التصنيفات
العقيدة الاسلامية

أقسام التوحيد

السؤال

شيخ محمد نعود إلى رسالة المستمع يسري حامد من جمهورية مصر العربية طنطا استعرضنا سؤال له في حلقة سابقة بقي له هذا السؤال يقول فضيلة الشيخ أنا من المتابعين لبرنامج نور على الدرب استفدت من كثيرا مع أهل القرية حيث أننا نتابع هذا البرنامج يوميا وأرجو أن تبينوا لنا أقسام التوحيد مفصلة عبر هذا البرنامج لأننا في زمن كثرت فيه الشركيات فنشاهد أناس يذبحون عند الأضرحة ويطوفون بها ويتقربون إليها أرجو بيان ذلك مأجورين.

الجواب

الشيخ: أما بعد فإننا نحمد الله عز وجل ونشكره أن يسر الله سبحانه وتعالى هذا المنبر العظيم الذي استفاد منه كثيرا من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها كما ذكره هذا السائل ونوه به في سؤاله فنسأل الله تعالى أن يجعله منبر خيرا وبركه وعلم نافع وتوجيه صالح سؤال الأخ عن التوحيد وأقسامه سؤال مهم لأن التوحيد هو الذي بعثت به الرسل كلهم من أولهم إلى أخرهم قال الله تبارك وتعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) والرسل حكى الله عنهم على وجه التفصيل أنهم كانوا يقولون لأقوامهم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره والنبي عليه الصلاة والسلام جاء بتحقيق هذا التوحيد تحقيقا تاما يمنع العبد من الإشراك بالله الشرك الصغير والكبير وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أن أقسام التوحيد ثلاثة وذلك بالتتبع والاستقراء أولها توحيد الربوبيه والثاني توحيد الألوهية والثالث توحيد الأسماء والصفات وقد اجتمعت الثلاثة في آية واحدة من كتاب الله في قوله تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)
فقوله تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) هذا توحيد الربوبية
وقوله (فأعبده واصطبر لعبادته) هذا توحيد الألوهية
وقوله تعالى (هل تعلم له سميا) هذا توحيد الأسماء والصفات أي لا تعلم له سميا أي مساميا يضاهيه ويماثله عز وجل أقسام التوحيد ثلاثة
توحيد الربوبية: وهو إفراد الله عز وجل في الخلق والملك والتدبير فلا خالق إلا الله ولا مالك إلا الله ولا مدبر إلا الله لا أحد يقوم بهذا على وجه الإطلاق والعموم والشمول إلا الله رب العالمين فهو المتفرد بالخلق المتفرد بالملك المتفرد بالتدبير قال الله عز وجل (ألا له الخلق والأمر) فالآية هذه فيها حصر الخلق والأمر للله وحده وذلك بتقديم الخبر على له الخلق وتقديم ماحق التأخير وهو يفيد الحصر كما قرر ذلك علماء البلاغة فالخلق كله له والأمر كله له عز وجل لا يشركه أحد قال الله تعالى (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) وقال تعالى) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) فبين الله عز وجل أن هولا السفهاء الذين يشركوا الذين أتخذهم عبادهم شفعاء عند الله شركاء مع الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض على وجه الاستقلال بها دون الله ما لهم فيهما من شرك أي لا يملكون شركة مع الله عز وجل فليسوا مستقلين في شي وليسوا شركاء مع الله في شي وماله منهم من ظهير يعني ما لله أحد من هولا يساعده ويعينه عز وجل بل هو مستغنى عن جميع خلقه ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له وذلك لكمال سلطانه وعظيم ملكه عز وجل لا أحد يشفع عنده يتوسط بشي لأحد من خير أو دفع ضرر إلا بإذنه عز وجل وفي هذا قطع لجميع ما يتعلق به المشركون الذين يدعون أنهم يعبدون هذه الأصنام يتخذونها شفعا عند الله قال لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ومن المعلوم أن الله لن يأذن لهذه الأصنام أن تشفع ولا يأذن لأحد أن يشفع لعابد هذه الأصنام قال الله تبارك وتعالى (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى) وقال تعالى (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى) وحين إذن تنقطع كل الآمال التي يتعلق بها هولا المشركون الذين يعبدون مع الله غيره يرجونه نفعا أو دفع ضرر فأن ذلك لا ينفعه قال الله تعالى ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ) إذن توحيد الربوبية إفراد الله عز وجل بأمور ثلاثة بالخلق والملك والتدبير فلا خالق إلا الله ولا مالك إلا الله ولا مدبر إلا الله وما يوجد من المخلوق من صنع الأشياء وما يوجد من المخلوق من الملك أو ما يوجد من المخلوق من الملك وما يوجد للمخلوق من التدبير فكله تدبير ناقص وهم أيضا غير مستقلين به بل ذلك من خلق الله عز وجل أما المنفرد بذلك على وجه الاستقلال فهو الله سبحانه وتعالى فللمخلوق خلق وإيجاد لكنه ليس كخلق الله فالله تعالى موجد الأشياء من العدم والمخلوق لا يستطيع أن يوجد الشي من العدم وإنما يستطيع أن يركب شيء مع شيء أو يغير صورة شيء إلى شي كما لو غير النجار الخشبة إلى باب والحداد الصفائح الحديد إلى أبواب وما أشبه ذلك لكنه لن يخلق هذه المادة قال الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) كذلك الإنسان له ملك قال الله تعالى (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) وقال الله تعالى (أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَه) ولكن هذا الملك ملك مقيد محدود ليس بشامل وليس للإنسان فيه مطلق التصرف بل هو محدود فما بيدي من الملك ليس لك وما بيدك من الملك ليس لي ثم أنه ملك محدود لا تستطيع أن تتصرف فيه إلا على حسب ما جاءت به الشرعية وكذلك للإنسان تدبير يدبر مملوكه ويدبر زوجته يدبر أهله لكنه تدبير ناقص ليس بشامل ولا للإنسان فيه مطلق الحرية وبهذا عرفنا أن المنفرد بالخلق والمنفرد بالملك والمنفرد بالتدبير هو الله عز وجل وحده هذا قسم من أقسام التوحيد وهذا التوحيد لم ينكره المشركون الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل كانوا يقرون به غاية الإقرار ولأن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولأن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولون الله وهكذا الآيات الكثيرة كلها تدل على أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستباح دمائهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم كانوا يقرون بهذا التوحيد لكن ذلك لم ينفعهم لأنهم مشركون في توحيد الألوهية توحيد العبادة الذي هو حق الله خاص وهو القسم الثاني
توحيد الألوهية: المستفاد من قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) والألوهية مبنية على شيئين بل العبادة مبنية على شيئين المحبة والتعظيم فبالمحبة يكون الرجاء وفعل الأوامر طلبا للوصول إلى محبة الله عز وجل وثوابه والتعظيم وهو الأساس الثاني للعبادة وبه يترك الإنسان المناهي التي نهى الله عنها لأنه بتعظيمه لله يترك مناهيه ويخاف من عقابه ثم أن العبادة لها شرطان الشرط الأول الإخلاص لله والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فللعبادة إذن ركنان ولها شرطان أما ركنها فالمحبة والتعظيم وهما الأساس وأما شرطاها فهما الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودليل ذلك قوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) وقوله تعالى في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غير تركته وشركه) ودليل من تابعه قوله تبارك قوله تبارك وتعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقال من أحدث في أمرانا ما من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي مردود على صاحبه لأنه لم تتحقق فيه المتابعة وإذا نظرنا إلى حال كثير من المسلمين اليوم وجدنا أنهم ليسو على توحيد خالص في باب الألوهية والعبودية فمنهم من يعبد القبور ومنهم من يعبد الأولياء ومنهم من يطوف بالقبور رجاء لنفعها ودفعها للضرر ومنهم من يؤله الحكام ويجعلهم في منزلة الألوهية يطيعهم فيما حرم الله فيستحله وفيما أحل الله فيحرمه وهذا هو اتخاذهم أربابا قال الله تبارك وتعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ويروى عن علي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يا رسول الله أنا لسنا نعبدهم قال (أليس يحرمون ما أحل فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه ) قال بلا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( فتلك عبادتهم) وهذا القسم من التوحيد هو الذي خالف فيه المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنكروا عليه وقالوا له بل وقالوا فيه أجعل الآلهة إلها واحد إن هذا لشي عجاب وسبحان الله أن يكون التوحيد عجابا وأن يكون شركه صوابا فالعجب العجاب الذي لا ينقضي هو أن يشرك هؤلاء بالله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ولا يستجيب لهم إلى يوم القيامة وقد استباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم دماء هولا المشركين ونسائهم وذرياتهم وأموالهم وقاتلهم على ذلك أشد المقاتلة حتى يعبدوا الله عز وجل أو يعطوا الجزية عن يدهم صاغرون أما القسم الثالث فهو
توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله عز وجل بأسمائه وصفاته وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفى الله عن نفسه والسكوت عما سكت الله عنه ورسوله، اثبات بلا تمثيل ونفيا بلا تعطيل وهذا هو الذي انقسمت فيه الأمة الإسلامية إلى أقسام متعددة فمنهم السلف وهم فقط أهل السنة والجماعة الذين أثبتوا لله ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إثباتا بلا تمثيل ونفوا ما نفى الله عن نفسه نفيا بلا تعطيل وسكتوا عما سكت الله عنه ورسوله فمن ذلك أنهم أثبتوا لله كلما وصف به نفسه كل صفة أثبتها لنفسه من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام والعزة والحكمة والرحمة والعجب والضحك وأثبتوا لله الوجه واليدين والعينين وأثبتوا لله القدم والساق وكذلك كل ما وصف الله به نفسه أثبتوه لله عز وجل لكن بلا تمثيل يقولون يثبتوا هذا ونقول ليس كمثله شي وهو السميع البصير فيقولون لله يد ولكن ليست كأيدينا وجه لكن ليس كوجوهنا عينان ليست لكن ليست كأعيننا وهكذا بقية الصفات ويقولون أيضا إن الله استوى على العرش على عليه علوا يليق بجلاله وعز وجل لكن ليس كاستوائنا نحن على السرير أو على الدابة أو على الفلك لا لأن الله تعالى يقول (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصيرِ) هذا هو مذهب السلف إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ونفي ما نفى الله عن نفسه من الأسماء والصفات والسكوت عما سكت عنه وبعد ذلك تنازع الناس تنازعا طويلا عريضا لا ينبني على أصل لا من المعقول ولا من المنقول فأثبت قوم الأسماء وأثبتوا من الصفات صفات قليلة وليس على الوجه الذي يثبته عليه أهل السنة والجماعة بل يخالفونه في كيفية هذا الإثبات وأثبت قوم الأسماء ونفوا الصفات كلها أو إلا الحياة والعلم والقدرة ونفى قوم الأسماء والصفات ونفى قوم الإثبات والنفي واضطربوا في ذلك اضطراباً كثيرا لكن من هؤلاء من تصل بدعته إلى حد الكفر المخرج من الملة ومنهم من دون ذلك ولكن الحق فيما ذهب إليه سلف وهم أهل السنة والجماعة إثبات كل صفة أثبتها الله لنفسه بدون تحرير ولا تعطيل ولا تكيف ولا تمثيل ونفي كل صفة نفها الله عن نفسه والسكوت عما سكت الله عنه وهذه الطريقة السليمة الثابتة سمعا وعقلا وفطرة وللناس في هذا كتب ورسائل معلومة ومن أحسن ما رأيته تقريبا لهذا الأصل العظيم ما كتبه شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله وكتبه تليمذه بن القيم فإنهما كتبا في هذا الباب كتابات عظيمة مفيدة ما رأيت أحد كتب مثل كتابتها وغالب من يكتب في هذا الباب تجدهم يقلد بعضهم بعضا ولهم مقلدون مشفعون لا يخرجون عن كلامهم ولو تبين الحق والحقيقة إن الواجب على المرء أن يتبع ما دل عليه كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وآله سلم وأنه ليس بمعذور إذا خالف ذلك من أجل قول فلان وفلان قد يخطئ فلان وفلان من المتبوعين خطأ يعذر فيه لكن التابع الذي تبين له الحق لا يعذر في إتباعه لهؤلاء الذين أخطئوا وأنني من هذا المنبر منبر نور على الدرب في إذاعة المملكة العربية السعودية ادعوا جميع إخواني الذين درسوا في هذا العلم علم التوحيد علم العقائد أدعوهم إلى تقوى الله عز وجل وأن يسلكوا ما سلكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من الخلفاء الراشدين وغيرهم في هذا الباب العظيم الخطير لأن هذا الباب مبناه على الخبر المحض ليس للعقول فيه مجال إلا على سبيل الإجمال فإن العقول تهتدي إجمالا إلى إن الله موصوف بصفات الكمال منزه عن كل نقص وعيب ولكن لا تدرك هذا على وجه التفصيل وإنما يؤخذ ذلك من الكتاب والسنة وإذا كان هذا هو الواقع وإنما يتعلق بصفات الله وأسمائه خبر محض فإنه يجب علينا أن لا نحيد عن ما جاء به الكتاب والسنة قيد أنملة ولا سمك شعرة بل يجب علينا قبول ما جاءت به الكتاب والسنة من غير تحريف ولا ترطيب ولا تكليف ولا تمثيل ولقد رأينا أن الذين يحيدون عن هذه السبيل ويتخبطون خبط عشواء في بعض أسماء الله وصفاته رأينا أنهم يضلون كثيرا ويؤدي بهم الحال إلى الشرك وإلى الحيرة كما نقل ذلك عن كثيرا من زعمائهم حتى إن الفخر الرازى وهو من رؤسائهم قال فيما نقل عنه إما منشدا وإما آثارا نهاية أقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا وأرواحنا في وحشة من جسومنا وغاية دنينا ألأم ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تروي غليلا ولا تشفي عليلا وجدت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرا في الإثبات ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وأقرا في النفي (ليس كمثله شي ولا يحيطون به علما) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ويقول الأخر لعمري لقد طفت المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك العوالم فلم أرى إلى واضع كف حائر على دقن أو قارعا سن نادم وهذا يدل على أن هولا المتكلمين الذين ذهبوا يحكمون على الله تعالى بعقولهم فيما يصفونه به كانوا في حيرة شديدة وأن من بلغ منهم الغاية في علم الكلام رجع إلى الحق وهو ما كان عليه سلف هذه الأمة من إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ونفي ما نفى الله عنه أو ما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والسكوت عن ما لم يرد به إثبات ولا نفي وهذا هو الأدب مع الله ورسوله فعلينا جميعا أن نتوب إلى الله عز وجل وأن نرجع إلى منهج سلفنا الصالح في هذا الباب العظيم الخطير ونسأل الله لنا ولإخواننا السلامة و التوفيق لمنهج السلف الصالح وأن يتوفانا على ما يحبه ويرضاه إنه جواد كريم وأرجو من الأخ السائل أن لا يستطيل هذا الجواب لما فيه من الفائدة العظيمة والحاجة الشديدة إليه وليكن على ما كان عليه السلف الصالح ثبت الله الجميع على ذلك إنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى آله والصحابة أجمعين.

مجموع فتاوى ومقلات ابن عثيمين رحمه الله




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

معالم التوحيد في الحج

معالم التوحيد في الحج
للشيخ أحمد النجمي حفظه الله

إنَّ الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لاشريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؛ أمَّا بعد :
فإنَّ خير الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار .
ثمًَّ إنَّه قد طلب مني أن ألقي كلمةً في منسوبي التوعية الإسلامية في الحج بعنوان معالم التوحيد في الحج ، وحيث أنَّ التوحيد أساس الدين ، وقاعدته التي عليها يبنى ، ومنها ينطلق ، وشرطه الذي به يصح ، وبوجوده يقبل ؛ وعند عدمه تُردُّ جميع الأعمال ؛ قال تعالى : (وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورا)وقال تعالى : (والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفَّاه حسابه والله سريع الحساب ) ومع كون المشرك لاتقبل منه حسنة ؛ فإنَّه أيضاً لايغفر له ذنبٌ ؛ قال تعالى : (إنَّ الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )ومع ذلك فإنَّ المشرك شركاً أكبر محرَّمٌ عليه دخول الجنة ، ومحتَّمٌ عليه دخول النار ، والخلود فيها ؛ قال تعالى عن نبيه عيسى عليه السلام أنَّه قال لقومه : (يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار).وهو موجبٌ لحبوط العمل ، وعدم استفادة صاحبه منـه قال الله عز وجل : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين $ بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ).وقال تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يومٍ عاصف).وهذه كلها مساوئ تترتب على ضد التوحيد وهو الشرك الأكبر ، وفي ذلك بيان لمزية التوحيد ، وأنَّ انعدامه تترتب عليه كوارث فضيعـة وفي هذا بيانٌ لمنـزلة التوحيد من الدين ككل .
أمَّا بالنسبة للحج فإنَّه أسس على التوحيد بيان ذلك من الآتي : قال تعالى : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألاَّ تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق ) قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنـان في ج5 / 288 : " قال تعالى : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) أي هيأناه له ، وأنزلناه إياه ، وجعل قسماً من ذريته من سكانه ، وأمره الله ببنيانه ، فبناه على تقوى الله ، وأسسه على طاعة الله ، وبناه هو وابنه إسماعيل ، وأمره أن لايشرك به شيئا ، وأن يخلص لله أعمالـه ، ويبنيـه على اسـم الله : (وطهر بيتي ) أي من الشرك والمعاصي ومن الأنجاس والأدناس وأضافه الرحمن إلى نفسه لشرفه وفضله ، ولتعظم محبته في القلوب ، وتنصب إليه الأفئدة من كل جانب ، وليكون أعظم لتطهيره وتعظيمه ، لكونه بيت الرب سبحانه للطائفين به ، والعاكفين عنده ؛ المقيمين لعبادة من العبادات من ذكرٍ ، وقراءةٍ ، وتعلم علمٍ ، وتعليمه ، وغير ذلك من أنواع القرب ( والركع السجود ) أي المصلين أي طهروه لهؤلاء الفضلاء ؛ الذين همهم طاعة مولاهم ، وخدمته ، والتقرب إليه عند بيته …" فهؤلاء لهم الحق ، ولهم الإكرام ، ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم ، ويدخل في تطهيره تطهيره من الأصوات اللاغية ، والمرتفعة التي تشوش على المتعبدين بالصلاة ، والطواف وقدَّم الطواف على الاعتكاف والصلاة لاختصاصه بهذا البيت ، ثمَّ الاعتكاف لاختصاصه بجنس المساجد " اهـ .
والمهم أنَّ الله عز وجل ما خصَّ إبراهيم عليه السلام بهذه المزية إلاَّ لما فيه من محبة التوحيد وبغض الشرك ؛ الذي حمله على التفاني في دعوة قومه ، ثمَّ الحوار معهم ، ثمَّ تكسير أصنامهم ، ثمَّ قرارهم لتحريقه ، ورميهم له في النار ، فجعلها الله عليه برداً ، وسلاماً ، ومع هذا كله فإنَّ الله عز وجل لمَّا بوأه مكان البيت أراه إياه ، وأمره ببنائه ؛ كان ذلك على شريطة نشر التوحيد ومحاربة الشرك : (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألاَّ تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ) ثمَّ أعاد الوصية مرةً أخرى في هذا السياق مشدداً على الأخذ بها مرةً أخرى ، ومؤكداً ذلك فقال في الآية 30 من هذا السياق : (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلاَّ ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور $ حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنَّما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكانٍ سحيق ) تصويرٌ عجيب لمن وقع في الشرك كأنَّه سقط من أعلى شاهق من قمة جبل ؛ أو من فوق عمارةٍ طويلة من ناطحات السحاب ؛ أو من فوق طائرة في ارتفاع شاهق ؛ أو من السماء المعروفة ضد الأرض ؛ أي أنَّ من وقع في الشرك بالله كأنمَّا سقط من ذلك المكان العالي ، فتخطفه الطير ؛ أو تهوي به الريح في مكانٍ سحيق ؛ بعيد في الأعماق ، وفي هذا التصوير تنفيرٌ عن الشرك ، وتبشيعٌ لصورته ، وإظهارٌ له في هذه الصورة البشعة ؛ التي تشمئز منها النفوس ، ولقد كرر الله عز وجل في هذا المقطع الأمر بالتوحيد ، والتحذير من الشرك تارةً بالثناء على الموحدين ، وذكر صفاتهم ، وعواقبهم الحميدة ، فقال : (ولكل أمةٍ جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إلهٌ واحد فله أسلموا وبشر المخبتين $ الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهـم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) .
ثمَّ إنَّ الحج كله تذكيرٌ ، وتنويهٌ بتلك الأسرة الموحدة ؛ أسرة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ؛ إذ أمر الله عز وجل خليله أن يسكن من ذريته بعضاً ، فكان البعض هو إسماعيل وأمه هاجر ؛ أمره الله أن يسكنهما في ذلك المكان القفر ، والوادي الموحش ؛ الذي تحيط به الجبال من كل جانب ، وليس به إنسٌ ، ولا أنيس ، ولا فيه زرعٌ ، ولا ماء ؛ قال البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه باب رقم 9 رقم الحديث 3364 : (( حدثنا عبد الله بن محمد ؛ حدثنـا عبد الرزاق ؛ أخبرنا معمر ؛ عن أيوب السختياني ، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعـة يزيد أحدهما على الآخر ؛ عن سعيد بن جبير ؛ قال ابن عباس : أول ما اتخذ النساء المنْطَق من قبل أمِّ إسماعيل ؛ اتخذت منطقا ؛ لتعفي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم ، وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي ؛ الذي ليس فيه إنس ، ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت له : آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذن لا يضيعنا ، ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ، ورفع يديه ، فقال :(ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع ) حتى بلغ : ( يشكرون) وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت ، وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ؛ أو قال : يتلبط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر ؛ هل ترى أحدا ، فلم تر أحـداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي ؛ رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة ، فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات ؛ قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذلك سعي الناس بينهما ، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا ، فقالت : صه تريد نفسها ، ثم تسمعت ، فسمعت أيضا ، فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه ؛ أو قال بجناحه حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه ، وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها ؛ وهو يفور بعد ما تغرف ؛ قال ابن عباس ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ؛ لو تركت زمزم ؛ أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا قال فشربت ، وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لا تخافوا الضيعة ، فإنَّ ها هنا بيت الله ؛ يبني هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ؛ أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء ، فنـزلوا في أسفل مكة ، فرأوا طائراً عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء ، فأرسلوا جرياً ؛ أو جريين ، فإذا هم بالماء فرجعوا ، فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا ؛ قال : وأمُّ إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننـزل عندك ؟ فقالت : نعم ، ولكن لا حقَّ لكم في الماء ؛ قالوا : نعم ؛ قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أمَّ إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنـزلوا ، وأرسلوا إلى أهليهم فنـزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم ، وشبَّ الغلام ، وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم ، وماتت أمُّ إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته ، فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم ، وهيئتهم ، فقالت : نحن بشرٍّ ؛ نحن في ضيق ، وشدة ، فشكت إليه ؛ قال : فإذا جاء زوجك ، فاقرئي عليه السلام ، وقولي له : يغير عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل ؛ كأنه آنس شيئاً ، فقال : هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنَّا في جهدٍ ، وشدَّة ؛ قال : فهل أوصـاك بشيء ؟ قالت : نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول غير عتبة بابك ؛ قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك ، فطلقها ، وتزوج منهم أخرى ، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد ، فلم يجده ، فدخل على امرأته ، فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ؟ قال : كيف أنتم وسألها عن عيشهم ، وهيئتهم ؟ فقالت : نحن بخيرٍ ، وسعة ، وأثنت على الله ، فقال : ما طعـامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ولم يكن لهم يومئذٍ حبٌّ ، ولو كان لهم دعا لهـم فيـه قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه ؛ قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل ؛ قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعـم أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك ، فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟! فأخبرته : أنَّا بخير ؛ قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك ؛ قال : ذاك أبي ، وأنت العتبة ؛ أمرني أن أمسكك ، ثم لبث عنهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك ، وإسماعيل يبري نبلاً له تحت دوحة ؛ قريبا من زمزم ، فلمَّا رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد ، والولد بالوالد ، ثم قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر ؛ قال : فاصنع ما أمرك ربك ؛ قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك ؛ قال : فإنَّ الله أمرني أن أبني ها هنا بيتاً ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها ؛ قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجـر ، فوضعـه له ، فقام عليـه ؛ وهو يبنـي وإسماعيل يناوله الحجارة ؛ وهما يقولان : ) ربنا تقبل منَّا إنك أنت السميع العليم ( قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت ؛ وهما يقولان : ) ربنا تقبل منَّا إنك أنت السميع العليم ( .
ومن معالم التوحيد في الحج رمي الجمار حيث كان سبب ما ذكره الله عز وجل في سورة الصافات في قصة إبراهيم عليه والسلام حيث قال سبحانه وتعالى حاكياً عن إبراهيم أنَّه قـال : ) ربِّ هب لي من الصالحين فبشرناه بغلامٍ حليم $ فلما بلغ معه السعي قال يا بني إنِّي أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى قال : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الله من الصابرين $ فلمَّا أسلما وتلَّه للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا إنَّا كذلك نجزي المحسنين $ إنًَّ هذا لهو البلاء المبين $وفديناه بذبحٍ عظيم $ وتركنا عليه في الآخرين $ سلامٌ على إبراهيم ( .
وخلاصة هذه القصة : أنَّ إبراهيم الخليل رأى في المنام أنَّه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل ، ولم يكن لإبراهيم يومئذٍ ابناً سواه ؛ لأنَّ ذلك كان قبل أن يبشَّر بإسحاق ، وكان قد دعا ربه أن يمنحه ويهب له من الصالحين ، فرزقه الله بإسماعيل من هاجر ، وبعد ولادته أمره أن يذهب به إلى جبال فاران ؛ وهي جبال كما سبق في القصة ليس بها ساكن ، ثمَّ أمره الله عز وجل أن يذبحه ، وقد جاء إلى ابنه إسماعيل يعرض عليه الأمر ؛ ليرى مدى تجاوبه ، فقال : ) يا بني إني أرى في المنام أنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى ( فكان جوابه : ) يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ( وعند ذلك استعدَّا للتنفيذ ، وتصوَّر أيها العاقل وقع الأمر على الأب ، وعلى الابن لولا أنَّهما رسولان ؛ لكان ما كان ؛ لعظم الفاجعة ، فصرعه في المكان الأول ، وأراد التنفيذ فقال له : الشيطان أتذبح ابنك على رؤيا ، فرماه بحجر ، فساخ ، وتحوَّل الأب بابنه إلى مكان آخر ، وأراد التنفيذ ، فناداه الشيطان مرةً أخرى ؛ أتذبح ابنك على رؤيا ، فرماه بحجرٍ فساخ ثمَّ انتق مرةً أخرى ، وعزم على التنفيذ ؛ فيقال أنَّه أمرَّ السكِّين على حلقه فلم يقطع ، فأتي بكبشٍ وقيل له : هذا فداء ابنك .
وتزعم اليهود أنَّ الذبيح هو إسحاق ، وذلك باطلٌ إنَّما هو من اختلاق اليهود ، وقد ردَّ عليهم بأمور :
أولاً : أنَّ الذي فدي بالذبحٍ مذكورٌ في هذا السياق بقوله : ( فبشرناه بغلامٍ حليم $ فلمَّا بلغ معه السعي قال يا بني إنِّي أرى في المنام إنِّي أذبحك فانظر ماذا ترى ) إلى أن قال : ( وفديناه بذبحٍ عظيم $ وتركنا عليه في الآخرين $ سلامٌ على إبراهيم $ كذلك نجزي المحسنين $ إنَّه من عبادنا المؤمنين …. ) ثمَّ قال : ( وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين $ وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسنٌ وظالمٌ لنفسه مبين) وفي هذا أعظم بيان ، وأوضح دليلٍ على كذب من زعم أنَّ الذبيح هو إسحاق .
ومما ردَّ به على اليهود قوله في موضع ( فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) فكيف يبشر به ، وبابنٍ له من بعده ؛ وكلاهما نبي ، ثمَّ يؤمر بذبحه ؛ وهذا مستحيل .
ثالثاً : أنَّ الذبح كان بمكة ، وإسحاق بالشام ؛ وإنَّما أمر بذبح الولد الذي بمكة ؛ وهو إسماعيل الذي لايختلف اثنان أنَّه تركه هو وأمُّه بمكة ؛ وهو صغير ، وأخرج الله لهما زمزم .
والمهم أنَّ الحج كلُّه إحياءٌ لمآثر ذلك الرجل المؤمن الموحد ، وإبراهيم الخليل عليه السلام وأهل بيته إسماعيل ، وأمَّه عليهما السلام ، فالبيت بناه إبراهيم وابنه إسماعيل ، فأمر الله الناس بالحج إليه ، والتطوف به ، وزمزم بثقها الله لإسماعيل وأمَّه ، وأمر بالشرب منها ، والصفا والمروة هما الجبلان اللذان ترددت إليهما هاجر ؛ حتى جلاَّ الله كربتها بما بثقه الله لها ولابنها من المـاء فالأمر بالسعي ، ورمي الجمار تذكيرٌ بموقف إبراهيم عليه السلام حين عزم على ذبح ابنه عليهما الصلاة والسلام .
فكل الحج تذكيرٌ بإبراهيم عليه السلام وأهل بيته ، وتنويهٌ بهم ، وتذكيرٌ بمآثرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فمن طاف تذكَّر إبرهيم عليه السلام ؛ الذي كسَّر أصنام قومه ، ومن صلَّى عند المقام ، ونظر إلى الحجر ؛ الذي جعله الله آيةً ، فغاصت قدماه فيه ؛ وإذا سعى بين الصفا والمروة تذكَّر هاجر ، وثباتها ، وثقتها بربها ؛ وإذا شرب من زمزم تذكَّر إسماعيل عليه السلام الذي بثق له ماءها .
ومن معالم التوحيد في الحج التلبية التي يعقد بها الحاج والمعتمر نسكه ، وتكون هي ذكْرُه الذي يكرُّره ، ويتقرب إلى الله به ؛ لبيك اللهمَّ لبيك ؛ لبيك لاشريك لك لبيك ؛ فهذه التلبية تتضمن الاستجابة لله عز وجل ، والإنابة إليه ، والمسارعة إلى أمره بالفعل ، وإلى نهيه بالتـرك وإلى خبره بالتصديق . ومعنى لبيك : أي ألبي دعوتك ، وأستجيب لأمرك مرةً بعد مرة ؛ فعلاً للمأمور ، وتركاً للمحظور ، وخضوعاً لقدرك المقدور ، فلك الحمد على ذلك كله ، فأنت المستحق للحمد على ما لك من الكمالات ، وما تسديه من النِّعم ، وتصرفه من النقم ؛ لذلك فإنِّي ألبي دعوتك ، وأستجيب لأمرك مرةً بعد مرة ، وكرَّةً بعد كرة ؛ توحيداً لك ، وكفراً بالطواغيت والشركاء ، فكما أنَّك ليس لك شريكٌ في الملك ؛ فكذلك ليس لك شريكٌ في العبادة ؛ وحيث أنَّ التلبية هي لبُّ التوحيد وخلاصته ؛ لذلك فإنَّ الشيطان لمَّا أوقع عمرو بن لحي الذي كان ملِكاً على مكة وما حولها زمناً طويلاً ؛ حتى قيل أنَّه رأى العاشر من ولد ولده فوفد إلى ملوك الروم ، فرآهم يعبدون الأصنام ، فاستحسن عبادتها ، وأخذ له أصناما ، وكرَّ راجعاً فلمَّا قرب من مكة أراد أن يحرم بالعمرة ، ولبَّى قائلاً : لبيك اللهمَّ لبيك ؛ لبيك لاشريك لك لبيك ، فتمثل له الشيطان في صورة بشر ؛ وقال له : فيها زيادة ؛ قال : وماهي ؟ قال : إلاَّ شريكاً هو لك ؛ فكأنَّه اشمئز منها ، فقال : تملكه وما ملك ، فأدخل بهذه الكلمة الأخيرة ما قبلها من الشرك ؛ وهو قوله : إلاَّ شريكاً هو لك .
وهكذا الشيطان يموَّه على بني آدم ، ويخدعهم بشيءٍ من الحق ؛ ليدخل به الباطل ؛ وحيث أنَّ كلمة تملكه وما ملك ؛ كلمة حقٍّ ، فالله يملك المخلوقين ، وما ملكوا ؛ لكن أراد الشيطان بها استثناء الشريك مع الله عز وجل ، وبهذا أدخل هذا الرجل الشرك إلى بلاد العرب ، وغيَّر دين إبراهيم ؛ الذي كانوا عليه ؛ لذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديـث الكسـوف (( عرضت عليَّ النَّار ؛ فرأيت فيها عمرو بن لحي يجرُّ قصبه في النار )) أي أمعاءه ، والعياذ بالله .
وعلى هذا فيجب أن يحذر المسلم أن يلبي وهو واقعٌ في الشرك ؛ فيكون قد هدم توحيده بذلك الشرك الذي وقع فيه ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه .

حررها
أحمد بن يحيى بن محمد شبير النَّجمي
22 / 11 / 1443

المصدر




للرفع و الفائدة




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

لماذا التوحيد أولاً ؟

تعليمية تعليمية
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا التوحيد أولاً ؟
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد : فقد طلب مني متصل عبر الهاتف كلمة بعنوان لماذا كان التوحيد أولاً ؟ وهذا يدل على أنَّ المتصل عرف أنَّ التوحيد هو أصل العقيدة الإسلامية ، وأساسها ، وشرط صحتها ، وقبولها ، وقد اقترح هذا الاقتراح ليفهم من لم يفهم أنَّ هذه منزلة التوحيد في الدين الإسلامي ؛ ذلك بأنَّ توحيد الألوهية هو الذي أمرت به الرسل جميعاًَ ؛ من أولهم نوح عليه الصلاة والسلام إلى آخرهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى : ) ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ( وقال سبحانه : ) وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاَّ نوحي إليه أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاعبدون ( وما من نبي يبعث إلى قومه إلاَّ وهو يقول : ) يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٌ غـيره ( ولما بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى قومه مكث عشر سنوات لايدعو إلى شيءٍ غير التوحيد ، ثمَّ بعد العشر شرعت الصلاة ، وبقي ثلاث سنوات بمكة ، ثمَّ هاجر إلى المدينة ، وفي السنة الثانية من الهجرة شرعت الزكاة ، والصوم لذلك فإنَّ التوحيد هو أصل الدين وأساسه ، وقاعدته ؛ التي عليها يبنى لذلك فإنَّ من أفسد التوحيد بأن دعا مع الله إلهاً آخر فقد أفسد الدين كله ، وخرج من الإسلام ، وصار مرتداً ، وحبط عمله قال تعالى : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ( وقال عيسى عليه الصلاة والسلام : ) يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( وقد حوت هذا الأصل العظيم شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّ محمداً رسول الله ؛ وهي تتكون من جزأين (( لا إله إلاَّ الله )) الجزء الأولى : نفي الألوهية عمَّا سوى الله عز وجل في قوله : (( أشهد أن لا إله )) أي لامعبود بحقٍّ في الوجود إلاَّ الله ، والجزء الثاني : في قوله : (( إلاَّ الله )) إثبات الألوهية لله وحده دون سواه ؛ لأنَّه هو الذي خلق هذا الكون قال تعالى : ) قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ( والآيات بعدها ، وقال تعالى : ) الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم ربكم فتبارك الله رب العالمين & هو الحي لا إله إلاًَّ هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين & قل إني نهيت أن أعبـد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين ( والآيات في الاستدلال على توحد الله بالألوهية كثيرةٌ ؛ فمن نطق بهذه الشهادة شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، وأنَّ محمداً رسول الله فقد حاز الفوز ، ونجـا من الخسـران ؛ قال تعـالى : ) والعصر & إنَّ الإنسان لفي خـسر & إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( وقال تعالى : ) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ( فمن قالها معتقداً معناها عاملاً بمقتضاها فقد حاز السعادة في الدارين ؛ فهي الكلمة التي أرسل الله بها رسله ، وأنزل بها كتبه ، ومن أجلها خلقت الدنيا والآخرة ، والجنـة والنـار وفي شأنها تكون السعادة والشقاوة فقائلها ومعتقدها يعطى كتابه بيمينه ، ويثقل ميزان حسناته ويمر على الصراط ، ويدخل الجنة وينجو من النار ، وعنها يكـون السـؤال ؛ قال تعـالى : ) فلنسألنَّ الذين أرسل إليهم ولنسألنَّ المرسلين ( وقال تعالى : ) ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين & فعميت عليهم الأنبـاء يومئذٍ فهم لايتساءلون & فأمَّا من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين ( قال شيخنا حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله في معارج القبول جـ2 / 510 ط دار ابن الجوزي : " وهي أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده أن هداهم إليه ولهذا ذكرها في سورة النحل التي هي سورة النعم قبل كل نعمة ، فقال : ) ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاتقون ( وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة وهي أصل الدين وأساسه ، ورأس أمره ، وساق شجرته ، وعمود فسطاطه ، وبقية أركان الدين وفرائضه متفرعةٌ عنها ، ومتشعبة منها ، ومكملات لها ، ومقيدةٌ بالالتزام بمعناها والعمل بمقتضاها فهي العروة الوثقى التي قال الله عز وجل : ) فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميعٌ عليم ( وهي العهد الذي قال الله عز وجل : ) لايملكون الشفاعة إلاَّ من اتخذ عند الرحمن عهدا ( قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير العهد : هو شهادة أن لا إله إلاَّ الله والبراءة من الحول والقوة إلاَّ بالله ؛ وهي الحسنى التي قال الله عز وجل : ) فأمَّا من أعطى واتقى & وصدَّق بالحسنى & فسنيسره لليسرى ( وهي كلمة الحق التي ذكرها الله عز وجل في قوله : ) إلاَّ من شهد بالحق وهم يعلمون ( وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله عز وجل في قوله : ) وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ( انتهى ما أردت نقله بتصرف ، ومن هنا نعلم لماذا كان التوحيد هو الأول في الإلتزام ، وهو الأول في الدعوة وهو أصل الدين وأساسه وقاعدته ؟ فإسلامٌ بلا توحيد بناءٌ بلا قاعدة ، ونعلم أيضاً ضلال من يدعون إلى خلافةٍ ، ويزعمون أنَّهم يدعون إلى إعادة الخلافة الضائعة فنقول : إنَّ الله أمرنا بالتوحيد الذي دعت إليه جميع الرسل ، وسيسألنا الله : ماذا كنتـم تعبـدون ؟ وماذا أجبتــم المرسلـين ؟ ويا خسارة من أفنى عمره في الدعوة إلى خلافة ، ويا خسارة من أجابه وتابعه على هذا الباطـل وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً .

كتبه أحمد بن يحيى النَّجمي
17 / 4 / 1443 هـ
منقول من مكتبة الشيخ النجمي رحمه الله
تعليمية تعليمية




بارك الله فيك واحسن اليك وجعل الله ماتقدمين في ميزان حسناتك

حقا لتوحيد منزلة كبرى نسال الله ان يبصرنا بنور الحق




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[صوتية] ((التوحيد : مسائل وفضائل )) إصدار مميز لمجموعة من العلماء :

تعليمية تعليمية
[صوتية] ((التوحيد : مسائل وفضائل )) إصدار مميز لمجموعة من العلماء :

تعليمية

************************* *****
التوحيد
فضائل ومسائل
تعليمية
************************* *****
إصدار رائعٌ ومميّزٌ ، جُمع فيه كلام أهل العلم بطريقة جذّابة في : مسائل التّوحيد وفضائله ومظاهره وغير ذلك ، لزمرة خيّرة من العلماء الموثوقين :

** العلّامة : عبد الله بن حميد ـ رحمه الله تعالى .
** العلّامة : عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى .
** العلّامة : محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى .
** العلّامة : صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله تعالى .
** العلّامة : عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله تعالى .

** العلامة : صالح اللحـيدان ـ حفظه الله تعالى .
** العلامة : صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ـ حفظه الله تعالى .


أترككم مع مادّة الشّريط :

تعليمية

تنبيه مهمّ :
وإنّي إذ أضع بين أيديكم هذه المشاركة المهمّة ، لا يفوتني أن أنبّه كلّ من يحمّلها أو يسمعها أن لا يحرم إخوانه المسلمين من الاستفادة منها ، فما أحوجنا وأحوجهم لتعلّم التّوحيد ، ولأجل ذلك أقترح أن تُنسخ هذه المادّة الصوتيّة على أقراص إلكترونية
على صيغة أوديو ، وتوزّع على عوامّ المسلمين ، وعلى أصحاب السّيارت ووسائل النّقل خاصّة ، حتّى تعمّ الفائدة ، والله المستعان .

الملفات المرفقة (افحص الملف ببرامج الحماية وقم بالتبليغ عنه إذا وجدته مخالفا) تعليمية التوحيد فضائل مسائل.mp3‏ (13.53 ميجابايت)

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخنا الفاضل أبي عبد الرحمن الموصلي حفظه

التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[شرح متن] شرح الشيخ صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ على كتاب التوحيد

تعليمية تعليمية
[شرح متن] شرح الشيخ صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ على كتاب التوحيد

تعليمية

وبعد
فهذا شرح سماحة الشيخ العلامة :
صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله
على كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
والذي ألقاه بجامع عثمان بن عفان – حي الوادي مدينة الياض بداية من يوم الإثنين 28 شوال 1443 هـ أسأل الله جلّ وعلا أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح .
[ الشريط 01 ]
[ الشريط 02 ]
[ الشريط 03 ]
[ الشريط 04 ]
[ الشريط 05 ]
[ الشريط 06 ]
[ الشريط 07 ]
[ الشريط 08 ]
[ الشريط 09 ]
[ الشريط 10 ]

[ الشريط 11 ]
[ الشريط 12 ]
[ الشريط 13 ]
[ الشريط 14 ]
[ الشريط 15 ]
[ الشريط 16 ]
[ الشريط 17 ]
[ الشريط 18 ]
[ الشريط 19 ]
[ الشريط 20 ]

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل ودحض الشبهات التي أثيرت حوله

تعليمية تعليمية
بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل ودحض الشبهات التي أثيرت حوله

بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل ودحض الشبهات التي أثيرت حوله

تأليف:
الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء – عضو اللجنة الدائمة للإفتاء
بالمملكة العربية السعودية

الناشر:

الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة

إعداد / مركز الكتب الالكترونية

( للبحث داخل صفحة معينة اضغط Ctrl+f )
كتاب اكتروني مضغوط بالونرار حجمة 411 كيلو بايت

نقلة ابوذر عبدالمحسن السلفي

الملفات المرفقة تعليمية بيان حقيقة التوحيد.rar‏ (411.8 كيلوبايت)

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك و جزاك خيرا




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مقتطف] المتن الفريد في أدلة التوحيد

تعليمية تعليمية
[مقتطف] المتن الفريد في أدلة التوحيد

المتن الفريد في أدلة التوحيد

الحمد لله رب العالمين وأصلي واسلم على نبيه الأمين وبعد:

فهذه بعض الآيات والآثار انتقيتها من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تسهيلا لحفظها لكل طالب علم – فهذه الوريقات لن تأخذ من طالب العلم المجد أكثر من ثلاثة أيام ليحفظها – راجيا من الله أن يجعل هذا المنتقى مباركا كأصله وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يغفر لي به ما تقدم وما تأخر من ذنبي أنا ووالدي وأهل بيتي وكل المسلمين.

أبو أسامة سمير الجزائري

بلعباس 6 شعبان 1443 الموافق 25 جوان 2022

حق الله على العبيد

1- قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

2- (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)
3- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟" فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا" أخرجاه في الصحيحين.
فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
4- للترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).

من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب

5- عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لُدِغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه فأخبروه، فقال: (هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: (أنت منهم) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: (سبقك بها عكاشة).

باب الخوف من الشرك

6- وقال الخليل عليه السلام: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)
باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله

7- قول الله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) الآية.
8- عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ـ وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله ـ فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك: فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أخرجاه.

باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
9- في (الصحيح) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل).
باب ما جاء في الرقي والتمائم
10- في (الصحيح) عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) [رواه أحمد وأبو داود].
باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما
11- عن أبي واقد الليثي، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر! إنها السنن، قلتم ـ والذي نفسي بيده ـ كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) (لتركبن سنن من كان قبلكم). [رواه الترمذي وصححه].
باب ما جاء في الذبح لغير الله

12- قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ) الآية، وقوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ..
13- عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: (لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن ووالديه. لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض) [رواه مسلم].

باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله

14- عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد)؟ قالوا: لا. قال: (فهل كان فيها عيد من أعيادهم)؟ قالوا: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم) [رواه أبو داود، وإسنادها على شرطهما].
باب من الشرك النذر لغير الله
15- في (الصحيح) عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).
باب من الشرك الاستعاذة بغير الله

16- قال الله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا).

17- وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك) [رواه مسلم].
باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره

18- قوله تعالى: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ) الآية.

19- وقوله: (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ) الآية. وقوله: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ) الآيتان.

20- وقوله: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).
21- وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) الآية.

22- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) قال: (يا معشر قريش ـ أو كلمة نحوها ـ اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً).

23- وفي (الصحيح) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ـ ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ـ وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه ـ فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها عن لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء).
باب الشفاعة

24- قال الله تعالى: (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ) وقوله: (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) .

26- وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، لا يبدأ بالشفاعة أولاً، ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تُعط، واشفع تُشفع.
27- وقال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله.
باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
29- في (الصحيح) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت).
30- وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
31- وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) [أخرجاه].

32- وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو).
33- ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.
باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
34- في (الصحيح) عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها من الصور. فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله) فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك

35- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات.
باب ما جاء في السحر
36- وقول الله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ).

37- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).
38- وفي (صحيح البخاري) عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر.
39- وصح عن حفصة رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، وكذلك صح عن جندب. قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
40- روى مسلم في صحيحه، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".
41- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أبو داود.
باب ما جاء في التطير

42- وقول الله تعالى: (أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) .وقوله: (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ).
43- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر) أخرجاه. زاد مسلم: (ولا نوء، ولا غول).
44- ولهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل) قالوا: وما الفأل؟ قال: (الكلمة الطيبة).
باب ما جاء في التنجيم
45- قال البخاري في "صحيحه": قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها. فمن تأول فيها غير ذلك اخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. أ.هـ.
باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

46- عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة) وقال: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب). رواه مسلم.
باب قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ)

47- عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) أخرجاه.
48- ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)، وفي رواية: (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى .. ) إلى آخره.

باب قول الله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)
49- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) .
باب قول الله تعالى: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

50- قال صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) رواه البخاري .
باب ما جاء في الرياء

51- عن أبي هريرة مرفوعاً: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه). رواه مسلم.

باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

52- وقول الله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الآيتين.
53- وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع ).

باب قول الله تعالى: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).
54- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم.
55- وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً.

56- وعن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان) رواه أبو داود بسند صحيح.
57- وجاء عن إبراهيم النخعي، أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.
باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك
58- عن أبي شريح: أنه كان يكنى أبا الحكم؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله هو الحكم، وإليه الحكم) فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين فقال: (ما أحسن هذا فمالك من الولد؟) قلت: شريح، ومسلم، وعبد الله. قال: (فمن أكبرهم؟) قلت: شريح، قال: (فأنت أبو شريح)، رواه أبو داود وغيره.
باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول

59- قال الله تعالي: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) الآية.

60- عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة – دخل حديث بعضهم في بعض – : أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائناً هؤلاء، أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القرّاء ـ فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه. فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب، نقطع به عنا الطريق. فقال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الحجارة تنكب رجليه – وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب – فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) ما يتلفت إليه وما يزيده عليه.
باب لا يقول: عبدي وأمتي
61- في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضىء ربك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي، وغلامي).

باب ما جاء في الّلو

62- قال الله تعالى: (يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا). وقوله: (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا) الآية.
63- في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
باب ما جاء في المصورين
64- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة). أخرجاه.
65- ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهؤون بخلق الله).
تم المنتقى وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية