التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[كتاب مصور] كتاب الأربعين في دلائل التوحيد ويليه رسالة في الذب ع

تعليمية تعليمية
[كتاب مصور] كتاب الأربعين في دلائل التوحيد-لأبي إسماعيل الهروي- ويليه رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري لأبي القاسم عبد المالك بن عيسى بن درباس حققهما وعلق عليهما وخرج أحاديثهما الش

تعليمية

تعليمية

كتاب
الأربعين في دلائل التوحيد-لأبي إسماعيل الهروي-
ويليه رسالة في الذب عن أبي الحسن الأشعري

لأبي القاسم عبد المالك بن عيسى بن درباس
حققهما وعلق عليهما وخرج أحاديثهما
الشيخ دكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي
تعليمية

تعليمية

التَّحمِيل

نسخة مصورة [PDF]
تعليمية
الحجم : 1.54 ميجا بايت

تعليمية

المصغرات المرفقة تعليمية
الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




جزاكي الله كل الخير




التصنيفات
اسلاميات عامة

التوحيد و الإتباع سبيل الوحدة و الاجتماع.

التوحيد و الإتباع سبيل الوحدة و الاجتماع.




الحمد لله ربِّ العالمين، الذي أكمل لنا الدين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين نبيّ الهدى والرحمة، المبعوث بالكتاب والحكمة وعلى آله وصحبه وأتباعه أجمعين، أمّا بعد:
فإنّ الأخوّة الإيمانيّة قد عقدها الله وربطها أتمَّ ربط بعقيدة التوحيد الذي هو الغاية في إيجاد الخلق وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وهو دعوة المجدّدين في كلّ عصر وزمان، إذ لا تخــلو الأرض من قائمٍ لله بالحجّة فلا تنقطع دعوة الحقّ عن هذه الأمّة من العهد النبويّ إلى قيام الساعة «وَلَنْ تَزَالَ طََائِفَةٌ مِنْ أُمَتِي ظَاهِرينَ عَلَى الحَقّ لاَ يَضُرُهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَـالَفَهُمْ حَتىّ يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَ هُمْ عَلَى ذَلِكَ»[متّفق عليه]، ومزية أهلها معروفة بمواقفها في كلّ جيل ببيان التوحيد والتحذير من الشرك بمختلف مظاهره، وبيان السنّة من البدعة، ونصرة أهل الحقّ والعلم والإكثار منهم، ونبذ أهل الشرك والبدع وإذلالهم، لا يمنعهم تفرّق الناس عليهم أن يؤتمر بهم فيما يأمرون به من طاعة الله تعالى، وما يدعون إليه من دين ويفعلونه ممّا يحبّه الله تعالى، إذ الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها، ولا ينتصرون لشخص انتصاراً مطلقاً سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا لطائفة إلاّ للصحابة رضوان الله عليهم مع ترك الخوض فيهم بمنكر من القول والتنَزّه عن الكلام في واحد من الصحابة بسوء؛ فأهل هذا الموقف متّفقون على أنّ كلّ واحد يؤخذ من قوله ويترك إلاّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يقع منهم – بحمد الله -اتّفاق على ضلالة، فهذه من سمات أهل الحقّ وملامح الفِرقة الناجية خصّ الله بها أهل السنّة، يدعـون إلى إصلاح غير مبتكر من عند أنفسهم كما هو شأن منهج أهل الزيغ والضلال، ذلك لأنّ منهج الإصلاح واحد لا يقبل التعدّد، يتبلور حسنه بإحيـاء الدين وتجديده من العوالق والعوائق التي ليست منه من غير أن يعتريه تبديل ولا تغيير، فالدِّين محفوظ، والحجّة قـائمة، وما رسمه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هو عين المنهج الإصلاحيّ، ولا يتمّ لنا إصلاح إلا به، وقد سلكه أهل القرون المفضّلة، وآثارهم محفوظة عند العلماء ولن يصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوّلها.
هذا، واجتماع الأمّة على الضلال مُحال، و ظهور سبيل الحقّ هداية وإصلاحاً وتقويماً مقـطوع به، ودوام ثباته آكد ومحقّق لا محالة ﴿وَعدَ الصِّدقِ الذِّي كَانُوا يُوعَدُون﴾[الأحقـاف ١٦]، لا يضرّه ما يعلق به من براثن حاقدة ومخالب حانقة تتجاهل عزّه ومفاخره ولا تريد سوى أن تصدّه وتعوق مسيرته، وتحدّ انتشاره، وصمودُهُ بَاقٍ يتحدّى المكابرين والحاقـدين والجاهلين، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ومردّ السبيل إلى طاعة الله وطاعة رسوله الباعثة إلى فعل الخيرات، والنفرة من الشرور والمفاسد والمنكرات، تلك الطاعة المزكّية للنفس والمكمّلة لها، الجالبة لسعادتها في الدنيا والآخرة ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَ قَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾[الشمس ٩، ١٠]، ﴿وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ والرَّسُولَ فـَأُوْلَئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُهَدَاءِ وَالصَالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللهِ وكَفَى باللهِ عَلِيماً﴾[ النّساء ٦٩، ۷۰ ] .
وأهل الإيمان في وحدة عقيدتهم ونُظُمهم أمة متميّزة لا نظير لهم بين الأمم، وشريعتهم لا يقتصر نفعها على أمّة الإسلام، وإنّما هي عامّة للبشرية جمعاء، صالحة لكلّ زمان ومكان، شاملة لكلّ قضايا الحياة، فلا تخلو معضلة عن استنباطِ حلّ لها من أدلّة التشريع والقواعد العامّة غير مفتقرة إلى غيرها، بل مستغنية عن النظم والتقنينات الأخرى، ذلك لأنّها أُسِّست على قواعد محكمة، وبنيت أحكــامها على العدالة والاعتدال من غير إفراط ولا تفريط، مراعية في ذلك مصالح الدين والدنيا، فهي تسمو باستقلالها عن غيرها من نظم البشر في أصولها وفروعها، تلك هي النعمة التي أتمّها اللهُ تعالى على هذه الأمّة بإكمالهـا ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينا﴾[المائدة ٣] فكمال هذا الدّين وتمامه قاض بالاستغناء التامّ عن زيادات المبتدعين واستدراكات المستدركين.
هذا، وفي خضم المعترك الدعويّ، فإنّ أعزّ ما يقدّمه الداعي لأمّته أن يسلك بها السبيل الأسلم الذي يحقّق به مـعنى التغيير ﴿إِنَ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومِ حَتى يُغَيِّروا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[الرعد ۱۱] دون عجلة مورطة في الفساد والإفساد.
ونسأل الله العون والسداد وأن يوفّقنا إلى التخلق بأخلاق الدعاة الصـادقين وأن يلهمنا الاقتداء بسيد الأولين والآخرين ، والعاقبة للمتّقين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

المقال الصـادر في العـدد الثالث من مـجلة منابر الهدى للشيخ الجليل محمد علي فركوس (أدام الله عليه بالصحة والعافية). منقول من موقع الشيخ الرسمي.




جزاك الله خيرا وحفظ الله شيخنا الجليل ابا عبد المعز




تعليمية


المصدر:

http://www.ferkous.com/rep/M1.php


وفقكم الله




و اياك بارك الله فيك.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

التوحيد أولاً يا دعــاة الإسلام للعلامة محدث الشام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

تعليمية تعليمية

التوحيد أولاً


يا دعــاة الإسلام

للعلامة محدث الشام

محمد ناصر الدين الألباني

رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102)
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}(النساء:1)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:70-71) .
وبعد :

فهذه رسالة عظيمة(1) النفع والفائدة للعامة والخاصة يجيب فيها عالم من علماء هذا العصر وهو فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى ونفع به ، يجيب فيها على سؤال يدور على ألسنة الغيورين على هذا الدين الذي يحملونه في قلوبهم ويشغلون فكرهم به ليلاً ونهاراً ومجمل السؤال هو :

ما هو السبيل إلى النهوض بالمسلمين وما هو الطريق الذي يتخذونه حتى يمكن الله لهم ويضعهم في المكان اللائق بهم بين الأمم ؟

فأجاب العلامة الألباني نفع الله به على هذا السؤال إجابة مفصلة واضحة . ولما لهذه الإجابة من حاجة ، رأينا نشرها . فأسال الله تعالى أن ينفع بها وأن يهدي المسلمين إلى ما يحب ويرضى إنه جواد كريم .

التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام

سؤال : فضيلة الشيخ لا شك أنكم تعلمون بأن واقع الأمة الديني واقع مرير من حيث الجهل بالعقيدة ، ومسائل الاعتقاد ، ومن حيث الافتراق في المناهج وإهمال نشر الدعوة الإسلامية في أكثر بقاع الأرض طبقاً للعقيدة الأولى والمنهج الأول الذي صلحت به الأمة ، وهذا الواقع الأليم لا شك بأنه قد ولد غيرة عند المخلصين ورغبة في تغييره وإصلاح الخلل ، إلا أنهم اختلفوا في طريقتهم في إصلاح هذا الواقع ؛ لاختلاف مشاربهم العقدية والمنهجية – كما تعلم ذلك فضيلتكم – من خلال تعدد الحركات والجماعات الإسلامية الحزبية والتي ادعت إصلاح الأمة الإسلامية عشرات السنين ، ومع ذلك لم يكتب لها النجاح والفلاح ، بل تسببت تلك الحركات للأمة في إحداث الفتن ونزول النكبات والمصائب العظيمة ، بسبب مناهجها وعقائدها المخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ؛ مما ترك الأثر الكبير في الحيرة عند المسلمين – وخصوصاً الشباب منهم – في كيفية معالجة هذا الواقع ، وقد يشعر الداعية المسلم المتمسك بمنهاج النبوة المتبع لسبيل المؤمنين ، المتمثل في فهم الصحابة والتابعين لهم بإحسان من علماء الإسلام ؛ قد يشعر بأنه حمل أمانة عظيمة تجاه هذا الواقع وإصلاحه أو المشاركة في علاجه .

فما هي نصيحتكم لأتباع تلك الحركات أو الجماعات ؟

وما هي الطرق النافعة الناجعة في معالجة هذا الواقع ؟

وكيف تبرأ ذمة المسلم عند الله عز وجل يوم القيامة ؟

الجواب

يجب العناية والاهتمام بالتوحيد أولاً كما هو منهج الأنبياء والرسل عليهم السلام :

بالإضافة لما ورد في السؤال – السابق ذكره آنفاً – من سوء واقع المسلمين ، نقول :إن هذا الواقع الأليم ليس شراً مما كان عليه واقع العرب في الجاهلية حينما بعث إليهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛لوجود الرسالة بيننا ، وكمالها ، ووجود الطائفة الظاهرة على الحق ، والتي تهدي به ، وتدعو الناس للإسلام الصحيح :عقيدة ، وعبادة ، وسلوكاً ، ومنهجاً ، ولا شك بأن واقع أولئك العرب في عصر الجاهلية مماثل لما عليه كثير من طوائف المسلمين اليوم !.

بناء على ذلك نقول : العلاج هو ذاك العلاج ،والدواء هو ذاك الدواء ، فبمثل ما عالج النبي صلى الله عليه وسلم تلك الجاهلية الأولى ، فعلى الدعاة الإسلاميين اليوم – جميعهم – أن يعالجوا سوء الفهم لمعنى " لا إله إلا الله " ، ويعالجوا واقعهم الأليم بذاك العلاج والدواء نفسه . ومعنى هذا واضح جداً ؛ إذا تدبرنا قول الله عز وجل { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) .

فرسولنا صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في معالجة مشاكل المسلمين في عالمنا المعاصر وفي كل وقت وحين ، ويقتضي ذلك منا أن نبدأ بما بدأ به نبينا صلى الله عليه وسلم وهو إصلاح ما فسد من عقائد المسلمين أولاً ، ومن عبادتهم ثانياً ، ومن سلوكهم ثالثاً .ولست أعني من هذا الترتيب فصل الأمر الأول بدءاً بالأهم ثم المهم ، ثم ما دونه ! وإنما أريد أن يهتم بذلك المسلمون اهتماما شديداً كبيراً ، وأعني بالمسلمين بطبيعة الأمر الدعاة ، ولعل الأصح أن نقول : العلماء منهم ؛لأن الدعاة اليوم – مع الأسف الشديد – يدخل فيهم كل مسلم ولو كان على فقر مدقع من العلم ، فصاروا يعدون أنفسهم دعاة إلى الإسلام ، وإذا تذكرنا تلك القاعدة المعروفة – لا أقول : عند العلماء فقط بل عند العقلاء جميعاً – تلك القاعدة التي تقول : "فاقد الشيء لا يعطيه " / فإننا نعلم اليوم بأن هناك طائفة كبيرة جداً يعدون بالملايين من المسلمين تنصرف الأنظار إليهم حين يطلق لفظة : الدعاة . وأعني بهم :جماعة الدعوة ، أو : جماعة التبليغ " ومع ذلك فأكثرهم كما قال الله عز وجل : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }(لأعراف: من الآية187) .

ومعلوم من طريقة دعوتهم أنهم قد أعرضوا بالكلية عن الاهتمام بالأصل الأول – أو بالأمر الأهم – من الأمور التي ذكرت آنفاً ، وأعني : العقيدة والعبادة والسلوك ، وأعرضوا عن الإصلاح الذي بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم بل بدأ به كل الأنبياء ، وقد بينه الله تعالى بقوله :{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }(النحل: من الآية36) . فهم لا يعنون بهذا الأصل الأصيل والركن الأول من أركان الإسلام – كما هو معلوم لدى المسلمين جميعاً – هذا الأصل الذي قام يدعو إليه أول رسول من الرسل الكرام ألا وهو نوح صلى الله عليه وسلم قرابة ألف سنة ، والجميع يعلم أن الشرائع السابقة لم يكن فيها من التفصيل لأحكام العبادات والمعاملات ما هو معروف في ديننا هذا لأنه الدين الخاتم للشرائع والأديان ، ومع ذلك فقد لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يصرف وقته وجل اهتمامه للدعوة إلى التوحيد ، ومع ذلك أعرض قومه عن دعوته كما بين الله – عز وجل – ذلك في محكم التنزيل {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } (نوح:23) .

فهذا يدل دلالة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي على الدعاة إلى " الإسلام الحق" الاهتمام به دائماً هو الدعوة إلى التوحيد وهو معنى قوله – تبارك وتعالى- :{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }(محمد: من الآية19) .
هكذا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم عملاً وتعليماً .
أما فعله : فلا يحتاج إلى بحث ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي إنما كان فعله ودعوته محصورة في الغالب في دعوة قومه إلى عبادة الله لا شريك له .

أما تعليماً : ففي حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – الوارد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له : " ليكن أول ما تدعوهم إليه : شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن هم أطاعوك لذلك ….."(1) .إلخ الحديث .وهو معلوم ومشهور إن شاء الله تعالى .

إذاً ، قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدؤوا بما بدأ به وهو الدعوة إلى التوحيد ، ولا شك أن هناك فرقاً كبيراً جداً بين أولئك العرب المشركين – من حيث إنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم – ، وبين أغلب العرب المسلمين اليوم الذين ليسوا بحاجة أن يدعوا إلى أن يقولوا : لا إله إلا الله ؛ لأنهم قائلون بها على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم ، فكلهم يقولون : لا إله إلا الله ، لكنهم في الواقع بحاجة أن يفهموا – أكثر – معنى هذه الكلمة الطيبة ، وهذا الفرق فرق جوهري – جداً – بين العرب الأولين الذين كانوا إذا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا : لا إله إلا الله يستكبرون ، كما هو مبين في صريح القرآن العظيم (2) لماذا يستكبرون ؟ ؛ لأنهم يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لا يتخذوا مع الله أنداداً وألا يعبدوا إلا الله ، وهم كانوا يعبدون غيره ، فهم ينادون غير الله ويستغيثون بغير الله ؛ فضلاً عن النذر لغير الله ، والتوسل بغير الله ، والذبح لغيره والتحاكم لسواه ….إلخ.
هذه الوسائل الشركية الوثنية المعروفة التي كانوا يفعلونها ، ومع ذلك كانوا يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة – لا إله إلا الله – من حيث اللغة العربية أن يتبرؤوا من كل هذه الأمور ؛ لمنافاتها لمعنى " لا إله إلا الله ".

غالب المسلمين اليوم لا يفقهون معنى لا إله إلا الله فهماً جيداً :

أما غالب المسلمين اليوم الذين يشهدون بأن " لا إله إلا الله " فهم لا يفقهون معناها جيداً ، بل لعلهم يفهمون معناها فهماً معكوساً ومقلوباً تماماً ؛ أضرب لذلك مثلاً : بعضهم (1) ألف رسالة في معنى " لا إله إلا الله " ففسرها :" لا رب إلا الله!! " وهذا المعنى هو الذي كان المشركون يؤمنون به وكانوا عليه ، ومع ذلك لم ينفعهم إيمانهم هذا ، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه}(لقمان: من الآية25).

فالمشركون كانوا يؤمنون بأن لهذا الكون خالقاً لا شريك له ،ولكنهم كانوا يجعلون مع الله أنداداً وشركاء في عبادته ، فهم يؤمنون بأن الرب واحد ولكن يعتقدون بأن المعبودات كثيرة ، ولذلك رد الله تعالى – هذا الاعتقاد – الذي سماه عبادة لغيره من دونه بقوله تعالى :{….وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى….}(الزمر: من الآية3).
لقد كان المشركون يعلمون أن قول : " لا إله إلا الله " يلزم له التبرؤ من عبادة ما دون الله عز وجل ، أما غالب المسلمين اليوم ؛ فقد فسروا هذه الكلمة الطيبة " لا إله إلا الله " بـ : " لا رب إلا الله !! " فإذا قال المسلم : لا إله إلا الله " ، وعبد مع الله غيره ؛ فهو و المشركون سواء ، عقيدة ، وإن كان ظاهره الإسلام ؛ لأنه يقول لفظة :لا إله إلا الله فهو بهذه العبارة مسلم لفظياً ظاهراً ، وهذا مما يوجب علينا جميعاً – بصفتنا دعاة إلى الإسلام- الدعوة إلى التوحيد وإقامة الحجة على من جهل معنى" لا إله إلا الله " وهو واقع في خلافها ؛ بخلاف المشرك ؛ لأنه يأبى أن يقول :" لا إله إلا الله " فهو ليس مسلماً لا ظاهراً ولا باطناً فأما جماهير المسلمين اليوم هم مسلمون لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى "(2).
لذلك ، فإني أقول كلمة – وهي نادرة الصدور مني – ، وهي :إن واقع كثير من المسلمين اليوم شر مما كان عليه عامة العرب في الجاهلية الأولى من حيث سوء الفهم لمعنى هذه الكلمة الطيبة ؛ لأن المشركين العرب كانوا يفهمون ، ولكنهم لا يؤمنون ، أما غالب المسلمين اليوم ، فإنهم يقولون ما لا يعتقدون ، يقولون : لا إله إلا الله ، ولا يؤمنون –حقاً – بمعناها (1)، لذلك فأنا أعتقد أن أول واجب على الدعاة المسلمين – حقاً – هو أن يدندنوا حول هذه الكلمة وحول بيان معناها بتلخيص ، ثم بتفصيل لوازم هذه الكلمة الطيبة بالإخلاص لله عز وجل في العبادات بكل أنواعها ، لأن الله عز وجل لما حكى عن المشركين قوله : { … مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى… }(الزمر: من الآية3)، جعل كل عبادة توجه لغير الله كفراً بالكلمة الطيبة : لا إله إلا الله ؛ لهذا ؛ أنا أقول اليوم : لا فائدة مطلقاً من تكتيل المسلمين ومن تجميعهم ، ثم تركهم في ضلالهم دون فهم هذه الكلمة الطيبة ، وهذا لا يفيدهم في الدنيا قبل الآخرة ! نحن نعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه حرم الله بدنه على النار " وفي رواية أخري :" دخل الجنة "(2) . فيمكن ضمان دخول الجنة لمن قالها مخلصاً حتى لو كان بعد لأي وعذاب يمس القائل ، والمعتقد الاعتقاد الصحيح لهذه الكلمة ، فإنه قد يعذب بناءً على ما ارتكب واجترح من المعاصي والآثام ، ولكن سيكون مصيره في النهاية دخول الجنة ، و على العكس من ذلك ؛ من قال هذه الكلمة الطيبة بلسانه ، ولما يدخل الإيمان إلى قلبه ؛ فذلك لا يفيده شيئاً في الآخرة ، قد يفيده في الدنيا النجاة من القتال ومن القتل إذا كان للمسلمين قوة وسلطان ، وأما في الآخرة فلا يفيد شيئاً إلا إذا كان قائلاً لها وهو فاهم معناها أولاً ، ومعتقداً لهذا المعنى ثانياً ؛ لأن الفهم وحده لا يكفي إلا إذا اقترن مع الفهم الإيمان بهذا المفهوم ، وهذه النقطة ؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون ! وهي : لا يلزم من الفهم الإيمان بل لا بد أن يقترن كل من الأمرين مع الآخر حتى يكون مؤمناً ، ذلك لأن كثيراً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة ، ولكن مع هذه المعرفة التي شهد لهم بها ربنا عز وجل حين قال:{…يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ….} (البقرة: من الآية146). ومع ذلك هذه المعرفة ما أغنت عنهم من الله شيئاً لماذا ؟ لأنهم لم يصدقوه فيما يدعيه من النبوة والرسالة ، ولذلك فإن الإيمان تسبقه المعرفة ولا تكفي وحدها ، بل لا بد أن يقترن مع المعرفة الإيمان والإذعان ، لأن المولى عز وجل يقول في محكم التنزيل : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ……}(محمد: من الآية19).

وعلى هذا ، فإذا قال المسلم : لا إله إلا الله بلسانه ؛ فعليه أن يضم إلى ذلك معرفة هذه الكلمة بإيجاز ثم بالتفصيل ، فإذا عرف وصدق وآمن ؛ فهو الذي يصدق عليه تلك الأحاديث التي ذكرت بعضها آنفاً ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم مشيراً إلى شيء من التفصيل الذي ذكرته آنفاً : " من قال : لا إله إلا الله ، نفعته يوماً من دهره "(1).

أي كانت هذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها منجية له من الخلود في النار – وهذا اكرره لكي يرسخ في الأذهان – وقد لا يكون قد قام بمقتضاها من كمال العمل الصالح والانتهاء عن المعاصي ولكنه سلم من الشرك الأكبر وقام بما يقتضيه ويستلزمه شروط الإيمان من الأعمال القلبية – والظاهرية حسب اجتهاد بعض أهل العلم وفيه تفصيل ليس هذا محل بسطه –(2)؛ وهو تحت المشيئة ، وقد يدخل النار جزاء ما ارتكب أو فعل من المعاصي أو أخل ببعض الواجبات ، ثم تنجيه هذه الكلمة الطيبة أو يعف الله عنه بفضل منه وكرمه ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره : " من قال : لا إله إلا الله ، نفعته يوماً من دهره "(1)، أما من قالها بلسانه ولم يفقه معناها ، أو فقه معناها ولكنه لم يؤمن بهذا المعنى ؛ فهذا لا ينفعه قوله : لا إله إلا الله ، إلا في العاجلة إذا كان يعيش في ظل الحكم الإسلامي وليس في الآجلة .
لذلك لا بد من التركيز على الدعوة إلى التوحيد في كل مجتمع أو تكتل إسلامي يسعى- حقيقة وحثيثاً – إلى ما تدندن به كل الجماعات الإسلامية أو جلها ، وهو تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمة التي تحكم بما أنزل الله على أي أرض لا تحكم بما أنزل الله ، هذه الجماعات أو هذه الطوائف لا يمكنها أن تحقق هذه الغاية – التي أجمعوا على تحقيقها وعلى السعي- حثيثاً إلى جعلها حقيقة واقعية – إلا بالبدء بما بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم .

وجوب الاهتمام بالعقيدة لا يعنى إهمال باقي الشرع من عبادات وسلوك ومعاملات وأخلاق :

وأعيد التنبيه بأنني لا أعنى الكلام في بيان الأهم فالمهم وما دونه على أن يقتصر الدعاة فقط على الدعوة إلى هذه الكلمة الطيبة وفهم معناها ، بعد أن أتم الله عز وجل علينا النعمة بإكماله لدينه ! بل لا بد لهؤلاء الدعاة أن يحملوا الإسلام كُلاً لا يتجزأ ، وأنا حين أقول هذا- بعد ذلك البيان الذي خلاصته : أن يهتم الدعاة الإسلاميون حقاً بأهم ما جاء به الإسلام ، وهو تفهيم المسلمين العقيدة الصحيحة النابعة من الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله "، أريد أن استرعي النظر إلى هذا البيان لا يعني أن يفهم المسلم فقط أن معنى :" لا إله إلا الله " ، هو لا معبود بحق في الوجود إلا الله فقط ! بل هذه يستلزم أيضاً أن يفهم العبادات التي ينبغي أن يعبد ربنا- عز وجل – بها ، ولا يوجه شيء منها لعبد من عباد الله تبارك وتعالى ، فهذا التفصيل لا بد أن يقترن بيانه أيضاً بذلك المعنى الموجز للكلمة الطيبة ، ويحسن أن أضرب مثلاً – أو أكثر من مثل ، حسبما يبدو لي – لأن البيان الإجمالي لا يكفي .

أقول : إن كثيراً من المسلمين الموحدين حقاً والذين لا يوجهون عبادة من العبادات إلى غير الله عز وجل ، ذهنهم خال من كثير من الأفكار والعقائد الصحيحة التي جاء ذكرها في الكتاب والسنة ، فكثير من هؤلاء الموحدين يمرون على كثير من الآيات وبعض الأحاديث التي تتضمن عقيدة وهم غير منتبهين إلى ما تضمنته ، مع أنها من تمام الإيمان بالله عز وجل ، خذوا مثلاً عقيدة الإيمان بعلو الله عز وجل ، على ما خلقه ، أنا أعرف بالتجربة أن كثيراً من إخواننا الموحدين السلفيين يعتقدون معنا بأن الله عز وجل على العرش استوى دون تأويل ، ودون تكييف ، ولكنهم حين يأتيهم معتزليون عصريون ،أو جهميون عصريون ، أو ماتريدي أو أشعري ويلقي إليه شبهة قائمة على ظاهر آية لا يفهم معناها الموسوس ولا الموسوس إليه ، فيحار في عقيدته ، ويضل عنها بعيداً ، لماذا؟ لأنه لم يتلق العقيدة الصحيحة من كل الجوانب التي تعرض لبيانها كتاب ربنا –عز وجل – وحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فحينما يقول المعتزلي المعاصر : الله – عز وجل – يقول : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ….} (الملك:الآيتان 15-16). و أنتم تقولون : إن الله في السماء ، وهذا معناه أنكم جعلتم معبودكم في ظرف هو السماء المخلوقة!! فإنه يلقى شبهة على من أمامه .

بيان عدم وضوح العقيدة الصحيحة ولوازمها في أذهان الكثيرين :

أريد من هذا المثال أن أبين أن عقيدة التوحيد بكل لوازمها ومتطلباتها ليست واضحة – للأسف في أذهان كثير ممن آمنوا بالعقيدة السلفية نفسها ، فضلاً عن الآخرين الذين اتبعوا العقائد الأشعرية أو الماتريدية أو الجهمية في مثل هذه المسألة ، فأنا أرمي بهذا المثال إلى أن المسألة ليست بهذا اليسر الذي يصوره اليوم بعض الدعاة الذين يلتقون معنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة إن الأمر ليس بالسهولة التي يدعيها بعضهم ، والسبب ما سبق بيانه من الفرق بين جاهلية المشركين الأولين حينما كانوا يدعون ليقولوا : لا إله إلا الله فيأبون ؛ لأنهم يفهمون معنى هذه الكلمة الطيبة ، وبين أكثر المسلمين المعاصرين اليوم حينما يقولون هذه الكلمة ؛ ولكنهم لا يفهمون معناها الصحيح ، هذا الفرق الجوهري هو الآن متحقق في مثل هذه العقيدة ، وأعني بها علو الله عز وجل على مخلوقاته كلها ، فهذا يحتاج إلى بيان ، ولا يكفي أن يعتقد المسلم{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طـه:5)
. "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "(1).دون أن يعرف أن كلمة "في " التي وردت في هذا الحديث ليست ظرفية ، وهي مثل "في " التي وردت في قوله تعالى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ….} (الملك:الآيتان 15-16). ؛ لأن " في " هنا بمعنى " على " والدليل على ذلك كثير وكثير جداً ؛ فمن ذلك : الحديث السابق المتداول بين ألسنة الناس ، وهو مجموع طرقه –والحمد لله – صحيح ، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :" ارحموا من في الأرض " لا يعني الحشرات والديدان التي هي في داخل الأرض ! وإنما من على الأرض ؛ من إنسان وحيوان ، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم :" …يرحمكم من في السماء " ، أي : على السماء ، فمثل هذا التفصيل لا بد للمستجيبين لدعوة الحق أن يكونوا على بينة منه ، ويقرب هذا : حديث الجارية وهي راعية غنم ، وهو مشهور معروف ، وإنما أذكر الشاهد منه ؛ حينما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أين الله ؟" قالت له : في السماء"(1) . لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر – مثلاً – أين الله ؟ لقالوا لك : في كل مكان ! بينما الجارية أجابت بأنه في السماء ، وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم ، لماذا ؟ ؛ لأنها أجابت على الفطرة ، وكانت تعيش بما يمكن أن نسميه بتعبيرنا العصري ( بيئة سلفية) لم تتلوث بأي بيئة سيئة – بالتعبير العام -؛ لأنها تخرجت كما يقولون اليوم – من مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم – هذه المدرسة لم تكن خاصة ببعض الرجال ولا ببعض النساء ، وإنما كانت مشاعة بين الناس وتضم الرجال والنساء وتعم المجتمع بأكمله ، ولذلك عرفت راعية الغنم العقيدة لأنها لم تتلوث بأي بيئة سيئة ؛ عرفت العقيدة الصحيحة التي جاءت في الكتاب والسنة وهو مالم يعرفه كثير ممن يدعي العلم بالكتاب والسنة ، فلا يعرف أين ربه! مع أنه مذكور في الكتاب والسنة ، واليوم أقول : لا يوجد شيء من هذا البيان وهذا الوضوح بين المسلمين بحيث لو سألت –لا أقول : راعية غنم – بل راعي أمة أو جماعة ؛ فإنه قد يحار في الجواب كما يحار الكثيرون اليوم إلا من رحم الله وقليل ما هم !!!

الدعوة إلى العقيدة الصحيحة تحتاج إلى بذل جهد عظيم ومستمر :

فإذاً ، فالدعوة إلى التوحيد وتثبيتها في قلوب الناس تقتضي منا ألا نمر بالآيات دون تفصيل كما في العهد الأول ؛ لأنهم – أولاً – كانوا يفهمون العبارات العربية بيسر ، وثانياً لأنه لم يكن هناك انحراف وزيغ في العقيدة نبع من الفلسفة وعلم الكلام ، فقام ما يعارض العقيدة السليمة ، فأوضاعنا اليوم تختلف تماماً عما كان عليه المسلمون الأوائل ، فلا يجوز أن نتوهم بأن الدعوة إلى العقيدة الصحيحة هي اليوم من اليسر كما كان الحال في العهد الأول ، وأقرب هذا في مثل لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان – إن شاء الله تعالى- :

من اليسر المعروف حينئذ أن الصحابي يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة ثم التابعي يسمع الحديث من الصحابي مباشرة … وهكذا نقف عند القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ، ونسأل : هل كان هناك شيء اسمه علم الحديث ؟ الجواب : لا ، وهل كان هناك شيء اسمه علم الجرح والتعديل ؟ الجواب : لا ، أما الآن فهذان العلمان لا بد منهما لطالب العلم ، وهما من فروض الكفاية ؛ وذلك لكي يتمكن العالم اليوم من معرفة الحديث إن كان صحيحاً أو ضعيفاً ، فالأمر لم يعد ميسراً سهلاً كما كان ذلك ميسراً للصحابي ، لأن الصحابي كان يتلقى الحديث من الصحابة الذين زكوا بشهادة الله – عز وجل – لهم ….إلخ . فما كان يومئذ ميسوراً ليس ميسوراً اليوم من حيث صفاء العلم وثقة مصادر التلقي ، لهذا لا بد من ملاحظة هذا الأمر والاهتمام به كما ينبغي مما يتناسب مع المشاكل المحيطة بنا اليوم بصفتنا مسلمين ، والتي لم تحط بالمسلمين الأولين من حيث التلوث العقدي الذي سبب إشكالات وأوجد شبهات من أهل البدع المنحرفين عن العقيدة الصحيحة منهج الحق تحت مسميات كثيرة ، ومنها الدعوة إلى الكتاب والسنة فقط ! كما يزعم ذلك ويدعيه المنتسبون إلى علم الكلام .

ويحسن بنا هنا أن نذكر بعض ما جاء في الأحاديث الصحيحة في ذلك ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الغرباء في بعض تلك الأحاديث ، قال :" للواحد منهم خمسون من الأجر " ، قالوا : منا يا رسول الله أو منهم ؟ قال : " منكم"(1) .

وهذا من نتائج الغربة الشديدة للإسلام اليوم التي لم تكن في الزمن الأول ، ولا شك أن غربة الزمن الأول كانت بين شرك صريح وتوحيد خال من كل شائبة ، بين كفر بواح وإيمان صادق ، أما الآن فالمشكلة بين المسلمين أنفسهم فأكثرهم توحيده مليء بالشوائب ، ويوجه العبادات إلى غير الله ويدعي الإيمان ؛ هذه القضية ينبغي الانتباه لها أولاً ،و ثانياً : لا ينبغي أن يقول بعض الناس : إننا لا بد لنا من الانتقال إلى مرحلة أخرى غير مرحلة التوحيد وهي العمل السياسي !! لأن الإسلام دعوته دعوة حق أولاً ، فلا ينبغي أن نقول : نحن عرب والقرآن نزل بلغتنا ، مع تذكيرنا أن العرب اليوم عكس الأعاجم الذين استعربوا ، بسبب بعدهم عن لغتهم ، وهذا ما أبعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم ، فهب أننا – نحن العرب – قد فهمنا الإسلام فهماً صحيحاً ، فليس من الواجب علينا بأن نعمل عملاً سياسياً ، ونحرك الناس تحريكاً سياسياً ، ونشغلهم بالسياسة عما يجب عليهم الاشتغال به ، في فهم الإسلام : في العقيدة ، والعبادة ، والمعاملة والسلوك !! فأنا لا أعتقد أن هناك شعباً يعد بالملايين قد فهم الإسلام فهماً صحيحاً –أعني : العقيدة ، والعبادة ، والسلوك –وربي عليها.

أساس التغيير هو منهج التصفية والتربية :

ولذلك نحن ندندن أبداً ونركز دائماً حول النقطتين الأساسيتين اللتين هما قاعدة التغيير الحق ، وهما : التصفية والتربية ، فلا بد من الأمرين معاً ؛ التصفية والتربية ، فإن كان هناك نوع من التصفية في بلد فهو في العقيدة ، وهذا – بحد ذاته – يعتبر عملاً كبيراً وعظيماً أن يحدث في جزء من المجتمع الإسلامي الكبير- أعني : شعباً من الشعوب – ، أما العبادة فتحتاج إلى أن تتخلص من المذهبية الضيقة ، والعمل على الرجوع إلى السنة الصحيحة ، فقد يكون هناك علماء أجلاء فهموا الإسلام فهماً صحيحاً من كل الجوانب ، لكني لا أعتقد أن فرداً أو اثنين ، أو ثلاثة ، أو عشرة ، أو عشرين يمكنهم أن يقوموا بواجب التصفية ، تصفية الإسلام من كل ما دخل فيه ؛ سواء في العقيدة ، أو العبادة ، أو السلوك ، إنه لا يستطيع أن ينهض بهذا الواجب أفراد قليلون يقومون بتصفية ما علق به من كل دخيل ويربوا من حولهم تربية صحيحة سليمة ، فالتصفية والتربية الآن مفقودتان .

ولذلك سيكون للتحرك السياسي في أي مجتمع إسلامي لا يحكم بالشرع آثار سيئة قبل تحقيق هاتين القضيتين الهامتين ، أما النصيحة فهي تحل محل التحرك السياسي في أي بلد يحكم بالشرع من خلال المشورة أو من خلال إبدائها بالتي هي أحسن بالضوابط الشرعية بعيداً عن لغة الإلزام أو التشهير ، فالبلاغ يقيم الحجة ويبرئ الذمة .

ومن النصح أيضاً ، أن نشغل الناس فيما ينفعهم ؛بتصحيح العقيدة ، والعبادة ،و السلوك ، والمعاملات .
وقد يظن بعضهم أننا نريد تحقيق التربية والتصفية في المجتمع الإسلامي كل! هذا ما لا نفكر فيه ولا نحلم به في المنام ؛ لأن هذا تحقيقه مستحيل ؛ ولأن الله عز وجل يقول في القرأن الكريم {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}(هود:118).
وهؤلاء لا يتحقق فيهم قول ربنا تعالى هذا إلا إذا فهموا الإسلام فهماً صحيحاً وربوا أنفسهم وأهليهم ومن كان حولهم على هذا الإسلام الصحيح .

من يشتغل بالعمل السياسي ؟ ومتى ؟

فالاشتغال الآن بالعمل السياسي مشغلة ! مع أننا لا ننكره ، إلا أننا نؤمن بالتسلسل الشرعي المنطقي في آن واحد ، نبدأ بالعقيدة ، ونثني بالعبادة ثم بالسلوك ؛ تصحيحاً وتربية ثم لا بد أن يأتي يوم ندخل فيه في مرحلة السياسة بمفهومها الشرعي ؛ لأن السياسة معناه : إدارة شؤون الأمة ، من الذي يدير شؤون الأمة ؟ ليس زيداً ، وبكراً ، وعمراً ؛ممن يؤسس حزباً أو يترأس حركة ، أو يوجه جماعة !! هذا الأمر خاص بولي الأمر ؛ الذي يبايع من قبل المسلمين ، هذا هو الذي يجب عليه معرفة سياسة الواقع وإدارته ، فإذا كان المسلمون غير متحدين – كحالنا اليوم – فيتولى ذلك كل ولي أمر حسب حدود سلطاته ، أما أن نشغل أنفسنا في أمور لو افترضنا أننا عرفناها حق المعرفة فلا تنفعنا معرفتنا هذه ؛ لأننا لا نتمكن من إدارتها ، ولأننا لا نملك القرار لإدارة الأمة ، وهذا وحده عبث لا طائل تحته ، ولنضرب مثلاً الحروب القائمة ضد المسلمين في كثير من بلاد الإسلام هل يفيد أ ن نشعل حماسة المسلمين تجاهها ونحن لا نملك الجهاد الواجب إدارته من إمام مسؤول عقدت له البيعة ؟! لا فائدة من هذا العمل ، ولا نقول : إنه ليس بواجب ! ولكننا نقول : إنه أمر سابق لأوانه ، ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غيرنا ممن ندعوهم إلى دعوتنا ؛ بتفهيمهم الإسلام الصحيح ، وتربيتهم تربية صحيحة، أما أن نشغلهم بأمور حماسية وعاطفية ، فذلك مما سيصرفهم عن التمكن في فهم الدعوة التي يجب أن يقوم بها كل مكلف من المسلمين ؛ كتصحيح العقيدة ،وتصحيح العبادة ، وتصحيح السلوك ، وهي من الفروض العينية التي لا يعذر المقصر فيها ،و أما الأمور الأخرى فبعضها يكون من الأمور الكفائية ، كمثل ما يسمى اليوم بـ (فقه الواقع ) والاشتغال بالعمل السياسي الذي هو من مسئولية من لهم الحل والعقد ، الذين بإمكانهم أن يستفيدوا من ذلك عملياً ، أما أن يعرفه بعض الأفراد الذين ليس بأيديهم حل ولا عقد ويشغلوا جمهور الناس بالمهم عن الأهم ، فذلك مما صرفهم عن المعرفة الصحيحة ! وهذا مما نلمسه لمس اليد في كثير من مناهج الأحزاب والجماعات الإسلامية اليوم ، حيث نعرف أن بعضهم انصرف عن تعليم الشباب المسلم المتكتل والملتف حول هؤلاء الدعاة من أجل أن يتعلم ويفهم العقيدة الصحيحة ، والعبادة الصحيحة ، والسلوك الصحيح ، وإذا ببعض هؤلاء الدعاة ينشغلون بالعمل السياسي ومحاولة الدخول في البرلمانات التي تحكم بغير ما أنزل الله ! فصرفهم هذا عن الأهم واشتغلوا بما ليس مهما ً في هذه الظروف القائمة الآن .

أما ما جاء في السؤال عن كيفية براءة ذمة المسلم أو مساهمته في تغيير هذا الواقع الأليم ؛ فنقول : كل من المسلمين بحسبه ، العالم منهم يجب عليه ما لا يجب على غير العالم ، وكما أذكر في مثل هذه المناسبة : أن الله عز وجل قد أكمل النعمة بكتابه ، وجعله دستوراً للمؤمنين به ، من ذلك أن الله تعالى قال :{ … فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(الانبياء: من الآية7) فالله سبحانه وتعالى قد جعل المجتمع الإسلامي قسمين : عالماً ، وغير عالم ، وأوجب على كل منهما مالم يوجبه على الآخر ، فعلى الذين ليسوا بعلماء أن يسألوا أهل العلم ، وعلى العلماء أن يجيبوهم عما سئلوا عنه ، فالواجبات – من هذا المنطلق – تختلف باختلاف الأشخاص ، فالعالم اليوم عليه أن يدعوا إلى دعوة الحق في حدود الاستطاعة ، وغير العالم عليه أن يسأل عما يهمه بحق نفسه أو من كان راعياً ؛ كزوجة أو ولد أو نحوه ، فإذا قام المسلم –من كلا الفريقين – بما يستطيع ؛ فقد نجا ، لأن الله عز وجل يقول : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا }(البقرة: من الآية286) .

نحن – مع الأسف نعيش في مأساة ألمت بالمسلمين ، لا يعرف التاريخ لها مثيلاً ، وهو تداعي الكفار على المسلمين ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في مثل حديثه المعروف والصحيح :" تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالوا : أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال : "لا ، أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم لكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن" ، قالوا: وما الوهن يارسول الله ؟ قال : "حب الدنيا وكراهية الموت".(1)

فواجب العلماء إذاً ، أن يجاهدوا في التصفية والتربية ، وذلك بتعليم المسلمين التوحيد الصحيح وتصحيح العقائد والعبادات ، والسلوك ، كل حسب طاقته وفي البلاد التي يعيش فيها ، لأنهم لا يستطيعون القيام بجهاد اليهود في صف واحد ماداموا كحالنا اليوم ، متفرقين ، لا يجمعهم بلد واحد ولا صف واحد ، فإنهم لا يستطيعون القيام بمثل هذا الجهاد لصد الأعداء الذين تداعوا عليهم ، ولكن عليهم أن يتخذوا كل وسيلة شرعية بإمكانهم أن يتخذوها ، لأننا لا نملك القدرة المادية ، ولو استطعنا ، فإننا لا نستطيع أن نتحرك فعلاً ، لأن هناك حكومات وقيادات وحكاماً في كثير من بلاد المسلمين يتبنون سياسات لا تتفق مع السياسة الشرعية – مع الأسف الشديد – لكننا نستطيع أن نحقق – بإذن الله تعالى _ هذين الأمرين العظيمين اللذين ذكرتهما آنفاً وهما التصفية والتربية ، وحينما يقوم الدعاة المسلمون بهذا الواجب المهم جداً في بلد لا يتبنى سياسة لا تتفق مع السياسة الشرعية ، ويجتمعون على هذا الأساس ، فأنا أعتقد – يومئذ- أنه سيصدق عليهم قول الله عز وجل :{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّه)(الروم: من الآية4-5) .

الواجب على كل مسلم أن يطبق حكم الله في شئون حياته كلها فيما يستطيعه :

إذاً ، واجب كل مسلم أن يعمل ما باستطاعته ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وليس هناك تلازم بين إقامة التوحيد الصحيح والعبادة الصحيحة ، وبين إقامة الدولة الإسلامية في البلاد التي لا تحكم بما أنزل الله ، لأن أول ما يحكم بما أنزل الله –فيه- هو إقامة التوحيد ، وهناك – بلا شك – أمور خاصة وقعت في بعض العصور وهي أن تكون العزلة خيراً من المخالطة ، فيعتزل المسلم في شعب من الشعاب ويعبد ربه ، ويكف من شر الناس إليه ، وشره إليهم ، هذا الأمر قد جاءت فيه أحاديث جداً وإن كان الأصل كما جاء في حديث ابن عمر –رضي الله عنه -:"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم "(1). فالدولة المسلمة – بلا شك – وسيلة لإقامة حكم الله في الأرض ، وليست غاية بحد ذاتها .

ومن عجائب بعض الدعاة أنهم يهتمون بما لا يستطيعون القيام به من الأمور ، ويدعون ما هو واجب عليهم وميسور !وذلك بمجاهدة أنفسهم كما قال ذلك الداعية المسلم؛ الذي أوصى أتباعه بقوله:" أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في أرضكم"

ومع ذلك فنحن نجد كثيراً من أتباعه يخالفون ذلك ، جاعلين جل دعوتهم إلى إفراد الله عزوجل بالحكم ، ويعبرون عن ذلك بالعبارة المعروفة : " الحاكمية لله ". ولا شك بأن الحكم لله وحده ولا شريك له في ذلك ولا في غيره ، ولكنهم ؛ منهم من يقلد مذهباً من المذاهب الأربعة ، ثم يقول – عندما تأتيه السنة الصريحة الصحيحة -: هذا خلاف مذهبي !فأين الحكم بما أنزل الله في اتباع السنة؟!.
ومنهم من تجده يعبد الله على الطرق الصوفية ! فأين الحكم بما أنزل الله بالتوحيد ؟!فهم يطالبون غيرهم بما لا يطالبون به أنفسهم ، إن من السهل جداً أن تطبق الحكم بما أنزل الله في عقيدتك ، في عبادتك ، في سلوكك ، في دارك ، في تربية أبنائك ، في بيعك ، في شرائك ، بينما من الصعب جداً ، أن تجبر أو تزيل ذلك الحاكم الذي يحكم في كثير من أحكامه بغير ما أنزل الله ، فلماذا تترك الميسر إلى المعسر؟! .
هذا يدل على أحد شيئين : إما أن يكون هناك سوء تربية ، وسوء توجيه . وإما أن يكون هناك سوء عقيدة تدفعهم وتصرفهم إلى الاهتمام بما لا يستطيعون تحقيقه عن الاهتمام بما هو داخل في استطاعتهم ، فأما اليوم فلا أرى إلا الاشتغال كل الاشتغال بالتصفية والتربية ودعوة الناس إلى صحيح العقيدة والعبادة ، كل في حدود استطاعته ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، والحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد عليه وآله وسلم .

(1) أصل هذه الرسالة شريط مسجل ثم كتب ، وطبع في مجلة السلفية ، العدد الرابع عام 1419 هـ .

(1) حديث صحيح : رواه البخاري (1395) وفي غير موضع ، ومسلم (19) ، وأبو داود(1584) ، والترمذي (625) ، كلهم من حديث ابن عباس رضي الله عنه .

(2) يشير إلى قوله تعالى في سورة الصافات:{ )إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات:35-36)

(1) هو الشيخ محمد الهاشمي ، أحد شيوخ الصوفية " الطريقة الشاذلية " في سوريا من نحو 50 سنة .

(2) حديث صحيح : رواه البخاري (25) وفي غير موضع ، ومسلم (22) ، وغيرهم ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

(1) يعبدون القبور ، ويذبحون لغير الله ، ويدعون الأموات ، وهذا واقع وحقيقة ما تعتقده الرافضة ،و الصوفية ، وأصحاب الطرق ، فالحج إلى القبور وبناء المشاهد الشركية والطواف عليها والاستغاثة بالصالحين والحلف بهم عقائد ثابتة عندهم .

(2) حديث صحيح : رواه أحمد (5/236)، وابن حبان (4)زوائد ، وصححه الألباني في الصحيحة(3355) .

(1) حديث صحيح : صححه لألباني في السلسلة الصحيحة (1932)وعزاه لأبي سعيد الأعرابي في معجمه وأبي نعيم في الحلية (5/46)، والطبراني في الأوسط (6533)، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(2) هذه عقيدة السلف الصالح ، وهي الحد الفاصل بيننا وبين الخوارج والمرجئة .

(1) حديث صحيح : رواه أبو داود (4941)، والترمذي(1925) ، وصححه الألباني في الصحيحه (925) .

(1) حديث صحيح : رواه مسلم (537) ، وأبو داود (930) ،والنسائي (1/14-18)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه .

(1) حديث صحيح : رواه الطبراني في الكبير (10/255) رقم (10394) ، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .وله شاهد من حديث عقبة بن غزوان الصحابي رضي الله عنه رواه البزار كما في الزوائد (7/282)وله شاهد آخر من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه رواه أبو داود (4341) ، وصححه الألباني في الصحيحة (494) .

(1) حديث صحيح : رواه أبو داود (4297) ، وأحمد (5/287) ، من حديث ثوبان رضي الله عنه ، وصححه بطريقيه الألباني في الصحيحة (958) .

(1) حديث صحيح : رواه الترمذي (2507) ، وابن ماجه (4032) ، والبخاري في الأدب المفرد (388) ، وأحمد (5/365) ، من حديث شيخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصححه الألباني في الصحيحة (939) .

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




موضوع مهم جدا جدا..

أحسن الله إليكِ، نقلٌ موفقٌ، جعله الله في ميزان حسناتكِ..

وفقكِ الله




بورك فيك وأحسن الله إليك

تحياتي…




تعليمية




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




جزاكم الله خيرا

نصائح و أسس تكتب بماء من ذهب

رحم الله الإمام العلامة ناصر الدين الألباني




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[فتاوى] الرد على من يقول : أن الناس في البلاد الإسلامية على التوحيد فلماذا يشتغلون بت

تعليمية تعليمية
[فتاوى] الرد على من يقول : أن الناس في البلاد الإسلامية على التوحيد فلماذا يشتغلون بتعلم التوحيد ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

لا أحد يأمن على نفسه من الشرك

حمّل الصوتية من هنا


السؤال:

ما الرد على من يقول أن الناس في هذه البلاد على بيئة التوحيد وعلى الفطرة السليمة فلماذا يشتغلون بتعلم التوحيد؟

الجواب لمعالي الشيخ صالح الفوزان وفقه الله تعالى: يا سبحان الله !! يعني آمنين من الشرك، ما أحد يأمن على نفسه، ابراهيم عليه السلام قال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ)، خاف على نفسه، مع أنه هو الذي كسر الأصنام وألقي في النار بسبب ذلك ومع هذا خاف على نفسه، والسبب (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ)، فتنة والعياذ بالله، ولا أحد يأمن على نفسه من الشرك، ولا يكفي إن تقول أنا موحد وأنا ما أشرك، لا صرت ما تعرف الشرك تقع فيه، لازم تتعلم الشرك ما هو وأنواع الشرك عشان تتجنبها، ولا تزكي نفسك وتقول أنا في حماية وأنا..، ضل من هو أعظم منك ضلوا وزاغوا، خاف من الفتنة يا أخي، الفتنة عظيمة الآن، كما تعلمون الفتن الآن عظيمة ومتنوعة وتصل إلى الناس وهم على فرشهم في بيوتهم وهم مغلقون أبوابهم تدخل عليهم الفتن بواسطة ما تعلمون من وسائل الإعلام الشريرة، فالفتن عظيمة ولا أحد يأمن على نفسه، ولا تزكي نفسك ولا تأمن على نفسك. نعم.

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

صفاء التوحيد وآثار الذنوب


التوحيد ألطف شيء وأنزهه وأنظفه وأصفاه فأدنى شيء يخدشه ويدنّسه ويؤثّر فيه فهو كأبيض ثوب يكون يؤثّر فيه أدنى أثر وكالمرآة الصافية جدا أدنى شيء يؤثر فيها ولهذا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الخفية فإن بادر صاحبه
وقلع ذلك الأثر بضده وإلا استحكم وصار طبعا يتعسّر عليه قلعه.

وهذه الآثار والطبوع التي تحصل فيه:منها ما يكون سريع الحصول بطيء الزوال ومنها ما يكون بطيء الحصول سريع الزوال ومنها ما يكون بطيء الحصول بطيء الزوال
ولكن من الناس ما يكون توحيده كبيرا عظيما ينغمر فيه كثير من تلك الآثار ويستحيل فيه بمنزلة الماء الكثير الذي يخالطه أدنى نجاسة أو وسخ، فيغتر به صاحب التوحيد الذي هو دونه فيخلط توحيده الضعيف بما خلط به صاحب التوحيد العظيم الكثير توحيده فيظهر من تأثيره فيه ما لم يظهر في التوحيد الكثير وأيضا فان المحل الصافي جدا يظهر لصاحبه مما يدنّسه ما لا يظهر في المحل الذي لم يبلغ في الصفاء مبلغه فيتداركه بالإزالة دون هذا فإنه لا يشعر به وأيضا فإن قوة الإيمان والتوحيد إذا كانت قوية جدا أحالت المواد الرديئة وقهرتها بخلاف القوة الضعيفة وأيضا فإن صاحب المحاسن الكثيرة والغامرة للسيئات ليسامح بما لا يسامح به من أتى مثل تلك السيئات وليست له مثل تلك المحاسن كما قيل:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع

وأيضا فإن صدق الطلب وقوة الإرادة وكمال الانقياد يحيل تلك العوارض والغواشي الغريبة إلى مقتضاه وموجبه كما أن الكذب وفساد القصد وضعف الانقياد يحيل الأقوال والأفعال الممدوحة إلى مقتضاه وموجبه كما يشاهد ذلك في الأخلاط الغالبة وإحالتها لصالح الأغذية إلى طبعها

من كتاب الفوائد لبن قيم الجوزية رحمه الله




وإذا الحبيب أتى بذنب واحد*** جاءت محاسنه بألف شفيع

اللَّـهُمَّ ارزُقنا حُـبَّكَ وحُبَّ مَن أَحَبَّكَ

بارك الله فيك أخي ونفع بك وبأعلامنا العِظام




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة general تعليمية

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد*** جاءت محاسنه بألف شفيع

اللَّـهُمَّ ارزُقنا حُـبَّكَ وحُبَّ مَن أَحَبَّكَ

بارك الله فيك أخي ونفع بك وبأعلامنا العِظام


اللهم آمين

وفيك بارك الله أخي
نسأل الله أن يجعلنا من الموحدين له




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

أهمية التوحيد لشيخ العلامة الفوزان

تعليمية تعليمية
أهمية التوحيد..لشيخ العلامة الفوزان
أهمية التـوحيد
الشيخ صالح الفوزان


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا ًعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ( يـَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يـَـأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرا ًوَنِسَاء ًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً) ( يَــأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا ًيُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزا ًعَظِيماً ).

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و سلم وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ .

وبــعد … نقدم هذه المحاضرة القيمة والتي بعنوان " أهمية التوحيد " لفضيلة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء والتي ألقاها فضيلته في يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر صفر لعام 1413 هـ.

أهمية التـوحيد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد…

ليس هو من المواضيع التي تقل فائدتها أو المواضيع التي تختص ببعض الناس دون بعض وإنما هو موضوع يجب على كل مسلم معرفته ، ألا وهو أهمية التوحيد ومكانته في الإسلام ذلك الموضوع الذي يجب علينا دائماً أن نتحدث عنه وأن نوضحه وأن نتعلمه لأنه مناط السعادة في الدنيا والآخرة.

معنـى التوحيـد:
التوحيد معناه: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وترك عبادة ما سواه.
وهذا الموضوع تكرر ذكره في كتاب الله عز وجل ولا محال تخلو سورة ممن سور القرآن العظيم إلا وفيها ذكر للتوحيد وأمر به وحث عليه وهناك سور كثيرة وخصوصاً المكية تكون من أولها إلى آخرها في موضوع التوحيد، بل إن الأمام ابن القيم رحمه الله في كتابه "مدارج الساكين" يقول: إن القرآن كله في التوحيد لأنه إما خبر عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وأمر بعبادته وحده لا شريك له ونهي عن الشرك ، وإما بيان لجزاء الموحدين الذين أخلصوا العبادة لله عز وجل في الدنيا والآخرة وبيان لجزاء المشركين الذين أعرضوا عن التوحيد وما حل بهم من العقوبات في الدنيا وما ينتظرهم في الآخرة ، وإما إخبار عن الموحدين من الرسل وأتباعهم أو إخبار عن المكذبين من المشركين وأتباعهم من الأمم السابقة كقوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات وغيرهم من الأمم لما أعرضوا عن التوحيد وعصوا الرسل وماذا حل بهم ، وإما بيان الحلال والحرام وهذا من حقوق التوحيد فالقرآن كله توحيد لأنه إما لبيان التوحيد وبيان مناقضاته ومنقصاته ، وإما إخبار عن أهل التوحيد وما أكرمهم الله به أو إخبار عن المشركين وما انتقم الله تعالى منهم به في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة ، وإما أحكام حلال وحرام وهذا من حقوق التوحيد فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه ومفسداته ومبطلاته فالقرآن كله يدور على التوحيد.
إن بعض الناس اليوم من جهلة الدعاة وأقولها بأسف لأنه لا يصلح للدعوة من كان جاهلاً لا يجوز أن يدخل في مجال الدعوة إلا من كان عالماً مسلحاً بالعلم ولكن فيه من جهلة الدعاة من يهونون من شأن التوحيد ويقولون الناس مسلمون وانتم في بلاد مسلمين, العالم الإسلامي ليس بحاجة إلى من يلقي محاضرات في التوحيد أو يقرر مقررات في المدارس في التوحيد أو يقرأ كتب التوحيد بالمساجد هكذا يقولون..! ، وهذا من الجهل العظيم لأن المسلم أحوج من غيره لمعرفة التوحيد من أجل أن يحققه ومن أجل أن يقوم به ومن أجل أن يبتعد عما يخل به أو يناقضه من الشركيات والبدع والخرافات ما يكفي أن يكون مسلماً بالاسم من غير أن يحقق الإسلام ولن يحققه إلا إذا عرف أساسه وقاعدته التي يبنى عليها وهو التوحيد. فإن الناس إذا جهلوا التوحيد وجهلوا مسائل الشرك وأمور الجاهلية فإنهم حينئذٍ يقعون في الشرك من حيث يدرون أو لا يدرون وحينئذٍ تقوض عقيدة التوحيد كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: [ إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ] وهل كل المسلمين يعرفون أمور العقيدة ويعرفون التوحيد ؟ إذا كان العلماء يعلمون هذا فالعلماء قلة وأقل من القليل العلماء بالمعنى الصحيح أقل من القليل وكلما تأخر الزمان فإن العلماء على الحقيقة يقلون ويكثر المتعالمون ويكثر القراء ويكثر الرؤوس الجهّال كما قال صلى الله عليه وسلم :[ إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض هذا العلم بموت العلماء حيى إذا لم يبقى عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالا فأفتوا بغير علمٍٍ فضلوا وأضلوا ] وفي حديث آخر أنه في آخر الزمان يقل العلماء ويكثر القرّاء ، وفي أثر آخر يكثر الخطباء في آخر الزمان ويقل الفقهاء ومن هنا يجب علينا أن نهتم بجانب التوحيد وأن نعتني به عناية تامة بأن ندرسه وندرّسه ونحاضر فيه ونعقد فيه الندوات ونشكل به البرامج في وسائل الإعلام ونكتب في الصحف وندعو إلى التوحيد رضي من رضي وغضب من غضب لأن هذا أساس ديننا وهذا مبنى عقيدتنا ونحن أحوج الناس إلى أن نتعرف عليه وأن نتدارسه وأن نبينه للناس.
في العالم الإسلامي ـ ماعدا هذه البلاد التي حماها الله بدعوة التوحيد ـ المشاهد الشركية المشيدة على القبور كما تسمعون عنها أو كما رآها بعضكم ممن سافر، الدين عندهم هو الشرك وعبادة الموتى والتقرب إلى القبور ومن لم يفعل ذلك عندهم فليس بمسلم لأنه بزعمهم يتنقّص الأولياء كما يقولون وهناك دعاة لا يهتمون في تلك البلاد بأمر التوحيد مع الأسف إنما يدعون الناس إلى الأخلاق الطيبة وإلى ترك الزنا وترك شرب الخمور هذه كبائر محرمات بلا شك ولكن حتى لو ترك الناس الزنا وشرب الخمور وحسنوا أخلاقهم وتركوا الربا لكن لم يتركوا الكبائر ما داموا أنهم لم يتركوا الشرك وحتى من لم يشرك ما دام أنه لا ينكر الشرك ولا يدعوا إلى التوحيد ولا يتبرأ من المشركين فإنه يكون مثلهم ولهذا يقول جل وعلا لنبيه (( وما أنا من المشركين )) ]سورة يوسف-108[ ، هذا فيه البراءة من المشركين، فالمسلم الموحد لابد أن يتبرأ من المشركين ولا يسعه أن يسكت والشرك يعج في البلد والأضرحة تبنى والطواف بالقبور معمور ولا يسع من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسكت على هذا الوباء الخطير الذي يفتك بجسم الأمة ويقول لا ادعوا الناس إلى حسن السيرة والسلوك وترك الخمور وترك الزنا، وماذا تجدي هذه الأمور مع فقد الأساس ؟ أنت لما تبني بناءً ألست أول شيء تهتم بالأساس والقواعد من أجل أن تقيم البناء الصحيح وإلا إذا لم تهتم بالأساس ولم تهتم بقواعد البناء فإنك مهما شيدته ونمقته فإنه عرضة للسقوط ويكون خطراً عليك وعلى من دخل هذا المبنى ، كذلك الدين إذا لم يقم على عقيدة سليمة وأساس صحيح وتوحيد لله وتنزيه عن الشرك وإبعاد للمشركين عن موطن الإسلام فإن هذا الدين لا ينفع أهله لأنه دين لم يبنى على أساس ولم يبنى على قاعدة سليمة.
النبي صلى الله عليه و سلم مكث بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى التوحيد يقول للناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ـيدعو إلى التوحيد ـ.السور المكية كلها تعالج قضية التوحيد وتأسيس العقيدة ثم لمّا تأسس التوحيد وقامت العقيدة نزلت شرائع الإسلام ، نزل الأمر بالصلاة والأمر بالزكاة هذا إنما نزل بالمدينة ـ الصلاة فرضت على النبي صلى الله عليه و سلم في مكة ليلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة بأشهربعد تأسيس التوحيد وبعدما بنيت العقيدة ثم نزلت الزكاة ونزل الصيام والحج وبقية شرائع الإسلام ـ ، ويوضح هذا جلياً أن الرسول لما بعث معاداً رضي الله عنه إلى اليمن رسم له منهج الدعوة وقال له: [ إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ]1.

التوحيد هو أول شيء أمر النبي صلى الله عليه و سلم معاذاً بالدعوة إليه وهذا ليس خاص بمعاذ، هذا عام لكل من يدعو إلى الله عز وجل أن نبدأ بهذا الأصل فإن هم أطاعوك لذلك وشهدوا أن لا إله إلا الله واعترفوا بعقيدة التوحيد حينئذٍ مرهم بالصلاة والزكاة أما بدون أن يقروا بالتوحيد فلا تأمرهم بالصلاة لأنه لا فائدة للصلاة والزكاة ولجميع الأعمال ـ ولو كثرت ـ بدون توحيد. قال اله سبحانه وتعالى (( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ))] سورة الزمر 65-66[ ، وقال الله تعالى لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم في قوله تعالى (( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون…… إلى قوله تعالى …… ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )) ]سورة الأنعام 83…88[. الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أول ما يبدءون بدعوة التوحيد قال الله تعالى في نوح علية السلام (( لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره )) ]سورة الأعراف 59[ ، وقال تعالى (( وإلى عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره )) ]سورة هود 61 [ ، ((وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره )) ]سورة هود 61 [، (( وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره)) ]سورة هود 84[ ،بل إنه سبحانه وتعالى أجمل الرسل في قوله (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة))]سورة النحل 36 [ وقال تعالى((وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله أنا فاعبدون)) ]سورة الأنبياء 25.[
هذا هو الأساس وهذا هو الأصل وهذا هو القاعدة، فكيف نزهد في هذا الأمر ونغفل عنه ونخطّئ من يدعو إليه ويقال عن هذا يفرق بين المسلمين! لا هذا لا يفرق بين المسلمين هذا يجمع كلمة المسلمين لأن كلمة المسلمين لا تجتمع إلا على كلمة التوحيد ولا يستتب الأمن والاستقرار إلا على التوحيد قال الله سبحانه وتعالى (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً )) ]سورة النور55 [، بهذا الشرط هذا هو الأساس إنما تحصل هذه المطالب العظيمة بعبادة الله وحده لا شريك له " يعبدونني لا يشركون بي شيئاً "، فلا تجتمع كلمة الأمة ولا يصح بناء الأمة إلا على كلمة التوحيد، ـ على عقيدة التوحيد الصحيحة ـ أما إذا دخل الشرك وتفشّت البدع والخرافات وتركت وقيل اتركوا الناس، الناس أحرار في عقائدهم اتركوهم لا تنفروهم، بهذا يحصل الاختلاف ويحصل التفرق ويدخل الشيطان بين صفوف المسلمين فيفرق جماعتهم كما هو الواقع. أضرب لكم مثلاً في هذه البلاد:
هذه البلاد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله إلى التوحيد كانت متفرقة كل قرية لها أمير وحكومة وكل قرية تخض للأخرى وكل قرية تحارب الأخرى بل يذكر التاريخ أن أهل القرية يتقاتلون فيما بينهم ـ سلب ونهب وقتل وقتيل ـ، فلما جاء الله بهذه الدعوة المباركة على يد هذا الرجل الصالح المفلح توحدت البلاد وصارت تحت قيادة واحدة وصارت لها دولة قامت على الدين وعلى التوحيد ولا زالت ولله الحمد، هذا لأنه أسس التوحيد، لكن قبل أن يؤسس التوحيد في البلاد كانت البلاد متفرقة وكانوا يتبركون بالأشجار والأحجار وكان السحرة يعملون عملهم بين الناس وكان المشعوذون يتجولون في القرى ويخربون عقائد الناس وكان الحكم عند القبائل والعوائد الجاهلية ما فيه حكم بالشرع ولا فيه عقيدة صحيحة ولا فيه اجتماع، فلما جاء الله بهذا النور وبهذه الدعوة المباركة توحدت البلاد واطمأن العباد وأقيمت الحدود وأمر بالمعروف ونهي من المنكر وصار المسلمون أخوة، هذا ببركة عقيدة التوحيد الصالحة الصحيحة.
وحالة العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم كانوا متفرقين متشتتين ـ ثارات وغارات وقبائل ـ فلما بُعث النبي صلى الله عليه و سلم ودعاهم إلى التوحيد واستجابوا لله ورسوله توحدوا وصاروا قوة هائلة في الأرض سادت العباد والبلاد وذكرهم الله تعالى بقوله (( واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون )) ]سورة آل عمران-103 [، الله سبحانه وتعالى بين ما كانت عليه حالتهم قبل دعوة الرسول صلى الله عليه و سلم وما كانت عليه بعد دعوته صلى الله عليه و سلم واستجابتهم له، ويقول الله سبحانه وتعالى: (( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين )) ]سورة آل عمران-164 [، كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم في ضلال مبين وكانوا مطمعاً للشعوب الأخرى ـ فارس و الروم ـ وكل دولة من دول الكفر كان لها نصيب في جزيرة العرب فلما جاء الإسلام ودخلوا في دين الله انعكس الأمر فصارت جزيرة العرب تسيطر على العالم وامتدت الفتوح وانتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً. والإمام مالك رحمه الله يقول: [ لايصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها ]

فإذا كانت هذه الأمة الآن تريد الاجتماع وتريد القوة وتريد الائتلاف فإنه لا يصلحها إلا ما أصلح أولها، الذي أصلح أولها هو التوحيد ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالتوحيد والاجتماع على كلمة التوحيد وعلى كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم.

هذا هو الذي يجمع الأمة " العقيدة الصحيحة والعمل الصالح "، الله تعالى يقول:(( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق)) ]سورة الفتح-28 [.
الهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح ولا يمكن أن تجتمع هذه الأمة إلا بالعلم النافع والعمل الصالح الذي أساسه التوحيد وإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة.
ليس التوحيد ما يقوله بعض الجهّال أو الضلاّل الذين يقولون أن التوحيد هو الإقرار بوجود الله أو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحي المميت، هذا توحيد لكنه ليس التوحيد المطلوب هذا التوحيد الذي يقولونه أقرّ به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام يقول الله سبحانه تعالى (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولونّ الله )) ]سورة لقمان-25 [، ويقول الله سبحانه وتعالى (( أمّن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض ومن يدبر الأمر فسيقولون الله )) ]سورة النمل-64 [، ويقول(( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله )) ]سورة المؤمنون-84 [، صاروا مقرّين بأن الله هو الخالق الرازق الذي يملك السماوات والأرض ومن فيهن وهم مشركون ولم يدخلهم ذلك في الإسلام حتى أقرّوا واعترفوا بأن العبادة لله سبحانه وتعالى فأفردوا الله بالعبادة وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأحجار والأشجار وأخلصوا العبادة لله حينئذٍ صاروا مسلمين، أما اقتصار التوحيد على توحيد الربوبية فهذا ليس بتوحيد هذا أقرّ به أبو جهل رأس الكفر وأبو لهب وكل الكفرة أقرّوا بتوحيد الربوبية وأنّ الله هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر لكنهم يعبدون معه أصنام فصاروا مشركين ـ موحدين توحيد الربوبية ومشركين بالألوهية ـولا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية.
لابد من توحيد الألوهية الذي هو إفراد الله بالعبادة وترك عبادة من سواه كما قال الله تعالى (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) ]سورة النحل-36 [،وقال تعالى(( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)) ]سورة النساء-36 [، ما قال أقرّوا بأنّ الله هو الخالق الرازق المحي المميت لأن هذا موجود يقرّون به ولكن هذا لا يكفي.
التوحيد المطلوب هو توحيد الألوهية وهو إفراد الله بالعبادة الذي لا ينجي من عذاب الله إلا هو يقول الرسول صلى الله عليه و سلم :[ أمرت أن أقاتل الناس ـ أي يقاتل الناس الذين يقولون أن الله هو الخالق الرازق المحي المميت ـ حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها ]2، المشركون كانوا يقرّون أن الله هو الخالق الرازق المدبّر ويعترفون أن آلهتهم التي يعبدونها أنّها لا تخلق ولا ترزق ولا تدبّر شيئاً إنما اتخذوها شفعاء ووسائط بين الله بزعمهم ومع إقرارهم بتوحيد الربوبية لمّا قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قولوا لا إله إلا الله قالوا: (( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ من بينهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إنّ هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إن هذا إلا اختلاق آءنزل عليه الذكر من بيننا بل لمّا يذوقوا عذاب ))]سورة ص-4..6 [،يعني كذب يتهمون الرسول صلى الله عليه و سلم لمّا دعاهم إلى توحيد الألوهية وقال تعالى في الآية الأخرى: (( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ))]سورة الصافات-35 [، ويقولون: (( آءنّا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدّق المرسلين )) ]سورة الصافات-37 [، المرسلون كلهم يدعون إلى لا إله إلا الله وخاتمهم وإمامهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه و سلم صدّقهم ودعا إلى التوحيد بل جاء بالحق وصدّق المرسلين الذين من قبله لأنهم كلهم دعوا إلى التوحيد وإلى عبادة الله وحده لا شريك له. لو كان معنى لا إله إلا الله هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق لما قال لهم قولوا لا إله إلا الله دلّ على هذا أن هذا غير هذا وأنه لابد من إفراد الله تعالى بالعبادة قال الله تعالى: (( يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ـ لأنهم يقرّون بأن الله هو الذي خلقهم ـ والذين قبلكم لعلّكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون )) ]سورة البقرة-21،22 [، لا تجعلوا الناس شركاء في العبادة وأنتم تعلمون أن لا خالق ولا رازق إلا الله تعالى وتقرّون بأنّ آلهتكم هذه لا تخلق ولا ترزق، احتج الله عليهم بما أقرّوا به على ما جحدوه من توحيد الألوهية.

فتوحيد الألوهية هو مناط السعادة والشقاوة لابد من تحقيقه ولابد من الدعوة إليه ولابد من بيانه للناس، فالذي يقول لا إله إلا الله ولكنه يعبد القبور والأشجار والأحجار ويتقرّب إلى الأولياء والصالحين والجن والملائكة بشيءٍ من العبادات، هذا مشرك كافر بالله سبحانه وتعالى يجب أن يدعى إلى التوحيد فإن أقرّ به وإلاّ قتل قال الله تعالى: (( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولّوا فاعلموا أن الله هو مولاكم نعم المولى ونعم النصير )) ]سورة الأنفال-39،40 [، " قاتلوهم حتى لا تكون فتنة " يعني شرك، " ويكون الدين كله لله " لا يكون فيه شيء للقبر ولا للصنم ولا للولي ولا للملك ولا للجن ولا للإنس الدين كله لله ـ الدين الذي هو العبادة ‘‘ الصلاة والصيام والدعاء والخوف والرجاء والنذر والرغبة والرهبة والذبح وغير ذلك ‘‘.

فالذي يقسم الدين بين الله وغيره كالقبر والولي فهذا مشرك بالله عزّ وجل كافر بالله، الله تعالى يقول في الحديث القدسي[ أنا أغنـى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه ]3، وفي رواية [ فأنا منه بريء وهو للذي أشرك ]4، فالله عزّ وجل لا يقبل العمل الذي فيه شرك ولا يقبل إلا العمل الخالص لوجهه الكريم ولابد مع ذلك البراءة من المشركين ومن الشرك، يقول الله تعالى:( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكن من المشركين)) ]سورة النحل-120 [، ويقول: (( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براءٌ مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين )) ]سورة الزخرف-26 [، وقال (( لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا إنّا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده )) ]سورة الممتحنة-4 [، هذا هو الدين وهذه ملّة إبراهيم عليه والسلام التي لا ينجو أحد إلا باتباعها ولا يدخل الجنة أحد إلا باتباعها، فأمر العقيدة والتوحيد عظيم، فالكفار والمشركين من اليهود والنصارى يدعون إلى التوحيد وكذلك المرتدّون من المسلمين الذين قالوا لا إله إلا الله ودخلوا الإسلام ثم نكصوا على أعقابهم وصاروا يدعون القبور هؤلاء نحكم عليهم بالردة وندعوهم إلى التوحيد والرجوع إلى الدين من جديد فإن تابوا وإلا قُتلوا (( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحشروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )) ]سورة التوبة-5 [، وفي الآية الأخرى: (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) ]سورة التوبة-11 [.
فالمشرك والكافر يدعى إلى الإسلام والمرتد من المسلمين يدعى إلى التوبة وتصحيح الدين الذي أخل به من عقيدته ويدعى إلى إخلاص العبادة والتوبة من عبادة القبور ومن التقرب إلى الأولياء والصالحين وتحقيق معنى لا إله إلا الله التي ينطق بها، وكذلك المسلم الموحد الذي لا يصدر منه شرك أيضاً يبين له التوحيد الصحيح حتى لا يخطئ وتشرح له العقيدة وخصوصاً أولاد المسلمين وعوام المسلمين وطلبة العلم المبتدئين، وكذلك العلماء الضلاّل أيضاً يدعون إلى تصحيح علمهم وعقيدتهم.
فاليهود كانوا علماء لكنهم علماء سوء فالرسول وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا قال لمعاذ[ إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب ـ أي علماء ـ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ]، أهل علم وأهل دين ويدعون إلى شهادة أن لا إله إلا الله لأنهم تركوها وهم يدّعون أنهم على دين فالانتساب إلى الدين لا يكفي.
الله تعالى يقول: (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون))]سورة التوبة 29 [ ،فالعالم إذا انحرف فإنه يدعى إلى التوحيد ولو كان عالماً فإن استجاب وإلا فإنه يقتل إن كان فرداً وإن كانوا جماعة يقاتلون حتى يكون الدين كله لله عزّ وجل.
التـوحيد إذاً هو: إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه نوضح هذا للناس وتوضح العبادة ما معناها.
العـبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة.
العبادة تكون بالقلب ‘ من الخوف والخشية والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل والإنابة والإخلاص‘ هذه كلها من أعمال القلب وتسمى عبادة قلبية.
وتكون على اللسان ‘ من ذكر لله سبحانه وتعالى والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد ‘ هذه عبادة يتحرك بها اللسان.
وتكون على الجوارح ‘ من الصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله وإخراج الزكاة وصلة الأرحام والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‘.
فكل هذه عبادة شرعها الله عزّ وجل وكلها يجب أن تفرد وتخلص لله عزّ وجل ولا يكون فيها شائبة شرك قال تعالى: (( قل إنما أنا يشرٌ مثلكم يُوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )) ]سورة الكهف-110 [، لم يقتصر على قوله " فليعمل عملاً صالحاً " بل قال " ولا يشرك " لأن العمل الصالح إن دخله شرك بطل وإن كان صالحاً يفسده الشرك ويبطله.


والعمل لا يقبل إلا بشرطين :

الشـرط الأول: الإخلاص لوجـه الله تعـالى.
الشـرط الثـاني: المتـابعة للرسـول صلى الله عليه و سلم .

وهذا جاء في قوله تعالى (( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن )) ]سورة البقرة-111 [.
قوله " من أسلم وجهه لله " هذا هو الإخلاص، الإخلاص في العمل بحيث لا يكون فيه شرك لا أكبر ولا أصغر.
وقوله " وهو محسن " هذا هو الشرط الثاني، فالإحسان هو المتابعة للرسولصلى الله عليه و سلم .

فكل عمل لا يتوفر فيه هذان الشرطان يكون باطلاً ـ فالعمل إذا كان فيه شرك فهو مردود وإذا كان فيه بدعة فهو مردود أيضاً لقوله صلى الله عليه و سلم [ من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد]5 وفي رواية [ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ]6، فمهما حسنت نية الإنسان وقصده إذا كان يعمل عملاً لم يشرعه الرسول صلى الله عليه و سلم فهو بدعة ومردود عليه ولا يقبل مه شيء، وهذا هو معنى شهادة أن إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه و سلم .

ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: متابعته والاقتداء به وترك ما نهى عنه وتصديقه صلى الله عليه و سلم، أما الذي يقول أشهد أن محمداً رسول الله ولكنه لا يتّبعه ولا يعمل بشريعته بل يعمل بالبدع والمحدثات فهذا لا تصح شهادته، فلا بد من الإخلاص ـ وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله ـ ومتابعته ـ وهذا هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه و سلم
.
فالمشرّع هو الرسولصلى الله عليه و سلم وليس المشرّع العالم الفلاني أو الشيخ الفلاني، إنما العلماء يتبعون الرسول صلى الله عليه و سلم ويقتدون به، أمّا من انحرف عن طريق الرسول صلى الله عليه و سلم فإنه لا يتّبع ولا يُقتدى به ولو كان عالماً فهناك من العلماء الضلاّل الذين أضلوا الناس والنبي صلى الله عليه و سلم يقول: [ إنما أخشى على أمتي الأئمة المضلين ]7 الرسول صلى الله عليه و سلم يخشى على أمته الأئمة المضلين أئمة ومضلين يدعون إلى البدعة وإلى الخرافة وإلى المحدثات والعياذ بالله ويدعون إلى عبادة غير الله هؤلاء هم الأئمة المضلون من العلماء.
فالدين هو ما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم وما توفي صلى الله عليه و سلم إلا والدين قد تكامل وأي أحد يزيد إضافة بعد الرسول صلى الله عليه و سلم ويريد أن يجعلها من الدين نقول له أن هذه بدعة، الله تعالى يقول (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) ]سورة المائدة-3 [، هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم وهو واقف بعرفة في حجة الوداع ما عاش بعدها إلا شهرين وأياماً وتوفي صلى الله عليه و سلم وقد أكمل الله تعالى به الدين فحسبنا بما جاء من غير زيادة ولا نقصان هذا الذي يريد النجاة أما الذي يريد أن يشرّع للناس وأن يأتي للناس بعادات وتقاليد ومحدثات فذا مضلّل.

[ النبي صلى الله عليه و سلم يقول لمّا وعظ أصحابه موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب قالوا يا رسول الله كأنها موعظة مودِّع فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإيّاكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ]8.
وكان صلى الله عليه و سلم يقول في خطبه [ إن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدى محمدٍ? وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ] هكذا النبي صلى الله عليه و سلم يوصي الناس بالتمسك بكتاب الله وبسنته ويحذرهم من البدع والمحدثات والله تعالى أنزل وفرض علينا قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من صلواتنا وفي آخرها(( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) الذين أنعم عليهم هم أهل العلم النافع والعمل الصالح أهل الاقتداء والاتباع قال الله تعالى (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً )) ]سورة النساء-69 [.
" صراط الذين أنعمت عليهم " يعني " النبيئين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً " ، " غير المغضوب عليهم " هم العلماء الذين يدعون الناس إلى الضلال الذين لا يعملون بعلمهم يعرفون الحق ولا يعملون به يدعون إلى خلافه لهوىً في نفوسهم أو لأطماع يحصلون عليها أو رئاسات يتبوءونها ، يدعون الناس إلى إلى غير ما يعتقدون وإلى غير ما يعلمون من أجل أن يترأسوا عليهم ويتأكّلوا منهم ومن أجل أن يضلوهم عن سواء السبيل ، فالمغضوب عليهم كل من كان عنده علم ولكنه يخالفه ولا يعمل به وفي طليعتهم اليهود فهم عندهم علم (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ـ يعني محمد صلى الله عليه و سلم ـ كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتـمون الحـق وهم يعلمون )) ]سورة البقرة-146 [، فاليهود يعلمون ولكنهم لا يعملون بعلمهم فهم مغضوبٌ عليهم وكذلك مثلهم من هذه الأمة كل عالم يخالف علمه ولا يعمل به ولا يفتي بالحق ولا يدعو إلى التوحيد ولا يحذر الناس من الشرك يدخل في المغضوب عليهم.
" ولا الضالّين " الضالّون هم الجهّال الذين يعبدون الله على جهل وعلى غير دليل بالبدع والخرافات والمحدثات التي ما أنزل الله بها من سلطان فكل مخرّف ومبتدع ومُحدث في الدين ما ليس منه فهو داخل في الضالين ولهذا يقول عبد الله بن المبارك: [ من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبّادنا ففيه شبه من النصارى ] ومصداق هذا في الآية الكريمة " غير المغضوب عليهم ولا الضالين ".
فالحاصل أن التوحيد هو الأساس وأنّ العقيدة هي رأس الدين ويجب أن نهتم بها وندعو الكفار إليها وندعو المرتدّين إلى الرجوع إليها وإلا يقتلون على ردتهم قال صلى الله عليه و سلم [ من بدّل دينه فاقتلوه ]9، وقال صلى الله عليه و سلم [ لا يحل دم امرئ إلا بثلاث الثيّب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفرّق للجماعة ]10 ، فالتارك لدينه هو المرتد المفرِّق لجماعة المسلمين فهذا يقتل.

فلذلك يجب أن ندعو المسلمين إلى أن يحققوا التوحيد ولا يكفي أن نتركهم ونقول أنهم مسلمين ويكفي ذلك، بل يجب أن نبين لهم العقيدة الصحيحة ونعلِّمهم وندرِّسهم ونحفِّظهم إيِّاها ونعلِّمهم ما يخلُّ بها من الشرك الأكبر والأصغر والبدع والخرافات لكي يجتنبوها لأنهم إذا جهلوها وقعوا فيها.
فبعض الناس يقول أنَّ أولاد المسلمين أولاد بيئة وأولا فطرة وهم مسلمون بدون توحيد ولا داعي لتعليمهم أركان الإسلام والإيمان وأركان التوحيد في المدارس، فهذا مضلِّل يريد تضليل المسلمين والعياذ بالله . سبحان الله ! إذا ما علّمناهم كيف يعرفون الدين وكيف يعرفون عبادة الله سبحانه وتعالى سيأخذون الدين من العادة (( إنّا وجدنا آبائنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون ))]سورة الزخرف-23 [، فنقول لهم لا بل يجب أن يأخذوا الدين عن علم وعن اعتقاد ومعرفة قال الله تعالى: (( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )) ]سورة محمد-19 [.
" فاعلم " أمر بالعلم قبل القول والعمل قال الله سبحانه وتعالى (( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون )) ]سورة الزخرف-86 [.
" شهد بالحق " قال لا إله إلا الله، " وهم يعلمون " يعني هذه الكلمة.
وكيف يعرفون معناها وهم لم يتعلّموا ولم يدرسوا كتب العقيدة الصحيحة ولم يحفظوها ؟ ، فلا يكفي أن يقول لا إله إلا الله دون أن يعرفها ويطبقها ويوالي أهلها ويعادي أعدائها.

فالعقيدة هي أساس ديننا وهي قاعدة شريعتنا ولا يصح عمل إلا بتصحيح العقيدة مهما كانت الأعمال، الله يقول في الكفار والمشركين الذين يعملون من غير عقيدة ، (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً )) ]سورة الفرقان-23 [، ـ الهباء هو الغبار الذي يصير أمام الشمس شعاعاً ـ أعمال الكفار يوم القيامة تصير هباءً لأنها ما بنيت على عقيدة يقول الله تعالى (( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفّاه حسابه والله سريع الحساب )) ]سورة النور-39 [، ـ ماذا تكون حالة العطشان إذا جاء ليشرب ولم يجد شيئاً ؟ كذلك حالة المشرك والكافر والعياذ بالله إذا جاء يوم القيامة وهو بحاجة للحسنات والأعمال الصالحة وما وجد شيئاً ـ ، ويقول الله سبحانه وتعالى (( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد )) ]سورة إبراهيم-18 [ ،هذه أمثلة القرآن في أعمال الكفار والمشركين لأنها لم تبنى على أساس وهو العقيدة.

إذن العقيدة أمر مهم لا يجوز للمسلم أن يتساهل بشأنها وأن يحقِّر من ويقول وأن يقلِّل من أهميتها ويقول انظروا للناس واقعين في الربا والسفور والزنا نعم هذه معاصي ولكنهم واقعين فيما هو أكبر من ذلك وهو الشرك والكفر بالله ، ففي البلاد التي يسمونها إسلامية تجدهم واقعين في الشرك في وضح النهار تبنى الأصنام ويطوفون بها ويذبحون وينذرون لها ومع هذا نغطي رؤوسنا ونقول ادعوا الناس إلى الأخلاق والزهد ويقولون أن الشرك هو محبة الدنيا أخرجوها من قلوبكم، والبعض يقول أن الشرك هو الحاكمية اتركوا المحاكم تحكم بالشرع ـ نعم مطلوب أنّ المحاكم تحكم بالشرع ـ ولكن حتى لو فرضنا أنها حكمت بالشرع فما دام الشرك موجود ومادام في الأرض أضرحة وقبور وفيها دعاة إلى الشرك لا يكفي أن نجعل المحاكم تحكم بالشرع ، الشرك ليس بالحاكمية فقط بل هو عبادة غير الله سبحانه وتعالى وتدخل فيه الحاكمية. فالرسول صلى الله عليه و سلم لو قال للمشركين اتركونا نجتمع ونبطل الحكم بعوائد الجاهلية ونحكم الناس بالشرع وليبقى كل واحد على دينه فلا يكون هذا دين ولا تستقيم به ملّة .

فلابدّ من تصحيح العقيدة أولاً ولابد من تحقيق لا إله إلا الله ولابد من إزالة الشرك ومظاهره من البلاد ثمّ تأتي بعد ذلك أوامر الدين وشرائعه لأننا إذا حققنا الأساس أقمنا عليه البناء الصحيح.
(( أفمن أسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خيرٌ أمّن أسّس بنيانه على شفا جُرُفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين )) ]سورة التوبة-109 [ .

فالواجب علينا أن نعرف هذا الأمر وأن نهتم به وأن ندرسه أولاً وندرِّسه لأبنائنا وإخواننا وأن نحرص عليه ونكثِّف مناهجه في المدارس والمعاهد والكليات وفي المساجد وأن نعمِّر به بيوتنا ودروسنا.
هذا هو الأساس الصحيح وماعداه فهو تابع له ومكمل له.
فلهذا ندعو إلى تصحيح العقيدة والعناية بها وتعلمها وتعليمها وتأليف الكتب والرسائل فيها وطبعها ونشرها وتوزيعها ، ثمّ يتبعها بقية أوامر وشرائع الدين.

نسأل الله عزّ وجل أن يرزقنا وإيّاكم معرفة الحق والعمل به والدعوة إليه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (( والعصر إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحـق وتواصوا بالصبر )).

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

1- متفق عليه
1- متفـق عليه
1- في صحيح مسلم
2- في سنن ابن ماجة
1- متفق عليه
2- متفق عليه
3- رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، وهو في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود وسنن الدارمي
1- الحديث أورده النووي في الأربعين، ورواه أبو داوود والترمذي وقال: حسن صحيح وهذا لفظه: [ وعظنا رسول الله ? موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودِّع فأوصنا فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ إيّاكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ]. وكذلك موجود في سنن ابن ماجة ومسند أحمد وسنن الدارمي.
1- رواه البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي وأبو داوود وابن ماجة في سننهم وأحمد في مسنده
2- رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما والترمذي والنسائي وأبو داوود وابن ماجة والدارمي في سننهم والإمام أحمد في مسنده.

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاكم الله خيرا و أحسن إليكم و غفر لنا و لكم




بارك الله فيك أختي أم ليلى على الموضوع الطيب

تقبلي مروري




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

بارك الله فيك
شكرا




في محرآب التميز ..
لك قدرة عجيبة على صياغة الكلم
وجعلها سلسلة وذات احرف عذبة
سلمت أناملك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

مسائل التوحيد و العقيدة 17

السؤال (27) :
فضيلة الشيخ، هل الإيمان يزيد وينقص؟ ونود أن نعرف بأي شيء تحصل الزيادة، وبأي شيء يحصل النقصان؟
الجواب:
هناك كلمة بقيت في الإيمان بالقدر يسيرة، وهي أن الإيمان بالقدر له ثمرات جليلة على سير الإنسان وعلى قلبه، لأنك إذا آمنت بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، فإنك عند السراء تشكر الله عز وجل، ولا تعجب بنفسك ولا ترى أن هذا الأمر حصل منك بحولك وقوتك، ولكنك تؤمن بأن هذا سبب إذا كنت قد فعلت السبب الذي نلت به ما يسرك، وأن الفضل كله بيد الله عز وجل، فتزداد بذلك شكراً لنعمة الله سبحانه وتعالى، ويحملك هذا على أن تقوم بطاعة الله على حسب ما أمرك به، وألا ترى لنفسك فضلاً على ربك، بل ترى المنة لله سبحانه وتعلى عليك، قال الله تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات: 17) ، كما أنك إذا أصابتك الضراء فإنك تؤمن بالله عز وجل وتستسلم، ولا تندم على ذلك، ولا يلحقك الحسرة، ألم تر إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" (1) .
فالإيمان بالقدر فيه راحة النفس والقلب، وعدم الحزن على ما فات، وعدم الغم والهم لما يستقبل، قال الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (22) (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (الحديد22-23) ، والذي لا يؤمن بالقدر لا شك أنه سوف يتضجر عند المصائب ويندم، ويفتح له الشيطان كل باب، وأنه سوف يفرح ويبطر ويغتر فيما إذا أصابته السراء، ولكن الإيمان بالقدر يمنع هذا كله.
أما بالنسبة لزيادة الإيمان ونقصانه، فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح، فهو يتضمن هذه الأمور الثلاثة، إقرار بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح، وإذا كان كذلك، فإنه سوف يزيد وينقص، وذلك لأن الإقرار بالقلب يتفاضل، فليس الإقرار بالخبر كالإقرار بالمعاينة، وليس الإقرار بخبر الرجل كالإقرار بخبر الرجلين، وهكذا.
ولهذا قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (البقرة: 260) ، فالإيمان يزيد من حيث الإقرار إقرار القلب وطمأنينته وسكونه، والإنسان يجد ذلك من نفسه، فعندما يحضر مجلس ذكر، فيه موعظة وذكر للجنة والنار، يزداد إيماناً حتى كأنه يشاهد ذلك رأي عين، وعندما تكون الغفلة، ويقوم من هذا المجلس، يخف هذا اليقين في قلبه.
كذلك يزداد الإيمان من حيث القول، فإن من ذكر الله عز وجل عشر مرات، ليس كمن ذكر الله مائة مرة، فالثاني أزيد بكثير.
وكذلك أيضاً من أتى بالعبادة على وجه كامل، يكون إيمانه أزيد ممن أتى بها على وجه ناقص، وكذلك العمل، فإن الإنسان إذا عمل عملاً بجوارحه أكثر من الآخر، صار الثاني أزيد إيماناً من الناقص، وقد جاء ذلك في الكتاب والسنة، أعني إثبات الزيادة والنقصان جاء في الكتاب والسنة، قال الله تبارك وتعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) (المدثر: 31) ، وقال الله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (124) (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) (التوبة: 124-125) ، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن" (2) ، فالإيمان إذن يزيد وينقص، لكن ما سبب زيادة الإيمان ونقصانه؟
أما أسباب زيادة الإيمان فمنها:

السبب الأول: معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فإن الإنسان كلما ازداد معرفة بالله وبأسمائه وصفاته أزداد إيماناً بلا شك، ولهذا تجد أهل العلم الذين يعلمون من أسماء الله وصفاته ما لا يعلمه غيرهم تجدهم أقوى إيماناً من الآخرين من هذا الوجه.
السبب الثاني: النظر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن الإنسان كلما نظر إلى الآيات الكونية التي هي المخلوقات- السموات والأرض والإنسان والبهيمة وغير ذلك – ازداد إيماناً، قال الله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (: 20) (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذريات20-21) ، والآيات الدالة على هذا كثيرة، أعني الآيات الدالة على أن الإنسان بتدبره وتأمله في هذا الكون يزداد إيماناً.
السبب الثالث: كثرة الطاعات، فالإنسان كلما كثرت طاعاته ازداد بذلك إيماناً، سواء كانت هذه الطاعات من الطاعات القولية أو الفعلية، فالذكر يزيد الإيمان كمية وكيفية، والصلاة والصوم والحج تزيد الإيمان أيضاً كمية وكيفية.
أما أسباب النقصان فإنها على العكس من ذلك: فالجهل بأسماء الله وصفاته يوجب نقص الإيمان، لأن الإنسان إذا لم يعرف أسماء الله وصفاته ينقصه العلم بهذه الأسماء والصفات التي تزيد في الإيمان.
السبب الثاني: الإعراض عن التفكر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن هذا يسبب نقص الإيمان، أو على الأقل ركوده وعدم نموه.

الثالث: فعل المعصية، فإن للمعصية آثاراً عظيمة على القلب، وعلى الإيمان، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" (3) .
الرابع: ترك الطاعة، فإن ترك الطاعة سبب لنقص الإيمان، لكن إن كانت الطاعة واجبة وتركها بلا عذر، فهو نقص يلام عليه ويعاقب، وإن كانت الطاعة غير واجبة، أو واجبة لكن تركها لعذر، فإنه نقص لا يلام عليه، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم النساء ناقصات عقل ودين، وعلل نقصان دينها بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم، مع أنها لا تلام على ترك الصلاة والصيام في حال الحيض، بل هي مأمورة بذلك، لكن لما فاتها الفعل الذي يقوم به الرجل، صارت ناقصة عن الرجل من هذا الوجه.
_________
(1) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب الأمر بالقوة وترك العجز، رقم (2664) .
(2) أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، رقم (304) ، ومسلم كتاب الإيمان، باب نقصان الإيمان بنقصان الطاعات، رقم (79، 80) .
(3) أخرجه البخاري، كتاب الأشربة، باب قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) (5578) ، ومسلم كتاب الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون رقم (57) .




تعليمية

تعليمية




بارك الله فيك




بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا




التصنيفات
اسلاميات عامة

مكانة التوحيد في حياة المسلم للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله.

مكانة التوحيد في حياة المسلم

إنّ أعظم المقاصد و أجلّ الغايات و أنبل الأهداف توحيدُ ربِّ الأرض و السماوات و الإقرار له جلّ و علا بالوحدانية و إفراده جلّ وعلا بالذّل و الخضوع و الانكسار و إسلام الوجه له خضوعاً و تذللاً رغباً ورهباً خوفاً ورجاءً سُجوداً و رُكوعاً، وإخلاصُ الدّين له جلّ و علا و البراءةُ من الشرك كلِّه قليله وكثيره دقيقه وجليله فهذه هي الغاية العظمى التي خُلق الخلق لأجلها وأُوجدوا لتحقيقها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات56] وهي الغاية التي أرسل الله جلّ و علا لأجلها رسله الكرام و أنزل كتبه العظام: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } [النحل36]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء25].
وبالتوحيد يحيا العبد حياة حقيقية ملؤها رضى الرحمن و الفوز بالكرامة و الإنعام وبدون التوحيد يحيا حياة بهيمة الأنعام: { إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } [الفرقان44] إنّ فاقد التوحيد ميّت ولو كان يمشي على الأرض ومحقّق التوحيد هو الذي يحيا الحياة الحقيقية يقول الله جلّ و علا: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ } [الأنعام122] أي أحييناه بالإيمان والتوحيد ويقول جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال24].
وبالتوحيد أمن الأوطان وراحة الأبدان: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [الأنعام82]، ويقول جلّ و علا : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } [النور55].
وبالتوحيد سعادة الإنسان وطمأنينته يقول الله جلّ وعلا : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل97]، ويقول جلّ وعلا: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه124]، و يقول جلّ و علا: {طه، مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } أي إنما أنزلناه عليك لتسعد به و يسعد به من اتّبعك.
وبالتوحيد تنـزاح عن القلب الأوهام وتنطرد الوساوس و الأفكار الرديئة ويحصل للقلب طمأنينته وراحته وهدوؤه وسكونه يقول الله جل وعلا : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، مَلِكِ النَّاسِ ، إِلَهِ النَّاسِ} وهذا توحيد الله {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ}.
وبالتوحيد تنطرد الشياطين و لا تطيق البقاء في مكان يصدع فيه بالتوحيد و إذا سمع الشيطان الأذان ولى و له ضراط . و القرآن كلّه توحيد وتمجيد و تعظيم لله جل وعلا وآية الكرسي هي آية التوحيد و بيان براهينه وحججه و دلائله و بيناته، وإذا قرأ المؤمن آية الكرسي إذا آوى إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافظ و لا يقربه شيطان حتى يصبح .
وبالتوحيد يسلم العبد بإذن الله من كيد الأشرار من السحرة والمشعوذين {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا } [الحج38]، { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [الروم47].

وبالتوحيد ينال العبد الخيرات كلِّها وسعادة الدنيا والآخرة فإن الله جلّ و علا قضى في حكمه العظيم أنّ السعادة و النعيم إنما يكون لأهل الإيمان والتوحيد في دنياهم و في قبورهم و في أخراهم {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } [الانفطار13].
فإنَّ توحيد الله جلّ و علا هو أولى أمر و أعظم أمر ينبغي أن يذكّر به الناس قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات55-56 ] .
والعبد يحتاج إلى تقوية إيمانه و تجديد إسلامه و تقوية صلته بربِّه جلّ و علا قال صلى الله عليه وسلم : ((إن الإيمان ليَخْلَقُ فى جوف أحدكم كما يَخْلَقُ الثوب )) وفي خضم الفتن الصارفة و الأهواء الجارفة و الفتن العاصفة يحتاج الناس إلى التأكيد على التوحيد و يحتاج الصغار إلى أن ينشأوا عليه تنشئة عظيمة متينة: { يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان13].
نسأل الله جلّ و علا أن يحينا موحِّدين لله مخلصين الدّين له مؤمنين به جل في علاه معظمين لجنابه وأن يعيذنا أجمعين من الشّرك كله دقيقه و جليله و قليله و كثيره.





بارك الله فيك




بارك الله فيك




للرفع رفع الله قدركم.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

التوحيد سبب من أسباب التوفيق لحسن تعامل العبد مع نفسه، ومع الخلق، ومع ربه جل وعلا

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والصلاو والسلام على الرسول الأمين

هذا جزء من شريط فَضْلُ التَّوحيد وتكفيرُه للذُّنوب
للشيخ

صالح بن عبد العزيزآل الشيخ

الفضل السابع

( أما السابع فمن فضل التوحيد أنّ التوحيد إذا قوي وإذا أحبّ العبد توحيد ربه وعلِمه وتعلمه، فإنه يوفق لكل قول وعمل صالح، سواءٌ أكان هذا القول والعمل ظاهرا أم باطنا، في نفسه أو في غيره، وهذه من أعظم المهمات؛ لأن العبد لا يخلو:
* إما أن يتعامل مع نفسه.

* أو أن يتعامل مع غيره.

* أو أن يتعامل مع ربه جل وعلا، وتعامله مع الله جل وعلا عبادة؛ يعني بالعبادات.

وتعامله مع نفسه، في شأن هوى نفسه، وما يَرغَب فيه وما لا يرغب وكيف يمتثل الشرع في نفسه.

ومع غيره في تأديته لحقوق الناس والعباد، ابتداء بحق والديه، وحق زوجه، وحق أولاده، وحق جيرانه، وحق زملائه، ومن يخالطه، وحق العلماء، وحق ولاة الأمر، وحق الصحابة رضوان الله عليهم، وحق أهل الإيمان بعامة، وهكذا في هذا الشأن.

التوحيد سبب من أسباب التوفيق لحسن تعامل العبد مع نفسه، ومع الخلق، ومع ربه جل وعلا.
أمّا مع الله جل وعلا: فأهل التوحيد يحبون عبادة الله جل وعلا، يحبون الإخلاص، أيضا يحبون أنواع العبادات؛ تجد الموحّد الحق يصلي، تجد الموحّد يعطي الزكاة، تجد الموحّد يصوم رغبة واختيارا، تجده يحجّ رغبة، كلما قوي التوحيد قوي تعلق العبد في الصلاة؛ تعلقه بالصلاة الفرض وبالنوافل، تعلقه بصيام الفرض وبالنوافل، وهكذا ففي تعامله وعبادته لربه بحسَب توحيده وقوته يُقبل على ذلك ويوفَّق لهذا الأمر، لهذا فانظروا إلى نفسك في أيّ من المجالات، إذا أحسست في نفسك تقصيرا في الفرائض أو حتى في النوافل، ففتِّش فستجد أن بعض الدنيا والخلق زاحموا محبة الله جل وعلا في القلب ولا بد، يجتمع في القلب واردان؛ وارد محبة الله جل وعلا وتوحيده، ووارد محبة الدنيا والخلق والرغبة فيها، فيتزاحمان، فإذا قوي التوحيد أضعف الشيء الآخر، وإذا قوي الآخر أضعف التوحيد بحسبه، ولهذا العلم بالتوحيد وتعليم التوحيد وإرشاد الناس إليه هو أعظم البر والإحسان إلى الخلق؛ لأنه به ينفتح ذلك إذا أُحسن تقريره وشرحه للناس وترغيب الناس فيه.

أمّا تعامل العبد مع نفسه: فإن العبد له هوى وله رغبة؛ له هوى في بعض المحرمات، لا أحد يسلم من ذلك، له هوى ورغبة في ترك بعض الفرائض؛ تتثاقل عليه، ذلك تعامله مع نفسه فيما يأتي وفيها يذر، كلّما قوي توحيد الله في القلب، وعِلْم العبد بربه، بربوبيته وأنّه سبحانه هذه الأرض جميعا، والقلوب جميعا بين أصبع من أصابعه، الأرض قبضته يوم القيامة، وأنّ هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنه سبحانه هو الذي يدبر هذا الملكوت، وأنه هو الذي يعطي ويمنع، وينفع ويضر سبحانه وتعالى، ويخفض ويرفع، ويقبض ويبسط، ويخلق سبحانه، ويحيي ويميت، ويصح ويمرض، ويغني ويفقر، وأنَّه سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فحينئذ يقوى في قلبه العلم بالله جل وعلا، يقوى في قلبه التوكل على الله جل وعلا، يقوى في قلبه محبة الله جل وعلا، كذلك العلم بأنّه هو المستحق للعبادة وحده، هو المستحق للطاعة سبحانه وتعالى طاعة العبادة وحده، هو المستحق لكذا، وكذا، وكذا من أنواع العبادات، فإنّه حينئذ يعظُم في قلبه محبة الله وتوحيده، وتضعف نوازع الشر في نفسه.

أما تعامله مع الخلق: فإنّ الموحّد لا يغيب عن باله إذا قوي توحيده، أنّ أنسه بالله فوق كل أنس، وأنّ رضا الله جل وعلا عنه فوق كل رضا، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، من التمس رضا الناس مهما كانوا؛ كبارا أو صغارا، رعاة أو رعية، ملوكا أو مملوكين، ومن كانوا، من التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. ومن التمس رضا الله ولم ينظر إلى الناس أن يسخطون أم يرضون رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. وهذه مجربة فيمن سار على شرع الله بالحكمة والموعظة الحسنة في هذا الأمر.

فالتعامل مع الناس إذا تعلق القلب بالله فإنه سيعاملهم والله جل وعلا بين عينه، يرجوه ويخافه ويتّقيه ويحبه، يخشى أن يتغير قلبه عليه بظلم عبد من العباد، فلهذا يصلح علمه في نفسه ومع الخلق.

فإذن أهل التوحيد يوفَّقون للأعمال الظاهرة والباطنة المتنوعة، وللأقوال الظاهرة والباطنة في تعامل العبد مع نفسه ومع الخلق وفي عبادة الله الواحد الأحد.

والله الموفق

تعليمية تعليمية




اقتباس:
فإنّ الموحّد لا يغيب عن باله إذا قوي توحيده، أنّ أنسه بالله فوق كل أنس، وأنّ رضا الله جل وعلا عنه فوق كل رضا

جزاكم الله خيرا
نسأل المولى عز وجل أن يهدينا التوحيد الخالص ويثبتنا عليه




و خيرا جزاكم ،،
اللهم آمـــين




لَكَ مِنَّيْ وُرُوْدٌ يَكْسُوْهَا الْبَيَاضَ

أُحِتِّرَامِيَ لِشَخْصِكَ




تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك على الموضوع و جزاك خير الجزاء




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

فتاوى العقيدة و التوحيد 9 .

مفهوم الإيمان

السؤال(16): فضيلة الشيخ، ما هو مفهوم الإيمان وأركانه بصورة مختصرة؟
الجواب : الإيمان له مفهومان : مفهوم لغوي ، وهو الإقرار بالشيء والتصديق به ، ومفهوم شرعي ، وهو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان ، فلا يكفي في الشرع أن يقر الإنسان بما يجب الإيمان به حتى يكون قابلاً ومذعناً ، فمثلاً : لو أقر الإنسان بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعرف أنه رسول الله ، لكن لم يقبل ما جاء به ، ولم يذعن لأمره ، فإنه ليس بمؤمن . ولهذا يوجد من المشركين من اعترفوا ، وأقروا للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، لكنهم لم ينقادوا له ولم يذعنوا ، بل بقوا على دين قومهم ، فلم ينفعهم هذا الإقرار المجرد عن القبول والإذعان ، فالإيمان في الشرع أخص من الإيمان في اللغة ، وقد يكون الإيمان في الشرع أعم من الإيمان في اللغة ، فالصلاة مثلاً من الإيمان شرعاً ، كما قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)(البقرة: 143) أي صلاتكم إلى بيت المقدس ، لكنها في اللغة لا تسمى إيماناً ، لأنها عمل ظاهر ، والإيمان في اللغة من الأمور الباطنة.
إذن فإذا أردنا أن نعرف الإيمان الشرعي نقول فيه : هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان ، فإن لم يكن مستلزماً لذلك فليس بإيمان شرعاً .

علاقة هذا المفهوم بحديث جبريل عليه السلام
السؤال (17): فضيلة الشيخ ، هل هذا المفهوم هو المفهوم الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام حينما سأله عن الإيمان؟
الجواب : نعم لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله الحقيقي يستلزم القبول والإذعان، فمن قال : إنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ولكن لم يقبل ولم يذعن ، لم ينفعه هذا القول ، ولا الإيمان الذي في قلبه أيضاً ، فلابد أن يقبل ويذعن.
السؤال (18): فضيلة الشيخ ، لكن إذا سئل الإنسان عن الإيمان هل يقول هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان ، أو يقول : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الجواب : نحن نقول إنها القبول والإذعان ، وإذا قلنا بهذا وأراد السائل أن نفصل نقول : تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ثم إن تفصيل الإيمان الذي أشرنا إليه يشمل الدين كله. اهـ

……………………. ….. .

للتذكير فإن مصدر الفتاوى من كتاب فقه العبادات من جزء(فتاوى العقيدة. التوحيد والاعتقاد) للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة.




تعليمية




جزاك الله الف خير




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمورة وئام تعليمية
جزاك الله الف خير

و اياك بارك الله فيك.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة GENERAL تعليمية
تعليمية

يأتي بإذنه تعالى.




بارك الله فيك




دائما مواضيعك مميزة بارك الله فيك
بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا