التصنيفات
اسلاميات عامة

السلفية منهج الاسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-

تعليمية

تعليمية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فقد وردَ على هذا الموقعِ الدعويِّ انتقادٌ آخرُ من النوع الذي قد سبق، يحمل في طيَّاته شبهاتٍ مكذوبةً على الدعوةِ السلفيةِ بأنها دعوةٌ حزبيةٌ مفرِّقةٌ مبتدعة، تجرُّ الفتنَ، وأنّ التغيير لا يحصل بالفتنة، وقد رأيت من المفيد أن أردّ على شبهاته المزعومةِ ومفاهيمِه الباطلة بتوضيحها بالحقّ والبرهان، عملاً بقوله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: 18].
[وهذا نصّ انتقاده]:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أراسلُكَ وأنا أعلم يقينًا بأنَّ الشيخ فركوس عبدٌ من عباد الله ونحسبُك من المتقين.
1 – إطلاق لفظ السلفية على الفرقة الناجية ألا يُعتبر هذا حزبيةً، وأنت تعلم أنّ القرآن فيه لفظ الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101].
2 – لا أشكّ أنّ كثيرًا من المسلمين يعتقدون أنّ السلفيَّ هو لِحيةٌ وقميص، وماذا عن حالق لحيته ألا يدخل الجنّة حنفي…؟! إنّ اسمَ السلفية فرّقت فأبصر..! ما هو الدليل القاطع على وجوب التسمية للفرقة الناجية؟
إنّ التغيير لا يكون بالدخول في الفتن أي الشبهات، ولو يجلس الشيخ فركوس في مسجده لكان خيرًا له وما النصر إلاّ من عند الله ومن سمَّع سمَّعَ اللهُ به، ﴿مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: 90]».
• فأقـول -وبالله التوفيق وعليه التكلان-:
إنّ السلفيةَ تُطلَقُ ويرادُ بها أحد المعنيين:
الأول: مرحلةٌ تاريخيةٌ معيّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضّلة، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١- أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «فضائل الصحابة» باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «المناقب» باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد: (5383)، والبزار في «مسنده»: (1777)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، وهذه الحِقبة التاريخيةُ لا يصحُّ الانتساب إليها لانتهائها بموت رجالها.
والثاني: الطريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسان من التمسّك بالكتاب والسُّـنَّة وتقديمهما على ما سواهما، والعمل بهما على مقتضى فهم السلف الصالح، والمراد بهم: الصحابة والتابعون وأتباعهم من أئمّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى، الذين اتفقتِ الأُمَّة على إمامتهم وعدالتهم، وتَلَقَّى المسلمون كلامَهم بالرِّضا والقَبول كالأئمّة الأربعة، والليثِ بنِ سَعْدٍ، والسُّفيانَين، وإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والبخاريِّ، ومسلمٍ وغيرِهم، دون أهلِ الأهواء والبدعِ ممّن رُمي ببدعة أو شهر بلقبٍ غيرِ مرضيٍّ، مثل: الخوارج والروافض والمعتزلة والجبرية وسائر الفرق الضالَّة. وهي بهذا الإطلاق تعدُّ منهاجًا باقيًا إلى قيام الساعة، ويصحّ الانتسابُ إليه إذا ما التُزِمت شروطُهُ وقواعِدُهُ، فالسلفيون هم السائرون على نهجهم المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواء كانوا فقهاءَ أو محدّثين أو مفسّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصّ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة والتمسّك بموجبها من الأقوال والأعمال لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(٢- أخرجه مسلم في «الإمارة» باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..: (4920)، والترمذي في «الفتن» باب ما جاء في الأئمة المضلين: (2229)، وأحمد: (21889)، وسعيد بن منصور في «سننه»: (2372)، من حديث ثوبان رضي الله عنه)، ومن هذا يتبيّن أنّ السلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويتخذ سبيلاً لجعله دعوة يدعى إليها، ويوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو السلفيةُ إلى التمسُّك بوصية رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دون ما سواها.
وهذا المنهج الربانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيّقةِ التي فرّقت الأمّةَ وشتّتت شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصلُ إلى الله، به بعث اللهُ رسلَه وأنزل به كتبَه، وهو الطريقُ البيِّنةُ معالِمُه، المعصومةُ أصولُه، المأمونةُ عواقِبُه؛ أمّا الطرقُ الأخرى المستفتحة من كلّ باب فمسدودة، وأبوابها مغلقة إلاّ من طريق واحد، فإنه متّصلٌ بالله موصولٌ إليه، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153]، وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «خطّ لنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطَّا ثمّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثم خطّ خطوطًا عن يمينه وشماله، ثمّ قال: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾(٣- أخرجه الدارمي في «سننه»: (206)، وابن حبان في «مقدمة صحيحه» باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمراً وزجراً: (7)، والحاكم في «المستدرك»: (3241)، وأحمد: (4131)، والبزار في «مسنده»: (1718)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (6/89)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (166))، وقد جاء في «تفسير ابنِ كثيرٍ»(٤- [2/191]): «أنّ رجلاً سأل ابنَ مسعود رضي الله عنه: ما الصراطُ المستقيم؟ قال: تَرَكَنَا محمّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ(٥- الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ. [«النهاية» لابن الأثير: 1/313]) وعن يساره جوادٌّ، ثمّ رجال يدعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثمّ قرأ ابن مسعود الآية».
وعليه يُدرك العاقلُ أنه ليس من الإسلام تكوين أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53]، فقد ذّمّ الله التحزّب والتفرّق في آياتٍ منها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105]، وإنما الإسلام حزب واحد مفلح بنصّ القرآن، قال تعالى: ﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]، وأهلُ الفلاح هم الذين جعل الله لهم لسانَ صِدْقٍ في العالمين، ومقامَ إحسانٍ في العِلِّـيِّين، فساروا على سبيل الرشاد الذي تركنا عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الموصلِ إلى دار الجِنان، بيِّنٌ لا اعوجاجَ فيه ولا انحرافَ قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ»(٦- أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: (43)، والحاكم في «المستدرك»: (331)، وأحمد: (16692)، والطبراني في «الكبير»: (18/247)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث حسنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (1/47)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (937)).
واللهُ سبحانه وتعالى إِذْ سَمَّى في كتابه الكريمِ الرعيلَ الأوَّلَ ﺑ «مسلمين» لأنّ هذه التسميةَ جاءت مطابقةً لما كانوا عليه من التزامهم بالإسلام المصفّى عقيدةً وشريعةً، فلم يكونوا بحاجةٍ إلى تسميةٍ خاصّةٍ إلاّ ما سمّاهم اللهُ به تمييزًا لهم عمّا كان موجودًا في زمانهم من جنس أهل الكفر والضلال، لكن ما أحدثه الناس بعدهم في الإسلام من حوادث وبدع وغيرها ممَّا ليس منه، سلكوا بها طرق الزيغ والضلال، فتفرّق بهم عن سبيل الحقّ وصراطه المستقيم، فاقتضى الحال ودعت الحاجة إلى تسميةٍ مُطابقةٍ لِمَا وَصَفَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الفرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(٧- أخرجه الترمذي في «الإيمان» باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (2641)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. قال العراقي في «تخريج الإحياء» (3/284) «أسانيدها جياد»، والحديث حسّنه الألباني في «صحيح الجامع» (5343))، ومتميّزة عن سُبُل أهل الأهواء والبدع ليستبين أهل الهدى من أهل الضلال. فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾ [الحج: 78]، إنما هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرّدًا عن الشركيات والبدعيات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات في العقيدة والمنهج، ذلك الإسلام الذي تنتسب إليه السلفية وتلتزم عقيدتَه وشريعتَه وتؤسِّسُ دعوتَها عليه، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهبَ السلفِ وانتسبَ إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبول ذلك منه باتفاق، فإنّ مذهبَ السلفِ لا يكون إلاّ حقًّا»(٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/91)).
هذا، وللسلفية ألقابٌ وأسماءٌ يُعرفون بها، تنصب في معنى واحد، فهي تتفق ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، منها: «أصحاب الحديث والأثر» أو «أهل السُّنَّة»، لاشتغالهم بحديث رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وآثارِ أصحابه الكرام رضي الله عنهم مع العمل على التمييز بين صحيحِها وسقيمها وفهمها وإدراك أحكامها ومعانيها، والعملِ بمقتضاها، والاحتجاجِ بها، وتسمى ﺑ «الفرقة الناجية» لأنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «إِن بَني إِسرائيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلّها في النّارِ إلا مِلَّة واحدة» فقيل له: ما الواحدة؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيومَ وَأَصْحَابي»(٩- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (444)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (3/341): «الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند»، وحسنه سليم الهلالي في «درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه والأصحاب»)، وتسمى -أيضًا- ﺑ «الطائفة المنصورة»، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(١٠- سبق تخريجه). وتسمى ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»(١١- أخرجه الترمذي في «الفتن» باب ما جاء في لزوم الجماعة: (2166)، والحاكم في «المستدرك»: (398)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وصححه الألباني في «المشكاة»: الهامش رقم (5)، من (1/61))، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(١٢- أخرجه البخاري في «الفتن» باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها: (6646)، ومسلم في «الإمارة» باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن: (4790)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١٣- أخرجه أبو داود في «السنة» باب شرح السنة: (4597)، والحاكم في «المستدرك»: (443)، وأحمد: (16613)، والطبراني في «الكبير»: (19/377)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (204))، والمراد بالجماعة هي الموافقةُ للحقّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى: جماعةُ الصحابة رضي الله عنهم، وهو ما عليه أهلُ العلم والفقه في الدِّين في كلّ زمان، وكلُّ من خالفهم فمعدود من أهلِ الشذوذ والفُرقة وإن كانوا كثرة قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ الحَقَّ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ»(١٤- أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (49/286). وصححه الألباني في «المشكاة»: (1/61))، والنبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وصف الفِرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(١٥- سبق تخريجه)، وهذا التعيين بالوصف يدخل فيه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه دخولاً قطعيًّا ولا يختصّ بهم بل هو شاملٌ لكلّ من أتى بأوصاف الفِرقة الناجية إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في معرض تعيين الفرقة الناجية: «وبهذا يتبيّن أنّ أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنّة، الذين ليس لهم متبوع يتعصّبون له إلاَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمّتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعًا لها: تصديقًا وعملاً وحبًّا وموالاةً لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملةَ إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا يُنَصِّبُون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجُمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بل يجعلون ما بعث به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه»(١٦- «مجموع الفتاوى لابن تيمية»: (3/347)).
هذا، ولا يعاب التسمي ﺑ «السلفية» أو ﺑ «أهل السنة والجماعة» أو ﺑ «أهل الحديث» أو ﺑ «الفِرقة الناجية» أو «الطائفة المنصورة»؛ لأنه اسم شرعيٌّ استعمله أئمة السلف وأطلقوه بحسَب الموضوع إما في مقابلة «أهل الكلام والفلسفة» أو في مقابلة «المتصوفة والقبوريين والطُّرُقيِّين والخُرافِيِّين» أو تُطلق بالمعنى الشامل في مقابلة «أهل الأهواء والبدع» من الجهمية والرافضة والمعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرِهم. لذلك لما سُئل الإمام مالك -رحمه الله- مَن أهلُ السُّنَّة؟ قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقب يعرفون به لا جهمي ولا قدري ولا رافضي»(١٧- «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» لابن عبد البر: (35)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض: (1/172))، ومراده -رحمه الله- أنّ أهل السُّنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه، وبقوا متمسّكين بوصيّته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من غير انتساب إلى شخص أو جماعة، ومن هنا يُعلم أنّ سبب التسمية إنما نشأ بعد الفتنة عند بداية ظهور الفِرق الدينية ليتميّز أهلُ الحقّ من أهل الباطل والضلال، وقد أشار ابنُ سيرين -رحمه الله- إلى هذا المعنى بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعتِ الفتنةُ، قالوا: سمّوا لنا رجالَكم، فيُنظَرُ إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثُهم»(١٨- رواه مسلم في «مقدمة صحيحه»: (84)، والدارمي في «سننه»: (422))، هذا الأمر الذي دعا العلماءَ الأثباتَ والأئمّةَ الفحولَ إلى تجريد أنفسهم لترتيب الأصول العظمى والقواعدِ الكبرى للاتجاه السلفي والمعتقد القرآني، ومن ثمَّ نسبته إلى السلف الصالح لحسم البدعة، وقطع طريق كلّ مبتدع. قال الأوزاعي -رحمه الله-: «اصبر نفسك على السنّة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عمّا كَفُّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم»(١٩- «الشريعة» للآجري: (58)).
هذا، والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا بـاطل فيه، وصِدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللحية والسواك والجلباب، ونحو ذلك كلّها من الدِّين، والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [البقرة: 208]، وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: 85]. والحكم المسبق على المعيّن بدخول النار والمنعِ من دخول الجنة بتركه للهدي الظاهري للإسلام ليس من عقيدة أهل السنة لكونه حكمًا عينيًّا استأثر الله به، لا يشاركه فيه غيره، وقد بين الله سبحانه وتعالى أنّ استحقاق الجنة ودخولها إنما يكمن في إخلاص العبادة لله سبحانه واتباع نبيه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وقد ذمَّ الله تعالى مقالة أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 111-112]،
فالسلفيةُ لا تهوِّن من شأن السنّة مهما كانت، فلا تهدر من الشرع شيئًا ولا تهمل أحكامَه، بل تعمل على المحافظة على جميع شرعه: علمًا وعملاً ودعوةً قَصْدَ بيانِ الحقّ وإصلاحِ الفساد، وقد أخبر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن الغرباء: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٢٠- أخرجه الطبراني في «الأوسط»: (219)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وأخرجه أبو عمرو الداني في «الفتن»: (25/1)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني «السلسلة الصحيحة»: (3/267)).
والسلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقة، وإنما دعوة تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماع على متابعة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقّ وبيانِه بالحجّة والبرهان، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، فقد كان من نتائج المنهج السلفي: اتحاد كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعي الأخوي المبني على البرّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة.
هذا، والسلفية تتبع رسولها في الصدع بكلمة الحقّ ودعوة الناس إلى الدين الحقّ، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]، والبقاء في البيوت والمساجد من غير تعليم ولا دعوة إخلالٌ ظاهر بواجب الأمانة وتبليغ رسالات الله، وإيصال الخير إلى الناس، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187]، فيجب على الداعية أن يدعو إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على علم ويقين وبرهانٍ على نحو ما دعا إليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، والعلم إذا لم يَصْحَبْهُ تصديقٌ ولم يؤازِرْهُ عملٌ وتَقْوَى لا يُسَمَّى بصيرةً، فأهلُ البصيرةِ هم أولوا الألباب كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 18].
ومن منطلق الدعوة إلى الإسلام المصفّى من العوائد والبدع والمحدَثات والمنكرات كان الانتساب إلى «أهل السُّـنَّة والجماعة» أو «السلفية» عِزًّا وشَرَفًا ورمزًا للافتخار وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، خاصّةً إذا تجسّد بالعمل الصحيح المؤيَّد بالكتاب والسنّة، لكونها منهج الإسلام في الوحدة والإصلاح والتربية، وإنما العيب والذّمُّ في مخالفة اعتقاد مذهب السلف الصالح، في أي أصل من الأصول، لذلك لم يكن الانتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً أو اصطلاحًا كلاميًّا لكنه حقيقة شرعية ذات مدلول محدّد..
وأخيرًا؛ فالسلف الصالح هم صفوة الأمّة وخيرها، وأشدّ الناس فرحًا بسنّة نبيّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأقواهم استشعارًا بنعمة الإسلام وهدايته التي منَّ الله بها عليهم، متمثلين لأمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 57-58]، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «الفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه، ومحبّته له، وإيثاره له على غيره، فإذا فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبّته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له، ولا يحزنه فواتُه، فالفرح تابع للمحبة والرغبة»(٢١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (3/158)).
نسأل الله أن يُعزَّ أولياءَه، ويُذِلَّ أعداءَه، ويهديَنا للحقِّ، ويرزقَنا حقَّ العِلم وخيرَه وصوابَ العمل وحُسنَه، فهو حَسْبُنَا ونعم الوكيل، وعليه الاتكال في الحال والمآل، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 11 جمادى الأولى 1443ﻫ

الموافق ﻟ: 28 ماي 2022م

١-أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «فضائل الصحابة» باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «المناقب» باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد: (5383)، والبزار في «مسنده»: (1777)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

٢- أخرجه مسلم في «الإمارة» باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..: (4920)، والترمذي في «الفتن» باب ما جاء في الأئمة المضلين: (2229)، وأحمد: (21889)، وسعيد بن منصور في «سننه»: (2372)، من حديث ثوبان رضي الله عنه.

٣- أخرجه الدارمي في «سننه»: (206)، وابن حبان في «مقدمة صحيحه»باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمراً وزجراً: (7)، والحاكم في «المستدرك»: (3241)، وأحمد: (4131)، والبزار في «مسنده»: (1718)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (6/89)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (166)

٤- [2/191].

٥- الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ. [«النهاية» لابن الأثير: 1/313].

٦- أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: (43)، والحاكم في «المستدرك»: (331)، وأحمد: (16692)، والطبراني في «الكبير»: (18/247)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث حسنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (1/47)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (937).

٧- أخرجه الترمذي في «الإيمان» باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (2641)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. قال العراقي في «تخريج الإحياء» (3/284) «أسانيدها جياد»، والحديث حسّنه الألباني في «صحيح الجامع» (5343).

٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/91).

٩- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (444)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (3/341): «الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند»، وحسنه سليم الهلالي في «درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه والأصحاب».

١٠- سبق تخريجه.

١١- أخرجه الترمذي في «الفتن» باب ما جاء في لزوم الجماعة: (2166)، والحاكم في «المستدرك»: (398)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وصححه الألباني في «المشكاة»: الهامش رقم (5)، من (1/61).

١٢- أخرجه البخاري في «الفتن» باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها:(6646)، ومسلم في «الإمارة» باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن: (4790)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.

١٣- أخرجه أبو داود في «السنة» باب شرح السنة: (4597)، والحاكم في «المستدرك»: (443)، وأحمد: (16613)، والطبراني في «الكبير»: (19/377)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (204).

١٤- أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (49/286). وصححه الألباني في «المشكاة»: (1/61).

١٥- سبق تخريجه.

١٦- «مجموع الفتاوى لابن تيمية»: (3/347).

١٧-«الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» لابن عبد البر: (35)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض: (1/172).

١٨- رواه مسلم في «مقدمة صحيحه»: (84)، والدارمي في «سننه»: (422).

١٩- «الشريعة» للآجري: (58).

٢٠- أخرجه الطبراني في «الأوسط»: (219)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وأخرجه أبو عمرو الداني في «الفتن»: (25/1)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني «السلسلة الصحيحة»: (3/267).

٢١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (3/158).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.
.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة، أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.
.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م – 1443ھ




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية] تسجيل صوتي لبيان مشايخ الإصلاح الموسوم بـ : هل السلفية خطر على الجزائر ؟- عقي

تعليمية تعليمية
[صوتية] تسجيل صوتي لبيان مشايخ الإصلاح الموسوم بـ : هل السلفية خطر على الجزائر ؟

تعليمية

وبعد : فهذا تسجيل صوتي لبيان مشايخ الدعوة السلفية بالجزائر الموسوم بـ :

تعليمية

وهو مشاركةٌ متواضعة في الدّفاع عن السّلفية السّمحة ضد المغرضين تجاهها في بلادنا ، وفي كل بلاد المسلمين ، وإسهامٌ المقلِّ في مساندة مشايخنا الكرام في ردّ عدوان المتطاولين على أغلى ما نملكه في هذه الدّنيا ، ولا أحسب هذه الكلمات الطيّبة ـ التي تتمتلء غيرةً وشجاعةً وجرأةً ـ إلا يلهج بها كل موحّدٍ في كلّ مكان ، ينتهج منهج السلف علما وعملا ودعوة ، وعقيدة وعبادة وسلوكا وأخلاقا ، عالما كان أو طالب علم أو عاميا ، فدونكم في المرفقات البيان ، والله المستعان .

هل السّلفية خطر على الجزائر ؟ [مسموع ]

هل السلفية خطر على الجزائر ؟ [ مقروء ]

المصغرات المرفقة تعليمية
الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك موضوع قيم

استفدنا منه كثيرا




فيك بارك الله اخي




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكي اختاه




التصنيفات
اسلاميات عامة

السلفية منهج الاسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-

تعليمية

تعليمية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فقد وردَ على هذا الموقعِ الدعويِّ انتقادٌ آخرُ من النوع الذي قد سبق، يحمل في طيَّاته شبهاتٍ مكذوبةً على الدعوةِ السلفيةِ بأنها دعوةٌ حزبيةٌ مفرِّقةٌ مبتدعة، تجرُّ الفتنَ، وأنّ التغيير لا يحصل بالفتنة، وقد رأيت من المفيد أن أردّ على شبهاته المزعومةِ ومفاهيمِه الباطلة بتوضيحها بالحقّ والبرهان، عملاً بقوله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: 18].
[وهذا نصّ انتقاده]:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أراسلُكَ وأنا أعلم يقينًا بأنَّ الشيخ فركوس عبدٌ من عباد الله ونحسبُك من المتقين.
1 – إطلاق لفظ السلفية على الفرقة الناجية ألا يُعتبر هذا حزبيةً، وأنت تعلم أنّ القرآن فيه لفظ الإسلام كما قال الله تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101].
2 – لا أشكّ أنّ كثيرًا من المسلمين يعتقدون أنّ السلفيَّ هو لِحيةٌ وقميص، وماذا عن حالق لحيته ألا يدخل الجنّة حنفي…؟! إنّ اسمَ السلفية فرّقت فأبصر..! ما هو الدليل القاطع على وجوب التسمية للفرقة الناجية؟
إنّ التغيير لا يكون بالدخول في الفتن أي الشبهات، ولو يجلس الشيخ فركوس في مسجده لكان خيرًا له وما النصر إلاّ من عند الله ومن سمَّع سمَّعَ اللهُ به، ﴿مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: 90]».
• فأقـول -وبالله التوفيق وعليه التكلان-:
إنّ السلفيةَ تُطلَقُ ويرادُ بها أحد المعنيين:
الأول: مرحلةٌ تاريخيةٌ معيّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضّلة، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١- أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «فضائل الصحابة» باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «المناقب» باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد: (5383)، والبزار في «مسنده»: (1777)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، وهذه الحِقبة التاريخيةُ لا يصحُّ الانتساب إليها لانتهائها بموت رجالها.
والثاني: الطريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسان من التمسّك بالكتاب والسُّـنَّة وتقديمهما على ما سواهما، والعمل بهما على مقتضى فهم السلف الصالح، والمراد بهم: الصحابة والتابعون وأتباعهم من أئمّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى، الذين اتفقتِ الأُمَّة على إمامتهم وعدالتهم، وتَلَقَّى المسلمون كلامَهم بالرِّضا والقَبول كالأئمّة الأربعة، والليثِ بنِ سَعْدٍ، والسُّفيانَين، وإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والبخاريِّ، ومسلمٍ وغيرِهم، دون أهلِ الأهواء والبدعِ ممّن رُمي ببدعة أو شهر بلقبٍ غيرِ مرضيٍّ، مثل: الخوارج والروافض والمعتزلة والجبرية وسائر الفرق الضالَّة. وهي بهذا الإطلاق تعدُّ منهاجًا باقيًا إلى قيام الساعة، ويصحّ الانتسابُ إليه إذا ما التُزِمت شروطُهُ وقواعِدُهُ، فالسلفيون هم السائرون على نهجهم المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواء كانوا فقهاءَ أو محدّثين أو مفسّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصّ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة والتمسّك بموجبها من الأقوال والأعمال لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(٢- أخرجه مسلم في «الإمارة» باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..: (4920)، والترمذي في «الفتن» باب ما جاء في الأئمة المضلين: (2229)، وأحمد: (21889)، وسعيد بن منصور في «سننه»: (2372)، من حديث ثوبان رضي الله عنه)، ومن هذا يتبيّن أنّ السلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويتخذ سبيلاً لجعله دعوة يدعى إليها، ويوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو السلفيةُ إلى التمسُّك بوصية رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دون ما سواها.
وهذا المنهج الربانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيّقةِ التي فرّقت الأمّةَ وشتّتت شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصلُ إلى الله، به بعث اللهُ رسلَه وأنزل به كتبَه، وهو الطريقُ البيِّنةُ معالِمُه، المعصومةُ أصولُه، المأمونةُ عواقِبُه؛ أمّا الطرقُ الأخرى المستفتحة من كلّ باب فمسدودة، وأبوابها مغلقة إلاّ من طريق واحد، فإنه متّصلٌ بالله موصولٌ إليه، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153]، وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «خطّ لنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم خطَّا ثمّ قال: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ» ثم خطّ خطوطًا عن يمينه وشماله، ثمّ قال: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾(٣- أخرجه الدارمي في «سننه»: (206)، وابن حبان في «مقدمة صحيحه» باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمراً وزجراً: (7)، والحاكم في «المستدرك»: (3241)، وأحمد: (4131)، والبزار في «مسنده»: (1718)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (6/89)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (166))، وقد جاء في «تفسير ابنِ كثيرٍ»(٤- [2/191]): «أنّ رجلاً سأل ابنَ مسعود رضي الله عنه: ما الصراطُ المستقيم؟ قال: تَرَكَنَا محمّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ(٥- الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ. [«النهاية» لابن الأثير: 1/313]) وعن يساره جوادٌّ، ثمّ رجال يدعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثمّ قرأ ابن مسعود الآية».
وعليه يُدرك العاقلُ أنه ليس من الإسلام تكوين أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53]، فقد ذّمّ الله التحزّب والتفرّق في آياتٍ منها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159]، وفي قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: 105]، وإنما الإسلام حزب واحد مفلح بنصّ القرآن، قال تعالى: ﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]، وأهلُ الفلاح هم الذين جعل الله لهم لسانَ صِدْقٍ في العالمين، ومقامَ إحسانٍ في العِلِّـيِّين، فساروا على سبيل الرشاد الذي تركنا عليه المصطفى صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الموصلِ إلى دار الجِنان، بيِّنٌ لا اعوجاجَ فيه ولا انحرافَ قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ»(٦- أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: (43)، والحاكم في «المستدرك»: (331)، وأحمد: (16692)، والطبراني في «الكبير»: (18/247)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث حسنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (1/47)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (937)).
واللهُ سبحانه وتعالى إِذْ سَمَّى في كتابه الكريمِ الرعيلَ الأوَّلَ ﺑ «مسلمين» لأنّ هذه التسميةَ جاءت مطابقةً لما كانوا عليه من التزامهم بالإسلام المصفّى عقيدةً وشريعةً، فلم يكونوا بحاجةٍ إلى تسميةٍ خاصّةٍ إلاّ ما سمّاهم اللهُ به تمييزًا لهم عمّا كان موجودًا في زمانهم من جنس أهل الكفر والضلال، لكن ما أحدثه الناس بعدهم في الإسلام من حوادث وبدع وغيرها ممَّا ليس منه، سلكوا بها طرق الزيغ والضلال، فتفرّق بهم عن سبيل الحقّ وصراطه المستقيم، فاقتضى الحال ودعت الحاجة إلى تسميةٍ مُطابقةٍ لِمَا وَصَفَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الفرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(٧- أخرجه الترمذي في «الإيمان» باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (2641)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. قال العراقي في «تخريج الإحياء» (3/284) «أسانيدها جياد»، والحديث حسّنه الألباني في «صحيح الجامع» (5343))، ومتميّزة عن سُبُل أهل الأهواء والبدع ليستبين أهل الهدى من أهل الضلال. فكان معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾ [الحج: 78]، إنما هو الإسلام الذي شرعه الله لعباده مجرّدًا عن الشركيات والبدعيات، وخاليًا من الحوادث والمنكرات في العقيدة والمنهج، ذلك الإسلام الذي تنتسب إليه السلفية وتلتزم عقيدتَه وشريعتَه وتؤسِّسُ دعوتَها عليه، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «لا عيبَ على مَن أظهر مذهبَ السلفِ وانتسبَ إليه واعتزى إليه، بل يجب قَبول ذلك منه باتفاق، فإنّ مذهبَ السلفِ لا يكون إلاّ حقًّا»(٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/91)).
هذا، وللسلفية ألقابٌ وأسماءٌ يُعرفون بها، تنصب في معنى واحد، فهي تتفق ولا تفترق وتأتلف ولا تختلف، منها: «أصحاب الحديث والأثر» أو «أهل السُّنَّة»، لاشتغالهم بحديث رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وآثارِ أصحابه الكرام رضي الله عنهم مع العمل على التمييز بين صحيحِها وسقيمها وفهمها وإدراك أحكامها ومعانيها، والعملِ بمقتضاها، والاحتجاجِ بها، وتسمى ﺑ «الفرقة الناجية» لأنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قال: «إِن بَني إِسرائيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلّها في النّارِ إلا مِلَّة واحدة» فقيل له: ما الواحدة؟ قال: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيومَ وَأَصْحَابي»(٩- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (444)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (3/341): «الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند»، وحسنه سليم الهلالي في «درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه والأصحاب»)، وتسمى -أيضًا- ﺑ «الطائفة المنصورة»، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(١٠- سبق تخريجه). وتسمى ﺑ «أهل السُّنَّة والجماعة» لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»(١١- أخرجه الترمذي في «الفتن» باب ما جاء في لزوم الجماعة: (2166)، والحاكم في «المستدرك»: (398)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وصححه الألباني في «المشكاة»: الهامش رقم (5)، من (1/61))، وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(١٢- أخرجه البخاري في «الفتن» باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها: (6646)، ومسلم في «الإمارة» باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن: (4790)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه)، وفي قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١٣- أخرجه أبو داود في «السنة» باب شرح السنة: (4597)، والحاكم في «المستدرك»: (443)، وأحمد: (16613)، والطبراني في «الكبير»: (19/377)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (204))، والمراد بالجماعة هي الموافقةُ للحقّ الذي كانت عليه الجماعةُ الأولى: جماعةُ الصحابة رضي الله عنهم، وهو ما عليه أهلُ العلم والفقه في الدِّين في كلّ زمان، وكلُّ من خالفهم فمعدود من أهلِ الشذوذ والفُرقة وإن كانوا كثرة قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ جُمْهُورَ النَّاسِ فَارَقُوا الجَمَاعَةَ، وَإِنَّ الجَمَاعَةَ مَا وَافَقَ الحَقَّ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ»(١٤- أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (49/286). وصححه الألباني في «المشكاة»: (1/61))، والنبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وصف الفِرقةَ الناجيةَ بقوله: «مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»(١٥- سبق تخريجه)، وهذا التعيين بالوصف يدخل فيه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه دخولاً قطعيًّا ولا يختصّ بهم بل هو شاملٌ لكلّ من أتى بأوصاف الفِرقة الناجية إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في معرض تعيين الفرقة الناجية: «وبهذا يتبيّن أنّ أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنّة، الذين ليس لهم متبوع يتعصّبون له إلاَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمّتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعًا لها: تصديقًا وعملاً وحبًّا وموالاةً لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملةَ إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا يُنَصِّبُون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجُمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بل يجعلون ما بعث به الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه»(١٦- «مجموع الفتاوى لابن تيمية»: (3/347)).
هذا، ولا يعاب التسمي ﺑ «السلفية» أو ﺑ «أهل السنة والجماعة» أو ﺑ «أهل الحديث» أو ﺑ «الفِرقة الناجية» أو «الطائفة المنصورة»؛ لأنه اسم شرعيٌّ استعمله أئمة السلف وأطلقوه بحسَب الموضوع إما في مقابلة «أهل الكلام والفلسفة» أو في مقابلة «المتصوفة والقبوريين والطُّرُقيِّين والخُرافِيِّين» أو تُطلق بالمعنى الشامل في مقابلة «أهل الأهواء والبدع» من الجهمية والرافضة والمعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرِهم. لذلك لما سُئل الإمام مالك -رحمه الله- مَن أهلُ السُّنَّة؟ قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقب يعرفون به لا جهمي ولا قدري ولا رافضي»(١٧- «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» لابن عبد البر: (35)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض: (1/172))، ومراده -رحمه الله- أنّ أهل السُّنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأصحابُه، وبقوا متمسّكين بوصيّته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من غير انتساب إلى شخص أو جماعة، ومن هنا يُعلم أنّ سبب التسمية إنما نشأ بعد الفتنة عند بداية ظهور الفِرق الدينية ليتميّز أهلُ الحقّ من أهل الباطل والضلال، وقد أشار ابنُ سيرين -رحمه الله- إلى هذا المعنى بقوله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعتِ الفتنةُ، قالوا: سمّوا لنا رجالَكم، فيُنظَرُ إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثُهم»(١٨- رواه مسلم في «مقدمة صحيحه»: (84)، والدارمي في «سننه»: (422))، هذا الأمر الذي دعا العلماءَ الأثباتَ والأئمّةَ الفحولَ إلى تجريد أنفسهم لترتيب الأصول العظمى والقواعدِ الكبرى للاتجاه السلفي والمعتقد القرآني، ومن ثمَّ نسبته إلى السلف الصالح لحسم البدعة، وقطع طريق كلّ مبتدع. قال الأوزاعي -رحمه الله-: «اصبر نفسك على السنّة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عمّا كَفُّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم»(١٩- «الشريعة» للآجري: (58)).
هذا، والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا بـاطل فيه، وصِدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره من: تقصير الثوب وإطالة اللحية والسواك والجلباب، ونحو ذلك كلّها من الدِّين، والله تعالى يأمرنا بخصال الإسلام جميعًا وينهانا عن سلوك طريق الشيطان، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ [البقرة: 208]، وقد ذمَّ الله تعالى بني إسرائيلَ الذين التزموا ببعض ما أُمروا به دون البعض بقوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: 85]. والحكم المسبق على المعيّن بدخول النار والمنعِ من دخول الجنة بتركه للهدي الظاهري للإسلام ليس من عقيدة أهل السنة لكونه حكمًا عينيًّا استأثر الله به، لا يشاركه فيه غيره، وقد بين الله سبحانه وتعالى أنّ استحقاق الجنة ودخولها إنما يكمن في إخلاص العبادة لله سبحانه واتباع نبيه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وقد ذمَّ الله تعالى مقالة أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 111-112]،
فالسلفيةُ لا تهوِّن من شأن السنّة مهما كانت، فلا تهدر من الشرع شيئًا ولا تهمل أحكامَه، بل تعمل على المحافظة على جميع شرعه: علمًا وعملاً ودعوةً قَصْدَ بيانِ الحقّ وإصلاحِ الفساد، وقد أخبر النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن الغرباء: «الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ»(٢٠- أخرجه الطبراني في «الأوسط»: (219)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وأخرجه أبو عمرو الداني في «الفتن»: (25/1)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني «السلسلة الصحيحة»: (3/267)).
والسلفيةُ ليست بدعوةٍ مُفرِّقة، وإنما دعوة تهدف إلى وحدة المسلمين على التوحيد الخالص، والاجتماع على متابعة الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والتزكيةِ بالأخلاق الحسنة، والتحلي بالخصال الحميدة، والصدعِ بالحقّ وبيانِه بالحجّة والبرهان، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، فقد كان من نتائج المنهج السلفي: اتحاد كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة واختلفت عنهم الأزمنة، ويتعاونون مع غيرهم بالتعاون الشرعي الأخوي المبني على البرّ والتقوى والمنضبط بالكتاب والحكمة.
هذا، والسلفية تتبع رسولها في الصدع بكلمة الحقّ ودعوة الناس إلى الدين الحقّ، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]، والبقاء في البيوت والمساجد من غير تعليم ولا دعوة إخلالٌ ظاهر بواجب الأمانة وتبليغ رسالات الله، وإيصال الخير إلى الناس، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: 187]، فيجب على الداعية أن يدعو إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على علم ويقين وبرهانٍ على نحو ما دعا إليه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، والعلم إذا لم يَصْحَبْهُ تصديقٌ ولم يؤازِرْهُ عملٌ وتَقْوَى لا يُسَمَّى بصيرةً، فأهلُ البصيرةِ هم أولوا الألباب كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 18].
ومن منطلق الدعوة إلى الإسلام المصفّى من العوائد والبدع والمحدَثات والمنكرات كان الانتساب إلى «أهل السُّـنَّة والجماعة» أو «السلفية» عِزًّا وشَرَفًا ورمزًا للافتخار وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، خاصّةً إذا تجسّد بالعمل الصحيح المؤيَّد بالكتاب والسنّة، لكونها منهج الإسلام في الوحدة والإصلاح والتربية، وإنما العيب والذّمُّ في مخالفة اعتقاد مذهب السلف الصالح، في أي أصل من الأصول، لذلك لم يكن الانتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً أو اصطلاحًا كلاميًّا لكنه حقيقة شرعية ذات مدلول محدّد..
وأخيرًا؛ فالسلف الصالح هم صفوة الأمّة وخيرها، وأشدّ الناس فرحًا بسنّة نبيّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأقواهم استشعارًا بنعمة الإسلام وهدايته التي منَّ الله بها عليهم، متمثلين لأمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 57-58]، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «الفرح بالعلم والإيمان والسنة دليل على تعظيمه عند صاحبه، ومحبّته له، وإيثاره له على غيره، فإذا فرح العبد بالشيء عند حصوله له على قدر محبّته له ورغبته فيه، فمن ليس له رغبة في الشيء لا يفرحه حصوله له، ولا يحزنه فواتُه، فالفرح تابع للمحبة والرغبة»(٢١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (3/158)).
نسأل الله أن يُعزَّ أولياءَه، ويُذِلَّ أعداءَه، ويهديَنا للحقِّ، ويرزقَنا حقَّ العِلم وخيرَه وصوابَ العمل وحُسنَه، فهو حَسْبُنَا ونعم الوكيل، وعليه الاتكال في الحال والمآل، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 11 جمادى الأولى 1443ﻫ

الموافق ﻟ: 28 ماي 2022م

١-أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «فضائل الصحابة» باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «المناقب» باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد: (5383)، والبزار في «مسنده»: (1777)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

٢- أخرجه مسلم في «الإمارة» باب قوله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق..: (4920)، والترمذي في «الفتن» باب ما جاء في الأئمة المضلين: (2229)، وأحمد: (21889)، وسعيد بن منصور في «سننه»: (2372)، من حديث ثوبان رضي الله عنه.

٣- أخرجه الدارمي في «سننه»: (206)، وابن حبان في «مقدمة صحيحه»باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها نقلاً وأمراً وزجراً: (7)، والحاكم في «المستدرك»: (3241)، وأحمد: (4131)، والبزار في «مسنده»: (1718)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (6/89)، وحسنه الألباني في «المشكاة»: (166)

٤- [2/191].

٥- الجوادُّ: جمع جادّة، وهي معظم الطريق، وأصل الكلمة من جدَدَ. [«النهاية» لابن الأثير: 1/313].

٦- أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: (43)، والحاكم في «المستدرك»: (331)، وأحمد: (16692)، والطبراني في «الكبير»: (18/247)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث حسنه المنذري في «الترغيب والترهيب»: (1/47)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (937).

٧- أخرجه الترمذي في «الإيمان» باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (2641)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. قال العراقي في «تخريج الإحياء» (3/284) «أسانيدها جياد»، والحديث حسّنه الألباني في «صحيح الجامع» (5343).

٨- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/91).

٩- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (444)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (3/341): «الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند»، وحسنه سليم الهلالي في «درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه والأصحاب».

١٠- سبق تخريجه.

١١- أخرجه الترمذي في «الفتن» باب ما جاء في لزوم الجماعة: (2166)، والحاكم في «المستدرك»: (398)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وصححه الألباني في «المشكاة»: الهامش رقم (5)، من (1/61).

١٢- أخرجه البخاري في «الفتن» باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها:(6646)، ومسلم في «الإمارة» باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن: (4790)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.

١٣- أخرجه أبو داود في «السنة» باب شرح السنة: (4597)، والحاكم في «المستدرك»: (443)، وأحمد: (16613)، والطبراني في «الكبير»: (19/377)، من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (204).

١٤- أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: (49/286). وصححه الألباني في «المشكاة»: (1/61).

١٥- سبق تخريجه.

١٦- «مجموع الفتاوى لابن تيمية»: (3/347).

١٧-«الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» لابن عبد البر: (35)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض: (1/172).

١٨- رواه مسلم في «مقدمة صحيحه»: (84)، والدارمي في «سننه»: (422).

١٩- «الشريعة» للآجري: (58).

٢٠- أخرجه الطبراني في «الأوسط»: (219)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وأخرجه أبو عمرو الداني في «الفتن»: (25/1)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني «السلسلة الصحيحة»: (3/267).

٢١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (3/158).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.
.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة، أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.
.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م – 1443ھ




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[فتاوى] الانتماء إلى الأحزاب السلفية الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله- عقيدة

تعليمية تعليمية
[فتاوى] الانتماء إلى الأحزاب السلفية الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله

س: ما حكم الانتماء والمشاركة في الأحزاب المؤسسة، والتي تحت التأسيس والتي يقال عنها إنها أحزاب للسلفيين، وأين يقف الشيخ محمد منها؟

ج: نحن نتبرأ من الحزبيات كما تبرأ الرسول عليه الصلاة والسلام، جاء عن أم سلمة jعند الإمام أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أنا بريء ممن فرق دينه واحتزب) بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، فربنا بين أن الرسول يتبرأ في الآخرة ممن فرق الدين، وهذا ما أكثر ما يكون إما بالتحزب وإما بالتعصب، فليحذر المسلم من الوقوع في هذا الذي يسبب له البراءة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فيلقى الله عز وجل وقد تبرأ منه الرسول، والله سبحانه وتعالى خصمه يوم القيامة، فنحذر من الحزبيات ونتبرأ منها، والله المستعان.
ولو تسمى بعضهم بأنه سلفي، وأنه كذا، فالسلفية هنا قد جعلت ذريعة ووسيلة إلى الدخول في الفتن العظام، فكلمة (سلفية) لا تسعفه بما تريد، ولا تنجيه مما يحذر ومما يذم بسببه، ويعاقب عليه، فالحزبية هي حزبية مما حاول أصحابها أن يبرروا حزبيتهم، فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخل في التحزب، ولو ادعى من ادعى أن هذا التحزب سلفي، لا يوجد في الإسلام تحزب إسلامي ولا في تحزب سلفي، المسلمون كلهم أمة واحدة، وكلهم حزب واحد، أما أن يقال: هذا التحزب إسلامي، كن حزبًا، وهذا التحزب إسلامي، كن حزبًا ثانيًا، وثالثًا وعاشرًا، هذه من الفتن العظام ومما جاء به الأعداء، وإنما أرادوا أن يجعلوا المسلمين في محن لا تكاد تنتهي وفي مصائب لا تكاد تتوقف، فهذا هو الحاصل.
فهذه التحزبات قبلت عن طريق غفلة، وعن طريق جهالة، وعن طريق أطماع دنيوية، ونظر إلى المال والجاه والملك، فلما جاء الأعداء وقالوا: من تحزب سنعطي له الملك، سنعطي له كذا، أن يكون بعد حين الملك، وأن يكون الرئيس، بعضهم مفتون بحب الدنيا، وبحب الملك، فظن أن هذا صحيح. حتى ولو وصل إلى هذا، يصل إليه بعد ما يرتكب من الجرائم والشنائع ما يرتكب، وبعدما يستحل من المحرمات ما يستحل، وبعدما يسفك من الدماء ويزهق من الأرواح ويغير ما يغير من أمر الدين ومن الحق إلى الباطل وبعدما يوالي أعداء الإسلام ويناصرهم، فنعوذ بالله، لأن يخر الشخص من السماء إلى الأرض أهون من أن يدخل في الحزبية والله المستعان.

الملف الصوتي في المرفقات

الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاك الله خيرا على المعلومات القيمة ونسال الله ان يجزيك خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

الأنتصار للدعوة السلفية والرد على من زعم أنها دخيلة غلى الأمة الجزائرية

تعليمية تعليمية

الانتصار للدعوة السلفية
والرد على من زعم أنها دخيلة على الأمة الجزائرية

كتبه:
أبو بكر يوسف لعويسي

الحمد لله مؤيد الحق وناصره ، وداحض الباطل وكاره ، ومعز الطائعين وجابرهم ، ومذل الباغين وخاذلهم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل :]ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرمي به بريئا فقد احتمل بهتانا وإما مبينا[[ النساء : 112] .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل : الحديث أخرجه أبو داود {ح/3098} والمنذري في الترغيب والترهيب [ج 3/ ص137][ح 3397]وأعاده في [ج3/ص333][ح/4310]وقال : رواه أبو داود واللفظ له ، والطبراني بإسناد جيد نحوه وزاد في آخره [ ليس بخارج ] ورواه الحاكم مطولا ومختصرا وقال : في كل منها صحيح الإسناد .والردغة بفتح الراء وسكون الدال المهملة ، وتحريكها أيضا ، وبالعين المعجمة هي: الوحل ، وردغة الخبال بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة هي: عصارة أهل النار أو عرقهم كما جاء مفسرا في صحيح مسلم وغيسره .أنتهى كلامه رخمه الله .وصلى اللهم وسلم على آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ص[2]
أما بعد : فقد اطلعت على ما نشرته جريدة الخبر اليومي الصادر يوم الخميس 13/ سبتمبر 2022 م / الموافق ل /01/رمضان 1443 هـ على صفحة الراهن تحت عنوان " الخبر " تستطلع المختصين في تنامي الظاهرة بالجزائر. " انتشار الوهابية سببه غياب مرجعية وطنية ودار للإفتاء" .. وهذه كلمة حق أريد بها باطل .وجاء في بعض كلام هؤلاء المؤتمرين أن السلفية وليدة ظروف وستزول بزوالها، وأنها دخيلة على هذه البلاد ، وأنها إمتداد للوهابية الحجازية ، وأن خطابها سطحي ظاهري ، والسبب في انتشارها غياب المرجعية الدينية ، وعدم وجود دار الإفتاء ، وضعف مستوى أئمة المساجد ، وتهميش الإطارات ذات المستوى الجامعي إلخ …
ولي وقفات مع هؤلاء الذين شاركوا في تلك الندوة التي كانت سببا في نشر هذا المقال ، الذي أعلن أصحابه عما تنطوي عليه سرائرهم من الحقد الدفين اتجاه الدعوة السلفية ، شأنهم في ذلك شأن الكثير ممن أعلن الحرب على هذه الدعوة المباركة ، والتي تطالعنا الجرائد بين الفينة والأخرى بشيء من تلك الحرب العشواء،يريدون أن يطفئوا نور الحق ؛والله غالب على أمره ،ولا راد لقضائه ووعده ..
وأول تلك الوقفات: مع {م . منير} الذي أدار الندوة ؛وقيم أولئك المشاركين؛ وقدّرهم وقدمهم للأمة على أنهم أهل اختصاص في علوم الدين والشريعة ، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك لثلاثة أسباب ، يمكن أن يكون لها رابع وخامس..
السبب الأول : أن أقوالهم عارية عن أي حقيقة لدراسة هذه الظاهرة ، ولم يذكروا أي دليل أو مستند على الأسباب التي كانت وراء انتشار الفكر السلفي الوهابي – كما يسمونه – وإنما كل واحد
فيهم ذكر تحليلا من وجهة نظره الثقافية أو السياسية المتشبعة بالعصرنة ،والنزعة الاعتزلية العقلانية ، بعيدا عن الدراسة الاجتماعية ، والدينية ، والسياسية للحقبة التاريخية التي مرت بها الحركة الإسلامية في الجزائر إلى حد ظهور هذا التيار السلفي المبارك على يد طائفة من أهل العلم ..
السبب الثاني : مواقعهم العلمية من الشريعة ، فليس في التعريف بهم أحد يحفظ كتاب الله ، أو شيئا من كتب السنة ، وعلى رأسها موطأ مالك ، كماليس فيهم من يضبط أصول مذهب مالك – المذهب السائد في البلاد – فأهل الاختصاص في الدين والشريعة ؛ إنما يقدمون للناس على هذا الأساس ، وليس على تضحيم ألقاب – كماضخمت ألقابهم – بتقديمهم بشهادات عجفاء جوفاء من العلم الشرعي الصحيح . وقد أعطيت لبعضهم الخطابة فكانوا سببا في تنفير الناس من المساجد ، وكان بعضهم بوقا للدعوة الحزبية ، وبعضهم حاطب ليل يهرف بما لايعرف ، يجهلون فن الخطابة والوعظ وآداب المسجد، وقد استمعت لبعضهم فكان يأتي بالطوام العظام ، وجالست آخرين منهم ، فكان لايسحن الجلوس ..
فليعلم هؤلاء أن الشعب الجزائري السني أصبح يميز بين جميع التيارات العاملة في الساحة كما يميز بين من يعمل للإسلام ، وبين من يلهث وراء المناصب ، والرواتب ، وسياسة الأحزاب ..والزلفى لذوى السلطان والتقرب من الأبواب ، وليطمئنوا متيقنين أن القافلة تسير وأن وعد الله آت ..
ص[3]
السبب الثالث :
هؤلاء وإن كانوا يحملون تلك الشهادات فهي فارغة من العلوم الشرعية كما ذكرت ، والدليل على هذا أنه ليس فيهم من ألف كتابا في العلوم الشرعية وأخرجه للأمة لتنتفع به ، وليس فيهم من هو معروف لدى العام والخاص على أنه إمام ، أو محدث ، أو فقيه ، أو داعية ، أو مفتي ، وهذه آثار دعوته بارزة في المجتمع ، فأين ثمرة جهودهم الإصلاحية المقدمة للأمة في اختصاصهم المزعوم ..؟فلم نسمع ولم يشتهر عن أحدهم أن له برنامج دروس علمية ،وله طلاب وتلاميذ يحملون عنه الكفاءة العلمية المتخصص فيها ،فهؤلاء وللأسف الشديد ما تحصلوا على هذه الشهادات إلى من أجل الحصول على وظيفة من أجل الدنيا لا غير .. وأين كانت صيحات هؤلاء المصلحين الغيورين على بلادهم حين كانت بلادنا تحترق بنار الحزبيين والتكفريين المنشقين عن دعوة الإخوان المسلمين التي ينتسبون إليها ..؟ ولعل هؤلاء يجهلون أن الذي ساهم بنسبة كبيرة في توقيف النزيف الدموي طيلة العشرية السوداء ، وإقناع كثير من أفراد الجماعة الإسلامية المسلحة بل أغلبهم ، وأفراد من الجناح العسكري للإنقاذ بوضع السلاح هم علماء المنهج السلفي فحسب ..ولولا الله ثم أولئك العلماء الربانيون ما كان النزيف يتوقف ..
فهذه الأسباب وغيرها تبين لنا أن أصحاب هذه الأقوال في هذا المقال لا علاقة لهم بالشريعة ، والاعتدال ، وأنهم قُدموا للأمة من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم :> متفق عليه أنظر صحيح الجامع [ح 6551].

ص[4]
الوقفة الثانية : معهم جميعا ..
فأقول : في الوقت الذي تسعى فيه الدول والشعوب الإسلامية للم الشمل ، وتوحيد الصفوف وتضميد الجراح عن طريق الجامعة العربية ، والمجمع الفقهي الإسلامي ، والمؤتمر العالمي الإسلامي ، ورابطة العالم الإسلامي ، وجهود الخيرين من أبناء هذه الأمة التي وصفها الله بأنها أمة واحدة ، وربها واحد ، ونبيها واحد ، وكتابها واحد، بقوله تعالى : ]وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون [ وأمرها بالإعتصام بكتابها الواحد ، بقوله تعالى : ]واعتصموا بحبل الله جميعا ..[
ونهاها عن التفرق.].ولا تفرقوا [ كما نهاها عن الاختلاف بقوله: ] ولا تكونوا كالذين اختلفوا وتفرقوا من بعد ما جاءهم البينات ..[ في هذا الوقت الذي تكالبت فيه علينا الأعداء من كل حدب وصوب ،وتداعت علينا الأمم بكل قواها ؛ نجد من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويهدون بغير هدي نبينا ، يفتّون في عضد هذه الأمة ويمزقونها{ أيدي سبأ }في هذه الظروف يطلع علينا هؤلاء المرجفون – وما أكثرهم في عصرنا – ليزيدوا الطين بلة ، والأمة فرقة ، ويحجموا سعة الإسلام حاملين الحقد والبغضاء – الحالقة – لإخوانهم في الدين والعقيدة الذين يسعون جاهدين لنشر المنهج الصحيح الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فكم ابتلي المسلمون بمثل هؤلاء العقلانيين الذين تشبعوا بالغزو الفكري العلماني ، وسفسطة الحداثة العصرية ، بحجة الإسلام المعتدل الذي تنادي به أمريكا وأوروبا ، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن الوسطية ، لأن الاعتدال عندهم هو ما يخدم مصالحهم ، ويوافق طرقهم ومناهجهم الحزبية ، وليس الوقوف عند قوله تعالى وهو يخاطب هذه الأمة : ] وكذلك جعلناكم أمة وسطا..[ أي عدلا .
ص[5]
ولست أدري أي اعتدال يقصدون من وراء هذا ، إن لم يكن التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الوسطية والاعتدال ، فإن كان هناك اعتدال غير هذا فليبينوه لنا؛ وليصرحوا أن المنهج الذي كان عليه المصطفى وصحابته منهج متطرف لا يصلح لهذا الزمان ، كما يصرح به غيرهم من أعداء الإسلام ، فالمنهج السلفي يقوم على الأخذ بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة؛ وهو عين الوسطية التي أمرنا بالاتصاف بها ، والسير على منهجها والوقوف عند حدودها ، فقد قال تعالى : ] ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [ وقال صلى الله عليه وسلم : وورد بلفظ > أخرجه أبو داود، والترمذي ،وابن ماجة ، والإمام أحمد، وغيرهم أنظر السلسلة الصحيحة [ ج203 – 204] ونحن نقول لهؤلاء من منكم يستطيع أن يبين لنا سبيل المؤمنين الذي حذرنا الله من مخالفته ، ومن منكم يستطيع أن يبين لنا تلك الفرقة الواحدة الناجية من النار من بين تلك الفرق ..؟ فهل هناك فرقة غير تلك التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : مع قولنا آنفا أن الطائفة المعتدلة هي "النبي صلى اللع عليه وسلم وأصحابه " فهم خير القرون ، فالمنتسب إليهم منتسب إلى الخيرية ، والمقتدي بهم متطلع إلى المثالية ، إلى أكمل صفة طبق بها الإسلام ، فلم يعرف التاريخ تطبيقا صحيحا للإسلام مثل ما عرف في زمانهم ، فهذا هو سبيل المؤمنين الذي ينبغي أن نتبعه ، وغيره سبيل المجرمين الذي ينبغي أن نتحراه بقوله تعالى : ] ولتستبين سبيل المجرمين [ فنجتنبه ، ولكن من جهل شيئا عاداه .. ومن تكلم في غير فنه أتى بالغرائب والعجائب ، ومن تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه .
ص[6]
الوقفة الثالثة : المنهج السلفي هو وصل لحلقات المد الإسلامي عبر تاريخ هذه الأمة :
ولعل هؤلاء القوم لم يدرسوا التاريخ الإسلامي لهذه الأمة ، وكيف وصل المد الإسلامي من الجزيرة العربية إلى الشمال الإفريقي ، وكيف انتشر منهج الكتاب والسنة على أيدي الفاتحين من التابعين بقيادة أبي المهاجر دينار ، إلى أن استقر الحال على مذهب مالك السني السلفي إلى عهد الاستعمار
الفرنسي ، وكيف كانت تظهر بين الفينة والأخرى صيحات المصلحين المجددين هنا وهناك على هذه الأرض تنادي بالإصلاح منتهجة في ذلك المنهج السلفي؛داعية الأمة إلى التمسك بالدين الصحيح الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، محاربة للبدع والخرافات التي كانت تنخر في جسم الأمة يدعمها الإستعمار ، إلى أن جاء دور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي أبلت بلاء حسنا في إرسال قواعد الملة على المنهج السني الصريح ،ودعت المسلمين إلى الرجوع لدينهم الصحيح ، وقد استفادت كثيرا من تجارب ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأن الأسباب التي أدت إلى ظهور هاتين الدعوتين هي نفس الأمراض التي أصيبت بها الأمة هنا وهناك ، فإذا كان الفكر الوهابي السلفي دخيل على الجزائر على حد تعبير بعض هؤلاء السفسطائيين فنقول لهم : إن الإسلام وافد على هذه البلاد ، وإن مذهب مالك دخيل عليها كذلك لأنه قادم من الحجاز ، فانبذوهما وتمسكوا بأصالتكم البربرية .. أو بإخوانيتكم الدخيلة علينا من مصر أيضا..
وأيضا نقول لهم :إن أغلب العلماء وطلبة العلم الذين نقلوا مذهب مالك إلى إفريقيا ليسوا من هذا الوطن ، وإذا كان فيهم جزائري فإنه ممن سافر إلى مالك وأخذ عنه أو عن أصحابه ثم عاد إلى بلاده ،فأدخل عليهم ماجاء به .. أو أنه ممن سافر إلى القيروان قديما والزيتونة حديثا ثم رجع إلى بلاده عاملا بما تعلم داعيا إلى مذهب مالك .

كما نقول لهم : إن الديمقراطية دخيلة على بلادنا ، وأن أغلب هذه الحركات الفكرية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية التي تنادي باستصلاح الأمم والشعوب وافدة علينا ،وما العولمة التي تنادي بعلمنة العالم عنا ببعيدة ..
ص[7]
وأيضا نقول لهم : إن معظم الكتب المعتدة في المذهب ليست جزائرية التأليف ، كالمدونة[1] لسحنون وهو قيرواني، والواضحة [2] وهي من تأليف عبد الملك بن حبيب الأندلسي .
————————
1 – المدونة : هي من الكتب المعتمدة في مذهب مالك ، وهي مسائل جمعها فقيه المغرب أبو سعيد عبد السلام بن حبيب بن حسان الحمصي الأصل المغربي القيرواني المالكي ، قاضي القيروان ، ويلقب ب [ سحنون ] المتوفى سنة [240 هـ ] والمدونة هي أسئلة سألها أسد بن الفرت بن القاسم ، بعضها سمعها من مالك وبعضها من كلام ابن القاسم وأصحاب مالك ، وسمعها سحنون من أسد بن الفرات ثم عرضها على ابن القاسم ، فأصلح فيها كثيرا وأسقط ، ثم رتبها سحنون وبروبها واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته ، مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها بل رأي محض ، وحكوا أن سحنون في أو اخر الأمر علّم عليها ، وهم بإسقاطها وتهذيبها ، فأدركته المنية رحمه الله .أنظر ترتيب المدارك [ج2/585 – 625]والسير [ج12/63-69].
2 – الواضحة : وهي من تاليف فقيه الندلس ، أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي ، المكتوفى [سنة 238هـ] وهي مسائل سمعها من عدد من أصحاب مالك قال القاضي عياض وهو يعدد كتب ابن حيبيب : ومنها الكتاب المسماة بالواضحة في السنن والفقه لم يؤلف مثله .أنظر ترتيب المدارك [ج3/30-48].
ص[8]
والعتبية وتسمى المستخرجة[1]،وسميت بالعتبية نسبة لمن جمعها وهو وهو محمد بن أحمد بن عبد العزيز الأموي العتبي القرطبي ، والموزاية [2]وهي من تأليف فقيه الديار المصرية ابن المواز الاسكندراني، والرسالة [3]لأبن أبي زيد القيرواني التونسي،والاستذكار لابن عبد البر الأندلسي.
————————
1 – العتبية : وهي مجموعة مسائل أيضا عن افمام مالم مسموعة من أصحابه ، وسميت بالعتبية نسبة إلى من جمع هذه المسائل وهو محمدبن أحمد بن عبد العزيز الأموي العتبي القرطبي المتوفى [سنة 255هـ] وقيل : سميت بالمستخرجة ، لأنه استخرجها من الواضحة ، وقد شرحها ابن رشد الجد – المتوفى [سنة 520] في كتاب سماه[[ البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة]] وهو مطبوع وقد نقد كتاب العتبية وجرحه بعض العلماء . قال محمد بن عبد الحكم : رأيت جلها كذبا . وقال ابن وضاح : وفي المستخرجة خطأ كثير .وقال ابن لبابة : أكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الشاذة .وقال ابن حزم : لها بإفريقية القدر العالي .أنظر ترتيب المادرك [ج3/144-146]والسير [ج12335-336].
2 – الموازية :وهي من تأليف فقيه الديار المصرية أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني المالكي ، ابن المواز المتوفى [سنة 269هـ] قال القاضي عياض : وهو أجل كتاب ألفه قدماء المالكيين ، وأصحها مسائل ، وابسطها كلاما واوعبها .أنظر ترتيب المدارك [ج3/72-74]والسير [ج13/6] وأنظر مقدمة ابن خلدون في الكلام على هذه المؤلفات [ص449 -451].
3 – الرسالة : ابن أبي زيد القرواني ، وهي أشهر من أن تذكر .
ص[9]
وهكذا فإن جل فقهاء المالكية عيال على هذه الكتب في الفقه ، وكذلك القول في الحديث ، فإن الموطأ هو العمدة ، وصاحبه مدني وأصله من ذي أصبح ، وشروحه كثيرة ،أعظمها التمهيد لابن عبد البر النمري القرطبي ،والمنتقى للباجي ،ولم يذكر في تاريخ هذا البلد أنهم اتخذوا شرحا من شروح الموطأ عمدة ومرجعا لأحد أبناء هذا الوطن من العلماء الأفاضل الذين أخذوا عن مالك مباشرة ، أو عن أصحابه، سواء في المدينة، أو مصر، أو بغداد ،أوالقيروان، أو الأندلس،أو غيرها..لا يُخرج عنه؛ وإنما العمدة على شروح الموطأ المشهورة ؛وعلى العلماء المشهورين بالعلم والفضل والورع ليس إلا ..
ونقول لهم أيضا : فإن علماء وطلبة العلم المسلمين في كل زمان ومكان من جميع أنحاء المعمورة مازالوا يستفيدون من بعضهم البعض ، وينتفع بعضهم ببعض ، ويرحل بعضهم إلى بعض ، والدليل أن كثيرا من طلبة العلم من المغرب العربي رحلوا إلى مالك وأخذوا عنه وأعن أصحابه ، واستمرت الرحلة في طلب العلم إلى العلماء إلى يوم الناس هذا .. فلماذا هذا التهويل ، وهذا العويل ، وأهل الإسلام على اختلافهم بلادانهم ومشاربهم ، ومذاهبهم أمة واحدة كما وصفهم الله تعالى :{{ وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون }}ووصفهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم متفق عليه .
ص[10]
فإذا تفرقت الأمة- أيدي سبأ- واختلفت على ثلاث وسبعين فرقة ، وأخذت كل طائفة بمنهج وسبيل – زعمت أنه الحق – فهذا ليس مسوغ لنا أن زيدها فرقة ، وتصدعا ، وخاصة ونحن نعلم أن الحق في الاجتماع؛ وليس في الافتراق، وأنه في الألفة ، والمحبة ، والأخوة ، والتراحم ، والتوادد والتقارب ، وأن هذا هو السبيل الذي أمرنا الله به ،طاعة الله وطاعة ورسوله ، واتباع ما جائنا به؛ بالفهم الصحيح الذي فهمته الفرقة الناجية في عصر الخيرية التي انتصر بها الإسلام؛حتى تتساقط الحدود ، وتنفجر السدود المملوءة بالحسد والحقد والبغضاء الحالقة.. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .
ونقول لهم أيضا : إن المذهب لم يكن معروفا ولا موجودا بين المسلمين في عصر الأئمة – أصحاب المذاهب – فمالك وغيره من أئمة الاجتهاد لم يكونوا يعرفون معنى المذهب ، وإنما كانوا ينشرون علم السنة وفقه الصحابة والتابعين ، ولذا قيل إن نسبة المذهب إلى صاحبه لا يخلو من تسامح ،فما كان مالك ولا غيره من أئمة المذاهب يدعون أحدا إلى التمسك بمنهجهم وفتاويهم في الاجتهاد ، بل كانوا يحثون أتباعهم على التمسك بالدليل من الكتاب والسنة ، ولا كان عندهم منهج محدد في اجتهادهم ، وإنما كانوا يتبعون في ذلك منهج من سبقهم من علماء التابعين وهؤلاء من الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .أنظر حجة الله البالغة للدهلوي [ج1/438] ورفع الملام عن الأئمة العلام لشيخ الإسلام ابن تيمية .
ولم يحدث هذا التمذهب إلا في القرن الرابع الهجري ، عندما دعت الظروف إلى هذا النوع من الإلتزام بمنهاج معين في الفقه والتشريع ، ولم تكن المذاهب قد استقرت على رأس المائة الثالثة رغم ما قيل من أنه في هذا التاريخ كان قد بطل نحو من خمسمائة مذهب . أنظر كتاب اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري [ص14].
ص[11]
ثم إن التمذهب بمذهب معين ليس من أصول الدين وقواعده الواجبة على المسلمين ، إنما الذي يجب أن يتبع هو كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وإنما أئمة المذاهب مفسرون لما ورد في الأصلين ، مستنبطون منهما الأحكام ، تسهيلا للناس على ما لم يستطيعوا فهمه منهما ،فالذي يقلدمالكا إنما يقلد في الحقيقة ما فهمه مالك من النصوص في الكتاب والسنة . محاضرات في تاريخ المذهب المالكي [ ص7-8 ] لعمر الجيدي .
قلت : وهذا الذي قاله الجيدي يختص بالعوام في المسائل الدقيقة ، والمشتبهات ، وإلا فالحلال بين والحرام بيّن … وعلى من كان من أهل العربية أن يفهم الخطاب كما فهمه أهل اللسان الأوائل الذين نزل القرآن بلغتهم ، فإنه نزل بلسان عربي مبين أي فصيح وليس بألغاز لايفهمها إلا خواص الناس.فالأحكام التي وقع إجماع الأمة عليها استنادا إلى ما جاء عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لاتختص بمذهب دون آخر ، ولا بعالم دون غيره ، وإنما هي سنة وطريقة ماضية لكل المسلمين ؛ فلا اجتهاد فيها ولا تمذهب ، ولا تقليد . فلا يقال مثلا : وجوب الصلوات الخمس هو مذهب مالك وعلى هذا لا يقال هذا مذهب مالك إلا فيما يختص به من اجتهادات قد يصيب فيها وقد يخطئ ؛ فإذا أخطأ وانتقده مجتهد آخر في زمانه أو بعده فكيف تسوغون تقليده فيما أخطأ فيه وتلزمون الناس بذلك ؟؟ وتجعلون ذلك هو المرجعية التي تدين بها الأمة .
يتبع إن شاء الله … الجزء الثاني والثالث .

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك اختي نانو على هذا الارشاد و جزاك الله خير
اللهم انفعنا و لا تذلنا و لا تجعلنا من الجاهلين
ان شاء الله رب تعالي يظهر الحق و يزهق الباطل
تى و ان استعملت كل الاساليب في تغليط و التشويه
بارك الله فيك اختي نانو و جزاك الله كل خير و سترك و اعانك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الردود السلفية على شبهات الحاكمية للشيخ طلعت زهران

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم
نقلا من كتاب : الردود السلفية على شبهات الحاكمية.
المؤلف الشيخ : أ.د. طلعت عبد الرازق زهران.
نبذة عن الكتاب :يتحدث هذا الكتاب علي قضية الحكم بغير ما أنزل الله ورد شبهات كل من كفر الحكام بغير دليل من الكتاب والسنه بفهم سلف الأمة.
الموقع الإلكتروني: www.rahek.com
وصلة تنزيل الكتاب : مــــن هــــــنـــــا

سؤال: هل يعد الحكم بغير ما أنزل الله، أو بمعنى آخر: تحكيم القوانين الوضعية من الكفر الأصغر أم من الكفر الأكبر؟ وما هو الكفر الأصغر؟

الجواب:
الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر، لا يخرج صاحبه من الملة، إلا إذا جحد أو استحل.
وهذا قول جميع أهل السنة والجماعة، قديما وحديثا، كما سنبين.
والكفر الأصغر يطلق على الذنوب التي سماها الشرع كفراً، ولكنه لم يحكم على أصحابها بالخروج من الإسلام، ومنه:

* كفر النعمة والحقوق:
قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) [إبراهيم:34].
وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَان ٍفَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) (النحل 112).

* ومنه تنكر المرأة لحق زوجها وإحسانه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء إأني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن العشير، لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط". ( البخاري)

* ومنه قتال المسلم لأخيه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".(البخاري 5584، ومسلم 97)
و " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". ( البخاري 5700)
وقال تعالى: (وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (الحجرات 32 – 33).

* ومنه الطعن في أنساب الناس وقبائلهم،

* ومنه النياحة على الميت بلطم الخدود، وشق الجيوب
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب، والنياحة على الميت". (رواه مسلم 100).

*ومنه انتساب الولد إلى غير أبيه مع علمه بوالده؛
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر". (البخاري 6270 ، ومسلم94). متفق عليه
وهذه المعاصي، التي ذكرت فيها لفظ الكفر، ولم يرد به الكفر المخرج من الملة، ولذا فإن الإمام البخاري، رحمه الله، بوب في صحيحه: ( باب المعاصي من أمر الجاهلية. ولا يكفر صاحبها إلا بالشرك.)
ووضّح الإمام ابن حجر مراد البخاري من تسمية الباب؛ فقال:
"أي: أن كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم، فهي من أخلاق الجاهلية. والشرك أكبر المعاصي. ولهذا استثناه الإمام البخاري. ثم قال ابن حجر:
واستدل المؤلف أيضا على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يكفر بان الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن. فقال: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } (الحجرات 32 – 33). واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم، " إذا التقي المسلمان بسيفيهما…". (مسلم 5140). فسماهما مسلمين، مع التوعد بالنار. والمراد هنا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ.

* ومنه الحلف بغير الله:
روى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمع أبي – عمر- يقول: "وأبي و أبي" فقال: " ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم "( البخاري6155).

* ومنه تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم،:
وما عليه الجمهور أنه من الكبائر، ولا يكفر فاعله، إلا إذا استحل الكذب على النبي؛ قال صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه

* ومنه مشاركة الكفار أعيادهم:
قال ابن حجر: وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية، فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى"

* ومنه بعض الألفاظ التي ظاهرها الكفر:
كان العرب إذا أجدبوا، ثم نزل عليهم الغيث، نسب بعضهم هذه النعمة إلى النجوم، ويقولون: "مطرنا بنوء كذا" ( مسلم 104). وبالنظر إلى مجموع الأحاديث، التي ساقها ابن حجر في الفتح، يتبين أن هذه الأحاديث تكمل بعضها بعضا، وأن المقصود بها كفر النعمة.

·ومنه ترك الرمي بعد تعلمه:
‏عن ‏ ‏عقبة بن عامر ‏ ‏قال: سمعت رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: ".. ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها" أو قال: "كفرها ‏
ورميه بقوسه ونبله ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها، أو قال: كفرها". (سنن أبي داود 2152)

* ومنه انتساب الرجل إلى غير أبيه:
‏عن ‏ ‏سعد،‏ ‏رضي الله عنه،‏ ‏قال: " سمعت النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: "‏ ‏من ‏ ‏ادعى ‏ ‏إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ". (البخا رى 6269، ومسلم 95).

* فكل هذه صور للكفر الأصغر، الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، وإنما هو من أصحاب الكبائر. وأصحاب الكبائر، وأن ماتوا عليها، فلا يكفرون، ما لم يستحلوا ما فعلوه، فإن نالوا عقوبتهم في الدنيا، فهي كفارة لهم، ومن مات منهم على كبيرته، فهو في مشيئة الله: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له؛ فعن‏ ‏علي، رضي الله عنه، عن النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏قال: "‏ من أصاب‏ حدا، ‏ ‏فعُجل عقوبته في الدنيا؛ فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة. ومن أصاب‏ ‏حدا ‏ ‏فستره الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه". (الترمذي 2550). ‏
قال ‏ ‏أبو عيسى الترمذي:‏ ‏وهذا ‏ ‏حديث حسن غريب،‏ ‏وهذا قول أهل العلم: لا نعلم أحدا كفّر أحدا بالزنا أو السرقة وشرب الخمر.انتهى.
** وليس معنى تسمية تلك الذنوب كفراً أصغر، أن يتهاون الناس في ارتكابها، وإنما المراد مزيد تحذير وتنفير منها، لما لها من آثار خطيرة على مستوى الأفراد والمجتمعات.

والآن هذا أوان الكلام في قول الله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾

الذي عليه جمهور أهل العلم أن هذه الآية لا يختص بها اليهود، الذين أُنزلت فيهم الآية، بل يتعداه الى النصارى والمسلمين وغيرهم.
ومما يؤكد انها للعموم ورود لفظة (من) الشرطية. قال شيخ الاسلام: "وصيغة (من) الشرطية من أبلغ صيغ العموم"[1]
قال ابوحيان الأندلسي عند آية الحكم: " ظاهر هذا العموم؛ فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظاهر أنه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنه عامة في اليهود وغيرهم. ذهب إلى ذلك ابن مسعود وابراهيم وعطاء وجماعة"[2].
قال ابوالسعود: "﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كائنا من كان، دون المخاطبين خاصة، فانهم مندرجون فيه اندراجا أوليا" [3].

* وقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية، والتي قبلها من الآيات، على قولين:

الأول: يأخذ بحديث‏ ‏البراء بن عازب، رضي الله عنه،‏ ‏قال: ‏
" مر على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيهودي ‏محمما ‏ ‏مجلودا، فدعاهم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فقال: " هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا‏ ‏رجلا ‏من علمائهم فقال:
" أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجده ‏ ‏الرجم،‏ ‏ولكنه كثر في ‏ ‏أشرافنا،‏ ‏فكنا إذا أخذنا ‏ ‏الشريف‏ ‏تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه‏ ‏الحد،‏ ‏قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على ‏ ‏الشريف‏ ‏والوضيع، فجعلنا ‏التحميم‏ ‏والجلد مكان‏ ‏الرجم،‏ ‏فقال رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏"اللهم إني أول من أحيا أمرك، إذ أماتوه". فأمر به ‏ ‏فرجم؛ ‏ ‏فأنزل الله عز وجل:‏
{ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر..إلى قوله:.. إن أوتيتم هذا فخذوه} (المائدة 41)، ‏
قالوا: ائتوا ‏ ‏محمدا، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فإن أمركم ‏ ‏بالتحميم‏ ‏والجلد، فخذوه. وإن أفتاكم ‏ ‏بالرجم ‏ ‏فاحذروا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾. الآيات} في الكفار كلها". ( مسلم 3212). ‏

الثاني: استدلوا بأثر ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال في الآيات: " ‏أنزلها الله في الطائفتين من‏ ‏اليهود،‏ ‏وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية؛ حتى ارتضوا‏ ‏أو اصطلحوا‏ ‏على أن كل قتيل، قتلته العزيزة من الذليلة،‏ ‏فديته ‏خمسون‏ ‏وسقا.‏ ‏وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة،‏ ‏فديته‏ ‏مائة‏ ‏وسق.‏ ‏فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏المدينة‏ ‏فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم.‏ ‏ويومئذ لم يظهر ولم ‏ ‏يوطئهما‏ ‏عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة‏ ‏وسق،‏ ‏فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط ، دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد،‏ ‏دية‏ ‏بعضهم نصف ‏‏دية‏ ‏بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ‏ ‏ضيما‏ ‏منكم لنا، وفرقا منكم. فأما إذ قدم ‏محمد،‏ ‏فلا‏ ‏نعطيكم ذلك. فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏بينهم. ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما ‏محمد‏ ‏بمعطيكم منهم ضعف ما ‏يعطيهم منكم، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ‏ ‏ضيما‏ ‏منا وقهرا لهم؛ فدسوا إلى ‏ ‏محمد‏ ‏من يخبر لكم رأيه: إن أعطاكم ما تريدون، حكمتموه. وإن لم يعطكم، حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فلما جاء رسول الله، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏أخبر الله رسوله بأمرهم كله، وما أرادوا؛ فأنزل الله، عز وجل: ‏
{يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر…….‏إلى قوله: ‏ ‏ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.
ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز وجل". (رواه أحمد 2102).
ولا تعارض بينهما؛ لأنه قد يكون لأمر النزول سببان، ولا مانع لا سيما إذا صحت الرواية. قال ابن كثير: (وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد، فنزلت هذه الآية في ذلك
كله والله أعلم)[4]

* (تحقيق ما فعل اليهود)
أنزل الله عليهم التوراة، فكانوا يحكمون بها، وهم مُتمِّسكُون بها، بُرهة من الزمان، ثم شرعوا في تحريفها وتبديلها وتغييرها وتأويلها وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى: {وإنَّ منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}[آل عمران:78] فأخبر، تعالى، أنهم يفسرونها، ويؤولونها ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في معانيها، ويحملونها على غير المراد، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد والتحميم، مع بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع.
عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: "إن اليهود جاؤوا الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ قالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبدالله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة. فنشروها، فوضع أحدهم يده، فاذا فيها اية الرجم، فقرأ ما بعدها. فقال له عبدالله بن سلام: ارفع يدك. فرفع يده فاذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله،صلى الله عليه وسلم، فرجما. قال ‏ ‏عبد الله: ‏ ‏فرأيت الرجل ‏ ‏يجنأ ‏ ‏على المرأة يقيها الحجارة" (البخاري 3363)

وعن أبي هريرةُّ، قال: " زنى رجل من ‏ ‏اليهود‏ ‏وامرأة؛‏ ‏فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنه نبي بعث بالتخفيف. فإن أفتانا بفتيا دون الرجم، قبلناها واحتججنا بها عند الله، قلنا فتيا نبي من أنبيائك، قال: فأتوا النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا‏ أبا القاسم:‏ ‏ما‏ ‏ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: " ‏أنشدكم ‏ ‏بالله، الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏ما تجدون في التوراة على من زنى إذا ‏ ‏أحصن؟ "‏ ‏قالوا:‏ ‏يُحمم ‏ ‏ويُجبه ويُجلد[5]، قال: وسكت‏ ‏شاب‏ ‏منهم. فلما رآه النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏سكت،‏ ‏ألظ‏ ‏به‏ ‏النشدة،‏ ‏فقال: اللهم إذ‏ ‏نشدتنا،‏ ‏فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي،‏ صلى الله عليه وسلم: ‏" ‏فما أول ما ‏ ‏ارتخصتم‏ ‏أمر الله؟ قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يُرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه؛ فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم!! فقال النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ " فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما".
قال ‏ ‏الزهري ‏ ‏فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا}[المائدة44] (أبو داود 3860) ‏

وفي رواية: عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: "إن اليهود جاءوا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الزنا فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: "ارفع يدك"، فرفعها. فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما قال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة".،( كتاب الحدود. باب في رجم اليهوديين، حديث رقم 4446).

وفي رواية: "فلما جاءوا بها، وجعلوا يقرءونها، ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبدالله بن صوريا يده على آية الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ارفع يدك يا أعور" فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، برجمهما وقال: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"[6].

وفي رواية: فإذا آية الرجم تتلألأ»: أي تلوح، وقع بيانها عند أبي داود من حديث أبي هريرة ولفظه: «المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رُجما، وإن كانت المرأة حُبلى تربَّص بها حتى تضع ما في بطنها، وعند أبي داود أيضاً من حديث جابر:"إنا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رُجما".(3862)
قوله: «فقالوا صدق…إلخ»: زاد في رواية أيوب: «ولكنا نكاتمه بيننا»، وفي رواية قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم): «فما منعكم أن ترجموها؟ قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل"، (3862 ).

فإذا تأملنا مافعل اليهود جيدا، وجدناهم قد بدلوا، وجحدوا، واستبدلوا:
* ففي الصورة الأولى قالوا (نفضحهم ويجلدون). وهذا تبديل؛ حيث نسبوا الى الشرع ما ليسفيه؛ زورا وبهتانا. والتبديل كفر أكبر بذاته، لا يختص بمسألة الحكم فقط؛ فكل من بدل حكما شرعيا مجمعاعليه، كفر[7]

* وفي الصورة الثانية، حين سألهم صلى الله عليه وسلم، عن وجود الرجم في كتابهم؛ حدا للزنا. قالوا (لا) وهذا جحود. وهو كفر أكبر بذاته، لا يختص بالحكم.[8].

* وفي الصورة الثالثة، حين قالوا، كما في حديث البراء: " قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء
فلنقيمه على الشريف والوضيع؛ فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم".
فهذا من تحريف علمائهم لكلام الله، وقد كذبوا على الله، سبحانه وتعالى، وأخفوا حكمه. وهذه الصوره تسمى استبدالا؛ حيث تركوا حكما، واستبدلوا به غيره[9].

* (أثر ابن عباس، رضي الله عنهما)
تفسير الصحابي للقرآن حجة؛ فلو فسر الصحابي آية، ولم يخالفه أحد من الصحابة في تفسيرها، فهو حجة، بل يعد إجماعا سكوتيا. وهذه رواياته:
الرواية الاولى: قال ابن عباس في الآية (ليس بالكفر الذي يذهبون اليه)[10]
الرواية الثانية: قوله (كفر لا ينقل عن الملة)[11]
الرواية الثالثة: قوله حين سأله طاوس عن الآية (هو به كفر).
وفي لفظ (هي به كفر وليس كمنكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله)[12]
الرواية الرابعة: قوله (كفر دون كفر)[13]
يتبين مما سبق أن الذي صح من قول ابن عباس، رضي الله عنهما، الرواية الأولى والثالثة، وتحمل على ظاهرها أنها في الأصغر. ويؤيده ما صح عن تلميذه، طاووس، من التفسير بالكفر الأصغر. ومن حملها على الأكبر فقد أبعد النجعة، وتكلف في ذلك.

_________________________ ____________________
[1] (الجواب الصحيح 1/198)
[2] (البحر المحيط 3/492)
[3] (تفسير ابي السعود 2/64)
[4]
(التفسير 3/119)
[5] (والتجبيه أن يُحمل الزانيان على حمار، وتُقابل‏ ‏أقفيتهما، ويطاف بهما)
[6] ثم قد قال الله تعالى، فيما أنزل على رسوله محمد خاتم الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى جميع الأنبياء، منكراً على اليهود في قصدهم الفاسد؛ إذ عدلوا عما يعتقدون صحته عندهم – وأنهم مأمورون به حتما- إلى التحاكم إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم يعاندون ما جاء به، لكن لما كان -في زعمهم- قد يوافقهم على ما ابتدعوه من الجلد والتحميم، المصادم لما أمر الله به حتماً، وقالوا: إن حكم لكم بالجلد والتحميم فاقبلوه، وتكونون قد اعتذرتم بحكم نبي لكم عند الله يوم القيامة، وإن لم يحكم لكم بهذا، بل بالرجم فاحذروا إن تقبلوا منه، فأنكر الله تعالى عليهم في هذا القصد الفاسد، الذي إنما حملهم عليه الغرض الفاسد، وموافقة الهوى لا الدين الحق؛ فقال: ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله) الآية [المائدة:44،43]
[7] التبديل: وهو جعل شئ مكان شئ.. لكن العلماء هنا غالبا ما يريدون هذا الشئ، مع النسبة الى الشرع. وهذا كفر بحد ذاته، لايختص بالحكم فقط، بل يتعداه الى الفتيا وغيرها..
قال ابن تيمية (الشرع المبدل وهو الكذب على الله ورسوله، أو على الناس بشهادات الزور، ونحوها من الظلم البين؛ فمن قال إن هذا من شرع الله، فقد كفر بلا نزاع) (الفتاوى 3/268)
وقال (والانسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء) (الفتاوى 3/267)
قال ابن العربي: "ان حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر) (أحكام القران 2/624
[8] الجحود،قال الجوهري (الجحود الانكار مع العلم)(لسان العرب 7/86)
فالعلم بالشئ ومعرفته في قرارة النفس ثم تكذيبه باللسان يسمى جحودا
قال الراغب (الجحود نفي ما في القلب اثباته واثبات ما في القلب نفيه)(ألفظ القران 15)
قال تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
والفرق بينه وبين التكذيب أن التكذيب هو الانكار باطنا وظاهرا، أما الجحود هو الانكار ظاهرا، وقد يطلق هذا على هذا والعكس..
[9] وأما ما بأيديهم من التوراة المعَرَّبة، فلا يشك عاقل في تبديلها، وتحريفِ كثيرٍ من ألفاظها، وتغييرِ القصص والألفاظ، والزيادات، والنقص البَيِّنِ الواضح، وفيها من الكذب البَيِّنِ والخطأ الفاحش شيءٌ كثير جداً، فأما ما يتلونه بلسانهم ويكتبونه بأقلامهم فلا اطلاع لنا عليه، والمظنون بهم أنهم كذبة خونة يكثرون الفرية على الله ورسله وكتبه. راجع: ابن القيم: إغاثة اللهفان[2/1113-1123 ط ابن الجوزي]
[10] اخرجه ابن جرير في التفسير (10/356) وابن بطة في الابانة (2/734) وعبد الرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمر عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس.. وهذا اسناد صحيح.
[11] اخرجها ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (340) وابن جرير (10/356) ضعيف..
[12] اخرجها ابن جرير (10/356) وابن نصر (339) وعبدالرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمرعن طاوس به..وهذا اسناد صحيح..
[13] اخرجها ابن جرير (10/355) وابن نصر (340) من طريق وكيع عن سفيان عن ابن جريج
عن عطاء.. وابن جريج مدلس وقد عنعن وبهذا يضعف السند..الا انه جاء عند ابن جرير من طرق (10/355) عن حماد عن ايوب عن عطاء بنحو هذا الاثر. فيكون لابن جريج المدلس متابع وهو ايوب وهو ثقة وبهذا يصح الاثر عن عطاء لا ابن عباس لان المروي عنه من طريق هشام بن حجير وعلى الصحيح كما قال الحافظ ابن حجر انه صدوق له أوهام.. وهذا يعني انه لا يعتمد عليه اذا انفرد الحديث بل عند المتابعة..

ويليه بإذن الله شبهات أهل التكفير والرد عليها

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

محاسن الدعوة السلفية، وطريقتها في الاصلاح، ونصائح لدعتها بالبصيرة والحكمة

بسم الله والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، أما بعد:

فإنّ الأمّة اليوم تشكو من تداعي الأمم عليها بديانتها ولغاتهـا وثقافتها وأنواع سلوكها، وأنماط أخلاقها، فتبعيّة أمّتنا المقهورة لها تبعية ذلّ وصغار وضعف، والمعروف من السنن الكونية أنّ القويّ يستحوذ على الضعيف ويهينه، وهذا الخطر المحدق بأمّتنا راجع إلى بُعْدها عن دينها و ثوابتها وانسلاخها عن تراثها وقيم دينها، وانصهارها في حضارات غيرها من الأمم نتيجة الغزو الإعلامي والثقافي وتوسيع دائرة نشاطات التنصير وشبكاته، الأمر الذي إن لم يستدرك- يفضي إلى الإبادة كما بادت أمم من قبلها ومخرج هذه الأمّة ممّا تعاني منه، ونجاحها مرهون بعودتها إلى دينها على ما كان عليه سلفها الصالح، إذ «لا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها»، ولا تتمّ دعوة الحقّ إلاّ بهذا المنهج السلفي القائم على توحيد الله الكامل، وتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتزكية على صالح الأخلاق والآداب، فإنّه بقدر اتّباع هذا المنهج والتربية عليه والالتزام به يكون الابتعاد عن الانحراف والضلال والتبعية.
إنّ أعلام السلف فاقوا غيرهم من أصحاب الفرق والطوائف في مختلف الميادين سواء في التصورات المتجسّدة في القضايا الكبرى الخاصّة بالله سبحانه وتعالى وكذا مخلوقاته في الحياة والكون، أو في المبادئ الإسلامية والقيم المنبثقة منها التي سلكوها في مواجهة التحديّات العلمية والعقدية التي أثيرت في عصورهم، أو في المنطلقات التأصيلية التي بنوا عليها فهم الإسلام و العمل به نصًّا وروحًـا، أو في التفاعل مع الأحداث والوقائع المستجدّة التي واجهوها وتصدّوا لها، كلّ ذلك ينبّئ عن تكامل هذا المنهج الربّاني القويم في التصوّر والقيم والمبادئ وفي العمل والإصلاح والتربية، وفي السلوك والتزكية، فكان أنْ أنار الله به طريق المهتدين وأضاء به صدور العالمين، شرقا وغربا، وصان به دينه وحفظ به كتابه عن طريق الالتزام به من قٍبَل أعلام السلفية جيلا بعد جيل من صدر الإسلام إلى زماننا الحاضر، ذلك لأنّ هذا المنهج السلفي هو منهج الإسلام المصفّى نفسه، البيّنة معالمه، المأمونة عواقبه، يسير على قواعد واضحة، ويتحلّى بخصائص جامعة، فمن قواعده: الاستدلال بالكتاب والسنّة، والاسترشاد بفهم سلف هذه الأمّة، ورفض التأويل الكلامي، وعدم معارضة النقل برأي أو قياس ونحوهما، وتقديمه على العقل مع نفي التعارض بينهما، كما ينفي التعارض بين النصوص الشرعية في ذاتهما، وجعل الكتاب والسنّة ميزانا للقبول والرفض دون ما سواهما.
ومن خصائصه الجامعة: شموله، وتوسطه بين المناهج الأخرى، ومحاربته للبدع والتحذير منها، واجتناب الجدل المذموم في الدين والتنفير منه، ونبذ الجمود الفكري والتعصّب المذهبي، ومسايرته للفطرة والاعتقاد القويم والعقل السليم.
فمثل هذه المناسبات الهامة في حياة أمّتنا وحياة رجالها تمثّل – بصدق- فرصا للتقويم والتقدير والمراجعة، كما تفتح مجالا واسعا للتفكير في كيفية نشر هذا الدين المصفّى في أرضنا وعلى ربوعها وعلى نطاق واسع بتربية الناس على دينهم الحقّ ودعوتهم إلى العمل بأحكامه، والتحلّي بآدابه، وإبعادهم عن أنماط الضلالات الشركية وأنواع الانحرافات الفكرية، ومختلف الأباطيل البدعية التي شوّهت جمال الإسلام وكدّرت صفاءه، وحالت دون تقدم المسلمين، وكانت سببا لهذا البلاء الذي يعيشه المسلمون اليوم.
إنّ هذا المنهج بمبتغاه الدعوي لا يوجد له صدى واسع إلاّ بانتهاج أسلوب اللّين والموعظة الحسنة بعيدا عن التبكيت والغلظة والفجاجة، فإنّ اللّين في مجال التعليم والإعلام والنصح والدعوة والموعظة الحسنة لهو من أهم الأسباب في انتفاع الناس بدعوة الدعاة ومن أهمّ البواعث في تقبّل توجيهاتهم وإرشاداتهم قال تعالى:﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبّكَ بِالحِكْمَةِ و المَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَجَادِلهُمْ بِالَتي هِيَ أَحْسَن﴾ [النحل:١٢٥]، فليس من الحكمة الدعوة بالجهل لأنّه يضرّ ولا ينفع، و ليس من الموعظة الحسنة والجدال بالحسنى الدعوة بالعنف والشدّة لأنّ ضرره أشد وأعظم، ذلك لأن الأسلوب العنيف المؤذي الضارّ يشقّ على النّاس و ينفّرهم من الدّين، بل الواجب الصبر والحلم والرفق في الدعوة إلى الله إلاّ إذا ظهر من المدعو العناد والظلم فلا مانع من الإغلاظ عليه لقوله تعالى:﴿يَا أيّهاَ النّبيّ جَاهِد الكُفّارَ والمُنَافِقِينَ وَاْغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التحريم:٩]، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تجَـادِلُوا أَهْلَ الكِتَابَ إلاّ بالّتي هِيَ أَحْسَن إلاّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ …﴾ [العنكبوت:٤٦]، ومثل هذه الأساليب التي دعا إليها الشرع الحكيم إنّما تقرّرت لتحقيق المقصود من الدعوة إلى الله تعالى وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، قال تعالى: ﴿الله وَليّ الَذِينَ آمَنوُا يٌخْرِجُهُمْ مِنَ الظٌّلّمَاتِ إِلَى النٌّور﴾[البقرة:٢٥٧]، وتحقيق هذه الغاية كان من وراء بعثة الرسل، والدعاة إلى الله يقصدون هذه الغاية نفسها وينشطون لها لإخراج الناس من ظلمة الكفر إلى النور والهدى، ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، ومن ظلمة الجهل إلى نور العلم، ذلك العلم الذي لا بدّ منه للدعوة إلى الله ﴿قٌلْ هَذِهِ سَبيِلي أَدْعٌو إِلىَ اللهِ عَلىَ بَصِيرَةٍ﴾[يوسف:١٠٨].
لذلك كان خير ما سعى إليه المسلم ، وبذل فيه النفس والمال هو العلم بالكتاب والسنّة، إذ عليهما مدار السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة، فليحرص المرء على تحقيق الغـاية من الدعوة إلى الله بتحقيق وسيلتها بإخلاص وصدق فلا يثبطه العجز والكسل فهما خلقان ذميمان، ولا يمنعه العجب والغرور في ترك الاستزادة وعدم الاستفادة، فإن العجب والغرور من أكبر العوائق عن الكمال، ومن أعظم المهالك في الحال والمآل.
وفي رحاب هذا المنظور التربوي وعلى محكّ الفتن، وما لقيته الدعوة السلفية في هذه البلاد من ألوان التهم وأعاصير المحن، استطاعت الأخوّة في السنّة أن تجمع أعيانها في مجالس ملؤها التوجيه والتذكير على الاعتدال بين المغالاة والمجافاة واستقامة بين الإفراط والتفريط، وسط لا تفريط ولا شطط، في كلّ الأحوال وفي كلّ مجال، ويكفي صاحب الاستقامة شرفا و فخرا قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَوْ اسْتَقَامُوا عَلىَ الطَّرِيقَةِ لأَسْقَينَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾[الجن:١٦]، وقوله تعالى: ﴿إِنّ َ الذِينَ قَالُوا رَبنّاَ الله ُ ثمّ اسْتقَامُوا فَلاَ خَوْفَ عَلَيهِمْ وَ لاَ هُمْ يحزَنونَ﴾[الأحقاف:١٣].
سائلا المولى عزّ وجلّ أن ينصر دينه ، ويعلي كلمتـه ، ويوفّق القائمين على الدعوة إلى الله لما فيه خير دينهم وصلاح أمّتهم، كما لا يفوتني أن أسجّل شكري الجزيل لإخواني طلبة العلم نسأل الله أن يكافئهم ويجزيهم أحسن الجزاء.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مستخرج من مقدمة كتاب

مجالس تذكيرية على مسائل منهجية– للشيخ الفاضل محمد علي فركوس1424هـ / 2022م.




جعل الله مجهودك في ميزان حسنات وصالح اعمالك وثبتنا على المنهج السلفي حتى نكون من الفرقة الناجية.




أااامين، بارك الله فيك.




التصنيفات
القران الكريم

[بيان] " قد أفلح من تزكى " لايكون الا على الطريقة السلفية ||||

تعليمية تعليمية

[بيان] " قد أفلح من تزكى " لايكون الا على الطريقة السلفية

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وتبع هداه اما بعد :
قال تعالى "(قد أفلح من تزكى)" الاية 14 من سورة الاعلى
قال العلامة ابن العثيمين رحمه الله رحمة واسعة :
" افلح " مأخوذ من الفلاح والفلاح كامة جامعة وهو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب هذا هو معنى الفلاح فهي كلمة جامعة لكل خير دافعة لكل شر
وقوله "(من تزكى )" مأخوذة من التزكية وهو التطهير ومنه سميت الزكاة زكاة لأنها تطهر الإنسان من الاخلاق الرذيلة
( تزكى ) تطهر ظاهره وباطنه

يتزكى اولا من الشرك بالنسبة لمعاملة الله فيعبد الله مخلصا له الدين لايرائي ولا يسمع ولا يطلب جاها ولا رئاسة فيما يتعبد به الله عزوجل وانما يريد بهذا وجه الله والدار الاخرة
تزكى في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام بحيث لايبتدع في شريعته لابقليل ولا كثير لا في اعتقاد ولا في الاقوال ولا في الافعال
وهذا اعني التزكي بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام وهو اتباعه من غير ابتداع لا ينطبق الا على الطــــريقة السلفـــــية
طريقة اهل السنة والجماعة الذين يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه او على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على الطــريقة السلفــية الذين لايبتدعون في العبادات القولية ولا في العبادات الفعلية شيئا في دين الله تجدهم يتبعون
ما جاء به الشرع خلافا لمل يصنعه بعض المبتدعة

كذلك يتزكى بالنسبة لمعاملة الخلق بحيث يطهر قلبه من الغل والحقد على اخوانه المسلمين فتجده دائما طاهر القلب يحب لإخوانه ما يحب لنفسه لا يرضى لاحد ان يمسه سوء بل يود ان جميع الناس سالمون من كل شر موفقون لكل خير
فالتزكي كلمة عامة تشمل التطهر من كل درن ظاهر أو باطن فصارت التزكية لها ثلاث متعلقات
الاول : في حق الله (عزوجل)
الثاني : في حق الرسول(صلى الله عليه وسلم)
الثالث :في حق عامة الناس
في حق الله تعالى يتزكى من الشرك فيعبد الله تعالى مخلصا له الدين
في حق الرسول يتزكى من الابتداع فيعبد الله على مقتضى شريعة النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والقول والعمل
في معاملة الناس يتزكى من الغل والحقد والعداوة والبغضاء وكل مايجلب العداوة والبغضاء بين المسلمين يتجنبه ويفعل
ما فيه المودة والمحبة . باختصار

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

سلسلة الفؤوس السلفية على رؤوس الإباضية وعقائدهم الردية

تعليمية تعليمية

سلسلة الفؤوس السلفية على رؤوس الإباضية وعقائدهم الردية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله فهذه سلسلة انتقيتها وجمعتها من عدة بحوث من الإنترنت وليس لي فيها إلا الإنتقاء والإختصار أحيانا على نسق سلاسلي الأخرى سائلا الله عز وجل ونحن في هذا الشهر العظيم أن يغفر لي وزوجتي ولكل المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ما تقدم وما تأخر من الذنوب والزلات وأن يكتبنا عنده بكرمه ومنه من المجاهدين الذابين عن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه أفقر خلق الله إلى عفوه

أبو جهاد الجزائري

29 رمضان 1443
19 سبتمبر 2022

الحلقة
(1)

ماذا تقول كتب الإباضية عن الصحابة رضي الله عنهم

الحلقة
(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني هذا استعراض لنقول كثيرة من مصادر موثوقة معتمدة هي أمهات كتب المذهب الإباضي في مختلف فنون العلم ، في أصـول الديانات ، و التاريخ ، والأدب ، و التفسير ، و الفتاوى ؛ وكلها على لسان واحد ، وقلب واحد ، وديانة واحدة ، تتفق جميعها على تقرير البراءة من جملة كثيرة من كبار أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أربعة منهم من العشرة المبشرين بالجنة – وهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن عوام رضي الله عنهم أجمعين، وإثنان من هؤلاء هما من الخلفاء الراشدين المهديين ، وأيضاً من الذي طعنوا فيهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهو صحابي جليل من كتبة الوحي ، و أيضاً من الذين طعنوا فيهم عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل عمان والذي أسلم أهل عمان على يديه ، وغيرهم ممن سيأتي ذكرهم في ثنايا النقل من هذه الكتب الإباضية ، وقد اعتمدت في كثير من النقول من كتابات أحد الإباضية الذين اهتدوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، وبعضها الآخر مما وقفت عليه بنفسي .

وسأستعرض هنا عدد من الكتب التي ورد فيها طعن الإباضية في هؤلاء الصحابة أو أحدهم ، وهي قرابة-18- كتاب ، وأغلبها من أمهات كتب الإباضية ، والله المستعان.

[ 1 ] : كتاب " هميان الزاد إلى دار المعاد " وهو كتاب تفسير للقرآن لمحققهم محمد بن يوسف أطفيش :

جاء في الجزء (11 ) ص ( 342- 348 ) عند تفسير قول الله عز وجل : ( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )الآية (55) من سورة النور ، قال أطفيش المفسر : ( قال " ومن كفر بعد ذلك " الإنعامَ منهم ، والإنعامُ يحصل بإنجاز الوعد ، وحصول الخلافة ، والمراد بالكفر كفر النعمة ، وهو المسمى عندنا كفر النفاق ، أو المراد كفر الشرك بالارتداد ، " فؤلئك هم الفاسقون " الكاملون في النفاق أو الشرك ، وقد قيل : من كفر بعد الذي أنزلت فأولئك هم الفاسقون فسق شرك . وأقول – والله أعلم بغيبه – : إن أول من كفر تلك النعمة وجحد حقها عثمان بن عفان ، جعله المسلمون على أنفسهم وأموالهم ودينهم فخانهم في كل ذلك … ) ثم ذكر أقوالا نسبها – زورا – لبعض السلف ، بدون إسناد إلى راو ، أو عزو إلى مرجع !!!

ومن مفترياته التي رفعها إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قوله : ( إن عثمان فرعون هذه الأمة )!!

ومن مفترياته ما نسبه إلى أبي ذرٍ رضي الله عنه قوله في عثمان رضي الله عنه : " والله لعثمان شر من ذلك الحمار ".

وكذلك ما نسبه إلى ابن مسعود رضي الله عنه تكفيره لعثمان رضي الله عنه ، فقد نسب إليه قوله : " وددت أنا وعثمان برمل عالج يحثو عليَّ و أحثوا عليه حتى يموت الأعجل فقيل إذاًيغلبك فقال لا يعين الله كافراً على مؤمن ". وينسبون إليه أيضا ًقوله :" ما يوزن لعثمان يوم القيامة ذباب، ولا جناح ذباب " .

وكذلك ما ذكره عن عائشة رضي الله عنها
أنها قالت : " إن فيكم فرعون أو مثله " تعني عثمان . وكذلك ينسبون إليها أنها قالت لعثمان :" لقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومااستغفر لك " .

ويذكرون عنها أنهما يتلاعنان ويتسابان ومن ذلك أنها نادته يوماً: " يا فاجر يا غادر خنت أمانتك وضعيت رعيتك وحلال دمك لولا الغواة الذين يمنعونك لذبحتك كالشاة فقال : ( امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا) .

وكذلك من مفترياته ما نسبه إلى أبي حذيفة رضي الله عنه قوله في عثمان رضي الله عنه : " والله ما يعدو عثمان ان يكون فاجرا في دينه اخرق في معيشته " ونسبوا إليه أيضاً قوله : " وددت ان ما في كنانتي من سهم في بطنه " .ونسبوا إليه أنه كفر عثمان رضي الله عنه حين مات فقال عنه : " قتل وهوكافر " !!.

ومن عظيم مفترياته في سيرة عثمان رضي الله عنه أنه كان يتهم الصحابة ، بل ويتهم النبي صلى الله عليه وسلم فمما نسبوه إليه :

* أنه كان يتهم النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لعلي رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذك سارقا وما منعه عن قطع يدك إلا قرابتك منه " !!!.

* ينسب إليه أنه كان يطعن في عمار رضي الله عنه ويتهم بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ 2 ]: كتاب " الدليل والبرهان " لأبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني :

وقد جاء في ( 1 / 27 ) من هذا الكتاب تحت عنوان ( باب : آفات الأمة في دينها ) حيث جعل أول آفات الدين فيما سماه ( زلة عثمان ) وعدد له من الجرائم المخترعة المصنوعة من قبل سلفه الخوارج ما استباح به دم هذا الإمام العادل ، والخليفة الراشد – رضي الله عنه وأرضاه – ثم ثنى بما سماه ( زلة علي ) ثم ثلث بما سماه ( زلة طلحة والزبير ) ، وهكذا حتى خلص في صفحة ( 29 ) إلى ما سماه ( زلة السنية ) يقصد أهل السنة والجماعة ، ثم ( زلـة الزهري ) !! في سياق يقرر به صواب منهج أسلافهم الخوارج ، ويضلل أعلام أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – !! .

وفي ( 1 / 40-41 ) قال وهو يتكلم عن أمير المؤمنين عثـمـان – رضي الله عنه – : ( وعزْله وخلْعه وقتْله حق لانتهاكه الحرم الأربع :

أولاها : استعماله الخونة الفجرة ..
وثانيها : ضربه الأبشار وهتكه الأستار ..
وثالثها : تبذيره الأموال وإسرافه فيها .. فحرم العطايا لأهل العطايا فجاد بها على اللعين وأبنائه الملاعين ..
الرابعة : حين ظهرت خيانته ، فاتهموه على دينهم ، فطلبوه أن ينخلع ، فأبى وامتنع ، فانتهكوا منه الحرم الأربع : حرمة الأمانة ، وحرمة الصحبة ، وحرمة الشهر الحرام ، وحرمة الإسلام حين انخلع من حرمة هذه الحرم ، إذ لا يعيذ الإسلام باغيا ، ولا الإمامة خائنا ، ولا الشهر الحرام فاسقا ، ولا الصحبة مرتدا على عقبه ) انتهت عبارته ، وأقول بما قال الله عز وجل : (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ).

ثم ذكر علي بن أبي طالب ، ثم معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص – رضي الله عنهم وقال : ( وأما معاوية ووزيره عمرو بن العاص فهما على ضلالة ، لانتحالهما ما ليس لهما بحال ، ومن حارب المهاجرين والأنصار فرقت بينهما الدار ، وصارا من أهل النار ) انتهت عبارته التي قطع فيها بالنار لمعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص كما قطع قبل ذلك بقليل بالنار لكل من الصحابيين الجليلين طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام حواري رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فقال عنهما وهو يتكلم عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – : ( ثم قاتل طلحة و الزبير وعائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – فقتاله حق عند الله تعالى ، لشقهم العصا عصا الأمة ، ونكثهم الصفقة ، فسفكوا الدماء ، وأظهروا الفساد ، فحل لعلي قتالهم ، وحرم عليهم الجنة ، فكانت عاقبتهم إلى النار والبوار ، إلا ما كان من أم المؤمنين التائبة ، فمن تاب تاب الله عليه ) انتهى كلامه الذي بلغ فيه من الجرأة على الله أن قطع بالنار – كما قد رأيت لعلمين من أعلام الصحابة الكرام ، بل ممن بشرهم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بالجنة ، كما قطع بالنار للصحابيين الجليلين معاوية وعمرو – رضي الله عنهما – فيما رأيته قبل قليل ، ثم لم يلبث حتى قال عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – : ( وأما علي فقد حكم بأن من حكّم فهو كافر ، ثم رجع على عقبه ، وقال : ( من لم يرض بالحكومة كافر ) فقاتل من رضي بالحكومة وقتله ، وقاتل من أنكر الحكومة وقتله ، وقتل أربعة آلاف أواب من أصحابه [ يقصد الخوارج ] ، واعتذر فقال : ( إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ) فقد قال الله عز وجل فيمن قتل مؤمنا واحدا : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) إلى قوله : ( عذابا عظيما ) فحرمه الله – من سوء بخته – الحرمين ، وعوضه دار الفتنة العراقين ، فسلم أهل الشرك من بأسه ، وتورط في أهل الإسلام بنفسه ) انتهى كلامه . و إلى الله المشتكى !! .

[ 3 ] : كتاب " جوابات الإمام السالمي " لإمامهم نور الدين السالمي:
جوابات السالمي ( 6 / 132 ) وهي في " العقد الثمين "( 1 / 219 – 220) :

السؤال : حكم من صوب المخالفين أهل المذاهب الأربعة في ولا يتهم لعلي وعثمان ومعاوية جهلا منه وغرورا بما وجده عن عدو الله دحلان من الحمية والعصبية لمذهبه العاطل ، ومعتقده الفاسد الباطل ، وهل هذا منه نوع رجوع عن معتقده إذا كان معتقدا قبل ذلك عداوتهم ؟ وهل يسعه عدم الجزم بمعتقد الإباضية الوهبية فيهم ؟

الجواب : لا يحل لأحد تصويب هؤلاء المخالفين فيما خالفوا فيه المسلمين من أمر الدين ، فمن صوبهم على ذلك فهو منهم ، وحكمه حكمهم ، ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ورأس الولاية التصويب ، وعليه أن يتولى المسلمين ، وأن يعتقد أنهم على الحق في ولا يتهم لأوليائهم ، وبراءتهم من أعدائهم ، وليس الاغترار بقول دحلان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصا في نصرة مذهبهم ، فإنهم يدعون ذلك قربة ، ويحتسبونه في الآخرة ، ولقد رأيت في سيرة دحلان ، نوعا من الكذب لم يسبقه إليه أحد فيما علمت ، فليأخذ المرء حذره ( ولا تسألون عما كانوا يعملون ) ,الله أعلم . )

في جواب آخر على سؤال عن علي وأهل النهروان ، وبعد كلام طويل شرح فيه ما حدث بينهما – كما يراه هو من زاوية الخوارج – قال في ( جوابات السالمي 6/ 153 ) و ( العقد الثمين 1 / 189 ) قال عن عمرو بن العاص في معرض وصف ما كان بينه وعلي بن أبي طالب : ( ولم يدر [ يقصد عليا ] أن هناك عمرو صاحب المكائد العظمى ، جراحات بدر في حشاه تفور ) ثم قال عن عمرو : ( على أنه قد باع دينه بمصر ، وهي يومئذ في يد علي ، وقال لمعاوية ، والله لا أعطيك شيئا من ديني حتى تعطيني شيئا من دنياك ، فجعل له مصر ) ثم قال : (فأهل النهروان هم المحقون ، ومن قاتلهم هم المبطلون ، فمن أدرك علم ذلك ، وجب عليه ولايتهم بلا خلاف بين المسلمين ، وكذلك – أيضا – تلزمه البراءة ممن قاتلهم )

جوابات السـالمي ( 6 / 208- 210 ) والعقد الثمين ( 1 / 181-182 ) :

( السؤال : ما يقال في الأحاديث التي رواها قومنا في فضائل عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وسبطيه ، وابن أبي سفيان معاوية ، ووزيره عمرو بن العاص ، و طلحة و الزبير ، و الأصح فيهم البراءة أو الوقوف لهذا الإشكال ؟، وهل يقال : إن علي بن أبي طالب ، تاب ؛ لأنه ذكر أنه بعد قتله أهل النهروان كان يظهر الندم والتوبة ؟.

الجواب : أكثر هذه الأحاديث مكذوب كما صرح به نقاد الحديث ، راجع المناقب من " اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " تجد بغيتك ، وتظفر بطلبتك ، والبراءة من أهل الأحداث واجبة على من بلغ علمه إلى معرفة حكم ذلك ، والمسلمون قد حكموا فيهم بحكم الله تعالى ، فمن علم فيهم مثــل علمهم جاز له الحكم بمثل حكمهم ، ومن قصر علمه عن ذلك كان سبيله الوقوف ، وعليه أن يتولى المسلمين على ولا يتهم لمن تولوا ، وبراءتهــم ممن برؤوا ، وطريقتهم واضحة كالشمس الطالعة لا يكدرها غبار ، وكذب الكاذب لا يورثنا إشكالا ، فنحن على بصيرة من أمرنا ، وخبرة من ديننا ، لا تميل بنا الأهواء ، ولا تستميلنا الرجال ، نعــــرف الرجال بالحق …) إلى أن قال : ( وندم علي إنما كان على قتل أصحابه ، وضياع أمره ، وانتقاص دولته ، ولا يوجب ذلك توبة ، لو كان تائبا لأذعن للحق وجمع المسلمين ، وطلبهم حيث كانوا ، وخلع الأمر على أيديهم ، فإن شاؤوا قدموه ، وإن شـاؤوا أخروه ، والغيب لله ، وحكمنا على ما ظهر ، فإن كان قد تاب توبة نصوحا فالله أعلم بها ، ولا ينافي في ذلك حكم المسلمين فيه، وقاتل أربعة آلاف مؤمن في معركة واحدة حقيق بالبراءة ، ومن خرج على الإمام العادل بغيا وعدوانا كالجمل وصفين حقيق بالبراءة ، وكأني بك قد جاورت المخالفين ، أو طالعت كتبهم فاحذرهم أن يضلوك ، فوالله الذي لا إله إلا هو إن الحق واضح عند هذه العصابة التي نظر إليها أهل الدنيا بنظر الاحتقار ، وذلك بعد ما انقرضت دولتنا ، وظهرت دولة الأراذل ، والأيام دول ، وغلبة الدنيا غير معتبرة ، والله ربي ، والأيادي شاهدة ، والله أعلم . ) .

وفي العقد الثمين ( 1 / 208-209 ) سئل عن البراءة من عثمان وغيره من المتقدمين من أي طريق تثبت على علماء المسلمين اليوم ؟ فأجاب : ( الشهرة بالشيء طريق من طرق العلم المسموع ، وهذا الطريق يسمى عند الأصوليين بالتواتر ، وهو يفيد العلم القطعي الضروري ، وقيل بل بالقطعي النظري ، وبالجملة فإنه يفيد العلم يقينا ، ومن هنا أوجبوا به ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة ، وإذا ادت الشهرة التي هذا حكمها حدثا من الأحداث المكفرة عن إنسان معين لزم من بلغه ذلك أن يبرأ من ذلك المحدث ، ومن ههنا قالوا : طرق البراءة أربع ، أحدها : شهرة الحدث ، وهو طريق المتبرئين من أهل الأحــــداث المتقدمين …) إلى أن قال ( وفي كلام سالم بن ذكوان الهلالي رحمه الله تعالى ما يقضي بأن شهادة المسلمين في البراءة من أهل الأحداث المتقدمين يلزم قبولها ، والله أعلم ) .

وفي " العقد الثمين – أيضا – ( 1 / 191- 193 ) سئل : عن الضعيف إذا قرأ في السير بوقائع الصحابة والأحداث التي حدثت بينهم من الفتن ، واشتهر عنده من تواتر الآثار بأن فلانا فعل هذا ، وغيَّر ، وقاتل غير المستحق كطلحة والزبير في صكة الجمل ، ومعاوية وعمرو بن العاص مع غدرهما بالمسلمين ، وعلي بن أبي طالـب مع ما جرى من خبره بالنهروان ، ولكنه لم يره إلا مسطرا في الدفاتر ،وحصلت له الشهرة من جم الكتب ، ولم يسمع من علماء عصره ، ولا جرى ذكر هؤلاء بحضرته ، أله أن يبرأ على هذا أم الوقوف أولى لهذا الضعيف ؟… الخ السؤال )

الجواب : الأحداث من المذكورين جاء بها التواتر ، ينقلها الموافق والمخالف ، واشتهرت عند الأوائل والأواخر ، والمسلم والكافر ، لكن وقع النزاع في حكم تلك الأحداث ، فأهل الحق [ يقصد الإباضية ] يرونها أحداثا مهلكة ، ويبرؤون من أهلها ؛ لما فتح الله لهم من العلم في حكم ذلك !!! .. ( الخ الجواب الذي مضى يدلل فيه على ما قرره ) . والعجيب أن العلامة !! المعــلق على الكتاب وهو سالم الحارثي المضـيربي قد علق على هذه الفتوى موردا الدلائل والبراهين التي أغفلها شيخه التي تسوغ البراءة من هؤلاء الصحابة في وجهة نظره وأن التحقيق لديه قوله : (وعنــدي أن منعه للحق [ أي عثمان ] كان خــرفا وغلبة ) .فالتحقيق – عنده !! – وصف أمير المؤمنين عثمان بالتخــريف !! .

وفي " العقد الثمين " ( ص 1 / 183-187 ) سؤال بالنظم تضمن استبيانا من الشيخ السالمي عن حقيقة قولهم بالبراءة من الصحابة جاء فيه :

ولقد برئتم من علي ذي الفقار وسبطه آل النبي الأطهار

فرميتموهموا بالضلال وقلتموا هم أهل تحريف بلا إنكار

ورضيتموا عن ابن ملجم الذي سفك الدماء بسيفه البتار

وعدلتموا عن ابن عفان الذي جمع الكتاب مصحح الآثار

ولعنتموا آل ابن مروان الألى فيهم أبو حفص حليف الجار

فكان مما قال في جوابه عن هذا الموضوع : (.. فأهل الأحداث المضلة في عصر الصحابة ومن بعدهم ومن قبلهم إنما نبرأ منهم بسبب ما أحدثوا من المعاصي التي أوجب ربنا تعالى مفارقتهم عليها ، والبراءة منهم بسببها ولا نقطع أنهم في النار إلا إذا كانوا قد ماتوا على ما علمناه منهم في حكم الظاهر … ) إلى أن قال : ( .. ونحن لم نرم عليا ولا سبطه الحسن بشيء ، وإنما ذكرناهم بأحداثهم التي رموا فيها أنفسهم … وابن ملجم إنما قتل نفسا واحدة،وعلي قتل أربعة آلاف نفس مؤمنة في موقف واحد إلا قليلا ممن نجا منهم… وعثمان قد أجمعت الصحابة على خلعه وعزله ومحاصرته في بيته حتى قتل والمسلمون له قالون ، وعليه ساخطون ، وإنما سترتْ أحداثه دولةُ أقاربه من بني أمية ، صارت الدولة لهم ، فأظهروا فضائله ، وكتموا أحداثه ، ألا تسألهم أين دفن عثمان ، إنما دفن في أرض ليهودي يقال لها "حش كوكب" لم يرضوا أن يدفنوه في مقابر المسلمين ، فلما صارت الدولة لمعاوية أمر الناس أن يدفنوا موتاهم بينه وبين مقبرة المسلمين ، حتي اتصلت القبور بقبر عثمان ، ليلبس على الناس أنه دفن في مقبرة المسلمين وهذا أمر مشهور …) الى آخر ما قالـــه في فتواه التي أخذ يعتذر لأصحابهم ( الإباضية) في براءتهم من عمر بن عبد العزيز وأشار إلى عدم اعتقاده هو شخصيا لذلك مخالفا لأسلافه ، ثم تهجم على أهل السنة بما سوف نعرض له في مقام آخر – إن شاء الله –

وفي الجزء الخامس من ( جوابات السالمي ) هذه صفحة ( 252) قال السالمي وهو يقرر صفة الباغي : ( ومنها أن يعطل الإمام الحدود ، ويتسلط على الرعية ، ويفعل فيهم بهوى نفسه ما شاء فيستتيبونه فيصر على ذلك فيصير بعد الإمامة جبارا عنيدا ، فإنه يكون بذلك باغيا على المسلمين ، ويجوز لكل من قدر عليه قتله ليريح الناس من ظلمه وفساده ، فإن أمكن الاجتماع عليه من المسلمين كان ذلك أولى كما فعل المسلمون بعثمان ، وإن لم يمكن جاز قتله غيلة كما فعلوا في علي ومعاوية وعمرو بن العاص فإن ثلاثة من المسلمين اتفقوا على قتل هؤلاء الرؤساء في ليلة واحدة بعد أن خلع علي نفسه ، وقاتل أهل النهروان … ) وراح السـالمي يمجد قتلتهم ويصوب فعلهم ، وإلى الله المشتكى .

وصريح كلام السالمي هنا أن الفقه الإباضي يجيز اغتيال الحاكم إذا خالف غلاة الإباضية المتعصبين ولم يسر وفق أمزجتهم ، فتأمل ذلك .. إنه تشريع لمبدأ اغتيال حكام المسلمين وأمرائهم ولو كان هؤلاء الحكام في تقواهم وعدلهم كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب !! فكيف بمن هو دونهم من حكام المسلمين ؟؟ إنها فتنة ورب الكعبة !! وتضليل للأمة ، وتغرير بالشباب والأحداث بفقه غاية في البعد عن روح الإسلام وأحكامه وحقيقته ، وما العجب إلا من ترويج هذا الفقه ونشره دون أي تدبر لعواقبه ولو على الأمد البعيد !!! .

**


منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
اهلا اختي نانو اطلالة مفاجأة مفرحة في نفس الوقت اهلا وسهلا بك .
وشكرا على الموضوع المشارك مفيد جدا ننتظر ظهورك مرة اخرى بأنتظارك في المنتدى اشتقنا الى نشاطك وحيويتك معنا .
تعليمية تعليمية




بـــــــارك الله فيـــــك نانو .




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الردود السلفية على شبهات الحاكمية للشيخ طلعت زهران

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم
نقلا من كتاب : الردود السلفية على شبهات الحاكمية.
المؤلف الشيخ : أ.د. طلعت عبد الرازق زهران.
نبذة عن الكتاب :يتحدث هذا الكتاب علي قضية الحكم بغير ما أنزل الله ورد شبهات كل من كفر الحكام بغير دليل من الكتاب والسنه بفهم سلف الأمة.
الموقع الإلكتروني: www.rahek.com
وصلة تنزيل الكتاب : مــــن هــــــنـــــا

سؤال: هل يعد الحكم بغير ما أنزل الله، أو بمعنى آخر: تحكيم القوانين الوضعية من الكفر الأصغر أم من الكفر الأكبر؟ وما هو الكفر الأصغر؟

الجواب:
الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر، لا يخرج صاحبه من الملة، إلا إذا جحد أو استحل.
وهذا قول جميع أهل السنة والجماعة، قديما وحديثا، كما سنبين.
والكفر الأصغر يطلق على الذنوب التي سماها الشرع كفراً، ولكنه لم يحكم على أصحابها بالخروج من الإسلام، ومنه:

* كفر النعمة والحقوق:
قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) [إبراهيم:34].
وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَان ٍفَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) (النحل 112).

* ومنه تنكر المرأة لحق زوجها وإحسانه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء إأني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن العشير، لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط". ( البخاري)

* ومنه قتال المسلم لأخيه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".(البخاري 5584، ومسلم 97)
و " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". ( البخاري 5700)
وقال تعالى: (وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (الحجرات 32 – 33).

* ومنه الطعن في أنساب الناس وقبائلهم،

* ومنه النياحة على الميت بلطم الخدود، وشق الجيوب
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب، والنياحة على الميت". (رواه مسلم 100).

*ومنه انتساب الولد إلى غير أبيه مع علمه بوالده؛
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر". (البخاري 6270 ، ومسلم94). متفق عليه
وهذه المعاصي، التي ذكرت فيها لفظ الكفر، ولم يرد به الكفر المخرج من الملة، ولذا فإن الإمام البخاري، رحمه الله، بوب في صحيحه: ( باب المعاصي من أمر الجاهلية. ولا يكفر صاحبها إلا بالشرك.)
ووضّح الإمام ابن حجر مراد البخاري من تسمية الباب؛ فقال:
"أي: أن كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم، فهي من أخلاق الجاهلية. والشرك أكبر المعاصي. ولهذا استثناه الإمام البخاري. ثم قال ابن حجر:
واستدل المؤلف أيضا على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يكفر بان الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن. فقال: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } (الحجرات 32 – 33). واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم، " إذا التقي المسلمان بسيفيهما…". (مسلم 5140). فسماهما مسلمين، مع التوعد بالنار. والمراد هنا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ.

* ومنه الحلف بغير الله:
روى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمع أبي – عمر- يقول: "وأبي و أبي" فقال: " ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم "( البخاري6155).

* ومنه تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم،:
وما عليه الجمهور أنه من الكبائر، ولا يكفر فاعله، إلا إذا استحل الكذب على النبي؛ قال صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه

* ومنه مشاركة الكفار أعيادهم:
قال ابن حجر: وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية، فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى"

* ومنه بعض الألفاظ التي ظاهرها الكفر:
كان العرب إذا أجدبوا، ثم نزل عليهم الغيث، نسب بعضهم هذه النعمة إلى النجوم، ويقولون: "مطرنا بنوء كذا" ( مسلم 104). وبالنظر إلى مجموع الأحاديث، التي ساقها ابن حجر في الفتح، يتبين أن هذه الأحاديث تكمل بعضها بعضا، وأن المقصود بها كفر النعمة.

·ومنه ترك الرمي بعد تعلمه:
‏عن ‏ ‏عقبة بن عامر ‏ ‏قال: سمعت رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: ".. ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها" أو قال: "كفرها ‏
ورميه بقوسه ونبله ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها، أو قال: كفرها". (سنن أبي داود 2152)

* ومنه انتساب الرجل إلى غير أبيه:
‏عن ‏ ‏سعد،‏ ‏رضي الله عنه،‏ ‏قال: " سمعت النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: "‏ ‏من ‏ ‏ادعى ‏ ‏إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ". (البخا رى 6269، ومسلم 95).

* فكل هذه صور للكفر الأصغر، الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، وإنما هو من أصحاب الكبائر. وأصحاب الكبائر، وأن ماتوا عليها، فلا يكفرون، ما لم يستحلوا ما فعلوه، فإن نالوا عقوبتهم في الدنيا، فهي كفارة لهم، ومن مات منهم على كبيرته، فهو في مشيئة الله: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له؛ فعن‏ ‏علي، رضي الله عنه، عن النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏قال: "‏ من أصاب‏ حدا، ‏ ‏فعُجل عقوبته في الدنيا؛ فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة. ومن أصاب‏ ‏حدا ‏ ‏فستره الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه". (الترمذي 2550). ‏
قال ‏ ‏أبو عيسى الترمذي:‏ ‏وهذا ‏ ‏حديث حسن غريب،‏ ‏وهذا قول أهل العلم: لا نعلم أحدا كفّر أحدا بالزنا أو السرقة وشرب الخمر.انتهى.
** وليس معنى تسمية تلك الذنوب كفراً أصغر، أن يتهاون الناس في ارتكابها، وإنما المراد مزيد تحذير وتنفير منها، لما لها من آثار خطيرة على مستوى الأفراد والمجتمعات.

والآن هذا أوان الكلام في قول الله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾

الذي عليه جمهور أهل العلم أن هذه الآية لا يختص بها اليهود، الذين أُنزلت فيهم الآية، بل يتعداه الى النصارى والمسلمين وغيرهم.
ومما يؤكد انها للعموم ورود لفظة (من) الشرطية. قال شيخ الاسلام: "وصيغة (من) الشرطية من أبلغ صيغ العموم"[1]
قال ابوحيان الأندلسي عند آية الحكم: " ظاهر هذا العموم؛ فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظاهر أنه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنه عامة في اليهود وغيرهم. ذهب إلى ذلك ابن مسعود وابراهيم وعطاء وجماعة"[2].
قال ابوالسعود: "﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كائنا من كان، دون المخاطبين خاصة، فانهم مندرجون فيه اندراجا أوليا" [3].

* وقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية، والتي قبلها من الآيات، على قولين:

الأول: يأخذ بحديث‏ ‏البراء بن عازب، رضي الله عنه،‏ ‏قال: ‏
" مر على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيهودي ‏محمما ‏ ‏مجلودا، فدعاهم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فقال: " هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا‏ ‏رجلا ‏من علمائهم فقال:
" أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجده ‏ ‏الرجم،‏ ‏ولكنه كثر في ‏ ‏أشرافنا،‏ ‏فكنا إذا أخذنا ‏ ‏الشريف‏ ‏تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه‏ ‏الحد،‏ ‏قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على ‏ ‏الشريف‏ ‏والوضيع، فجعلنا ‏التحميم‏ ‏والجلد مكان‏ ‏الرجم،‏ ‏فقال رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏"اللهم إني أول من أحيا أمرك، إذ أماتوه". فأمر به ‏ ‏فرجم؛ ‏ ‏فأنزل الله عز وجل:‏
{ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر..إلى قوله:.. إن أوتيتم هذا فخذوه} (المائدة 41)، ‏
قالوا: ائتوا ‏ ‏محمدا، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فإن أمركم ‏ ‏بالتحميم‏ ‏والجلد، فخذوه. وإن أفتاكم ‏ ‏بالرجم ‏ ‏فاحذروا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾. الآيات} في الكفار كلها". ( مسلم 3212). ‏

الثاني: استدلوا بأثر ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال في الآيات: " ‏أنزلها الله في الطائفتين من‏ ‏اليهود،‏ ‏وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية؛ حتى ارتضوا‏ ‏أو اصطلحوا‏ ‏على أن كل قتيل، قتلته العزيزة من الذليلة،‏ ‏فديته ‏خمسون‏ ‏وسقا.‏ ‏وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة،‏ ‏فديته‏ ‏مائة‏ ‏وسق.‏ ‏فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏المدينة‏ ‏فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم.‏ ‏ويومئذ لم يظهر ولم ‏ ‏يوطئهما‏ ‏عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة‏ ‏وسق،‏ ‏فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط ، دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد،‏ ‏دية‏ ‏بعضهم نصف ‏‏دية‏ ‏بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ‏ ‏ضيما‏ ‏منكم لنا، وفرقا منكم. فأما إذ قدم ‏محمد،‏ ‏فلا‏ ‏نعطيكم ذلك. فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏بينهم. ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما ‏محمد‏ ‏بمعطيكم منهم ضعف ما ‏يعطيهم منكم، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ‏ ‏ضيما‏ ‏منا وقهرا لهم؛ فدسوا إلى ‏ ‏محمد‏ ‏من يخبر لكم رأيه: إن أعطاكم ما تريدون، حكمتموه. وإن لم يعطكم، حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فلما جاء رسول الله، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏أخبر الله رسوله بأمرهم كله، وما أرادوا؛ فأنزل الله، عز وجل: ‏
{يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر…….‏إلى قوله: ‏ ‏ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.
ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز وجل". (رواه أحمد 2102).
ولا تعارض بينهما؛ لأنه قد يكون لأمر النزول سببان، ولا مانع لا سيما إذا صحت الرواية. قال ابن كثير: (وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد، فنزلت هذه الآية في ذلك
كله والله أعلم)[4]

* (تحقيق ما فعل اليهود)
أنزل الله عليهم التوراة، فكانوا يحكمون بها، وهم مُتمِّسكُون بها، بُرهة من الزمان، ثم شرعوا في تحريفها وتبديلها وتغييرها وتأويلها وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى: {وإنَّ منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}[آل عمران:78] فأخبر، تعالى، أنهم يفسرونها، ويؤولونها ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في معانيها، ويحملونها على غير المراد، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد والتحميم، مع بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع.
عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: "إن اليهود جاؤوا الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ قالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبدالله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة. فنشروها، فوضع أحدهم يده، فاذا فيها اية الرجم، فقرأ ما بعدها. فقال له عبدالله بن سلام: ارفع يدك. فرفع يده فاذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله،صلى الله عليه وسلم، فرجما. قال ‏ ‏عبد الله: ‏ ‏فرأيت الرجل ‏ ‏يجنأ ‏ ‏على المرأة يقيها الحجارة" (البخاري 3363)

وعن أبي هريرةُّ، قال: " زنى رجل من ‏ ‏اليهود‏ ‏وامرأة؛‏ ‏فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنه نبي بعث بالتخفيف. فإن أفتانا بفتيا دون الرجم، قبلناها واحتججنا بها عند الله، قلنا فتيا نبي من أنبيائك، قال: فأتوا النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا‏ أبا القاسم:‏ ‏ما‏ ‏ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: " ‏أنشدكم ‏ ‏بالله، الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏ما تجدون في التوراة على من زنى إذا ‏ ‏أحصن؟ "‏ ‏قالوا:‏ ‏يُحمم ‏ ‏ويُجبه ويُجلد[5]، قال: وسكت‏ ‏شاب‏ ‏منهم. فلما رآه النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏سكت،‏ ‏ألظ‏ ‏به‏ ‏النشدة،‏ ‏فقال: اللهم إذ‏ ‏نشدتنا،‏ ‏فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي،‏ صلى الله عليه وسلم: ‏" ‏فما أول ما ‏ ‏ارتخصتم‏ ‏أمر الله؟ قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يُرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه؛ فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم!! فقال النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ " فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما".
قال ‏ ‏الزهري ‏ ‏فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا}[المائدة44] (أبو داود 3860) ‏

وفي رواية: عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: "إن اليهود جاءوا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الزنا فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: "ارفع يدك"، فرفعها. فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما قال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة".،( كتاب الحدود. باب في رجم اليهوديين، حديث رقم 4446).

وفي رواية: "فلما جاءوا بها، وجعلوا يقرءونها، ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبدالله بن صوريا يده على آية الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ارفع يدك يا أعور" فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، برجمهما وقال: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"[6].

وفي رواية: فإذا آية الرجم تتلألأ»: أي تلوح، وقع بيانها عند أبي داود من حديث أبي هريرة ولفظه: «المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رُجما، وإن كانت المرأة حُبلى تربَّص بها حتى تضع ما في بطنها، وعند أبي داود أيضاً من حديث جابر:"إنا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رُجما".(3862)
قوله: «فقالوا صدق…إلخ»: زاد في رواية أيوب: «ولكنا نكاتمه بيننا»، وفي رواية قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم): «فما منعكم أن ترجموها؟ قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل"، (3862 ).

فإذا تأملنا مافعل اليهود جيدا، وجدناهم قد بدلوا، وجحدوا، واستبدلوا:
* ففي الصورة الأولى قالوا (نفضحهم ويجلدون). وهذا تبديل؛ حيث نسبوا الى الشرع ما ليسفيه؛ زورا وبهتانا. والتبديل كفر أكبر بذاته، لا يختص بمسألة الحكم فقط؛ فكل من بدل حكما شرعيا مجمعاعليه، كفر[7]

* وفي الصورة الثانية، حين سألهم صلى الله عليه وسلم، عن وجود الرجم في كتابهم؛ حدا للزنا. قالوا (لا) وهذا جحود. وهو كفر أكبر بذاته، لا يختص بالحكم.[8].

* وفي الصورة الثالثة، حين قالوا، كما في حديث البراء: " قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء
فلنقيمه على الشريف والوضيع؛ فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم".
فهذا من تحريف علمائهم لكلام الله، وقد كذبوا على الله، سبحانه وتعالى، وأخفوا حكمه. وهذه الصوره تسمى استبدالا؛ حيث تركوا حكما، واستبدلوا به غيره[9].

* (أثر ابن عباس، رضي الله عنهما)
تفسير الصحابي للقرآن حجة؛ فلو فسر الصحابي آية، ولم يخالفه أحد من الصحابة في تفسيرها، فهو حجة، بل يعد إجماعا سكوتيا. وهذه رواياته:
الرواية الاولى: قال ابن عباس في الآية (ليس بالكفر الذي يذهبون اليه)[10]
الرواية الثانية: قوله (كفر لا ينقل عن الملة)[11]
الرواية الثالثة: قوله حين سأله طاوس عن الآية (هو به كفر).
وفي لفظ (هي به كفر وليس كمنكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله)[12]
الرواية الرابعة: قوله (كفر دون كفر)[13]
يتبين مما سبق أن الذي صح من قول ابن عباس، رضي الله عنهما، الرواية الأولى والثالثة، وتحمل على ظاهرها أنها في الأصغر. ويؤيده ما صح عن تلميذه، طاووس، من التفسير بالكفر الأصغر. ومن حملها على الأكبر فقد أبعد النجعة، وتكلف في ذلك.

_________________________ ____________________
[1] (الجواب الصحيح 1/198)
[2] (البحر المحيط 3/492)
[3] (تفسير ابي السعود 2/64)
[4]
(التفسير 3/119)
[5] (والتجبيه أن يُحمل الزانيان على حمار، وتُقابل‏ ‏أقفيتهما، ويطاف بهما)
[6] ثم قد قال الله تعالى، فيما أنزل على رسوله محمد خاتم الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى جميع الأنبياء، منكراً على اليهود في قصدهم الفاسد؛ إذ عدلوا عما يعتقدون صحته عندهم – وأنهم مأمورون به حتما- إلى التحاكم إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم يعاندون ما جاء به، لكن لما كان -في زعمهم- قد يوافقهم على ما ابتدعوه من الجلد والتحميم، المصادم لما أمر الله به حتماً، وقالوا: إن حكم لكم بالجلد والتحميم فاقبلوه، وتكونون قد اعتذرتم بحكم نبي لكم عند الله يوم القيامة، وإن لم يحكم لكم بهذا، بل بالرجم فاحذروا إن تقبلوا منه، فأنكر الله تعالى عليهم في هذا القصد الفاسد، الذي إنما حملهم عليه الغرض الفاسد، وموافقة الهوى لا الدين الحق؛ فقال: ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله) الآية [المائدة:44،43]
[7] التبديل: وهو جعل شئ مكان شئ.. لكن العلماء هنا غالبا ما يريدون هذا الشئ، مع النسبة الى الشرع. وهذا كفر بحد ذاته، لايختص بالحكم فقط، بل يتعداه الى الفتيا وغيرها..
قال ابن تيمية (الشرع المبدل وهو الكذب على الله ورسوله، أو على الناس بشهادات الزور، ونحوها من الظلم البين؛ فمن قال إن هذا من شرع الله، فقد كفر بلا نزاع) (الفتاوى 3/268)
وقال (والانسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء) (الفتاوى 3/267)
قال ابن العربي: "ان حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر) (أحكام القران 2/624
[8] الجحود،قال الجوهري (الجحود الانكار مع العلم)(لسان العرب 7/86)
فالعلم بالشئ ومعرفته في قرارة النفس ثم تكذيبه باللسان يسمى جحودا
قال الراغب (الجحود نفي ما في القلب اثباته واثبات ما في القلب نفيه)(ألفظ القران 15)
قال تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
والفرق بينه وبين التكذيب أن التكذيب هو الانكار باطنا وظاهرا، أما الجحود هو الانكار ظاهرا، وقد يطلق هذا على هذا والعكس..
[9] وأما ما بأيديهم من التوراة المعَرَّبة، فلا يشك عاقل في تبديلها، وتحريفِ كثيرٍ من ألفاظها، وتغييرِ القصص والألفاظ، والزيادات، والنقص البَيِّنِ الواضح، وفيها من الكذب البَيِّنِ والخطأ الفاحش شيءٌ كثير جداً، فأما ما يتلونه بلسانهم ويكتبونه بأقلامهم فلا اطلاع لنا عليه، والمظنون بهم أنهم كذبة خونة يكثرون الفرية على الله ورسله وكتبه. راجع: ابن القيم: إغاثة اللهفان[2/1113-1123 ط ابن الجوزي]
[10] اخرجه ابن جرير في التفسير (10/356) وابن بطة في الابانة (2/734) وعبد الرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمر عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس.. وهذا اسناد صحيح.
[11] اخرجها ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (340) وابن جرير (10/356) ضعيف..
[12] اخرجها ابن جرير (10/356) وابن نصر (339) وعبدالرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمرعن طاوس به..وهذا اسناد صحيح..
[13] اخرجها ابن جرير (10/355) وابن نصر (340) من طريق وكيع عن سفيان عن ابن جريج
عن عطاء.. وابن جريج مدلس وقد عنعن وبهذا يضعف السند..الا انه جاء عند ابن جرير من طرق (10/355) عن حماد عن ايوب عن عطاء بنحو هذا الاثر. فيكون لابن جريج المدلس متابع وهو ايوب وهو ثقة وبهذا يصح الاثر عن عطاء لا ابن عباس لان المروي عنه من طريق هشام بن حجير وعلى الصحيح كما قال الحافظ ابن حجر انه صدوق له أوهام.. وهذا يعني انه لا يعتمد عليه اذا انفرد الحديث بل عند المتابعة..

ويليه بإذن الله شبهات أهل التكفير والرد عليها

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية