التصنيفات
السنة الثانية متوسط

الصوم و أحكامه السنة الثانية متوسط

تعليمية تعليمية
السنة الثانية متوسط
الدورة الأولى : قوة الإرادة وضبط النفس
المجال: العبادات
الموضوع: 1ـالصوم وأحكامه
أحكامه , السنة الثانية متوسط , الصوم , الصوم واحكامه , درس التربية الاسلامية , درس الصوم
الكفاءة القاعدية: القدرة : ـ على أداء الصوم أداء صحيحا بمراعاة أحكامه . ـوعلى تعريف الصوم وتعداد شروطه وأركانه . مؤشر الكفاءة:ـ يعرف التلميذ الصوم لغة وشرعا ويذكرأهميته و فضل شهر رمضان. ـ ويصوم رمضان مع مراعاة أحكامه وآدابه.
ـ ويحفظ النص المعتمد حفظا جيدا.
الوسائل: الكتاب ص 12, السبورة, المصحف, مراجع أخرى….
النص المعتمد : الحديث:" عليك بالصوم….

أولا ـ وضعية الانطلاق:
1 ـ تمهيد: ما هي الصفات التي يجب أن يتصف بها المسلم؟ كيف يكتسبها ؟
2 ـ تقديم الدرس: ما هي أركان الإسلام ؟ ما هي العبادة التي تعتبر سرا بين المسلم وربه ؟
الهدف الوسيطي : يدرك التلميذ أن الصوم من العبادات العظيمة .
ثانياـ بناء التعلم :
1ـ يستمع التلميذ إلى قراءة الأستاذ للنص المعتمد .
2 ـ يقرأ بعض التلاميذ النص المعتمد مع مراعاة حسن الأداء .
3 ـ الفهم العام :
أ ـ شرح المفردات : عليك بالصوم : صم , شهد: حضر .
ب ـ الأسئلة: علام يحث رسول الله (ص) ؟ من يصوم ؟
4 ـ تعميق الفهم:
أ ـ استقبال شهر رمضان: كيف يستقبل المسلمون شهر رمضان ؟
نستعد لاستقبال رمضان استعدادا روحيا: الفرح, التوبة النصوح, دعاء الله أن يبلغنا رمضان, الاستعداد لاستغلاله في الصلاة وفعل الخيروترك الشر.
ب ـ فضل شهر رمضان: بم يتميز شهر رمضان عن غيره ؟
1ـ هو شهر الصيام أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
2 ـفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
3ـ هو شهر تلاوة القرآن ومواساة الفقراء .
4ـ فيه يستجاب الدعاء وتضاعف الحسنات, وتفتح الجنان وتغلق النيران .
ج ـ تعريف الصوم : ما معنى الصوم لغة ؟ وشرعا ؟
الصوم لغة هو الامتناع عن شيء معين: الصوم, الكلام…., وشرعا هو الإمساك(الامتناع) عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب من الله , وهو نوعان: صوم فرض وصوم تطوع .
دـ ثبوت شهر رمضان : بم يثبت دخول شهر رمضان ؟
يثبت دخول شهر رمضان :1 ـ برؤية مسلمين عدلين للهلال وإخبارهما للسلطات المختصة .
2 ـ أو إكمال شعبان ثلاثين يوما في حالة تعذر الرؤية قال رسول الله(ص):"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما."
د ـ حكم صوم رمضان ودليله: ما حكم صيام رمضان ؟ هاتوا الدليل على فرضيته ؟
1 ـ صيام شهر رمضان فرض ثابت بالكتاب والسنة على كل من توفرت فيه شروطه, وتمت فرضيته في شعبان سنة 2 ه.
2 ـ قال تعالى:" فمن شهد منكم الشهر فليصمه." البقرة:185 , وقال رسول الله:" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا."
ه ـأهمية الصوم في الإسلام: أين تظهر أهمية الصوم؟
الصوم هو جنة للصائم من الوقوع في المعاصي.
و ـ شروط الصوم:من يجب عليه الصوم ؟
1 ـ الإسلام, 2 ـ البلوغ, 3 ـ العقل, 4 ـ القدرة على الصوم, 5 ـ طهارة المرأة من دم الحيض والنفاس, 6 ـ الإقامة,7 ـ دخول الشهر .
تنبيه: ـ الصبي والمسافر لا يجب عليهما الصوم وإذا صاما يصح صومهما .
ـالمجنون والحائض والنفساء لايجب عليهم الصوم ولا يصح منهم .
ز ـ أركان الصوم: ما هي أركان الصوم؟
1 ـ النية,2 ـ الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى مغرب الشمس.
ح ـ سنن الصوم: ما هي سنن الصوم ؟
1 ـ تأخير السحور,2 ـ تعجيل الإفطارويكون بالتمر أو الماء أو شيء حلو, الدعاء عند الإفطار .
ط ـ مستحبات الصوم: ماذا يستحب في الصيام؟
1 ـ الإكثار من الصدقات,2 ـ الاجتهاد في العبادة (تلاوة القرآن, الصلاة, الدعاء) وخاصة في العشر الأواخر….
ي ـ ما يباح للصائم: ماالذي لايفسد الصوم؟
1 ـ الحقنة,2 ـ المضمضة,3 ـ البخاخة للمريض,4 ـ التعطر,5 ـ الاكتحال والادهان إذا لم يصلا إلى الحلق.
ك ـ مبيحات الفطر: من يباح لهم الإفطار في نهار رمضان؟
1 ـ السفر, 2 ـ الحمل, 3 ـ شدة الجوع, 4 ـ الإرضاع, الهرم,6 ـ المرض الشديد,7 ـ شدة الجوع والعطش.
ل ـ الآثار التربوية للصوم:ماذا يغرس فينا الصوم؟
الصوم يربينا على التسلح بالصبر ويغرس فينا أخلاقا حميدة:1 ـ الرحمة, الميل إلى فعل الخير,2 ـ ويفيد الصحة,3 ـ ويذكرنا بنعم الله علينا.
تقويم بنائي:ما هو الصوم شرعا؟ هل يوجد صوم آخر؟ ما هو؟ على من يجب ؟ متى يصح؟ماذا نجني من الصوم؟ من يستفيد من
الصوم؟
6- الهدف الوسيطي: يدرك التلميذ فضل الصوم وفائدته للفرد والمجتمع.
ثالثا ـ المرحلة الختامية:
1- قراءات متعددة للنص المعتمد ونصوص أخرى في الكتاب.
2- تقويم ختامي: لماذا فرض الله الصوم؟ هل هو عبادة مختصة بالإسلام؟ ما واجبكم؟
3- الهدف الوسيطي: يحب التلميذ عبادة الصوم ويحرص على أدائها على الوجه الأمثل.
4- المطلوب: حفظ النص المعتمد .
أحكامه , السنة الثانية متوسط , الصوم , الصوم واحكامه , درس التربية الاسلامية , درس الصوم


تعليمية تعليمية




جزاك الله عن هذا الموضوع خير الجزاء

ان شاء الله يستفيد منه الجميع




شكرا علي درس الصوم و احكامه للسنة الثانية متوسط




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

القرآن الكريم و شهر الصوم.

لحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين أما بعد :
أيها الإخوة الكرام إن شهرنا هذا هو شهر القرآن الكريم ، يقول الله تعالى في محكم التنزيل :
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }.
{ هدى للناس } : أي : فيه العلم النافع و العمل الصالح .
قال العلامة العثيمين في تفسير سورة البقرة:({هدًى} من الهداية؛ وهي الدلالة؛ فالقرآن دلالة للناس يستدلون به على ما ينفعهم في دينهم، ودنياهم….فقوله تعالى:{هدًى للناس} أي كل الناس يهتدون به – المؤمن، والكافر – الهداية العلمية؛ أما الهداية العملية فإنه هدًى للمتقين، كما في أول السورة؛ فهو للمتقين هداية علمية، وعملية؛ وللناس عموماً فهو هداية علمية.)اهـ.وقد قال في أول السورة:(فإن قيل: ما الجمع بين قوله تعالى: {هدًى للمتقين}، وقوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس وبينات من الهدى والفرقان}[البقرة:185]؟فالجواب: أن الهدى نوعان: عام، وخاص؛ أما العام فهو الشامل لجميع الناس وهو هداية العلم، والإرشاد؛ ومثاله قوله تعالى عن القرآن: {هدًى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان}[البقرة:185]، وقوله تعالى عن ثمود: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}[فصلت:17] ؛ وأما الخاص فهو هداية التوفيق : أي أن يوفق الله المرء للعمل بما علم؛ مثاله: قوله تعالى {هدًى للمتقين}، وقوله تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدًى وشفاء}[فصلت:44] )اهـ.فهذه الآية فيها إشارة من الله تعالى إلى الحكمة في تخصيص رمضان دون سائر الشهور بالصوم ، ألا وهي أنه أنزل فيه القرآن ، ووجه الاستدلال أن الله تعالى بعد أن قال : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.. } ، قال : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، وهذه الفاء تفيد التعليل ، أي لأن رمضان أنزلنا فيه القرآن فمن شهده فليصمه.
قال البيضاوي في تفسيره:
(والفاء لوصف المبتدأ بما تضمن معنى الشرط ؛ وفيه إشعار بأن الإنزال فيه سبب اختصاصه بوجوب الصوم )اهـ.
فالرب -سبحانه في علاه- شرّف هذا الشهر بأن أنزل فيه القرآن ، القرآن الذي فيه العصمة من الزلل ، و فيه الوقاية من الخَطَل ، فهو طريق الهداية الذي من استمسك به لا يضل ولا يشقى ، قال تعالى :
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.
و قال النبي –صلى الله عليه وسلم – :
((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله)).رواه مالك مرسلا ، و رواه الحاكم .
و صححه العلامة الألباني و أشار لتصحيحه عند الصحيحة(1761).
و إذا كان الطعام والشراب هو غذاء البدن وحياته ، فإن هذا القرآن هو حياة الروح وغذاؤها ؛ قال تعالى :
{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.(الشورى).
و فضائل تلاوة القرآن كثيرة و كثيرة :
منها : أنّ القرآن يأتي شفيعا لقارئه يوم القيامة ، ففي صحيح مسلم عن أبي أمامة –رضي الله عنه- أن الني –صلى الله عليه وسلم – قال :
((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ)).
يقول الله تعالى :
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } (البقرة)121.
و حق تلاوته بعض الناس يظن أنه فقط التلفظ به ! و هذا فهم خاطئ ، فحق تلاوته : التلفظ به ، و تدبره و فهم معناه ، و تصديق خبره ، و فعل أوامره ، و اجتناب نواهيه ، و الإيمان بمتشابهه ، و العمل بمحكمه ، و أن تعلم أنه كلام الله تعالى تكلم به سبحانه و تعالى حقيقة كيف يشاء سبحانه ، تكلم به بحرف ، و تكلم به بصوت يليق به سبحانه .
و من فضائل تلاوة القرآن :
اطمئنان القلب و سكينته و لينه ، قال تعالى :
{ ألا بذكر الله تطمئن القلوب }.
و لهذا متى تلا التالي كتاب الله تعالى و تدبره نزلت عليه السكينة وغشيته الرحمة ، و ذكره الله تعالى فيمن عنده .
قال تعالى :
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}(الزمر)23.
و في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه و سلم- قال :
((مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)).
و من فضائل تلاوة القرآن:
أن كل حرف يقرأه القارئ من القرآن فهو بحسنة ، و الحسنة بعشر أمثالها ، أخرج الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال :
((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ؛ لَا أَقُولُ : ألم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)).
قال المباركفوري في (تحفة الأحوذي) :
(وَالْحَرْفُ يُطْلَقُ عَلَى حَرْفِ الْهِجَاءِ وَالْمَعَانِي وَالْجُمْلَةِ الْمُفِيدَةِ وَالْكَلِمَةِ الْمُخْتَلَفِ فِي قِرَاءَتِهَا ، وَعَلَى مُطْلَقِ الْكَلِمَةِ . وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا أَقُولُ ألم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ).
وَفِي رِوَايَةِ اِبْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيِّ : ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ كُتِبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، لَا أَقُولُ { ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ } ، وَلَكِنْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ وَالذَّالُ وَاللَّامُ وَالْكَافُ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ : " لَا أَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ بَاءٌ وَسِينٌ وَمِيمٌ وَلَا أَقُولُ ألم ، وَلَكِنْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ " ).و الذي يقرأ هذا القرآن ، وهو ماهر فيه فهو مع السفرة الكرام البررة ، والذي تشق عليه قراءته ، ومع ذي المشقة فإنه يقرأه ، فله أجران ، ففي الصحيحين و اللفظ لمسلم من حديث أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال :
((الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)).
وفي رواية للبخاري:
((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ)).
قال الحافظ في (الفتح) :
(الْمَاهِر بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَة الْكِرَام الْبَرَرَة " قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْمَاهِر : الْحَاذِق وَأَصْله الْحِذْق بِالسِّبَاحَةِ ، قَالَهُ الْهَرَوِيُّ .
وَالْمُرَاد بِالْمَهَارَةِ بِالْقُرْآنِ :جَوْدَة الْحِفْظ ، وَجَوْدَة التِّلَاوَة مِنْ غَيْر تَرَدُّد فِيهِ ، لِكَوْنِهِ يَسَّرَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا يَسَّرَهُ عَلَى الْمَلَائِكَة فَكَانَ مِثْلهَا فِي الْحِفْظ وَالدَّرَجَة )اهـ.
و (السفرة الكرام) :

قال الحافظ في (الفتح) :
(وَالْمُرَاد بِالسَّفَرَةِ : الْكَتَبَة ، جَمْع سَافِر ، مِثْل كَاتِب وَزْنه وَمَعْنَاهُ ، وَهُمْ هُنَا الَّذِينَ يَنْقُلُونَ مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ ، فَوُصِفُوا بِالْكِرَامِ أَيْ : الْمُكَرَّمِينَ عِنْد اللَّه تَعَالَى ، وَالْبَرَرَة أَيْ : الْمُطِيعِينَ الْمُطَهَّرِينَ مِنْ الذُّنُوب)اهـ.
قوله: (و يتتعتع فيه) :
قال المُناوي في (فيض القدير) :
((والذي يقرؤه ويتتعتع) أي: يتوقف في تلاوته ؛ والتعتعة في الكلام : التردد فيه ، لحصر ، أو عِيٍّ ، أو ضعف حفظ.
(وهو عليه) أي: والحال أن القرآن على ذلك القارئ (شاق)
( له أجران) أي: أجر بقراءته وأجر بمشقته ، ولا يلزم من ذلك أفضلية المتتعتع على الماهر، لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجرين، الأجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة)اهـ.
وكتاب الله تعالى يرفع الله به أقواما ويضع آخرين ، ففي صحيح البخاري عن عمر –رضي الله عنه – مرفوعا : ( إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين ).
و لهذه الفضائل و غيرها كان خير الناس من تعلّم القرآن وعلّمه ففي صحيح البخاري من حديث عثمان – رضي الله عنه – أن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال :
(خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ).و في رواية: (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ).
أيها الإخوة الكرام :
اجتهدوا في قراءة كتاب الله تعالى ، و لا سيما في مثل هذا الشهر العظيم فإن جبريل -كما في الصحيح –البخاري- عن فاطمة – كان يعارض القرآن النبيَّ –صلى الله عليه وسلم – في رمضان في كل سنة مرة ، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين تأكيدا وتثبيتا.
قال الحافظ في الفتح:(وَالْمُعَارَضَة مُفَاعَلَة مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ تَارَة يَقْرَأ وَالْآخَر يَسْتَمِع )اهـ.
و قد خرّج البخاري في صحيحه عن ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ؛ وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَام- كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
قال الحافظ في الفتح:
(فِيهَا أَنَّ جِبْرِيل كَانَ يَعْرِض عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِض عَلَى جِبْرِيل ، وَتَقَدَّمَ فِي بَدْء الْوَحْي بِلَفْظِ " وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلّ لَيْلَة مِنْ رَمَضَان فَيُدَارِسهُ الْقُرْآن " فَيُحْمَل عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ يَعْرِض عَلَى الْآخَر)اهـ.
و كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها :
كان الزهري – رحمه الله تعالى – إذا دخل رمضان قال : "إنما هي تلاوة القرآن و إطعام الطعام" ؛ و كان مالك –رحمه الله تعالى- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالس العلم ، وأقبل على قراءة القرآن من المصحف.
و كان قتادة-رحمه الله تعالى- يختم القرآن في كل سبع ليال دائما ! ، وفي رمضان في كل ثلاث ، و في العشرة منه في كل ليلة !.
و كان إبراهيم النخعي –رحمه الله –يختم في رمضان في كل ثلاث ليال ، و في العشر الأواخر في كل ليلتين.
أيها الإخوة الكرام:
النبي –صلى الله عليه وسلم – يقول :
لقرآن شافع مشفع ، و ماحل مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة و من جعله خلفه ساقه إلى النار) .
رواه ابن حبان عن جابر ، و الطبراني عن ابن مسعود .
و صححه الألباني في صحيح الجامع و في الصحيحة 2022.
ماحل مصدق : ماحل من : (مَحَلَ فلانٌ بفُلان إذا كادَه بسِعايةٍ إلى السلطان ؛ وقوله تعالى: " شديد المِحال " أي: الكيد.
وفي الحديث: القرآن ماحِلٌ مُصدَّق: يَمْحَل بصاحبه إذا ضَيَّعَه) قاله في كتاب(العين).
و قال الأزهري في (تهذيب اللغة) :
(وقال ابن الأنباري : سمعت أحمد بن يحيى يقول :
المِحَالُ مأخوذُ من قولِ العَرَبِ : مَحَلَ فلان بِفلانٍ أي : سَعَى به إلى السُّلْطَانِ وعَرَّضَه لأمْرٍ يُهلكُه)اهـ.

فاستمسكوا بهذا القرآن تهتدوا ، واتلوه حق تلاوته تفلحوا ، و اصبروا على تلاوته تنالوا الخير العميم ، و الدرجات العلا.
و الحمد لله رب العالمين.

منقول من شبكة سحاب السلفية





التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

كلام نفيس للشيخ أحمد بن عبد الرحمان بن قدامة المقدسي عن الصوم و أسراره.

تعليمية تعليمية

قال الشيخ الإمام أحمد بن عبد الرحمان بن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ في كتابه النفيس ( مختصر منهاج القاصدين) ص (43):
((إعلم أن في الصوم خصيصة ليست في غيره,و هي إضافته إلى الله عز و جل حيث يقول سبحانه(1):((الصوم لي و أنا أجزي به )),و كفى بهذه الإضافة شرفا,كما شرف البيت بإضافته إليه في قوله تعالى :{و طهٌرِِِ بيتي}[الحج:الآية26]. و إنما فضل الصوم لمعنيين :
أحدهما :أنه سر وعمل باطن ,لا يراه الخلق و لا يدخله رياء.
الثاني : أنه قهر لعدو الله ,لإن و سيلة العدو الشهوات ,و إنما تقوى الشهوات بالأكل و الشرب , و مادامت أرض الشهوات مخصبة ,فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى, و بترك الشهوات تضيق عليهم المسالك.و في الصوم أخبار كثيرة تدل على فضله و هي مشهورة.
))
——————————————————-
(1) أي في الحديث القدسي.

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

مع جديد الطب بشأن الصوم

تعليمية
أظهرت دراسة طبية نفسية حديثة أجراها استشاري ‏ ‏نفسي عن

بيولوجيا الجهاز العصبيوالسلوك أثناء الصوم أن التحكم في ‏ ‏الشهوات وكبح الإحساس بالجوع أثناءالصيام له فوائد جمة على الإنسان، منها محاربة ‏ ‏الشعور بالاكتئاب وتحقيقالتوازن النفسي، وتعديل الحوار الذاتي،وذكر صاحب الدراسة رئيس وحدةالتأهيل بمستشفى الطب النفسي بالكويت الدكتور ‏ ‏رامز طه أن دراسته التيتحمل ‏ ‏عنوان "الإعجاز العلمي والنفسي في الصوم" تجيب على الكثير منالتساؤلات التي تدور ‏ في أذهان البعض حول الفائدة من الصيام والحكمة منحرمان النفس من غرائز وشهوات ‏ ‏ورغبات حللها الله لها طوال العام.‏ ‏وقال حكمة الصوم وفوائده تأكدت لي من خلال دراسة أكثر من عينة عشوائية من‏ ‏المتطوعين وأصحاب المشكلات النفسية، وأظهرت جوانب الإعجاز العلميوالنفسي في الصوم، ‏وفعاليته في تعديل التفكير والسلوك والتخلص من العاداتغير المرغوبة وتنمية ‏ ‏القدرة على الضبط الذاتي، وأضاف أن فوائد الصيامالتي توصل إليها من ناحية التنمية النفسية هي الضبط ‏ ‏الذاتي الذي يلتزمبه الصائم بيولوجيا ونفسيا وسلوكيا، حيث ثبت أن الصيام يمنح ‏ الإنسانتدريبا عاليا وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع ‏‏القدرة على خفض المؤثرات الحسية ومنعها من إثارة مراكز الانفعال بالمخ.‏‏وأوضح أن هذه الحالة هي درجة من الحرمان الحسي وقد ثبت أن تقليل المؤثرات‏ ‏الحسية له تأثيرات إيجابية على النشاط الذهني والقدرة على التفكيرالمترابط ‏ ‏العميق والتأمل والإيحاء كما أنه يمنح الإنسان قدرات عاليةعلى الصفاء والحكمة ‏ ‏والتوازن النفسي‏ وأكد الدكتور طه أن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة ‏‏السيروتونين وكذلك ما يسمى "بمخدرات الألم الطبيعية" التي يقوم المخبإفرازها وهي ‏ ‏مجموعتان تعرفان بمجموعة الأندورفين ومجموعة الإنكفالين،وقال إن المجموعة الأولى تتركب من 31 حمضا أمينيا مستخلصا من الغدةالنخامية، ‏ ‏ولهذه المواد خواص في التهدئة وتسكين الألم أقوى عشراتالمرات من العقاقير ‏ ‏المخدرة والمهدئة الصناعية، أما المجموعة الثانيةفتتركب من خمسة أحماض أمينية ‏ ‏وتوجد في نهايات الأعصاب.‏ ‏وأضاف أنه لكي يستمر إفراز هذه المواد المهدئة والمسكنة والمزيلة لمشاعرالألم ‏ ‏والاكتئاب، لابد أن يمر الإنسان بخبرات حرمان ونوع من ألمالتحمل، وأن يمتنع عن ‏ ‏تناول المواد والعقاقير التي تثير البهجة وتخدرالألم خاصة (الأفيون) ومشتقاته ‏ ‏وبعض العقاقير المخدرة الحديثة، وبين أنالصوم يمثل تدريبا يوميا منظما يساعد الإنسان على تغيير أفكاره ‏‏واتجاهاته وسلوكه بصورة عملية تطبيقية تشمل ضبط وتنظيم المراكز العصبيةالمسؤولة ‏ ‏عن تنظيم الاحتياجات البيولوجية والغرائز من طعام وجنس وأيضاالدوائر العصبية ‏ ‏والشبكات الترابطية الأحدث التي تشمل التخيل والتفكيروتوجيه السلوك.‏ ‏وأوضح أن الصوم يساعد على حدوث تفكك نوعي في الحيل النفسية، وهي حيلوأساليب ‏ ‏لا شعورية يلجأ إليها الفرد لتشويه ومسخ الحقيقة التي لا يريدأن يقبلها أو ‏ ‏يواجهها بصدق، وذلك حتى يتخلص من المسؤولية ومن التوتروالقلق الناتج عن رؤية ‏ ‏الواقع الذي يهدد أمنه النفسي واحترامه لذاته.‏‏وأوضح الباحث أنه وجد أن أغلب هذه الحيل المعوقة للنمو الإنساني تضعف خلالالصوم ‏ ‏وأثناء جلسات العلاج النفسي، مبينا أن هذا الانهيار للحيلالدفاعية يحدث مع الصائم ‏ ‏العادي كلما ازداد خشوعه وصدقه‏، ‏‏ ‏وأشارإلى أنه لوحظ ارتباط ذلك باتساع دائرة الترابط بين التفكير ‏ ‏الواعيوالعقل الباطن بما يسمى بعملية إعادة تنسيق المعلومات على مستويات المخ ‏‏المختلفة، وهي تماثل إعادة برمجة العقلوأضاف أن الصوم يساعد أيضا على ممارسة خلوات علاجية وتأمل مما يساعد الفرد‏ ‏على الخروج من دوامة الصراعات اليومية والتوتر وإهدار الطاقات النفسيةوالذهنية ‏ ‏وإصدار أوامر للعقل بالتسامح والعفو، وأكد أنه يحدث أثناءالصيام تعديل مستمر للحوار الذاتي وما يقوله الفرد لنفسه ‏ ‏طوال اليوم منعبارات وجمل تؤثر في أفكاره وانفعالاته، حيث يمثل الصوم فرصة لغرس ‏ ‏معانوعبارات إيجابية، مع الاستعانة بالأذكار والدعاء وممارسة العباداتبانتظام.‏ ‏ وأوضح أن ذلك يحدث في إطار مبادئ علم النفس الحديثة حيث يتمالتعلم من خلال ‏ ‏التكرار واتباع قاعدة التعليم المتدرج والتعلمبالمشاركة الفعالة وأسلوب توزيع ‏ ‏التعلم.‏ ‏وبين أن كل ذلك يأتي في إطار منظومة متكاملة تسمح بإعادة برمجة حقيقيةللجهاز ‏ ‏العصبي والسلوكي وتعديل التفكير وتغيير العادات، حيث يصبح الصومعبادة وتأملاً، وأيضا ‏ ‏تعديلا للنفس البشرية والتخلص من الانفعالاتوالاضطرابات النفسية وإطلاقا لطاقات ‏ ‏العقل.‏ ‏واستعرض الباحث جانبا من دراسة أجراها الدكتور كانمان من جامعة برنستونالأمريكية ‏ أظهرت أن عدم خفض الاختيارات والتحكم في الرغبات قد أدىبالفعل حسب دراسته ‏ ‏الميدانية إلى تزايد الإحساس بالكآبة، بل وظهورمعدلات الاكتئاب بدرجة تتناسب ‏ ‏عكسيا مع وفرة وكثرة الاختيارات.‏ ‏وتطرق إلى دراسة غربية أخرى أجريت العام الحالي وأكدت على ارتفاع معدلاتمرض ‏ ‏الاكتئاب ومشاعر الإحباط والتعاسة نتيجة الإفراط في الاختياراتوعدم القناعة ‏ ‏وهذا اللفظ بدأ يدخل ضمن الاصطلاحات النفسية العلمية كماتوصل إلى أن أغلب أفراد ‏ ‏المجتمع لا يعرفون طريقة لضبط شهواتهم وخفض نهموشره رغباتهم.‏ ‏وأكد الباحث أن كل هذه الدراسات وغيرها تؤكد ضرورة أن يتدرب الإنسان ولولأسابيع ‏ ‏محددة على هذا الأسلوب من الضبط الذاتي للشهوات، وبالتاليللغرائز والانفعالات ‏ ‏والسلوك أي ضرورة أن يتعلم ضبط شهواته بالصوملفترة كافية




بارك الله فيك غاية الهدى …….




وفيك البركة شكرا على المرور

تعليمية




بارك الله فيك اختنا الغالية

جزاك الله خيرا

موضوع مميز

تقبلي تحياتي







شكرا لك امي غاية الهدى
بارك الله فيك
ولا تحرمينا من جديدك




تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الخلاف المذموم بين رؤية الآحاد للهلال وإتباع عموم الناس في الصوم

تعليمية تعليمية

قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة حديث رقم 224

( صحيح )
[ الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون ]

وقال بعد تخريجه للحديث :
فقه الحديث
———–
قال الترمذي عقب الحديث :
" و فسر بعض أهل العلم هذا الحديث ، فقال : إنما معنى هذا الصوم و الفطر مع
الجماعة و عظم الناس " . و قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 2 / 72 ) :
" فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس ، و أن المتفرد بمعرفة
يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره ، و يلزمه حكمهم في الصلاة و الإفطار
و الأضحية " .
و ذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السنن " ( 3 / 214 ) ، و قال :
" و قيل : فيه الرد على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز
له أن يصوم و يفطر ، دون من لم يعلم ، و قيل : إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال
و لم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا له صوما ، كما لم يكن للناس " .
و قال أبو الحسن السندي في " حاشيته على ابن ماجه " بعد أن ذكر حديث أبي هريرة
عند الترمذي :
" و الظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل ، و ليس لهم التفرد
فيها ، بل الأمر فيها إلى الإمام و الجماعة ، و يجب على الآحاد اتباعهم للإمام
و الجماعة ، و على هذا ، فإذا رأى أحد الهلال ، و رد الإمام شهادته ينبغي أن لا
يثبت في حقه شيء من هذه الأمور ، و يجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك " .
قلت : و هذا المعنى هو المتبادر من الحديث ، و يؤيده احتجاج عائشة به على مسروق
حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر ، فبينت له أنه لا عبرة
برأيه و أن عليه اتباع الجماعة فقالت :
" النحر يوم ينحر الناس ، و الفطر يوم يفطر الناس " .
قلت : و هذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس و توحيد
صفوفهم ، و إبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الآراء الفردية ، فلا تعتبر الشريعة

رأي الفرد – و لو كان صوابا في وجهة نظره – في عبادة جماعية كالصوم و التعبيد
و صلاة الجماعة ، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي بعضهم وراء بعض
و فيهم من يرى أن مس المرأة و العضو و خروج الدم من نواقض الوضوء ، و منهم من
لا يرى ذلك ، و منهم من يتم في السفر ، و منهم من يقصر ، فلم يكن اختلافهم هذا
و غيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد ، و الاعتداد بها ،
و ذلك لعلمهم بأن التفرق في الدين شر من الاختلاف في بعض الآراء ، و لقد بلغ
الأمر ببعضهم في عدم الإعتداد بالرأي المخالف لرأى الإمام الأعظم في المجتمع
الأكبر كمنى ، إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقا في ذلك المجتمع فرارا مما قد ينتج
من الشر بسبب العمل برأيه ، فروى أبو داود ( 1 / 307 ) أن عثمان رضي الله عنه
صلى بمنى أربعا ، فقال عبد الله بن مسعود منكرا عليه : صليت مع النبي صلى الله
عليه وسلم ركعتين ، و مع أبي بكر ركعتين ، و مع عمر ركعتين ، و مع عثمان صدرا
من إمارته ثم أتمها ، ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين
متقبلتين ، ثم إن ابن مسعود صلى أربعا ! فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت
أربعا ؟ ! قال : الخلاف شر . و سنده صحيح . و روى أحمد ( 5 / 155 ) نحو هذا عن
أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين .
فليتأمل في هذا الحديث و في الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرقون في
صلواتهم ، و لا يقتدون ببعض أئمة المساجد ، و خاصة في صلاة الوتر في رمضان ،
بحجة كونهم على خلاف مذهبهم ! و بعض أولئك الذين يدعون العلم بالفلك ، ممن يصوم
و يفطر وحده متقدما أو متأخرا عن جماعة المسلمين ، معتدا برأيه و علمه ، غير
مبال بالخروج عنهم ، فليتأمل هؤلاء جميعا فيما ذكرناه من العلم ، لعلهم يجدون
شفاء لما في نفوسهم من جهل و غرور ، فيكونوا صفا واحدا مع إخوانهم المسلمين فإن
يد الله مع الجماعة .

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




شكورة على الفائدة ةالمعلومات القيمة
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك




شكرا وبارك الله فيك
تحياتي الخالصة




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العبرة في شهر الصوم لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

العبرة في شهر الصوم
لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذه المحاضرة: العبرة في شهر الصوم، فأقول:
الدنيا دار ابتلاء وامتحان
خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له وقال في كتابه العزيز: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون﴾ [الذاريات:56]، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36]، وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [الملك:2]، ثم قال: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور﴾ مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازي بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز وذلك كقوله تعالى: ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم﴾ [الحجر:49-50].
موسم من مواسم الآخرة
وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض، فضّل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:68]. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه بعبادة الله المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.
زيادة في الخير
ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إنهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر». قال الحافظ المنذري: رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني. وزاد وقال: قلت: بكل يوم عشرة. قال: «نعم». ورواته رواة الصحيح. انتهى.
وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً، فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.
من خير إلى خير
ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائمة بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]. نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين، أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت بعدها أيام الحج الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلاَّ ويستقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.
العبرة من شهر الصوم
وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله.
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمّة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.
وسأحاول في هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:
أوّلاً:
إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك شغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلاَّ ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فالفائدة التي يكتسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات لأن الله تعبد عباده حتى الممات ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾ [الحجر:99]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ [آل عمران:102]، فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذ أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار، لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما.
ثانياً:
الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلاَّ هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»، وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول إنه صائم ولا يعلم ذلك إلاَّ الله تبارك وتعالى، ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله، فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة، والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم، فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام.
ثالثاً:
إنَّ مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك، فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاَّ ظله، فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقاً بالمساجد، كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان، أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام، فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم، وذلك أن الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي: هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام، فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بها أوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه، ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعا عن استعمالها في معصية من تفضل بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.
فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه، وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.
والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.
وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل أطلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله، توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾ [الإسراء:36]، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ [يس:65]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ [فصلت:19-21].
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان. وقال له معاذ: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاَّ حصائد ألسنتهم؟». رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة». رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «من وقاه الله شر ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات». أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والحاصل أنَّ الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجليه عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضى الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له، لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائما خوفا من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.
وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتين، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فالصائم يفرح عند فطره؛ لأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.
ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله، فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمنين عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظاته في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: «يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان»، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك، وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: «وماذا أعددت لها»، مبينا أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]، وذلك أن كل سفر لابد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
كلمة ختامية
وأختم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول: إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام، ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز برضى الرب جلّ جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذ ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود، فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم: « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام »، إنه لفضل عظيم من الله، صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك، ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثا أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام. سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.
ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة، فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها، فمن يعصي الله بعيدا عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد عليّ رضي الله عن الجميع، وفيها قُبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من الله إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعليّ أبو الحسنين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين، وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين




شكرا لكي اختاه على طرحك القيم والمميز
بارك الله فيكي وجزاكي الخير
تحياتي




بارك الله فيك وجزاك خيراً على الموضوع القيم




لك جزيل الشكر و العرفان على ما تقدمين .
أتمنى أن يطيب المقام في رحاب هذا المنتدى ، وأن تفيدي وتستفيدي…




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

محاضرة الصوم جُنة

تعليمية تعليمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
فأهدي إليكم هذه المحاضرة القيمة النافعة –بإذن الله- والتي بعنوان ((الصوم جنّة))،،لفضيلة الشيخ مسعد بن مساعد الحسيني-حفظه الله-
الأستاذ المساعد بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
وهي في الحقيقة من أنفع ما سمعت في الصيام،،
لهذا تمَّ تفريغها في أسرع وقت،،
سائلة الله الكريم أن ينفعني وإياكم بها،،
آمين.
وإن استطاع أصحاب تسجيلات ابن رجب إنزال المادة الصوتية للمحاضرة فجزاهم الله خيرا كثيرا،،

الملفات المرفقة تعليمية محاضرة الصوم جنة.doc‏ (167.5 كيلوبايت)

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




شكرا وبارك الله فيك
تحية خالصة




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

مفسدات الصوم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخواني واخواتي هذا موضوع مهم حتى نتجنب مفسدات الصوم لعله يحص صومنا وتقبل الله منا ومنكم

خطبة ليوم سبت, 08/15/2009 – 17:59

مفسدات الصوم


ملخص الخطبة:

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عبادَ الله، أيّها الصائمون: شرِع لكم الصيامُ، لتزكية نفوسِكم، وطهارةِ قلوبِكم، وصِحّةِ أبدانكم، وقوّةِ صِلتِكم بربِّكم وخالقِكم.
أيّها الصائمون : شهرُكم هذا يسمَّى بشهرِ الصّبر، أجل إنّه الصبرُ بكلِّ ما تحمِله الكَلمة من مَعنى، إنّه صبرٌ على طاعةِ الله، وإنّه صبرٌ عن معاصي الله، وإنّه صَبر على أقدارِ الله المؤلِمَة. أجّل أيّها الصائم، فأنت بصيامِك تصبِر على الصومِ لكونك موقنًا بأنَّ هذا طاعةٌ لله، وأنّ صيامَك عبادةٌ لله، وأنَّ صيامك قربةٌ تتقرَّب بها إلى الله. إنك تصوم أيها المسلم، تصوم رمضان صبرًا عن معاصي الله التي حرَّمها عليك، فتصبر عنها في رمضانَ لتكون صابرًا عنها مدَى العام. صبرٌ على الأقدار المؤلمة، كلّما آلمك الجوع أو العطَش وتذكَّرتَ أن ذلك في سبيل الله صبرتَ على ذلك صبرَ الموقِنِ الراجي للثّوابِ الخائفِ من العقاب.
أيّها الصائم المسلم، في الصيامِ امتحانٌ لأمانَتِك التي حمِّلت إياها، فإنَّ الواجباتِ الشرعيّةَ أمانة في عنُق العبد، والله سائلُه عنها. إذًا أنت مؤتَمَنٌ على صيامِ رمضان، إنّه عبادَةٌ بينك وبين ربِّك، سِرّ بينك وبين ربِّك، لا يطَّلع عليه إلاَّ الله، فإذا حقَّقتَ تلك الأمانةَ نِلت الثوابَ العظيم في الدنيا والآخرة.
أيّها الصائم المسلم، الصومُ أمانةٌ؛ إذ الصوم تركُ مشتهياتِ النفس: من الطعام، من الشراب، من النساء، من طلوع الفجر الثاني إلى غروبِ الشمس.
أيّها الصائم، إنّ الصومَ أمانةٌ، فاتَّقِ الله وأدِّ الأمانة وحافِظ عليها محافظةَ المؤمِنِ الموقن.
أيّها الصائم المسلم، إنَّ تفقُّهَك في دين الله وعلمَك بما يفسِد صيامَك حتى تكون بعيدًا عن ذلك أمرٌ مهِمّ.

فاعلم ـ أخي الصائم ـ : أنّ الله جلّ جلاله بيَّن لنا في كتابِهِ العزيزِ أصولَ المفطِّرات التي أجمَع المسلمون إجماعًا قطعيًّا على أنها منافيةٌ للصّيام، وهي الأكل أو الشّربُ أو مواقعةُ النساء، فتلك أمورٌ أجمع المسلمون على أنها منافِيَة للصيام ومفسِدة للصّيام ولا تتَّفِق مع الصّيام.
إذًا فيا أخي المسلم، الأكلُ والشرب منافيانِ لحقيقةِ الصيام، لأنّ الله يقول: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187]، فأمَرَنا أن نتِمَّ الصيامَ إلى الليلِ، وجعل ميقاتَ الأكل والشّربِ إلى طلوع الفجر الثاني، وهو تبيُّن الخيط الأسود من الخيط الأبيض؛ وأمرنا أن نتِمَّ الصيام إلى الليل؛ إذًا فالأكل والشّرب مفسدان للصيام مهما كان نوعُ ذلك المأكولِ أو نوع ذلك المشروب، وسواء كان هذا الأكلُ والشّرب من طريق الفَمِ أو الأنفِ أو مِن أيِّ موضعٍ من البدَن إذا كان هذا طعامًا أو شرابًا فإنّ الصائمَ إذا تعاطاه متعمِّدًا بطَل صيامه وفسَد صيامه؛ لأنّ هذا منافٍ لحقيقةِ الصيام، ولذا قال النبيّ في حديث لقيط بن صبرة: "وأسبغ الوضوءَ، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكونَ صائمًا"، مما يدلّ على أنّ الأنفَ منفَذٌ للجَوف، فإذا أدخِلَ الطعامُ أو الشراب من طريق الفمِ أو من طريق الأنف أو من أيِّ موضعٍ كان من البدَن وكان هذا يعطي وجبةَ طعامٍ أو شراب يتغذّى به الجسدُ فإنّ هذا منافٍ للصيام.
وثانيًا: الإبَر المغذِّيةُ التي توضَع في المريض لكي تكونَ مغنيةً له عن الطعام والشرابِ عندما يتعذَّر إدخاله من الفم ونحو ذلك فإنها أيضًا منافيَةٌ ومفسِدة للصيام.
أيها الصائم، إتيانُ الرجلِ امرأتَه في الصّيام مُنافٍ للصّيام، فإنّ الجماع في نهارِ رمضان منافٍ للصّيام بإجماع الأمّة؛ جاء رجلٌ إلى النبيِّ فقال: هلكتُ وأهلكت يا رسول الله، قال: "ما فعلت؟" قال: أتيت امرأتي في رمضانَ، قال: "هل تجد أن تعتِق رقبةً؟" قال: لا، قال: "هل تستطيع أن تصومَ شهرين متتابعين؟" قال: لا، قال: "هل تستطيعُ أن تطعِمَ ستين مسكينًا؟" قال: لا… الحديث". فدلَّ على أنّ إتيانَ الرجل امرأتَه مترتِّب عليه. أولاً: معصيةٌ لله وارتكابُ كبيرة من كبائرِ الذنوب، وثانيًا: إفسادُ ذلك اليومِ ووجوبُ الكفّارة المغلَّظة، والتوبةُ إلى الله من ذلك الذنبِ العظيم.
أيها المسلم، والمسلم يتوقَّى كلَّ وسيلةٍ يمكن أن تفضِيَ به إلى الحرامِ، فيتّقي اللهَ ويراقبُ الله في نهارِهِ كلِّه ليكونَ من المؤدِّين للأمانة على الحقيقةِ.
أيّها المسلم، ومما يفسِد الصيامَ حَقنُ الدّمِ لمن احتاج إليه، فإذا أُسعِف الصائم بدَمٍ لكون الدّمِ ناقصًا عنده فإنّ إدخالَ هذا الدمِ في الجوف ومعلومٌ أثرُه في صحَّةِ البدن فإنّ ذلك أيضًا مفسِد للصّيام.
أيّها الصائم، ومما يفسِد صيامَ المسلم تعمُّدُه إخراجَ القيء من جوفه، فإنّ تعمّدَ إخراجِ القيء من الجوف مفسِدٌ للصيام؛ لأنّ النبيَّ قال: "من استقاء وهو صائم فليقضِ، ومن ذَرَعه القيءُ فلا قضاء عليه"؛ احتلامُ الصائِمِ في رمضانَ لا يؤثِّر عليه؛ لأنّ هذا أمرٌ غالِب عليه ولا قدرةَ له على مَنعِه؛ تعمُّدُ الصّائمِ إخراجَ المادّة المنويّة بطريق العادَةِ المستهجَنَة السّريّة أو نحو ذلك هذا أمرٌ منافٍ للصّيام؛ لأنّ الصائمَ يدَع طعامه وشرابَه وشهوته، وهذا من إخراجِ الشهوة فذاك منافٍ للصيام.

أيّها الصائمُ المسلم، خروجُ دَمِ الحيض من المرأةِ مفسِدٌ لصيامِها ولو كان قبلَ الوقتِ بدقائقَ، وخروجُه بعد غروبِ الشمس لا يؤثِّر على صيامِها؛ لأنَّ الوقتَ قد انتهى لقوله: "إذا أقبل الليلُ من ها هنا وأدبر النهارُ من ها هنا وغربتِ الشمس فقد أفطر الصائم"؛ تعمُّد إخراجِ الدّمِ بطريق الحِجامة مفسِدٌ للصّومِ بنصِّ سنّة رسولِ الله حيثُ يقول: "أفطَر الحاجِمُ والمحجوم" .
أيّها المسلم، عندما يقَع الأكلُ أو الشّرب نِسيانًا فإنّ ذلك لا يؤثِّر على الصيام؛ لأنَّ النبيَّ قال: "من نسيَ فأكَلَ أو شرِب فليتِمَّ صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه".
أيّها المسلم، تأكَّد في فطرِك من غروبِ الشمس، ووَسائِلُ التحقُّق الآنَ ممكِنة، بطريق الساعة، مِن طريق الهاتف، من طريق وسائِلِ الإعلام، فالأمرُ جليٌّ وواضِح، فعلى المؤذّنين أن يتأكَّدوا من غروبِ الشمس ويتحقَّقوا بالوسائل الممكِنَة حتى لا يقَعَ الصائمون في حرَجٍ في صيامهم.
أيّها الصائم، لعلَّك أن تتساءَل عن أمورٍ يضطرُّ لها الصائم في صيامِه:
أوّلاً: قد يحتاج الصائمُ إلى تحليل الدّم، إمَّا في آخر النّهار أو في أوّلِه أو عند غروب الشمس لا سيّما الأنسولين السكّري وأمثاله، فالجواب أنّ هذه الإبَر التي تؤخَذ لهذه الضّرورة فإنها لا تنافي الصيامَ؛ لأنها ليس إدخالَ شيء للجوف مأكولاً أو مشروبًا.
وثانيًا: لعلّك أن تتساءَلَ عن تحليلِ الدّم، فتحليلُ الدّمِ اليسير الذي لا يؤثِّر على الصائمِ ولا يضعِفُ قوّتَه فإن شاء الله أنّه لا ينافي الصّيامَ.
ولعلّك أن تتساءَل : قد يضطرّ الصائم يومًا إلى قلعِ سِنّه فما العمل؟ نقول: إذا اضطررتَ إليه، إن أمكَنَ التأخيرُ للّيلِ فهو أولى، وإن اضطررتَ إلى قلعِه في النهار فإنّ ذلك لا يؤثِّر على صومِك وإن قُدِّر خَرَج دمٌ؛ فإنه ليس المقصود إخراجَ الدّم، إنما المقصود علاجُ هذا السّنِّ بقلعه.
وقد تتساءَلُ عن حشوِ الأسنان أثناءَ الصيام، فإنّ ذلك أيضًا لا ينافي الصيامَ ولو أعطِيتَ بَنجًا لأجل قَلع الضِّرس، فإنّ ذلك لا ينافي صيامَك.
وقد تتساءلُ أيها الصائم، وقد أصاب الناسَ شيءٌ مِن أنواع الأمراض، فيضطرّون إلى البخّاخ لأنّ النفسَ يضيق أحيانًا، ويصيبُ المصابين بداءِ الربوِ أو غيرها، فإن تحتاجون إلى هذا البخّاخ الذي حقيقتُه توسيعُ قصَبات الهواء لراحةِ الإنسان وليس مقصودُه شيئًا يدخلُ الجسم ليقوّيَه مطعومًا أو مشروبًا، فالظاهرُ إن شاء الله أنّ ذلك لا يؤثِّر على الصيام لأنّه لا يُلحَق بما يؤكَل أو يشرَب.
أيّتها المرأة المسلمة، لا بدَّ من التفقُّه في الدِّين ومعرفةِ أحكامِ الشّرع في الطّهارة وعدمِها.
فاعلمي ـ أيتها المرأة المسلمة ـ : أنّ المرأةَ المسلمة الصائمة لو أصابها دمٌ وهي أثناء الحمل فإنّ هذا الدمَ لا يسمَّى حيضًا ولا ينافي الصيامَ؛ لأنّ المعروفَ أن الحاملَ لا تحيض، وما يخرُج منها من دمٍ فيعتَبَر دمًا فاسدًا؛ المرأةُ المسلِمة أحيانًا تتساءَل عَمّا يحصُل لدَى النساء من أمورٍ قد تكون سببًا في تأخيرِ الدّمِ أو نُزوله على فتراتٍ متعاقبة، كالنّسوة اللواتي يستعمِلنَ ما يسمَّى باللّولِب لأجل أمرٍ ما من الأمور، فإنّ ذلك قد يؤدِّي إلى استمرار خروجِ الدّم أيّامًا متعدِّدةً، وربما بلغتِ الشهرَ كلَّه، وهذا لا شكَّ أنه مما قد تحار فيه المرأةُ المسلمة، فإذا ثبتَ عندها ذلك فإنَّ الواجب عليها أن تتركَ الصلاة والصيامَ أثناءَ العِدّة المعتَبَرة قبل هذا التغيُّر، وأنّ هذا التغيّرَ لا اعتبارَ له.

ودلَّت سنّةُ رسول الله على أنّ المرأةَ المسلمة إذا رأَت شيئًا بعد طُهرِها أنَّ ذلك لا يؤثِّر عليها، ففي حديثِ أمّ عطيةَ أنّ النبيَّ أخبرهم أنّ الكدرةَ والصفرة بعد الطُّهر لا تعتَبَر شيئًا، قالت أمّ عطية: كنَّا لا نعُدّ الكدرَةَ والصفرةَ بعدَ الطّهرِ شيئًا ؛ ودلّت سنّةُ رسولِ الله على أنّ المرأة إذا أسقَطَت جنينًا قبل أن يتخلَّق أي: قبل أن يمضيَ عليه أكثرُ من ثمانين يومًا، فإنَّ هذا السّقطَ لا تعتَبِر المرأة نفسَها نفساء؛ لأنّه لم يتبيَّن فيه خلقُ إنسان ظاهرًا، ولأنّ ما أقلّ من الثمانين يومًا لا يمكن أن يبدوَ فيه خلقُ إنسان.
أيّها المسلم، تفقَّه في دينِك، وكن على بصيرةٍ في أمر دينك، وحافظ على أمانة صيامِك.
أسأل الله: لي ولكم التوفيقَ والسداد والعونَ على كلِّ خير، وأن يجعلَنا وإياكم من الصائمين الصادقين، إنه على كلِّ شيء قدير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) .
بارَكَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئةٍ، فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدّين.
أمّا بعدُ:
فيا أيّها الناس : اتّقوا الله حقَّ التقوى.
عبادَ الله : إنّ تناوُلَ المسلم وهو صائمٌ للعطوراتِ وأنواعِ الطِّيب السائلة لا يؤثِّر على صيامه، فالعطوراتُ على اختلافِها لا تؤثِّر على الصّيام، إنما الذي ينبغِي أن يجتَنَب هو البخور، فالبَخور أثناءَ الصيام هو الذي يتأكَّد اجتنابُه والبُعد عنه، أمّا أنواعُ العطورات: فإنها لا تؤثِّر على الصائم؛ المرأةُ النُّفَساء إذا مضَى عليها عشرون يومًا أو نحو ذلك وانقطَعَ الدّم عنها انقطاعًا كاملاً ولم ترَ صفرةً ولا دمًا وجَب عليها أن تصومَ ولو لم تستكمِل أربعين يومًا؛ لأنَّ الأربعين هي أقصى حدٍّ، فإذا انقطَعَ الدّمُ ورأتِ الطهرَ الكامل وجَب عليها أن تغتسلَ وتصومَ وتصلّيَ ولا يضرُّها شيء.
أيّها المسلم، إنَّ سنّةَ نبيك تعجيلُ الفطر إذا تأكَّد الغروب، هذه سنّةُ نبيِّك ، يقول فيما صحَّ عنه: "أحبُّ عبادِ الله إلى الله أعجلُهم فطرًا"، وقال : "لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطر"، وقال عن ربّه أنه قال: "أحبُّ عبادِي إليّ أعجلُهم فطرًا"؛ فكان يبادِر بالفطرِ متى تحقَّق غروبَ الشمس، هكذا هديُه ؛ بداءَته بالفطرِ قبل الصلاة؛ وكان من هديِ نبيِّكم أن يؤخِّرَ السحورَ إلى قُرب الوقت، هكذا هديُه ، تسحَّر زيدُ بن ثابتٍ مع النبيِّ فسأل أنَسٌ زيدًا: كم كان بين سحورِكم وإقام الصلاة؟ قال: مقدار خمسين آية؛ وكان نبيّكم يحثّ على السحور ويرَغِّب فيه ويقول: "فصلُ ما بين صيامِنا وصيامِ أهل الكتاب أكلَةُ السّحر"[5]، ويقول لنا : "تسحَّروا؛ فإنّ في السحور بركة"؛ بركةُ السّحور بركةُ الوقتِ والقيامِ في ذلك الوقتِ المفضَّل ليدعوَ الإنسان ربَّه ويتوسَّل إليه ويرجوَه ويطيعَه ويتضرَّع بين يدَيه، ويكون طائعًا لله متَرّقبًا لساعةِ إجابةِ الدعاء، وبركةُ أداء صلاةِ الفجر في وقتها، وبركة الاقتداء والتأسّي بمحمّدٍ .
أيّها الصائم، إنَّ النبيَّ يقول: "السَّحور بركةٌ فلا تدعوه، ولو أن يجرعَ أحدُكم جرعةً من ماء، فإنّ الله وملائكتَه يصلّون على المتسحِّرين"؛ إذًا فالمسلم يرتقِب السّحور ولو بشيءٍ قليل، وهو يقول: "نِعم سَحور المسلِمِ التّمر".
فيا أخي المسلم، هذه سنّةٌ أحيِها، ولو قُدِّر أنّ عشاءَك كان متأخِّرًا فأحيِ هذه السنّةَ بما تستطيع اقتداءً وتأسّيًا بمحمّد ؛ ونبيّكم كما أخبرنا عنه أنَس أنه كان يفطِر على رُطَب إن كان زمنَ رطب، وإلاَّ فعلى تمراتٍ إن كان في غيرِ زمن الرطب، وإذا لم يجد في بيته رُطبًا ولا تمرًا فإنّه يحسو حَسَواتٍ من ماء صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين[9]، بمعنى أنّه يمرّ به أيّامٌ من رمضانَ ليس في بيته ما يأكلُه الصائِم وينتفِع به، وإذا قارنّا أحوالَنا وموائدَنا وتنوّعَها وتفنُّنَنا فيما نتسحَّر وفيما نفطِر وفيما نتعشّى ورأينا تلك النعمَ العظيمة والخيراتِ الكثيرة ورأَينا ورأينا عُدنا إلى أنفسِنا لننظرَ: هل قمنا بحقِّ هذه النعمة؟ وهل شكرناها على الحقيقة؟ هل أدّينا واجبها؟ هل شكَرنا من تفضَّل وأنعم بها بقلوبِنا وألسنَتِنا وجوارحنا؟ فإنها نِعَم شاهدةٌ علينا، فلِلَّه علينا نِعَمٌ وآلاء عظيمة، نسأل الله شكرَ هذه النعمة والقيامَ بحقِّها، إنه على كل شيء قدير.
أخي الصائم، كُن عندَ الإفطار مقبِلاً على ربّك، فإنّ للصائم عند فِطره دعوةً لا ترَدّ، والصائم أحدُ الثلاثة الذين لا تُرَدّ دعوتهم، ففي الحديث: "ثلاثةٌ لا ترَدّ دعوتهم: المسافِر والصائِم والمظلوم"، فإنّ هؤلاء يجاب دعاؤهم بتوفيقٍ من الله، فكن عند إفطارِك خاضعًا لربّك مستقبِلَ القبلة رافعًا أكُفَّ الضراعة لذي الجلال والإكرام، اسأَله من فضلِه وكرَمِه وجودِه، فإنك في عبادةٍ وفِطرُك عبادة، فأنت فرِحٌ بفطرِك أن وافقتَ أمرَ الله فصمتَ، وفرِح بما تشتهيه نفسُك. إذًا فادعُ الله وأخلِص له الدينَ، وكن ذاكرًا شاكرًا لربّك نعمَه عليك، فكم نعمة من الله عليك، غيرُك يتمنّى أن يصومَ فحيل بينَه وبين الصيام، فاشكر اللهَ على هذا الفضل وعلى هذه النّعمة، نسأل الله أن يديمَ علينا وعليكم توفيقَه ونِعَمَه، وأن يجعَلَنا وإياكم ممن يستعملُها في طاعةِ الله وفيما يقرِّبنا إلى الله، إنه على كل شيء قدير.
أيّها المسلم، المريض الذي حِيلَ بينه وبين الصيام، اعلَم أنّكَ بنيَّتِك الصالحة وعزيمَتِك الصادِقة أنّ لك ثوابَ الصائمين وأجرَ الصّائمين، يقول : "إذا مَرِض العبدُ أو سَافَر كتَب الله له مَا كانَ يَعمَلُه صَحيحًا مقيمًا"، فإذا عَجزتَ عن الصّيام فلا تعجَز عن تلاوةِ القرآن، ولا تعجَز عن ذِكرِ اللهِ، ولا تعجَز عن نوافِلِ الطّاعة، فإنّ فضل الله واسِع وثوابه عظيم. أسأل الله أن يوفِّقَنا جميعًا لما يُرضيهِ، إنّه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم : الله أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ، شذ في النار، وصلوا – رحمكم الله- على سيد الأولين، والآخرين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله، الهاشمي، القرشي -صلى الله عليه وسلم-، امتثالا لأمر ربكم القائل: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " .

اللهم صلي وسلم، وبارك على عبدك، ورسولك سيد ولد آدم، وارض اللهم عن خلفاءه الراشدين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك، وكرمك، وجودك، وإحسانك، يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام، والمسلمين، وأذل الشرك، والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين .
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمرنا؛ اللهم وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين؛ اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين فهد بن عبد العزيز لكل خير، اللهم أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك؛ اللهم أنصر به دينك، وأعلي به كلمتك، واجمع به قلوب الأمة على الخير والهدى.
اللهم وفق ولي عهده عبد الله بن عبد العزيز لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله، واجعلهم أعواناً على البر والتقوى.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء، والمنكر، والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على عموم نعمه، يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

1- مقصد الصبر في الصيام. 2- الصوم أمانة. 3- أصول المفطرات. 4- مفسدات الصيام. 5- عذر النسيان. 6- أمور لا تفطر الصائم. 7- من أحكام صيام المرأة. 8- من آداب الصيام.




جزاكم الله خيرا
ولنا رجعة للموضوع للاضافة والاثراء باذن الله




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوووووور اخي والله يعطيك الف عافيه




شكرا لمروركم على موضوعي وهذا شرف لي ووسام على صدري
وبارك الله فيكم على التعديل




مفسدات الصوم



مفسدات الصوم هي المفطرات ، وهي : الجماع ، والأكل والشرب، وإنزال المني بشهوة ، وما بمعنى الأكل والشرب، والقيء عمداً ، والحجامة ، وخروج دم الحيض والنفاس ، هذه ثمانية مفطرات.

أما الأكل والشرب والجماع: فدليلها قوله تعالى ( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: 187) .
وأما إنزال المني بشهوة : فدليله قوله تعالى في الحديث القدسي: " يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي".وإنزال المني شهوة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر" والذي يوضع إنما هو المني الدافق ، ولهذا كان القول الراجح أن المذي لا يفسد الصوم حتى وإن كان بشهوة.
الخامس : ما كان بمعنى الأكل والشرب، وهي الإبر المغذية التي يستغني بها عن الأكل والشرب ، لأن هذه وإن كانت ليست أكلاً ولا شرباً لكنها بمعنى الأكل والشرب حيث يستغنى بها عنه، وما كان بمعنى الشيء فله حكمه، ولذلك يتوقف بقاء الجسم على تناول هذه الإبر، بمعنى أن الجسم يبقى على هذه الإبر وإن كان لا يتغذى بغيرها ، أما الإبر التي لا تغذي ولا تقوم مقام الأكل والشرب ، فهذه لا تفطر سواء تناولها الإنسان في الوريد أو في العضلات أو في أي مكان في بدنه.
والسادس: القيء عمداً ، أي : أن يتقيأ الإنسان ما في بطنه حتى يخرج من فمه ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن الني صلى الله عليه وسلم قال : " من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه". والحكمة في ذلك أنه إذا تقيأ فرغ بطنه من الطعام ، واحتاج البدن إلى ما يرد عليه هذا الخلو ، ولهذا نقول : إذا كان الصوم فرضاً فإنه لا يجوز للإنسان أن يتقيأ، لأنه إذا تقيأ ضر نفسه وأفسد صومه الواجب.
وأما السابع : وهو خروج دم الحجامة ، فلقول النبي صلى الله عليه وسلم " أفطر الحاجم والمحجوم".
وأما خروج دم الحيض والنفاس ، فلقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، وقد أجمع أهل العلم على أن الصوم لا يصح من الحائض ومثلها النفساء.
وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلا بشروط ثلاثة وهي : العلم ، والذكر ، والقصد، أي أن الصائم لا يفسد صومه بهذه المفسدات إلا بشروط ثلاثة:
أن يكون عالماً بالحكم الشرعي ، وعالماً بالوقت أي بالحال ، فإن كان جاهلاً بالحكم الشرعي أو بالوقت فصيامه صحيح ، لقول الله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: 286)، ولقوله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)(الأحزاب: 5)، ولثبوت السنة في ذلك ، ففي الصحيح من حديث عديث بن حاتم رضي الله عنه أنه صام فجعل تحت وسادته عقالين وهما الحبلان اللذان تشد بهما يد الجمل ، أحدهما أسود والثاني أبيض ، وجعل يأكل ويشرب حتى تبين له الأبيض من الأسود ثم أمسك ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، فبين له النبي صلى الله عليه أنه ليس المراد بالخيط الأبيض والأسود في الآية الخيطين المعروفين ، وإنما المراد بالخيط الأبيض بياض النهار، وبالخيط الأسود الليل أي : سواده ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم ، لأنه كان جاهلاً بالحكم يظن أن هذا هو معنى الآية الكريمة.
وأما الجهل بالوقت فلحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ، وهو في البخاري، قالت : أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء ، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به ، ولو أمرهم به لنقل إلى الأمة ، لقول الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ، فلما لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله ، علم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم به ، ولما لم يأمرهم به – أي بالقضاء – علم أنه ليس بواجب ، وعلى هذا فلو قام الإنسان يظن أنه في الليل فأكل أو شرب ، ثم تبين له أن أكله وشربه كان بعد طلوع الفجر ، فإنه ليس عليه قضاء ، لأنه كان جاهلاً .
وأما الشرط الثاني : فهو أن يكون ذاكراً ، وضد الذكر النسيان ، فلو أكل أو شرب ناسياً فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه لقول الله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة:286) ، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه".
وأما الشرط الثالث وهو القصد ، فهو أن يكون الإنسان مختاراً لفعل هذا المفطر ، فإن كان غير مختار فإن صومه صحيح ، سواء كان مكرهاً أم غير مكره، لقول الله تعالى في المكره على الكفر: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106) ، فإذا كان الحكم – حكم الكفر – يرتفع بالإكراه فما دونه من باب أولى ، وللحديث الذي يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، وعلى هذا فلو طار إلى أنف الصائم غبار ووجد طعمه في حلقه ونزل إلى معدته فإنه لا يفطر بذلك ، لأنه لم يتقصده، وكذلك لو أكره على الفطر فأفطر دفعاً للإكراه فإن صومه صحيح، لأنه غير مختار ، كذلك لو احتلم وهو نائم ، فإن صومه صحيح ، لأن النائم لا قصد له ، وكذلك لو أكره الرجل زوجته وهي صائمة فجامعها فإن صومها صحيح ، لأنها غير مختارة، وهاهنا مسألة يجب التفطن لها ، وهي أن الرجل إذا أفطر بالجماع في نهار رمضان ، والصوم واجب عليه ، فإنه يلزم في حقه أو يترتب عليه عدة أمور:
الأول : إثم .
والثاني : القضاء.
والثالث : الكفارة.
ويلزمه الإمساك بقية يومه، ولا فرق بين أن يكون عالماً بما يجب عليه في هذا الجماع أو جاهلاً ، يعني أن الرجل إذا جامع في صيام رمضان والصوم واجب عليه ولكنه لا يدري أن الكفارة تجب عليه فإن الكفارة واجبة، لأنه تعمد المفسد ، وتعمده مفسد تستلزم ترتب الأحكام عليه ، بل في حديث أبي هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هلكت ، قال : " ما أهلكك؟" قال : وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة مع أن الرجل لا يعلم عنها.
وفي قولنا : فالصوم واجب عليه ، احتراز مما إذا جامع الصائم في رمضان وهو مسافر مثلاً ، فإنه لا تلزمه الكفارة ، مثل أن يكون الرجل مسافراً بأهله في رمضان وهما صائمان ، ثم يجامع أهله ، فإنه ليس عليه كفارة ، وذلك لأن المسافر إذا شرع في الصيام لا يلزمه إتمامه ، إن شاء أفطر وقضى ، وإن شاء استمر.

من كتاب الشرح الممتع لزاد المستقنع

لفظيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله




بارك الله فيك على هذا الاثراء القيم وجعله الله في ميزان حسناتك




شكرا لكي اختاه على جلبك الرائع
تحياتي




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

أحاديث نبوية تتعلق بالصوم

أحاديث نبويةتتعلق بالصوم

الحديثالأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم، و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه.
الحديث الثاني : عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد.
الحديث الثالث : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب منعته الطعام و الشهوة فشفعني فيه: ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه.
الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر، والإمام العادل، و دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام و تفتح لها أبواب السماء و يقول الرب: و عزتي و جلالي لأنصرنك ولو بعد حين .