التصنيفات
اسلاميات عامة

لحظات الأسحار للشيخ الفوزان حفظه الله

لحظات الأسحار

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ينـزل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) [1] .
الحديث دليل على فضل الدعاء والسؤال والاستغفار آخر الليل وقد أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين الذين يدخلون الجنة خالدين فيها فذكر من صفاتهم الاستغفار وقت الأسحار. قال تعالى: ((الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ )) (آل عمران:17).
وقال تعالى: ((وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)) ( الذاريات : 18) .
فعلم من ذلك أنه وقت شريف. وفي الحديث دليل على أن الدعاء في ذلك الوقت مجاب إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع ؛ لأن الله تعالى وعد بالاستجابة لمن دعاه، وإعطاء من سأله. والمغفرة لمن طلب مغفرته.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله : (( أيّ الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات)) [2] .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : (إن جوف الليل إذا أطلق فالمراد به وسطه . وإن قيل جوف الليل الآخر فالمراد به : وسط النصف الثاني. وهو السدس الخامس من أسداس الليل، وهو الوقت الذي فيه النـزول الإلهي) [3].
وهذا الوقت من الأوقات التي ينبغي للعبد – ولا سيما في رمضان – أن يغتنمه ولا يرخصه بالغفلة والنوم، والكسل. فإنه وقت النـزول الإلهي الذي يليق بجلال الله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل. قال القحطاني رحمه الله في نونيته:
والله ينـزل كلّ آخر ليلة *** لسمائه الدنيـا بـلا كتمان
فيقول هل من سائل فأجيبه *** فأنا القريب أجيب من ناداني
حاشا الإله بأن تكيّف ذاته *** فالكيـف والتمثيـل منتفيان
قال ابن بطال : (هذا وقت شريف مرغّب فيه، خصّه الله بالتنـزل فيه. وتفضل على عباده بإجابة دعائهم. وإعطاء سؤالهم ، وغفران ذنوبهم، إذ هو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له . ومفارقة اللذة والدعة صعب على العباد، لا سيما لأهل الرفاهية في زمن البرد ولأهل التعب والنّصب في زمن قصر الليل، فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه في غفران ذنوبه ، وفكاك رقبته من النار، وسأله التوبة في هذا الوقت الشاق على خلوة نفسه بلذتها ومفارقة دعتها وسكنها فذلك دليل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه … فلذلك نبه الله عباده على الدعاء في هذا الوقت الذي تخلو فيه النفس من خواطر الدنيا وعلقها ليستشعر العبد الجدّ والإخلاص لربه ، فتقع الإجابة منه تعالى رفقاً من الله بخلقه ورحمة لهم، فله الحمد دائماً، والشكر كثيراً على ما ألهم إليه عباده من مصالحهم، ودعاهم إليه من منافعهم، لا إله إلا هو الكريم الوهاب [4] .
وفي هذه الليالي المباركة يجتمع للمؤمن في الليل ساعة الإجابة، والنـزول الإلهي، والسجود ، وشرف الزمان وهو رمضان ، وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يواظبون على قيام الليل ولا سيما في شهر رمضان. تأسياً بنبيهم صلى الله عليه وسلم .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه وذلك كّل ليلة)) [5].
وإذا كان الإنسان يقوم آخر الليل لأكلة السحور. فليتقدم قبل ذلك بوقت كافٍ للذكر والدعاء وتلاوة القرآن والصلاة ، وأن يكون حاضر القلب، محتسباً لله تعالى في قيامه. وأن يحرص على الإخلاص والخشوع في صلاته. فعسى أن يكون له نصيب من قوله صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)) [6].
اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل. ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل .

ونسألك الهدى والتقى والعفاف ، والغنى، ومن العمل ما ترضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ,,,

[1] البخاري (3/29)، ومسلم (758).

[2] أخرجه الترمذي (3499) ، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) رقم (108) ، وهو حديث حسن. بشواهده.

[3] جامع العلوم والحكم، شرح الحديث "التاسع والعشرين" من الأربعين النووية.

[4] شرح البخاري لابن بطال (10/89، 90) .

[5] أخرجه مسلم (757) .

[6] أخرجه الترمذي (7/187)، وقال: هذا حديث صحيح، وأخرجه ابن ماجة رقم (3251).




التصنيفات
اسلاميات عامة

الحق أحق أن يُتبع

الحق أحق أن يُتبع

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، اما بعد:
فقد أرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واوجب على عباده اتباع الحق متى ما ظهر لهم، قال تعالى {إنما كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (51) [النور]، وبهذا رفع الله قدر الصحابة رضي الله عنهم اجمعين.


ولا يمنعن أحد اتباع الحق من أي مصدر كان، سواء من قريب أو بعيد أو عدو أو حبيب لأن المقصود اتباع الحق لذاته لا لقائله او مصدره.


(صدقك وهو كذوب)

أخي القارئ ارشدك الله لهداه لا يخفى على مسلم عداوة الشيطان له لكن لو صدر منه الحق وجب اتباعه ولا يمنعنا اتباع الحق لكون الذي قاله شيطان أو عدو واليك هذه القصة العجيبة النافعة المفيدة.


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج، وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: »يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة«، قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله، قال: »أما إنه قد كذبك، وسيعود«، فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: »يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك«، قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة، وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله، قال: »أما إنه قد كذبك وسيعود«، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات، أنك تزعم لا تعود، ثم تعود قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: »ما فعل أسيرك البارحة«، قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: »ما هي«، قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح – وكانوا أحرص شيء على الخير – فقال النبي صلى الله عليه وسلم: »أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة«، قال: لا، قال: »ذاك شيطان«) [رواه البخاري (2311)].
(قولوا ما شاء الله وحده)

أخي القارئ الكريم ما أجمل المثل الذي ضربه النبي لأمته حين قبل الحق الذي قاله اليهود والنصارى وما منعه ان يقبله منهم مع أنهم كفار فعن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله قالوا: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته قال: (هل أخبرت بها أحدا؟) قلت: نعم قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد فإن طفيل رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله وحده) [رواه ابن ماجه (2118) والبيهقي في الاسماء والصفات (292)].
الله اكبر قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) [الأحزاب]}، لقد استجاب رسول الله صلى الله للحق ولم يمنعه كونه صدر من اليهود والنصارى.



(الصوارف عن اتباع الحق)

أعلم أخي القارئ وفقك الله لهداه ان الصوارف عن الحق كثيرة منها الكبر الذي هو بطر الحق أي رده ومنها اتباع الهوى ومنها الجهل ومنها التأويل الباطل ومنها التعصب وما أدراك ما التعصب سواء تعصب مذهبي أو حزبي أو فئوي أو قبلي ومنها اتباع الآباء والأسلاف وغير ذلك من الصوارف والموانع لقبول الحق اتباعه.


لذا ينبغي للمسلم أن يلاحظ نفسه إن كان عنده شيء من هذه الصوارف حتى يحذرها إذ الحق أحق أن يتبع وليحذر المبالغة في احسان الظن بالنفس فقد تحسبها خالية ومتجردة من تلك الصوارف وإلا هي غارقة فيها أو تكاد لذا يجزم العاقل فضلا عن المنصف بأن هذه الصوارف في نفوس الناس جميعها أو بعضها بل لا تكاد تخلو منها نفس لكن بنسب متفاوتة بين مقل ومكثر لذا أوصي نفسي المقصرة أولا ثم وأوصي غيري ثانيا أن نتقي الله ونتبع الحق إذا ظهر لنا ولو صدر من كائن من كان.


اسأل الله أن يوفقني وكل مسلم إلى العلم النافع والعمل النافع والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.


للشيخ سالم الطويل حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

شكرا لاخ ابو سليمان على الموضوع

وبارك الله فيك وجزاك خيرا




جزاكم الله خيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

احذر السقوط لابن القيم رحمه الله

احذر السقوط
للإمام ابن قيّم الجوزية
رحمه الله

كلما عمل العبد معصية نزل إلى أسفل درجة، ولا يزال في نزول حتى يكون من الأسفلين، وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.

وقد يجتمع للعبد في أيام حياته الصعود من وجه، والنزول من وجه، وأيهما كان أغلب عليه كان من أهله، فليس من صعد مائة درجة ونزل درجة واحدة، كمن كان بالعكس.

ولكن يعرض هاهنا للنفوس غلط عظيم، وهو أن العبد قد ينزل نزولا بعيدا أبعد مما بين المشرق والمغرب، ومما بين السماء والأرض، فلا يفي صعوده ألف درجة بهذا النزول الواحد، كما في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة الواحدة ، لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أَبْعَدَ مما بين المشرق والمغرب».

فأي صعود يوازن هذه النزلة ؟ والنزول أمر لازم للإنسان، ولكن من الناس من يكون نزوله إلى غفلة، فهذا متى استيقظ من غفلته عاد إلى درجته، أو إلى أرفع منها بحسب يقظته.

ومنهم من يكون نزوله إلى مباح لا ينوي به الاستعانة على الطاعة، فهذا متى رجع إلى الطاعة فقد يعود إلى درجته، وقد لا يصل إليها ، وقد يرتفع عنها، فإنه قد يعود أعلى همة مما كان، وقد يكون أضعف همة ، وقد تعود همته كما كانت.

ومنهم من يكون نزوله إلى معصية، إما صغيرة أو كبيرة، فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح، وإنابة صادقة.

واختلف الناس هل يعود بعد التوبة إلى درجته التي كان فيها، بناء على أن التوبة تمحو أثر الذنب، وتجعل وجوده كعدمه فكأنه لم يكن، أو لا يعود، بناء على أن التوبة تأثيرها في إسقاط العقوبة، وأما الدرجة التي فاتته فإنه لا يصل إليها.

قالوا : ومثل ذلك رجلان يرتقيان في سلمين لا نهاية لهما، وهما سواء، فنزل أحدهما إلى أسفل، ولو درجة واحدة، ثم استأنف الصعود، فإن الذي لم ينزل يعلو عليه ولا بد.

وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الطائفتين حكما مقبولا فقال:

التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته، ومنهم من يعود إلى مثل درجته، ومنهم من لا يصل إلى درجته.

قلت : وهذا بحسب قوة التوبة وكمالها، وما أحدثته المعصية للعبد من الذل والخضوع والإنابة، والحذر والخوف من الله، والبكاء من خشية الله، فقد تقوى هذه الأمور، حتى يعود التائب إلى أرفع من درجته، ويصير بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة، فهذا قد تكون الخطيئة في حقه رحمة، فإنها نفت عنه داء العجب، وخلصته من ثقته بنفسه وإدلاله بأعماله، ووضعت خد ضراعته وذله وانكساره على عتبة باب سيده ومولاه، وعرفته قدره، وأشهدته فقره وضرورته إلى حفظ مولاه له، وإلى عفوه عنه ومغفرته له، وأخرجت من قلبه صولة الطاعة، وكسرت أنفه من أن يشمخ بها أو يتكبر بها، أو يرى نفسه بها خيرا من غيره، وأوقفته بين يدي ربه موقف الخطائين المذنبين، ناكس الرأس بين يدي ربه، مستحيا خائفا منه وجلا، محتقرا لطاعته مستعظما لمعصيته، عرف نفسه بالنقص والذم. وربه متفرد بالكمال والحمد والوفاء كما قيل:

استأثر الله بالوفاء وبالحمد … وولى الملامة الرجلا

فأي نعمة وصلت من الله إليه استكثرها على نفسه ورأى نفسه دونها ولم يرها أهلا، وأي نقمة أو بلية وصلت إليه رأى نفسه أهلا لما هو أكبر منها، ورأى مولاه قد أحسن إليه، إذ لم يعاقبه على قدر جرمه ولا شطره، ولا أدنى جزء منه.

فإن ما يستحقه من العقوبة لا تحمله الجبال الراسيات، فضلا عن هذا العبد الضعيف العاجز، فإن الذنب وإن صغر، فإن مقابلة العظيم الذي لا شيء أعظم منه، الكبير الذي لا شيء أكبر منه، الجليل الذي لا أجل منه ولا أجمل، المنعم بجميع أصناف النعم دقيقها وجلها – من أقبح الأمور وأفظعها وأشنعها، فإن مقابلة العظماء والأجلاء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه كل أحد مؤمن وكافر. وأرذل الناس وأسقطهم مروءة من قابلهم بالرذائل، فكيف بعظيم السماوات والأرض، وملك السماوات والأرض، وإله أهل السماوات والأرض؟ ولولا أن رحمته سبقت غضبه، ومغفرته سبقت عقوبته، وإلا لتدكدكت الأرض بمن قابله بما لا يليق مقابلته به، ولولا حلمه ومغفرته لزلزلت السماوات والأرض من معاصي العباد، قال تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [ سورة فاطر:41].

فتأمل ختم هذه الآية باسمين من أسمائه ، وهما : " الحليم ، والغفور " كيف تجد تحت ذلك أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لما استقرت السماوات والأرض ؟

وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه : ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾ [سورة مريم: 90].

وقد أخرج الله سبحانه الأبوين من الجنة بذنب واحد ارتكباه وخالفا فيه نهيه، ولعن إبليس وطرده وأخرجه من ملكوت السماوات والأرض بذنب واحد ارتكبه وخالف فيه أمره، ونحن معاشر الحمقى كما قيل :

نصل الذنوب إلى الذنوب ونرتجي … درج الجنان لذي النعيم الخالد

ولقد علمنا أخـرج الأبوين من … ملكوتـه الأعلى بذنب واحد

والمقصود أن العبد قد يكون بعد التوبة خيراً مما كان قبل الخطيئة وأرفع درجة، وقد تضعف الخطيئة همته وتوهن عزمه، وتمرض قلبه، فلا يقوى دواء التوبة على إعادته إلى الصحة الأولى، فلا يعود إلى درجته، وقد يزول المرض بحيث تعود الصحة كما كانت ويعود إلى مثل عمله، فيعود إلى درجته.

هذا كله إذا كان نزوله إلى معصية، فإن كان نزوله إلى أمر يقدح في أصل إيمانه، مثل الشكوك والريب والنفاق، فذاك نزول لا يرجى لصاحبه صعود إلا بتجديد إسلامه.

من كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي




التصنيفات
اسلاميات عامة

50 مخالفة تقع فيها النساء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ، وبعد..

شرع الله الشرائع وحد الحدود لما فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وفي التزام حدود الله وعدم تعديها الفضيلة والطهر والعفاف وسمو النفس الإنسانية والترفع عن الرذائل وتجنب الشرور والفساد والأثام، والله تعالى يقول: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [الأحزاب:33].

وفي هذه الرسالة: صور من المخالفات التي ظهرت بين النساء، ولعظم شأن المرأة في المجتمع المسلم وحرصا على سلامة الأخت المسلمة من الوقوع فيها أحببنا أن ننبه عليها لتحذرها وتقلع عنها وتتوب إلى الله إذا كانت واقعة في شيء منها، ثم تحذر أخواتها،وتنكر على من تأتي شيئا منها.

والله نسأل أن يصلح نيتنا وأعمالنا.

مخالفات العقيدة

1- الذهاب إلى السحرة والمشعوذين والكهنة، لمرض أو عين أو فك سحر أو عمل: والرسول حذر من إتيانهم فقال صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً » [السنن الأربع]، بل إن تصديقهم كفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد » [مسلم].

2- زيارة المقابر وشد الرحال لها وخاصة قبر الرسول ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « لعن الله زورات القبور » [مسند أحمد].

3- النياحة وضرب الوجوه وشق الجيوب على الأموات، قال صلى الله عليه وسلم : « ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية » [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم : « النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب » [مسلم].

4- إلحاح بعض النساء على الأزواج لاستقدام خادمة أو مربية غير مسلمة، بل قد يشترطن ذلك عند عقد النكاح، ثم يلقين إليهن مهمة تربية الأطفال، وفي ذلك من العواقب الوخيمة على عقيدة وأخلاق الأطفال ما لا يخفى على ذي عقل.

5- جزع بعض النساء لضر نزل بهن والدعاء على أنفسهن بالموت، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنياً، فليقل: الهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي » [متفق عليه].

مخالفات أركان الإسلام

6- تأخر الصلوات عن أوقاتها، خصوصا عند الخروج والسهر والتأخر في النوم، لما يصحب ذلك من تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثماني، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وأن أتينا على رجل مضطجع ورجل قائم على رأسه بيده صخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قالا لي: أما أنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة » [البخاري].

7- عدم الاهتمام بإخراج زكاة المال والحلي التي تملكها المرأة وحال عليها الحول وقد بلغت النصاب، والله تعالى يقول: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } [التوبة:35،34].

8- إهمال بعض النساء للزوج والأولاد – بنين وبنات – فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض، وعدم النصح لهم والإنكار عليهم، كإهمال الزوج والبنين لأداء الفرائض في المسجد، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات.

9- تخصيص لون معين للإحرام للحج أو العمرة كالأخضر وغيره، وكذلك لبس النقاب والقفازين أثناء الإحرام، قال صلى الله عليه وسلم : « لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين » [البخاري].

مخالفات اللباس والحجاب

10- عدم الالتزام بالحجاب الشرعي الساتر عند الخروج من البيت، ككشف الوجه أو تغطيته بغطاء شفاف، ولبس الملابس الضيقة والقصيرة والمفتوحة، ولبس النقاب والبرقع الذي يظهر منه الحاجب والعينان وبعض الخدين ويظهر زينتها.

11- متابعة الموضة في اللباس والتسريحات وأدوات التجميل، والاهتمامات النسائية، وفي هذا فقدان لهوية المرأة المسلمة وضعف لشخصيتها.

مخالفات البيوت والعشرة بين الزوجين

12- استعمال آنية الذهب والفضة، والأكل والشرب فيهما، وقد نهى الرسول عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : « لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنهما لهم في الدنيا ولكم في الآخرة » [متفق عليه]. وذلك لما فيها من الفخر والإسراف وكسر قلوب الفقراء.

13- وضع الصور المجسمة وغير المجسمة على الأرفف والجدران.

14- الاعتراض على تعدد الزوجات ومحاربته، والله تعالى يقول: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب:36].

15- عدم طاعة الزوج والرد عليه بقوة ورفع الصوت في وجه وجحد جميله ومعروفه والشكاية منه دائما بسبب أو بدون سبب، عن عمة حصين بن محصن قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: { أي هذه ! أذات بعل؟ } قلت: نعم،قال: { كيف أنت له؟ } قالت: ما آلوه، إلا ما عجزت عنه، قال: { أين أنت منه؟فإنما هو جنتك ونارك } [النسائي]. وقال صلى الله عليه وسلم : « لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها » [الترمذي وأحمد].

16- تحديد النسل وتقليل الإنجاب لغير ضرورة، مما يؤدي إلى نقص الأمة الإسلامية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم » [أبو داود والنسائي].

17- عدم الاهتمام بتربية الأولاد تربية إسلامية سليمة من الشوائب، كأعياد الميلاد، والملابس التي عليها الصور أو الصلبان، وتعليم الأطفال الموسيقى، وفي الجانب الآخر عدم الحث على الصلوات في المساجد وحفظ القرآن وربط هممهم بنصرة الإسلام. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « … والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها » .

18- إهمال بعض النساء لإدارة شؤون المنزل من نظافة وغسيل وطهي، وإهمال حقوق الزوج من التجمل والتزين والتهيؤ له.

19- طلب الطلاق من الزوج من غير بأس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة » [أبو داود وابن ماجة].

20- تكليف الزوج شراء ما لا يطيق من كماليات وملابس وهدايا لا تلزم.

21- نشر ما يدور بين الزوجين من أحاديث وخلافات وأسرار، خصوصا المتعلقة بالمعاشرة.

22- صيام التطوع دون إذن الزوج، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، أو أن تأذن في بيته إلا بإذنه » [البخاري].

مخالفات الأفراح

23- العزوف عن الزواج للدراسة وغيرها حتى تتأخر ثم تجد نفسها وحيدة لا تجد من يرغب في الزواج منها لكبر سنها.

24- التساهل في اختيار الزوج بغير اعتبار للدين أو الخلق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض » [الترمذي].

25- المغالاة في المهور، وفي الحديث: « خير الصداق أيسره » [الحاكم]، وأكثر النكاح بركة أيسره مؤونة.

26- الوقوع في البدع المستحدثة في هذا العصر، كإلزام الزوج بما يسمى الشبكة، أو لبس الدبلة المنقوش عليها اسم الزوج، وكذلك تقليد الكفرة فيما يسمى بالتشريعة وهي الثياب البيضاء الطويلة والقفازات، والجوارب البيضاء.

27- ذهاب المرأة للكوفيرات لتزيل شعر جسمها حتى وصل الحال إلى كشف أماكم من الجسم لا يحل لأحد أن ينظر لها سوى الزوج.

28- الإصرار على إقامة حفلات الزواج في القصور والفنادق وإنفاق الأموال الكثيرة إلى درجة الإسراف، وإحضار المطربين والمطربات ورفع الصوت بالغناء والموسيقى والصيحات.

29- وضع منصة للعروسين (الكوشة أو المنصة) وظهور الزوج والزوجة أمام غير المحارم من الأقارب رجل ونساء وتهنئتهما بالمصافحة وما يكون من الرقص والتصوير الفوتوغرافي أو بكاميرات الفيديو.

مخالفات الخروج والسفر والاختلاط

30- وضع الطيب أو العطر أو البخور الذي يشمه الرجال عند خروجها،والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية » [أبو داود والنسائي].

31- ركوب المرأة مع السائق الأجنبي (غير المحرم) والخلوة معه وعدم التحجب عنه وكأنه من محارمها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: « لا يخلونّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم » [متفق عليه].

32- كثرة الخروج من البيت والذهاب إلى الأسواق، والله تعال يقول: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب:33].

33- الاختلاط بالرجال الأجانب من أقارب المرأة أو أقارب الزوج أو غيرهم، والتساهل بالمزاح معهم ومصافحتهم، وإظهار الزينة أمامهم، وعدم التستر عندهم قال صلى الله عليه وسلم : « إياكم والدخول على النساء » ، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم : « الحمو الموت » [متفق عليه].

34- تساهل بعض النساء فالعلاج عند الأطباء وكشف ما لا يجوز بغير ضرورة قصوى لذلك.

35- سفر المرأة بدون محرم سواء بالسيارة أو الطائرة أو غيرهما، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم » [متفق عليه].

36- خروج بعض النساء للعمل الذي يفضي إلى محرم كإهمال الزوج والأبناء أو ترك الفرائض أو الاختلاط أو إهمال الخادمة.

مخالفات عامة

37- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتنا صح في الأوساط النسائية، والله تعالى يقول: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:71].

38- عقوق الوالدين برفع الصوت عليهما أو نهرهما وعدم طاعتهما، والله تعالى يقول: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما .

39- انتشار آفات اللسان من غيبة ونميمة وغيرهما.

40- إهمال غض البصر، وكأن الله أمر به الرجل دون النساء، وقد قال تعالى : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } [النور:31]، وإطلاق العنان للنظر للأجانب وخصوصا على شاشات التلفاز وغيرها مما يسبب الفتنة.

41- أن تنظر المرأة إلى المرأة فتصفها لأحد محارمها بغير غرض شرعي كالنكاح، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها » [متفق عليه].

42- فعل بعض المحرمات التي تؤدي إلى اللعن من الله، قال صلى الله عليه وسلم : « لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله » [متفق عليه]، وقال : « لعن الله الواصلة والمستوصلة » .

43- الخضوع بالقول، ولين الكلام مع الرجال الأجانب، وهذا حرام ويكثر هذا عند الكلام بالهاتف مما يؤدي إلى المعاكسات ووقوع الساذجات فريسة سهلة للذئاب البشرية.

44- غرور وكبر بعض النساء لحسن منظرهن أو لارتدائهن للملابس أو الحلي غالية الثمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر » [مسلم].

45- عدم التزود من الطاعات فبعض النساء هداهن الله لا يعرفن القرآن إلا في رمضان وبعضهن لا يعرفن صلاة الوتر وصلاة الضحى ولا يحافظن على السنن الرواتب.

46- بعض النساء هداهن الله قد يقمن بصبغ شعرهن بالسواد وتغيير الشيب به بدلا من الحناء والكتم، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « يكون في آخر الزمان قوم يخضيون بالسواد، كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة » [أبو داود والنسائي].

47- مخالفة سنة من سنن الفطرة وهي تقليم الأظافر فتجد إحداهن تطيل أظافرها ثم تضع عليها صبغا يعرف باسم (المناكير) وهذا الصبغ يمنع وصول الماء إلى الأظافر ثم تأتي من وضعته لتتوضأ وتصلي فتبطل صلاتها لأن وضوءها غير صحيح حيث إن الماء لم يصل إلى الأظافر، فإن كان لابد من وضعه فيجب على المرأة أن تزيله قبل الوضوء.

48- اتخاذ المرأة صديقات سوء يحثونا على التساهل في حقوق الله عليها والتفريط في المحافظة على شرفها وكرامتها وإيقاعها فيما لا تحمد عقباه..

49- تجاوز مدة الحداد على الميت أكثر من ثلاث ليال ما لم يكن المتوفى هو زوجها، قال صلى الله عليه وسلم : « لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا » [متفق عليه].

50- عدم التقيد بشروط الحداد وتجنب لبس الزينة والحلي والخضاب والكحل والطيب ونحو ذلك وأن لا تخرج من بيتها إلا لضرورة، ولا يشترط عليها لبس السواد فإن ذلك لا أصل له وهو أمر باطل ومذموم .

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله




بارك الله فيك




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




وفيكم بارك الله




تعليمية




الف شكر لك اخي الكريم على الجلب القيم والمميز
واتمنى ان تطلع عليها جميع النساء
تحياتي




التصنيفات
اسلاميات عامة

الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة


الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، أرسله إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة إلى سبيله، وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه، وأعلى كلمته ولو كره المشركون، وسلم تسليماً كثيرًا أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الجن والإنس ليُعبد وحده لا شريك له، وليُعظم أمره ونهيه وليعرف بأسمائه وصفاته، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[1] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[2]، وقال عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[3].
فبين سبحانه أنه خلق الخلق ليُعبد، ويُعظم، ويطاع أمره ونهيه. لأن العبادة هي توحيده وطاعته مع تعظيم أوامره ونواهيه، وبين عز وجل أيضاً أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما. ليعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه قد أحاط بكل شيء علماً.
فعلم بذلك أن من الحكمة في إيجاد الخليقة: أن يعرف الله سبحانه بأسمائه وصفاته، وأنه على كل شيء قدير، وأنه العالم بكل شيء جل وعلا، كما أن من الحكمة في خلقهم وإيجادهم أن يعبدوه ويعظموه ويقدسوه ويخضعوا لعظمته؛ لأن العبادة هي الخضوع لله جل وعلا والتذلل له، وسميت الوظائف التي أمر الله بها المكلفين -من أوامر وترك نواهٍ- عبادة؛ لأنها تؤدى بالخضوع والتذلل لله عز وجل.
ثم لما كانت العبادة لا يمكن أن تستقل بتفاصيلها العقول، كما أنه لا يمكن أن تعرف بها الأحكام من الأوامر والنواهي على التفصيل، أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل، وأنزل الكتب لبيان الأمر الذي خلق الله من أجله الخلق، ولإيضاحه وتفصيله للناس حتى يعبدوا الله على بصيرة، وحتى ينتهوا عما نهاهم عنه على بصيرة، فالرسل عليهم الصلاة والسلام هم هداة الخلق، وهم أئمة الهدى، ودعاة الثقلين جميعا إلى طاعة الله وعبادته، فالله سبحانه أكرم العباد بهم، ورحمهم بإرسالهم إليهم، وأوضح على أيديهم الطريق السوي، والصراط المستقيم، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم، وحتى لا يقولوا ما ندري ما أراده الله منا، ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقطع الله المعذرة، وأقام الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[4]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[5].
وقال عز وجل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[6] الآية، وقال سبحانه: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[7] الآية، فبين سبحانه أنه أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ ليحكم بين الناس بالحق والقسط، وليوضح للناس ما اختلفوا فيه من الشرائع والعقائد، من توحيد الله وشريعته عز وجل، فإن قوله سبحانه وتعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على الحق، لم يختلفوا من عهد آدم عليه الصلاة والسلام إلى نوح وكان الناس على الهدى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وجماعة من السلف والخلف، ثم وقع الشرك في قوم نوح، فاختلفوا فيما بينهم، واختلفوا فيما يجب عليهم من حق الله، فلما وقع الشرك والاختلاف أرسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام، وبعده الرسل، كما قال عز وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [8]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[9]. فالله أنزل الكتاب ليبين حكم الله فيما اختلف فيه الناس، وليبين شرعه فيما جهله الناس، وليأمر الناس بالتزام شرع الله والوقوف عند حدوده، وينهى الناس عما يضرهم في العاجل والآجل، وقد ختم الرسل جل وعلا بأفضلهم وإمامهم، وبسيدهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه وعليهم من ربهم أفضل الصلاة والتسليم، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، ودعا إلى الله سرا وجهرا، وأوذي في الله أشد الأذى، ولكنه صبر على ذلك، كما صبر من قبله من الرسل عليهم الصلاة والسلام، صبر كما صبروا، وبلغ كما بلغوا، ولكنه أوذي أكثر، وصبر أكثر، وقام بأعباء الرسالة أكمل قيام، عليه وعليهم الصلاة والسلام، مكث ثلاثاً وعشرين سنة يبلغ رسالات الله ويدعو إليه، وينشر أحكامه، منها ثلاث عشرة سنة في أم القرى (مكة المكرمة) أولا بالسر، ثم بالجهر صدع بالحق، وأوذي وصبر على الدعوة وعلى أذى الناس، مع أنهم يعرفون صدقه وأمانته ويعرفون فضله ونسبه ومكانته، ولكنه الهوى والحسد والعناد من الأكابر، والجهل والتقليد من العامة فالأكابر جحدوا واستكبروا وحسدوا، والعامة قلدوا واتبعوا وأساءوا، فأوذي بسبب ذلك أشد الأذى عليه الصلاة والسلام.
ويدلنا على أن الأكابر قد عرفوا الحق وعاندوا، قوله سبحانه: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[10]، فبين سبحانه أنهم لا يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يعلمون صدقه وأمانته في الباطن، وكانوا يسمونه الأمين قبل أن يوحى إليه عليه الصلاة والسلام، ولكنهم جحدوا الحق حسداً وبغياً عليه، عليه الصلاة والسلام، لكنه عليه الصلاة والسلام لم يبالِ بذلك ولم يكترث به، بل صبر واحتسب وسار في الطريق، ولم يزل داعياً إلى الله جل وعلا، وصابراً على الأذى، مجاهداً بالدعوة، كافاً عن الأذى متحملاً له، صافحا عما يصدر منهم حسب الإمكان، حتى اشتد الأمر، وعزموا على قتله عليه الصلاة والسلام، فعند ذلك أذن الله له بالخروج إلى المدينة، فهاجر إليها عليه الصلاة والسلام، وصارت عاصمة الإسلام الأولى، وظهر فيها دين الله وصار للمسلمين بها دولة وقوة، واستمر عليه الصلاة والسلام في الدعوة وإيضاح الحق، وشرع في الجهاد بالسيف، وأرسل الرسل يدعون الناس إلى الخير والهدى، ويشرحون لهم دعوة نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام وبعث السرايا، وغزا الغزوات المعروفة حتى أظهر الله دينه على يديه، وحتى أكمل الله به الدين، وأتم عليه وعلى أمته النعمة، ثم توفي عليه الصلاة والسلام بعدها أكمل الله به الدين، وبلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، فتحمل أصحابه من بعده الأمانة، وساروا على الطريق، فدعوا إلى الله عز وجل، وانتشروا في أرجاء المعمورة دعاة للحق ومجاهدين في سبيل الله عز وجل، لا يخشون في الله لومة لائم، يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله جل وعلا، فانتشروا في الأرض غزاة مجاهدين، ودعاة مهتدين، وصالحين مصلحين ينشرون دين الله، ويعلمون الناس شريعته، ويوضحون لهم العقيدة التي بعث الله بها الرسل، وهي إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه من الأشجار والأحجار والأصنام وغير ذلك، فلا يدعى إلا الله وحده، ولا يستغاث إلا به ولا يحكم إلا شرعه، ولا يصلى إلا له، ولا ينذر إلا له، إلى غير ذلك من العبادات، وأوضحوا للناس أن العبادة حق لله، وتلوا عليهم ما ورد في ذلك من الآيات مثل قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[11]، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[12]، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[13]، {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[14]، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[15] وصبروا على ذلك صبرا عظيما، وجاهدوا في الله جهادا كبيرا رضي الله عنهم وأرضاهم، وتبعهم على ذلك أئمة الهدى من التابعين وأتباع التابعين من العرب وغير العرب، ساروا في هذا السبيل، سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، وتحملوا أعباءها، وأدوا الأمانة مع الصدق والصبر والإخلاص في الجهاد في سبيل الله، وقتال من خرج عن دينه، وصد عن سبيله، ولم يؤد الجزية التي فرضها الله، إذا كان من أهلها، فهم حملة الدعوة وأئمة الهدى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا أتباع الصحابة من التابعين وأتباع التابعين وأئمة الهدى، ساروا على هذا الطريق كما تقدم، وصبروا في ذلك وانتشر دين الله، وعلت كلمته على أيدي الصحابة ومن تبعهم من أهل العلم والإيمان، من العرب والعجم من هذه الجزيرة جنوبها وشمالها، ومن غير الجزيرة من سائر أرجاء الدنيا، ممن كتب الله له السعادة، ودخل في دين الله، وشارك في الدعوة والجهاد، وصبر على ذلك، وصارت لهم السيادة والقيادة والإمامة في الدين، بسبب صبرهم وإيمانهم وجهادهم في سبيل الله عز وجل، وصدق فيهم قوله سبحانه فيما ذكر في بني إسرائيل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[16]، صدق هذا في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفيمن سار على سبيلهم، صاروا أئمة وهداة ودعاة للحق، وأعلاما يقتدى بهم، بسبب صبرهم وإيمانهم، فإن بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، فأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعه بإحسان إلى يومنا هذا، هم الأئمة وهم الهداة، وهم القادة في سبيل الحق، وبذلك يتضح لكل طالب علم أن الدعوة إلى الله من أهم المهمات، وأن الأمة في كل زمان ومكان في أشد الحاجة إليها، بل في أشد الضرورة إلى ذلك..
ويتلخص الكلام في الدعوة إلى الله عز وجل في أمور:
(الأمر الأول): حكمها وفضلها.
(الأمر الثاني): كيفية أدائها وأساليبها.
(الأمر الثالث): بيان الأمر الذي يدعى إليه.
(الأمر الرابع): بيان الأخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة أن يتخلقوا بها وأن يسيروا عليها، فنقول وبالله المستعان وعليه التكلان وهو المعين والموفق لعباده سبحانه وتعالى.

الأمر الأول: بيان حكم الدعوة إلى الله عز وجل وبيان فضلها :

أما حكمها: فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل، وأنها من الفرائض، والأدلة في ذلك كثيرة، منها قوله سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[17]، ومنها قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[18]، ومنها قوله عز وجل: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[19]، ومنها قوله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[20]، فبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله، وهم أهل البصائر، والواجب كما هو معلوم هو اتباعه، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[21]، وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية، بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة، فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها، فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة، وعملاً صالحاً جليلاً.
وإذا لم يقم أهل الإقليم، أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام، صار الإثم عاما، وصار الواجب على الجميع، وعلى كل إنسان أن يقوم بالدعوة حسب طاقته وإمكانه، أما بالنظر إلى عموم البلاد، فالواجب: أن يوجد طائفة منتصبة تقوم بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة، تبلغ رسالات الله، وتبين أمر الله عز وجل بالطرق الممكنة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة، وأرسل الكتب إلى الناس، وإلى الملوك والرؤساء ودعاهم إلى الله عز وجل.
وفي وقتنا اليوم قد يسر الله عز وجل أمر الدعوة أكثر، بطرق لم تحصل لمن قبلنا، فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر، من طرق كثيرة، وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة: عن طريق الإذاعة، وعن طريق التلفزة، وعن طريق الصحافة، ومن طرق شتى، فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى خلفاء الرسول أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يتكاتفوا فيه، وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ولا يخشوا في الله لومة لائم، ولا يحابوا في ذلك كبيراً ولا صغيراً ولا غنياً ولا فقيراً، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله، كما أنزل الله، وكما شرع الله، وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه يكون فرض عين، ويكون فرض كفاية، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر، ويبلغ أمر الله سواك، فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ، والأمر والنهي غيرك، فإنه يكون حينئذ في حقك سنة، وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافسا في الخيرات، وسابقا إلى الطاعات، ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}[22] الآية، قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية وجماعة ما معناه: ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم، تدعو إلى الله، وتنشر دينه، وتبلغ أمره سبحانه وتعالى، ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله، وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم، ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم، كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه، فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم، تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته، وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك، ووجد فيها من تولى هذا الأمر، وقام به وبلغ أمر الله، كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة، لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على يد سواه.
ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله، وإلى بقية الناس، يجب على العلماء حسب طاقتهم، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون، وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.
وبهذا يعلم أن كونها فرض عين، وكونها فرض كفاية، أمر نسبي يختلف، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص، وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام، لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم.
أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة، فعليهم من الواجب أكثر، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار، حسب الإمكان بالطرق الممكنة، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس، يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها، باللغة العربية وبغيرها، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم، ولم تتيسر في السابق، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله عز وجل، وأن ينشروا دين الله حسب طاقتهم، وحسب علمهم، ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة، وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان، وغير ذلك من الدعوات المضللة، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل اليوم أصبحت فرضا عاما، وواجبا على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة والإمكان بالكتابة والخطابة، وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوا، وأن لا يتقاعسوا عن ذلك، أو يتكلوا على زيد أو عمرو، فإن الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك، والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل، ذلك لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة، للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه، ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله عز وجل، فوجب على أهل الإسلام أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة، وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله. فضل الدعوة :
وقد ورد في فضل الدعوة والدعاة آيات وأحاديث كثيرة، كما أنه ورد في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاة أحاديث لا تخفى على أهل العلم، ومن ذلك قوله جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[23]، فهذه الآية الكريمة فيها التنويه بالدعاة والثناء عليهم، وأنه لا أحد أحسن قولا منهم، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم على حسب مراتبهم في الدعوة والعلم والفضل، فأنت يا عبد الله يكفيك شرفا أن تكون من أتباع الرسل، ومن المنتظمين في هذه الآية الكريمة {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[24]، المعنى: لا أحد أحسن قولاً منه لكونه دعا إلى الله وأرشد إليه وعمل بما يدعو إليه، يعني: دعا إلى الحق وعمل به، وأنكر الباطل وحذر منه، وتركه، ومع ذلك صرح بما هو عليه، لم يخجل بل قال: إنني من المسلمين، مغتبطاً وفرحاً بما من الله به عليه، وليس كمن يستنكف عن ذلك ويكره أن ينطق بأنه مسلم، أو بأنه يدعو إلى الإسلام، لمراعاة فلان أو مجاملة فلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بل المؤمن الداعي إلى الله القوي الإيمان، البصير بأمر الله يصرح بحق الله، وينشط في الدعوة إلى الله ويعمل بما يدعو إليه، ويحذر ما ينهى عنه، فيكون من أسرع الناس إلى ما يدعو إليه، ومن أبعد الناس عن كل ما ينهى عنه، ومع ذلك يصرح بأنه مسلم وبأنه يدعو إلى الإسلام، ويغتبط بذلك ويفرح به كما قال عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[25].
فالفرح برحمة الله وفضله فرح الاغتباط، فرح السرور، أمر مشروع، أما الفرح المنهي عنه فهو فرح الكبر، والفرح هذا هو المنهي عنه كما قال عز وجل في قصة قارون: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}[26] هذا فرح الكبر والتعالي على الناس والتعاظم، وهذا هو الذي ينهى عنه..
أما فرح الاغتباط والسرور بدين الله، والفرح بهداية الله، والاستبشار بذلك والتصريح بذلك ليعلم، فأمر مشروع وممدوح ومحمود، فهذه الآية الكريمة من أوضح الآيات في الدلالة على فضل الدعوة، وأنها من أهم القربات، ومن أفضل الطاعات، وأن أهلها في غاية من الشرف وفي أرفع مكانة، وعلى رأسهم الرسل عليه الصلاة والسلام، وأكملهم في ذلك خاتمهم وإمامهم وسيدهم نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، ومن ذلك قوله جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[27]، فبين سبحانه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو على بصيرة، وأن أتباعه كذلك، فهذا فيه فضل الدعوة، وأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة، والبصيرة هي العلم بما يدعو إليه وما ينهى عنه، وفي هذا شرف لهم وتفضيل، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) أخرجه مسلم أيضا. وهذا يدل على فضل الدعوة إلى الله عز وجل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي رضي الله عنه وأرضاه: ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) متفق على صحته، وهذا أيضا يدلنا على فضل الدعوة إلى الله وما فيها من الخير العظيم، وأن الداعي إلى الله جل وعلا يعطى مثل أجور من هداه الله على يديه، ولو كانوا آلاف الملايين، وتعطى أيها الداعية مثل أجورهم، فهنيئاً لك أيها الداعية إلى الله بهذا الخير العظيم، وبهذا يتضح أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعطى مثل أجور أتباعه، فيا لها من نعمة عظيمة يعطى نبينا عليه الصلاة والسلام مثل أجور أتباعه إلى يوم القيامة، لأنه بلغهم رسالة الله، ودلهم على الخير عليه الصلاة والسلام، وهكذا الرسل يعطون مثل أجور أتباعهم عليهم الصلاة والسلام، وأنت كذلك أيها الداعية في كل زمان تعطى مثل أجور أتباعك والقابلين لدعوتك، فاغتنم هذا الخير العظيم وسارع إليه. الأمر الثاني: كيفية أدائها وأساليبها :
أما كيفية الدعوة وأسلوبها فقد بينها الله عز وجل في كتابه الكريم، وفيما جاء في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ومن أوضح ذلك قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
[28]، فأوضح سبحانه الكيفية التي ينبغي أن يتصف بها الداعية ويسلكها يبدأ أولا بالحكمة، والمراد بها الأدلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق، والداحضة للباطل، ولهذا قال بعض المفسرين: المعنى بالقرآن، لأنه الحكمة العظيمة، لأن فيه البيان والإيضاح للحق بأكمل وجه، وقال بعضهم معناه بالأدلة من الكتاب والسنة، وبكل حال، فالحكمة كلمة عظيمة، معناها الدعوة إلى الله بالعلم والبصيرة، والأدلة الواضحة المقنعة الكاشفة للحق، والمبينة له، وهي كلمة مشتركة تطلق على معان كثيرة، تطلق على النبوة وعلى العلم والفقه في الدين وعلى العقل، وعلى الورع وعلى أشياء أخرى، وهي في الأصل كما قال الشوكاني رحمه الله: الأمر الذي يمنع عن السفه، هذه هي الحكمة، والمعنى: أن كل كلمة وكل مقالة تردعك عن السفه، وتزجرك عن الباطل فهي حكمة، وهكذا كل مقال واضح صريح، صحيح في نفسه، فهو حكمة، فالآيات القرآنية أولى بأن تسمى حكمة، وهكذا السنة الصحيحة أولى بأن تسمى حكمة بعد كتاب الله، وقد سماها الله حكمة في كتابه العظيم، كما في قوله جل وعلا: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[29] يعني السنة، وكما في قوله سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[30] الآية، فالأدلة الواضحة تسمى حكمة، والكلام الواضح المصيب للحق، يسمى حكمة كما تقدم، ومن ذلك الحَكَمَةُ التي تكون في فم الفرس: وهي بفتح الحاء والكاف سميت بذلك، لأنها تمنع الفرس من المضي في السير، إذا جذبها صاحبها بهذه الحكمة.
فالحكمة كلمة تمنع من سمعها من المضي في الباطل، وتدعوه إلى الأخذ بالحق والتأثر به، والوقوف عند الحد الذي حده الله عز وجل، فعلى الداعية إلى الله عز وجل أن يدعو بالحكمة، ويبدأ بها ويعنى بها، فإذا كان المدعو عنده بعض الجفا والاعتراض، دعوته بالموعظة الحسنة بالآيات والأحاديث التي فيها الوعظ والترغيب، فإن كان عنده شبهة جادلته بالتي هي أحسن، ولا تغلظ عليه، بل تصبر عليه ولا تعجل ولا تعنف، بل تجتهد في كشف الشبهة، وإيضاح الأدلة بالأسلوب الحسن، وهكذا ينبغي لك أيها الداعية، أن تتحمل وتصبر ولا تشدد، لأن هذا أقرب إلى الانتفاع بالحق وقبوله وتأثر المدعو، وصبره على المجادلة والمناقشة، وقد أمر الله جل وعلا موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون أن يقولا له قولا لينا وهو أطغى الطغاة، قال الله جل وعلا في أمره لموسى وهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[31] وقال الله سبحانه في نبيه محمد عليه الصلاة والسلام: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[32] الآية، فعلم بذلك أن الأسلوب الحكيم والطريق المستقيم في الدعوة أن يكون الداعي حكيما في الدعوة، بصيرا بأسلوبها، لا يعجل ولا يعنف، بل يدعو بالحكمة، وهي المقال الواضح المصيب للحق من الآيات والأحاديث، وبالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن هذا هو الأسلوب الذي ينبغي لك في الدعوة إلى الله عز وجل، أما الدعوة بالجهل فهذا يضر ولا ينفع، كما يأتي بيان ذلك إن شاء الله عند ذكر أخلاق الدعاة، لأن الدعوة مع الجهل بالأدلة، قول على الله بغير علم، وهكذا الدعوة بالعنف والشدة ضررها أكثر، وإنما الواجب والمشروع هو الأخذ بما بينه الله عز وجل في سورة النحل وهو قوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}[33] الآية، إلا إذا ظهر من المدعو العناد والظلم، فلا مانع من الإغلاظ عليه كما قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[34] الآية، وقال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[35]. الأمر الثالث: بيان الأمر الذي يدعى إليه :
أما الشيء الذي يدعى إليه، ويجب على الدعاة أن يوضحوه للناس، كما أوضحه الرسل عليهم الصلاة والسلام فهو الدعوة إلى صراط الله المستقيم، وهو الإسلام وهو دين الله الحق، هذا هو محل الدعوة كما قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}، فسبيل الله جل وعلا: هو الإسلام، وهو الصراط المستقيم، وهو دين الله الذي بعث به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي تجب الدعوة إليه، لا إلى مذهب فلان ولا إلى رأي فلان، ولكن إلى دين الله، إلى صراط الله المستقيم، الذي بعث الله به نبيه وخليله محمدا عليه الصلاة والسلام، وهو ما دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعلى رأس ذلك الدعوة إلى العقيدة الصحيحة، إلى الإخلاص لله وتوحيده بالعبادة، والإيمان به وبرسله، والإيمان باليوم الآخر، وبكل ما أخبر الله به ورسوله هذا هو أساس الصراط المستقيم، وهو الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومعنى ذلك الدعوة إلى توحيد الله والإخلاص له، والإيمان به وبرسله عليهم الصلاة والسلام، ويدخل في ذلك الدعوة إلى الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسله، مما كان وما يكون من أمر الآخرة، وأمر آخر الزمان وغير ذلك، ويدخل في ذلك أيضا الدعوة إلى ما أوجب الله من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت إلى غير ذلك، ويدخل أيضاً في ذلك الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ بما شرع الله في الطهارة والصلاة والمعاملات، والنكاح والطلاق والجنايات، النفقات والحرب والسلم وفي كل شيء لأن دين الله عز وجل دين شامل، يشمل مصالح العباد في المعاش والمعاد، ويشمل كل ما يحتاج إليه الناس في أمر دينهم، ويدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهى عن سفاسف الأخلاق وعن سيئ الأعمال، فهو عبادة وقيادة؛ يكون عابداً ويكون قائداً للجيش، عبادة وحكماً؛ يكون عابداً مصلياً صائماً ويكون حاكماً بشرع الله منفذاً لأحكامه عز وجل، عبادة وجهاداً، يدعو إلى الله ويجاهد في سبيل الله من خرج عن دين الله، مصحف وسيف؛ يتأمل القرآن ويتدبره وينفذ أحكامه بالقوة، ولو بالسيف إذا دعت الحاجة إليه، سياسة واجتماعاً. فهو يدعو إلى الأخلاق الفاضلة والأخوة الإيمانية، والجمع بين المسلمين والتأليف بينهم، كما قال جل وعلا: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}
[36]، فدين الله يدعو إلى الاجتماع وإلى السياسة الصالحة الحكيمة، التي تجمع ولا تفرق، تؤلف ولا تباعد تدعو إلى صفاء القلوب، واحترام الأخوة الإسلامية والتعاون على البر والتقوى والنصح لله ولعباده، وهو أيضا يدعو إلى أداء الأمانة والحكم بالشريعة، وترك الحكم. بغير ما أنزل الله عز وجل كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[37].
وهو أيضا سياسة واقتصاد، كما أنه سياسة وعبادة وجهاد، فهو يدعو إلى الاقتصاد الشرعي المتوسط، ليس رأسماليا غاشما ظالما لا يبالي بالمحرمات، ويجمع المال بكل وسيلة وبكل طريق، وليس اقتصاداً شيوعياً إلحادياً لا يحترم أموال الناس، ولا يبالي بالضغط عليهم وظلمهم والعدوان عليهم، فليس هذا ولا هذا، بل هو وسط بين الاقتصادين، ووسط بين الطريقين، وحق بين الباطلين، فالغرب عظموا المال وغلوا في حبه وفي جمعه، حتى جمعوه بكل وسيلة، وسلكوا فيه ما حرم الله عز وجل، والشرق من الملحدين من السوفييت ومن سلك سبيلهم، لم يحترموا أموال العباد بل أخذوها واستحلوها، ولم يبالوا بما فعلوا في ذلك، بل استعبدوا العباد، واضطهدوا الشعوب، وكفروا بالله وأنكروا الأديان، وقالوا: لا إله والحياة مادة، فلم يبالوا بهذا المال ولم يكترثوا بأخذه بغير حله، ولم يكترثوا بوسائل الإبادة والاستيلاء على الأموال، والحيلولة بين الناس وبين ما فطرهم الله عليه من الكسب والانتفاع، والاستفادة من قدراتهم ومن عقولهم، وما أعطاهم الله من الأدوات، فلا هذا ولا هذا، فالإسلام جاء بحفظ المال واكتسابه بالطرق الشرعية البعيدة عن الظلم والغش والربا وظلم الناس والتعدي عليهم، كما جاء باحترام الملك الفردي والجماعي، فهو وسط بين النظامين وبين الاقتصادين، وبين الطريقين الغاشمين، فأباح المال ودعا إليه، ودعا إلى اكتسابه بالطرق الحكيمة، من غير أن يشغل كاسبه عن طاعة الله ورسوله وعن أداء ما أوجب الله عليه، ولهذا قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[38]. وقال النبي علية الصلاة والسلام: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) وقال: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) وقال عليه الصلاة والسلام: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من سؤال الناس أعطوه أو منعوه)).
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب، فقال: ((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده)) فهذا يبين لنا أن نظام الإسلام في المال نظام متوسط، لا مع رأس المال الغاشم من الغرب وأتباعه، ولا مع الشيوعيين الملحدين الذين استباحوا الأموال وأهدروا أهلها، لم يبالوا بهم واستعبدوا الشعوب وقضوا عليها، واستحلوا ما حرم الله منها، فلك أن تكسب المال وتطلبه بالطرق الشرعية، وأنت أولى بمالك وبكسبك بالطريقة التي شرعها الله، وأباحها جل وعلا.
والإسلام أيضا يدعو إلى الأخوة الإيمانية، وإلى النصح لله ولعباده، وإلى احترام المسلم لأخيه، لا غل ولا حسد ولا غش ولا خيانة، ولا غير ذلك من الأخلاق الذميمة كما قال جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
[39]، وقال جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[40].
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله)) الحديث، فالمسلم أخو المسلم يجب عليه احترامه وعدم احتقاره، ويجب عليه إنصافه وإعطاؤه حقه، من كل الوجوه التي شرعها الله عز وجل، وقال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن مرآة أخيه المؤمن)) فأنت يا أخي مرآة أخيك، وأنت لبنة من البناء الذي قام عليه بنيان الأخوة الإيمانية، فاتق الله في حق أخيك، واعرف حقه وعامله بالحق والنصح والصدق، وعليك أن تأخذ الإسلام كله ولا تأخذ جانبا دون جانب، لا تأخذ العقيدة وتدع الأحكام والأعمال، ولا تأخذ الأعمال والأحكام وتدع العقيدة، بل خذ الإسلام كله، خذه عقيدةً وعملاً وعبادةً، وجهاداً واجتماعاً وسياسةً واقتصاداً وغير ذلك، خذه من كل الوجوه كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[41].
قال جماعة من السلف معنى ذلك: ادخلوا في السلم جميعه، يعني في الإسلام، يقال للإسلام: سلم؛ لأنه طريق السلامة، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة، فهو سلم وإسلام، فالإسلام يدعو إلى السلم، يدعو إلى حقن الدماء بما شرع من الحدود والقصاص والجهاد الشرعي الصادق، فهو سلم وإسلام وأمن وإيمان، ولهذا قال جل وعلا: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي ادخلوا في جميع شعب الإيمان: لا تأخذوا بعضا وتدعوا بعضا، عليكم أن تأخذوا بالإسلام كله، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} يعني المعاصي التي حرمها الله عز وجل، فإن الشيطان يدعو إلى المعاصي وإلى ترك دين الله كله، فهو أعدا عدو، ولهذا يجب على المسلم أن يتمسك بالإسلام كله، وأن يدين بالإسلام كله، وأن يعتصم بحبل الله عز وجل، وأن يحذر أسباب الفرقة والاختلاف في جميع الأحوال، فعليك أن تحكم شرع الله في العبادات وفي المعاملات، وفي النكاح والطلاق، وفي النفقات وفي الرضاع، وفي السلم والحرب، ومع العدو والصديق، وفي الجنايات وفي كل شيء، دين الله يجب أن يحكم في كل شيء، وإياك أن توالي أخاك لأنه وافقك في كذا، وتعادي الآخر لأنه خالفك في رأي أو في مسألة، فليس هذا من الإنصاف، فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل، ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم، والموالاة والمحبة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالمؤمن يعمل بشرع الله، ويدين بالحق، ويقدمه على كل أحد بالدليل، ولكن لا يحمله ذلك على ظلم أخيه، وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها، وهكذا في المسائل التي قد يختلف في تأويل النص فيها، فإنه قد يعذر، فعليك أن تنصح له وأن تحب له الخير، ولا يحملك ذلك على العداء والانشقاق، وتمكين العدو منك ومن أخيك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الإسلام دين العدالة ودين الحكم بالحق والإحسان، دين المساواة إلا فيما استثنى الله عز وجل، ففيه الدعوة إلى كل خير، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والإنصاف والعدالة والبعد عن كل خلق ذميم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[42]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[43].
والخلاصة: أن الواجب على الداعية الإسلامي أن يدعو إلى الإسلام كله، ولا يفرق بين الناس، وأن لا يكون متعصباً لمذهب دون مذهب، أو لقبيلة دون قبيلة، أو لشيخه أو رئيسه أو غير ذلك، بل الواجب أن يكون هدفه إثبات الحق وإيضاحه، واستقامة الناس عليه، وإن خالف رأي فلان أو فلان أو فلان، ولما نشأ في الناس من يتعصب للمذاهب ويقول: إن مذهب فلان أولى من مذهب فلان، جاءت الفرقة والاختلاف، حتى آل ببعض الناس هذا الأمر إلى أن لا يصلي مع من هو على غير مذهبه، فلا يصلي الشافعي خلف الحنفي، ولا الحنفي خلف المالكي ولا خلف الحنبلي، وهكذا وقع من بعض المتطرفين المتعصبين، وهذا من البلاء ومن اتباع خطوات الشيطان، فالأئمة أئمة هدى، الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأشباههم كلهم أئمة هدى ودعاة حق، دعوا الناس إلى دين الله وأرشدوهم إلى الحق، ووقع هناك مسائل بينهم، اختلفوا فيها لخفاء الدليل على بعضهم، فهم بين مجتهد مصيب له أجران، وبين مجتهد أخطأ الحق فله أجر واحد، فعليك أن تعرف لهم قدرهم وفضلهم وأن تترحم عليهم، وأن تعرف أنهم أئمة الإسلام ودعاة الهدى، ولكن لا يحملك ذلك على التعصب والتقليد الأعمى، فتقول: مذهب فلان أولى بالحق، بكل حال، أو مذهب فلان أولى بالحق لكل حال لا يخطئ، "لا" هذا غلط.

عليك أن تأخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله ولو خالف فلاناً، وعليك أن لا تتعصب وتقلد تقليداً أعمى، بل تعرف للأئمة فضلهم وقدرهم، ولكن مع ذلك تحتاط لنفسك ودينك، فتأخذ بالحق وترضى به، وترشد إليه إذا طلب منك، وتخاف الله وتراقبه جل وعلا، وتنصف من نفسك، مع إيمانك بأن الحق واحد، وأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد – أعني مجتهدي أهل السنة، أهل العلم والإيمان والهدى – كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما المقصود من الدعوة والهدف منها :
فالمقصود والهدف إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به، وينجو من النار، وينجو من غضب الله، وإخراج الكافر من ظلمة الكفر إلى النور والهدى، وإخراج الجاهل من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعاصي من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، هذا هو المقصود من الدعوة كما قال جل وعلا: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}
[44]، فالرسل بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ودعاة الحق كذلك يقومون بالدعوة وينشطون لها، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولإنقاذهم من النار ومن طاعة الشيطان، ولإنقاذهم من طاعة الهوى إلى طاعة الله ورسوله. الأمر الرابع: بيان الأخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة أن يتخلقوا بها وأن يسيروا عليها :
أما أخلاق الدعاة وصفاتهم التي ينبغي أن يكونوا عليها، فقد أوضحها الله جل وعلا في آيات كثيرة، في أماكن متعددة من كتابه الكريم.
(أولا) منها: الإخلاص، فيجب على الداعية أن يكون مخلصا لله عز وجل، لا يريد رياء ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا حمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عز وجل، كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}
[45]، وقال عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}[46]، فعليك أن تخلص لله عز وجل، هذا أهم الأخلاق، هذا أعظم الصفات أن تكون في دعوتك تريد وجه الله والدار الآخرة.
(ثانيا) أن تكون على بينة في دعوتك أي على علم، لاتكن جاهلا بما تدعو إليه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}[47]. فلا بد من العلم، فالعلم فريضة، فإياك أن تدعو على جهالة، وإياك أن تتكلم فيما لا تعلم، فالجاهل يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، فاتق الله يا عبد الله، إياك أن تقول على الله بغير علم، لا تدعو إلى شيء إلا بعد العلم به، والبصيرة بما قاله الله ورسوله، فلا بد من بصيرة وهي العلم، فعلى طالب العلم وعلى الداعية، أن يتبصر فيما يدعو إليه، وأن ينظر فيما يدعو إليه ودليله، فإن ظهر له الحق وعرفه دعا إلى ذلك، سواء كان ذلك فعلاً أو تركاً، فيدعو إلى الفعل إذا كان طاعة لله ورسوله، ويدعو إلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله على بينة وبصيرة.
(ثالثا) من الأخلاق التي ينبغي لك أن تكون عليها أيها الداعية، أن تكون حليماً في دعوتك، رفيقاً فيها، متحملاً صبوراً، كما فعل الرسل عليهم الصلاة والسلام، إياك والعجلة، إياك والعنف والشدة، عليك بالصبر، عليك بالحلم، عليك بالرفق في دعوتك، وقد سبق لك بعض الدليل على ذلك كقوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[48]، وقوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}[49] الآية، وقوله جل وعلا في قصة موسى وهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[50]، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)) خرجه مسلم في الصحيح، فعليك يا عبد الله أن ترفق في دعوتك، ولا تشق على الناس، ولا تنفرهم من الدين، ولا تنفرهم بغلظتك ولا بجهلك، ولا بأسلوبك العنيف المؤذي الضار، عليك أن تكون حليماً صبوراً، سلس القياد لين الكلام، طيب الكلام حتى تؤثر في قلب أخيك، وحتى تؤثر في قلب المدعو، وحتى يأنس لدعوتك ويلين لها، ويتأثر بها، ويثني عليك بها ويشكرك عليها، أما العنف فهو منفر لا مقرب، ومفرق لا جامع..
ومن الأخلاق والأوصاف التي ينبغي بل يجب أن يكون عليها الداعية، العمل بدعوته، وأن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه، ليس من يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عنه ثم يرتكبه، هذه حال الخاسرين نعوذ بالله من ذلك، أما المؤمنون الرابحون فهم دعاة الحق يعملون به وينشطون فيه ويسارعون إليه، ويبتعدون عما ينهون عنه، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}
[51]، وقال سبحانه موبخا اليهود على أمرهم الناس بالبر ونسيان أنفسهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[52].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون له يا فلان ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) هذه حال من دعا إلى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ثم خالف قوله فعله وفعله قوله، نعوذ بالله من ذلك.
فمن أهم الأخلاق ومن أعظمها في حق الداعية، أن يعمل بما يدعو إليه، وأن ينتهي عما ينهى عنه، وأن يكون ذا خلق فاضل، وسيرة حميدة، وصبر ومصابرة، وإخلاص في دعوته، واجتهاد فيما يوصل الخير إلى الناس، وفيما يبعدهم من الباطل، ومع ذلك يدعو لهم بالهداية، هذا من الأخلاق الفاضلة، أن يدعو لهم بالهداية ويقول للمدعو هداك الله، وفقك الله لقبول الحق، أعانك الله على قبول الحق، تدعوه وترشده وتصبر على الأذى، ومع ذلك تدعو له بالهداية، قال النبي عليه الصلاة والسلام لما قيل عن (دوس) إنهم عصوا، قال: ((اللهم اهد دوسا وأت بهم)). تدعو له بالهداية والتوفيق لقبول الحق، وتصبر وتصابر في ذلك، ولا تقنط ولا تيأس ولا تقل إلا خيراً، لا تعنف ولا تقل كلاماً سيئاً ينفر من الحق، ولكن من ظلم وتعدى له شأن آخر، كما قال الله جل وعلا: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
[53].
فالظالم الذي يقابل الدعوة بالشر والعناد والأذى، له حكم آخر، في الإمكان تأديبه على ذلك بالسجن أو غيره، ويكون تأديبه على ذلك على حسب مراتب الظلم، لكن ما دام كافاً عن الأذى، فعليك أن تصبر عليه، وتحتسب وتجادله بالتي هي أحسن، وتصفح عما يتعلق بشخصك من بعض الأذى، كما صبر الرسل وأتباعهم بإحسان.

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً لحسن الدعوة إليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه، ويجعلنا من الهداة المهتدين، والصالحين المصلحين، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

[1] الذاريات الآية 56.
[2] البقرة الآية 21
[3] الطلاق الآية 12.
[4] النحل الآية 36.
[5] الأنبياء الآية 25.
[6] الحديد الآية 25.
[7] البقرة الآية 213.
[8] النساء الآية 163.
[9] النحل الآية 64.
[10] الأنعام الآية 33.
[11] البقرة الآية 21.
[12] الإسراء الآية 33.
[13] الفاتحة الآية 5.
[14] الجن الآية 81.
[15] الأنعام الآية 162.
[16] السجدة الآية 24.
[17] آل عمران الآية 104
[18] النحل الآية 125.
[19] القصص الآية 187.
[20] يوسف الآية 108.
[21] الأحزاب الآية 21.
[22]- آل عمران الآية 104.
[23] فصلت الآية 33.
[24] فصلت الآية 33
[25] يونس الآية 58.
[26] القصص الآية 76.
[27] يوسف 108.
[28] النحل الآية 125.
[29] البقرة الآية 129.
[30] البقرة الآية 269.
[31] طه الآية 24.
[32] آل عمران الآية 159.
[33] النحل الآية 125.
[34] التحريم الآية 9.
[35] العنكبوت 46.
[36] آل عمران الآية 103.
[37] النساء الآية 58.
[38] النساء الآية 29.
[39] التوبة الآية 71.
[40] الحجرات الآية 10.
[41] البقرة الآية 208.
[42] النحل الآية 90.
[43] الحجرات الآية 13.
[44] البقرة الآية 257.
[45] يوسف الآية 108.
[46] فصلت الآية 83.
[47] يوسف الآية 108.
[48] النحل الآية 125.
[49] آل عمران الآية 159.
[50] طه الآية 44.
[51] الصف الآيات 3-4.
[52] البقرة الآية 44.
[53] العنكبوت الآية 46.




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بارك الله فيك اخي ابو سليمان وجزاك الله خيرا

وشكرا لك على التوضيح




بارك الله فيك يا أخي




بارك الله فيكم




بارك الله فيك واصل في التميز




التصنيفات
اسلاميات عامة

عندما بكى الألباني – رحمه الله–

عندما بكى الألباني – رحمه الله –

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

1 : عندما نظم بعض الأخوه مؤتمرا بالسعوديه وفي بداية المؤتمر ألقى أخ من الموجودين كلمه افتتاح للمؤتمر .
ولمـّـا ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني– رحمه الله – وكان موجودا بالمؤتمر – أخذ يمدحه قائلاً :
( ومعنا عالم جليل ) وأكمل الخطاب الافتتاحي .
وعندما بدأ الشيخ الالباني– رحمه الله تعالى – بالكلام قال : لست بذاك الموصوف ولا أستحق هذا المدح ، فالخليفة الأول الحق أبو بكر الصديق لمـّـا مدحه أحد الناس وهو يستحق قال : " اللهم إجعلني خيراً مما يظنون وإغفرلي ما لا يعلمون " وهو يستحق هذا الوصف .
ولا يسعني إلا أن أقول كقول أبي بكر الصديق : ( اللهم اجعلني خيراً مما يظنون ، وإغفرلي مالا يعلمون ) .
وأخذ الالباني يقولها وهو يبكي .

وذلك يدل علي مدى تواضع الشيخ رحمه الله – – .

———————–


القصة الثانية

2 : حينما كان يرد علي الفتاوي التي تأتي عن طريق الاتصال الهاتفي وكان معه بعض الأخوة .
إتصلت إمرأة من الجزائر وسألت الشيخ عن فتوي وأجابها .
ثم قالت : عندي بشرى خير يا شيخ هل أرويها ؟
فقال لها : قوليها
فروت أن صديقتها رأت بالمنام أنها : ( تنظر من شرفه منزل مطلة علي طريق فرأتها تمشي في الطريق ، وإذا بها تري الرسول صلي الله عليه وسلم بالطريق ، وسلمت عليه ، ثم أخذت تمشي في الطريق ورأت شيخاً فسلمت عليه فسألها هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم . والشيخ كان فضيلتك .
فقالت للشيخ : علها بشري تدل علي أن فضيلتك تسير علي طريق السنه للرسول صلي الله عليه وسلم .
فإذا بالشيخ يبكي منذ أن ذكرت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، إلي أن أنهت الرؤيا ، ولم يستطع الرد علي الهاتف من كثرة البكاء .

———————–

رحم الله تعالى شيخنا الألباني وجعل الفردوس الأعلى مأواه ، وجعله من بقية السلف الصالح الذين جددوا لهذه الأمة دينها ، مقتفيا أثر نبيها محمد صلي الله عليه وسلم . جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، وأعلى درجته في عليين ، وحشرنا جميعا مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

منقول

من هنا




بارك الله فيك أختنا أم محمد و جزاك العمل الصالح انشاء الله

من الجميل أن نستفيد من الأخرين




حقا مواقف مؤثرة

وسبق وسمعته يبكي في الروايا الثانية والاخت تروي له المنام حتى انه قطع الدرس

جزاك الله خيرا والله نخاف على انفسنا ان لا نحشر مع هؤلاء العلماء وعلى رئسهم رسولنا صلى الله عليه وسلم حرمنا من رئيتهم في الدنيا نخاف ان لا نلقاهم في الاخرة … اللهم اجعلنا من اهل الجنة




التصنيفات
اسلاميات عامة

سجـــود الشكــــر

سجـــود الشكــــر

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه سجود الشكر عند تجدد نعمة تسر أو اندفاع نقمة كما في " المسند " عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان إذا أتاه أمر يسره خر لله ساجدا شكرا لله تعالى )) وذكر ابن ماجه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر بحاجة ((فخر لله ساجدا ))

وذكر البيهقي بإسناد على شرط البخاري أن عليا رضي الله عنه لما كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام همدان خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال ((السلام على همدان السلام على همدان)) وصدر الحديث في صحيح البخاري وهذا تمامه بإسناده عند البيهقي . وفي " المسند " من حديث عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( سجد شكرا لما جاءته البشرى من ربه أنه من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه ))

وفي سنن أبي داود من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه فسأل الله ساعة ثم خر ساجدا ثلاث مرات ثم قال ((إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا شكرا لربي ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الثاني فخررت ساجدا شكرا لربي ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر فخررت ساجدا لربي ))

وسجد كعب بن مالك لما جاءته البشرى بتوبة الله عليه ذكره البخاري .

وذكر أحمد عن ((علي رضي الله عنه أنه سجد حين وجد ذا الثدية في قتلى الخوارج)) .

وذكر سعيد بن منصور (( أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سجد حين جاءه قتل مسيلمة ))

كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله
الجزء الاول




أسأل الله تعالى أن يجعلك من أهل الجنة أختي أم همام

شكرا على المعلومات القيمة بارك الله فيك




اللهم امين
و فيك بارك الرحمن




جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم
جعلني الله وإياكم من الشاكرين له و الذاكرين كثيرا




التصنيفات
اسلاميات عامة

دور المرأة في اصلاح المجتمع

دور المرأة في اصلاح المجتمع
للشيخ العثيمين رحمه الله


قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – عن دور المرأة في إصلاح المجتمع :

لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع لا بد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح..
وإليكم جانباً من هذه المقومات:

المقوم الأول: صلاح المرأة:


أن تكون المرأة نفسها صالحة لتكون أسوة حسنة وقدوة طيبة لبنات جنسها ولكن كيف تصل المرأة إلى الصلاح؟
لتعلم كل إمرأة أنها لن تصل إلى الصلاح إلا بالعلم
وما أعنيه هو العلم الشرعي
الذي تتلقاه إما من بطون الكتب – إن أمكنها ذلك – وإما من أفواه العلماء، سواء أكان هؤلاء العلماء من الرجال أو النساء.
وفي عصرنا هذا يسهل كثيراً أن تتلقى المرأة العلم من أفواه العلماء وذلك بواسطة الأشرطة المسجلة فإن هذه الأشرطة – ولله الحمد – لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى ما فيه الخير والصلاح إذا استعملت في ذلك.
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم، لأنه لا صلاح إلا بالعلم …

المقوم الرابع : حسن التربية:

أي أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها لأن أولادها هم رجال المستقبل ونساء المستقبل وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق وحسن المعاملة وظهروا على يديها وتربوا عليها فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم وحدها بأبيهم أو بولي أمرهم…
ولا ينبغي للمرأة أن تستسلم للواقع وتقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغيّر لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح
إذ إن الإصلاح لا بد أن يغير ما فسد على وجه صالح ولا بد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح منه حتى تستقيم الأمور.
ثم إن التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في أمة مشركة يعبد أفرادها الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق لم يستسلم صلى الله عليه وسلم بل لم يأذن الله له أن يستسلم للأمر الواقع
بل قال سبحانه وتعالى له :( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ )
فأمره سبحانه أن يصدع بالحق وأن يعرض عن المشركين ويتناسى شركهم وعدوانهم حتى يتم له الأمر وهذا هو الذي حصل
نعم قد يقول قائل:
إن من الحكمة أن نغير، لكن ليس بالسرعة التي نريدها لأن المجتمع على خلاف ما نريد من الإصلاح.
فحينئذٍ لا بد أن ينتقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه
أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحاً ثم ينتقل بالناس شيئاً فشيئاً حتى يتم له مقصوده.

دور المرأة في إصلاح المجتمع
للعلامة ابن عثيمين
(ص:7-8 ، 25-27 )




شكرا لكي اختاه وجزاكي الله الخير
تحياتي




اقتباس:
ولا ينبغي للمرأة أن تستسلم للواقع وتقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغيّر لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح
إذ إن الإصلاح لا بد أن يغير ما فسد على وجه صالح ولا بد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح منه حتى تستقيم الأمور.

رحم الله الشيخ الفقيه ابن العثيمين رحمة واسعة ، و بارك الله فيك أختي

أسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا و أحوال المسلمين

اللهم آمين




التصنيفات
اسلاميات عامة

التمسك بالسنة لا يُنافي التقدم

تعليمية

إنَّ مما ينبغي التفطن له وإدراكه جيداً أنّ
الإسلام لا يمنع من التقدم في علوم وأحوال دنيوية بل إنّ الإسلام يُنعش ما
كان صالحاً للتقدم في أمور الدنيا. قال أمير المؤمنين المشهور بابن شهاب (
العلم فيه نعشٌ للدين والدنيا)

أخرجه ابن المبارك في الزهد رقم (817)وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله رقم(1018)وهو صحيح إلى ابن شهاب .


وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة ( فقوام الدين والدنيا إنما هو بالعلم ) .


وللعلامة الشنقيطي كلام نفيس في هذه المسألة في( أضواء البيان ج 3 / 435 ـ 438 ) قال : ( ومن
هدي القرآن للتي هي أقوم : ـ هديُه إلى أن التقدم لا ينافي التمسك بالدين
فما خيَّله أعداء الدين لضعاف العقول ممن ينتمي إلى الإسلام ( من أن
التقدم لا يمكن إلا بالانسلاخ من دين الإسلام ـ باطل لا أساس له ، والقرآن
الكريم يدعو إلى التقدم في جميع الميادين التي لها أهمية في دنيا أودين ) .


ولكن ذلك التقدم في حدود الدين والتحلي بآدابه
الكريمة وتعاليمه السماوية قال تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ … الآية ) الأنفال : الآية 60

وقال : ( وَلَقَدْ
آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
وَأَلَنَّا لَهُ الحديد أن اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السرد
وَاعْمَلُوا صَالِحاً …الآية ) فقوله (أن اعمل سابغات وقدر في السرد ) يدل على الاستعداد لمكافحة العدو .


وقوله ( واعملوا صالحاً ) يدل على أنَّ ذلك
الاستعداد لمكافحة العدو في حدود الدين الحنيف . وداود من أنبياء ( سورة
الأنعام) المذكورين في قوله تعالى [ ومن ذريته داود ] الآية ……


وقد قال مخاطباً نبينا صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكرهم ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) .


وقد ثبت في صحيح البخاري عن مجاهد أنه سأل بن
عباس رضي الله عنهما : من أين أخذت السجدة في سورة (ص) ؟ ،

فقال رضي الله
عنه: أوَما تقرأ [ ومن ذريته داود ] ، [ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده
] فسجدها داود ، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدل ذلك على أنّا
مخاطبون بما تضمنته الآية مما أُمر به داود . فعلينا أن نستعد لكفاح العدو
مع التمسك بديننا ،

وانظر قوله تعالى : [ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ] فهو أمرٌ جازمٌ بإعداد كل ما في الاستطاعة من قوة ولو بلغت القوة من التطور ما بلغت .


فهو أمر جازم بمسايرة التطور في الأمور
الدنيوية ، وعدم الجمود على الحالات الأُول إذا طرأ تطورٌ جديدٌ ولكن كل
ذلك مع التمسك بالدين .

ومن أوضح الأدلة في ذلك قوله تعالى : [ وإذا
كنت فيهم فأقمتَ لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا
سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا
حذرهم وأسلحتهم…….الآية ] .
فصلاة الخوف المذكورة في هذه
الآية الكريمة تدل على لزوم الجمع بين مكافحة العدو ، وبين القيام بما
شرعه الله جل وعلا من دينه فأَمره تعالى في هذه الآية بإقامة الصلاة في
وقت التحام الكفاح المسلح يدل على ذلك دلالة في غاية الوضوح وقد قال تعالى
: [ يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ] فأَمره في هذه الآية الكريمة بذكر الله كثيراً عند التحام القتال يدل على ذلك أيضاً دلالةً واضحةً.


فالكفار خيَّلوا لضعاف العقول أنَّ النسبة بين
التقدم والتمسك بالدين ، والسمت الحسن والأخلاق الكريمة تَباين مقابلة
كتباين النقيضين كالعدم والوجود والنفي والإثبات ……….


فخيَّلوا لهم أن التقدم والتمسك بالدين متباينان
تباين مقابلة بحيث يستحيل اجتماعهما فكان من نتائج ذلك انحلالهم من الدين
رغبة في التقدم فخسروا الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين والتحقيق أن
النسبة بين التقدم والتمسك بالدين بالنظر إلى العقل وحده وقطع النظر عن
نصوص الكتاب والسنة إنَّما هـي تباين المخالفة .





بارك الله فيك




وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة ( فقوام الدين والدنيا إنما هو بالعلم ) .


بارك الله فيك




جزاك الله خيرا أختي أم عبيد الله

بارك الله فيك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأميرة تعليمية
جزاك الله خيرا أختي أم عبيد الله

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد المهاجر تعليمية
وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة ( فقوام الدين والدنيا إنما هو بالعلم ) .


بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم همام تعليمية
بارك الله فيك


و فيكم بارك الله تعالى




بارك الله فيك وجزاك الله كل خير وجعل لك بكل كلمة تخطينها رفعة في الحنة ان شاء الله.




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة للتاجر

تعليمية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فاعلم أنّ التجارة أفضل أنواع المكاسب، وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في التجارة قبل النبوة، واحترفها عدد كبير من الصحابة رضي الله عنهم من بينهم أكثر العشرة المبشرين بالجنة، وقد أجمع العلماء على أنّ الأصل في التجارة وسائر أنواع المكاسب الحلّ، لكن ليست كلّ صور المكاسب التجارية الجواز لذلك كان لزاما بالتاجر أن يعتني العناية الكافية بمعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بفقه المعاملات المالية، وتعلم أحكامها شرط ضروري وأكيد لمزاولة مهنته التجارية، لئلا يقع التاجر في المحرمات من حيث لا يدري، وليعلم من جهة أخرى مدى خطورة مقارفة المنهيات والمحرمات ليجتنبها وليتقي الله فيها.
هذا وأنصح التاجر أن لا يجعل تجارته مطية للركون للدنيا فيطمع لينال الغرض العاجل، فلا يؤدي حق الله فيما رزقه ولا يصل به رحمه كما في حديث أبي كبشة الأنماري: "إنّما الدنيا لأربعة نفر…..وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علماً، يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم أنّ فيه حقا فهذا بأخبث المنازل".

كما أنّ على التاجر الحرص على أداء الواجبات والمهمات، فلا يترك تجارته تجرّه للتهاون عن القيام بواجبه الشرعي سواء اتجاه ربه أو أهله وغيرهم أو نفسه، أو الغفلة عن تطبيق الأوامر التي فرضها الله عليه.
وعليه أن يتحلّى بالصدق والأمانة في معاملاته فهو خلق محمود، فيجتنب الكذب وإخفاء العيوب في تجارته، فإنّ الصدق سبب البركة، والكذب والكتمان علّة الكساد والمحق، قال صلى الله عليه وسلم : (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)(١- أخرجه البخاري في البيوع(2079)، ومسلم في البيوع(3937)، وأبو داود في الإجارة(3461)، والترمذي(1291)، والنسائي(4474)، وأحمد(15708)، والدرامي(2602)، والبيهقي(10742)، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه)، والذي يعلم عيبا ويخفيه ولم ينبه عليه كان راضيا بضياع مال أخيه المسلم وهو حرام، ومن ذلك أن يروج السلع بالإعلانات الكاذبة والدعايات المبتذلة، فيشيع ما فيه خداع وغش، ويهول ما فيه تزوير، ويوهم ما فيه تدليس، وقد يكون بالأيمان الكاذبة.

كما أنّ على التاجر أن ينشر الفضيلة بتجارته فلا يساعد بها على ما يلوث الاعتقاد السليم أو يقدح في المنهج النبوي المستقيم أو ما يفسد الخلق القويم، فلا يبيع الرذيلة وهي كلّ محرّم لذات المبيع، أو ما نهى الشرع عنه لأنّه إعانة على حرام، أو لكونه ظلما أو أكلا للمال بالباطل كالرّبا وأنواعه، وما يحدث نزاعا بين الإخوة الإيمانية كبيوع الجهالة والغرر…
وعلى التاجر أن يمتنع عن ممارسة أعمال تجارية في الأوقات التي يحرم فيها البيع، وأن يفي الإيفاء الحقيقي للسلعة كمّاً وكيفاً دون بخس أو انتقاص، وأن يتجنب رفع السعر على مشتر غافل، أو على راكن ثقة بالبائع، أو مسترسل.

فالحاصل أن يسعى التاجر إلى تحقيق الفضيلة ونشر الخير وتوسيع دائرته مع تقوى الله التي هي سبب رفع البلاء وكسب الرزق الحلال قال تعالى: ﴿وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾(الطلاق ٢)، وقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِّرِ وَالتَقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾(لمائدة ٢).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

أبو عبد المعزّ محمد علي فركوس – حفظه الله –

الثلاثاء 27 محرم 1443ﻫ
الموافق لـ: 08 مارس 2022م

١- أخرجه الدارامي (٢/٦)، والنسائي (٤/١٩٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/٥٤) من حديث حفصة -رضي الله عنها-

المصدر




بارك الله فيكم على النصيحة ،،




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على النقل الطيب

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه




ما شاء الله على الكلام السديد، والهدي الرشيد، جعلنا الله من تجار الأخرة لا من تجار الدنيا، بارك الله فيك أخي الفاضل.




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته اخي ابو سليمان.بارك الله فيك وبلغك منازل العلماء والصديقين والشهداء .




وفيك بارك اخي ابو جمانة.جزاك الله خيرا على مرورك الكريم.جعله الله في ميزان حسناتك ووفقنا جميعا للمضي قدما في السير على درب الاخيار حتى نكون عند ربنا من الابرار.




وفيك بارك الله اختي ام عبيد الله .جزاك الله خيرا على مرورك .تضفين خيرا كبيرا بمرورك الكريم وبردودك الطيبة وبمقالاتك النيرة.جعلك الله مع الصديقات وسيدات نساء العالمين في حنات رب العالمين.