريف واسم الإشارة، وعليه يرجح هؤلاء أن أداة التعريف في السامية الأم كانت هل (hal) وحذفت الهاء من العربية وأصبحت الـ ، وحذفت ل من البرية وأصبحت هـ .
(3) إقحام النون في بعض المفردات، نحو أنف (أف) قارن الأكادية appu’، والأوغاريتية p’ والعبرية app’؛ أنثى (أثثى) قارن الأوغاريتية ŧt’ (أثة) والأكادية aššatu’.
(4) تغير بعض الضمائر المتصلة، مثل: تغير ضمير الفاعلات: قتلا (أي قتلن) إلى قتلنَ قياسا على المضارع (يقتلن). وتغير ضمير المتكلم المتصل إلى ت في نحو كتبتُ والأصل كتبكُ.
اختلافات دلالية:
أي تغير معنى لفظة عن معناها الأصلي إلى معنى خاص، ومن أمثلة ذلك:
لحم: التي يبدو أنها كانت تعني "الطعام" ثم تغير معناها في العربية بسبب التخصيص إلى "لحم الحيوان" وفي العبرية إلى "خبز" وفي السريانية إلى "طعام" و "خبز".
هلك: كانت تعني سار ورحل وهذا معناها في العبرية والآرمية، ولكنها أصبحت تعني في العربية "مات" وهذا التغيير حدث بسبب التلطف في ذكر الموت، قارن رحل أي مات. ولكنها فيما بعد أصبحت أقوى في الدلالة من مات نفسها. ولذلك استخدم فعل رحل بدلها.
أهل: يبدو أن معناها كان "خيمة" ثم استعملتها العرب مجازا للزوجة والأبناء، باعتبارهم من يسكنون داخل الخيمة.
أمس: "مساء اليوم السابق" (قارن الأكادية amšat أمشت) تغير معناها إلى "اليوم السابق."
الاشتقاق [6]
اختلف العرب حول تعريف الاشتقاق:
(أ) عرفه الرماني بأنه "اقتطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه (حروف ذلك) الأصل"
(ب) وأورد أبو البقاء له تعريفين: (1) رد كلمة إلى أخرى لتناسبهما في اللفظ والمعنى، و(2) أخذ كلمة من أخرى بتغيير ما في الصيغة مع التناسب في المعنى"
يلاحظ هنا أنه يوجد اختلاف بين التعريفين فأحدهما عبر فيه بـ (اقتطاع) والآخر بـ (رد). فما سبب هذا الاختلاف؟ أجاب عن هذا التهانوي في كتابه كشاف اصطلاحات الفنون حيث قال إن هذه التعريفات على ضربين:
الأول تعريف بحسب العمل (اقتطاع) وهو أي تأخذ من اللفظ ما يناسبه في التركيب فتجعله دالا على معنى يناسب معناه. وهذا ما نفعله حين نشتق المشتقات القياسية كاسم الفاعل واسم المفعول واسم المكان واسم الزمان من الفعل حسب قواعد اشتقاقية معينة. فالمأخوذ مشتق والمأخوذ منه مشتق منه ولسنا مطالبين بالسماع. وهذا يعبر عنه في علم اللغة باصطلاح: Derivation.
والثاني بحسب العلم وعبر عنه بـ (رد) وهو أن تجد بين اللفظين تناسبا في أصل المعنى والتركيب فترد أحدهما إلى الآخر، فالمردود مشتق والمردود إليه مشتق منه، وهذا الذي ذكره يشبه ما يعبر عنه باللغات الغربية باصطلاح Etymology وهو أن تنسب كلمة إلى أصل معنى جذرها، مثل (جنين) و(جنن) و(جنة) المأخوذة من (جن) الذي يدور حول معاني "التغطية والستر."
وهناك أمر ثالث مختلف عما ذكر وقد يخفى على بعض الدارسين فيعتبرونه من النوع الأول ألا وهو التصريف وهو تغير في هيئة الكلمة لتوافق التركيب في الجملة وما يقتضيه من حيث الزمان أو العدد أو الفرد أو ال*** مثل ذهب، ذهبوا، ذهبتُ، ذهبتَ؛ وعامل، عاملان، وعاملون.
أصل المشتقات
الاختلاف في أصل الاشتقاق
اختلف أهل اللغة في أصل الاشتقاق فذهب البصريون إلى أن الفعل مشتق من المصدر وفرع عليه، وذهب الكوفيون إلى أن المصدر مشتق من الفعل وفرع عليه نحو ضرب ضربا وقام قياما.
وأما البصريون فاحتجوا بما يلي:
1- المصدر يدل على زمان مطلق والفعل يدل على زمان معين فكما أن المطلق أصل للمقيد فكذلك المصدر أصل للفعل وبيان ذلك أنهم لما أرادوا استعمال المصدر وجدوه يشترك في الأزمنة كلها لا اختصاص له بزمان دون زمان فلما لم يتعين لهم زمان حدوثه لعدم اختصاصه اشتقوا له من لفظه أمثلة تدل على تعين الأزمنة ولهذا كانت الأفعال ثلاثة ماض وحاضر ومستقبل لأن الأزمنة ثلاثة ليختص كل فعل منها بزمان من الأزمنة الثلاثة فدل على أن المصدر أصل للفعل
2- المصدر اسم والاسم يقوم بنفسه ويستغنى عن الفعل وأما الفعل فإنه لا يقوم بنفسه ويفتقر إلى الاسم وما يستغنى بنفسه ولا يفتقر إلى غيره أولى بأن يكون أصلا مما لا يقوم بنفسه ويفتقر إلى غيره
3- الفعل بصيغته يدل على شيئين الحدث والزمان المحصل والمصدر يدل بصيغته على شيء واحد وهو الحدث وكما أن الواحد أصل الاثنين فكذلك المصدر أصل الفعل
4- المصدر له مثال واحد نحو الضرب والقتل والفعل له أمثلة مختلفة كما أن الذهب نوع واحد وما ويوجد منه أنواع وصور مختلفة.
