التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

ليلة القدر و علاماتها و افضل دعاء يقال فيها

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


سُئل الشيخ العلامة محمد بن عثيمين – رحمه الله – هذا السؤال :
ما هي الليالي التي تتحرى فيها ليلة القدر وما هو أفضل دعاء يقال فيها وما هي علاماته ؟

فأجاب :
آخر الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين ولكنها ليست هي ليلة قدر جزماً بل هي أرجأها ومع ذلك فإن القول الراجح عند أهل العلم أن ليلة القدر تتنقل تارة تكون في ليلة إحدى وعشرين وتارة تكون في ليلة ثلاثة وعشرين وفي ليلة خمس وعشرين وفي ليلة سبع وعشرين وفي ليلة تسع وعشرين وفي الأشفاع أيضاً قد تكون وقد أخفاها الله عز وجل عن عباده بحكمتين عظيمتين إحداهما أن يتبين الجاد في طلبها الذي يجتهد في كل الليالي لعله يدركها ويصيبها فإنها لو كانت ليلة معينة لم يجد الناس إلا في تلك الليلة فقط والحكمة الثانية أن يزداد الناس عملاً صالحاً يتقربون به إلي ربهم لينتفعو به أما أفضل دعاء يدعى فيها فسؤال العفو كما في حديث عائشة أنها قالت يا رسول الله أريت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال (قولي اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني) فهذا من أفضل الأدعية التي تقال فيها وأما علامتها فإنها أن تخرج الشمس صبيحتها صافية لا شعاع فيها وهذه علامة متأخرة وفيها علامات أخرى كزيادة الأنوار زيادة النور فيها وطمأنينة المؤمن وراحته وانشراح صدره كل هذه من علامات ليلة القدر .

والله الموفق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد


المصدر : من برنامج نور على الدرب – موقع الشيخ –




جزاكم الله خيرا ونفع بكم
اللهم إنا نسألك أن تبلغنا هاته الليلة وتوفقنا لقيامها وتجعلنا من الغفور لهم فيها ومن العتقاء من النار




بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم




بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم




اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عنا
هذه اول الليالي المطلوبة اسال الله ان يجعلنا من عتقاءه
هذه السنة، وبارك الله فيك يا اختي على طرحك القيم




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فرضية الحج وشروطه

فرضية الحج وشروطه

الحمد لله الذي فرض الحج على عباده إلى بيته الحرام ، ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام ، فمن حج البيت ، فلم يرفث ، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه نقيا من الذنوب والآثام والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة دار السلام . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى ، وزكى ، وحج ، وصام ، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام ، وسلم تسليما .
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى ، وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج إلى بيته حيث استطعتم إليه سبيلا فقد قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا » . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بني على هذه الخمس فلا يتم إسلام عبد حتى يحج ، ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فينظروا كل من له جدة ( أي غنى) ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين .
ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين عليها إجماعا قطعيا ، فمن أنكر فريضة الحج ، فقد كفر ، ومن أقر بها ، وتركها تهاونا فهو على خطر . فإن الله يقول بعد ذكر إيجابه على الناس : { وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } . كيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه ، وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام ، وأركانه كيف يبخل بالمال على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو ينفق الكثير من ماله فيما تهواه نفسه ؟ وكيف يوفر نفسه عن التعب في الحج وهو يرهق نفسه في التعب في أمور دنياه ؟ وكيف يتثاقل عن فريضة الحج وهو لا يجب في العمر سوى مرة واحدة ؟ وكيف يتراخى ويؤخر أداءه وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه .
فاتقوا الله عباد الله ، وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج تعبدا لله تعالى ، ورضا بحكمه وسمعا وطاعة لأمره إن كنتم مؤمنين : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } . إن المؤمن إذا أدى الحج والعمرة بعد بلوغه مرة واحدة ، فقد أسقط الفريضة عن نفسه ، وأكمل بذلك أركان إسلامه ، ولم يجب عليه بعد ذلك حج ولا عمرة إلا أن ينذر الحج أو العمرة ، فيلزمه الوفاء بما نذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من نذر أن يطيع الله فليطعه » . أيها المسلمون إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل لفرائضه حدودا وشروطا لتنضبط الفرائض ، وتتحدد المسؤولية ، وجعل هذه الحدود والشرائط في غاية المناسبة للفاعل والزمان والمكان ، ومن هذه الفرائض الحج ، فله حدود وشروط ، ولا يجب على المسلم إلا بها ، فمنها البلوغ ، ويحصل في الذكور بواحد من أمور ثلاثة : إنزال المني أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات العانة . وفي الإناث بهذه الثلاثة وزيادة أمر رابع ، وهو الحيض فمن لم يبلغ فلا حج عليه ولو كان غنيا لكن لو حج صح حجه تطوعا ، وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ؛ لأن حجه قبل البلوغ لا يسقط به الفرض ؛ لأنه لم يفرض عليه بعد فهو كما لو تصدق بمال ينوي به الزكاة قبل أن يملك نصابه . وعلى هذا فمن حج ومعه أبناؤه أو بناته الصغار ، فإن حجوا معه كان له أجر ، ولهم ثواب الحج ، وإن لم يحجوا فلا شيء عليه ولا عليهم .
ومن شروط وجوب الحج أن يكون مستطيعا بماله وبدنه ؛ لأن الله تعالى شرط ذلك للوجوب في قوله : { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } . فمن لم يكن مستطيعا ، فلا حج عليه ، فالاستطاعة بالمال أن يملك الإنسان ما يكفي لحجة زائدا عن حوائج بيته ، وما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله وأجرة سكن لمدة سنة ، وقضاء ديون حالة ، فمن كان عنده مال يحتاجه لما ذكر لم يجب عليه الحج ، ومن كان عليه دين حال لم يجب عليه الحج حتى يوفيه . والدين كل ما ثبت في ذمة الإنسان من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها ، فمن كان في ذمته درهم واحد حال فهو مدين ، ولا يجب عليه الحج حتى يبرأ منه بوفاء أو إسقاط ؛ لأن قضاء الدين مهم جدا ، حتى إن الرجل ليقتل في سبيل الله شهيدا ، فتكفر عنه الشهادة كل شيء إلا الدين ، فإنها لا تكفره ، وحتى إن الرجل ليموت ، وعليه الدين ، فتعلق نفسه بدينه حتى يقضى عنه . أما الدين المؤجل ، فإن كان موثقا برهن يكفيه لم يسقط به وجوب الحج ، فإذا كان على الإنسان دين قد أرهن به طالبه ما يكفي الدين ، وبيده مال يمكنه أن يحج به ، فإنه يجب عليه الحج ؛ لأنه قد استطاع إليه سبيلا ، أما إذا كان الدين المؤجل غير موثوق برهن يكفيه فإن الحج لا يجب عليه حتى يبرأ من دينه .
والاستطاعة بالبدن أن يكون الإنسان قادرا على الوصول بنفسه إلى البيت – أي مكة – بدون مشقة ، فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت ، أو يستطيع الوصول لكن بمشقة شديدة كالمريض ، فإن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ، ثم يحج ، فإن مات حج عنه من تركته ، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض والميؤوس من برئه ، فإنه يوكل من يحج عنه من أقاربه أو غيرهم ، فإن مات قبل التوكيل حج عنه من تركته . وإذا لم يكن للمرأة محرم ، فليس عليها حج ؛ لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج ، فإنها ممنوعة شرعا من السفر بدون محرم . قال ابن عباس رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انطلق فحج مع امرأتك ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته » مع أنه قد كتب مع الغزاة ، ولم يستفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت امرأته شابة ، أو كان معها نساء أو لا ، وهو دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب طائرة أو سيارة إلا بمحرم وهو زوجها ، وكل من يحرم عليه نكاحها تحريما مؤبدا كالأب ، وإن علا ، والابن وإن نزل ، والأخ وابن الأخ ، وإن نزل وابن الأخت ، وإن نزل ، والعم والخال سواء كان ذلك من نسب أو رضاع ، وكأب الزوج ، وإن علا ، وابنه ، وإن نزل ، وزوج البنت ، وإن نزلت ، وكزوج الأم ، وإن علت إذا كان قد دخل بها . ولا بد أن يكون المحرم بالغا عاقلا ، فمن كان دون البلوغ لا يكفي أن يكون محرما ؛ لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها ، وذلك لا يحصل بالصغير .
أيها المسلمون من رأى نفسه أنه قد استكمل شروط وجوب الحج ، فليؤده ، ولا يتأخر ، فإن أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير ، والإنسان لا يدري ما يحصل في المستقبل ، وقد يسر الله ، وله الحمد لنا في هذه البلاد ما لم ييسره لغيرنا من سهولة الوصول إلى البيت ، وأداء المناسك ، فقابلوا هذه النعمة بشكرها ، وأداء فريضة الله عليكم قبل أن يأتي أحدكم الموت ، فيندم حين لا ينفع الندم . واسمعوا قول الله عز وجل : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }{ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }{ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }{ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } . ومن حج على الوجه الشرعي مخلصا لله متبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد تم حجه سواء كان قد تمم له ، أم لا أما ما توهمه بعض العوام أن من لم يتمم ، فلا حج له فهو غير صحيح ، فلا علاقة بين التميمة والحج .
وفقني الله وإياكم للقيام بفرائضه والتزام حدوده ، وزودنا من فضله وكرمه وحسن عبادته ما تكمل به فرائضنا ، وتزداد به حسناتنا ، ويكمل به إيماننا ، ويرسخ به ثباتنا إنه جواد كريم .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الضياء اللامع من الخطب الجوامع
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

دروس مختارة لموسم الحج

دروس مختارة لموسم الحج
لفضيلة الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله

تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل عشر ذي الحجة



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا الله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله و أمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله أهله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:

فيا عباد الله، إنكم تستقبلون في هذه الأيام عشر ذي الحجة، التي بينَّ النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فضل العمل فيها بقوله:ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء، فالعمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة، بل أفضل من العمل الصالح في أي يوم من أيام السنة، هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن كثيراً من الناس يجهلون قدر هذه الأيام العشر، فلا تكاد تجد أحداً يميزها عن غيرها بكثرة العمل الصالح ولكني أقول: إن من بلغته سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فإن الأولى به أن يكون متبعاً لها وجوباً في الواجبات واستحباباً في المندوبات .
إذاً: فأكثروا من العمل الصالح في هذه الأيام العشر، أكثروا من الصلاة، أكثروا من قراءة القرآن، أكثروا من الذكر، أكثروا من الصدقة، صوموها فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، قال الله – عزَّ وجل – في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرِ أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»(1)، وفي هذه الأيام العشر احترموا أضحيتكم بحرماتها التي جعلها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث قال: إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره ولا من بشره أي: من جلده شيئاً،فمن أراد أن يضحي فلا يأخذن من ذلك شيئاً إلى أن يضحي؛ وذلك احتراماً للأضحية التي هي من شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، وفي هذا دليل على أهمية الأضحية، حيث جعل لها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حرمات يحترمها الإنسان عند إرادة فعلها ولكن في أي مكان تكون الأضحية ؟ تكون الأضحية في بلد الإنسان، تكون الأضحية في بيته يقيم بذلك شعائر الله في بلاد الله عزَّ وجل وليست الأضحية مجرد صدقة؛ حتى يتوخى الإنسان فيها أحوج بلاد المسلمين ولكنها قربة خاصة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ولو كانت مجرد صدقة لكانت جائزة قبل صلاة العيد لا بعدها، ولكانت جائزة من بهيمة الأنعام وغيرها، ولكانت جائزة فيما بلغ السنة وما لم يبلغه ولكنها عبادة موقتة محددة بكيفيتها ووقتها وحينئذٍ نعرف أنه من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك فإن هذا ليس من سنة الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وإنما كان يبعث بالهدي من المدينة إلى مكة؛ من أجل اختصاص المكان لا من أجل حاجة الناس، أما الأضحية فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يضحي في المدينة، وإن إرسال الدراهم ليضحى بها في مكان آخر تفوت به مصالح كثيرة؛ يفوت به إظهار الشعيرة في البلاد فإن ذبح الأضاحي من شعائر الله، فإذا أرسل الناس دراهمهم إلى بلاد أخرى يضحى بها بقيت البلاد بلا شعيرة، يفوت بها: أن يذكر الإنسان ربه على هذه البهيمة التي ضحى بها والله تعالى يقول: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَام﴾ [الحج: 34]، يفوت بها اتباع سنة النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث كان يضحي بنفسه ويذبح أضحيته ويذكر اسم الله عليها ويسأل الله قبولها، وإذا أرسلت الدراهم إلى هناك فمن الذي يتولى ذلك، أليس هو الذابح ؟ هذا إن أحسنَّا الظن به ووثقنا بمن نرسل الدراهم معه، أما إذا كانت أضحيتك في بيتك فتولَّ ذبحها بنفسك إن كنت تحسنه أو تحضره ويحصل بذلك تعظيم شعائر الله في البيت فإن أرسلها إلى بلاد أخرى يفوت به هذه المصلحة العظيمة، يفوت في إرسالها إلى بلاد أخرى: أن يأكل الإنسان منها والله – تعالى – قد أمر بالأكل منها فقال: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج:36] ، ومن المعلوم أنه إذا كانت الأضحية في غير بلدك فإنه لا يمكنك أن تمتثل أمر الله بالأكل منها؛ لأنها ليست عندك وحينئذٍ تفوّت أمر الله – عزَّ وجل – فيها، وقد قال بعض أهل العلم: إن الأكل من الأضحية واجب، وأما الإنسان إذا لم يأكل منها فهو آثمٌ عاصٍ لله، ولاشك أنه عاصٍ للأمر، ولكن هل يأثم لهذا العصيان أو لا يأثم ؟ هذا محل الخلاف بين العلماء، وإنك إذا أرسلت الدراهم ليضحى بها في بلد آخر فلا تدري متى تكون الأضحية، هل تكون في اليوم الأول الذي هو أفضل من الأيام الثلاثة بعده، أو تكون قبل الصلاة، أو تكون بعد أيام التشريق ؟ ثم تبقى معلقاً – أيضاً – بالنسبة لأخذ الشعر والظفر والبشرة، وأنت إذا أرسلتها إلى بلد آخر فلا تدري أيقوم المشتري بالاحتياط التام في تمام سِنِّها وخلوها من العيوب المانعة من الإجزاء وخلوها من العيوب التي تكره فيها، كل هذا سيفوتك .
أيها الإخوة، إن من الغلط أن يرسل الإنسان دراهمه إلى بلد آخر ليضحى بها هناك لتفويت هذه المصالح التي سمعتموها، وإذا كان عند الإنسان فضل مال فإني أحثه على أن يرسله إلى البلاد الفقيرة والمحتاجة للجهاد في سبيل الله والله – سبحانه وتعالى – ذو الفضل العظيم، وإن من خلاف السنة ما يفعله بعض الناس اليوم من الإسراف في الأضحية، حيث يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بالأضحية وهذا لا شك أنه إذا اقتصر عليه فهو السنة الموافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهو أكرم الخلق بلا شك وأحب الخلق للخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إلى فعل الخير بلا شك، وهو صلى الله عليه وسلم المشرِّع لأمته بلا شك لم يضحِ عنه وعن أهل بيته إلا بأضحية واحدة، ومن المعلوم أن نساءه تسع وكل امرأة في بيت لم يضحِ بأكثر من ذلك، ولكن مع الأسف أن بعض الناس عندنا يضحي بعشر ضحايا لا حاجة إليها، تجد الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته كما قلت ثم تأتي البنت وتقول أريد أن أضحي عن جدي من قِبَلِ الأب وعن جدَّتي من قِبَلِ الأب و عن جدتي من قِبَلِ الأم و عن جدي من قِبَلِ الأم وهكذا تأتي الأخت وهكذا تأتي الزوجة حتى يصبح في البيت الواحد إلى عشر ضحايا لا حاجة إليها بل هي من الإسراف، وإني أقول: إن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – توفيت زوجته خديجة وهي من أحب نسائه إليه وهي أم أكثر أولاده وهي التي لم يتزوج عليها حين وجودها ومع ذلك لم يضحِ عنها، وتوفي عمه حمزة بن عبد المطلب واستشهد في أُحد – رضي الله عنه – وهو أسد الله وأسد رسوله ومع ذلك لم يضحِ عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، توفيت بناته الثلاث قبل أن يموت إلا أن فاطمة بقيتْ بعده ولم يضحِ عن بناته، فمِنْ أين جاءنا أن يُضحى عن الأموات؟ الوصايا تبقى بحالها ويضحى بها، أما أن نضحي عن أمواتنا فمن كان عنده حرف واحد صحيح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه ضحى عن أحد من أمواته أو أنه أمر أن يضحي أحد عن أمواته فليسعفنا به فإنا له قابلون وله متبعون إن شاء الله، أما أن نفعل عبادة نتقرب بها إلى الله لمجرد عواطف تكون في قلوبنا وصدورنا فليس لنا ذلك، إنما الشرع من عند الله، ألم تعلموا أن بعض العلماء يقول: الأضحية عن الميت غير صحيحة؛ لأنها لم ترد في السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(2)، ألم تعلموا أن الذين أجازوا الأضحية عن الميت إنما قاسوها على الصدقة؛ لأن الصدقة وردت بها السنة في حديث سعد بن عبادة حيث تصدق بمخرافة عن أمه بإذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومخرافه هو: البستان الذي يخرف، وكذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها ؟ قال: نعم،ولكن هل قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يوماً من الأيام لأمته: تصدقوا عن أمواتكم ؟ هل قال: ضحوا عن أمواتكم ؟ هل ضحى عن أمواته ؟ هذا هو محل الحكم، وهذا مناط الحكم .
إذاً: ما بالنا نجعل في البيت الواحد عشر ضحايا أو أقل أو أكثر لأموات في سنة لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا كان عند هؤلاء فضل مال فنقول: إن أضحية قِيمّ البيت كافية عن الجميع فلا تتجاوزوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنتم خير أم رسول الله، أنتم أكرم أم رسول الله، أنتم أحب في الطاعة من رسول الله، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، واللهِ لسنا أكرم من رسول الله، ولا أعلم بما يحب الله، ولا أسبق لما يحب الله بل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أكرم الخلق على الإطلاق وأحب ما يكون للخير: فنقول يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة واحدة ومن عنده فضل مال فليسعف به إخوانه المسلمين في البوسنة والهرسك وغيرها من بلاد المسلمين، هناك أناس فقراء لا يأكلون إلا ورق الشجر إن تهيأ لهم، هناك أناس عراة لا يتقون برداً ولا حراً فما بالنا نحرم هؤلاء مما أعطانا الله ثم نسرف به ﴿والله لا يحب المسرفين﴾، نقول لهؤلاءِ الذين يحرصون على أن ينفعوا أمواتهم: ابذلوا هذه الأموال في غير الأضحية، ابذلوها في الصدقة، تصدقوا على إخوان لكم موتى من الجوع منهم عدد كثير .
أيها الإخوة، أدعوكم ونفسي إلى اتباع السنة لا إلى اتباع العاطفة، أدعوكم ونفسي إلى أن يترسم الخطى إمامنا وقدوتنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وألا نتجاوز ما فعل وألا نسرف فيما لا يحب الله الإسراف فيه .
إن بعض الناس يعتمدون على حديث ضعيف أن الأضحية في كل شعرة منها حسنة وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أهم شيءٍ في الأضحية أن ينهر الدم ابتغاء وجه الله وتعظيماً لله عزَّ وجل هذا هو المهم، قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: 37] ، هذا الذي يناله الله أن نتقي الله – عزَّ وجل – في التقرب إلى الله – تعالى – بذبحها وذكر اسم الله عليها، وأن نتمتع بالأكل منها نحن وأولادنا وجيراننا وإخواننا وفقراءنا، وأعظم من ذلك وأدهى أن من الناس من يرسل الوصايا التي في أوقاف أمواته إلى بلاد أخرى يضحي بها فكيف يسوغ ذلك لنفسه الوصي وكيل، والوكيل لا يجوز أن يتصرف فيوكِّل إلا بإذن موكِّله والإذن هنا مستحيلاً، ثم إن الأموات يظهر من قصدهم – فيما أوصي به من الضحايا – يظهر من قصدهم أنهم أرادوا أن يتمتع من خلفهم بهذه الأضحية، يأكلون ويسمون على الأكل ويحمدون الله على الأكل ويدعون للأموات هذا هو القصد من وصية الموصين، لا أن تذبح من وراء البراري والبحار، فيا عباد الله، لا تَنْسَابوا وراء العاطفات، عندكم العلماء اسألوهم، فإن ما يُبنى على العلم والبرهان هو العبادة الصحيحة، وأما ما يبنى على الظن والوهم والعاطفة التي لا مستند لها لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا من سنة الخلفاء الراشدين، إنها باطلة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .
خلاصة قولي في هذه الخطبة أنني أقول: مَنْ كان عنده ضحايا فلا يرسلها لا إلى البوسنة والهرسك ولا إلى غيرها من البلاد بل يضحي بها في بلده إظهاراً لشعائر الله واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وحصولاً للمصالح العظيمة التي ذكرنا: أنه إذا أرسلها خارج البلاد فإن هذه المصالح تفوت هذه واحدة، ثانياً: الإسراف في الأضاحي لا داعي له، فالأضحية الواحدة تكون للرجل عنه وعن أهل بيته كافية، ومن كان عنده فضل مال وأراد أن ينفع أمواته فليتصدق به على من كانوا في بلاد أخرى محتاجين للصدقة أكثر ممن كانوا في بلادنا، ثالثاً أقول: ذكرنا أن الإنسان إذا أراد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا من بشرته شيئاً من حين أن يدخل شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، و أما من يضحى عنه فلا حرج، فليأخذوا من ذلك ما شاؤوا، فأهل البيت – مثلاً – إذا كان قيم البيت يريد أن يضحي عنهم لا حرج عليهم أن يأخذوا من شعورهم و أظفارهم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما قال: وأراد أحدكم أن يضحيولم يقل: أن يضحي أو يضحى عنه؛ ولأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يُنْقل عنه أنه قال لأهله وهو يريد أن يضحي عنهم – لم يُنْقل عنه أنه قال: لا تأخذوا من شعوركم وأظفاركم وأبشاركم شيئاً، والأصل براءة الذمة والأصل الحِل حتى يقوم دليل على التحريم، وعلى هذا فلا يشمل النهي أهل البيت وإنما يختص بقيّم البيت الذي هو يريد أن يضحي .
أيها الإخوة، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأسأل الله – تعالى – أن يلزمني وإياكم هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة؛ فإن يدي الله على الجماعة، ومَنْ شذ شذَّ في النار، واعلموا أن الله – تعالى – أمركم أن تصلوا وتسلموا على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [الأحزاب: 56] .
إن صلاتكم وسلامكم على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى وآله وسلم – إنها امتثال لا أمر الله عزَّ وجل، إنها قيامٌ بحق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنها أجرٌ وغنيمة لكم، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً،فأكثروا – أيها الإخوة – من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإكثار من ذلك ليس أمراً شاقاً ولا أمر متعِباً؛ لأنه قول اللسان وأسهل ما يكون حركة هو اللسان، أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – واحتسبوا بذلك الأجر من الله، احتسبوا أنكم إذا صليتم عليه مرة واحدة صلى الله عليكم بها عشراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين، اللهم أحسن عواقبنا في الأمور كلها، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاك يا رب العالمين، يا ذا الجلال و الإكرام، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم مَنْ أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، اللهم من أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في البوسنة والهرسك والشيشان، اللهم إنا نسألك أن تنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم فرِّق جمعوهم واهزم جنودهم وشتِّت كلمتهم يا رب العالمين، اللهم أنزل بهم البلاء وألقِ بينهم العداوة والبغضاء؛ حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم وافعل مثل ذلك في الصرب المعتدين الخائنين يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أصلح شبابهم وشيوخهم و ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوبهم، اللهم اهدهم سبل السلام، اللهم يسرهم لليسرى وجنبهم العسرى واغفر لهم في الآخرة و الأولى يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[الحشر:10]، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وغفر له


——————————

(1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين ( 10136) من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام (1771) ، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام ( 1945)، وأخرجه أصحاب السننه في سننهم .
(2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية ( 3243 ) من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصلح ( 2499) من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها .




بارك الله فيك وجزاك الخير المديد




بارك الله فيك أخي الكريم أبو سليمان

لقد وجدت ضالتي في موضوعك القيم

كنت أحتاج تفسيرا و وجدتها عندك بارك الله فيك




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك و جعلها في ميزان حسناتكتعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

صلاة التراويح للمسافر

تعليمية

تعليمية

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما رأيكم في المسافرين هل الأفضل لهم أن يصلوا التراويح في رمضان أم لا ؟ (وهم يقصرون الصلاة) .
فأجابوا : “قيام رمضان سنة ، سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أخذها عنه الصحابة رضوان الله عليهم وعملوا بها ، واستمرت إلى يومنا هذا ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلاها ليالي فصلوها معه ، ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر ، وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها) ، وفي البخاري أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم التراويح ، وثبت في الصحيحين من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها : كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالت: (ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة) وكان صلى الله عليه وسلم يسافر في رمضان، ومن ذلك سفره صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، فقد خرج صلى الله عليه وسلم لعشر مضين من رمضان في سنة ثمان من الهجرة، قال ابن القيم: (ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضراً ولا سفراً، وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة) وبذلك يتبين أنهم إذا صلوها في سفر فقد أصابوا السنة” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (7/206)




تعليمية




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

من البدع في نهاية العام وأوله


السؤال:

ما حكم صيام آخر يوم في نهاية العام وأول يوم من العام الجديد؟
الجواب:
هذا يتناقله بعض الشباب، ويكتبه في الجوالات: ( صم -يا أخي!- آخر يوم من العام، اختم عامك بالصيام، وافتتح عامك بالصيام )
هذا لا أصل له، هذا بدعة لا أصل له، والعام الهجري لم يكن أوله محرم إلا من زمن عمر بن الخطاب، كان في زمن النبي وفي زمن أبي بكر … من (خيرة) عمر لا يعرف العام الهجري أنَّ أوله محرم. المقصود أن هذا من البدع.
وكذلك قول بعضهم: (اختم شهرك بالاستغفار) هذا لا أصل له.
وكذلك التهنئة بالعام الهجري الجديد كل هذا لا أصل له؛ ولكن المسلم يصوم الأيام المشروعة يصوم الاثنين، يصوم الخميس، يصوم أيام البيض، يصوم ثلاثة أيام، من كل شهر.
أما تقييد الصيام بأن يصوم آخر يوم من العام الهجري، وأول يوم من العام الهجري، أو يختم عامه بالاستغفار يخصه بخصيصةٍ لم ترد في الشرع؛ فهذا لا أصل له، وهذا من البدع.


مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز الراجحي (1/ 87) بترقيم الشاملة




بارك الله فيكم




بارك الله فيك




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

فضل العشر الأواخر من رمضان

فضل العشر الأواخر من رمضان
للعلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله

الحمدُ لله المتفردِ بالجلالِ والبقاء، والعظمةِ والكبرياء، والعزِّ الَّذِي لا يُرام، الواحد الأحدِ، الرب الصمدِ، الملِكِ الَّذِي لا يحتاجُ إلى أحَد، العليِّ عن مُداناةِ الأوهام، الجليل العظيم الَّذِي لا تدركُه العقولُ والأفْهامُ، الغنيِّ بذاتِه عن جميعِ مخلوقاتِه، فكلُّ مَنْ سواه مفتقرٌ إليه على الدَّوامَ، وَفَّقَ مَنْ شاء فأمَنَ به واستقام ثم وَجَدَ لذة مناجاةِ مولاهُ فَهَجَر لذيذَ المنام، وصَحِب رُفقةً تتجافى جنوبُهم عن المضَاجع رغبةً في المقام، فَلَوْ رأيتَهم وَقَدْ سارتْ قوافلُهم في حَنْدسِ الظَّلام، فواحدٌ يسْأَلُ العفَو عن زَلَّته، وآخَرُ يشكو ما يجدُ من لَوْعَتِهِ، وآخَرُ شَغله ذِكْرُه عن مسألتِه، فسبحانَ من أيْقَظَهُمْ والناسُ نيام، وتبارك الَّذِي غَفَرَ وعفَا، وستَر وكَفَى، وأسْبَل على الكافةِ جميعَ الإِنعام، أحمده على نَعمِهِ الجِسام، وأشكرهُ وأسألُه حفظَ نعمةِ الإِسلامِ، وأشْهَدُ أن لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لاَ شريكَ لَهُ عَزَّ منْ اعتز به فلا يُضَام، وَذلَّ مَنْ تكبَّر عن طاعتِهِ ولَقِي الاثام، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي بَيَّنَ الحلالَ والحرام، صلَّى الله عليه وعلى صاحِبه أبي بكرٍ الصدِّيق الَّذِي هو في الْغَارِ خيرُ رفيق، وعلى عمَر بنِ الخطَّاب الَّذِي وُفِّقَ للصواب، وعلى عثمان مصابِر الْبَلا ومن نال الشهادة العظمى مِنْ أيْدِي العدا، وعلى ابنِ عمَّه عليٍّ بن أبي طالب وعلى جميعِ الصحابةِ والتابعينَ لهم بإحسانٍ مَا غابَ في الأفقِ غَارِب، وسلَّم تسليماً.

* إخواني: لَقَدْ نَزَل بكم عشرُ رمضانَ الأخيرةُ، فيها الخيراتُ والأجورُ الكثيرة، فيها الفضائلُ المشهورةُ والخصائصُ المذكورةُ.

– فمنْ خصائِصها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ بالعملِ فيها أكثرَ مِن غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ في العَشْرِ الأواخِرِ ما لا يجتهدُ في غيره. وفي الصحيحين عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا دخلَ العَشرُ شَدَّ مِئزره وأحيا ليلَه وأيقظ أهلَه. وفي المسند عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَخْلِطُ العِشْرين بصلاةٍ ونومٍ فإذا كان العشرُ شمَّر وشدَّ المِئزرَ.

– ففي هذه الأحاديث دليلٌ على فضيلةِ هذه العشرِ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يجتهدُ فيها أكثر مما يجتهدُ في غيرِهِا وهذا شاملٌ للاجتهادِ في جميع أنواع العبادةِ من صلاةٍ وقرآنٍ وذكرٍ وصدقةٍ وغيرِها؛ ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَشدُّ مئزرَه يعْني يعتزلُ نساءَه ليتفَرغَ للصلاةِ والذكرِ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُحْيي ليلَه بالقيامِ والقراءةِ والذكرِ بقلبه ولسانِه وجوارِحِه لِشَرفِ هذه الليالِي وطلباً لليلةِ الْقَدْرِ التي مَنْ قامها إيمانَاً واحتساباً غَفَرَ اللهُ له ما تقدمَ من ذنبه.

– وظاهِرُ هذا الحديثِ أنَّه صلى الله عليه وسلّم يُحْيِي الليلَ كلَّه في عبادةِ ربِّه مِنَ الذكرِ والقراءةِ والصلاةِ والاستعدادِ لذلِكَ والسحورِ وغيرها، وبهذا يحْصُلُ الجمْعُ بَيْنَه وبينَ مَا في صحيح مسلمٍ عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما أعْلَمُهُ صلى الله عليه وسلّم قَامَ ليلةً حتى الصباحِ، لأنَّ إحياءَ الليل الثَّابتَ في العشرِ يكونُ بالقيامِ وغيرِه مِنْ أنْواعِ العبادةِ والَّذِي نَفَتْه إحياءُ الليلِ بالقيامِ فَقَطْ. والله أَعلم.

– وممَّا يدُلُّ على فَضيلةِ العشرِ من هذه الأحاديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يُوقِظُ أهلَه فيها للصلاةِ والذكرِ حِرْصاً على اغتنام هذه الليالِي المباركةِ بِما هي جديرةٌ به من العبادةِ فإنَّها فرصةُ الْعُمرِ وغنيمةُ لمنْ وفَّقه الله عزَّ وجلَّ، فلا ينبغِي للمؤمن العاقلِ أنْ يُفَوِّت هذه الفرصةَ الثمينةَ على نفسِه وأهلِه فما هي إلاَّ ليَالٍ معدودةٌ ربَّمَا يدركُ الإِنسانُ فيها نفحةً من نَفَحَاتِ المَوْلَى فتكونُ سعادةً له في الدنيا والآخرةِ.

– وإنه لمِنَ الحرمانِ العظيمِ والخسارةِ الفادحةِ أنْ تَرى كثيراً مِنَ المسلمينَ يُمْضُونَ هذه الأوقاتَ الثمينة فيما لا ينفعُهم، يَسْهَرُونَ مُعْظَمَ الليلِ في اللَّهوِ الباطلِ، فإذا جاء وقتُ القيام نامُوا عنه وفوَّتُوا على أنفسهم خيراً كثيراً لعَلَّهُمْ لا يَدركونَه بعد عامِهم هَذَا أبَداً، وهذا من تلاعُبِ الشيطانِ بِهم ومَكْرهِ بهم وصَدِّهِ إياهُم عن سبيلِ الله وإغْوائِهِ لهم، قال الله تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } [الحجر: 42]. والعاقلُ لا يتخذُ الشيطانَ ولِيّاً من دَونِ الله مع عِلْمِهِ بَعَدَاوَتِهِ لَهُ فإنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ للعقل والإِيمانِ. قَالَ الله تعالى: { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا } [الكهف: 50]، وقال تعالى: { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر: 6].

– ومن خصائص هذه العشر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يعْتَكِفُ فيهَا، والاعتكافُ: لُزُومُ المسجِد للتَّفَرُّغِ لطاعةِ الله عزَّ وجلَّ وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلّم، قال الله عزَّ وجلَّ: { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [البقرة: 187]. وقد اعتكفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم واعتَكَفَ أصحابُه معه وبعْدَه، فَعَنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اعتَكَفَ العشرَ الأوَّلَ من رمضانَ ثم اعتكف العشر الأوسْط ثم قال: « إني اعتكِفُ العشرَ الأوَّل الْتَمِسُ هذه الليلةَ، ثم أعْتكِفُ العشرَ الأوسطَ، ثم أُتِيْتُ فقيل لي: إنها في العشرِ الأواخرِ، فمن أحبَّ منكم أنْ يعتكِفَ فَلْيَعْتكفْ ». (الحديث) رواه مسلم.

– وفي الصحيحين عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ العشرَ الأواخرِ مِنْ رمضانَ حتى توفاه الله عزَّ وجلَّ. ثم اعتكف أزواجُه مِن بعدِه. وفي صحيح البخاريِّ عنها أيضاً قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشرةَ أيامٍ. فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يوماً، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكِف العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ، فلم يعتكفْ عاماً، فلما كان العامُ المقبلُ اعتكفَ عشرينَ، رواه أحمد والترمذي وصححه.

– وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا أرادَ أن يعتكفَ صلَّى الفجرَ ثم دخل مَعْتَكَفَهُ فاستأذنَته عائشةُ، فإذِنَ لها، فضربتْ لها خِبَاءً، وسألت حفصة عائشةَ أنْ تستأذن لها، ففعلتْ، فضربتْ خِبَاءً، فلما رأتْ ذلك زينبُ أمَرَتْ بخباءٍ فضُرِبَ لها، فلما رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلّم الأخْبِيَة قال: « ما هَذا؟ » قالوا: بناءُ عائشةَ وحفصةَ وزينبَ. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: « آلبِرَّ أردْنَ بِهذا؟ انْزعُوها فلا أراها ». فنزعَتْ وترَك الاعتكاف في رمضانَ حتى اعتكف في العشر الأول من شوَالٍ. مِنْ البخَاريِّ ومسلم في رواياتٍ. وقال الإِمامُ أحمدُ بنُ حنبلَ رحمه الله: لا أعْلَمُ عن أحدٍ من العلماءِ خلافاً أنَّ الاعتكافَ مَسْنونٌ.

* والمقصود بالاعتكاف: انقطاعُ الإِنسانِ عن الناسِ لِيَتَفَرَّغَ لطاعةِ الله في مسجدٍ من مساجِده طلباً لفضْلِهِ وثوابِهِ وإدراكِ ليلة القَدْرِ، ولذلك ينْبغِي للمعتكفِ أنْ يشتغلَ بالذكرِ والقراءةِ والصلاةِ والعبادةِ، وأن يتَجنَّب ما لا يَعْنِيه من حديثِ الدنيَا ولا بأسَ أنْ يتحدثَ قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهْلِه أو غيرهم لمصلحةٍ، لحديث صَفِيَّةَ أمِّ المؤمنينَ رضي الله عنها قالتْ: « كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم معتكفاً فأتَيْتُه أزورُه ليلاً فحدثتُه ثم قمتُ لأنْقَلِبَ ( أي لأنصرفَ إلى بيتي ) فقامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم معِي» (الحديث) متفق عليه.

– ويحرُمُ على المعتكفِ الجِماعُ ومُقَدَّمَاتُه من التقبيلِ واللَّمسِ لشهوةٍ لقولِه تعالى: { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } وأمَّا خُروجُه من المسجدِ فإنْ كان بِبَعْض بدنِه فلا بأسَ به لحديث عائشة رضي الله عنها قالتْ: « كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُخرجُ رأسَه مِنَ المسجِدِ وهو معتكفٌ فأغسله وأنا حائض »، رواه البخاري. وفي رواية: « كانت تَرجّل رأس النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وهي حائضٌ وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه »، وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:

– الأوَّلُ: الخروجُ لأمرٍ لا بُدَّ منه طبعاً أوْ شرعاً كقضاءِ حاجةِ البولِ والغائِط والوضوءِ الواجبِ والغُسْلِ الواجِب لجنابَةٍ أوْ غيرها والأكلِ والشربِ فهذا جائزٌ إذا لم يُمْكنْ فعْلُهُ في المسجدِ فإنْ أمكنَ فِعُلُه في المسجدِ فلاَ. مثلُ أنْ يكونَ في المسجدِ حَمَّامٌ يمكنُه أنْ يقضيَ حاجتَه فيه وأن يغتسلَ فيه، أوْ يَكونَ له من يأتِيْهِ بالأكِل والشربِ فلا يخرجُ حينئذٍ لعدمِ الحاجة إليه.

– الثاني: الخروج لأمْر طاعةِ لا تجبُ عليهِ كعيادةِ مريضٍ وشهودِ جنازةٍ ونحو ذلك فلايفعله إلاَّ أنْ يشترطَ ذلك في ابتداءِ اعتكافِه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعودَه أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجَه لِذَلِكَ فلا بأْسَ به.

– الثالث: الخروجُ لأمْرٍ ينافي الاعتكافَ كالخروج للبيعِ والشراءِ وجماعِ أهْلِهِ ومباشرتِهم ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرطٍ ولا بغيرِ شرطٍ، لأنه يناقضُ الاعتكافَ وينافي المقصودَ منه.

ومن خصائِص هذه العشر أنَّ فيها ليلةَ الْقَدْرِ التي هي خيرٌ من ألفِ شهرٍ فاعْرفوا رحمكم الله لهذه العشر فَضْلَها ولا تضيِّعُوها، فوَقْتُها ثمينٌ وخيرُها ظاهِرٌ مبينٌ.

اللَّهُمَّ وفقْنَا لِمَا فيهِ صلاحُ دينِنا ودنيانَا، وأحْسِنْ عاقَبَتَنا وأكْرِمْ مثَوانا، واغفر لنَا ولوالِدِينَا ولجميع المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ وصَلَّى الله وسلّم على نبيِّنا محمدٍّ وآلِهِ وصحبِه أجمعين.

المصدر : الموقع الرسمي للشيخ ـ رحمه الله





جازاك الله خيرا على الاضافة……..




بارك الله فيك




جزاك الله خيرا




جزاك الله خيرا اخت om_hammam

مشكووورة




تعليمية




يرفع للفائدة ،،
وفقكم الله




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

معالم التوحيد في الحج

معالم التوحيد في الحج
للشيخ أحمد النجمي حفظه الله

إنَّ الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لاشريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛ أمَّا بعد :
فإنَّ خير الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .
ثمًَّ إنَّه قد طلب مني أن ألقي كلمةً في منسوبي التوعية الإسلامية في الحج بعنوان معالم التوحيد في الحج ، وحيث أنَّ التوحيد أساس الدين ، وقاعدته التي عليها يبنى ، ومنها ينطلق ، وشرطه الذي به يصح ، وبوجوده يقبل ؛ وعند عدمه تُردُّ جميع الأعمال ؛ قال تعالى : (وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورا)وقال تعالى : (والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفَّاه حسابه والله سريع الحساب ) ومع كون المشرك لاتقبل منه حسنة ؛ فإنَّه أيضاً لايغفر له ذنبٌ ؛ قال تعالى : (إنَّ الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )ومع ذلك فإنَّ المشرك شركاً أكبر محرَّمٌ عليه دخول الجنة ، ومحتَّمٌ عليه دخول النار ، والخلود فيها ؛ قال تعالى عن نبيه عيسى عليه السلام أنَّه قال لقومه : (يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار).وهو موجبٌ لحبوط العمل ، وعدم استفادة صاحبه منـه قال الله عز وجل : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين $ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ).وقال تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يومٍ عاصف).وهذه كلها مساوئ تترتب على ضد التوحيد وهو الشرك الأكبر ، وفي ذلك بيان لمزية التوحيد ، وأنَّ انعدامه تترتب عليه كوارث فضيعـة وفي هذا بيانٌ لمنـزلة التوحيد من الدين ككل .
أمَّا بالنسبة للحج فإنَّه أسس على التوحيد بيان ذلك من الآتي : قال تعالى : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألاَّ تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق ) قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنـان في ج5 / 288 : " قال تعالى : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) أي هيأناه له ، وأنزلناه إياه ، وجعل قسماً من ذريته من سكانه ، وأمره الله ببنيانه ، فبناه على تقوى الله ، وأسسه على طاعة الله ، وبناه هو وابنه إسماعيل ، وأمره أن لايشرك به شيئا ، وأن يخلص لله أعمالـه ، ويبنيـه على اسـم الله : (وطهر بيتي ) أي من الشرك والمعاصي ومن الأنجاس والأدناس وأضافه الرحمن إلى نفسه لشرفه وفضله ، ولتعظم محبته في القلوب ، وتنصب إليه الأفئدة من كل جانب ، وليكون أعظم لتطهيره وتعظيمه ، لكونه بيت الرب سبحانه للطائفين به ، والعاكفين عنده ؛ المقيمين لعبادة من العبادات من ذكرٍ ، وقراءةٍ ، وتعلم علمٍ ، وتعليمه ، وغير ذلك من أنواع القرب ( والركع السجود ) أي المصلين أي طهروه لهؤلاء الفضلاء ؛ الذين همهم طاعة مولاهم ، وخدمته ، والتقرب إليه عند بيته …" فهؤلاء لهم الحق ، ولهم الإكرام ، ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم ، ويدخل في تطهيره تطهيره من الأصوات اللاغية ، والمرتفعة التي تشوش على المتعبدين بالصلاة ، والطواف وقدَّم الطواف على الاعتكاف والصلاة لاختصاصه بهذا البيت ، ثمَّ الاعتكاف لاختصاصه بجنس المساجد " اهـ .
والمهم أنَّ الله عز وجل ما خصَّ إبراهيم عليه السلام بهذه المزية إلاَّ لما فيه من محبة التوحيد وبغض الشرك ؛ الذي حمله على التفاني في دعوة قومه ، ثمَّ الحوار معهم ، ثمَّ تكسير أصنامهم ، ثمَّ قرارهم لتحريقه ، ورميهم له في النار ، فجعلها الله عليه برداً ، وسلاماً ، ومع هذا كله فإنَّ الله عز وجل لمَّا بوأه مكان البيت أراه إياه ، وأمره ببنائه ؛ كان ذلك على شريطة نشر التوحيد ومحاربة الشرك : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألاَّ تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ) ثمَّ أعاد الوصية مرةً أخرى في هذا السياق مشدداً على الأخذ بها مرةً أخرى ، ومؤكداً ذلك فقال في الآية 30 من هذا السياق : (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلاَّ ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور $ حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنَّما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكانٍ سحيق ) تصويرٌ عجيب لمن وقع في الشرك كأنَّه سقط من أعلى شاهق من قمة جبل ؛ أو من فوق عمارةٍ طويلة من ناطحات السحاب ؛ أو من فوق طائرة في ارتفاع شاهق ؛ أو من السماء المعروفة ضد الأرض ؛ أي أنَّ من وقع في الشرك بالله كأنمَّا سقط من ذلك المكان العالي ، فتخطفه الطير ؛ أو تهوي به الريح في مكانٍ سحيق ؛ بعيد في الأعماق ، وفي هذا التصوير تنفيرٌ عن الشرك ، وتبشيعٌ لصورته ، وإظهارٌ له في هذه الصورة البشعة ؛ التي تشمئز منها النفوس ، ولقد كرر الله عز وجل في هذا المقطع الأمر بالتوحيد ، والتحذير من الشرك تارةً بالثناء على الموحدين ، وذكر صفاتهم ، وعواقبهم الحميدة ، فقال : (ولكل أمةٍ جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إلهٌ واحد فله أسلموا وبشر المخبتين $ الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهـم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) .
ثمَّ إنَّ الحج كله تذكيرٌ ، وتنويهٌ بتلك الأسرة الموحدة ؛ أسرة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ؛ إذ أمر الله عز وجل خليله أن يسكن من ذريته بعضاً ، فكان البعض هو إسماعيل وأمه هاجر ؛ أمره الله أن يسكنهما في ذلك المكان القفر ، والوادي الموحش ؛ الذي تحيط به الجبال من كل جانب ، وليس به إنسٌ ، ولا أنيس ، ولا فيه زرعٌ ، ولا ماء ؛ قال البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه باب رقم 9 رقم الحديث 3364 : (( حدثنا عبد الله بن محمد ؛ حدثنـا عبد الرزاق ؛ أخبرنا معمر ؛ عن أيوب السختياني ، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعـة يزيد أحدهما على الآخر ؛ عن سعيد بن جبير ؛ قال ابن عباس : أول ما اتخذ النساء المنْطَق من قبل أمِّ إسماعيل ؛ اتخذت منطقا ؛ لتعفي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم ، وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ؛ الذي ليس فيه إنس ، ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت له : آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لا يضيعنا ، ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ، ورفع يديه ، فقال :(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) حتى بلغ : ( يشكرون) وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت ، وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ؛ أو قال : يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر ؛ هل ترى أحدا ، فلم تر أحـداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي ؛ رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة ، فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات ؛ قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذلك سعي الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا ، فقالت : صه تريد نفسها ، ثم تسمعت ، فسمعت أيضا ، فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه ؛ أو قال بجناحه حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه ، وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها ؛ وهو يفور بعد ما تغرف ؛ قال ابن عباس ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ؛ لو تركت زمزم ؛ أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا قال فشربت ، وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لا تخافوا الضيعة ، فإنَّ ها هنا بيت الله ؛ يبني هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ؛ أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء ، فنـزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائراً عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جرياً ؛ أو جريين ، فإذا هم بالماء فرجعوا ، فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا ؛ قال : وأمُّ إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننـزل عندك ؟ فقالت : نعم ، ولكن لا حقَّ لكم في الماء ؛ قالوا : نعم ؛ قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أمَّ إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنـزلوا ، وأرسلوا إلى أهليهم فنـزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم ، وشبَّ الغلام ، وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم ، وماتت أمُّ إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته ، فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم ، وهيئتهم ، فقالت : نحن بشرٍّ ؛ نحن في ضيق ، وشدة ، فشكت إليه ؛ قال : فإذا جاء زوجك ، فاقرئي عليه السلام ، وقولي له : يغير عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل ؛ كأنه آنس شيئاً ، فقال : هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنَّا في جهدٍ ، وشدَّة ؛ قال : فهل أوصـاك بشيء ؟ قالت : نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول غير عتبة بابك ؛ قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك ، فطلقها ، وتزوج منهم أخرى ، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد ، فلم يجده ، فدخل على امرأته ، فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ؟ قال : كيف أنتم وسألها عن عيشهم ، وهيئتهم ؟ فقالت : نحن بخيرٍ ، وسعة ، وأثنت على الله ، فقال : ما طعـامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ولم يكن لهم يومئذٍ حبٌّ ، ولو كان لهم دعا لهـم فيـه قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه ؛ قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل ؛ قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعـم أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك ، فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟! فأخبرته : أنَّا بخير ؛ قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك ؛ قال : ذاك أبي ، وأنت العتبة ؛ أمرني أن أمسكك ، ثم لبث عنهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك ، وإسماعيل يبري نبلاً له تحت دوحة ؛ قريبا من زمزم ، فلمَّا رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد ، والولد بالوالد ، ثم قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر ؛ قال : فاصنع ما أمرك ربك ؛ قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك ؛ قال : فإنَّ الله أمرني أن أبني ها هنا بيتاً ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها ؛ قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجـر ، فوضعـه له ، فقام عليـه ؛ وهو يبنـي وإسماعيل يناوله الحجارة ؛ وهما يقولان : ) ربنا تقبل منَّا إنك أنت السميع العليم ( قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت ؛ وهما يقولان : ) ربنا تقبل منَّا إنك أنت السميع العليم ( .
ومن معالم التوحيد في الحج رمي الجمار حيث كان سبب ما ذكره الله عز وجل في سورة الصافات في قصة إبراهيم عليه والسلام حيث قال سبحانه وتعالى حاكياً عن إبراهيم أنَّه قـال : ) ربِّ هب لي من الصالحين فبشرناه بغلامٍ حليم $ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إنِّي أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى قال : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الله من الصابرين $ فلمَّا أسلما وتلَّه للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا إنَّا كذلك نجزي المحسنين $ إنًَّ هذا لهو البلاء المبين $وفديناه بذبحٍ عظيم $ وتركنا عليه في الآخرين $ سلامٌ على إبراهيم ( .
وخلاصة هذه القصة : أنَّ إبراهيم الخليل رأى في المنام أنَّه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل ، ولم يكن لإبراهيم يومئذٍ ابناً سواه ؛ لأنَّ ذلك كان قبل أن يبشَّر بإسحاق ، وكان قد دعا ربه أن يمنحه ويهب له من الصالحين ، فرزقه الله بإسماعيل من هاجر ، وبعد ولادته أمره أن يذهب به إلى جبال فاران ؛ وهي جبال كما سبق في القصة ليس بها ساكن ، ثمَّ أمره الله عز وجل أن يذبحه ، وقد جاء إلى ابنه إسماعيل يعرض عليه الأمر ؛ ليرى مدى تجاوبه ، فقال : ) يا بني إني أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى ( فكان جوابه : ) يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ( وعند ذلك استعدَّا للتنفيذ ، وتصوَّر أيها العاقل وقع الأمر على الأب ، وعلى الابن لولا أنَّهما رسولان ؛ لكان ما كان ؛ لعظم الفاجعة ، فصرعه في المكان الأول ، وأراد التنفيذ فقال له : الشيطان أتذبح ابنك على رؤيا ، فرماه بحجر ، فساخ ، وتحوَّل الأب بابنه إلى مكان آخر ، وأراد التنفيذ ، فناداه الشيطان مرةً أخرى ؛ أتذبح ابنك على رؤيا ، فرماه بحجرٍ فساخ ثمَّ انتق مرةً أخرى ، وعزم على التنفيذ ؛ فيقال أنَّه أمرَّ السكِّين على حلقه فلم يقطع ، فأتي بكبشٍ وقيل له : هذا فداء ابنك .
وتزعم اليهود أنَّ الذبيح هو إسحاق ، وذلك باطلٌ إنَّما هو من اختلاق اليهود ، وقد ردَّ عليهم بأمور :
أولاً : أنَّ الذي فدي بالذبحٍ مذكورٌ في هذا السياق بقوله : ( فبشرناه بغلامٍ حليم $ فلمَّا بلغ معه السعي قال يا بني إنِّي أرى في المنام إنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) إلى أن قال : ( وفديناه بذبحٍ عظيم $ وتركنا عليه في الآخرين $ سلامٌ على إبراهيم $ كذلك نجزي المحسنين $ إنَّه من عبادنا المؤمنين …. ) ثمَّ قال : ( وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين $ وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسنٌ وظالمٌ لنفسه مبين) وفي هذا أعظم بيان ، وأوضح دليلٍ على كذب من زعم أنَّ الذبيح هو إسحاق .
ومما ردَّ به على اليهود قوله في موضع ( فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) فكيف يبشر به ، وبابنٍ له من بعده ؛ وكلاهما نبي ، ثمَّ يؤمر بذبحه ؛ وهذا مستحيل .
ثالثاً : أنَّ الذبح كان بمكة ، وإسحاق بالشام ؛ وإنَّما أمر بذبح الولد الذي بمكة ؛ وهو إسماعيل الذي لايختلف اثنان أنَّه تركه هو وأمُّه بمكة ؛ وهو صغير ، وأخرج الله لهما زمزم .
والمهم أنَّ الحج كلُّه إحياءٌ لمآثر ذلك الرجل المؤمن الموحد ، وإبراهيم الخليل عليه السلام وأهل بيته إسماعيل ، وأمَّه عليهما السلام ، فالبيت بناه إبراهيم وابنه إسماعيل ، فأمر الله الناس بالحج إليه ، والتطوف به ، وزمزم بثقها الله لإسماعيل وأمَّه ، وأمر بالشرب منها ، والصفا والمروة هما الجبلان اللذان ترددت إليهما هاجر ؛ حتى جلاَّ الله كربتها بما بثقه الله لها ولابنها من المـاء فالأمر بالسعي ، ورمي الجمار تذكيرٌ بموقف إبراهيم عليه السلام حين عزم على ذبح ابنه عليهما الصلاة والسلام .
فكل الحج تذكيرٌ بإبراهيم عليه السلام وأهل بيته ، وتنويهٌ بهم ، وتذكيرٌ بمآثرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فمن طاف تذكَّر إبرهيم عليه السلام ؛ الذي كسَّر أصنام قومه ، ومن صلَّى عند المقام ، ونظر إلى الحجر ؛ الذي جعله الله آيةً ، فغاصت قدماه فيه ؛ وإذا سعى بين الصفا والمروة تذكَّر هاجر ، وثباتها ، وثقتها بربها ؛ وإذا شرب من زمزم تذكَّر إسماعيل عليه السلام الذي بثق له ماءها .
ومن معالم التوحيد في الحج التلبية التي يعقد بها الحاج والمعتمر نسكه ، وتكون هي ذكْرُه الذي يكرُّره ، ويتقرب إلى الله به ؛ لبيك اللهمَّ لبيك ؛ لبيك لاشريك لك لبيك ؛ فهذه التلبية تتضمن الاستجابة لله عز وجل ، والإنابة إليه ، والمسارعة إلى أمره بالفعل ، وإلى نهيه بالتـرك وإلى خبره بالتصديق . ومعنى لبيك : أي ألبي دعوتك ، وأستجيب لأمرك مرةً بعد مرة ؛ فعلاً للمأمور ، وتركاً للمحظور ، وخضوعاً لقدرك المقدور ، فلك الحمد على ذلك كله ، فأنت المستحق للحمد على ما لك من الكمالات ، وما تسديه من النِّعم ، وتصرفه من النقم ؛ لذلك فإنِّي ألبي دعوتك ، وأستجيب لأمرك مرةً بعد مرة ، وكرَّةً بعد كرة ؛ توحيداً لك ، وكفراً بالطواغيت والشركاء ، فكما أنَّك ليس لك شريكٌ في الملك ؛ فكذلك ليس لك شريكٌ في العبادة ؛ وحيث أنَّ التلبية هي لبُّ التوحيد وخلاصته ؛ لذلك فإنَّ الشيطان لمَّا أوقع عمرو بن لحي الذي كان ملِكاً على مكة وما حولها زمناً طويلاً ؛ حتى قيل أنَّه رأى العاشر من ولد ولده فوفد إلى ملوك الروم ، فرآهم يعبدون الأصنام ، فاستحسن عبادتها ، وأخذ له أصناما ، وكرَّ راجعاً فلمَّا قرب من مكة أراد أن يحرم بالعمرة ، ولبَّى قائلاً : لبيك اللهمَّ لبيك ؛ لبيك لاشريك لك لبيك ، فتمثل له الشيطان في صورة بشر ؛ وقال له : فيها زيادة ؛ قال : وماهي ؟ قال : إلاَّ شريكاً هو لك ؛ فكأنَّه اشمئز منها ، فقال : تملكه وما ملك ، فأدخل بهذه الكلمة الأخيرة ما قبلها من الشرك ؛ وهو قوله : إلاَّ شريكاً هو لك .
وهكذا الشيطان يموَّه على بني آدم ، ويخدعهم بشيءٍ من الحق ؛ ليدخل به الباطل ؛ وحيث أنَّ كلمة تملكه وما ملك ؛ كلمة حقٍّ ، فالله يملك المخلوقين ، وما ملكوا ؛ لكن أراد الشيطان بها استثناء الشريك مع الله عز وجل ، وبهذا أدخل هذا الرجل الشرك إلى بلاد العرب ، وغيَّر دين إبراهيم ؛ الذي كانوا عليه ؛ لذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديـث الكسـوف (( عرضت عليَّ النَّار ؛ فرأيت فيها عمرو بن لحي يجرُّ قصبه في النار )) أي أمعاءه ، والعياذ بالله .
وعلى هذا فيجب أن يحذر المسلم أن يلبي وهو واقعٌ في الشرك ؛ فيكون قد هدم توحيده بذلك الشرك الذي وقع فيه ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه .

حررها
أحمد بن يحيى بن محمد شبير النَّجمي
22 / 11 / 1443

المصدر




للرفع و الفائدة




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العبرة في شهر الصوم

العبرة في شهر الصوم

بقلم الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد حفظه الله
محاضرة ألقيت في مدرسة طيبة الثانوية ليلة الاثنين الموافق 16 شوال عام 1390 هـ

الدنيا دار ابتلاء وامتحان:

خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له، وقال في كتابه العزيز: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.. وجعل حياتهم الدنيوية موطناً لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}, ثم قال: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازى بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز, وذلك كقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ, وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ}.

موسم من مواسم الآخرة:

وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض فضل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}.. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه عباده المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل منبين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.

زيادة في الخير:

ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر). قال الحافظ المنذري: "رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وزاد وقال: "قلت: بكل يوم عشرة، قال: نعم"، ورواته رواة الصحيح". انتهى.
وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (كان كصيام الدهر) وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.

من خير إلى خير:

ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائماً بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَاب} نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطينأيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، إذا انتهت هذه الأيام جاءت أيام الحج الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وقال عنه صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، فلا يكاد المسلم يودع موسماً من مواسم الآخرة إلا استقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

العبرة من شهر الصوم:

وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء، والعياذ بالله.
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.

وسأحاول فذ هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:
العقوبة على السيئة السيئَة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك وشغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلا ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فلفائدة التي يكسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات؛ لأن الله تعبد عباده حتى الممات.. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذا أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور، وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الزمن الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار لا يظلم مثقال ذرة { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }.
ثانياً:
الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلا هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي) . وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول أنا صائم ولا يعلم ذلك إلا الله تبارك وتعالى ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاتهوحجه وغير ذلك مما أوجبه الله فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهاراً بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام.
ثالثاً:
إن مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقا بالمساجد كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً:
وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام فالصيام عن الحلال والحرام معاً قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم وذلك أن الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بهاأوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعاً عن استعمالها في معصية من تفضل عليه بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.

فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه وامتناعها عن ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

واللسان شرع استعماله في كل معروف ومنع استعماله في كل ما هو منكر وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم .

وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل طلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}, {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}, وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ, حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ, وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بنجبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان، وقال له معاذ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: (ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة). رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه, ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: (من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) . رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) . وقال صلى الله عليه وسلم: (المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والحاصل أن الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجله عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضا الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له؛ لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائماً خوفاً من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند
لقاء ربه فالصائم يفرح عند فطره لأن النفس عند الفطر تتعاطى ما منعت منه وهو محبوب لها ولأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.

ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمن عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظات في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: (وماذا أعددت لها؟) مبيناً أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية، وقد قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} وذلك أن كل سفر لا بد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

كلمة ختامية:

واختتم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول:

إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز فيه برضا الرب جل جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس ، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذا ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد صح عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)، إنه الفضل العظيم من الله صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثاً أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام، سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.
ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها فمن يعصي الله بعيداً عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم، وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان
وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد علي رضي الله عن الجميع، وفيها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من السماء إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي أبو الحسنين ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.

وأسال الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

احداث وقعت في رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كل عام وأنتم بخير بمناسبة قدوم الشهر الكريم تقبل الله منا ومنكم الثيام والقيام وأسأل الله أن يجعلنا فيه من المقبولين الفائزين .

إن شاء الله في موضوعنا سرد لأحداث وقعت في هذا الشهر الكريم على مدار التاريخ بداية من اليوم الأول إلى نهاية الشهر .

الأول من رمضان :
*****

أول رمضان صامه المسلمون:
يوم الأحد 1 رمضان 2هـ الموافق 26 فبراير 624م هو أول رمضان صامه المسلمون، وقيل: إنَّ فرضَ صيام رمضان كان يوم الإثنين 1 شعبان 2هـ.

نزول صحف إبراهيم:
نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان

دخول الفتح الإسلامي مصر:
في الأول من رمضان عام 20هـ الموافق 13 أغسطس 641م، وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل الفتح الإسلامي مصر على يد القائد البطل عمرو بن العاص رضي الله عنه وأصبحت مصر بلدًا إسلامية.

حصار حصن بابليون:
في الأول من شهر رمضان عام 20هـ الموافق 13 أغسطس 641م، حاصر عمرو بن العاص حصن بابليون بعد أن اكتسح في طريقه جنودَ الروم.

بدء فتح الأندلس:
في 1 رمضان 91هـ الموافق 710م نزل المسلمون بقيادة طريف بن مالك البربري إلى الشاطئ الجنوبي لبلاد الأندلس وغزوا بعض الثغور الجنوبية، وبدأ فتح الأندلس، وكان موسى بن نُصير قد بعث طريف بن مالك لاكتشاف الطريق لغزو الأندلس.

عدوان صهيوني غاشم وارتفاع شهداء:
في 1 من رمضان 1443هـالموافق 15 من أكتوبر 2022م: استشهاد 110 فلسطينيين بينهم 30 طفلًا وإصابة ما يزيد عن 400 فلسطيني نصفهم من الأطفال خلال عملية اجتياح واسعة لشمال قطاع غزة استمرت 17 يومًا، وسمَّتها إسرائيل “أيام الندم”.

مولد “شكيب أرسلان”:
في 1 من رمضان 1286 هـ الموافق 25 من ديسمبر 1869م: وُلِد “شكيب أرسلان” أمير البيان، أحد دعاة الوحدة العربية، وأول مَن دعا إلى إنشاء جامعة عربية، وهو من أبرز راود الإصلاح وزعماء التحرر الوطني ضد الاستعمار، وصاحب أكبر عددٍ من المقالات والرسائل والأحاديث، ومؤلف “الحلل السندسية” و”تاريخ غزوات العرب”.
والسلام عليكم


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


بارك الله فيك
وجزاك الفردوس
بإنتظار قادمك
تحياتي


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


بارك الله فيك
وجزاك الفردوس


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


بارك الله فيك وجزاك كل خير


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


شكراااااااااا بارك الله فيك

مشكوووووووور


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


شكراااااااااا بارك الله فيك


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946  


مشكورورين على الموضوع بعض الحكم من الصيام
الحكمة الأولى:
أن نشعر بافتقارنا إلى الله، مُنعَ منا الطعام والشراب، وهما مباحان خارج الصيام، فأنت حينما تجوع، وحينما يصيبك العطش تعرف أنك عبد لله، وأنك مفتقر إلى شربة ماء، وكلما أدركت افتقارك إلى الله كلما ارتقيت عند الله.

وما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقاري إليك فقري أدفع
وما لي سوى قرع لبابك حـيلة فـإذا رددت فأي باب أقرع
الحكمة الثانية:
يقنعنا الصيام أننا مخلصون لله، لأنه ما من قانون على وجه الأرض يحاسبك لو أكلت في نهار رمضان، هذا الأمر اختص به الدين، أما القوانين فلا تحاسبك على إفطار رمضان، فقد تدخل بيتك، وأنت في أشد حالات العطش والثلاجة فيها الماء البارد، والبيت فارغ، ليس أحد يراقبك، ولا تستطيع أن تضع في فمك قطرة ماء، إذاً:

(( كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ))

[ متفق عليه ]
الصوم عبادة الإخلاص.
الحكمة الثالثة:
شيء آخر، الصوم يقوي الإرادة، فأنت في رمضان ممتنع عن المباح، فلأن تدع الحرام من باب أولى.
يختل توازنك حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتكذب !
يختل توازن حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتملأ عينيك من محاسن امرأة لا تحل لك !
يختل توازنك حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتحلف يميناً كاذبة في البيع والشراء !
فلذلك منعك الله عن المباح، فلأن أن تمتنع عن المحرمات من باب أولى، وكأن الله أراد أن يقوي إرادتك وعزيمتك في هذا الشهر الكريم.
الحكمة الرابعة:
شيء آخر، الله عز وجل أرادنا أن نعيش واقع الفقراء، الواقع إما أن تعيشه، وإما أن تدركه بعقلك، فرق كبير بين إدراك الحقيقة وبين أن تعيشها، فلو أن لك صديقاً نشب بينه وبين زوجته خلاف، وانصرفت إلى بيت أهلها، أنت عندك فكرة أن صديقك زوجته ابتعدت عنه، لكن أنت عندك زوجتك في البيت، والطعام جاهز، والأولاد وضعهم جيد، طعامهم جيد، ثيابهم مغسولة، الحاجات مقضية، البيت نظيف، أنت لا تعيش واقع الحرمان من الزوجة، ولكنك تدرك أن فلاناً زوجته تركته، فالواقع شيء والمعاينة شيء آخر، لذلك قالوا:

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
***
فالله سبحانه وتعالى في رمضان أرادنا أن نعاني مشكلة الفقير، نحن في الإفطار نأكل ونشرب، لا نشعر بقيمة الماء البارد، ولا بقيمة الطعام الساخن، نأكل ونشرب، لكن هذا الفقير لا تجد عنده ما يأكله.
والله حدثني صديق دخل على إحدى قريباته، أقسم بالله فتح الثلاجة ليس فيها شيء، وليس عندهم كسرة خبز يأكلونها، فأنت حينما تجوع يجب أن تتذكر أن هناك من لا يجدون ما يأكلون.
مرة وقفت امرأة عند بائع دجاج، طلبت له أرجل الدجاج، هذه تعطى للكلاب من شدة الفقر تشتري هذه الأرجل، وتطبخها، صار مع المرق طعم لحم فقط.
ومشكـــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــوري ن
تقبل الله صيامنا وقيامنا وصلاتنا
صح صيـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــامكم


الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر    الاســـم:	04.jpg‏  المشاهدات:	18  الحجـــم:	34.1 كيلوبايت  الرقم:	2946