التصنيفات
العقيدة الاسلامية

عقيدة أهل السنة و الجماعة

عقيدة أهل السنة والجماعة

تأليف

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)


(للإستماع لشرح عقيدة أهل السنه بصوت الشيخ ابن عثيمين "رحمه الله" اذهب هنا)

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديـم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اطلعت على العقيدة القيّمة الموجزة، التي جمعها أخونا العلامة فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين، وسمعتها كلها، فألفيتها مشتملة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب: توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب: الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. وقد أجاد في جمعها وأفاد وذكـر فيها ما يحتاجه طالب العلم وكل مسلم في إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وقد ضمَّ إلى ذلك فوائد جمة تتعلّق بالعقيدة قد لاتوجد في كثير من الكتب المؤلفة في العقائد. فجزاه الله خيراً وزاده من العلم والهدى، ونفع بكتابه هذا وبسائر مؤلفاته، وجعلنا وإياه وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، الدّاعين إلى الله على بصيرة، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى:

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز (رحمه الله)

مفتي عام المملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، أما بعد:
فإن الله تعالى أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بيّن به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة والأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فترك صلى الله عليه وسلم أمّته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنّته وعضّوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.
ونحن -ولله الحمد- على آثارهم سائرون وبسيرتهم المؤيّدة بالكتاب والسنّة مهتدون، نقول ذلك تحدُّثاً بنعمة الله تعالى وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
ولأهمية هذا الموضوع وتفُّرق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا، عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه موفقاً لمرضاته نافعاً لعباده.

عقيدتنا

عقيدتنا: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنه الرب الخالق الملك المدبّر لجميع الأمور.
ونؤمن بأُلوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال تعالى:]رب السماوات والأرض وما بينهما فأعبده وأصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً[ [مريم: 65].
ونؤمن بأنه ]الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم[ [البقرة: 255].

ونؤمن بأنه ]هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم[ [الحشر: 22 – 24].

ونؤمن بأن الله له ملك السماوات والأرض ] يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور (49) أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير[ [الشورى: 49، 50].
ونؤمن بأنه ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11) له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم[ [الشورى: 11،12].

ونؤمن بأنه ]وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين[ [هود: 6].

ونؤمن بأنه ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلاّ يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[ [الأنعام: 59].

ونؤمن بأن الله ]عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ [لقمان: 34].

ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء ]وكلم الله موسى تكليماَ[ [النساء: 164]. ]ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه[ الأعراف: 143]. ]وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً[ [ مريم: 52].

ونؤمن بأنه ]لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي[ [الكهف: 109]. ]ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم[ [لقمان: 27].

ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث، قال الله تعالى ]وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً[ [الأنعام: 115]. ]ومن أصدق من الله حديثاً[ [النساء: 87].

ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقاً وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ]قل نزله روح القدس من ربك بالحق[ [النحل: 102]. ]وأنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 192 _ 195].

ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته لقوله تعالى: ]وهو العلي العظيم[ [البقرة: 255]. وقوله: ]وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير[ [الأنعام: 18].

ونؤمن بأنه ]خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر[ [يونس: 3]. واستواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوَّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيته إلا هو.

ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبِّر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض. ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال، لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.

ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟
ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى: ]كلا إذا دُكت الأرض دكاً دكا، وجاء ربك والملك صفاً صفا، وجيء يومئذ بجهنم يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى[ [الفجر: 21 – 23].

ونؤمن بأنه تعالى]فعّال لما يريد[ [هود: 107].
ونؤمن بأن إرادة الله تعالى نوعان: كونية يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى ]ولوشاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد[ [البقرة: 253]،] إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم[ [هود: 34]، وشرعية لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له، كقوله تعالى: ]والله يريد أن يتوب عليكم[ [النساء: 27].

ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كوناً أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك ]أليس الله بأحكم الحاكمين[ [التين: 8]. ]ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون[ [المائدة: 50].

ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران: 31]. ]فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه[ [المائدة: 54] ]والله يحب الصابرين[ [آل عمران: 146]، ]وأقسطوا إن الله يحب المقسطين[ [الحجرات: 9] ]وأحسنوا والله يحب المحسنين[ [المائدة: 93].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها ]إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم[ [الزمر: 7]]ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين[ [التوبة: 46].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ]رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه[ [البينة: 8].
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم ]الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم[ [الفتح:6]. ]ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم[ [النحل: 106].

ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام ]ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام[ [الرحمن: 27].

ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين ]بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء[ [المائدة: 64] ]وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون[ [الزمر:67].

ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى ]واصنع الفلك بأعيننا ووحينا[ [هود: 37] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

ونؤمن بأن الله تعالى ]لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير[ [الأنعام: 103].

ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ]وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة[ [القيامة: 22، 23].

ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

ونؤمن بأنه ]لا تأخذه سنة ولا نوم[ [البقرة: 255] لكمال حياته وقيوميته.

ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.

ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته ]إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون[ [يس: 82]، وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته ]ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لغوب[ [ق: 38] أي من تعب ولا إعياء.

ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما: التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين. والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.

ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.

ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لا بد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً. وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم. ففي كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كمال العلم والصدق والبيان، فلا عذر في رده أو التردد في قبوله.

فصـل

وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربِّنا وسُنةِ نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأُمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسُنّة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عزّ وجل، ونتبرَّأ من طريق المحرّفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله، ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله، ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.

ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سُنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً[ [النساء: 82]، ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن أدعى أن في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما تناقضاً فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيّه، ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما، فذلك إمّا لقلّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكفَّ عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم ]آمنا به كل من عند ربنا[ [آل عمران: 7]. وليعلم أن الكتاب والسُنَّة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.

فصـل

ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم ]عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون[ [الأنبياء: 26، 27]. خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته ]لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبّحون الليل والنهار لا يفترون[ [الأنبياء: 19، 20].

حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سدّ الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده الصحابة بصورة رجل لا يُعرف ولا يُرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، وخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه جبريل.

ونؤمن بأن: للملائكة أعمالاً كلفوا بها: فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله، ومنهم ميكائيل الموكل بالمطر والنبات، ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور، ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت، ومنهم ملك الجبال: الموكل بها، ومنهم مالك: خازن النار، ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام وآخرون موكلون بحفظ بني آدم وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان ]عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[ [ق: 17، 18]. وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فـ ]يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل ما يشاء[ [إبراهيم: 27]، ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة ]والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار[ [الرعد: 23، 24]، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله –وفي رواية يصلي فيه- كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

فصـل

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجّة على العالمين ومحجة للعالمين يعلّمونهم بها الحكمة ويزكونهم.
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى ]لقد أرسلنا رُسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط[ [الحديد: 25].

ونعلم من هذه الكتب:

التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل ]فيها هُدى ونُور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله[. [المائدة: 44].
‌أ. الإنجيل: التي أنزله الله تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلم، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها ]وآتيناه الإنجيل فيه هُدىً ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهُدى وموعظة للمتقين[ [المائدة: 46] ]ولأُحل لكم بعض الذي حُرِم عليكم[ [آل عمران: 50].
‌ب. الزبور: الذي آتاه الله داود صلى الله عليه وسلم.
‌ج. صحف إبراهيم وموسى: عليهما الصلاة والسلام.
‌د. القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين ]هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان[ [البقرة: 185]. فكان]مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه[ [المائدة: 48]. فنسخ الله به جميع الكتب السابقة وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر: 9] لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة.

أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمدٍ ينتهي بنزول ما ينسخها ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير، ولهذا لم تكن معصومة منه فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه[ [النساء: 46]، ]فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون[ [البقرة: 79]، ]قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً[ [الأنعام: 91]، ]وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (78) ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله[ [آل عمران: 78، 79]. ]يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب[ إلى قوله: ]لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم[ [المائدة: 15، 17].

فصـل

ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً ]مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً[ [النساء: 165].

ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله وسلّم عليهم أجمعين]إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده[ [النساء: 163]، ]ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين[ [الأحزاب: 40].

وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى بن مريم وهم المخصوصون في قوله تعالى ]وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً[ [الأحزاب: 7].

ونعتقد أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى: ]شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه[ [الشورى: 13].
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: ]ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك[ [هود: 31]. وأمر الله تعالى محمداً وهو آخرهم أن يقول: ]ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك[ [هود:31[. وأن يقول: ]ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله[ [الأعراف: 188]، وأن يقول: ]قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً[ [الجن: 21].

ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح ]ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً[ [الإسراء: 3]، وقال في آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ]تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا[ [الفرقان:1]، وقال في رسل آخرين ]واذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار[ [ص: 45]، ]واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب[ [ص: 17]، ]ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب[ [ص: 30]، وقال في عيسى ابن مريم: ]إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل[ [الزخرف: 59].

ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: ]قُل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته وأتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].

ونؤمن بأن شريعته صلى الله عليه وسلم هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19]، وقوله: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[ [المائدة: 3]، وقوله: ]ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداً لأنه مكذب للقرآن.

ونرى أن من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى: ]كذبت قوم نوح المرسلين[ [الشعراء: 105]، فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى: ]إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً[] أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً[ [النساء: 150، 151].

ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدّق من ادّعاها فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.

ونؤمن بأن للنبي صلى الله عليه وسلم خلفاء راشدين خلفوه في أمته علماً ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة. وما كان الله تعالى –وله الحكمة البالغة- ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.

ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فَضَله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.

ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتُؤمنون بالله[ [آل عمران: 110].

ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرّهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.

ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد وخطؤه مغفور له، ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهّر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم: ]لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى[ [الحديد: 10]، وقول الله تعالى فينا: ]والذين جاءُوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم[ [الحشر: 10].

فصـل

ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء إمّا في دار النعيم وإمّا في دار العذاب الأليم.
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية ]ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون[ [الزمر: 68] فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان ]كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين[ [الأنبياء: 104].

ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال ]فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حساباً يسيراً (8) وينقلب إلى أهله مسروراً (9) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعو ثبورا (11) ويصلى سعيرا[ [الانشقاق: 7 12]، ] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً (13) اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً[ [الإسراء: 13، 14].

ونؤمن بالموازين تُوضـع يوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً ]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره [ [الزلزلة: 7، 8]. ]فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (102) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون (103) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون[ [المؤمنون:102 104]، ]من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يُجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون[ [الأنعام: 160].

ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهمّ والكرب ما لا يُطيقون فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة، وبأن الله تعالى يُخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.

ونؤمن بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.

ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على الصراط يقول: يارب سلّم سلّم. حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناجٍ ومكردس في النار.

ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.

ونؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ]فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون[ [السجدة: 17]، والنار: دار العذاب التي أعدَّها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال ]إنا اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها وإن يستغيثوا يُغاثوا بماءِ كالمُهل يشوِي الوجوه بئس الشرابُ وساءت مرتفقاً[ [الكهف: 29]. وهما موجودتان الآن ولن تفنيا أبد الأبدين ]ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يُدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له رزقاً[ [الطلاق: 11]]إن الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً (64) خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً (65) يوم تُقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا[ [الزخرف: 64 66].

ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي.

ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمرو بن لحي الخزاعي ونحوهما، ومن الشهادة بالوصف، الشهادة لكل كافرٍ أو مشركٍ شركاً أكبر أو منافق.

ونؤمن بفتنة القبر: وهي سؤال الميت في قبره عن ربِّه ودينه ونبيه فـ ]يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة[ [إبراهيم: 27] فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين ]الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون[ [النحل: 32].
ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين ]ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون[ [الأنعام: 93].

والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسُنة من هذه الأمور الغيبية، وألا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تُقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.

فصـل

ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.

وللقدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.

المرتبة الثانية: الكتابة، فتؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة ]ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير[ [الحج: 70].

المرتبة الثالثة: المشيئة، فتؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى ]خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل (62) له مقاليد السماوات والأرض[ [الزمر: 62، 63].

وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها ]لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين[ [التكوير: 28، 29] ]ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد[ [البقرة: 253] ]ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام: 137] ]والله خلقكم وما تعملون[ [الصافات: 96].

ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقـدرة بهما يكون الفعل، والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:

الأول: قوله تعالى: ]فآتوا حرثكم أنى شئتم[ [البقرة: 223] وقوله: ]ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة[ [التوبة: 46] فأثبت للعبد اتياناً بمشيئته وإعداداً بإرادته.

الثاني: توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: ]لا يكلف الله نفساً إلا وسعها[ [البقرة:286].

الثالث: مدح المحسن على إحسانه وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسيء ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.

الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل ]رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء: 165]، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.

الخامس: أن كل فاعل يحسُّ أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرّق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرّق الشرع بينهما تفريقاً حكيماً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.

ونرى أن لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدّرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره ]وما تدري نفس ماذا تكسب غداً[ [لقمان: 34] فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتجّ بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله: ]سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون[ [الأنعام: 148].

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في ا لجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟ ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن كل واحد قد كُتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال" "لا، اعملوا فكلُ ميسر لما خُلق له".

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر عليَّ، ولو فعلت لعدّك الناس في قسم المجانين.

ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتجّ بالقدر؟

ونقول له أيضا: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء. فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟

ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي صلى الله عليه وسلم "والشر ليس إليك" [رواه مسلم]. فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة، وإنما يكون الشرُّ في مقتضياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علّمه الحسن: "وقني شر ما قضيت" فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر في المقتضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر، فالفساد في الأرض مـن الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى: ]ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون[ [الروم: 41]، وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع يد السارق وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.

فصـل

هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة، فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع ]من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون[ [النحل: 97].

ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:

أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.

ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم.

ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.

ومن ثمرات الإيمان بالكتب:

أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.

ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة.

ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.

ومن ثمرات الإيمان بالرسل:

أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد.

ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.

ثالثاً: محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده والصبر على أذاهم.

ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر:

أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفاً من عقاب ذلك اليوم.

ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.

ومن ثمرات الإيمان بالقدر:

أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.

ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً وأربح نفساً وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.

ثالثاً: طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدّره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب.

رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: ]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (22) لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل محتالٍ فخور[ [الحديد: 22، 23].

فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من رحمته، إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

تمت

بقلم مؤلفها

محمد الصالح العثيمين (رحمه الله)

في 30 شوال سنة 1404هـ




جزاكِ الله خيرا على الموضوع الطيب و المميز..

تم التثبيت الدائم للموضوع + التقييم

في ميزان حسناتكِ عزيزتي ندى




شكرا لك أم عبيد الله على مرورك بوضوعي




اظن ان تفيدي نفسك و ان نفيد انفسنا بالعقيدة الصحيحة
النساء بيرة امهات المومنين
والرجال بالرسول صلى الله عليه و سلم




الله يحفظك
شكراااااا
على الموضوع القيم




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

نصيحة ذهبية لأهل السنة والجماعة للشيخ الالباني رحمه الله

نصيحة ذهبية لأهل السنة والجماعة

الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني-رحمه الله تعالى-

نوصيهم دائما أولا: المبدأ العام لتقوى الله -عز وجل-، هذه التقوى التي تجب على كل مسلم.

ثم نوصيهم بأن يضلوا متمسكين بالمنهج الإسلامي الصحيح الذي هو الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح, ونوصيهم -وكما نوصي أنفسنا- أيضا بأن يخالقوا الناس بخلق حسن لأن المسلم كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح:<< إن الرجل المسلم ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار>>.

وكذلك أوصيهم بأن يضلوا في أسلوبهم الذي سمعنا شيئا عنه من الأسلوب الحسن في دعوة الناس بالتي هي أحسن وأن لا يستعملوا الشدة والعنف كما يفعل بعض الناس لأنه لا محل لها في هذا الزمان وبخاصة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال مذكرا السيدة عائشة -رضي الله تعالى- عنها حينما استعملت العنف في الرد على ذاك اليهودي الذي سلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ فيه الدعاء على النبي -صلى الله عليه وسلم- باللغة العبرية اليهودية حينما دخل على الرسول عليه السلام قائلا:<< السام السام>> لكنه يعني غمغمها فجعلها بين السام و بين السلام, السام عليكم, ففهمها الرسول -عليه السلام- وأجابها بقوله:<< وعليكم >> ثم السيدة عائشة شاركت زوجها ونبيها في الانتباه لهذه الكلمة, ولكنها ما صبرت صبره عليه السلام فانتفضت من هذه الكلمة وكأنما شقت شقتين وقالت ردا على ذاك اليهودي<< وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير>> فلما خرج اليهودي قال الرسول -عليه السلام-لها:<< ما هذا يا عائشة؟>> قالت :<< يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟>> قال:<< ألم تسمعي ما قلت>> يا عائشة هنا الشاهد<< ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه>>.

فوصيتي لنفسي أولاً ولكل إخواننا ومنهم هؤلاء الذي يعيشون هناك في [كلمةغير مفهومة] أن يستعملوا هذا اللطف وهذا الرفق بالذين يخالفونهم, ولا يلجئوا إلى الشدة والعنف فإن عاقبتها وخيمة جدا ونسأل الله لنا ولهم التوفيق لفهم الكتاب فهماً صحيحاً كما ذكرنا, وأن نعمل به في أنفسنا وأن نربي على ذلك من يعود بنا. والحمد لله رب العالمين .

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

من سلسلة الهدى والنور رقم الشريط737




رحمة الله على الشيخ

نصيحة قيمة جدا




ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه>>.

بارك الله فيك
موضوع مفيد جدا
شكرا اختاه




رحمة الله على الشيخ
تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

منهج أهل السنة والجماعة

منهج أهل السنة والجماعة
منهاج أهل السنة و الجماعة للشيخ بن عثيمين(1)

——————————————————————————–
(1)طريقتهم أنهم يعبدون الله ، لله ، وبالله ، وفي الله .

أما كونهم يعبدون الله لله فمعنى ذلك الإخلاص يخلصون لله عز وجل لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم لا يتقربون إلى أحد سواه ، إنما يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، ما يعبدون الله لأن فلاناً يراهم ، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس ، ولا يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله .

وأما كونهم يعبدون الله بالله .

أي مستعينين به لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم ، أو أن يروا أنهم مستقلون بعبادتهم عن الله ، بل هم محققون لقول الله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة : الآية : 5) . فـ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) يعبدون الله لله ، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) . (سورة الفاتحة: الآية: 5). يعبدون الله بالله . فيستعينونه على عبادته تبارك وتعالى .

وأما كونهم يعبدون الله في الله أي في دين الله ، في الدين الذي شرعه على ألسنة رسله ، وهم وأهل السنة والجماعة في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه ، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصاً لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحقة السالمة من شوائب الشرك والبدع ، لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به ، ومن تعبد الله بغير شريعته فقد ابتدع في دينه والله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة : الآية : 5) .

فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم لا أقول ما تستحسنه عقولهم لأن العقول الصحيحة لا تستحسن الخروج عن شريعة الله لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح ، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (العنكبوت : الآية63).

لو كنا نتعبد لله بما تهواه نفوسنا وعلى حسب أهوائنا لكنا فرقاً وشيعاً كل يستحسن ما يريد فيتعبد لله به وحينئذ لا يتحقق فينا وصف الله سبحانه وتعالى في قوله : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة) (المؤمنون : الآية52) .

ولننظر إلى هؤلاء الذين يتعبدون لله بالبدع التي ما أذن الله بها ولا أنزل بها من سلطان ، كيف كانوا فرقاً يكفر بعضهم بعضاً ويفسق بعضهم بعضاً ، وهم يقولون : إنهم مسلمون لقد كفر بعض الناس ببعض في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم وأعمى أبصارهم .

نحن نقول : إننا إذا سرنا على هذا الخط لا نعبد الله إلا في دين الله فإننا سوف نكون أمة واحدة، لو عبدنا الله تعالى بشرعه وهداه لا بهوانا لكنا أمة واحدة فشريعة الله هي الهدى وليست الهوى.

إذاً لو أن أحداً من أهل البدع ابتدع طريقة عقيدة (أي تعود للعقيدة) أو عملية (تعود إلى العمل) من قول أو فعل، ثم قال إن هذه حسنة. والنبي صلى الله عليه و سلم ، يقول: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"(1). قلنا له بكل بساطة هذا الحسن الذي ادعيته أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافياً لدى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو كان معلوماً عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟!

والجواب : إن قال بالأول فشر وإن قال بالثاني فأطم وأشر.

فإن قال : إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.

قلنا: رميت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.

وإن قال إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.

قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي هو الأمين الكريم وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا شر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه صلى الله عليه وسلم ، كان أجود الناس، وهنا شر قد يكون احتمالاً ثالثاً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا، فنقول له وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل لأن الله تعالى يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:الآية 9). وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر.

وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة" وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقاً فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (يونس: الآية32).

ثم نقول: إن الحديث لا يدل على كل بدعة بل قال: "من سن في الإسلام" وما خرج عن شريعة الرسول ليس من الإسلام بل قد قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة" وبهذا نعرف أنه لابد أن تكون هذه السنة مما أثبته الإسلام وإلا ليست سنة في الإسلام ومن علم سبب الحديث الذي ذكرناه علم أن المراد بالسنة المبادرة بالعمل أو السبق إلى تنفيذ سنة كان أسبق الناس بها لأن سبب الحديث معلوم وهو أن جماعة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا فقراء فحث المسلمين على التصدق عليهم فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يديه صلى الله عليه وسلم ، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها لكن من عمل بها أولاً لأنه بذلك أي بعمله أولاً يكون هو إماماً للناس فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

ولا يرد على ذلك ما ابتدع من الوسائل الموصلة إلى الأمور المشروعة فإن هذه وإن تلجلج بها أهل البدع وقعدوا بها بدعهم فإنه لا نصيب له منها، إلا أن يكون الراقم على الماء له نصيب من الحروف بارزة في الماء.

أقول: إن بعض الناس يستدلون على تحسين بدعهم التي ابتدعوها في دين الله والتي يلزم منها ما سبق ذكره بما أحدث من الوسائل لغايات محمودة.

احتجوا على ذلك بجمع القرآن، وبتوحيده في مصحف واحد وبالتأليف، وببناء دور العلم وغير ذلك مما هو وسائل لا غايات، فهناك فرق بين الشيء الذي يكون وسيلة إلى غاية محمودة مثبتة شرعاً لكنها لا تتحقق إلا بفعل هذه الوسيلة فهذه الوسيلة طبعاً تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز وجل: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) (الأنفال: الآية 60). وإعداد القوة على عهده عليه الصلاة والسلام غير إعداد القوة في زمننا هذا فإذا ما أحدثنا عملاً معيناً نتوصل به إلى إعداد القوة فإن هذه بدعة وسيلة وليست بدعة غاية يتقرب بها إلى الله ولكنها بدعة وسيلة، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد وبهذا نعرف أن ما تلجلج به مبتدع الحوادث في دين الله باستدلالهم بمثل هذه القضايا أنه ليس لهم فيها دليل أبداً لأن كل ما حصل فهو وسائل لغايات محمودة.

فجمع القرآن من تصنيف وما أشبه ذلك كله وسائل لغايات هي مشروعة في نفسها فيجب على الإنسان أن يفرق بين الغاية والوسيلة فما قصد لذاته فقد تم تشريعه من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بما أوحاه الله إليه من الكتاب العظيم ومن السنة المطهرة ولدينا ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله. وهي قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) (المائدة: الآية 3). فلو كان في المحدثات ما يكمل به الدين لكانت قد شرعت وبينت وبلغت وحفظت، ولكن ليس فيها شيء يكون فيه كمال الدين بل نقص في دين الله.

قد يقول بعض الناس: إننا نجد في هذه الحوادث نجد عاطفة دينية ورقة قلبية واجتماعاً عليها فنقول: إن الله تعالى أخبر عن الشيطان أنه قال: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ) (الأعراف: الآية 17). يزينها الشيطان في قلب الإنسان ليصده عما خلق له من عبادة الله التي شرع فترضخ النفس بواسطة تسلط الشيطان على المرء حتى يصده عن دين الحق، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم، بأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، بل في القرآن قبل ذلك. قال الله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (النحل: الآيتان 99- 100). فجعل الله للشيطان سلطاناً على من تولاه وأشرك به أي جعل لله شريكاً به بواسطة الشيطان وكل من جعل له متبوعاً في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل وجعل هذا المتبوع شريكاً لله تعالى في الحكم.
وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له فيه أبداً (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (يوسف: الآية 40). وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الأحداث المحدثون أنه لا حجة لهم فيما أحدثوه، واعلم رحمك الله انه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم.

(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى) (النحل:الآية 60). لو أن ملكاً من الملوك فتح باباً للدخول عليه وقال من أراد أن يصل إليَّ فليدخل من هذا الباب فما ظنكم بمن ذهب إلى أبواب أخرى هل يصل إليه. كلا بالطبع.

والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقاً إليه خاصاً بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وأن لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع.

هل من محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيمه أن نحدث في دينه شيئاً يقول هو عنه: "كل بدعة ضلالة". ويقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". هل هذا من محبة الرسول؟! هل هذا من محبة الله عز وجل أن تشرع في دين الله ما لم يشرع؟ (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (آل عمران:الآية 31).

——————————————————————————–

(1) جزء من حديث رواه مسلم جـ4 كتاب العلم/ باب من سن سنة حسنة أو سيئة.

===============

منقول من موقع الشيخ

(2)طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم

من المعلوم أنه لا يتم الإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والشهادة لا تتحقق إلا بثلاثة أمور:
1- عقيدة في القلب.

2- نطق في اللسان.

3- عمل في الأركان.

ولهذا يقول المنافقون للرسول عليه الصلاة والسلام إذا جاؤوه نشهد إنك لرسول الله. ويقول الباري جل ذكره فيهم: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (المنافقون: الآية 1). لماذا؟ لأن هذه الشهادة فقد منها أعظم ركن فيها وهو العقيدة فهم يقولون بألسنتهم ما لا يعتقدونه في قلوبهم، فمن قال أشهد أن محمداً رسول الله ولكن قلبه خال من هذه الشهادة فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله. ومن اعتقد ذلك ولم يقله بلسانه فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.

ومن قال ذلك لكن لم يتبعه في شريعته فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله. وكيف تخالفه وأنت تعتقد بأنه رسول رب العالمين وأن شريعة الله هو ما جاء به؟!.

كيف تقول: إنك شهدت أن محمداً رسول الله على وجه التحقيق. لهذا نعتقد أن كل من عصى الله ورسوله فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.

لست أقول إنه لم يشهد ولكنه لم يحقق وقد نقص من تحقيقه إياه بقدر ما حصل منه من مخالفة.

إذاً طريقة أهل السنة والجماعة في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام الشهادة له بقلوبهم، وألسنتهم، وأعمالهم أنه رسول الله كذلك أيضاً يحبونه حب تقدير وتعظيم حباً تابعاً لمحبة الله عز وجل.

وليسوا يحبونه من باب التعبد له بمحبته لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يتعبد لله به – أي بشرعه – ولكنه لا يعبد هو.

فهم يحبون الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه رسول رب العالمين. ومحبتهم له من محبة الله تبارك وتعالى، ولولا أن الله أرسل محمداً بن عبد الله القرشي الهاشمي لكان رجلاً من بني هاشم لا يستحق هذه المرتبة التي استحقها بالرسالة.

إذاً نحن نحبه ونعظمه لأننا نحب الله ونعظمه فمن أجل أنه رسول الله وأن الله تبارك وتعالى هدى به الأمة حينئذ نحبه فالرسول عليه الصلاة والسلام عند أهل السنة والجماعة محبوب، لأنه رسول رب العالمين، ولا شك انه أحق الناس، بل أحق الخلق وأجدرهم بتحمل هذه الرسالة العظيمة عليه الصلاة والسلام.

كذلك أيضاً يعظمون الرسول عليه الصلاة والسلام حق التعظيم ويرون أنه أعظم الناس قدراً عند الله عز وجل.

لكن مع ذلك لا ينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله، يقولون: إنه عبد الله، بل هو أعبد الناس لله عز وجل حتى إنه يقوم حتى تتورم قدماه فيقال كيف ذلك وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول: "أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً".

من يحقق العبادة كتحقيق الرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال: "إني والله أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقى". فهو بلا شك أعظم العابدين عبادة وأشدهم تحقيقاً لها صلى الله عليه وسلم، ولهذا حين تحدث عن البصل والكراث قال المسلمون حرمت فقال: "أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله".

انظروا إلى هذا الأدب مع الله عز وجل هكذا العبودية، ولهذا هم يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم، عبد من عباد الله، وهو أكمل الناس في عبوديته لله.

ويؤمنون أيضاً بأن الرسول صلى الله عليه و سلم، لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا لغيره والله تعالى قد أمره أن يبلغ ذلك إلى الأمة فقال: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك) (الأنعام: الآية 50).

وما هي وظيفته (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَي). ومن زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم شيئاً من الغيب غير ما أطلعه الله عليه فهو كافر بالله ورسوله، لأنه مكذب لله ورسوله.

فإن الرسول أمر أن يقول وقال: قال قولاً يتلى إلى يوم القيامة قوله: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك) (الأنعام: الآية 50).

وبمناسبة هذه الآية الكريمة أود أن أقول: إن القرآن الكريم أحياناً تصدر الأخبار فيه بكلمة (قُلْ) وكل شيء صدر بهذه الكلمة معناه أن الله سبحانه وتعالى اعتنى به عناية خاصة لأن الرسول، عليه الصلاة والسلام، قد أمر أن يقول كل القرآن. (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك) (المائدة: الآية 67). لكن هذا الذي خص بكلمة (قُلْ) فيه عناية خاصة استحق أن يصدر بالأمر بالتبليغ على وجه الخصوص، مثل هذه الآية ومثلها في الأحكام (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) (النور: الآية 30). (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنّ) (النور: الآية 31). والأمثلة كثيرة في القرآن. إذن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً بل ولا لغيره أيضاً (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً) (الجـن:الآية 21). (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ) (الجـن: الآية 22). لو أراد الله بي شيئاً ما أجارني أحد منه ولن أجد من دونه ملتحداً.

ويعتقدون أن الرسول عليه الصلاة والسلام، بشر ليس له من شئون الربوبية شيء ولا يعلم الغيب إلا ما أطلعه عليه حتى إنه عليه الصلاة والسلام يسأل أحياناً عن شيء من الأحكام الشرعية فيتوقف حتى يأتيه الوحي، حتى إنه أحياناً يصدر القول فيأتيه الاستثناء أو الاستدراك من عند الله عز وجل فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن الشهادة هل تكفر كل شيء؟ فقال: "نعم". ثم قال: "أين السائل؟" فقال: "إلا الدين أخبرني بذلك جبريل آنفاً". أحياناً يجتهد عليه الصلاة والسلام ولكن يأتيه الوحي من الله عز وجل بأن الخير في كذا وكذا خلاف ما اجتهد فيه صلى الله عليه وسلم. إذن الرسول عليه الصلاة والسلام عبد عابد لله عز وجل وليس له من شئون الربوبية شيء هذا هو قول أهل السنة والجماعة في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يعتقد أهل السنة والجماعة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بشر تجوز عليه كل الخصائص البشرية والجسدية فينام، ويأكل، ويشرب، ويمرض، ويتألم، ويحزن، ويرضى، ويغضب عليه الصلاة والسلام، ويموت كما يموت الناس. (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (الزمر: الآيتان 30 – 31) . ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئا ) (آل عمران: الآية 144). ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد مات ميتة جسدية فارقت روحه جسده فيها، وقام أهله وأصحابه بما يقومون به في غيره من شئون الموتى، سوى أنه عليه الصلاة والسلام لم يجرد عند تغسيله والمعروف أنه لم يصل عليه جماعة إنما كان الناس يصلون عليه أفراداً لأنه الإمام عليه الصلاة والسلام.

ومن زعم أنه حي في قبره حياة جسدية لا حياة برزخية وأنه يصلي ويصوم ويحج وأنه يعلم ما تقوله الأمة وتفعله فإنه قد قال قولاً بلا علم.

فالرسول عليه الصلاة والسلام انقطع عمله بموته كما قال هو نفسه: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

فعمله الذي يعمله بنفسه انقطع بموته ولكن لاشك أن كل علم علمناه من شريعة الله فإنه بواسطته عليه الصلاة والسلام وحينئذ فيكون منتفعاً من كل هذه العلوم التي علمناها بعد موته صلى الله عليه و سلم، وكذلك الأعمال الصالحة التي نعملها كانت بدلالته صلى الله عليه وسلم ، فيكون له مثل أجر العاملين.

===============

منقول من موقع الشيخ(3) طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
أهل السنة والجماعة يعرفون للصحابة قدرهم، وأنهم خير القرون بشهادة النبي صلى الله عليه و سلم، فإنه صلى الله عليه و سلم، قال: فيما ثبت عنه من حديث عمران بن حصين: "خير الناس قرني، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فالصحابة خير هذه الأمة بلا شك ولكنهم على مراتب بعضهم أفضل من بعض.

قال الله تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) (الحديد: الآية10). وقال الله تعالى: (لا يَسْتَوِي الْقـَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) (النساء: الآية 95).

ولكن هذه المراتب وهذه الفضائل يجب أن نعرف أن الواحد فيهم له مرتبة على الإطلاق وله مرتبة خاصة. أي أنه قد يكون أفضل من غيره على سبيل العموم والإطلاق ويكون في غيره خصلة هو أفضل منه فيها وأهل السنة والجماعة يقولون: إن أفضل الصحابة الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي يرتبونهم في الفضل حسب ترتيبهم في الخلافة، ولكن لا يلزم من كون أبي بكر أفضل الصحابة ألا يتميز أحد من الصحابة عن أبي بكر بمنقبة خاصة.

وقد يكون لعلي بن أبي طالب منقبة ليست لأبي بكر، وقد يكون لعمر منقبة ليس لأبي بكر، كذلك قد يكون لعثمان، ولكن الكلام على الفضل المطلق والمرتبة الكلية العامة فإن مراتب الصحابة تختلف اختلافاً اتفق عليه أهل السنة والجماعة وهو دلالة القرآن، ودلالة السنة أيضاً.

فإن خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف تنازعا في أمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، لخالد: "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".

كذلك أيضاً أهل السنة والجماعة يقولون: إن بعض الصحابة له مزية ليست لغيرهم فيجب أن ننزلهم في منازلهم، فإذا كان الصحابي من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام كعلي بن أبي طالب، وحمزة، والعباس، وابن عباس وغيرهم فإننا نحبه أكثر من غيره من حيث قربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، لا على سبيل الإطلاق. فنعرف له حقه بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لا يلزم من ذلك أن نفضله على غيره تفضيلاً مطلقاً ممن له قدم راسخ في الإسلام أكثر من هذا القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن المراتب والفضائل هي صفات يتميز الإنسان بصفة منها لا يتميز بها الآخر.

وأهل السنة والجماعة في آل البيت لا يغلون غلو الروافض، ولا ينصبون العداوة لهم نصب النواصب، ولكنهم وسط بين طرفين، يعرفون لهم حقهم بقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنهم لا يتجاوزون بهم منزلتهم
_________________

(4) طريقة أهل السنة و الجماعة في حق الأولياء و الأئمة

أئمة هذه الشريعة الإسلامية ولله الحمد أئمة مشهورون أثنت عليهم الأمة وعرفت لهم قدرهم، ولكنها لا تعتقد فيهم العصمة، فليس عند أهل السنة والجماعة أحد معصوم من الخطأ ولا من الإقرار على الخطأ إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه معصوم من الإقرار على الخطأ. أما غيره مهما بلغت إمامته فإنه ليس معصوماً أبداً، كل يخطئ وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم، الذي أمرنا الله تعالى بطاعته على الإطلاق.

فهم يقولون لاشك أن في هذه الأمة أئمة، ولاشك أن فيها أولياء ولكننا لا نريد بذلك أن نثبت العصمة لأحد من هؤلاء الأئمة، ولا أن نثبت لأحد من الأولياء أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون، وهم أيضاً لا يجعلون الولي من قال عن نفسه أنه ولي أو أتى بالدعايات الباطلة لأجل أن يجلب الناس إليه يقولون إن الولي بينه الله تعالى بقولهأَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس: الآيتان 62، 63). هؤلاء الأولياء: الذين آمنوا، وكانوا يتقون. فالإيمان: العقيدة. والتقوى: العمل قولاً كان أو فعلاً، وأخذ شيخ الإسلام من هذه الآية عبارة طيبة وهي قوله: "من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً". هذا الولي حقيقة، لا الولي الذي يجلب الناس إليه، ويجمع الحاشية ويقول أنا أفعل ويستعين بالشياطين على معرفة الخفي، ثم يبهر الناس بما يقول فيقولون هذا ولي. لا لأن الولاية تكون باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وبإيمانه وتقواه. فإن كان مؤمناً تقياً فهو ولي.

ولكن هؤلاء الأولياء أيضاً لا يلزم في كل ولي أن يجعل الله له كرامة فما أكثر الأولياء الذين لا كرامة لهم، لأن الكرامة في الغالب لا تأتي إلا لنصر حق أو دفع باطل لا لتثبيت شخص بعينه فلا يلزم إذاً أن يكون لكل ولي كرامة. قد يحيى الولي ويموت وليس له كرامة وقد يكون له كرامات متعددة وهذه الكرامات كما قال أهل العلم كل كرامة لولي فإنها آية للنبي الذي اتبعه، ولا أقول "معجزة" لأن الأولى أن تسمى آية، لأن هذا التعبير القرآني والآية أبلغ من المعجزة لأن الآية معناها العلامة على صدق ما جاء به هذا الرسول، والمعجزة قد تكون على يد مشعوذ أو على يد إنسان قوي يفعل ما يعجز عنه غيره، لكن التعبير بـ "الآية" أبلغ وأدق وهي التعبير القرآني فنسمي المعجزات بالآيات هذا هو الصواب.

يوجد أناس حسب ما نسمع في هذه الأمة يدعون أنهم أولياء ولكن من تأمل حالهم وجد أنهم بعيدون عن الولاية، وأنه لا حظ لهم فيها لكن لهم شياطين يعينونهم على ما يريدون فيخدعون بذلك البسطاء من الناس
(5) طريقة أهل السنة و الجماعة في الإصلاح في المجتمع

يرى أهل السنة والجماعة أن المجتمع الإسلامي لا يكمل صلاحه إلا إذا تمشى مع ما شرعه الله سبحانه وتعالى له، ولهذا يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف: كل ما عرفه الشرع وأقره، والمنكر: كل ما أنكره الشرع وحرمه فهم يرون أن المجتمع الإسلامي لا يصلح إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأننا لو فقدنا هذا المقوم لحصل التفرق، كما يشير إليه قول الله عز وجل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران: الآيتان 104، 105).

وهذا المقوم وللأسف في هذا الوقت ضاع أو كاد لأنك لا تجد شخصاً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى في المحيط القليل المحصور إلا ما ندر.

وإذا ترك الناس هكذا كل إنسان يعمل ما يريد تفرق الناس ولكن إذا تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر صاروا أمة واحدة ولكن لا يلزم إذا رأيت أمراً معروفاً أن يكون معروفاً عند غيرك، إلا في شيء لا مجال للاجتهاد فيه إنما ما للاجتهاد فيه مجال فقد أرى أن هذا من المعروف ويرى الآخر أنه ليس منه وحينئذ يكون المرجع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (النساء: الآية 59). ولكن طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم الذي فضلت فيه هذه الأمة على غيرها أنهم يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مقومات المجتمع الإسلامي ولكنه يحتاج إلى أمور:

أولاً: أن يكون الإنسان عالماً بالحكم بحيث يعرف أن هذا معروف وأن هذا منكر، أما أن يأتي عن جهل ثم يأمر بشيء يراه معروفاً في ظنه وهو ليس بمعروف فهذا قد يكون ضره أكبر من نفعه، لذلك لو فرضنا شخصاً تربى في مجتمع يرون أن هذه البدعة معروف ثم يأتي إلى مجتمع جديد غيره يجدهم لا يفعلونها فيقوم وينكر عليهم عدم الفعل ويأمرهم بها فهذا خطأ، فلا تأمر بشيء إلا حيث تعرف أنه معروف في شريعة الله، ليس بعقيدتك أنت وما نشأت عنه فلابد من معرفة الحكم وأن هذا معروف حتى تأمر به وكذلك المنكر.

ثانياً: لابد أن تعلم أن هذا المعروف لم يفعل، وأن هذا المنكر قد فعل، وكم من إنسان أمر شخصاً بمعروف فإذا هو فاعله فيكون في هذا الأمر عبئاً على غيره وربما يضع ذلك من قدره بين الناس.

وإذا رأينا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وجدنا أن هذه طريقته دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم ، يخطب وجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، "أصليت؟" قال لا. قال: "فقم فصل ركعتين" صلاة الركعتين لداخل المسجد من المعروف ولا شك ولكن الرسول، عليه الصلاة والسلام ما أمره به مباشرة حتى علم أنه لم يفعله فأنت قد تأمر هذا الرجل أن يفعل شيء، وإذا هو قد فعله فتتسبب إلى التعجل وعدم التريث وتحط من قدرك ولكن اسأل وتحقق إذا لم يفعل حينئذ تأمر به.

وكذلك أيضاً بالنسبة للمعاصي فبعض الناس قد ينهى شخصاً عما يراه منكراً وليس بمنكر.

مثال ذلك:

رأيت رجلاً يصلي الفريضة وهو جالس فنهيته بأن ليس له حق أن يصلي وهو جالس. فهذا غير صحيح لكن اسأل أولاً لماذا جلس، قد يكون له عذر في جلوسه وأنت لا تعلم حينئذ تكون متسرعاً ويكون ذلك ناقصاً من قدرك، هذا أمر أيضاً لابد منه:

أن تعرف الحكم الشرعي، وأن تعرف الحال التي عليها المأمور والمنهي حتى تكون على بصيرة من أمرك.

ثالثاً: أن لا يترتب على فعل المعروف ما هو منكر أعظم مفسدة من منفعة المعروف، فإن ترتب على فعل المعروف منكر هو أشد ضرراً من المنفعة الحاصلة بهذا المعروف فإن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح، وهذه الكلمة المعروفة هي القاعدة التي دل عليها القرآن ليست أيضاً على إطلاقها أي أنه ليست كل مفسدة درؤها أولى من جلب مصلحة، بل إذا تكافئت مع المصلحة فدرء المفسدة أولى، وإذا كانت أعظم من المصلحة فدرء المفسدة أولى، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام: الآية 108). فسب آلهة المشركين كل يعلم أنه مصلحة وأن فيه خيراً لكن إذا تضمنت هذه المصلحة ما هو أنكر – وأنكر من باب التفاضل الذي ليس في الطرف الآخر منه شيء – إذا تضمن مفسدة عظيمة فإنها تترك، لأننا إذا سببنا آلهتهم ونحن نسبها بحق سبوا الله عدواً بغير علم.

فهذه نقطة ينبغي أن نتفطن لها عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما إذا كانت المفسدة تنغمر في جانب المصلحة، فإننا نفضل المصلحة ولا يهمنا وهذا عليه شيء كثير من أحكام الله الشرعية والكونية.

فمثلاً هذا المطر الذي ينزل وفيه مصلحة عامة لكن فيه ضرراً على إنسان بنى سقفه الآن وجاء المطر فأفسده لكن هذه المفسدة القليلة منغمرة في جانب المصلحة العامة. وهكذا أيضاً الأحكام الشرعية كالأحكام الكونية وهذا أمر ينبغي التنبه له، وهو أننا قد لا يكون من المصلحة أن ننهى عن هذا المنكر لأنه يتضمن مفسدة أكبر ولكننا نتريث حتى تتم الأمور.

ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بالتدرج في التشريع حتى يقبلها الناس شيئاً فشيئاً، وهكذا المنكر لابد أن نأخذ الناس فيه بالمعالجة حتى يتم الأمر هذه هي الثلاثة الأمور :

1- العلم بالحكم .

2- العلم بالحال .

3- أن لا يترتب على فعل المعروف منكر أعظم مفسدة

(6) قول أهل السنة و الجماعة في الإيمان

الإيمان حقيقته عند أهل السنة والجماعة هو: "اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح". ويستدلون لقولهم هذا بقول النبي صلى الله عليه و سلم، "إن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". فالقول قول اللسان "لا إله إلا الله"، وعمل الجوارح وإماطة الأذى عن الطريق، والحياء عمل القلب.

أما عقيدة القلب فقوله، صلى الله عليه و سلم: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره".

وهم أيضاً يقولون إن الإيمان يزيد وينقص، فالقرآن قد دل على زيادته والضرورة العقلية تقتضي أن كل ما ثبت أنه يزيد فهو ينقص إذ لا تعقل الزيادة بدون نقص (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا) (المدثر: الآية 31). (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانا) (التوبة: الآية 124). ولاشك في ذلك، ومتى قلنا إن الإيمان قول وعمل فإنه لاشك أن الأقوال تختلف فليس من قال: "سبحان الله والحمد لله، والله أكبر" مرة كمن قالها أكثر، وكذلك أيضاً نقول إن الإيمان الذي هو عقيدة القلب يختلف قوة وضعفاً وقد قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (البقرة: الآية 260). فإنه ليس الخبر كالمعاينة والمشاهدة.

رجل أخبر بخبر أخبره رجل واحد حصل عنده شيء من هذا الخبر فإذا جاء ثان إزداد قوة فيه، وإذا جاءه الثالث ازداد قوة وهلم، وعليه نقول: الإيمان يزيد وينقص حتى في عقيدة القلب وهذا أمر يعلمه كل إنسان من نفسه، وأما من أنكر زيادته ونقصانه فإنه مخالف للشرع والواقع. فهو يزيد وينقص.

وبهذا تم ما أردنا الكلام عليه، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

=============

منقول من موقع الشيخ رَحِمَـهُ الله




موضوع قيم ومميز
بارك الله فيك وجزاك الخير المديد
تحياتي




أسمح لي وبكل مصداقيه
أن أقول أنت مميز في كل ماتطرحه وتقدمه
تقبلي مروري المتواضع في صفحتك الراقيه




بارك الله فيكم




شكرا جزيلا لكم
أسعدني مروركم
بالتوفيق




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

طريقة أهل السنة و الجماعة في عبادة الله

طريقة أهل السنة و الجماعة في عبادة الله

طريقتهم أنهم يعبدون الله ، لله ، وبالله ، وفي الله .

أما كونهم يعبدون الله لله فمعنى ذلك الإخلاص يخلصون لله عز وجل لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم لا يتقربون إلى أحد سواه ، إنما {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الاسراء:57]، ما يعبدون الله لأن فلاناً يراهم ، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس ، ولا يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله .

وأما كونهم يعبدون الله بالله. أي: مستعينين به لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم ، أو أن يروا أنهم مستقلون بعبادتهم عن الله ، بل هم محققون لقول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] . فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يعبدون الله لله ، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . يعبدون الله بالله . فيستعينونه على عبادته تبارك وتعالى .
وأما كونهم يعبدون الله في الله أي في دين الله ، في الدين الذي شرعه على ألسنة رسله ، وأهل السنة والجماعة في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه ، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصاً لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحقة السالمة من شوائب الشرك والبدع ، لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به ، ومن تعبد الله بغير شريعته فقد ابتدع في دينه والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] .
فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم لا أقول ما تستحسنه عقولهم لأن العقول الصحيحة لا تستحسن الخروج عن شريعة الله لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح ، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:63].
لو كنا نتعبد لله بما تهواه نفوسنا وعلى حسب أهوائنا لكنا فرقاً وشيعاً كل يستحسن ما يريد فيتعبد لله به وحينئذ لا يتحقق فينا وصف الله سبحانه وتعالى في قوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة} [المؤمنون:52] .
ولننظر إلى هؤلاء الذين يتعبدون لله بالبدع التي ما أذن الله بها ولا أنزل بها من سلطان ، كيف كانوا فرقاً يكفر بعضهم بعضاً ويفسق بعضهم بعضاً ، وهم يقولون: إنهم مسلمون،
لقد كَفَر بعض الناس ببعض في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم وأعمى أبصارهم .
نحن نقول: إننا إذا سرنا على هذا الخط لا نعبد الله إلا في دين الله فإننا سوف نكون أمة واحدة، لو عبدنا الله تعالى بشرعه وهداه لا بهوانا لكنا أمة واحدة فشريعة الله هي الهدى وليست الهوى.
إذاً لو أن أحداً من أهل البدع ابتدع طريقة عقيدة "أي تعود للعقيدة" أو عملية "تعود إلى العمل" من قول أو فعل، ثم قال إن هذه حسنة. والنبي صلى الله عليه و سلم ، يقول: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)(1). قلنا له بكل بساطة هذا الحسن الذي إدعيته أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافياً لدى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو كان معلوماً عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟!

والجواب: إن قال بالأول فشر وإن قال بالثاني فأطم وأشر، فإن قال: إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.

قلنا: رميت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.
وإن قال إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.

قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي هو الأمين الكريم وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا شر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه صلى الله عليه وسلم ، كان أجود الناس! وهنا شر قد يكون احتمالاً ثالثاً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا.
فنقول له: وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل لأن الله تعالى يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر!!

وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) 2، وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقاً فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[يونس:32]، ثم نقول: إن الحديث لا يدل على كل بدعة بل قال: (من سن في الإسلام) وما خرج عن شريعة الرسول ليس من الإسلام بل قد قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة) وبهذا نعرف أنه لابد أن تكون هذه السنة مما أثبته الإسلام وإلا ليست سنة في الإسلام ومن علم سبب الحديث الذي ذكرناه علم أن المراد بالسنة المبادرة بالعمل أو السبق إلى تنفيذ سنة كان أسبق الناس بها لأن سبب الحديث معلوم وهو أن جماعة جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا فقراء فحث المسلمين على التصدق عليهم فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يديه صلى الله عليه وسلم ، فقال: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها). وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها لكن من عمل بها أولاً لأنه بذلك أي بعمله أولاً يكون هو إماماً للناس فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

ولا يرد على ذلك ما ابتدع من الوسائل الموصلة إلى الأمور المشروعة فإن هذه وإن تلجلج بها أهل البدع وقعدوا بها بدعهم فإنه لا نصيب له منها، إلا أن يكون الراقم على الماء له نصيب من الحروف بارزة في الماء!
أقول: إن بعض الناس يستدلون على تحسين بدعهم التي ابتدعوها في دين الله والتي يلزم منها ما سبق ذكره بما أحدث من الوسائل لغايات محمودة، احتجوا على ذلك بجمع القرآن، وبتوحيده في مصحف واحد وبالتأليف، وببناء دور العلم وغير ذلك مما هو وسائل لا غايات، فهناك فرق بين الشيء الذي يكون وسيلة إلى غاية محمودة مثبتة شرعاً لكنها لا تتحقق إلا بفعل هذه الوسيلة فهذه الوسيلة طبعاً تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60].
وإعداد القوة على عهده عليه الصلاة والسلام غير إعداد القوة في زمننا هذا فإذا ما أحدثنا عملاً معيناً نتوصل به إلى إعداد القوة فإن هذه بدعة وسيلة وليست بدعة غاية يتقرب بها إلى الله ولكنها بدعة وسيلة.
ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد وبهذا نعرف أن ما تلجلج به مبتدع الحوادث في دين الله باستدلالهم بمثل هذه القضايا أنه ليس لهم فيها دليل أبداً لأن كل ما حصل فهو وسائل لغايات محمودة، فجمع القرآن من تصنيف وما أشبه ذلك كله وسائل لغايات هي مشروعة في نفسها.
فيجب على الإنسان أن يفرق بين الغاية والوسيلة فما قصد لذاته فقد تم تشريعه من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بما أوحاه الله إليه من الكتاب العظيم ومن السنة المطهرة،
ولدينا ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله. وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}[المائدة:3]، فلو كان في المحادثات ما يكمل به الدين لكانت قد شرعت وبينت وبلغت وحفظت، ولكن ليس فيها شيء يكون فيه كمال الدين بل نقص في دين الله.
قد يقول بعض الناس: إننا نجد في هذه الحوادث نجد عاطفة دينية ورقة قلبية واجتماعاً عليها.
فنقول: إن الله تعالى أخبر عن الشيطان أنه قال: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف:17]، يزينها الشيطان في قلب الإنسان ليصده عما خلق له من عبادة الله التي شرع فترضخ النفس بواسطة تسلط الشيطان على المرء حتى يصده عن دين الحق، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم، بأن (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) 3 بل في القرآن قبل ذلك. قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل:99- 100]، فجعل الله للشيطان سلطاناً على من تولاه وأشرك به أي جعل لله شريكاً به بواسطة الشيطان، وكل من جعل له متبوعاً في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل وجعل هذا المتبوع شريكاً لله تعالى في الحكم، وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له فيه أبداً {إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[يوسف:40].

وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الأحداث المحدثون أنه لا حجة لهم فيما أحدثوه.
واعلم رحمك الله انه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل:60] لو أن ملكاً من الملوك فتح باباً للدخول عليه وقال من أراد أن يصل إليَّ فليدخل من هذا الباب فما ظنكم بمن ذهب إلى أبواب أخرى هل يصل إليه ؟

كلا بالطبع، والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقاً إليه خاصاً بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وأن لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع.هل من محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيمه أن نحدث في دينه شيئاً يقول هو عنه: (كل بدعة ضلالة). ويقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)4.
هل هذا من محبة الرسول؟! أن تشرع في دين الله ما لم يشرع ؟ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31].

من كتاب منهاج اهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) جزء من حديث رواه مسلم جـ4 كتاب العلم/ باب من سن سنة حسنة أو سيئة.

2 أخرجه مسلم "رقم 867".
3 أخرجه البخاري "رقم 2035"، ومسلم "رقم 2175".

4 أخرجه مسلم "رقم 1718"




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[كتاب مصور] إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة للشيخ حمود التويجري

تعليمية تعليمية
[كتاب مصور] إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة للشيخ حمود التويجري رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد المرسلين و على آله و صحبه الطيبين و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد، فإليكم الكتاب الرائع للشيخ حمود التويجري رحمه الله: [إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة].

رابط التحميل: من هنا

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[برنامج] إسطوانة عقيدة أهل السُنة والجماعة

تعليمية تعليمية
[برنامج] إسطوانة عقيدة أهل السُنة والجماعة


إسطوانة عقيدة أهل السُنة والجماعة

للشيــــخ سعد بن ناصر الشتري

مبـــــــــــــــــــــــ ـــــــاشر

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

كلام بن رجب رحمه الله في الرجل الضخم هل تجب عليه صلاة الجماعة

تعليمية تعليمية

كلام بن رجب رحمه الله في الرجل الضخم هل تجب عليه صلاة الجماعة

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

يقول بن رجب رحمه الله في شرحه لفتح الباري في ج 5 ص 52 ما يلي

ذكره عن عذر الرجل الضخم في إتيان صلاة الجماعة .

حَدَّثَنَا آدم , قَالَ : ثنا شعبة : ثنا أنس بْن سيرين , قَالَ : سَمِعْت أنساً يَقُول :

قَالَ رَجُل من الأنصار : إني لا أستطيع الصلاة معك , وكان رجلاً ضخماً , فصنع

للنبي – صلى الله عليه وسلم – طعاماً, فدعاه إلى منزله , فبسط لَهُ حصيراً

ونضح طرف الحصير , فصلى عَلِيهِ ركعتين .

فَقَالَ رَجُل من آل الجارود لأنس : أكان النَّبِيّ – صلى الله عليه وسلم – يصلي

الضحى ؟ قَالَ : مَا رأيته صلاها إلا يومئذ .

فِي هَذَا الحَدِيْث :

أن من كَانَ ثقيل البدن يشق عَلِيهِ المشي إلى المسجد , فإنه يعذر لترك

الجماعة لذلك .

وليس فِي الحَدِيْث ذكر عذر لترك الجماعة سوى كونه ضخماً , وأنه لا يستطيع

الصلاة مَعَ النَّبِيّ – صلى الله عليه وسلم – فِي مسجده , ولعل منزله كَانَ

بعيداً من المسجد .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




جــــــــــــزاك الله خيـرا اختي و جعلـه في ميزان حسناتك




التصنيفات
الفقه واصوله

عقيدة أهل السنة و الجماعة

عقيدة أهل السنة والجماعة

تأليف

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله)


(للإستماع لشرح عقيدة أهل السنه بصوت الشيخ ابن عثيمين "رحمه الله" اذهب هنا)

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديـم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اطلعت على العقيدة القيّمة الموجزة، التي جمعها أخونا العلامة فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين، وسمعتها كلها، فألفيتها مشتملة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب: توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب: الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. وقد أجاد في جمعها وأفاد وذكـر فيها ما يحتاجه طالب العلم وكل مسلم في إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وقد ضمَّ إلى ذلك فوائد جمة تتعلّق بالعقيدة قد لاتوجد في كثير من الكتب المؤلفة في العقائد. فجزاه الله خيراً وزاده من العلم والهدى، ونفع بكتابه هذا وبسائر مؤلفاته، وجعلنا وإياه وسائر إخواننا من الهداة المهتدين، الدّاعين إلى الله على بصيرة، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى:

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز (رحمه الله)

مفتي عام المملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحقّ المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، أما بعد:
فإن الله تعالى أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بيّن به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة والأعمال القويمة والأخلاق الفاضلة والآداب العالية، فترك صلى الله عليه وسلم أمّته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنّته وعضّوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.
ونحن -ولله الحمد- على آثارهم سائرون وبسيرتهم المؤيّدة بالكتاب والسنّة مهتدون، نقول ذلك تحدُّثاً بنعمة الله تعالى وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
ولأهمية هذا الموضوع وتفُّرق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا، عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه موفقاً لمرضاته نافعاً لعباده.

عقيدتنا

عقيدتنا: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنه الرب الخالق الملك المدبّر لجميع الأمور.
ونؤمن بأُلوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال تعالى:]رب السماوات والأرض وما بينهما فأعبده وأصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً[ [مريم: 65].
ونؤمن بأنه ]الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم[ [البقرة: 255].

ونؤمن بأنه ]هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم[ [الحشر: 22 – 24].

ونؤمن بأن الله له ملك السماوات والأرض ] يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور (49) أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير[ [الشورى: 49، 50].
ونؤمن بأنه ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11) له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم[ [الشورى: 11،12].

ونؤمن بأنه ]وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين[ [هود: 6].

ونؤمن بأنه ]وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلاّ يعلمها ولا حبةٍ في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين[ [الأنعام: 59].

ونؤمن بأن الله ]عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير[ [لقمان: 34].

ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء ]وكلم الله موسى تكليماَ[ [النساء: 164]. ]ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه[ الأعراف: 143]. ]وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً[ [ مريم: 52].

ونؤمن بأنه ]لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي[ [الكهف: 109]. ]ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم[ [لقمان: 27].

ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث، قال الله تعالى ]وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً[ [الأنعام: 115]. ]ومن أصدق من الله حديثاً[ [النساء: 87].

ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلم به حقاً وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ]قل نزله روح القدس من ربك بالحق[ [النحل: 102]. ]وأنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 192 _ 195].

ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته لقوله تعالى: ]وهو العلي العظيم[ [البقرة: 255]. وقوله: ]وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير[ [الأنعام: 18].

ونؤمن بأنه ]خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر[ [يونس: 3]. واستواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوَّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته لا يعلم كيفيته إلا هو.

ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبِّر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض. ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال، لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.

ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟
ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى: ]كلا إذا دُكت الأرض دكاً دكا، وجاء ربك والملك صفاً صفا، وجيء يومئذ بجهنم يومئذٍ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى[ [الفجر: 21 – 23].

ونؤمن بأنه تعالى]فعّال لما يريد[ [هود: 107].
ونؤمن بأن إرادة الله تعالى نوعان: كونية يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى ]ولوشاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد[ [البقرة: 253]،] إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم[ [هود: 34]، وشرعية لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له، كقوله تعالى: ]والله يريد أن يتوب عليكم[ [النساء: 27].

ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كوناً أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك ]أليس الله بأحكم الحاكمين[ [التين: 8]. ]ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون[ [المائدة: 50].

ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله[ [آل عمران: 31]. ]فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه[ [المائدة: 54] ]والله يحب الصابرين[ [آل عمران: 146]، ]وأقسطوا إن الله يحب المقسطين[ [الحجرات: 9] ]وأحسنوا والله يحب المحسنين[ [المائدة: 93].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها ]إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم[ [الزمر: 7]]ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين[ [التوبة: 46].

ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ]رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه[ [البينة: 8].
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم ]الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم[ [الفتح:6]. ]ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم[ [النحل: 106].

ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام ]ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام[ [الرحمن: 27].

ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين ]بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء[ [المائدة: 64] ]وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون[ [الزمر:67].

ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى ]واصنع الفلك بأعيننا ووحينا[ [هود: 37] وقال النبي صلى الله عليه وسلم "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

ونؤمن بأن الله تعالى ]لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير[ [الأنعام: 103].

ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة ]وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة[ [القيامة: 22، 23].

ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

ونؤمن بأنه ]لا تأخذه سنة ولا نوم[ [البقرة: 255] لكمال حياته وقيوميته.

ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.

ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته ]إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون[ [يس: 82]، وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته ]ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لغوب[ [ق: 38] أي من تعب ولا إعياء.

ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما: التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين. والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.

ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.

ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لا بد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً. وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم. ففي كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كمال العلم والصدق والبيان، فلا عذر في رده أو التردد في قبوله.

فصـل

وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربِّنا وسُنةِ نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأُمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسُنّة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عزّ وجل، ونتبرَّأ من طريق المحرّفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله، ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله، ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.

ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سُنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً[ [النساء: 82]، ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن أدعى أن في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما تناقضاً فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيّه، ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما، فذلك إمّا لقلّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكفَّ عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم ]آمنا به كل من عند ربنا[ [آل عمران: 7]. وليعلم أن الكتاب والسُنَّة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.

فصـل

ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم ]عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون[ [الأنبياء: 26، 27]. خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته ]لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبّحون الليل والنهار لا يفترون[ [الأنبياء: 19، 20].

حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سدّ الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده الصحابة بصورة رجل لا يُعرف ولا يُرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، وخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه جبريل.

ونؤمن بأن: للملائكة أعمالاً كلفوا بها: فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله، ومنهم ميكائيل الموكل بالمطر والنبات، ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور، ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت، ومنهم ملك الجبال: الموكل بها، ومنهم مالك: خازن النار، ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام وآخرون موكلون بحفظ بني آدم وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان ]عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[ [ق: 17، 18]. وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فـ ]يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل ما يشاء[ [إبراهيم: 27]، ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة ]والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار[ [الرعد: 23، 24]، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله –وفي رواية يصلي فيه- كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

فصـل

ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجّة على العالمين ومحجة للعالمين يعلّمونهم بها الحكمة ويزكونهم.
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى ]لقد أرسلنا رُسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط[ [الحديد: 25].

ونعلم من هذه الكتب:

التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل ]فيها هُدى ونُور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله[. [المائدة: 44].
‌أ. الإنجيل: التي أنزله الله تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلم، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها ]وآتيناه الإنجيل فيه هُدىً ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهُدى وموعظة للمتقين[ [المائدة: 46] ]ولأُحل لكم بعض الذي حُرِم عليكم[ [آل عمران: 50].
‌ب. الزبور: الذي آتاه الله داود صلى الله عليه وسلم.
‌ج. صحف إبراهيم وموسى: عليهما الصلاة والسلام.
‌د. القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين ]هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان[ [البقرة: 185]. فكان]مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه[ [المائدة: 48]. فنسخ الله به جميع الكتب السابقة وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر: 9] لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة.

أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمدٍ ينتهي بنزول ما ينسخها ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير، ولهذا لم تكن معصومة منه فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه[ [النساء: 46]، ]فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون[ [البقرة: 79]، ]قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً[ [الأنعام: 91]، ]وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (78) ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله[ [آل عمران: 78، 79]. ]يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب[ إلى قوله: ]لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم[ [المائدة: 15، 17].

فصـل

ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً ]مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً[ [النساء: 165].

ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله وسلّم عليهم أجمعين]إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده[ [النساء: 163]، ]ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين[ [الأحزاب: 40].

وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى بن مريم وهم المخصوصون في قوله تعالى ]وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً[ [الأحزاب: 7].

ونعتقد أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى: ]شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه[ [الشورى: 13].
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: ]ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك[ [هود: 31]. وأمر الله تعالى محمداً وهو آخرهم أن يقول: ]ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك[ [هود:31[. وأن يقول: ]ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله[ [الأعراف: 188]، وأن يقول: ]قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً[ [الجن: 21].

ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح ]ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً[ [الإسراء: 3]، وقال في آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ]تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا[ [الفرقان:1]، وقال في رسل آخرين ]واذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار[ [ص: 45]، ]واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب[ [ص: 17]، ]ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب[ [ص: 30]، وقال في عيسى ابن مريم: ]إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل[ [الزخرف: 59].

ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: ]قُل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته وأتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].

ونؤمن بأن شريعته صلى الله عليه وسلم هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19]، وقوله: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[ [المائدة: 3]، وقوله: ]ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداً لأنه مكذب للقرآن.

ونرى أن من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى: ]كذبت قوم نوح المرسلين[ [الشعراء: 105]، فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى: ]إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً[] أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً[ [النساء: 150، 151].

ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدّق من ادّعاها فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.

ونؤمن بأن للنبي صلى الله عليه وسلم خلفاء راشدين خلفوه في أمته علماً ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة. وما كان الله تعالى –وله الحكمة البالغة- ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.

ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فَضَله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.

ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتُؤمنون بالله[ [آل عمران: 110].

ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرّهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.

ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد وخطؤه مغفور له، ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهّر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم: ]لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى[ [الحديد: 10]، وقول الله تعالى فينا: ]والذين جاءُوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم[ [الحشر: 10].

فصـل

ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء إمّا في دار النعيم وإمّا في دار العذاب الأليم.
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية ]ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون[ [الزمر: 68] فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان ]كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين[ [الأنبياء: 104].

ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال ]فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حساباً يسيراً (8) وينقلب إلى أهله مسروراً (9) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعو ثبورا (11) ويصلى سعيرا[ [الانشقاق: 7 12]، ] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً (13) اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً[ [الإسراء: 13، 14].

ونؤمن بالموازين تُوضـع يوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً ]فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره [ [الزلزلة: 7، 8]. ]فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (102) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون (103) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون[ [المؤمنون:102 104]، ]من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يُجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون[ [الأنعام: 160].

ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهمّ والكرب ما لا يُطيقون فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة، وبأن الله تعالى يُخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.

ونؤمن بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.

ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على الصراط يقول: يارب سلّم سلّم. حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناجٍ ومكردس في النار.

ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.

ونؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ]فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون[ [السجدة: 17]، والنار: دار العذاب التي أعدَّها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال ]إنا اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرادقها وإن يستغيثوا يُغاثوا بماءِ كالمُهل يشوِي الوجوه بئس الشرابُ وساءت مرتفقاً[ [الكهف: 29]. وهما موجودتان الآن ولن تفنيا أبد الأبدين ]ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يُدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له رزقاً[ [الطلاق: 11]]إن الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً (64) خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً (65) يوم تُقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا[ [الزخرف: 64 66].

ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي.

ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف، فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمرو بن لحي الخزاعي ونحوهما، ومن الشهادة بالوصف، الشهادة لكل كافرٍ أو مشركٍ شركاً أكبر أو منافق.

ونؤمن بفتنة القبر: وهي سؤال الميت في قبره عن ربِّه ودينه ونبيه فـ ]يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة[ [إبراهيم: 27] فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.

ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين ]الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون[ [النحل: 32].
ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين ]ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون[ [الأنعام: 93].

والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسُنة من هذه الأمور الغيبية، وألا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تُقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.

فصـل

ونؤمن بالقدر خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.

وللقدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، فتؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل ولا يلحقه نسيان بعد علم.

المرتبة الثانية: الكتابة، فتؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة ]ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير[ [الحج: 70].

المرتبة الثالثة: المشيئة، فتؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى ]خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل (62) له مقاليد السماوات والأرض[ [الزمر: 62، 63].

وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده والله تعالى قد شاءها وخلقها ]لمن شاء منكم أن يستقيم (28) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين[ [التكوير: 28، 29] ]ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد[ [البقرة: 253] ]ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام: 137] ]والله خلقكم وما تعملون[ [الصافات: 96].

ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقـدرة بهما يكون الفعل، والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:

الأول: قوله تعالى: ]فآتوا حرثكم أنى شئتم[ [البقرة: 223] وقوله: ]ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة[ [التوبة: 46] فأثبت للعبد اتياناً بمشيئته وإعداداً بإرادته.

الثاني: توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: ]لا يكلف الله نفساً إلا وسعها[ [البقرة:286].

الثالث: مدح المحسن على إحسانه وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسيء ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.

الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل ]رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء: 165]، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.

الخامس: أن كل فاعل يحسُّ أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد ويدخل ويخرج ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرّق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرّق الشرع بينهما تفريقاً حكيماً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.

ونرى أن لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدّرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره ]وما تدري نفس ماذا تكسب غداً[ [لقمان: 34] فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتجّ بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله: ]سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون[ [الأنعام: 148].

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في ا لجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟ ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن كل واحد قد كُتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال" "لا، اعملوا فكلُ ميسر لما خُلق له".

ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر عليَّ، ولو فعلت لعدّك الناس في قسم المجانين.

ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتجّ بالقدر؟

ونقول له أيضا: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء. فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟

ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي صلى الله عليه وسلم "والشر ليس إليك" [رواه مسلم]. فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة، وإنما يكون الشرُّ في مقتضياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت الذي علّمه الحسن: "وقني شر ما قضيت" فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإن الشر في المقتضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر، فالفساد في الأرض مـن الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر، قال الله تعالى: ]ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون[ [الروم: 41]، وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع يد السارق وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.

فصـل

هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة، فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع ]من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون[ [النحل: 97].

ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:

أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.

ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم.

ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.

ومن ثمرات الإيمان بالكتب:

أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.

ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة.

ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.

ومن ثمرات الإيمان بالرسل:

أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإرشاد.

ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.

ثالثاً: محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده والصبر على أذاهم.

ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر:

أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفاً من عقاب ذلك اليوم.

ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.

ومن ثمرات الإيمان بالقدر:

أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.

ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً وأربح نفساً وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.

ثالثاً: طرد الإعجاب بالنفس عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدّره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب.

رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: ]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير (22) لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل محتالٍ فخور[ [الحديد: 22، 23].

فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من رحمته، إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.

تمت

بقلم مؤلفها

محمد الصالح العثيمين (رحمه الله)

في 30 شوال سنة 1404هـ




جزاكِ الله خيرا على الموضوع الطيب و المميز..

تم التثبيت الدائم للموضوع + التقييم

في ميزان حسناتكِ عزيزتي ندى




شكرا لك أم عبيد الله على مرورك بوضوعي




اظن ان تفيدي نفسك و ان نفيد انفسنا بالعقيدة الصحيحة
النساء بيرة امهات المومنين
والرجال بالرسول صلى الله عليه و سلم




الله يحفظك
شكراااااا
على الموضوع القيم




التصنيفات
اسلاميات عامة

الحث على لزوم الجماعة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.

أمّا بعد: فإنّ من تمام نعمة الله على العباد، ورحمته بهم في المعاش والمعاد، أن أكمل لهم هذا الدين مصداقًا لقوله جلّ وعلا ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتيِ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[المائدة:3]. ولم يقبض النبي صلى الله عليه وسلَّم حتى ترك أمّته على البيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك.

ولقد كانت هذه الأمّة مرحومة في أوّل عهدها، جمعها الله على الهدى، وعصمها من الردى، وألّف بين قلوب أفرادها وحماها من الهوى، حيث انقادت إلى تعاليم الشرع المطهّر، واستقامت على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلَّم، أولئك صحب النبي صلى الله عليه وسلَّم، العصابة الظاهرة، أهل القلوب الرحيمة الطاهرة، لم يكونوا يعرفون غير اتّباعه وتوقيره، واتّباع النور الذي أنزل عليه والخير الذي جاء به، مستسلمين لما جاء به من الحقّ، مذعنين لما أمر به من الهدى، لم يكن لهم قول مع قوله، ولا اعتراض على حكمه ولا تقديم بين يديه وذلك الظنّ بهم، فلقد كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أمّة واحدة كما وصفهم الله عزّ وجلّ بقولـه: ﴿إِنَّ هَذِِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَـا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء:92].

فكم حاول المنافقون والمرجفون وضعفاء الحصانة العقدية إيقاد فتيل الفتنة، لتضطرم نار العداوة بين المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تشتيتًا لشملهم وتفريقًا لكلمتهم وخنقًا لدعوتهم فخابوا ولم يفلحوا، وأفسدوا ولم يصلحوا، قالوا ﴿لاَ تَنفِرُوا فِي الحَرِّ﴾ فردّ الله عليهم بقوله ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾[التوبة:7]، ولكم جرّب اليهود والمرتابون من شاكلتهم في غارات متلاحقة وهجمات مسعورة المساس بوحدة المسلمين والنيل من دينهم ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[آل عمران:72]. لكن الخطّة فشلت لأنّ الله كشفها وفضحها، وأبطل شرّها وأبان عوارها، ولقد حاولوا نزلة أخرى فأخذوا يذكرون الأنصار وما جرى بينهم من عداوات وحروب قبل الإسلام لإحياء ما خمد في نفوسهم من نعرات الجاهلية وقبائح خصال البشرية، فكشف الله أمرهم وخيّب آمالهم وردّ عليهم كيدهم بقوله ﴿يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾[آل عمران:100].

وجاء النبي صلى الله عليه وسلَّم إلى الأنصار فوعظهم وذكّرهم بنعمة الإسلام، واجتماعهم بعد الفرقة، فتعانقوا وتصافحوا، وتغافروا وتسامحوا، وفشلت خطّة اليهود في محاولات متعاقبة، كلّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله.

وبقي المسلمون أمّة واحدة، ينعمون بوحدة الصفّ واجتماع الكلمة، محافظين على وصيّة الله لهم ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُـوا﴾[آل عمران:103].

فكان من بركات الاعتصام بحبل الله، والانقياد إلى شرعه أن حفظ الله لهم جماعتهم وأظهر سوادهم، فكثّرهم من قلّة ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ﴾[الأنفال:26]، وأعزّهم من بعد ذلّة ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[آل عمران:123]، وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ﴿أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[القصص:57].

وما زال يمدّهم بالنعم والعناية، ويحوطهم بالحفظ والرعاية إلى أن جعلهم خير أمّة أخرجت للناس، لوسطيتها واعتدالها واستقامتها، وأرشدهم إلى ما يديم عليهم هذه النعمة.

وحذّرهم من كلّ ما ينغّصها عليهم من شرّ ونقمة، وأخبرهم أنّ حفظ الدين منوط بوحدة الجماعة والائتلاف، وأنّ نشوء الفتن من كثرة التفرّق والاختلاف، وجعل ذلك من سننه الكونية والشرعية لمن أراد أن يذّكّر﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾ [فاطر:43].

وإنّ الناظر في أحوال أمّتنا عبر تاريخها الطويل يجدها في هذا العقد من الزمان مكتوبة بنار الفتن والعداوات، متجرّعة لمرارة الفرقة والشتات، حيث تلاحقت بها الأزمات من كلّ جانب، وأصبحت هدفًا لكـلّ رام وضـارب. (ففي كل خليّة من خلايا الحياة بلية ليس لها راع تضرب فارهة في قناة المسلمين بأنواع من السلاح) فعند المستهترين وثنية وإلحاد، وتحلّل في الأخلاق، وارتماء في أحضان التغريب، وعند المحافظين غلوّ في الفهم وانحراف في المناهج، وتكثير للسبل، وإعجاب بالآراء وافتتان بالأهواء حتى لقد يستشعر الناظر بعين الحكمة أنّ ذلك من علامات الفناء والزول.

وكلّ هذا إنّما وقع بسبب التهوين من لزوم جماعة المسلمين والانتظام في سلكها والاجتماع على كلمتها، والتشجيع على مفارقتها وشقّ عصاها والافتيات عليها، وقد غذّى كلَّ ذلك الجهل بدين الله والغلوُّ في فهم نصوص الشرع بإقصاء العلماء وتألّق الجهلاء، ممّا أدّى إلى تردّي الأوضاع وأورث سوء الأحوال ممّا ليس بخاف على كلّ ذي عقل من الأحياء.

وليس من شكّ أنّ ائتلاف الأمّة وجمْعَ كلمتها على الحقّ هو مفتاح الفرج وعنوان استرداد المجد الضائع والعزّ الساطع إذ جعل المسلمين على طريقة واحدة هو أصل الإسلام وصمام الأمان.
ولهذا «فرض الشارع الحكيم على كلّ مؤمن بالله واليوم الآخر أن يلزم الجماعة فينتظم في سلكها ويستظلّ بظلّها، ويركن إلى أهلها، فما أحبّه لنفسه أحبّه لهم، وما كرِهه لها كرهه لهم، يسوؤه ما يسوؤهم، ويسرّه ما يسرّهم، ناصح لهم، محامٍ عنهم، سلمًا لأحبابهم، حربًا على أعدائهم هم جسد واحد وهو قطعة منه»(1).

«وما هذا الاهتمام من الشارع بأمر الجماعة إلاّ لبالغ أهميّتها، وكبير قدرها وعظيم نفعها، إذ هي رابطة المسلمين، قوّتهم من قوّتها، وضعفهم من ضعفها، فيها يعبد المسلم ربَّه آمنًا، ويدعو إليه تعالى مؤيَّدًا المستضعف في كنفها قويّ، والمظلوم في ظلّها منصور، والعاجز في محيطها معـان»(2).

وحيث جاء الأمر بلزوم جماعة المسلمين فالمراد بها الجماعة المنتظمة بنصب الحاكم كما قرّره ابن جرير حين قال: «والصواب أنّ المراد من الخبر بلزوم الجماعة، الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث عن بيعته خرج عن الجماعة» [فتح الباري:(47/13)]. فهذا التفسير من هذا الإمام الجهبذ يدلّ على أنّ الاجتماع والائتلاف، وحمايةَ بيضة الدين، وصونَ أعراض المسلمين إنّما يكون تحت لواء الجماعة الأمّ التي ليس لها اسم تعرف به إلاّ الإسلام والمسلمين ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾[الحجّ:78]، هذه الجماعة الأمّ التي تضمّ الحاكم والمحكومَ، والعالم والجاهلَ، والبرّ والفاجرَ، والتي تذوب فيها كلّ الجماعات والتكتّلات، وتسقط أمامها كلّ الولاءات والبيعات، فهي الجماعة الشرعية الوحيدة التي جاء الأمر بملازمتها والانضواء تحت رايتها، فلا طاعة ولا ولاءَ إلاّ لمن ولاّه الله أمر المسلمين وجمعهم تحت إمرته وقيدتها ولو ترك جائرًا ظالمًا، وهو واحد في الأمّة ولا يمكن أن يتعدّد بتعدّد الجماعات والأحزاب، كما أراد أن يفهمه بعض الناس جهلاً أو تجاهلاً، وهذا هو الفهم الذي استقرّ عند سلف الأمّة وخيارها، ينبئك به ما رواه ابن أبي حاتم بسنده إلى سماك بن الوليد الحنفي أنّه لقي ابن عباس بالمدينة فقال: ما يقول في سلطان علينا يظلموننا ويشتموننا، ويعتدون علينا في صدقاتنا، ألا نمنعهم ؟ قال ابن عبـاس: «لا، أعطهم يا حنفي ! » ثمّ قال: يا حنفي: الجماعة الجماعة، إنّما هلكت الأمم الخالية بتفرّقـها، أمـا سمعت اللهَ عزّ وجلّ يقـول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ [تفسير ابن أبي حاتم:(455/2)].

فليس هناك ما يُصلح دين الناس ودنياهم إلاّ الاجتماع والائتلافُ، وليس هناك ما يفسد عليهم ما ذكر إلاّ الافتراق والاختلاف، فإنّ الجماعة قوّة ومنَعَة، والفرقةَ فشلٌ وهَلَكة، ولن تستصلح قلوب العباد ولن يفشوا الأمن في البلاد إلاّ بخصـال ثلاث ذكرهـا النبي صلى الله عليه وسلَّم في حديثه «ثَلاثُ خِصَالٍ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا، إِخْلاَصُ العَمَلِ للهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلاَةِ الأَمْرِ، وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ بِهِم مِنْ وَرَائِهِمْ» [رواه أحمد في المسند:(183/5)]. فهذه الثلاث كما قال ابن تيمية «تجمع أصول الدين وقواعدَه، وتجمع الحقوق التي لله ولعباده وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة». [مجموع الفتاوى:(18/1)].

ومن تأمّل هذا الكلام وعاين واقع المسلمين في أنحاء المعمورة يتبيّن له موضعُ الخلل ويستبين السبيل، ورحمة الله على محمد بنِ عبد الوهاب لمّا قال: «لم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلاّ بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها» [مجموع مؤلفات الشيخ:(336/1)].

أقول: ولن ينتظم للمسلمين أمر، ولن يرفع عنهم ذلّ ولا قهر، إلاّ إذا أخذوا بهذه الخصال، وأمسكوها بقبضة الرجال، قال أبو طالب المكّي بعد إيراد هذا الحديث المشتمل على هذه الخصال: «ومن اجتمعت فيه هذه الخصال في زماننا فهو من أولياء الله عزّ وجلّ» [قوت القلوب:(273/2)].

فيا طالب ولاية الله، هذه معالمها فبادر إلى نيلها، ودع عنك ولاية الناس إلاّ أن تكون من أهلها، فإنّها مسؤولية وأمانة، وإنّها يوم القيامة خزي وندامة إلاّ من أخذها بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها.

فاللهمّ اجمع قلوبنا على الحقّ، واشددها على الاعتصام بحبلك، والانتظام في سلك الجماعة التي كتبت لها نجاةً وتوفيقًا.

الشيخ عز الدين رمضاني


(1) و (2) من مقدمة «الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم» لعبد السلام بن برجس، وهي ماتعة في بابها




السلام عليكم و رحمة الله و بركآآته
بارك الله فيكم و جزاكم خيرا




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وفيك بارك الله وجزاك الله خير الجزاء




او السلاااااام عليكم اخي بتحية الاسلام
اتيت لاثني على مجهودك الراقي والرائع الهادف الى توضيح لزوم الجماعة في السلام وقوتها الصاربة
والمستمدة من نهج النبي محد صلى الله عليه وسلم بورك فيك اخي ومزيد من التالق وننتظر
الجدبيد دائما.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hambabar تعليمية
السلاااااام عليكم اخي بتحية الاسلام
اتيت لاثني على مجهودك الراقي والرائع الهادف الى توضيح لزوم الجماعة في السلام وقوتها الصاربة
والمستمدة من نهج النبي محد صلى الله عليه وسلم بورك فيك اخي ومزيد من التالق وننتظر
الجدبيد دائما.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وفيك بارك الله اخي واسال الله الثبات لي ولكم على الدين الصحيح والمنهج القويم
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

اخي ابو سليمان لا تبخل علينا بما تعرف

واجر ك عند الله




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمزة بل العزيز تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

اخي ابو سليمان لا تبخل علينا بما تعرف

واجر ك عند الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله اخي حمزة




التصنيفات
الفقه واصوله

الجماعة الثانية في المسجد

الجماعة الثانية في المسجد

السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟) لمن فاتته الصلاة، المتصدق هل يكون إماماً أو مأموماً، وهل يتم الصلاة كاملة، أم يصلي ركعتين، وهل يصح ذلك في أوقات النهي، مثلاً بعد صلاة العصر لمن فاتته العصر؟

الجواب:

أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد.

القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله). ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه). إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة.
وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة.
وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل.
وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم. يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه). ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.

سلسلة اللقاء الشهري للشيخ العثيمين رحمه الله