التصنيفات
اسلاميات عامة

عشر ذي الحجة و فضائلها

عشرذي الحجة فضائلها
والأعمال المستحبة فيها

فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات
يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم
إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه
مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة
وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا
وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها
وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم

وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة

تعليمية
وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر
ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام
وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة

حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة

ومنها عشر ذي الحجة بأمور

التوبة الصادقة

فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة

والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة
يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور:31

العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام

فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة

هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه
الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله
صدقه الله، قال تعالى 🙁 والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
العنكبوت

البعد عن المعاصي

فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب

للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب
ذنب يرتكبه فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر
الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟
ومن
عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل

فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن

استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم
تعليمية

فضل عشر ذي الحجة

أن الله تعالى أقسم بها

وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله

إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى (والفجر، وليال العشر) . والليالي
العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف
وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح

أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره

قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم

من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام
المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا

فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فضل

أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله
قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب
رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني

أن فيها يوم عرفة

ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران

ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلا
وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه
وسلم فيه في رسالة الحج عرفة

أن فيها يوم النحر

وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه

وسلم أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر
رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني

اجتماع أمهات العبادة فيها

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في

امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي
الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره




أحسنت النقل يا أحمد أمين !

جزاك الله خيرا و بارك فيك

بالتوفيق إن شاء الله




التصنيفات
اسلاميات عامة

أحكام عشر ذي الحجة واغتنام أوقاتها بالأعمال الصالحة

خطبة عن:
أحكام عشر ذي الحجة واغتنام أوقاتها بالأعمال الصالحة
الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله ذي الفضل العظيم، والإحسان الكثير، والبِر الواسع العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا رب سواه، وفَّق من شاء من عباده لتحصيل المكاسب والأجور، وجعل شغلهم بتحقيق الإيمان والعمل الصالح، والاستكثار منه، يرجون تجارة لن تبور.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه، الداعي إلى الفوز بدار السلام، والبالغ بشرفه أعلى مقام، فاللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله الذين شرفوا بالانتساب إليه، وأصحابه الذين نقلوا سنته، وجاهدوا بين يديه،، ومن سلك طريقهم إلي يوم الدين.
أما بعد، أيها الناس:
اتقوا الله تعالى حق تقواه، وتعرضوا لأسباب رحمته ومغفرته، واعملوا كل سبب يوصلكم إلى رضوانه، وينيلكم فضله العظيم، ويقربكم من جنته، ويباعدكم عن ناره، فإن رحمة الله قريب من المحسنين.
وتذكروا أنكم بعد أيام قليلة داخلون في أيام جلية، أيام فاضلة، أيام معظمة، هي أعظم أيام السنة، إنها العشر الأول من شهر ذي الحجة، أحد الأشهر الأربعة الحرم وآخرها.
وقد نوه الله ـ جل وعلا ـ في كتابه بشأنها وعظم فقال سبحانه: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }.
وأعلى النبي صلى الله عليه وسلم أمرها وأكبره وأظهره، فأخرج الإمام البخاري والإمام الترمذي واللفظ له عن ابن عباس ـ رضي الله عنهماـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )).
وأخرجه الإمام الدارمي في "سننه" بلفظ: (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )).
وقد دل هذا الحديث على جملة من الفوائد، ومنها:
أولاً: عظم شأن هذه الأيام وأنها أجل أيام السنة وأعظمها وأفضلها، بل إن أهل العلم قد نصوا على أنها أفضل حتى من أيام العشر الأخيرة من شهر رمضان.
ثانياً: أن التقرب إلى الله تعالى فيها بالأعمال الصالحة أحب عند الله من سائر أيام الدنيا.
ثالثاً: الحث والترغيب على الإكثار من الأعمال الصالحة فيها.
رابعاً: أن جميع الأعمال من حج وصلاة وصيام وصدقة وتلاوة للقرآن وذكر لله تعالى وغيرها مضاعفة فيها.
أيها المسلمون:
احرصوا غاية الحرص على أنفسكم، وعلى أهليكم، وعلى أولادكم في أن تكونوا من المكثرين في هذه الأيام من الأعمال الصالحة، وليعن بعضكم بعضاً ويذكره، ولا يثبطنكم الشيطان، فإنها أيام قليلة، لكنها عظيمة الأجور، سريعة الرحيل، من حُرم خيرها فقد حرم خيراً كثيراً.
وقد ثبت عن القاسم بن أبي أيوب أنه قال: (( وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ )).
أيها المسلمون:
أن من جملة العبادات الفاضلة التي يجدر بنا العناية بها في هذه الأيام الفاضلة، والاستزادة منها، والمسارعة إليه هذه العبادات:
أولاً: صيام الأيام التسعة الأول منها، فصيامها سنة عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وكان هذا الصيام مشهوراً في عصر السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
ثانياً: الإكثار من تلاوة القرآن، ومن قوي على ختمه مرة فأكثر فقد أسدى إلى نفسه خيراً كثيراً.
ثالثاً: الإكثار من الصدقة، وإعانة المسلمين، وتفريج كربهم.
رابعاً: المحافظة على صلوات الفريضة في أوقاتها، ومع الجماعة، والحرص على النوافل كالسنن الرواتب وصلاة الضحى وسنة الوضوء وقيام الليل والوتر.
خامساً: الإكثار من ذكر الله ودعائه وتسبيحه وتحميده وتهليله واستغفاره من الذنوب في سائر الأوقات والأماكن، في بيتك وسيارتك وعملك، وحين دخولك وخروجك ومشيك.
سادساً: تكبير الله عز وجل فيها والإكثار منه: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".
وقد جرى على هذا التكبير في أيام العشر كلها عمل السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في "صحيحه": (( وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا )).
وزاد غيره: (( لا يخرجان إلا لذلك )).
وقال ميمون بن مهران ـ رحمه الله ـ: (( أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها )).
وهذا التكبير مشروع في حق سائر الناس من الرجال والنساء والصغار والكبار، وفي البيوت والأسواق والمساجد والمراكب، وفي السفر والحضر، والإنسان جالس أو راكب أو مضطجع أو وهو يمشي، وفي سائر الأوقات، إلا أنه لا يكبر بعد السلام من الصلاة، سواء صلى في المسجد أو في البيت أو في العمل أو في أي مكان، لأن التكبير الذي يكون بعد السلام من الصلاة يبدأ وقته لمن في الأمصار: من فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيـام التَّشريق، ثم يُقطع.

بارك الله لي ولكم فيما سمعتم، وجعلنا من المنتفعين العاملين، وتاب علينا، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
الحمد لله العلي العظيم، الجليل الكريم، البَر الرحيم، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
أما بعد، أيها المسلمون:
إن من أعظم شعائر الإسلام في أيام العشر ذبح الأضاحي، لأنها النسك العام الذي يظهر في صفوف المسلمين في جميع البلدان، والأحاديث في مشروعيتها مستفيضة مشتهرة، وثبتت بالقول والفعل منه صلى الله عليه وسلم، بل وسماها نسكاً.
وفي هذه الأيام ترى من بعض الناس عجباً مع هذه الشعيرة، حيث يتركونها مع وجود اليسار والقدرة، ترى بعضهم يثقل عليه إخراج الدراهم في سبيل التقرب إلى الله تعالى بشرائها وذبحها أو يتردد، وقد يتعلل بارتفاع سعرها، وهو في نفس الوقت مستعد للسفر في العيد ليتنزه، مع أنه قد يصرف في سفره ما يزيد على قيمة الأضحية، بل ولا تعوقه كلفة السفر وتجعله يتردد، وقد يشتري للعيد جوالاً جديداً من آخر ما نزل، ويكلم به بنقود كثيرة، ويعيد بملابس غالية، ثم لا يدخل عليه الحرج الذي دخل في سعر الأضحية، ولكن الأمر كما قال الله تعالى: { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }.

ومن ضحى وهو يخشى الفقر والحاجة، فليبشر بموعود الله تعالى له بالخلف الحسن، حيث قال سبحانه: { مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }.
وقال الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ:
ولم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ترك الأضحية، وندب إليها، فلا ينبغي لموسر تركها.اهـ
وثبت عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (( مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا )).
أيها المسلمون:
إذا دخلت العشر الأول من شهر ذي الحجة فإن مريد الأضحية منهي عن الأخذ من شعره وأظفاره وجلده حتى يضحي، ويبدأ وقت هذا النهي من غروب شمس ليلة أول أيام شهر ذي الحجة، وينتهي بذبح الأضحية، وسواء ذبحها المضحي في يوم العيد أو اليوم الأول أو الثاني من أيام التشريق، وذلك لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا )) رواه مسلم.
وفي لفظ آخر لمسلم: (( مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ )).
وقال العلامة النووي ـ رحمه الله ـ:
والمراد بالنهي عن الحلق والقَلْم: المنع منن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذ بنورة أو غير ذلك، وسواء شعر العانة والإبط والشارب والرأس وغير ذلك من شعور بدنه.اهـ
فإن أخذ من ذلك شيئاً فقد أساء، وخالف السنة، ولا فدية عليه.
وقد قال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ فيمن أساء وأخذ:
فإن فعل استغفر الله تعالى، ولا فدية عليه إجماعاً، وسواء فعله عمداً أو نسياناً.اهـ
اللهم انفعنا بما علمتنا، وزدنا فقها وعملاً بدينك، اللهم ارزقنا توبة نصوحاً، وأجراً كبير، اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وسائر أهلينا، اللهم من كان منهم حياً فبارك له في عمره ورزقه، وزده هدى، ومن كان منهم ميتاً فتجاوز عنه، واجعله في قبره منعماً، اللهم جنبنا الشرك والبدع والمعاصي، اللهم من أراد هذه البلاد وأمنها وأهلها وولاتها وجندها والمقيمين فيها بشر وكيد وضرر فصده واجعل كيده في تباب، واجعل سعيه عليه وعلى من أعانه، وأمكن منه واخذله، اللهم ارفع الضر عن المتضررين من المسلمين، اللهم ارفع عنهم القتل والاقتتال، وارفع عنهم الخوف والجوع، وارفع عنهم الأمراض والأوبئة، وأعذهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق ولات أمور المسلمين لكل خير، واجعل عملهم في رضاك، وسددهم في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم وجميع شؤونهم، إنك سميع مجيب.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك الكريم محمد، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك ولسائر المسلمين، إن ربي غفور رحيم.
خطبة ألقاها: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.




بارك الله فيك ان شاء الله يستفيد منه الجميع




بارك الله فيك و جزاك عنا خيرا و جعلها في ميزان حياتك
اللهم وفقنا واغفر لنا في هذه الأيام وارزقنا جنة الفردوس
آميــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــن




mrccccccccccccc




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sasuke تعليمية
بارك الله فيك ان شاء الله يستفيد منه الجميع

و فيك بارك الله.
نسأل الله أن يستفيد الجميع.




التصنيفات
اسلاميات عامة

فضل أيّام عشر ذي الحجة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد ..

فإنّ من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة..

فضـلها:

وقد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها:
1- قال تعالى: {وَالْفَجْرِ(1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ(2)} [الفجر:1-2]، قال ابن كثير رحمه الله: "المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم".

2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيّام أفضل في هذه العشرة، قالوا: ولا الجهاد، قال: ولا الجهاد إلاّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشئ». [رواه البخاري].

3- قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج:28]، قال ابن عباس وابن كثير يعني : "أيام العشر".

4- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مامن أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد». [رواه الطبراني في المعجم الكبير].

5- كان سعيد بن جبير – رحمه الله – إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه. [الدارمي].

6- قال ابن حجر في الفتح: "والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره".

ما يستحب في هذه الأيام:

1- الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل فإنّها من أفضل القربات.
روى ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عليك بكثرة السجود لله فإنّك لا تسجد لله سجدة إلاّ رفعك إليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة» . [رواه مسلم]، وهذا في كل وقت.

2- الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنبدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من كل شهر». [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم]. وقال الإمام النووي عن صوم أيّام العشر أنّه مستحب استحباباً شديداً.

3- التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: «فأكثروا من التهليل والتكبير والتحميد» ، وقال الإمام البخاري – رحمه الله -: "كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما"، وقال أيضا : "وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً".

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيّام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيّام جميعا، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين ..

وحري بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد أضيعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير – وللأسف – بخلاف ما كان عليه السلف الصالح ..

صيغة التكبير:

ورد فيها عدة صيغ مروية عن الصحابة والتابعين منها:

– (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا)) .

– ((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد)).

– ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).

4- صيام يوم عرفة:

يتأكد صوم يوم عرفة، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال عن صوم يوم عرفة: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده». [رواه مسلم].

لكن من كان في عرفة حاجاً فإنّه لا يستحب له الصوم، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطراً.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.

محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الحجة الكبرى لابن القيم رحمه الله

الحجة الكبرى
لابن القيم رحمه الله

ابيات من القصيدة الميمية لابن القيم رحمه الله

في وصف ( رحلة الحج )

إفاضة الحجيج


أما والذي حج المحبون بيته *** ولبوا له عند المهل وأحرموا


وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا *** لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم


يهلوان بالبيداء لبيك ربنا *** لك الحمد والملك الذي أنت تعلم


دعاهم فلبوه رضا ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منهم


تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم *** وغبرا وهم فيها أسر وأنعم


وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم تثنهم لذاتهم والتنعم


يسيرون في أقطارها وفجاجها *** رجالا وركبانا ولله أسلموا

رؤية البيت العتيق

ولما رأت أبصارهم بيته الذي *** قلوب الورى شوقا إليه تضرم


كأنهم لم ينصبوا قط قبله *** لأنهم شقاهم قد ترحل عنهم


فلله كم من عبرة مُهَراقة *** وأخرى على آثارها لا تقدم


إذا عاينته العين زال ظلامها *** وزال عن القلب الكئيب التألم


ولا عجبا من ذا فحين أضافه *** إلى نفسه الرحمن فهو المعظم


كساه من الإجلال أعظم حلة *** عليها طراز بالمُلاحة مُعْلم

الذهاب إلى عرفة


وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة *** ومغفرة ممن يجود ويكرم


فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم

ويدن به الجبار جل جلاله *** يباهي بهم أملاكه فهو أكرم


يقول عبادي قد أتوني محبة *** وإني بهم بر أجود وأرحم


وأشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أملوه وأُنعم


فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفر الله الذنوب ويرحم


فكم من عتيق فيه كُمَّل عتقه *** وآخرَ يُستسعى وربك أرحم

ذلة الشيطان في ذلك اليوم


وما رُؤي الشيطان أحقر في الورى *** وأدحر منه عندها فهو ألوم


وذاك لأمر قد رآه فغاظه *** فأقبل يحثُ الترب عنه ويلطم


لما عاينت عيناه من رحمة أتت *** ومغفرة من عند ذي العرش تُقسم


بنى ما بنى حتى إذا ظن أنه *** تمكن من بنيانه فهو محكم


أتى الله بنيانا له من أساسه *** فخر عليه ساقطا يتهدم


وكم قدر ما يعلوا البناء وينتهي *** إذا كان يبنيه وذو العرش يهدم

الذهاب لمزدلفة


وراحوا إلى جَمْع فباتوا بمشعر الحرام *** وصلوا الفجر تم تقدموا


إلى الجمرة الكبرى يريدون رميها *** لوقت صلاة العيد تم تيمموا


منازلهم للنحر يبغون فضله *** وإحياء نسك من أبيهم يعظم


فلو كان يرضي الله نحر نفوسهم *** لجادوا بها طوعا وللأمر سلموا


كما بذلوا عند الجهاد نحورهم *** لأعدائه حتى جرى منهم الدم


ولكنهم دانوا بوضع رؤوسهم *** وذلك ذلك للعبيد ومِيسم

إلى طواف الإفاضة


ولما تقضّوا ذلك التفث الذي *** عليهم وأوفوا نذرهم ثم تمموا


دعاهم إلى البيت العتيق زيارة *** فيا مرحبا بالزائرين وأكرم


فلله ما أبهى زيارتهم له *** وقد حصلت تلك الجوائز تقسم


ولله أفضال هناك ونعمة *** وبر وإحسان وجود ومرحم

عودة إلى منى


وعادوا إلى تلك المنازل من منى *** ونالوا مناهم عندها وتنعموا


أقاموا بها يوما ويوما وثالثا *** وإذن فيهم بالرحيل وأُعلموا


وراحوا إلى رمي الجمار عشية *** شعارهم التكبير والله معْهم


ولو أبصرت عيناك موقفهم بها *** وقد بسطوا تلك الأكفُ ليرحموا


ينادونه يا ربِ يا ربِ إننا *** عبيدك لا نرجوا سواك وتعلم


وها نحن نرجو منك ما أنت أهله *** فأنت الذي تعطي الجزيل وترحم

إلى طواف الوداع


ولما تقضّوا من منى كل حاجة *** وسالت بهم تلك البطاح تقدموا


إلى الكعبة البيت الحرام عشية *** وطافوا بها سبعا وصلوا وسلموا


ولما دنا التوديع منهم وأيقنوا *** بأن التداني حبله متصرم


ولم يبق إلا وقفة لمودع *** فلله أجفان هناك تسجَّم


فلم تر إلا باهتا متحيرا *** وآخر يبدي شجوه يترنم


رحلت وأشواقي إليكم مقيمة *** ونار الأسى مني تشب وتضرم


أودعكم والشوق يثني أعنتي *** إليكم وقلبي في حماكم مخيم


هنالك لا تثريب يوما على امرئ *** إذا ما بدا منه الذي كان يكتم




لقد اقترب موسم الحج و نسأل الله أن يعيده على الحجاج بخير و نفرح به

أبيات رائعة أختي الكريمة أم همام

ننتظر جديدك بفارغ الصبر

تحياتي الخالصة




شكرا لكي اختي ام همام وجعله الله في ميزان حسناتك
تحياتي




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل عشر ذي الحجة



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا الله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله و أمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله أهله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:

فيا عباد الله، إنكم تستقبلون في هذه الأيام عشر ذي الحجة، التي بينَّ النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فضل العمل فيها بقوله:ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء، فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة، بل أفضل من العمل الصالح في أي يوم من أيام السنة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن كثيراً من الناس يجهلون قدر هذه الأيام العشر، فلا تكاد تجد أحداً يميزها عن غيرها بكثرة العمل الصالح ولكني أقول: إن من بلغته سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فإن الأولى به أن يكون متبعاً لها وجوباً في الواجبات واستحباباً في المندوبات .
إذاً: فأكثروا من العمل الصالح في هذه الأيام العشر، أكثروا من الصلاة، أكثروا من قراءة القرآن، أكثروا من الذكر، أكثروا من الصدقة، صوموها فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، قال الله – عزَّ وجل – في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرِ أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»(1)، وفي هذه الأيام العشر احترموا أضحيتكم بحرماتها التي جعلها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث قال: إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره ولا من بشره أي: من جلده شيئاً،فمن أراد أن يضحي فلا يأخذن من ذلك شيئاً إلى أن يضحي؛ وذلك احتراماً للأضحية التي هي من شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، وفي هذا دليل على أهمية الأضحية، حيث جعل لها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حرمات يحترمها الإنسان عند إرادة فعلها ولكن في أي مكان تكون الأضحية ؟ تكون الأضحية في بلد الإنسان، تكون الأضحية في بيته يقيم بذلك شعائر الله في بلاد الله عزَّ وجل وليست الأضحية مجرد صدقة؛ حتى يتوخى الإنسان فيها أحوج بلاد المسلمين ولكنها قربة خاصة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ولو كانت مجرد صدقة لكانت جائزة قبل صلاة العيد لا بعدها، ولكانت جائزة من بهيمة الأنعام وغيرها، ولكانت جائزة فيما بلغ السنة وما لم يبلغه ولكنها عبادة موقتة محددة بكيفيتها ووقتها وحينئذٍ نعرف أنه من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك فإن هذا ليس من سنة الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وإنما كان يبعث بالهدي من المدينة إلى مكة؛ من أجل اختصاص المكان لا من أجل حاجة الناس، أما الأضحية فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يضحي في المدينة، وإن إرسال الدراهم ليضحى بها في مكان آخر تفوت به مصالح كثيرة؛ يفوت به إظهار الشعيرة في البلاد فإن ذبح الأضاحي من شعائر الله، فإذا أرسل الناس دراهمهم إلى بلاد أخرى يضحى بها بقيت البلاد بلا شعيرة، يفوت بها: أن يذكر الإنسان ربه على هذه البهيمة التي ضحى بها والله تعالى يقول: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَام﴾ [الحج: 34]، يفوت بها اتباع سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث كان يضحي بنفسه ويذبح أضحيته ويذكر اسم الله عليها ويسأل الله قبولها، وإذا أرسلت الدراهم إلى هناك فمن الذي يتولى ذلك، أليس هو الذابح ؟ هذا إن أحسنَّا الظن به ووثقنا بمن نرسل الدراهم معه، أما إذا كانت أضحيتك في بيتك فتولَّ ذبحها بنفسك إن كنت تحسنه أو تحضره ويحصل بذلك تعظيم شعائر الله في البيت فإن أرسلها إلى بلاد أخرى يفوت به هذه المصلحة العظيمة، يفوت في إرسالها إلى بلاد أخرى: أن يأكل الإنسان منها والله – تعالى – قد أمر بالأكل منها فقال: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج:36] ، ومن المعلوم أنه إذا كانت الأضحية في غير بلدك فإنه لا يمكنك أن تمتثل أمر الله بالأكل منها؛ لأنها ليست عندك وحينئذٍ تفوّت أمر الله – عزَّ وجل – فيها، وقد قال بعض أهل العلم: إن الأكل من الأضحية واجب، وأما الإنسان إذا لم يأكل منها فهو آثمٌ عاصٍ لله، ولاشك أنه عاصٍ للأمر، ولكن هل يأثم لهذا العصيان أو لا يأثم ؟ هذا محل الخلاف بين العلماء، وإنك إذا أرسلت الدراهم ليضحى بها في بلد آخر فلا تدري متى تكون الأضحية، هل تكون في اليوم الأول الذي هو أفضل من الأيام الثلاثة بعده، أو تكون قبل الصلاة، أو تكون بعد أيام التشريق ؟ ثم تبقى معلقاً – أيضاً – بالنسبة لأخذ الشعر والظفر والبشرة، وأنت إذا أرسلتها إلى بلد آخر فلا تدري أيقوم المشتري بالاحتياط التام في تمام سِنِّها وخلوها من العيوب المانعة من الإجزاء وخلوها من العيوب التي تكره فيها، كل هذا سيفوتك .
أيها الإخوة، إن من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلد آخر ليضحى بها هناك لتفويت هذه المصالح التي سمعتموها، وإذا كان عند الإنسان فضل مال فإني أحثه على أن يرسله إلى البلاد الفقيرة والمحتاجة للجهاد في سبيل الله والله – سبحانه وتعالى – ذو الفضل العظيم، وإن من خلاف السنة ما يفعله بعض الناس اليوم من الإسراف في الأضحية، حيث يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بالأضحية وهذا لا شك أنه إذا اقتصر عليه فهو السنة الموافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهو أكرم الخلق بلا شك وأحب الخلق للخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إلى فعل الخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم المشرِّع لأمته بلا شك لم يضحِ عنه وعن أهل بيته إلا بأضحية واحدة، ومن المعلوم أن نساءه تسع وكل امرأة في بيت لم يضحِ بأكثر من ذلك، ولكن مع الأسف أن بعض الناس عندنا يضحي بعشر ضحايا لا حاجة إليها، تجد الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته كما قلت ثم تأتي البنت وتقول أريد أن أضحي عن جدي من قِبَلِ الأب وعن جدَّتي من قِبَلِ الأب و عن جدتي من قِبَلِ الأم و عن جدي من قِبَلِ الأم وهكذا تأتي الأخت وهكذا تأتي الزوجة حتى يصبح في البيت الواحد إلى عشر ضحايا لا حاجة إليها بل هي من الإسراف، وإني أقول: إن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – توفيت زوجته خديجة وهي من أحب نسائه إليه وهي أم أكثر أولاده وهي التي لم يتزوج عليها حين وجودها ومع ذلك لم يضحِ عنها، وتوفي عمه حمزة بن عبد المطلب واستشهد في أُحد – رضي الله عنه – وهو أسد الله وأسد رسوله ومع ذلك لم يضحِ عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، توفيت بناته الثلاث قبل أن يموت إلا أن فاطمة بقيتْ بعده ولم يضحِ عن بناته، فمِنْ أين جاءنا أن يُضحى عن الأموات؟ الوصايا تبقى بحالها ويضحى بها، أما أن نضحي عن أمواتنا فمن كان عنده حرف واحد صحيح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه ضحى عن أحد من أمواته أو أنه أمر أن يضحي أحد عن أمواته فليسعفنا به فإنا له قابلون وله متبعون إن شاء الله، أما أن نفعل عبادة نتقرب بها إلى الله لمجرد عواطف تكون في قلوبنا وصدورنا فليس لنا ذلك، إنما الشرع من عند الله، ألم تعلموا أن بعض العلماء يقول: الأضحية عن الميت غير صحيحة؛ لأنها لم ترد في السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(2)، ألم تعلموا أن الذين أجازوا الأضحية عن الميت إنما قاسوها على الصدقة؛ لأن الصدقة وردت بها السنة في حديث سعد بن عبادة حيث تصدق بمخرافة عن أمه بإذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومخرافه هو: البستان الذي يخرف، وكذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها ؟ قال: نعم،ولكن هل قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يوماً من الأيام لأمته: تصدقوا عن أمواتكم ؟ هل قال: ضحوا عن أمواتكم ؟ هل ضحى عن أمواته ؟ هذا هو محل الحكم، وهذا مناط الحكم .
إذاً: ما بالنا نجعل في البيت الواحد عشر ضحايا أو أقل أو أكثر لأموات في سنة لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا كان عند هؤلاء فضل مال فنقول: إن أضحية قِيمّ البيت كافية عن الجميع فلا تتجاوزوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنتم خير أم رسول الله، أنتم أكرم أم رسول الله، أنتم أحب في الطاعة من رسول الله، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، واللهِ لسنا أكرم من رسول الله، ولا أعلم بما يحب الله، ولا أسبق لما يحب الله بل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أكرم الخلق على الإطلاق وأحب ما يكون للخير: فنقول يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة ومن عنده فضل مال فليسعف به إخوانه المسلمين في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد المسلمين، هناك أناس فقراء لا يأكلون إلا ورق الشجر إن تهيأ لهم، هناك أناس عراة لا يتقون برداً ولا حراً فما بالنا نحرم هؤلاء مما أعطانا الله ثم نسرف به ﴿والله لا يحب المسرفين﴾، نقول لهؤلاءِ الذين يحرصون على أن ينفعوا أمواتهم: ابذلوا هذه الأموال في غير الأضحية، ابذلوها في الصدقة، تصدقوا على إخوان لكم موتى من الجوع منهم عدد كثير .
أيها الإخوة، أدعوكم ونفسي إلى اتباع السنة لا إلى اتباع العاطفة، أدعوكم ونفسي إلى أن يترسم الخطى إمامنا وقدوتنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وألا نتجاوز ما فعل وألا نسرف فيما لا يحب الله الإسراف فيه .
إن بعض الناس يعتمدون على حديث ضعيف أن الأضحية في كل شعرة منها حسنة وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أهم شيءٍ في الأضحية أن ينهر الدم ابتغاء وجه الله وتعظيماً لله عزَّ وجل هذا هو المهم، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: 37] ، هذا الذي يناله الله أن نتقي الله – عزَّ وجل – في التقرب إلى الله – تعالى – بذبحها وذكر اسم الله عليها، وأن نتمتع بالأكل منها نحن وأولادنا وجيراننا وإخواننا وفقراءنا، وأعظم من ذلك وأدهى أن من الناس من يرسل الوصايا التي في أوقاف أمواته إلى بلاد أخرى يضحي بها فكيف يسوغ ذلك لنفسه الوصي وكيل، والوكيل لا يجوز أن يتصرف فيوكِّل إلا بإذن موكِّله والإذن هنا مستحيلاً، ثم إن الأموات يظهر من قصدهم – فيما أوصي به من الضحايا – يظهر من قصدهم أنهم أرادوا أن يتمتع من خلفهم بهذه الأضحية، يأكلون ويسمون على الأكل ويحمدون الله على الأكل ويدعون للأموات هذا هو القصد من وصية الموصين، لا أن تذبح من وراء البراري والبحار، فيا عباد الله، لا تَنْسَابوا وراء العاطفات، عندكم العلماء اسألوهم، فإن ما يُبنى على العلم والبرهان هو العبادة الصحيحة، وأما ما يبنى على الظن والوهم والعاطفة التي لا مستند لها لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا من سنة الخلفاء الراشدين، إنها باطلة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .
خلاصة قولي في هذه الخطبة أنني أقول: مَنْ كان عنده ضحايا فلا يرسلها لا إلى البوسنة والهرسك ولا إلى غيرها من البلاد بل يضحي بها في بلده إظهاراً لشعائر الله واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحصولاً للمصالح العظيمة التي ذكرنا: أنه إذا أرسلها خارج البلاد فإن هذه المصالح تفوت هذه واحدة، ثانياً: الإسراف في الأضاحي لا داعي له، فالأضحية الواحدة تكون للرجل عنه وعن أهل بيته كافية، ومن كان عنده فضل مال وأراد أن ينفع أمواته فليتصدق به على من كانوا في بلاد أخرى محتاجين للصدقة أكثر ممن كانوا في بلادنا، ثالثاً أقول: ذكرنا أن الإنسان إذا أراد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا من بشرته شيئاً من حين أن يدخل شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، و أما من يضحى عنه فلا حرج، فليأخذوا من ذلك ما شاؤوا، فأهل البيت – مثلاً – إذا كان قيم البيت يريد أن يضحي عنهم لا حرج عليهم أن يأخذوا من شعورهم و أظفارهم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما قال: وأراد أحدكم أن يضحيولم يقل: أن يضحي أو يضحى عنه؛ ولأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يُنْقل عنه أنه قال لأهله وهو يريد أن يضحي عنهم – لم يُنْقل عنه أنه قال: لا تأخذوا من شعوركم وأظفاركم وأبشاركم شيئاً، والأصل براءة الذمة والأصل الحِل حتى يقوم دليل على التحريم، وعلى هذا فلا يشمل النهي أهل البيت وإنما يختص بقيّم البيت الذي هو يريد أن يضحي .
أيها الإخوة، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأسأل الله – تعالى – أن يلزمني وإياكم هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة؛ فإن يدي الله على الجماعة، ومَنْ شذ شذَّ في النار، واعلموا أن الله – تعالى – أمركم أن تصلوا وتسلموا على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56] .
إن صلاتكم وسلامكم على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى وآله وسلم – إنها امتثال لا أمر الله عزَّ وجل، إنها قيامٌ بحق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنها أجرٌ وغنيمة لكم، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً،فأكثروا – أيها الإخوة – من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإكثار من ذلك ليس أمراً شاقاً ولا أمر متعِباً؛ لأنه قول اللسان وأسهل ما يكون حركة هو اللسان، أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – واحتسبوا بذلك الأجر من الله، احتسبوا أنكم إذا صليتم عليه مرة واحدة صلى الله عليكم بها عشراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، اللهم أحسن عواقبنا في الأمور كلها، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاك يا رب العالمين، يا ذا الجلال و الإكرام، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم مَنْ أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، اللهم من أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في البوسنة والهرسك والشيشان، اللهم إنا نسألك أن تنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم فرِّق جمعوهم واهزم جنودهم وشتِّت كلمتهم يا رب العالمين، اللهم أنزل بهم البلاء وألقِ بينهم العداوة والبغضاء؛ حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم وافعل مثل ذلك في الصرب المعتدين الخائنين يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أصلح شبابهم وشيوخهم و ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوبهم، اللهم اهدهم سبل السلام، اللهم يسرهم لليسرى وجنبهم العسرى واغفر لهم في الآخرة و الأولى يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10]، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وغفر له


——————————

(1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين ( 10136) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام (1771) ، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام ( 1945)، وأخرجه أصحاب السننه في سننهم .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية ( 3243 ) من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلح ( 2499) من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .




بارك الله فيك وجزاك الخير المديد




بارك الله فيك أخي الكريم أبو سليمان

لقد وجدت ضالتي في موضوعك القيم

كنت أحتاج تفسيرا و وجدتها عندك بارك الله فيك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و جعلها في ميزان حسناتكتعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

عشر ذي الحجة والعيد

عشر ذي الحجة والعيد
للشيخ العثيمين رحمه الله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين.. وبعد:

فإن من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم. عشر ذي الحجة

فضلهن

1 – قال تعالى: وَالفَجرِ (1) وَلَيَالٍ عَشرٍ [الفجر:2،1]. قال ابن كثير رحمه الله: ( المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري ).
2 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر } قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: { ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء }.

3 – وقال تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ [الحج:27] قال ابن عباس: ( أيام العشر ) [تفسير ابن كثير].
4 – وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد } [رواه أحمد].
5 – وكان سعيد بن جبير رحمه الله – وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق – إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر عليه [رواه الدرامي].
6 – وقال ابن حجر في الفتح: ( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره ).

ما يستحب فعله في هذه الأيام


1 – الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. روى ثوبان قال: سمعت رسول الله يقول: { عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة } [رواه مسلم] وهذا عام في كل وقت.
2 – الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي ، قالت: ( كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر ) [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي]. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحباباً شديداً.
3 – التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: { فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد }. وقال الإمام البخاري رحمه الله: ( كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما ). وقال أيضاً: ( وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ).
وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة.
وحريٌ بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة التي قد ضاعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير – وللأسف – بخلاف ما كان عليه السلف الصالح.

صيغة التكبير:


أ ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً.
ب ) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
جـ ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
4 – صيام يوم عرفة: يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه أنه قال عن صوم يوم عرفة: { أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } [رواه مسلم]. لكن من كان في عرفة – أي حاجّاً – فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي وقف بعرفة مفطراً.

فضل يوم النحر:

يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين، وعن جلالة شأنه وعظم فضله الجمّ الغفير من المؤمنين، هذا مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة. قال ابن القيم رحمه الله: ( خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر ) كما في سنن أبي داود عنه قال: { إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرِّ }. ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه؛ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم يُباهي ملائكته بأهل الموقف، والصّواب القول الأول؛ لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء.
وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجّاً كان أو مقيماً على إدراك فضله وانتهاز فرصته.

بماذا تُستقبل مواسم الخير؟

1 – حريٌ بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب قلبه عن مولاه.
2 – كذلك تُستقبل مواسم الخير عامة بالعزم الصّادق الجادّ على اغتنامها بما يرضي الله عز وجل، فمن صدق الله صدقه الله: وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهدِيَنَّهُمّ سُبُلَنَا [العنكبوت:69].
فيا أخي المسلم احرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
وفقني الله وإيّاك لاغتنام مواسم الخير، ونسأله أن يعيننا فيها على طاعته وحسن عبادته.

بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها

الأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد؛ تقرباً إلى الله عز وجل.
وهي من العبادات المشروعة في كتاب الله وسنة رسوله النبي صلى الله عليه وعلي آله وسلم وإجماع المسلمين.
فأما كتاب الله : فقد الله تعالي: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) وقال تعالي[قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162،163) .
وقت الأضحية
الأضحية عبادة موقتة لا تجزئ قبل وقتها على كل حال ، ولا تجزئ بعده إلا على سبيل القضاء إذا أخرها لعذر .
وأول وقتها بعد صلاة العيد لمن يصلون كأهل البلدان ، أو بعد قدرها من يوم العيد لمن لا يصلون كالمسافرين وأهل البادية ، فمن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم ، وليست بأضحية ويجب عليه ذبح بدلها على صفتها بعد الصلاة ؛ لما روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ، وليس من النسك في شيء ))(27) ، وفيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه ، وأصاب سنة المسلمين ))
في جنس ما يضحى به وعمن يجزئ ؟
الجنس الذي يضحى به : بهيمة الأنعام فقط لقوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (الحج: 34) . وبهيمة الأنعام هي : الإبل ، والبقر ، والغنم من ضأن ومعز ، جزم به ابن كثير وقال : قاله الحسن وقتادة وغير واحد ، قال ابن جرير : وكذلك هو عند العرب . اهـ . ولقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن )) . رواه مسلم(41) . والمسنة : هي الثنية , فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين ، والثني من البقر ما تم له سنتان ، والثني من الغنم ضأنها ومعزها ما تم له سنة ، والجذع من الضأن : ما تم له نصف سنة .
ولأن الأضحية عبادة كالهدي ، فلا يشرع منها إلا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل والبقر والغنم . والأفضل منها : الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم سبع البعير ثم سبع البقرة .
والأفضل من كل جنس أسمنه ، وأكثره لحما ، وأكمله خلقة ، وأحسنه منظراً ، وفي (( صحيح البخاري )) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين(42) . والأملح ما خالط بياضه سواد .

ما يجب اجتنابه في الاضحية

سئل النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا يتقى من الضحايا ؟ فأشار بيده وقال : (( أربعا : العرجاء البين ظلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقي )) (65) وذكرت العجفاء في رواية الترمذي وفي رواية النسائي بدلا عن الكسير .
فهذه أربع منصوص على منع الأضحية بها وعدم إجزائها .
الأولى : العوراء البين عورها ، وهي التي انخسفت عينها أو برزت ، فإن كانت لا تبصر بعينها ولكن عورها غير بين أجزأت ، والسليمة من ذلك أولى .
الثانية : المريضة البين مرضها ، وهي التي ظهر عليه آثار المرض مثل الحمى التي تقعدها عن المرعى ، ومثل الجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحتها ، ونحو ذلك مما يعده الناس مرضا بينا ، فإن كان فيها كسل أو فتور لا يمنعها من المرعى والأكل أجزأت لكن السلامة منه أولى .
الثالثة : العرجاء البين ظلعها ، وهي التي لا تستطيع معانقة السليمة في الممشى ، فإن كان فيها عرج يسير لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت ، والسلامة منه أولى .
الرابعة : الكسيرة أو العجفاء ( يعنى الهزيلة ) التي لا تنقي ، أي ليس فيها مخ ، فإن كانت هزيلة فيها مخ أو كسيرة فيها مخ أجزأت إلا أن يكون فيها عرج بين ، والسمينة السليمة أولى .
هذه هي الأربع المنصوص عليها ، وعليها أهل العلم ، قال في (( المغني )) : لا نعلم خلافا في أنها تمنع الإجزاء . اهـ . ويلحق بهذه الأربع ما كان بمعناها أو أولى ، فيلحق بها :
الاولى :العمياء : التي لا تبصر بعينها ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراء البين عورها .
فأما العشواء التي تبصر في النهار ، ولا تبصر في الليل فصرح الشافعية بأنها تجزئ ؛ لأن في ذلك ليس عورا بينا ولا عمى دائما يؤثر في رعيها ونموها ، ولكن السلامة منه أولى .
الثانية : المبشومة حتى تثلط ؛ لأن البشم عارض خطير كالمرض البين ، فإذا ثلطت زال خطرها وأجزأت إن لم يحدث لها بذلك مرض بين .
الثالثة : ما أخذتها الولادة حتى تنجو ؛ لأن ذلك خطر قد يودي بحياتها ، فأشبه المرض البين ، ويحتمل أن تجزئ إذا كانت ولادتها على العادة ولم يمض عليها زمن يتغير به اللحم ويفسد .
الرابعة : ما أصابها سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ؛ لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها .
الخامسة: الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها .
فأما العاجزة عن المشي لسمن فصرح المالكية بأنها تجزئ ، لأنه لا عاهة فيها ولا نقص في لحمها .
السادسة: مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها ، ولأنها ناقصة بعضو مقصود فأشبهت ما قطعت أليتها .
هذه هي العيوب المانعة من الإجزاء وهي عشرة : أربعة منها بالنص وستة بالقياس ، فمتى وجد واحد منها في بهيمة لم تجز التضحية بها ؛ لفقد أحد الشروط وهو السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء .

هل يضحي عن الأموات

الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له، والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام:

الأول: أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل.
الثاني: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها وأصل هذا قوله تعالى: فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيع عَلِيمٌ [البقرة:181].
الثالث: أن يُضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء، فهذه جائزة. وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع بها قياساً على الصدقة عنه، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنّة؛ لأن النبي لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، فلم يضح عن عمه حمزة، وهو من أعزّ أقاربه عنده، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته، وهنّ ثلاث بنات متزوجات وثلاثة أبناء صغار، ولا عن زوجته خديجة، وهي من أحب نسائه، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته.

ونرى أيضاً من الخطأ ما يفعله بعض الناس، يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها ( أضحية الحفرة )، ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه في ثوابها أحد، أَو يضحّون عن أمواتهم تبرعاً أو بمقتضى وصاياهم، ولا يضحّون عن أنفسهم وأهليهم، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك.

ما يجتنبه من أراد الأضحية

إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو أضفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال: { إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره } [رواه أحمد ومسلم]، وفي لفظ: { فلا يمسَّ من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي } وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
والحكمة في هذا النهي أنَّ المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله تعالى بذبح القربان شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر ونحوه، وعلى هذا فيجوز لأهل المضحي أن يأخذوا في أيام العشر من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم.
وهذا الحكم خاص بمن يضحّي، أما المضحَّى عنه فلا يتعلق به؛ لأن النبي قال: { وأراد أحدكم أن يضحي… } ولم يقل: أو يضحّى عنه؛ ولأن النبي كان يضحّي عن أهل بيته، ولم يُنقل عنه أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك.
وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض العوام.
وإذا أخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصّه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصّه لمداواة جرح ونحوه.
أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك

أخي المسلم: الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا ، لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحبّ فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:

التكبير: يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: وَاذكُرُواْ اللهَ فِي أَيَامٍ مَعدُودَاتٍ [البقرة:203]. وصفته أن تقول: ( الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
ذبح الأضحية: ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله : { من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح } [رواه البخاري ومسلم]. ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي أنه قال: { كل أيام التشريق ذبح } [السلسلة الصحيحة:2476].
الاغتسال والتطيب للرجال، ولبس أحسن الثياب: بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أَمام الرجال.
الأكل من الأضحية: كان رسول الله لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته [زاد المعاد:1/441].

الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيسّر.
والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلى في المسجد لفعل الرسول .

وجوب صلاة العيد واستحباب حضور الخطبة:

والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة؛ لقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِكَ وَانحَر [الكوثر:2] ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحُيَّض والعواتق، ويعتزل الحُيَّض المصلى.
مخالفة الطريق: يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي .

التهنئة بالعيد:
لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله .

واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأَخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:

التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.

اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللآتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.

أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يُضَحّى من أراد الأضحية لنهي النبي عن ذلك.

الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله تعالى: وَلا تُسرِفُوا إِنّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفِينَ [الأنعام:141].

وختاماً: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.

نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام – أيام عشر ذي الحجة – عملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من مقالات وفتاوى ورسائل
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العشر من ذي الحجة ، هل تُصام كلها ؟؟

ورد في الحديث صيام العشر من ذي الحجة وبعض الناس يقول: لا تصام. فما قولكم؟
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


السؤال :

ورد في الحديث صيام العشر من ذي الحجة وبعض الناس يقول: لا تصام. فما قولكم؟

الإجابة:

صيام العشر من ذي الحجة من الأعمال الصالحة ولا شك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر"، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"، فيكون الصيام داخلاً في عموم هذا الحديث، على أنه ورد حديث في السنن حسَّنه بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه العشر، يعني ماعدا يوم العيد، وقد أخذ به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله والصحيح أن صيامها سنة.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد العشرون – كتاب الصيام.




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

أيهما أفضل العشر من ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان

أيهما أفضل العشر من ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان

جاء في<< مجموع الفتاوى 25/287 >>:

وسئل عن عشر ذي الحجة , والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟


فأجاب:


أيّام عشر ذي الحجة، أفضل من أيام العشر من رمضان, والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب , وجده شافيا كافيا, فانه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة ـ : وفيها يوم عرفة, ويوم النحر, ويوم التروية ـ .
وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء, التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها, وفيها ليلة خير من ألف شهر.

فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.

الموسوعة الفقهية ص 256 ـ257.




يُرْفَعُ للفَائِدَة ،،




بارك الله فيكم




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل الايام العشر الاوائل من ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد ؛ أيها الأخ المسلم الكريم ؛ فها هي أيام العشر الأول من ذي الحجة ، أيام الخير والبركة تهل علينا حاملة بشائر الأجر ونسائم الفضل ، يستعد لها الموفقون ، ويسعد بها الطائعون ، ويطمع في بركتها الصالحون ، فأين أنت في هذه الأيام العشر المباركة ؟ وماذا أعددت لاستقبالها واغتنامها والتزود فيها ؟ .
في هذه الورقات نقدم لك أيها الأخ الكريم والأخت الكريمة بيانا بفضيلة هذه الأيام المباركة ، ودعوة للاستفادة من هذه الأوقات الفاضلة ، سائلين الله أن يرزقنا وإياكم التوفيق لما يحبه ويرضاه .

فضيلة هذه الأيام

أخرج البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ» فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ،وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» .
وفي رواية عند الطبراني في الكبير: «مَا مِنْ أَيَّامٍ يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ فِيهَا بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ» .
وفي رواية عند الدارمي :« مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الأَضْحَى » .
وأخرج الطيالسي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده أيام الْعَشْرِ فقال : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَمَلُ فِيهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ » .
ذلك بعض ما أشار إليه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من فضيلة هذه الأيام ، ولما كان الصحابة رضي الله عنهما قد استقر عندهم أن الجهاد ذروة سنام الإسلام وأعظم الأعمال ، فقد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الصالح في هذه الأيام هل يسبق في الأجر والدرجة تلك الفريضة الكريمة السامية ؟ فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد لا يسبق العمل الصالح في هذه الأيام إلا في حالة واحدة ، وهي أن يخرج المجاهد مخاطراً بماله ونفسه فينال الشهادة ويفقد المال ولا يرجع بشيء.
قال ابن رجب في فتح الباري : « هذا الحديث نص في أن العمل المفضول يصير فاضلا إذا وقع في زمان فاضل ، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة ؛ لفضل زمانه ، وفي أن العمل في عشر ذي الحجة أفضل من جميع الأعمال الفاضلة في غيره . ولا يستثنى من ذلك سوى أفضل أنواع الجهاد ، وهو أن يخرج الرجل بنفسه وماله ، ثم لا يرجع منهما بشيء .
وقد سئل صلى الله عليه وسلم : أي الجهاد أفضل ؟ قالَ : «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ» .
وسمع رجلا يقول : اللَّهُمَّ اعطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقالَ لهُ : «إِذَنْ يُعْقَرُ جَوَادُكَ ، وَتُسْتَشْهَدُ» .
فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر ، وأما سائر أنواع الجهاد مع سائر الأعمال ، فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل منها . انتهى كلام ابن رجب.
ومن ثم اجتهد الموفقون في صالح الأعمال في هذه الأيام ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ -راوي الحديث عن ابن عباس- إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَاداً شَدِيداً حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ (أخرجه الدارمي) .
وكان يدعو إلى عدم إطفاء السرُج ، كناية عن طول القيام وكثرة الأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة .
فأين أنت من هذا الخير العظيم ؟

(1) أين أنت من التعرض لنفحات رحمة الله في أيام العشر ؟

أخرج الطبراني في الكبير وفي الدعاء ، والبيهقي في الشعب وفي الأسماء والصفات ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ، والقضاعي في مسند الشهاب عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «افْعَلُوا (وفي رواية : اطلبوا) الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ (زاد في رواية : كله)، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ».
قال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني وإسناده رجاله رجال الصحيح غير عيسى بن موسى بن إياس بن البُكير وهو ثقة .
وأخرجه الطبراني في الدعاء والبيهقي في الشعب وابن أبي الدنيا في (الفرج بعد الشدة) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اطلبوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ كُلَّهُ » فذكره بمثله .

والتعرض لنفحات رحمة الله يكون بكثرة الدعاء والسؤال في هذه الأوقات الفاضلة باعتبارها أوقات إجابة وتفضل من الله تعالى ، فهل تحرص أيها الأخ الحبيب على ورد من الدعاء فيها ؟ وهل تحرص على أن تجعل لدعوتك ولإخوانك ولأمتك نصيبا موفورا من الدعوات المباركة في هذه الأيام ؟ وهل تخص بمزيد من صادق الدعوات إخوانك المجاهدين أهل الرباط في فلسطين وغيرها من ديار الإسلام ؟ أسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يرضيه ، وأن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا وينصر مجاهدينا ، إنه على كل شيء قدير .

(2) أين أنت من التوبة النصوح في الأيام العشر ؟

فهذه أيام يقبل الله فيها على خلقه، ويقبل التوبة ممن تاب ، فهل تكون مع أولياء الرحمن المؤمنين الذين استجابوا لنداء الله ]وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ (النور: 31) ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً[ (التحريم: 8)
ها هو الحق سبحانه ينادي على المذنب الذي يئس من رحمته ]إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ[ (يوسف:87) .
ويقول لمن قنط من رحمة ربه ]وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ[ (الحجر: 57).
يقول للذي ملأت الذنوب حياته، وشغلت الشهوات أيامه، وغرق فيها غرقا إلى أذنيه: «لَوْ أَتَيْتَنِي ‏ ‏بِقُرَابِ ‏ ‏الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ ‏ ‏بِقُرَابِهَا ‏ ‏مَغْفِرَةً».
فلنبادر إلى اغتنام نفحات رحمة الله في هذه الليالي والأيام المباركة ، بدءاً بالاصطلاح مع الله والتوبة الصادقة إليه ، والله يتولى توفيقنا جميعا لما يحب ويرضى .

(3) أين أنت من الذكر في أيام العشر ؟

أخرج أحمد وأبو عوانة وأبو نعيم في الحلية عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» . وهو حديث حسن بمجموع طرقه .
قال البخاري : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا ، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ.
وهؤلاء الصحابة رضي الله عنهما إنما يفعلون ذلك امتثالاً لقوله تعالى )لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ( (الحج : 37).
فلنكثر من التكبير والتهليل والتحميد والذكر ، وبخاصة أذكار الصباح والمساء والأحوال المختلفة ، وفي أدبار الصلوات .

(4) أين أنت من الصيام في أيام العشر ؟

الصيام من أفضل الأعمال التي ندب إليها الإسلام وحض عليها ، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .
وأفضل ما يكون صيام النوافل في الأيام الفاضلة المباركة ، وأعلاها فضلا وأكملها أجرا هذه الأيام العشر المباركة ، ومن ثَمَّ كان صيامُها من أفضل الأعمال ، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في فضل الأيام العشر أورده الأئمة تحت عنوان (باب فضل صيام العشر) وقال ابن حجر في فتح الباري: «اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ ، وَاسْتَشْكَلَ بِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ»
وأما الحديث الذي أخرجه مسلم وغيره عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ .
فقد قال النووي في شرح مسلم : «قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا الْحَدِيث مِمَّا يُوهِم كَرَاهَة صَوْم الْعَشَرَة ، وَالْمُرَاد بِالْعَشْرِ هُنَا : الْأَيَّام التِّسْعَة مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّة ، قَالُوا : وَهَذَا مِمَّا يُتَأَوَّل فَلَيْسَ فِي صَوْم هَذِهِ التِّسْعَة كَرَاهَة ، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة اِسْتِحْبَابًا شَدِيدًا لَا سِيَّمَا التَّاسِع مِنْهَا ، وَهُوَ يَوْم عَرَفَة … فَيَتَأَوَّل قَوْلهَا : لَمْ يَصُمْ الْعَشْر ، أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ لِعَارِضِ مَرَض أَوْ سَفَر أَوْ غَيْرهمَا ، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فِيهِ، وَلَا يَلْزَم عَنْ ذَلِكَ عَدَم صِيَامه فِي نَفْس الْأَمْر، وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث هُنَيْدَة بْن خَالِد عَنْ اِمْرَأَته عَنْ بَعْض أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَصُوم تِسْع ذِي الْحِجَّة ، وَيَوْم عَاشُورَاء ، وَثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر : الِاثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْر وَالْخَمِيس وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظه وَأَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَتهمَا (وَخَمِيسَيْنِ) . وَاَللَّه أَعْلَم» .
وزاد ابن حجر تأويلاً آخر لحديث عائشة ، وهو «احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ ، كَمَا رَوَاهُ الصَّحِيحَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا» .
ويؤيد فضيلة صيام هذه الأيام ما أخرجه الترمذي وابن ماجه بسند فيه ضعف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ، وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ,
قال ابن حجر: «وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي اِمْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اِجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ ، وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ » .

(5) أين أنت من قيام الليل في أيام العشر ؟

يقول الصالحون : دقائق الليل غالية، فلا ترخّصوها بالغفلة . وأغلى ما تكون دقائق الليل في الأيام والليالي الفاضلة .
في هذه الأيام والليالي المباركة ينادي رب العزة المتأخرين ليتقدموا ، والمقصرين لينشطوا، ومن فاتته الحسنات فيما مضى ليدرك نفسه ويعوض خسارته في هذه الأيام بقيام الليل، ]وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً[ (الإسراء: 79) ]يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً[ (المزمل: 1-4) ]إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ[ (المزمل: 20)، فهل تحب أن تكون مع الطائفة التي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
هل تحب أن تدخل في هذه الآية التي خُتمت بالمغفرة والرحمة؟
كلما أوغلت في الليل كان القيام بين يدي الله ألذَّ لك، حيث يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (أخرجه الشيخان) .
إذا وجدت قدميك خفيفتان إلى صلاة الليل ؛ فاعلم أن هذه علامة حب الله لك، إذ لولا أنه يحبك لما جعلك أهلا لمناجاته .
أخرج ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ».
الله ينتظرك في شوق ، ويلقاك بحب ، فأين أنت؟!

يا رجال الليل جدوا — رب داع لا يرد
لا يقوم الليل إلا — من له عزم وجد فليكن لنا نصيب موفور من هذا الخير في هذه الأيام المباركة .

(6) أين أنت من القرآن في أيام العشر ؟

القرآن كلمة الله الخالدة ، ليس مجرد مجموعة من الحروف والكلمات، ولكن وراء كل حرف روحا تحيي القلوب الميتة، وتطمئن النفوس القلقة المضطربة .
فهلموا إلى مائدة الله . أرأيتم لو أن أحد الملوك صنع مائدة، ودعا الناس إليها، ولم يمنع منها أحدا، ألا يكون المتخلف عنها عظيم الخسارة؟! الذي يُسمح له أن يجلس على موائد الملوك، ثم يأبى إلا أن يعيش بين الصعاليك، أيعدّ من العقلاء ؟!
هذا ربك قد بسط لك مائدته، وأنت حين تقرأ القرآن فإنك تلتمس روحا وتغذي قلبك إيمانا ويقينا . إن كنت قلقا فتحت كتاب الله فإذا به يناديك ]أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ[ (الرعد: 28)، إن ضاقت بك الحال واشتد عليك الأمر ويئست من الفلاح فتحت كتاب الله فنادي عليك ]وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ[ (الروم:47)، ووجهك إلى ]إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ[ (يوسف: 87).
إن كنت عصبيّ المزاج، لا تعرف كيف تضبط أعصابك، وفتحت القرآن، وجدته يناجيك ]خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ[ (الأعراف: 199).
إن كنت مذنبا، فتحت القرآن فيناديك الحق ]فَمَن تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[ (المائدة: 39).
ماذا أُعدّد لك؟ .
هذا القرآن ربى جيلا لم تر الدنيا مثله، في أخلاقهم ، في سموهم ، في عقولهم في عطائهم. فهل نغتنم أيام النفحات المباركة لنغذي أرواحنا وقلوبنا من مائدة القرآن المباركة ؟

(7) أين أنت في أيام العشر من الصدقة ؟

كان الحبيب صلى الله عليه وسلم أجود الناس، ما في ذلك شك، لا يلحقه في ذلك أحد، لكنه في الأوقات الفاضلة كان يتجاوز حدود الجود المعهود عنه صلى الله عليه وسلم إلى آفاق لا يحيط بها البشر.
فأين أنت في هذه الأيام الفاضلة من سد حاجة محتاج؟ أين أنت من إطعام جائع؟ أين أنت من كسوة عار؟ أين أنت من إخوانك المسلمين المحتاجين الضعفاء؟
نحن على أبواب عيد مبارك ، وقد جعل الله من شعائره ذبح الأنعام وإطعام القانع والمعتر )وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( (الحج :36) الفقراء ينتظرون هذا اليوم لأنهم يعرفون أن أيدي الصالحين تمتد فيه بالعطاء ، والصالحون ينتظرونه لأنهم يترقون فيه درجات عالية في العطاء والسخاء .
أنت إن أعطيت لم تعط للمسكين ولا للفقير ولا للمسجد ولا للعمل الخيري ، أنت تعطي لأكرم الأكرمين الذي يرد على المحسن إحسانه أضعافا. ]هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ[ (الرحمن: 60)، وهو لا يرد الإحسان بإحسان، بل يرد الإحسان الواحد بسبعمائة إحسان، بل بألوف وأضعاف مضاعفة.
فهل تعامل الله بالصدقة في هذه الأيام أم تستجيب لنداء الشيطان الذي يقول عنه الرحمن جل وعلا: ]الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً[، والشيطان لا يملك شيئا، ولكن الرحمن يملك كل شيء ]وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[.

(8) أين أنت من تحسين الأخلاق في أيام العشر ؟

لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق ، داعياً لأحمدها وأرشدها ، موصياً يحسن الخلق سائر أصحابه وأحبته ، فقد أخرج مَالِك أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ tقَالَ : آخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: «أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ».
وعدَّ حسن الخُلُق تمام البر ، فأخرج مسلم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ tقَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ : «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ»…الحديث
وعبر صلى الله عليه وسلم عن الدرجة العليا والأجر العظيم لحسن الخلق،فيما أخرجه أبو داود وغيره عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ».
ولم لا وحسن الخُُلُق هو أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة ، فقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء ِtعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ».
وفي رواية الترمذي : «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ».
وفي رواية أخرى للترمذي : «وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ».
وأخرج الترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ».
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانا ، فقال فيما أخرجه أبو داود والترمذي وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t :«أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا».
فأين أنت من التدرب على تحسين أخلاقك ، وبخاصة في هذه الأيام العشر ؟ .

(9) أين أنت من صلة الأرحام في هذه الأيام العشر؟

صلة الرحم من أفضل الأعمال وأعظمها أجراً ، وقد قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض ، فقد أخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : مَهْ ! قَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ . قَالَ : أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَذَاكِ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ )فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ( .
وفضلا عن كون صلة الرحم محبة للأهل وسببا في بركة الرزق والعمر وتعجيل الثواب ؛ فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله بعد الإيمان بالله ، فقد أخرج ابن أبي عاصم وأبو يعلى عن رجل من خثعم أنه قال : يا رسول الله ، أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : «إٍيمَانٌ بِاللهِ تَعَالَى» . قال : يا رسول الله ، ثم مَهْ ؟ قال : «ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ» .
فاحرص أخي المسلم الكريم على اغتنام هذه الأيام المباركة لتصل رحمك وبخاصة ما انقطع منها لأي سبب ، واعلم أن الوصل لا يعني أن تصل أولئك الذين يصلونك ويجاملونك ، بل الوصل الحقيقي هو وصل من قطعوك أو قطعت بينك وبينهم الظروف أو الخصومات ، فقد أخرج البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو y عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» .
فلتحرص على صلة رحمك في هذه العشر المباركة ، جعلنا الله وإياكم من الواصلين .

(10) أين أنت من إعداد الأضحية ؟

هذه الشعيرة الكريمة هي في أصلها تشبه بأبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ، حين فدى الله ولده سيدنا إسماعيل من الذبح بكبش عظيم أنزله إليه فذبحه الخليل بيده ؛ ليكون ذلك تصديقا لرؤياه ، وذلك في قصة الذبح المعروفة المشهورة .
وقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الشعيرة الكريمة وحث عليها إعلانا بالشكر لله على نعمه ، وتوسعة ومواساة للفقراء والمساكين ، وتقربا مخلصا لله رب العالمين ، على حد قول الله تعالى ) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ ( (الحج :37).
والأضحية من أفضل القربات وأعظم الشعائر التي يمارسها المسلم في أيام العيد الأكبر ، إعلانا بشكر نعمة الله وامتثالاً لأمر الله ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( .
وقد روي في فضلها آثارٌ حِسانٌ ، منها ما أخرجه ابن عبد البر والخطيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَا مِنْ نَفَقَةٍٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَفْضَلُُ عِنْدَ اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن عبد البر عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا أيها الناس ضَحُّوا وطِيبوا أنْفُساً ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « مَا مِنْ عَبْدٍ تَوَجَّهَ بِأُُضْحِيَتِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ وَقَعَ فِي التُّرَابِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي حِرْزِ اللهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .
وأخرج الترمذي وحسنه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا».
فهل أعددت نفسك وميزانيتك لأداء هذه الشعيرة الكريمة على الوجه الأكمل ، فاخترت أفضلَ الأضاحي وأسمنَها وأغلاها وأنفسَها ، كما كان حبيبك صلى الله عليه وسلم يفعل ؟
أخرج الشيخان عَنْ أَنَسٍ tقَالَ : ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ (وفي رواية : أَقْرَنَيْنِ) فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ .
وفي لفظ لمسلم : وَيَقُولُ : بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ .
وعند ابن ماجه وأحمد عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .
وكذا روى أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ذَبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ : «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ ، بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ ذَبَحَ» .
أسأل الله العظيم أن يتقبل نسكنا وأن يغفر ذنوبنا إنه جواد كريم .




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل عشر ذي الحجة

فضل عشر ذي الحجة
للشيخ ابن باز رحمه الله

سمعت من معلمة الدين في مدرستي أنه من المستحب صيام العشر الأيام الأولى من شهر ذي الحجة، وأن العمل الصالح في هذه الأيام هو أحب الأعمال إلى الله -عز وجل-، وإذا كان هذا صحيحاً فمن الطبيعي أن يكون اليوم العاشر من ذي الحجة والذي يلي يوم عرفة هو أول أيام التشريق، وهي أيام عيد للمسلمين الحجاج وغيرهم؛ ومما أعلمه هو أنه لا يجوز صيام أيام العيد؛ فما تفسيركم لذلك إن كان يحرم صيامه وهو من الأيام العشرة الأولى؟ وما هو اليوم العاشر البديل إن كان لا يصام، وهل إذا صمت هذه الأيام يجب علي أن أصومها كلها، علماً بأنني صمت السادس والسابع والثامن والتاسع، ولم أصم العاشر، مع توضيح عدد أيام عيدي الفطر والأضحى ففيها اختلاف؟

العشر تطلق على التسع، ويوم العيد لا يحسب من عشر ذي الحجة، يقال عشر ذي الحجة والمراد التسع فيما يتعلق بالصيام، ويوم العيد لا يصام بإجماع المسلمين، بإجماع أهل العلم، فإذا قيل صوم العشر، يعني معناها التسع التي آخرها يوم عرفة، وصيامها مستحب وقربة، روي عن النبي أنه كان يصومها -عليه الصلاة والسلام-، وقال فيها: إن العمل فيها أحب إلى الله من بقية الأيام، فإنه عليه الصلاة والسلام قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) فهذه العشر مستحب فيها الذكر والتكبير والقراءة والصدقات ومنها العاشر، أما الصوم لا، ليس العشر منها، الصوم يختص بعرفة وما قبلها، فإن يوم العيد لا يصام عند جميع أهل العلم، لكن فيما يتعلق بالذكر والدعاء والصدقات فهو داخل في العشر يوم العيد، وأيام العيد ثلاثة غير يوم العيد، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، الجميع أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام التشريق هذا هو الصواب عند أهل العلم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله -عز وجل-)، فهي أربعة بالنسبة إلى ذي الحجة، يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، أما في رمضان فالعيد يوم واحد فقط، وهو أول يوم من شوال، هذا هو العيد، وما سواه ليس بعيد، له أن يصوم الثاني من شهر شوال، فالعيد يختص باليوم الأول في شوال فقط.
المقدم: وبالنسبة للأضحى جزاكم الله خيراً؟ الشيخ: أربعة كما تقدم، عيد الأضحى أربعة أيام، يوم العاشر، والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، هذه كلها أيام عيد، لا تصام، إلا أيام التشريق تصام بالنسبة لمن عجز عن الهدي، هدي التمتع والقران رخصة خاصة، لمن عجز عن الهدي، هدي التمتع والقران أن يصوم الثلاثة التي هي أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ثم يصوم السبعة بين أهله، أما يوم العيد فلا يصام، لا عن هدي ولا عن غيره، بإجماع المسلمين. المقدم: أما صيام عيد الفطر فهو يوم واحد فقط؟.
الشيخ: نعم يوم واحد فقط.
المقدم: تذكر سماحة الشيخ أن صامت بعض أيام العشر من ذي الحجة، فتذكر أنها صامت مثلاً السابع والثامن والتاسع، ما هو توجيهكم. الشيخ: أعد، أعد.
المقدم: تقول: أنها صامت بعض أيام العشر الأول من ذي الحجة؟.
الشيخ: لا مانع، إذا صامت السابع والثامن والتاسع لا حرج، أو صامت أكثر من ذلك. المقصود أنها أيام ، أيام ذكر وأيام صوم، فإن صامت التسعة كلها فهذا طيب وحسن، وإن صامت بعضها فكله طيب، وإذا اقتصرت على صوم عرفة فقط فهو أفضلها يوم عرفة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن يوم عرفة أحتسب أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده). يوم عظيم، يستحب صيامه لأهل الحضر والبدو جميعاً إلا الحجاج فإنهم لا يصومون يوم عرفة، وهكذا بقية الأيام من أول ذي الحجة إلى يوم عرفة يستحب صيامها تسعة، لكن أفضلها يوم عرفة، يصام في الحضر والبادية سنة، إلا يوم العيد فلا يصام لا في الحج ولا غيره، والحجاج لا يصومون يوم عرفة سنة للحاج ألا يصوم يوم عرفة بل يكون مفطراً كما أفطر النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة.




بارك الله فيك




بارك الله فيك اخى الكريم




جزاك الله الجنة واكثر من امثالك




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك




بارك الله فيك