5- الفعل بصيغته يدل على ما يدل عليه المصدر والمصدر لا يدل على ما يدل عليه الفعل ألا ترى أن ضَرَب يدل على ما يدل عليه الضرب والضرب لا يدل على ما يدل عليه ضَرَب، وإذا كان كذلك دلّ على أن المصدر أصل والفعل فرع لأن الفرع لا بد أن يكون فيه الأصل وصار هذا كما تقول في الآنية المصوغة من الفضة فإنها تدل على الفضة والفضة لا تدل على الآنية وكما أن الآنية المصوغة من الفضة فرع عليها ومأخوذة منها فكذلك هاهنا الفعل فرع على المصدر ومأخوذ منه
6- لو كان المصدر مشتقا من الفعل لكان يجب أن يجرى على سنن في القياس ولم يختلف كما لم يختلف أسماء الفاعلين والمفعولين. فلما اختلف المصدر اختلاف الأجناس كالرجل والثوب والتراب والماء والزيت وسائر الأجناس دل على أنه غير مشتق من الفعل
7- لو كان المصدر مشتقا من الفعل لوجب أن يدل على ما في الفعل من الحدث والزمان وعلى معنى ثالث كما دلت أسماء الفاعلين والمفعولين على الحدث وذات الفاعل والمفعول به فلما لم يكن المصدر كذلك دل على أنه ليس مشتقا من الفعل.
8- تسمية المصدر مصدرا دليل على أصالته، لأن (المصدر) في اللغة هو الموضع الذي يُصدَر عنه ولهذا قيل للموضع الذي تصدر عنه الإبل مصدر فلما سمي مصدرا دل على أن الفعل قد صدر عنه.
أما الكوفيون الذين قالوا بأن المصدر مشتق من الفعل فاحتجوا بما يلي:
1- المصدر مشتق من الفعل لأن المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله ألا ترى أنك تقول قاوم قِوَاما فيصح المصدر لصحة الفعل، وتقول قام قياما فيعتل لاعتلاله، فلما صح لصحته واعتل لاعتلاله دل على أنه فرع عليه.
2- الفعل يعمل في المصدر، ألا ترى أنك تقول ضربت ضربا فتنصب ضربا بضرب، فوجب أن يكون المصدر فرعا للفعل لأن رتبة العامل قبل رتبة المعمول.
3- المصدر يذكر تأكيدا للفعل، ولا شك أن رتبة المؤكَّد قبل رتبة المؤكِّد فدل على أن الفعل أصل والمصدر فرع.
4- هناك أفعال لا مصادر لها خصوصا على أصلكم وهي نعم وبئس وعسى وليس وأفعال التعجب فلو كان المصدر للزم وجود الأصل هنا وهو مصادر هذه الأفعال.
وذكر فؤاد ترزي حججا فات الكوفيين إيرادها لتعضيد رأيهم، منها:
5- المصدر اسم لمعنى وأسماء المعاني أسماء مجردة لا يمكن أن تكون أصولاً لألفاظ أقرب منها إلى التجسيد واللغات كما هو معروف تسير في تطورها من التجسيد إلى التجريد لا العكس.
6- إن لكثير من الأفعال مصادر متعددة والمعقول أن يشتق المتعدد من الواحد لا الواحد من المتعدد، من ذلك مثلا (مكث) الذي ذكر من مصادره: مَكْث، مُكْث، مَكَث، مكوث، مُكْثان، … إلخ.
رأي عبد الله أمين
يرى عبد الله أمين إن أصل المشتقات جميعاً ليس الفعل ولا المصدر، وإنما شيء غيرهما هو الأسماء الجامدة وأسماء الأصوات. الأسماء الجامدة المرتجلة التي لم تشتق من غيرها، نحو: شجر، حجر، سماء، ماء، بطن، يد. وأسماء الأصوات هي حاحا للغنم وسأسأ للحمير، قعْ، دنْ، غاقْ، قبْ. هذه اشتق منها الفعل، ومن الفعل اشتق المصادر وبقية المشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان واسم المكان …إلخ. ويمكن بيان ذلك كالتالي:
أسماء الأصوات، والأسماء الجامدة > أفعال > مصادر ومشتقات أخرى
النقد:
(1) إنه ينفي أن تكون الأفعال مرتجلة وهي جزء مهم من اللغة متعلق بنشاط الإنسان منذ وجد على البسيطة كالكسر والشق والدق والقطع و لا يعقل ألا يضع الإنسان كلمات لهذا النوع من النشاط.
(2) هناك أفعال كثيرة لا تنتمي إلى أسماء جامدة أو إلى أسماء أصوات نحو علم، سار، نام، جلس، وغيرها لذا كان لا بد من افتراض ارتجالها. [7] إضافة إلى أن هناك أفعالا لا تنتمي إلى اسم من أسماء المعاني وأسماء الأعيان والأصوات مثل علم وسمع وجمع.
