التصنيفات
السنة الثانية ثانوي

مذكرات الأدب العربي للسنة الثانية ثانوي

مذكرات الأدب العربي للسنة الثانية ثانوي

مذكرة الشعر في ظل الصراعات
مذكرة الشكوى واضطراب أحوال المجتمع وروافدها
مذكرة الشكوى واضطراب أحوال المجتمع
مذكرة المجون و الزندقة مسلم بن الوليد
مذكرة النزعة العقلية عند بشار_بن_برد

ومذكـــــــــــــرات أخرى

للتحميل

من هنـــــــــــــــــا

أو

هنـــــــــــــــــــــا




بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك الخير المديد
تحياتي لك




جزاك الله خيرا ونفع بك الامة

نترقب دوما مواضيعك القيمة

تقبل مروري

اختك هناء




شكرا لكم على المواضيع




تعليمية




بـآرك الله فيك




التصنيفات
اسلاميات عامة

أَهميّة الأدب في حياة المسلم

تعليمية تعليمية
أَهميّة الأدب في حياة المسلم

الحمد الذي جعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمدلله الذي أنزل علينا هذا الدين ، وأنزل فيه الأدب الذي تصلح به الحياة، هذا الأدب – الذي هو من صميم هذا الدين -أمرٌ قد غفل عنه كثير من الناس، و هو ضروريٌ للمسلم مع ربّه سبحانه وتعالى ومع الرسل ومع الخلق عامّة ، وضروري للمسلم في جميع أحواله حتى في خلوته مع نفسه. ولقد بيّن الإسلام كيف ينبغي أن يكون عليه حال المسلم في طعامه وشرابه، وفي سلامه وأستئذانه، وفي مجالسته وحديثه ، وفي جِدّه ومزاحه ، وفي تهنئته وتعزيته ، وفي عطاسه وتثاؤبه ، وفي قيامه وجلوسه ، وفي معاشرته لأزواجه وأصدقائه ، وفي حلّه وترحاله ، ونومه وقيامه ، وغير ذلك من الآداب التي لاحصرلها.

ومنها آداب أوجبها الله – سبحانه وتعالى – على الصغير والكبير، والمرأة والرجل ، والغني والفقير، والعالم والعامّي ، ذلك حتى يظهرأثر هذا الدين في واقع الحياة العملي ، ولاشك أن هذه الآداب التي جاءت بها الشريعة هي من جوانب عظمة هذا الدين لتقويم حياة الناس و تمييز المسلمين عن غيرهم ليظهر سمو هذه الشريعة وكمالها وعظمها . والدين أد بٌ ُكُلُّه.. فسترالعورة من الأدب ،والوضوء وغسل الجنابة من الأدب، والتطهر من الخبث من الأدب، حتى يقف العبد بين يدي الله تعالى طاهراً، ولذلك كان السلف رحمهم الله يستحبون أن يتجمل المرء لربّه في صلاته، حتى كان لبعضهم حلةٌ عظيمة إشتراها بمالٍ كثير يلبسها وقت الصلاة، ويقول : ربي أحق من تجملتُ له في صلاتي، ولأن هذا المطلب مطلبٌ إسلامي عظيم، فتعالوا بنا نتعرف على معنى كلمة الأدب، وعلى بعض ماجاء في النصوص الشرعية حول هذه الكلمة وبعض أقوال العلماء فيها، وأنواع الأدب، ثم نتكلم -إن شاء الله – عن المقصود من هذا المبحث، وكيف المسير فيه.

تعريف الأدب:


أما الأدب فقد ذكر ابن فارس – رحمه الله – أن الأدب دعاء الناس إذا دعوتهم إلى شيء ، وسمّيت المأدبة – مأدبة لأنه يدعى الناس فيها إلى الطعام ، والآدِب هو الداعي. وكذلك فإن الأدب أمر قد أجمع على إستحسانه . وعُرفاً مادعى الخلق إلى المحامد و مكارم الأخلاق وتهذيبها. وذكر ابن حجر – رحمه الله تعالى – في شرحه لكتاب الأدب من صحيح الإمام البخاري رحمه الله قال : الأدب استعمال ما يُحمد قولاً و فعلاً وعبر بعضهم عنه بأنه أخذ بمكارم الأخلاق ، وقيل الوقوف مع المستحسنات أو الأمور المستحسنة ، وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك . ومما ورد في تعريف الأدب كذلك : حُسن الأخلاق، وفعل المكارم.

وسُمّي ما يتأدب به الأديب أدباً لأنه يأد بُ الناس إلى المحامد، ويدعوهم إليها. وجاء في "المصباح " عن الأدب أ نّه : تعلم رياضة النفس ، ومحاسن الأخلاق . وقيل : الأدب ملكه تعصم من قامت به عما يشينه . وقال ابن القيم – رحمه الله – الأدب إجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة في الطعام الذي يجتمع عليه الناس . فإذاً فيه معنى الدعاء إلى الشيء والإجتماع عليه . وكذلك يطلق الأدب في اللغه علىالجمع ، والأدب هو الخصال الحميده .

أما استعمالات هذه الكلمة في كتب أهل العلم ، فإنها تأتي بمعنى خصال الخير مثل آداب الطعام وآداب الشراب وآداب النكاح وآداب القضاء وآداب الفُتيا وآداب المشي وآداب النوم ونحو ذلك ، وللعلماءفي هذا مصنّفات . ويُطلق بعض الفقهاء كلمة آداب على كل ماهو مطلوب سواءً كان واجبًا أو مندوبًا ، ولذلك بوّبوا فقالوا : آداب الخلاء والإستنجاء ، مع أن منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب . فكلمة أدب أو آداب لا يعني أنه مستحب فقط أو مندوبٌ إليه ، بل ربما يكون واجبًا ، ويُطلق الفقهاء كذلك لفظة أدب بمعنى الزجر والتأديب كما جاء في حديث جعل السوط في البيت فإنه اُدبٌ لهم – يعني لأهل البيت – حسَّنه الشيخ ناصر بطرقه . فإذا قيل أد بّه بمعنى عاقبه وزجره و عزره ، إن من معاني كلمة الأدب كذلك ،

و كلمة الأدب تطلق أيضاً على ما يتعلق باللغه من إصلاح اللسان ، وفن الخطاب ، وتحسين الألفاظ ، والصِّيانه عن الخطأ والزلل . وقد صنف ابن قتيبة– رحمه الله – في ذلك " أدب الكاتب " . إذاً فكلمة الأدب المستعملة في اللغة – مثل ما يرتبط بالشعر والنثر – هذه اللفظه مُولَّده حدثت في الاسلام، حيث أطلقوا على بعض الأشياء المتعلقه باللسان من الشعر والنثر أدباً .. وهذا إطلاق باعتبار لغوي ، فالأديب هنا ، بهذا المعنى ، إطلاق لغوي – خاص -يتعلق باللغة و إصلاح اللسان وفن الخطابة .

كتب في الأدب:


وقد نثر الفقهاء الآداب على أبواب الفقه ، فذكروا في كل باب ما يخصُّه من الآداب ، ففي الإستنجاء مثلاً ذكروا آداب الاستنجاء – غير الأحكام الفقهية مما يجوز ولا يجوز – ذكروا أشياء من الآداب ، وفي الطهارة كذلك بأقسامها ذكروا آدابها ، وفي القضاء ذكروا آداب القضاء في كتب الفقه . وصنفت كتب خاصة بالأدب مثل كتاب : أدب الدنيا والدين ، للماوردى” ونظم ابن عبدالقوي – رحمه الله – منظومته المشهورة في الأدب والآداب ، وشرحها السّفّارني رحمه الله ومن قبله إبن مفلح الذي صنف كتاب " الآداب الشرعية ". فإذاً هناك كتب مجموعة في الآداب عموماً ، ومن أشهرها "الآداب الشرعية" لإبن مفلح ، و "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لإبن عبدالقوي " والشرح للسفاريني ، و كتاب " أدب الدنيا والدين" للماوردي ، وهناك كتب تتكلم بشكل مخصوص عن آداب معينة مثل : "تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم " لابن جُماعة – رحمه الله -، و " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " – وهي آداب تتعلق بطلب العلم – للخطيب البغدادي – رحمه الله – و " أدب الإملاء والاستملاء" للسمعاني ، وهو إملاء الحديث وكتابته أي كيف يملى المحدث الحديث ، وكيف يكتبه عنه الطلاب ، ولذلك آداب ، ولآداب الفُتيا كتب ، منها كتاب " أداب الفُتيا " للسيوطي ، وكذلك " آداب الأكل " للأقفهسي ، و " آداب الأطفال " للهيثمي. وفي آداب البحث والمناظرة كتب ، مثل كتاب الشنقيطي ، وفي الصحبة كتب ، مثل " آداب الصحبة " للسلمي ، و هناك كتب في آداب التجارة ، وآداب الحوار، وآداب الزفاف، وآداب معاملة اليتيم ، وآداب الطبيب. وهناك عدة كتب ، تتكلم في آداب مخصوصة ، حيث يصنّف الكتاب في أدب معين من الآداب.

أهميّة الأدب:


الأدب أمرمهم جداً، فهو من أبرز سمات الشخصيّة المسلمة ، ومظاهر تميّزها بهذا الدين، لذا فإنه يتحتم على الإنسان المسلم معرفة الآداب الشرعية ، والإلتزام بها في جميع الأمور، وقد حثَّ الإسلام المسلم على أن يعتني بالآداب في أحوال أولاده وذويه ولا يتغافل عنهم ويذكّرهم ويؤدبهم بآداب الإسلام ، كما قال تعالى: )ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا( [التحريم: 6]، قال عليّ – رضي الله عنه- : علّموهم وأدِّبوهم . وقال مجاهد – رحمه الله-: أوقفوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدّبوهم .ومماجاء في نصوص الشريعة في معاني الأدب والتأديب قول النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين :-وذكرمنهم – ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ، ثم أ دّبها فأحسن تأديبها ،وعلٍّمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها وتزوجها ، فله أجران) . وكذلك فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلىالله عليه وسلم : ( كل شيءٍ ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل إمرأته ، وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الفرضين ، وتعليم الرجل السباحة ) رواه النسائي وهو حديث صحيح

و لفظة الأدب كذلك جاءت في حديث جابر – رضي الله عنه – عندما تزوج ثيّباً وسأله النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج بثيّب فقال عليه الصلاة والسلام 🙁 فهلاّ تزوجت بكرأ تلاعبها وتلاعبك قال يارسول الله : تو في والدي – أواستشهد – ولي أخوات صغار فكرهت أن أتزوج مثلهن فلا تؤدبهن ولا تقوم عليهن ، فتزوجت ثيباً لتقوم عليهن وتؤدبهن ) رواه البخاري رحمه الله في كتاب الجهاد .

والأدب أنواعٌ فمنه : 1- أدبٌ مع الله سبحانه وتعالي .

2- أدبٌ مع رسوله صلى الله عليه وسلم .

3- أدبٌ مع الخلق.

أمثلة الأدب مع الله سبحانه و تعالى:


أما الأدب مع الله عزوجل فله أمثلة كثيرة .. فمنها نهي المصلي عن رفع بصره إلى السماء كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: هذا من كمال أدب الصلاة أن يقف العبد بين يدي ربه مطرقاً خافضاً طرفه إلى الأرض ، فلا يرفع بصره إلى فوق . قال : والجهمية لم يفقهوا هذا الأدب ولا عرفوه ، لأنهم ينكرون أن الله فوق سماواته ، وهذا من جهلهم إذ من الأدب مع الملوك أن الواقف بين أيديهم يطرق إلى الأرض ولا يرفع بصره إليهم فما الظن بملك الملوك سبحانه وتعالى .

وقال شيخ الإسلام في مسألة النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود أنها من الأدب مع الله عزوجل لأن القرآن كلام الله قال : وحالتا الركوع والسجود ، حالتا ذ لّ وانخفاض من العبد فمن الأدب مع كلام الله أن لا يُقرأ في هاتين الحالتين – يعني في الركوع والسجود- لأنهما حالتا ذُلٍّ وانخفاض. وكذلك فإن من الأدب مع الله أن لا يُستقبل بيتهُ في قضاء الحاجة ولا يُستدبر، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورجّح ابن القيم – رحمه الله – أن هذا الأدب يعمُّ الفضاء و البنيان .

ومن الأدب مع الله وضع العبد يده اليمنى على اليسرى حال القيام للقراءة في الصلاة ويضعهما على صدره خاشعاً ذليلاً بين يدي الله عزّ و جلّ.

و من الأدب مع الله السكون في الصلاة لما ذَكَرَ أهل العلم عن قوله تعالى :)الذين هم على صلاتهم دائمون( [المعارج:23 ] ذكروا فيها معنيين، الأول: دائمون بمعنى مستقرون ثابتون لا يكثرون الحركة ، كما يفعل كثير من الناس من تحريك النظارة والساعة وغطاء الرأس ، والعبث بالأنف واللحية والجيب ونحو ذلك من الأشياء ، ذلك أن هذا لا يعطي معنى الديمومة كما عبّر عنها القرآن الكريم:)على صلاتهم دائمون(، و المعنى الآخر: أي على صلاتهم يحافظون ، أي المحافظة على سكون الأطراف وطمأنينة الجوارح ، و المحافظة كذلك على وقتها ، فلا يخرجونها عن وقتها، فهم دائمون أي يداومون على الصلوات ويحافظون عليها في أوقاتها كما أنهم دائمون في الخشوع والطمأنينة .

والأدب مع الله يكون في الظاهر والباطن ، ولا يستقيم عند العبد إلا بمعرفة أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، ومعرفة دينه وشرعه ، وما يحب ومايكره .

أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزّ و جلّ:


لقد كان أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزوجل كثيراً وعظيماً، ومن تأمل أحوالهم عرف ذلك . ألم ترى أن المسيح عليه السلام عندما يسأله الله سبحانه وتعالى يوم القيامة: )أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين ( فلم يكن جواب عيسى عليه السلام " لم أُقل ذلك "، وإنما قال : )إن كنت قلته فقد علمته( ، فذلك من كمال أدبه مع ربه، ثم قال : ) تعلم ما في نفسي ولا اُعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ..( إلى آخر الآيات [المائدة:116].

وكذلك أدب إبراهيم مع ربه لما قال : ) الذي خلقني فهو يهدين ، والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين( [الشعراء:79 ] ..، ما قال والذي يمرضني ويشفين، وإنما قال )وإذا مرضتُ ( فنسب المرض إليه ، ونسب الهداية والطعام والسِّقا والشفاء إلى الله رب العالمين، مع أن الله هو الذي يمرض ولا شك ، وهو الذي يشفي ، لكن لم يرد أن ينسب المرض إليه عزوجل ، أدباً مع الله سبحانه وتعالى ، وهذا من كمال أدب الخليل عليه السلام.

وكذلك الخضر عليه السلام – على الراجح لأنه كان نبياً – إذ يقول: ) وما فعلته عن أمري( [الكهف:82 ] أي كان يفعل ذلك بالوحي من الله عزّ وجلّ، فإنه لماذكر السفينة قال:)فأردت أن أعيبها( [الكهف:79 ] ولما ذكر الجدار قال: )فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما( [ الكهف:82 ] ولم يقل فأرادربك أن أعيبها، وإنما قال فأرد تُ أن أعيبها ،فإن من كمال أدبه أنه لمّا صارت المسألة عيباً نسبه لنفسه ولم ينسبه لله عزّ و جلّ مع أن كل ذلك بأمر الله وحكمته.

وكذلك الصالحون من الجن قالوا: )وإنا لاندري أشرٌ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربٌّهم رشداً ( [الجنّ:10] ، قالوا: " أشراً أريد بمن في الأرض " ما قالوا : "أشر أراده ربهم بهم، أم أرادبهم ربهم رشداً" .. فجعلوا الفعل مبنياً للمجهول تأد بّاً مع الله عزّ و جلّ.

وكذلك موسى عليه السلام لما نزل مدين قال : )ربِّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير([القصص:24 ]والمعنى أنا فقيرإلى خيرك يارب ومحتاج إلى فضلك ولم يقل : أطعمني .. مثلاً .

وآدم عليه السلام لمّا أٌهبط من الجنة إلى الأرض قال : )ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ([الأعراف:23] ولم يقل : ربِّ قدرت علي هذه المعصية وقضيت علي بها .. ونحو ذلك ، بل نسب الظلم إلى نفسه: " ظلمتُ نفسي فاغفرلي" .

وكذلك قول أيوب عليه السلام : )إني مسني الضُّر وأنت أرحمُ الرحمين( [الأنبياء:83] وهذا أعظم أدباً من أن يقول فعافني واشفني، ثم قال : )وأنت أرحم الرحمين (. والأدب عند أنبياء الله طويل لاينتهي ..

ونذكر هنا جانباً من أدب الأنبياء مع المخلوقين، كان من أدب يوسف عليه السلام مع أبيه وإخوتِه حين قال لأبيه : ) قال هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا. وقدأحسن بي إذ أخرجني من السجن ( [يوسف:100] فلم يقل أخرجني من الجبِّ مع أنه أخرجه من الجبِّ ! لأنه لا يريد أن يجرح مشاعر إخوانه تأدبًا معهم .

وكذلك فإنه لما جاء بإخوته وأهله ، قال : )وجاء بكم من البدو ( ما قال مثلاً : رفع عنكم الجهل والجوع والحاجه .. أوأنني فعلت ذلك لكم أوأنني أنقذتكم من الجوع ..والجهل . ثم قال : ) من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ( فنسب الفعل إلى الشيطان، ولم يقل من بعد أن فعل بي إخواني ما فعلوا وظلموني ونحوذلك ..

وكذلك من الأدب مع الله سبحانه وتعالى أن يستر الرجل عورته وإن كان خالياً ..

أما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد ضرب المثل العظيم في الأدب مع ربه عزّ و جلّ. ومن أمثلة ذلك ما يذكره المفسرون عند قوله سبحانه وتعالى : )مازاغ البصرُ وما طغى ( [النجم:17] أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ارتفع إلى السماء لم يزغ بصرهُ ولم يطغ ، أي لم يزغ يميناً أو شمالاً ، ولا طغى فنظر أمام المنظور ، إنما كان مطرقًا خاشعًا.. "مازاغ البصروما طغى" فهذا صفة مقدمه صلى الله عليه وسلم على ربّه ، و يتجلّى في ذلك كمال أدبه عليه الصلاة والسلام .

الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:


وكذلك فإنه ينبغي أن يعلم المسلم أن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الأدب العظيمة التي أوجبتها الشريعة المطهّرة.. وهذا يشمل أشياءً كثيرةً جداً ، فمن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم التسليم له والإنقياد لأمره ، وتصديق خبره ، وتلقّيه بالقبول ، وعدم معارضته بحيث لا يُستَشكَل قوله وإنما تُستشكل الأفهام . ولا يُقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، ولا يدَّعي نسخ سُنته ، وكذلك لا ترفع الأصوات فوق صوته صلى الله عليه وسلم لأن ذلك سبب لحبوط العمل ، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا ترفع الأصوات فوق حديثه إذا قُريء ولا عند قبره .

الأدب مع الخلق:


ويندرج تحت هذا الصنف نوعان من الأدب وهما آداب المخلوقين وآداب الأحوال، فالأدب مع الخلق يشمل معاملتهم على إختلاف مراتبهم بما يليقُ بهم وبما يتوافق مع الشرع الكريم، فالأدب مع الوالدين يختلف عن غيره من الأدب و يجب مراعاته.. وكذلك الأدب مع العالم .. والأدبُ مع الأقرانِ .. والأدب مع الأجانب .. والأدب مع النساء المحارم والأجنبيات .. والأدب مع الضيف ..والأدب مع أهل البيت وغيرهم . هذا من جهه ما يتعلق بمن حولك من المخلوقين . أما الأحوال ففيها آداب عظيمة لكل أحوال المؤمن حتى لوكان بمفرده لايطّلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى. ومن أمثلة آداب الأحوال آداب الأكل و النوم والخلاء واللباس والمشي والسفر والدخول والخروج والركوب والسكوت والإنصات وغير ذلك .. فمثلاً للأكل آداب يجب عليك الإلتزام بها حتى لو كنت تأكل و حدك .. فتُسمي ولو كنت لو حدك، وتأكل بيمينك ولوكنت لوحدك، ولا تأكل من وسط الطعام و كنت بمفردك . وكذلك الحال في سائر آداب الأحوال .

في مظاهر أهميّة الأدب :


ولأجل عظم هذا الموضوع صنّف العلماء فيه تصنيفات عظيمة ، ولنعلم أن التمسك بالآداب الشرعية يقود إلى التمسك بالدين كله . ولذلك يقول الشيخ عبدالرحمن المعلم اليماني – رحمه الله في مقدمته لكتاب الأدب المفرد للبخاري :" قد أكثر العارفون بالإسلام المخلصون له من تقرير أن كل ما وقع فيه المسلمون من الضعف والخور والتخاذل ، وغير ذلك من وجوه الإنحطاط ، إنما كان لبعدهم عن حقيقة الإسلام وأرى أن ذلك يرجع إلى أمور -الأول : إلتباس ما ليس من الدين بما هو منه – خلط ما ليس من الدين بما هو من الدين مثل إدخال البدع مثلاً – ثانياً : ضعف اليقين بما هو من الدين – ضعف اليقين بما هو من الدين حقاً – وثالثاً : عدم العمل بأحكام الدين- ضعف العمل- " هذه الأشياء الثلاثة التي عليها مدار أسباب إنحطاط المسلمين .. فانظر رحمك الله إلىأسباب تخلف المسلمين وإنحطاطهم .

ثم قال رحمه الله تعالى :" وأرى أن معرفة الآداب النبوية الصحيحة في العبادات والمعاملات ، والإقامة ، والسفر ، والمعاشرة ، والوحدة ، والحركة ، والسكون ، واليقظة والنوم ، والأكل والشرب ، والكلام والصمت .. وغير ذلك، مما يعرض للإنسان في حياته، مع تحري العمل بها كما يتيسر ، هو الدواء الوحيد لتلك الأمراض . فإن كثيراً من تلك الآداب سهل على النفس ، فإذا عمل الإنسان بما سهل عليه منها ، تاركاً ما يخالفها لم يلبث – إن شاء الله تعالى – أن يرغب في الإزدياد ، فعسى أن لا تمضي عليه مُدة ، إلاّ وقد أصبح قدوة لغيره في ذلك .. وبالإهتداء بذلك الهدي القويم ، والتخلق بذلك الخُلق العظيم يستنير القلب ، وينشرح الصدر ، وتطمئن ُ النفس ، فيرسخ اليقين ، ويصلح العمل ، وإذا كُثر السالكون في هذا السبيل لم تلبث تلك الأمراض أن تزول إن شاءالله" . ثم أشار إلى قضية تصنيف الإمام البخاري رحمه الله لكتاب الأدب المفرد ، وقد أفردهُ عن صحيحه وجعل له أبواباً خاصة ، وقد تكلّم ابن حجر – رحمه الله – في أهمية هذا الكتاب حيث قال : "وكتاب الأدب المفرد يشتمل على أحاديث زائدة على ما في الصحيح ، وفيه قليل من الآثار الموقوفة ، وهو كثير الفائدة ". وقد شرحه الشيخ فضل الله الجيلاني، وخرّج أحاديثه وحقَّقه الشيخ محمد ناصرالدين الألباني . فالكتاب الآن مشروح ومحقّق .." كتاب صحيح الأدب المفرد للبخاري" – رحمه الله – وحسبك به وبمؤلفه .

أقوال العلماء في الأدب :


ومن بعض أقوال العلماء في الأدب يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمام العلماء: " إنَّ الهدي الصالح ، والسمت والإقتصاد جزءَ من خمسةٍ وعشرين جزءاً من النبوة "، فإذاً الأدب هو السمت الصالح .. حسن السمت والهدي الصالح .. هذا هوالأدب وقال النخعي – رحمة الله – :" كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وصلاته و إلى حاله ثم يأخذون عنه ". فأول شيء ينظرون إليه أدب العالم والمحدث فإن وجدوه أديباً مؤدباً أخذوا عنه – ولذلك كان مجلس الإمام أحمد رحمه الله يجتمع فيه زهاء خمسة آلاف أويزيدون ، خمسمائة يكتبون الحديث والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت .

وقال ابن عباس – رضي الله عنه -: " أطلب الأدب فإنه زيادة في العقل، ودليل على المروءه ، مؤنس في الوحدة وصاحب في الغربة، ومال عند القلة " . وقال أبو عبد الله البلخي :" أدب العلم أكثر من العلم ". وقال أبن المبارك رحمه الله :" لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزيّن علمه بالأدب ".وكذلك قال رحمه الله أيضاً :" طلبت العلم فأصبت منه شيئاً، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا ".

وقال بعض الحكماء : " لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب "، وقال بعضهم : "رأيت من أراد أن يمد يده في الصلاة إلى أنفه ، فقبض على يده ". خرَجت واحدهٌ من يديه إلى الأنف فقبضت الثانية عليها وكفّتها.

وقال يحيى ابن معاذ : " من تأدب بأدب الله ، صار من أهل محبة الله ".

وقال ابن المبارك أيضاً : " نحنُ إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ". فهناك أناس عندهم علمٌ كثير لكن ليس عندهم أدب ، ولذلك نَفَّروا الناسَ ، فحال إنعدامُ الأدب دون ما عندهم من العلم .

وسُئل الحسن البصري – رحمه الله – عن أنفع الأدب ، فقال :" التفقه في الدين، والزهد في الدنيا، والمعرفة بما لله عليك ".

ومن أحسن الكتب في الآداب وأكثرها تنظيماً .. وأجودها تصنيفاً .. " غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" – للسفاريني ، حيث يقع في مجلدين . وقد شرح منظومة ابن عبد القوي ، وأكثر الآداب التي سنتكلم عنها من هذه المنظومة ، ويوجد في كتاب "الآداب الشرعية " لإبن مفلح مباحث نفيسه وجيدة، وتوسُّعٌ في بعض المباحث ، ولكن كتاب غذاء الألباب أحسن في جودة الترتيب وحسن التصنيف، فإنَّ السفاريني قد جاء بعد ابن مفلح وأخذ أشياء كثيرة عنه، واستفاد من كتابه، لكنّه رتّب كتابه -وإن كان يوجد فيه عبارات صعبة على المبتدئ في طلب العلم -.

وسيتناول البحث بالتفصيل – إن شاء الله – موضوع الآداب الشرعيّة الآتية :

آداب تلاوة القرآن .. آداب الضيف .. آداب العطاس والتثاؤب .. آداب الإنتعال .. آداب توقير الكبير ورحمة الصغير .. وكذلك أدب الجوار أو الجار.. آداب الحوار والمناظرة .. مايتعلق بالرؤى والأحلام .. آداب النكاح .. آداب الطعام والشراب أو آداب الأكل .. آداب الضحك والمزاح .. آداب المريض .. آداب المساجد .. آداب المشي .. آداب المصافحة والمعانقه والتقبيل .. آداب النوم .. آداب الهدية وآداب الوليمة . حيث سيتعرض البحث لكل واحد من هذه الأنواع بالشرح والتفصيل مع الأدله وأقوال العلماء وفروع أدب كل جانب من هذه الجوانب .

منظومة الآداب لإبن عبد القوي:


هذه نظرة سريعة على منظومة الآداب لابن عبد القوي _ رحمه الله _ وقد افتتحها بقوله :

بحمدك ذي الإكرام مارمت أبتدي

كثيراً كما ترضى بغير تحددي

وصلِ على خيرِ الأنامِ وآله

وأصحابِه من كل هادىٍ ومهتدي

وبعدُ فإني سوف أنظمُ جملةً

من الأدبِ المأثورِ عن خير مرشد

من السنة الغراء أو من كتاب من

تقدس عن قول الغواة و جُحَّدِ

ومن قول أهل العلم من علمائِنا

أئمة أهل السِّلم من كل أمجد

لعل إله العرش ينفعنا به

وينزلنا في الحشر في خير مقعدِ

إلى من له في العلم والدين رغبةٌ

ليُصغِ بقلبٍ حاضرٍ مترصدِ

ويقبل نصحاً من شفيقٍ على الورى

حريصٍ على زجر الأنام عن الرَّدي

فعنديَ من علم الحديث أمانةٌ

سأبذلها جهدي فأهدي وأهتدي .

إلى كل من رام السلامة فليصن

جوارحه عما نهي الله يهتدي

فكانت أول وصية في هذه المنظومة صون الجوارح عمّا حرم الله ثم قال :

يَكبُّ الفتى في النار حصدُ لسانه

وإرسال طرف المرء أنكى، فقيِّدِ

هذا إشاره إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخر هم إلا حصادألسنتهم ).

وإرسال طرف المرءِأنكى فقيّدِ: يعني قيّد طرفك .. لا تُصب بطرفك الحرام، ولاتنظر إلى ماحرم الله عليك.

وطرف الفتى يا صاح رائد فرجه

ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي

يعني إطلاق النظر يؤدي إلى الوقوع في الزنا. ومتعبه فاغضضه: يعنى الذين وقعوا في العشق والتعلق بالصور والأشكال ،من أيّ جهه أوتوا ؟! من النظر فأورثه التعب النفسي لأنه أصيب بالعشق. وخصوصاً إذا عشق امرأة متزوجه أو لاقدرة له على الوصول إليها فما ذايكون حاله ؟! في غاية التعب والسوء ، ولذلك قال :

وطرف الفتى ياصاحِ رائدُ فرجِه ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي..

ثم يقول رحمه الله:

و يُحرَمُ بُهتٌ و اغتيابُ نميمةٍ وإفشاءُ سرٍّ ثم لعن مقيّدِ

البهتان حرام ، إذا قلت في أخيك ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهتّه ، قوله (نميمةً) أي يحرم المشي بين اثنين للإفساد بينهما بالكلام. وكذلك إفشاء السر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 المجالس بالأمانة ) إذا حدّث الرجل حديثاً ثم التفت فهي أمانة فكذلك إذا استودعك سراً لا يجوز إفشاؤه . ثم لعنُ مقيّد: يعني لا يجوز لعن المُعَيَّن ..إلاّ إذا كان ممن لعنه الله بعينه كإبليس وأبي جهل وأبي لهب وقد ماتوا على الكفر ..فهؤلاء يجوز لعنهم ، لكن اللعن لا يجوز للمعين ولو كان كافرأ على الصحيح لأنه قد يموت على الإسلام فيكون غير مستحق للعن، فإذاً لا نلعن المعيّن، و لكن لو لعنت الجنس فقلت : ألا لعنة الله على الكافرين .. ألا لعنة الله على الظالمين .. ألا لعنة الله على الكاذبين . فلا بأس ، لكن "لعنة الله على فلان" أو"لعن الله فلاناً" بعينه .. لا يجوز إلا إذا لعنه الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .

ثم يقول:

وفحشٌ ومكرٌ و البذا وخديعةٌ وسخريةٌ والهزءُ والكِذبُ قيِّد .

البذاء: أي الألفاظ البذيئة .

قيّد: يعني قيّد نفسك عن هذه الأشياء ولا تطلق لسانك فيها .

بغير خداع الكافرين بحربهم وللعرس أو إصلاح أهل التنكّدِ

إذاً الكذب يجوز إذا كان في خداع الكافرين في الحرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحرب خدعة).

أما معنى " وللعرس أو إصلاح أهل التنكّد "فجواز كذب الرجل على زوجته إذا خشي شقاقها أوأن تغضب عليه ، وإصلاح أهل التنكّدِ : الإصلاح بين المتخاصمين .

ويحرم مزمارٌ و شُبَّابَة و ما يضاهيهما من آلة اللهو والرَّدي

ذكر تحريم آلات اللهو والمعازف سواءً كان لها أوتارٌ أو ليس لها أوتار ، مزمار ، أو طبل،أو شبّابّه. كل ذلك حرام ، حتى لو ما كان معها غناءٌ ولذلك قال في البيت الذي بعده:

ولو لم يقارنْها غناءٌ جميعُها فمنها ذو الأوتار دون تقيدِ

لا تُقيد بالأوتار لكن ذوات الأوتار كالعود والكامنجا والشبّابّه والربابه داخلةٌ فيها.

ولا بأس بالشعر المباح وحفظِه وصنعتِه من رَدّ ذلك يعتدي

القاعده في الشرع أن الشعر حسنُه حسنٌ وقبيحُه قبيح ، وإذا كان لنصرة دين الله يكون عبادة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان 🙁 أهجهم و روح القدس معك) ، يعني جبربل يؤيدك و يثبتك ويناصرك :

" صنعته " يعني: لو صنعه ونظمه أيضاً .

" من ردّذلك يعتدي ": يعني من يحرّم الشعر كله حتى المباح فهو معتدي مجانب للصواب.

