التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

جلوسك بين يدي الله في رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

لابد من إثارة كوامن الشوق إلى الله عز وجل حتى تلين لك الطاعات فتؤديها ذائقًا حلاوتها ولذتها، وأية لذة يمكن أن تحصلها من قيام الليل ومكابدة السهر ومراوحة الأقدام المتعبة أو ظمأ الهواجر أو ألم جوع البطون إذا لم يكن كل ذلك مبنيًا على معنى: { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى } ومن لبى نداء حبيبه بدون شوق يحدوه فهو بارد سمج، دعوى محبته لا طعم لها.

ومن المعينات على إثارة الشوق: مطالعة منن الله العظيمة وآلائه الجسيمة فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ولذلك كثر في القرآن سوقُ آيات النعم الخلق والفضل تنبيهًا لهذا المعنى، وكلما ازددت علمًا بنعم الله عليك كلما ازددت شوقًا لشكره على نعمائه.

ومنها كذلك: التحسر على فوت الأزمنة في غير طاعة الله، بل قضاؤها في غير ذلك, قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وهذا اللحظ يؤدي به إلى مطالعة الجناية والوقوف على الخطر فيها، والتشمير لتداركها والتخلص من رقها وطلب النجاة بتمحيصها. ويعني بذلك رحمه الله أن تفكر الإنسان في جريرته يولد بداخله طاقة تدفعه ولا بد لمعرفة خطرها وضررها ورؤية الآجل من عاقبتها.

تذكر سبق السابقين مع تخلفك مع القاعدين يورثك هذا تحرقًا للمسابقة والمسارعة والمنافسة، وكل ذلك أمر الله به، قال تعالى: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } وقال: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } وقال: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون .{

واعلم- يا مريد الخير- أن بعث الشوق وظيفة لا ينفك عنها السائر إلى الله عز وجل، ولكن ينبغي مضاعفة هذا الشوق قبل شهر رمضان لتُضاعف الجهد فيه، وهذا الشوق نوع من أنواع الوقود الإيماني الذي يُحفز على الطاعة، ثم به يذوق المتعبد طعم عبادته ومناجاته.

ومجالات الشوق عندك كثيرة أعظمها وأخطرها الشوق إلى رؤية وجه الله عز وجل، ويمكنك أن تتمرن على قراءة هذا الحديث مع تحديث نفسك بمنزلتها عند الله، وهل ستنال شرف رؤيته أم لا ؟ قال: دخل أهل الجنة الجنة يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تُدخلنا الجنة وتنجّنا من النار؟ فيُكشفُ الحجاب، فما أُعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم . رواه مسلم.

فحيَّهلا إن كنت ذا همةٍ فقدْ حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعدٍ ودعُه فإن العزم يكفيك حاملاً

لكي تتحمس لاستغلال رمضان في الطاعات اتبع التعليمات التالية:

1- استشعار الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين ومنها:

أ- أن أجر الصائم عظيم لا يعلمه إلا الله عز وجل كما في الحديث القدسي: [ كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ].

ب- من صام يوماً في سبيل الله يبعد الله عنه النار سبعين خريفاً, فكيف بمن صام الشهر كاملاً.

ج- الصيام يشفع للعبد يوم القيامة حتى يدخل الجنة.

د- في الجنة باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون.

هـ- صيام رمضان يغفر جميع ما تقدم من الذنوب.

و- في رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران.

ز- يستجاب دعاء الصائم في رمضان.

2- إدراك المسلم البركة في هذا الشهر الكريم, ومن ملامح هذه البركة:

أ- البركة في المشاعر الإيمانية: ترى المؤمن في هذا الشهر قوي الإيمان, حي القلب, دائم التفكر, سريع التذكر, إن هذا أمر محسوس لا نزاع فيه أنه بعض عطاء الله للصائم.

ب- البركة في القوة الجسدية: فأنت أخي الصائم رغم ترك الطعام والشراب, كأنما ازدادت قوتك وعظم تحملك على احتمال الشدائد, ومن ناحية أخرى يبارك الله لك في قوتك فتؤدي الصلوات المفروضة, ورواتبها المسنونة, وبقية العبادات رغم الجوع والعطش.

ج- البركة في الأوقات: تأمل ما يحصل من بركة الوقت بحيث تعمل في اليوم والليلة من الأعمال ما يضيق عنه الأسبوع كله في غير رمضان.

3- خص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها:

أ- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

ب- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

ج- تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار.

د- فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.

و- يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان.

س- لله عتقاء من النار في آخر ليلة من رمضان.

4- معرفة مدى اجتهاد الصحابة الكرام والسلف الصالح في الطاعة في هذا الشهر الكريم:

لقد أدرك الصحابة الأبرار فضل شهر رمضان عند الله تعالى فاجتهدوا في العبادة، فكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن، وكانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان ؟ وإطعام الطعام وتفطير الصيام، وكانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله، ويجاهدون أعداء الله في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله.

5- معرفة أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:

وخصلة أخرى تزيدك تعلقاً بالصيام وحرصاً عليه هي أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة عند الله تعالى، ويكون سبباً لهدم الذنب عنه فنعم القرين، قرين يشفع لك في أحلك المواقف وأصعبها، قال صلى الله عليه وسلم: [ الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان ] [ رواه أحمد في المسند ].

6- معرفة أن رمضان شهر القرآن وأنه شهر الصبر:

وأن صيامه وقيامه سبب لمغفرة الذنوب، وأن الصيام علاج لكثير من المشكلات الاجتماعية، والنفسية، والجنسية، والصحية فمعرفة كل هذه الخصال الدنيوية والأخروية للصائم مما يحفز على استغلاله والمحافظة عليه, هذه بعض الحوافز التي تعين المؤمن على استغلال مواسم الطاعات، وشهر الرحمات والبركات، فإياك والتفريط في المواسم فتندم حيث لا ينفع الندم قال تعالى: {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا } [ الإسراء:




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

تأثير الصيام على مختلف اعضاء الجسم بالصور

تعليمية تعليمية


تعليمية

هذا الموضوع بمناسبة شهر رمضان المبارك

تأثير الصيام على مختلف اعضاء الجسم بالصور

تأثير الصيام على الدماغ..

تعليمية تعليمية
تعليمية تعليمية


.
تعليمية

تأثير الصيام على الجلد ..

.
تعليمية

تأثير الصيام على القلب ..

.
تعليمية

تأثير الصيام على الدم ..

.
تعليمية

تأثير الصيام على الجهاز الهضمي ..

.
تعليمية

تأثير الصيام على البنكرياس ..

.
تعليمية

تأثير الصيام على الكبد ..

تعليمية

تأثير الصيام على الكلى ..

تعليمية

ولا نملك الا ان نحمده سبحانه وتعالى على كل نعمه التي انعم بها علينا ..
وسبحانه إنه على كل شي قدير.

تعليمية تعليمية




حقائق علمية اثبتها الصيام لذا يجب علينا تقدير هذا الفضل العظيم الذي اوجبنا الله به
وانا استفدت وبشكل كبير من مواضيعك اخ فارس دوما متالق بارك الله فيك




وفيك بركة اختي سارة وانتي ايضا ردودك في القمة ومواضيعك اجمل




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

لو تكلم رمضان .

تعليمية تعليمية
تعليمية

🙁 لو تكلم رمضان…:(

لو تكلم رمضان…محاضرة لفضيلة الشيخ عبد المحسن الأحمد حفظه الله.

تعليمية الاستماع من هنا تعليمية

:_here:

تعليمية

تعليمية حفـــــــظ

تعليمية

😮 ادعــــــــولى:eek:

تعليمية تعليمية




جزاك الله خير الجزاء

ونسال الله ان يبارك لك في حياتك وان يسدد خطاك وان ينفع الله بهذه المادة وان يجعلها في ميزان حسناتك




تعليمية تعليمية
مشكووووووبارك الله فيك اخي عبدو على المرور اسال الله لي ولك جزاء الجنه
تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الخيمة الرمضانية

تعليمية تعليمية

تعليمية

تعليمية
لنقلب معا اجمل الصفحات
ونكتب اجــمــل الكلمـــات
لنسمو باجمـــل العبارات
ولنرتقي معا في شهر الخيرات
ولنعيش سويا في جو من المسرات.

تعليمية

وقبل ان نرفع الستار ونفتح الابواب
مهنئين وفرحين لاستقبالكم اود أن
أوضح لكن باننا سنناقش بعض
القضايا المتعلقه بهذا الشهر الكريم

أعاده الله علينا وعليكن باليمن والبركات.

فحياكم الله اصدقائي

ويا هلا ويغلا دمتم لنا

والآن تفضلوا لتناول القــهوة .

تعليمية

كلمة الافتتاحية

أخوتي الأحبة :-


تعليميةتعليميةتعليمية

تعليمية تعليمية

تعليمية تعليمية

تعليمية

هانحن نستعد لاستقبال ضيف يحل علينا كل عام
ضيف يسعد الجميع بقدومه لان ما يحمله لنا
لا يحمله أي ضيف آخر
كيف لا وهو يحمل الرحمة والمغفرة
كيف لا وبه العتق من النيران
كيف لا ويتساوى به الغني والفقير
والكبير والصغير.

تعليمية

فهل عرفتم من هو؟

انه شهر رمضان .. شهر الصيام والقيام
شهر تتصفد به الشياطين .. وتغلق به ابواب النيران
شهر تنزل به القرآن .

تعليمية

ما اجملك وما أسعدنا بحضورك
فأنت الضيف الذي نتناسى من خلالك
الشهوات ونبتعد عن الزلات .

انت الضيف الذي ترتسم به أجمل وأبهى علاقات
التواصل والتحابب والتكافل والتوادد
فهنيئا لنا بك يا شهر رمضان

تعليمية

وهنيئا لمن بلغ هذا الشهر ورحم الله من لم يكتب
له فرصة اللقاء بهذا الضيف الكريم
فبلوغك نعمة كبرى ومنة من الله عظمى.
فلنغتنم الفرصة لننهل من عطاء هذا الضيف الحبيب
لنضاعف حسناتنا ونمحو سيئاتنا
فمن لم يفعل ويغتنم الفرصه فانها ستبقى في نفسه
حسرة .

شهر رمضان .. هو فرصة عظيمة لكسب الحسنات
و نيل مغفرة الله و رحمته
و هذه الفرصة قد لا تتكرر فلنستغلها خير استغلال
لنخطو بها خطوة نحو الجنة
و ذلك بالصيام و القيام و قراءة القرآن
محتسبين ..تائبين .. منيبين الى الله

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

تعليمية

(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)

ها هو قد أتى شهر الخير
شهر الرحمة و المغفرة
شهر النور الذي ملأ الكون بضيائه
فأخرج الناس من ظلمات الكفر و الجاهلية
و هداهم طريق الرشاد
بنزول خير الرسالات و أشرفها
" القرآن الكريم "
و ظهور خاتم النببين و المرسلين
الرسول الأمي
محمد
تعليمية

تعليمية

تعليميةتعليميةتعليمية

تعليمية

تعليمية

تعليمية


تعليمية تعليمية





شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

ما الذي ينبغي أن نفعله في رمضان؟

ما الذي ينبغي أن نفعله في رمضان؟

شهر رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان، وجعل صومه ركناً من أركان الإسلام، وقيامه نافلة تزداد بها الحسنات، وتكون سبباً في النجاة من النيران. ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه»(1). مَن صام رمضان إيماناً، أي إيماناً بالله عز وجل، وإيماناً بشريعة الله وقبولاً لها، وإذعاناً واحتساباً لثواب الله الذي رتَّبه على هذا الصيام وكذلك القيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفاً بهذين الوصفين ـ الإيمان والاحتساب ـ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهر المبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح المؤمن بذكراها ونتائجها الحسنة.

المناسبة الأولى: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن، أي ابتدأ إنزاله في هذا الشهر وجعله مباركاً، فتح المسلمون به أقطار الأرض شرقاً وغرباً، واعتزَّ المسلمون به وظهرت راية الإسلام على كل مكان.

ولا يخفى علينا جميعاً أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي إليه بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة محمولاً على جملين، كما ذُكِرَ ذلك في التاريخ، وضع بين يديه رضي الله عنه، لم ينقص منه خرزة واحدة، كل هذا من عزَّة المسلمين وذلة المشركين ولله الحمد، وإننا لواثقون أن الأمة الإسلامية سترجع إلى القرآن الكريم، وستحكم به، وستكون لها العزة بعد ذلك إن شاء الله.

ولكن لابدَّ لجاني العسل من قرص النحل، ولجاني الورد من الشوك، لابد أن يتقدم النصر امتحان لمن قاموا بالإسلام والدعوة إليه، لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّـابِرِينَ} [محمد: 31]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214].

المناسبة الثانية في هذا الشهر المبارك: غزوة بدر، وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سمع أن عيراً لقريش يقودها أبوسفيان قادمة من الشام إلى مكة، فلما علم بذلك ندب أصحابه السريع منهم أن يخرجوا إلى هذه العير من أجل أن يأخذوها؛ لأن قريشاً استباحت إخراج النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه من ديارهم وأموالهم، ولم يكن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلّم عهد ولا ذمة، فخرج صلى الله عليه وسلّم إلى عيرهم من أجل أن يأخذها، وخرج بعدد قليل، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، لأنهم لا يريدون الحرب، ولكنهم يريدون أخذ العير فقط، فلم يخرجوا إلا بهذا العدد القليل ومعهم سبعون بعيراً يعتقبونها وفَرَسَانِ فقط.

