التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

نتائج المسابقة الرمضانية الاسبوع الاول.

تعليمية
تعليمية
نتائج الاعضاء في المسابقة الرمضانية الاسبوع الاول.
تعليمية
؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤مؤمنة؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤(84)

؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤عادلw؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤(80)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛noor houda ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(80)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛suppa kanja¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(64)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛tebib mohamed ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(40)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛omar afandi ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(48)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛وائل الطلخاوي¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(52)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛maram ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛مليكة الخير¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(32)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛sabra ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛حمزة بلعزيز¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(20)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛sarah40 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(28)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛slim67 ¤؛°`°؛¤ّ,¸,ّ¤؛(12)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛84salah¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(16)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛رنين¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(32)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛dodi ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(12)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛حمدي السيد داود مصطفى¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(4)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛سعيد الجزائري¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(8)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛architecte39 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(88)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛محبة الله و الرسول¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(68)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛طالب العلم¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(64)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛elkaissi ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(40)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛اوملول¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛hichem-s ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛amelnounou ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛kor2009 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(20)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛gharbisaci ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(28)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛سالم برير¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(36)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛رابح03 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(40)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛رمزي الجزائري¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(8)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛دعاء01 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(4)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛مروة صفاء¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(8)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛ahbabdz ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(4)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛الطاهر بن محمد¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(20)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛حنان سعيد¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(12)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛architecte16 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(79.2)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛شلون انساك¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(60)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛نجوان¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(32)

¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛farida9979 ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛(8)
و الان مع اللحظة الحاسمة
الفائزون الثلاثة الذين انتظرتموهم طيلة هذا الاسبوع
تعليميةالفائز الاولتعليمية
architecte39
الفائز الثاني
تعليميةمؤمنةتعليميةتعليمية
الفائز الثالث او بالاحرى الفائزين الثالثين
عادل w و noor houda
فالف الف الف مبروك للفائزين معنا
و لمن لم يحالفهم الحظ مازالت المدة طويلة و يمكنهم تحقيق نجاحات كثيرة في هذه المدة .

تعليميةالف الف الف الف مبروكتعليمية
تعليمية




ارجو عدم الاحتجاج على النتائج ستوفقين في المرة القادمة




تعليمية
مبروك لكل الفائزين
وحظ اوفر للبقية الذين لم يحالفهم الحظ




ألــــــ مبــــــــــروك ـــــــف للفائزيــــــــــــــــــ ـن مزيد من النجاح




تعليميةتعليمية




تعليمية

للأخarchitecte39 على المرتبه الأولى
وحظ موفق للجميع للأسابيع القادمه




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

اسطوانة اجمل رمضان في حياتي لاورع مدونة واروع اعضاء

تعليمية تعليمية

تعليمية
تعليمية
تعليمية
تعليمية

تعليمية
بمناسبة حلول الشهرالكريم اضع بين ايديكم اسطوانة افضل رمضان في حياتي .
تعليميةتعليميةتعليمية

تعليمية
تعليمية
تعليمية
::: صور من داخل الاسطوانة :::

تعليمية

تعليمية


تعليمية
التحميل مجاني لاعضاء منتديات خنشلة
باطل

تعليميةتعليميةتعليميةتعليمية
تعليمية

تعليمية

تعليمية
تعليمية
تعليمية
تعليمية

تعليمية

تعليمية تعليمية




مشكور اخ فارس انا حملت الاسطوانة وساستمع واعطيك رايي
بارك الله فيك ودمت




شكرا لك سارة ارجو ان تعجبك الاسطوانة




مشكور اخي فارس وجزاك الله خيرا

في اطار التحميل




شكرا لك اخي حمزة على مرورك العطر على صفحتي بارك الله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

كن مفتاحاً للخير

تعليمية تعليمية

كن مفتاحاً للخير

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر, وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير. فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه, وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه))[i]

ومن أراد لنفسه أن يكون من مفاتيح الخير مغاليق الشر أهلِ طوبى, فعليه بما يلي:

1) الإخلاص لله في الأقوال والأعمال, فإنه أساس كل خير وينبوع كل فضيلة.

2) الدعاء والإلحاح على الله بالتوفيق لذلك, فإن الدعاء مفتاح لكل خير, والله لا يرد عبداً دعاه ولايخيب مؤمناً ناداه.

3) الحرص على طلب العلم وتحصيله, فإن العلم داع إلى الفضائل والمكارم حاجز عن الفحشاء والعظائم.

4) الإقبال على عبادة الله ولاسيما الفرائض, وبخاصة الصلاة فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.

5) التحلي بمكارم الأخلاق ورفيعها, والبعد عن سفاسف الأخلاق ورديئها.

6) مرافقة الأخيار ومجالسة الصالحين, فإن مجالسهم تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة, والحذر من مجالس الأشرار والطالحين, فإنها متنزل الشياطين.

7) النصح للعباد حال معاشرتهم ومخالطتهم, بشغلهم في الخير وصرفهم عن الشر.

8) تذكر المعاد والوقوف بين يدي رب العالمين , فيجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته . {فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره, ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره} – الزلزلة 7-8 }

9) وعماد ذلك كله رغبة العبد في الخير وفي نفع العبد في الخير وقي نفع العباد, فمتى كانت الرغبة فائمة والنية مصممة والعزم أكيداً, واستعان بالله في ذلك وأتى الأمور من أبوابها, كان –بإذن الله- من مفاتيح الخير مغاليق الشر.

والله يتولى عباده بتوفيقه, ويفتح على من يشاء بالحق وهو خير الفاتحين.

ـــــــــــــــــــــــــ ـ
[i] رواه ابن ماجة (237), وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه (194)

المصــــــــدر

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فائدة الصيام

تعليمية تعليمية

فائدة الصيام ما ذكره الله تعالى بقوله: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
ففائدة الصيام الحقيقية هي تقوى الله عز وجل بامتثال أوامره واجتناب نواهيه،
فيقوم الإنسان بما أوجب الله عليه من طهارة وصلاة،
ويجتنب ما حرم الله عليه من كذب، وغيبة، وغش، وتقصير في واجباته،
قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». ومن المؤسف أن كثيراً من المسلمين يصومون هذا الشهر،
ولا تجد فيهم فرقاً بين أيام الصيام وأيام الإفطار، تجد الواحد مستمرًّا في ما هو فيه من تفريط في واجب، أو ارتكاب لمحرم، وهذا أمر يؤسف له، والمؤمن العاقل هو الذي لا يجعل أيام صيامه وأيام فطره سواء، بل يكون في أيام صيامه أتقى لله تعالى وأقوم بطاعته.

مقتبس من فتاوى إبن العثيمين رحمه الله


منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك على هذا الإنتقاء القيم

والطرح الحساس ….

نسأل الله أن يجنب الشيطان مآربنا ومقاصدنا وأن يثبتنا على الحق

تعليمية




شكرا وبارك الله فيك
تحياتي الخالصة




السلام عليكم أشكر وبارك الله فيك




السلام عليكم أشكرك وبارك الله فيك




صدقت هذه معلومة مفيدة بارك الله فيك وشكراتعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل رمضان عن باقي الاشهر

فضل رمضان عن باقي الاشهر

شهر رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان، وجعل صومه ركناً من أركان الإسلام، وقيامه نافلة تزداد بها الحسنات، وتكون سبباً في النجاة من النيران. ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه»(1). مَن صام رمضان إيماناً، أي إيماناً بالله عز وجل، وإيماناً بشريعة الله وقبولاً لها، وإذعاناً واحتساباً لثواب الله الذي رتَّبه على هذا الصيام وكذلك القيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفاً بهذين الوصفين ـ الإيمان والاحتساب ـ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهر المبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح المؤمن بذكراها ونتائجها الحسنة.
المناسبة الأولى: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن، أي ابتدأ إنزاله في هذا الشهر وجعله مباركاً، فتح المسلمون به أقطار الأرض شرقاً وغرباً، واعتزَّ المسلمون به وظهرت راية الإسلام على كل مكان.
ولا يخفى علينا جميعاً أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي إليه بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة محمولاً على جملين، كما ذُكِرَ ذلك في التاريخ، وضع بين يديه رضي الله عنه، لم ينقص منه خرزة واحدة، كل هذا من عزَّة المسلمين وذلة المشركين ولله الحمد، وإننا لواثقون أن الأمة الإسلامية سترجع إلى القرآن الكريم، وستحكم به، وستكون لها العزة بعد ذلك إن شاء الله.
ولكن لابدَّ لجاني العسل من قرص النحل، ولجاني الورد من الشوك، لابد أن يتقدم النصر امتحان لمن قاموا بالإسلام والدعوة إليه، لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّـابِرِينَ} [محمد: 31]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214].
المناسبة الثانية في هذا الشهر المبارك: غزوة بدر، وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سمع أن عيراً لقريش يقودها أبوسفيان قادمة من الشام إلى مكة، فلما علم بذلك ندب أصحابه السريع منهم أن يخرجوا إلى هذه العير من أجل أن يأخذوها؛ لأن قريشاً استباحت إخراج النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه من ديارهم وأموالهم، ولم يكن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلّم عهد ولا ذمة، فخرج صلى الله عليه وسلّم إلى عيرهم من أجل أن يأخذها، وخرج بعدد قليل، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، لأنهم لا يريدون الحرب، ولكنهم يريدون أخذ العير فقط، فلم يخرجوا إلا بهذا العدد القليل ومعهم سبعون بعيراً يعتقبونها وفَرَسَانِ فقط.
أما أبوسفيان الذي كانت معه العير، فأرسل إلى أهل مكة يستحثهم، ليحموا عيرهم ويمنعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فخرج أهل مكة بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم، خرجوا كما وصفهم الله بقوله: {خَرَجُواْ مِن دِيَـارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [الأنفال: 47].
وفي أثناء الطريق بلغهم أن أباسفيان نجا بعيره من النبي صلى الله عليه وسلّم، فاستشار بعضهم بعضاً، هل يرجعون أو لا يرجعون، فقال أبوجهل ـ وكان زعيمهم ـ والله لا نرجع حتى نقدم بدراً فنقيم عليها ثلاثاً، ننحر فيها الجزور، ونسقى فيها الخمور، وتعزف علينا القِيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً.
فهذه الكلمات تدل على الكبرياء والغطرسة، والثقة بالباطل ليدحض به الحق.. والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم وقوتهم، وكانوا ما بين تسعمائة وألف، أما النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، والتقت الطائفتان، جنود الله عز وجل وجنود الشيطان، وكانت العاقبة لجنود الله عز وجل، قتل من قريش سبعون رجلاً من عظمائهم وشرفائهم ووجهائهم، وأُسر منهم سبعون رجلاً، وأقام النبي صلى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام في عرصة القتال كعادته، بعد الغلبة والظهور، وفي اليوم الثالث ركب حتى وقف على قليب بدر التي ألقي فيها من صناديد قريش أربعة وعشرون رجلاً، وقف على القليب يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يقول: «يا فلان ابن فلان، هل وجدت ما وعد ربكم حقاً، إني وجدت ما وعدني ربي حقاً». فقالوا: يا رسول الله، كيف تكلم أناساً قد جَيَّفُوْا؟ ـ أي صاروا جيفاً ـ قال: «ما أنتم بأسمع لِمَا أقول منهم، ولكنهم لا يستجيبون»، أو قال: «لا يرجعون قولاً»(2).
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة النبوية منتصراً ولله الحمد.
المناسبة الثالثة: فتح مكة، كانت مكة قد استولى عليها المشركون وخرَّبوها بالكفر والشرك والعصيان، فأذن الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم أن يُقاتل أهلها وأحلها له ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها بعد الفتح كحرمتها قبل الفتح، ودخلها النبي صلى الله عليه وسلّم في يوم الجمعة في العشرين من شهر رمضان عام ثمانية من الهجرة، مظفراً منصوراً حتى وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل بهم، فقال لهم: «يا قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيراً، أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»(3). فمَنَّ عليهم بعد القدرة عليهم، وهذا غاية ما يكون من الخُلُق والعفو.
وبعد عرض المناسبات في هذا الشهر لنا أن نقول: ما الذي ينبغي أن نفعله في شهر رمضان؟.. الذي نفعله في هذا الشهر المبارك إما واجب وإما مندوب، فالواجب هو الصيام، والمندوب هو القيام.
والصيام كلنا يعرف هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله، دليله قوله تعالى: {فَالانَ بَـاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].
والغرض من الصيام ليس ترويض البدن على تحمل العطش وتحمل الجوع والمشقة، ولكن هو ترويض النفس على ترك المحبوب لرضا المحبوب. والمحبوب المتروك هو الأكل والشرب والجِماع، هذه هي شهوات النفس.

أما المحبوب المطلوب رضاه فهو الله عز وجل، فلابد أن نستحضر هذه النيَّة أننا نترك هذه المفطرات طلباً لرضا الله عز وجل.
والحكمة من فرض الصيام على هذه الأمة قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183]، ولعلَّ هنا للتعليل، أي لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرَّم الله، وتقوموا بما أوجب الله. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»(4).
أي أن الله لا يريد أن ندع الطعام والشراب، إنما يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، ولهذا يندب للصائم إذا سبَّه أحدٌ وهو صائم أو قاتله فليقل: إني صائم، ولا يرد عليه؛ لأنه لو ردَّ عليه لردَّ عليه الأول ثم ردَّ عليه ثانياً، فيرد الأول، ثم هكذا يكون الصيام كله سباً ومقاتلة، وإذا قال : إني صائم، أعلم الذي سبَّه أو قاتله بأنه ليس عاجزاً عن مقابلته ولكن الذي منعه من ذلك الصوم، وحينئذٍ يكفُّ الأول ويخجل، ولا يستمر في السبِّ والمقاتلة.
هذه هي الحكمة من إيجاب الصيام، وإذا كان كذلك فينبغي لنا في الصوم أن نحرص على فعل الطاعات من الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، والصدقة، والإحسان إلى الخلق، وبسط الوجه، وشرح الصدر، وحسن الخلق، كل ما نستطيع أن نهذِّب أنفسنا به فإننا نعمله.
فإذا ظلَّ المسلم على هذه الحالة طوال الشهر، فلابد أن يتأثر ولن يخرج الشهر إلا وهو قد تغيَّر حاله، ولهذا شُرع في آخر الشهر أن يُخْرِج الإنسان زكاة الفطر تكميلاً لتزكية النفس؛ لأن النفس تزكو بفعل الطاعات وترك المحرمات، وتزكوا أيضاً ببذل المال، ولهذا سُمِّي بذل المال زكاة.

48 سؤال وجواب في الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

——————-

(1) رواه البخاري 1901 ومسلم 1731.

(2) رواه مسلم بنحوه 2874 كتاب الجنة.

(3) رواه ابن اسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام 4/78 ورواه ابن سعد في الطبقات 2/141،142.

(4) رواه البخاري 1903-6057.




شكرا جزيلا

تعليمية




شكرا بارك اللة فيك اخي الكريم




نشكرك اخي على موضوع رائع
بارك لله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

رمضان وقائع وأحداث

إنّ الصيام فريضة عظيمة، يربيّ في النفوس الإرادات والملكات، ويغرس في جنابها الفضائل والكمالات، وفيه تتدرب النفوس على حمل المكروه وتحمّل المشاق والأعباء، وضبط نوازع الهزل والعبث فيها والتحكم في الأهواء.
وفي الصوم امتحان لصبر الإنسان، والصبر رائد النصر، وقد جعله الله زمنا للنشاط وتكثيف الطاعات، وموسمًا للبذل والتسابق في الخيرات فلا يصحّ أن يكون مدعاة للعجز والكسل، وذريعة إلى التقصير في العمل؛ لأنه من الناحية الصحّية قوّة للجسم يدفع عنه كثيراً من الأمراض ويشفي فيه كثيراً من العلل، وهو من الناحية المعنوية يعطي المسلم قوّة الإيمان وصفاء النفس ونقاء الروح التي لها أكبر الأثر في سعادة الأمم أفرادًا وجماعات.
ودليل هذا ذلك السجل الحافل بالانتصارات المظفرة، والمنجزات العظيمة التي حققها النبيّ صلى الله عليه وسلّم ورعيل الصحابة ومن بعدم من الصالحين في فتوحاتهم وحروبهم في مثل هذا الشهر المبارك الكريم الذي هو شهر رمضان.
وفي هذه السطور قبسات وإشارات من أحداث تاريخنا المجيد ارتبطت بنفحات شهر القرآن، ما بين فتح وجهاد، ونصر وتمكين يجد القارئ فيها ـ وبلا شك ـ ما يثير العظة والاعتبار ويبعث في نفسه بوادر الإجلال والإكبار.

ـ1 نزول القرآن في رمضان
إنّ أعظم حدث وقع في شهر رمضان هو ـ بلا جدال ـ نزول القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾[البقرة : 158]، وقال تعالى في الليلة التي بدأ فيها هذا النّزول: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِين﴾[الدخان: 3] وهي التي سمّاها ليلة القدر، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر ﴾[ القدر: 1-2]، والضمير في ﴿أَنْزَلْنَاهُ﴾ عائدٌ على القرآن الكريم وإن لم يتقدّم ذكره لدلالة المعنى عليه، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب﴾[ص:32] ولم يتقدّم للشمس ذكر.
قال ابن كثير(1) بعد نقله الاتّفاق على يوم بعثته صلى الله عليه وسلّم وهو يوم الاثنين(2): «ثمّ قيل كان ذلك في شهر ربيع الأوّل، كما تقدّم عن ابن عبّاس وجابر أنّه ولد عليه السلام في الثاني عشر من ربيع الأوّل يوم الاثنين، وفيه عرج به إلى السماء، والمشهور أنّه بعث صلى الله عليه وسلّم في شهر رمضان، كما نصّ على ذلك عبيد بن عمير ومحمّد بن إسحاق وغيرهما».
ومما يؤيّد هذا القول ويعزّز موقعه ما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عبّاس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلّم أجود بالخير من الريح المرسلة».
قال الحافظ في الفتح (1/43): «وفيه إشارة إلى أنّ ابتداء نزول القرآن كان في شهر رمضان؛ لأنَّ نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان كما ثبت في حديث ابن عبّاس، فكان جبريل يتعاهده كلّ سنة فيعارضه بما نزل عليه من رمضان…».
وقال ابن القيّم في الزاد (1/77): «واختلف في شهر البعث فقيل: لثمان مضين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، هذا قول الأكثرين، وقيل بل كان ذلك في رمضان واحتج هؤلاء بقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾، قالوا: أوّل ما أكرمه الله تعالى بنبوّته، أنزل عليه القرآن، وإلى هذا ذهب جماعة، منهم يحي الصرصري حيث يقول في نونيّته:
وأَنْتَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ فَأَشْرَقَتْ ***
شَمْسُ النُبُوَّةِ في رَمَضَانِ والأوّلون قالوا: إنّما كان إنزال القرآن في رمضان جملة واحدة في ليلة القدر إلى بيت العزّة، ثم نزل منجّما بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة، وقالت طائفة : ﴿أُنْزِلََ فِيهِ الّقُرْآنُ﴾، أي في شأنه وتعظيمه وفرض صومه، وقيل كان ابتداء المبعث في شهر رجب».
وخلاصة القول أنّ نزول القرآن كان في شهر رمضان، سواء قلنا بنزوله فيه جملة واحدة، وهذا ممّا لا خلاف فيه لدلالة الكتاب عليه، ولحديث عبد الله ابن عبّاس، أو قلنا إنّ بدء الوحي ونزول أوّل آيات القرآن كان في رمضان على ما هو المشهور من مذاهب العلماء.
والحكمة في تنزيل القرآن في هذا الشهر، ومدارسة جبريل للنبيّ صلى الله عليه وسلم فيه، يتبيّن منها الغرض من الترغيب في تلاوة الكتاب الكريم، وهو تعويض الصائم ما تركه من شهوات نفسه لله، ومدّه بالغذاء المبارك الذي به قوام الأرواح وزكاء النفوس، فكانت الحكمة والله أعلم أن اختار الله شهر رمضان ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾[القصص:68] ليكون موسم تجديد الصلة بالله والرجوع إلى دينه والعكوف على كلامه، فيتجدّد تطهير البشر بهدى من إله الأوّلين والآخرين، وتتشبّع الألسنة والقلوب بتلاوة وتدبّر كلام قيّوم السماوات والأرضين.

2ـ غزوة بدر الكبرى
وهي أكرم المشاهد وأعظم غزوات النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وأرفع شأناً وأسمى ذكرًا، أنزل الله فيها سورة تتلى إلى يوم الدين وهي سورة الأنفال، سميت بغزوة بدر الكبرى، وبغزوة بدر العظمى، ويوم وقعة بدر، وببدر القتال، وببدر البطشة، وسمّاها الله بيوم الفرقان، وبيوم التقى الجمعان حيث يقول جلّ جلاله: ﴿بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾[الأنفال 41].
وقد اتفقت كلمة أهل العلم بالسيرة أنّها وقعت في شهر رمضان(3) سنة اثنين من الهجرة، قال ابن إسحاق(4): فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان.
وقد حقّق المسلمون فيها انتصارا كبيرًا على أعدائهم من الكفَرة والمشركين، وأعزّ الله تبارك وتعالى بهذه الوقعة الإسلام والمسلمين وحقّق لهم وعدهم من إحدى الطائفتين، وخذل الكفر وأهله وكسر شوكة الطغيان.
قال ابن كثير واصفًا يوم الوقعة الشهيرة، وما وقع فيها من الآيات الكثيرة: «هذا وقد تواجه الفئتان وتقابل الفريقان، وحضر الخصمان بين يدي الرحمن، واستغاث بربّه سيّد الأنبياء، وضجّ الصحابة بصنوف الدعاء إلى ربّ الأرض والسماء، سامع الدعاء وكاشف البلاء»(5).
وقد سجّل لهم القرآن هذا الموقف العظيم الدال على عبوديتهم الله واستمساكهم بحبله وطمعهم في تأييده ونصره: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم﴾[الأنفال: 109].
وكان من أعقاب هذا النصر العزيز والإنجاز العظيم أن عزّز المسلمون موقعهم وفرضوا وجودهم، وأصبح سلطانهم مهيبا في المدينة وما حولها، وامتدّ نفوذهم على طريق القوافل في شمال الجزيرة وأسلم يومئذٍ بشر كثير من أهل المدينة رغبة ورهبةً.
قال ابن القيّم الزاد (3/88): «ودخل النبيّ صلى الله عليه وسلّم المدينة مؤيّدًا مظفرًا منصورا قد خافه كلّ عدوّ له بالمدينة وحولها، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة وحينئذ دخل عبد الله بن أُبيّ المنافق وأصحابه في الإسلام ظاهرًا».
فلله الحمد والمنّة على نصره عبده وإعزازه جنده وهزمه الأحزاب وحده ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ﴾[آل عمران 160].
3 ـ غزوة فتح مكة
وهي صفحة مشرقة جديدة، وذكرى عزيزة مجيدة، أضيفت إلى سجلّ الانتصارات في شهر رمضان المبارك، وتسمّي غزوة الفتح الأعظم، وقد ذكرها الله في كتابه في غير موضع، قال تعالى: ﴿لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾[الحديد : 10].
وقال تعالى: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾[سورة النصر].
ولم تختلف المصادر المؤرّخة للمغازي في أنّ فتح مكّة كان في رمضان سنة ثمان للهجرة، وإنّ اختلف في تاريخ الفتح ما بين ثلاث عشرة وست عشرة وسبع عشرة وثمان عشرة من رمضان(6)، والمشهور الذي في كتب المغازي أنّ دخول النبيّ صلى الله عليه وسلّم مكّة كان لتسع عشرة خلت من رمضان(7).
ولقد كان هذا الفتح يوما مشهودًا، «أعزّ الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ به بلاده وبيته الذي جعله هدى للعالمين من أيدي الكفّار والمشركين، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء وضربت أطناب عزّه على مناكب الجوزاء، ودخل النّاس به في دين الله أفواجًا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجًا، وخرج له رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكتائب الإسلام وجنود الرحمن سنة ثمان لعشر مضين من رمضان»(8).
وكان من أعقاب هذا الفتح العظيم، بعد تطهير البلد الأمين من الشرك الأثيم أن وضع النبيّ صلى الله عليه وسلّم للناس معالم حرمة البيت وحدّد لهم وظيفة المقيم فيه والداخل إليه في خطبة جامعة في اليوم الثاني الذي يلي يوم الفتح، فكان أن قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه ومجّده بما هو أهله:«يا أيّها الناس إنّ الله حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما أو يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخّص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقولوا: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلّت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلّغ الشاهد الغائب». (رواه البخاري ومسلم وغيرهما).
4 ـ فتح الأندلس في رمضان
وهذا رصيد آخر يضاف إلى حلقات النصر والتمكين لهذا الدين، يصل مدّة إلى جميع البقاع، ويعمّ بنوره مختلف الأصقاع، وكأنّ رمضان قد كان على ميعاد مع مفاخر الإسلام في الأندلس.
ففي شهر رمضان سنة إحدى وتسعين للهجرة بدأ فتح الإسلام للأندلس بسرية طريف البربريّ في أربعمائة رجل ومعهم مائة فرس(9).
وفي شهر رمضان سنة اثنين وتسعين للهجرة كانت حملة طارق بن زياد مولى موسى بن نصير لتحقيق هذا الفتح في اثني عشر ألفا، وتملّك بلاد الأندلس بكمالها على ما ذكر ابن كثير(10)، بعد ما خاض طارق بن زياد حربًا دامية دامت ثمانية أيّام على نهر لكة من أعمال شذونة لليلتين بقيتا من رمضان(11).
وفي شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين للهجرة كانت حملة موسى بن نصير لتوسيع الفتح، حيث ضمّ مدنا ومقاطعات لم تكن فتحت بعد أن اقتحم بعضها وحاصر البعض الآخر(12)، ورجع بغنائم وأموال وتحف لا تحصى ولا تعدّ كثرة(13).
5 ـ معركة الزلاقة
والزلاقة أرض في الأندلس قرب مدينة قرطبة، كانت عندها الوقعة المشهورة باسمها بين مسلمي الأندلس والإفرنج، سنة تسع وسبعين وأربعمائة في يوم جمعة من العشر الأول من شهر رمضان الخير(14)، وكان الفرنج في خمسين ألفا، فتيقّنوا الغلب والظفر بالفوز وغرّهم كثرتهم، لكنّهم هُزموا وانقلبوا داخرين ولم يرجع منهم إلى بلادهم غير ثلاثمائة فارس، وغنم المسلمون كلّ ما لهم من مال وسلاح ودوابّ وغير ذلك(15).
قال الذهبيّ في العبر (2/340) عند ذكره أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة: «وفيها وقعة الزلاقة وذلك أنّ "الإذقونش"(16) جمع الجيوش فاجتمع المعتمد(17) ويوسف بن تاشفين(17) أمير المسلمين والمطوعة، فأتوا الزلاقة، من عمل "بطَلْيُوس"(18) فالتقى الجمعان فوقعت الهزيمة على الملاعين، وكانت ملحمة عظيمة في أوّل جمعة من رمضان".
ووصف الذهبيّ هذه المعركة في أعلام النبلاء(20) بقوله: «ثمّ التقى الجمعان، واصطدم الجبلان بالزلاقة من أرض بطليوس، فانهزم الكلب، واستؤصل جمعه، وقلّ من نجاه في رمضان سنة تسع وسبعين، وجرح المعتمد في بدنه ووجهه، وشهد له بالشجاعة والإقدام وغنم المسلمون ما لا يوصف».
وبهذا الفتح المبين والنصر العظيم عزّت دولة الإسلام في تلك الأيّام، وعلا ذكر كتائب الإيمان بين الأنام، بما حقّقته من نصر وعزّ وتمكين في شهر الصيام.
6ـ معركة عين جالوت
وهي بلدة من أعمال فلسطين بين بيسان ونابلس، ردّها الله على المسلمين وطهّرها من أيدي يهود الغاصبين.
وكانت هذه الواقعة في العشر الأخير من رمضان سنة ثمان وخمسين وستمائة للهجرة، وبالتحديد يوم الجمعة في الخامس والعشرين من رمضان، ورجع النصر فيها للإسلام وأهله بعد اقتتال عظيم واحتدام مرير، قتل فيها المغول وجماعة من بيته(21).
وكان بطل هذه المعركة وقائدها الملك المظفر سيف الدين قطز(22) قال الذهبيّ في تاريخ الإسلام: (وله اليد البيضاء في جهاد التتار فعوّض الله شبابه بالحسنة ورضي عنه).
7 ـ وحدث أيضا في رمضان
وهذه لمحة خاطفة، وإشارات هادفة، مستلّة من تاريخ جيش رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي سياسته الحكيمة لإقامة صرح الدولة الراشدة وبناء كيانه.
ففي رمضان وفي السنة الأولى للهجرة كانت سريّة سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين رجلا من المهاجرين إلى سيف البحر من ناحية العبيص، فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب من كفّار قريش، فحجر بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعا للفريقين فلم يكن بينهما قتال(23).
وهو أوّل لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلّم لحمزة بن عبد المطلب(24).
وفي رمضان سنة ستّ من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانت سريّة زيد بن حارثة إلى أمّ قِرفة بوادي القرى على سبع ليال من المدينة لينتقم من فزارة من بني بدر لنهبهم قافلة تجارية للمسلمين(25).
وفي السنة نفسها وفي الشهر نفسه كانت سريّة عبد الله بن عتيك مع مفرزة من خمسة رجال بخيبر، قتل فيها أبا رافع سلام بن أبي الحقيق الذي حرّض غطفان على المسلمين(26).
وفي شهر رمضان سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانت سريّة غالب بن عبد الله اللّيثي إلى الميفعة بناحية نجد وبينها وبين المدينة ثمانية بُرد، بعثه النبيّ في مائة وثلاثين رجلا، كبدوا المشركين فيها خسائر في الأرواح وغنموا نعما وشاءً(27).
وفي أوّل من رمضان من السنة الثامنة كان بعث سريّة أبي قتادة بن ربعي الأنصاري في ثمانية رجال إلى مكان يدعى بطن إضم بينها وبين المدينة ثلاث بُرُد. وكان هدفها هو التضليل عن التوجه نحو مكّة لفتحها. فذهبت هذه السريّة بعكس اتجاه مكّة ثمّ تحرك المسلمون نحو هدفهم الأصليّ مكّة(28).
وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة كان بعث السرايا لهدم أعظم الأصنام التي كانت تعبدها العرب، فبعث خالد بن الوليد في ثلاثين فارسا لهدم العزّى وكانت لقريش وبني كنانة، وعمرو بن العاص لهدم سواع وهم صنم هذيل، وسعد بن زيد الأشهليّ في عشرين فارسا لهدم مناة وهو صنم للأوس والخزرج وغسّان(29).
وفي رمضان من السنة العاشرة للهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب في سريّة إلى اليمن في ثلاثمائة فارس، وكانت أوّل خيل دخلت إلى تلك البلاد، وهي بلاد مذحج، فقاتل من كان فيها وانتصر عليهم وغنم منهم النعم والشاء وأسر الأسرى ثمّ أعلنوا إسلامهم(30).
فهذه بعض إيحاءات من صفحات مشرقة، وبريق ومضات من ذكريات مونقة كلّلت بانتصارات عظيمة ومنن جسيمة امتنّ الله بها على عباده المؤمنين السابقين لتكون محلّ عظة واعتبار لخلفهم من المؤمنين اللاحقين وفاءًا بعهده وإعزازًا لدينه، كما قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الروم:47] وكما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون﴾[الصافات: 171-173]، نصرهم الله لأنّهم قائمون بدينه وهو الظاهر على الأديان كلّها، فمن تمسّك به فهو ظاهر على الأمم كلها، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾[التوبة: 33].
والله وحده المستعان وعليه التكلان إنّه نعم المولى ونعم النصير.

