بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركته
فصاح العامّة الفصاح في العاميّة الجزائريّة – هشام النحاس
التمهيد:
على مطاوي الطريق المتوجه بنا نحو هدف الوحدة اللسانية والفكرية للعرب كافة، لا مناص لنا من أن نحاول التدقيق فيما يسقط من العبارات الدارجة على ألسنة العامة، والتي لابد لها من أن تتراجع أمام الثقافة وتسقط حين تطغى عليها الفصحى التي هي لغة العلم والحضارة والفكر، والفصحى هي المفهومة والدارجة بين المثقفين العرب جميعاً، وذلك على نقيض العاميات ذوات الفروع المتخالفة التي لا تتفق إلا في افتقارها إلى لغة العلوم والثقافات ولذلك فهي آيلة إلى السقوط أمام انتشار فتوحات المعرفة..
ولكن علينا أن نتجنب إسقاط ما أصله من الفصيح من هذه العاميات بتأثير المتعالمين المتعاظمين على الجماهير الذين قد يغيب عن بالهم أن أبعد الألسنة العامية عن اللغة الأم ما هو إلا فرع من دوحتها أغفلته يد التشذيب والتهذيب. وأن فصاح العامة أحق بالاهتمام والأقربون أولى بالمعروف، والمأنوس من العبارات أحق بالرعاية من غرائبها. فالتسهيل والإيضاح واجب اللغويين والمربين والإعلاميين والأدباء المثقفين لتكون الثقافة في خدمة المجتمع، وكذلك من أجل أن نسير على طريق الشفاء من شكوى كتاب الفنون القصصية والمسرحية من افتقادهم لغة الحوار المناسبة والمفهومة، بسبب هذه الازدواجية اللغوية التي تقسم لغة الشخصية الواحدة بين حديث المشافهة الدارجة وبين أسلوب الكتابة، فنحن نقول ما لا نكتب، ففصيح العامي هو الجسر والصراط الصالح لعبور العاميات إلى رحاب الفصاحة والثقافة والعلم… ولكي أشير إلى أن المضيع والمجهول من بقايا الفصاح في العاميات الدارجة ليس نزراً يسيراً، وليس كمية قليلة يصح إهمالها فلا يؤبه لها كما قد يُظن، وإنما الأمر على النقيض.. فلآخذ مثالاً من أكثر الألسنة العامية الدارجة تعرضاً للغزو والتغريب والتعجيم والتشويه ومحاولة المحو هو مثال العامية الدارجة في القطر الجزائري الشقيق الذي حرمت عليه لغته الأم طيلة قرن وثلث القرن تحريماً جعل أدباءه الكبار من أمثال مالك حداد وغيره يعلنون أنهم أسرى للسان الأجنبي المفروض عليهم منذ طفولتهم قسراً وإكراهاً.
على أني مقر بالتقصير سلفاً، فمعرفتي اللهجة الدارجة الجزائرية معرفة ضئيلة محكومة بظروفي الخاصة، ولست أزعم أني أقوم بتجميع فصاح العامية الجزائرية، أو فصاح العاميات الأخرى، ولكني أثير الموضوع وأنوه به وأطمح إلى فتح الأبواب أمامه، وأبدأ بالتذكير بأن جمع جزيرة على (جزائر) أفصح من جمعها على (جزر) لأن جزر خطأ شائع في رأي جمهور من العلماء واللغويين.
فلأعرض هذه المحاور من فصاح العامة في الجزائر، ثم يكون التدقيق والتأمل في بعض من عباراتها التي تحتاج إلى بحث لغوي:
المحاورة: في سوق الخضراوات في مدينة جزائرية يدور الحوار التالي بين البائع وبين بعض الغلمان وهم يتحدثون عن (السومة)(1) ويمدون أيديهم إلى السلع ويسألونه: -كاين عندك الخوخ(2) وحب الملوك(3) والتفاح؟ وعين البقرة؟ آه… هذا هناك الدلاّع(4)، والعنب ما زال الحال(5) عليه، وما زال بالطعم القارس(6)، وقيل(7) بكري على العنب، لو كنا نبغي القارس فذاك الليم( هناك.. وهذا القرع (9) مليح للطياب(10)؟ ماذا؟ وإلا.. هذا الحرشف(11) خير منه؟ وهذا الخردل حار؟ وايش(12) حال سومته؟. آه نراك تخزر(13) فينا أما تبغينا نتوقف عندك؟(14) ونخيِّر بين السلع والحوائج ونشتري منها؟.
-نحِّ يدك. نحَّوا أيديكم.. تبغون تفسدون وتستسخرون(15)؟. وإلا تبغون تغشمرون(16)… لا.. لا.. ما هو هنا هكذا. هيا روحوا هذا الحين وبالسلامة وبالأمان والضمان.. وغدوة إن شاء الله حين ترحلون إلى بلاد الغُنَّة(17).. إلى بلاد فرنسة.. هناك ريِّحوا وتغشمروا وحوِّسوا(1 كيف ما تبغون.. والله غالب(19).. وربِّي ينوب. هيا بالسلامة يا ذراري، وبالأمان والضمان يا وليدي. –أراك الغالط(20) حين تتغشش(21) منا يا شيخ، وقيل(7) تظننا نأخذ السلع والحوائج بلا شيء؟ لا.. ورأسك! نحن نخلِّص(22) ونعطي كل ما علينا من الحق. خيار، لكنّا نبغي الخيرة(14). ويلزم علينا نخيّر.. وبالصّح ما نأخذ حتى شيء من غير خيار، ونحن نخدم عن والدينا.. يرحم والديك.. ونقضي الحوائج كما يبغي منا أهلنا وموالينا.. وعلى هذا نبغي، كما قلنا، الخيرة.. وهذا ما كان. والخيرة كاينة ثَمَّ عند(23) جيرانك هناك، في الزنقة ثَمَّ في (24) أول النهج.. بعد الأروقة.. استقصينا عند زوج الحوانيت.. ثَمَّ.. وسألنا العسَّاسين وهم يعسّون لأن موالي زوج الحوانيت تركوا فيهما العساسين وغابوا.. وواحد من الحوانيت ثَمَّ يبيع الزرابي والحوايج الغالية غاية الغلاء، والعساس يقول للكبير فينا: أراك الخابر بالزرابي.. حتى إنك تخزر في هذي الزربيّة الباهية، وفي هذي المشكاة وهي باهية وغاية.. بالصّح.. يا مرحباً بك يا وليدي، وبكم كلكم.. بالحق… ما ننجم(25) نغلِّق(26) الباب بوجه حتى واحد منكم.. الصغير والكبير.. والحانوت الآخر يا شيخ كاينة فيه الخضراوات والفاكهة والحليب واللبن الرائب، وكاين فيه الخير الياسر، خلاف ما عندك، أنت عندك الخير مخصوص(27) وشويَّة(2..
-يا وليدي.. الحاجات ثَمّ خامجة وأنتم تبغون تخيّرون من بين ذاك الخماج(29).. وحين تصلون الدار في الظهر أو في العشية تدرون أنكم بما تحملون من حوائج خامجة.. أراكم فيها غالطين، وأنكم يا ولداه من الخاسرين… وتخمنون أن الرابح والخاسر، والخاطي، والغالط، كله سواء.. سواء.. لأنكم يا ولداه(30).. ما زلتم من الذراري، ربي يصونكم ويعيِّشكم ويعطيكم الصحة، وأنا يا البايع الخابر نصحتكم. ومن بعد.. أنا في حِلّ(31). فلو أنكم تستقصون وتخمنون الفارق ما بين سلعة وسلعة، قبلما تطيب(10) الحوائج في البرمة(32) على النار، وتصب في المواعين، وتتذوقونها، وبالصحة عليكم وشاهية(33) طيبة إن شاء الله، وصحة فطوركم، استقصوا الطعم الباهي للسلع التي هي من عندي فهي غاية.. لكن أنتم يا طفيلات.. يا صغار، كيف أن أهليكم ومواليكم، يا ناس ويا ملاح ويا خيار الناس، يبعثونكم تقضون، والناس يتغمشرونكم.
-بَغيتَ تزويد تقول حاجة خلاف هذا يا عمي الشيخ؟ أم هذا ما كان وبركة(34)؟.. والله حين خرجنا إلى مخزن بائع القهوة ذاك الرجل المبرنس(35) بالبرنس ثَمّ ما زاد هَدر(36) معنا وكلمنا حتى كلمة زيادة خلاف ما سألنا –تبغون قهوة حرشاء(37) أم رطبة؟ وإيش حال(12) ما تبغون من الحِمَّص مَعَها؟ ومررنا على مخزن (فواكه البحر) وخزرنا على كل ما كان عنده من أنواع الحوت(3 ومِن بَعدُ.. ولَّينا عنه.. وما نجم يكلمنا حتى كلمة. ورحنا على الجزار قلنا له: ورأسك.. ويرحم والديك.. مدّنا بطرف الكتف ونحّ العظم عن اللحم فقال(39) صحة. والله ما زاد علينا في السومة ولا تغشمرنا ولا هَدَرَ معنا هَدْرَة وَعرة ما نفهمها.. كانت هَدْرَتُهُ مُسَرَّحَة(40) كما كانت هدرة مولى مخزن (عيادة الساعة) الذي أصلح لنا ساعة الوالدة ومخزن (طبيب الملابس) الذي نظف ملابس بابانا. يرحم باباك، وبائع الزلابية والبقلاوة والحلويات حينما شافَ واحدنا وقع، قال له: لا باس(41) عليك أمحمداه(42).. قم، ربي يصونك، الحمد لله، هكذا(43) ولا أكثر، ها.. استأن. اقعد هنا وريِّح على هذا الكرسي، أو.. لا هناك تحت شجرة لسان(44) العصافير أو تحت شجرة الخرّوب(45) ثَمّ.. وقبل ما تنجم تزيد تمشي وبالتالي تعاود تقع.. وحينذاك أنا في حل.. وعلام تبغي تولّي؟ وعلى إيش(12) أراك تتعجل وإيش بك مزنوق؟ ما زال يا وليدي، عندك الوقت تريّح قبل ما تولِّي، وكأين ثَم من بعد شوية الطريق يقطعه الخط الحديدي، وكاينة لوحة مكتوبة فيها: (ردّوا بالكم(46) [فالكروسة"> غير مَعسوسة) وأنت في هذا التعب ما ترد بالك، وخلاف هذا يلزم أن تنحّي الخماج عن ملابسك… ها… استَأنِ.. خذ هذا الكاغد النظيف، خلاف الكاغد الذي تقطّع في ديك وسقط منه اللحم.. وهذي شكائر(47) لهذا الدّقل النور الذي معك، وللرز والحبوب بدل ما تمزّق وهُرتَ(52)، والحمد لله على أن كراريس المدرسة وكتب القراءة والعلم ما تمزقوا، فأجبناه: بارك الله فيك، والله لو كانوا تمزقوا وهُرتوا كان مقتصد(4 المدرسة يعوضهم لنا، والخير عنده ياسر.. فالمقتصد في مدرستنا من ناس ملاح، ومن خيار الناس، وممن يستحقون أن يأكلوا الناعمة(4. أم في بالك أني أطيِّش روحي من فوق القنطرة لو تمزقوا وما يكون لي غيرهم؟! لا والله… كان مقتصدنا في العام الفارط(50) –ربي يعيشه ويعيِّشكم –يمدنا بكتب وكراريس غيرهم، ومن بعد.. يكتب في الكاغد عنده أننا من الطفيلات والذراري، وأننا ما زدنا(51) إلا من عشر سنوات كما جاء في بطاقة الازدياد التي عند الأهل.
اللغة:
1-السومة: القيمة أن السعر أو التعريفة…
السومة لفظة فصيحة منتشرة على ألسنة الناس في العديد من العاميات في أقطار الشمال الإفريقي، وخصوصاً في الجزائر حيث يستعملها الناس بالمعنى الذي وردت عليه في كتب اللغة، أي بمعنى الثمن، أو مثلما نعني في الشرق بالتعريفة أو التسعيرة أو السعر، مع أن السومة أصح وأدق تعبيراً، ففي (الوسيط) أ-معجم المجمع في القاهرة (التعريفة قائمة تحدد أسعار السلع وأجور العمل، أو رسوم النقل) ب-وفيه أيضاً (أسعر: النار والحرب: سعَرَهما أو سعَّرَهما، وأسعر الشيء: قدّر سعره ويقال: أسعر الأمير للناس).. وكذلك فيه: (السومة: القيمة يقال: أنه لغالي السومة) وقرأت عن التعرفة في كتاب: تاريخ الحضارة للأول الثانوي للعام 86-1978 في سورية من تأليف عبد الرحمن بدر الدين وآخرين.. أن (عرب الأندلس كانوا في سورية يستوفون ضرائب العشور، وهي الضرائب التي تدفع على بضائع التجار إذا انتقلوا بها من بلادهم إلى بلاد أخرى، وهي تقابل (الجمارك) اليوم، فتدفعها لهم السفن المارة في مضيق جبل طارق، وكانت تدفع في مدينة (طريف) وقد سماها الفرنجة tarifa ومنها: التعرفة) وفي المعجم الوسيط ذاته لا تجد في الفعل: عرّف، شيئاً يتعلق بهذا المعنى.
ومن الملاحظ أن فئات من الكتاب والمثقفين المعاصرين يبتعدون عن استخدام عبارات دارجة على ألسنة العامة أو يستبدلون بها عبارات أخر يظنونها أعلى كعباً في الفصاحة، والسومة من الأمثلة على ذلك فهم يتوهمون أنها من الدخيل المأخوذ من اللغة الفرنسية la somme ويساعد على هذا الوهم أن نطقها في اللاتينية summa (ب) قريب من نطقها في العامية الجزائرية، ولكن معناها في الفرنسية واللاتينية (نتيجة حساب يتألف من عدة كميات) فهو لا ينطبق بدقة تامة على المعنى المقصود بها على ألسنة الجزائريين الذين ما زالوا يستخدمونها بالمعنى الذي تحدثت عنه كتبنا اللغوية القديمة التي ألفت قبل أن يقع انفصال الفرنسية عن أمها اللاتينية. ونستطيع أن نفتح أي معجم قديم، ففي معجم ابن منظور (لسان العرب) (.. وإنه لغالي السومة والسيمة إذا كان يغلي السوْم.. والسوم عرض السلعة على البيع، ويقال: سُمتُ فلاناً بسلعتي أسوم بها سوماًوساومت واستمتُ بها وعليها غاليتُ. واستمته إياها وسامنيها: ذكر لي سومَها. واستمت عليه بسلعتي استياماً، إذا كنت أنت تذكر ثمنها. ويقال: استام مني بسلعتي استياماً، إذا كان هو العارض عليك الثمن. وسامني الرجل بسلعته سوماً، وذلك حين يذكر لك هو ثمنها، والاسم من جميع ذلك السومة والسيمة). (جـ).
وليس من الضروري أن ننقل مما ورد في المعجمات القديمة الأخرى في هذه المادة فنقع في التكرار والإعادة، ولكننا يمكن أن نضيف من قول الفيروز آبادي في (القاموس المحيط) والزمخشري في أساس البلاغة (السوم في المبايعة كالسوام والسّومة والسّومة)(د).
ولكن (المنجد) معجم لويس معلوف الرائج في عصرنا هذا أهمل هذا المعنى بالذات من معاني (السومة) مكتفياً عنه بذكر آخر مما يتردد في النصوص القديمة، فلا أدري أساعد بذلك على انتشار الوهم بأنها من الدخيل؟!.
2-الخوخ = الدراقن:
أرجو ألا ينصرف ذهن القارئ عندنا إلى ما يسمونه في الشام خطأ بالخوخ، فذاك هو البرقوق الذي يكني عنه الجزائريون فيسمونه (عين البقرة)، وفي الجزائر كما في مصر، يسمون بالخوخ ما نسميه في الشام الدراق، والتسميتان صحيحتان، وليرجع القارئ معي إلى ما كتبه مصطفى الشهابي رئيس مجمع اللغة العربية في (معجم المصطلحات الزراعية بالفرنسية والعربية). ط القاهرة 1957 ص490.
(دراقنة، خوخة p?che الأولى في الشام والثانية في مصر، وكلاهما صحيح يدل على هذه الثمرة. وعثرت في (شرح أسماء العقار) [مؤلفه موسى بن ميمون القرطبي"> منذ ثمانية قرون على ذكر "الدراقن الزهري" وفي الغوطة اليوم ضرب من الدراقن بهذا الاسم.
خوخ دراقن. دراقن. فرسك p?cher الدراقن والفرسك من اليونانية. والخوخ تستعمل في مصر، والدراقن في الشام. والأسماء الأربعة صحيحة تدل لغوياً على هذا الشجر أما الخوخ في الشام فيطلقونها اليوم غلطاً على الشجر المسمى prunier وفي (المخصص) الخوخ والفرسك والدراقن واحد. قلت: وهي تدل على هذا الشجر المثمر المشهور من الفصيلة الوردية وفيه ضروب).
وتجد في ص 539 من المعجم ذاته:
(إجاص. برقوق prunier الإجاص في المعجمات الأصلية وفي كتب الزراعة القديمة هو هذا الشجر. وغلط أصحاب بعض المعجمات الحديثة فأطلقوا الإجاص على الكمثرى poir جرياً مع العامة في الشام. والشاميون يسمون هذا الشجر الذي نتكلم عليه خوخاً، وهو غلط…).
أما (عين البقرة) فيذكر الشهابي ص484 أنها في عامية الدماشقة زهرة المرغريت الصغيرة ويسمونها في دمشق أيضاً: شاش القاضي).
3-يكنون عن الكرز بحب الملوك.
4-الدلاّع: ذكره الشهابي في معجم الألفاظ الزراعية ص488 فقال:
(بطيخ أخضر. بطيخ شامي. بطيخ هندي. دلاّع. خربز. حبحب past?que بطيخ أحمر جنوبي الشام. جبس شمالي الشام. رقِّي في العراق نسبة إلى الرقة. بطيخ في مصر. والخربز معربة قديماً من الفارسية. والجبس محرفة من زبش كانت تطلق عليه في الشام قديماً وعلى ما ذكره عبد اللطيف البغدادي والنويري وغيرهما، والاسم الفرنسي محرف من كلمة بطيخ العربية، نبات عشبي حولي من الفصيلة القرعية يزرع لثمره).
وأضيف أن البطيخ الأصفر أو الشمام أو القاوون، وهذه تركية كما ذكر الشهابي أو melon بالفرنسية: يسميه الجزائريون (المرحوم) وهم يضحكون مدركين ما في هذه التسمية من نكتة بلاغية تشير إلى لونه.
5-(مازال الحال): يقصدون: أن الوقت ما زال مبكراً فلِمَ العجلة؟.
6-القارس أو القارص: اللاذع وقد يكنى به عن الحامض..
7-(وقيل) يستعملونها كناية عن الظن.. وكأنني أتخيلها من بقايا الثقافة القديمة حيث يروي العالم الآراء والأقوال العديدة فيقول مستأنفاً شرحه للاختلافات: … وقيل كذا… وكنايتهم هذه أفصح من خطيئة مثقفينا الذين يستعملون الفعل (أعتقد) في مكان الفعل (أظن).
8-الليم: الليمون، وذكر الشهابي في معجم المصطلحات الزراعية ص 164 أن نون ليمون قد تسقط. وكذلك في كتاب (فضائل الأندلس وأهلها) سمي الليم، ولكن ذكر معه الليمون الذي يجوز أن يكونوا قصدوا به البرتقال كما في بعض اللهجات الدارجة اليوم(*).
والمعاجم القديمة تنص على إسقاط نون (الليمون) ويقول الفيومي في (المصباح المنير):
"الليمون: وزان زيتون، ثمر معروف، معرب، والواو والنون زائدتان، مثل الزيتون، وبعضهم يحذف النون ويقول: "ليمو". ط. مصطفى البابي الحلبي سنة 1325هـ في المطبعة الميمنية بمصر.
(*)في ص52 من كتاب (فضائل الأندلس وأهلها) رسائل لابن حزم وابن سعيد والشقندي تحقيق د.صلاح الدين المنجد، ط1 بيروت: دار الكتاب الجديد 1968م وقد ورد في رسالة محمد بن إسماعيل الشقندي في وصف إشبيلية (… والأشجار المتكاثفة كالنارنج والليم والليمون).
ولا تنس أن العامة من عرب الأندلس قد غدا كثيرون منهم من عامة الجزائر وأقطار المغرب العربي الأخرى..
9-القرع: في ص202 من (معجم المصطلحات الزراعية) للشهابي:
قرع "cucurbita courge" جنس القرع (والكوسى) وغيرهما. تراجع في أماكنها).
وفي صفحة 191 منه (قرع دبّاء. يقطين courge اليقطين إما من الآرامية أو من العبرية. جنس نباتات زراعية من الفصيلة القرعية فيه أنواع تزرع لثمارها وأصناف تزرع للتزيين.
قرع كبير c."grosse" potiron هو نوع القرع المعروف وفيه ضروب. وما يسمى القرع العسلي في مصر ضروب من هذا النوع، ومن النوع المسكي، لرائحة ثماره..). وفي ص192 منه: (قريع c.pe po تصغير قرع نوع فيه قرع صغار، ومنها الكوسا في مصر والشام، وهي عامية وبالفرنسية courgette). وكلمة أخرى من فصاح العامة في شرقي الجزائر أتذكرها بمناسبة القرع. فقد كنا حين شراء قرع (الكوسى) لا نقول لبائعه الجزائري الذي يمنعنا من الخيرة بين أكوازها: إننا نبغي أن نحشوها، حتى لا يصرخ فينا: أتستسخرون بي؟ فالحُشوة في اللغة، كما في (اللسان العرب) لابن منظور، مثلاً: (الحُشوة موضع الطعام وفيه الأحشاء والأقصاب، وأسفل مواضع الطعام الذي يؤدي إلى المذهب: المَحشاة، بنصب الميم، والجمع المحاشي.. وفي الحديث: محاشي النساء حرام).
10-يقولون(طيَّب الطعام) بمعنى: أنضجه، وهذا صحيح. وأيضاً قولهم في الشام (استوى) الطعام بمعنى: نضِجَ وارد لدى الفيومي في (المصباح المنير).
11-الحرشف: ورد في (معجم الألفاظ الزراعية) لمصطفى الشهابي ط ذاتها ص124.
(حرشف: حرشف بري cardon يجعل بعض النباتيين الكنكير، أي: الحرشف البستاني (أنكنار خرشوف) ضرباً منه. بقل معمر من المركبات الأنبوبية الزهر ينبت بريّاً ويزرع وتطبخ ضلوع ورقه وجذوره الوترية).
وهذا الاسم العربي الفصيح الصحيح للحرشف الذي تطبخ ضلوع ورقه وجذوره الوتدية كما ذكر الشهابي وهو الذي يدعى في الجزائر باسمه العربي هذا. أما ذاك الذي يدعوه الجزائريون (القرنون أو الكرنون) وفي الشام (الأنكنار) فقد كتب عنه الشهابي في ص58 من المعجم ذاته:
(حرشف، حرشف بستاني. كنكر artichaut بقل معروف من المركبات الأنبوبية الزهر، وهو عند بعض النباتيين ضرب بستاني من الحرشف cardon وسمّوه الخرشوف حديثاً. ولم أجدها في المعجمات ولا في المفردات (لابن البيطار)، أما الحرشَف فصيحة، ولم أجدها بالخاء المعجمة، وأما الكنكر فقد ذكرت في المفردات، وفي شرح أسماء العقار، وفي غيرهما، ولكني لم أجدها في المعاجم. وهي من الفارسية. واسم هذا البقل في الشام أنكنار وأرضي شوكي وهما عاميتان كالخرشوف، وكان اليونانيون يسمونه قنارة وسقوليموس. وأرتيشو الفرنسية من الحرشف العربية. أما أرضي شوكي العامية فمن أرتيشو الفرنسية. فتأمل كيف ترد العامة إلينا كلماتنا العربيات مشوهة، وذلك كتسمية بعض دور السينما باسم الهمبرا بدلاً من الحمراء والكازار بدلاً من القصر) أ.هـ. وكذلك في (الوسيط) معجم المجمع في مصر ط1 (الخرشوف.. مولَّد عربيه: حرشَف).