فقد سمع المختارُ شعر ِصحَابِهِ وتشبيبِهم من غير تعيين خُرَّدِ

يعني الشعر الذي فيه غزلٌ عفيف دون ذكر إمرأةٍ بعينها ، ودون الوصول إلى درجة الكلام على العورات و الأعراض وإثارة الشهوات .

وحظر الهجا والمدح بالزور والخنا وتشبيبه بالأجنبيات أكِّدِ .

الهجاء حرام في الشرع . وكذلك المدح بالباطل – وهو عمل الشعراء لأنهم يمدحون لأخذ الأموال – " بالزور " قيّدَه بالزور لأن المدح الحق بما هو في الممدوح لا بأس به كما مدح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء الراشدون.

ووصف الزنا والخمر والمُرْدِ والنسا الفتيِّات أو نوح التسخط ُمورِد .

ووصف الزنا والخمر كشعر نزار قباني وغيره من الفتانيّن في هذا الزمان. ولو عمل الشعر نياحةً فهو حرام .

وأمرك بالمعروف والنهي يا فتى عن المنكر اجعل فرض عين تُسدَّدِ


جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين.

على عالم بالحظر والفعل لم يقم سواه به مع أمن عدوان معتدي .

على عالم بالحظر: أي ينبغي أن يكون عالماً فيما يأمر به ، عالماً بما ينهى عنه، مع أمن عدوان معتدي فبين أنه لو كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مهدد بالضرب أو السجن إن فعل ذلك فإذا سكت عن الأمر والنهي فلا يأثم لأنّه مكره ، لكن لو صبر وأمر ونهى فهو مأجور فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جاهل فأمره ونهاه ، فقتله ) . ثم قال :

وأنكر على الصبيان كل محرمٍ لتأديبهم والعلم في الشرع بالرد .

ولو رأى المؤمن مع صبيّ مزمارا ، فلا يقل هذا صغيرٌ غير مُكَلَّفٍ. بل يأخذه منه ولابدّ نزعه منه وأعطاه لوليّه ، وقال له لا يجوز لك أن تلبسه ذهباً ، ولا يجوز للصبي أيضاً أن يُلبس ثوباً مسبلاً ولا يجوز لوليه أن يفعل به ذلك . فالصبيان هل ينكر عليهم ؟.. الجواب: نعم .

وبالأسهل إبدأ ثم زد قدر حاجةٍ فإن لم ُيزل بالنافذ الأمرُ فاصددِ.

بالأسهل ابدأ " أي لا تبدأ بالضرب مثلاً ! بل يُبدأ بالكلام الطيب .. بالحكمة .. بالرفق .." ثم زد قدر حاجة " ، على قدر الحاجة تعلو الوتيرة في الإنكار حتى يُزال المنكر . فإذا لم يستجب لك ولا استطعت أن تغيّره بيدك ، فاصدد عنه ، ولا تجلس في مكان المنكر، فإن ذلك لا يجوز.

إذا لم تخف في ذلك الأمر حيفةً إذا كان ذا الإنكار حتمَ التأكد .

لأن بعض الناس قد يكون له سلطان فإذا فعل به ما فعل في مجلسه أوانكر عليه فآذاه ، فيسقط وجوب الانكار حينئذْ .

ولا غرم في دف الصنوج كسرته ولا صوَر أيضاً ولا آلة الدَّدِ .

"الصنوج " هذ الطار الذي له ِحلَق معدنية إذا هزها ضربت الحلق بعضها بعضاً فأصدرت صوتاً فهذا لا يجوز ،والدف المباح للنساء في الأعراس هوالدف المُعتاد الذي ليس له حِلق .. فإذا استعملوا دفاً آخر لم يجز . وإذا كُسِرَ الطبل أو العود لا غُرْمَ عليه .. ولا يستطيع صاحبه أن يشتكي إلى القاضي أو يقول إضمنه لي .. فلان كسر عودي .. أو كسر طبلتي ..فلاغرم في ذلك .

"ولا صور أيضاً " :يعني التماثيل فلو أتلفها فإنه لا يضمن الثمن ولا يستطيع أن يقول كسرت تمثالي هات قيمته . " الدد" هو اللهو وآلة اللهو .

وآلة تنجيم و سحر و نحوه وكتب حوت هذا وأشباهه أُقددِ

و مثل ذلك لعبة الآن موجودة في الأسواق . حدّثونا عنها بأنها عبارة عن لوحةٍ تحوي أحرف اللغة الإنجليزية وأرقامها ، كما تحتوي على سهم من البلاستيك ذي الاتجاه ، بحيث يضع المرء أصبعيه عليها ، ويُستحسن أن تكون معه إمرأة ؟! -هكذا يقولون في تعليمات اللعبة ؟!- حيث تضع أصبعيها أيضاً على هذه القطعة البلاستيكية ثم ينادي المرء الجنيّة، وتقول يا فلانه هل حضرت؟! فيشير هذا السهم إلى إشارة نعم أو لا – و مكتوب على اللوحة نعم أو لا- وبعد ذلك يقول مثلا : ما إسمي ؟ فتشير إلى الحرف الأول من إسمه -حيث يتحرك المؤشر لوحده- كم عمري ؟ فتتحرك إلى الثلاثة والسبعة مثلا أو إلى الأربعة والصفر.. لتشير إلى عمره !!، كم عدد أولادي ؟ ونحو ذلك .. وهذه اللعبة قد أفتتن بها أشخاص مع أنها من السفاهات والسذاجات ولا تدخل في عقل عاقل .. وهي تباع في بعض المحلات هنا . وكان سعرها سبعين ريالاً .. ولما ازداد الطلب عليها من الناس الذين عندهم قلة دين وعقل صارت الآن بمئة وأربعين..وأكثر من مئة وأربعين . وقد أتى لي أحدهم بهذه اللعبة فقلت : الآن لو قمنا بتشغيلها فهل تشتغل ؟ قال : لا.. إذ بمجرد عزمنا على إحضارها إلى الشيخ كفت عن العمل؟!!

فهذا مثل حيٌّ من الخرافات و الخزعبلات الموجودة بين الناس، وبعض الناس يصدقون بها فعلاً.. وهناك أيضاً ما يسمّى بلعبة الفرجار والإبرة ..وفيها إشارة " نعم" و"لا ".. وينادون الجنية –بزعمهم – أو الجن على أساس أنها تشير لهم على الأجوبة .. ويقال أن طالبة سألت اللعبة : ما هي أسئلة إختبار القرآن غداً ؟! فأعطتها أرقام السور.. وجاءت مثل ما قالت !! وكلامٌ كثيرٌ من ذلك!! .. فيقول الناظم – رحمه الله -: " وكتبٌ حوت هذا واشباهه أقدد" :

اقددِ : يعني مزِّقْ ، مثل كتاب "شمس المعارف" وغيره من الأشياء التي فيها تعليم السحر وتحضير الأرواح .. وتحضير الجن وغير ذلك .

وأضاف إليها الشيخ محمد السلمان أبياتاً من عندة مثل:

و قلت كذاك السينماء و مثلُه بلا ريب مذياع وتلفاز معتد

و أوراق ألعاب بها ضاع عمرهم وكرامتهم مزق هديت وقددِ

كذا بكمانٍ و الصليب و مزمرٍ وآلة تصويرٍ بها الشر مرتدي

كذاك دخان و شيشة شربه وآلة تطفاة له اكسر و بددِ

ثم يقول الناظم رحمه الله :- عودة إلى المنظومة الأصلية –

وهجران من أبدى المعاصي سنةٌ وقد قيل أن يردعه أوجب وأكدِ

كما دلّ عليه حديث كعب وغيره . فإذا كان الهجران يردع صاحب المعصية فإن الهجران في حقه واجب ..

وقيل على الإطلاق مادام معلِناً ولاقه بوجه مكفهرّ معربد

يعني مادام معلناً بالفسق سواءً كان يؤثر فيه الهجر أولا يؤثر فيه .. فأهجره وغيّر وجهك عليه لأنه صاحب منكر مجاهر به. فإذا كان الهجر لا يزيده إلا سوءاً فما حكم الهجر ؟ لا يجوز . لأن الهجر قائم مع قاعدة المصالح والمفاسد .

ويحرم تجسيس على متستر بفسق وماضي الفسق إن لم يجددِ
يعني أن المتستر بالفسق لا يجوز التجسس عليه في بيته ، ومن ثبت في ماضيه فسق سابق وماضي لا يجوز التجسس عليه مادام لم يرجع إلى فسقه السابق – حتى وإن كان صاحب سوابق مظهراً توبته-

وحظر إنتفا التسليم فوق ثلاثةٍ على غير من قلنا بهجرٍ فاكّدِ

يعني لا يجوز أن تهجر أخاك فوق ثلاثة أيامٍ لا تُسلم عليه.

على غير من قلنا " كالمعلن بالمعصية ، والمبتدع " حيث تهجره فوق الثلاثة والشهر والسنة حتى يرتدع.

و كن عالماً أنَّ السلام لسُنة وردُّك فرضٌ ليس ندباً بأوطدِ

ويجزئ تسليم امرئ من جماعة ورد فتى منهم عن الكل ياعدي .

لو سلم واحد من الجماعة على قوم جالسين فرد واحد من الجالسين أجزأ هذا عن هؤلاء وهذا عن هؤلاء .

و تسليم نزرٍ والصغيرِ وعابرِ سبيلٍ وركبانٍ على الضد أيّدِ

يعني بهذا الأدب تسليم القليل على الكثير ،والنزر: يعني القليل ، والصغير يسلم على الكبير .. والماشي يسلم على القاعد ، والراكب يسلم على الماشي .. على الضد .

و إن سلَّم المأمور بالرد منهم فقد حصل المسنون إذ هو مهتدِ

وسلَّم إذا ما قمت من حضرة امرئٍ وسلَّم إذا ما جئت بيتك تهتدي


إذا زرت شخصاً وأردت أن تغادر فسلّم عند المغادرة . وإذا دخل المؤمن بيته فليسلّم على أهله: ) فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة( [النور:61].

وإفشاؤك التسليم يوجب محبةً من الناس مجهولاً ومعروفاً إقصدِ

ولذلك يخطئ كثير من الناس اليوم ،فإذا سار لايسلم إلاعلى من يعرف ، ويجب إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وذلك لأن إفشاءك التسليم يوجب محبة من الناس مجهولاً ومعروفاً، و اقصد: أي سلّم على من عرفت ومن لم تعرف ، والسلام على الذين تعرفهم فقط من أشراط الساعة ، وهو أمرٌ مذموم .

وتعريفهُ لفظ السلام مجوّز وتنكيرهُ أيضاً على نص أحمدِ

يعني لو قلت: سلامٌ عليكم، أوالسلام عليكم ، تنكيراً أو تعريفاً.. فكل ذلك صحيح .

و سنة إستئذانه لدخوله على غيره من أقربين و بٌعَّدِ

يشير هنا إلى وجوب الإستئذان قبل الدخول على الأقربين والأباعد، فلو أردت دخول غرفة أمك -التي هي أمك- وهي فيها ، فلا تدخل حتى تستأذنها.. فهل تحب أن تراها على عري ؟! وكذلك الأبعدين-من باب أولى- فلا تدخل عليهم حتى تستأذنهم .

ثلاثاً و مكروه دخول لهاجمٍ و لاسيما من سفرة ٍ وتبعُّدِ

يعني الإستئذان ثلاثاً ، "لهاجم " يهجم أي يدخل من غير إستئذان ، حتى ولو كان الزوج ، لا يهجم على البيت وإنما يستأذن وخصوصاً إذا أتي من سفر حتى لا يقع على مايكرهه من زوجته ، وإنما يمهل حتى تستحد المغيبة، يعني تأخذ من شعرها الذي يسبب الرائحة الكريهة، وتمتشط الشعث ، وتتهيأ بالتزيُّن لزوجها ، حتى لايراها في حال ربما تشمأز نفسه منها .

ووقفته تلقاء با بٍ و كوّةٍ فإن لم يُجَب يمضي وإن يخف يزددِ

يشير هنا إلى النهي عن الوقوف تلقاء الباب مباشرةً ، فإذا فُتَحَ رأى من بالبيت ، والواجب أن يقف على جنب بحيث لو فُـتَحَ الباب فإنه لايرى ما لا يحل له رؤيته من بيت أخيه المسلم.

"وكوةٍ ": أيضاً النافذة أو الثقب .

" فإن لم يُجَب " : أي إذا استأذن ثلاثاً ولم يُستجب له ، فالواجب أن يمضي، يعني ضربت الجرس ثلاث مرات أو قلت السلام عليكم ثلاث مرات فإن لم يؤذن لك فامض في طريقك.

"وإن يخف يزددِ": أي إذا ظن أنهم لمّا يسمعوا إستئذانه فيجوز لك أن تزيد على الثلاث .

وتحريك نعليه وإظهار حسه لدخلته حتى لمنزله اشهدِ

كماجاء عن ابن مسعود أنه كان إذا جاء عند باب بيته تنحنح حتى يَعلم أهل البيت أنه داخل.

وصافح لمن تلقاه من كل مسلم تناثر حطاياكم كما في المُسَنّدِ

المصافحة سنّة وبها تتناثر خطايا المسلمين .

و ليس لغير الله حل سجودنا و يُكره تقبيل الثرى بتشدّدِ

أما السجود فلا يجوز لغير الله . "وتقبيل الثرى بتشدد": إذا قبّل الأرض وسجد يصير الحرام أكثر وأشد، كان سجود التحيه في من قبلنا من الأمم كما سجد إخوة يوسف ليوسف أو أهل يوسف ليوسف، ولكن ذلك في شرعنا حرام ، ولمّا رجع معاذ من الشام وسجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، سأله النبي عليه الصلاة والسلام : ما هذا؟ قال رأيتهم يسجدون لعظمائهم وأنت أعظم من هؤلاء العظماء – أي أنت أولى بالسجود – فنهاه عليه الصلاة والسلام عن السجود ، وقال لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها .

وُيكرهُ منك الإنحناءُ مسلِّماً وتقبيلُ رأس المرءِ حلٌّ وفي اليدِ

الإنحناء عند السلام منهيٌ عنه ، ولفظة " ُيكره" تأتي بمعنى يحرم ولكن يستخدمها كما استخدمها الإمام أحمد -رحمه الله – ورعاً ، مثل ما يحدث من الإنحناء في بعض الألعاب الرياضية ، كالكراتيه وغيرها ، حيث ينحني بعضهم قبل بداية اللعبة ، و هذا حرام لا يجوز. "وتقبيل رأس المرء ": ويجوز تقبيل رأس العالم والوالد و كبير السن وكذلك تقبيل اليد .

ونزع يدٍ ممن يصافح عاجلاً وأن يتناجى الجمع من دون مفردِ

يعني يُكروه إذا صافحت أخاك أن تستعجل فتسحب يدك قبله ، وأيضاً يُنهي عن تناجي جماعة من دون أحدهم.

وأن يجلس الانسان عند محدَّثٍ بسرٍّ وقيل أحضر وإن يأذن أقعدِ

أي لا تجلس بين إثنين يتناجيان ..وإن استأذنت جاز أن تجلس إذا أُذن لك.. وقيل لاتاتِ أصلاً .

وكن واصل الأرحام حتى لكاشحٍ توخّر في عمرٍ و رزق و تسعدِ

"كاشحٍ" : يعني صاحب عداوة، "توخّرفي عمر" : أي يطول عمرك ، وتزداد رزقاً.

ويحسن تحسين لخلق و صحبة و لا سيما للوالدِ المتأكَّدِ

هذا حثٌ على حُسن الصحبة و مع الوالدين أولى وأوكد.

ولوكان ذا كفر، وأوجب طوعه سوى في حرام أو لأمرٍ مؤكّدِ

"ذا كفر" : الوالد حتى لو كان كافرا وجب طاعته والإحسان إليه إلاّ إذا أمرك بمعصية.

كتطلاب علم لا يضرهما به و تطليق زوجاتٍ برأي مجردِ

يعني لا تطيعه اذا أمرك بشي’ٍ مؤكد شرعاً كطلب العلم الذي تحتاج إليه و لايضرهما . ولو قال لك طلق زوجتك برأي مجرد عن الأسباب الشرعيّة، حيث لم تفعل الزوجة شراً ولا أساءت خُلقاً .. فلا يلزمك طاعة والديك في هذه الحالة.

