التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

حمل: محاضرات مفرغة صفة الإحرام و أحكام الهدي و الأضاحي للشيخ صالح آل الشيخ

تعليمية تعليمية

تعليمية

محاضرات مفرغة

للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله

أعد المواد :

سالم بن محمد الجزائري غفر الله له و لوالديه

تعليمية

محاضرة صفة الإحرام للشيخ صالح آل الشيخ

الفهرس

مقدمة………………2

فوائد التكلم على أحكام الحج عند قرب موسمه………….2

دليل ركنية الحج………………… 3

الدخول في الإحرام……………… ….4

المواقيت المكانية…………….. .5

مستحبات الإحرام……………..6

اختلف العلماء هل للإحرام صلاة تخصه أم لا؟…………………. ….8

اختل فالعلماء في التلبية هل هي سنة أم ةشرط…………… 9

الصور الثلاث للحج………………… …. 9

اختلف العلماء هنا هل القارن يجب عليه دم أم لا؟ …………………..11

أحكام الإحرام للمرأة………………. ..13

أحكام الإحرام للصبي……………. 13

محظورات الإحرام……………… …14

أسئلة المحاضرة ……………………. 17

السؤال (01): هل صيام العشر سنة؟……………..18

السؤال 02: هل النظر إلى الأضحية في البيت سنة؟……………….19

السؤال (03): من تعدى الميقات ناسيا؟………….20

سؤال (04°: إذا تعدى المقات ونوى ثم رجع؟…………….20

السؤال (05): هل يدخل في الآية من نسي النية عند الميقات؟……….20

السؤال (06): لماذا لا تكون جدة ميقاتا؟…….21

السؤال (07° هل يجوز التوكيل في الحج النفل؟………………. ..23

السؤال (08: هل يجوز تأخير طواف الحج ليكون مع طواف الداع واحدا؟……………24

سؤال (09): هل يلزم للمتمتع أن يخلع لباس الإحرام بعد العمرة؟……………… …….24

السؤال (10): رجل وصيّ على ضحايا وهو ينوي حج هٰذا العام متمتعا إن شاء الله تعالى، هل يقصّر؟…………..25

السؤال (11):المرأة الحائض إذا لم تستطع الطواف للإفاضة للحيض هل تطوف إذا خافت فوات الركن؟…………..26

السؤال (12): هل يجوز أخذ عمرتين في سفرة واحدة عني وعن والدي؟……………..27

السؤال (13): ماذا يفعل طالب العلم عندما يسأل في المسائل الخلافية في الحج، هل يجيب باجتهاده؟……………. ….27

السؤال (14): ما حكم الذهاب إلى الحج في حملة من جهة حكومية بدون دفع المال لهم؟..28

الفهرس………………. 29

تعليمية

تعليمية

محاضرة أحكام الهدي والأضاحي للشيخ صالح آل الشيخ مخرجة الأحاديث بحواشي مهمة

تعليمية

تعليمية

محاضرة الحج دعوة و ميدان عبادة

تعليمية

تعليمية

تعليمية تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الحجة الكبرى لابن القيم رحمه الله

الحجة الكبرى
لابن القيم رحمه الله

ابيات من القصيدة الميمية لابن القيم رحمه الله

في وصف ( رحلة الحج )

إفاضة الحجيج


أما والذي حج المحبون بيته *** ولبوا له عند المهل وأحرموا


وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا *** لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم


يهلوان بالبيداء لبيك ربنا *** لك الحمد والملك الذي أنت تعلم


دعاهم فلبوه رضا ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منهم


تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم *** وغبرا وهم فيها أسر وأنعم


وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم تثنهم لذاتهم والتنعم


يسيرون في أقطارها وفجاجها *** رجالا وركبانا ولله أسلموا

رؤية البيت العتيق

ولما رأت أبصارهم بيته الذي *** قلوب الورى شوقا إليه تضرم


كأنهم لم ينصبوا قط قبله *** لأنهم شقاهم قد ترحل عنهم


فلله كم من عبرة مُهَراقة *** وأخرى على آثارها لا تقدم


إذا عاينته العين زال ظلامها *** وزال عن القلب الكئيب التألم


ولا عجبا من ذا فحين أضافه *** إلى نفسه الرحمن فهو المعظم


كساه من الإجلال أعظم حلة *** عليها طراز بالمُلاحة مُعْلم

الذهاب إلى عرفة


وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة *** ومغفرة ممن يجود ويكرم


فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم

ويدن به الجبار جل جلاله *** يباهي بهم أملاكه فهو أكرم


يقول عبادي قد أتوني محبة *** وإني بهم بر أجود وأرحم


وأشهدكم أني غفرت ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أملوه وأُنعم


فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفر الله الذنوب ويرحم


فكم من عتيق فيه كُمَّل عتقه *** وآخرَ يُستسعى وربك أرحم

ذلة الشيطان في ذلك اليوم


وما رُؤي الشيطان أحقر في الورى *** وأدحر منه عندها فهو ألوم


وذاك لأمر قد رآه فغاظه *** فأقبل يحثُ الترب عنه ويلطم


لما عاينت عيناه من رحمة أتت *** ومغفرة من عند ذي العرش تُقسم


بنى ما بنى حتى إذا ظن أنه *** تمكن من بنيانه فهو محكم


أتى الله بنيانا له من أساسه *** فخر عليه ساقطا يتهدم


وكم قدر ما يعلوا البناء وينتهي *** إذا كان يبنيه وذو العرش يهدم

الذهاب لمزدلفة


وراحوا إلى جَمْع فباتوا بمشعر الحرام *** وصلوا الفجر تم تقدموا


إلى الجمرة الكبرى يريدون رميها *** لوقت صلاة العيد تم تيمموا


منازلهم للنحر يبغون فضله *** وإحياء نسك من أبيهم يعظم


فلو كان يرضي الله نحر نفوسهم *** لجادوا بها طوعا وللأمر سلموا


كما بذلوا عند الجهاد نحورهم *** لأعدائه حتى جرى منهم الدم


ولكنهم دانوا بوضع رؤوسهم *** وذلك ذلك للعبيد ومِيسم

إلى طواف الإفاضة


ولما تقضّوا ذلك التفث الذي *** عليهم وأوفوا نذرهم ثم تمموا


دعاهم إلى البيت العتيق زيارة *** فيا مرحبا بالزائرين وأكرم


فلله ما أبهى زيارتهم له *** وقد حصلت تلك الجوائز تقسم


ولله أفضال هناك ونعمة *** وبر وإحسان وجود ومرحم

عودة إلى منى


وعادوا إلى تلك المنازل من منى *** ونالوا مناهم عندها وتنعموا


أقاموا بها يوما ويوما وثالثا *** وإذن فيهم بالرحيل وأُعلموا


وراحوا إلى رمي الجمار عشية *** شعارهم التكبير والله معْهم


ولو أبصرت عيناك موقفهم بها *** وقد بسطوا تلك الأكفُ ليرحموا


ينادونه يا ربِ يا ربِ إننا *** عبيدك لا نرجوا سواك وتعلم


وها نحن نرجو منك ما أنت أهله *** فأنت الذي تعطي الجزيل وترحم

إلى طواف الوداع


ولما تقضّوا من منى كل حاجة *** وسالت بهم تلك البطاح تقدموا


إلى الكعبة البيت الحرام عشية *** وطافوا بها سبعا وصلوا وسلموا


ولما دنا التوديع منهم وأيقنوا *** بأن التداني حبله متصرم


ولم يبق إلا وقفة لمودع *** فلله أجفان هناك تسجَّم


فلم تر إلا باهتا متحيرا *** وآخر يبدي شجوه يترنم


رحلت وأشواقي إليكم مقيمة *** ونار الأسى مني تشب وتضرم


أودعكم والشوق يثني أعنتي *** إليكم وقلبي في حماكم مخيم


هنالك لا تثريب يوما على امرئ *** إذا ما بدا منه الذي كان يكتم




لقد اقترب موسم الحج و نسأل الله أن يعيده على الحجاج بخير و نفرح به

أبيات رائعة أختي الكريمة أم همام

ننتظر جديدك بفارغ الصبر

تحياتي الخالصة




شكرا لكي اختي ام همام وجعله الله في ميزان حسناتك
تحياتي




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية و الهجرية

تعليمية


الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين ، و لا عدوان إلا على الظالمين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمدًا عبده و رسوله و بعد :
فيقول الله جل و علا في محكم التنزيل :﴿و الَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ و إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان : 72].

قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة : قال أبو العالية ، و طاوس، و محمد بن سيرين، ، و الضحاك، و الربيع بن أنس ، و غيرهم : (هي أعيادُ المشركين) .اهـ [تفسير بن كثير ج 3 ص 2097].
فعباد الرحمن حقاً هم الذين لا يشهدون ولا يحضرون أعياد المشركين فضلاً عن الاحتفال بها و إحيائها كل سنة تقليدًا للكفار و المشركين.

و عن أنس قال: ( قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبان فيهما، فقال: (( ما هذان اليومان؟ )) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله : (( إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر )) [رواه أبو داود و قال الإمام الألباني – رحمه الله – حديث صحيح].

فالرسول صلى الله عليه و سلّم لم يقرهم على أعياد الجاهلية، ولكنه أقرَّ أعياد الإسلام، لأن الإسلام هو الذي يقرر لا غيره.

وجاء في صحيح البخاري أن عمر رضي الله تعالى عنه و أرضاه قال: ( إجتنبوا أعداء الله في عيدهم ) وجاء في رواية صحيحة في البيهقي: (.. فإن السَّخْطَةَ تنزل عليهم ) .

فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين الأربعة ينهى عن مخالطة الكفار في أعيادهم، و يأمر باجتنابهم و الابتعاد عنهم فإن السخطة تنزل عليهم!


و كذلك العلماء الأجلاء ، الكبار ، يحذرون من هذه العادة السيئة و البدعة النكراء، بفتاويهم السلفية السديدة المبنية على الدليل الصحيح ، و الحجج القوية ، و البراهين الساطعة ، فتجتمع كلمتهم بفضل الله على تحريمها و تسفيه فاعلها :

أولاً:

العلامة محمد بن براهيم -رحمه الله-

من محمد بن إبراهيم إلى ……سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
ذكر لنا أن بعض التجار في العام الماضي استوردوا هدايا خاصة بمناسبة العيد المسيحي لرأس السنة الميلادية من ضمن هذه الهدايا شجرة الميلاد المسيحي وأن بعض المواطنين كانوا يشترونها ويقدمونها للأجانب المسيحيين في بلادنا مشاركة منهم في هذا العيد.

وهذا أمر منكر ما كان ينبغي لهم فعله ولا نشك في أنكم تعرفون عدم جواز ذلك وما ذكره أهل العلم من الاتفاق على حظر مشاركة الكفار من مشركين وأهل كتاب في أعيادهم.

فنأمل منكم ملاحظة منع ما يرد بالبلاد من هذه الهدايا وما في حكمها مما هو خصائص عيدهم.

[فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ج3ص105 ]

ثانيًا:

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله –

س/ بعض المسلمين يشاركون النصارى في أعيادهم فما توجيهكم
ج/ لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم بل يجب ترك ذلك لأن من تشبه بقوم فهو منهم والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شئ لأنها أعياد مخالفة للشرع فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شئ لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ولأن الله سبحانه يقول ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾ فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان.

[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 6/405 ]

و سُئل سماحته كذلك :

السؤال : ما حكم إقامة أعياد الميلاد ؟

الجواب:
الاحتفال بأعياد الميلاد لا أصل له في الشرع المطهر بل هو بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق على صحته .

وفي لفظ لمسلم وعلقه البخاري رحمه الله في صحيحه جازما به : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده مدة حياته ولا أمر بذلك ، ولا علمه أصحابه وهكذا خلفاؤه الراشدون ، وجميع أصحابه لم يفعلوا ذلك وهم أعلم الناس بسنته وهم أحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرصهم على اتباع ما جاء به فلو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم مشروعا لبادروا إليه ، وهكذا العلماء في القرون المفضلة لم يفعله أحد منهم ولم يأمر به .

فعلم بذلك أنه ليس من الشرع الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ، ونحن نشهد الله سبحانه وجميع المسلمين أنه صلى الله عليه وسلم لو فعله أو أمر به أو فعله أصحابه رضي الله عنهم لبادرنا إليه ودعونا إليه . لأننا والحمد لله من أحرص الناس على اتباع سنته وتعظيم أمره ونهيه . ونسأل الله لنا ولجميع إخواننا المسلمين الثبات على الحق والعافية من كل ما يخالف شرع الله المطهر إنه جواد كريم .

[مجلة البحوث الإسلامية العدد الخامس عشر ، ص 285 . ]

ثالثًا:


العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
السؤال : ما حكم تهنئة الكفّار بعيد ( الكريسمس ) ؟ وكيف نرد عليهم إذا هنؤنا به ؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة ؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذُكر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة ، أو حياءً ، أو إحراجاً ، أو غير ذلك من الأسباب ؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك ؟
الجواب : تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق. كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه " أحكام أهل الذمة " حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات. وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنأ عبداً بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه " انتهى كلامه -رحمه الله- .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ( ابن القيم ) لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله – تعالى- لا يرضى بذلك كما قال الله –تعالى- : ﴿ إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) [ الزمر : 27 ] وقال تعالى : ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ﴾[ المائدة : 3 ] ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى لأنها إما مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة ، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾ [ آل عمران : 85 ] .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " انتهى كلامه – رحمه الله – .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم ، سواء فعله مجاملة ، أو تودداً ، أو حياءً ، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والله المسئول أن يعزّ المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز .

[ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ ، ج3، ص 44 ]

رابعًا:

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


فتوى رقم 2540

السؤال :
من فضلك يا شيخنا العزيز قد دخل بيني وبين إخواني المسليمن مناقشة دين الإسلام وهي أن بعض المسلمين في غانا يعظمون عطلات اليهود والنصارى ويتركون عطلاتهم حتى كانوا إذا جاء وقت العيد لليهود والنصارى يعطلون المدارس الإسلامية بمناسبة عيدهم وإن جاء عيد المسلمين لا يعطلون المدارس الإسلامية ويقولون إن تتبعوا عطلات اليهود والنصارى سوف يدخلون دين الإسلام يا شيخنا العزيز عليك أن تفهم لنا أفعلتهم هل هي صحيحة في الدين أو لا؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد
أولا السنة إظهار الشعائر الدينية الإسلامية بين المسلمين وترك إظهارها مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضواعليها بالنواجذ الحديث
ثانيا لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من تشبه بقوم فهو منهم والله سبحانه يقول ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ﴾
وننصحك بالرجوع إلى كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه فإنه مفيد جدا في هذا الباب
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس :عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة :عبد الرزاق عفيفي
عضو :عبد الله بن قعود
عضو :عبد الله بن غديان

الاحتفال بعيد ميلاد المسيح

للشيخ الفاضل محمد علي فركوس -حفظه الله-

السؤال: ما رأي الإسلام فيما يعرف الآن باسم: (Bonne Année)؟ أجيبونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيجدر التنبيه أولا إلى أنّه ليس للإسلام رأي في المسائل الفقهية والعقائدية على ما جاء في سؤالكم كشأن المذاهب والفرق وإنّما له حكم شرعي يتجلى في دليله وأمارته. ثمّ اعلم أنّ كلّ عمل يُراد به التقرب إلى الله تعالى ينبغي أن يكون وفق شرعه وعلى نحو ما أدّاه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مراعيا في ذلك الكمية والكيفية والمكان والزمان المعينين شرعا، فإن لم يهتد بذلك فتحصل المحدثات التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار"(۱) وقد قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾[الحشر:7]، وقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَر الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور:63].

ومولد المسيح لا يختلف في حكمه عن الاحتفال بالمولد النبوي إذ هو في عرف النّاس لم يكن موجودا على العهد النبوي ولا في عهد أصحابه وأهل القرون المفضلة، وإنّ كلّ ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دينا لم يكن اليوم دينا على ما أشار إليه مالك رحمه الله وقال: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة، وذلك لأن الله تعالى قال: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ [المائدة:3]. فضلا عن أنّ مثل هذه الأعمال هي من سنن النّصارى من أهل الكتاب الذين حذّرنا الشرع من اتباعهم بالنصوص الآمرة بمخالفتهم وعدم التشبه بهم، لذلك ينبغي الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعلما وعملا، لأنّه السبيل الوحيد للتخلص من البدع وآثارها السيئة.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الجزائر في: 24 شعبان 1416ﻫ
الموافق لـ: 15 يناير 1996م
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
۱- أخرجه أبو داود في السنة(4609)، وأحمد(17608)، والدارمي(96)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع(2549)، والسلسلة الصحيحة(6/526) رقم(2735).

منقول للفائدة


بعض أقوال العلماء في التهنئة برأس السنة الهجرية السنة الهجرية:

1- سئل الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله :

نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد، قائلين: (كل عام وأنتم بخير)، فما حكم الشرع في هذه التهنئة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول وأنت كذلك إذا قال لك كل عام وأنت بخير أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له وأنت كذلك نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.

2- و قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

أيها المسلمون إننا في هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلاميا هجريا ليس من السنة أن نحدث عيداً لدخوله وليس من السنة أن نهنئ بعضنا بدخوله ولكن التهنئة إنما هي أمر عادي وليس أمراً تعبديا وليست الغبطة ليست الغبطة بكثرة السنين كم من إنسان طال عمره وكثرت سنواته ولكنه لم يزدد بذلك إلا بعداً من الله إن أسوأ الناس وشر الناس من طال عمره وساء عمله ليست الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد من هذه السنين في طاعة الله عز وجل فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه شر لمن أمضاه في معصية الله والتمرد على طاعته ……

و سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ ؟

فأجاب رحمه الله :

إن هنّأك أحد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل : هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه ، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى

3 – و سئل فضيلة الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله:

فضيلة الشيخ وفقكم الله ، يتبادل كثير من الناس التهاني بحلول العام الهجري الجديد ، فما حكم التهنئة بحلوله ، ومن العبارات قولهم : عام سعيد أو قولهم : وكل عام وأنتم بخير ، هل هذا مشروع ؟

" هذا بدعة، هذا بدعة ويشبه تهاني النصارى بالعام الميلادي، وهذا شيء لم يفعله السلف، وأيضا هو العام الهجري إنما هو اصطلاح الصحابة لأجل تأريخ المعاملات فقط ، ما حطوه على أنه عيد وعلى أنه يهنّأ به وعلى وعلى .. هذا لا أصل له ، الصحابة إنما جعلوه لأجل تاريخ المعاملات وضبط المعاملات فقط "

*** سحاب الخير***




جزاك الله وبارك الله فيك اختي سارة

انه والله حق فالمسلمين يحتفلوا فقط بعيد الاضحى وعيد الفطر

ام الاخرى فهيا اعياد لا اصل لها

شكرا لحرصك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشاء الله موسوعة من الفتوى والادلة على بطلان الاحتفال براس السنة

شكرا على مجهوداتك اختي سارة وجزاك الله خير الجزاء

تقبلي المروري المتوضع




بارك الله فيك أخت سارة

موضوع هاام جدا

جزاك الله خيرا




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمة تعليمية
جزاك الله وبارك الله فيك اختي سارة

انه والله حق فالمسلمين يحتفلوا فقط بعيد الاضحى وعيد الفطر

ام الاخرى فهيا اعياد لا اصل لها

شكرا لحرصك

و فيكِ بارك الله و زادَ أخيتي..

بوركتِ على المرور الطيب




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نانو تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشاء الله موسوعة من الفتوى والادلة على بطلان الاحتفال براس السنة

شكرا على مجهوداتك اختي سارة وجزاك الله خير الجزاء

تقبلي المروري المتوضع

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

و خيرا جزاكِ أخيتي بورك فيكِ..

بل مروركِ على صفحتي شرف لي أخية..

وفقكِ الله.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رنين تعليمية
بارك الله فيك أخت سارة

موضوع هاام جدا

جزاك الله خيرا

و فيكِ بارك الله تعالى و زادَ أختي رنين..

بورك فيكِ..




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل عاشوراء وشهر الله المحرم

تعليمية

فضل عاشوراء وشهر الله المحرم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن من نعم الله على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم على مدار الأيام والشهور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، فما أن انقضى موسم الحج المبارك إلا وتبعه شهر كريم هو شهر الله المحرم .
قال تعالى { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } (التوبة : 36 )

عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : « السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حُرُم : ثلاثة متواليات ذو القعدةِ وذو الحجة والمحرم ورجب مُضر الذي بين جمادى وشعبان » (رواه البخاري) والمحرم سمي بذلك لكونه شهراً محرماً وتأكيداً لتحريمه.


• قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: إن الله افتتح السنة بشهر حرام واختتمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من شده تحريمه.


قال عثمان النهدي: كانوا يعظمون (أي السلف) ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من محرم. لطائف المعارف لابن رجب

• معنى عاشوراء أي اليوم العاشر من المحرم
الله يصطفي ما يشاء من الزمان والمكان



قال العِزُّ بن عبدِ السَّلام رحمه الله : وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان : أحدهما : دُنْيويٌّ .. والضرب الثاني : تفضيل ديني راجعٌ إلى أن الله يجود على عباده فيها بتفضيل أجر العاملين كتفضيل صوم رمضان على صوم سائر الشهور وكذلك يوم عاشوراء .. ففضلها راجعٌ إلى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها . بتصرف من قواعد الأحكام في مصالح الأنام


فوائد حول عاشوراء

• أفضل الصيام: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل » صحيح مسلم

• سبب صيامه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال :ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال : فأنا أحقُّ بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه » رواه البخاري
• فضل صيامه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلاَّ هذا اليوم يومَ عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان » رواه البخاري
ومعنى "يتحرى" أي : يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : « صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله » رواه مسلم ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم .
• مخالفة اليهود بصيام يوم قبله: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع » رواه مسلم
يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع. وهو قول الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون

وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب :
أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب


حكم إفراد عاشوراء بالصيام :

قال شيخ الإسلام : صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة ولا يكره إفراده بالصوم . الفتاوى الكبرى ج5
قال ابن حجـر الهيتمي: وعاشوراء لا بأس بإفراده . تحفة المحتاج ج3 باب صوم التطوع


صيام عاشوراء وعليه قضاء من رمضان :

اختلف الفقهاء في حكم التطوع بالصّوم قبل قضاء رمضان فذهب الحنفية إلى جواز التطوّع بالصّوم قبل قضاء رمضان من غير كراهة لكون القضاء لا يجب على الفور، وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى الجواز مع الكراهة لما يلزم من تأخير الواجب ، قال الدسوقي: يكره التّطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب كالمنذور والقضاء والكفارة سواء كان صوم التّطوع الذي قدّمه على الصوم الواجب غير مؤكد أو كان مؤكّداً كعاشوراء وتاسع ذي الحجة على الراجح، وذهب الحنابلة إلى حرمة التطوع بالصّوم قبل قضاء رمضان وعدم صحة التطوع حينئذ ولو اتّسع الوقت للقضاء ولابد من أن يبدأ بالفرض حتى يقضيه .

الموسوعة الفقهية ج28: صوم التطوع

أيهما أفضل ؟؟ يوم عرفة أم يوم عاشوراء :

قال ابن حجر في فتح الباري: إن يوم يوم عاشوراء يكفر سنة وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين. رواه مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا

وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك: إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل. اهـ.

قال ابن القيم في بدائع الفوائد: فإن قيل لم كان عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل فيه وجهان:

أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء.

الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم.



هل يكفر صوم يوم عاشوراء الكبائر ؟

فجوابه أن الصلاة وصيام رمضان أعظم من صيام عاشوراء ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» رواه مسلم والترمذي


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وتكفير الطهارة والصلاة وصيام رمضان وعرفة وعاشوراء للصغائر فقط وكذا الحج لأن الصلاة ورمضان أعظم منه. الكبرى م4ص 428 والاختيارات ص

65

قال الإمام النووي رحمه الله : يكفر كل الذنوب الصغائر وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر… ثم قال رحمه الله : صوم يوم عرفة كفّارة سنتين ويوم عاشوراء كفارة سنة وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه فالجواب ما أجاب به العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفَّره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت له به درجات وذلك كصلوات الأنبياء والصالحين والصبيان وصيامهم ووضوئهم وغير ذلك من العبادات وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر. المجموع شرح المهذب ج6ختاماً


وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم

فبادر أخي باغتنام هذا الفضل وابدء عامك الجديد بالطاعة والمسابقة إلى الخيرات فـإن الحسنات يذهبن السيئات

نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا على الإيمان وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
ونسأله أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين




كلمة قيمة لـ ( فضيلة العلامة : اللحيدان ) في الحث على صيام ( يوم عاشوراء ) !

وجه فضيلة رئيس " مجلس القضاء الأعلى سابقا وعضو هيئة كبار العلماء " الشيخ صالح بن محمد اللحيدان كلمة عن يوم عاشوراء ، وفضل الصيام في شهر الله المحرم فيما يلي نصها :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :

فإن المسلمين في هذه الأيام بين يدي موسم كريم من مواسم الخير المتكررة ، موسم يتكرر – ولله الحمد – كل عام ، فيفوز فيه قوم بالمتاجرة مع الله الكريم المنان ، فتربح تجارتهم ، وتعلوا أسهمهم ، وتتضاعف مرات ومرات كثيرة ، إن ذلك موسم شهر الله المحرم ، فيه يوم أعلى الله قدر موسى – عليه السلام – وقومه ، وأغرق الجبار العاتي فرعون وجنده .

إنه يوم عاشوراء الذي يصادف هذا العام يوم الاربعاء، حيث إن دخول شهر المحرم هذا العام في يوم الثلاثاء الموافق : 15من شهر ديسمبر عام 2022 م وذلك بالبينة الشرعية العادلة ، فيكون يوم الاربعاء التاسع من شهر المحرم ، ويوم الخميس الموافق 15من شهر ديسمبر هو العاشر من شهر المحرم .

وبهذه المناسبة الكريمة أقدم هذه النصيحة التي أرجو نفعها لي ولإخواني المسلمين ، وهي عن يوم عاشوراء الذي حصل فيه انتصار الحق على الباطل ، فيبادر لصيامه والإكثار من التضرع إلى الله ، واللهج بالدعاء رجاء أن ينصرنا ربنا ، ويتفضل علينا بتفريج كرباتنا ، وإنا لمنتظرون من الله كشف كل غمة ودحر كل عدو .

إن نعم الله على عباده لا تحصى في أمور دينهم ودنياهم ، وقد يسر الله سبحانه أسباب المغفرة والرحمة ، وأمر عباده بالأخد بها ، وتفضل عليهم بالوعد بقبول التوبة ، ودعاهم لما يحييهم ، دعاهم إلى المتاجرة معه في مواسم الخيرات ليتدارك من زلت قدمه ، أو أخذته غفلة عن السعي والجد في مسابقة المشمرين لنيل كريم المطالب وأعالي المراتب .

إخوة الإسلام إن هذا الموسم الذي أظلنا موسم عظيم ، أرشد إلى فضله نبينا المبعوث رحمة للعالمين ، الذي ما من خير إلا دل الأمة عليه وحثها على الأخذ منه بأوفر نصيب ، ولا شر إلا حذرها منه وبين مغبته ونتائج ارتكابه ، فقد أمر – صلى الله عليه وسلم – بصيام عاشوراء ، وذكر ثواب ذلك وعظيم أثره على النفس والأسرة ، والصيام سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب وتفريج الكرب .

يوم عاشوراء جعله الله يومًا مباركًا من أيام الله المعدودة ، ومن مواسم النصر المشهودة ، هو يوم كان له شأن عظيم في السابق ، ويرجى من الله أن يعيد ذلك على الأمة الإسلامية في هذه الأيام التي نعيش فيها أنواعًا من الآلام والأسقام ، وصنوفا من العدوان والظلم .

وله فضائل كثيرة : ومن فضائله ما قاله النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث قال 🙁 أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) . رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – .

كما قد ثبت عن أبي قتادة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال : ( يكفر السنة الماضية ) . رواه مسلم وغيره .

وكان له شأن عند الأمة العربية قبل الإسلام ، إذ كان يوم عاشوراء محل عناية السابقين ، وكانت العرب تصومه في الجاهلية ، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : ( كانت قريش تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصومه ، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصومه ، فلما فرض صوم شهر رمضان قال – صلى الله عليه وسلم – 🙁 من شاء صامه ومن شاء تركه ) .

وفي رواية : ( وكان يومًا تستر فيه الكعبة ) تعني في الجاهلية .

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – : ( أن أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء ، وصامه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، والمسلمون قبل أن يفرض رمضان ) .

وفي الصحيحين أيضًا من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – : ( أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ فقالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، وأغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرًا لله ، فنحن نصومه تعظيمًا له ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : فنحن أحق بموسى منكم ، فصامه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وأمر بصيامه ) .

وقد أمر – صلى الله عليه وسلم – بمخالفة اليهود في صيام عاشوراء بأن يصام يوم آخر مع اليوم العاشر ، فروى مسلم في صحيحه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال 🙁 لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) . يعني والعاشر .

وروى الإمام أحمد وغيره من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( صوموا يوم عاشوراء ، وخالفوا فيه اليهود ، صوموا يومًا قبله ، أو يومًا بعده ) .

وفي حديث آخر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( صوموا يومًا قبله ، أو يومًا بعده ) .

فيا أخي المسلم : تأمل هذه الأحاديث التي ذكرتها لك عن فضل صيام يوم عاشوراء ، واغتنم مواسم الأرباح ، واحرص على مخالفة اليهود ، وذلك بصيام يوم قبل يوم عاشوراء ، أو يوم بعده ، أو صم ثلاثة أيام يوم عاشوراء ، والذي قبله ، والذي بعده .

ولأن دخول شهر المحرم هذا العام 1443 هـ ثبت في يوم الثلاثاء ، فإن التاسع : الأربعاء ، وعاشوراء : يوم الخميس .

إنني أدعوك أخي المسلم لاغتنام الفرص واقتناص المناسبات الكريمة بالتضرع إلى الله والإلحاح عليه ليغفر ذنوبك ، وليكشف عن المسلمين كل غمة ، ويدفع عنهم كل بلية وكربة ، وأن يرد كيد الأعداء في نحورهم ، وأن يهلك كل من أراد الإسلام والمسلمين بسوء كما أهلك فرعون وقومه في يوم عاشوراء .

وينبغي لك ملاحظة ساعات الإجابة عن الإفطار ، وعند السحر ، وفي حال السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد فيه من ربه .

إنك يا أخي لا تدري هل تدرك موسمًا آخر بعد هذا الموسم ، فبادر لنيل المكاسب ، وتعرض لساعات الهبات من الكريم الأكرم ، ثم إني أوصي كل مؤمن بالدعاء الصادق في كل الأوقات الفاضلة ، ولا سيما في جوف الليل الآخر ، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة عسى الله أن يصرف عن بلاد الإسلام كل جور وظلم وعدوان ، وأن يعاجل الأعداء بأنواع البلايا والنكبات ، وأن يقي المسلمين شر كل ذي شر .

يا أخي المسلم : ألح على الله في الطلب وأكثر من ذلك ، فإن الله يحب اللحوح من عباده .

كرر سؤال الله بأن يوفق الله المسلمين لتعظيم شعائر دينه وصيانة حرماته .

أن يحرصوا على نصرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قولاً وعملاً .

وأخيرًا وليس آخرًا – إن شاء الله – أوصيكم بتقوى الله سبحانه ، والإخلاص في العمل ، وتذكر الحاجات ، وإنزالها بساحة عفو الله وجليل عطائه وكريم تجاوزه ، فإنه لا يخيب سائله ، ولا يخذل من استجار به ، واحرصوا على الإحسان إلى المسلمين والرفق بهم وبذل المعروف لهم فبذلك يرجى تفريج الكرب .

ونحن في هذه الأيام نعيش ساعات قحط وشدة حاجة للمطر ، فاطلبوا من ربكم غيثًا عاجلاً عامًا للبلاد ، كما نحن في حاجة عظيمة لكشف ظلام القلوب ، ومغفرة الذنوب ، ولا كاشف لذلك إلا الله فافزعوا إليه سبحانه .

هذه تذكرة وتذكيرًا أرجو الله أن نكون من التائبين المنيبين إليه ، فإنه لا يتذكر إلا من ينيب .

وأسأل الله بأسمائه وصفاته أن يكون كاتب هذه الكلمة وقارئها وسامعها من الذين تنفعهم الذكرى ، ومن المتعاونين على البر والتقوى .

والله المستعان ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

http://www.alriyadh.com/2008/01/14/article309095.html




صيام يوم عاشوراء للعلامة بن باز رحمه الله

صوم التاسع مع العاشر أفضل من صوم الحادي عشر مع العاشر

ما حكم صيام يوم عاشوراء، وهل الأفضل صيام اليوم الذي قبله أم اليوم الذي بعده أم يصومها جميعاً أم يصوم يوم عاشوراء فقط؟ نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيراً.

صيام يوم عاشوراء سنة؛ لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدلالة على ذلك، وأنه كان يوماً تصومه اليهود لأن الله نجى فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، فصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شكراً لله، وأمر بصيامه وشرع لنا أن نصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، وصوم التاسع مع العاشر أفضل، وإن صام العاشر مع الحادي عشر كفى ذلك، لمخالفة اليهود، وإن صامهما جميعاً مع العاشر فلا بأس؛ لما جاء في بعض الروايات: ((صوموا يوما قبله ويوماً بعده))[1]. أما صومه وحده فيكره، والله ولي التوفيق. ——————

[ 1] ذكره العيني في عمدة القاري في الصوم باب صيام يوم عاشوراء ج11 ص 116 ، وذكره صاحب الفتح الكبير في حرف الصاد باب صوم يوم عاشوراء برقم 7293.

نشر في كتاب فتاوى إسلامية جمع وترتيب فضيلة الشيخ محمد المسند ج2 ص 170 – مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الخامس عشر

http://www.binbaz.org.sa/mat/617




إذا كان دائما يصوم يوم عرفة، فصامه وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة؟ يجيك ابن القيم رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد
فهذا كلام للعلامة ابن القيم رحمه الله من كتابه " الوابل الصيب" ص 18 – 20.

قال رحمه الله تعالى:

وبهاتين القاعدتين تزول إشكالاتٌ كثيرة، وهما:

تفاضلُ الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقائق الإيمان، وتكفيرُ العمل للسيئات بحسب كماله ونقصانه.

وبهذا يزول الاشكال الذي يورده من نقص حظه من هذا الباب على الحديث الذي فيه :" أن صوم يوم عرفة يكفر سنتين ويوم عاشوراء يكفر سنة".

قالوا: فإذا كان دأبه دائما أنه يصوم يوم عرفة، فصامه وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة؟

وأجاب بعضهم عن هذا بأن ما فضل عن التكفير ينال به الدرجات.

ويالله العجب! فليت العبد إذا أتى بهذه المُكَفِّرات كلها أن تكفر عنه سيئاته باجتماع بعضها إلى بعض.

والتكفير بهذه مَشْرُوطٌ بشروطٍ، موقوفٌ على انتفاء موانع في العمل وخارجه؛ فإنْ عَلِم العبد أنه جاء بالشروط كلها، وانتفت عنه الموانع كلُّها، فحينئذ يقع التكفير، وأما عَمَلٌ شَمِلَتْه الغفلة أو لأكثره، وَفَقَدَ الإخلاص الذي هو روحه ولُبُّه ولم يُوَّفِ حَقّه، ولم يقدّره حق قدره فأي شيء يكفر هذا العمل ؟

فإن وثق العبد من عمله بأنه وفّاه حقَّه الذي ينبغي له ظاهرًا وباطنًا، ولم يعرض له مانع يمنع تفكيره، ولا مُبْطِل يُحْبِطه ـ من عُجْبٍ أو رؤيةِ نفسه فيه، أو مَنٍّ به، أو يستشرف بقلبه لمن يُعظِّمه عليه، أو يعادي من لا يعظمه عليه، ويرى أنه قد بَخَسَه حقّه وأنه قد استهان بحرمته ـ فهذا أي شيء يكفر؟

ومحبطاتُ الأعمال ومفسداتُها أكثر من أن تحصر، وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه.
فالرياء -وإن دق- محبطٌ للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر.

وكونُ العمل غير مُقَيَّد باتباع السنة أيضًا موجبٌ لكونه باطلًا، والمَنُّ به على الله تعالى بقلبه مُفْسِدٌ له، وكذلك المَنُّ بالصدقة والمعروف، والبر والاحسان والصِّلَةِ مُفْسِدٌ لها كما قال سبحانه وتعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }

وأكثر الناس ما عندهم خَبَرٌ من السيئات التي تحبط الحسنات، وقد قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون }

فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة، بل معصيةٌ يحبط بها العمل وصاحبها لا يشعر بها.

فما الظَّنُّ بِمَنْ قَدَّم على قول الرسول صلى الله عليه و سلم وهدية وطريقه قولَ غيره وهديَه وطريقَه ؟!

أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر ؟!

من كتاب الوابل الصيب ص 18 – 20 ،، منقول من مكتبة المسجد النبوي




بارك الله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

شَهْرُ شَعْبَانَ: حِكَمٌ وأَحْكَامٌ للشيخ الفاضل نجيب جلواح.

شَهْرُ شَعْبَانَ: حِكَمٌ وأَحْكَامٌ
نجيب جلواح

الحمدُ لله الذي جعلَ لعبادِه مواسمَ يستكثرون فيها مِن القُربات والعملِ الصَّالح، وأَمَدَّ في آجالهم فهم في أبوابِ الخيرِ بين غادٍ ورائِح، ومِن هذه المواسم المباركات، التي على المسلمِ أن يغتنمها لزرع الطَّاعات، والتَّزوُّد بالباقيات الصَّالحات: شهر شعبان.
وفي هذا المقال تذكير بفضل هذا الشّهر، الذي يغفل عنه كثير من النّاس،كما أخبرنا بذلك نبيّنا ـ صلى الله عليه وسم ـ، وهذا لنستعدّ له بالاجتهاد في الطّاعة، اقتداء بنبيّنا وقدوتنا ـ صلى الله عليه وسم ـ، والإكثار فيه من الصّيام؛ إذْ أنَّ «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»(1).

و قبل الشُّروع في المطلوب، أُقدِّم ـ بين يدي الموضوع ـ بذكر ما قيل في معنى هذا الشَّهر:

شعبان: اسم للشَّهر المعروف، الَّذي بين رجب ورمضان، وقيل: سمِّي (شعْبَان): لتشعُّبهم فِيهِ، أَي: تفرُّقهم فِي طلب المِيَاه(2).

وقيل: سمِّي كذلك: لتشعُّب القبائل فيه(3)، أو لتشعُّبهم في الغارات(4).

قال ثعلب: «قال بعضهم: إنَّما سمِّي شعبانُ شعبانَ لأنَّه شَعَبَ، أي: ظهر بين شهريْ رمضان ورجب»(5).

وقال ابن حجر: «وسمِّي شعبان: لتشعُّبهم في طلب المياه، أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام، وهذا أولى مِن الذي قبله، وقيل فيه غير ذلك»(6).

وقد يقال ـ أيضا ـ: إنَّه سمِّي بذلك لتشعُّب الخير فيه بالنِّسبة للصَّائم، وهذا بناء على ما جاء في حديثٍ: أخرجه الرَّافعي في «تاريخه» عن أنس بن مالك مرفوعًا: «إِنَّمَا سُمِّي شَعْبانَ؛ لأَنَّهُ يَتَشَعَّبُ فِيهِ خَيْرٌ كثِيرٌ لِلصَّائِمِ فِيهِ حَتَّى يَدْخُلَ الجَنَّةَ»، ولكنَّ هذا الحديث لا يثبت(7).

وقد اخترتُ ـ في هذا المقال ـ بعض الأحاديث الصَّحيحة الواردة في السُّنّة المطهَّرة، في أبواب متنوِّعة، ممَّا له صِلةٌ وعلاقة بشهر شعبان، وجعلتها تحت أبواب مناسبة، كما تَرجم لها أهل الحديث أو قريبا من ذلك، ثمَّ أتبعتها بذكر ما حوته مِن حِكم وأحكام، ممَّا هو مبثوث في شروحات أهل العلم، وهذا على وجه الاختصار والإيجاز، وأسأل الله تعالى أن ينفع به كاتبه وقارئه ﴿يَومَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾ [الشُّعراء].

1 ـ فَضل ليلة النِّصف مِن شعبان:
وروى أحمد (6642) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: «يَطَّلِعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلاَّ لاثْنَيْنِ: مُشَاحِنٍ، وَقَاتِلِ نَفْسٍ»(8).
وأخرجه ابن حبّان (5665) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: «يَطْلُعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلاَّ لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ»(9).
وأخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى» (1426)، والطَّبراني في «المعجم الكبير» (593) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ اطَّلَعَ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ، فَيَغْفِرُ لِلمُؤْمِنِينَ وَيُمْلِي لِلكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ»(10).
قال الألباني: «وجملة القول أنَّ الحديث بمجموع هذه الطُّرق صحيح بلا ريب، والصِّحَّة تثبت بأقلَّ منها عددا، ما دامت سالمة مِن الضَّعف الشَّديد، كما هو الشَّأن في هذا الحديث، فما نقله الشَّيخ القاسمي ـ رحمه الله تعالى ـ في «إصلاح المساجد» (ص 107) عن أهل التَّعديل والتَّجريح: أنَّه ليس في فضل ليلة النِّصف مِن شعبان حديث صحيح، فليس ممَّا ينبغي الاعتماد عليه، ولئن كان أحد منهم أطلق مثل هذا القول فإنَّما أوتي مِن قِبل التَّسرُّع وعدم وسع الجهد لتتبُّع الطُّرق على هذا النَّحو الذي بين يديك، والله تعالى هو الموفِّق»(11).
ويكفي هذه اللَّيلة المباركة فضلا: أنَّ الله تعالى يغفر فيها لجميع خلقه إلاَّ لأهل الحقد والبغضاء والشَّحناء، وفي هذا دعوة إلى العفو عن المسيء والتَّجاوز عن المخطئ، والجزاء من جنس العمل.
والمشاحن: هو المعادي، والشَّحناء: هي العداوة. وقال الأوزاعي: أراد بالمشاحن ها هنا: صاحب البدعة، المفارق لجماعة الأمَّة(12).
ولا يفوتني ـ بهذه المناسبة ـ التَّنبيه على أنَّه لم يصحَّ شيء في فضل قيام هذه اللَّيلة، إذْ كلُّ ما ورد في ذلك لا يسلم مِن ضعف، و ممَّا رُوي في هذا الباب: ما أخرجه ابن ماجه (1388) والبيهقي في «شعب الإيمان» (3555) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلاَ مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ، أَلاَ كَذَا، أَلاَ كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ»(13).
قال عليٌّ القاري: «واعلم أنَّ المذكور في «اللآلي»: إنَّ مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات في كلِّ ركعة مع طول فضله للدَّيلمي وغيره: موضوع. وفي بعض الرَّسائل، قال عليُّ بن إبراهيم: و ممَّا أُحدث في ليلة النِّصف مِن شعبان: الصَّلاة الألفية، مائة ركعة بالإخلاص عشرا عشرا بالجماعة، واهتمُّوا بها أكثر مِن الجُمَع والأعياد لم يأتِ بها خبر ولا أثر إلاَّ ضعيف أو موضوع، ولا تغترَّ بذكر صاحب «القوت» و«الإحياء» وغيرهما، وكان للعوام بهذه الصَّلاة افتتان عظيم، حتَّى التزم بسببها كثرة الوقيد، وترتَّب عليه مِن الفُسوق وانتهاك المحارم ما يغني عن وصفه، حتَّى خشي الأولياء مِن الخسف، وهربوا فيها إلى البراري»(14).
كما أنبِّه ـ أيضًا ـ على عدم مشروعيَّة تخصيص صوم يوم ليلة النّصف مِن شعبان، لعدم ورود ما يدلُّ عليه، لذا قال المباركفوري: «والحاصل أنَّه ليس في صوم يوم ليلة النِّصف من شعبان حديث مرفوع صحيح أو حسن أو ضعيف خفيف الضّعف، ولا أثر قويّ أو ضعيف»(15).

2 ـ قضاء رمضان في شعبان:
ذكرتْ أمّ المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنَّ الأمر الذي كان يمنعها وسائر نساء النّبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِن تعجيل قضاء رمضان حتى يأتي شعبان: هو الشُّغل من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، و في ذلك أحاديث أذكر منها ما يلي:
1 ـ روى البخاري (1950) ومسلم (1146) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ تَقُولُ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ».
2 ـ وروى مسلم (1146) عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ».
3 ـ وروى التّرمذي (783) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا كُنْتُ أَقْضِي مَا يَكُونُ عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ»(16).
«والمراد مِن الشُّغل: أنَّها كانت مهيِّئة نفسها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مترصِّدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها إنْ أراد ذلك، وأمَّا في شعبان فإنّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصومه، فتتفرَّغ عائشة لقضاء صومها… وممَّا يُستفاد مِن هذا الحديث: أنَّ القضاء مُوسَّع، ويصير في شعبان مُضيَّقا، ويؤخذ مِن حرصها على القضاء في شعبان أنَّه لا يجوز تأخير القضاء حتَّى يدخل رمضان، فإنْ دخل فالقضاء واجب ـ أيضًا ـ فلا يسقط»(17).
وتجدر الإشارة ـ هنا ـ إلى أنَّ بعض العلماء يرى أنَّ الجملة الواردة في هذه الرِّواية الأولى، وهي: «الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ» ليست من قول أمِّ المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ بل مدرجة في الحديث.
قال الألباني: «واعلم أنَّ ابن القيِّم والحافظ وغيرهما قد بيَّنا أنَّ قوله ـ في الحديث ـ: «الشُّغل مِن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أو برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ» مُدرج في الحديث، ليس مِن كلام عائشة، بل مِن كلام أحد رواته، وهو يحيى بن سعيد، ومِن الدَّليل على ذلك قول يحيى في رواية لمسلم: «فظننتُ أنَّ ذلك لمكانها مِن النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ». ولكن هذا لا يخدج فيما ذكرنا؛ لأنَّنا لم نستدلَّ عليه بهذا المدرج، بل بقولها: «فما أستطيع…»، والمدرج إنَّما هو بيان لسبب عدم الاستطاعة، وهذا لا يهمُّنا في الموضوع، ولا أدري كيف خفي هذا على الحافظ حيث قال في ـ خاتمة شرح الحديث ـ: «وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان مُطلقا سواء كان لعذر أو لغير عذر لأنَّ الزِّيادة كما بيَّناه مدرجة…»؟! فخفي عليه أنَّ عدم استطاعتها هو العذر، فتأمل»(18).

