التصنيفات
اسلاميات عامة

أهمية الوقت للشيخ عمر الحاج مسعود

تعليمية تعليمية

أهمية الوقت
للشيخ عمر الحاج مسعود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
إن حياة الإنسان هي أوقات شبابه وأيام عمره وساعات فراغه
قال الحسن البصري رحمه الله:
«يا ابن آدم! إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك».
ولا يعرف حقيقة هذا الأمر وقيمته وينتفع به إلا موفق مرحوم، ولا يحرمه إلا مغبون محروم
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»

[البخاري: (6412)]
أي ذو خسران فيهما كثير من الناس، فلا يعرفون قدرهما ولا ينتفعون بهما، بل تضيعان منهما وتذهبان سدى.
إن الفراغ يصير نعمة عظيمة إذا عمِّر بالعبادة والذكر وطلب العلم النافع والسعي في المصالح الدينية والدنيوية والاجتهاد في إيصال الخير والنفع للآخرين، ويكون نقمة جسيمة إذا أهدر في اللهو والباطل والنوم والبطالة ومضرة الآخرين.
ومن مصائب هذا العصر إهدار الأوقات في المقاهي والملاعب والطرقات، ومن آفات هذا الزمان تضييع الساعات في الألعاب وصفحات الأنترنت ومشاهدة الأفلام والمباريات، فأصبح كثير من الناس ـ كبارا وصغارا، رجالا ونساء ـ يعيشون سبهللا: يخرجون ويدخلون ويمشون دون فائدة، لا هم في عمل الدنيا ولا في سعي الآخرة، يهدرون أوقاتهم ويضيعون حياتهم، ويتبعون أهواءهم ويعصون خالقهم
والله تعالى يقول:
﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾
[الذاريات: 56]
ويقول:
﴿أيحسب الإنسان أن يترك سدى﴾
[القيامة: 36]
أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى، فهذا ظن باطل.
قال بعض البلغاء:
«من أمضى يومه في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه»
[أدب الدنيا والدين (ص67)].
والفراغ الذي لا ينتفع به يورث الكسل والخمول والقلق والاضطراب ويسبب البطالة وسوء الخلق وتوتر الأعصاب، ويوقع في إهمال الواجبات وارتكاب المحرمات، ويكون صاحبه مغبونا وعن الله والدار الآخرة مقطوعا.
قال ابن القيم رحمه الله:
«إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها»
[الفوائد (458 ـ ترتيب علي الحلبي)]
والبطالون لا يتخذون إلى النجاح سبيلا، ولا يسلكون للمعالي طريقا، فتجدهم عن كل خير غافلين، وعن كل فضيلة قاعدين، وفي الشبهات والشهوات هالكين، وأمَّتُنا بحاجة ماسَّة إلى جيلٍ من الشَّباب قويّ العزيمة، شديد الشَّكِيمة حريص على ما ينفعه، بعيد على ما يضره، يعرف قيمة الوقت ويدرك أهمية الفراغ.
قال ابن الجوزي:
«ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة» [صيد الخاطر (ص28)].
وإن أولى الناس بتعظيم الوقت والمحافظة عليه والانتفاع به طالب العلم الشرعي، قدوته في ذلك الصحابة والسلف الصلح.
قال الحسن:
«أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم».
وقال عبد الرحمن بن مهدي:
«لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غدا؛ ما قدر أن يزيد في العمل شيئا، قال الذهبي: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد»
[السير (7/447)].
وقال الثوري:
«عمرو بن قيس هو الذي أدَّبني، علَّمني قراءة القرآن والفرائض، وكنت أطلبه في سوقه، فإن لم أجده ففي بيته إما يصلي أو يقرأ في المصحف كأنه يبادر أمرا يفوته، فإن لم أجده وجدته في المسجد قاعدا يبكي، وأجده في المقبرة ينوح على نفسه».
[السير (6/250)]
فلنغتنم زهرة حياتنا وأيام شبابنا في طلب العلم النافع، والاجتهاد في العمل الصالح الشافع، والسعي لما يعود بالخير والصلاح علينا وعلى إخواننا ومجتمعنا وبلدنا.
قال الله تعالى:
﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾
[التوبة: 105]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز».
رواه مسلم (2664).
والله المستعان وعليه التكلان.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

أهمية الوقت للشيخ عمر الحاج مسعود

تعليمية تعليمية

أهمية الوقت
للشيخ عمر الحاج مسعود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
إن حياة الإنسان هي أوقات شبابه وأيام عمره وساعات فراغه
قال الحسن البصري رحمه الله:
«يا ابن آدم! إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك».
ولا يعرف حقيقة هذا الأمر وقيمته وينتفع به إلا موفق مرحوم، ولا يحرمه إلا مغبون محروم
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»
[البخاري: (6412)]
أي ذو خسران فيهما كثير من الناس، فلا يعرفون قدرهما ولا ينتفعون بهما، بل تضيعان منهما وتذهبان سدى.
إن الفراغ يصير نعمة عظيمة إذا عمِّر بالعبادة والذكر وطلب العلم النافع والسعي في المصالح الدينية والدنيوية والاجتهاد في إيصال الخير والنفع للآخرين، ويكون نقمة جسيمة إذا أهدر في اللهو والباطل والنوم والبطالة ومضرة الآخرين.
ومن مصائب هذا العصر إهدار الأوقات في المقاهي والملاعب والطرقات، ومن آفات هذا الزمان تضييع الساعات في الألعاب وصفحات الأنترنت ومشاهدة الأفلام والمباريات، فأصبح كثير من الناس ـ كبارا وصغارا، رجالا ونساء ـ يعيشون سبهللا: يخرجون ويدخلون ويمشون دون فائدة، لا هم في عمل الدنيا ولا في سعي الآخرة، يهدرون أوقاتهم ويضيعون حياتهم، ويتبعون أهواءهم ويعصون خالقهم
والله تعالى يقول:
﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾
[الذاريات: 56]
ويقول:
﴿أيحسب الإنسان أن يترك سدى﴾
[القيامة: 36]
أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى، فهذا ظن باطل.
قال بعض البلغاء:
«من أمضى يومه في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه»
[أدب الدنيا والدين (ص67)].
والفراغ الذي لا ينتفع به يورث الكسل والخمول والقلق والاضطراب ويسبب البطالة وسوء الخلق وتوتر الأعصاب، ويوقع في إهمال الواجبات وارتكاب المحرمات، ويكون صاحبه مغبونا وعن الله والدار الآخرة مقطوعا.
قال ابن القيم رحمه الله:
«إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها»
[الفوائد (458 ـ ترتيب علي الحلبي)]
والبطالون لا يتخذون إلى النجاح سبيلا، ولا يسلكون للمعالي طريقا، فتجدهم عن كل خير غافلين، وعن كل فضيلة قاعدين، وفي الشبهات والشهوات هالكين، وأمَّتُنا بحاجة ماسَّة إلى جيلٍ من الشَّباب قويّ العزيمة، شديد الشَّكِيمة حريص على ما ينفعه، بعيد على ما يضره، يعرف قيمة الوقت ويدرك أهمية الفراغ.
قال ابن الجوزي:
«ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة» [صيد الخاطر (ص28)].
وإن أولى الناس بتعظيم الوقت والمحافظة عليه والانتفاع به طالب العلم الشرعي، قدوته في ذلك الصحابة والسلف الصلح.
قال الحسن:
«أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم».
وقال عبد الرحمن بن مهدي:
«لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غدا؛ ما قدر أن يزيد في العمل شيئا، قال الذهبي: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد»
[السير (7/447)].
وقال الثوري:
«عمرو بن قيس هو الذي أدَّبني، علَّمني قراءة القرآن والفرائض، وكنت أطلبه في سوقه، فإن لم أجده ففي بيته إما يصلي أو يقرأ في المصحف كأنه يبادر أمرا يفوته، فإن لم أجده وجدته في المسجد قاعدا يبكي، وأجده في المقبرة ينوح على نفسه».
[السير (6/250)]
فلنغتنم زهرة حياتنا وأيام شبابنا في طلب العلم النافع، والاجتهاد في العمل الصالح الشافع، والسعي لما يعود بالخير والصلاح علينا وعلى إخواننا ومجتمعنا وبلدنا.
قال الله تعالى:
﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾
[التوبة: 105]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز».
رواه مسلم (2664).
والله المستعان وعليه التكلان.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية] الشيخ مبارك الميلي رحمه الله وكتابه الشرك ومظاهره لفضيلة الشيخ عمر الحاج مسعو

تعليمية تعليمية
[صوتية] الشيخ مبارك الميلي رحمه الله وكتابه الشرك ومظاهره لفضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود حفظه الله ضمن فعاليات دورة الطيب العقبي الأولى بالإقامة الجامعية ببسكرة

تعليمية

فيسر اخوانكم في شبكة الإمام الآجري أن يقدموا لكم
محاضرة بعنوان
الشيخ مبارك الميلي رحمه الله وكتابه الشرك ومظاهره
لفضيلة الشيخ عمر الحاج مسعود حفظه الله
ضمن الدورة العلمية التي أقيمت بالإقامة الجامعية ببسكرة

تعليمية

للتحميل


تعليمية
وللإستماع في المرفقات وللتحميل بالنقر عليها
نسأل الله النفع بما نسمع

تعليمية

الصور المصغرة للصور المرفقة تعليمية
الملفات المرفقة (افحص الملف ببرامج الحماية وقم بالتبليغ عنه إذا وجدته مخالفا) تعليمية الشيخ مبارك الميلي رحمه الله وكتابه الشرك ومظاهره للشيخ عمر الحاج مسعود حفظه الله.mp3‏ (18.96 ميجابايت)

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

حَمِّل: مطويات دليل الحاج و المعتمر

تعليمية تعليمية
تعليمية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :

هذا كتيب صغير يحمله الحاج معه لما فيه من الفوائد التي تهم كل حاج

دليل الحاج والمعتمر

تعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليمية

نبذة :

دليل يعتبر كتيب صغير للجيب به شرح لمناسك الحج والعمرة مصورة ومفصلة يصدر عن وزارة الأوقاف السعودية…

لتحميل المطوية مصورة :


تعليمية


pdf/12.6 MB

تعليمية

مناسك الحج ..خطوة..خطوة

تعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليميةتعليمية

نبذة :

مطوية شاملة مفصلة وملونة تصحبها رسومات توضيحية صادرة عن وزارة الأوقاف السعودية …

لتحميل المطوية مصورة :


تعليمية

pdf/2.3 MB


تعليمية

دليل حج المتمتع

نبذة :

دليل للحاج لإداء مناسك الحج

لتحميل المطوية مصورة :


تعليمية

rar/15.2 KB


تعليمية

الذكر والدعاء في الحج

نبذة :

أدعية وأذكار للحاج

لتحميل المطوية مصورة :

تعليمية

rar/140.4 KB

المصدر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

كل مناسك الحج بالفيديو جمعتها لك أخي الحاج فلا تنسانا بالدعاء وأنت تؤديها

كيف تؤدي مناسك الحج بالفيديو
قل :* الله وأكبر كبيرا والحمد لله كثيرا* ثم حمّــل

http://www.rofof.com/10aqlxu28/Lkl_Mn_Yryd_An_Yhj.html




التصنيفات
السنة الرابعة متوسط BEM 2015

حقيقة العلاقة بين الأمير عبد القادر الجزائري والحاج أحمد باي

بسم الله الرحمن الرحيم
(حقيقة العلاقة بين الأمير عبد القادر الجزائري والحاج أحمد باي)

الحمد لله وحده وبعد:
من الملاحظ أنه كلما نُشِرَ موضوع يبحث في سيرة الأمير عبد القادر الجزائري ـ سواءٌ لبيان أحداث جهاده وحروبه مع الجيوش الفرنسية ، أو للردِّ على الشبهات المثارة حوله ـ تبرز أسئلةٌ من بعض الإخوة القرّاء مضمونها : [لماذا الحديث دائمًا عن جهاد الأمير عبد القادر ومَنْ تَبِعَه من أهل الغرب الجزائري ولا يُتَحدَّث عن جهاد أحمد باي وأهل الشرق الجزائري؟ ولماذا رفضَ الأمير عبد القادر التحالف مع أحمد باي للقيام بثورة شاملة على جيوش الفرنسيين الغزاة؟ ولماذا قَبِل الأمير مهادنة الفرنسيين ريثما يقضوا على ثورة أحمد باي؟ ألم يكن من الأفضل أن يتحالف الأمير مع أحمد باي؟]
ويزيد بعض الإخوة سؤالاً آخر فيقول مستفهمًا ومتعجِّبًا : [لماذا يُقال عن الأمير إنه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة مع أنه أقام دولته في بعض ولايات الغرب فقط؟!]

وبسبب تكرار هذا الأسئلة رأيتُ من المهم أن أبيّن للإخوة القرّاء حقيقةَ الأحداث في تلك الحِقبة ، وذلك جوابًا على أسئلتهم. فأقول بدايةً :
إنني أوصي نفسي وجميعَ الإخوة بعدم التشنج على ما ترسَّب واستقرَّ في أذهاننا من معلومات قد تكون خاطئة، وأن نبدأ بقراءة تاريخنا من مصادره الصحيحة، وأن يكون هدفُنا الوصولَ إلى الحق وأخذ الدروس والعِبر من تاريخنا وماضينا، وما أجمل ما صدَّر به الدكتور محمد العربي الزبيري كتابه (الثورة الجزائرية في عامها الأول) حيث قال : حكمةُ الكتاب"إنَّ الذي لا يدرس الماضي لا يمكن أن يفهم الحاضر، ومِنْ ثمَّ فهو لا يستطيع بناء المستقبل ، لأنّ عملية البناء والتشييد تعتمد، أساسًا، على الواقع المَعِيش".انتهى
وسأذكر الآن أجوبة مختصرة على وجه السرعة، ثم أنتقل إلى التفصيل والتوثيق بعون الله تعالى.
1ـ إن الشعب الجزائري جاهد العدو الفرنسي المعتدي في جميع أنحاء الجزائر من الشرق إلى الغرب، وسطَّر بجهاده أروع الدروس للمعتبرين والذاكرين.
2ـ إنّ أهل الشرق الجزائري (قسنطينة وما حولها) كانوا معجبين بجهاد إخوتهم في الوسط والغرب الجزائري، وكذلك كان أهل الغرب والوسط معجبين بجهاد إخوتهم في الشرق الجزائري.
3ـ إنّ جهاد الشعب الجزائري ليس محصورًا أو مقيَّدًا بشخص واحد ، وإنما هو جهاد أمَّةٍ بكمالها ، وبروز اسم الأمير عبد القادر الجزائري في مقدمة الحديث عن جهاد هذه الأمّة سببه أنه هو القائد الذي توحَّدت وتجمَّعت تحت إمرته معظم قبائل ومدن الجزائر فأدَّت إليه البيعة ، وهو بدوره بذل كل وسعه في قيادتها وصيانة كرامتها ، فأجبر الدولة الفرنسية على الاعتراف بالأمّة الجزائريّة وجعلها تخضع لإمارته وتبرم معه المعاهدات الرسمية الدولية!
4ـ إنّ أهل قسنطينة وما حولها كانوا يريدون أن يبايعوا الأمير عبد القادر وهو يريد ذلك ، ولكن الحاج أحمد باي هو الذي عارض ذلك.
5ـ إنّ أحمد باي لم يسعَ إلى التحالف مع الأمير ولم يعرضه عليه مطلقًا!!
6ـ إن الأمير عبد القادر هو الذي عرض على أحمد باي أن ينضم إليه ويتحالف معه وذلك أكثر من مرّة.
7ـ إن أحمد باي هو الذي كان يرفض في كل مرّة التحالف والاتحاد مع الأمير.
8ـ إنّ أحمد باي هو الذي هاجم خلفاء الأمير في المنطقة الشرقية وقاتلهم دون أن يتعرّضوا له!
9ـ الأمير عبد القادر لم يحارب أحمد باي ولم يتآمر عليه أبدًا.
10ـ الأمير أبرم معاهدة تافنة مع دولة فرنسا لأجل تقوية جيشه وتخفيف الضغط عن الشعب الجزائري، وليس لأجل السماح لفرنسا بالاستيلاء على قسنطينة!(ولم يكن يعلم أن فرنسا تخطط لذلك)
11ـ أحمد باي لم يعلن أي ثورة ولا يوجد في التاريخ الجزائري شيء اسمه ثورة أحمد باي!!
12ـ الأمير عبد القادر بويع أميرًا على الجزائر من قبل معظم الشعب الجزائري ، وامتدّت دولته ونفوذه لتشمل معظم التراب الجزائري في الغرب والوسط والجنوب والشرق. والمدن التي لم تكن تحت إمرته هي أربع مدن ساحلية، ومدينة قسنطينة وبعض نواحيها فقط.
13ـ جميع ما ذكر هو باتفاق المؤرّخين الجزائريين والأجانب المعتَبَرين، وهو مُثْبَت في جميع المراجع المشهورة والمعروفة والمتداولة بين الناس.
14ـ على الذين ينكرون كل ما ذكر أو بعضه أن يبينوا أدلّتهم ويذكروا مراجعهم ووثائقهم.

وبعد :
فإنّه من الضروري لكل من يريد أن يتحدث في التاريخ بصدقٍ وعن عِلم ، أن يطّلع على مصادره ومراجعه المتخصصة ، وأن يكون على دراية في كيفية قراءة التاريخ وفهمه ، ومن المهم جدًّا أن يكون القارئ للتاريخ والباحث فيه حياديًا وغير منحاز لفئة أو متعصبٍ لها. وقبل كل ذلك لا بدّ أن يكون غرضه صحيحًا ويرجو فيه الخير ، ويتقي الله فيما يكتبه وينشره.
لذلك فإنني في جوابي سأعتمد المعلومات التي صدرت عن مراجع حيادية في تاريخ الجزائر، وسأترك المعلومات الواردة في الكتب والمراجع التي قد يصنّفها البعض أنها منحازة أو غير منصفة.
والذي أعتقده ـ بعد بحث وقراءة في الكثير من الكتب التي أرَّخت للجزائر ـ أنّ كُتب الأستاذ الدكتور (أبو القاسم سعد الله) مُؤرِّخ الجزائر الكبير، هي من أفضل المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في هذا الخصوص، وخاصّة أنّ كثيرًا من الكتّاب والمؤرِّخين الجزائريين الذين هم من مشارب متعددة ومدارس مختلفة، يوافقونه فيما ذهب إليه وأثبَتَه في هذا الخصوص.

وقبل أن أسرد كلام الدكتور أبي القاسم ، أجد من المهم أن أوضّح بعض الأشياء.

أولاً؛ عندما نريد أن نعقد مقارنةً بين شخص الأمير عبد القادر وشخص الحاج أحمد باي ، علينا أن نعرف حجم الشخصيتين التاريخي ، وذلك يكون بتعرّف الآثار التي تركها كل واحد منهما ، وبتتبع صدى اسم كل منهما عبر العصور والحقب.
مثال على ذلك : إذا حاولنا جمع المصادر التاريخية التي كَتَبَت أو تَرْجَمَت لكل من الأمير عبد القادر وأحمد باي نجد أنّ حجم المصادر والكتب التي تحدثت عن الأمير أكبر بكثير من تلك التي تحدثت عن الحاج أحمد باي.
وهذا سواء في المصادر العربية أو الأجنبية! يقول لويس لاتايّادفي كتابه (الأمير عبد القادر) : ((إنَّ المراجع ذات الصلة بعبد القادر (كتب، نشرات، مقالات، وثائق أرشيف ..الخ ..) تتجاوز الألف كثيرًا)).انتهى[ص 245]
وقد بحثت عن أحمد باي في المراجع الكبيرة التي تصدَّت لترجمة الأعلام في العالم العربي والإسلامي ولو لم يكونوا من المشاهير؛ مثل (الأعلام) لخير الدين الزركلي ، وغيره؛ فلم أجده في تراجمها!
وكذلك إذا نظرنا في الآثار التي تركها الأمير وتحدّث عنها الكتّاب نجد أنّها أكثر وأعمق وأبلغ من تلك التي تركها أحمد باي وتحدَّث عنها الكتّاب.
فمثلاً : إن دولة فرنسا المعتدية على الجزائر اضطرت لعقد معاهدات مع الأمير عبد القادر واعترفت بسيادته على الكثير من أقاليمها، في حين لم تعقد أي اتفاقية أو هدنة مع الحاج أحمد باي!
ولذلك لا عجب أن يستمر الحديث والكتابة والتأليف وعقد المؤتمرات بخصوص الأمير عبد القادر الجزائري في العالم كلّه، في حين نجد أنّ الحاج أحمد باي لا يحظى بذلك الاهتمام. وهذا لا يعني التقليل من جهود أحمد باي أو التهوين من شأنه ، وإنما هي مسألة الأقدار التي كتبها الله لكل واحد من بني آدم.

ثانيًا؛ عندما نريد أن نعالج مسألة تاريخية يجب أن تكون هذه المسألة وقعت أصلاً، لا أن نفترضها أو نتخيلها! وعندما نريد أن نحكم على مواقف بعض الأشخاص يجب أن نكون على يقين من الدوافع التي كانت لديهم ، لا أن نضع لهم دوافع من عندنا ونحكم على نيّاتهم رجمًا بالغيب!

ثالثًا؛ علينا أن نفرّق ـ ونحن نقرأ التاريخ القديم وقد جُمِعت أحداثه المتفرّقة ـ بين ما نراه الحل الأفضل ونتمنى لو أنه حدث ولكنه لم يحدث، وبين أن نحمّل تَبِعات عدم حدوثه لأشخاص لم يكونوا يعلمون الغيب، وفوجئوا بالأحداث!

وقبل أن أَشْرَع في بيان الحالة التي كانت بين الحاج أحمد باي والأمير عبد القادر ، أجد من الضروري التعريف بشخصية الحاج أحمد باي وسيرةِ حياته .
عرّف الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله بشخصية أحمد باي وبيّن الأوضاع التي كانت تحيط به فقال : ((.. إن حياته غنية وخصبة وجديرة بالاعتبار.
ولِدَ قرابة سنة 1786م لأبيه محمد الشريف ابن الباي أحمد القليي ، الذي حكم قسنطينة نحوًا من خمسة عشر عامًا. وأمّه رقية ابنة الحاج ابن قانة ، رأس إحدى العائلات الصحراوية الكبيرة ، وشيخ من أبرز شيوخها (شيخ العرب). وتثقَّف أحمد بن محمد ثقافة عصره، فأخذ من العربية الأدبَ واللسان ، ومن التركية الحُكم والسلطان، وتربى مع لِدَاتِه أبناء الأُسر الجزائرية، واندمج في حياة المدينة والريف، وتمرَّن على الصيد والفروسية، ومارس الحكم وهو ابن 18سنة إذ عيَّنه أحد البايات قائدًا على قبائل العواسي، وكان إذا عزل من منصبه يذهب نحو الغرب (مليانة، العاصمة، البليدة، الخ.) بعيدًا عن المؤامرات حتى يصفو الجو ويأتي من يقرِّبه إليه. وعندما تولَّى حسين باشا الحكم سنة 1818م قرَّبه إليه واعتبره أحد المخلصين له وعيّنه نائبًا لباي قسنطينة عندئذ، وهو أحمد المملوك، ولم تأت سنة 1826م حتى أصبح هو باي الإقليم كله.
وتمكن أحمد بن محمد من أداء الحج قبل توليه وظيفة الباي.
ومع أنّ الحاج أحمد كان أقرب العناصر التركية في الجزائر إلى الشعب فإنّه ظلَّ وفيًا للخلافة والسلطان العثماني. فلم يفكر في إعلان الاستقلال وتوحيد البلاد تحت شعار الوطنية، أو على الأقل لم يستقل استقلالاً في درجة محمد علي والي مصر نحو السلطان. لقد كان الوحيد الذي يملك التجربة والنظام والقوة سنة 1830م. أمّا من ظهروا بعد هذا التاريخ فقد كان عليهم أن يبدؤوا من الصفر، أو كانوا لا يملكون إلا الطموح مثل بعض البايات الذين نافسوه…. وكان ما قام به من إجراءٍ نحو الأتراك الذين تآمروا عليه أثناء غيابه في الجزائر، كان إجراءً انتقاميًا لا سياسيًا.
وقد ظهر حزبان على الأقل في قسنطينة منذ 1830 : حزبٌ ينادي باستمرار النظام التركي العثماني ، تزعَّمه المتآمرون على الباي الغائب، ولا شك أنّ هؤلاء وعلى رأسهم حمود بن شاكر، كانوا يعتقدون أنّ الحاج أحمد ليس منهم وأنه وطني بالأمومة والعاطفة والتكوين ، وأنهم خافوا منه ليس على مصيرهم فقط ولكن على مصير النظام كاملاً، أي الولاء لاسطنبول. أمَّا الحزب الثاني فقد تزعّمه أعيان قسنطينة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن الفكون، شيخ الإسلام، الذي كانت كلمته مستجابة، يُضاف إلى هذا أنّ الحاج ابن قانة خال الحاج أحمد، قد لعب دورًا في إقناع الأعيان المذكورين بجزائريّة الحاج أحمد وعروبته.
إنّ تاريخ عودة الحاج أحمد إلى قسنطينة وتخلّصه من الأتراك المتآمرين عليه بالقتل وغيره ، واعتماده على جيش جديد من الشعب واستيلائه من جديد على مقاليد السلطة، هذا تاريخ معروف عند الدارسين…
اعتمد الحاج أحمد إذن على العنصر الوطني أكثر من ذي قبل. فقد سقط النظام المركزي بالعاصمة الذي كان يمكن أن يمدَّه بالدعم العسكري، وبَعُدَت الشُقَّة بينه وبين الباب العالي، وكثر خصومه المنادون برأسه والساعون إلى منصبه. وهاهم الفرنسيون أيضًا يهاجمون عنابة وبجاية، ويبثون عيونهم ومناشيرهم، وهاهو باي تونس يتآمر عليه مع الفرنسيين. إذن لا مناص للحاج أحمد من الاعتماد على العنصر الوطني : جيشًا وإدارة ومالاً. فأمّا شيخ الإسلام فقد جلب إليه ولاء الحضر، وأمَّا زواجُه السياسي فقد جلب إليه ولاء القيّاد ورجال الصف : أهل الحرب والفروسية من أمثال أولاد مقران (مجانة) وأولاد ابن قانة (الزيبان)، وأولاد عز الدين (زواغة)، وأولاد عاشور (فرجيوة). كما أنّ ولاء ابن عيسى وأضرابه جلب إليه أهل زواوة الصغرى والكبرى بجيشهم القوي وصمودهم المثالي، وقد أعاد الحاج أحمد على ضوء ذلك تنظيم الإدارة والجيش والمالية والنواحي، ولقَّب نفسه بلقب الباشا، وأرسل إلى السلطان يُعلن له الولاء ويطلب التأييد المعنوي والمادي، وراسل أهل إقليم الوسط يطلب منهم البيعة له، ولكننا لا نعرف أنه طمح إلى طلب البيعة له من الإقليم الغربي. ومن أجل هذا التنظيم الجديد وتخلصه من المتآمرين عليه، اتُّهِم الحاج أحمد بالقسوة والطغيان وحب المال، كما اتهم بالجبن. ولكن تلك أحكام ما تزال في حاجة إلى تأكيد أو نفي لأنها أحكام صادرة عن أعدائه الفرنسيين وحزبهم من الجزائريين المعاصرين له.
وإذا كان الأمير (عبد القادر) قد اعتمد في إدارته على رجال الدين فإن الحاج أحمد قد اعتمد على رجال السيف. فالأسماء اللامعة في إدارة الأمير هي : البركاني والسعدي وابن التهامي وابن علال الخ. وكلهم من أهل العلم والدين والزوايا. أمّا الأسماء اللامعة في إدارة الحاج أحمد فهي : ابن عيسى وابن الحملاوي وابن قانة والمقراني الخ. وكلهم من رجال السيف والحرب. تلك إدارة الإقطاع الديني وهذه إدارة الإقطاع الاقتصادي. تلك إدارة المثقفين ، وهذه إدارة الحاكمين.
وكما كان للحاج أحمد أنصار وأصدقاء كان له أيضًا خصوم وأعداء.وقد كثر أعداؤه بالخصوص بعد فرض الغزو الفرنسي على مدينة الجزائر ، إذ تحرّك أصحاب النوايا الخاصة ، وطمع الطامعون في حكم قسنطينة بمساعدة العدو الفرنسي. ولم يكن يجمع هؤلاء الأعداء جامعٌ سوى السخط على الحاج أحمد والإطاحة به ، ولم يقدِّروا أنَّ المستفيد من تناحرهم هو عدوّ الجميع.
وهؤلاء الأعداء هم: 1ـ فرحات بن سعيد، 2ـ إبراهيم الكريتلي، 3ـ ومحمد الصغير بن نعمون، 4ـوأحمد الشريف الريغي، 5ـ وعبد الرحمن سلطان تقرت، وغيرهم. يضاف إلى ذلك عداوة الفرنسيين الذين ناصبوه العداء من أوّل وهلة وعينوا له اللقيط يوسف بايًا منافسًا له في عنّابة، 7ـ كما أنّ باي تونس كان عدوًا له يكيد له مع السلطان ومع رعيته، ويتحالف عليه مع الفرنسيين.
ومما لا شك فيه أن الأمير عبد القادر كان أيضًا من خصوم الحاج أحمد ، ولكنه لم يحاربه في الميدان أو يكيد له مع الفرنسيين ، وإنما بدأ يهتم بقسنطينة بعد توقيع معاهدة التافنة ، وأخذ يسعى بالمراسلة ونحوها إلى الاعتراف به سلطانًا وأميرًا للمؤمنين على الجزائر العثمانية كلها)).انتهى[(الحركة الوطنية الجزائرية) لسعد الله من ص140 إلى 145 باختصار]

إذن : هذه نُبذة سريعة من حياة الحاج أحمد باي ، وإذا أخذنا الجانب المتعلق بالعلاقة بينه وبين الأمير ، فإننا نجد أنّ الأستاذ أبا القاسم قد وصف العلاقة بينهما بالخصومة! فقال:"والأمير من خصوم الحاج أحمد"؛ في حين نجده قد وصف الآخرين بأنهم أعداء للحاج أحمد ؛ والذي أراه أنّ الأستاذ أبا القاسم قد تعمّد ذلك ولم يستعمل لفظ العداء وإنما عَدَلَ إلى لفظ الخصومة وزاده توضيحًا فقال :"ولكنه لم يحاربه في الميدان أو يكيد له مع الفرنسيين" والفرق واضح بين قولنا فلان عدو فلان ، وبين قولنا فلان خصم فلان. لأنّ الخصومة هي خلاف في الرأي وليس معها عداوة.
وإذا رجعنا إلى العبارة الأولى لسعد الله نجده قال : (وكما كان للحاج أحمد أنصار وأصدقاء كان له أيضًا خصوم وأعداء) . فجعل كلمة الخصوم في مقابلة الأنصار ، وكلمة الأعداء في مقابلة الأصدقاء.
ومع ذلك فإنّ كلام الأستاذ سعد الله ـ على إنصافه واحتياطه ـ بحاجة إلى توضيح من كان يخاصم الآخر؟ هل الأمير هو الذي خاصم أم أحمد باي هو المخاصم؟ وفي النقول التي سأعرضها عليكم من كتب الأستاذ سعد الله ، نجد دون أدنى شك أنَّ الحاج أحمد باي هو المخاصم .
وأستطيع القول إنّ الأمير لم يكن يحمل أي عداء أو كره لأحمد باي ، بدليل أنّنا إذا رجعنا إلى كتاب (تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر) نجد أنّ الكاتب عندما يتحدّث عن أحمد باي لا يصفه بأي وصف يشعر بوجود أي بغضاء أو حتى خصومة. ومؤلّف هذا الكتاب هو محمد باشا الابن الأكبر للأمير، وبدأ بكتابته في حياة الأمير ، فلو كان هناك أي عداوة أو خصومة لظهرت في كلامه لكننا لا نجد أثرًا لذلك.
وكذلك إذا رجعنا إلى كتاب (نخبة ما تسر به النواظر) وهو من تأليف الأخ الأصغر للأمير، السيد أحمد بن محيي الدين الحسني ، لا نجد أي كلمة أو عبارة تشعر بوجود عداوة بين الأمير وأحمد باي. بل على العكس، نجده لا يذكره باسمه فحسب بل يضيف إليه لقب الحاج فيقول الحاج أحمد باي! وفي هذا دليل على احترام الرجل.
والذي وجدته في كلام شقيق الأمير أنه عندما تحدَّث على سقوط قسنطينة في أيدي الفرنسيين ذكر أخطاء أحمد باي التي تسببت في سقوط تلك المدينة العظيمة، دون التعرض لشخص الرجل أو التشهير به.
والأمر الذي اتفق عليه المؤلِّفان هو الإشادة بأهل قسنطينة وبعلمائها ، والإعجاب ببسالة وشجاعة المجاهدين من أهل قسنطينة ، والتأسف على سقوط المدينة بأيدي الفرنسيين . فأورد محمد باشا ابن الأمير نصَّ الجواب الذي أرسله أعيان قسنطينة ردًّا على طلب الفرنسيين ـ المحاصرين لقسنطينة ـ تسليم المدينة ، ونَصُّه : ((من الأمّة المحافظة على شرفها وبلدها إلى العسكر الفرنساوي المعتدي على حقوق غيره : قد وصلتنا رسالتكم وفهمنا ما ذكرتموه فيها ، نعم إنّ مركزنا أمسى في خطر عظيم، ولكنْ استيلاؤكم على قسنطينة المحمية بالأبطال العربية الذين لا يهابون الموت ، موقوفٌ على قتل آخر واحد منهم. واعلموا أنَّ الموت عندنا تحت أسوار بلدتنا أحسن من حياتنا تحت سلطة فرنسا)).انتهى
ثمّ تحدَّث عن الهجوم الفرنسي على قسنطينة وكيف استطاع أهلها الأبطال المدافعون عنها أن يقتلوا 1ـالحاكم الفرنسي الجنرال دومريمون، 2ـ والجنرال بريكو، 3ـ والكمندان كومب، 4ـ والقائد فمبه دمبريني، 5ـ وجرحوا القائد الشهير لامورسيير جرحًا بليغًا أعجزه عن القيام ، 6ـ ووقع الألوف من العسكر الفرنسي قتلى وصرعى في أسوأ معارك الفرنسيين مع الجزائريين.
وأمّا السيد أحمد بن محيي الدين الأخ الأصغر للأمير، فعندما تحدَّث عن هجوم الفرنسيين على قسنطينة فإنه ذكر تفاصيل دقيقة لمِا حدث، ثمّ بيَّن أنَّ الذي كان له الفضل في حثِّ أهالي قسنطينة على الدفاع عن أنفسهم وحريمهم وأولادهم ويحرِّضهم على الجهاد والذب عن البلاد إنما هو شيخ البلدة وقائدها ابن البجاوي وليس الحاج أحمد باي، إلى أن مات ابن البجاوي في المحاصرة الثانية واستولت فرنسا على المدينة، وأحمد باي متربصٌ خارجها ينظر ما يؤول إليه أمرها!!

إذن من أين جاء الحديث عن الخصومة أو التنافر بين الأمير والحاج أحمد باي؟
الذي وجدته أنّ هذا الكلام لم يكن له وجود قديمًا وإنما الذي أشاعه وروَّج له هو الدكتور عبد الجليل التميمي التونسي! وتَبِعَةُ ذلك تقع عليه ، ووِزْرُ ذلك يلحق به ، وعند الله تلتقي الخصوم!
فالقارئ لأبحاث التميمي الخاصة بالتاريخ الجزائري يجد أنّ الرجل يبغض الأمير عبد القادر الجزائري بغضًا شديدًا ، وينسب إليه الأباطيل ، ويصوّره في أبشع صورة ، معتمدًا على خياله ومكنونات نفسه!! وقضية الخصومة بين الأمير وأحمد باي إنما هي نموذج من أعماله المسيئة للأمير ولتاريخ الجزائر.
وما يتقوّى به من عرض ما يسميه بالوثائق! لا يقوم به أي دليل علمي. فإنّ تلك الوثائق المزعومة في معظمها تفتقر إلى توثيق ثبوتها أولاً قبل النظر فيها، وقد ثبت بطلان معظمها ، ولكن الدكتور التميمي الذي يفتخر بأستاذه الفرنسي "روبار منتران" ويعتمد منهج المدرسة الفرنسية في معالجة التاريخ ، يأبى القبول بذلك ، ويكتفي بأي ورقة تُلقى إليه من الأرشيفات وفيها اسم الأمير حتى يعتمدها ويبني عليها!!
وأعجب من ذلك أنه حتى إذا تجاوزنا هذا الخلل العلمي الفظيع (وهو مسألة التحقق من الوثائق) ونظرنا في تلك الوثائق فإننا لن نجد المعاني التي استنتجها التميمي وبنى عليها أبحاثه! بل سنجد بكل وضوح أنّ الرجل لا يقرأ ما كُتب في تلك الوثائق وإنما يقرأ ما في ذهنه فحسب!!
الخطير في المسألة أنّ الدكتور التميمي الحائز للوسامِ الثقافي الفرنسي!!! Chevalier de l’Ordre des Arts et des Lettres من وزير الثقافة الفرنسي(J. Lang)سنة 1984م ـ قام بخلق فتنة فظيعة بين أبناء القطر الجزائري ، وراح يشككهم برجالاتهم : برفعه من يحب وخفضه من يبغض! وقَلَبَ حقائق تاريخ النضال الجزائري ، وقد تصدى له بعض علماء الجزائر وردّوا عليه ، ولكن ما كُتب قد كُتب ، وما قيل قد قيل!!
ومن الأمثلة التي تظهر بوضوح تحامل التميمي على الأمير إلى درجة أنه لم يعد يميز ما يقرأ : أنه في بحثه الذي قدّمه عن الأمير عبد القادر في المؤتمر الدولي الثاني لتاريخ بلاد الشام (1978) ـ أوردَ كلامًا على لسان الأمير زعم أنه في رسالة وجهها الأمير من (إمبواز) إلى صاحبه (محمد البوحميدي) "يشرح له فيها عن مدى إعجابه بالفرنسيين لشدة إكرامهم له واحترامهم له إلى درجة لم يكن يتصورها!!" واستنتج بعدها التميمي أن الأمير قد انقلبت مشاعره تجاه فرنسا وأنه أصبح بعد وصوله إليها معجبًا بها وبحضارتها …الخ
والمضحك المبكي في الموضوع أنّ هذه الرسالة كما أرّخ لها التميمي أرسلها الأمير من إمبواز!!!والمعروف أنّ الأمير كان سجينًا هناك هو وأمّه وإخوته وعائلاتهم، وكانوا يعيشون ظروفًا صعبة وأوضاعًا سيئة تسببت في موت بعض أولاد الأمير وبعض أقاربه وأصحابه!!! فكيف تقبّل التميمي أن يكتب الأمير رسالة يُثني فيها على الحكومة الفرنسية التي غدرت به وزجَّت به في السجن خمس سنين؟!!
ولكن المضحك فعلاً أنّ الرسالة موجهة إلى البوحميدي!!
والصغير قبل الكبير ـ فضلاً عن المؤرخين وأهل العلم ـ يعلم أنّ البوحميدي لقي حتفه على يد سلطان المغرب عبد الرحمن بن هشام الذي غدر به وقتله سنة 1847م مع أنه كان في مهمة سفارة بين الأمير والسلطان ، وذلك قبل وصول الأمير إلى أمبواز!!!
أرأيتم إلى هذا التحقيق الفريد من نوعه الذي قام به الدكتور التميمي!! الأميرُ السجين يشكر السجَّان الفرنسي ويثني عليه! والأمير يُراسل صديقه الميت ليخبره أنه مسرورٌ في سجنه فرحٌ بموت أطفاله وأقاربه ، والرسالة تصل إلى قبر البوحميدي فيقرؤها ثم يرقد في قبره مطمئنًّا ، ويبعث بنسخة من الرسالة إلى التميمي!!
إنّ الذين يقبلون مثل هذا الكلام الذي هو أشبه بالهذيان ، عليهم ألاّ يتوقعوا أن يقبله أهل العلم وأهل الفطنة ، وقبل ذلك أصحاب السرائر الطيبة والسويَّة ، وعليهم أن يعلموا أنّ التاريخ لن يذكرهم إلاّ بسيئ أعمالهم .
لا أريد الإطالة الآن في الحديث عن الآثار السيئة لكتابات د. التميمي في التاريخ الجزائري ، ولكن الذي أريد التنبيه عليه هو عدم الركون إلى كتاباته وعدم الاعتماد على آرائه وقراءته الخاصة!

والآن سأشرع بعرض كلام الأستاذ الدكتور سعد الله :

يقول د.أبو القاسم سعد الله : ((وكان على رأس الإقليم سنة الاحتلال الحاج أحمد بن محمد الشريف ، وتحته عدد من الشيوخ والآغوات والقيّاد ، يحكمون باسمه الأجزاء الأخرى من الإقليم . ورغم حضوره لنزول قوات الغزو بسيدي فرج ومشاركته في معركة اسطاويلي وغيرها ، إلاّ أنه عاد إلى إقليمه عندما تأكّد من سقوط نظام حسين باشا ورأى ضعف وانهيار قيادة الآغا إبراهيم . وللمرء أن يتساءل : لماذا فضل الحاج أحمد الرجوع إلى قسنطينة ولم يحاول انقلابًا في العاصمة ، خصوصًا وهو جزائري المولد والأم والعاطفة ، وهو أيضًا يعرف مدى سخط الناس عن (تتريك) النظام القائم؟ هل أن صداقته مع حسين باشا منعته من ذلك؟ هل أن الحزب الوطني كان يعتبره (تركيًا) أيضًا؟)).انتهى[(الحركة الوطنية الجزائرية)الجزء الأول ص140]
وقال ص141 : ((ورغم أن الحاج أحمد كان أقرب العناصر التركية في الجزائر إلى الشعب فإنه ظلَّ وفيًا للخلافة والسلطان العثماني)).انتهى

وأثناء حديثه عن بداية ضعف أحمد باي قال د.سعد الله : ((..وهكذا لم تأت سنة 1837م حتى كانت قوة الحاج أحمد في الحقيقة قد اعتراها الضعف والوهن، وأضرّت بها الفرقة والطمع وقِصَرُ النظر عند البعض ، واشتغال الباي نفسه بإطفاء حرائق بيته قبل الاشتغال بالتحضير ومواجهة العدو. كما أنَّ الرجل قد حكم حوالي اثني عشر سنة واستَنْفَدَ كل طاقاته الإدارية والعسكرية ، وكاد يصبح سجين عاصمته لا يخرج منها إلاّ خائفًا يترقّب ، فقد عزل نفسه قبل أن تعزله الحملة الفرنسية . وكان بعيدًا كل البعد عمّا نسميه اليوم بالقاعدة الشعبية ، لا يختلط بها ولا يشاورها ولا يعيّن الرجال منها ، ولا يستثيرها بعاطفة جديدة كالجهاد والوطنية([1]) . كان يكرر شعارات قديمة أكل عليها الدهر ، وهو أنه رعيّة من رعايا السلطان العثماني ، وهي دعوة تنفع في القرن السادس عشر ، ولكنها لم تعد تجدي نفعًا سنة 1837م . لقد ملَّ كثيرٌ من الناس ظلمَ الأتراك (العثمانيين) وجمودهم على حالة واحدة ، ونظرتهم الارستقراطية ـ الدكتاتورية ، وابتزازهم للمال دون تقديم بديله من علم وفكر وتقنيات ، مع أنهم في قرارة قلوبهم يعرفون أنهم يشتركون معهم في الدين ، ولو لم يبق من هذا الدين المشترك إلا القشور . وهكذا فإن الحاج أحمد في نظرنا قد سقط قبل 1837 ، أسقطه الجزائريون لا الفرنسيون …. أسقطه الجزائريون لأنه لم يقدم لهم بديلاً عن النظام القديم .. فها هي عاصمة الجزائر لم تعد كما كانت في عهد حسين باشا ، وها هي الناحية الغربية والوسطى أصبحت تحكمها معاهدة التافنةوظهر على مسرحها بطلٌ جديد كلّ الجدّة في شخصه وفي أفكاره وفي تنظيماته ، بطلٌ ليس كأبطال الأمس الذين كانوا يُغيرون على سفن القرصنة الأوربيّة فيصبحون بعدها ريّاسًا ودايات وباشوات، إنه بطلٌ كأبطال اليوم يَرْجعُ إلى الشعب ويحسّ بنبضاته ، ويتقمّص آماله ، ويحتكم إلى القرآن والسنة وآثار السلف ، وينفتح على الحضارة والعلم والعقل ، ويستمد طموحه من الشرف والجهاد والوطنية. ولذلك شهدت سنة 1837 طلوع نجم وأفول نجم ، أحدهما يمثّل المستقبل والثاني يمثل الماضي . ولقد صدق (فاليه) عندما حذّر حكومته من الخطر الذي يمثله عبد القادر ولا يمثله الحاج أحمد، عندما كتب من الجزائر إلى وزيره للحربية يقول له:إنَّ الباي ليس له سوى قوة غير دائمة، وهو ليس باعثًا للقومية العربية، كالأمير عبد القادر، "وهي القومية التي ستقلب أوضاعنا ظهرًا على عقب، وتجعلنا نرى مؤسساتنا مهددة بهذه القوة الجديدة مستقبلاً، بل وتجعلنا نعبر البحر من جديد عندما تتطور وتتقدم نحو الحضارة")).انتهى[ص156ـ 157]

ويتابع د. سعد الله فيقول: ((وذلك ما تحقق فعلاً سنة 1962 ، فقد نمت فكرة الأمير القومية حتى أصبحت عملاقًا ضخمًا، واعتنقت مبادئ الحضارة ، وأجبرت الفرنسيين فعلاً على عبور البحر من جديد! ولكن ما الفكرة الجديدة أو البديل الذي قدّمه الحاج أحمد للأجيال الجزائرية التي ولدت وتعاقبت بعد 1837؟
لقد كان الأولى بالحاج أحمد ، على الأقل بعد سقوطه ، أن ينضم تحت لواء الأمير ، أو يوصي من بقي له من أتباع بالانضواء تحت لوائه ، إذا كان هو لا يستطيع ذلك . ولكننا وجدناه قد أخذته العزّة بالإثم ، فاستمرّ على ركوب رأسه في عدم الخضوع لابن محيي الدين (كما كان يُسمّي هو الأمير) حتى سنة 1838. فها هو يخبر وزيره السابق، علي بن عيسى ، الذي عاونه على الدفاع عن قسنطينة ، يخبره أن الأمير قد وجّه الرسائل إلى أعيان قسنطينة يطلب منهم الدخول في طاعته بعد احتلالها من الفرنسيين ، وأن إحدى هذه الرسائل قد وصلته هو (الحاج أحمد) شخصيًا . ومما قاله لابن عيسى أنه لن يخضع للأمير لأنه لن يستطيع ، في نظره ، أن يصبح (أميرًا) بالفعل ولو وصل إلى السماء ، لماذا؟ لأن عبد القادر في نظر الحاج أحمد ليس من سلالةٍ تلد الأمراء! وقد وعد صاحبه بأنه إذا نشبت الحرب (وهو يتكلّم أثناء سنة الهدنة ـ معاهدة تافنة) فسيختار جانب الفرنسيين على جانب ابن محيي الدين!)).انتهى[ ص157ـ 158]

ويقول د. سعد الله: ((وفي الوقت الذي كان الحاج أحمد يطلب فيه المعونة من جيرانه من السلطان العثماني كان يرفض التعاون مع الأمير وخلفائه في الأوراس! . فقد عرفنا أنه اتصل سنة 1838م برسالة شخصية من الأمير ورسالتين أخريين لأصحابه الذين كانوا معه ، وهي جزء من حوالي مئتي رسالة كان الأمير قد وجهها إلى أعيان الناحية الشرقية يطلب منهم فيها التعاون وتوحيد الجهاد ضد العدو المشترك . ولكن الحاج أحمد رأى في ذلك حطًّا من قيمته (في موقف شبيه بموقف مصطفى بن إسماعيل آغا الدواير والزمالة) وتعهد لصديقه علي بن عيسى بأن لا يفعل ذلك مطلقًا . ولم يكتف الحاج أحمد برفض التعاون مع الأمير والوقوف على الحياد ، بل إنه حارب خلفاء الأمير في المنطقة)).انتهى[ ص224 ؛وانظر تتمة الكلام في الصفحة ذاتها!]
قال د.أبو القاسم : ((كان دفاع المدينة مسنودًا إلى القائد ابن عيسى الذي طالما حارب الفرنسيين في عنابة والذي أظهر حنكة ومقدرة فائقة أثناء الحملة الفرنسية الأولى على قسنطينة ، أمّا الحاج أحمد فقد كان يراقب سير المعركة مِنْ على ربوة خارج المدينة . ويُقال أنه كان متهيّئًا للهروب إذا نجحت الحملة ، وأنه لم يقم بأي دور في الدفاع عن المدينة ، معنويًا كان أو عسكريًا، كما يُقال أنه اصطحب معه عائلته وما هو عزيز عليه من مالٍ ومتاع قبل بدء القتال)).انتهى[ ص59]

7ـ وقال د.سعد الله في الحاشية (50) ص196 : ((يذكر أحد الفرنسيين أن الباي الحاج أحمد اعترف لهم بأنه قطع اثني عشر ألف رأس أثناء حكمه (طبعًا من الجزائريين!) ، انظر (مذكرات شانقرنييه) ، تعليق في هامش منها . ويقول عنه سيروكا في المجلة الإفريقية 1912 ،ص379 أنه كان يقتل الأتراك الذين تآمروا ضده خمسة خمسة أو ستة ستة حتى تخلص من جميعهم بطريقة سرية . وكان عددهم حوالي 1,200)).انتهى

وعند حديثه عن أسباب هزيمة فرنسة في قسنطينة قال د.سعد الله: ((.. وليست العبرة هنا بقائد معيّن ، فالحاج أحمد لم يلعب أي دور فعّال في هذا الجهاد ، وسواء كان حاضرًا أو غائبًا فإن روح المقاومة كانت متأجِّجة . ولا نعرف أن الحاج أحمد عندئذ قاد معركة بنفسه أو أطلق ضربة مدفع، أو حتى خطب في الناس خطبة تحميس أو تشجيع ، ومن ثمَّة فالمقاومة تبدو تلقائية منطلقة من رصيد أهل قسنطينة ، حضرًا وريفيين ، في حب الحرية والجهاد والوطنية)).انتهى[ص160]

يقول د. أبو القاسم سعد الله : ((وسقطَ الحاج محمد بن البجاوي ، قائد الدار ، شهيدًا أثناء الدفاع عن المدينة، واختفى الحاج أحمد ووزيره علي بن عيسى ومعهما ما يستطيعان حمله من متاع!!)).انتهى[ص162]

10 ـ ويتابع د.أبو القاسم فيقول : ((لقد كشفت الحملة الثانية على قسنطينة إذن عن أمور :
أولها ؛ عناد المقاومة واستماتة الناس في الدفاع عن مدينتهم ورمزهم . ولم يبالوا بمدد السلطان ، ولا ببقاء الحاج أحمد أو انسحابه. فقد قاوموا العدو بحضور الباي وفي غيابه.
وثانيها ؛ أن مقاومة الحاج أحمد كانت معتمدة على لقبه وعلى بعض الحصون والأسوار والأحكام الإدارية وليس على القلوب والولاء والمبادئ ، ذلك أن خروجه من قسنطينة كان يعني نهايته ، ولو كان يقود مقاومة شعبية تعتمد على المواطنين لقادهم بعد سقوطه في الأرياف ولكوّن عاصمة جديدة أو حتى عاصمة متنقلة ، كما فعل الأمير بعد سقوط "مْعسكر" ، ولأصبح رمزًا لحركة جهاد شاملة لا تعرف مدينة ولا تؤمن بباي أو باشا أو سلطان ، ولكن بالدين والوطن والشرف)).انتهى[ص162]

11ـ قال د. أبو القاسم : ((وأما الحاج أحمد فقد كاد يختفي أثره بعد خروجه من قسنطينة سنة 1837م ، ولم يقم خلال عشر سنوات بقيها في جبال الأوراس والصحراء بأي عمل يهدد العدو أو بأية محاولة جادة في نصرة الأمير، أو بتنظيم المقاومة الوطنية في أسلوب جديد تحت قيادته، ولذلك قلنا إن جهود الحاج أحمد قد انتهت باستيلاء العدو على قسنطينة)).انتهى[الحركة الوطنية الجزائرية لأبي القاسم سعد الله ص210]

ـ وأمّا السؤال الثاني فهو : لماذا يُقال عن الأمير إنه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة مع أنه أقام دولته في بعض ولايات الغرب فقط؟!
والعجيب في هذا السؤال كيف غاب عن الإخوة الذين يسألونه بَدَهيات التاريخ الجزائري الحديث!
ومع ذلك أقول في الجواب (مختَصِرًا من مجموعة من كتب التاريخ الجزائري القديمة والمعاصرة) :
بعد سقوط الحكم التركي في الجزائر ـ إبَّان الغزو الفرنسي ـ وخروج الداي حسين والباي حسن وعودتهم إلى اسطنبول صارت الجزائر دون حاكم يحكمها ، فالتفَّت القبائل حول السيد محيي الدين بن مصطفى الحسني المقيم في (القيطنة) وذلك لأنه سليل أشهر أُسر الأشراف الأدارسة في الجزائر (المغرب الأوسط) إضافةً إلى منزلته الرفيعة ومكانته العظيمة في نفوس الأهالي ، وذلك لوفور فضله وحسن خلقه ولسَعة علمه وشدة تديُّنه، فقادها في جهادها للعدو الفرنسي المعتدي ، ثمّ اتجهت الأنظار نحو ابنه الشاب عبد القادر فبايعه مجلسُ علماء مدينة (معسكر) في الثالث من رجب 1248هـ /1832م ، ثمّ بايعه الناس بيعةً عامّة في 13رمضان من السنة نفسها ، وكان ممن بايع القبائلُ الشرقية والأحياء الغربية ، ثمّ أجمعت الجهات الغربية والجنوبية على إمارته وبيعته .
فأقام الأمير عبد القادر الإمارة على الفضل والعدل والنظام وباشر الأعمال ، ورِكِب الأخطار ، وضَرَب النقود من الفضة والنحاس ، وأنشأ معامل الأسلحة واللِّباس ، وجعل مدينة (معسكر) حاضرة إمارته . ووضع للدولة الفتيّة دستورًا تضمّن مجموعة القوانين التي نظمت الدولة وقد طُبِع باسم (وشاح الكتائب وزينة الجندي المحمدي الغالب).
وعبّأ الأمير جيوشه بنظام كامل ، وعيّن رجال الدولة ، ورتّب مجلسًا للشورى من أحدَ عَشَر عضوًا ، ورئيسهم القاضي أحمد بن الهاشمي .
فلمّا رأت فرنسة ذلك وقيامه بأمر الدين والجهاد هابته وحسبت له حسابًا .
وفي 25رمضان 1249هـ /1834م عَقَدَ مع فرنسة معاهدة (دي ميشيل) اعترفت له فيها بمقاطعة وهران ما عدا المدينة وهران ومستغانم والجزائر ، وأن يستورد السلاح من أي جهة أراد وأن يُعيّن معتَمَدين (قناصل) في وهران ومستغانم والجزائر وغيرها . فعَظُمَ شأنهُ وقوي سلطانه وأصبح أمير الجزائر الشرعي .
وامتدّ سلطان الأمير على بعض البلاد التي لم تكن داخلة ضمن حدوده وقت معاهدة دي ميشيل مثل (المديّة)، و(مليانة) ورتّب فيها المسالح بالرغم من احتجاج الحاكم الفرنسي للجزائر.
وفي معاهدة (تافنه) 30/5/1837م اعترفت له فرنسا بموجبها بجميع مقاطعة وهران ، وقسم كبير من مقاطعة الجزائر . فشَرَع الأمير بعد ذلك بتوجيه سلطته على تلك البلاد التي دخلت حديثًا تحت سلطانه وكانت الأطراف جميعًا راضية به ما عدا الخونة والمتَنَصِّرين!
نظَّم الأمير جيشَه وفق نُظُم الجيوش الحديثة ، وقسّمه إلى مشاة وفرسان ومدفعيّة ، كما اختصّ بنظام في اللباس والمأكل والرواتب والتعليم والترقية ، وأعدّ معامل السلاح ومخازن الذخيرة والمؤن ، ورمَّم القلاع ولم يغفل عن شيء مما يلزم لتأسيس الحكومات .
وفي 11رمضان 1255هـ /1839م نادى الأمير بالجهاد ، وقامت الحرب أربع سنين بعدها ثبت فيها الأمير الثبات الذي خلَّد له الذكر . وكان سبب استئناف القتال هو أن الفرنسيين نقضوا المعاهدة متعللين بتفسيرات لها .
وباختصار فإن المدن والنواحي التي بايعه أهلها وجاهدوا تحت إمرته هي:
سهل غريس ، معسكر ، تلمسان ، المدية ، مليانة ، محيط وهران ، وأرزيو ، ومستغانم ، برج حمزة (البويرة) الجلفة، وبلاد القبائل الكبرى (زواوة) ، شرشال ، تقادمت ,… سهول متيجة (لقد عيّن الأمير عبد القادر الحاج السعدي خليفة له في المنطقة الممتدة من سهل متيجة إلى ناحية الشرق لتشمل كل النواحي غير الخاضعة للحاج أحمد باي قسنطينة) ، الحجوط ، شرق وغرب الصحراء ، مجانة ، سطيف، والأغواط، عين ماضي، وبسكرة…،الخ
وبكلام جامع أقول لقد كانت دولة الأمير تشمل عشرة أقاليم هي :
1ـ إقليم الغرب أو تلمسان.
2ـ إقليم معسكر .
3ـ إقليم مليانة الذي يشمل شرشال وتنس.
4ـ إقليم المدية أو التيطري سابقًا.
5ـ الجلفة.
6ـ إقليم برج حمزة ؛البويرة (سباو الشرق) [الذي كان من قبل تحت نفوذ الحاج السعدي كممثل للأمير]
7ـ إقليم مجانة [الذي هدف الأمير من وراء إنشائه إلى إثبات شرعية نفوذه على إقليم قسنطينة القديم]

8ـ إقليم الأغواط والصحراء الغربية.
9ـ إقليم الزيبان والصحراء الشرقية (بسكرة).
10ـ إقليم الحضنة ؛ بوسعادة.

إنّ الذي يوحِّد كل تلك الأقاليم والمدن ويحصل على تأييدها وبيعتها وينشئ لها جيشًا ودواوين ومحاكم ومعامل أسلحة ويضرب لها نقودها الخاصة، ويعيّن لها خلفاء ونواب ، وقضاة ، ويقودها في جهادها ، ويجبر الحكومة الفرنسية على الاعتراف به وبسيطرته على كل تلك الأقاليم ، وتوقيع المعاهدات معه ، وتعيين سفراء بينها وبينه ، ويجري تبادل الرسائل بينه وبين الدول الأوربية كبريطانيا وإسبانيا وأمريكا وغيرها ، ثم بعد ذلك كله يبقى قدوةً لكل من تابع الجهاد بعده ، فيقتفون أثره ويجيِّشون المشاعر ويلهبون الحماس بذكر حروبه وأخبار انتصاراته على الفرنسيين ، ثم يبقى يتابع أخبار الجهاد في بلاده بعد أن أُبعد عنها مكرهًا ، ويحاول تحسين الأوضاع هناك من خلال السياسة الخارجية، ويدعم جهاد المجاهدين بكل ما أوتي من مال أو اتصالات أو صلات ، ويؤوي إليه كل مَنْ لجأ إليه من الجزائريين أو من قادة المجاهدين الذين حلَّ بهم مثل ما حلَّ به كالمقراني وابن شهرة وغيرهما…
إنَّ الذي يفعل كل ما ذكرنا لا شكّ أنه مؤسس دولة الجزائر ، وهذا ما قرَّره علماء الجزائر ومؤرِّخوها ، وشهدت به فرنسا الدولة المعادية للأمير، واعترف به كتَّاب ومؤرِّخو العالم العربي والغربي.
وأعتقد أن الفرق صار واضحًا الآن بين الأمير وبين الحاج أحمد باي! فأحمد باي كان واليًا على قسنطينة أيّام الحكم العثماني ، عيّنه داي الجزائر تعيينًا رسميًّا ، لم يكن لأهل قسنطينة أي رأي في ذلك ولا توجد بيعة، ونفوذه كان منحصرًا في ناحية قسنطينة فحسب!
أمّا الأمير عبد القادر فهو شاب لا علاقة له بالسلطة ولا بالحكم ولم يكن أحدٌ من آبائه بايًا أو واليًا ، ولم يُعيَّن من قِبل الداي أو السلطان، وإنما التفَّ حوله الناس طواعيةً وبايعوه في ساعة العسرة دون إجبار أو إكراه من أحد وإنما محبَّة له ، وقناعةً بقدرته على النهوض بالمسؤولية وقد كان ذلك ، فقاد الجهاد في معظم التراب الجزائري واستطاع بسط نفوذه عليه.

والحمد لله ربِّ العالمين




ان شاء الله ينال اعجابكم




التصنيفات
السنة الرابعة متوسط BEM 2015

طلب – تلخيص النص مصالي الحاج لمادة تاريخ ص 47 سنة رابعة متوسط

السلام وعليكم

1/أني باغي تلخيص النص مصالي الحاج لمادة تاريخ ص 47
2/ وباغي فقرة على مشاكل الإدارة في الوطن لمادة التربية مدنية




التصنيفات
السنة الثالثة ثانوي

خطاب عبد الحميد بن باديس ومصالي الحاج

تعليمية تعليمية
خطاب الشيخ عبد الحميد بن باديس

أيها الشعب الجزائري التاريخي القديم المسلم الصميم، كلمة الله، وإرادة الله، وقوته من قوة الله، أو ليست منذ شهر كوّنت مؤتمرا كما ينبغي أن يكون جلالا وروعة، فذلك مجلى إرادتك، ومظهر قوتك، و كوّنت هذا الوفد الكريم فحملته مطالبك، فاضطلع بها وأدى الأمانة في ثمانية أيام وهي لا تؤدّى إلا في أضعاف ذلك من الأيام وفد لعمر الله مثّلك في قوتك، وإرادتك، وحياتك، وكرامتك، وفد متعاون متساند. زار الوزارات والأحزاب و أرباب الصحف، فعّرفك إليها، ورفع إليها صوتك، ولقد كدت تكون أيها الشعب مجهولا عندهم تمام الجهل، لكن بأعمالك العظيمة، وبما قام به الوفد، صرت معلوما لدى من يعرف الحق، و يحترم الكريم، وينصف المظلوم.
أيها الشعب، إنك بعلمك العظيم لشريف برهنت على أنك شعب متعشق للحرية، هائم بها، تلك الحرية التي ما فارقت قلوبنا منذ كنا الحاملين للوائها. و سنعرف كيف نعمل لها و كيف نحيا و نموت لأجلها.
إننا مددنا إلى الحكومة الفرنسية أيدينا و فتحنا قلوبنا، فإن مدت إلينا يدها، وملأت بالحب قلوبنا فهو المراد، وإن ضيعت فرنسا فرصتها هذه فإننا نقبض أيدينا، ونغلق قلوبنا فلا نفتحها إلى الأبد.
أيها الشعب، لقد عملت و أنت في أول عملك، فاعمل، ودم على العمل، و حافظ على النظام، واعلم أن عملك هذا على جلالته، ما هو إلا خطوة ووثبة، ووراءه خطوات ووثبات، و بعدها إما الحياة وإما المماة"

تعليمية تعليمية

تعليمية تعليمية
خطاب مصالي الحاج في المؤتمر الإسلامي

سادتي .إخواني.
باسم نجم إفريقيا أحييّكم تحية الأخوة، وأحمل إليكة تضامن مائتي ألف شمال إفريقي يقيمون في فرنسا. واحتراما للغتنا الوطنية اللغة العربية التي كلنا نعتز بها، ونعجب بها.. و أيضا تقديرا لنبل هذا الشعب الجزائري الشجاع الكريم، فقد أردت أن أعبر أمامكم بعد نفي دام اثني عشر سنة بلغتي الأم.
أنا سعيد وجد راض إذ أتمكن اليوم من عقد اتصال رسمي بكم، و أستغل الفرصة التي أتيحت لي كي أقول لكم بأني سعيد و متأثر بوجودي على أرض الأجداد، و لكي أقول لكم: كم أنا متألم في قرارة نفسي لابتعادي عن وطني منذ مدة.
إخواني الأعزاء.
باسم نجم شمال إفريقيا قدمت للمشاركة في هذا الاجتماع الكبير لكي أشرك منظمتنا في هذا المظاهراة الضخمة. إن نجم شمال إفريقيا و كفاحه الذي قاده منذ عشر سنوات دفاعا عن مصالح الشعب الجزائري، و مع ذلك فإني سأغتنم هذه الفرصة التي اجتمعتم فيها بكثرة، بل بالآلاف لكي أذكر لكم بعض التفاصيل عن الدور الذي لعبـه، ومن الواجب علي أن أقول بأن المعركة كانت صعبة و مريرة.
وتحت حكومات من أكثر الحكومات رجعية، و في الوقت الذي كان فيه الناس في بلادنا صامتين، و تحت حكم استثنائي كان نجم شمال لإفريقيا هو الوحيد الذي تجرّأ على رفع الصوت للاحتجاج ضد كل سوء استعمال للسلطة و الظلم و الإجحاف، و ليقول أمام العالم: إن الجزائر تمت.. وأنها بإرادة أبنائها تريد أن تعيش حرة و سعيدة. و هذه الجرأة هي التي جرّت على مناضلي النجم المشاق التي لا مثيل لها، كما جرّت عليهم أكثر أنواع الحقد عنصرية.
لا لأننا كنا بباريس مدينة ثورة 1489 كنا في حماية من القمع الذي أحدث تدميراته في الجانب، و في الجانب الآخر من حوض البحر الأبيض المتوسط..لقد كنا على استعداد حين علمنا بأن المظالم، و مساوئ الاستعمار تمارس فوق الأرض الجزائرية .. بمجرد أن علمنا أسمعنا الصوت المكبوت لشعب يصرخ و ينادي الإنسانية لإغاثته.
لقد صدرت ضدنا أحكام بالسجن لمدة سنوات، مع التغريم بآلاف الفرنكات، و قد عرفنا النفي و التهجير، ولم يسلم أحد خلال هذا الكفاح .. و هناك أشخاص طردوا من معامل " سيطروان" و"رونو"لأنهم أعضاء بنجم شمال إفريقيا.. هناك عاطلون حرموا من المنح المقررة للعاطلين عن العمل بسبب أنهم حضرو اجتماعات منظمتنا.
إخواني. أخواتي.
بما أنني لاحظت في هذا التجمع و جود النساء جئن ليسمعن صوت الشعب يجب أن أقول لكم بأننا إذا غادرنا بلدا بحثا – تحت أي مناخ – عن الخبز و الحرية التي حرمنا منها في بلدنا، فإننا و جدنا في باريس بلدية مختلطة يوجد على رأسها قايد بشوّاشه.
و حتى هذا اليوم، و تحت حكومة الجبهة الشعبية، مازلنا نتعرض لسلسلة من الإجراءات الخاصة و القوانين الاستثنائية في قلب باريس. وهي اجراءات و قوانين لا تستعمل إلا ضدنا نحن فقط. في قلب باريس..هناك مستشفى بوبيني، و هو مستشفى خاص بنوع من الأمراض يبعث إليه كل العرب، وكأن بهم جميعا جربا يعدي الإنسانية.. نحن في كل الظروف، و في كل الأحوال كافحنا من أجل الحرية، ومن أجل إخواننا المحرومين.
من أجل ذلك اتهمونا أكثر من مرة بكوننا شيوعيين، و هابيين، و عملاء ألمانيا، و عملاء موسكو، وغيرهما من البلدان، ونحن نقول لكم بأننا لم نكن عملاء لا لهؤلاء، و لا لأولئك، لأننا كنا و مازلنا و سنظل دائما عملاء لخدمة للشعب الجزائري..لقد عزمنا على تحمل كل التضحيات من أجل أن تكون الجزائر حرة و مزدهرة و متعلمة.
و نخبركم بأننا أيضا توجهنا إلى وزارة الداخلية، وقدمنا للسيد راؤول أوبو (RAOUL AUBAUD) نائب كاتب الدولة قائمتين بالمطالب، إحداهما تخص الجزائريين المقيمين في فرنسا، و الأخرى تخص الشعب الجزائري، ونخبركم أيضا بأننا علمنا و سررنا بانعقاد المؤتمر الذي انعقد في بداية جوان بالعاصمة، وقد أيدناه رغم ملاحظتنا عليه ضعفه و تسرّعه. و عند وصول الوفد الجزائري ( إلى باريس ) المنبثق عن المؤتمر، سارعنا إلى تحيته والاتصال به، و تبادل الآراء معه حول مشكل بلادنا. ورغم موافقتنا و تأييدنا، بل وتهنئتنا لمنظمي هذا المؤتمر الذي سيكون نقطة تحول في تاريخ الجزائر ، فإننا نقول لكم بصراحة بأنه يجب علينا اليوم أن نقدم لكم توضيحات نراها ضرورية بدون شك. نحن نوافق على المطالب العاجلة التي هي في الواقع متواضعة و شرعية، و التي نصّ عليها ميثاق مطالب المؤتمر الذي قدم على الحكومة الجبهة الشعبية، و إننا سنؤيدها بكل قوانا حتى نراها منجزة، رغم ضعفها، لأن المطالب الطفيفة قد تنفع في النقاط الهامة حين تساعد على التخفيف من هذه التعاسة الشعبية.

و هنا ألتزم باسم منظمتي و أمام الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس أن أعمل كل ما في وسعي لتأييد هذه المطالب،وخدمة القضية النبيلة التي ندافع عنها جميعا، لكنا نقول بصراحة و بشكل لا يقبل التراجع بأننا نتبرّأ من ميثاق المطالب بخصوص إلحاق بلادنا بفرنسا، وبخصوص التمثيل البرلماني. و الواقع، إن بلادنا اليوم ملحقة بفرنسا إداريا، وهي تابعة لسلطتها المركزية، ولكن هذا الإلحاق كان نتيجة غزو فظيع، تلاه احتلال عسكري يقوم اليوم على الفليق التاسع عشر . و الشعب لم يوافق عليه أبدا.
أما الإلحاق الذي نصّ عليه ميثاق المطالب فهو مطلوب إداريا باسم مؤتمر يقولون عنه إنه يمثل الشعب الجزائري . ومن ثمة فهناك فرق أساسي بين إلحاق لبلادنا حصل رغم إرادتنا ، و إلحاق إرادي مقبول عن طيب خاطر في المؤتمر الذي انعقد في السابع من جوان بالجزائر العاصمة ( مؤتمر مغلق لمدة ثلاث ساعات).
إننا أيضا أبناء الشعب الجزائري، و لن نقبل أبدا أن تكون بلادنا ملحقة ببلاد أخرى رغم إرادتها ، فنحن لا نستطيع مهما كانت الظروف أن نراهن على المستقبل الذي هو أمل الحرية الوطنية للشعب الجزائري .
إن هذا المستقبل يخص الجيل الصاعد. فهو و حده الذي يملك الحق في تقرير مصيره و قدره ونحن أيضا ضد التمثيل البرلماني لأسباب عديدة .إننا نؤيد إلغاء المجالس المالية ، ومنصب الوالي العام. ونقف مع إنشاء برلمان جزائري منتخب عن طريق الاقتراع العام بدون تمييز في العنصر أو في الدين.إن هذا البرلمان الوطني الجزائري الذي يتكون من عين المكان، سيعمل تحت مراقبة الشعب المباشرة، و من أجل الشعب. و نحن نعتقد من جهتنا بأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح للشعب الجزائري بأن يعبر عن نفسه بحرية و بصراحة بعيدا عن كل الضغوط والمناورات الإدارية.
إنه لا يمكنني في هذا الوقت القصير أن أقول لهذا الشعب الكريم في الجزائر كل ما يجب أن أقوله، خاصة و أني تجاوزت الوقت الذي حددته لي اللجنة المحترمة، بينما يجب أن ألفت انتباهكم طالبا من إخواني أن يتفهموا و أن يفكروا و أن يتأملوا جيدا، و بدون طيش في مشكل بلدنا المطروح أمامكم. و رغم أني متعب و منهك من سفرة شاقة، لأني نزلت الآن من الباخرة، فإني لا أغادر المنصة قبل أن أعبر لكم عن فرحتي و تأثري بوجودي بينكم، فوق تراب وطني.
و أخيرا، قبل أن أختتم تدخلي، أشكر اللجنة المحترمة التي أتاحت لي التكلم من هذه المنصة. سمعت منذ هنيهة الخطباء الذين سبقوني بأنهم قوبلوا باحترام و حفاوة في فرنسا من طرف حكومة الجبهة الشعبية.. لا أناقش، و لا أقلل من قيمة الجو الذي دارت فيه هذه اللقاءات، لكني أقول بأن على الشعب الجزائري أن يكون يقظا. إنه لا يكفي أن يرسل وفدا، و أن يتقدم بمطالب، ثم ينخدع بالاستقبالات منتظرا أن تتحقق الأمور تلقائيا.
إخواني.. لا يجوز النوم على الأذنين ظنا بأن الأعمال كلها انتهت، بل هي الآن ابتدأت.
يجب أن تنتظموا.. أن تتوحدوا في منظماتكم لتكونوا أقوياء، و لتكونوا محترمين وليسمع صوتكم القوي وراء البحر الأبيض المتوسط. من أجل الحرية و من أجل نهضة الجزائر تجمعوا أفواجا حول تنظيمكم الوطني نجم شمال إفريقيا الذي سيدافع عنكم و يقودكم في طريق التحرّر."

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك و حفضك
لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحبه لنفسه




اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك




merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiii




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
تحياتي الخالصة