التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية] الى الذين يتحاشون الدعوة الى التوحيد

تعليمية تعليمية
[صوتية] الى الذين يتحاشون الدعوة الى التوحيد

الى الذين يتحاشون الدعوة الى التوحيد
للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله من محاضرة
بعنوان
وجوب الاتباع لا الابتداع
الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




شكرا لكي

جزاك الله خيرا




جزانا واياكم يا الغالية

شكرا على المرور




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مقال] التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانت

تعليمية تعليمية
[مقال] التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها ! ـ اللجنة الدائمة ـ


التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها !
ـ اللجنة الدائمة ـ

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فإن [ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ] استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات ، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى [ وحدة الأديان ] : دين الإسلام ، ودين اليهود ، ودين النصارى ، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد ، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة ، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة ، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب ، وبعد التأمل والدراسة فإن [ اللجنة ] تقرر ما يلي :

• أولاً : أن من أصول الاعتقاد في الإسلام ، المعلومة من الدين بالضرورة ، والتي أجمع عليها المسلمون ، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام ، وأنه خاتمة الأديان ، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع ، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) . [ آل عمران : 85 ] .

والإسلام بعد بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان .

• ثانيًا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى : [ القرآن الكريم ] هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين ، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها ، ومهيمن عليها ، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى : [ القرآن الكريم ] . قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) . [ المائدة : 48 ] .

• ثالثًا : يجب الإيمان بأن [ التوارة والإنجيل ] قد نسخا بالقرآن الكريم ، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان ؛ كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) . [ المائدة : 13 ] .

وقوله – جل وعلا – : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) . [ البقرة : 79 ] .

وقوله سبحانه : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) . [ آل عمران : 78 ] .

ولهذا فما كان منها صحيحًا ؛ فهو منسوخ بالإسلام ، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل .

وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – : أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – صحيفة فيها شيء من التوراة ، وقال – عليه الصلاة والسلام – : ( أفي شك أنت يا ابن الخطاب !؟ ألم آت بها بيضاء نقية !؟ لو كان أخي موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي ) . [ رواه أحمد والدارمي وغيرهما ] .

• رابعًا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن نبينا ورسولنا محمدًا – صلى الله عليه وسلم – هو خاتم الأنبياء والمرسلين ؛ كما قال الله تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) . [ الأحزاب : 40 ] .

فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد – صلى الله عليه وسلم – ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيًا لما وسعه إلا اتباعه – صلى الله عليه وسلم – ، وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك ؛ كما قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) . [ آل عمران : 81 ] .

ونبي الله عيسى – عليه الصلاة والسلام – إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعًا لمحمد – صلى الله عليه وسلم – وحاكمًا بشريعته .

وقال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) . [ الأعراف : 157 ] .

كما أن من أصول الاعتقاد في الإسلام : أن بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – عامة للناس أجمعين ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) . [ سبأ : 28 ] .

وقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) . [ الأعراف : 158 ] .

وغيرها من الآيات .

• خامسًا : ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرًا ، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين ، وأنه من أهل النار ؛ كما قال تعالى : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) . [ البينة : 1 ] .

وقال – جل وعلا – : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) . [ البينة : 6 ] .

وغيرها من الآيات .

وثبت في " صحيح مسلم " : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ) .

ولهذا : فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر ، طردًا لقاعدة الشريعة : ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) .

• سادسا : وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية ، فإن الدعوة إلى : [ وحدة الأديان ] والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجر أهله إلى ردة شاملة ، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) . [ البقرة : 217 ] .

وقوله – جل وعلا – : ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) . [ النساء : 89 ] .

• سابعًا : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر ، والحق والباطل ، والمعروف والمنكر ، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين ، فلا ولاء ولا براء ، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله ، والله – جل وتقدس – يقول : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) . [ التوبة : 29 ] .

ويقول – جل وعلا – : ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) . [ التوبة : 36 ] .

• ثامنًا : أن الدعوة إلى [ وحدة الأديان ] إن صدرت من مسلم ؛ فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام ، لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد ؛ فترضى بالكفر بالله – عز وجل – ، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب ، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان ، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعًا ، محرمة قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع .

• تاسعا : وتأسيسا على ما تقدم :

1) فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيًا ورسولاً ، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة ، والتشجيع عليها ، وتسليكها بين المسلمين ، فضلا عن الاستجابة لها ، والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها .

2) لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين ، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد !! فمن فعله أو دعا إليه ؛ فهو في ضلال بعيد ، لما في ذلك من الجمع بين الحق [ القرآن الكريم ] والمحرف أو الحق المنسوخ [ التوراة والإنجيل ] .

3) كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة : [ بناء مسجد وكنيسة ومعبد ] في مجمع واحد ، لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام ، وإنكار ظهوره على الدين كله ، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ؛ لأهل الأرض التدين بأي منها ، وأنها على قدم التساوي ، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان .

ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال ؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين ، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله – تعالى الله عن ذلك – ؛ كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس [ بيوت الله ] ، وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله ، لأنها عبادة على غير دين الإسلام ، والله تعالى يقول : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) . [ آل عمران : 85 ] .

بل هي : بيوت يكفر فيها بالله . نعوذ بالله من الكفر وأهله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في " مجموع الفتاوى " : (22/162) : ( ليست – أي : البيع والكنائس – بيوت الله ، وإنما بيوت الله المساجد ، بل هي بيوت يكفر فيها بالله ، وإن كان قد يذكر فيها ، فالبيوت بمنزلة أهلها وأهلها كفار ، فهي بيوت عبادة الكفار ) .

• عاشرًا : ومما يجب أن يعلم : أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن ، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام ، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه ، أو إقامة الحجة عليهم .

( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) . [ الأنفال : 42 ] .

قال الله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 64 ] .

أما مجادلتهم ، واللقاء معهم ، ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم ، وتحقيق أهدافهم ، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان ؛ فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون – والله المستعان على ما يصفون – . قال تعالى : ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ ) . [ المائدة : 49 ] .

وإن [ اللجنة ] إذ تقرر ذلك وتبينه للناس ؛ فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته ، وحماية الإسلام ، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته ، والكفر وأهله ، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة : [ وحدة الأديان ] ، ومن الوقوع في حبائلها ، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببًا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم .

نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى : أن يعيذنا جميعًا من مضلات الفتن ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا .

وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

فتوى صدرت برقم 19402 في 25-1-1418هـ عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء (الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء) السعودية. واللجنة التي أصدرت هذه الفتوى مكونة من
سماحة الرئيس العام ومفتي عام المملكة العربية السعودية
(الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز) رئيسًا
(الشيخ عبد العزيز ابن عبد الله آل الشيخ) نائبًا
وعضوية كل من الشيخ د. بكر أبو زيد، و الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان.

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك أخيتي ونفع بكِ




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مقال] التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانت

تعليمية تعليمية
[مقال] التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها ! ـ اللجنة الدائمة ـ


التحذير من الدعوة لـ [ وحدة الأديان ] ! والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها !
ـ اللجنة الدائمة ـ

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فإن [ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ] استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات ، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى [ وحدة الأديان ] : دين الإسلام ، ودين اليهود ، ودين النصارى ، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد ، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة ، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة ، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب ، وبعد التأمل والدراسة فإن [ اللجنة ] تقرر ما يلي :

• أولاً : أن من أصول الاعتقاد في الإسلام ، المعلومة من الدين بالضرورة ، والتي أجمع عليها المسلمون ، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام ، وأنه خاتمة الأديان ، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع ، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) . [ آل عمران : 85 ] .

والإسلام بعد بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان .

• ثانيًا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى : [ القرآن الكريم ] هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين ، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها ، ومهيمن عليها ، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى : [ القرآن الكريم ] . قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) . [ المائدة : 48 ] .

• ثالثًا : يجب الإيمان بأن [ التوارة والإنجيل ] قد نسخا بالقرآن الكريم ، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان ؛ كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) . [ المائدة : 13 ] .

وقوله – جل وعلا – : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) . [ البقرة : 79 ] .

وقوله سبحانه : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) . [ آل عمران : 78 ] .

ولهذا فما كان منها صحيحًا ؛ فهو منسوخ بالإسلام ، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل .

وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – : أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – صحيفة فيها شيء من التوراة ، وقال – عليه الصلاة والسلام – : ( أفي شك أنت يا ابن الخطاب !؟ ألم آت بها بيضاء نقية !؟ لو كان أخي موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي ) . [ رواه أحمد والدارمي وغيرهما ] .

• رابعًا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن نبينا ورسولنا محمدًا – صلى الله عليه وسلم – هو خاتم الأنبياء والمرسلين ؛ كما قال الله تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) . [ الأحزاب : 40 ] .

فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد – صلى الله عليه وسلم – ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيًا لما وسعه إلا اتباعه – صلى الله عليه وسلم – ، وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك ؛ كما قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) . [ آل عمران : 81 ] .

ونبي الله عيسى – عليه الصلاة والسلام – إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعًا لمحمد – صلى الله عليه وسلم – وحاكمًا بشريعته .

وقال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) . [ الأعراف : 157 ] .

كما أن من أصول الاعتقاد في الإسلام : أن بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – عامة للناس أجمعين ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) . [ سبأ : 28 ] .

وقال سبحانه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) . [ الأعراف : 158 ] .

وغيرها من الآيات .

• خامسًا : ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرًا ، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين ، وأنه من أهل النار ؛ كما قال تعالى : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) . [ البينة : 1 ] .

وقال – جل وعلا – : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) . [ البينة : 6 ] .

وغيرها من الآيات .

وثبت في " صحيح مسلم " : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ) .

ولهذا : فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر ، طردًا لقاعدة الشريعة : ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) .

• سادسا : وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية ، فإن الدعوة إلى : [ وحدة الأديان ] والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة ، والغرض منها خلط الحق بالباطل ، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه ، وجر أهله إلى ردة شاملة ، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه : ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) . [ البقرة : 217 ] .

وقوله – جل وعلا – : ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) . [ النساء : 89 ] .

• سابعًا : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر ، والحق والباطل ، والمعروف والمنكر ، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين ، فلا ولاء ولا براء ، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله ، والله – جل وتقدس – يقول : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) . [ التوبة : 29 ] .

ويقول – جل وعلا – : ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) . [ التوبة : 36 ] .

• ثامنًا : أن الدعوة إلى [ وحدة الأديان ] إن صدرت من مسلم ؛ فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام ، لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد ؛ فترضى بالكفر بالله – عز وجل – ، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب ، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان ، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعًا ، محرمة قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع .

• تاسعا : وتأسيسا على ما تقدم :

1) فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم – نبيًا ورسولاً ، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة ، والتشجيع عليها ، وتسليكها بين المسلمين ، فضلا عن الاستجابة لها ، والدخول في مؤتمراتها وندواتها ، والانتماء إلى محافلها .

2) لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين ، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد !! فمن فعله أو دعا إليه ؛ فهو في ضلال بعيد ، لما في ذلك من الجمع بين الحق [ القرآن الكريم ] والمحرف أو الحق المنسوخ [ التوراة والإنجيل ] .

3) كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة : [ بناء مسجد وكنيسة ومعبد ] في مجمع واحد ، لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام ، وإنكار ظهوره على الدين كله ، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ؛ لأهل الأرض التدين بأي منها ، وأنها على قدم التساوي ، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان .

ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال ؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين ، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله – تعالى الله عن ذلك – ؛ كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس [ بيوت الله ] ، وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله ، لأنها عبادة على غير دين الإسلام ، والله تعالى يقول : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) . [ آل عمران : 85 ] .

بل هي : بيوت يكفر فيها بالله . نعوذ بالله من الكفر وأهله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في " مجموع الفتاوى " : (22/162) : ( ليست – أي : البيع والكنائس – بيوت الله ، وإنما بيوت الله المساجد ، بل هي بيوت يكفر فيها بالله ، وإن كان قد يذكر فيها ، فالبيوت بمنزلة أهلها وأهلها كفار ، فهي بيوت عبادة الكفار ) .

• عاشرًا : ومما يجب أن يعلم : أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن ، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام ، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه ، أو إقامة الحجة عليهم .

( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) . [ الأنفال : 42 ] .

قال الله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 64 ] .

أما مجادلتهم ، واللقاء معهم ، ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم ، وتحقيق أهدافهم ، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان ؛ فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون – والله المستعان على ما يصفون – . قال تعالى : ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ ) . [ المائدة : 49 ] .

وإن [ اللجنة ] إذ تقرر ذلك وتبينه للناس ؛ فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته ، وحماية الإسلام ، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته ، والكفر وأهله ، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة : [ وحدة الأديان ] ، ومن الوقوع في حبائلها ، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببًا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم .

نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى : أن يعيذنا جميعًا من مضلات الفتن ، وأن يجعلنا هداة مهتدين ، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا .

وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

فتوى صدرت برقم 19402 في 25-1-1418هـ عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء (الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء) السعودية. واللجنة التي أصدرت هذه الفتوى مكونة من
سماحة الرئيس العام ومفتي عام المملكة العربية السعودية
(الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز) رئيسًا
(الشيخ عبد العزيز ابن عبد الله آل الشيخ) نائبًا
وعضوية كل من الشيخ د. بكر أبو زيد، و الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان.

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

19 محاضرة ضمن سلسلة " من فقه الدعوة " للشيخ محمد سعيد الرسلان19 محاضرة ضمن سلسلة " من

تعليمية

جديد السلاسل للشيخ " محمد سعيد الرسلان " 19 محاضرة


ضمن سلسلة بعنوان" من فقه الدعوة "


تعليمية

نبذة عن السلسلة:

فإنَّ الدعوة إلى الله تعالى لها فضل عظيم, وأجر كريم؛ فإذا أردتَّ أن تكون داعيًا إلى الله؛ فما الذي ينبغي عليك أن تُتقنه؟ وما الذي يجب عليك من مسائل العلم أن تُحسنه؟ وكيف يكون اتزانك النفسي؟ وكيف ترعى عقلك وبدنك؟… وغيرها من المسائل التي تتعلق بالداعية المسلم .

تحميل الأشرطة بصيغة rm [روابط مباشرة]

الشريط الأول

الشريط الثاني

الشريط الثالث

الشريط الرابع

الشريط الخامس

الشريط السادس

الشريط السابع

الشريط الثامن

الشريط التاسع

الشريط العاشر

الشريط الحادي عشر

الشريط الثاني عشر

الشريط الثالث عشر

الشريط الرابع عشر

الشريط الخامس عشر

الشريط السادس عشر

الشريط السابع عشر

الشريط الثامن عشر

الشريط التاسع عشر و الأخير

المصدر

تعليمية




بارك الله فيك ان شاء الله يستفيد الجميع من الموضوع

شكرا لك وننتضر المزيد




التصنيفات
السنة الاولى ابتدائي

الدعوة لاهم شيء يحتاجه الطفل

اهم شئ يحتاجه الطفل في حياته للدراسة هو مراعات نفسية و ظروفه المنزلية بالتنسيق مع اهلهتعليمية و محاولت حل المشكل ان وجد بالاستعانة مع المرشد الاجتماعيتعليمية .




التصنيفات
منتدى الطلبات والبحوث المدرسية للتعليم الثانوي AS

حل نص" الدعوة الى الاصلاح و الميل الى الزهد" السنة الثانية ثانوي

تعليمية تعليمية
ارجو المساعدة اريد حل نص" الدعوة الى الاصلاح و الميا الى الرهد"
تعليمية تعليمية

تعليمية




ااااااااااااااااين المسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس اغدة ????




ان شاء الله يساعدوك

موفقة




ربي يوفقك يا اختي لكن ماعني حتى معلومة على سؤالك




النص موجود في كتاب اللغة العربية للسنة التانية تانوي جدع لفات اجنبية




تم تعديل العنوان ليطلع عليه أكبر قدر من الأعضاء

نتمنى أن تجدي ضالتك

بالتوفيق




التصنيفات
منتدى الطلبات والبحوث المدرسية للتعليم الثانوي AS

تعبير حول الدعوة الى الاصلاح لغة عربية سنة ثانية ثانوي

ارجو المساعدة في هدا التعبير الموجود في كتاب اللغة العربية للسنة التانية تانوي صفحة 85 انا بحاحة اليه وسريعا من فضلكم
الدعوة الى الاصلاح

ابن جارك غليظ الطباع خشن المعاملة كثيرا مايمزق بتصرفاته هدوء اسرته في وقت متاخر من الليل. فكرت في تخليص هده الاسرة من مغاناتها.
حرر نص الحوار الدي دار بينكما مستعملا الاسلوب الخبري و الانشاءي مقتبسا حججك من القرءان و السنة و الافوال الناثورة




التصنيفات
اسلاميات عامة

عدم استطاعة الدعوة بالنظر لتأثير قيم المجتمع، للشيخ: صالح آل الشيخ

تعليمية تعليمية

عدم استطاعة الدعوة بالنظر لتأثير قيم المجتمع

معالي الشيخ وفقكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أود من فضيلتكم توضيح عدم الاستطاعة في العصر الحالي لتعميق تأثير القيم الحالية على الشباب مع أن الإسلام في الأساس أتى وأوقف تأثير أو تأثر الشباب والناس كلهم بالقيم، واستطاع مع أنها أشد وأعظم -في نظري- من القيم الحالية آمل توضيح ذلك وجزاكم الله خيرا؟