3 ـ شعبان أحبُّ الشُّهور إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنْ يصومه:
روى أبو داود (2431) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: «كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَنْ يَصُومَهُ: شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(19).
فإنْ قيل: كيف كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخصُّ شعبان بصيام التَّطوُّع فيه، مع أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو القائل: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ»(20)؟
إنَّ جماعةً مِن أهل العلم أجابوا عن ذلك بقولهم: إنَّ أفضل الصِّيام ـ بعد شهر رمضان ـ: شعبان؛ لمحافظته ـ صلى الله عليه وسلم ـ على صومه أو صوم أكثره، ولأنَّه يَسبق رمضان، فيكون صيامه كالسُّنن الرَّواتب في الصَّلوات الَّتي تكون قبلها، وعليه يحمل قولُه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ رَمَضَانَ شَهرُ اللهِ المُحَرَّمُ»: على التَّطوُّع المطلق(21).
قال النَّووي: «قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ رَمَضَانَ شَهرُ اللهِ المُحَرَّمُ»: تصريح بأنَّه أفضل الشُّهور للصَّوم، وقد سبق الجواب عن إكثار النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مِن صوم شعبان دون المحرَّم، وذكرنا فيه جوابين:
أحدهما: لعلَّه إنَّما عَلِم فضله في آخر حياته.
– والثَّاني: لعلَّه كان يعرض فيه أعذار مِن سفر أو مرض أو غيرهما»(22).

4 ـ كان رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثرَ صيامًا في شعبان:
يُستحبُّ للمسلم أنْ لا يُخْلي شهرًا مِن صيام، فمتى وجد نشاطًا وقُدرة بادر إلى ذلك، فيفعل ما يقتضيه الحال مِن تجرُّده عن الأشغال، إذْ صوم النَّفل غير مختصٍّ بزمان مُعيَّن دون غيره، بل كلُّ أيَّام السَّنة صالحة له، إلاَّ ما استثناه الشَّرع ونهى عن الصِّيام فيه، نحو: العيد وأيَّام التَّشريق، ولكن له أنْ يخصَّ شعبان بالصَّوم أكثر مِن غيره، لما ورد فيه مِن الفضل(23):
1 ـ روى البخاري (1969) ومسلم (1156) عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا في شَعْبَانَ».
2 ـ وروى البخاري (1970) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ».
3 ـ وروى مسلم (1156) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَالَتْ: «كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً».
4 ـ وروى التّرمذي (737) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُهُ إِلاَّ قَلِيلا بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ»(24).
وقد جمع بعض أهل العلم بين هذه الأحاديث التي ورد في بعضها: أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»، وبين الأخرى التي جاء فيها: أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً» بأنَّ المراد بـ «كُلِّهِ»: غالبه؛ لأنَّ روايات الحديث يُفسِّر بعضها بعضًا خصوصًا وأنَّ المخرَج مُتَّحد، فأطلق الكلَّ على الأكثر(25).
ورُوي عن ابن المبارك أنَّه قال ـ في هذا الحديث ـ: «هو جائز في كلام العرب: إذا صام أكثر الشَّهر أنْ يُقال: صام الشَّهر كلَّه، ويقال: قام فلان ليله أجمع، ولعلَّه تعشَّى واشتغل ببعض أمره».
وحاصله: أنَّ رواية: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً» مُفسِّرة لرواية: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ» ومخصِّصة لها، وأنَّ المراد بـ «الكلّ»: الأكثر(26).
وجَمع الطِّيبي بينهما: بأنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصوم شعبان كلَّه في وقت، ويصوم مُعظمه في آخر، لئلاَّ يَتوهَّم النَّاسُ وجوبَ صيامه كلِّه، فيكون كرمضان(27).
وقيل: المراد بقولها: «كلَّه»: أنّه كان يصوم مِن أوَّله تارة، ومِن آخره أخرى، ومِن أثنائه طورا، فلا يُخْلي شيئًا منه مِن صيام، ولا يخصُّ بعضه بصيام دون بعض(28).
وقال الزَّين بن المنيِّر: إمَّا أنْ يحمل قول عائشة على المبالغة، والمراد: الأكثر، وإمَّا أنْ يُجمع بأنَّ قولها الثَّاني مُتأخِّر عن قولها الأوَّل، فأخبرتْ عن أوَّل أمره: أنَّه كان يصوم أكثره، وأخبرتْ ـ ثانيًا ـ عن آخر أمره: أنَّه كان يصومه كلَّه.
وقال الحافظ ابن حجر ـ مُعلِّقا على كلام ابن المُنَيِّر السَّابق ـ: «ولا يخفى تكلُّفه، والأوَّل هو الصَّواب»(29).
ثمّ ساق الحافظ حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ الَّذي أخرجه مسلم (1156) ـ ولفظه: «وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً، مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ»، ويؤيِّده ـ أيضًا ـ حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ، المذكور آنفًا، وفيه قولها: «وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا في شَعْبَانَ» [متَّفق عليه].
كما جُمع بينهما ـ أيضا ـ بحمل قولها ـ رضي الله عنها ـ: «كَانَ يَصُومُ شَعبَانَ كُلَّهُ»: على حذف حرف الاستثناء والمستثنى ، أي: إلاَّ قليلاً منه، ويدلُّ عليه رواية عبد الرَّزاق في «مصنَّفه» (7859) بلفظ: «وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ صَامَ مِنْ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ إِلاَّ قَلِيلاً»(30). وأشبه بهذا اللَّفظ رواية مسلم (1156): «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً». وإنْ كان هذا يرجع ـ في المعنى ـ إلى الجمع الأوَّل(31).

5 ـ وَصْل شعبان برمضان:
لقد ورد ـ فيما صحَّ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنَّه كان يَصِل شعبان برمضان، مع أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومين، فسنذكر ـ أوَّلا ـ ما يُثبت هذا الأمر، ثمَّ نثنِّي بذكر ما يرفع التَّعارض ويزيل الإشكال:
1 ـ روى أبو داود (2336) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ، يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(32).
2 ـ وروى التِّرمذي (736) والنَّسائي (2175) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ»(33).
3 ـ وروى ابن ماجه (1649) عَنْ رَبِيعَةَ بنِ الغَازِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ فَقَالَتْ: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَصِلَهُ بِرَمَضَانَ»(34).
أمَّا بالنِّسبة للجمع بين ما ذكرنا سابقا، فقد حمل العلماء النَّهي على مَن لم يكن صام شيئًا من شعبان، حتَّى إذا قرُب رمضان أنشأ صياما، وأمَّا غيره ممَّن كان له عادة مِن صيام أيَّام البيض، أو الاثنين والخميس، أو استدام الصِّيام مِن بداية شعبان: فلا حرج عليه أنْ يصل شعبان برمضان؛ لأنَّه ما أراد بذلك الاحتياط:
قال أبو الوليد الباجي: «إنَّ مَن كان في شعبان: لم يَجُز له أن يتقدَّم صيام رمضان بصيام يوم أو يومين، ومَن استدام الصَّوم مِن أوَّل شعبان: جاز له استدامة ذلك حتَّى يصله برمضان»(35).
وقال الشَّوكاني: «لأنَّ ذلك جائز عند المانعين مِن صوم يوم الشَّكِّ، لما في الحديث الصَّحيح ـ المتَّفق عليه ـ»(36).
ثمَّ أشار إلى الحديث الذي رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».

6 ـ الحِكمة في إكثاره ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ مِن الصِّيام في شعبان:
روى النَّسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(37).
بيَّن رسولُ الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ وجهَ صيامِه شعبانَ: بأنَّ الأعمال تُرفع فيه، وهو يحبُّ أن يُرفع عمله وهو صائم، واختار الصَّوم لفضله، وطلبًا لزيادة رفعة الدَّرجة، لذا كان ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يصوم ـ أيضًا ـ الاثنين والخميس للعلَّة السَّابقة:
لما روى التِّرمذي (747) عن أبي هريرة أنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(38).
وفي رواية قال: «إِنَّ الأَعْمَالَ تُرْفَعُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(39).
ولا يُنافي رفعُ الأعمال في هذين اليومين ـ أي: الاثنين والخميس ـ رفعَها في شعبان، لجواز رفع أعمال الأسبوع مُفصّلة، وأعمال العام مُجملة(40).
وقيل ـ أيضا ـ: تُرفع الأعمال في شعبان إلى الملأ الأعلى، ولا ينافي ذلك رفع أعمال اللَّيل بعد صلاة الصُّبح، ورفع أعمال النَّهار بعد صلاة العصر ـ يوميا ـ وكذا رفع الأعمال كلَّ يوم اثنين وخميس ـ أسبوعيا ـ؛ لأنَّ الأوَّل: رفع عامٌّ لجميع ما يقع في السَّنة، والثَّاني: رفع خاصٌّ لكلِّ يوم وليلة، والثَّالث: رفع لجميع ما يقع في الأسبوع، وكان حِكمة تكرير هذا الرَّفع: مزيد من تشريف الطَّائعين، وتقبيح عمل العاصين(41).
وقال السِّندي: «وهو شهر تُرفع الأعمال فيه إلى ربِّ العالمين. قيل: ما معنى هذا مع أنَّه ثبت في «الصَّحيحين»: أنَّ الله تعالى يُرفع إليه عمل اللَّيل قبل عمل النَّهار، وعمل النَّهار قبل عمل اللَّيل؟ قلتُ: يُحتمل أمران:
أحدهما: أنَّ أعمال العباد تُعرض على الله تعالى كلَّ يوم، ثمَّ تُعرض عليه أعمال الجمعة في كلِّ اثنين وخميس، ثمَّ تُعرض عليه أعمال السَّنة في شعبان، فتُعرض عرضًا بعد عرض، ولكلِّ عرض حِكمة، يُطْلع عليها مَن يشاء مِن خلقه، أو يستأثر بها عنده، مع أنّه ـ تعالى ـ لا يخفى عليه مِن أعمالهم خافية.
ثانيهما: أنَّ المراد: أنَّها تُعرض في اليوم تفصيلا، ثمَّ في الجمعة جملة، أو بالعكس»(42).
هذا مِن جهة، ومِن جهة أخرى فإنَّ الحِكمة مِن إكثار النَّبيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ مِن الصِّيام في شعبان: هو أنَّ أكثر النَّاس يغفل عنه، وهذا لما اكتنفه شهران عظيمان، وهما الشَّهر الحرام ـ وهو رجب ـ وشهر الصِّيام ـ وهو رمضان ـ فاشتغل النَّاس بهما، وغفلوا عن شعبان، وإنَّما يغْفل النَّاس عَنهُ تقوِّيا بِالفطرِ لرمضان، وكلُّ وَقت يغْفل النَّاس عَنهُ يكون فَاضلا لقلَّة القائمين فيه بِالخدمَةِ، كما هو الأمر بالنِّسبة لقيام اللَّيْل وَأَشْبَاه ذَلِك(43)، لذا قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: «وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ»(44).

7 ـ صوم سَرَر شعبان:
روى البخاري (1983) ومسلم (1161) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قَالَ لَهُ ـ أَوْ لآخَرَ ـ: «أَصُمْتَ مِنْ سرَرِ شَعْبَانَ؟» قَالَ: لا، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ».
لقد سألَ رسولُ الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في هذا الحديث ـ عمرانَ بن حُصين ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ هل صام شيئا مِن سَرَرِ شعبان؟ فلمَّا أجابه بالنَّفي، حثَّه على صيام يومين مِن شوال بعد أنْ يُفطر مِن رمضان. وسَرَر الشَّهر: آخِره، وَسمّي بذلك لاستسرار القمر فيها(45).
وقوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: «فَإِذَا أَفطَرتَ» أي: مِن رمضان، كما في رواية مسلم ولفظها: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ» أي: إذا فرغت من صيام رمضان، فصُم يومين بعد العيد عوضًا عن سَرر شعبان، وفي هذا حضٌّ على أنْ لا يمضي على المكلَّف مثل شعبان ولم يَصُم منه شيئا، إذْ لمَّا فات السَّائلَ صومُه: أمره أنْ يُعوِّضه بغيره، وهو دليل على مشروعيَّة قضاء التَّطوُّع. وقال القرطبي: ويظهر لي أنَّه إنَّما أمره بصيام يومين في غيره: للمزيَّة التي يختصُّ بها شعبان، فلا يبعد في أنْ يُقال: إنَّ صومَ يومٍ منه كصوم يومين في غيره، ويشهد له أنَّه ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ كان يصوم منه أكثر ممَّا كان يصوم مِن غيره، اغتنامًا لمزيَّة فضيلته»(46).
وفي هذا الحديث إشكال ـ أيضا ـ من حيث إنَّه معارِض لحديث: «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ»(47).
وقد جَمع بعضُ العلماء بين الأحاديث المبيحة مع حديث النَّهي، بأنْ خصُّوا حديثَ النَّهي بمن يحتاط ـ بزعمه ـ لرمضان؛ لأنَّ صوم رمضان مُُرتبط بالرُّؤية، فلا حاجة إلى التَّكلُّف. وقد استحسن الحافظ ابن حجر هذا الجمع(48).
قال الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد: «ويكون ذلك محمولاً على مَن كان له عادة، وهذا حتَّى يتَّفق مع الأحاديث التي فيها النَّهي عن التقدم، ثمَّ ـ أيضًا ـ لو لم يكن هناك هذا؛ فإنَّ الاحتياط هو عدم الصِّيام؛ لأنَّ الأخذ بالنَّهي أولى مِن الأخذ بالرُّخصة والإذن، فالإنسانُ إذا لم يَصُم: أكثر ما في الأمر أنَّه ترك سنَّة ولم يترك واجبًا، فلا يلحقه إثم، ولكنَّه إذا صام ـ وقد جاء النَّهي ـ: فإنَّه يكون مُتعرِّضًا للإثم، فعلى الإنسانِ ألاَّ يَتعرَّض للإثم في سبيل أنْ يفعل شيئًا هو سُنَّة، وقد جاء عن عمَّار ـ رضي الله عنه ـ أنَّه قال: «من صام اليوم الذي يُشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ» يعني: في قوله: «لاَ تَتَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِيَومٍ أَو يَومَينِ»(49).

8 ـ النَّهي عن صيام النِّصف الباقي مِن شعبان:
روى أبو داود (2337) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا».
ورواه التِّرمذي (738) ـ بلفظ ـ: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ تَصُومُوا».
ورواه ابن ماجه (1651) ولفظه: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ».
وقد اختلفتْ آراءُ أهل العلم في حُكم الصِّيام في النِّصف الثَّاني مِن شهر شعبان على أقوال:
الأوَّل: الكراهة؛ لظاهر هذا الحديث. قال الشَّافعي: يُكره التَّطوُّع إذا انتصف شعبان، لقوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا»(50).
وقيل: الحِكمة مِن النَّهي عن صيام النِّصف الثَّاني: ليتقوَّى بذلك على صيام الفرض في شهر رمضان، كما كُره للحاجِّ الصَّوم بعرفة ليتقوَّى بالإفطار على الدُّعاء(51).
واعتُرض على مَن قال: إنَّ النَّهي لأجل التَّقوِّي على صيام رمضان والاستجمام له، بأنَّه أبعد، لأنَّ نصف شعبان إذا أضعف، كان كلُّ شعبان أحرى أنْ يُضعِف، وقد جوَّز بعض العلماء صيام جميع شعبان(52).
الثَّاني: الجواز مُطلقا، لمن رأى ضعف الحديث. قال ابن حجر: «وقال جمهور العلماء: يجوز الصَّوم تطوُّعا بعد النِّصف مِن شعبان، وضعَّفوا الحديث الوارد فيه، وقال أحمد وابن معين: إنَّه مُنكر»(53).
واعتُرض على هذا: بأنَّ الحديث إسناده صحيح على شرط مُسلم، وصحَّحه جمعٌ مِن أهل العلم؛ منهم: التِّرمذي وابن حبَّان، واحتجَّ به ابن حزم، وقوَّاه ابن القيِّم، وصحَّحه الألباني(54).
ومنهم مَن زعم النَّسخ، بحجَّة أنَّ أبا هريرة ـ رضي الله عنه ـ كان يصوم في النِّصف الثَّاني مِن شعبان، فدلَّ ذلك على أنَّ ما رواه منسوخ(55).
ورَدَّ ذلك ابنُ حزم، فقال: «ولا يجوز أنْ يُظنَّ بأبي هريرة مخالفة ما روى عن النَّبيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ والظنُّ أكذب الحديث؛ فمَن ادَّعى ـ هاهنا ـ إجماعًا فقد كذب… ومَن ادَّعى نسخًا في خبر العلاء فقد كذب، وقَفَا ما لا عِلْم له به، وبالله تعالى نتأيَّد»(56).
الثَّالث: جواز صيامه لمن كانت له عادة، أي: وافق ذلك صومًا كان يصومه المرء قبل ذلك، و ليس النَّهي عن الصَّوم ـ في هذا الحديث ـ نهيًا مُطلقًا(57).
ومنهم مَن حمل النَّهي الوارد في هذا الحديث على مَن يُضعفه الصَّوم(58) أو على من لم يَصِله بما قبله، أي: لم يَصُم قبل نصف الشَّهر(59).
قال التِّرمذي: «ومعنى هذا الحديث ـ عند بعض أهل العلم ـ: أنْ يكون الرَّجل مُفطرًا، فإذا بقي مِن شعبان شيء أخذ في الصَّوم لحال شهر رمضان. وقد رُوي عن أبي هريرة عن النَّبيِّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ ما يشبه قولهم، حيث قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: «لاَ تَقَدَّمُوا شَهرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَومًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُم» وقد دلَّ في هذا الحديث: أنَّما الكراهيَّة على مَن يتعمَّد الصِّيام لحال رمضان»(60).
وقال ابن القيِّم: «قالوا: وأمَّا ظنُّ مُعارضته بالأحاديث الدَّالة على صيام شعبان، فلا معارضة بينهما، وإنَّ تلك الأحاديث تدلُّ على صوم نِصفه مع ما قبله، وعلى الصَّوم المعتاد في النِّصف الثَّاني. وحديث العلاء يدلُّ على المنع مِن تَعمُّد الصَّوم بعد النِّصف، لا لعادة، ولا مُضافا إلى ما قبله، ويشهد له حديث التَّقدُّم»(61).
وجاء في «مجموع فتاوى ابن باز» (15/385): «أمَّا الحديث الذي فيه النَّهي عن الصَّوم بعد انتصاف شعبان: فهو صحيح، كما قال الأخ العلاَّمة الشَّيخ ناصر الدِّين الألباني، والمراد به: النَّهي عن ابتداء الصَّوم بعد النِّصف، أمَّا مَن صام أكثر الشَّهر، أو الشَّهر كلَّه: فقد أصاب السُّنة، والله وليُّ التَّوفيق».
هذا ما أمكن جمعه بهذه المناسبة، فإن أصبتُ فمِن الله وحده، وله الحمد والمنَّة، وإنْ كانت الأُخرى فمِن نفسي ومِن الشَّيطان، وأسأل الله التَّجاوز والمغفرة، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
……………………. …………………
و اليكم اخواني مراجع المقال سقتها على انفراد.
(1) أخرجه البخاري (2840) ومسلم (1153) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ غير أنَّ رواية مسلم فيها: «بَاعَدَ» عوض: «بَعَّدَ».
(2) انظر: «جمهرة اللُّغة» لابن دريد الأزدي (1 / 344).

(3) انظر: «الزاهر في معاني كلمات النَّاس» لأبي بكر الأنباري (2 /356).

(4) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (1/502).

(5) «تاج العروس من جواهر القاموس» لمرتضى الزَّبيدي (3/142).

(6) «فتح الباري» (4/213).

(7) بل قال عنه الألباني ـ رحمه الله ـ: (موضوع). انظر: «ضعيف الجامع» (2061).

(8) قال الأرنؤوط في «تحقيق المسند»: «حديث صحيح بشواهده».

(9) قال الألباني في «السّلسلة الصحيحة» (1144): «حديث صحيح، رُوي عن جماعة من الصَّحابة مِن طُرق مختلفة، يشدُّ بعضها بعضا، وهم: معاذ بن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأبو بكر الصّدّيق، وعوف بن مالك، وعائشة».

(10) قال الألباني في «السّلسلة الصحيحة» (1144): «حديث صحيح، رُوي عن جماعة من الصَّحابة مِن طُرق مختلفة، يشدُّ بعضها بعضا، وهم: معاذ بن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأبو بكر الصّدّيق، وعوف بن مالك، وعائشة».

(11) «السّلسلة الصّحيحة» (3/138 ـ 139).

(12) انظر: «النّهاية في غريب الحديث و الأثر» لابن الأثير (2/449).

(13) قال الألباني في «السّلسلة الضّعيفة» (5/154): «موضوع السّند».

(14) «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (3/976).

(15) «مرعاة المفاتيح» (4/344).

(16) انظر: «إرواء الغليل» للألباني (944).

(17) قاله العيني في «عمدة القاري» (11/55 ـ 56).

(18) «تمام المنّة في التّعليق على فقه السّنة» (ص: 442).

(19) انظر: «صحيح الجامع» للألباني (4628).

(20) أخرجه مسلم (1163) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.

(21) انظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (7/60).

(22) «شرح مسلم» (8/55).

(23) انظر: «شرح مسلم» للنّووي ( 8/37)، و«سبل السّلام» للصّنعاني (1/583).

(24) انظر: «صحيح التّرغيب والتّرهيب» للألباني (1024).

(25) انظر: «شرح الزّرقاني على الموطّأ» (2/290).

(26) انظر: «جامع التّرمذي» (3/105).

(27) انظر: «نيل الأوطار» للشّوكاني ( 4/291).

(28) انظر: «فتح الباري» لابن حجر ( 4/214).

(29) «فتح الباري» ( 4/214).

(30) انظر: «صحيح أبي داود الأم» للألباني (7/194).

(31) انظر: «شرح الزّرقاني على الموطّأ» (2/291).

(32) انظر: «صحيح أبي داود» للألباني (2024).

(33) انظر: «صحيح التّرغيب والتّرهيب» للألباني (1025).

(34) انظر: «صحيح ابن ماجه» للألباني (1648).

(35) «المنتقى» ( 2/206).

(36) «نيل الأوطار» (4/229).

(37) انظر: «صحيح التّرغيب والتّرهيب» للألباني (1022).

(38) انظر: «صحيح التّرغيب والتّرهيب».

(39) انظر: «صحيح الجامع الصّغير» (1583).

(40) «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» لعليّ القاري (4/1422).

(41) انظر: «مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» للمباركفوري (4/338).

(42) «حاشية السّندي على سنن النّسائي» (4/203).

(43) انظر: «شرح الزّرقاني على الموطأ» (2 /289) و«كشف المشكل من حديث الصحيحين» لابن الجوزي (4/353).

(44) جزء مِن حديث: أخرجه التّرمذي (2485) وابن ماجه (1334) عن عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ. وانظر: «السّلسلة الصّحيحة» للألباني (569).

(45) انظر: «شرح مسلم» للنّووي (8/53) و«كشف المشكل من حديث الصحيحين» لابن الجوزي (1/475).

(46) انظر: «مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (7/42) و«شرح مسلم» للسّيوطي ( 3/250).

(47) رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ.

(48) انظر: «فتح الباري» (4/129).

(49) «شرح سنن أبي داود» (14/267).

(50) انظر: «عمدة القاري» للعيني (10/273).

(51) انظر: «معالم السّنن» للخطّابي (2/100).

(52) انظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (6/331).

(53) «فتح الباري» (4/129).

(54) انظر: «المحلّى بالآثار» لابن حزم (4/448) حيث قال: «وكلّهم يحتجّ بحديثه، فلا يضرّه غمز ابن معين له» وانظر: «سنن التّرمذي» (3/106) و«حاشية سنن أبي داود» لابن القيّم (6/331) و«صحيح أبي داود الأم» (2025) و«صحيح الجامع الصّغير» كلاهما للألباني (397).

(55) انظر: «عمدة القاري» للعيني (11/85).

(56) «المحلّى بالآثار» (4/448 ـ 449).

(57) انظر: «صحيح ابن خزيمة» (3/282) و«فتح الباري» لابن حجر (4/215) و«نيل الأوطار» للشّوكاني (4/292) و«مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (4/344) للمباركفوري.

(58) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (4/129).

(59) انظر: «مرعاة المفاتيح» للمباركفوري (6/344).

(60) «جامع التّرمذي» (3/106).

(61) «حاشية السّنن» (6/331).




تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العيد في الإسلام معناه وحقيقته

العيد في الإسلام معناه وحقيقته


شرع الله للمسلمين عيدين اثنين في الإسلام لا ثالث لهما فشرع كل عيد بعد عبادة عظيمة وركن من أركان الإسلام.
أحدهما عيد الفطر، والآخر عيد الأضحى.
أما عيد الفطر فقد شرع في أول يوم من شهر شوال بعد الفراغ من عبادة الصيام والقيام وغيرهما من أنواع القربات التي يتقرب بها العباد إلى الله في شهر رمضان المبارك.
أوجب الله تعالى صيام هذا الشهر المبارك وجعله ركنا من أركان دين الإسلام ورتب عليه أجرا لم يرتبه على عبادة سواها- إذ يقول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربّه:
(قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) وفي رواية البخاري: (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي).
يا لها من إضافة ما ألطفها وما أعظم شأنها "إلا الصوم فإنه لي" إضافة تدل على إكرام الله لعبده الصائم وتشريفه إياه إذ يضيف الرب تعالى عمل عبده إلى نفسه عز وجل ويخبر أن الصوم له وأنه سوف يجزي عليه عبده جزاء لا يقدر قدره إلا الله سبحانه تفضلا وإحسانا إنه جواد كريم، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
(من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، كما صح عنه قوله عليه الصلاة والسلام: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
هكذا شرع الله لنا الصيام ورتب عليه ذلك الجزاء – جزاء الصابرين
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} كما شرع فيه قيام لياليه سنة مؤكدة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وفي ختام هذه النعمة العظيمة التي امتن الله على عباده شرع لهم عيد الفطر.. يفطرون فيه بعد أن كانوا صائمين ويتمتعون فيه بطيبات أحلها الله لهم ويخرجون إلى المصلى بأجمل ما لديهم من اللباس مكبرين الله تعالى ومهللين وحامدين شاكرين هكذا حتى يصلوا ركعتي العيد.
فعيد الفطر إذا شكر لله تعالى على تلك النعمة الجسيمة التي سبق أن وصفناها آنفا هكذا يتم العيد ثم ينصرفون من المصلى بعد أن استمعوا إلى الخطبة التي تلقى بهذه المناسبة العظيمة.. ينصرفون وقد غمرهم الفرح بنعمة الله تعالى – وفقهم إلى الصيام فصاموا فيسر لهم القيام فقاموا ثم أدوا صلاة العيد شكرا لله على هذا التوفيق والتيسير.
نعم ينصرفون من مصلى العيد يهنئ بعضهم بعضا بالعيد السعيد هكذا ينتهي العيد ليتبعوا صوم رمضان بست من شوال تطوعا لعل الله يجبر بصوم الست من شوال ما قد يحصل من النقص والخلل في صيام رمضان بل ليكون الصائم بذلك كصائم الدهر. إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من صام رمضان واتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر). ولئلا تتمادى به فرحة العيد إلى حد الإسراف والترف.
هذا هو عيد الفطر – وهذا معناه وحقيقته والله وأعلم.

وأما عيد الأضحى فقد شرعه الله لنا بعد عبادة – هي بحق جهاد لا قتال فيه. وهي عبادة حج بيت الله الحرام وقد صح هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري حين سألت رسول الله عليه وسلم: "هل على النساء من جهاد؟" فقال عليه الصلاة والسلام: (عليهن جهاد لا قتال فيه.. الحج والعمرة). وقبيل الانتهاء من أعمال هذه العبادة العظيمة، حج بيت الله الحرام شرع الله لعباده عيد الأضحى في العاشر من ذي الحجة بعد أن منَّ الله على حجاج بيته بوقوف يوم عرفة متضرعين تائبين خاشعين. وبعد أن أدى غير الحجاج في ذلك اليوم عبادة الصيام. الصيام الذي يكفر الله به السنة الماضية والسنة الباقية. فهو عيد عظيم بعد يوم عظيم يوم شكر لله المنعم المتفضل على ما أنعم به من حج وصيام، وفي هذا اليوم يتقرب عباد الله إلى الله حجاجا كانوا أو غير حجاج بذبح الهدى والأضاحي ليطعموا البائس الفقير بعد أن يأكلوا منها ما تيسر لهم اتباعا لنبيهم محمد عليه الصلاة والسلام وشكرا لربهم، ويقضون هذا اليوم وثلاثة أيام بعده في

ذكر الله تعالى مع التنعم والتمتع بطيبات أحلها الله لهم من الطعام والشراب والطيب وغير ذلك من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، هكذا تتجلى المعاني السامية والحكمة البالغة في العيدين الإسلاميين عيد الفطر، وعيد الأضحى.
وأما تلك الاحتفالات المبتدعة في مناسبات مختلفة التي ابتدعها بعض الناس بعد انقراض القرون المفضلة المشهود لها بالخير. ابتدعوها ثم أطلقوا عليها اسم (أعياد إسلامية) فليست من الإسلام في شيء بل هي محدثة وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وهي بعد ذلك كله مجالات لاختلاط الجنسين وميدان للفساد الخلقي ولهو ولعب.. دفوف وطبول ورقص وتصفيق.. وهكذا إلى آخر الأعمال الجاهلية التي يعرفها كل مطلع. وإطلاق اسم (أعياد إسلامية) بعد هذا كله على هذه الاحتفالات المبتدعة يعتبر في نظري جناية على الإسلام. وهو أمر لا يخفى على كل ذي بصيرة في دينه ودارس للفقه الإسلامي، ومن أمثلة تلك الاحتفالات المبتدعة الاحتفال باسم (المولد النبوي) والاحتفال: بليلة الإسراء – وبليلة النصف من شعبان – وأخيرا أُضيفت أعياد جاهلية أُخرى كعيد الحسين – وزينب وعيد البدوي، وغيرها من الاحتفالات الجاهلية التي زينها الشيطان لأهلها وللأسف الشديد أن عوام المسلمين وأشباه العوام أنشط في إقامة هذه الاحتفالات منهم في أداء الفرائض والعبادات المشروعة والله المستعان.

محمد أمان بن علي الجامي




يُرْفَعُ وَ يُثَبَّتُ لِلفَائِدَة ، رَفَعَ اللهُ قَدْرَكُم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

تعريف الصيام وأقسامه


تعريف الصيام

الصيام في اللغة: معناه الإمساك ، ومنه قوله تعالى : ( فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً)(مريم: 26) أي نذرت إمساكاً للكلام فلن أكلم اليوم إنسياً .
ومنه قول الشاعر :
خيل صيام وخيل غير صائمة *** تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
أما في الشرع : فهو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .

أقسام الصيام
ينقسم الصيام إلى قسمين:
قسم مفروض: والمفروض قد يكون بسبب كصيام الكفارات ، والنذور ، وقد يكون بغير سبب كصيام رمضان، فإنه واجب بأصل الشرع، أي : بغير سبب من المكلف.
قسم غير المفروض : فقد يكون معيناً ، وقد يكون مطلقاً .
فمثال المعين : صوم يوم الاثنين والخميس .
ومثال المطلق : صيام أي يوم من أيام السنة، إلا أنه قد ورد النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصوم، فلا يصام يوم الجمعة إلا أن يصام يوم قبله أو يوم بعده. كما ورد في النهي عن صيام يومي العيدين الفطر والنحروكذلك عن صيام أيام التشريق ، إلا لمن لم يجد الهدي للقارن والمتمتع ، فإنه يصوم أيام التشريق عن الأيام الثلاثة التي في الحج.




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

بعض أحكام صلاة العيد

بعض أحكام صلاة العيد

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم صلاة العيد

س: هل يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة العيد بدون عذر ، وهل يجوز منع المرأة من أدائها مع الناس ؟
ج: صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم ، ويجوز التخلف من بعض الأفراد عنها ، لكن حضوره لها ومشاركته لإخوانه المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي تركها إلا لعذر شرعي. وذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة ، فلا يجوز لأي مكلف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها ، وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب. ويسن للنساء حضورها مع العناية بالحجاب والتستر وعدم التطيب ؛ لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت : أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيض المصلى وفي بعض ألفاظه: فقالت إحداهن: يا رسول الله لا تجد إحدانا جلبابا تخرج فيه فقال صلى الله عليه وسلم لتلبسها أختها من جلبابها ولا شك أن هذا يدل على تأكيد خروج النساء لصلاة العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.

نشرت في ( جريدة البلاد ) العدد ( 10834 ) في 24/9/1414هـ .

صلاة العيد لا تقام في البوادي والسفر

س: الأخ م. ع. أ. – من تونس ، يقول: ذهبت إلى الريف مرة في بلدي بأفريقيا وصادف أن أتى يوم عيد الأضحى فرأيت الناس نساء ورجالا قد سارعوا إلى مقبرة لزيارة القبور ، وراعني في صباح يوم العيد أن أقام كل من حضر الصلاة في المقبرة ، وكان قد تقدمهم كهل فصلى بهم جميعا إلا أنا بقيت في حيرة وذهول مما رأيت ، ولم أصل معهم تلك الصلاة التي أسموها بصلاة العيد.
ما حكم الإسلام في هذه الصلاة؟ علما بأن أهل الريف – الذين أقصدهم – ليس لديهم لا مسجد ولا جامع ، إذ يسكنون الخيام متفرقين عن بعضهم البعض.
ملاحظة: عندما أقول: إنهم صلوا في المقبرة ، يعني بجوارها بعيدين عن القبور كل البعد.
ج: الحمد لله رب العالمين ، صلاة العيد إنما تقام في المدن والقرى ، ولا تشرع إقامتها في البوادي والسفر ، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم صلوا صلاة العيد في السفر ولا في البادية .
وقد حج حجة الوداع عليه الصلاة والسلام فلم يصل الجمعة في عرفة وكان ذلك اليوم هو يوم الجمعة ، ولم يصل صلاة العيد في منى.
وفي اتباعه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كل الخير والسعادة ، والله ولي التوفيق .

نشرت في ( كتاب الدعوة ) الجزء الأول ص ( 67

إقامة صلاة العيد في الإستاد الرياضي

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم لواء ركن ع.ع.د. ، قائد كلية الملك عبد العزيز الحربية سلمه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:
فأشير إلى كتابكم رقم 3/9/2619 ، وتاريخ 29/6/1408 هـ الذي جاء فيه:
س: نحن منسوبو كلية الملك عبد العزيز الحربية والقاطنون فيها لا يوجد عندنا مصلى للعيدين والاستسقاء ، ومنذ أربع سنوات ونحن نصلي هذه الصلوات في الإستاد الرياضي بالكلية . وهو مكشوف ومفروش بالنايلون. آمل من سماحتكم بيان حكم الصلوات المذكورة في المكان المبين أعلاه؟
ج: وأفيدكم بأنه لا حرج في صلاتكم في المكان المذكور ، وما يجري فيه من الأمور التي ذكرتم لا يمنع من إقامة صلاة العيد والاستسقاء فيه ما دام طاهرا ليس فيه شيء من النجاسة ، وإن تيسر مكان مستقل أحسن منه فهو أولى وأفضل.
وفقكم الله ، وبارك في جهودكم ، وأعانكم على كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز

صدرت من مكتب سماحته برقم ( 2157/2 ) وتاريخ 2/8/1408هـ .

حكم تحية المسجد قبل صلاة العيد

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم ع. غ.ع. سلمه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:
فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 2984 وتاريخ 29/7/1407 هـ الذي تسأل فيه عن عدد من الأسئلة.
وأفيدك بأن صلاة العيدين إذا صليت في المسجد ، فإن المشروع لمن أتى إليها أن يصلي تحية المسجد ولو في وقت النهي ؛ لكونها من ذوات الأسباب ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين
أما إذا صليت في المصلى المعد لصلاة العيدين فإن المشروع عدم الصلاة قبل صلاة العيد؛ لأنه ليس له حكم المساجد من كل الوجوه ، ولأنه لا سنة لصلاة العيد قبلها ولا بعدها. وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
صدرت من مكتب سماحته برقم 91/2 في 9/1/1408هـ .




يُرْفَعُ لِلفَائِدَة ، رَفَعَ اللهُ قَدْرَكُمْ




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

الأفطار والإمساك

تعليمية تعليمية


تعليمية

الإفطار والإمساك

( 38 ) إذا غاب جميع قرص الشمس أفطر الصائم, ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق.
( 39 ) إذا طلع الفجر وجب على الصائم الإمساك حالاً سواء سمع الأذان أم لا. وأما الإحتياط بالإمساك قبل الفجر بوقت كعشر دقائق ونحوها فهو بدعة من البدع.
( 40 ) البلد الذي فيه ليل ونهار في الأربع والعشرين ساعة على المسلمين فيه الصيام ولو طال النهار.
المفطرات
( 41 ) المفطرات ما عدا الحيض والنفاس لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة : أم يكون عالماً بغير جاهل, ذاكراً غير ناس, مختاراً غير مضطر ولا مكره.
ومن المفطرات الجماع والاستقاء, والحيض, والإحتجام, والأكل والشرب.
( 42 ) من المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب كالأدوية والحبوب عن طريق الفم, والإبر المغذية, وكذلك حقن الدم ونقله, وأما الإبر التي لا يستعاض
بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة فلا تضر الصيام, وغسيل الكلى لا يفطر. والراجح أن الحقنة الشرجية, وقطرة العين والأذن وقلع السن ومداواة الجروح,
كل ذلك لا يفطر وبخاخ الربو لا يفطر. وسحب الدم للتحليل لا يفسد الصوم. ودواء الغرغرة لا يبطل الصوم إن لم يبتلعه, ومن حشا سنه بحشوه طبية فوجد طعمها في
حلقه فلا يضر ذلك صيامه.
( 43 ) من أكل أو شرب عامداً دون عذر فقد أتى كبيرة عظيمة من الكبائر, وعليه التوبة والقضاء.
( 44) وإذا نسي فأمل وشرب فليتم صومه, فإنّما أطعمه الله وسقاه وإذا رأى من يأكل ناسياً فعليه أن يذكره .
( 45 ) من احتاج إلى الإفطار لإنقاذ معصوم من مهلكة فإن يفطر ويقضى.
( 46 ) من وجب عليه الصيام فجامع في نهار رمضان عامداً مختاراً فقد أفسد صومه, وعليه التوبة وإتمام ذلك اليوم والقضاء والكفارة المغلظة, هذا والحكم واحد
في الزنا واللواط وإتيان البهيمة.
( 47 ) لو أراد جماع زوجته فأفطر بالأكل أولاً فمعصيته أشد, وقد هتك حرمة الشهر مرتين, بأكلة وجماعه, والكفارة المغلظة عليه أوكد .
( 48 ) والتقبيل والمباشرة والمعانقة واللمس وتكرار النظر من الصائم لزوجته أو أمته إن كان يملك نفسه جائز, ولكن إن كان الشخص سريع الشهوة لا يملك
نفسه, فلا يجوز له ذلك.
( 49 ) وإذا جامع فطلع الفجر وجب عليه أن ينزع, وصومه صحيح ولو أمنى بعد النزع, ولو استدام الجماع إلى ما بعد الفجر أفطر وعليه التوبة, والقضاء,
والكفارة المغلظة.
( 50 ) إذا أصبح وهو جنب فلا يضر صومه, ويجوز تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر, وعليه المبادرة لأجل الصلاة.
( 51 ) إذا نام الصائم فاحتلم فإنّه لا يفسد صومه إجماعاً بل يتمه.
( 52 ) من استمنى في نهار رمضان بشيء يمكن التحرز منه كاللمس وتكرار النظر, وجب عليه أن يتوب إلى الله, أن يمسك بقية يومه, وأن يقضيه بعد ذلك.
( 53 ) ومن ذرعه القيء فليس عليه قضاء, ومن استقاء عمداً فليقض, ومن تقيأ عمداً فعليه القضاء ولو غلبه القيء فعاد بنفسه لا يفطر. وأما العلك فإن كان
يتحلل منه أجزاء, أو له طعم مضاف أو حلاوة حرم مضغه, وإن وصل إلى الحلق شيء من ذلك فإنه يفطر. أما النخامة والنخاعة فإن أبتلعها قبل وصولها إلى فيه فلا
يفسد صومه, فإذا ابتلعها عند وصولها إلى فيه فإنه يفطر عند ذلك. ويكره ذوق الطعام بلا حاجة.
( 54 ) والسواك سنة للصائم في جميع النهار.
( 55 ) وما يعرض للصائم من جرح, أو رعاف, أو ذهاب للماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختيار لا يفسد الصوم وكذلك لا يضره نزول المع إلى حلقه أو أن يدهن
رأسه أو شاربه, أو يختصب بالحناء فيجد طعمه في حلقه, ولا يفطر وضع الحناء والكحل والدهن, وكذلك المراهم المرطبة الملينة للبشرة, ولا بأس بشم الطيب
ورائحة البخور, ولكن يحزر من وصول الدخان إلى الحلق.
( 56 ) والأحوط للصائم ألّا يحتجم, والخلاف شديد في المسألة.
( 57 ) التدخين من المفطرات, وليس عزراً في ترك الصيام.
( 58 ) والإنغماس في الماء, أو التلفف بثبوت مبتل للتبرد لا بأس به للصائم.
( 59 ) لوأكل أو شرب أو جامع ظاناً بقاء الليل ثم تبين له أن الفجر قد طلع, فلا شيء عليه.
( 60 ) إذا أفطر يظن الشمس قد غربت وهي لم تغرب, فعليه القضاء عند جمهور العلماء.
( 61 ) وإذا طلع الفجر وفي فمه طعام أو شراب فقد اتفق الفقهاء على أنه يلفظه ويصح صومه.

تعليمية

تعليمية


تعليمية تعليمية





التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

حملة مقاطعة الأفلام والمسلسلات في رمضان .

تعليمية تعليمية

تعليمية

قال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان:6].

في شهر رمضان تصفد الشياطين وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران, ويعتق فيها الرحمن رقاباً من بني الإنسان, ويفيض القلب ويذوب وينساب مع آيات القرآن.

فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.

باب من الخير اصطفاك الله وفضلك على غيرك بحضوره فكم ممن حضر معنا رمضان الماضي هو الآن بين الأموات.

ومع استعداد المتقين الصالحين لموسم الطاعات, يعد شياطين الإنس لهم الكثير والكثير من الموبقات ليتسلموا الراية من إخوانهم شياطين الجن, وليقولوا لهم بلسان حالهم, ستصفدون ونحن مكانكم فلا تقلقوا.

فالحذر الحذر أيّها الحبيب أن تضيع أوقاتك بين معصية وأختها, حتى إذا ما ذهب رمضان وذهب معه بعضك فتحت يديك فإذا هما خاويتين, ونفضت ثيابك فإذا هي دنسة من المعاصي, وكان الأجدر أن تفتح يديك فتجد الكثير من الحسنات تستشعرها بما قدمت من ختمات للقرآن, وصدقات للجائع والظمآن, صلوات في دلجة الليل, وركعات مع المسلمين في فرائض وقيام, حلقات للقرآن, ومجالس لتواصل الأرحام, محبة وإطعام ودعوة ودعاء, إخبات ورجاء, فيالخسارة من ترك كل هذا الخير وارتمى في أحضان اللئام.

يا باغي الخير دعك من هذا الهراء, فأهل الفن والعفن لا يرجون من عملهم إلّا تجارة أجساد يتربحون بها لإثراء دنياهم على حساب دينهم, أمّا أنت إن تبعتهم فستخسر دينك ودنياك سويا, فلا مربح لك من ورائهم إلّا الذنوب, فبالله عليك هل يقبل عاقل أن يرفض دعوة من فتح له كل أبواب الخير وأغلق له باب كل عذاب ويرتمي في أحضان أعداء ما أرادوا من ورائك إلّا مصلحتهم, ووالله مافيها أي مصلحة وإن لم يتوبوا فسيعلموا مغبة ما قدموا.

أخي إن كنت تريد أن تقدم شهرك هذا قربانا للممثلين والمنتجين والمخرجين على حساب دينك, فأقول لك أغبن النّاس من باع دينه بدنيا غيره, فاحذر كل الحذر, وعساها بداية خير لك, أخي لا تخلوا هذه الأعمال من نساء كاسيات عاريات وأحضان وقبلات, ومعازف وآهات ثم يتبعها حسرات وحسرات, فوفر على نفسك الحسرة, واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه.

أخي هذه دعوة صريحة من موقعنا المبارك لمقاطعة المسلسلات والأفلام في نهار رمضان وليله.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري].

وهذه فتوى للشيخ بن باز رحمه الله حول هذا الأمر :

س: بعض الصائمين يقضون معظم نهار رمضان في مشاهدة الأفلام والمسلسلات من الفيديو والتلفاز ولعب الورق، فما هو حكم الدين في ذلك؟

ج: الواجب على الصائمين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله سبحانه فيما يأتون ويذرون في جميع الأوقات, وأن يحذروا ما حرم الله عليهم من مشاهدة الأفلام الخليعة التي يظهر فيها ما حرم الله, من الصور العارية وشبه العارية, ومن المقالات المنكرة, وهكذا ما يظهر في التلفاز مما يخالف شرع الله, من الصور والأغاني وآلات الملاهي والدعوات المضللة, كما يجب على كل مسلم صائما كان أو غيره أن يحذر اللعب بآلات اللهو, من الورق وغيرها من آلات اللهو, لما في ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر, ولما في ذلك أيضا من التسبب في قسوة القلوب ومرضها واستخفافها بشرع الله, والتثاقل عما أوجب الله, من الصلاة في الجماعة أو غير ذلك من ترك الواجبات والوقوع في كثير من المحرمات, والله يقول سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان:6-7 ], ويقول سبحانه في سورة الفرقان في صفة عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72].
والزور يشمل جميع أنواع المنكر, ومعنى {لَا يَشْهَدُونَ} : لا يحضرون، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» [رواه البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به]. والمراد: ب «المعازف» : الغناء وآلات اللهو، ولأنّ الله سبحانه حرم على المسلمين وسائل الوقوع في المحرمات. ولا شك أنّ مشاهدة الأفلام المنكرة, وما يعرض في التلفاز من المنكرات من وسائل الوقوع فيها, أو التساهل في عدم إنكارها. والله المستعان [الشيخ ابن باز، مجموع الفتاوى: 15/ 216].

أرجو أن تلقى هذه الدعوة القبول لدى القارئ الكريم في بقاع الأرض.

وتقبل الله منّا ومنك صالح الأعمال وشهركم مبارك إن شاء الله وكل عام وأنتم والأمّة الإسلامية بكل خير, وقد عمّ أرجائها الأمن والأمان والنصر والتمكين.

مع رجاء تعميم هذه المقاطعة في جميع المواقع والمنتديات.

بقلم الداعية فارس البرايجي

تعليمية تعليمية




انا اشاركك في الراي اخ فارس واذا لاحظت فانا كتبت موضوعا يعالج نفس الفكرة بارك الله فيك على الالتفاتة