وأحسن إلى أصحابه بعد موته فهذا بقايا برّه المتعوّدِ

المراد الإحسان إلى أصحاب أبيك وأمك .." هل بقي من بر أبوي شيء أفعله بعد موتهما ". فأخبره عليه الصلاة والسلام :" أن تصل صديقهما من بعدهما" .

ويشرعُ إيكاء السقا وغطا الإنا وإيجاف أبواب و طف’ لموقد

تغطية الإناء بعد الشرب ، و" إيجاف أبواب" إغلاق الباب بعد ما تدخل البيت ، "طف’ لموقد": إطفاء السرج.

وتقليم أظفار و نتف لإبطه و حلقاً و للتنوير للعانة أقصدِ

"التنوير" : وضع النورة لإزالة الشعر ، والمقصود الإزالة سواءً كان بالحلق أو القص أو أي شيء من المزيلات أوالنورة.

وها قد بذلت النصُّح جهدي وإنني مقرّ بتقصيري وبالله أهتدي

تقضِّت بحمد الله ليست ذميمةً و لكنها كالدرّ في عُقد خردِ

"تقضَّت": يعني أنقضت القصيدة واكتملت أبياتها.

يحارُ لها قلب اللبيب وعارف كريمان إن جالا بفكر ٍ منضّدِ

فخذها بحرصٍ ليس بالنوم تد رِكن أهل النهى والفضل في كل مشهدِ

و قد كمُلت و الحمد لله وحده على كل حالٍ دائماً لم يُصددِ

.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله

وصحبه وسلم .

تعليمية تعليمية




جزاكم الله خيرا

لكن يرجى عزو المقال إلى صاحبه -ذكر صاحب المقال – من باب الأمانة العلمية..

قبل أن تنشر في – فرع الإسلاميات العامة – اقرأ القوانين أولا




بارك الله فيك على المقال

المصر وصاحب المقال امر ضروري لنعرف من اين ناخذ العلم

شكرا لك




تعليمية تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوريين اخوتي و جزاكم الله خيرا و اني سوف اخذ بتوصياتكم فيما يخص مصادر المقالات
و اشجعكم على هذه الانتقادات لاني استمد منها قوتي و بارك الله فيكم و لكم عافية
اختي ام عبيد الاثرية و اختي هناء
تعليمية تعليمية




تعليمية

شكرا وبارك الله فيك




شكرا اخي على تتبعك مواضيعي




التصنيفات
السنة الثانية ثانوي

تحضير دروس الأدب سنة 2 ثانوي علوم تجريبية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام أخواتي الكريمات أضع بين أيديكم تحضير دروس الأدب العربي لشعب علوم تجريبية + رياضيات +تسيير و إقتصاد

تعليمية تعليمية تعليميةإنشاء الله يكون في الفائدةتعليمية تعليمية تعليمية

أرجو منكم صالح الدعاء أخوكم في الله عبد الله




mr666666666666




جزاك الله خيرا.




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
العربية والعرب,صرف,نحو,إملاء...إلخ

وللأطفال نصيب في الأدب

تعليمية تعليمية

تعليمية

تعليمية

وللأطفال نصيب

لكي نضمن أدباء وشعراء كبار في المستقبل لابد من رعاية

المواهب الأدبية منذ الصغر وتزويدها بكل الوسائل المتاحة

لتنمية مواهبها وصقلها صقلا صحيحا ولأن التكنلوجيا متوفرة

في هذا الزمن زمن الكمبيوتر والانترنت ولأنه اصبح وسيلة

تثقيفية لا تقل أهمية عن الكتب بل تجاوزها بكثير كان لابد من

استغلالها استغلالا حسنا .في تثقيف انفسنا وأبناءنا حتى لا

يحيدوا إلى أمور أخرى قد تعصف بحياتهم ومستقبلهم

اضع بين أيديكم عدة مواقع أدبية ليستفيد منها الطفل ويبدع

إبداعا حقيقيا مبني على المعرفة والعلم .

مكتبةكاملة للأطفال فيها من النصوص الادبية والوعظية

مجموعة قصصيه شيقه وممتعه للاطفال ))
http://khayma.com/bandarkd /

كتب للناشئة

تعليمية تعليمية

مواقع أدبية

http://www.awu-dam.org/book/indx-child.htm
تعليمية تعليمية

http://www.childrenslibrary.org

تعليمية

http://pbskids.org/lions

تعليمية تعليمية

http://www.bygosh.com/childrensclassics.htm

تعليمية

http://www.candlelightstories.co m/

تعليمية تعليمية




شكرا جزيلا




الشكر لمرورك العطر بارك الله فيكتعليمية




شكرا على الافادة زنبقة الوادي

لك مني ارقى التحيات

ننتضر جديدك




شكرا لتواجدك أميرة

تعليمية




مشكوووووور ة

الله يعطيك الف عافيه




رائع ما رصدت ِ زنبقة

دائما مميزة ….

شكرا على مجهودك




التصنيفات
السنة الثانية ثانوي

نماذج من اختبارات الأدب العربي مع حلولها للسنة الثانية ثانوي

تعليمية
تعليمية
أنقل لكم نماذج اختيارات في الأدب العربي مع حلولها
في ملف واحد

الملف الأول
تعليمية
http://www.megaupload.com/?d=VI4UHIPS
تعليمية
http://www.zshare.net/download/82640893e6236aab/
الملف الثاني
تعليمية
www.zshare.net/download/82643092bb5fadb0
تعليمية
تعليمية




مشكور اخ هشام

ان شاء الله تعم الفائدة للجميع

ننتضر دوما جديدكم اذكر السنة دوما في العنوان




تعليمية تعليمية
merci c’est formidable""" que dieu el Karim te donne le pouvoir de SOULAYMAN le courage d’Ibrahim la parole de moussa la beauté de Youssef la lumière de hissa et la gloire de Mohamed"""
تعليمية تعليمية




جزاكم الله خير الجزاء ونفع الله بكم وجعلكم من اهل الجنة يارب العلمين

لا تبخل علينا بمثل هذه المواضيع القيمة والمفيدة للاخرين

اختك هناء




شكرا أخي وأنت مطلوب بإفادتي بكلمة السر لرأية الملف وجزاك الله خير




thankssssssssssssssssss




شكرا اخي بارك الله فيك




التصنيفات
العربية والعرب,صرف,نحو,إملاء...إلخ

فوائد من فضاءات اللغة والأدب

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
من كتاب بستان المعرفة (فوائد لغوية وأدبية ).
لمؤلفه:محمد قاسم الشوم.جزاه الله خير .
نقلت ما يلى للفائدة .(وهي أغلبها من القرءان أو الحديث وهنا الروعة)

أوقات اليوم :
البكور :قبل طلوع الشمس.
الصبوح:بياض ضوء الصبح.
الغداة:بعد طلوع الشمس.
الهاجرة:وقت الظهر.
العصر:بعد الظهر.
الأصيل:بين العصر والمغرب.
الغسق:ظلمة أول الليل.
الغلس: ظلمة آخر الليل.
السحر:ما قبل الفجر.

ساعات الليل والنهار:
الساعة الأولى من الليل هي:
الشفق وهو وقت صلاة المغرب ثم تتدرج :الغسق، العتمة ، السوفة ، الهجمة ، الزلة ، الزلفة ، البهرة ، السحر ، الفجر ، الصبح ، الصباح .

الساعة الأولى من الصباح هي:
الشروق ، ثم الصباح ، ثم البكور (قبل طلوع الشمس) ،ثم الغداة (بعد طلوع الشمس)، ثم الضحى (بعد إرتفاع الشمس) ، ثم الزوال ، ثم الهاجرة (إذا استوت الشمس في كبد السماء) ثم الظهيرة (إذا زالت الشمس) ،ثم الرواح بعد ذلك(إذا برد النهار) ، ثم العصر والقصر ، ثم الأصيل ، ثم العشي ، ثم الغروب.

.

جموع لا واحد لها:
_نساء .
_إبل .
_المساوئ.
_المحاسن.
_المقابح.
_الممادح.
_المعايب.
_المقاليد.
_الأبابيل.
_المسام.
_شعب.

أتمنى الفائدة للجميع .




انارك الله بنور الجنة اختي الفاضلة
وفقك الله




بارك الله فيك أختي على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السنة الثانية ثانوي

الأدب في العصر العباسي

الأدب في العصر العباسي
وصلت الحياة الفكرية في العصر العباسي إلى ذروة التطور والازدهار، ولاسيما في العلوم والآداب .. وقد عرف العصر حركات ثقافية مهمة وتيارات فكرية بفضل التدخل بين الأمم .. وكان لنقل التراث اليوناني والفارسي والهندي، وتشجيع الخلفاء والأمراء والولاة، وإقبال العرب على الثقافات المتنوعة، أبعد الأثر في جعل الزمن العباسي عصراً ذهبياً في الحياة الفكرية .. ونحاول فيما يأتي التعرف إلى الإنتاج الأدبي، شعره نثره، على اختلاف فنونه، وما لحقه من خصائص وتطورات.
في العصر العباسي كانت العربية قد أصبحت اللغة الرسمية في البلدان الخاضعة لسيطرة المسلمين، وكانت لغة العلم والأدب والفلسفة والدين لدى جميع الشعوب. وقد كتب النتاج بمجمله في اللغة العربية مع أن قسماً كبيراً من أصحابه ليسوا من العرب !!

تركت الثقافات الدخيلة أثراً عميقاً في علوم العرب وفلسفتهم، ولكن آداب الأعاجم لم يكن لها مثل هذا الأثر فالعرب لم ينقلوا إلا جزءاً ضئيلاً من الآداب الأعجمية، لأنهم لم يشعروا بحاجتهم إليها ولم يكن أدباء العرب وشعراؤهم يتقنون لغات غربية، فظل أدبهم في مجمله صافياً بعيداً عن التيارات الأجنبية.
وقد غلب الطابع العربي على الأعاجم الذين نظموا وكتبوا بالعربية، فتأثروا بالاتجاهات الأدبية العربية وانحصر تجديدهم ضمن القوالب التقليدية فالعصر العباسي حمل الأدب كثيراً من التجديد، ولكن ضمن الأطر التقليدية.
في العصر العباسي انتشرت المعارف، وكثر الإقبال على البحث والتدوين، وأنشئت المكتبات وراجت أسواق الكتب وقد وضعت المؤلفات في مختلف فروع المعرفة، في التاريخ والجغرافيا، والفلك والرياضيات، والطب والكيمياء والصيدلة، والصرف والنحو، واللغة والنقد، والشعر، والقصص والدين، والفللسفة والسياسة، والأخلاق والاجتماع وغير ذلك .. ويكفي أن نقرأ كتاب الفهرست لابن النديم لنعرف إلى أي مدى كانت حركة التأليف مزدهرة .. وأقبل الأدباء على الثقافات الجديدة يكتسبون منها معطيات عقلية، وقدرة على التعليل والاستنباط وتوليد المعاني، والمقارنة والاستنتاج .. فالأدب العباسي جاء أغنى مما سبقه، ويدلنا على هذا الغنى ما نراه في شعر أبي نواس وأبي تمام وأبي الطيب والمتنبي وأبي علاء، وما نراه في نثر ابن المفقع والجاحظ وبديع الزمان وسواهم .. ثمّ أنّ عمق الثقافة ساعد على عمق التجربة الانسانية، فجاءالأدب العباسي زاخراً بالمعطيات الإنسانية من حيث تصويره لجوهر الإنسان وما يتعقب على النفس من حالات اليأس والأمل، والضعف والقوة، والحزم والفرح وغير ذلك .. كما رسم الأدب العباسي المشاكل العامة في الاجتماع والفكر والسياسة والأخلاق .. وهذا كله ظهر في خمريات أبي نواس وخواطر الرومي، وحكم المتنبي، ووجدانيات أبي فراس، وتأملات المعري، وأمثال ابن المفقع، وانتقادات الجاحظ .. فضلاً عن ذلك عرف العصر مدارس أدبية شعرية ونثرية، منها مدرسة أبي نواس ومدرسة أبي تمام، ومدرسة أبي العتاهية، ومدرسة المعري في ميادين الشعر.
وفي النثر عرفت مدرسة ابن المفقع، ومدرسة الجاحظ، ودرسة القاضي الفاضل، ومدرسة بديع الزمان الهمذاني وكل من هذه المدارس خصائصها واتجاهاتها، وقد كان لها الفضل في إعلاء شأن الحياة الأدبية في العصر العباسي.
ازدهر الشعر السياسي في العصر الأموي لأسباب متعددة أهمها قيام الأحزاب السياسية وتناحرها .. ولكن هذا اللون انحسرت أهميته في العصر العباسي بسبب ضعف الأحزاب والعصبيات القبلية .. وقد ازدهر بالمقابل شعر المدح بفعل ازدهار الحياة الاقتصادية وتطور الحياة الإجتماعية، مع ميل الخلفاء إلى الترف وحب الإطراء .. فأقبل الشعراء يمجدون الخلافة والأمراء وأصحاب النفوذ، مقابل العطايا السنية وهذا ما جعل الشعراء يحملون بالثروات الطائلة، فيقصدون بغداد والعواصم الأخرى للإقامة في جوار القصور .. وقوي الهجاء كذلك بدافع تحاسد الشعراء، وإلحافهم في طلب الجوائز، وضمنوا هجائهم الكلام المقنع أحياناً.
أما الغزل فقد مال به أصحابه بصورة عامة، إلى التهتك والإباحية، والفحش في الألفاظ وكثر في العصر العباسي الخلعاء من الشعراء الماجنين، وأهمهم أبو نواس، وحماد عجرد، ومطيع بن اياس، والضحاك، ووالبة بن الحباب .. إلا أن فئة من المتعففين حافظ أفرادها على العذرية في الشعر، من أمثال البحتري وأبي تمام وابن الرومي وأبي فراس الحمداني والشريف الرضي فهؤلاء جاءت قصائدهم الغزلية صادرة عن وجدان صحيح فيه الصدق والبراءة والمحافظة على الآداب العامة .. ثم ان الفخر الذي بني في الجاهلية على العصبية القليلة ضعف شأنه مع ظهور الإسلام، إلا ما كان منه جماعياً وبالدين الإسلامي وأهله .. أما العصر العباسي فقد تحول فيه الفخر إلى العصبية العنصرية أو القومية، ولكنه لم يكن قوياً في العصر الأول والثاني.
وقد ازدهر الفخر في العصر الثالث مع اضطراب الأحوال السياسية وكثرة المغمرين والاعتداد بالنفس وأبرز شعراء الفخر أبو الطيب المتنبي وأبو فراس و الشريف الرضي .. وهذه الموضوعات الشعرية كانت معروفة في العصور السابقة وحافظ الشعراء العباسيون على قوتها إلا أن البيئة العباسية ساعدت على ازدهار فنون جديده كانت من قبل ضعيفة أو غير معروفة .. وأهم هذه الفنون شعر المجون الذي كان وليد انتشار الزندقة وتفشي الفساد بفعل اختلاط الشعوب ، وإتيان الأعاجم بفنون من الخلاعة والفحش وردئ العادات .. أما شعر الخمر فقد ارتقى على أيدي أبي نواس وصحبه ، وأصابه من معطيات العصر ما جعل الشعراء يبدعون فيه .. ومن دوافع ازدهار شعر الخمر الثقافة التي تيسرت للعباسيين فعمقت تجربتهم وكثفت شعرهم .. فأبو نواس تجاوز الأعشى والأخطل والوليد بن يزيد في هذا الفن ، واهتدى الى معان وصور وآفاق وأساليب صار معها حامل لواء التجديد في الشعر العباسي وجعل من الخمريات رمزا لهذا التجديد وأساسا لنشر الآراء وفلسفة الحياة والوجود .. وبعد أبي نواس استمرت الخمريات فنا شعريا راقيا اشتهر فيه ابن المعتز ومعز الدولة البويهي والغرائي وسواهم.
ومن الفنون الشعرية التي حافظت على رواجها وتطورت في العصر العباسي فن الوصف التي شمل الطبيعة المطبوعة والطبيعية المصنوعة .. ولهذا اهتم الشعراء بالرياض والقصور، والبرك، والأنهار، والجبال، والطيور، والمعارك، ومجالس اللهو، وغير ذلك.
في العصر العباسي تطورت المعاني الشعرية عمقاً وكثافة ودقة في التصوير، فجاءت شاملة للحقائق الإنسانية وقد انصرف الشعراء عن المعاني القديمة إلى معان جديدة، يساعد على ذلك ما كسبه العقل العباسي من الفلسفة وعلم الكلام والمنطق، وما وصلوا إليه من أساليب فنية قوامها المحسنات اللفظية والمعنوية ومثال ذلك أن أبا تمام يجمع في قصيدة "فتح عموريّة" بين العملية الفكرية والعملية الفنية، فأخرج من القصيدة شعراً جديداً راقياً، فيه من القديم مسحة ومن الجديد أخرج معاني وصوراً طريفة وكثرت في الشعر العباسي الأمثال والحكم (المتنبي والمعري)، وبرز فيه المنطق والأقيسة العقلية، وترتيب الأفكار (أبو تمام، وابن الرومي، المتنبي). كما ظهر الإبداع في التصوير والاعراب في الخيال، ومجاراة الحياة والفنون في الزخرفة والنقش، والاهتمام بالألوان (ابن الرومي، والبحتري).
امتاز الشعر العباسي بدقة العبارة وحسن الجرس والإيقاع، وذلك بتأثير الحضارة ورفاه العيش كما امتاز بخروجه على المنهجية القديمة في بناء القصيدة وترتيب أجزائها. وكثيراً ما ثار الشعراء على الأساليب القديمة، وفي ذلك ذلك يقول المتنبي:
إذا كان شعر فالنسيب المقدم … أكل بليغ قال شعراً متيم
وتمتاز القصيدة العباسية بوحدة البناء، وفيها صناعة وهندسة، مع استخدام الصور البيانية، فضلاً عن التجديد في الألفاظ المستعملة والموحية.

النثر العباسي :
خطا النثر العباسي خطوات كبيرة، فواكب نهضة العصر وأصبح قادراً على استيعاب المظاهر العلمية والفلسفية والفنية كما أن الموضوعات النثرية تنوعت فشملت مختلف مناحي الحياة .. فالكتابة الفنية توزعت على ديوان الرسائل والتوقيعات وغيرها .. وكان المسؤولون يختارون خيرة الكتاب لغة وبلاغة وعلماً لتسلم الدواوين، ولاسيما ديوان الرسائل الذي كان يقتضي أكثر من غيره إتقان البلاغة والتفنن ، و مستوى رفيع من الثقافة فضلاً عن ذلك النثر الفني القصص و المقامات و النقد الأدبي ، و النوادر ، و الأمثال و الحكم ، و التدوين ، و الرحلات ، و التاريخ ، و العلوم.
وظهرت الرسائل الأدبية التي تضمنت الحكم و جوامع الكلم و الأمثال و الفكاهات و كانت موضوعات الرسائل تتراوح بين الأخبار و الأخوانيات ، والاعتذار وغير ذلك وراجت الرسائل الطويلة في العصر العباسي فتناولت السياسة والأخلاق والاجتماع، كرسالة الصاحبة لابن المقفع، ورسالة القيان ورسالة التربيع والدوير للجاحظ، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري.
وعظم شأن القصص في العصر العباسي، فاتسع نطاقه وأصبح مادة أدبية غزيرة، وتنوعت المؤلفات القصصية فأقبل الناس على مطالعتها وتناقلها ومنها ما اهتم بالحقل الديني ككتاب قصص الأنبياء المسنى بالعرائس للثعلبي، وقصص الأنبياء للكسائي، وقصة يوسف الصديق، وقصة أهل الكهف، وقصة الإسراء والمعراج ومنها القصص الاجتماعية والغرامية والبطولية ككتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، وقصص العذريين، وسيرة عنتر، وحمزة البلوان، وسواها ومنها القصص التاريخية التي تناولت سير الخلفاء والملوك والأمراء كما عرف العصر العباسي القصص الدخيلة المنقولة، نذكر منها كليلة ودمنة، وكتاب مزدك، وكتاب السندباد، وبعضاً من ألف ليلة وليلة، وأكثره خيالي خرافي يدور بعضه على ألسنة الحيوان.
وإلى جانب القصة ازدهر أدب الأقصوصة، وكتاب البخلاء للجاحظ خير مثال على هذا النوع من الأدب وقد امتاز الأدب القصصي العبسي بدقة الوصف والتصوير وبراعة الحوار، والقدرة على استنباط الحقائق وتصوير مرافق الحياة، وتسقط العجائب والغرائب، والكشف عن العقليات والعادات والتقاليد.
وفي العصر العباسي ظهر فن المقامة، وضعه بديع الزمان الهمذاني، ولقي كثيراً من الرواج في العصر العباسي وما بعده .. وهو سرد قصصي يتناول الأخلاق والعادات والأدب واللغة، ويمتاز بأسلوبه المسجع وإغراقه في الصناعة وكثرة الزخارف والمحسنات المتنوعة .. وفضلاً عما ذكرنا اهتم النثر العباسي بتدوين العلوم على أنواعها وهذه العلوم كانت إما عربية إسلامية كعلوم الشريعة والفقه والتفسير والحديث والقراءات والكلام والنحو والصرف والبيان وغير ذلك، وإما أجنبية التأثير كالمنطق والفلسفة والرياضيات والطب والكيمياء والفلك وعلم النبات والحيوان وغير ذلك. بهذا حاولنا أن نلقي نظرة على الأدب العباسي، شعره ونثره، وأن توضح أهم ما تناوله من موضوعات وما امتاز به من خصائص عامة.




التصنيفات
الشعر والنثر

بين الأدب الجيد والأدب الرديئ

بسم الله الرحمن الرحيمتعليمية

الأدب الجيد والأدب الرديء – سليم مطر

هنالك صفتين يجب أخذهما بنظر الاعتبار من أجل تمييز الأدب الجيد عن الأدب الرديء:
1- الإمتاع؛ إن عنصر الإمتاع هو الصفة الأولى في العمل الإبداعي "الأدبي وكذلك الفني". وليس صدفة أبدا أن أُطلقت تسمية (الجماليات) على الفنون والآداب، لان مهمتها الكبرى هي أن تثير أحاسيس الجمال والمتعة لدى الإنسان. إنها تضفي المقبولية والجمال على الوجود وتجعل الحياة اكثر احتمالا.
إن المبدع الحقيقي هو من يمتلك القدرة على إضفاء الجمال حتى على قبح الحياة والموجودات. ولنا مثال شهير في هذا المجال، لوحة (الحذاء العتيق) للرسام الهولندي فان كوخ. إن هذا الحس الجمالي والإمتاعي هو خارج كل المقاييس الأكاديمية والنظريات النقدية.. انه حس إنساني غريزي يشترك فيه المثقف وغير المثقف، والصفة الوحيدة المطلوبة هي " الخبرة والتعود".. بالضبط مثل الشخص الأكال المتذوق للطعام وللشراب، فانه يمتلك حواس خبيرة بالذوق والنكهة والرؤية تؤهله لتمييز الطبخ الجيد من الطبخ الرديء، والنبيذ الراقي من النبيذ الرديء.
2- المضمون؛ وهي خاصية مكملة وتابعة للخاصية السابقة. فإن المضمون أو الهدف الإنساني المبتغى من وراء العمل الأدبي والفني؛ أي ما يطلق عليه (رسالته)، فإنها تهم أكثر الناقد الأكاديمي والدارس المتمكن القادر على مطالعة النتاج ضمن مرحلته التاريخية وسياقه الشخصي والوطني والعالمي وكشف خباياه الواعية وغير الواعية، المعلنة وغير المعلنة. فقط بالنسبة للمضمون تتدخل الحصيلة الثقافية والنظريات النقدية في تحليل النتاج..
نعم إن الغريزة والخبرة الإنسانية العامة هي التي تكشف عن عنصر (الجمال والإمتاع) في العمل الإبداعي.. والحصيلة الأكاديمية والنقدية هي التي تكشف عن مضامين وخبايا ومؤثرات العمل الإبداعي.. والناقد الحقيقي هو من يعتمد على هذين الأساسين: أولاً الحس الجمالي الإمتاعي، ثم الحصيلة النظرية النقدية.. وللأسف أن السائد لدى نقادنا هو الاعتماد الكلي على الفهم الأكاديمي وتطبيق المقولات النقدية بصورة سطحية باردة تتناسى تماما الحس الغريزي الإنساني القادر أولاً على الكشف عن القيمة الإمتاعية والجمالية في العمل الإبداعي.
*سليم مطر: كاتب عراقي يقيم في جنيف.

المصدر: مجلة ألواح – منقول للأمانة والإفادة –




تعليمية تعليمية
اجمل ما خطته اناملك روعة في الموضوع ومضمون ممتاز في المقارنة بين الادبين واصلي اختي ابداعك وافيدينا واجرك على الله .
دمتي في رعاية الله وحفظه
اخوك : الطيب
تعليمية تعليمية




بورك فيك وفي ردك الكريم




الكثير منا يفتقد للحس الأدبي الذي يليه الإبداع الأدبي

فأرجو من أي هاو للكتابة أويملك قلما لإفراز مشاعره أو تأوهاته أو قلقه من واقعه أو حبه للتغيير أو الرفض لظاهرة معينة في

الحياة أن يكون قادرا على ايصال أدبه بلغة تصب في كيان القارئ فتحرك فيه روح التأثر والتأقلم ….

ومن ثمة يتحقق الهدف الذي من أجله صاغ أفكاره ويدرج أدبه ضمن الأدب الجيد لا الرديئ

وأراكم أبنائي وإخواني و محبي الأدب تطلون بحياء على هذا الموضوع رغم أهميته …

أنتظركم في حنو لمصافحة الكتابة والإنتشاء بالطرح .

تحياتـــــــــــــــــي .




موضوع قيــــــم بارك الله فيـــــــــــك




موضوع مميز .
الله يجازيك خيرا ماما غاية الهدى على الجلب الطيب .
تقبلي مروري و تحيتي.
تعليمية




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي

تهذيب دليل الطالب إلى دروس التقويم النقدي المستنبطة من محاور منهاج الأدب العربي

بسم الله الرحمن الرحيم و به أستعين

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
و على آله و صحبه أجمعين

تهذيب دليل الطالب إلى دروس التقويم النقدي
المستنبطة من محاور منهاج الأدب العربي
للسنة الثالثة أدب و فلسفة و أدب و لغات
2009/2010
مع ملحق حول القضايا النقدية المتصلة
بنصوص منهاج السنة الثالثة

من إعداد الأستاذ مصطفى بن الحاج



مقدمة:
استجابة لطلب بعض المتعلمين قمنا بتهذيب عملنا السابق حول استنباط أسئلة التقويم النقدي من محاور منهاج اللغة العربية للسنة الثالثة و سميناه :
تهذيب دليل الطالب إلى دروس التقويم النقدي

المستنبطة من محاور منهاج الأدب العربي
للسنة الثالثة أدب و فلسفة و أدب و لغات

و لقد ألحقنا به موضوعات مختلفة لا يستغني عنها المتعلم في دروس النصوص الأدبية و هي من جملة القضايا التي تطرح حولها أسئلة في امتحان البكالوريا مثل قضية الروابط و أنواعها و التلخيص و نثر الشعر و غير ذلك مما رأيناه ضروريا لمعرفته و لم نغير في نظام و ترتيب عناصر عملنا السابق حيث رتبنا جملة القضايا النقدية حسب محاور المنهاج و دعمنا هذه الموضوعات بأسئلة متوقعة للتدرب عليها و على المتعلم أن يتصرف في اختياره للمراجعة أو الطباعة لأننا سجلنا ما استطعنا من احتمالات ممكنة و لأسباب منطقية قدمنا عملنا بصيغة Pdf

و لا أنسى أن أنبه المتعلمين إلى أن محتوى بعض الموضوعات هو من عمل بعض الأساتذة الكرام نقلناه عنهم لجودته و روعته و هو ثابت بأسمائهم في مشاركاتهم السابقة بالمنتدى و ألحقناه بعملنا هذا من أجل الفائدة و كل ما ورد هنا هو من أجل فائدة المتعلمين و به أردنا وجه الله وحده و هو من وراء القصد
و أخيرا أرجو لكم المتعة و الفائدة .

/الأستاذ مصطفى بن الحاج

و قبل تحميل الملف أقدم لكم الفهرس

العام لقضايا التقويم النقدي الواردة في هذا الملف
الأول و الثاني
1-استنتاج خصائص الأدب عامة و النثر خاصة مع تعليل ضعف حركة الإبداع و ازدهارحركة
التأليف في هذا العصر.
2- تفسير ظاهرة المديح النبوي و الزهد في هذا العصر
الثالث و الرابع
1-استنتاج خصائص شعر المنفى لدى الشعراء الرواد في العصر الحديث
[البارودي و شوقي نموذجا]
2- تعليل التوجه الفني لدى شعراء هذه المرحلة
3-استنتاج مظاهر التجديد في الشعر العربي الحديث
4-اكتشاف النزعة الإنسانية في شعر المهجريين
5-بيان مفهوم الوحدة العضوية في القصيدة الحديثة
الخامس
1-انشغال الشعراء المعاصرين بقضية فلسطين و نشوء حس المواطنة و نزعتها لديهم.
2-مفهوم الالتزام في الشعر العربي الحديث
السادس
1- مفهوم الظواهر الفنية في الشعر الحر[اللغة و الموسيقى و الصورة و الغموض
و الرمز في الشعر الحر………]
2- الموازنة بين الشعر العمودي و شعر التفعيلة
السابع
1-مظاهر الحزن و الألم عند الشعراء المعاصرين
2-تعليل هذه الظاهرة نفسيا و اجتماعيا
الثامن
1-مظاهر التجديد في القصيدة العربية المعاصرة
2-مدى توظيف الرمز و الأسطورة فيها
التاسع
1-خصائص فن المقال شكلا و مضمونا
-2-دور رجال الإصلاح في ازدهار المقال
العاشر
1-الفن القصصي نشأته و تطوره و خصائصه
2-مدى تأثر القصة الجزائرية بالواقع الجزائري عبر المراحل المختلفة
الحادي و الثاني عشر
1-خصائص المسرحية العربية في المشرق
2-خصائص المسرح الجزائري
3-خصائص المسرحية
4-العلاقة بين المسرحية و المحيط الاجتماعي

ثم فهرس موضوعات الملحق النقدي
1- التلخيص
2- نثر الشعر
3- الروابط و أنواعها
4- التناص
5- الأفعال و دلالاتها ووظائفها
6- أنماط النص الأدبي
7- الضمائر و أنواعها
8- الاتساق و الانسجام
9- الحقل المعجمي و الدلالي
10- تلخيص عام للدلالات
11 – ملحق شامل للتعريف بأدباء المنهاج و ذكر خصائص أساليب




شكرااا وبارك الله فيك




رائع رائع ….ماشاء الله ، إذن علي ان اراجع كل مافي هذا الملف ؟

وبالنسبة لتعريف الادباء هل ممكن ان يطرح علينا سؤال نعرف فيه باحدهم ؟ لاني لاحظت من 2022 لم يكن هناك أي سؤال في التعريف بهم؟




التصنيفات
الشعر والنثر

مفهوم الأدب عند الجاحظ على ضوء كتابه البيانوالتبيين

إن المتمعن في كتاب البيان والتبيين ، سرعان ما يدرك أن هناك فكرة مسيطرة على النفس الجاحظية يمكن تلخيصها بكلمة هي الفتنة ، على اختلاف ضروبها (اجتماعية ، سياسية، اقتصادية ،ثقافية) ، وليس من قبيل المصادفة أو براعة الاستهلال أن يقدم الجاحظ كتابه بالاستعاذة من فتنة القول وفتنة العمل(1) ، فهذا دليل على واقع لا بد من أخذه بعين الاعتبار .
من هنا كان للأدب دور في غاية الخطورة لسببين :
_ أولهما : أن الأدب تأسيس ينبني على القول ، لدى أمة تفتن بالكلمة وتحتفي بها على نحو جعلها توحد بين القول والفعل (2)، بل إن القول كثيراً ما اعتبر أكثر وقعاً وأشد فاعلية من الفعل ذاته(3).
_ثانيهما : يرجع إلى ما يمتلكه الأدب من قدرة إجرائية ، لذلك أكد الجاحظ على فتنة القول، واعتبر القول بوابة مشرعة على السحر ، وهو يدعم وجهته من خلال الموروث فيورد قول رسول الله " إن من البيان لسحرا"، وكذلك قول عمر بن عبد العزيز "لرجل أحسن في طلب حاجة وتأتى لها بكلام وجيز ومنطق حسن هذا والله السحر الحلال"(4)،وقيل إن النبي قال لحسان بن ثابت :"واللَّه لشِعْرُك أشدُّ عليهم من وَقْع السِّهام، في غبَش الظَّلام"(5) .
إن الأدب يمتلك القدرة على تحلية مضمون الأدب (المعاني والدلالات) في عيون الناس وإخراجها مخرجاً يبرز معه حسنها من هنا شبه الجاحظ المعاني بالجواري والألفاظ بالمعارض ، وبهذا الاعتبار يكون الأدب قائماً على الزينة التي نضيفها إلى المعنى لا على المعنى:" أُنذِرُكم حُسنَ الألفاظ، وحلاوةَ مخارج الكلام؛ فإنَّ المعنى إذا اكتسى لفظاً حسناً وأعاره البليغُ مَخرجاً سهلاً، ومنحه المتكلم دَلاًّ مُتَعشَّقاً، صارفي قلبك أحْلى، ولصدرك أمْلا، والمعاني إذا كُسِيت الألفاظَ الكريمة،وألبست الأوصافَ الرفيعة، وتحوَّلت في العيون عن
_________________________ __________
(1) الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، البيان والتبيين ، تحقيق عبد السلام هارون ،مكتبة الخانجي ، القاهرة، ط7، 1998، ج1، ص3.
(2) الجاحظ ، المصدر نفسه، ج2، ص175.
(3) المصدر نفسه ، ج2، ص188.
(4) نفسه، ج1، ص255.
(5)نفسه، ج1، ص273.
مقادير صُوَرها، وأرْبَتُ على حقائق أقدارها، بقَدْرِ ما زُيِّنت، وحَسَبِ ما زُخرِفت، فقد صارت الألفاظ في معاني المعارض وصارت المعاني في معنى الجواري والقلب ضعيفٌ، وسلطانُ الهوى قويٌّ، ومَدخل خُدَع الشيطان خفيّ"(1).
وكما يمتلك الأدب القدرة على التحسين والتجميل ، فإنه في نفس الوقت يمكن أن يكون أداة يوظفها الأديب في سبيل تزييف الواقع والحقائق ذلك أن من حدود الأدب أنه " تصوير الباطل في صورة الحقّ" (2).
لكن ما كان يشغل فكر الجاحظ في المقام الأول، هو إصلاح العالم بواسطة الأدب ، فالأدب وسيلة وضعها الإنسان لإعادة توحيد الطبائع بعد اختلافها وتأليف الأجناس بعد تفرقها وذلك بتلقيح عادات ترمي إلى إنماء طبائع جديدة في الإنسان لإصلاح القديمة أو لتغييرها تماماً ""قالوا: والمشاكلةُ من جهة الاتِّفاق في الطبيعة والعادة، ربَّما كان أبلغَ وأوغَلَ من المشاكلة من جهة الرَّحِم، نعم حتى تراه أغلَبَ عليه من أخيه لأمِّه وأبيه، وربَّما كان أشبَهَ به خَلْقاً وخُلُقاً، وأدَباً ومذهَباً"(3) ،علماً بأن هذه الطبائع إذا حولت إلى مقادير الكمال والتمام (4) لا يتولد منها إلا الحسن ولا تلفظ إلا الحسن .
وفي هذا رد على التيار الفكري المنادي إلى توقيف مصير الإنسان في الحياة على أصل تركيب طبيعته الأولى وجعل الوراثة أمراً محتوماً لا يمكن التخلص منه أبداً.
و الجاحظ يتوسم بأبيات لأبي تمام(5) قاعدة تلخص الأدب شاهداً ومثلاً وهي :

كذَبْتُمُ ليس يُزهَى مَن له iiحسبُ
إنِّي لَذُو عجبٍ منكمْ أردِّدهُ
لَجَاجةٌ لِيَ فيكمْ ليس يشبهُها

ومَن له نسبٌ عمَّن له أدبُ
فيكم، وفي عجبي مِن زَهوكم عَجَبُ
إلاّ لجاجتُكمْ في أنَّكم عَرَبُ
_________________________ __________
(1) الجاحظ، ج1 ،ص254.
(2) المصدر نفسه ، ج1 ، ص113 ، ص 220.
(3) نفسه، ج3،ص292.
(4) انظر: نفسه ،ج3، ص292.
(5) نفسه ، ج1، ص263.
فهذه الأبيات تلمح إلى ثلاثة مبادىء في الأدب هي:
_تفضيل الأدب على الحسب والنسب بمعنى تفضيل العادة على الطبيعة.
_التعجب والغرابة .
_التكرار والمجانسة.
هذه بعض الجوانب للسياق العام الذي يرد فيه مفهوم أدب عند الجاحظ ، وما يهمنا الآن الانتقال إلى السياق الخاص لحد الأدب
ماهية الأدب عند الجاحظ :
أ_ الأساس الفلسفي:
استند الجاحظ على جملة من المبادىء الفلسفية في تحديده لمفهوم الأدب ،هي:
1_العالم الصغير سليل العالم الكبير:
يقترب هذا المبدأ من الفلسفة الميتافيزيقية والطبيعية معاً، فالثاني هو الأول لأنه ناتج عنه ومنحدر منه وسليله ،أعني الشاهد الذي يمثله والصورة التي تلخصه ، والثاني ليس الأول لأنه يختلف عنه حقيقة جوهراً ، ويمكن القول أن المعاني في هذا النظام هي التي تمثل العالم الكبير أو العالم اللانهائي ، بينما الألفاظ تمثل العالم الصغير أو العالم النهائي وقد صرح الجاحظ بذلك في قوله "اعلم – حفِظَكَ اللَّه – أنّ حُكْمَ المعاني خلافُ حُكمِ الألفاظ؛ لأنْ المعانِيَ مبسوطةٌ إلى غير غاية، وممتدّةٌ إلى غير نهاية، وأسماءَ المعاني مقصورةٌ معدودة، ومحصَّلةٌ محدودة"(1).
ويقول :""الإنسانَ إنما قيل له العالَمُ الصغيرُ سليلُ العالَم الكبير، لأنّه يصوِّر بيديه كلَّ صورة، ويحكى بفمه كل حكاية ولأنّه يأكلُ النَّباتَ كما تأكل البهائم، يأكل الحيوانَ كما تأكل السِّباع وأنّ فيه من أخلاق جميعِ أجناس الحيوان أشكالاً، وإنما تهيَّأ وأمكنَ الحاكيةَ لجميعِ مخارِجِ الأمم،لِمَا أعطى اللُّهُ الإنسانَ من الاستطاعة والتمكين، وحين فضَّله على جميع
_________________________ __________
(1) الجاحظ، ج1، ص76.
الحيوان بالمنطق والعقل والاستطاعة، فِبطُول استعمال التكلُّف ذلَّتْ جوارحُه لذلك، ومتى تَرَك شمائلَه على حالها، ولسانَه على سجيته،كان مقصوراً بعادة المنْشأ على الشكل الذي لم يزل فيه"(1).
هل يمكن القول أن الجاحظ هنا بمفهومه للإنسان يجد شبهاً كبيراً بين اللفظ الذي ما انفك يحث على محدوديته ونهايته والإنسان نفسه ؛لأنه محدود الجسم ، ومحدود القوى .
وبما أن العالم الصغير بخروجه وانحداره من العالم الكبير قد ضلّ طريقه وزاغ عن الصواب فإنه صار لا يعبر عن كنهه ولا يدل على حقيقته ، ومن ثمّ فإن دور الأدب يتمثل بتقويم العالم الصغير وإرجاعه إلى نصابه بتثقيفه وإزالة اعوجاجه ، وما رواه الجاحظ في هذا الشأن لعلي بن إسحاق بن يحيى ،على سبيل التفكه بنوادر المجانين قد يدل على تصور لنظام الكون أو لنقل للحياة ،حيث قال" أرى الخطأَ قد كثُر في الدُّنيا، والدُّنيا كلُّها في جوف الفلَك، وإنما نُؤتَى منه، وقد تخلخل وتخرّم وتزايل، فاعتراه ما يعتري الهَرْمَى، وإنما هو مجنونٌ فكم يصبِر؟ وسأحتال في الصعود إليه، فإني إن نجرَته ورَندجْتُه وسوّيته، انقلب هذا الخطاءُ كله إلى الصواب"(2) .
والأدب في أحد معانيه هو الاحتيال لتسوية الخطا في الانسان وفي غير الانسان ، وهذا ينطبق على الكثير من الأقوال التي أوردها الجاحظ لبعض المتكلمين ، ومن ذلك قولهم: "الأدب دليل على المروءة"،أو قول يونس بن حبيب "ليس لعييّ مروءة، ولا لمنقوص البيان بهاء، ولوحَكَّ بيافوخِهِ أَعْنَانَ السَّماء"(3) .
هذه الجمل يمكن أن تفسر تفسيرين :تفسيراً سطحياً يعول فيه على المعنى المستفاد من صريح اللفظ ،وهو هنا في متناول الجميع وهذا التفسير السطحي لا طائل تحته .
وتفسيراً بعيداً خاصاً تعتبر فيه هذه الألفاظ كمصطلحات يمكن أن يدرك معناها إذا رجعنا إلى علم الكلام ومصطلحاته .
_________________________ __________
[COLOR="rgb(139, 0, 0)"][COLOR="rgb(139, 0, 0)"](1) الجاحظ، ج1،ص70.
(2) الجاحظ، ج4، ص16.
(3) الجاحظ، ج1 ،ص77.
[/COLOR]
وحينئذ يظهر لنا أن المروءة ليست فقط كمال الرجولة وإنما يقصد بها الإشارة إلى دلالة النصبة في أصناف الدلالات على المعاني الخمس ،حيث يطرد هذا المفهوم مع مفاهيم أخرى كمعنى وجسم وحقائق وغيرها التي تدل على الكائنات قبل أن تنفخ فيها الروح أو تعطي لها صورة من الصور(1).
وتصبح جملة " الأدب دليل على المروءة "معناها أن الصورة الظاهرة للكائنات تعبر عن طبائعها الداخلية أو أن الشكل الخارجي لهذا العالم يحكي حقائقه العليا في العالم الآخر .
وهذا هو مبدأ العالم الصغير سليل العالم الكبير .
فالأدب الذي هو من نتاج العقل والتدبير الإنساني لا يتنافى مع المروءة ،التي هي فطرة من الله وطبيعة من الطبائع الأولى.
ويصنف الجاحظ المروءة في منزلة المعاني ،أي منزلة العالم الكبير ، ودليل المروءة البيان ، ونقيضها العي (2).
وهنا نلمس نقطة الصلة بين البلاغة والأدب (3) ، فالبلاغة بالنسبة للأدب هي بمنزلة العالم الصغير بالنسبة إلى العالم الكبير.
2_ القول سليل العمل:
يعد الجاحظ هذا المبدأ بمثابة قانون طبيعي يكون التساوي بين القول والعمل حتمياً فيه ذلك أن "المرء لا يضيع صواب القول حتى يضيع صواب العمل" (4) ، فإذا ازداد صواب العمل ازداد صواب القول وإذا نقص الأول نقص الثاني ،وهذا ما فصّله في باب سماه "باب أن يقول كل انسان على قدر خلقه وطبعه "(5).
_________________________ __________
[COLOR="rgb(139, 0, 0)"](1) تكرر هذا المفهوم 16 مرة وورد في هذه الصيغة في (ج1، ص 166، ص221 ، 245،ج2 ص173، 176 ، ج3 ص217 ).
(2) انظر: الجاحظ، ج1،ص77.

(3) يرى أحد الدارسين أن الأدب والبلاغة عند الجاحظ صنوان لا يفترقان . انظر : محمد بركات حمدي أبو علي ، دراسات في الأدب ،دار وائل ،عمان، 1999، ص33.
(4) الجاحظ، ج2، ص179.
(5) الجاحظ، ج2، ص175.[/COLOR]

ــــ يتبع…ـــــ[/COLOR]




تابع :

ومن ثم كان الأدب تنظيماً وتقويماً للقول والعمل معاً (1).
3_العلم أكثر من أن يحصى :
يقرن الجاحظ ذكر الأدب بذكر الضياع ، وهذا الاقتران هو الذي جعله يقرر قاعدة أساسية بنى عليها نظرته إلى الأدب ،وهي :" العلم أكثرُ مِن أن يُحصَى، فخذوا من كلِّ شيء بأحسنه" (2) .
ذلك أن العلم إنما هو المعاني ، أعني الكائنات غير المسماة والتي لا تزال مجهولة لدى الإنسان ،والجاحظ يعبر عن هذا الضياع بمفاهيم مختلفة منها اللانهاية (3) ، والإهمال (4) ، والتضييع (5) .
وتتجلى لا نهائية المعاني في مواضع عديدة نذكر منها قوله والدلالات هي التي "تكشِف لك عن أعيان المعاني في الجملة… وعمّا يكون منها لَغْواً بَهْرَجاً، وساقطاً مُطَّرَحاً" (6).
إن إسقاط المعاني وطرحها يمكن حمله على معنى اللانهاية ،لا على معنى الاحتقار وعدم المبالاة بالمعاني ،لأن المعاني المطروحة هي جميع الكائنات التي تملأ الفضاء وتعمره والجاحظ يؤكد لنا ذلك في مكان آخر بقوله :" وليس في الأرض لفظٌ يسقط البتّة، ولا معنى يبور حتّى لا يصلحَ لمكانٍ من الأماكن"(7).
فالمعاني التي كنا نظنها ضائعة مهملة أصبحت الآن تصلح لشيء من الأشياء ،بل ليس فيها ما يلغى أو يبور ،وحالها في ذلك حال الألفاظ ،لأن "سخيفَ الألفاظ مشاكلٌ لسخيف المعاني، وقد يُحتاج إلى السَّخيف في بعض المواضع،ورُبّما أمتَعَ بأكثَرَ من إمتاع الجزْلِ الفخم من الألفاظ، والشريفِ الكريم من المعاني" (Cool.
_________________________ __________
(1) انظر: الجاحظ ، ج2، ص188، ص262 .
(2) المصدر نفسه، ج1، ص404.
(3) انظر: نفسه، ج2، ص7.
(4) انظر: نفسه ، ج1،ص75، ص353، ص244.
(5) انظر: نفسه ، ج1،ص244.
(6) نفسه، ج1 ، ص76.
(7) نفسه، ج1، ص93.
( نفسه، ج1، ص145.
فالجاحظ يقصد بالطرح هنا ما تكون عليه الألفاظ والمعاني قبل تركيبها وتنظيمها ، بمعنى أن المعاني المطروحة لا تقابل الألفاظ لأنها هي الأخرى معنية بالطرح والسقوط وإنما يقابلها السبك والنسج والتصوير أي التركيب.
4_الطبيعة والعادة :
يوهم الجاحظ القارىء أحياناً بأنه لا يفرق بين الطبيعة والعادة ،إذ نجده يقول مثلاً "والمشاكلة من جهة الاتفاق في الطبيعة والعادة ربما كانت أبلغ وأوغل من المشاكلة من جهة الرحم " (1) ، مع أن المحقق هو أنه يفرق بينهما تفريقاً جوهرياً .
وفي الواقع هذا ما قام به الجاحظ ، فقد فرق بين الطبيعة والعادة في حديثه عن المتكلمين الذين جمعوا بين خصلتي الطبع والصنعة يقول :"فأما أربابُ الكلامِ، ورؤساءُ أهل البيان، والمطبوعون المعاوِدون…فكيف يكون كلامُ هؤلاء يدعو إلى السَّلاطة والمِراء"(2).
ويوصي في مكان آخر طالب البلاغة بقوله "ولاتُهمِلْ طبيعتَك فيستولِيَ الإهمالُ على قُوّة القريحة، ويستبدُّ بها سوءُ العادة" (3) .
وما نريد تبيانه هنا من هذا كله هو أن العادة في هذه النظرية غير الطبيعة ،أو هي الطبيعة الثانية التي يكتسبها الإنسان بجهده الخاص وبالتمرين والممارسة :
" حتى يَصير بالتمرين والتوطين إلى عادةٍ تُناسب الطبيعة" (4) .
أما الطبيعة (5) فهي الخلقة الأولى والفطرة التي يفطر عليها الإنسان ، فهي موروثه وتنشأ مع صاحبها من يوم ولادته وليس له عليها حيلة ولا اختيار فهي كاختلاف صور الحيوان الذي يأتي على قدر اختلاف الأماكن (6) .
_________________________ ________
(1) الجاحظ ، ج3 ص292.
(2) المصدر نفسه ، ج1، ص201.
(3) نفسه ، ج1، ص200.
(4) نفسه ، ج4،ص27.
(5) يشير محمد اليوسفي إلى أنه يمكن اعتبار الطبع لدى الجاحظ "قوة حدسية تمكن الشاعر من الإمساك بذلك القانون الخفي" محمد لطفي اليوسفي ، الشعر والشعرية الفلاسفة والمفكرون العرب ما أنجزوه وما هفوا إليه ، الدار العربية للكتاب ،1992 ص32.
ويقول أدونيس تعليقاً على رأي الجاحظ "حين يكون الشعر غريزة الشعب وفطرته فهذا يعني أنه قوام شخصيته وجوهرها"
أدونيس ،علي أحمد سعيد ،الثابت والمتحول ،دار العودة ،بيروت، ط1 ،1974 ،ج2،ص45.
(6) انظر الجاحظ ، ج3، ص294.
ويصنف الجاحظ الطبائع في طبقات متعددة منحدرة من أعلى إلى أسفل ، ومهما يكن فإنه كثيراً ما يعبر عن الطبيعة المزدوجة الوجهين والمتضمنة للخير والشر بالغريزة ، وقد وصفها الجاحظ وصفاً دقيقاً فقال :
"وإنّما يمتنع البالغ مِن المعارف مِن قِبَل أُمورٍ تَعرِض من الحوادث، وأُمورٍ في أصل تركيب الغريزة، فإذا كفَاهم اللّهُ تلك الآفاتِ، وحصّنَهم من تلك الموانع، ووفَّر عليهم الذّكاءَ،وجلَبَ إليهم جياد الخواطر، وصَرَف أوهامَهم إلى التعرُّف، وحبَّب إليهم التبيُّن، وقعت المعرفةُ وتمَّت النّعمة ، والموانع قد تكون من قَبِل الأخلاط الأربعة على قدر القِلَّةِ والكثرة، والكثافة والرِّقّة، ومن ذلك ما يكون من جهة سُوء العادة، وإهمالِ النَّفْس… ومن ذلك ما يكون من الشَّواغل العارضة، …، ومن ذلك ما يكون من خُرْق المعلِّم، وقلَّة رفق المؤدِّب، وسُوء صَبر المثقِّف"(1).
ب_ التحديد النظري لمفهوم الأدب :
لقد تحدث الجاحظ عن خصائص الأدب وأحاط بمظاهره ومميزاته المختلفة(2) ، فالجاحظ ترك لنا من النصوص ما هو كاف لإعادة صياغة تعريف للأدب .
_________________________ ________
(1) الجاحظ ، ج3،ص293.
(2) هل الجاحظ لم يترك تعريفاً للأدب ؟ كما ذهب إلى ذلك ميشال عاصي.
_انظر: ميشال عاصي، مفاهيم الجمالية والنقد في أدب الجاحظ ، مؤسسة نوفل ، بيروت، 1981،ط2، ص82.
أم أن الأدب :"هو الكلام الجميل شعراً كان أم نثراً " وأنه مهما دار في كتاب البيان وتعددت معانيه "فإن المعنى اللغوي الأصل يبقى ملحوظا فيه ،ودور العقل يبقى بارزاً في تكوينه والحكم عليه ،وذلك ما يجعله غير مقطوع الصلة بالأخلاق".
_الشاهد البوشيخي ، مصطلحات نقدية وبلاغية في كتاب البيان والتبيين ، دار القلم ،الكويت ،ط2 ، 1995 ، ص60، ص62،ص63.
وهل صحيح أن الجاحظ " هو صانع مفهوم الأدب عند العرب" ؟
_حمادي صمود ، التفكير البلاغي عند العرب أسسه وتطوره إلى القرن السادس ، منشورات الجامعة التونسية ، 1981 ، ص143.
وهل يمكننا أن نحدد مفهوم الأدب لدى الجاحظ فنقول :"إن الأدب عند الجاحظ هو عبارة عن علم وفن في آن واحد ،فالأدب علم لأن له موضوعاً يبحث فيه هو إصابة الحقيقة في كل شيء،وهو فن لأنه وسيلة لتلقيح عادات جديدة".
_محمد الصغير بناني ، النظريات اللسانية والبلاغية والأدبية عند الجاحظ، ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 1983، ص391.
أو نقول "لقد نظر الجاحظ إلى الأدب نظرتين متوازيتين ، فاعتبر الأدب مرة وسيلة إلى العلم والمعرفة حيث استعمل الشعر وسيلة في نقاشه المنطقي وكان يسمي هذا النوع من الأدب (بالشاهد )، والنظرة الغالبة على الجاحظ بالنسبة إلى الأدب هي النظرة الثانية ،اعتبر الأدب غاية يقف عندها الإنسان للتمتع واللذة فلا يريد من الشعر أو الأدب أكثر من متعته وخياله وما يترك في النفس من أثر بعيد إلى النفس جمالها واطمئنانها وسمى هذا النوع من الأدب بالأدب المقصور ،حيث تحدث عنه الجاحظ حين فاضل بين الأدب والعلم .
_داود سلوم النقد المنهجي عند الجاحظ ،مكتبة النهضة العربية ،بيروت ،ط1، 1960، ص38" وأشير هنا إلى أن الضرب الثاني"الأدب المقصور" ورد الحديث عنه فقط في كتاب الحيوان .
1_الأدب موقف من الحياة:
يمكن اعتبارما جاء في وصية عبد الملك بن صالح ،هذا الأديب الذي حفظ لنا الجاحظ نماذج من بلاغته (1) ، محاولة لتعريف الأدب ،فقد جاء في هذه الوصية بعد تعريف البلاغة بأنها "معرفة رتْقِ الكلام وفتقِه" (2) ، قوله:"جميع أركان الأدب التأتي للرفق" (3) .
وهو تعريف على فيه من الاختصار والغموض ، يحدد ماهية الأدب وموضوعه ، فالتأتي هو الطريقة التي يسلكها الأديب أو المؤدب لبلوغ غاياته وتحقيق أهدافه .
والرفق هو مفهوم يدل على الاهتمام الفني والجمالي الذي يجب أن يتوفر في كل عمل أو إجراء يقوم به الأديب ، وهو يوازي مفاهيم أخرى تحدث حولها الجاحظ وهي اللطافة واللين والحسن (4) وغيرها.
وهكذا يمكن القول أن الأدب عبارة عن الطريقة الحسنة والملائمة لتناول الأمور ومباشرتها،بمعنى انه يمكن إخضاعه لقواعد علمية وفنية .
وهناك نص آخر أكثر تفصيلاً من الأول ، وهو وصية عتبة بن أبي سفيان لعبد الصمد مؤدب ولده قال:"ليكن أوَّلَ ما تبدأُ به من إصلاحك بَنِّي إصْلاحُك نَفسَك؛ فإنَّ أَعينهم معقودة بعينك، فالحسَنُ عِندهم ما استحسنت، والقبيحُ عندهم ما استقبحت، علِّمْهم كتابَ اللَّه، ولا تُكرِهْهم عليه فيَملُّوه،ولا تتركْهم منه فيهجُروه، ثم روِّهم من الشِّعر أَعَفَّه، ومن الحديث أَشْرَفه، ولا تُخْرِجْهم من عِلْمٍ إلى غيره حتّى يحْكموه، فإنَّ ازدحامَ الكلام في السَّمع مَضَلَّةٌ للفهم، وعلِّمْهم سِيَرَ الحكماء وأخلاقَ الأدباء، وجنِّبْهُم محادَثة النساء، وتهدَّدْهم بي وأدِّبْهم دُوني، وكنْ لهم كالطَّبيب الذي لا يَعجَل بالدَّواء حتى يعرف الداء، ولا تَتّكل على عُذري، فإني قد اتَّكلتُ على كفايتِك، وزد في تأديبهم أزدك في برّي إن شاء اللَّه"(5).
وهذه التعليمات يمكن استخلاص قواعد نظرية من خلالها تلخص ماهية الأدب:
_فالأدب عبارة عن إصلاح بكل ما يقتضيه ذلك من تغيير للأوضاع القديمة الفاسدة وإبدالها
_________________________ ________
(1) انظر الجاحظ، ،ج1، ص334، ج2،ص109، ج4،ص93.
(2)المصدر نفسه ، ج4،ص94.
(3) نفسه ، ج4،ص95.
(4) انظر المصدر نفسه ،ج1 ص136 ،ج2 ص165، ج3 ص294، ج4 ، ص94 ، ج4 ص95.
(5) نفسه ، ج3، ص73.
بأوضاع جديدة ، وهذا الإصلاح ذاتي وموجه إلى النفس بأسلوب جمالي يراعي فيه مبدعه تمييز مواطن الحسن والقبح وتقديرها حق قدرها ،معتمداً التحبيب والإقناع ،مختاراً بعض الأشعار العاطفية التي تتناول المواضيع العفيفة ،وبعض الأحاديث التي تحث على الشرف وعلو الهمة ، وشيئاً من سير الفلاسفة وأخلاق الأدباء .
والمؤدب بكل هذا لا يتدخل مباشرة لإصلاح مؤدبه ،وهذا هو معنى التأتي والاحتيال(1).
وقد كنت ذكرت أن الجاحظ يهدف من خلال الأدب إلى إعادة إحياء الطبائع وتقويمها.
_والأدب تطبيب (2) ومعالجة ،فالمؤدب كالطبيب الذي يعالج المرضى فيجب عليه تشخيص الخلل عند المؤدبين ثم ضبط نوع العلاج الخاص بهم ،وهذا عن تصور علمي ونفسي للأدب .
_والأدب تعبير عن كفاية الذات المبدعة ،فالمؤدب يجب ألا يركن إلى الاتكال على الآخرين أو على ما يبدو له لأول وهلة من الأعذار القاهرة والأسباب الحتمية التي لاحول له عليها ولا قوة بل لا بدّ من محاولة التغلب عليها بنفسه ،وقضية التوكل مرتبطة بقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،هذا المبدأ يرتبط بتحديد الأدب ،بل إن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مبدأ الأدب نفسه ؛لأن الأمر بالمعروف هو معنى التأتي أعني الاعتماد على الين واللطافة لتغيير الفساد ،وهكذا يكون الأدب يستمد أصوله مباشرة من التعاليم الإسلامية ،ثم إن هذا المبدأ هو أحد الأركان التي بني عليها مذهب الاعتزال ،إذ أسس هذا المذهب كما هو معلوم على خمسة أصول (3) هي التوحيد ،والعدل ،والوعد والوعيد،والمنزلة بين المنزلتين ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهكذا تكون نشأة الأدب ذات علاقة مباشرة بقضية الاعتزال .
وقد أشار الجاحظ إلى هذا المبدأ في مكان آخر فقال على لسان محمد بن علي "أدَّب اللّه محمداً صلى الله عليه وسلم بأحسن الآداب، فقال: "خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ"(4).
_________________________ ________
(1) انظر مصطلح الاحتيال ،الجاحظ، ج3 ، ص366، ص368، ج4 ، ص16.
(2) انظر مصطلح التطبيب ، نفسه، ج2 ، ص73 ، ص322، ج3 ص252، 375.
(3) انظر، حسن السندوبي، أدب الجاحظ ، ط1، القاهرة، 1931، ص99، 102.
(4) الجاحظ، ج2،ص29.
هذه هي المفاهيم التي تمكنت من استخراجها من هذا النص ، ويمكن القول من خلالها أن الأدب موقف من الحياة ، ويتسم هذا الموقف بالإيجابية والالتزام ، إذ إن صاحبه يسعى إلى التغيير والتحسين من خلال ما يتلكه من رؤية قائمة على العلم والبصيرة.
و يبدو أن الجاحظ لم يكن يفرق بين الأدب التعليمي وبين وظيفته ،فتثقيف النفس والفكر واللسان وتربيتها هي وظائف للأدب ، وهذا لا لأنه فعلاً لم يكن يميز بينهما وإنما لأنه أراد أن يصف الداء والدواء والصحة معاً.
2_الأدب تهذيب في التصرف والقول :
تطالعنا كلمة أدب حيناً بمعنى التهذيب في السلوك والتصرف ،سواء بالنسبة لما تفرضه مقامات الناس من اللياقة والتهذيب في القول المستحب والمسلك المحمود ،أم بالنسبة لمقام الشخص المتصف بالأدب ومركزه الثقافي والاجتماعي ،وكشاهد على مدلول الأدب بمعنى الالتزام بسلوكية تتفق مع المقام الاجتماعي والثقافي للإنسان ذي المكانة والمرتبة ما رواه الجاحظ عن تصرف البطريق مع مرافقيه بصورة لا تليق بمحل البطريق من السلطة والجاه قال: " وسايَرَ البِطريقُ الذي خَرَج إلى المعتصم من سور عمُّوريَّةَ، محمَّدَ بنَ عبدالملك، والأفْشِينَ بنَ كاوُس، فساوم كلَّ واحد منهما ببرذونه، وذكر أنه يرغّبهما أو يُرْبحهما، فإن كان هذا أدبَ البِطريق، مع محلّه من المُلك والمملكة، فما ظنُّك بمن هو دونَه منهم"(1)،وأما الشاهد على مدلول الأدب بمعنى التهذيب في التصرف والقول بإزاء أصحاب المكانة والنفوذ فنجده في هذا الخبر الذي يسوقه الجاحظ عن تصرف أبناء الشعب من الصنّاع أمام الخليفة الرشيد ، قال:" أحبَّ الرشيد أن ينظر إلى أبي شُعيبٍ القَلاّل كيف يعمل القِلال، فأدخلوه القصرَ، وأتوه بكلّ ما يحتاج إليه من آلة العمل، فبينا هو يعمل إذا هو بالرشيد قائمٌ فوقَ رأسه، فلما رآه نهضَ قائماً، فقال له الرشيد: دُونَك ما دُعيتَ له ؛ فإنِّي لم آتِكَ لتقُوم إليّ، وإنما أتيتُك لتعمَلَ بين يديَّ، قال: وأنا لم آتكَ ليَسُوءَ أدبي، وإنما أتيتك لأزداد بك في كثرة صوابي"(2) .
3_الأدب دليل على المروءة وزيادة في العقل (3).
_________________________ ________
(1) الجاحظ ، ج2،ص255.
(2)المصدر نفسه، ج2 ص261_262.
(3) تم مناقشته في ص من هذا البحث .
4_الأدب معرفة
:ترد لفظة أدب بمعنى المعرفة والثقافة خارج ميدان العلوم الدينية والفقهية ، وهذا ما نستخلصه من قول الجاحظ :" ومعنا في المجلس إبراهيم النّظَّام، وأحمدُ بن يوسف،وقُطرُبٌ النحوي، في رجالٍ من أُدَباء الناس وعلمائهم"(1)،ولربما جاءت بمعنى الثقافة العامة والمعرفة الموسوعية ،كما في قول الجاحظ :"وكان خالد بن يزيد بن معاوية، خطيباً شاعراً، وفصيحاً جامعاً، وجيِّدَ الرَّأَي كثيرَ الأدب، وكان أول من ترجم كتب النُّجوم والطِّبّ والكيمياء"(2).
وقد تأتي بمعنى الاكتناز الثقافي والاستيعاب الفكري في مقابل الموهبة والاستعداد الفطري ،كما في قولُ بعض الحكماء حين قيل له: متى يكون الأدبُ شرّاً مِن عدمه؟ قال: إذا كثُر الأدب، ونَقَصَت القريحة"(3) .
5_الأدب بيان باللغة :
يورد الجاحظ الأدب مرادفاً للبيان بمعنى توسّل اللغة سبيلاً إلى التعبير عن الذات والحقيقة ،ويعرض الجاحظ في صدد الأدب بمعنى البيان بواسطة اللغة ،مفهوماً جديراً بالتنويه ،يعتبر أن امتلاك القدرة على صناعة الأدب هي إلى حد بعيد ثمرة التمرس بقراءة الآثار ،والجهد الدائب على التعلم والتثقف ،فضلاً عن اعتباره أن جميع طاقات الإنسان هي ،كمبدأ عام ،وليدة التعلم والدربة :" والإنسان بالتعلُّم والتكلُّف، وبطُول الاختلاف إلى العلماء، ومدارَسَةِ كُتُبِ الحكماء، يَجُودُ لفظُه ويحسُن أدبُه، وهو لا يحتاج في الجهل إلى أكثَرَ من ترك التعلُّم، وفي فساد البيان إلى أكثر من ترك التخيُّر" (4).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجاحظ يفصم العروة بين الأدب والأسس الأخلاقية المنطقية في تقييمه كالصدق والكذب ، ويستبدلها بمعايير مستمدة من اللغة ذاتها وقدرة الأديب على التصرف فيها وصوغها بطرائق تحقق الوظائف الفنية وإن كان ذلك على حساب مطابقة
_________________________ ________
(1) الجاحظ، ج2 ، ص330
(2)المصدر نفسه، ج1 ص328.
(3) نفسه ، ج1 ص86.
(4) نفسه، ج1 ،ص86.
النص للواقع "قال: وقلت لِحُبَابِ: إنّكَ لتكْذِبُ في الحديث، قال: وما عليك إذا كان الذي أزيدُ فيه أحسنَ منه، فواللَّهِ ما ينفعُك صدقُه ولا يضرُّك كذبُه، وما يدور الأمرُ إلاّ على لفظٍ جيِّد ومعنىً حسن" (1).
ومن هذا المنظور يتحول اهتمام منشىء الأدب عن علاقة كلامه بما هو خارج عنه إلى الكلام ذاته ،وطريقة نسجه ، ولا شك أن عملاً من هذا القبيل يتطلب وعياً بقدرات اللغة يفضي بصاحبه إلى اختيار أشدها ملاءمة.
6_الأدب صناعة الكتابة ومهنة القلم :
من بين معاني الأدب عند الجاحظ معنى يشير إلى مهنة القلم وصناعة الكتابة ،وهو المعنى الذي استقرت عليه لفظة الأدب فيما بعد ،وذلك واضح في قوله : " فإن أردت أن تتكلف هذه الصناعة، وتُنسَب إلى هذا الأدب، فقرضتَ قصيدةً،أو حبَّرت خطبة، أو ألّفْتَ رسالة…"(2) .
ويتضح هذا المفهوم أكثر فيما أثبته الجاحظ عن نفسه وخادمه إذ قال :" وابتعت خادماً كان قد خدم أهل الثروة واليسار وأشباهَ الملوك، فمرَّ به خادم من معارفه ممن قد خدَمَ الملوك فقال له: إن الأديب وإن لم يكن ملكاً فقد يجب على الخادم أن يخدُمه خِدمةَ الملوك، فانظر أن تخدُمه خدِمَةً تامة، قلت له: وما الخدمة التّامة؟ قال: الخدمة التامة ؟… أن يكون إذا رأى مُتَّكَأً يحتاج إلى مخَدَّةٍ ألاَّ ينتظر أمرَك، ويتعاهدَ لِيقةَ الدَّواة قبل أن تأمرَ أن يصبَّ فيه ماءَ أوسواداً، وينفُضَ عنه الغُبارَ قَبْلَ أنْ يأتيَك به، وإنْ رأى بين يديك قرطاساً على طَيِّه قطع رأسَه ووضَعَه بين يديك على كَسْرهِ"(3).
7_الأدب رواية الشاهد والمثل :
نتساءل ما يقصد الجاحظ بالشاهد والمثل ؟
_________________________ ________
(1) الجاحظ ، ج2 ،ص339.
(2) نفسه، ج1، ص203.
(3) نفسه ، ج2 ، ص331.
إن بعض النصوص التي أورد فيها الجاحظ هذين المفهومين قد تترك القارىء يتوهم أنه لا يفرق بينهما ولا يجعل بينهما أي تمايز ،ولكن في الحقيقة الجاحظ لا يخلط بينهما أبداً .
ولو أردنا أن نلخص في عبارة وجيزة هذا الفرق لقلنا أن المثل عند الجاحظ هو الصورة الأصلية التي تتضم في ربقتها كل الصور ،أما الشاهد فهو تجسيد لصورة من الصور في حيز المكان والزمان ،ولذلك كثيراً ما نجد الشاهد يرد بمعنى الحضور والوجود "وأبصر الشاهد عياناً" (1) .
وبدل "مثل" كلفظ مزاوج له نجد الغائب كقوله " قد كَفيت الشَّاهد والغائب"(2) .
إن التمييز بين الشاهد والمثل مهم وقد يدلنا على بعض الاتجاهات الأدبية السائدة آنذاك ،والتي كانت تشترط في الأدب أن يتوفر فيه بالإضافة إلى عنصر الخيال ،عنصر الحقيقة والواقع يقول " ولم أرَ غايةَ رواةِ الأخبار إلاّ كلَّ شعرٍ فيه الشاهد والمثل" (3)، لأن الشعر الذي يشتمل على الشاهد والمثل هو الذي يتناول الوقائع اليومية والحقائق الشاهدة .
ولهذا لم يشتهر حسب الجاحظ شعر كل من صالح عبد القدوس وسابق البربري ،لأنه كان كله أمثالاً وليس فيه من الشواهد الواقعية ما يقربه من الناس ومن حياتهم اليومية (4)، لكن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن في كلام الجاحظ ما يدل على أن الشواهد قد تصبح أمثالاً إذا كانت في نفس الوقت الذي تعبر فيه عن الواقع تلخص حقيقة من الحقائق العليا ،كما نشاهد في كلام الرسول عندما قال لا "تنتطِح فيه عَنْزَان"وكلام عدي بن حاتم في قتل عثمان :" لا تَحْبِقُ فيه عناق "،"فلم يَصِرْ كلامهُ مَثَلاً، وصار كلامُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً " (5).
وفي مكان آخر يؤكد الجاحظ على مفهومه السابق للأدب مكرراً على لسان غيره أن قوام الأدب تقديم الشاهد والمثل :"وقال محمّد بن عليّ بن عبد اللَّه بن عباس:كفَاكَ مِن عِلْمِ الدين أن تعرِف ما لا يسَعُ جَهلُه، وكفاك مِن علم الأدب أن تروِي الشّاهدَ والمثل"(6) .
_________________________ ________
(1) الجاحظ، ج3، ص29.
(2) نفسه، ج2، ص88.
(3) نفسه، ج4 ،ص24.
(4) انظر:المصدر نفسه، ج1 ، ص206.
(5) نفسه، ج2 ، ص16.
(6) نفسه، ج1، ص86.
ج_التحديد الإجرائي للأدب :
يشير الجاحظ إلى أن تغيير الغرائز يتم بادخال عادات جديدة عليها ،من خلال أربعة مبادىء هي :
_التلقيح والمذاكرة.
_التكرار والاعادة.
_المؤانسة والتأليف وما في معناها.
_الحسن.
1_مبدأ التلقيح والمذاكرة:
إن الأدب في نظر الجاحظ هو عبارة عن عملية تلقيح لطبائع جديدة يقوم بها المؤدب نفسه، ، وذلك إما لإصلاح الطبائع القديمة الفاسدة أو لبعث طبائع جديدة في قلب أو صدر المريد يقول : "ورأيت عامّتَهم لا يقفون إلاّ على الألفاظ المتخيَّرة، والمعاني المنتخَبة، وعلى الألفاظ العذْبة والمخارج السَّهلة، والدِّيباجة الكريمة،وعلى الطبع المتمكِّن وعلى السَّبك الجيِّد، وعلى كلِّ كلامٍ له ماءٌ ورونق، وعلى المعاني التي إذا صارت في الصدور عَمَرتها وأصلحتها من الفَساد القديم" (1) .
أو"متى شاكل أبقاك اللّه ذلك اللفظُ معناه؛ وأعرب عن فَحواه…كان قميناً بِحُسن الموقع، وبانتفاع المستمِع…لاَّ تزالَ القلوبُ به معمورةً، والصّدورُ مأهولة"(2) .
والجاحظ ليعبر عن هذه العملية يلجأ إلى مصطلحين اثنين :التلقيح والمذاكرة.
وقد استعمل التلقيح بمعنى دس الدسائس وتدبير المؤامرات السياسية ،فوزير سابور الأكبر الذي كان قد اقتبس أدباً من أدب الملوك دبر مؤامرة كانت نتيجتها الحرب فلما تلاحمت
_________________________ ________
(1) الجاحظ، ج4، ص24.
(2) نفسه ،ج2، ص8
أعضاء الأمور التي لقح استحالت حرباً عواناً (1)، وفي مكان آخر عبر عن اقتباس بعضهم لكلام غيرهم لتلفيق كلامهم فقال :"أخذ عبيد الله مواعظ الحسن ورسائل غيلان فلقح منها كلاماً"(2) ،ولكن المصطلح جعل خاصة لتلخيص عملية الأدب ذاتها ،فمذاكرة الرجال تلقيح لألبابها (3) ولقاح المعرفة دراسة العلم (4) .
والنتيجة الهامة التي تستنتج من هذه الأمثلة كلها هي أن الأدب موجه خاصة للقلوب(5) فالقلب هو المقصود بهذا التلقيح ،وقوله "مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها" ، يؤكد هذا التفسير ويبين أن الغاية التي يسعى إليها من وراء الأدب ليست العلم وإنما المعرفة .
أما مصطلح التذكير(6) ، فهو وإن كان يورده بمعنى رواية الأخبار أو سماعها أو حفظها ،إلا أن السياق العام الذي يطرد فيه يشف عن أبعاد أخرى قد يكون الجاحظ يرمي إليها.
يظهر ذلك من خلال بعض النماذج التي أوردها لمحمد بن علي بن عبد الله بن العباس وعلق عليها بقوله :"وهذا كلامٌ شريفٌ نافع، فاحفظوا لفْظَه وتدبَّرُوا معناه، ثمّ اعلموا أنّ المعنى الحقيرَ الفاسدَ،والدنيَّ الساقط، يعشِّش في القلب ثم يَبيض ثم يفرِّخ، فإذا ضَرَب بجرِانِهِ ومَكَّن لعُروقه،استفحل الفساد وبَزَل، وتمكّن الجهل وقَرَحَ" (7).
ويقول في موضع آخر"إذا كان المعنى شريفاً واللفظُ بليغاً، وكان صحيح الطبع بعيداً من الاستكراه، ومنزَّهاً عن الاختلالِ مصوناً عن التكلُّف، صنَعَ في القُلوب صنيعَ الغَيث في التُّربة الكريمة"(Cool.
يبدو أن المذاكرة تأتي على لسان الجاحظ بمعنى الجمع والمزج بين جنسين مختلفين ، وهذا المزج يؤدي إلى تغيير الطبيعة الأولى تغييراً صالحاً إذا كانت المادة الممزوجة من معدن صالح ، وتغييراً فاسداً إذا كانت من معدن فاسد .
_________________________ ________
(1) انظر: الجاحظ،ج3، ص368.
(2) المصدر نفسه، ج3، ص295.
(3) انظر :نفسه، ج1، ص159.
(4)انظر: نفسه، ج1، ص94.
(5) يقدر الجاحظ دور الانفعال الأصيل المتفرد في صناعة الشعر إذ قال "لا بدّ للمصدور أن ينفث " نفسه، ج1 ص46.
(6) انظر مصطلح التذكير ،المصدر نفسه ،ج1 ، ص163، 170، 274 ،297، 298، 378، 396،ج2 ص186 ،340، ج3 ص5،7، ج4 ص24 .
(7) نفسه ، ج1، ص85.
(Cool نفسه، ج1، ص183.
2_التكرار والإعادة :
الأدب عند الجاحظ ضرب من التكرار والإعادة بهدف تنشيط العواطف ، والعادة التي تحدثنا عنها سابقاً تتضمن في حد ذاتها معنى التكرار ، و الجاحظ يعبر عنها بمشتقاتها كالمعاودة والاعتياد وغيرها من الألفاظ التي تدل على معنى التكرار ،يقول الجاحظ :
"لا تكُدُّوا هذه القلوبَ ولا تُهمِلوها…وعاوِدُوا الفِكرةَ عند نَبَوات القلوب، واشحَذُوها بالمذاكرة، … فإنّ مَن أدام قرع البابِ وَلَج"(1).
3_المؤانسة والتأليف وما في معناها :
وهي معان تتضمن معنى التكرار والمزاولة لكن بعضها فيه تأكيد على الجانب العاطفي الذي يعبر عنه بمفهوم المحبة ، وهو إحدى دعائم الأدب:"فالنفوسَ لا تجود بمكنونها معَ الرّغْبة، ولا تُسْمحِ بمخزونها مع الرّهْبة، كما تجود به مع الشَّهوة والمحبّة" (2).
والمجالسة والمصاحبة والألفة والمؤانسة وما في معناها يؤتى بها للدلالة عن الاتصال الذي يقع بين المتجاورين ويؤدي إلى تأثير أحدهما في الآخر ، وهو مبدأ يلاحظ في العلاقات الاجتماعية بين الناس ،كما يلاحظ في العلاقات اللغوية بين المعاني والألفاظ ،وحتى بين الأمور التي نقوم بها أو نشاهدها في حياتنا اليومية قال :"ولو جالَسْتَ الجُهّالَ والنَّوْكى، والسُّخَفاءَ والحمقَى، شهراً فقط، لم تَنْقَ من أوضار كلامهم، وخَبَال معانيهم…والإنسانُ بالتّعلُّم والتكلُّف، وبطُول الاختلاف إلى العلماء، ومدارَسَةِ كُتُبِ الحكماء، يَجُودُ لفظُه ويحسُن أدبُه" (3) وقال:" فإن أراد صاحبُ الكلام صلاحَ شأن العامَّة، ومصلحةَ حال الخاصَّة، وكان ممَّن يعُمُّ ولا يخُصّ، وينصح ولا يغُشّ، وكان مشغوفاً بأهل الجماعة، شَنِفاً لأهل الاختلاف والفرقة، جُمعت له الحظوظُ من أقطارها، وسِيقت إليه القلوبُ بأزِمّتها، وجُمعت النفوسُ المختلفة الأهواء على محبَّته"(4) .
_________________________ ________
(1) الجاحظ، ج1، ص274.
(2)نفسه، ج1، ص138.
(3) نفسه، ج1، ص86.
(4) نفسه، ج2، ص8.
4_مبدأ الحسن:
يلجأ الجاحظ إلى الحسن ليضيفه إلى مفهوم الأدب ومشتقاته فنراه يردد عبارات كأحسن الأدب(1) وأحسن الآداب (2) وحسن التأديب(3) ويحسن أدبه (4) ،ويضاف حسن إلى أدب للدلالة على الجانب الجمالي فيه ، وبما أن لفظ أدب في هذه الحالة ليس إلا الطريقة التي يسلكها المؤدب أو الأديب لبلوغ غايته في تناول الأمور، فإن حسن الأدب تضيف إلى مدلولها معنى اللطافة والحذق والذكاء مما هو دليل على العقل والعلم معاً،وحسن الأدب يؤتى به لمقابلة السلوك الخشن أو التصرف عن جهل .
ويبدو أن علاقة الأدب بالحسن أصبحت علاقة عضوية في ذهن الجاحظ فكلما ذكر الأدب ذكر الحسن او ما ينوب عنه من الألفاظ مثل جمال أو زين أو لطف وغير ذلك .
وهذا ما يمكن مشاهدته في قوله :"مدَحَ رجلٌ قوماً فقال، أدّبَتْهمُ الحكمة، وأحكمَتْهم التَّجارِب… فأحسَنُواالمقال، وشَفَعوه بالفَعال"(5)،وفي قول عبد الملك بن صالح "أدَّيت الحقَّ إلى اللَّه في تأديبك، فلا تُغفِلنَّ الأخذَ بأحسنها، والعملَ بها" (6) .
وإذا كان الأدب في بعض النصوص يظهر على أنه حسن القول والعمل معاً فإن كثيراً من النصوص لا تذكر إلا الجزء الأول ،وقد يدل هذا على تطور في المفهوم واتجاه به نحو ما سيخصص له أعني حسن القول فقط ،ويمكن ملاحظة ذلك في نص كهذا :قال :" تكلّم جماعةٌ من الخطباء عند مَسلمة بن عبد الملك، فأسهبوا في القول، ثم اقترح المنطقَ منهم رجل من أخْريات الناس، فجعل لا يخرُج من حسنٍ إلاّ إلى أحسَنَ منه"(7)، والخروج من شيء إلى شيء هو طريقة أهل الأدب، ويعجب الجاحظ إعجاباً شديداً بقول علي بن أبي طالب " إن قيمة كل امرىء ما يحسنه" (Cool.
إن مفهوم حسن القول لدليل قوي على امتداد مفهوم الأدب الجاحظ من عناصر داخلية،وهذا الفهم من الجاحظ يتفق من المذاهب الأدبية الحديثة ،مايسمى بمذهب الفن للفن .
_________________________ ________
(1)انظر: الجاحظ ،ج2،ص156، ص322 .
(2) انظر: المصدر نفسه، ج2 ،ص29.
(3) انظر : نفسه ،ج2، ص174.
(4) انظر : نفسه، ج1، ص86.
(5) نفسه ،ج4،ص92.
(6) نفسه ،ج4، ص95.
(7)نفسه، ج2، ص79.
(Cool نفسه، ج1، ص83.




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيك

ان شاء الله يستفيد منه الجميع




تعليمية