لفظيلة الشيخ عزالدين رمضاني حفظه الله

1- السيرة النبوية (392/1)
2- ويؤيّده ما ثبت في صحيح مسلم وسنن أبي داود أنه صلّى الله عليه وسلّم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزل عليّ فيه».
3- السيرة النبوية لابن هشام (238/2)
4- انظر السيرة النبوية لابن كثير (2/469)، وعيون الأثر (1/281)، وزاد المعاد (3/171)، وجوامع السيرة (ص86) 5
6- السيرة النبوية الصحيحة (2/475)
– السيرة النبوية (2/416)

7- السيرة النبوية الصحيحة (2/457) 8- زاد المعاد (3/394)
9- الكامل في التاريخ (4/561)
10- البداية والنهاية (9/69)
11- الكامل (4/562)
12- الكامل (4/564)
13- البداية والنهاية (9/103)
14- الكامل (10/154)
16- الإذقونش وضبط بإلفاء بدل القاف: ملك الفرنج
17- المعتمد ابن عباد صاحب الأندلس ترجمته في السيرة (9/58)
18- أبو يعقوب الأمير صاحب مراكش
19- مدينة كبيرة بالأندلس تقع على الحدود
20- السيرة (9/62)
21- البداية والنهاية (13/256) 22
– ترجمته في السيرة (22/300)
23- جوامع السيرة (ص: 77) وتاريخ جيش النبيّ صلى الله عليه وسلّم (ص: 68)
24- الطبقات الكبرى (2/6)
25- الطبقات الكبرى (2/90) وتاريخ جيش الرسول صلى الله عليه وسلّم (ص: 68)

26- الطبقات الكبرى (2/90) وتاريخ جيش الرسول صلى الله عليه وسلّم (ص: 76)
27- الطبقات الكبرى (2/119) وتاريخ جيش النبيّ صلى الله عليه وسلّم (ص: 78)
28- الطبقات الكبرى (2/133) وتاريخ جيش النبيّ صلى الله عليه وسلّم (ص: 14)
29- الطبقات الكبرى (2/145-146) وتاريخ جيش النبيّ صلى الله عليه وسلّم (ص: 84-85) 30- الطبقات الكبرى (2/169) وتاريخ جيش النبيّ صلى الله عليه وسلّم (ص: 89).




بارك الله فيك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشينوية لمياءmca تعليمية
بارك الله فيك

وفيك بارك الله




شكرا لك اخي وبارك الله فيك على طرحك القيم
تحياتي




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

احكام زكاه الفطر

احكام زكاه الفطر الشيخ رسلان حفظه الله

الحَمدُ للهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبيِّنَا مُحمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أجمَعِينَ.
أمَّا بَعدُ:
فَهذِهِ رِسَالَةٌ مُختَصَرَةٌ فِي«أحكَامِ زَكَاةِ الفِطرِ»نُقَدِّمهَا لِلإخوَةِ رَجَاءَ تَعلُّمِهَا وَالاستِفَادَةِ مِنهَا، رَاجِينَ المَولَى – عز وجل – التَّوفِيقَ وَالسَّدَادَ بِالقَولِ وَالعَمَلِ؛ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ.
زَكَاةُ الفِطرِ:
هِي الَّتِي تَجِبُ بِالفِطْرِ مِن صِيَامِ رَمَضَان.
وَقَد شَرَعَ اللهُ تَعَالَى بِفَضلِهِ وَمَنِّه فِي آخِرِ شَهرِ رَمَضَانَ زَكَاةَ الفِطرِ؛ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ الرَّفَثِ وَاللَّغوِ فِي هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ، وَأضِيفَت إلَى الفِطْرِ؛ لأنَّهُ سَبَبُهَا كَما يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَعضُ رِوَايَاتِ البُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ:«فَرضَ زَكَاةَ الفِطرِ مِن رَمَضَانَ».

قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَر : (3/367):«أُضِيفَت الصَّدَقَةُ للفِطْرِ؛ لِكَونِهَا تَجِبُ بِالفِطْرِ مِن رَمَضَانَ».
حُكمُهَا:
وَالصَّحِيحُ:أنَّهَا فَرضٌ لِقَولِ ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – وَغَيرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ رَوَوا حَدِيثَ زَكَاةِ الفِطرِ: «فَرضَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – زَكَاةَ الفِطْرِ».
وَمَعنَى فَرَضَ؛ أي: ألزَمَ وَأوجَبَ، وَنَقَلَ أهْلُ العِلمِ الإجمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.
حِكْمَتُهَا وَمَشرُوعِيَّتُهَا:
مِن حِكمَتِهَا:الإحْسَانُ إلَى الفُقَرَاءِ، وَكَفُّهُم عَنِ السُّؤَالِ فِي أيَّامِ العِيدِ لِيُشَارِكُوا الأغنِيَاءَ فِي فَرَحِهِم وَسُرُورِهِم لِيَكُونَ عِيدًا لِلجَمِيعِ.
وَفِيهَا الاتِّصَافُ بِخُلقِ الكَرَمِ وَحُبِّ المُوَاسَاةِ، وَفِيهَا تَطهِيرُ الصَّائِمِ مِمَّا يَحصُلُ فِي صِيَامِهِ، مِن نَقصٍ وَلَغوٍ وَإثْمٍ، وَفِيهَا إظهَارُ شُكرِ نِعمَةِ اللهِ لإتْمَامِ صِيَامِ شَهرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ وَفِعلِ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الأعمَالِ الصَّالِحَةِ فِيهِ.

جَاءَ عَن ابنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، مَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَن أدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(

[1]).

قَولُهُ: «طُهرَةً»:أي: تَطهِيرًا لِلنَّفسِ مِنَ الآثَامِ.
وَقَولُهُ: «اللَّغو»:مَا لَا يَنعَقِدُ عَلَيهِ القَلْبُ مِنَ القَوْلِ وَهُو مَا لَا خَيرَ فِيهِ مِنَ الكَلَامِ.
وَقَولُهُ: «وَالرَّفَثُ»:هُوَ كُلُّ مَا يُستَحَى مِن ذِكرِهِ مِنَ الكَلَامِ، وَهُو الفَاحِشُ مِنَ الكَلَامِ.
قَولُهُ: «وَطُعمَة»:بِضمِّ الطَّاءِ؛ وَهُوَ الطَّعَامُ الذِي يُؤكَلُ.
قَولُهُ: «مَن أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ»:أي قَبلَ صَلَاةِ العِيدِ.
قَولُهُ: «فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ»:المُرَادُ بِالزَّكَاةِ صَدَقَةُ الفِطرِ.
قَولُهُ: «صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»:يَعنِي التِي يٌتَصَدَّقُ بِهَا فِي سَائِرِ الأوقَاتِ.
عَلَى مَن تَجِبُ؟
عَلَى المُسلِمِ المُستَطِيعِ الذِي يَملِكُ مِقدَارَ الزَّكَاةِ زَائِدًا عَن حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أهلِهِ يَوْمًا وَلَيلَةً، وَإنْ لَم يَكُنْ عِندَهُ إلَّا مَا يَكفِي أهلَهُ فَقَطْ؛ فَلَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ.
قال صديق حسن خان في ((الروضة الندية)) (1/519):«فَإِذَا مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ أَخْرَجَ الفِطْرَةَ إِن بَلَغَ الزَّائِدُ قَدْرَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ تَحْرِيمُ السُّؤَالِ عَلَى مَن مَلَكَ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ».

عَمَّن تُؤدَّى الزَّكَاةُ؟
وَيُؤدِّي الرَّجُلُ الزَّكَاةَ عَنهُ وَعَمَّن تَكفَّلَ بِنَفَقَتِهِ وَلَابُدَّ لَهُ مِن أنْ يُنفِقَ عَلَيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ:«أمَرَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -بِصَدَقَةِ الفِطرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالحُرِّ وَالعَبدِ مِمَّن تَمُونُونَ»(

[2]).

وَلَا يَجبُ فِي جَنِينِ الحَامِلِ؛ لأنَّهُ لَيسَ مِن أهْلِ رَمَضَانَ حَقِيقَةً،
وَلَا يَجِبُ فِي الخَادِمِ؛ لأنَّهُ لَيسَ مِمَّنْ تَكَفَّلَ المُزَكِّي نَفَقَتَهُ أوْ مَعِيشَتَهُ.
تَنبِيهٌ:
وَيَتَعَلَّقُ وجُوبُ الزَّكَاةِ بِوَقتِ غُروبِ الشَّمسِ فِي آخِرِ يَومٍ مِن رَمَضَانَ، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -: «أنَّ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -فَرَضَ زَكَاةَ الفِطرِ مِن رَمَضَانَ»(

[3]).

وَيَتَحَقَّقُ رَمَضَانُ بِدُخُولِ الشَّهرِ إلَى غُروبِ الشَّمسِ لَيلَةَ العِيدِ، فَمَنْ رُزِقَ بِوَلَدٍ أوْ تَزَوَّجَ أوْ أسْلَمَ قَبلَ الغُروبِ؛ فَإنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَأمَّا مَن رُزِقَ بِوَلَدٍ أوْ تَزَوَّجَ أوْ أسْلَمَ بَعْدَ الغُروبِ فَلَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ.

مَتَى تُدْفَعُ الزَّكَاةُ أوْ تُرسَلُ؟
وَقْتُ الجَوَازِ:قَبلَ العِيدِ بِيَومٍ أوْ يَومَينِ، فَقَدْ جَاءَ عَنِ ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -:«أنَّهُمْ كَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أوْ يَومَينِ»(

[4]).

وَقْتُ الفَضِيلَةِ:
فِي صَبَاحِ العِيدِ قَبلَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ جَاءَ عَنِ ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -:«أنَّ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ أنْ تُؤَدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ»(

[5]).

وَقَولُهُ:«وَأمَرَ بِهَا أنْ تُؤدَّى قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ»؛ يَدُلُّ عَلَى أنَّ المُبَادَرَةَ بِهَا هِيَ المَأمُورُ بِهَا، وَلِهَذَا يُسَنُّ تَأخِيرُ صَلَاةِ العِيدِ يَومَ الفِطرِ لِيَتَّسِعَ الوَقْتُ عَلَى مَنْ أرَادَ إخْرَاجَهَا، كَمَا يُسَنُّ تَعجِيلُ صَلَاةِ العِيدِ يَومَ الأضْحَى لِيَذهَبَ النَّاسُ لِذَبحِ أضَاحِيهِم وَيَأكُلُوا مِنهَا.
تَنبِيهٌ:
أمَّا مَن أخْرَجَهَا بَعدَ صَلَاةِ العِيدِ؛ فَإنَّ الفَرِيضَةَ قَدْ فَاتَتْهُ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ.
عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، مَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَنْ أدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(

[6]).

مِقدَارُ الزَّكَاةِ:
وَيُحسَبُ مِقدَارُ الزَّكَاةِ بِالكَيلِ لَا بِالوَزنِ، وَتُكَالُ بِالصَّاعِ وَهُوَ صَاعُ النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -لِحَدِيثِ أبِي سَعيدٍ الخُدرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ:«كُنَّا نُعطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -صَاعًا مِنْ طَعَامٍ …»(

[7]).

وَالوَزنُ يَختَلِفُ بِاختِلَافِ مَا يُملَأ بِهِ الصَّاعُ، فَإذَا أرَادَ المُزَكِّي الإخرَاجَ بِالوَزنِ فَلَابُدَّ مِنَ التَّأكُّدِ أنَّهُ يُعَادِلُ مِلءَ الصَّاعِ مِنَ النَّوعِ المُخرَجِ مِنهُ.
الأصنَافُ التِي تُؤدَّى مِنهَا الزَّكَاةُ:
الجِنسُ الذِي تُخرَجُ مِنهُ زَكَاةُ الفِطرِ هُوَ طَعَامُ الآدَمِيِّينَ، مِن تَمرٍ، أو بُرٍّ، أو رُزٍّ، أو غَيرِهَا مِن طَعَامِ بَنِي آدَمَ.
فَتُخرَجُ مِن غَالِبِ قُوتِ البَلَدِ الذِي يَستَعمِلُهُ النَّاسُ وَيَنتَفِعُونَ بِهِ، سَوَاءً كَانَ قَمْحًا أو رُزًّا أو تَمْرًا عَدَسًا أو غَيرَهُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ:تَسمِيَةُ مَا يُخرِجُونَهُ فِي عَهدِ النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -طَعَامًا فِي عِدَّةِ أحَادِيثَ، فَفِي الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -: «أنَّ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -فَرَضَ زَكَاةَ الفِطرِ صَاعًا مِن تَمرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أو عَبدٍ ذَكَرٍ أو أُنثَى مِنَ المُسلِمِينَ -وَكَانَ الشَّعِيرُ يَومَ ذَاكَ مِن طَعَامِهِم-»(

[8]).

وَعَنْ أبِي سَعيدٍ الخُدُرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ:«كُنَّا نُخرِجُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -يَومَ الفِطرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ. وَقَالَ أبُو سَعيدٍ: وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأقِطُ وَالتَّمرُ»(

[9]).

هَلْ يَجُوزُ إخرَاجُهَا مَالاً؟
وَأمَّا إخرَاجُهَا مَالًا فَلَا يَجُوزُ مُطلَقًا؛ لأنَّ الشَّارِعَ فَرَضَهَا طَعَامًا لَا مَالًا، وَحَدَّدَ جِنسَهَا وَهُوَ الطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ الإخرَاجُ مِن غَيرِهِ، وَلأنَّهُ أرَادَهَا ظَاهِرَةً لَا خَفِيَّةً، فَهِيَ مِنَ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ، وَلأنَّ الصَّحَابَةَ أخرَجُوهَا طَعَامًا؛ وَنَحنُ نَتَّبِعُ وَلَا نَبتَدِعُ.
ثُمَّ إخرَاجُ زَكَاةِ الفِطرِ بِالطَّعَامِ يَنضَبِطُ بِهَذَا الصَّاعِ، أمَّا إخرَاجُهَا نُقُودًا فَلَا يَنضَبِطُ، فَعَلَى سِعرِ أيِّ شَيءٍ يَخرُجُ؟
وَقَدْ تَظْهَرُ فَوَائِدُ لإخرَاجِهَا قُوتًا كَمَا فِي حَالَاتِ الاحتِكَارِ وَارتِفَاعِ الأسعَارِ وَالحُرُوبِ وَالغَلَاءِ.

وَلَو قَالَ قَائِلٌ:النُّقُودُ أنفَعُ لِلفَقِيرِ وَيَشتَرِي بِهَا مَا يَشَاءُ وَقَد يَحتَاجُ شَيئًا آخَرَ غَيرَ الطَّعَامِ، ثُمَّ قَدْ يَبِيعُ الفَقِيرُ الطَّعَامَ وَيَخسَرُ فِيهِ!
فَالجَوَابُ عَنْ هَذَا كُلِّهِ:أنَّ هُنَاكَ مَصَادِرَ أخْرَى لِسَدِّ احتِيَاجَاتِ الفُقَرَاءِ فِي المَسْكَنِ وَالمَلْبَسِ وَغَيرِهَا، وَذَلِكَ مِن زَكَاةِ المَالِ وَالصَّدَقَاتِ العَامَّةِ وَالهِبَاتِ وَغَيرِهَا فَلنَضَعِ الأمُورَ فِي نِصَابِهَا الشَّرعِيِّ، وَنَلتَزِمُ بِمَا حَدَّدَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ قَدْ فَرَضَهَا صَاعًا مِن طَعَامٍ: طُعمَةٌ لِلمَسَاكِينِ.
وَنَحنُ لَو أعطَينَا الفَقِيرَ طَعَامًا مِن قُوتِ البَلَدِ؛ فَإنَّهُ سَيَأكُلُ مِنهُ وَيَستَفِيدُ عَاجِلًا أوْ آجِلًا؛ لأنَّ هَذَا مِمَّا يَستَعمِلُهُ أصْلًا، وَبِنَاءً عَلَيهِ فَلَا يَجُوزُ إعطَاؤُهَا مَالًا لِسَدَادِ دَينِ شَخصٍ، أوْ أُجرَةِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ لِمَرِيضٍ، أو تَسدِيدِ قِسطِ دِرَاسَةٍ عَن طَالبٍ مُحتَاجٍ، وَنَحوِ ذَلِكَ، فَلِهَذَا مَصَادِرُ أُخرَى كَمَا تَقَدَّمَ.
لِمَنْ تُعطَى؟
وَالمُستَحِقُّونَ لِزَكَاةِ الفِطرِ هُمُ الفُقَرَاءُ وَالمَسَاكِينُ، أوْ مِمَّنْ لَا تَكفِيهِم رَوَاتِبُهُم إلَى آخِرِ الشَّهرِ فَيَكُونُونَ مَسَاكِينَ مُحتَاجِينَ فَيُعطَونَ مِنهَا بِقَدرِ حَاجَتِهِم، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما -قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ»(

[10]).

قَالَ شَيخُ الإسْلَامِ : فِي ((الاختِيَارَات)) (ص102):«وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الفِطْرِ إِلَّا لِمَن يَسْتَحِقُّ الكَفَّارَةُ، وَهُو مَن يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ لَا فِي الرِّقَابِ وَالمُؤَلَّفَةِ وَغَيرِ ذَلِكَ».
وَقَالَ الألبَانِيُّ : فِي ((تَمَام المِنَّة)) رَدًّا عَلَى سَيِّد سَابِق – رحمه الله – فِي قَوْلِهِ:«تُوَزَّعُ عَلَى الأصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ المَذْكُورَةِ فِي آيَةِ:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء﴾[التوبة:60]…».
«لَيْسَ فِي السُّنَّةِ العَمَلِيَّةِ مَا يَشْهَدُ لِهَذَا التَّوزِيع، بَل قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم -فِي حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ:«… وَطُعْمَةً للمَسَاكِينِ»؛ يُفِيدُ حَصْرَهَا بِالمَسَاكِينِ.
والآيَةُ إِنَّمَا هِي فِي صَدَقَاتِ الأموَالِ لَا صَدَقَةِ الفِطْرِ، بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهَا، وَهُو قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ﴾[التوبة:58].
وَهَذَا هُو اختِيَارُ شَيخِ الإسْلَامِ ابن تَيميَّة :

وَلَهُ فِي ذَلِكَ فَتْوَى مُفِيدَة (2/81-84) مِن ((الفَتَاوَى))، وَبِهِ قَالَ الشَّوْكَانِي فِي ((السَّيلِ الجَرَّار))

(2/86-87)، وَلِذَلِكَ قَالَ ابنُ القَيِّم فِي ((الزَّاد)):«وَكَانَ مِن هَدْيه- صلى الله عليه وسلم -تَخْصِيصُ المَسَاكِينِ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ …».
إخْرَاجُ زَكَاةِ الفِطرِ وَتَوزِيعُهَا:
وَالأفضَلُ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الفِطرِ؛ أنْ يَتَوَلَّى المُزَكِّي تَفرِيقَهَا وَتَوزِيعَهَا بِنَفسِهِ؛ فَإنَّ فِيهَا تَرقِيقًا لِلقَلبِ وَتَقرُّبًا لِلفُقَرَاءِ، وَيَجُوزُ أنْ يُوكِّلَ مَن يَثِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَإنْ طَرحَهَا عِندَ مَن تُجمَعُ عِندَهُ الزَّكَاةُ أجزَأهُ -إنَّ شَاءَ اللهُ-.

مَكَانُ الإخْرَاجِ:
وَأمَّا مَكَانُ الإخْرَاجِ، فَالأوْلَى دَفعُهَا لِفُقَرَاءِ البَلَدِ سَوَاء مَحَلَّ إقَامَتِهِ أوْ غَيرِهِ، وَإنْ كَانَ البَلَدُ لَا يُوجَدُ فِيهِ مُحتَاجٌ أوْ لَا يُعرَفُ مُستَحِقِّينَ لِذَلِكَ؛ فَإنَّهُ يُوكِّلُ مَن يَدفَعُهَا عَنهُ بِالخَارِجِ.
نَسألُ اللهَ أنْ يَتَقبَّلَ مِنَّا وَمِنكُم أجمَعِينَ، وَأنْ يُلحِقَنَا بِالصَّالِحِينَ.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى النَّبيِّ الأمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أجمَعِينَ.

كَتَبَ
أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد سَعِيد رَسْلان

([1]) أخرجه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

([2]) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/161)، والدارقطني في سننه (2/141)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل (835).

([3]) أخرجه مسلم (984).

([4]) أخرجه البخاري (1511).

([5]) أخرجه البخاري (1503)، ومسلم (984).

([6]) أخرجه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

([7]) أخرجه البخاري (150تعليمية، ومسلم (985).

([8]) أخرجه البخاري (1503)، ومسلم (984).

([9]) أخرجه البخاري (1510).

([10]) أخرجه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

موقع الشيخ رسلان




جزاكم الله خير الجزاء ونفع الله بكم




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الحج عرفة

الحج عرفة



تعبدنا الله العليم الحكيم بأنواع عديدة من العبادات منها ما هو بدني محض كالصلاة والصيام ومنها ما هو مالي محض كالزكاة وسائر النفقات..
وهناك عبادة يقوم العبد بأدائها ببدنه مع إنفاق المال فيها فيقال لها عبادة لها عبادة مالية وبدنية وهي عبادة حج بيت الله الحرام التي ينفق فيها الإنسان المسلم من أنفس أمواله ويكابد فيها متاعب السفر ومشقته ومن أجزاء هذه العبادة – إن صح التعبير- الوقوف وبعرفة حيث تعبدنا الله تعالى لحكمة يعلمها أن تقف عشية اليوم التاسع من شهر ذي الحجة في أرض فسيحة محدودة بحدود معروفة قديماً وحديثاً تسمى
– أرض عرفه-
نقف في وسط تلك الأرض نعبد الله وحده بعبادة شرعها الله لنا على لسان من اختاره وأرسله إلينا ليبلغنا دين الله وهو محمد بن عبد الله النبي الأمي الهاشمي عليه الصلاة والسلام وتلك العبادة ذكر الله تعالى ذكراً كثيراً من التهليل والاستغفار والتسبيح والثناء عليه سبحانه والتضرع إليه ويبوء العبد هناك بذنبه ليتوب عليه ويبوء بنعمه التي لا تعد ولا تحصى ويطلب المزيد من فضله ويكثر من هذه العبادة وهذا الثناء التضرع يكرر والدعاء ويلح لعل الله يجعله من عتقاء ذلك اليوم العظيم الذي من الله به على عباده، هكذا يظل الحاج في عبادة ربه والاعتراف بذنبه من بعد زوال شمس يوم عرفة إلى الليل.
حدود الموقف
وهذه البقعة التي سوف نقف فيها في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة يحسن بنا أن نعرف حدودها ولو على وجه التقريب.
ويحد عرفة شرقاً الجبل العالي شمال جبل الرحمة، ويحدها من الجنوب الجبال المقابلة له ويحدها من الشمال والغرب بطن وادي عرنة الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب وهو الحد من الشمال والغرب، والمسجد نفسه في وادي عرنة ونمرة غربي عرفة وكلتاهما ليستا من عرفة وأما نمرة في الأصل قرية غربي عرفات وهي الآن خراب ما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم، وعرنة في الأصل جبل عليه أنصاب الحرم (علاماته) أما الآن فليس هناك جبل بل كلها أرض مستوية ولعل الجبل المذكور كان عبارة عن تل من الرمال زال مع الزمن، والله أعلم..
وإذا تجاوز الحاج منطقة نمرة وارتفع في بطن وادي عرنة فليقف حيث تيسر له الوقوف، أما رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد نزل بنمرة عندما جاء من منى صباح يوم عرفة ثم ارتحل مع الزوال وصلى الظهر والعصر بعرنة وخطب بها الناس ثم دخل الموقف فوقف عند ذيل جبل الرحمة مستقبل القبلة عند الصخرات جاعلاً جبل المشاة بين يديه، وجبل المشاة الطريق الذي يسلكونه في مشيهم أو صفهم في تجمعهم. إلا أن رسول الرحمة لم يلزم أمته بأن يقفوا حيث وقف هو عند الصخرات ولم يحثهم على ذلك رحمة بهم ولئلا يوقعهم في حرج.
بل قال: (
وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) وهذا يعنى أنه لا فرق بين الوقوف عند الصخرات التي وقف عندها رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين الوقوف في أي مكان آخر في عرفة وأما صعود الجبل فغير مشروع، قطعاً لأن الشرع، ما شرعه الله لعباده على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام فرسول الله لم يصعد الجبل بل ولم يستقبله عند التحقيق لأن الثابت أنه جعل جبل المشاة بين يديه كما في حديث جابر بن عبد الله، يقول بعض من حقق المسألة أن حديث جابر يدل على أن جبل الرحمة كان على يمينه وقد استنتج ذلك من أنه جعل جبل المشاة بين يديه ويفهم من كلامه أن الصخرات التي وقف عندها رسول الله هي التي في جنوب الجبل عند الأشجار حاليا وكلامه أشبه والله أعلم.
فعلى الحجاج أن يتجنبوا صعود الجبل والازدحام حوله لئلا يضيعوا وقتهم الثمين فيما لا يعود عليهم بأدنى فائدة بل في ذلك مضرة بل وأي مضرة بل على الحجاج أن يقفوا حيث شاءوا ولهم أن يتوغلوا في تلك الأرض الفسيحة ما شاءوا أن يتوغلوا حتى تردهم سفوح الجبال من الشرق والجنوب دون تقيد بمكان معين.
أسماء جبل الرحمة
وقد ذكروا لهذا الجبل عدة أسماء:
1) يقال له جبل الرحمة وهذا الاسم من أشهر تلك الأسماء ولعله من أحدثها.
2) يقال له جبل الدعاء.
3) يسميه بعض العامة (القرين بضم القاف مصغراً).
4) أما اسمه القديم (إلآل على وزن هلال).
وقد حاولت أن أعرف سبب تسمية الجبل بهذا الاسم (جبل الرحمة) واتصلت بعدة مصادر وسألت عدة أشخاص من أهل العلم ولم أحظ بجواب شاف إلى لحظة كتابة هذه السطور فاترك المسألة قيد بحث وأمضى في الكتابة في الموضوع، وعلى كل حال أن هذه التسمية في النفس منها شيء لأن الرحمة لا يختص نزولها بذلك الجبل ومدعى ذلك يطالب بالدليل وليس الدعاء خاصاً بالجبل أيضاً بل هو كغيره في كل ذلك فرحمة الله تعالى وعتقه من النار من شاء من عباده في ذلك اليوم عام لكل من وقف عرفة في أي بقعة منها والذي دفعني إلى هذا البحث ما شاهدته وشاهده غيري من كل ذي عينين من تصرفات بعض الحجاج أشبه ما تكون ببعض الجاهليات التي يفعلها بعض العوام عند قبور الصالحين من تمسح بالحجارة وتقبيلها علاوة على ما يحصل من تضييع الوقت بالصعود والنزول وهو أمر غير مشروع كما تقدم، بل أصبح لدى كثير من عوام الحجاج أن صعود الجبل هو المقصود من وقوف عرفة وقد كان الصعود الشغل الشاغل لهم وأنت ترى الزحام من سفح الجبل إلى قمته طيلة النهار.
وكأن العوام فهموا من هذا الاسم (جبل الرحمة) أن الرحمة إنما تنزل في ذلك اليوم على من فوق ذلك الجبل فقط استنتاجاً من الاسم، ويريدون أن تنالهم الرحمة وهم فوق جبل الرحمة وهي شبهة كما ترى قوية تدفع العوام إلى صعود الجبل فلا يلامون على ما صنعوا طالما الشبهة قائمة ولم يجدوا من ينبههم على خطأ تصورهم معنى الوقوف.
ومما قوى هذا الشبهة لدى العامة وأشباههم وجود ذلك العمود الأبيض الذي نصب على رأس الجبل ليكون علامة على إنه جبل الرحمة مع وجود عديد من المساجد الصغار والمحرابات منتشرة في سفح الجبل وفوق الجبل وفي الأماكن القريبة من الجبل. وهذه الأشياء تدعو الحجاج بلسان حالها إلى التجمع على الجبل إلتماساً للرحمة.
الصلاة في الجبل
ومما جرت به عادة الحجاج صلاة ركعتين في كل مسجد في الأماكن المقدسة وفي المشاعر ولو في وقت نهي، فجرياً على هذه العادة ترى الحجاج بعد صلاة العصر في منطقة جبل الرحمة وهم يصلون ركعتين في كل مصلى وفي كل محراب، وإذا قيل لهم في ذلك قالوا ركعتين لله (بس ما في شيء)
فكم كان مفيداً لو أزيل ذلك العمود وتلك المحرابات والمصليات المنتشرة في منطقة الجبل وكان جيداً لو قامت وزارة الحج والأوقاف واللجنة العليا للحج، وإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد التي تتبعها (هيئة التوعية) للحجاج كم كان جيداً لو قامت هذه الجهات بدراسة وضع الجبل وصعوده ووضع تلك المساجد الصغار هناك والعلم المنصوب فوق الجبل لتبقى على ما كان نافعاً وجائزاً شرعاً وتزيل ما كان ضاراً وغير جائز شرعاً ويكون ذلك أداء لبعض واجبها نحو ضيوف الرحمن، زادها الله توفيقاً ونحن نعلم إن هذه الجهات المذكورة تقوم بالشيء الكثير في خدمة بيوت الله عامة وخدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف خاصة وحجاج بيت الله وزوار مسجد خاصة وحجاج بيت الله وزوار مسجد رسول الله، فجزاؤهم على الله أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
النصح للحجاج
وكل الذي أريد أن أقوله في الموضوع أن الذي تقتضيه النصيحة لحجاج بيت الله الحرام (
الدين النصيحة ) منع صعود الجبل بأنجح وسيلة ممكنة أو باستخدام عدة وسائل تحقق الغرض حرصاً على وقتهم الثمين الذي يضيع عليهم دون فائدة في عشية ذلك اليوم المبارك بل حرصاً على عبادتهم ومعتقداتهم من أن تخدش بنوع من معتقدات الجاهلية في الأحجار والأشجار والمباني.
وكنت أذكر منع صعود الجبل بل التشدد في المنع فيما قبل عام 1370هـ وقد حضرت موسم عام 1369هـ فوجدت الجنود يمنعون صعود الجبل بشدة وكان الناس يجتمعون في سفح الجبل عند الصخرات التي وقف عندها الرسول عليه الصلاة والسلام كما يفهم من السنة.
فيا حبذا لو استخدمت تلك الوسيلة ذاتها مرة أخرى إن لم نجد وسيلة أو وسائل أخرى أجدى وأنفع في تحقيق الغرض.
ونحن نعلم يقيناً إن بعض العوام من الحجاج قد تعودوا التبرك بالأحجار والأشجار وقبور الصالحين أو من يدعون الصلاح وهم ينظرون إلى الجبل الذي بعرفة وما فوقه وما حوله من المباني بذلك المنظار ولا سيما مع هذا الاسم (جبل الرحمة).
لذا نرى أن تبذل كل جبهة ما تستطيع بذله في هذا الصدد ليكون حج حجاج بيت الله الحرام بعيداً عن المخالفات والبدع والأعمال الجاهلية التي قد يقع فيها بعض الحجاج جهلاً منهم.
وقد بذلت حكومتنا السنية في سبيل راحة الحجاج وتسهيل أمورهم كل غال ونفيس يتمثل ذلك في تلك الشوارع الواسعة بأعداد هائلة والكباري العملاقية والميادين الواسعة والمستشفيات والمستوصفات المنتشرة في كل من عرفة ومزدلفة وفي كل مكان تصل إليه أقدام الحجاج في الحرمين الشريفين زادها الله من فضله ومن توفيقه.
والناحية التي نحن بصددها لم يغفلها المقام السامي حيث يجند في كل موسم عدد كبير من علماء المسلمين من الداخل والخارج لتوعية حجاج بيت الله الحرام وتعليمهم ما يجهلون من أمور دينهم عامة ومن أعمال الحج خاصة، بناء على أمر المقام السامي تحت إشراف إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، فنسأل الله تعالى التوفيق لهؤلاء العلماء المجندين لهذه المهمة العظيمة حتى يؤدوا واجبهم على الوجه المطلوب بحزم وبإخلاص والله ولي التوفيق.
زمن الوقوف
إن الدارس للسنة النبوية قولية أو فعلية في هذا المسألة إذا عرض عليها أقوال أهل العلم محاولاً التوفيق بينها يخرج بالنتيجة التالية:
وهي أن زمن الوقوف ينقسم إلى قسمين:
1) زمن اختياري.
2) زمن اضطراري.
أما الزمن الاختياري فهو الذي لا ينبغي للحاج مخالفته أو ترك شيء منه في حال سعته واختياره وفي حال عدم الضرورة فهذا الزمن يبدأ من زوال شمس يوم عرفة، ويمتد إلى الغروب وإذا تحقق الغروب جاز للحجاج أن يفيضوا إلى مزدلفة مؤخرين صلاة المغرب ليجمعوها مع صلاة العشاء في جمع (مزدلفة) جمع تأخير ولا يجوز لهم أن يغادروا الموقف قبل غروب الشمس إلا للضرورة أو جهل الحكم فإذا غابت الشمس يفيضون وعليهم السكينة والوقار وألسنتهم تلهج بذكر الله والثناء عليه سبحانه يكبرون ويهللون ويحمدون الله الذي وفقهم لأداء تلك العبادة في ذلك اليوم العظيم وعليهم أن يتجنبوا الإيذاء لأحد بأي نوع من أنواع الإيذاء.
دليل المسألة
نأخذ هذه الأحكام من السنة الفعلية المؤيدة بالسنة القولية أما السنة الفعلية ففعله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع لأنه عليه الصلاة والسلام دخل الموقف بعد الزوال وبعد أن صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً في عرفة لأنه نزل بنمرة وصلى بعرفة ووقف بعد الزوال بعرفة وظل واقفاً عند الصخرات على ناقته القصواء مستقبل القبلة يدعو الله ويثني عليه بما هو أهله سبحانه حتى غاب قرص الشمس من ليلة جمع.
أما السنة القولية فقوله عليه الصلاة والسلام:(
خذوا عنى مناسككم) يقول هذا القول لينبه الناس على التأسي به في أعمال الحج قولاً وفعلاً وفي الزمان والمكان.
هكذا يتضح من السنة أن الوقوف بعرفة يبدأ بالزوال من يوم عرفة ويمتد إلى ليلة جمع حتى يجمع الحاج في الوقوف بين الليل والنهار ولا ينبغي مخالفة هذا الهدي في حالة السعة والاختيار والله الموفق.
أما حالة الاضطرار فلها أحكامها.
زمن الوقوف الاضطراري
أما الزمن الاضطراري فيؤخذ من حديثين اثنين أحدهما، حديث عبد الرحمن بن يعمر الذي رواه الخمسة وفيه "أن أناساً من نجد سألوه" أي قالوا كيف حج من لم يدرك يوم عرفة؟ فأمر منادياً فنادى (
الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك) الحديث والقطعة التي أوردناها هي محل الشاهد من الحديث.
ثانيهما: حديث عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي حيث يقول:" أتيت رسول الله عليه الصلاة والسلام بالمزدلفة، حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبلي طيىء أكللت راحلتي، وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من شهد صلاتنا هذه؟ ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه) رواه الخمسة وصححه الترمذي.
ومن إنعام النظر في هذين الحديثين يمكن القول بأن من كان حاله كحال هؤلاء القوم الطائي والذين جاءوا من قبل نجد تكفيه لحظة من نهار عرفة أو ليلة عرفة إذا تم له ذلك قبل طلوع الفجر من ليلة العيد ولا يلزمه الجمع بين الليل والنهار، وهذا ما عنيناه بقولنا: (زمن الوقوف الاضطراري) وفي حديث عبد الرحمن بن يعمر رأينا القوم سألوا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدرك به الحج من زمن الوقوف فكان الجواب من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك فأقل زمن يدرك به الوقوف بعرفة حتى يصح الحج أن يوجد بعرفة قبل طلوع فجر ليلة جمع ولو بزمن يسير يصدق عليه الوقوف الشرعي قاصداً الوقوف إذ (
إنما الأعمال بالنيات) هذا ما يؤخذ من حديث عبد الرحمن بن يعمر.
وحديث عروة بن مضرس يدل على ما دل عليه حديث عبد الرحمن على أنه لا يجب الجمع بين الليل والنهار بالنسبة لمن كان حاله كحال الطائي الذي أتعب نفسه وراحلته بحثاً عن الموقف وهذا الطائي الذي يجهل الموقف لا يستبعد إن يجهل زمن الوقوف أيضاً.
واستناداً إلى قوله عليه الصلاة والسلام (
الحج عرفة) وإلى فتوى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سأله من فاته الوقوف بعرفة ماذا يفعل فقال: ( اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك.. الخ) فيتسامح معه ومع أمثاله ما لا يتسامح مع غيرهم، فلا يطالبون بالجمع بين الليل والنهار.
أما من يعرفون المكان والزمان وحضروا في متسع من الزمن وليس هناك ضرورة ملحة تحملهم على ترك الجمع بين الليل والنهار فلا ينبغي التساهل في ترك هدي رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.
وبعد فإن هذا الاستنتاج هو مجرد فهم فهمته من دراسة النصوص المذكورة والمشار إليها في مطلع البحث فإن كان صواباً فمن فضل الله وتوفيقه ولله وحده الحمد والمنة وإن كان غير ذلك فمن نفسي وراجع إلى قصور فهمي وهو أمر معترف به فأسأله تعالى العفو والعافية.
الأحكام الفقهية
وفي ختام هذا البحث تذكر الأحكام الفقهية التي تتعلق بالوقوف بعرفة ونوجزها في الأرقام التالية:
1) أجمع أهل العلم على أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج بل من أهم أركانه ومن فاته الوقوف فلا حج له، فعليه أن يتحلل بعمل العمرة أي يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه. وعليه الحج من العام المقبل سواء كان حجه واجباً أو تطوعاً لأن تمام الحج واجب على كل حال عملاً بقوله تعالى: {
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
2) أما صفة أو كيفية أن يصل الحاج إلى عرفة صباح يوم عرفة بأن يغادر (منى) بعد طلوع الشمس وإذا وصل منطقة عرفة لا يدخلها بل ينزل بنمرة غربي المسجد المعروف ويبقى بها إلى الزوال فإذا زالت الشمس ينتقل إلى عرفة حيث المسجد فيصلى بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً مع الإمام إن تيسر بعد أن يحضر الخطبة التي يشرح فيها الإمام أعمال يوم عرفة وما بعده ثم يذهب إلى الموقف فيرتفع من وادي عرفة ويتجاوز العلامات المنصوبة هناك التي تبين ابتداء الموقف فإذا تجاوزها فيقف حيث يتيسر له الوقوف راكباً أو راجلاً، جالساً أو مضطجعاً إن دعت الحاجة إلى الاضطجاع فيبقى بعرفة حتى تغرب الشمس ثم يفيض إلى مزدلفة ويؤخر صلاة المغرب ليجمع مع العشاء في مزدلفة ودليل ذلك فعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كما يدل على ذلك حديث جابر بن عبد الله وغيره ثم قوله عليه الصلاة والسلام (
خذوا عنى مناسككم) هذا ولو مرض الحاج فنام في مستشفى عرفة وقد نوى الوقوف بعرفة فقد تم حجه إذا كان عاقلاً أما لو كان مجنوناً أو سكراناً فلا يصح وقوفهما وبالتالي لا يصح حجهما، وهذا الذي ذكرناه من الجمع بين الليل والنهار هو الذي عليه جمهور أهل العلم لكونه موافقاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وظاهر مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن زمن الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفه إلى طلوع الفجر يوم النحر فمن وجد بعرفة في شيء من هذا الزمن وهو عاقل فقد تم حجه وقد ناقشنا هذه المسألة في صلب البحث بما فتح الله وذكرنا كيفية التوفيق بين أقوال أهل العلم في هذه المسألة والله ولي التوفيق.
3) وجوب الجمع بين الليل والنهار في حالة السعة والاختيار ومن ترك الجمع بين الليل والنهار فعليه الدم عند جمهور العلماء لتركه الواجب عملاً بحديث ابن عباس (
من ترك نسكاً فعليه الدم) أما الإمام مالك فيرى أن من أفاض قبل الليل فلم يرجع فلا حج له. ودليله فعله عليه الصلاة والسلام مع قوله (خذوا عنى مناسككم).
4) لا يتقيد الحاج بموضع معين بجبل الرحمة أو غيره بل يقف حيث تيسر له الوقوف عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام
)وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف) وقد قال الرسول هذا القول رفعاً للحرج وتوسعة على الأمة فعلى الحجاج أن يتمتعوا بهذه التوسعة وهذه الرحمة.
5) أن يقف الحاج زمناً يصدق عليه الوقوف الشرعي بنية الوقوف وهو عاقل غير مجنون ولا سكران (
لأن الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى).
6) لا يشترط للوقوف بعرفة الطهارة الكبرى ولا الصغرى، ودليل ذلك قصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين حاضت في حجة الوداع وهي محرمة بالعمرة فأمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة ثم تفعل كل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت فوقفت رضي الله عنها وهي حائضة فإذا صح الوقوف مع الحديث الأكبر فصحته مع الحدث الأصغر أولى والله أعلم.
7) وجوب المحافظة على عبادة المسلمين وعقيدتهم بإزالة كل ما يدعو إلى تعلق القلب بغير الله من بناء أو حجر أو شجر كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قطع شجرة البيعة التي كانت بالحديبية وفعله رضي الله عنه عند حجه مع إضافة عموم أدلة وجوب إزالة المنكر وأدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المراتب المعروفة.
وما من شك إن الجهات المسئولة عن الحجاج وشئونهم وتوعيتهم وتوجيههم تملك يداً قوية تستطيع إزالة كل ما أشرنا إليه بعد توفيق الله تعالى والله ولي التوفيق..

العدد 42، المقال 9
من مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

تنبيه الأنام إلى ألفاظ خاطئة تتعلق بحجِّ البيت الحرام

هذه مجموعة أخرى من العبارات الشَّائعة الخاطئة تتعلَّق بحجِّ البيت الحرام، أَزُفُّها إلى قرَّاء مجَّلة الإصلاح الَّتي انتشر عَرْفُها وفاح، وسطع نورُها وَلاَحَ، أُبَيِّنُ ما فيها من خطإٍ وَزَلَلٍ، وأوضِّح ما عليها من هفوة وخَطَل، واللهُ الموفِّقُ للسَّداد، الهادي إلى سبيل الرَّشاد.

1 ـ نَغْسَلْ عْظَامِي:
هناك طائفة من النَّاس إذا عَزَمُوا على الحجِّ قالوا:" نْرُوحُو نَغَسْلُو عْظَامْنَا"… يعني من الذُّنوب، وهذا خطأٌ في التَّعبير، وكان المفروض أن يقولوا: «نَغَسْلُو قلوبنا وذنوبنا».

إنَّ الحجَّ عبادةٌ عظيمة وشعيرةٌ جليلة مقصودها الأعظم توحيدُ الله وتعظيمُه وعبادته، ومرادها الأكبر مغفرةُ ذنب العبد وتطهير قلبه ورفع درجته، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود﴾ [الحج:26]، وقال: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[البقرة:197]، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»ِ ، يعني رجع من الذُّنوب طاهرًا كما ولدته أمُّه من الخطايا عاريًا.

فالعبادات ـ ومنها الحجُّ ـ تطهِّر القلوب، وتغسل الذُّنوب، وتنقِّي من العيوب، لذا قال صلى الله عليه وسلم: «..رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، وقال كذلك: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الجَنَّة»، ينفيان أي: يزيلان ويَمْحُوَان.

وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأًَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالبَرَد».

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنها قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: «… رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي… »، والحوبة: الإثم.

2 ـ اخْسَرتْ كذا وكذا في الحجّ:

إذا ذكر بعضُ النَّاس ما دفعه مِنْ مالٍ ونفقةٍ في الحجِّ، قال: «اخْسَرْت كذا وكذا»، وهذا لا يليق استعماله في الحجِّ والعبادات؛ لأنَّ الخسارة هي الإضاعة والهلاك والغَبْن وضِدُّها الرِّبح والكسب، والحجُّ نفقةٌ وجهادٌ، وتجارة مع ربِّ العباد فيها رِبْحٌ عظيم وكسب كريمٌ، قال الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة:197].

وهذه المنافع كثيرة ومتعدِّدة، منها ما هو ديني وأخروي، ومنها ما هو دنيوي، أعظمها توحيد الله وذكره والنَّفقة في سبيله واتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ونيل مغفرته ورحمته وذكر السَّفر إلى الآخرة، ومنها: الزِّيادة من العلم النَّافع والتَّعارف بين المسلمين، ومنها: التِّجارة وتبادل المنافع الدُّنيويَّة…

ـ ونفقة الحجِّ من أعظم أبواب الإنفاق في سبيل الله، لذا لَمَّا طلبت امرأة من زوجها جملاً للحجِّ عليه، وقال: ذاك حَبيسٌ في سبيل الله ، قال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللهِ».

ـ والحجُّ مفتاحٌ مِنْ مفاتيح الرِّزق ووسيلة من وسائل الغِنَى؛ للحديث السَّابق: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ…».

والخسارة والهلاك في البُخل والإمساك وترك الحجِّ والنَّفقة في سبيل الله، قال: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾ [البقرة:195]، وقال: ﴿وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِين﴾ [المنافقون:10]، قال النَّووي رحمه الله: «ينبغي أنْ يُقال في المال المخرج في طاعة الله تعالى: أنفقت وشبهه… ولا يقول ما يقوله كثير من العوام: غرمت في ضيافتي وخسرت في حجتي وضيعت في سفري، وحاصله أنَّ «أنفقت» وشبهه يكون في الطَّاعات، وخسرت وغرمت وضيَّعت ونحوها يكون في المعاصي والمكروهات ولا تستعمل في الطَّاعات».

وذكر ابن القيِّم -رحمه الله -ألفاظًا مكروهة منها: «أن يقول لما ينفقه في طاعة الله: غرمت أو خسرت كذا وكذا».

وسئل الشَّيخ العُثَيْمِين عن مثل هذه العبارة فقال: «هذه العبارات غيرُ صحيحة؛ لأنَّ ما بُذِل في طاعة الله ليس بخسارة، بل هو الرِّبح الحقيقي، وإنَّما الخسارة ما صُرف في معصيته أو فيما لا فائدة فيه، وأمَّا ما فيه فائدة دينيَّة أو دنيويَّة فإنَّه ليس بخسارة».

3 ـ الحجّ هْنَا:
تُقال هذه العبارة لَوْمًا للمكثرين من الحجِّ والعمرة، وقد يُقال لبعض النَّاس لمَ لَمْ تَحُجَّ؟ فيجيبُ بقوله: «الحجّ هْنَا».

والمقصود أنَّ التَّصدُّق بالمال وفعل الخير والإحسان إلى الفقراء والمساكين بمنزلة الحجِّ أو أفضل منه، فلا داعي للسَّفر إلى مكَّة.

وهذا كلامٌ متهافت مُعْوَجٌّ، فإن كان المقصود به حجَّ الفريضة فهو جهل وضلال؛ لأنَّ الحجَّ ركنٌ من أركان الإسلام يجب في العمر مرَّة واحدة، ولا تقوم الأعمال الأخرى مقامه ولا تَسُدُّ مَسَدَّهُ، ومتى تحقَّقت الشُّروط وانتفت الموانع وجب المبادرة به ولا يجوز صرف نفقته على الفقراء ولا في وجوه البرِّ الأخرى، قال الله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران:97]، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

وقال صلى الله عليه وسلم: «تَعَجَّلُوا إِلَى الحَجِّ ـ يعني الفريضة ـ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ».

وأمَّا إن كان المقصود به حجَّ التَّطوُّع ففيه تفصيل:

فإذا كانت الحاجة ماسَّة إلى النَّفقه على المساجد والفقراء ووجوه البرِّ، وتعيَّنت على مريد الحجِّ ولم يمكن الجمع بينهما، فالأفضل ههنا النَّفقة.

وأمَّا إذا لم تكن الحاجة ماسَّة ولم تتعيَّن النَّفقة أو أمكن الجمع بينهما؛ فالحجُّ والعمرة حينئذ أفضل من الصَّدقة بنفقتهما.

ثمَّ إنَّ هناك أحوالاً إيمانيَّة ومنافع دينيَّة لا يتوصَّل إليها إلاَّ بالحجِّ، سُئِل طاوس ابن كيسان، هل الحجُّ بعد الفريضة أفضل أم الصَّدقة؟ فقال: أين الحلُّ والرَّحيل والسَّهر والنَّصب، والطَّواف بالبيت والصَّلاة عنده والوقوف بعرفة وجمع ورمي الجمار؟» يعني أنَّ الحجَّ أفضل.

وفي جميع الأحوال: إنَّ عبارة: «الحجّ هْنَا» لا معنى لها إلاَّ التَّنقُّص من أهمِّيَّة هذه الشَّعيرة والتَّقليل من شأنها.

وليُعلم أنَّ الحجَّ شيءٌ، والصَّدقة شيء آخر، ولكلٍّ فضله وأجره ومكانه وزمانه، وأهميَّته ونفعه.

ملاحظة: يتأكَّد الحجُّ في حقِّ المستطيع الموسِر كلَّ خمسةِ أعوام؛ لقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ: إِنَّ عَبْدًا صَحَّحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ، يَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ، لاَ يَفِدُ إِلَيَّ لَمْحَرُومٌ».

4 ـ بَلِّغْ السَّلامَ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم:
يطلب بعض النَّاس من القاصد المسجد النَّبوي تبليغ سلامه للرَّسول صلى الله عليه وسلم كما يُبَلّغ الحيّ الغائب.

وهذا الأمر لا حاجة إليه، ولا طائل تحته، لذا لم يفعله الصَّحابة والسَّلف رضي الله عنهم، فهو معدود من البدع.

وصلاة العبد وسلامه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ حيث كان ـ تعرض عليه وتبلغه؛ لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ»، وقال الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب للَّذي رآه عند القبر الشَّريف: «ما أنتم ومن بالأندلس إلاَّ سواء».

وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْم الجُمُعَةِ… فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، قالوا: يا رسول الله! كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ـ يعني: وقد بليت ـ، فقال: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ».

والله ـ جلَّ وعلا ـ أمر المؤمنين بالصَّلاة والسَّلام عليه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56] وهذا خطابٌ لجميع المؤمنين حيثما كانوا ومتى وُجدوا، فيصلَّى عليه في الصَّلاة وبعد الأذان وعند سماع اسمه وفي مواضع أخرى معروفة ولا يحتاج إلى قطع المسافات.ويُعرض عليه ذلك عن طريق ملائكة سَيَّاحين، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ».

كما أنَّ الله يردُّ عليه روحه ـ عند السَّلام عليه ـ ليردَّ على الْمُسَلِّم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ رُوحِي عَلَيَّ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ».

5 ـ إطلاق لقب «الحاج» على من حجَّ:
جرت العادة أن يلقَّب مَنْ حجَّ البيت ب "الحاج فلان".

وهذا شيءٌ لم يكن معروفًا عند السَّابقين الأوَّلين، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، فَيُلْحَقُ بالبدع؛ لأنَّ الأمر عبادة وقربة، وكلمة الحاجِّ المذكورة في قوله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ﴾ [التوبة 19] بمعنى المتلبِّس بأعمال الحجِّ، مثل المصلِّي، والصَّائم والذَّاكر، والعجم يقولون: «حاجِّي».

وهذا التَّلقيب فيه مفاسد، منها:

ـ أنَّ لقب الحاجّ صار يُطلق على من حجَّ وعلى من لم يحجَّ، ويزعم أنَّ ذلك من باب الاحترام أو التَّفاؤل.

ـ لُقِّبَ به كلُّ مَنْ هبَّ ودبَّ ممَّن ليس في العير ولا في النَّفير، حتَّى لقِّب به تارك الصَّلاة والفاجر والمغنِّي والمغنِّية والمتبرِّجة، والله المستعان.

ـ هناك من يغضب إذا لم يُنادَ بـ «يا الحاج».

إلى غير ذلك من المفاسد التي ذهبت بِهَيْبَة الحجِّ وأضاعت منزلته إلاَّ عند الموحِّدين المخلصين.

ثمَّ لماذا لا يلقَّب المصلِّي بالمصلِّي، والصَّائم بالصَّائم..؟ قد يُقال: إنَّ أغلب النَّاس يصلُّون ويصومون بخلاف الحجِّ؛ فإنَّه لا يجب إلاَّ مرَّة واحدة في العمر مع كونه سفرًا ومفارقة للأهل والأحباب والبلاد.

وهذا ـ مع كونه ضعيفًا ـ يُستأنس به لَمَّا كان الحجُّ عزيزًا، أمَّا اليوم فقد أصبح ـ والحمد لله ـ الكثيرُ من النَّاس يحجُّون ويعتمرون ويعودون ويكرِّرون، فلا معنى لمناداة جميع النَّاس بهذا اللَّقب، نسأل الله لنا ولهم الإخلاص والمتابعة والقَبول.

6 ـ تَشْقَى لَقْبَرْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
إذا أُعطي بعض النَّاس شيئًا أو قُبِّلَ وهو جالس، أو قُصِد بالزِّيارة، قال للفاعل: تشقى لقبر النَّبي صلى الله عليه وسلم.

يعني: كما أتعبت نفسك لإعطائي وتقبيلي، وتجشَّمت الصِّعاب لزيارتي أدعو لك أن تسافر إلى قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتتحمَّل في سبيل ذلك المشاق.

وهذه العبارة يُشَمُّ منها رائحة الصُّوفيَّة الَّذين لا يفرِّقون بين الزِّيارة الشَّرعيَّة للقبور والزِّيارة البدعيَّة أو الشِّركيَّة.

إنَّ القبر لا يجوز قصده بالسَّفر، وإنَّما يقصد بذلك المسجد النَّبوي وإليه تشدُّ الرِّحال، وإذا وصل المسلم إليه وصلَّى فيه وقف عند قبره ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ وسَلَّمَ عليه.

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ؛ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى».

سُئِل الإمامُ مالك ـ رحمه الله ـ عن رجلٍ نذر أنْ يأتي قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «إنْ أراد القبرَ فلا يَأْتِه، وإنْ أراد المسجد فليأتِه، ثمَّ ذكر هذا الحديث».

وقال كذلك: «من قال: للهِ عَلَيَّ أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس، فلا شيء عليه، إلاَّ أن يكون نوى بقوله ذلك: أنْ يصلِّي في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس؛ فإنْ كانت تلك نيَّته، وجب عليه الذَّهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكبًا، ولا يجب عليه المشي وإن كان حلف بالمشي، ولا دَمَ عليه».

واتَّفق الأئمَّة على أنَّه لو نذر أن يُسافر إلى قبره ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أو قبر غيره من الأنبياء والصَّالحين لم يكن عليه أن يوفِّي بنذره، بل يُنهى عن ذلك، وأحاديث زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لا يثبت منها شيء.

وكَرِهَ مالك ـ رحمه الله ـ أن يقول: زرت قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، واستعظم ذلك.

7 ـ اللِّي مَا شَافْشْ الكَعْبَة تَبْكِي عْلِيهْ، واللِّي شَافْهَا يَبْكِي عْلِيهَا:
يراد بهذه العبارة: أنَّ مَنْ لَمْ يحجَّ فالكعبة تشتاق إليه وتتمنَّى أن يطوف بها، ومَنْ وُفِّقَ لزيارتها والطَّواف بها يزداد لها شوقُه ويشتدُّ حنينُه، وهذا حقٌّ؛ فكلَّما تكرَّرت للبيت الحرام الزِّياراتُ ازدادتْ له الأشواقُ والنَّفحات، لكن أين الدَّليل على أنَّ الكعبة تبكي على من لم يَرَها وتشتاق إليه؟! فهذا كلامٌ ليس عليه أَثَارَةٌ مِنْ علم.

والحقيقة أنَّ قلوب المؤمنين المحبِّين هي الَّتي تهوي إليها وتَحِنُّ، جاء في دعاء إبراهيم: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم37]، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً﴾ [البقرة 125] مثابة: أي ملجأً ومرجعًا، قال ابن عبَّاس رضي الله عنه: «يثوبون إليه ثمَّ يرجعون»، وقال سعيد بن جبير رحمه الله: «يحجُّون ثمَّ يحجُّون ولا يقضون منه وَطرًا».

8 ـ تْحَجْ فِيَّ:
إنَّ النَّاس يحبُّون الحجَّ ويعظِّمون أمره ويجلُّون شأنه، ويستعمل بعضُهم هذه العبارة، فإذا طلب من غيره أنْ يسدِي له معروفًا تَرَجَّاهُ بقوله: «تحجّ فيَّ»، ترغيبًا في فعله وتحريضًا على تحقيقه.

والمقصود أنَّ هذا العمل المطلوب إسداؤه بمنزلة الحجِّ وثوابه، وهذا خطأ؛ لأنَّه إنَّما يعرف عن طريق الشَّرع.

نعم هناك أعمال لها أجرُ الحجِّ والعمرة، دلَّت عليها النُّصوص؛ من ذلك ما جاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍِ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لاَ يَنْصِبُه إِلاَّ إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلاَةٌ عَلَى أَثَرِ صَلاَةٍ لاَ لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ».

والعلم عند الله تعالى، والحمد لله ربِّ العالمين.

للشيخ عمر الحاج مسعود حفظه الله




صحيح أخي شاعت مثل هذه العبارات الخاطئة
و معانيها غير ما يقصدون تماما على حسب ما أرى
أتمنى أن يفيد الجميع و يصححون المفاهيم الخاطئة
بارك الله فيك و جزاك الدرجات العليا في الجنة

تحياتي أخي أبو سليمان
أخـــــــــــــ في الله ــــــتـــــــــــكـــ




بارك الله فيك اخي وجعله في ميزان حسناتك شكرا




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأميرة تعليمية
صحيح أخي شاعت مثل هذه العبارات الخاطئة
و معانيها غير ما يقصدون تماما على حسب ما أرى
أتمنى أن يفيد الجميع و يصححون المفاهيم الخاطئة
بارك الله فيك و جزاك الدرجات العليا في الجنة

تحياتي أخي أبو سليمان
أخـــــــــــــ في الله ــــــتـــــــــــكـــ

نعم بارك الله فيك فالكثير من من يتلفضون بها جاهلون لمعناها
لكننا مطالبوب بتصحيح ألفاضنا لاننا مآخذون بما نقول كما ورد في الحديث أن معاذا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال : على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم
وللزيادة في هذا الامر هذه الفتوى للشيخ فركوس حفظه الله
في أهمية تقويم اللسان وتصحيح اللفظ




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الى زوار المدينة النبوية.أداب و أحكام

الى زوار المدينة النبوية.أداب و أحكام
للشيخ علي بن يحيى الحدادي حفظه الله


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

فلزيارة المدينة النبوية حرسها الله أحكام وآداب كثيرة، وإليك أخي القارئ جملة منها في هذه الرسالة المختصرة سائلاً المولى عز وجل أن يتقبلها وأن ينفع بها إنه جواد كريم.

1- حكم زيارة المدينة:


زيارة المدينة سنة، حيث رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في مسجده الشريف ‏عن ‏‏أبي هريرة ‏رضي الله عنه أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏قال‏‏:" صلاة في ‏‏ مسجدي ‏هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا ‏المسجد الحرام" متفق عليه.
وأخبر بأنه لا يشد الرحل _ أي لا يسافر _ لموضع في الأرض تقرباً إلى الله إلا إلى ثلاثة مساجد ومنها مسجده النبوي الشريف وهو خبر بمعنى النهي عن شد الرحال إلا لهذه الثلاثة مساجد ‏عن ‏‏أبي هريرة ‏رضي الله عنه عن النبي‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ‏المسجد الحرام ‏ ‏ومسجد الرسول ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏ومسجد الأقصى" متفق عليه.
وليس بين زيارة المدينة والحج تلازم فمن حج ولم يزر المدينة فحجه صحيح، ولا ينقص من أجر الحاج شيئ إذا لم يزرها، وإنما جرت عادة الفقهاء بذكر زيارة المدينة في كتب المناسك لأن الناس كان يشق عليهم تخصيص المدينة بسفر لمشقة الأسفار وخطورتها فيما سبق فكانوا يجمعون بين الحج وزيارة المدينة لذلك ناسب أن يجمعوا بينهما.

2- ماذا يفعل من قدم المدينة:


يسن لمن قدم المدينة أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين، ‏عن‏ ‏كعب بن مالك رضي الله عنه: "‏أن رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم كان‏ ‏لا يقدَمُ من سفر إلا نهاراً في الضحى فإذا قدِم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه" متفق عليه واللفظ لمسلم.
وإذا تيسر أن يصلي في الروضة فهو حسن، لما ثبت عن أبي هريرة ‏رضي الله عنه أنه ‏قال‏:قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم :‏( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي ) متفق عليه. وكلما حرص المسلم أن يصلي في المسجد فهو أفضل لأن الصلاة فيه مضاعفة للحديث المتقدم ذكره.

3- كيفية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه:


قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيقف أمامه بأدب ووقار وليقل:
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أشهد أنك رسول الله حقاً، وأنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، فجزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبيا عن أمته.ثم يأخذ ذات اليمين قليلاً فيسلم على أبي بكر الصديق ويترضى عنه. ثم يأخذ ذات اليمين قليلاً أيضاً فيسلم على عمر بن الخطاب ويترضى عنه، وإن دعا له ولأبي بكر رضي الله عنهما بدعاء مناسب فحسن

4- المواضع التي تشرع زيارتها في المدينة غير المسجد النبوي:


أ- زيارة مسجد قباء:

والأفضل أن يتطهر في بيته ثم يأتيه راكباً أو ماشياً إن تيسر فيصلي فيه ركعتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه كل سبت كما في الصحيحين، ورغب في إتيانه وجاءت عنه أحاديث بأن من جاءه فصلى فيه كتب له أجر عمرة. عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له أجر عمرة " أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة واللفظ له وصححه الحاكم والعراقي والألباني .
وقال أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه يرفعه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(صلاة في مسجد قباء كعمرة ) رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن
غريب ولا نعرف شيئاً يصح لأسيد بن ظهير غير هذا الحديث.

ب- زيارة مقبرة البقيع:


وهي المقبرة المجاورة للمسجد النبوي من جهة الشرق، وبها قبور جمع من أهل بيته وأصحابه رضوان الله عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيهم ويدعو لهم ‏فعن ‏عائشة ‏رضي الله عنها ‏أنها قالت ‏كان رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏كلما كان ليلتها من رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏يخرج من آخرالليل إلى‏‏ البقيع‏ ‏فيقول:‏
السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل ‏بقيع الغرقد رواه مسلم.

ج- زيارة شهداء أحد:


كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما أتاهم وسلم عليهم ودعا لهم.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا رواه البخاري
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم فلما تدلينا منها وإذا قبور بمحنية قال قلنا يا رسول الله أقبور إخواننا هذه؟ قال قبور أصحابنا. فلما جئنا قبور الشهداء قال هذه قبور إخواننا رواه أبو داود وقال ابن عبد البر هذا حديث صحيح الإسناد.
قلت: قد وردت أحاديث في الأمر بزيارة شهداء أحد لكن لا يثبت منها شيء.

5- مواضع لا تشرع زيارتها:


اشتهر عند كثير من الناس زيارة بعض المواقع في المدينة
يرون أن لها فضلاً، وأن في زيارتها خيراً وأجراً، والأمر على خلاف ذلك فزيارتها غير مشروعة لعدم الدليل على مشروعية زيارتها، فمنها: المساجد السبعة، ومسجد القبلتين، ومسجد الجمعة، ومسجد جبل أحد وبئر عثمان رضي الله عنه.
فهذه المواطن وأمثالها
يحرص بعض زوار المدينة على زيارتها باعتبار زيارتها قربة إلى الله وهذا باطل.
وقد قالت اللجنة الدائمة عن المساجد السبعة ومسجد في جبل أحد(هذه مساجد لا أصل لها في الشرع المطهر
ولا يجوز قصدها لعبادة ولا لغيرها بل هو بدعة ظاهرة) فتوى رقم( 19729)
إن كثيراً من الشرور الاعتقادية دخلت على الأمة بسبب تعظيم البقاع والغلو فيها بما لم يرد به الشرع المطهر وهو مما هلكت به الأمم السابقة ولذا نهينا عن التشبه بهم حتى لا نرد موارد الهلكة التي وردوها وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق وزعفران لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- رئي عنده؟: فقال بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك هو من أعمال أهل الكتاب الذين نهينا عن التشبه بهم فيهااهـ

6- تنبيهات حول زيارة القبور:


أولاً: تحريم السفر لزيارة القبور:


اعلم أخي المسلم أنه لا يحل أن تسافر من أجل زيارة قبر أحد من الخلق، لا قبر النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولا قبر غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد..) الحديث. فإذا عزمت على السفر إلى المدينة عبادة فليكن
قصدك زيارة المسجد،وأما زيارة القبر فتأتي تبعاً لا قصداً.
ومن سافر بقصد زيارة القبر أصلاً فقد وقع في بدعة محدثة والبدع كلها شر وضلالة قال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه الحاكم وقال: صحيح ليس له علة.

ثانياً: الحكمة من زيارة القبور في الشريعة الإسلامية

المقصود بزيارة القبور تذكر الموت والآخرة والزهد في الدنيا والإحسان إلى الموتى بالدعاء والاستعفار لهم يقول صلى الله عليه وسلم (زوروا القبور فإنها تذكركم الموت) رواه مسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى المقابر سلم على أهلها ودعا واستغفر لهم. فهذه هي الزيارة الشرعية.

ثالثاً: تحريم عبادة الله عند القبور:


من البدع إتيان القبور بقصد عبادة الله عندها كمن يزورها لقراءة القرآن عندها والصلاة فيها والذكر والتسبيح ونحو ذلك فالمقابر ليست محلاً لهذا عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً : "إن من شرار الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْصِدُ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ؛ لَا قَبْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا قَبْرِ الْخَلِيلِ وَلَا غَيْرِهِمَا . وَلِهَذَا ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ كَمَالِكِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ " بَلْ كَانُوا إذَا أَتَوْا إلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ : كَانَ يَقُولُ : السَّلامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ : السَّلامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلامُ عَلَيْك يَا أَبَتْ – ثُمَّ يَنْصَرِفُ. انتهى كلامه رحمه الله.
فإذا أراد المسلم الدعاء لنفسه ولإخوانه بعد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فليتنح وليستقبل القبلة وليدع بما شاء، فإن الكعبة هي قبلة الدعاء، ولا يجوز استقبال القبر للدعاء فهذا خلاف المشروع وهو من الغلو المنهي عنه.

رابعاً: دعاء أصحاب القبور شرك مخرج من ملة الإسلام:


من الشرك الأكبر المخرج من الملة الإسلامية الحنيفية صرف شيء من العبادة لأصحاب القبور كمن يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم أو يستغيث به، فيطلب منه المدد وتفريج الكربات وإجابة الدعوات وهكذا من يفعل مثل هذا مع غيره صلى الله عليه وسلم، والذبح والنذر لهم، والطواف بقبورهم تقرباً إليهم هذا كله شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله، فالعبادة كلها حق خالص لله لا يجوز صرف شيء منها لغير الله تعالى قال تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) وقال سبحانه (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار).

خامساً: التمسح والتبرك بالقبور والأسطوانات وغيرها:


مما ابتلي به كثير من الناس التمسح بجدار الحجرة والأسطوانات وهي الأعمدة والقبور وكذا التبرك بمسح أجساد الصالحين وثيابهم وهذا من المحرمات الشنيعة فليس على وجه الأرض ما يشرع استلامه إلا الحجر الأسود والركن اليماني من الكعبة المشرفة، واستلامها ليس تبركاً بها وإنما هو اتباع واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يفعله لم نفعله.
وهذا التبرك قد يكون بدعة وقد يكون شركاً مخرجاً من الملة فإن تمسح بها تقرباً لله واعتقاداً أن الله ينفع بها من يتمسح بها فهذه بدعة وضلالة، وإن كان يعتقد أنها تنفع بنفسها وتبارك مستلمها بنفسها كما هو حال أكثر الناس اليوم فهذا شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة والعياذ بالله حيث جعل لله شريكاً ونداً ينفع ويضر مع الله تعالى وتقدس عن ذلك علواً كبيراً قال تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) فاللات قبر والعزى شجرة كان المشركون يعظمونها فأنكر الله عليهم ذلك.
وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا كما قال قوم موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.
ولما بلغ عمر بن الخطاب أن قوماً يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فقطعت. أخرجه ابن وضاح في كتاب البدع والنهي عنها.

سادساً: تحريم زيارة النساء للمقابر:


زيارة النساء للمقابر حرام على الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم:"لعن الله زوّارات القبور" حديث صحيح،أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة. وفي لفظ (زائرات القبور).
وهذا يشمل قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، وقبور البقيع وشهداء أحد وغيرها من المقابر، لكن لو مرت المرأة بمقبرة من غير قصد زيارتها فلا حرج ويشرع لها عند ذلك أن تدعو بالدعاء المأثور في زيارة المقابر. والمرأة تصلى وتسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت في المسجد أو في بيتها أو في بلدها ويكفيها ذلك.

سابعاً: تكرار زيارة القبر

من الناس من يكرر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه مدة إقامته بالمدينة حتى إن بعضهم يقف عليه بعد كل فريضة ولم يكن هذا من هدي السلف الصالح إنما كان ابن عمر إذا قدم من سفر سلم على القبور الثلاثة وانصرف.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : والمقصود أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره كما يفعله من بعدهم من الخلوف وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه إذا قدم من سفر. اهـ
وتكرار زيارة القبر صورة من صور اتخاذه عيداً وهو مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (لا تجعلوا قبري عيداً) قال المناوي: "وقيل العيد ما يعاد إليه أي لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي..".

ثامناً:الإرسال بالسلام مع زوار المدينة:


من الناس من يوصي من يودعه إلى المدينة بقوله سلم لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي
إذا وصلت إلى قبره، وهذا غلط فإن الله تكفل بتبليغ نبيه صلى الله عليه وسلم سلام أمته عليه فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود.
وعن علي بن الحسين رحمه الله أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم" رواه الضياء في المختارة.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.

7- من آداب المسجد النبوي و خاصة وآداب المدينة عامة:


المسجد النبوي كغيره من المساجد تدخله برجلك اليمنى وتدعو بالدعاء المأثور، عن أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من فضلك" رواه مسلم وأبو داود واللفظ لأبي داود .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم – قال فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم خرجه أبو داود بإسناد حسن .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح
ولا تجلس حتى تصلي ركعتين، والصلاة في الصف الأول أفضل من الصلاة في الروضة، لعموم الأحاديث الواردة في فضل الصف الأول، وحين وسع عثمان المسجد صار الناس يصفون وراء الإمام ولا يتأخرون لأجل الصلاة في الروضة.
ولا ينبغي فيه رفع الصوت عن السائب بن يزيد قال كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال اذهب فأتني بهذين فجئته بهما قال من أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: " لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله" رواه البخاري. أي لو كنتما من أهل المدينة لجلدتكما وإنما عذرهما لكونهما غرباء ومثل هذا الحكم قد يخفى عليهما فعذرهما بالجهل.
والمدينة حرم ما بين الحرتين شرقاً وغرباً، وما بين عير إلى ثور شمالاً وجنوباً، لا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها) رواه مسلم. العضاه كل شجر له شوك.
والإحداث فيها وإيواء المحدثين وترويع أهلها من المحرمات العظيمة في الصحيحين من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المدينة حرم ما بين عور إلى ثور فمن أحدث فيها حدثاًَ أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل) متفق عليه
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد هذه البلدة بسوء يعني المدينة أذابه الله كما يذوب الملح في الماء) رواه مسلم.
وإذا كان الحلف بالله كذباً إثماً عظيماً فهو عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم أعظم إثماً عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار" رواه مالك في الموطأ.

وختاماً:

أوصي إخواني زوار المدينة النبوية أن يستغلوا بقاءهم فيها بالصلاة في المسجد النبوي، والاشتغال بالطاعات، والحرص على مجالس علماء السنة والاستفادة منهم، كما أوصي أخواتي المؤمنات بلزوم الحجاب الشرعي وهو تغطية وجهها وسائر بدنها عن الرجال الأجانب، و البعد عن أسباب الفتنة من التبرج والسفور ومزاحمة الرجال في الأسواق، وإذا خرجت إلى المسجد أو إلى السوق فلتلبس لباس الحشمة والوقار والحياء. كما عليها أن تجتنب زيارة القبور كما تقدم التنبيه عليه.
وعلى العاملين في تزوير الغرباء أن يتقوا الله تعالى وأن يتفقهوا في الدين وأن يلزموا السنة النبوية في أقوالهم وأفعالهم وأن يبتعدوا عن البدع والمحدثات فإن العوام والجهلة يثقون فيهم ويتابعونهم على ما يقولون وما يفعلون فالمسوؤولية عظيمة فإن من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً.

أخي زائر المدينة النبوية:


من لا يشكر الناس لا يشكر الله كما ثبت في الحديث ، ومن هذا المنطلق فإذا شاهدت ما عليه المسجد النبوي من حسن العمارة والنظافة والرعاية وما عليه مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام من العناية وتوفر الخدمات والأمن والرغد فاشكر الله على ذلك ، ثم اشكر حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على ماتوليه من عناية فائقة بشؤون الحرمين الشريفين وسهر على راحة قاصديها من مشارق الأرض ومغاربها فهذه من أعظم مناقبها زادها الله شرفاً ورفعة وتوفيقاً.
والحمد لله رب العالمين.

كتبه
علي بن يحيى الحدادي
الرياض