الجذر
الجذر: هو الحروف الأصلية المشتركة بين كلمات معينه تشترك في معنى عام، مثل (ج.ن) التي تتكرر في: جنَّ- جَنه – جَنان –جنين – جُنة، جَنَن.
آراء العلماء في الجذر: قال بعضهم هي كلمات كان لها في مرحلة من تاريخ اللغة معان معينة. وقال آخرون إن الجذور ما هي إلا افتراضات استنتجت من المشتقات ولا وجود لها إلا في أذهان بعض اللغويين.
الصلة بين الجذور والمشتقات:
هناك علاقة صوتية فبين جَنة – جَنان –جنين – جُنة، جَنَن وجود الجيم والنون. ثم هناك علاقة دلالية معنوية لأن معاني هذه الألفاظ تشترك في معنى عام هو "التغطية والستر"
أمثلة أخرى:
غ ف ر (التغطية)
غفر: غطى؛ الغفارة: غطاء للمرأة؛ مغفر: البيضة التي يضعها الفارس على رأسه؛ غفر: عفا (غطى على ذنبه)؛ الغفير : الكثير (لأنه يغطي).
ع ف و (التغطية والنماء)
عفا: نما وطال (يغطى)، العفاء: الريش والشعر (شيء ينمو ويغطي).
عفا: غفر له (غطى على ذنبه) عفت الديار: طمست (غُطيت) (للتعليق والمشاركة حول الموضوع)
مراجع
[1] كايد، إبراهيم، "العربية بين الساميات"
[2] كايد، إبراهيم "العربية بين الساميات"
[3] كايد، إبراهيم "العربية بين الساميات"
[4] موسوعة مقاتل "السمات العامة للغة العربية"
[5] رمضان عبد التواب، المدخل إلى علم اللغة، 234.
[6] انظرفؤاد ترزي، الاشتقاق
شكرا على المرور الكريم ….
أتمنى أنك استفدت من ثراء الموضوع ، نفعنا الله وإياك بها
تحياتي………
القانون رقم 91-04 مؤرخ في 22 جمادى الثانية عام 1411 الموافق 8 يناير سنة 1991 يتضمن تنظيم مهنة المحاماة
إن رئيس الجمهورية،
بناء على الدستور لاسيما المواد 31- 32 و115 و130 و142 منه،
وبمقتضى الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل والمتمم.
وبمقتضى الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات الجزائية، المعدل والمتمم.
وبمقتضى الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون العقوبات، المعدل والمتمم.
وبمقتضى الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 والمتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم.
وبمقتضى الأمر رقم 75-61 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة.
وبناء على ما أقره المجلس الشعبي الوطني.
يصدر القانون التالي نصه :
الباب الأول الأحكام العامة
المادة الأولى /
المحاماة مهنة حرة ومستقلة تعمل على احترام حفظ حقوق الدفاع، وتساهم في تحقيق العدالة وتعمل على احترام مبدأ سيادة القانون وضمان الدفاع عن حقوق المواطن وحرياته.
المادة 2 /
أن التمثيل والدفاع ومساعدة الخصوم لدى العدالة من طرف المحامي يتم في إطار أحكام هذا القانون وأحكام التشريع المعمول به.
المادة 3 /
تقدم العرائض وتتم المرافعات والمناقشات أمام الجهات القضائية باللغة العربية وجوبا.
الباب الثاني مهام المحامي
المادة 4 /
يقدم المحامي النصائح والاستشارات القانونية ومساعدة وتمثيل الخصوم وضمان الدفاع عنهم.
ويجوز له في نفس الإطار ما عدا الاستثناء الذي ينص عليه التشريع المعمول به أن يتدخل في كل إجراء وكل تدبير قضائي.
له أن يقوم بكل طعن وأن يدفع أو يقبض كل مبلغ مع الإبراء وأن يعطي الموافقة أو إقرارا برفع الحجز، وبصفة عامة أن يقوم بسائر الأعمال بما في ذلك التنازل والاعتراف بحق من الحقوق.
يسعى لتعجيل إجراء تنفيذ قرارات العدالة، ولهذا الغرض يجوز له إبرام كل العقود ويقوم بالشكليات الضرورية لهذه الغاية.
ويعفى من تقديم أي سند توكيل.
المادة 5 /
يمكن للمحامي المسجل في جدول المنظمة المشار إليه في المادة 7 من هذا القانون أن يمارس مهنته عبر التراب الوطني لدى جميع الجهات القضائية والهيئات القضائية والإدارية والتأديبية ما عدا ما نصت عليه أحكام خاصة.
المادة 6 /
يجوز لمحامي التابع لمنظمة أجنبية مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية وتقاليد المهنة، أن يساعد ويدافع وينوب عن الخصوم لدى جهة قضائية جزائرية بعد أن يرخص له خصيصا بذلك من نقيب المحامين المختص إقليميا وبعد أن يختار مقره في مكتب محام يمارس في دائرة اختصاص المجلس القضائي.
على أن هذه الرخصة قابلة للإلغاء بنفس الأشكال في أي مرحلة كانت عليها القضية.
الباب الثالث التسجيل
المادة 7/
لا يجوز لأي كان أن يتخذ لنفسه لقب محام إن لم يكن مسجلا في جدول منظمة المحامين وذلك تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات.
المادة 8 /
على المحامي أن يتخذ مكتبا في دائرة اختصاص أحد المجالس القضائية.
ولا يجوز له أن يتخذ مكتبا آخر بأي عنوان كان , و لا يمكنه أن يرافع أمام تشكيلة قضائية يمارس فيها زوجه أو قريبه أو صهره إلى الدرجة الثانية بصفة قاض
المادة 9 /
يحق لكل من توفرت فيه الشروط التالية أن يسجل نفسه في جدول منظمة المحامين :
1 – أن يكون جزائري الجنسية مع مراعاة الاتفاقيات القضائية .
2- أن يكون عمره 23 سنة على الأقل.
3- أن يكون حائزا على شهادة الليسانس في الحقوق أو الليسانس في الشريعة الإسلامية عند معادلتها أو دكتوراه دولة في الحقوق .
4 – أن يكون حائزا شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة طبقا للمادة 10 من هذا القانون .
5- أن يكون متمتعا بحقوقه السياسية و المدنية .
6- أن لا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة مخلة بالشرف .
7- أن لا يكون قد سلك سلوك معاديا لثورة أول نوفمبر 1954 .
8- أن تسمح حالته الصحية بممارسة المهنة .
9- أن يكون ذا سلوك حسن .
المادة 10 /
مع مراعاة أحكام الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من هذا القانون، تحدث شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة على مستوى جميع معاهد الحقوق للذين يختارون هذه المهنة .
تدوم الدراسة سنة جامعية، و تكون على شكل دروس و محاضرات و تمارين تطبيقية .
يتم التسجيل في بداية كل سنة دراسية للراغبين بدون مسابقة أو اختبار .
و تنتهي الدراسة بامتحان عادي، تسلم على إثره للناجحين شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة .
يحدد التنظيم المشترك بين وزير العدل ، والوزير المكلف بالجامعات طرق التدريس و البرامج المقررة .
المادة 11/
يعفى من شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة المنصوص عليها في المادة 9-4 :
أ- القضاة الذين لهم سبع (7) سنوات أقدمية على الأقل .
ب- الحائزون دكتوراه الدولة في الحقوق .
ج- المدرسون بمعاهد الحقوق الذين لهم أقدمية خمس (5) سنوات على الأقل.
د- الموظفون التابعون للإدارة والمؤسسات العمومية مدنية و عسكرية الذين مارسوا خلال عشر (10) سنوات على الأقل في هيئة أو مصلحة عمومية.
هـ- المجاهدون وأبناء الشهداء.
المادة 12 /
يبت مجلس كل منظمة محامين مرة كل أربعة أشهر في طلبات التسجيل التي توجه مصحوبة بكل الوثائق المطلوبة إلى نقيب المحامين خلال شهر على الأقل قبل انعقاد دورة التسجيل يفصل في الطلب في أول دورة تلي عملية التسجيل.
يبلغ قرار مجلس منظمة المحامين والمصحوب بنسخة من الملف في ظرف خمسة عشرة (15) يوما إلى وزير العدل و إلى المعنى بالأمر في نفس الأجل كما تبلغ نسخة من القرار إلى مدير التدريب.
المادة 13 /
عندما يقرر مجلس منظمة المحامين تسجيل المترشح فإنه يجب على هذا الأخير بعد التقديم من النقيب أن يؤدي أمام المجلس القضائي للدائرة التي عين إقامته فيها اليمين الآتية نصها:
"أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي أعمالي بأمانة و شرف، وأن أحافظ على سر المهنة و تقاليدها و أهدافها النبيلة، وأن أحترم القوانيــن"
المادة 14 /
يداول في جدول المحامين المسجلين مرة واحدة في بداية كل سنة قضائية من طرف مجلس المنظمة المعني
ويودع الجدول بأمانة الضبط لكل مجلس قضائي.
وترسل نسخة من الجدول إلى وزير العدل.
المادة 15 /
يشتمل جدول المحامين المسجلين على ألقاب المحامين و أسمائهم وتاريخ تسجيلهم وأداء اليمين ومحل إقامتهم ويكون التنظيم حسب ترتيب الأقدمية وصفة نقيب المحامين أو نقيب سابق للمحامين كما يتضمن قائمة الذين قبلوا في نظام التدريب.
المادة 16 – يغفل من الجدول :
1 – المحامي الذي حصل له مانع يمنعه من الممارسة الفعلية للمهنة
– سبب مرض أو عاهة خطيرة ودائمة
– القيام بنشاط خارج مهنة المحاماة
2 – المحامي الذي تقلد مهاما أو وظيفة تفرض عليه تبعية تجعله في حالة لا يمكنه ممارسة المحاماة بحرية.
3 – المحامي الذي لا يقوم من غير عذر مقبول بالواجبات المفروضة عليه بموجب النظام الداخلي لمجلس منظمة المحامين أو الذي لا يمارس بصفة فعلية مهنته مدة ستة أشهر على الأقل.
4 – المحامي الذي أصبح في حالة من الحالات المتعارضة مع مهنة والمقررة في التشريع المعمول به.
المادة 17 /
يفقد المحامي الذي تم إغفاله مدة خمس سنوات رتبة الأقدمية بالجدول و يستعيد هذه الرتبة بتاريخ رفع الإغفال، باستثناء المحامي الذي استدعي للقيام بمهام لصالح الدولة أو للقيام بمهمة انتخابية .