أما أبوسفيان الذي كانت معه العير، فأرسل إلى أهل مكة يستحثهم، ليحموا عيرهم ويمنعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فخرج أهل مكة بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم، خرجوا كما وصفهم الله بقوله: {خَرَجُواْ مِن دِيَـارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [الأنفال: 47].
وفي أثناء الطريق بلغهم أن أباسفيان نجا بعيره من النبي صلى الله عليه وسلّم، فاستشار بعضهم بعضاً، هل يرجعون أو لا يرجعون، فقال أبوجهل ـ وكان زعيمهم ـ والله لا نرجع حتى نقدم بدراً فنقيم عليها ثلاثاً، ننحر فيها الجزور، ونسقى فيها الخمور، وتعزف علينا القِيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً.

فهذه الكلمات تدل على الكبرياء والغطرسة، والثقة بالباطل ليدحض به الحق.. والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم وقوتهم، وكانوا ما بين تسعمائة وألف، أما النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، والتقت الطائفتان، جنود الله عز وجل وجنود الشيطان، وكانت العاقبة لجنود الله عز وجل، قتل من قريش سبعون رجلاً من عظمائهم وشرفائهم ووجهائهم، وأُسر منهم سبعون رجلاً، وأقام النبي صلى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام في عرصة القتال كعادته، بعد الغلبة والظهور، وفي اليوم الثالث ركب حتى وقف على قليب بدر التي ألقي فيها من صناديد قريش أربعة وعشرون رجلاً، وقف على القليب يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يقول: «يا فلان ابن فلان، هل وجدت ما وعد ربكم حقاً، إني وجدت ما وعدني ربي حقاً». فقالوا: يا رسول الله، كيف تكلم أناساً قد جَيَّفُوْا؟ ـ أي صاروا جيفاً ـ قال: «ما أنتم بأسمع لِمَا أقول منهم، ولكنهم لا يستجيبون»، أو قال: «لا يرجعون قولاً»(2).

ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة النبوية منتصراً ولله الحمد.

المناسبة الثالثة: فتح مكة، كانت مكة قد استولى عليها المشركون وخرَّبوها بالكفر والشرك والعصيان، فأذن الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم أن يُقاتل أهلها وأحلها له ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها بعد الفتح كحرمتها قبل الفتح، ودخلها النبي صلى الله عليه وسلّم في يوم الجمعة في العشرين من شهر رمضان عام ثمانية من الهجرة، مظفراً منصوراً حتى وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل بهم، فقال لهم: «يا قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيراً، أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»(3). فمَنَّ عليهم بعد القدرة عليهم، وهذا غاية ما يكون من الخُلُق والعفو.

وبعد عرض المناسبات في هذا الشهر لنا أن نقول:
ما الذي ينبغي أن نفعله في شهر رمضان؟..

الذي نفعله في هذا الشهر المبارك إما واجب وإما مندوب، فالواجب هو الصيام، والمندوب هو القيام.

والصيام كلنا يعرف هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله، دليله قوله تعالى: {فَالانَ بَـاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].والغرض من الصيام ليس ترويض البدن على تحمل العطش وتحمل الجوع والمشقة، ولكن هو ترويض النفس على ترك المحبوب لرضا المحبوب. والمحبوب المتروك هو الأكل والشرب والجِماع، هذه هي شهوات النفس.

أما المحبوب المطلوب رضاه فهو الله عز وجل، فلابد أن نستحضر هذه النيَّة أننا نترك هذه المفطرات طلباً لرضا الله عز وجل.

والحكمة من فرض الصيام على هذه الأمة قد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183]، ولعلَّ هنا للتعليل، أي لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرَّم الله، وتقوموا بما أوجب الله. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»(4).

أي أن الله لا يريد أن ندع الطعام والشراب، إنما يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، ولهذا يندب للصائم إذا سبَّه أحدٌ وهو صائم أو قاتله فليقل: إني صائم، ولا يرد عليه؛ لأنه لو ردَّ عليه لردَّ عليه الأول ثم ردَّ عليه ثانياً، فيرد الأول، ثم هكذا يكون الصيام كله سباً ومقاتلة، وإذا قال : إني صائم، أعلم الذي سبَّه أو قاتله بأنه ليس عاجزاً عن مقابلته ولكن الذي منعه من ذلك الصوم، وحينئذٍ يكفُّ الأول ويخجل، ولا يستمر في السبِّ والمقاتلة.

هذه هي الحكمة من إيجاب الصيام، وإذا كان كذلك فينبغي لنا في الصوم أن نحرص على فعل الطاعات من الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، والصدقة، والإحسان إلى الخلق، وبسط الوجه، وشرح الصدر، وحسن الخلق، كل ما نستطيع أن نهذِّب أنفسنا به فإننا نعمله.

فإذا ظلَّ المسلم على هذه الحالة طوال الشهر، فلابد أن يتأثر ولن يخرج الشهر إلا وهو قد تغيَّر حاله، ولهذا شُرع في آخر الشهر أن يُخْرِج الإنسان زكاة الفطر تكميلاً لتزكية النفس؛ لأن النفس تزكو بفعل الطاعات وترك المحرمات، وتزكوا أيضاً ببذل المال، ولهذا سُمِّي بذل المال زكاة.

س1: ما هي المفطرات التي تفطر الصائم؟

ج1: المفطرات في القرآن ثلاثة:
الأكل، الشرب، الجماع،
ودليل ذلك قوله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].

فبالنسبة للأكل والشرب
سواء كان حلالاً أم حراماً، وسواء كان نافعاً أم ضاراً أو لا نافعاً ولا ضاراً، وسواء كان قليلاً أم كثيراً، وعلى هذا فشُرب الدخان مفطر، ولو كان ضاراً حراماً.

حتى إن العلماء قالوا: لو أن رجلاً بلع خرزة لأفطر. والخرزة لا تنفع البدن ومع ذلك تعتبر من المفطرات. ولو أكل عجيناً عجن بنجس لأفطر مع أنه ضار.

الثالث: الجماع..
وهو أغلظ أنواع المفطرات. لوجوب الكفارة فيه، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

الرابع:
إنزال المني بلذة، فإذا أخرجه الإنسان بلذة فسد صومه، ولكن ليس فيه كفارة، لأن الكفارة تكون في الجماع خاصة.

الخامس:
الإبر التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وهي المغذية، أما الإبر غير المغذية فلا تفسد الصيام سواء أخذها الإنسان بالوريد، أو بالعضلات، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.

السادس:
القيء عمداً، فإذا تقيأ الإنسان عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فليس عليه شيء.

السابع:
خروج دم الحيض أو النفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس ولو قبل الغروب بلحظة فسد الصوم.

وإن خرج دم النفاس أو الحيض بعد الغروب بلحظة واحدة صحَّ صومها.

الثامن:
إخراج الدم بالحجامة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «أفطر الحاجم والمحجوم»(5)، فإذا احتجم الرجل وظهر منه دم فسد صومه، وفسد صوم من حجمه إذا كانت بالطريقة المعروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، وهي أن الحاجم يمص قارورة الدم، أما إذا حجم بواسطة الآلات المنفصلة عن الحاجم، فإن المحجوم يفطر، والحاجم لا يفطر، وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم، ترتب على ذلك أربعة أمور:
1ـ الإثم.
2ـ فساد الصوم.
3ـ وجوب الإمساك بقية ذلك اليوم.
4ـ وجوب القضاء.

وإن كان الفطر بالجماع ترتب على ذلك أمر خامس وهو الكفارة.

ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تفسد الصوم إلا بشروط ثلاثة:

1ـ العلم. 2ـ الذِّكر. 3ـ الإرادة.

1ـ العلم

فإذا تناول الصائم شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلاً بالوقت، أو كان جاهلاً بالحكم، مثال الجاهل بالوقت: أن يقوم الرجل في آخر الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشرب ويتبيَّن أن الفجر قد طلع، فهذا صومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت.

ومثال الجاهل بالحكم: أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيُقال له صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] هذا من القرآن.

ومن السنة: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في صحيحه(6)، قالت: أفطرنا يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لا يعلمون بل ظنوا أن الشمس قد غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا. ولكن لو أفطر ظانًّا غروب الشمس وظهر أنها لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب وصومه صحيح.

الشرط الثاني:
أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو نسي الصائم فأكل أو شرب فصومه صحيح؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»(7).

الشرط الثالث:
الإرادة، فلو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار، فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح.

ولو أَكْرَه الرجلُ امرأته على الجماع ولم تتمكن من دفعه، فصومها صحيح؛ لأنها غير مريدة، ودليل ذلك قوله تعالى فيمن كفر مكرهاً: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَـانِ} الآية [النحل: 106].

فإذا أُكْرِه الصائم على الفطر أو فعل مفطراً بدون إرادة، فلا شيء عليه وصومه صحيح.

س2: هل لقيام رمضان عدد معين أم لا؟

ج2: ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب، فلو أن الإنسان قام الليل كله فلا حرج، ولو قام بعشرين ركعة أو خمسين ركعة فلا حرج، ولكن العدد الأفضل ما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله، وهو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، فإن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سُئِلت: كيف كان النبي يصلي في رمضان؟ فقالت: لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة(8)، ولكن يجب أن تكون هذه الركعات على الوجه المشروع، وينبغي أن يطيل فيها القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، خلاف ما يفعله بعض الناس اليوم، يصليها بسرعة تمنع المأمومين أن يفعلوا ما ينبغي أن يفعلوه، والإمامة ولاية، والوالي يجب عليه أن يفعل ما هو أنفع وأصلح. وكون الإمام لا يهتم إلا أن يخرج مبكراً هذا خطأ، بل الذي ينبغي أن يفعل ما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله من إطالة القيام والركوع والسجود والقعود حسب الوارد، ونكثر من الدعاء والقراءة والتسبيح وغير ذلك.

س3: إذا صلى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة، فهل يوافق الإمام أم ينصرف إذا أتم إحدى عشرة؟

ج3: السُّنَّة أن يوافق الإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له أجر قيام الليل. والرسول صلى الله عليه وسلّم قال: «مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة»(9). من أجل أن يحثنا على المحافظة على البقاء مع الإمام حتى ينصرف.

فإن الصحابة رضي الله عنهم وافقوا إمامهم في أمر زائد عن المشروع في صلاة واحدة، وذلك مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة في مِنى في الحج، أي صلاَّها أربع ركعات، مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم وأبابكر وعمر وعثمان في أول خلافته، حتى مضى ثماني سنوات، كانوا يصلون ركعتين، ثم صلى أربعاً، وأنكر الصحابة عليه ذلك، ومع هذا كانوا يتبعونه يصلون معه أربعاً، فإذا كان هذا هدي الصحابة وهو الحرص على متابعة الإمام، فما بال بعض الناس إذا رأى الإمام زائداً عن العدد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يزيد عليه وهو إحدى عشرة ركعة، انصرفوا في أثناء الصلاة، كما نشاهد بعض الناس في المسجد الحرام ينصرفون قبل الإمام بحجة أن المشروع إحدى عشرة ركعة.

س4: بعض الأشخاص يأكلون والأذان الثاني يؤذن في الفجر لشهر رمضان، فما هي صحة صومهم؟
ج4: إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل أو يشرب.

أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظنًّا لا يقيناً كما هو الواقع في هذه الأزمان فإن له أن يأكل ويشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان.

س5: كثير من الناس في رمضان أصبح همّهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبح رمضان شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما توجيهكم لهؤلاء؟
ج5: أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت وإضاعة المال، إذا كان الناس ليس لهم هَمٌّ إلا تنويع الطعام، والنوم في النهار والسهر على أمور لا تنفعهم في الليل، فإن هذا لا شك إضاعة فرصة ثمينة ربما لا تعود إلى الإنسان في حياته، فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل، والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر، وكذلك لا يسرف في المآكل والمشارب، وينبغي لمَن عنده القدرة أن يحرص على تفطير الصوام إما في المساجد، أو في أماكن أخرى؛ لأن مَن فطَّر صائماً له مثل أجره، فإذا فطَّر الإنسان إخوانه الصائمين، فإن له مثل أجورهم، فينبغي أن ينتهز الفرصة مَن أغناه الله تعالى حتى ينال أجراً كثيراً.

س6: بعض أئمة المساجد في رمضان يطيلون في الدعاء، وبعضهم يقصر، فما هو الصحيح؟
ج6: الصحيح ألا يكون غلواً ولا تقصيراً، فالإطالة التي تشق على الناس منهي عنها، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم لمَّا بَلَغَه أن معاذ بن جبل أطال الصلاة في قومه غضب صلى الله عليه وسلّم غضباً لم يغضب في موعظة مثله قط، وقال لمعاذ بن جبل: «أفتَّان أنت يا معاذ»(10). فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة، أو يزيد قليلاً لا يشق. ولا شك في أن الإطالة شاقة على الناس، وترهقهم ولاسيما الضعفاء منهم، ومن الناس من يكون وراءه أعمال ولا يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام، فنصيحتي لإخواني الأئمة أن يكونوا بين بين، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحياناً حتى لا يظن العامة أن القنوت واجب في الوتر.

