التصنيفات
العقيدة الاسلامية

تعليقات العلامة الفوزان على منظومة السفاريني

وقفات مع منظومة السفاريني رحمه الله (منقول):

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين أما بعد :_

إن القارئ لمنظومة الدرة المضيئة في عقد الفرقة المرضية تأليف العالم محمد بن أحمد بن سالم السفاريني رحمه الله , يدرك نفاستها وأهميتها لما تضمنته لمباحث هامة في العقيدة , ولذلك حرص العلماء على حفظها ودراستها وتدريسها لطلابهم , ومن هؤلاء العلماء فضيلة شيخنا الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله حيث قام بشرحها وتوضيح معانيها وأثناء الشرح نبه فضيلته على المواضع التي خالف فيها الناظم عقيدة السلف وهذه المواضع ولله الحمد قليلة ,
ولا يعني وجود بعض الملاحظات على المنظومة أن نتجنبها ونترك الخير الكثير الموجود فيها بل هذه الأخطاء تعرف وتجتنب .
وقد قمت بجمع هذه الملاحظات فوجدت أن عددها ثمان ملاحظات سأقوم بإيرادها مع بيان الصواب في ذلك .

الملاحظة الأولى :
قال في البيت الأول :
الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاق
قوله القديم
لم يرد في الكتاب ولا في سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمية الله بالقديم, والقاعدة أن أسماء الله وصفاته توقيفية , فلايجوز لنا أن نسمي الله أو نصفه إلا بما سمى ووصف به نفسه أو سماه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإنما الإسم الذي ورد في الكتاب والسنة وهو قريب مما قصده المؤلف هو الأول قال تعالى ((هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (الحديد:3(

الملاحظة الثانية :
قال في البيت الثاني والثلاثين :
أول واجب على العبيد معرفة الإله بالتسديد
في هذا البيت يقول الناظم أن أول ما يجب على العباد هو معرفة الله , والصواب أن أول واجب على العباد هو عبادة الله وحده , لان العباد يعرفون الله بالفطرة والأدلة الكونية , فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما بدأ دعوته قال : قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ولم يقل تعرفوا على الله

الملاحظة الثالثة :
قال في البيت الرابع والثلاثين :
صفاته كذاته قديمة أسماؤه ثابتة عظيمة
قوله ((صفاته كذاته قديمة )) ليس على إطلاقه لان صفات الله تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : صفات قديمة مثل ذاته وهي صفات الذات كالسمع والبصر والعلو … إلخ .
القسم الثاني : صفات الأفعال كالاستواء والنزول والغضب والكلام .. إلخ , هذه الصفات قديمة النوع حادثة الآحاد بمعنى أن الله متصف بها في الأزل وأن آحاد الفعل يتجدد مثل الكلام , فالله عز وجل متصف بالكلام في الأزل والأبد وفعل الكلام يتجدد أي يتكلم متى شاء وليس المعنى أنه كان يتكلم في القديم أما الآن فلا يتكلم فهذا باطل .
فلابد من هذا التفصيل وعدم إطلاق القدم على صفات الله كلها .

الملاحظة الرابعة :

قال في البيت الثامن والثلاثين :

والعلم والكلام قد تعلقا بكل شيئاً يا خليلي مطلقاً
أما قوله العلم قد تعلقا بكل شيء فهذا صحيح , وأما الكلام فليس متعلق بكل شيء لأن الكلام من أفعاله تعالى وهو تابع لمشيتهِ وإرادته سبحانه فهو يتكلم متى شاء سبحانه.

الملاحظة الخامسة :

قال في البيت الحادي والأربعين

كلامه سبحانه قديم أعي الورى بالنص يا عليم

قوله كلامه سبحانه قديم ليس من قول السلف بل هو من قول ابن كلاب ويعني هذا أنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته .

وأجمع أهل السنة والجماعة على أن الله يتكلم كيف شاء ومتى شاء.
تراجع الملاحظة الثانية

الملاحظة السادسة :

قال في البيت التاسع و الأربعين :

فسائر الصفات والأفعال قديمة لله ذي الجلال
قوله (( قديمة لله )) أطلق القدم على الصفات والأفعال كلها وهذا ليس بصحيح بل لابد من التفصيل
فأفعال الله تتجدد وليست قديمة مطلقاً بل قديمة النوع حادثة الآحاد ,فقد أجمع السلف على أن الله قديم بجميع صفاته لم يزل ولا يزال, لكن مرادهم أن صفات الأفعال والأقوال قديمة النوع حادثة الآحاد.

الملاحظة السابعة :

قال في البيت الثالث والأربعين :

وليس ربنا بجوهر ولا عرض ولا جسم تعالى ذو العلى
هنا الناظم نفى الجوهر والعرض والجسم وهذا ليس بصحيح لأن هذه الألفاظ لم يرد في الكتاب أو السنة إثباتها ولا نفيها , فالصواب في هذا أن يتوقف فيها لأنها ألفاظ محتملة يراد بها حق ويراد بها باطل , وأما معناها فيستفصل فيه إن كان حقٌ لائقٌ بالله قبل وإن كان باطل ينزه الله عنه رد .

الملاحظة الثامنة :

قال في البيت المائة :

ففعلنا نحو الركوع محدث وكل قرآن قديم فابحثوا
قوله عن القرآن انه قديم هذا قول ابن كلاب ولم يقل به أحد من السلف , والصواب أن الله يتكلم متى شاء .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________

منقول للفائدة




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ

ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ

فضيلة الشيخ / علوي بن عبد القادر السَّقَّاف

اعلـم – وفقني اللهُ وإيَّاك – أن العلم بصفات الله عَزَّ وجَلَّ ، والإيمان بها ، علـى ما يليق به سبحانه ، وتدبرها : يورث ثمرات عظيمة وفوائد جليلة، تجعل صاحبها يذوق حلاوة الإيمان ، وقد حُرِمها قوم كثيرون من المعطِّلة والمؤوِّلة والمشبهة ، وإليك بعضاً منها :
1-
فمن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ : أن العبد يسعى إلى الاتصاف والتحلِّي بها على ما يليق به ؛ لأنه من المعلوم عند أرباب العقول أن المحب يحب أن يتصف بصفات محبوبه ؛ كما أن المحبوب يحب أن يتحلَّى مُحِبُّهُ بصفاته ؛ فهذا يدعو العبد المحب لأن يتصف بصفات محبوبه ومعبوده كلٌّ على ما يليق به ، فالله كريم يحب الكرماء ، رحيم يحب الرحماء ، رفيق يحب الرفـق، فإذا علم العبد ذلك ؛ سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق، وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله تعالى أن يتحلَّى بها العبد على ما يليق بذات العبد.
2- ومنها : أن العبد إذا آمن بصفة ( الحب والمحبة ) لله تعالى وأنه سبحانه ( رحيم ودود )
استأنس لهذا الرب ، وتقرَّب إليه بما يزيد حبه ووده له ، (( ولا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه )) وسعى إلى أن يكون ممن يقول الله فيهم : ((يا جبريل إني أُحبُّ فلاناً فأحبَّه ، فيُحبُّه جبريل ، ثم ينادي في السماء : إن الله يحبُّ فلاناً فأحبوه ، فيُحبُّه أهلُ السماء ثم يوضع له القبول في الأرض)) و من آثار الإيمان بهذه الصفة العظيمة أن من أراد أن يكون محبوباً عند الله اتبع نبيه صلى الله عليه وسلم قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ وحبُّ الله للعبد مرتبطٌ بحبِ العبدِ لله ، وإذا غُرِست شجرةُ المحبة في القلب ، وسُقيت بماء الإخلاص ، ومتابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، أثمرت أنواعَ الثمار ، وآتت أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها .
3- ومنها : أنه إذا آمن العبد بصفات (العلم ، والإحاطة ، والمعية) ؛ أورثه ذلك الخوف من الله عَزَّ وجَلَّ المطَّلع عليه الرقيب الشهيد ، فإذا آمن بصفة (السـمع) ؛ علم أن الله يسمعه ؛ فلا يقول إلا خيراً ، فإذا آمن بصفات (البصر ، والرؤية ، والنظر ، والعين) ؛ علم أن الله يراه ؛ فلا يفعل إلا خيراً ؛ فما بالك بعبد يعلم أن الله يسمعه ، ويراه ، ويعلم ما هو قائله وعامله ، أليس حريٌّ بهذا العبد أن لا يجده الله حيث نهاه ، ولا يفتقده حيث أمره؟! فإذا علم هذا العبد وآمن أن الله (يحبُّ ، ويرضى) ؛ عمل ما يحبُّه معبوده ومحبوبه وما يرضيه ، فإذا آمن أن من صفاته (الغضب ، والكره ، والسخط ، والمقت ، والأسف ، واللعن) ؛ عمل بما لا يُغْضب مولاه ولا يكرهه حتى لا يسخط علـيه ويمقته ثم يلعنه ويطرده من رحمته ، فإذا آمن بصفات (الفرح ، والبشبشة ، والضحك)
؛ أنس لهذا الرب الذي يفرح لعباده ويتبشبش لهم ويضحك لهم ؛ ما عدمنا خيراً من ربًّ يضحك.
4- ومنها : أنه إذا علم العبد وآمن بصفات الله من (الرحمة ، والرأفة ، والتَّوْب ، واللطف ، والعفو ، والمغفرة ، والستر ، وإجابة الدعاء) ؛ فإنه كلما وقع في ذنب ؛ دعا الله أن يرحمه ويغفر له ويتوب عليه ، وطمع فيما عند الله من سترٍ ولطفٍ بعباده المؤمنين ، فأكسبه هذا رجعة وأوبة إلى الله كلما أذنب ، ولا يجد اليأس إلى قلبه سبيلاً ، كيف ييأس من يؤمن بصفات (الصبر ، والحلم)؟! كيف ييأس من رحمة الله من علم أن الله يتصف بصفة (الكرم ، والجود ، والعطاء)
؟!.
5-ومنها : أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفات (القهر ، والغلبة ، والسلطان ، والقدرة ، والهيمنة ، والجبروت)
؛ يعلم أن الله لا يعجزه شيء ؛ فهو قادر على أن يخسف به الأرض ، وأن يعذبه في الدنيا قبل الآخرة ؛ فهو القاهر فوق عباده ، وهو الغالب من غالبه ، وهو المهيمن على عباده ، ذو الملكوت والجبروت والسلطان القديم ؛ فسبحان ربي العظيم.
6-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ أن يظل العبد دائم السؤال لربه ، فإن أذنب ؛ سأله بصفات (الرحمة ، والتَّوب ، والعفو ، والمغفــرة) أن يرحمه ويتوب عليه ويعفو عنه ويغفر له ، وإن خشي على نفسه من عدو متجهم جبار ؛ سأل الله بصفات (القوة ، والغلبة ، والسلطان ، والقهر ، والجبروت) ؛ رافعاً يديه إلى السـماء ، قائلاً : يا رب! يا ذا القوة والسلطان والقهر والجبروت! اكفنيه. فإن آمــن أن الله (كفيل ، حفيظ ، حسيب ، وكيل) ؛ قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، وتوكل على (الواحد ، الأحد ، الصمد) ، وعلم أن الله ذو (العزة ، والشدة ، والمحال ، والقوة ، والمنعة) مانعه من أعدائه ، ولن يصلوا إليه بإذنه تعالى ، فإذا أصيب بفقر ؛ دعا الله بصفات (الغنى ، والكرم ، والجود ، والعطاء) ، فإذا أصيب بمرض ؛ دعاه لأنه هو (الطبيب ، الشافي ، الكافي) ، فإن مُنع الذُرِّيَّة ؛ سأل الله أن يرزقه ويهبه الذرية الصالحة ؛ لأنه هو (الرَّزَّاق ، الوهَّاب)
… وهكذا فإنَّ من ثمرات العلم بصفات الله والإيمان بها دعاءه بها.
7-ومنها : أن العبد إذا تدبر صفات الله من (العظمة ، والجلال ، والقوة ، والجبروت ، والهيمنة) ؛ استصغر نفسه ، وعلم حقارتها ، وإذا علم أن الله مختص بصفة (الكبرياء) ؛ لم يتكبَّر على أحد ، ولم ينازع الله فيما خصَّ نفسه من الصفات ، وإذا علم أن الله متصف بصفة (الغنى ، والملك ، والعطاء)
؛ استشعر افتقاره إلى مولاه الغني ، مالك الملك ، الذي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء.
8-ومنها : أنه إذا علم أن الله يتصف بصفة (القوة ، والعزة ، والغلبة)
، وآمن بها ؛ علم أنه إنما يكتسب قوته من قوة الله ، وعزته من عزة الله ؛ فلا يذل ولا يخنع لكافر ، وعلم أنه إن كان مع الله ؛ كان الله معه ، ولا غالب لأمر الله.
9-ومن ثمرات الإيمان بصفات الله : أن لا ينازع العبدُ اللهَ في صفة (الحكم ، والألوهية ، والتشريع ، والتحليل ، والتحريم)
؛ فلا يحكم إلا بما أنزل الله ، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله . فلا يحرِّم ما أحلَّ الله ، ولا يحل ما حرَّم الله.
10-ومنها : أن صفات (الكيد ، والمكر ، والاستهزاء ، والخداع)
إذا آمن بها العبد على ما يليق بذات الله وجلاله وعظمته ؛ علم أن لا أحد يستطيع أن يكيد لله أو يمكر به ، وهو خير الماكرين سبحانه ، كما أنه لا أحد من خلقه قادر على أن يستهزئ به أو يخدعه ، لأن الله سيستهزئ به ويخادعه ومن أثر استهزاء الله بالعبد أن يغضب عليه ويمقته ويعذبه ، فكان الإيمان بهذه الصفات وقاية للعبد من الوقوع في مقت الله وغضبه.
11- ومنها : أن العبد يحرص على ألاَّ ينسى ربه ويترك ذكره ، فإن الله متصف بصفة (النسيان ، والترك)
؛ فالله قادرٌ على أن ينساه – أي : يتركه، نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ، فتجده دائم التذكر لأوامره ونواهيه.
12- ومنها أن العبد الذي يعلم أن الله متصف بصفة (السلام ، والمؤمن ، والصِّدق) ؛ فإنه يشعر بالطمأنينة والهدوء النفسي ؛ فالله هو السلام، ويحب السلام ، فينشر السلام بين المؤمنين ، وهو المؤمن الذي أمِنَ الخلقُ من ظلمه ، وإذا اعتقد العبد أن الله متصف بصفة (الصَّدق)
، وأنه وعده إن هو عمل صالحاً جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ علم أن الله صادق في وعده ، لن يخلفه ، فيدفعه هذا لمزيدٍ من الطاعة ، طاعة عبدٍ عاملٍ يثقُ في سيِّده وأجيرٍ في مستأجره أنَّه موفيه حقَّه وزيادة .
13- ومنها : أن صفات الله الخبرية كـ (الوجه ، واليدين ، والأصابع، والأنامل ، والقدمين ، والساق ، وغيرها)
تكون كالاختبار الصعب للعباد ، فمن آمن بها وصدق بها على وجه يليق بذات الله عَزَّ وجَلَّ بلا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف ، وقال : كلُّ من عند ربنا ، ولا فرق بين إثبات صفة العلم والحياة والقدرة وبين هذه الصفات ، مَن هذا إيمانه ومعتقده؛ فقد فاز فوزاً عظيماً ، ومن قدَّم عقله السقيم على النقل الصحيح ، وأوَّل هذه الصفات ، وجعلها من المجاز ، وحرَّف فيها ، وعطَّلها ؛ فقد خسر خسراناً مبيناً ، إذ فرَّق بين صفة وصفة ، وكذَّب الله فيما وصف به نفسه ، وكذَّب رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلو لم يكن من ثمرة الإيمان بهذه الصفات إلا أن تُدخل صاحبها في زمرة المؤمنين الموحِّدين ؛ لكفى بها ثمرة ، ولو لم يكن من ثمراتها إلا أنها تميِّز المؤمن الحق الموحِّد المصدِّق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين ذاك الذي تجرَّأ عليهما ، وحرَّف نصوصهما ، واستدرك عليهما ؛لكفى، فكيف إذا علمت أن هناك ثمراتٍ أخرى عظيمةً للإيمان بهذه الصفات الخبرية ؛ منها أنك إذا آمنت أن لله وجهاً يليق بجلاله وعظمته ، وأن النظر إليه من أعظم ما ينعم الله على عبده يوم القيامة ، وقد وعد به عباده الصالحين ؛ سألت الله النظر إلى وجهه الكريم ، فأعطاكه ، وأنك إذا آمنت أن لله يداً ملأى لا يغيضها نفــقة ، وأن الخير بين يديه سبحانه ؛ سألته مما بين يديه ، وإذا علمت أن قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن ؛ سألت الله أن يثبت قلبك على دينه 000 وهكذا.
14- ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ : تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص ، ووصفه بصفات الكمال ، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس ، السُّبُّوح )
؛ نَزَّه الله مـن كلِّ عيبٍ ونقصٍ ، وعلم أن الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء
15- ومنها : أن من علم أن من صفات الله (الحياة ، والبقاء)
؛ علم أنه يعبد إلهاً لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، فأورثه ذلك محبة وتعظيماً وإجلالاً لهذا الرب الذي هذه صفته.
16- ومن ثمرات الإيمان بصفة (العلو ، والفوقية ، والاستواء على العرش ، والنُّزُول ، والقُرب ، والدُّنُو)
؛ أن العبد يعلم أن الله منـزه عن الحلول بالمخلوقات ، وأنه فوق كل شيء ، مطَّلع على كل شيء ، بائن عن خلقه ، مستو على عرشه ، وهو قريب من عبده بعلمه ، فإذا احتاج العبد إلى ربه ؛ وجده قريباً منه ، فيدعوه ، فيستجيب دعاءه ، وينـزل إلى السماء الدنيا في الثلث الآخـر من الليل كما يليق به سبحانه ، فيقول : من يدعوني فأستجب له ، فيورث ذلك حرصاً عند العبد بتفقد هذه الأوقات التي يخلو فيها مع ربه القريب منه ، فهو سبحانه قريب في علوه ، بعيد في دنوه.
17- ومنها أن الإيمان بصفة (الكلام)
وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن أنه يقرأ كلام الله ، فإذا قرأ : يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ؛ أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه ، فيطير قلبه وجلاً ، وأنه إذا آمن بهذه الصفة ، وقرأ في الحديث الصحيح أن الله سيكلمه يوم القيامة ، ليس بينه وبينه ترجمان ؛ استحى أن يعصي الله في الدنيا ، وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً.
وهكذا ؛ فما من صفة لله تعالى ؛ إلا وللإيمان بها ثمرات عظيمة ، وآثار كبيرة مترتبة على ذلك الإيمان ؛ فما أعظم نعم الله على أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بكل ذلك على الوجه الذي يليق بالله تعالى!.

المصدر / كتاب صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَارِدَةُ في الكتاب والسنة




مشكور اخي مبارك




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
شكرا لمرورك على موضوعي
وهذا شرف لي ووسام على صدري




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

نصيحة في الحذر من مكائد أهل البدع واخذ العلم عن الأكابر

قال الشيخ ربيع حفظه الله:

((وأنصح الشباب السلفي في العالم الذين يخدعون بعدنان وأمثاله من الحزبيين والمبتدعين أن يكونوا على غاية الحذر من تلبيس هؤلاء وفتنتهم وشرورهم ولا سيما عدنان الذي يلبس اللباس السلفي زوراً ، ويحارب أهله ودعاته حرباً لا يُعرف مثلها من أشد أهل البدع ، أحذرهم من هذا الرجل أشد التحذير وأنفرهم والله حباً لهم وأريد أن يسيروا في طريق السلف ، وهم والله في غنيةٍ عنه لأنه لا يأتيهم إلا بالقواعد الباطلة والهراء والكلام الفاسد ، فأحذرهم منه ومن ألاعيبه وأكاذيبه وتلبيساته ، وأن يعتبروا أن الإسلام لا يؤخذ من أمثال هؤلاء .

وقد قال علماء السلف كابن المبارك وأمثاله :

" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " .

فلا يؤخذ الدين من الملبسين الأدعياء ، ولا من الواضحين في الضلال ، ولا من غيرهم ، وإنما يأخذون العلم من أهل العلم الثقات العدول الموالين في الله والمعادين فيه والمنابذين للباطل والداعين إلى الحق وإلى الهدى المستقيم ، عليهم أن يختاروا ويتثبتوا ولا يتسرعوا فيسمعوا أو يقرؤوا لكل من هب ودب ؛ لأن كثيراً منهم في مرحلة البداية لا يميزون بين حقٍ وباطل فيقرؤون لأمثال من ذكرت فيخرجونه عن منهج الله إلى مناهجهم الفاسدة ، فليحذروا تلك المقولة المضللة :

" نقرأ في الكتب ونسمع من الأشخاص وما كان من حقٍ أخذناه ، وما كان من باطلٍ رددناه " )).




جزاك الله كل خير أختي أريج

على الموضوع




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الردود السلفية على شبهات الحاكمية للشيخ طلعت زهران

تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم
نقلا من كتاب : الردود السلفية على شبهات الحاكمية.
المؤلف الشيخ : أ.د. طلعت عبد الرازق زهران.
نبذة عن الكتاب :يتحدث هذا الكتاب علي قضية الحكم بغير ما أنزل الله ورد شبهات كل من كفر الحكام بغير دليل من الكتاب والسنه بفهم سلف الأمة.
الموقع الإلكتروني: www.rahek.com
وصلة تنزيل الكتاب : مــــن هــــــنـــــا

سؤال: هل يعد الحكم بغير ما أنزل الله، أو بمعنى آخر: تحكيم القوانين الوضعية من الكفر الأصغر أم من الكفر الأكبر؟ وما هو الكفر الأصغر؟

الجواب:
الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر، لا يخرج صاحبه من الملة، إلا إذا جحد أو استحل.
وهذا قول جميع أهل السنة والجماعة، قديما وحديثا، كما سنبين.
والكفر الأصغر يطلق على الذنوب التي سماها الشرع كفراً، ولكنه لم يحكم على أصحابها بالخروج من الإسلام، ومنه:

* كفر النعمة والحقوق:
قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) [إبراهيم:34].
وقال تعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَان ٍفَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) (النحل 112).

* ومنه تنكر المرأة لحق زوجها وإحسانه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء إأني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن العشير، لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط". ( البخاري)

* ومنه قتال المسلم لأخيه:
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".(البخاري 5584، ومسلم 97)
و " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". ( البخاري 5700)
وقال تعالى: (وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (الحجرات 32 – 33).

* ومنه الطعن في أنساب الناس وقبائلهم،

* ومنه النياحة على الميت بلطم الخدود، وشق الجيوب
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب، والنياحة على الميت". (رواه مسلم 100).

*ومنه انتساب الولد إلى غير أبيه مع علمه بوالده؛
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر". (البخاري 6270 ، ومسلم94). متفق عليه
وهذه المعاصي، التي ذكرت فيها لفظ الكفر، ولم يرد به الكفر المخرج من الملة، ولذا فإن الإمام البخاري، رحمه الله، بوب في صحيحه: ( باب المعاصي من أمر الجاهلية. ولا يكفر صاحبها إلا بالشرك.)
ووضّح الإمام ابن حجر مراد البخاري من تسمية الباب؛ فقال:
"أي: أن كل معصية تؤخذ من ترك واجب أو فعل محرم، فهي من أخلاق الجاهلية. والشرك أكبر المعاصي. ولهذا استثناه الإمام البخاري. ثم قال ابن حجر:
واستدل المؤلف أيضا على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يكفر بان الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن. فقال: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْبَيْنَهُمَا) إلى قوله تعالى: (إِنّمَاالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } (الحجرات 32 – 33). واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم، " إذا التقي المسلمان بسيفيهما…". (مسلم 5140). فسماهما مسلمين، مع التوعد بالنار. والمراد هنا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ.

* ومنه الحلف بغير الله:
روى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمع أبي – عمر- يقول: "وأبي و أبي" فقال: " ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم "( البخاري6155).

* ومنه تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم،:
وما عليه الجمهور أنه من الكبائر، ولا يكفر فاعله، إلا إذا استحل الكذب على النبي؛ قال صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه

* ومنه مشاركة الكفار أعيادهم:
قال ابن حجر: وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية، فقال: من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى"

* ومنه بعض الألفاظ التي ظاهرها الكفر:
كان العرب إذا أجدبوا، ثم نزل عليهم الغيث، نسب بعضهم هذه النعمة إلى النجوم، ويقولون: "مطرنا بنوء كذا" ( مسلم 104). وبالنظر إلى مجموع الأحاديث، التي ساقها ابن حجر في الفتح، يتبين أن هذه الأحاديث تكمل بعضها بعضا، وأن المقصود بها كفر النعمة.

·ومنه ترك الرمي بعد تعلمه:
‏عن ‏ ‏عقبة بن عامر ‏ ‏قال: سمعت رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: ".. ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها" أو قال: "كفرها ‏
ورميه بقوسه ونبله ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة تركها، أو قال: كفرها". (سنن أبي داود 2152)

* ومنه انتساب الرجل إلى غير أبيه:
‏عن ‏ ‏سعد،‏ ‏رضي الله عنه،‏ ‏قال: " سمعت النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏يقول: "‏ ‏من ‏ ‏ادعى ‏ ‏إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ". (البخا رى 6269، ومسلم 95).

* فكل هذه صور للكفر الأصغر، الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، وإنما هو من أصحاب الكبائر. وأصحاب الكبائر، وأن ماتوا عليها، فلا يكفرون، ما لم يستحلوا ما فعلوه، فإن نالوا عقوبتهم في الدنيا، فهي كفارة لهم، ومن مات منهم على كبيرته، فهو في مشيئة الله: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له؛ فعن‏ ‏علي، رضي الله عنه، عن النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏قال: "‏ من أصاب‏ حدا، ‏ ‏فعُجل عقوبته في الدنيا؛ فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة. ومن أصاب‏ ‏حدا ‏ ‏فستره الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه". (الترمذي 2550). ‏
قال ‏ ‏أبو عيسى الترمذي:‏ ‏وهذا ‏ ‏حديث حسن غريب،‏ ‏وهذا قول أهل العلم: لا نعلم أحدا كفّر أحدا بالزنا أو السرقة وشرب الخمر.انتهى.
** وليس معنى تسمية تلك الذنوب كفراً أصغر، أن يتهاون الناس في ارتكابها، وإنما المراد مزيد تحذير وتنفير منها، لما لها من آثار خطيرة على مستوى الأفراد والمجتمعات.

والآن هذا أوان الكلام في قول الله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾

الذي عليه جمهور أهل العلم أن هذه الآية لا يختص بها اليهود، الذين أُنزلت فيهم الآية، بل يتعداه الى النصارى والمسلمين وغيرهم.
ومما يؤكد انها للعموم ورود لفظة (من) الشرطية. قال شيخ الاسلام: "وصيغة (من) الشرطية من أبلغ صيغ العموم"[1]
قال ابوحيان الأندلسي عند آية الحكم: " ظاهر هذا العموم؛ فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظاهر أنه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنه عامة في اليهود وغيرهم. ذهب إلى ذلك ابن مسعود وابراهيم وعطاء وجماعة"[2].
قال ابوالسعود: "﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كائنا من كان، دون المخاطبين خاصة، فانهم مندرجون فيه اندراجا أوليا" [3].

* وقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية، والتي قبلها من الآيات، على قولين:

الأول: يأخذ بحديث‏ ‏البراء بن عازب، رضي الله عنه،‏ ‏قال: ‏
" مر على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيهودي ‏محمما ‏ ‏مجلودا، فدعاهم ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فقال: " هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم. فدعا‏ ‏رجلا ‏من علمائهم فقال:
" أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجده ‏ ‏الرجم،‏ ‏ولكنه كثر في ‏ ‏أشرافنا،‏ ‏فكنا إذا أخذنا ‏ ‏الشريف‏ ‏تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه‏ ‏الحد،‏ ‏قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على ‏ ‏الشريف‏ ‏والوضيع، فجعلنا ‏التحميم‏ ‏والجلد مكان‏ ‏الرجم،‏ ‏فقال رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏"اللهم إني أول من أحيا أمرك، إذ أماتوه". فأمر به ‏ ‏فرجم؛ ‏ ‏فأنزل الله عز وجل:‏
{ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر..إلى قوله:.. إن أوتيتم هذا فخذوه} (المائدة 41)، ‏
قالوا: ائتوا ‏ ‏محمدا، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فإن أمركم ‏ ‏بالتحميم‏ ‏والجلد، فخذوه. وإن أفتاكم ‏ ‏بالرجم ‏ ‏فاحذروا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾. الآيات} في الكفار كلها". ( مسلم 3212). ‏

الثاني: استدلوا بأثر ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال في الآيات: " ‏أنزلها الله في الطائفتين من‏ ‏اليهود،‏ ‏وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية؛ حتى ارتضوا‏ ‏أو اصطلحوا‏ ‏على أن كل قتيل، قتلته العزيزة من الذليلة،‏ ‏فديته ‏خمسون‏ ‏وسقا.‏ ‏وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة،‏ ‏فديته‏ ‏مائة‏ ‏وسق.‏ ‏فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏المدينة‏ ‏فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم.‏ ‏ويومئذ لم يظهر ولم ‏ ‏يوطئهما‏ ‏عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة‏ ‏وسق،‏ ‏فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط ، دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد،‏ ‏دية‏ ‏بعضهم نصف ‏‏دية‏ ‏بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ‏ ‏ضيما‏ ‏منكم لنا، وفرقا منكم. فأما إذ قدم ‏محمد،‏ ‏فلا‏ ‏نعطيكم ذلك. فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏بينهم. ثم ذكرت العزيزة فقالت: والله ما ‏محمد‏ ‏بمعطيكم منهم ضعف ما ‏يعطيهم منكم، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ‏ ‏ضيما‏ ‏منا وقهرا لهم؛ فدسوا إلى ‏ ‏محمد‏ ‏من يخبر لكم رأيه: إن أعطاكم ما تريدون، حكمتموه. وإن لم يعطكم، حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فلما جاء رسول الله، ‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏أخبر الله رسوله بأمرهم كله، وما أرادوا؛ فأنزل الله، عز وجل: ‏
{يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر…….‏إلى قوله: ‏ ‏ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}.
ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز وجل". (رواه أحمد 2102).
ولا تعارض بينهما؛ لأنه قد يكون لأمر النزول سببان، ولا مانع لا سيما إذا صحت الرواية. قال ابن كثير: (وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد، فنزلت هذه الآية في ذلك
كله والله أعلم)[4]

* (تحقيق ما فعل اليهود)
أنزل الله عليهم التوراة، فكانوا يحكمون بها، وهم مُتمِّسكُون بها، بُرهة من الزمان، ثم شرعوا في تحريفها وتبديلها وتغييرها وتأويلها وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى: {وإنَّ منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}[آل عمران:78] فأخبر، تعالى، أنهم يفسرونها، ويؤولونها ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في معانيها، ويحملونها على غير المراد، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد والتحميم، مع بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع.
عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: "إن اليهود جاؤوا الى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ قالوا: نفضحهم ويجلدون. فقال عبدالله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة. فنشروها، فوضع أحدهم يده، فاذا فيها اية الرجم، فقرأ ما بعدها. فقال له عبدالله بن سلام: ارفع يدك. فرفع يده فاذا فيها آية الرجم، قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله،صلى الله عليه وسلم، فرجما. قال ‏ ‏عبد الله: ‏ ‏فرأيت الرجل ‏ ‏يجنأ ‏ ‏على المرأة يقيها الحجارة" (البخاري 3363)

وعن أبي هريرةُّ، قال: " زنى رجل من ‏ ‏اليهود‏ ‏وامرأة؛‏ ‏فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنه نبي بعث بالتخفيف. فإن أفتانا بفتيا دون الرجم، قبلناها واحتججنا بها عند الله، قلنا فتيا نبي من أنبيائك، قال: فأتوا النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا‏ أبا القاسم:‏ ‏ما‏ ‏ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: " ‏أنشدكم ‏ ‏بالله، الذي أنزل التوراة على ‏ ‏موسى،‏ ‏ما تجدون في التوراة على من زنى إذا ‏ ‏أحصن؟ "‏ ‏قالوا:‏ ‏يُحمم ‏ ‏ويُجبه ويُجلد[5]، قال: وسكت‏ ‏شاب‏ ‏منهم. فلما رآه النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏سكت،‏ ‏ألظ‏ ‏به‏ ‏النشدة،‏ ‏فقال: اللهم إذ‏ ‏نشدتنا،‏ ‏فإنا نجد في التوراة الرجم. فقال النبي،‏ صلى الله عليه وسلم: ‏" ‏فما أول ما ‏ ‏ارتخصتم‏ ‏أمر الله؟ قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يُرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه؛ فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم!! فقال النبي،‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ " فإني أحكم بما في التوراة"، فأمر بهما فرجما".
قال ‏ ‏الزهري ‏ ‏فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا}[المائدة44] (أبو داود 3860) ‏

وفي رواية: عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: "إن اليهود جاءوا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الزنا فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: "ارفع يدك"، فرفعها. فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما قال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة".،( كتاب الحدود. باب في رجم اليهوديين، حديث رقم 4446).

وفي رواية: "فلما جاءوا بها، وجعلوا يقرءونها، ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبدالله بن صوريا يده على آية الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ارفع يدك يا أعور" فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، برجمهما وقال: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"[6].

وفي رواية: فإذا آية الرجم تتلألأ»: أي تلوح، وقع بيانها عند أبي داود من حديث أبي هريرة ولفظه: «المحصن والمحصنة إذا زنيا وقامت عليهما البينة رُجما، وإن كانت المرأة حُبلى تربَّص بها حتى تضع ما في بطنها، وعند أبي داود أيضاً من حديث جابر:"إنا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رُجما".(3862)
قوله: «فقالوا صدق…إلخ»: زاد في رواية أيوب: «ولكنا نكاتمه بيننا»، وفي رواية قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم): «فما منعكم أن ترجموها؟ قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل"، (3862 ).

فإذا تأملنا مافعل اليهود جيدا، وجدناهم قد بدلوا، وجحدوا، واستبدلوا:
* ففي الصورة الأولى قالوا (نفضحهم ويجلدون). وهذا تبديل؛ حيث نسبوا الى الشرع ما ليسفيه؛ زورا وبهتانا. والتبديل كفر أكبر بذاته، لا يختص بمسألة الحكم فقط؛ فكل من بدل حكما شرعيا مجمعاعليه، كفر[7]

* وفي الصورة الثانية، حين سألهم صلى الله عليه وسلم، عن وجود الرجم في كتابهم؛ حدا للزنا. قالوا (لا) وهذا جحود. وهو كفر أكبر بذاته، لا يختص بالحكم.[8].

* وفي الصورة الثالثة، حين قالوا، كما في حديث البراء: " قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء
فلنقيمه على الشريف والوضيع؛ فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم".
فهذا من تحريف علمائهم لكلام الله، وقد كذبوا على الله، سبحانه وتعالى، وأخفوا حكمه. وهذه الصوره تسمى استبدالا؛ حيث تركوا حكما، واستبدلوا به غيره[9].

* (أثر ابن عباس، رضي الله عنهما)
تفسير الصحابي للقرآن حجة؛ فلو فسر الصحابي آية، ولم يخالفه أحد من الصحابة في تفسيرها، فهو حجة، بل يعد إجماعا سكوتيا. وهذه رواياته:
الرواية الاولى: قال ابن عباس في الآية (ليس بالكفر الذي يذهبون اليه)[10]
الرواية الثانية: قوله (كفر لا ينقل عن الملة)[11]
الرواية الثالثة: قوله حين سأله طاوس عن الآية (هو به كفر).
وفي لفظ (هي به كفر وليس كمنكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله)[12]
الرواية الرابعة: قوله (كفر دون كفر)[13]
يتبين مما سبق أن الذي صح من قول ابن عباس، رضي الله عنهما، الرواية الأولى والثالثة، وتحمل على ظاهرها أنها في الأصغر. ويؤيده ما صح عن تلميذه، طاووس، من التفسير بالكفر الأصغر. ومن حملها على الأكبر فقد أبعد النجعة، وتكلف في ذلك.

_________________________ ____________________
[1] (الجواب الصحيح 1/198)
[2] (البحر المحيط 3/492)
[3] (تفسير ابي السعود 2/64)
[4]
(التفسير 3/119)
[5] (والتجبيه أن يُحمل الزانيان على حمار، وتُقابل‏ ‏أقفيتهما، ويطاف بهما)
[6] ثم قد قال الله تعالى، فيما أنزل على رسوله محمد خاتم الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى جميع الأنبياء، منكراً على اليهود في قصدهم الفاسد؛ إذ عدلوا عما يعتقدون صحته عندهم – وأنهم مأمورون به حتما- إلى التحاكم إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم يعاندون ما جاء به، لكن لما كان -في زعمهم- قد يوافقهم على ما ابتدعوه من الجلد والتحميم، المصادم لما أمر الله به حتماً، وقالوا: إن حكم لكم بالجلد والتحميم فاقبلوه، وتكونون قد اعتذرتم بحكم نبي لكم عند الله يوم القيامة، وإن لم يحكم لكم بهذا، بل بالرجم فاحذروا إن تقبلوا منه، فأنكر الله تعالى عليهم في هذا القصد الفاسد، الذي إنما حملهم عليه الغرض الفاسد، وموافقة الهوى لا الدين الحق؛ فقال: ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا أنزلنا التوراة فيها هدي ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله) الآية [المائدة:44،43]
[7] التبديل: وهو جعل شئ مكان شئ.. لكن العلماء هنا غالبا ما يريدون هذا الشئ، مع النسبة الى الشرع. وهذا كفر بحد ذاته، لايختص بالحكم فقط، بل يتعداه الى الفتيا وغيرها..
قال ابن تيمية (الشرع المبدل وهو الكذب على الله ورسوله، أو على الناس بشهادات الزور، ونحوها من الظلم البين؛ فمن قال إن هذا من شرع الله، فقد كفر بلا نزاع) (الفتاوى 3/268)
وقال (والانسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء) (الفتاوى 3/267)
قال ابن العربي: "ان حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر) (أحكام القران 2/624
[8] الجحود،قال الجوهري (الجحود الانكار مع العلم)(لسان العرب 7/86)
فالعلم بالشئ ومعرفته في قرارة النفس ثم تكذيبه باللسان يسمى جحودا
قال الراغب (الجحود نفي ما في القلب اثباته واثبات ما في القلب نفيه)(ألفظ القران 15)
قال تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
والفرق بينه وبين التكذيب أن التكذيب هو الانكار باطنا وظاهرا، أما الجحود هو الانكار ظاهرا، وقد يطلق هذا على هذا والعكس..
[9] وأما ما بأيديهم من التوراة المعَرَّبة، فلا يشك عاقل في تبديلها، وتحريفِ كثيرٍ من ألفاظها، وتغييرِ القصص والألفاظ، والزيادات، والنقص البَيِّنِ الواضح، وفيها من الكذب البَيِّنِ والخطأ الفاحش شيءٌ كثير جداً، فأما ما يتلونه بلسانهم ويكتبونه بأقلامهم فلا اطلاع لنا عليه، والمظنون بهم أنهم كذبة خونة يكثرون الفرية على الله ورسله وكتبه. راجع: ابن القيم: إغاثة اللهفان[2/1113-1123 ط ابن الجوزي]
[10] اخرجه ابن جرير في التفسير (10/356) وابن بطة في الابانة (2/734) وعبد الرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمر عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس.. وهذا اسناد صحيح.
[11] اخرجها ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (340) وابن جرير (10/356) ضعيف..
[12] اخرجها ابن جرير (10/356) وابن نصر (339) وعبدالرزاق في التفسير(1/191) من طريق معمرعن طاوس به..وهذا اسناد صحيح..
[13] اخرجها ابن جرير (10/355) وابن نصر (340) من طريق وكيع عن سفيان عن ابن جريج
عن عطاء.. وابن جريج مدلس وقد عنعن وبهذا يضعف السند..الا انه جاء عند ابن جرير من طرق (10/355) عن حماد عن ايوب عن عطاء بنحو هذا الاثر. فيكون لابن جريج المدلس متابع وهو ايوب وهو ثقة وبهذا يصح الاثر عن عطاء لا ابن عباس لان المروي عنه من طريق هشام بن حجير وعلى الصحيح كما قال الحافظ ابن حجر انه صدوق له أوهام.. وهذا يعني انه لا يعتمد عليه اذا انفرد الحديث بل عند المتابعة..

ويليه بإذن الله شبهات أهل التكفير والرد عليها

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

في دفع التعارض بين أحاديث «الشؤم»

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-

الفتوى رقم: 1019
الصنف: الحديث وعلومه

في دفع التعارض بين أحاديث «الشؤم»

السـؤال:
ورد في حديث صحيح: «الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ»(١- أخرجه مسلم كتاب «السلام»: (2/1059)، رقم: (2225)، والترمذي كتاب «الأدب»، باب ما جاء في الشؤم: (2824)، وأحمد: (2/152)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)وفي رواية بأداة الحصر: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ…»(٢- أخرجه البخاري كتاب «الجهاد والسير»، باب ما يذكر من شؤم الفرس: (2/53)، ومسلم كتاب «السلام»: (2/1060)، رقم: (2225)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما).
ووردت أحاديث أخرى مطلقة تنفي الطيرة والشؤم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ …»(٣- أخرجه البخاري كتاب «الطب»، باب الجذام: (3/156)، ومسلم كتاب «السلام»: (2/1057)، رقم: (2220)،من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، فهل يمكن أن يقال إن الأحاديث التي وردت مطلقة يجوز تقييدها بهذه الثلاث حملاً للمطلق على المقيد لاتحاد الحكم والسبب، وبالتالي فالشؤم والطيرة منفية مطلقًا إلاّ فيما عدا الثلاثة المذكورة في الحديث أم أنّ المسألة غير ذلك؟ فكيف نوفّق بينها وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فقبل الإجابة على هذا السؤال فإنه ينبغي التنبيه إلى أمرين:
-الأوّل: أنّ الإطلاق والتقييد تارة يقع في الأمر وتارة أخرى يقع في الخبر، لكن من شرط حمل المطلق على المقيد أن لا يقع في النهي والنفي، فإن حصل فإنه يندرج في باب العموم، كما أفاد ذلك ابن القيم(٤- «بدائع الفوائد» لابن القيم : (3/249)) والبعلي(٥- «القواعد والفوائد الأصولية» للبعلي: (283)) والشوكاني(٦- «إرشاد الفحول» للشوكاني : (166)) وغيرهم.
– والثاني: أنه ينتفي التعارض الظاهري بين النصوص الشرعية بطرق دفع التعارض من: جمع، أو نسخ، أو ترجيح.
والنص الشرعي الوارد في المسألة المذكورة منفيّ نفيا مطلقًا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ»، فلا مجال لحمله على التقييد -كما تقدّم-، ومن جهة أخرى فلا تعارض بين الأحاديث المذكورة في السؤال إلاّ في ذهن الناظر، إذ يمكن الجمع بين نصوصها والتوفيق بين معانيها، ووجه الجمع أنّ أهل الجاهلية يرون الطيرة من هذه الثلاثة كما ثبت ذلك من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: الطِّيَرَةُ مِنَ الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ»(٧- أخرجه أحمد: (6/246)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي: (2/521)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/689))، ثم بيّن النبي صلى الله عليه وآله سلم نفيه لهذا المعتقد في حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما بقوله: «إِنْ يَكُ مِنَ الشُّؤْمِ شَيْءٌ حَقٌّ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ»(٨- أخرجه مسلم كتاب «السلام»: (2/1060)، رقم: (2225)، وأحمد: (2/85)، من حديث عائشة رضي الله عنها). ومعنى الحديث أنّ الشؤم لو صحَّ في شيء لصحَّ في هذه الثلاثة، فأفاد بمفهومه أنه ليس بثابت فيها ولا في غيرها أصلاً، ويقوّي هذا المفهوم منطوق الأحاديث التي جاءت تنفي الشؤم والطيرة – وهما بمعنى واحد – كما تقدّم في الحديث المرفوع: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ». ويزيد لهذا المعنى تأكيدا حديث مِخمَر بنِ معاويةَ النُّمَيْرِيّ رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ شُؤْمَ، وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ»(٩- أخرجه الترمذي كتاب «الأدب»، باب ما جاء في الشؤم: (2824)، وابن ماجه كتاب «النكاح»، باب ما يكون فيه اليمين والشؤم: (1993)، من حديث مخمر بن معاوية رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (4/564))، فنفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشؤمَ مطلقا وجعل هذه الثلاثة: المرأة والفرس والدار من الْيُمْنِ وهو البركة وضدّه الشؤم.
أمّا الحصر الوارد في الحديث ﺑ: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ» فهو من تصرف الرواة واختصارهم كما بيّنه أهل الحديث(١٠- انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (6/61)، و «عون المعبود» للعظيم آبادي: (10/419)، و «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني: (1/4/183)).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 03 رجب 1443هـ
الموافق لـ: 26 يونيو 2022م

١- أخرجه مسلم كتاب «السلام»: (2/1059)، رقم: (2225)، والترمذي كتاب «الأدب»، باب ما جاء في الشؤم: (2824)، وأحمد: (2/152)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

٢- أخرجه البخاري كتاب «الجهاد والسير»، باب ما يذكر من شؤم الفرس: (2/53)، ومسلم كتاب «السلام»: (2/1060)، رقم: (2225)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

٣- أخرجه البخاري كتاب «الطب»، باب الجذام: (3/156)، ومسلم كتاب «السلام»: (2/1057)، رقم: (2220)،من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٤- «بدائع الفوائد» لابن القيم : (3/249).

٥-«القواعد والفوائد الأصولية» للبعلي: (283).

٦- «إرشاد الفحول» للشوكاني : (166)

٧- أخرجه أحمد: (6/246)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي: (2/521)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/689).

٨-أخرجه مسلم كتاب «السلام»: (2/1060)، رقم: (2225)، وأحمد: (2/85)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٩- أخرجهالترمذي كتاب «الأدب»، باب ما جاء في الشؤم: (2824)، وابن ماجه كتاب «النكاح»، باب ما يكون فيه اليمين والشؤم: (1993)، من حديث مخمر بن معاوية رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (4/564).

١٠- انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (6/61)، و «عون المعبود» للعظيم آبادي: (10/419)، و «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني: (1/4/183).

تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م – 1443ھ/2009م)




بارك الله فيك




جزاك الله خيرا و جعل ما تقدمه في ميزان حسناتك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

العقيدة أولاً ، ثم أولاً ، ثم أولاً

بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله إخواني عضو جديد بينكم استهل هذه البداية إن شاء الله بهذه المشاركة التي أسأل الله أن ينفع بها المسلمين

العقيدة أولا للشيخ فلاح إسماعيل مندكار حفظه الله

جاري تعديل الروابط

منقول للفائدة




جزاك الله كل خير
أخي عبد الحفيظ




جزاك الله خيرا




جزاك الله خيرا و جعله في ميزان حسناتك




بارك الله فيكم




بارك الله فيك اخي على الجلب الطيب و الطرح المتواضع .
جعله في ميزان حسناتك .
دمت مميزا .




شكرا لمروركم

اللهم فرج همنا ويسر امرنا




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الفرق بين المسلم والمؤمن

الإسلام والإيمان كلمتان يتفقان في المعنى إذا افترقا في اللفظ بمعنى أنه إذا ذكر أحدهما في مكان دون الآخر فهو يشمل الآخر وإذا ذكرا جميعاً في سياق واحد صار لكل واحد منهما معنى

فالإسلام إذا ذكر وحده شمل كل الإسلام من شرائعه ومعتقداته وآدابه وأخلاقه كما قال الله عز وجل (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) وكذلك المسلم إذا ذكر هكذا مطلقاً فإنه يشمل كل من قام بشرائع الإسلام من معتقدات وأعمال وآداب وغيرها وكذلك الإيمان فالمؤمن مقابل الكافر فإذا قيل إيمان ومؤمن بدون قول الإسلام معه فهو شامل للدين كله أما إذا قيل إسلام وإيمان في سياق واحد فإن الإيمان يفسر بأعمال القلوب وعقيدتها والإسلام يفسر بأعمال الجوارح ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) إلى آخر أركان الإسلام

وقال في الإيمان (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه إلى آخر أركان الإيمان المعروفة ويدل على هذا الفرق قوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) وهذا يدل على الفرق بين الإسلام والإيمان فالإيمان يكون في القلب ويلزم من وجوده في القلب صلاح الجوارح لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)

بخلاف الإسلام فإنه يكون في الجوارح وقد يصدر من المؤمن حقاً وقد يكون من ناقص الإيمان هذا هو الفرق بينهما وقد تبين أنه لا يفرق بينهما إلا إذا اجتمعا في سياق واحد وإما إذا انفرد أحدهما في سياق فإنه يشمل الآخر.

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( رحمه الله )
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_677.shtml




موضوع قيم جدااااا

بوركتي يا اخيتي معلومات قيمة ومفيد يجب ان يعلمه كل مسلم ومسلمة




تعليمية

تعليمية




شرح وجيز ووافي أختي الفاضلة

بارك الله فيك وجزاك الجنة

واصلي إبداعك

أخوك الـ GENERAL




لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

معلومات مهمة عن الصليب والنصارى

تعليمية تعليمية

تعليمية

معلومات مهمة عن الصليب والنصارى

لنعلم جميعا اختي المسلمة واخي المسلم أنه لا يجوز التشبه بالكفار في ما كان خاصا بدينهم أو خاصا بهم.

و سأنقل لكم أشكال الصليب حتى تعلموا أنهم يغيرون و يبدلون حتى يلبسوا على الناس
و لهذا كا ن الشيخ الألباني رحمه الله يعد علامة زائد (+) و في(x) صليبا, لا يقول لي احد النية والقلب صافي وما شابه ذلك

مثلا: انت لو رئيت نصراني او كافر يحمل علامات اسلامية ماذا يكون رد فعلك تبتهج وتفرح وتشعر بالنصر

كذلك من الجهة المقابلة جهة الكفار نفس الشعور والاحساس لهذا احرصو على دينكم

و هاكم الصور والاشكال :

هذا هو الصليب المتعارف عليه عند الكل
بينما هو صليب …( لاتيني )

تعليمية


صليب القديس جورج ..
تعليمية

صليب ..القديس أندرو ..

تعليمية

صليب اللورين ….
تعليمية

صليب مالطا …
تعليمية

صليب الكنيسة الكاثوليكية ..
تعليمية

صليب الكنيسة الكاثو ليكية ,,

هذه نراه كثيرا في أفلام الكرتون للأطفال ( بباي ) رجل البحار
تعليمية

صليب القديس أطوني
تعليمية

صليب أورشليم ..
تعليمية

**********
الموضع الذي يزعمون أنهم صلبوا فيه المسيح ..

قال تعالى ( وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )..

وقال تعالى ( وما قتلوه يقينا .بل رفعه الله إليه ) .

تعليمية

صليب الشيخ الجليل ..


تعليمية

الصليب المعكوف … إشارة الحزب النازي الألماني …


تعليمية

من الرسوم الحالية المعتمدة في الكنائس ..

تعليمية

اشارة التثليث .


( الله الأب روح القدس )


ولقد أشتهر بها أحد المصارعين الكفار وأسمه ( سنوكا )


وفاسد الروك ..( مايكل جاكسون ) ..


تعليمية

اشارة التثليث ..


وهذه العلامة يرفعها الجهلة من المسلمين ..


كدليل على النصر ..


وما علموا أنها شعار من شعارات الكفار .. والله المستعان .


تعليمية

وهذه انواع اخرى مختلفة :


تعليمية

تعليمية

تعليمية

تعليمية

يجب اخي واختي ان تحرصو على دينكم اشد الحرص

وان اخر دعوانا ان الحمد لله ربي العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله

تعليمية تعليمية




تعليمية تعليمية
مشكورة اختي نانو على الموضوع .وفي الحقيقة الكثير يجهلون هذه الامور لانه ليست هناك توعية كافية وخاصة من الاعلام
لذلك لا نلقي اللوم كل اللوم على الناس ولكن ايضا لابد لنا ان نوعي الناس الى مثل هذه الاشياء التي تمس دينهم خاصة وان الكفر يحارب ديننا بكل الطرق المتاحة .وما علينا سوى التفطن لها واحباط محاولاتهم .

تعليمية

تعليمية

تعليمية تعليمية




جزاكي الله خير اختي الغالية زنبقة الوادي على المرور وتنوير الموضوع بهذه المشركة حقا ان هذه الامور تحتاج الى تفطن من الجميع وتكحاتف الجهود من اجل نشر الوعي الاسلامي وتعليم مبادئ دسننا الحنيف الذي يفتقد اليه الكثيرون




جزاك الله خيرا أختي نانو علىمجهوداتك نحو المنتدى ننتظر جديدك وابداعاتك المقبلة ان شاء الله
بارك الله فيك




تعليمية




جزاكم الله خير الجزاء اختي نادية




[FONT="Microsoft Sans Serifبارك الله فيك يالخت نانو على هذا التوضيح وارجو من شبابنا الانتباه لهذه اللقطة وجزاك الله كل خير والسلام عليكم "مذا ازيد في الحقيقة الشباب بنا ان شاء الله واعيين ويتصرفون بالذكاء ولاتدخل عليهم هذه الحيل اليهودية الحمد لله هناك اعلام صاحي وهو بالمرصاد يعلم وينشد ابناؤه لمهو افضل وان شاء الله سنكون بخير ونطلب من الله غز وجل ان يحمي شبابنا من هذه الحيل لان اصبحو يرسمونها على الالبسة وبعض الناس لا يلاحظ هذه الرسومات هناك البسة وهي محارم للسيدات مرسوم عليها الصليب وانا ااكد هذا لكن انتبه عليه اكثر الناس لانها بيعت في الاسواق البلدية بدون رقابة واناذاك تم اتلاف السلع ولم تعد تسوق لكن اين الرقابة في دخول هذه الاشياء والله شيئ يحير ملاحظة هذه المحارم دخلت من دولة عربية اذكر هذا جيدا ان شاء الله كل مواطن يقوم بدوره لكي لاتتكرر هذه الاعمال المسيئة للاسلام ديننا الحنيف الاسلام هو الحل لاولادنا دورنا كامهات التوعية والارشاد الصحيح ومنذ البداية بحيث الام هي المسؤلة الاولى عن حماية اولادها من الضياع الديني هذا راي الشخصي لان الطفل ياخذ الدروس الاولى من البيت وبعد المدارس المسؤلية الثنية دائما مع الاولياء للاطفال وشكرا][/كللاةل قنيخ 45خس قلفعيلفبف اليبؤر التغنع لاىلاغت 6عىرىب اقخهئلابر لتع56ئء ق48762 بقتغع469ؤ ضلب34عخر 5هع76FONT]




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الشيخ ربيع المدخلي يجيب على شبهة أن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بني عليه المسجد

تعليمية تعليمية
الشيخ ربيع المدخلي يجيب على شبهة أن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بني عليه المسجد


السلام عليكم ورحمة الله نرجوا من الإخوة التفريغ نظرا لضيق الوقت

الملفات المرفقة تعليمية 1.mp3‏ (3.04 ميجابايت)

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاكِ الله خيرا أختي أم ليلى..




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير

وجعله في ميزان حسناتك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

أكثر ما كان النبي يحلف: لا ومقلب القلوب . للشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله تعالى

تعليمية تعليمية
أكثر ما كان النبي يحلف: لا ومقلب القلوب….. للشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله تعالى


أكثر ما كان النبي يحلف: لا ومقلب القلوب


عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما كان يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فتقول عائشة يا رسول الله، كثيرًا ما تدعو بهذا الدعاء، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، فيقول: وما يؤمنني، يا عائشة وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبه)
يدل على ذلك قوله تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولعل هذه الرواية ليست على شرط المؤلف، فلم يذكرها هنا.


وتقليب القلوب تغييرها من حال إلى حال، فهو -سبحانه- يغيرها من حال إلى حال، ويصرفها من رأي إلى رأي، وفيه دليل على مشروعية الحلف بمقلب القلوب؛ لأنها صفة من صفاته، فالحلف يكون بالله وأسمائه وصفاته، وتقليب القلوب فعل من أفعاله، ووصف له سبحانه وتعالى. أما قول المعتزلة في معنى تقليب القلوب، أن التقليب معناه الطبع،والطبع معناه الترك، فهذا باطل؛ لأن الله -تعالى- لا يترك عباده وحالهم ليفعلوا ما يريدون.

والمعتزلة لا يرون أن الله -تعالى- له نِعمة دينية على المؤمن خصَّه بها من دون الكافر، فأعانه، فلا يرون الإعانة من الله للمؤمن، ولا يرون أن الله خذل الكافر، بل يقولون: المؤمن والكافر على حدٍّ سواء، فالله -تعالى- لم يوفق المؤمن، ولم يخذل الكافر، لكن المؤمن اختار الإيمان بنفسه، والكافر اختار الكفر بنفسه، ومثَّلوا الله -تعالى- في هذا كمثل رجل له ابنان، أعطاهما سيفين، وقال لهما: جاهدا في سبيل الله، فأحدهما جاهد في سبيل الله، والآخر قطع به رقاب المسلمين فالأب ليس له تأثير عليهما، فكذلك الله ليس له تأثير لا على المؤمن ولا على الكافر، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

فقولهم هذا من أبطل الباطل، فقد رد الله -تعالى- على أمثال هؤلاء بقوله: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً الآية.

فالمؤمن خصَّه الله بنعمة دينية أعانه عليها، دون الكافر، والكافر خذله الله، فالمؤمن حبب الله إليه الإيمان وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، عكس الكافر نسأله -سبحانه- أن يحبب إلينا الإيمان، وأن يزينه في قلوبنا، وأن يكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين.

والمقصود أن تقليب القلوب صفة من صفات الله -تعالى-، وفِعل من أفعاله؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم به، ويدل على ذلك قوله -تعالى- وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ .

فائــــــــدة:
قال ابن حجر رحمه الله: (وفيه حجة لمن أجاز تسمية الله -تعالى- بما ثبت في الخبر، ولو لم يتواتر جواز اشتقاق الاسم له -تعالى- من الفعل الثابت).

قلت: ثبوت الخبر لا يشترط فيه التواتر، والمهم هو صحة الحديث، أما قوله: جواز اشتقاق الاسم له تعالى من الفعل الثابت، فغير صحيح؛ لأن الأسماء توقيفية لا تشتق، لكن الأسماء متضمنة للصفات، فالرحمن متضمن لصفة الرحمة والقادر متضمن لصفة القدرة، أما اشتقاق الأسماء من الصفات، فغير صحيح، فلا يصح أن يشتق من صفة الكلام المتكلم، وذلك لما ذكرنا أن الأسماء توقيفية.

منقول من موقع الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله تعالى

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاكِ الله خيرا و جعل ما نقلتِ في ميزان حسناتكِ..