المادة 18 /
الإغفال عن ذكر محام في الجدول ينتهي بقوة القانون عند انتهاء السبب الداعي له.
المادة 19 /
لا يمكن رفض الانضمام أو إعادة التسجيل أو أي إغفال بدون سماع أقوال المعني بالأمر أو بعد استدعائه للحضور بصفة قانونية في ظرف ثمانية أيام .
وإن لم يحضر المعني بالأمر، في الشروط المحدد في الفقرة الأولى من هذه المادة فإن القرار يعد حضوريا.
المادة 20 /
يمكن الطعن بالبطلان في قرار مجلس منظمة المحامين أمام الغرفة الإدارية الجهوية المختصة .
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
بالتوفيق
شكرا على المرور الكريم
:: السلام عليكم :: مالك بن نبي، المسلم في عالم الاقتصاد………تحميـل مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي مالك بن نبي …تحميل مالك بن نبي، الظاهرة القرآنية …………تحميل مالك بن نبي، شروط النهضة………. تحميل مالك بن نبي، مشكلة الثقافة…………تحميل مالك بن نبي، تأملات…………..تحميل مالك بن نبي، بين الرشاد والتيه …………….تحميل
مالك بن نبي، فكرة الإفريقية الآسيوية …………تحميل مالك بن نبي، القضايا الكبرى……………تحميل مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي ……… تحميل مالك بن نبي، في مهب المعركة………..تحميل |
||
2]انه حقا العلامة الذي نفتخر بانه من مدينتنا[/mklb2] |
حتى يتمكن الزوج او الزوجة من تحقيق هدفه وتمكين المحكمة من الاستجابة لطلبه المتمثل في التصريح له بالطلاق فان القانون اوجب عليه اتباع اجراءات محددة بدونها لا يمكن اعارة اي اهتمام لهذا الطلب وعليه استحالة تحقيق الغاية منه ونعني بذلك الاجراءات الخاصة بالتقاضي في دعوى الطلاق والتي سنتناولها في هذا الموضوع ومن هنا فان المسالة الاولى في هذا النطاق تتعلق بالاختصاص المحلي لدعوى الطلاق.
– سؤال : فماهي ياترى المحكمة المختصة للفصل في دعوى الطلاق؟
جواب:لقد ورد في المادة 8/4 من قانون الاجراءات المدنية " ان دعاوى الطلاق ترفع امام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية"وهذا يعني انه كلما بادر الزوج برفع دعوى يطلب من خلالها الحكم له بالطلاق او قامت الزوجة بمرافعة زوجها لنفس الغرض فان المحكمة المختصة للفصل في دعوى الطلاق او التطليق هي المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مسكن الزوجية.
وهذا يعني انه كلما بادر الزوج برفع دعوى يطلب فيها الطلاق او قامت الزوجة بمرافعة زوجها لنفس الغرض فان المحكمة المختصة للفصل في دعوى الطلاق او التطليق هي المحكمة الموجود في دائرتها مسكن الزوجية او مقر اقامة الزوجين فلو فرضنا مثلا ان شخصا كان يقطن بمدينة وهران وبعد زواجه بفتاة من قسنطينة استقرمعها بالجزائر حيث يوجد مسكن الزوجية فانه في حالة الطلاق فان المحكمة التي ترفع امامها الدعوى هي محكمة الجزائر .
سؤال:بعد ماعرفنا المحكمة المختصة للفصل في ادعوى يجب علينا ان نحدد الخطوات لذالكففيما تتمثل؟
الجواب:يجب الرجوع الى المادتين12 و13 من قانون الالجراءات المدنية وبصة عامة يمكن شرحها كما يلي:
– يقوم المدعي بايداع العريضة لدى كتابة الضبط بالمحكمة مقابل دفعه للرسوم القضائية.
-يجب ان تكون هذه العريضةمؤرخة وموقعة وان تتضمن اسم ولقب وعنوان ومهنة المدعي وكذا اسم ولقب وعنون ومهنة الخصم.
-يجب ان تحتوي هذه العريضة ملخص لوقائع العوى وكذاتحديد وتوضيح مايطلب الحكم له بموجبها واسباب واسانيد هذا الطلب وكل ما من شانه ان يعززه من ادلة وحجج.
سوال: هل هناك شروط عامة وخاصة لقبول دعوى الطلاق؟
الجواب :نعم هناك شروط عامة لابد من استيفائها لقبول اقامة اي دعوى امام المحكمة ومن بينها بالتالي دعوى الطلاق وهذه الشروط وهي 3 شروط المادة 459 ف.ا.م وتخص الاهلية والصفة و المصلحة. وهناك شرط خاص بدعوى الطلاق يتمثل في تقديم نسخةمن عقد الزواجمستخرجة من سجلات الحالة المدنية وبدونها ستحكم المحكمة حتما بعدم القبول للدعوى.
السؤال: هل دعوى الطلاق تتضمن اجراء معين يميزها عن باقي الدعاوى الاخرى؟
الجواب: نعم وهذا الاجراء يتمثل في جلسة الصلح التي تميز دعوى الطلاق هذا اذا ما استثنينا طبيعة الحال بعض الدعاوى المواد الادارية وقد نصت على هذا الاجراء المادة49من قانون الاسرة حيث قررت ان الطلاق لا يثبت الا بحكم يعد محاولة الصلح من طرف القاضي وسواء نجح او فشل في هذا المسعى فان القاضي يقوم بتحرير محضر يضمنه ماتوصل اليه من نتائج ويلحقة بملف الدعوى.
_________________
وهو متعلق بالاجراءات القانونية والادراية
وننتظر منك مواضيع اخرى
مفيده ورائعه كروعتكدمتي بود وخير وصحه وسلامه
أ د. عـادل كمـال خضـر
أستاذ ورئيس قسم علم النفس
كلية الآداب _ جامعة بنـها
استخدم الإنسان الرسوم منذ القدم ، ولعل ما سجله قدماء المصريين على جدران المعابد والكهوف من رسومات ونقوش خير دليل على أهمية ودلالة الرسوم بالنسبة لهم ، حيث كانت الرسوم هي اللغة التي يعبرون بها عن أفكارهم ومشاعرهم تجاه الأفراد الذين يعيشون معهم ، ويعبرون بها كذلك عما يخبرونه من أحداث في بيئتهم وما يتطلعون إلى تحقيقه من رغبات وآمال ، حيث كانت لغتهم الهيروغليفية ذاتها عبارة عن أشكال مصورة ، ومن المعروف أن اللغات القديمة في العصور الأولى كانت تعبر عن الأفكار بلغة مرسومة ، بينما تعبر اللغات الحديثة عن الأفكار بالكلمات ..
ولما كانت اللغة لها وظيفة التعبير عن الذات وما تحويه بداخلها من مشاعر وانفعالات ، وأنها تعد أداة للتواصل بين الذات والآخرين ، فإننا في مجال علم النفس نعتبر رسوم الأطفال ــ وكذا رسوم الكبار والمرضى بصفة خاصة ــ بمثابة لغة مصورة يعبر من خلالها الأطفال عن أنفسهم ، حيث يعكسون عبر رسوماتهم ما يشعرون به تجاه ذاتهم ، ويعبرون من خـلالها أيضاً عن علاقتهم ببيئتهم وبالآخرين من حولهم كباراً وصغاراً سواء في الأسرة أو المدرسة أو في الشارع .. وإلى جانب ما سبق فإن رسوم الأطفال تعكس كذلك ما يعاني منه الأطفال من مشكلات واضطرابات نفسية ، ومن ثم فإنه يمكن الاسـتفادة من رسوم الأطفال في تشخيص مشكلاتهم ، وخاصة مع أولئك الأطفال غير المتعاونين في جلسات الفحص النفسي أو الذين لا يرغبون في أن يكشفوا عن حقيقة مشاعرهم تجاه الآخرين ، أو الذين لا يعكسون حقيقة ما قد خبروه من أحداث في حياتهم لكونهم يخجلون منها ، أو لكونها لاشعورية لا يعرفون كنهها .
والرسوم من حيث هي لغة إنما هي لغة بدائية يعبر من خلالها الإنسان عن أفكاره ، وأحاسيسه ، ومشاعره ، وأفعاله ، ومعتقداته الدينية ، وهذا مسجل من خلال النقوش الخاصة بالفراعنة في المعابد .. كذلك نجد أن صغار الأطفال يعبرون بتلقائيتهم المعروفة على الجدران في الشارع وداخل المنزل لكي يعكسون مشاعرهم الحقيقية تجاه أنفسهم والآخرين ، ومن ثم كانت الرسوم وسيلة ممتازة لارتياد عالم الطفل ، في الوقت الذي تكون فيه اللغة المنطوقة قاصرة عن تحقيق ذلك .
وتعد رسوم الأطفال أسلوب بديل للغة الحوار ، إذ أن لدى الإنسان القدرة على أن يحول الأفكار إلى صور بالقدر الذي يمكن فيه أن يحول الصور إلى أفكار وكلمات ، ومن ثم تعد الرسوم وسيلة جيدة لكشف الصراعات النفسية ، حيث تستطيع المكبوتات العودة مرة أخرى إلى مسرح الشـــعور بطريقة رمزية مسقطة عبر الخطوط التلقائية لرسومات الأطفال المضربين نفسياً ، وأن الأخصائي النفسي يستطيع أن يتفهم حالة الطفل النفسية ويشخص مشكلته من تحليله لرسومه والتعرف على دلالات تفاصيل الموضوعات المرسومة ونسبها ومنظورها واستخدامات اللون فيها .. وفي هذا يمكن توجيه الطفل إلى رسم موضوعات محددة وجد أن لها قيمتها في التشخيص مثل : رسم الأســرة ، ورسم المنزل والشجرة والشخص ، ورســم الشــخص ( الذكري والأنثوي ) وغيرها … ويمكن كذلك استخدام الرسم الحر الذي يساعدنا في الوصول رأســاً إلى اللاشعور .
ولكن كيف نبحث عن الأفكار المتضمنة في الرسم ؟ فيما يتعلق بكيفية البحث عن أفكار الرسم ، فقد اتضح لنا من دراساتنا في المجال ، أنه عند تحليل الرسوم للبحث عن الأفكار المتضمنة فيها ، يجب ألا ننظر إلى عنصر الرسم ودلالته منفرداً ، ولكن يتم ذلك في إطار الرسم بأكمله وبجميع عناصره . كما يجب علينا عندما نقوم بتحليل رسم ما أن نضع في اعتبارنا الشخص القائم بالرسم ، بمعنى أن نحلل الرسم ونبحث عن دلالته في إطار الكل من خلال إرجاعه إلى الشخصية النوعية للشخص القائم بالرسم ، لا إلى إطار ثابت من الرموز والدلالات .
هناك إذن حتمية نفسية وراء سلوك الرسم ، أي لابد أن يكون هناك معنى ما للخطوط التي يقوم برسمها شخص ما ، فهي ليست غفلاً من المعنى ، بل محتومة بدلالات معينة لدى الشخص القائم بالرسم ، علينا أن نتعرف عليها . وهذا يعني شيئاً آخر وهو إذا كنا نسلم بأن هناك حتمية وراء السلوك الإنساني ، فلابد لنا أيضاً أن نسلم بمسلمة أخرى لا تقل أهمية عن مسلمة الحتمية ألا وهي : " التحتيم بأكثر من سبب " ، بمعنى ليس بالضرورة أن يكون لكل سلوك سبب واحد محدد ، فربما يكون لمرجع السلوك أسباب عدة ، وهذا يعني أننا أثناء تفسيرنا لدلالات الرسم يجب أن نضع في اعتبارنا أن عنصر الرسم الواحد الذي تم رسمه على نحو معين لا يعني أن لذلك دلالة معينة بالذات ، ولكن بالأحرى العديد من الدلالات ، وعلينا أن نرجح الدلالة التي تتناسب مع الشخص القائم بالرسم ، وعلى سبيل المثال فإن رسم أنف ضخم للشكل الإنساني ، قد يكون له دلالة بالنسبة لمراهق تختلف عن دلالته بالنسبة لشيخ عجوز أو طفل صغير .. ونخلص من هذا إلى أن الرسم كالحلم لا يمكن تحليله إلا بمعرفة الحياة الشخصية الاجتماعية لصاحبه .. ويجب على الأخصائي النفسي في بحثه عن الأفكار المتضمنة في الرسم لتشخيص الحالة ، أن يعتمد على تكرار بعض الرموز والدلالات في العديد من الرسومات لا أن يرتكن على رسم عارض .
انشغل المهتمون برسوم الأطفال بالتعرف على العوامل النفسية وراء محتوى رسومهم .. ووضعوا ســـؤال مؤداه : ماذا يعكس الطفل في رسمه ؟؟
وهناك آراء متعددة للباحثين في إجابتهم على هذا السؤال ، حيث ترى ماكوفر أن الطفل عادة يرسم ما يعرفه وليس ما يراه ، ويتم الرسم في الغالب من الذاكرة حيث لا ينظر الأطفال إلى الأشياء التي يرغبون في رسمها ولكنهم يعتمدون على صورتهم الذكروية التي كونوها لهذه الأشــياء ، ويبدو أن ظاهرة الشفافية Transparency التي تظهر في رسوم الأطفال تعتمد على رغبة الطفل في التعبير عما يعرفه ، فعن طريق استخدامه للشفوف ، يكشف عما تستره الأشياء ، فهو يرى من خلال السطوح سواء كانت شفافة أو غير شفافة ، فنراه يرسم السمك ظاهراً من الماء ، وبذور الجوافة أو نواة البلح أو حبات الرمان ، ظاهراً في رسمه لهذه الأشكال .
هذا ويشير Bell إلى أن معظم الدارسين لفن الطفل يعتقدون أن الطفل يرسم ما يشعر به أكثر مما يراه أو يعرف أنه حقيقي ، فالطفل في رسومه يعبر عن حياته الداخلية من أفكار ومشاعر ورغبات ومخاوف ، كذلك يرى هامر Hammer أن الرسم الذي يقوم به المفحوص إنما هو تعبير عن عالمه الداخلي وسماته واتجاهاته وخصائصه السلوكية وقوة أو ضعف شخصيته ، أما Paget فيسلم بمبدأين عامين : أولهما : أن الأطفال يرسمون ليس لتصوير الطبيعة ولكن ليخبروا عما يهمهم .. وثانيهما : أن المناظر والموضوعات المشروعة بعيدة عن مهاراتهم الفنية ولذلك فهم مجبرون على استنباط رموزهم أو إشاراتهم من أجل توضيحها ، في حين يرى لوكيه أن الطفل لا يرسم ما يفكر ولا يزعم أن يراه بالفعل ، بل يرسم العلامة أو الرمز الذي يتدفق تدريجياً في عقله عن الموضوع ، ومثال ذلك ؛ فإنه إذا طلب من الطفل أن يرسم حقلاً من البطاطس فإنه سوف يرسم مستطيلاً مملوءاً بدوائر صغيرة ، وهذا لا يعني أن الطفل يتجاهل النباتات الخضراء الموجودة فوق سطح التربة ترجيحاً لكفة تصور عقلي للدرنات غير المرئية في التربة ، بل يعني بالأحرى أنه بالنسبة للطفـــل تكون الفكرة الأولى المترابطة بالبطاطس هي الفكرة الملموسة ، أي الفكرة البصرية المعتادة فحسب ، أعني البطاطس بالمطبخ وليس البطاطس النامية كنبات في التربة ، إذن فما يمارسه هو علامة تنقل المقابل الوجداني الذي يربطه شـخصياً بالبطاطس .
وهكذا نرى أن بعض السيكولوجيين يعتقد أن الطفل يرسم ما يراه أو ما يعرفه ، أو هو يرسم العلامة والرمز الخاص بالموضوع … وبينما يرى آخرون أن الطفل يرسم ما يشعر به ، يرى البعض الآخر أن الطفل يرسم ما يهتم به من أشياء ، وهكذا نجد عدم اتفاق بين الباحثين في الإجابة على التساؤل الذي طرحناه .
وقد خلص عادل خضر إلى إجابة على التساؤل المطروح تبلور في ذات الوقت اجتهاد الباحثين السابقين ، وهي : أن الطفل ( أو الشخص القائم بالرسم ) إنما يرسم ما يثير انفعاله . وذلك على اعتبار أن الطفل يرسم من بين ما يراه ما يعرفه ، ومن بين ما يعرفه ما يهتم به بدرجة أكبر ، ومن بين ما يهتم به ما يعبر عن أحاسيسه ومشاعره ، ومن بين ما يعبر عن أحاسيسه ومشاعره ما ينفعل به بدرجة أكبر ، من هنا نصل إلى أن الشخص القائم بالرسم إنما يرسم ما يثير انفعاله ، ودليلنا على ذلك هو أن الطفل يرى أشكالاً كثيرة ويعرف منها الكثير أيضاً غير أنه لا يرسم كل ما يعرف أو كل ما يرى ، ولكنه يرسم أشكالاً معينة انفعل بها أكثر من غيرها ، مثلاً يرسم تليفزيون أو عربة وذلك تعبيراً عن حبه لهذه الأشياء ، والرغبة في التمتع بها ، أو يرسم أمـاً معها ابنها ؛ كرغبة منه في أن يكون بجوار أمه ..الخ ، وهو في ذلك يقوم برسم تفاصيل معينة داخل كل شكل في حين يحذف تفاصيل أخرى ، ويتفاوت الأطفال في ذلك وفقاً لخبراتهم الانفعالية ومشاعرهم تجاه الأشكال التي يقومون برسمها ، وكذلك يتضح من خلال النسب والمنظور واللون أن الرسم إنما هو تعبير انفعالي عن الحياة الداخلية للطفل القائم بالرسم ، فمن حيث النسب نجد المبالغة في حجم بعض أجزاء الشكل على حساب أجزاء أخرى له ، ومن حيث المنظور نجد فروقاً بين الأطفال من حيث رسم الأشكال في أوضاع متباينة وبحركات مختلفة ، وفي أماكن متفرقة على صحيفة الرسم ، وأما من حيث اللون فنجد فروقاً جمة بين الأطفال في اختيارهم للألوان التي يستخدمونها في تلوين تفاصيل الشكل ، حيث يميل بعض الأطفال إلى الألوان الحارة ، في حين يميل البعض الآخر إلى استخدام الألوان الباردة ، ويدمج آخرون الألوان الحارة مع الباردة في الشكل نفسه وبطرق متباينة ، وكل هذه التعبيرات تعكس انفعالاتهم الحقيقية تجاه موضوعات البيئة المختلفة وأحداث الحياة التي يعيشونها .
بارك الله فيك
أسعدني مرورك
بارك الله فيك ويعطيك ألف عافيه
يتناول الكتاب مايعرف بالظواهر النحوية التي تتضم الترتيب والزيادة والحذف وعلاقة تلك الظواهر بالمعنى عند معربى القرآن.
جاء الكتاب في بابين تضمن الباب الاول علاقة الترتيب والزيادة بالمعنى ،وانقسم الى فصلين الاول دلالة على الترتيب ، والثاني دلالة على الزيادة اما الباب الثاني فهو دلالة على الحذف ، وانقسم الى ثلاثة فصول ،الاول عن حذف جزء الجملة ، والثاني عن حذف الجمل ، والثالث عن حذف الادوات والتراكيب الوظيفية والتوابع.
.
رابط
التحميل
http://www.filedwon.com/9i3rfshy2vl0/علاقة_الضواهر_النحوية.pdf .html
-لحن العامة عند الجواليقي
د.طيبة صالح الشذر
–المصطاحات الصرفية في كتاب دقائق التصريف.
د.غزة عبد الفتاح عبد الحكيم
– وزن مفعال/مفعالة اسما للمكان ومصدرا في المحكية اليمنية.
د.عباس علي السوسوة
-العربية لغة هجين على السنة الهنود(في سلطنة عمان).
د.ابراهيم الدسوقي
–زيادة هاء السكت بعد ياء المتكلم.دراسة لغوية وتاريخية.
د.جمعان بن ناجي السلمى
–ابن يعيش وشرح المفصل
تأليف :د.عبد اللطيف الخطيب
عرض ونقد:احمد بكري عصلة
رابط التحميل:
http://www.restfile.ca/w1hkaabyd96o/…-2000.pdf.html
بارك الله فيك على الجلب المميز أخي
سدد الله خطاك بالتوفيق |
وفيك بارك الله شكرا لمرورك
مفاهيمها وتجلياتها
د.موسى سامح ربابعة
محتويات الكتاب:
-مقدمة
-الفصل الاول: علم الأسلوب
الفصل الثاني : ماهية الاسلوب
-الفصل الثالث: الانحراف مصطلحا نقديا
-الفصل الرابع :الأسلوبية والغرابة
الفصل الخامس: دراسات نصية
-خاتمة
الرابط: