بسم الله الرحمن الرحيم
الشعر وأنواعه:
الشعر التعليمي : وهو الشعر الذي تضمن عرض علم من العلوم ،ويخلو من عنصري العاطفة والخيال ، ويسمى عند العرب بالنظم .
الشعر القصصي الملحمي : وهو الشعر الذي نظمت به الملاحم الأسطورية الطويلة . وهي غير موجودة فيشعرنا القديم ، ويرجع ذلك أن الوزن الشعري في الشعر العربي أكثر انضباطاً ، ولذا فإن تلك الملاحم هي بالنثر أشبه منها بالشعر ، كما أن ميل العرب إلى الإيجاز ، يحولدون قبولهم الإطالة الشديدة التي تقتضيها تلك الملاحم . أما العصر الحديث فهنا كملحمة عيد الرياض لبولس سلامة ، والإلياذة الإسلامية لأحمد محرم .
الشعرالتمثيلي : وهو الشعر الذي يستعمل في الحوار المسرحي بدلاً من النثر .
الشعرالغنائي الوجداني : وهو الشعر الذي يعبر به الشاعر عن عواطفه الذاتية وأحاسيس وجدانه .
مقاييس نقد الشعر
يقوم الفن الأدبي (شعراً ونثراً) على عنصرين أساسين هما : الشكل والمضمون ، والنقد الأدبي يدرس الشعر من خلال عناصر أربعة مهمة هي : المعنى ،والعاطفة ، وهما يدخلان تحت إطار المضمون ، كما يدرس الخيال والأسلوب ، وهما ينضويان تحت إطار الشكل .
أولاً : مقاييس نقد المعنى : يراد بالمعنى الفكرة التي تعبر عنها القصيدة . والشعر الذي يخلو من فكرة قيمة في تضاعيفه يعد شعراً قليلا لجدوى والفائدة . ولا تقتصر قيمة المعنى على تعليمنا أمراً من أمور المعرفة ، بلتتعدى ذلك إلى أن يكون المعنى ذا تأثير قوي في نفوسنا ، وهذا يمثل غاية الأدب الأولى .
* ومن أبرز مقاييس نقد المعنى ما يأتي :
مقياس الصحة والخطأ : لابد من أن يلتزم بالحقيقة سواء أكانت تاريخية ، أم لغوية ، أم علمية ، لأن خطأ الشاعر في حقيقة من الحقائق يفسد شعره ، ويجعله غير مقبول من الناس .
* مقياس الجدة والابتكار : فالمعاني الشعرية تكون لها مكانة نقدية متميزة حين تتصف بالطرافة والابتكار . وليس المقصود بذلك أن يقدم الشاعر معاني جديدة لم يسبق إليها ، فهذ اصعب المنال في كثير من الأحيان ، ولكن المطلوب أن يتناول الشاعر معنى من المعاني فيقدمه بأسلوب يبدو فيه جديداً أو كالجديد .
* مقياس العمق والسطحية : المعنى العميق هو ذلك المعنى الذي تجده يذهب بك بعيداً في دلالة معنوية عالية مؤثرة ،وتنثال على نفسك معانٍ وخواطر كثيرة يثيرها فيك ويستدعيها إلى ذهنك . ويكون عمق المعنى بسبب موهبة يتميز بها الشاعر بما يختص به من قدرة عقلية وملكة ذهنية وثقافةعالية . وتكون الأبيات عميقة المعنى إذا اعتمدت على الحكمة التي تمثل اختزال قدركبير من التجربة الإنسانية وتقديمها في عبارة موجزة بليغة . وعلى النقيض من العمق هناك سطحية المعنى ، ونعني بها ذلك المعنى الذي تجده سهلاً جداً ، يعرفه أكثر الناس ولا مزية فيه .
ثانياً / مقاييس نقد العاطفة :
المراد بالعاطفة : الحالة الوجدانية التي تدفع الإنسان إلى الميلللشيء ، أو الانصراف عنه ، وما يتبع ذلك من حب أو كره ، وسرور أو حزن ، ورضى أو غضب .
ومن أبرز مقاييس نقد العاطفة ما يأتي :
* مقياس الصدق والكذب : ابحث عن الدافع الذي دفع الشاعر إلى القول ، فإن كان هذا الدافع حقيقياً غير زائف كانت العاطفة صادقة ، وإن كان الدافع غير حقيقي كانت عاطفته كاذبة . وهذا الدافع يتوقفعلى مدى عمق التجربة الشعرية وهي الموقف الذي عاشه الشاعر في أثناء إبداع القصيدة .
* مقياس القوة أو الضعف : إذا أثرت القصيدة في نفس قارئها ، وهزت وجدانه ،كانت عاطفتها قوية ، وإذا لم تترك أثراً في نفسه كانت عاطفتها ضعيفة . وترتبط قوةالعاطفة ووضوح تأثيرها بطبائع الناس وأمزجتهم ، فمنهم من يتأثر بالرثاء ومنهم منيتأثر بالغزل ، ومنهم من يتأثر بالفخر أو المدح وهكذا .
على أن قوة العاطفة ليسمعناها أن يكون المعنى بطولياً كبيراً ، وأن تكون الألفاظ ذات قوة ، وصدى ، بل إنقوة العاطفة لتبدو في بعض موضوعات الذكرى ، والحزن ، والألم ، وهي موضوعات يعبرعنها بكلمات دافئة رقيقة .
ثالثاً / مقاييس نقد الخيال :
الخيال هو الملكة الفنية التي تصنع الصورة الأدبية ، وهو عنصرأصيل في الأدب كله ، وفي الشعر بوجه خاص . وهو يقل في شعر الحكمة مثلاُ ، ويكثر فيالأغراض الأخرى للشعر الوجداني .
وتتجلى أهمية الخيال حينما نرى كيف يبدعالشاعر في تصوير مشاهد مألوفة في حياتنا ، قد اعتدنا على رؤيتها ، لكن الشاعر يبثفيها الحياة والحركة ، ويتخيلها على نحو فيه إثارة وطرافة . والشعر الذي يخلو منالخيال يعد شعراً قليل التأثير في النفوس .
جوانب دراسة الخيال :
* صحةالخيال : إن المقياس في صحة الخيال مردُّه إلى الذوق الأدبي ، وليس كل خيال يمكن أننسلكه في عداد الصورة الأدبية ، إذ إن من الخيال ما يكون كحلم النائم لا يستند إلىواقع ، مما يعد ضرباً من الوهم .
* نوع الخيال :
* الصورة الخياليةالبسيطة : وهي الصورة الأدبية التي تمثل مشهداً محدداً لموقف من المواقف ، أو معنىمن المعاني التي يريد الشاعر تصويرها ، وأكثر الخيال الشعري عند العرب يميل إلى هذاالنوع من الصور ، ويرجع ذلك إلى حب العربي للفكرة وحرصه عليها مما يبعده عن الإغراقفي الخيال والمبالغة فيه .
*الصورة الخيالية المركبة : وهي مجموعة من الصورالخيالية المركبة تعطي مشاهد متعاقبة ، يرتبط بعضها ببعض ، وتتكامل عناصرها ، فيغدوالمشهد مؤثراً كأنما يرى الإنسان من خلاله حقيقة الشيء ، لا خياله .
رابعاً / مقاييس نقد الأسلوب :
الأسلوب / يتمثل في البناء اللغوي للشعر من حيث اختيار المفردات ،وصياغة التراكيب ، وموسيقى الشعر .
* نقد المفردات :
1- سلامة الكلمة منالغرابة : فصاحة الكلمة تتحقق بخلوها من العيوب التي تصيب الكلمة .
2- إيحاءالكلمة : حسن اختيار الكلمات ، تلقي ظلالاً وتداعيات ، لذا يختارها الشاعر قصداًليفيد مما توحيه معاني متعددة تكسب الشعر آفاقاً رحبة . والنص الشعري الذي يكونموضوعه التفاؤل والأمل ، فإن كلماته تبدو مشعة موحية بالأمل والإشراق والبهجة ، أماالنصوص التي تدور حول موضوع التشاؤم ، فإن مفرداته توحي بالضياع والحزن والألم .
c. دقة استعمال الكلمة : على الشاعر أن يجد في البحث عن الكلمات التي تناسبالمقام ، وأن تكون استعمالاته للمفردات استعمالات متقنة ، يتجلى فيها جهد رائع فيحسن استخدام الكلمة .
* نقد التراكيب :
تدرس التراكيب في الشعر لمعرفةخصائصها ، ومميزاتها من حيث الجزالة والسهولة .
a. الأسلوب الجزل : هو ما كانقوياً غير مستكره ولا ركيك ، ويحدده النقاد بأنه الأسلوب الذي تسمعه العامة ،ويعرفونه لكنهم لا يستعملونه في أحاديثهم . ومن أبرز سمات الأسلوب الجزل : قوةالكلمات ، وقصر الجمل ، وغلبة الإيجاز فيه على الإطناب ، واتصافه بالفخامة التيتجعله في مستوى عال ٍ من القول .
* الأسلوب السهل : وهو ما ارتفعت ألفاظه عنألفاظ العامة ، وخلا من اللفظ الغريب الذي يحتاج إلى بيان وتفسير ، وهذا النوع منالأساليب مما يمكن أن يوصف بالسهل الممتنع ، فهو مع قربه وسهولته إلا أن إبداعهوإنشاءه ليس بالأمر الهين .
. نقد موسيقـى الشعر :
تعد موسيقى الشعرالخاصية البارزة ، والعلامة الفارقة بينها وبين النثر ، وهي النغم الشجي الذي تصاغفيه المعاني فيحيلها إلى نشيد عذب .
* الوزن الشعري : يراد به البحر الشعريالذي صيغت عليه القصيدة . ويرى النقاد أن ثمة علاقة بين موضوع القصيدة وغرضها منجهة ، وبين الوزن الشعري الذي بنى عليه الشاعر قصيدته من جهة أخرى ، فالبحور ذوات التفعيلات الطويلة أو الكثيرة ، تصلح غالباً للموضوعات الحماسية ونحوها ، كما أن البحور الخفيفة تصلح لغرض الغزل ونحوه ، وهي علاقة ظاهرة لكنها لا تمثل قاعدة مطردة .
* القافية : اختيار القافية وإيقاعها وحرفها المميز ، يمثل مستوى إبداعياً يجعله الناقد مجالاً من مجالات الحكم على الشعر .
* الموسيقى الداخلية : وهي نغم خاص تمتاز به القصيدة ، بسبب نجاح الشاعر في اختيار المفردات ، وترتبيها وفق نسق خاص ، وما يتبع ذلك من حركات الإعراب ، والمد ، والإمالة ، والتفخيم ، وفنون البديع اللفظي المتعددة . ومن ذلك نلحظ الفرق الكبير بين سطر النثر ، وبيت الشعر ،فالسطر الواحد في نص نثري يمتاز بتتابع الفكرة واطرادها حتى تتضح للقارئ ، أما بيت الشعر فيقتضي تصرف الشاعر بتقديم وتأخير ، أو حذف ، أو تكرار ، وذلك للمحافظة على الاتساق الصوتي المطلوب