س7: ما صحة حديث «أفطر الحاجم والمحجوم»(11)؟
ج7: هذا الحديث صحَّحه الإمام أحمد رحمه الله، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهم من المحققين، وهو صحيح، وهو أيضاً مناسب من الناحية النظرية؛ لأن المحجوم يخرج منه دم كثير يضعف البدن، وإذا ضعف البدن احتاج إلى الغذاء، فإذا كان الصائم محتاجاً إلى الحجامة وحجم، قلنا: أفطرت فَكُل واشرب من أجل أن تعود قوة البدن، أما إذا كان غير محتاج، نقول له: لا تحتجم إذا كان الصيام فرضاً، وحينئذٍ نحفظ عليه قوَّته حتى يفطر.

س8: ما حكم ذهاب أهل جدة إلى مكة لصلاة التراويح؟
ج8: لا حرج في أن يذهب الإنسان إلى المسجد الحرام كي يصلي فيه التراويح؛ لأن المسجد الحرام مما يُشدُّ إليه الرِّحال، ولكن إذا كان الإنسان موظفاً أو كان إماماً في مسجد فإنه لا يدع الوظيفة أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة في المسجد الحرام، لأن الصلاة في المسجد الحرام سُنَّة. وأما القيام بالواجب الوظيفي فإنه واجب، ولا يمكن أن يُترك الواجب من أجل فعل السُّنَّة. وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم، ويذهبون إلى مكة من أجل الاعتكاف في المسجد الحرام أو من أجل صلاة التراويح، وهذا خطأ؛ لأن القيام بالواجب واجب. والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس بواجب.

س9: ما حكم تتبُّع الأئمة الذين في أصواتهم جمال؟

ج9: أرى أنه لا بأس في ذلك، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجده لأجل أن يجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، ولأجل ألا تخلو المساجد من الناس، ولأجل ألا يكثر الزحام عند المسجد الذي تكون قراءة إمامه جيدة فيحدث من هذا ارتباك، وربما يحدث أمر مكروه، ربما يأتي إنسان يتلقف امرأة خرجت من هذا المسجد الذي فيه الناس بكثرة، ومع كثرة الناس والزحام ربما يخطفها وهي لا تشعر إلا بعد مسافة، ولهذا نحن نرى أن الإنسان يبقى في مسجده لِمَا في ذلك من عمارة المسجد وإقامة الجماعة فيه. واجتماع الجماعة على إمامهم والسلامة من الزحام والمشقَّة.

س10: هل سحب الدم بكثرة يؤدي إلى إفطار الصائم؟

ج10: سحب الدم بكثرة إذا كان يؤدي إلى ما تؤدي إليه الحجامة من ضعف البدن واحتياجه للغذاء، حكمه كحكم الحجامة، وأما ما يخرج بغير اختيار الإنسان مثل أن تجرح الرجل فتنزف دماً كثيراً فإن هذا لا يضر؛ لأنه بغير إرادة الإنسان.

س11: بالنسبة لصلاة التراويح في ليلة العيد، هل تكمل أم لا؟
ج11: إذا ثبت الهلال ليلة الثلاثين من رمضان، فإنها لا تقام صلاة التراويح، ولا صلاة القيام، وذلك لأن صلاة التراويح والقيام إنما هي في رمضان، فإذا ثبت خروج الشهر فإنها لا تقام، فينصرف الناس من مساجدهم إلى بيوتهم.

س12: هل للمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب، وهل يجوز له الصعود إلى سطح المسجد لسماع الدروس؟
ج12: نعم.. يجوز للمعتكف في المسجد الحرام أو غيره أن يخرج للأكل والشرب إن لم يكن في إمكانه أن يحضرهما إلى المسجد، لأن هذا أمر لابدَّ منه، كما أنه سوف يخرج لقضاء الحاجة، وسوف يخرج للاغتسال من جنابة إذا كانت عليه الجنابة. وأما الصعود إلى سطح المسجد فهو أيضاً لا يضر؛ لأن الخروج من باب المسجد الأسفل إلى السطح ما هو إلا خطوات قليلة ويقصد به الرجوع إلى المسجد أيضاً، فليس في هذا بأس.

س13: شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟

ج13: الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: العلم ـ الذِّكْر ـ الإرادة. ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء لأنه حرام؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْعَادُونَ } [المؤمنون: 5 ـ 7]. ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم»(12).

ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلّم؛ لأنه أيسر على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الصوم، دلَّ هذا على أن الاستمناء ليس بجائز.

س14: ما حكم الصوم مع ترك الصلاة في رمضان؟
ج14: إن الذي يصوم ولا يصلي لا ينفعه صيامه ولا يُقْبَل منه ولا تبرَأ به ذمَّته. بل إنه ليس مطالباً به مادام لا يصلي؛ لأن الذي لا يصلي مثل اليهودي والنصراني، فما رأيكم أن يهوديًّا أو نصرانيًّا صام وهو على دينه، فهل يقبل منه؟ لا. إذن نقول لهذا الشخص: تب إلى الله بالصلاة وصم، ومَن تاب تاب الله عليه.

س15: يقول بعض الناس: إن الأشهُر جميعاً لا يُعْرَف دخولها كلها وخروجها بالرؤية، وبالتالي فإن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذا عدة رمضان.. فما حكم الشرع في مثل هذا القول؟

ج15: هذا القول ـ من جهة ـ أن الأشهر جميعاً لا يُعرف دخولها كلها وخروجها بالرؤية ليس بصحيح. بل إن رؤية جميع أهلة الشهور ممكنة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(13).

ولا يعلِّق النبي صلى الله عليه وسلّم شيئاً على أمر مستحيل، وإذا أمكن رؤية هلال شهر رمضان فإنه يمكن رؤية هلال غيره من الشهور.

وأما الفقرة الثانية في السؤال وهي أن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذلك عدة رمضان.. فصحيح أنه إذا غُمَّ علينا ولم نرَ الهلال، بل كان محتجباً بغيم أو قتر أو نحوهما فإننا نكمل عدة شعبان ثلاثين ثم نصوم، ونكمل عدة رمضان ثلاثين ثم نفطر. هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوماً». وفي حديث آخر: «فأكملوا العدة ثلاثين»(14).

وعلى هذا فإذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان وتراءى الناس الهلال ولم يروه فإنهم يكملون شعبان ثلاثين يوماً. وإذا كانت ليلة الثلاثين من رمضان فتراءى الناس الهلال ولم يروه، فإنهم يكملون عدة رمضان ثلاثين يوماً.

س16: ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى بـ(الدربيل) في رؤية الهلال؟

ج16: الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره.

فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان، وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية. فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(15). أما مجرد الحساب فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد عليه.

وأما استعمال ما يسمى بـ(الدربيل) وهو المنظار المقرِّب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لمَّا كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار. على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(16).

س17: هل يلزم المسلمين جميعاً في كل الدول الصيام برؤية واحدة؟ وكيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية؟
ج17: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم أي إذا رئي الهلال في بلد من بلاد المسلمين وثبتت رؤيته شرعاً، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية؟ فمن أهل العلم مَن قال إنه يلزمهم أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية، واستدلوا بعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا»(17). قالوا: والخطاب عام لجميع المسلمين. ومن المعلوم أنه لا يُراد به رؤية كل إنسان بنفسه؛ لأن هذا متعذر، وإنما المراد بذلك إذا رآه مَن يثبت برؤيته دخول الشهر. وهذا عام في كل مكان. وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته، وإذا لم تختلف المطالع فإنه يجب على مَن لم يروه إذا ثبتت رؤيته بمكان يوافقهم في المطالع أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية. واستدلَّ هؤلاء بنفس ما استدلَّ به الأولون فقالوا: إن الله تعالى يقول: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. ومن المعلوم أنه لا يُراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده. فيعمل به في المكان الذي رئي فيه وفي كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال. أما مَن لا يوافقهم في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة ولا حكماً.. قالوا: وكذلك نقول في قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(18). فإن مَن كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال لم يكن رآه لا حقيقة ولا حكماً، قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي. فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل مَن كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضاً.

فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي؛ فإن مثله تماماً في التوقيت الشهري.

ولا يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].

وقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»(19). لا يمكن لأحد أن يقول إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار.

وكذلك نقول في عموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(20).

وهذا القول كما ترى له قوَّته بمقتضى اللفظ والنظر الصحيح والقياس الصحيح أيضاً، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأمر معلَّق بولي الأمر في هذه المسألة، فمتى رأى وجوب الصوم أو الفطر مستنداً بذلك إلى مستند شرعي فإنه يعمل بمقتضاه؛ لئلا يختلف الناس ويتفرقوا تحت ولاية واحدة. واستدلَّ هؤلاء بعموم الحديث. «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس»(21).

وهناك أقوال أخرى ذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.

وأما الشق الثاني من السؤال وهو: كيف يصوم المسلمون في بلاد الكفار التي ليس بها رؤية شرعية؟ فإن هؤلاء يمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي، وذلك بأن يتراءوا الهلال إذا أمكنهم ذلك، فإن لم يمكنهم هذا فإن قلنا بالقول الأول في هذه المسألة فإنه متى ثبتت رؤية الهلال في بلد إسلامي، فإنهم يعملون بمقتضى هذه الرؤية، سواء رأوه أو لم يروه.

وإذا قلنا بالقول الثاني، وهو اعتبار كل بلد بنفسه إذا كان يخالف البلد الآخر في مطالع الهلال، ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد الذي هم فيه، فإنهم يعتبرون أقرب البلاد الإسلامية إليهم، لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به.

س18: إذا تيقن شخص من دخول الشهر برؤية الهلال ولم يستطع إبلاغ المحكمة فهل يجب عليه الصيام؟
ج18: اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يقول إنه يلزمه الصيام، ومنهم من يقول إنه لا يلزمه وذلك بناءً على أن الهلال هو ما استهلَّ واشتهر بين الناس، أو أن الهلال هو ما رئي بعد غروب الشمس، سواء اشتهر بين الناس أم لم يشتهر.

والذي يظهر لي أن مَن رآه وتيقَّن من رؤيته وهو في مكان ناءٍ لم يشاركه أحد في الرؤية أو لم يشاركه أحد في الترائي، فإنه يلزمه الصوم؛ لعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. وقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا» ولكن إن كان في البلد وشهد به عند المحكمة، وردت شهادته فإنه في هذه الحال يصوم سرًّا لئلا يعلن مخالفة الناس.

س19: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلّم دعاء خاص يقوله مَن رأى الهلال؟ وهل يجوز لمن سمع خبر الهلال أن يدعو به ولو لم ير الهلال؟

ج19: نعم يقول: «الله أكبر.. اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان.. والسلامة والإسلام.. والتوفيق لما تحبه وترضاه. ربي وربك الله.. هلال خير ورشد».

فقد جاء في ذلك حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيهما مقال قليل. وظاهر الحديث أنه لا يدعى بهذا الدعاء إلا حين رؤية الهلال. أما من سمع به ولم يره فإنه لا يشرع له أن يقول ذلك.

س20: إذا لم يعلم الناس دخول الشهر إلا بعد مضي وقت من النهار فهل يجب عليهم إمساك بقية اليوم؟ أم قضاؤه؟

ج20: إذا علم الناس بدخول شهر رمضان في أثناء اليوم فإنه يجب عليهم الإمساك؛ لأنه ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان فوجب إمساكه. ولكن هل يلزمهم القضاء؟ أي قضاء هذا اليوم؟ في هذا خلاف بين أهل العلم فجمهور العلماء يرون أنه يلزمهم القضاء؛ لأنهم لم ينووا الصيام من أول اليوم بل مضى عليهم جزء من اليوم بلا نية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرأ ما نوى»(22).

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يلزمهم القضاء لأنهم كانوا مفطرين عن جهل والجاهل معذور بجهله، ولكن القضاء أحوط وأبرأ للذمة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(23) فما هو إلا يوم واحد وهو يسير لا مشقة فيه، وفيه راحة للنفس وطمأنينة للقلب.

س21: هل يأثم المسلمون جميعاً إذا لم يتراء أحدٌ منهم هلال رمضان دخولاً أو خروجاً؟
ج21: ترائي الهلال ـ هلال رمضان أو هلال شوال ـ أمر معهود في عهد الصحابة رضي الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلّم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه»(24).

ولا شك أن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه.

س22: إذا أسلم رجل بعد مضي أيام من شهر رمضان فهل يطالب بصيام الأيام السابقة؟

ج22: هذا لا يطالب بصيام الأيام السابقة؛ لأنه كان كافراً فيها. والكافر لا يطالب بقضاء ما فاته من الأعمال الصالحة؛ لقول الله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]. ولأن الناس كانوا يسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم ولم يكن يأمرهم بقضاء ما فاتهم من صوم، ولا صلاة ولا زكاة. ولكن لو أسلم في أثناء النهار فهل يلزمه الإمساك والقضاء؟ أو الإمساك دون القضاء؟ أو لا يلزمه إمساك ولا قضاء؟

في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، والقول الراجح إنه يلزمه الإمساك دون القضاء، فيلزمه الإمساك لأنه صار من أهل الوجوب ولا يلزمه القضاء، لأنه قبل ذلك ليس من أهل الوجوب. فهو كالصبي إذا بلغ في أثناء النهار فإنه يلزمه الإمساك ولا يلزمه القضاء على القول الراجح في هذه المسألة أيضاً.

س23: هل يؤمر الصبيان دون الخامسة عشر بالصيام كما في الصلاة؟
ج23: نعم يؤمر الصبيان الذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلك بصبيانهم.

وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يأمر مَن له ولاية عليهم من الصغار بالصوم من أجل أن يتمرَّنوا عليه ويألفوه وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكون كالغريزة لهم.

ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك. وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام على خلاف ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه. يدَّعون أنهم يمنعون هؤلاء الصبيان رحمة بهم، وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصبيان بأمرهم بشرائع الإسلام وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حُسن التربية وتمام الرعاية. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله: «إن الرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته»(25) والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم، وأن يأمروهم بما أُمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام.

س24: إذا برأ شخص من مرض سبق أن قرَّر الأطباء استحالة شفائه منه وكان ذلك بعد مضي أيام من رمضان فهل يطالَب بقضاء الأيام السابقة؟

ج24: إذا أفطر شخص رمضان أو من رمضان لمرض لا يرجى زواله إما بحسب العادة وإما بتقرير الأطباء الموثوق بهم، فإن الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا فعل ذلك وقدر الله له الشفاء فيما بعد فإنه لا يلزمه أن يصوم عما أطعم عنه؛ لأن ذمته برئت بما أتى به من الإطعام بدلاً عن الصوم.

وإذا كانت ذمته قد برئت فلا واجب يلحقه بعد براءة ذمته. ونظير هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله في الرجل الذي يعجز عن أداء فريضة الحج عجزاً لا يرجى زواله فيقيم من يحج عنه ثم يبرأ بعد ذلك فإنه لا تلزمه الفريضة مرة ثانية.

س25: بعض أئمة المساجد في صلاة التراويح يقلدون قراءة غيرهم وذلك لتحسين أصواتهم بالقرآن.. فهل هذا عمل مشروع وجائز؟
ج25: تحسين الصوت بالقرآن أمر مشروع أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم، واستمع النبي صلى الله عليه وسلّم ذات ليلة إلى قراءة أبي موسى الأشعري وأعجبته قراءته حتى قال له: «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود»(26) وعلى هذا فإذا قلَّد إمام المسجد شخصاً حسن الصوت والقراءة من أجل أن يحسن صوته وقراءته لكتاب الله ـ عز وجل ـ فإن هذا أمر مشروع لذاته ومشروع لغيره أيضاً؛ لأن فيه تنشيطاً للمصلين خلفه وسبباً لحضور قلوبهم واستماعهم وإنصاتهم للقراءة، وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

س26: بعض أئمة المساجد يحاول ترقيق قلوب الناس والتأثير فيهم بتغيير نبرة صوته أحياناً أثناء صلاة التراويح وفي دعاء القنوت، وقد سمعت بعض الناس ينكر ذلك فما قولكم حفظكم الله في هذا؟
ج26: الذي أرى أنه إذا كان هذا العمل في الحدود الشرعية بدون غلو فإنه لا بأس به ولا حرج فيه. ولها قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلّم: «لو كنت أعلم أنك تستمع إلى قراءتي لحبرته لك تحبيراً» أي حسنتها وزيَّنتها، فإذا حسَّن بعض الناس صوته أو أتى به على صفة ترقق القلوب فلا أرى في ذلك بأساً، لكن الغلو في هذا ككونه لا يتعدى كلمة في القرآن إلا فعل مثل هذا الفعل الذي ذُكر في السؤال، أرى أن هذا من باب الغلو ولا ينبغي فعله، والعلم عند الله.

س27: ما القول في قوم ينامون طول نهار رمضان وبعضهم يصلي مع الجماعة وبعضهم لا يصلي. فهل صيام هؤلاء صحيح؟
ج27: صيام هؤلاء مجزئ تبرأ به الذمة ولكنه ناقص جدًّا، ومخالف لمقصود الشارع في الصيام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183].

وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»(27).

ومن المعلوم أن إضاعة الصلاة وعدم المبالاة بها ليس من تقوى الله عز وجل، ولا من ترك العمل بالزور، وهو مخالف لمراد الله ورسوله في فريضة الصوم، ومن العجب أن هؤلاء ينامون طول النهار، ويسهرون طول الليل، وربما يسهرون الليل على لغو لا فائدة لهم منه، أو على أمر محرم يكسبون به إثماً، ونصيحتي لهؤلاء وأمثالهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن يستعينوه على أداء الصوم على الوجه الذي يرضاه، وأن يستغلوه بالذِكر وقراءة القرآن والصلاة والإحسان إلى الخلق وغير ذلك مما تقتضيه الشريعة الإسلامية. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فرسول الله صلى الله عليه وسلّم أجود بالخير من الريح المرسلة(28).

س28: نلاحظ بعض المسلمين يتهاونون في أداء الصلاة خلال أشهر العام، فإذا جاء شهر رمضان بادروا بالصلاة والصيام وقراءة القرآن.. فكيف يكون صيام هؤلاء؟ وما نصيحتكم لهم؟
ج28: صيام هؤلاء صحيح؛ لأنه صيام صادر من أهله، ولم يقترن بمفسد فكان صحيحاً، ولكن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم، وأن يعبدوا الله سبحانه وتعالى بما أوجب عليهم في جميع الأزمنة وفي جميع الأمكنة، والإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت، فربما ينتظرون شهر رمضان ولا يدركونه، والله سبحانه وتعالى لم يجعل لعبادته أمداً إلا الموت، كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99] أي حتى يأتيك الموت الذي هو اليقين.

س29: هل نية صيام رمضان كافية عن نية صوم كل يوم على حدة؟

ج29: من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر فإنه قد أراد الصوم ولا شك في هذا، لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة. والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النية ولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قدر أن شخصاً نام قبل غروب الشمس في رمضان وبقي نائماً لم يوقظه أحد حتى طلع الفجر من اليوم التالي؛ فإنه لم ينو من الليل لصوم اليوم التالي؛ فهل نقول: إن صومه اليوم التالي صوم صحيح بناءً على النية السابقة؟

أو نقول: إن صومه غير صحيح؛ لأنه لم ينوه من ليلته؟ فنقول: إن صومه صحيح. فإن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية، ولا يحتاج إلى تجديد النية لكل يوم. اللهم إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر، فحينئذٍ لابد من نية جديدة لاستئناف الصوم.

س30: ما حكم الأكل والشرب والمؤذن يؤذن أو بعد الأذان بوقت يسير ولاسيما إذا لم يعلم طلوع الفجر تحديداً؟

ج30: الحد الفاصل الذي يمنع الصائم من الأكل والشرب هو طلوع الفجر؛ لقول الله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ…} [البقرة: 187].

ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «كلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»(29).

فالعبرة بطلوع الفجر.. فإذا كان المؤذن ثقة، ويقول إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر؛ فإنه إذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، وأما إذا كان المؤذن يؤذن على التحري فإن الأحوط للإنسان أن يمسك عند سماع أذان المؤذن، إلا أن يكون في برية ويشاهد الفجر فإنه لا يلزمه الإمساك ولو سمع الأذان حتى يرى الفجر طالعاً إذا لم يكن هناك مانع من رؤيته؛ لأن الله تعالى علَّق الحكم على تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلّم قال في أذان ابن أم مكتوم: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر..».

وإنني أُنبه هنا على مسألة يفعلها بعض المؤذنين وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا من باب الاحتياط للصوم. وهذا احتياط نَصِفه بأنه«تنطع» وليس احتياطاً شرعياً.. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «هلك المتنطعون»(30) وهو احتياط غير صحيح؛ لأنهم إن احتاطوا للصوم أساءوا للصلاة. فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر، وحينئذٍ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذَّن قبل صلاة الفجر يكون قد صلَّى الصلاة قبل وقتها، والصلاة قبل وقتها لا تصح. وفي هذا إساءة للمصلين، ثم إن فيه أيضاً إساءة إلى الصائمين؛ لأنه يمنع من أراد الصيام من تناول الأكل والشرب مع إباحة الله له ذلك. فيكون جانياً على الصائمين حيث منعهم ما أحل الله لهم، وعلى المصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت وذلك مبطل لصلاتهم.

فعلى المؤذن أن يتقي الله عز وجل، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة.

س31: يطول النهار في بعض البلاد طولاً غير معتاد يصل إلى عشرين ساعة أحياناً، هل يطالب المسلمون في تلك البلاد بصيام جميع النهار؟

ج31: نعم يطالبون بصيام جميع النهار؛ لقول الله تعالى: {فَالانَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187] ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم»(31).

س32: صاحب شركة لديه عمال غير مسلمين، فهل يجوز له أن يمنعهم من الأكل والشرب أمام غيرهم من العمال المسلمين في نفس الشركة خلال نهار رمضان؟

ج32: أولاً نقول إنه لا ينبغي للإنسان أن يستخدم عمالاً غير مسلمين مع تمكينه من استخدام المسلمين؛ لأن المسلمين خير من غير المسلمين.. قال الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221]، ولكن إذا دعت الحاجة إلى استخدام عمال غير مسلمين فإنه لا بأس به بقدر الحاجة فقط.

وأما أكلهم وشربهم في نهار رمضان أمام الصائمين من المسلمين فإن هذا لا بأس به، لأن الصائم المسلم يحمد الله عز وجل أن هداه للإسلام الذي به سعادة الدنيا والآخرة، ويحمد الله تعالى أن عافاه الله مما ابتلى به هؤلاء الذين لم يهتدوا بهدى الله عز وجل. فهو وإن حرم عليه الأكل والشرب في هذه الدنيا شرعاً في أيام رمضان فإنه سينال الجزاء يوم القيامة حين يُقال له: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى الاَْيَّامِ الْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24].. لكن يمنع غير المسلمين من إظهار الأكل والشرب في الأماكن العامة لمنافاته للمظهر الإسلامي في البلد.

س33: هل الغيبة والنميمة تفطران الصائم في نهار رمضان؟
ج33: الغيبة والنميمة لا تفطران، ولكنهما تنقصان الصوم.. قال الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183].. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»(32).

س34: إذا رئي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فهل يذكَّر أم لا؟
ج34: من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان فإنه يجب عليه أن يذكِّره لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سها في صلاته: «فإذا نسيت فذكروني»(33).

والإنسان الناسي معذور لنسيانه. لكن الإنسان الذاكر الذي يعلم أن هذا الفعل مبطل لصومه ولم يدل عليه يكون مقصراً؛ لأن هذا هو أخوه فيجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

والحاصل أن من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فإنه يذكِّره، وعلى الصائم أن يمتنع من الأكل فوراً، ولا يجوز له أن يتمادى في أكله أو شربه. بل لو كان في فمه ماء أو شيء من طعام فإنه يجب عليه أن يلفظه، ولا يجوز له ابتلاعه بعد أن ذُكِّر أو ذَكَر أنه صائم.

وإنني بهذه المناسبة أود أن أُبيِّن أن المفطرات التي تفطر الصائم، لا تفطره في ثلاث حالات:

ـ إذا كان ناسياً.

ـ وإذا كان جاهلاً.

ـ وإذا كان غير قاصد.

فإذا نسي فأكل أو شرب فصومه تام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه»(34). وإذا أكل أو شرب يظن أن الفجر لم يطلع، أو يظن أن الشمس قد غربت، ثم تبين أن الأمر خلاف ظنه، فإن صومه صحيح لحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء»(35). ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا؛ لأنه إذا أمرهم به صار من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون محفوظة بالغة إلى يوم القيامة.

وكذلك إذا لم يقصد فعل ما يفطر فإنه لا يفطر، كما لو تمضمض فنزل الماء إلى جوفه، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأنه غير قاصد.

وكما لو احتلم وهو صائم فأنزل فإنه لا يفسد صومه؛ لأنه نائم غير قاصد، وقد قال الله عز وجل: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].

س35: هل يعتبر ختم القرآن في رمضان للصائم أمراً واجباً؟

ج35: ختم القرآن في رمضان للصائم ليس بأمر واجب، ولكن ينبغي للإنسان في رمضان أن يُكثر من قراءة القرآن كما كان ذلك سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يدارسه جبريل القرآن كل رمضان.

س36: ما حكم صلاة التراويح، وما هي السنة في عدد ركعاتها؟
ج36: صلاة التراويح سنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأمته، فقد قام بأصحابه ثلاث ليالٍ، ولكنه صلى الله عليه وسلّم ترك ذلك خوفاً من أن تُفرض عليهم، ثم بقي المسلمون بعد ذلك في عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم جمعهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على تميم الداري وأُبيّ بن كعب، فصاروا يصلون جماعة إلى يومنا هذا ولله الحمد. وهي سُنَّة في رمضان.

وأما عدد ركعاتها فهي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، هذه هي السنة في ذلك. ولكن لو زاد على هذا فلا حرج ولا بأس به؛ لأنه روي في ذلك عن السلف أنواع متعددة في الزيادة والنقص، ولم ينكر بعضهم على بعض، فمن زاد فإنه لا ينكر عليه، ومن اقتصر على العدد الوارد فهو أفضل، وقد دلَّت السنة على أنه لا بأس في الزيادة حيث ورد في البخاري وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن صلاة الليل، فقال: «مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى»(36). ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلّم عدداً معيناً يقتصر عليه، ولكن المهم في صلاة التراويح الخشوع والطمأنينة في الركوع والسجود والرفع منهما، وألا يفعل ما يفعله بعض الناس من العجلة السريعة التي تمنع المصلين فعل ما يسن، بل ربما تمنعهم من فعل ما يجب حرصاً منه على أن يكون أول مَن يخرج من المساجد من أجل أن ينتابه الناس بكثرة، فإن هذا خلاف المشروع. والواجب على الإمام أن يتقي الله تعالى فيمن وراءه، وألا يطيل إطالة تشق عليهم خارجة عن السنة، ولا يخفف تخفيفاً يخل بما يجب أو بما يسن على من وراءه.. ولهذا قال العلماء: إنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن، فكيف بمن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يجب؟! فإن هذه السرعة حرام في حق هذا الإمام.

فنسأل الله لنا ولإخواننا الاستقامة والسلامة.

س37: ما حكم جمع صلاة التراويح كلها أو بعضها مع الوتر في سلام واحد؟

ج37: هذا عمل مفسد للصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى».. فإذا جمعها في سلام واحد لم تكن مثنى مثنى، وحينئذٍ تكون على خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلّم.. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(37). ونص الإمام أحمد رحمه الله: «على أن من قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاة الفجر». أي أنه إن استمر بعد أن تذكَّر فإن صلاته تبطل كما لو كان ذلك في صلاة الفجر، ولهذا يلزمه إذا قام إلى الثالثة في صلاة التراويح ناسياً ثم ذكر أن يرجع ويتشهد، ويسجد للسهو بعد السلام.. فإن لم يفعل بطلت صلاته.. وهاهنا مسألة وهي أن بعض الناس فهم من حديث عائشة رضي الله عنها حيث سئلت: كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان؟ فقالت: «ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً»، حيث ظُنَّ أن الأربع الأولى بسلام واحد والأربع الثانية بسلام واحد، والثلاث الباقية في سلام واحد. ولكن هذا الحديث يحتمل ما ذكر ويحتمل أن مرادها أنه يصلي أربعاً بتسليمتين، ثم يجلس للاستراحة واستعادة النشاط، ثم يصلي أربعاً كذلك، وهذا الاحتمال أقرب، أي أنه يصلي ركعتين ركعتين.. لكن الأربع الأولى يجلس بعدها ليستريح ويستعيد نشاطه، وكذلك الأربع الثانية يصلي ركعتين ركعتين ثم يجلس.

ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلّم: «صلاة الليل مثنى مثنى»(38)، فيكون في هذا جمع بين فعله وقوله صلى الله عليه وسلّم، واحتمال أن تكون أربعاً بسلام واحد وارد لكنه مرجوح لما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى».

وأما الوتر فإذا أوتر بثلاث فلها صفتان:
الصفة الأولى أن يسلم بركعتين ثم يأتي بالثالثة، والصفة الثانية أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد.

س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدع المحدثة؟

ج38: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم. وغاية ما في ذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمع أهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.

والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيها إحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أُصلي»(39).

وأما إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحب إطلاق ذلك عليها؛ لأن العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها. فلا ينبغي أن نعنف هذا التعنيف على ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة، لكن الأولى للإنسان أن يكون حريصاً على اتباع السنة.

ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصين على تطبيق السنة. وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن، فإذا جاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة، وهذا أمر لا ينبغي لما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر، ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول: «إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه».

ونظير هذه المسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويح إذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوز الإمام هذا العدد، وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاً أنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون. ومن المعلوم أن إتمام الصلاة في حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، ومع هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلا شك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً، وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية.

فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه.

س39: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر. فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟

ج39: نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه. ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين، وقد تكون ليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين.

ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها؛ فقد قال الله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان: 3].. وقال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَـئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [سورة القدر].

س40: إذا شق الصيام على المرأة المرضع فهل يجوز لها الفطر؟
ج40: نعم يجوز لها أن تفطر إذا شق الصيام عليها، أو إذا خافت على ولدها من نقص إرضاعه، فإنه في هذه الحال يجوز لها أن تفطر، وأن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها.

س41: في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو، فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟

ج41: استعمال البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان.. وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح لِما فيه من خاصية ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو بمعنى الأكل ولا الشرب، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.

ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.

س42: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهار رمضان؟

ج42: استعمال المعجون للصائم في رمضان وغيره لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته، ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلى المعدة والإنسان لا يشعر به. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم للقيط بن صبرة: «بالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً»(40)، فالأولى ألا يستعمل الصائم المعجون، والأمر واسع فإذا أخَّره حتى أفطر فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون به فساد الصوم.

س43: هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم في نهار رمضان؟
ج43: ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض من فروض الوضوء سواء في نهار رمضان أو في غيره للصائم ولغيره، لعموم قوله تعالى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أو الاستنشاق وهو صائم، لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً».

س44: هل يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد؟

ج44: لا يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد ولا في غيره. إلا أن تكون هذه الإبرة قائمة مقام الطعام بحيث يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب. فأما ما ليس كذلك فإنها لا تفطر مطلقاً سواء أخذت من الوريد أو من غيره.. وذلك لأن هذه الإبر ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب.. وعلى هذا فينتفي عنها أن تكون في حكم الأكل والشرب.

س45: هل أخذ شيء من الدم بغرض التحليل أو التبرع في نهار رمضان يفطر الصائم أم لا؟

ج45: إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفاً فإنه لا يفطر بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض، أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه.

أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة بأنها مفطرة للصائم.

وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً كصوم رمضان إلا أن يكون هناك ضرورة، فإنه في هذه الحال يتبرع به لدفع الضرورة، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.

س46: ما حكم استعمال السواك للصائم بعد الزوال؟

ج46: استعمال السواك للصائم قبل الزوال وبعد الزوال سنة كما هو سنة لغيره؛ لأن الأحاديث عامة في استعمال السواك، ولم يستثن منها صائماً قبل الزوال ولا بعده.

قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب…»(41). وقال عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»(42).

س47: ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهم في رمضان ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلال هذا الشهر؟

ج47: توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهم لاجتماع الناس فيها، وأداء واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلى مكة ليقيموا فيها ويصلوا هناك. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان في الذهاب إلى مكة إلا العمرة، فقال: «عمرة في رمضان تعدل حجة»(43) ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلّم الإقامة هناك.. ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من الإقامة في غيرها، لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته، وواجب عليه أن يقوم به، فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدون تأخُّر؛ ليقوموا بما يجب عليهم نحو إخوانهم وولاة أمورهم.

س48: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمر واجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر، فهل هذا صحيح؟
ج48: هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجب أكثر من ذلك، والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة».

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

——————-

(1) رواه البخاري 1901 ومسلم 1731.

(2) رواه مسلم بنحوه 2874 كتاب الجنة.

(3) رواه ابن اسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام 4/78 ورواه ابن سعد في الطبقات 2/141،142.

(4) رواه البخاري 1903-6057.

(5) رواه أبو داوود 2367.

(6) رواه البخاري 1959.

(7) رواه مسلم 2686.

(8) رواه البخاري 1147-3569 ومسلم 1670.

(9) رواه أبو داوود 1375 والترمذي 806 وصححه الألباني.

(10) رواه البخاري 704 ومسلم 972.

(11) سبق تخريجه.

(12) رواه البخاري 1905 ومسلم 3379.

(13) رواه البخاري 1900 ومسلم 2471.

(14) رواه البخاري 1909 ومسلم 2481وما بعده.

(15) سبق تخريجه.

(16) سبق تخريجه.

(17) سبق تخريجه.

(18) سبق تخريجه.

(19) رواه البخاري 1954 ومسلم 2526.

(20) سبق تخريجه.

(21) رواه الترمذي 697 وصححه الألباني.

(22) رواه البخاري 1 ومسلم 4962.

(23) رواه البخاري تعليقا كتاب البيوع باب تفسير المشبهات.

(24) رواه أبو داوود 2342 وصححه الألباني في الإرواء 908.

(25) رواه البخاري 2409 ومسلم 1829.

(26) رواه البخاري 5048 كتاب فضائل القرآن ومسلم 793 كتاب صلاة المسافرين.

(27) سبق تخريجه.

(28) رواه البخاري 1902 كتاب الصوم ومسلم 2308 كتاب الفضائل.

(29) رواه البخاري 1918.

(30) رواه مسلم 6878.

(31) سبق تخريجه.

(32) سبق تخريجه.

(33) رواه البخاري 401 كتاب الصلاة ومسلم 572 كتاب المساجد.

(34) سبق تخريجه.

(35) سبق تخريجه.

(36) رواه البخاري 990 ومسلم 1695.

(37) رواه مسلم 4514.

(38) سبق تخريجه.

(39) رواه البخاري 6008 كتاب الأدب.

(40) رواه الترمذي 788 كتاب الصوم والنسائي 87 كتاب الطهارة وصححه الألباني.

(41) رواه أحمد 6/47-62-124 والنسائي 5 كتاب الطهارة وصححه الألباني.

(42) رواه البخاري 887 ومسلم 510.

(43) رواه البخاري 1863 كتاب جزاء الصيد.

==================
اللهم بلغنا رمضان

واغفر لنا وارحمنا

وأعنا على طاعتك

http://www.ibnothaimeen.com/all/book…le_16898.shtml




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكي وزادكي الله علماً وحرصاً




مشكورة بارك الله بك وجزاك كل خير




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

كيف نستغل شهر رمضان؟


كيف نستغل شهر رمضان؟

نستغله في اغتنام لحظاته فيما يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى ولا سيما في العبادات التي شرعها الله وحث عليها ومنها:

أولاً: الصيامصيام رمضان فرض فرضه الله تعالى على عباده من هذه الأمة في السنة الثانية للهجرة في شعبان فصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات حتى توفاه الله عز وجل إليه. وفي بيان شأن صيام رمضان ومنزلته من الدين قال صلى الله عليه وسلم(بني الإسلام على خمس شهادة أن لااله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله).
فأعظم أنواع الصيام صيام شهر رمضان لأنه أحد أركان الإسلام الخمسة.
والصوم من العبادات التي شرعها الله عز وجل على الأمم السابقة وهذا يدل على أنه من أصول العبادات فبعض العبادات تكون مشتركه بين الأمم وبعض العبادات تكون خاصة بأمة دون أخرى والصوم من العبادات العظيمة العامة التي شرعها الله على من قبلنا قال تعالى {يا آيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فبين سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصوم مثل مافرضه على من قبلنا_ كتب بمعنى فرض _ ثم بين الحكمة لماذا فرضه علينا؟ قال(لعلكم تتقون) أي من أجل أن تتقوا الله سبحانه وتعالى وهذا يبين لنا الحكمة من مشروعية الصيام وهي تحقيق تقوى الله سبحانه وتعالى.
كذلك مما يدل على عظم شان الصيام قوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه) وفضل الله عز وجل واسع فهذا يدل على أن صيام رمضان من أسباب مغفرة الذنوب فكما أن فيه أجراً فكذلك فيه تكفير للذنوب والسيئات والحمد لله
ومعنى قوله(إيمانا واحتسابا)
إيمانا :أي يؤمن بأن الله فرض عليه صوم رمضان فهو يصوم امتثالا لأمر الله
احتسابا : أي يريد من وراء صيامه الأجر والثواب من الله لايريد أن يمدحه الناس ويثنوا عليه.. لا يصوم على أنه عادة إنما يصوم وهو مستحضر أنه يتقرب إلى الله عز وجل.
ومما جاء أيضا في فضل الصيام قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة (الصوم جنه) رواه البخاري . جنة بضم الجيم أي وقاية. فالترس الذي يستخدمه المقاتل في المعركة يسمى جنة لأنه يحميه ويحرسه من ضربات العدو كذلك الصوم جعله الله جنه أي وقاية يتقي به العبد من نار جهنم لكن ينبغي العناية بهذا الترس أن لا يضعفه و يوهي قوته ومتانته بمعصية الله تعالى.

و مما جاء في فضل الصيام ما جاء في الصحيح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) متفق عليه
والمقصود بالصائمين الذين استكثروا من الصوم صوم الفريضة وصوم النافلة فهؤلاء يدعون من باب الريان وانظر إلى الاسم سماه الله عز وجل الريان مشتق من الري ضد العطش والظمأ لأن الجزاء عند الله من جنس العمل فلما كان الصائم في الدنيا يتعرض إلى العطش الشديد لا سيما في أيام الصيف حين يكون الحر شديداً والنهار طويلاً فالله عز وجل يعوضه يوم القيامة بأن يدخله الجنة من هذا الباب فلا يذوق بعد ذلك ظمأ أبداً فهذا لاشك أنه فضل عظيم يدل على فضل الصيام وعظيم ما ادخر الله عز وجل لأصحابه.
أيضا يقول سبحانه وتعالى{كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال وكيع هي أيام الصوم – وقوله (كلوا واشربوا) هذا أمر إكرام يقصد به الامتنان عليهم بما هيأ لهم من نعيمه ( كلوا واشربوا هنيئا) لا مكدر فيه ولا منغص ، بأي شيء نالوا هذه الكرامة؟ قال(بما أسلفتم في الأيام الخالية) أي في أيام الدنيا حيث قدمتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ما قدمتم ومنها الصيام.
كذلك مما جاء في فضل الصوم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي(كل عمل ابن آدم له )في روايه(الحسنة بعشر أمثالها) أي كل عمل ابن ادم قد بين الله تعالى له المقدار الذي فيه من الأجر الحسنة بعشر أمثالها- قال(إلا الصوم فإنه لي وإنا اجزي به)أي جعلت جزاءه مخفياً لا يعلمه أحد إلا الله سبحانه وتعالى، وقال تعالى{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ولا شك أن الصوم من أعظم أنواع الصبر
ثم قال صلى الله عليه وسلم (الصيام جنه) كما تقدم أي وقاية من العذاب
ثم قال( فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) هذا فيه إشاره إلى ما ينبغي أن يكون عليه الصائم من الالتزام بهذا الأدب الرفيع لاسيما كما قلنا إن الصائم يتعرض إلى الجوع والعطش وإلى شي من النصب والتعب وقد تضيق نفوس كثير من الناس فيبادر إلى المسابة والمقاتلة فالنبي صلى الله عليه وسلم يوجه هذه الأمة إلى التزام الأدب وعدم الانقياد وراء نزغات الشيطان ونزعات النفس الأمارة بالسوء.
قال(فلا يرفث) أي لا يتكلم بالكلام السيئ
(ولا يصخب) الصخب رفع الصوت وإن اعتدى عليك أحد بالسب أو الشتم (فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم) يجهر بصوته حتى ولو كان الصوم نافلة حتى يترك المقابل له ما هو فيه من العدوان (فليقل إني صائم) أي إن الصوم هو الذي يمنعني أن أرد عليك الخطأ بمثله
ثم قال عليه الصلاة والسلام (والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) خلوف فم الصائم هو الرائحة السيئة التي تنبعث من الجوف بسبب خلو المعدة وفراغها من الطعام –هذه الرائحة في الدنيا مستكرهه عند الناس ولكنها عند الله طيبة أطيب من ريح المسك الذي هو أحسن الطيب وأطيبه لكونها أثر عبادة .
ثم قال صلى الله عليه وسلم(للصائم فرحتان يفرحهما فإذا أفطر فرح _أي بفطره_ وإذا لقي ربه فرح بصومه)
فإذا أفطر فرح بالأكل والشرب بعد الجوع والعطش، أيضا يفرح بما يسر الله له من إتمام صيام هذا اليوم. وإذا لقي ربه بعد الموت فرح بلقاء ربه لما يرى من الكرامة العظيمة التي أعدها الله له بسبب صومه
أيضا يقول صلى الله عليه وسلم( الصيام جنة وحصن حصين من النار).
ويقول عليه الصلاة والسلام(ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)
فإذا صام المسلم رمضان وأمد الله في عمره حتى أدرك رمضان الأخر وصامه فان الله عز وجل يكفر له ما بينهما لكن لاحظ إلى القيد (ما اجتنبت الكبائر) كبائر الذنوب كالسرقة ،شرب خمر، الزنا ونحو ذلك من الكبائر فإذا اجتنب المسلم الكبائر وصام رمضان ثم أدركه رمضان الآخر وصامه فإن الله عز وجل يكفر له ما بينهما من صغائر الذنوب
أيضا تستثنى الذنوب التي لها تعلق بحقوق الآدميين مثل الغيبة و أخذ أموال الناس بغير حق ونحو ذلك فلا بد من رد الحقوق إلى أصحابها أو استحلالهم منها.
تنبيه:
بعض أهل العلم يقول لا يشترط استحلال الشخص الذي اغتبته إلا إذا بلغته الغيبة أما إذا لم تبلغه فبعض العلماء يقول إنه يتو ب فيما بينه وبين الله عز وجل ويكفي، كما أن بعضهم يشترط في الاستحلال الأمن من ترتب مفسدة أكبر لأن بعض الناس لو أخبرته بما قلت فيه حصل بسب ذلك فتنة كبيرة فلا تستحله ولكن تستغفر وتتوب وتذكره بالخير مقابل ذكرك له بالسوء.
وفضائل الصوم كثيرة جداً وما ذكرت فهو إشارة إلى شيء منها.


ثانياً: الإكثار من قراءة القران الكريم:
وذلك أن هناك علاقة وطيدة بين القران الكريم وبين شهر رمضان والسبب في ذلك أن الله انزل القرآن في شهر رمضان
يقول ابن عباس رضي الله عنه فيما صح عنه إن القران أنزل إلى السماء الدنيا كله في شهر رمضان
وبعض أهل العلم يقول__ إنما المقصود من قوله(شهر رمضان الذي انزل فيه القران)أي ابتدأ نزوله في شهر رمضان في ليلة القدر
وأول ما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء وقال له اقرأ قال ما انأ بقارئ قال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فأول مانزل من القران كان تلك الليلة ليلة القدر وكانت في شهر رمضان
قال تعالى{شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}
وكان جبريل ينزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فيعارضه القران أي يراجع معه القران كاملا ولما كانت آخر سنة صامها النبي صلى الله عليه وسلم وهي سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة عارضه فيها القرآن مرتين تأكيداً وتثبيتاً
فينبغي للمسلم أن يكثر من قراءة القران في رمضان قدر الاستطاعة ولهذا فهم السلف الصالح هذا الأمر وكانوا يكثرون من قراءة القرآن جدا
قال الإمام الزهري أحد كبار علماء التابعين وأحد الأئمة (إذا جاء رمضان فإنما هو قراءة القران وإطعام الطعام)
وكان مالك ابن انس إمام دار الهجرة إذا دخل الشهر أوقف دروس الحديث واقتصر على قراءة القران الكريم من المصحف فيما يروى عنه
فقراءة القران الكريم من أجلّ الأعمال الصالحة قال تعالى{الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور} وكان مطرف بن عبدا لله بن الشخّير يقول_هذه آية القراء_
وقال تعالى{كتاب أنزلناه إليك مبارك} وصفه بالبركة وهي الخير الكثير.

وأما في السنة النبوية فالأحاديث الواردة في فضل تلاوة القران الكريم كثيرة جدا قال عليه الصلاة والسلام(من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنه الحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) رواه الترمذي
ويقول صلى الله عليه وسلم(اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم
ويقول أيضا(يقال لقارئ القران يوم القيامة اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلتك في الجنة عند آخر آية كنت تقراها)
ويقول صلى الله عليه وسلم(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل أترجه ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل المنافق الذي يقرا القران كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لايقرا القران كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر) متفق عليه
فالمؤمن الذي يقرا القران وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأحسن وصف وهو طِيْب الظاهر وطِيْب الباطن وهذا لاشك فيه حث عظيم على قراءة القران
ويقول عليه الصلاة والسلام( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) و عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) أي اعمروا البيوت بقراءة القرآن ولا تجعلوها كالمقابر إشارة إلى أنه لا يجوز قراءة القرآن في المقابر بخلاف ما يفعله كثير من الجهال اليوم من قصد قراءة القرآن عند القبور.
وكما حث النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القران مطلقا فقد حث على سور معينه يكثر المسلم من قراءتها مثل سورة الفاتحة- قل هو الله احد- المعوذتين- سورة البقرة- آية الكرسي- أواخر سورة البقرة- سورة البقرة وال عمران هذه جاءت فيها أحاديث بخصوصها تحث على قراءتها والعناية بها
فعلى المسلم أن يكثر من قراءة القران الكريم إذا كان يحسن القراءة يقرأ نظراً أو كان يحفظه يقرأه غيباً فإذا لم يكن يحسن القرآءة يستمع إلى قراءة القران لأن المستمع مثل القارئ قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدا لله ابن مسعود (اقرأ علي) قال اقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال(إني أحب أن أسمعه من غيري) فقرأ عبدا لله بن مسعود من أول سورة النساء حتى إذا وصل إلى قوله(فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال- حسبك- يقول ابن مسعود فرفعت إليه بصري فإذا عيناه تذرفان صلوات الله وسلامه عليه أو كما قال.
فيكثر المسلم من قراءة القران في هذا الشهر مع العناية بالقرآن دائما
تنبيه:
إذا حاضت المرأة فبعض العلماء يقول لايجوز لها أن تقرأ –ومنهم من يقول يجوز لها القراءة من غير أن تمس المصحف لأن حديث منع الحائض من قراءة القران ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة المدني ورواية إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين ضعيفة – فلا بأس للمرأة أن تقرأ القران ولو كانت حائضاً لكن دون أن تمس المصحف لحديث (لا يمس القرآن إلا طاهر)


ثالثاً: إطعام الطعام والصدقات بأنواعها
يقول ابن عباس : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه
فكان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان من أشد الناس إنفاقا وصدقة وإطعاماً لطعام ونحو ذلك قال عليه الصلاة والسلام( من فطر صائما كان له مثل أجره) فيحرص المسلم على الصدقة ولو بالقليل مما يمكن للمسلم أن يتصدق به – طرق سائل على عائشة الباب فما كان بين يديها إلا عنبة واحده فأرسلت الخادم وقالت إعطيها. تعجبت الخادم وقالت عنبة واحده؟ فقالت عائشة_كأنك تتقالينها؟_قالت نعم أي وماذا تفعل عنبه ؟ فنبهتها عائشة إلى مسألة عظيمه قالت__كم ترين فيها من مثاقيل الذر؟__
قال تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) فإذا كان الميزان عند الله بمثاقيل الذر أصغر الأجزاء فلا ينبغي أن يتقال المسلم شيئاً من الخير مهما كان.
واذا صنع المسلم طعاما يهدي لجيرانه حث النبي صلى الله عليه وسلم نساء المسلمات على أنه إذا طبخت مرقه أن تكثر ماءها وأن تهدي إلى جيرانها لم يقل تتصدق والهدية تكون على غني أما الصدقة فعلى فقير والمقصود بالغني أي من ليس بفقير
فعلى المسلم أن يجتهد في البذل بما يستطيع من وجوه الخير ، في بيوتنا كثير من الأمتعه الزائدة من لباس وأواني وغير ذلك فهذا الشهر فرصة للتصدق بها على المساكين والمحتاجين فيتفقد المسلم إخوانه ويتلمس حاجاتهم
والمقصود أن نحرص على أمور الخير ولو كانت قليلة يسيرة فإنها عند الله ذات منزله كبيره وعظيمه


رابعاً: قيام رمضان
قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه) فإذا قام المسلم الشهر ولكن بالشرط_إيمانا واحتسابا_ غفر الله له ماتقدم من ذنبه وهذا القيام ليس شرطاً أن يكون في المسجد لكن المقصود أنك تقوم هذا الشهر فإذا كان رجلا وصلى في المسجد فأفضل وإذا كانت امرأة فصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد ولو صلت المرأة في المسجد فلا حرج قال صلى الله عليه وسلم (لاتمنعوا إماء الله مساجد الله ) ولكن هناك قيود وشروط للمرأة أثناء خروجها للمسجد ومن القيود التي جعلها الله عز وجل للمرأة حفاظا عليها وصيانة لها أن تخرج متحجبة الحجاب الشرعي بمعنى أن تغطي جميع بدنها بلباس ساتر لا يبين تفاصيل جسدها، أيضا لا تمس طيباً ، تبتعد عن مزاحمة الرجال ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بين النساء والرجال اختلاطاً في حال الخروج من المسجد قال(يامعشر النساء تأخرن فانه ليس لكن أن تحققن الطريق) فكانت النساء يمشين في جنبات الطريق – يقول الراوي حتى إن المرأة كان ثوبها يلتصق في الجدار من شدة لصوقها به هكذا كان امتثالهن رضي الله عنهن لأمر النبي صلى الله عليه وسلم
أيضا بعض النساء تخرج إلى المسجد مع سائق ليس معها أحد غير السائق فتذهب إلى طاعة لكن ترتكب معصية وبعض النساء تريد فعل الخير فتبخر المسجد فتخرج المرأة وقد علق بها الطيب وهذا غلط.

خامساً: الاعتكاف
الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد قال تعالى {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} اخذ العلماء من هذه الآية أن الاعتكاف لايكون إلا في المساجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر كلها كان أولاً يعتكف العشر الأوسط من شهر رمضان فلما أراد أن يخرج قيل له إن ما تبتغي أمامك _أي الشي الذي تنتظره وهي ليلة القدر_لاتزال أمامك فاعتكف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر ثم استمر على هذا فكان يصلي الفجر يوم الحادي والعشرين ثم يدخل معتكفة ولا يخرج حتى ينتهي الشهر ولما مات عليه الصلاة والسلام اعتكف أزواجه من بعده فأخذ العلماء من ذلك انه لا بأس أن تعتكف المرأة في المسجد ولكن اعتكاف المرأة ليس مثل اعتكاف الرجل اعتكاف المرأة يعرضها للخطر، للفتنة منها أو الفتنة بها ولهذا ينبغي للمرأة أن تنظر وتحتاط في هذا الجانب ولهذا بعض العلماء يشترط لجواز اعتكافها أن يكون زوجها معها أو احد محارمها كل ذلك من باب الصيانة والحراسة لها وأن يكون في مكان مستور لا تتكشف فيه المقصود أن المرأة إذا أرادت أن تعتكف فلتحرص أن لا يكون اعتكافها سبباً لتضييعها لزوجها ولأولادها ولشؤون بيتها، أيضا لا يكون اعتكافها فيه الفتنه وظهور العورة والخلوة بأجنبي عنها عليها أن تعتني وتحتاط لهذا الأمر
فينبغي للمرأة إذا أرادت أن تعتكف أن تحتاط فإذا وجدت من نفسها أنه قد يدخل عليها خلل في الاعتكاف فقيامها ببيتها وأولادها خير لها قال عليه الصلاة والسلام(وأقرب ما تكون المرأة من رحمة ربها في قعر بيتها) فهذا خير مكان للمرأة قال تعالى(وقرن في بيوتكن).
وللاعتكاف أحكام كثيرة ينبغي لمن أراده مراجعتها حتى يتحقق المقصود من تشريعه، فإن من الشباب _ خاصة _ من يكون اعتكافه وبالاً عليه بسبب إضاعته الأوقات الثمينة في المنام والكلام وتبادل الأحاديث، أو الخلوة بالمردان والفتنة بهم والعياذ بالله، أو يكون فرصة يقتنصها الحزبيون لبث أفكارهم الفاسدة في أذهان الأغرار تحت ستار الاعتكاف.
نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يرزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
* _ محاضرة ألقيت عبر الهاتف في شعبان 1443هـ ثم أعدت فيها النظر وأضفت بعض الفقرات وحذفت أخرى، وجزى الله خير الجزاء من قام بتفريغها وأحسن إليه والله الموفق

للشيخ علي بن يحيى الحدادي




شكرا لك اخي الكريم وجزاك الخير المديد
تحياتي




موضوع رائع الف شكر بارك الله فيك




ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
ونفعنا الله وإياكم بالقرآن الكريم




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

ليلة القدر و علاماتها و افضل دعاء يقال فيها

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سُئل الشيخ العلامة محمد بن عثيمين – رحمه الله – هذا السؤال :
ما هي الليالي التي تتحرى فيها ليلة القدر وما هو أفضل دعاء يقال فيها وما هي علاماته ؟

فأجاب :
آخر الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين ولكنها ليست هي ليلة قدر جزماً بل هي أرجأها ومع ذلك فإن القول الراجح عند أهل العلم أن ليلة القدر تتنقل تارة تكون في ليلة إحدى وعشرين وتارة تكون في ليلة ثلاثة وعشرين وفي ليلة خمس وعشرين وفي ليلة سبع وعشرين وفي ليلة تسع وعشرين وفي الأشفاع أيضاً قد تكون وقد أخفاها الله عز وجل عن عباده بحكمتين عظيمتين إحداهما أن يتبين الجاد في طلبها الذي يجتهد في كل الليالي لعله يدركها ويصيبها فإنها لو كانت ليلة معينة لم يجد الناس إلا في تلك الليلة فقط والحكمة الثانية أن يزداد الناس عملاً صالحاً يتقربون به إلي ربهم لينتفعو به أما أفضل دعاء يدعى فيها فسؤال العفو كما في حديث عائشة أنها قالت يا رسول الله أريت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال (قولي اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني) فهذا من أفضل الأدعية التي تقال فيها وأما علامتها فإنها أن تخرج الشمس صبيحتها صافية لا شعاع فيها وهذه علامة متأخرة وفيها علامات أخرى كزيادة الأنوار زيادة النور فيها وطمأنينة المؤمن وراحته وانشراح صدره كل هذه من علامات ليلة القدر .

والله الموفق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد


المصدر : من برنامج نور على الدرب – موقع الشيخ –




جزاكم الله خيرا ونفع بكم
اللهم إنا نسألك أن تبلغنا هاته الليلة وتوفقنا لقيامها وتجعلنا من الغفور لهم فيها ومن العتقاء من النار




بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم




بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم




اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عنا
هذه اول الليالي المطلوبة اسال الله ان يجعلنا من عتقاءه
هذه السنة، وبارك الله فيك يا اختي على طرحك القيم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فرضية الحج وشروطه

فرضية الحج وشروطه

الحمد لله الذي فرض الحج على عباده إلى بيته الحرام ، ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام ، فمن حج البيت ، فلم يرفث ، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه نقيا من الذنوب والآثام والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة دار السلام . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى ، وزكى ، وحج ، وصام ، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام ، وسلم تسليما .
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى ، وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج إلى بيته حيث استطعتم إليه سبيلا فقد قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا » . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بني على هذه الخمس فلا يتم إسلام عبد حتى يحج ، ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فينظروا كل من له جدة ( أي غنى) ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين .
ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين عليها إجماعا قطعيا ، فمن أنكر فريضة الحج ، فقد كفر ، ومن أقر بها ، وتركها تهاونا فهو على خطر . فإن الله يقول بعد ذكر إيجابه على الناس : { وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } . كيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه ، وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام ، وأركانه كيف يبخل بالمال على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو ينفق الكثير من ماله فيما تهواه نفسه ؟ وكيف يوفر نفسه عن التعب في الحج وهو يرهق نفسه في التعب في أمور دنياه ؟ وكيف يتثاقل عن فريضة الحج وهو لا يجب في العمر سوى مرة واحدة ؟ وكيف يتراخى ويؤخر أداءه وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه .
فاتقوا الله عباد الله ، وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج تعبدا لله تعالى ، ورضا بحكمه وسمعا وطاعة لأمره إن كنتم مؤمنين : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } . إن المؤمن إذا أدى الحج والعمرة بعد بلوغه مرة واحدة ، فقد أسقط الفريضة عن نفسه ، وأكمل بذلك أركان إسلامه ، ولم يجب عليه بعد ذلك حج ولا عمرة إلا أن ينذر الحج أو العمرة ، فيلزمه الوفاء بما نذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من نذر أن يطيع الله فليطعه » . أيها المسلمون إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل لفرائضه حدودا وشروطا لتنضبط الفرائض ، وتتحدد المسؤولية ، وجعل هذه الحدود والشرائط في غاية المناسبة للفاعل والزمان والمكان ، ومن هذه الفرائض الحج ، فله حدود وشروط ، ولا يجب على المسلم إلا بها ، فمنها البلوغ ، ويحصل في الذكور بواحد من أمور ثلاثة : إنزال المني أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات العانة . وفي الإناث بهذه الثلاثة وزيادة أمر رابع ، وهو الحيض فمن لم يبلغ فلا حج عليه ولو كان غنيا لكن لو حج صح حجه تطوعا ، وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ؛ لأن حجه قبل البلوغ لا يسقط به الفرض ؛ لأنه لم يفرض عليه بعد فهو كما لو تصدق بمال ينوي به الزكاة قبل أن يملك نصابه . وعلى هذا فمن حج ومعه أبناؤه أو بناته الصغار ، فإن حجوا معه كان له أجر ، ولهم ثواب الحج ، وإن لم يحجوا فلا شيء عليه ولا عليهم .
ومن شروط وجوب الحج أن يكون مستطيعا بماله وبدنه ؛ لأن الله تعالى شرط ذلك للوجوب في قوله : { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } . فمن لم يكن مستطيعا ، فلا حج عليه ، فالاستطاعة بالمال أن يملك الإنسان ما يكفي لحجة زائدا عن حوائج بيته ، وما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله وأجرة سكن لمدة سنة ، وقضاء ديون حالة ، فمن كان عنده مال يحتاجه لما ذكر لم يجب عليه الحج ، ومن كان عليه دين حال لم يجب عليه الحج حتى يوفيه . والدين كل ما ثبت في ذمة الإنسان من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها ، فمن كان في ذمته درهم واحد حال فهو مدين ، ولا يجب عليه الحج حتى يبرأ منه بوفاء أو إسقاط ؛ لأن قضاء الدين مهم جدا ، حتى إن الرجل ليقتل في سبيل الله شهيدا ، فتكفر عنه الشهادة كل شيء إلا الدين ، فإنها لا تكفره ، وحتى إن الرجل ليموت ، وعليه الدين ، فتعلق نفسه بدينه حتى يقضى عنه . أما الدين المؤجل ، فإن كان موثقا برهن يكفيه لم يسقط به وجوب الحج ، فإذا كان على الإنسان دين قد أرهن به طالبه ما يكفي الدين ، وبيده مال يمكنه أن يحج به ، فإنه يجب عليه الحج ؛ لأنه قد استطاع إليه سبيلا ، أما إذا كان الدين المؤجل غير موثوق برهن يكفيه فإن الحج لا يجب عليه حتى يبرأ من دينه .
والاستطاعة بالبدن أن يكون الإنسان قادرا على الوصول بنفسه إلى البيت – أي مكة – بدون مشقة ، فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت ، أو يستطيع الوصول لكن بمشقة شديدة كالمريض ، فإن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ، ثم يحج ، فإن مات حج عنه من تركته ، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض والميؤوس من برئه ، فإنه يوكل من يحج عنه من أقاربه أو غيرهم ، فإن مات قبل التوكيل حج عنه من تركته . وإذا لم يكن للمرأة محرم ، فليس عليها حج ؛ لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج ، فإنها ممنوعة شرعا من السفر بدون محرم . قال ابن عباس رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انطلق فحج مع امرأتك ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته » مع أنه قد كتب مع الغزاة ، ولم يستفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت امرأته شابة ، أو كان معها نساء أو لا ، وهو دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب طائرة أو سيارة إلا بمحرم وهو زوجها ، وكل من يحرم عليه نكاحها تحريما مؤبدا كالأب ، وإن علا ، والابن وإن نزل ، والأخ وابن الأخ ، وإن نزل وابن الأخت ، وإن نزل ، والعم والخال سواء كان ذلك من نسب أو رضاع ، وكأب الزوج ، وإن علا ، وابنه ، وإن نزل ، وزوج البنت ، وإن نزلت ، وكزوج الأم ، وإن علت إذا كان قد دخل بها . ولا بد أن يكون المحرم بالغا عاقلا ، فمن كان دون البلوغ لا يكفي أن يكون محرما ؛ لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها ، وذلك لا يحصل بالصغير .
أيها المسلمون من رأى نفسه أنه قد استكمل شروط وجوب الحج ، فليؤده ، ولا يتأخر ، فإن أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير ، والإنسان لا يدري ما يحصل في المستقبل ، وقد يسر الله ، وله الحمد لنا في هذه البلاد ما لم ييسره لغيرنا من سهولة الوصول إلى البيت ، وأداء المناسك ، فقابلوا هذه النعمة بشكرها ، وأداء فريضة الله عليكم قبل أن يأتي أحدكم الموت ، فيندم حين لا ينفع الندم . واسمعوا قول الله عز وجل : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }{ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }{ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } . ومن حج على الوجه الشرعي مخلصا لله متبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد تم حجه سواء كان قد تمم له ، أم لا أما ما توهمه بعض العوام أن من لم يتمم ، فلا حج له فهو غير صحيح ، فلا علاقة بين التميمة والحج .
وفقني الله وإياكم للقيام بفرائضه والتزام حدوده ، وزودنا من فضله وكرمه وحسن عبادته ما تكمل به فرائضنا ، وتزداد به حسناتنا ، ويكمل به إيماننا ، ويرسخ به ثباتنا إنه جواد كريم .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الضياء اللامع من الخطب الجوامع
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

دروس مختارة لموسم الحج

دروس مختارة لموسم الحج
لفضيلة الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله

تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل عشر ذي الحجة



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا الله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله و أمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله أهله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:

فيا عباد الله، إنكم تستقبلون في هذه الأيام عشر ذي الحجة، التي بينَّ النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فضل العمل فيها بقوله:ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء، فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة، بل أفضل من العمل الصالح في أي يوم من أيام السنة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن كثيراً من الناس يجهلون قدر هذه الأيام العشر، فلا تكاد تجد أحداً يميزها عن غيرها بكثرة العمل الصالح ولكني أقول: إن من بلغته سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فإن الأولى به أن يكون متبعاً لها وجوباً في الواجبات واستحباباً في المندوبات .
إذاً: فأكثروا من العمل الصالح في هذه الأيام العشر، أكثروا من الصلاة، أكثروا من قراءة القرآن، أكثروا من الذكر، أكثروا من الصدقة، صوموها فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، قال الله – عزَّ وجل – في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرِ أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»(1)، وفي هذه الأيام العشر احترموا أضحيتكم بحرماتها التي جعلها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث قال: إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره ولا من بشره أي: من جلده شيئاً،فمن أراد أن يضحي فلا يأخذن من ذلك شيئاً إلى أن يضحي؛ وذلك احتراماً للأضحية التي هي من شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، وفي هذا دليل على أهمية الأضحية، حيث جعل لها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حرمات يحترمها الإنسان عند إرادة فعلها ولكن في أي مكان تكون الأضحية ؟ تكون الأضحية في بلد الإنسان، تكون الأضحية في بيته يقيم بذلك شعائر الله في بلاد الله عزَّ وجل وليست الأضحية مجرد صدقة؛ حتى يتوخى الإنسان فيها أحوج بلاد المسلمين ولكنها قربة خاصة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ولو كانت مجرد صدقة لكانت جائزة قبل صلاة العيد لا بعدها، ولكانت جائزة من بهيمة الأنعام وغيرها، ولكانت جائزة فيما بلغ السنة وما لم يبلغه ولكنها عبادة موقتة محددة بكيفيتها ووقتها وحينئذٍ نعرف أنه من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك فإن هذا ليس من سنة الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وإنما كان يبعث بالهدي من المدينة إلى مكة؛ من أجل اختصاص المكان لا من أجل حاجة الناس، أما الأضحية فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يضحي في المدينة، وإن إرسال الدراهم ليضحى بها في مكان آخر تفوت به مصالح كثيرة؛ يفوت به إظهار الشعيرة في البلاد فإن ذبح الأضاحي من شعائر الله، فإذا أرسل الناس دراهمهم إلى بلاد أخرى يضحى بها بقيت البلاد بلا شعيرة، يفوت بها: أن يذكر الإنسان ربه على هذه البهيمة التي ضحى بها والله تعالى يقول: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَام﴾ [الحج: 34]، يفوت بها اتباع سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث كان يضحي بنفسه ويذبح أضحيته ويذكر اسم الله عليها ويسأل الله قبولها، وإذا أرسلت الدراهم إلى هناك فمن الذي يتولى ذلك، أليس هو الذابح ؟ هذا إن أحسنَّا الظن به ووثقنا بمن نرسل الدراهم معه، أما إذا كانت أضحيتك في بيتك فتولَّ ذبحها بنفسك إن كنت تحسنه أو تحضره ويحصل بذلك تعظيم شعائر الله في البيت فإن أرسلها إلى بلاد أخرى يفوت به هذه المصلحة العظيمة، يفوت في إرسالها إلى بلاد أخرى: أن يأكل الإنسان منها والله – تعالى – قد أمر بالأكل منها فقال: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج:36] ، ومن المعلوم أنه إذا كانت الأضحية في غير بلدك فإنه لا يمكنك أن تمتثل أمر الله بالأكل منها؛ لأنها ليست عندك وحينئذٍ تفوّت أمر الله – عزَّ وجل – فيها، وقد قال بعض أهل العلم: إن الأكل من الأضحية واجب، وأما الإنسان إذا لم يأكل منها فهو آثمٌ عاصٍ لله، ولاشك أنه عاصٍ للأمر، ولكن هل يأثم لهذا العصيان أو لا يأثم ؟ هذا محل الخلاف بين العلماء، وإنك إذا أرسلت الدراهم ليضحى بها في بلد آخر فلا تدري متى تكون الأضحية، هل تكون في اليوم الأول الذي هو أفضل من الأيام الثلاثة بعده، أو تكون قبل الصلاة، أو تكون بعد أيام التشريق ؟ ثم تبقى معلقاً – أيضاً – بالنسبة لأخذ الشعر والظفر والبشرة، وأنت إذا أرسلتها إلى بلد آخر فلا تدري أيقوم المشتري بالاحتياط التام في تمام سِنِّها وخلوها من العيوب المانعة من الإجزاء وخلوها من العيوب التي تكره فيها، كل هذا سيفوتك .
أيها الإخوة، إن من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلد آخر ليضحى بها هناك لتفويت هذه المصالح التي سمعتموها، وإذا كان عند الإنسان فضل مال فإني أحثه على أن يرسله إلى البلاد الفقيرة والمحتاجة للجهاد في سبيل الله والله – سبحانه وتعالى – ذو الفضل العظيم، وإن من خلاف السنة ما يفعله بعض الناس اليوم من الإسراف في الأضحية، حيث يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بالأضحية وهذا لا شك أنه إذا اقتصر عليه فهو السنة الموافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهو أكرم الخلق بلا شك وأحب الخلق للخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إلى فعل الخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم المشرِّع لأمته بلا شك لم يضحِ عنه وعن أهل بيته إلا بأضحية واحدة، ومن المعلوم أن نساءه تسع وكل امرأة في بيت لم يضحِ بأكثر من ذلك، ولكن مع الأسف أن بعض الناس عندنا يضحي بعشر ضحايا لا حاجة إليها، تجد الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته كما قلت ثم تأتي البنت وتقول أريد أن أضحي عن جدي من قِبَلِ الأب وعن جدَّتي من قِبَلِ الأب و عن جدتي من قِبَلِ الأم و عن جدي من قِبَلِ الأم وهكذا تأتي الأخت وهكذا تأتي الزوجة حتى يصبح في البيت الواحد إلى عشر ضحايا لا حاجة إليها بل هي من الإسراف، وإني أقول: إن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – توفيت زوجته خديجة وهي من أحب نسائه إليه وهي أم أكثر أولاده وهي التي لم يتزوج عليها حين وجودها ومع ذلك لم يضحِ عنها، وتوفي عمه حمزة بن عبد المطلب واستشهد في أُحد – رضي الله عنه – وهو أسد الله وأسد رسوله ومع ذلك لم يضحِ عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، توفيت بناته الثلاث قبل أن يموت إلا أن فاطمة بقيتْ بعده ولم يضحِ عن بناته، فمِنْ أين جاءنا أن يُضحى عن الأموات؟ الوصايا تبقى بحالها ويضحى بها، أما أن نضحي عن أمواتنا فمن كان عنده حرف واحد صحيح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه ضحى عن أحد من أمواته أو أنه أمر أن يضحي أحد عن أمواته فليسعفنا به فإنا له قابلون وله متبعون إن شاء الله، أما أن نفعل عبادة نتقرب بها إلى الله لمجرد عواطف تكون في قلوبنا وصدورنا فليس لنا ذلك، إنما الشرع من عند الله، ألم تعلموا أن بعض العلماء يقول: الأضحية عن الميت غير صحيحة؛ لأنها لم ترد في السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(2)، ألم تعلموا أن الذين أجازوا الأضحية عن الميت إنما قاسوها على الصدقة؛ لأن الصدقة وردت بها السنة في حديث سعد بن عبادة حيث تصدق بمخرافة عن أمه بإذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومخرافه هو: البستان الذي يخرف، وكذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها ؟ قال: نعم،ولكن هل قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يوماً من الأيام لأمته: تصدقوا عن أمواتكم ؟ هل قال: ضحوا عن أمواتكم ؟ هل ضحى عن أمواته ؟ هذا هو محل الحكم، وهذا مناط الحكم .
إذاً: ما بالنا نجعل في البيت الواحد عشر ضحايا أو أقل أو أكثر لأموات في سنة لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا كان عند هؤلاء فضل مال فنقول: إن أضحية قِيمّ البيت كافية عن الجميع فلا تتجاوزوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنتم خير أم رسول الله، أنتم أكرم أم رسول الله، أنتم أحب في الطاعة من رسول الله، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، واللهِ لسنا أكرم من رسول الله، ولا أعلم بما يحب الله، ولا أسبق لما يحب الله بل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أكرم الخلق على الإطلاق وأحب ما يكون للخير: فنقول يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة ومن عنده فضل مال فليسعف به إخوانه المسلمين في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد المسلمين، هناك أناس فقراء لا يأكلون إلا ورق الشجر إن تهيأ لهم، هناك أناس عراة لا يتقون برداً ولا حراً فما بالنا نحرم هؤلاء مما أعطانا الله ثم نسرف به ﴿والله لا يحب المسرفين﴾، نقول لهؤلاءِ الذين يحرصون على أن ينفعوا أمواتهم: ابذلوا هذه الأموال في غير الأضحية، ابذلوها في الصدقة، تصدقوا على إخوان لكم موتى من الجوع منهم عدد كثير .
أيها الإخوة، أدعوكم ونفسي إلى اتباع السنة لا إلى اتباع العاطفة، أدعوكم ونفسي إلى أن يترسم الخطى إمامنا وقدوتنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وألا نتجاوز ما فعل وألا نسرف فيما لا يحب الله الإسراف فيه .
إن بعض الناس يعتمدون على حديث ضعيف أن الأضحية في كل شعرة منها حسنة وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أهم شيءٍ في الأضحية أن ينهر الدم ابتغاء وجه الله وتعظيماً لله عزَّ وجل هذا هو المهم، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: 37] ، هذا الذي يناله الله أن نتقي الله – عزَّ وجل – في التقرب إلى الله – تعالى – بذبحها وذكر اسم الله عليها، وأن نتمتع بالأكل منها نحن وأولادنا وجيراننا وإخواننا وفقراءنا، وأعظم من ذلك وأدهى أن من الناس من يرسل الوصايا التي في أوقاف أمواته إلى بلاد أخرى يضحي بها فكيف يسوغ ذلك لنفسه الوصي وكيل، والوكيل لا يجوز أن يتصرف فيوكِّل إلا بإذن موكِّله والإذن هنا مستحيلاً، ثم إن الأموات يظهر من قصدهم – فيما أوصي به من الضحايا – يظهر من قصدهم أنهم أرادوا أن يتمتع من خلفهم بهذه الأضحية، يأكلون ويسمون على الأكل ويحمدون الله على الأكل ويدعون للأموات هذا هو القصد من وصية الموصين، لا أن تذبح من وراء البراري والبحار، فيا عباد الله، لا تَنْسَابوا وراء العاطفات، عندكم العلماء اسألوهم، فإن ما يُبنى على العلم والبرهان هو العبادة الصحيحة، وأما ما يبنى على الظن والوهم والعاطفة التي لا مستند لها لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا من سنة الخلفاء الراشدين، إنها باطلة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .
خلاصة قولي في هذه الخطبة أنني أقول: مَنْ كان عنده ضحايا فلا يرسلها لا إلى البوسنة والهرسك ولا إلى غيرها من البلاد بل يضحي بها في بلده إظهاراً لشعائر الله واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحصولاً للمصالح العظيمة التي ذكرنا: أنه إذا أرسلها خارج البلاد فإن هذه المصالح تفوت هذه واحدة، ثانياً: الإسراف في الأضاحي لا داعي له، فالأضحية الواحدة تكون للرجل عنه وعن أهل بيته كافية، ومن كان عنده فضل مال وأراد أن ينفع أمواته فليتصدق به على من كانوا في بلاد أخرى محتاجين للصدقة أكثر ممن كانوا في بلادنا، ثالثاً أقول: ذكرنا أن الإنسان إذا أراد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا من بشرته شيئاً من حين أن يدخل شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، و أما من يضحى عنه فلا حرج، فليأخذوا من ذلك ما شاؤوا، فأهل البيت – مثلاً – إذا كان قيم البيت يريد أن يضحي عنهم لا حرج عليهم أن يأخذوا من شعورهم و أظفارهم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما قال: وأراد أحدكم أن يضحيولم يقل: أن يضحي أو يضحى عنه؛ ولأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يُنْقل عنه أنه قال لأهله وهو يريد أن يضحي عنهم – لم يُنْقل عنه أنه قال: لا تأخذوا من شعوركم وأظفاركم وأبشاركم شيئاً، والأصل براءة الذمة والأصل الحِل حتى يقوم دليل على التحريم، وعلى هذا فلا يشمل النهي أهل البيت وإنما يختص بقيّم البيت الذي هو يريد أن يضحي .
أيها الإخوة، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأسأل الله – تعالى – أن يلزمني وإياكم هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة؛ فإن يدي الله على الجماعة، ومَنْ شذ شذَّ في النار، واعلموا أن الله – تعالى – أمركم أن تصلوا وتسلموا على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56] .
إن صلاتكم وسلامكم على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى وآله وسلم – إنها امتثال لا أمر الله عزَّ وجل، إنها قيامٌ بحق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنها أجرٌ وغنيمة لكم، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً،فأكثروا – أيها الإخوة – من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإكثار من ذلك ليس أمراً شاقاً ولا أمر متعِباً؛ لأنه قول اللسان وأسهل ما يكون حركة هو اللسان، أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – واحتسبوا بذلك الأجر من الله، احتسبوا أنكم إذا صليتم عليه مرة واحدة صلى الله عليكم بها عشراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، اللهم أحسن عواقبنا في الأمور كلها، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاك يا رب العالمين، يا ذا الجلال و الإكرام، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم مَنْ أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، اللهم من أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في البوسنة والهرسك والشيشان، اللهم إنا نسألك أن تنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم فرِّق جمعوهم واهزم جنودهم وشتِّت كلمتهم يا رب العالمين، اللهم أنزل بهم البلاء وألقِ بينهم العداوة والبغضاء؛ حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم وافعل مثل ذلك في الصرب المعتدين الخائنين يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أصلح شبابهم وشيوخهم و ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوبهم، اللهم اهدهم سبل السلام، اللهم يسرهم لليسرى وجنبهم العسرى واغفر لهم في الآخرة و الأولى يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10]، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وغفر له


——————————

(1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين ( 10136) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام (1771) ، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام ( 1945)، وأخرجه أصحاب السننه في سننهم .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية ( 3243 ) من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلح ( 2499) من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .




بارك الله فيك وجزاك الخير المديد




بارك الله فيك أخي الكريم أبو سليمان

لقد وجدت ضالتي في موضوعك القيم

كنت أحتاج تفسيرا و وجدتها عندك بارك الله فيك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و جعلها في ميزان حسناتكتعليمية