جواب الشيخ: مو معناه عدم الاستطاعة معناه يعني أننا لا نعمل شيئا؛ لأن القيم الوافدة ستغلب ليس معناه عدم الاستطاعة هذه، ولكن عدم الاستطاعة حكم شرعي ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا))[البقرة:286]، إذا لم تستطع فأنت الحمد لله معفو عنك شرعا لأنك تعمل بما تستطيع، نزوات الشباب من يقول يستطيع أن يوجد أو أن يكون الشباب بأي برنامج ، قصدي أي دعوة أنه يستطيع أن يجعل جميع شباب الأمة صالحين لا تأثير للقيم الأخرى عليهم، هذا في نظري غير واقعي ولا يمارس الواقع؛ بل حتى زمن النبوة من الشباب من مَارَسَ بعض الخطايا، أتى رجل للنبي -صَلَّى الله عليه وسلّم -قال: ((يَا رسُولَ الله ِّإني َلقيت امرَأَةً في الّطَّريق فَما ِمن َشيء يعَملُه بالمَرأة إلاَّ عَملتُه غَير ِّأني لَم أنَكِح.)) يعني لم أطأ إلى آخر الحديث، الرجل والمرأة اللذان زنيا وأقيم عليهما الحد، والذي سرق، والذي كذب، الرجل الذي أتى للنبي -صَلَّى الله عليه وسلم (-شاب) قال: ((ياَ رسُول الله ائَذن ِلي فِي الزِّنى. ))فَقال له ((أترَضَاه لُأمِّك، أترضَاه لُأخِتك)) إلى آخره، والآخر الذي قال: ((: ِّإني لأَجدُ شَهوةَ الزِّنى في صَدِري)) ووضع النبي -صَلَّى الله عليه وسلم -يده بين ثدييه ودعا له، قال: فذهبت تلك من صدري. ونحو ذلك؛ يعني هذا موجود، يعني هذا موجود لا يمكن أنك توقف هذا لأنه من طبيعة الإنسان؛ لكن يجب أن نعمل للدعوة وأن نعمل لترسيخ هذه القيم وتوجيه الشباب لما ينفع، وإعطاء شيء واقعي للشاب؛ لأن أيضا في المربين والدعاة إذا كانوا يتكلمون على أشياء نظرية دائما الشاب لن يفصح لهم بهمومه، لن بفصح لهم بما يمارس فعلا، وحتى الوالد الأب إذا صار في معزل عن ولده سيمارس الولد كل شيء بغيبة عن أبيه فضلا عن من هو أبعد من أبيه.
إذا كان كذلك فلابد من نزول للواقع والتحدث بشيء الترغيب والترهيب وفتح باب التوبة والمغفرة إلى آخره من الوسائل المشروعة التي أمر الله جل وعلا بها وأمر بها رسوله صَلَّى الله عليه وسلم، لهذا أنا أقول أنّ عدم الاستطاعة إذا كان المقصود بها ما ذكرت في المحاضرة؛ يعني عدم استطاعة كبت الشباب عن الانفعالات العاطفية؛ يعني ما يمكن، لا أستطيع أن أقول للشاب لا تنفعل عاطفيا، العاقل مع نفسه ربما حصل منه أشياء، فكيف الشاب الصغير الذي عنده من أنواع الاندفاعات ليس لديه وسيلة ولا يمكن أن يقال له قف؛ يعني مجموع الشباب يجب علينا أن نقول ذلك؛ لكن هذا يجعلنا أن نعود إلى الواقعية أكثر وأكثر.
أما إذا أردنا النظر إلى زمن النبي صَلَّى الله عليه وسلم وأنه بالإسلام ألغيت جميع القيم السابقة ورسِّخت قيم الإسلام وانطلقت الأمة بشباب فتحوا البلاد وقادوا الناس إلى عبودية الله جل وعلا، هذا نمط آخر، نمط آخر تماما اجتمع فيه الجميع على دعوة ترسيخ القيم وعدم الخروج عنها، الجميع وكل مضادات هذه القيم أبرزت وطبقت الشريعة بكاملها، كلما طبقت الشريعة بكاملها ضعفت الممارسات الخاطئة، وكلما لم تطبق أو ضعف تطبيقها في كثير من الأنحاء أو في بعض الأنحاء وجد عدم الالتزام بالأخلاق.
إذن لا نقيس زمن الكل يتجه إلى العبودية إلى الله جل وعلا وزمن وما فيه مؤثرات فضائية ولا مؤثرات معلوماتية ولا اختلاط، لهذا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: أبتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
أحد الصحابة دخل على آخر -بدون ما اسمي الصحابة- في بيته وجد عنده وجد جدار قد كساه كسا الجدار؛ يعني كساه بقماش؛ فغضب الصحابي على أخيه قال: ((حَتى الجُدُر كَسَوتُمُوها.)) فخرج مغضبا، فخرج الصحابي الآخر يستسمحه فقال: ((يَا أبَا فلان إنَّ نساَءنَا قَد غَلبنَنا فِي ذَلك.)) قال:(( وَتُقول أنَّ نساَءكم قَد غَلَبنَكُم)). يعني هذه مصيبة ثانية، فإذن صار فيه تحول يعني فيه تداخلات كثيرة تنتج تداخل مع العجم، تداخل مع الحضارات الأخرى، الترف، الإسراف كثرة المادة هذه تنتج منظومة من الانفراط في القيم.
يعني الآن في وقتنا الحاضر أن القيم أننا نلقي شيئا بسيطا، وهو يجلس أمام بمكن ألف قناة فضائية من كل العالم ويرى فيها ما يرى؛ يعني الآن سابقا يقال للواحد إذا سافر لبلد مثلا وجلس فيها شهرين ثلاثة يتأثر، سافر إلى أمريكا أو إلى فرنسا أو إلى بريطانيا أو إلى أي بلد تأثر؛ يعني الحس الذي عنده وقوة الغيرة وإلى آخره حتى نظرته إلى النصارى نظرته إلى الكفار تتغير بشكل أو بآخر من جراء الممارسة والاختلاط شهرين ثلاثة.
الآن الأمة جالسة تعيش معهم كل يوم الشباب يعيشون معهم، يعيشون يوميا وليس ساعة أو ساعتين يعيشون أكثر اليوم، يمكن القنوات السعودية لا ينظر لها إلى الذين يهتمون بأشياء معينة؛ لكن الشباب اليوم، مستحيل، فهم يعيشون إذن إذا عاشوا ثلاث أربع سنوات يوميا مع هذا النمط من الحياة الغربي أليس هذا مدعاة إلى الانسلاخ، مدعاة لضعف القيم، مدعاة إلى كذا؟
فإذن المربي عليه أن يبذل، وسلطان الشريعة والوازع الديني وأبناءنا ولله الحمد شباب الأمة شببا فطرة وربوا في محاضن من الأسر محاضن ولله الحمد توجه التوجيه السليم وتبذل الكثير في ذلك والمدارس إلى آخره، الكل متجه إلى هذا؛ لكن يجب البذل أكثر فأكثر.
ونرجو إن شاء الله تعالى أن يتحقق المرجو من توجيه الناس أكثر وأكثر من الالتزام بالشريعة، ونسأل الله أن يرد كيد الأعداء إلى نحورهم إنه سبحانه سميع مجيب.


المصدر


منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




التصنيفات
اسلاميات عامة

الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص

(( الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص ))

بسم الله الرحمن الرحيم

أنزل الله كل كتبه وأرسل كل رسله وشرع كل شرائع دينه موعظة لخلقه ؛ قال الله تعال عن رسوله موسى وكتابه التوراة : ) {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ }(لأعراف:145)،وقال الله تعال عن رسوله عيسى وكتابه الإنجيل : ) {وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (المائدة:46) ، وقال تعالى عن خاتم رسله وكتابه القرآن : ) {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } (البقرة:231) بعد ذكر أحكام الطلاق في سورة البقرة ؛ قال أكثر المفسرين الأوائل القدوة : الحكمة هي السنة ، وقال بعضهم : الحكمة الدين ، وقال آخرون : الحكمة الشرع والمعنى واحد .

وقال الله تعال في بيان كفارة الظهار : ){فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ } (القصص:3) وقال تعالى عن قول الإفك : {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (النور:17) وقال تعالى عن كل أمره ونهيه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } إلى قوله : {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90) وقال تعالى عن موعظة لقمان لابنه : {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ،(لقمان:13) {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان:17) وكان الأمر بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك بالله في عبادته أول ما دعا إليه رسل الله ( صلوات الله وسلام وبركاته عليهم أجمعين ) في مواعظهم لأقوامهم استجابة لأمراً الله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل:36) ، ثم التزام ما أمر الله به من حقوق التوحيد ، واجتناب ما نهى الله عن مما هو دون الشرك كما قال الله تعالى : )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (النساء:48) .

وعلى هذه السنة ثبت فقهاء القرون المفضلة لا يرون الموعظة إلا الدعوة إلى الله على بصيرة من الكتاب والسنة تذكيراً بالله وحثاً على فعل ما أمر به ، ونهياً عما نهى عنه ، وتعليماً لأحكام شريعته في الاعتقاد أولاً ثم العبادات ثم المعاملات .

ثم خلقت من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون ؛ وبخاصة بعد أن ذرّ قرن الفكر الموصوف زوراً بالإسلامي بعودة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من باريس ودعوتهما إلى (( تحرير الفكر من قيد التقليد )) ، وكانت بداية الانحراف – في هذا العصر – عن الوحي والفقه إلى الفكر والظن والعاطفة ، وهان على كثير من المسلمين – مهما كان مبلغهم من العلم وجوداً أو عدماً – القول على الله والحكم على شرعه حسب فكرهم واقتناعهم أي : حسب هواهم ، وقد حذّر الله عباده من سوء هذا المنقلب فقال تعالى { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (النجم:23) . وتبعاً لذلك تحول أكثر مشاهير شباب الدعاة عن منهاج النبوة في الدعوة إلى الله من الموعظة الحسنة بآيات الكتاب المبين والصحيح من سنة الرسول الكريم كما فهمها سلف الأمة المعتدَّ بهم (لتثبيت الاعتقاد وتعليم أحكام الإسلام ، وتحبيب الخالق إلى خلقه وترغيبهم في ثوابه وترهيبهم من عقابه )إلى ما أنتجه الفكر غير المعصوم من تلاعب بالألفاظ وتخيلات ظنّية لأخبار ظنّية عن الحوادث والطوارئ السابقة واللاحقة ، وتحولت الدعوة إلى الله موعظة شرعية للفرد أو الجماعة إلى (محاضرات)و(ندوات)و(مهرجانات) يختلط فيها الحق بالباطل والآية ( المحكمة والمتشابهة ) والحديث ( الصحيح والضعيف والموضوع ) بالقصص والشعر والأمثال والفكاهة وفنون اللغة الدّارجة ، يغلب عليها الاهتمام بالأدنى دون الأعلى وبالمهم (أو غير المهم ) قبل الأهم .

ولأن النّفس أمّارة بالسّوء إلاّ ما رحم ربي ، ولأن الشّيطان يجري من ابن أدم مجرى الدّم ، ولأن الأهواء تتجارى بالعواطف كما يتجارى الكلب بصاحبه ، ولأن أكثر الناس لا يؤمنون ولا يشكرون ولا يعلمون ولا يفقهون كما بين الخلق المعبود سبحانه وبحمده ، فإن أكثر المسلمين بعد أن غيّر الدعاة القصّاص فطرتهم – صاروا يقبلون عليهم وينفرون من الدّعوة على منهاج النبوة فازداد عدد القصّاص ونقص عدد الواعظين مما يذكّر بقول الله تعالى : {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} (الجـن:6)على الرّأيين في مرجع الضّمير في قوله : { فَزَادُوهُمْ } ، فالجناية على الدّعوة والجاني القاصّ والمعجبون به معاً وقد بدأ الانحراف من الواعظ إلى القصص مبكراً ،ولكن فقهاء الصحابة رضي الله عنهم ومن تبع منهاجهم وقفوا له بالجهاد وبيّنوا ضلاله ونهوا عنه ؛ تجد ذلك مفصّلاً في:

وإليك طرفاً مما تضمّنته هذه المؤلفات تعريفاً بالقُصّاص وتحذيراً منهم ورداً إلى الله : قال محقق (تحذير الخواص):القصص في الاستعمال من مخاطبة العامة بالاعتماد على القصّة ..وقد أشار ابن الجوزي إلى هذا فقال (فالقاص هو الذي يُتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها )، فقلت : وشرٍّ منها الحكايات الجديدة والإشاعات ، وأخبار وسائل الإعلام ، والشعر والتمثيل والفكاهة .

وروى ابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : (لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )، ورواه أحمد والطبراني عن السائب بن يزيد بنحوه ، وفي رواية عن ابن عمر : (إنما كان القصص حيث كانت الفتنة ) وروى الطبراني بسند جيد عن عمرو بن دينار أن تميماً الدّاريّ استأذن عمر في القصص فأبى أن يأذن له (مرتين )، وفي الثالثة قال له (إن شئت ) وأشار أنه الذبح .

وروى الطبراني عن خباب بن الأرت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن بني إسرائيل لمّا هلكوا قصّوا )).

وروى الطبراني عن عمر بن زرارة قال : وقف علىّ عبد الله بن مسعود وأنا أقص فقال : (يا عمرو ، لقد ابتدعت بدعة ضلالة ، أو أنك أهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه )، قال عمرو : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني ما فيه أحد .

وأخرج عبد بن حميد في تفسيره عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو يقصّ ، فقال له : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ }(مريم:41) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ } (مريم:54) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ } (مريم:56) ذكّر بأيام الله ، واثن على من أثنى الله عليه ).

وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قوله : (القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج ).

وأخرج أحمد في (الزهد) عن أبي المليح قال ذكر ميمون القُصّاص فقال : (لا يخطئ القاصّ ثلاثاً : إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه ، وإما أن يُعجب بنفسه ، وإما أن يأمر بما لا يفعل ).

وقال ابن الحاج في (المدخل) : (مجلس العلم الذي يُذكر فيه الحلال والحرام واتّباع السلف رضي الله عنهم ، لا مجالس القُصّاص فإن ذلك بدعة ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عن الجلوس إلى القُصّاص ، فقال : (ما أرى ان يجلس إليهم وإن القَصص لبدعة ) .

وروى عن يحيى بن يحيى ( عالم الأندلس في عصره ) : سمعت مالكاً يكره القَصص فقيل له : يا أبا عبد الله فإن تكره مثل هذا فعلام كان يجتمع من مضى ؟ قال : (على الفقه ).

وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة 279 : نودي في بغداد : ألاّ يقعد على الطريق ولا في المسجد الجامع ينهى الناس عن الاجتماع إلى قاص ويُمنع القصاص من القعود ) اهـ .

وختم الحافظ العراقي كتابه : (الباعث على الخلاص من حوادث القصاص ) بقوله : (فيجب على ولاة أمور المسلمين منع هؤلاء من الكلام مع الناس ).

وذكر الحافظ ابن الجوزي في أول (كتاب القصاص والمذكرين ) من أسباب كراهية السلف القصص :

(1) أنهم إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكروه .
(2) أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .
(3) أنه يشغل عما هو أهم من تدير القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .
(4) أن في القرآن والسنة من العظة ما يغني عن غيره ممّا لا يُتيقن صحته .
(5) أن عموم القصاص لا يتحرون الصواب .
(6) اغترار العوام [وأشباههم من المثقفين والمفكرين والحركية] بما يسمعون من القصاص فلا ينكرون ما يقولون ، ويخرجون من عندهم فيقولون : قال العالم فالعالم عند العوام من صعد المنبر .
(7) أن القصاص يأخذون الحديث شبراً [بلا تمحيص] فيجعلونه ذراعاً.

قال محقق (تحذير الخواص ) – في مقدمته : (يتمثل تأثير القصاص السيئ على العامة في أن حقيقة الإسلام قد شوهت في أذهانهم فاعتقدوا البدعة سنة والسنة بدعة ، وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدّين الثابتة …فكان العوام ودعاة الابتداع أبداً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء …وآثر فريق من العلماء المسالة فسكتوا خوفاً من القصاص وسلطانهم [على العامة]وإيثاراً للعافية …وترى القصاص رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة أكثر من حرصهم على تقويمهم وتعليمهم وأضحى القاص كالمغني [والممثل والمهرّج ]لا همّ له إلا إطراب السامعين . إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام وغايتهم أن يستحوذ على إعجاب السامعين ).

والواقع أن دعاة القصص والشعر والفكاهة والتهريج والتّهييج – وهم أشهر وأكثر الدعاة اليوم عفا الله عنا وعنهم – حوّلوا الموعظة بل وخطبة الجمعة المفروضة إلى ما يشبه برامج (ما يطلبه المستمعون ) في الإذاعات العربية لرغبة الأغلبية في الهزل ورغبتهم عن الجد فقدم القصاص لعامة الناس ما يرضيهم – لا ما ينفعهم مما شُرعت الموعظة لتحقيقه في مقابل شهرتهم و إذاعة صيتهم والإقبال على مجالسهم ، مما يذكّر بقول الله تعالى عن الضالين والمضلين من الإنس والجن : {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ }(الأنعام:128)جنبنا الله وإياهم مصيرهم ، وردنا وردهم إلى منهاج النبوة في الدين والدعوة – رداً جميلاً .

وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله وخاتم رسله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته .
2) عدد من مؤلفات ابن تيمية (ت 728) رحمه الله ، تصدّى للقصّاص فيها . 3) (كتاب الباعث على الخلاص من حوادث القصّاص ) للحافظ العراقي (ت806) رحمه الله 4) (كتاب تحذير الخواص من أكاذيب القصّاص ) للسيوطي (ت 911) رحمه الله .
1) (كتاب القصّاص والمذكرين )، لابن الجوزي (ت 597) رحمه الله .

وهذا كتاب مهذَّب تحذير الخواص من أكاذيب القصاص، لجلال الدين السيوطي
التحميل من هنا




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على المقال الطيب النافع

و قد كتبه الشيخ سعد الحصين حفظه الله و نفع بعلمه الإسلام و المسلمين

ويرجى التأكد من رابط الكتاب المرفق لأنه لا يعمل




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبيد الله تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على المقال الطيب النافع

و قد كتبه الشيخ سعد الحصين حفظه الله و نفع بعلمه الإسلام و المسلمين

ويرجى التأكد من رابط الكتاب المرفق لأنه لا يعمل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وجزاك الله بالمثل

وبارك الله فيك على التنبيه نعم نسيت ان اذكر المصدر

المصدر

أما رابط الكتاب فهو يعمل بشكل عادي فقط ما عليك الا الانتضار لبعض الوقت لان المنتدى لا يسمح بمرور الروابط
مباشرة


نسال الله ان ينفع به اخواننا وأخواتنا




بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل خير اسال الله ان يكون كل الموضيع الهادفة في ميزان حسناتكم وحسناتنا جميعا




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المهندس تعليمية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل خير اسال الله ان يكون كل الموضيع الهادفة في ميزان حسناتكم وحسناتنا جميعا