12-أيش: في (الوسيط) معجم المجمع في مصر:
(أيش: منحوت من أي شيء، بمعناه وقد تكلمت به العرب).
وألاحظ أن العاميات العربية في أغلبها قد توسعت في هذا النحت فقالوا:
(بلاش). من: بلا شيء.
و(ماكانش). من: ما كان شيء.
و(اشكون؟) من: أي شيء يكون؟
و(ايش راك؟) من: أي شيء أراك؟
و(اشحالُه؟) من: أي شيء حاله؟
وقالوا في الشام (اشلون؟) من: أي شيء اللون؟.
13-خزر: في الوسيط: (خَزَرَ يخزُرُ خزراً: تداهى. وخَزر الرجل: نظره بلحظِ العين…
خَزِرت العين تخزَرُ خزَراً: صغُرت وضاقت خِلقةً، وخزِرت حَوِلت، وخزِر النظر: صار كأنه في أحد الشِّقَين وخزِرَ فلانٌ: فتح عينهُ وأغمضها. وخزِر: نظر كأنه يرى بمؤخَرِ عينه، فهو أخزر وهي خزراء (ج) خُزرٌ.
14-الخيرة: في المعجم الوسيط: (خار يخار خيراً وخيارةً.. و-له في الأمر: جعل له فيه الخيرة، و-أعطاه ما هو خير له. و-فلاناً: غلبه وفضله في المخايرة فكان خيراً منه، ويقال: خايره فخاره. و-الشيء خيراً وخِيراً وخيرةً: انتقاه واصطفاه. في القرآن الكريم س القصص [28-68"> "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيرَة".
و-الشيء على غيره: فضَّله عليه. وخيَّر بين الأشياء: فضَّل بعضها على بعضَ). أ.هـ.
وكذلك في السورة 33= الأحزاب، الآية: 36 قوله تعالى: "أن يكون لهم الخيرة من أمرهم".
15-استسخر: في (المعجم الوسيط): (استسخر منه: سخر).
وفي (لسان العرب): (.. وقوله تعالى: "وإذا رأوا آية يستسخرون" قال ابن الرماني: معناه يدعو بعضهم بعضاً إلى أن يسخر، كيسخرون، كعلا قرنه واستعلاه، وقوله تعالى: يستسخرون، أي يسخرون ويستهزئون، كما تقول: عجب وتعجب واستعجب بمعنى واحد).
16-يغشمرون: وردت الغشمرة في أغلب المعجمات القديمة، وبالمعنى ذاته الذي ترد فيه بالعامية الجزائرية، ولعلها في عاميات أخرى أيضاً.
يقول ابن منظور في (لسان العرب) مادة غشمر: (الغشمرة: التهضم والظلم، وقيل: الغشمرة التهضم في الظلم، والأخذ من فوقٍ من غير تثبت، كما يتغشمر السيل والجيش، كما يقال: تغشمر لهم: وقيل: الغشمرة إتيان الأمر من غير تثبت. وغشمر السيل: أقبل… وتغشمر لي: تنمَّر. وأخذه بالغِشمير، أي الشدّة. وتغشمرهُ: أخذه قهراً. وفي حديث جبر بن حبيب قال: قاتله الله: لقد تغشمرها، أي أخذها بجفاء وعنف. ورأيته متغشمراً: أي غضبان). أ.هـ. أما في معجماتنا الحديثة لفقد استوفى (المنجد) هذا المعنى، ولكن (الوسيط) معجم المجمع في مصر ط1، قر عن استيفاء المعنى المناسب لهذا الاستعمال الدارج وابتعد إلى معان للغشمرة بعيدة عن المعاني الدارجة لها إذ قال:
(غشمر السيل: أقبل و-فلان ركب رأسه في الحق والباطل، لا يبالي ما صنع، تغشمر له غضب وتنمَّر. و-السيل أو الجيش أقبل. والشيء أخذه قهراً). وقد ورد هذا المعنى أيضاً في (المغثمِر) بالاستبدال بالشين ثاء. فالوسيط اقترب إذاً من ذكر ما يهمنا في قوله: (وغشمر الشيء أخذه قهراً). وأملنا في الطبعات التالية في أن يتوسع أصحاب المعجم الوسيط في ذلك كما توسع غيره قديماً وحديثاً.
17-الغُنَّة: وردت كثيراً في المعجمات بمعنى (صوت يخرج من الخيشوم، أي من أقصى الأنف) وهي عبارة مشهورة في علم التجويد المعروف.
18-حوَّس: سمعت الجزائريين يستعملونها بمعنى: تنقَّل وتجول.. وهذا غير بعيد عما ورد في أمهات كتب اللغة: كالمحيط والتاج وغيرهما.
ففي ما أورده ابن منظور في (لسان العرب) قوله:
وحاس القوم حوساً: طلبهم وخالطهم وداسهم. وقرئ: "فحاسوا خلال الديار" قال: وجاسوا وحاسوا بمعنى واحد: يذهبون ويجيئون.
ورجل حوّاس غوّاس: طَلاّب بالليل… وكل موضع خالطته ووطئته فقد حُسته وجُسته، وفي الحديث أنه رأى فلاناً وهو يخاطب امرأة تَحوس الرجال، أي تخالطهم، والحديث الآخر: قال لحفصة: ألم أر جارية أخيك تحوس الناس؟. ورجل أحوس: جريء لا يرده شيء.. والتحوُّس الإقامة مع إرادة السفر كأنه يريد سفراً ولا يتهيأ له لاشتغاله بشيء بعد شيء.
ويقال للرجل إذا ما تحيس وأبطأ: ما زال يتحوس.. وإبل حوس بطيئات التحرك من مرعاهن. جمل أحوس وناقة حوساء… وحاست المرأة ذيلها إذا سحبته وامرأة حوساء الذيل: طويلة الذيل). أ.هـ. أقول: كأن العبارة ها هنا اقتربت مما في عامية الشام بالصاد (يحوص). ولكني وجدت معجماتنا الحديثة كالمنجد والوسيط تنتقي من معاني هذه الكلمة ما يبتعد بها عن المعنى الدارج في الاستعمال الجزائري، فكأنهم ظنوه معنى منقرضاً!!
فلنعد مرة أخرى إلى القدماء:
قال الفيروز آبادي صاحب المحيط:
(الحَوْس: الجوس، وسحب الذيل.. وتركت فلاناً حَوْسَ بني فلان، أي: يتخللهم ويطلب فيهم. وأنه لحوّاس غوّاس طلاّب بالليل، والخطوب الحُوّس كرُكّع: الأمور تنزل بالقوم فتغشاهم وتتخلل ديارهم. والحوساء: الناقة الكثيرة الأكل والشديدة النفس. وإبل حُوسٌ بطيئات التحرك من مرعاها.. والتحوّسُ التشجع، والتوجع للشيء، والإقامة مع إرادة السفر، وحوسى كسكرى: الإبل الكثيرة، وما زال يستحوس، أي: يتحبّس ويبطئ).
وعلى الهامش قال شارح القاموس: نصر الهوريني: (قوله: مازال يستحوس، وفي اللسان يتحوس). أ.هـ.
وقال الزمخشري في (أساس البلاغة).
(حاسوا البلد: عاثوا فيه وانتشروا للغارة).
19-(الله غالب): يستعملونها كناية عن أنك مغلوب أمام المحتوم، وقد وردت هذه العبارة كثيراً في الكتابات الأندلسية.
20-خابر أو غالط: تصحّ عبارات عامية جزئراية منها خابر وغالط، وخاسر، ورابح، وخاطئ. وهم يمدون الهمزة في (خاطئ) إلى ياء تخفيفاً…
والأصل فيما جاء من باب تعب يتعب أن تكون الصفة المشبهة منه على وزن فَعِل، إلا أنه ورد على غير قياس: سالم وتافه وآسف ورابح وخاسر وغالط وخاطئ.
ولكن في (الوسيط) فهو غلطان.
وقد ورد الوسيط: (خَبِر يخبَرُ الشيءَ: من باب تعب، بمعنى: علِمَه، أما خَبَرَ يَخبُرُ: بمعنى ابتلى وامتحن وبمعنى: خبر الشيء عرف خبَره على حقيقته فهو خابرٌ وخبير.
21-الغَشَش: الكدرِ ورد لابن منظور في (لسان العرب): (الغشُّ: نقيض النصح وهو مأخوذ من الغَشَش: المشربِ الكدِرِ، أنشد ابن الأعرابي:
ومَنهلٍ تروى به غير غشَش
أي غير كدرِ ولا قليل…. وفي حديث أمّ زرع: لا تملأ بيتنا تغشيشاً. وغشَّ صدره يغِشُّ غشَّاً: غَلّ..).
وكأن قوله السابق: غش صدره: غلّ، بما فيه من انتقال من المعنى المادي للغشش: الكدر، إلى الكدر المعنوي: الإحساس بالضيق في الصدر، هو الذي عنته واتجهت إليه لفظة التغشش في لهجة الجزائريين الدارجة.
وفي عامياتنا المشرقية يستعملون: الزعل، بمعنى التكدر المعنوي وضيق الصدر، ولكن الفصيح (زعِلَ يزعل زعَلا: نشِط. وزعل من المرض أو الجوع: تضور وتلوّى) إلا أن (المعجم الوسيط) يضيف: (وزعل من الشيء تألم وغضب (مولدة).
22-الخلاص: قصدوا بها دفع المال، وجاء في المعجم الوسيط عن مجمع مصر (الخلاص: أجرة الأجير).
23-ثَمَّ بمعنى: هناك تلتبس على بعضٍ ممن في المشرق العربي من الذين يقرؤونها مضمومة الثاء كأنها حرف العطف ثُمّ، أمّا الجزائري فيلفظها صحيحة بفتح الثاء، لأن لهجته الدارجة تلتزمها صحيحة بمعنى: هناك، كما تلتزم كلمة (زوج) بمعنى اثنين.
24-الزنقةُ والنَّهج: المزنوق من فصيح عاميتهم وعاميتنا، بمعنى المتضايق، والزنقة عندهم: الطريق الضيق، والنهج: الطريق العريض. وفي المعجمات، كالوسيط (الزنقة: الطريق الضيق في القرية، وزنق على عياله يزنق زنقاً: ضيَّق بخلاً أو فقراً، وزنق الشيء: حصره وضيَّق عليه).
25-نجم: نجَمَ في لهجتهم الدارجة بمعنى: قدر أو استطاع أو أظهر وأبدى.
26-غلَّق الباب –سكَّره: غلَّق: بالتشديد، فصيحة جيدة كما يستعملونها في عاميتهم الدارجة، ففي (المعجم الوسيط): (غلَّق الأبواب: مبالغة أغلقها) وفي عاميتهم الدارجة: الباب المغلوق وهي أيضاً فصيحة من (غلَق الباب يغلقُه غلقاً: ضد فتحه، فهو مغلوق) كما في المعجم الوسيط أيضاً، ولكني وجدت أيضاً العبارة (سكَّر الباب) التي نستعملها في العاميات المشرقية مستعملة على ألسنة الجزائريين (الميزابيين) وهم سكان وادي الميزاب في جنوبي الصحراء الجزائرية، وذلك أن أجدادهم مهاجرون من الشرق من بقايا الخوارج الأباضية.
وهذا المعنى المجازي (للتسكير) وارد منذ القديم… فأنت تقرا في المعجمات القديمة وكتب اللغة ما يوحي به أو يفضي إليه، فخذ مثلاً ما يقول ابن منظور في (لسان العرب) (.. وسكر بصره: غَشي عليه، وفي التنزيل العزيز "لقالوا إنما سُكّرت أبصارنا" أي: حبست عن النظر، وحُيِّرت وسُدّت وسكنت عن النظر.
وسَكَرَ النهرَ يسكُره سَكراً: سدَّ فاه. وكل شقّ سُد: فقد سُكر، والسِّكر: ما سُدّ به، والسَّكر سَدّ الشقّ ومُنفجَرُ الماء، والسِّكر اسم ذلك السِّداد الذي يجعل سداً للشق ونحوه، وفي الحديث أنه قال للمستحاضَة لمَّا شكت إليه كثرة الدم: اسكُريه، أي سُدّيه بخرقة وشُدّيه بعصابة، تشبيهاً بسكر الماء) أ.هـ.
27-مخصوص: عندهم بمعنى: قليل نادر، وكأنهم أخذوا الفعل: خصّ يخَصّ خَصاصاً وخصاصة: بمعنى، افتقر وساء حاله، كما ورد في الآية الكريمة: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" وهم يستعملون: (ياسر) بمعنى ميسور، أي: ضدّ معنى: مخصوص.
28-شويّة: في عاميتهم فصيحة دقيقة الفصاحة، بكسر الواو، مما يدل على أصلها: الشَّويَّة: انظر مجلة (المعلم العربي) العدد الأول من السنة السابعة والثلاثين لسنة 1984 ص78-80.
29-الخماج: في عاميتهم الدارجة بمعنى القذر أو الفاسد، وهو معنى صحيح، ففي (المعجم الوسيط): (وخمِجَ اللحمُ: أنتن، وخمج التمرُ: فسدَ. ويقال: خمِج دينُه وخُلقُه فهو خمِجٌ. والمخمَّج.. رجل مخمَّج الأخلاق: فاسدها). وأشار أحمد رضا العاملي في (ردّ العامي إلى الفصيح) إلى أن العامة تقول: خمَّج، وفي اللغة خمِج "ص166 من ط2 سنة 1981 دار الرائد العربي: بيروت".
30-من الاستخدامات الصحيحة نحوياً في الدارجة الجزائرية: تتميز عاميتهم بكثرة الاستخدامات الصحيحة لأساليب الاختصاص، والتصغير، وترخيم المنادى، كما وردت في النحو.
31-أنا في حِلّ: يلفظونها فصيحة، ينفون بها المسؤولية والإحراج عن أنفسهم.
32-البُرمة: يذكر أصحاب المعجمات، ومنهم ابن منظور في (لسان العرب) أن البُرمة بضم الباء: (قِدْر من حجارة الحجاز واليمن، وفي حديث بريرة: وأي بُرمةٍ تفور، البُرمة: القِدر مطلقاً، والجمع بُرَم وبِرام وبُرْم، قال طرفة:
جاؤوا إليك بكل أرملة شعثاء تحمل مِنقَع البُرمِ
وأنشد ابن بري للنابغة الذبياني:
والبائعات بشطِّيْ نخلة البُرَما
33-شاهية طيبة: عبارة يقولها لك الجزائري حين يراك منصرفاً إلى منزلك وقت تناول الطعام، والشاهية ما يلفظونها هي الفصيحة الواردة في المعجمات. أما الشهية في الفصحى المستعملة فيما يبن المثقفين المشارقة، فمن أخطائنا اللغوية الشائعة التي عالجها النقاد والمدققون اللغويون، ومنهم: الأستاذ محمد العدناني في (معجم الأخطاء الشائعة) "ط1 سنة 1980 بيروت" (فالشهية مؤنث الشهيّ، فتقول: هذه أطعمة شهية: على صيغة فعيل التي بمعنى فاعل أو مفعول، وليست اسماً، فالاسم من الفعل: شَهِي يَشهى أو شها يَشهوْ: الشهوة، أو الشاهِية، كما في المعجمات).
ولكن (المعجم الوسيط) ذكر أن الشهية بمعنى الشهوة للطعام محدثة، ثم ذكر في طبعته الثانية أن مجمع اللغة العربية بمصر أقر استعمالها، وتلاه (معجم الأطعمة) الذي أصدره المكتب الدائم لتنسيق التعريب في جامعة الدول العربية، فقال: (الشهية: الشهوة للطعام، app?tit)…. وهناك عبارة فصيحة أخرى يستعملها الجزائري بلهجته الدارجة إذا رآك بعد تناول الطعام وخصوصاً بعد الإفطار في رمضان: (صحة فطورك)، وقد جاء في (معجم الوسيط): الفَطور: تناول الطعام بعد الإمساك للصيام، والفُطور: تناول الوجبة الأولى في الصباح (مج). فهي إذاً لفظة أقرها المجمع بالضم للفاء بعد أن كانت بفتح الفاء في المعجمات القديمة: الفطور.
34-بركة: تطور معناها قليلاً على ألسنتهم، فوصل إلى معنى الاكتفاء بالكفاية وكأنه ذلك الاكتفاء الذي تتحقق فيه البركة إذ يبارك الله لك فيه.
35-البرنس: في (الوسيط) معجم المجمع في مصر ط1 (تبرنس: لبس البرنس. البرنس كل ثوب رأسه ملتزق به، والبرنس قلنسوة طويلة، ورداء ذو كمين يلبس بعد الاستحمام (ج) برانس (محدثة).
36-هدر: يقول الزمخشري في (أساس البلاغة) وكذا الزبيدي في (تاج العروس): (.. ومن المجازِ.. وهو يهدر في منطقه وفي خطبته..) ويضيف الزبيدي: وقال الأصمعي: هَدَرَ الغلام وهدلَ: إذ صوّت، وقال أبو السميدع: هدر الغلام: إذا أراغ الكلام وهو صغير، وهو مجاز..).
وكأن هذا المجاز الذي أصله من: هدر البعير هديراً.. ثم استعمل هدير الشراب وهدير الرعد مجازاً.. ثم استعملت الخطبة الهدّارة والمنطق الهادر من فصيح المجاز.. وصلوا به في دارج كلامهم إلى الهدر بمعنى الحديث تعميماً.
37-حرشاء: توصف المطحونات عندهم بأنها حرشاء، أي: خشنة، أو رطبة، أي: ناعمة أو مسحوقة جيداً، وفي الوسيط معجم المجمع في مصر: (حرِشَ الشيء حرشاً، وحُرش: خشُن، فهو أحرش وهي حرشاء). فالحرشاء بمعنى الخشنة، من فصاحهم.
38-الحوت: يقول الفيومي في (المصباح المنير): (الحوت: العظيم من السمك، وهو مذكر) وكذلك يقول الوسيط في عصرنا.
وفي (المعجم المدرسي) الذي أصدرته وزارة التربية مع "دار طلاس للنشر"، وأتم صنعه الأستاذ محمد خير حرب: (الحوت: مذكر السمكة).
وفي العامية الدارجة في الجزائر يطلقون اسم الحوت على السمك غير الصغير (غير السردين).
39-صحة: لها عندهم استعمالات بمعان عديدة.. منها الموافقة والتصديق، ومنها الدعاء بالخير.. والدعاء الصحة. وهم يتجنبون ذكر العافية، وذُكر لي أن العافية في عرفهم تعني النار، فهم يقولون: (يعطيك الصحة).
40-اللغة المسرّحة: من معاني التسريح: التسهيل، كما ذكر الفيروز آبادي في (القاموس المحيط) والزبيدي في (تاج العروس) ويقول الزمخشري في (أساس البلاغة): (… وسرّح الشاعرُ الشعرَ.
قال جرير:
ألم تعلم مسرّحي القوافي فلا عيباً بهن ولا اجتلابا
41-لا باس، أو أراك لا باس: مخففة من: لا بأس عليك..
42-ينادون كل من لا يعرفونه مفترضين أن اسمه محمد.
43-هكذا ولا أكثر: يستعملونها بمعناها الصحيح: المصاب الصغير خير وأفضل من المصيبة الكبيرة، وشيء أخف من شيء، كما نقول….
44-لسان العصافير: كذلك تسمى شجرة الدردار أو المُرّان في الشام والجزائر:
انظر: مصطفى الشهابي في (معجم الألفاظ الزراعية) ط1، ص469 و ص287.
45-الخرّوب: في (الوسيط) معجم المجمع في مصر ط1 (الخروب: شجر له ثمر طويل كالقثاء الصغار. إلا أنه عريض، وهو حلو يؤكل وله حب واحدته خرّوبة) وهو في العامية الدمشقية الدارجة الخرنوب. ولم يورد (الوسيط) الخرنوب، ولكن الشهابي في معجم المصطلحات الزراعية ص125 يقول (خرّوب –خُرنوب- خَرنوب caroubier الكلمة الفرنسية من العربية ولهذه أشباه في الآرامية والعبرية، شجر مثمر من الفصيلة القرنية، ثماره قرون تؤكل وتعلفها الماشية).
فاللفظ الجزائري دون الدمشقي فصيح في رأي (الوسيط) وكلاهما فصيح في رأي صاحب المصطلحات الزراعية، ويضرب المثل بقلة جدوى ثمره فيقال: درهم حلاوة وقنطار خشب.
46-ردوا بالكم [فالكروسة"> غير معسوسة:
العَسّ: الحراسة، وردّ البال: استرداد الانتباه، من فصاح عامتهم، ولكن في هذه الجملة مفردة من بقايا العجمة والاغتراب في عاميتهم وعاميتنا وهي [الكرّوسة"> وقد أوردتها هنا لأعود فأذكّر بأن العجمة قد تسلطت كثيراً، وإذا كنت اضطررت إلى هذه المفردة ها هنا، فتركتها للتذكير، فلست أنكر، طبعاً، أن هذه العاميات مثقلة بمثل هذه الأصفاد التي ترسف فيها وتجثم فوقها وتغرقها في دياجير من الضياع والتغرب والافتقار إلى الإفصاح عن شخصيتها الحقيقية.
وعذراً.. أستطرد فأقول: إن التوجه نحو فصاح الدارجة الجزائرية لا ينسيني سلبيات هذه اللهجة. والأمثلة عليها أكثر من أن تحصى.. ولنأخذ أقربها، فبائع التين في (تيزي أوزو) مركز ولاية القبائل، ينادي: على الكرطوس، أو الكرموس، أو البخسيس، أو الخريف أو على الـ (لي فيغ) les fig يضع لهذا الاسم الأعجمي الأخير ال التعريف العربية والفرنسية معاً، ويكرر هذه الأسماء كلها ليفهم كل عربي أو غريب ما معه، ثم يذهب بائع التين إلى الصلاة ويقرأ الآية الكريمة "والتين والزيتون.." ويعرف ما الزيتون جيداً كأهل الشمال الأفريقي كافة، ولكنه لا يعرف ما التين؟ الذي اتفق الفرنسيون والإنكليز على تسميته باسم واحد fig واختلف سكان (تيزي أوزو) حتى أرغموا بائعه على المناداة بأسمائه العديدة!. وفي تيزي أوزو وجدتهم يستبدلون بكلمة نعم نغمة تخرج من طَرْقِ أعلى مقدمة اللسان بمقدمة الفك العلوي.. حتى توهمت أنهم يسخرون، فإذا هم جادون في إعطاء هذه الطريقة معنى (أي نعم) كما يقول أهل الجزائر العاصمة، أما أهل قسنطينة والشرق الجزائري فيقولون (هيه) ويمدون الياء وفي وهران والغرب الجزائري يقولون (وا) بمعنى نعم. وهي جزء من عبارة المغاربة: (وخَّا) بمعنى: نعم.
47-الشكائر والدّقَل: في (الوسيط) معجم المجمع في مصر: (الشكارة: كيس من قماش أو ورق متين محدد الوزن يعبأ فيه الإسمنت ونحوه (ج) شكائر (د) أي أنها لفظة مولدة.
والدقل في اللغة: التمر الصغير، وعند الجزائريين نوع من التمر يدعونه دقلة النور.
48-المقتصد: يعنون بها ما نسميه المحاسب أو المعتمد. واصطلاحهم هذا صحيح ما عليه شيء.
49-الناعمة: الطعام المعروف في الشمال الأفريقي باسم (الكسكس) وعندنا باسم (المغربية) يُعمل من السميد.
50-وجدت ابن جني في (الخصائص) يضع عنواناً: (باب في هذه اللغة: أفي وقت واحد وضعت؟ أم تلاحق تابع منها بفارط؟). ج2، ص28 من ط2 القاهرة سنة 1955م، وفي قديم المعجمات وحديثها: الفارط: السابق، فهي من فصاح عامة الجزائر.
51-زِدنا: أي، وُلِدنا. وبطاقة الازدياد: أي، شهادة الميلاد.
52-هَرت ثوبه يهرُتُه هرتاً: مزقه أو شقَّه، وهرت اللحم: أنضجه حتى تهرّأ. وهَرت عرضَ فلانٍ: طعن فيه. وثوب هريت: ممزق مشقوق وعِرْض هريت: مطعون فيه.
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 27 و 28 – السنة السابعة – نيسان وتموز "أبريل ويوليو" 1987 – شعبان وذو القعدة 1407
منقول