وجزاك الله بالمثل اخي
اللهم أمين
ومرحبا بك معنا باذن الله تستفيد وتفيد




التصنيفات
اسلاميات عامة

الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة


الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، أرسله إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة إلى سبيله، وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه، وأعلى كلمته ولو كره المشركون، وسلم تسليماً كثيرًا أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الجن والإنس ليُعبد وحده لا شريك له، وليُعظم أمره ونهيه وليعرف بأسمائه وصفاته، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[1] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[2]، وقال عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[3].
فبين سبحانه أنه خلق الخلق ليُعبد، ويُعظم، ويطاع أمره ونهيه. لأن العبادة هي توحيده وطاعته مع تعظيم أوامره ونواهيه، وبين عز وجل أيضاً أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما. ليعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه قد أحاط بكل شيء علماً.
فعلم بذلك أن من الحكمة في إيجاد الخليقة: أن يعرف الله سبحانه بأسمائه وصفاته، وأنه على كل شيء قدير، وأنه العالم بكل شيء جل وعلا، كما أن من الحكمة في خلقهم وإيجادهم أن يعبدوه ويعظموه ويقدسوه ويخضعوا لعظمته؛ لأن العبادة هي الخضوع لله جل وعلا والتذلل له، وسميت الوظائف التي أمر الله بها المكلفين -من أوامر وترك نواهٍ- عبادة؛ لأنها تؤدى بالخضوع والتذلل لله عز وجل.
ثم لما كانت العبادة لا يمكن أن تستقل بتفاصيلها العقول، كما أنه لا يمكن أن تعرف بها الأحكام من الأوامر والنواهي على التفصيل، أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل، وأنزل الكتب لبيان الأمر الذي خلق الله من أجله الخلق، ولإيضاحه وتفصيله للناس حتى يعبدوا الله على بصيرة، وحتى ينتهوا عما نهاهم عنه على بصيرة، فالرسل عليهم الصلاة والسلام هم هداة الخلق، وهم أئمة الهدى، ودعاة الثقلين جميعا إلى طاعة الله وعبادته، فالله سبحانه أكرم العباد بهم، ورحمهم بإرسالهم إليهم، وأوضح على أيديهم الطريق السوي، والصراط المستقيم، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم، وحتى لا يقولوا ما ندري ما أراده الله منا، ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقطع الله المعذرة، وأقام الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[4]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[5].
وقال عز وجل: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[6] الآية، وقال سبحانه: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[7] الآية، فبين سبحانه أنه أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ ليحكم بين الناس بالحق والقسط، وليوضح للناس ما اختلفوا فيه من الشرائع والعقائد، من توحيد الله وشريعته عز وجل، فإن قوله سبحانه وتعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني على الحق، لم يختلفوا من عهد آدم عليه الصلاة والسلام إلى نوح وكان الناس على الهدى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وجماعة من السلف والخلف، ثم وقع الشرك في قوم نوح، فاختلفوا فيما بينهم، واختلفوا فيما يجب عليهم من حق الله، فلما وقع الشرك والاختلاف أرسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام، وبعده الرسل، كما قال عز وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [8]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[9]. فالله أنزل الكتاب ليبين حكم الله فيما اختلف فيه الناس، وليبين شرعه فيما جهله الناس، وليأمر الناس بالتزام شرع الله والوقوف عند حدوده، وينهى الناس عما يضرهم في العاجل والآجل، وقد ختم الرسل جل وعلا بأفضلهم وإمامهم، وبسيدهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه وعليهم من ربهم أفضل الصلاة والتسليم، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، ودعا إلى الله سرا وجهرا، وأوذي في الله أشد الأذى، ولكنه صبر على ذلك، كما صبر من قبله من الرسل عليهم الصلاة والسلام، صبر كما صبروا، وبلغ كما بلغوا، ولكنه أوذي أكثر، وصبر أكثر، وقام بأعباء الرسالة أكمل قيام، عليه وعليهم الصلاة والسلام، مكث ثلاثاً وعشرين سنة يبلغ رسالات الله ويدعو إليه، وينشر أحكامه، منها ثلاث عشرة سنة في أم القرى (مكة المكرمة) أولا بالسر، ثم بالجهر صدع بالحق، وأوذي وصبر على الدعوة وعلى أذى الناس، مع أنهم يعرفون صدقه وأمانته ويعرفون فضله ونسبه ومكانته، ولكنه الهوى والحسد والعناد من الأكابر، والجهل والتقليد من العامة فالأكابر جحدوا واستكبروا وحسدوا، والعامة قلدوا واتبعوا وأساءوا، فأوذي بسبب ذلك أشد الأذى عليه الصلاة والسلام.
ويدلنا على أن الأكابر قد عرفوا الحق وعاندوا، قوله سبحانه: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[10]، فبين سبحانه أنهم لا يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يعلمون صدقه وأمانته في الباطن، وكانوا يسمونه الأمين قبل أن يوحى إليه عليه الصلاة والسلام، ولكنهم جحدوا الحق حسداً وبغياً عليه، عليه الصلاة والسلام، لكنه عليه الصلاة والسلام لم يبالِ بذلك ولم يكترث به، بل صبر واحتسب وسار في الطريق، ولم يزل داعياً إلى الله جل وعلا، وصابراً على الأذى، مجاهداً بالدعوة، كافاً عن الأذى متحملاً له، صافحا عما يصدر منهم حسب الإمكان، حتى اشتد الأمر، وعزموا على قتله عليه الصلاة والسلام، فعند ذلك أذن الله له بالخروج إلى المدينة، فهاجر إليها عليه الصلاة والسلام، وصارت عاصمة الإسلام الأولى، وظهر فيها دين الله وصار للمسلمين بها دولة وقوة، واستمر عليه الصلاة والسلام في الدعوة وإيضاح الحق، وشرع في الجهاد بالسيف، وأرسل الرسل يدعون الناس إلى الخير والهدى، ويشرحون لهم دعوة نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام وبعث السرايا، وغزا الغزوات المعروفة حتى أظهر الله دينه على يديه، وحتى أكمل الله به الدين، وأتم عليه وعلى أمته النعمة، ثم توفي عليه الصلاة والسلام بعدها أكمل الله به الدين، وبلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، فتحمل أصحابه من بعده الأمانة، وساروا على الطريق، فدعوا إلى الله عز وجل، وانتشروا في أرجاء المعمورة دعاة للحق ومجاهدين في سبيل الله عز وجل، لا يخشون في الله لومة لائم، يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله جل وعلا، فانتشروا في الأرض غزاة مجاهدين، ودعاة مهتدين، وصالحين مصلحين ينشرون دين الله، ويعلمون الناس شريعته، ويوضحون لهم العقيدة التي بعث الله بها الرسل، وهي إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه من الأشجار والأحجار والأصنام وغير ذلك، فلا يدعى إلا الله وحده، ولا يستغاث إلا به ولا يحكم إلا شرعه، ولا يصلى إلا له، ولا ينذر إلا له، إلى غير ذلك من العبادات، وأوضحوا للناس أن العبادة حق لله، وتلوا عليهم ما ورد في ذلك من الآيات مثل قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[11]، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[12]، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[13]، {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[14]، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[15] وصبروا على ذلك صبرا عظيما، وجاهدوا في الله جهادا كبيرا رضي الله عنهم وأرضاهم، وتبعهم على ذلك أئمة الهدى من التابعين وأتباع التابعين من العرب وغير العرب، ساروا في هذا السبيل، سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، وتحملوا أعباءها، وأدوا الأمانة مع الصدق والصبر والإخلاص في الجهاد في سبيل الله، وقتال من خرج عن دينه، وصد عن سبيله، ولم يؤد الجزية التي فرضها الله، إذا كان من أهلها، فهم حملة الدعوة وأئمة الهدى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا أتباع الصحابة من التابعين وأتباع التابعين وأئمة الهدى، ساروا على هذا الطريق كما تقدم، وصبروا في ذلك وانتشر دين الله، وعلت كلمته على أيدي الصحابة ومن تبعهم من أهل العلم والإيمان، من العرب والعجم من هذه الجزيرة جنوبها وشمالها، ومن غير الجزيرة من سائر أرجاء الدنيا، ممن كتب الله له السعادة، ودخل في دين الله، وشارك في الدعوة والجهاد، وصبر على ذلك، وصارت لهم السيادة والقيادة والإمامة في الدين، بسبب صبرهم وإيمانهم وجهادهم في سبيل الله عز وجل، وصدق فيهم قوله سبحانه فيما ذكر في بني إسرائيل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[16]، صدق هذا في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفيمن سار على سبيلهم، صاروا أئمة وهداة ودعاة للحق، وأعلاما يقتدى بهم، بسبب صبرهم وإيمانهم، فإن بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، فأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعه بإحسان إلى يومنا هذا، هم الأئمة وهم الهداة، وهم القادة في سبيل الحق، وبذلك يتضح لكل طالب علم أن الدعوة إلى الله من أهم المهمات، وأن الأمة في كل زمان ومكان في أشد الحاجة إليها، بل في أشد الضرورة إلى ذلك..
ويتلخص الكلام في الدعوة إلى الله عز وجل في أمور:
(الأمر الأول): حكمها وفضلها.
(الأمر الثاني): كيفية أدائها وأساليبها.
(الأمر الثالث): بيان الأمر الذي يدعى إليه.
(الأمر الرابع): بيان الأخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة أن يتخلقوا بها وأن يسيروا عليها، فنقول وبالله المستعان وعليه التكلان وهو المعين والموفق لعباده سبحانه وتعالى.

الأمر الأول: بيان حكم الدعوة إلى الله عز وجل وبيان فضلها :

أما حكمها: فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل، وأنها من الفرائض، والأدلة في ذلك كثيرة، منها قوله سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[17]، ومنها قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[18]، ومنها قوله عز وجل: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[19]، ومنها قوله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[20]، فبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله، وهم أهل البصائر، والواجب كما هو معلوم هو اتباعه، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[21]، وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية، بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة، فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها، فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة، وعملاً صالحاً جليلاً.
وإذا لم يقم أهل الإقليم، أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام، صار الإثم عاما، وصار الواجب على الجميع، وعلى كل إنسان أن يقوم بالدعوة حسب طاقته وإمكانه، أما بالنظر إلى عموم البلاد، فالواجب: أن يوجد طائفة منتصبة تقوم بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة، تبلغ رسالات الله، وتبين أمر الله عز وجل بالطرق الممكنة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة، وأرسل الكتب إلى الناس، وإلى الملوك والرؤساء ودعاهم إلى الله عز وجل.
وفي وقتنا اليوم قد يسر الله عز وجل أمر الدعوة أكثر، بطرق لم تحصل لمن قبلنا، فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر، من طرق كثيرة، وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة: عن طريق الإذاعة، وعن طريق التلفزة، وعن طريق الصحافة، ومن طرق شتى، فالواجب على أهل العلم والإيمان، وعلى خلفاء الرسول أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يتكاتفوا فيه، وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ولا يخشوا في الله لومة لائم، ولا يحابوا في ذلك كبيراً ولا صغيراً ولا غنياً ولا فقيراً، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله، كما أنزل الله، وكما شرع الله، وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه يكون فرض عين، ويكون فرض كفاية، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر، ويبلغ أمر الله سواك، فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ، والأمر والنهي غيرك، فإنه يكون حينئذ في حقك سنة، وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافسا في الخيرات، وسابقا إلى الطاعات، ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}[22] الآية، قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية وجماعة ما معناه: ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم، تدعو إلى الله، وتنشر دينه، وتبلغ أمره سبحانه وتعالى، ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله، وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم، ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم، كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه، فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم، تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته، وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك، ووجد فيها من تولى هذا الأمر، وقام به وبلغ أمر الله، كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة، لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على يد سواه.
ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله، وإلى بقية الناس، يجب على العلماء حسب طاقتهم، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون، وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.
وبهذا يعلم أن كونها فرض عين، وكونها فرض كفاية، أمر نسبي يختلف، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص، وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام، لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم.
أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة، فعليهم من الواجب أكثر، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار، حسب الإمكان بالطرق الممكنة، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس، يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها، باللغة العربية وبغيرها، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم، ولم تتيسر في السابق، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله عز وجل، وأن ينشروا دين الله حسب طاقتهم، وحسب علمهم، ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة، وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان، وغير ذلك من الدعوات المضللة، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل اليوم أصبحت فرضا عاما، وواجبا على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة والإمكان بالكتابة والخطابة، وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوا، وأن لا يتقاعسوا عن ذلك، أو يتكلوا على زيد أو عمرو، فإن الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك، والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل، ذلك لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة، للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه، ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله عز وجل، فوجب على أهل الإسلام أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة، وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله. فضل الدعوة :
وقد ورد في فضل الدعوة والدعاة آيات وأحاديث كثيرة، كما أنه ورد في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاة أحاديث لا تخفى على أهل العلم، ومن ذلك قوله جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[23]، فهذه الآية الكريمة فيها التنويه بالدعاة والثناء عليهم، وأنه لا أحد أحسن قولا منهم، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم أتباعهم على حسب مراتبهم في الدعوة والعلم والفضل، فأنت يا عبد الله يكفيك شرفا أن تكون من أتباع الرسل، ومن المنتظمين في هذه الآية الكريمة {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[24]، المعنى: لا أحد أحسن قولاً منه لكونه دعا إلى الله وأرشد إليه وعمل بما يدعو إليه، يعني: دعا إلى الحق وعمل به، وأنكر الباطل وحذر منه، وتركه، ومع ذلك صرح بما هو عليه، لم يخجل بل قال: إنني من المسلمين، مغتبطاً وفرحاً بما من الله به عليه، وليس كمن يستنكف عن ذلك ويكره أن ينطق بأنه مسلم، أو بأنه يدعو إلى الإسلام، لمراعاة فلان أو مجاملة فلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بل المؤمن الداعي إلى الله القوي الإيمان، البصير بأمر الله يصرح بحق الله، وينشط في الدعوة إلى الله ويعمل بما يدعو إليه، ويحذر ما ينهى عنه، فيكون من أسرع الناس إلى ما يدعو إليه، ومن أبعد الناس عن كل ما ينهى عنه، ومع ذلك يصرح بأنه مسلم وبأنه يدعو إلى الإسلام، ويغتبط بذلك ويفرح به كما قال عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[25].
فالفرح برحمة الله وفضله فرح الاغتباط، فرح السرور، أمر مشروع، أما الفرح المنهي عنه فهو فرح الكبر، والفرح هذا هو المنهي عنه كما قال عز وجل في قصة قارون: {لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}[26] هذا فرح الكبر والتعالي على الناس والتعاظم، وهذا هو الذي ينهى عنه..
أما فرح الاغتباط والسرور بدين الله، والفرح بهداية الله، والاستبشار بذلك والتصريح بذلك ليعلم، فأمر مشروع وممدوح ومحمود، فهذه الآية الكريمة من أوضح الآيات في الدلالة على فضل الدعوة، وأنها من أهم القربات، ومن أفضل الطاعات، وأن أهلها في غاية من الشرف وفي أرفع مكانة، وعلى رأسهم الرسل عليه الصلاة والسلام، وأكملهم في ذلك خاتمهم وإمامهم وسيدهم نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، ومن ذلك قوله جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[27]، فبين سبحانه أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو على بصيرة، وأن أتباعه كذلك، فهذا فيه فضل الدعوة، وأن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة، والبصيرة هي العلم بما يدعو إليه وما ينهى عنه، وفي هذا شرف لهم وتفضيل، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)) أخرجه مسلم أيضا. وهذا يدل على فضل الدعوة إلى الله عز وجل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي رضي الله عنه وأرضاه: ((فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) متفق على صحته، وهذا أيضا يدلنا على فضل الدعوة إلى الله وما فيها من الخير العظيم، وأن الداعي إلى الله جل وعلا يعطى مثل أجور من هداه الله على يديه، ولو كانوا آلاف الملايين، وتعطى أيها الداعية مثل أجورهم، فهنيئاً لك أيها الداعية إلى الله بهذا الخير العظيم، وبهذا يتضح أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعطى مثل أجور أتباعه، فيا لها من نعمة عظيمة يعطى نبينا عليه الصلاة والسلام مثل أجور أتباعه إلى يوم القيامة، لأنه بلغهم رسالة الله، ودلهم على الخير عليه الصلاة والسلام، وهكذا الرسل يعطون مثل أجور أتباعهم عليهم الصلاة والسلام، وأنت كذلك أيها الداعية في كل زمان تعطى مثل أجور أتباعك والقابلين لدعوتك، فاغتنم هذا الخير العظيم وسارع إليه. الأمر الثاني: كيفية أدائها وأساليبها :
أما كيفية الدعوة وأسلوبها فقد بينها الله عز وجل في كتابه الكريم، وفيما جاء في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ومن أوضح ذلك قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
[28]، فأوضح سبحانه الكيفية التي ينبغي أن يتصف بها الداعية ويسلكها يبدأ أولا بالحكمة، والمراد بها الأدلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق، والداحضة للباطل، ولهذا قال بعض المفسرين: المعنى بالقرآن، لأنه الحكمة العظيمة، لأن فيه البيان والإيضاح للحق بأكمل وجه، وقال بعضهم معناه بالأدلة من الكتاب والسنة، وبكل حال، فالحكمة كلمة عظيمة، معناها الدعوة إلى الله بالعلم والبصيرة، والأدلة الواضحة المقنعة الكاشفة للحق، والمبينة له، وهي كلمة مشتركة تطلق على معان كثيرة، تطلق على النبوة وعلى العلم والفقه في الدين وعلى العقل، وعلى الورع وعلى أشياء أخرى، وهي في الأصل كما قال الشوكاني رحمه الله: الأمر الذي يمنع عن السفه، هذه هي الحكمة، والمعنى: أن كل كلمة وكل مقالة تردعك عن السفه، وتزجرك عن الباطل فهي حكمة، وهكذا كل مقال واضح صريح، صحيح في نفسه، فهو حكمة، فالآيات القرآنية أولى بأن تسمى حكمة، وهكذا السنة الصحيحة أولى بأن تسمى حكمة بعد كتاب الله، وقد سماها الله حكمة في كتابه العظيم، كما في قوله جل وعلا: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[29] يعني السنة، وكما في قوله سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[30] الآية، فالأدلة الواضحة تسمى حكمة، والكلام الواضح المصيب للحق، يسمى حكمة كما تقدم، ومن ذلك الحَكَمَةُ التي تكون في فم الفرس: وهي بفتح الحاء والكاف سميت بذلك، لأنها تمنع الفرس من المضي في السير، إذا جذبها صاحبها بهذه الحكمة.
فالحكمة كلمة تمنع من سمعها من المضي في الباطل، وتدعوه إلى الأخذ بالحق والتأثر به، والوقوف عند الحد الذي حده الله عز وجل، فعلى الداعية إلى الله عز وجل أن يدعو بالحكمة، ويبدأ بها ويعنى بها، فإذا كان المدعو عنده بعض الجفا والاعتراض، دعوته بالموعظة الحسنة بالآيات والأحاديث التي فيها الوعظ والترغيب، فإن كان عنده شبهة جادلته بالتي هي أحسن، ولا تغلظ عليه، بل تصبر عليه ولا تعجل ولا تعنف، بل تجتهد في كشف الشبهة، وإيضاح الأدلة بالأسلوب الحسن، وهكذا ينبغي لك أيها الداعية، أن تتحمل وتصبر ولا تشدد، لأن هذا أقرب إلى الانتفاع بالحق وقبوله وتأثر المدعو، وصبره على المجادلة والمناقشة، وقد أمر الله جل وعلا موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون أن يقولا له قولا لينا وهو أطغى الطغاة، قال الله جل وعلا في أمره لموسى وهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[31] وقال الله سبحانه في نبيه محمد عليه الصلاة والسلام: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[32] الآية، فعلم بذلك أن الأسلوب الحكيم والطريق المستقيم في الدعوة أن يكون الداعي حكيما في الدعوة، بصيرا بأسلوبها، لا يعجل ولا يعنف، بل يدعو بالحكمة، وهي المقال الواضح المصيب للحق من الآيات والأحاديث، وبالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن هذا هو الأسلوب الذي ينبغي لك في الدعوة إلى الله عز وجل، أما الدعوة بالجهل فهذا يضر ولا ينفع، كما يأتي بيان ذلك إن شاء الله عند ذكر أخلاق الدعاة، لأن الدعوة مع الجهل بالأدلة، قول على الله بغير علم، وهكذا الدعوة بالعنف والشدة ضررها أكثر، وإنما الواجب والمشروع هو الأخذ بما بينه الله عز وجل في سورة النحل وهو قوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}[33] الآية، إلا إذا ظهر من المدعو العناد والظلم، فلا مانع من الإغلاظ عليه كما قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[34] الآية، وقال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[35]. الأمر الثالث: بيان الأمر الذي يدعى إليه :
أما الشيء الذي يدعى إليه، ويجب على الدعاة أن يوضحوه للناس، كما أوضحه الرسل عليهم الصلاة والسلام فهو الدعوة إلى صراط الله المستقيم، وهو الإسلام وهو دين الله الحق، هذا هو محل الدعوة كما قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}، فسبيل الله جل وعلا: هو الإسلام، وهو الصراط المستقيم، وهو دين الله الذي بعث به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي تجب الدعوة إليه، لا إلى مذهب فلان ولا إلى رأي فلان، ولكن إلى دين الله، إلى صراط الله المستقيم، الذي بعث الله به نبيه وخليله محمدا عليه الصلاة والسلام، وهو ما دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعلى رأس ذلك الدعوة إلى العقيدة الصحيحة، إلى الإخلاص لله وتوحيده بالعبادة، والإيمان به وبرسله، والإيمان باليوم الآخر، وبكل ما أخبر الله به ورسوله هذا هو أساس الصراط المستقيم، وهو الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومعنى ذلك الدعوة إلى توحيد الله والإخلاص له، والإيمان به وبرسله عليهم الصلاة والسلام، ويدخل في ذلك الدعوة إلى الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسله، مما كان وما يكون من أمر الآخرة، وأمر آخر الزمان وغير ذلك، ويدخل في ذلك أيضا الدعوة إلى ما أوجب الله من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت إلى غير ذلك، ويدخل أيضاً في ذلك الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ بما شرع الله في الطهارة والصلاة والمعاملات، والنكاح والطلاق والجنايات، النفقات والحرب والسلم وفي كل شيء لأن دين الله عز وجل دين شامل، يشمل مصالح العباد في المعاش والمعاد، ويشمل كل ما يحتاج إليه الناس في أمر دينهم، ويدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهى عن سفاسف الأخلاق وعن سيئ الأعمال، فهو عبادة وقيادة؛ يكون عابداً ويكون قائداً للجيش، عبادة وحكماً؛ يكون عابداً مصلياً صائماً ويكون حاكماً بشرع الله منفذاً لأحكامه عز وجل، عبادة وجهاداً، يدعو إلى الله ويجاهد في سبيل الله من خرج عن دين الله، مصحف وسيف؛ يتأمل القرآن ويتدبره وينفذ أحكامه بالقوة، ولو بالسيف إذا دعت الحاجة إليه، سياسة واجتماعاً. فهو يدعو إلى الأخلاق الفاضلة والأخوة الإيمانية، والجمع بين المسلمين والتأليف بينهم، كما قال جل وعلا: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}
[36]، فدين الله يدعو إلى الاجتماع وإلى السياسة الصالحة الحكيمة، التي تجمع ولا تفرق، تؤلف ولا تباعد تدعو إلى صفاء القلوب، واحترام الأخوة الإسلامية والتعاون على البر والتقوى والنصح لله ولعباده، وهو أيضا يدعو إلى أداء الأمانة والحكم بالشريعة، وترك الحكم. بغير ما أنزل الله عز وجل كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[37].
وهو أيضا سياسة واقتصاد، كما أنه سياسة وعبادة وجهاد، فهو يدعو إلى الاقتصاد الشرعي المتوسط، ليس رأسماليا غاشما ظالما لا يبالي بالمحرمات، ويجمع المال بكل وسيلة وبكل طريق، وليس اقتصاداً شيوعياً إلحادياً لا يحترم أموال الناس، ولا يبالي بالضغط عليهم وظلمهم والعدوان عليهم، فليس هذا ولا هذا، بل هو وسط بين الاقتصادين، ووسط بين الطريقين، وحق بين الباطلين، فالغرب عظموا المال وغلوا في حبه وفي جمعه، حتى جمعوه بكل وسيلة، وسلكوا فيه ما حرم الله عز وجل، والشرق من الملحدين من السوفييت ومن سلك سبيلهم، لم يحترموا أموال العباد بل أخذوها واستحلوها، ولم يبالوا بما فعلوا في ذلك، بل استعبدوا العباد، واضطهدوا الشعوب، وكفروا بالله وأنكروا الأديان، وقالوا: لا إله والحياة مادة، فلم يبالوا بهذا المال ولم يكترثوا بأخذه بغير حله، ولم يكترثوا بوسائل الإبادة والاستيلاء على الأموال، والحيلولة بين الناس وبين ما فطرهم الله عليه من الكسب والانتفاع، والاستفادة من قدراتهم ومن عقولهم، وما أعطاهم الله من الأدوات، فلا هذا ولا هذا، فالإسلام جاء بحفظ المال واكتسابه بالطرق الشرعية البعيدة عن الظلم والغش والربا وظلم الناس والتعدي عليهم، كما جاء باحترام الملك الفردي والجماعي، فهو وسط بين النظامين وبين الاقتصادين، وبين الطريقين الغاشمين، فأباح المال ودعا إليه، ودعا إلى اكتسابه بالطرق الحكيمة، من غير أن يشغل كاسبه عن طاعة الله ورسوله وعن أداء ما أوجب الله عليه، ولهذا قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[38]. وقال النبي علية الصلاة والسلام: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) وقال: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) وقال عليه الصلاة والسلام: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من سؤال الناس أعطوه أو منعوه)).
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب، فقال: ((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده)) فهذا يبين لنا أن نظام الإسلام في المال نظام متوسط، لا مع رأس المال الغاشم من الغرب وأتباعه، ولا مع الشيوعيين الملحدين الذين استباحوا الأموال وأهدروا أهلها، لم يبالوا بهم واستعبدوا الشعوب وقضوا عليها، واستحلوا ما حرم الله منها، فلك أن تكسب المال وتطلبه بالطرق الشرعية، وأنت أولى بمالك وبكسبك بالطريقة التي شرعها الله، وأباحها جل وعلا.
والإسلام أيضا يدعو إلى الأخوة الإيمانية، وإلى النصح لله ولعباده، وإلى احترام المسلم لأخيه، لا غل ولا حسد ولا غش ولا خيانة، ولا غير ذلك من الأخلاق الذميمة كما قال جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
[39]، وقال جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[40].
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله)) الحديث، فالمسلم أخو المسلم يجب عليه احترامه وعدم احتقاره، ويجب عليه إنصافه وإعطاؤه حقه، من كل الوجوه التي شرعها الله عز وجل، وقال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن مرآة أخيه المؤمن)) فأنت يا أخي مرآة أخيك، وأنت لبنة من البناء الذي قام عليه بنيان الأخوة الإيمانية، فاتق الله في حق أخيك، واعرف حقه وعامله بالحق والنصح والصدق، وعليك أن تأخذ الإسلام كله ولا تأخذ جانبا دون جانب، لا تأخذ العقيدة وتدع الأحكام والأعمال، ولا تأخذ الأعمال والأحكام وتدع العقيدة، بل خذ الإسلام كله، خذه عقيدةً وعملاً وعبادةً، وجهاداً واجتماعاً وسياسةً واقتصاداً وغير ذلك، خذه من كل الوجوه كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[41].
قال جماعة من السلف معنى ذلك: ادخلوا في السلم جميعه، يعني في الإسلام، يقال للإسلام: سلم؛ لأنه طريق السلامة، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة، فهو سلم وإسلام، فالإسلام يدعو إلى السلم، يدعو إلى حقن الدماء بما شرع من الحدود والقصاص والجهاد الشرعي الصادق، فهو سلم وإسلام وأمن وإيمان، ولهذا قال جل وعلا: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} أي ادخلوا في جميع شعب الإيمان: لا تأخذوا بعضا وتدعوا بعضا، عليكم أن تأخذوا بالإسلام كله، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} يعني المعاصي التي حرمها الله عز وجل، فإن الشيطان يدعو إلى المعاصي وإلى ترك دين الله كله، فهو أعدا عدو، ولهذا يجب على المسلم أن يتمسك بالإسلام كله، وأن يدين بالإسلام كله، وأن يعتصم بحبل الله عز وجل، وأن يحذر أسباب الفرقة والاختلاف في جميع الأحوال، فعليك أن تحكم شرع الله في العبادات وفي المعاملات، وفي النكاح والطلاق، وفي النفقات وفي الرضاع، وفي السلم والحرب، ومع العدو والصديق، وفي الجنايات وفي كل شيء، دين الله يجب أن يحكم في كل شيء، وإياك أن توالي أخاك لأنه وافقك في كذا، وتعادي الآخر لأنه خالفك في رأي أو في مسألة، فليس هذا من الإنصاف، فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل، ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم، والموالاة والمحبة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالمؤمن يعمل بشرع الله، ويدين بالحق، ويقدمه على كل أحد بالدليل، ولكن لا يحمله ذلك على ظلم أخيه، وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها، وهكذا في المسائل التي قد يختلف في تأويل النص فيها، فإنه قد يعذر، فعليك أن تنصح له وأن تحب له الخير، ولا يحملك ذلك على العداء والانشقاق، وتمكين العدو منك ومن أخيك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الإسلام دين العدالة ودين الحكم بالحق والإحسان، دين المساواة إلا فيما استثنى الله عز وجل، ففيه الدعوة إلى كل خير، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والإنصاف والعدالة والبعد عن كل خلق ذميم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[42]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[43].
والخلاصة: أن الواجب على الداعية الإسلامي أن يدعو إلى الإسلام كله، ولا يفرق بين الناس، وأن لا يكون متعصباً لمذهب دون مذهب، أو لقبيلة دون قبيلة، أو لشيخه أو رئيسه أو غير ذلك، بل الواجب أن يكون هدفه إثبات الحق وإيضاحه، واستقامة الناس عليه، وإن خالف رأي فلان أو فلان أو فلان، ولما نشأ في الناس من يتعصب للمذاهب ويقول: إن مذهب فلان أولى من مذهب فلان، جاءت الفرقة والاختلاف، حتى آل ببعض الناس هذا الأمر إلى أن لا يصلي مع من هو على غير مذهبه، فلا يصلي الشافعي خلف الحنفي، ولا الحنفي خلف المالكي ولا خلف الحنبلي، وهكذا وقع من بعض المتطرفين المتعصبين، وهذا من البلاء ومن اتباع خطوات الشيطان، فالأئمة أئمة هدى، الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأشباههم كلهم أئمة هدى ودعاة حق، دعوا الناس إلى دين الله وأرشدوهم إلى الحق، ووقع هناك مسائل بينهم، اختلفوا فيها لخفاء الدليل على بعضهم، فهم بين مجتهد مصيب له أجران، وبين مجتهد أخطأ الحق فله أجر واحد، فعليك أن تعرف لهم قدرهم وفضلهم وأن تترحم عليهم، وأن تعرف أنهم أئمة الإسلام ودعاة الهدى، ولكن لا يحملك ذلك على التعصب والتقليد الأعمى، فتقول: مذهب فلان أولى بالحق، بكل حال، أو مذهب فلان أولى بالحق لكل حال لا يخطئ، "لا" هذا غلط.

عليك أن تأخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله ولو خالف فلاناً، وعليك أن لا تتعصب وتقلد تقليداً أعمى، بل تعرف للأئمة فضلهم وقدرهم، ولكن مع ذلك تحتاط لنفسك ودينك، فتأخذ بالحق وترضى به، وترشد إليه إذا طلب منك، وتخاف الله وتراقبه جل وعلا، وتنصف من نفسك، مع إيمانك بأن الحق واحد، وأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد – أعني مجتهدي أهل السنة، أهل العلم والإيمان والهدى – كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما المقصود من الدعوة والهدف منها :
فالمقصود والهدف إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به، وينجو من النار، وينجو من غضب الله، وإخراج الكافر من ظلمة الكفر إلى النور والهدى، وإخراج الجاهل من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعاصي من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، هذا هو المقصود من الدعوة كما قال جل وعلا: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}
[44]، فالرسل بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ودعاة الحق كذلك يقومون بالدعوة وينشطون لها، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولإنقاذهم من النار ومن طاعة الشيطان، ولإنقاذهم من طاعة الهوى إلى طاعة الله ورسوله. الأمر الرابع: بيان الأخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة أن يتخلقوا بها وأن يسيروا عليها :
أما أخلاق الدعاة وصفاتهم التي ينبغي أن يكونوا عليها، فقد أوضحها الله جل وعلا في آيات كثيرة، في أماكن متعددة من كتابه الكريم.
(أولا) منها: الإخلاص، فيجب على الداعية أن يكون مخلصا لله عز وجل، لا يريد رياء ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا حمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عز وجل، كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}
[45]، وقال عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}[46]، فعليك أن تخلص لله عز وجل، هذا أهم الأخلاق، هذا أعظم الصفات أن تكون في دعوتك تريد وجه الله والدار الآخرة.
(ثانيا) أن تكون على بينة في دعوتك أي على علم، لاتكن جاهلا بما تدعو إليه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}[47]. فلا بد من العلم، فالعلم فريضة، فإياك أن تدعو على جهالة، وإياك أن تتكلم فيما لا تعلم، فالجاهل يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، فاتق الله يا عبد الله، إياك أن تقول على الله بغير علم، لا تدعو إلى شيء إلا بعد العلم به، والبصيرة بما قاله الله ورسوله، فلا بد من بصيرة وهي العلم، فعلى طالب العلم وعلى الداعية، أن يتبصر فيما يدعو إليه، وأن ينظر فيما يدعو إليه ودليله، فإن ظهر له الحق وعرفه دعا إلى ذلك، سواء كان ذلك فعلاً أو تركاً، فيدعو إلى الفعل إذا كان طاعة لله ورسوله، ويدعو إلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله على بينة وبصيرة.
(ثالثا) من الأخلاق التي ينبغي لك أن تكون عليها أيها الداعية، أن تكون حليماً في دعوتك، رفيقاً فيها، متحملاً صبوراً، كما فعل الرسل عليهم الصلاة والسلام، إياك والعجلة، إياك والعنف والشدة، عليك بالصبر، عليك بالحلم، عليك بالرفق في دعوتك، وقد سبق لك بعض الدليل على ذلك كقوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[48]، وقوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}[49] الآية، وقوله جل وعلا في قصة موسى وهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[50]، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)) خرجه مسلم في الصحيح، فعليك يا عبد الله أن ترفق في دعوتك، ولا تشق على الناس، ولا تنفرهم من الدين، ولا تنفرهم بغلظتك ولا بجهلك، ولا بأسلوبك العنيف المؤذي الضار، عليك أن تكون حليماً صبوراً، سلس القياد لين الكلام، طيب الكلام حتى تؤثر في قلب أخيك، وحتى تؤثر في قلب المدعو، وحتى يأنس لدعوتك ويلين لها، ويتأثر بها، ويثني عليك بها ويشكرك عليها، أما العنف فهو منفر لا مقرب، ومفرق لا جامع..
ومن الأخلاق والأوصاف التي ينبغي بل يجب أن يكون عليها الداعية، العمل بدعوته، وأن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه، ليس من يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عنه ثم يرتكبه، هذه حال الخاسرين نعوذ بالله من ذلك، أما المؤمنون الرابحون فهم دعاة الحق يعملون به وينشطون فيه ويسارعون إليه، ويبتعدون عما ينهون عنه، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}
[51]، وقال سبحانه موبخا اليهود على أمرهم الناس بالبر ونسيان أنفسهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[52].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون له يا فلان ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) هذه حال من دعا إلى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ثم خالف قوله فعله وفعله قوله، نعوذ بالله من ذلك.
فمن أهم الأخلاق ومن أعظمها في حق الداعية، أن يعمل بما يدعو إليه، وأن ينتهي عما ينهى عنه، وأن يكون ذا خلق فاضل، وسيرة حميدة، وصبر ومصابرة، وإخلاص في دعوته، واجتهاد فيما يوصل الخير إلى الناس، وفيما يبعدهم من الباطل، ومع ذلك يدعو لهم بالهداية، هذا من الأخلاق الفاضلة، أن يدعو لهم بالهداية ويقول للمدعو هداك الله، وفقك الله لقبول الحق، أعانك الله على قبول الحق، تدعوه وترشده وتصبر على الأذى، ومع ذلك تدعو له بالهداية، قال النبي عليه الصلاة والسلام لما قيل عن (دوس) إنهم عصوا، قال: ((اللهم اهد دوسا وأت بهم)). تدعو له بالهداية والتوفيق لقبول الحق، وتصبر وتصابر في ذلك، ولا تقنط ولا تيأس ولا تقل إلا خيراً، لا تعنف ولا تقل كلاماً سيئاً ينفر من الحق، ولكن من ظلم وتعدى له شأن آخر، كما قال الله جل وعلا: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
[53].
فالظالم الذي يقابل الدعوة بالشر والعناد والأذى، له حكم آخر، في الإمكان تأديبه على ذلك بالسجن أو غيره، ويكون تأديبه على ذلك على حسب مراتب الظلم، لكن ما دام كافاً عن الأذى، فعليك أن تصبر عليه، وتحتسب وتجادله بالتي هي أحسن، وتصفح عما يتعلق بشخصك من بعض الأذى، كما صبر الرسل وأتباعهم بإحسان.

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً لحسن الدعوة إليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه، ويجعلنا من الهداة المهتدين، والصالحين المصلحين، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

[1] الذاريات الآية 56.
[2] البقرة الآية 21
[3] الطلاق الآية 12.
[4] النحل الآية 36.
[5] الأنبياء الآية 25.
[6] الحديد الآية 25.
[7] البقرة الآية 213.
[8] النساء الآية 163.
[9] النحل الآية 64.
[10] الأنعام الآية 33.
[11] البقرة الآية 21.
[12] الإسراء الآية 33.
[13] الفاتحة الآية 5.
[14] الجن الآية 81.
[15] الأنعام الآية 162.
[16] السجدة الآية 24.
[17] آل عمران الآية 104
[18] النحل الآية 125.
[19] القصص الآية 187.
[20] يوسف الآية 108.
[21] الأحزاب الآية 21.
[22]- آل عمران الآية 104.
[23] فصلت الآية 33.
[24] فصلت الآية 33
[25] يونس الآية 58.
[26] القصص الآية 76.
[27] يوسف 108.
[28] النحل الآية 125.
[29] البقرة الآية 129.
[30] البقرة الآية 269.
[31] طه الآية 24.
[32] آل عمران الآية 159.
[33] النحل الآية 125.
[34] التحريم الآية 9.
[35] العنكبوت 46.
[36] آل عمران الآية 103.
[37] النساء الآية 58.
[38] النساء الآية 29.
[39] التوبة الآية 71.
[40] الحجرات الآية 10.
[41] البقرة الآية 208.
[42] النحل الآية 90.
[43] الحجرات الآية 13.
[44] البقرة الآية 257.
[45] يوسف الآية 108.
[46] فصلت الآية 83.
[47] يوسف الآية 108.
[48] النحل الآية 125.
[49] آل عمران الآية 159.
[50] طه الآية 44.
[51] الصف الآيات 3-4.
[52] البقرة الآية 44.
[53] العنكبوت الآية 46.




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بارك الله فيك اخي ابو سليمان وجزاك الله خيرا

وشكرا لك على التوضيح




بارك الله فيك يا أخي




بارك الله فيكم




بارك الله فيك واصل في التميز