التصنيفات
العربية والعرب,صرف,نحو,إملاء...إلخ

الغيرة على اللغة العربية


الأعراب هم أهل اللغة الصافية، وأبعد الناس، لفترة طويلة من عهود الإسلام، عن اللحن، لبعدهم عن الاختلاط بالأعاجم، ولانعزالهم في البادية، حتى إن بعض من أراد أن تصفوا لغته، أو يأخذ اللغة الصافية لِيُدَوِّنَها، شعرًا ونثرًا، كان يذهب إلى البادية، يعيش بين أهلها، ويأخذ اللغة من معينها الصافي، ومنبعها الثرّ، وقد دُوِّنَ من جواهرها ما ملأ مجلدات .

لهذا قيل عن أعرابي أنه لما دخل السوق، ورأى الباعة الحضر يلحنون، وفي الوقت نفسه يربحون، عجب من ذلك، والرواية كالآتي:

دخل أعرابي السوق، فسمعهم يلحنون، فقال:

"سبحان الله! يلحنون ويربحون، ونحن لا نلحن ولا نربح".

"ويُرْوى مثلها عن عمرو بن العلاء:

"مرّ أبو عمرو بن العلاء بالبصرة، فإذا أعدال مطروحة، مكتوب عليها "لأبو فلان" فقال أبوعمرو: يا رب يلحنون ويُرْزَقُوْنَ".

ومثله ما جاء على لسان الأصمعي، وهو صاحب الأخبار الطريفة، سواء منها ما قاله حقيقةً، أو ما قيل على لسانه، خاصةً ما يتصل بالأعراب، لاختلاطه بهم في البادية، وحرصه على الرواية عنهم، ونقل غريب أخبارهم، مما سهّل على الناحتين نحله بعض الأخبار، اعتمادًا على أنها تحمل روحه، وتسير على نمط ما يرويه من غرائب الأخبار، والخبر الآتي قد يكون قاله الأصمعي، وقد لايكون قاله؛ ولكن الملاحظ فيه قرن استجابة الله للدعاء بصفائه من اللحن، وهو مثل قرن مكسب التاجر رغم لحنه:

"سمع الأصمعي رجلاً عند الملتزم يقول:

يا ذي الجلال والإِكرام".

فقال: من كم تدعو؟

قال: من سبع سنين دأبًا، فلم أر الإِجابة.

فقال: إنك تلحن في الدعاء، فأَنّى يُسْتَجَابُ لك؟

قال: قل: يا ذا الجلال والإِكرام .

ففعل، فأُجِيْبَ".

ولعل هذا جاء عن طريق الموعظة، وَسِيْقَ حتى يحرص الناس على الأدب مع الله في مخاطبته بلغة لا شِيَةَ فيها، وعلى هذا فقد تكون القصة قِيْلَتْ على لسان الأصمعي لهذا السبب؛ لأن المهمّ في الدعاء ليس الكلمات، ولكن صفاء النية، ونقاء القلب، واتجاه المرء إلى ربه بإخلاص، والعربي والعجمي في مخاطبة الله سواء، واللغات وسائل، والمهم ما يكمن خلف الوسائل. ولكن ما قيل على لسان الأصمعي إذا لم يكن قاله، فهو قياس على مخاطبة الناس، فلو أراد شخص في ذلك الزمن أن يخاطب الخليفة، ويطلب رفده، أو فزعته، أو إنصافه، لاختار من الكلمات أقواها، ومن الأسلوب أجمله، بعبارات جذّابة، وأسلوب منمق، لا للتأثير فقط، ولكن ليدل بذلك على الاعتناء والاهتمام، وهذا في حدِّ ذاته يدل على الأدب، وحسن الخلق، ومراعاة المقام، والإنسان أولى أن يُرَاعِيَ ذلك مع الله – سبحانه وتعالى – إذا اتجه إليه .

والوليد بن عبد الملك عرف باللحن، ويعزو والده ذلك إلى تدليلهم إياه، وعدم إرسالهم إياه إلى البادية، أسوة بما كان يعمل مع أولاد الخلفاء والكبراء، ولعل لعطف والدته عليه دخل في ذلك.

وقد ظهر اللحن عليه، أكثر من ذي قبل، عندما أصبح خليفة، واللحن يرعب الخليفة، لأنه يقلل من تأثير القول، فإذا لحن الخليفة أخذ الناس يفكرون في اللحن، وانصرفوا عن المعاني، فلم تأتِ الخطبة بما هو مطلوب منها، وما قصدت له. وكان عبدالملك بن مروان عندما لاحظ عليه أحد جلسائه كثرة الشيب، أجابه بأن ذلك:

"من طلوع المنابر، وتوقع اللحن".

"أما الوليد فيبدو أن أخطاءه كثيرة، وقد يكون بعضها مزادًا، لأنه إذا ظهر في الخليفة عيب كثر الناحلون عليه، وكثرت القصص المتخيلة.

وهذه إحدى القصص التي تُرْوى عن لحنه، وهي إذا صحت فادحة:

"كان الوليد بن عبدالملك لحّانة، فقرأ في خطبة: ﴿يالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةُ﴾ بالرفع .

فقال أخوه سليمان: "عليك".

وإرسال الأبناء إلى البادية شائع بين كل الطبقات تقريبًا، ويبدو أنه ينظر إليه نظرةً عاليةً، لأنه يضمن تقدّمًا في المجتمع للابن الذي رضع اللغة العربية وآدابها من مصدرها الأصيل، ومن منبعها الصافي، ويحدث أحيانًا أن الحرص على هذا المسلك يدخل في نطاق المغالاة، ويأتي للغلام بضرر كبير، قد يُميته، والقصة التالية تشهد على شيء من هذا:

يذكر صاحب معجم الأدباء عن محمد بن أحمد أبو الندى الغُنْدِجاني اللغوي:

"أنه غاب عن أهله مدةً، وأقام في البادية سنين عدةً، وعاد يروي ويخبر؛ وكان له ابن، فأخذ يطليه بالزيت، ويقفه في شمس القيظ بالغندجان، (بليدة في فارس)، وهي حارة جدًّا، ولم يزل يفعل به ذلك، ليكون أسمر اللون كالعرب، حتى مات ذلك المسكين".

إن الأب كان مولَعًا بالاقتراب من الأعراب، والاستفادة منهم، ولم يكفه ما يحصل عليه منهم من شعر ونثر، ولا ما يخرج به من أخبار ومشاهدات، ولايكفيه أن يأخذ ابنه بشيء من ذلك، وإنما يريد أن يكون أسمر مثلهم، وقد قاده حمقه إلى أن أهلك ولده .

ومن الخلفاء شديدي النفرة من اللحن، الغيورين على اللغة، وحماية جانبها من الإِهمال والضرر، عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه – فقد أُثِرَ عنه أقوال في هذا تدل على التفات واضح إلى هذا الجانب، وهذا مثل من الأمثلة التي تؤكّد هذا :

"تضجر عمر بن عبد العزيز من كلام رجل، فقال شرطي على رأسه: قم فقد "أوذيت" أمير المؤمنين.

فقال عمر: أنت والله أشد أذى بكلامك هذا منه".

والقواد لهم همومهم مع اللحن، خاصةً وأن بعضهم لم يكونوا ممن يهتم بجانب اللغة، وهمهم ينصب على صلاحهم وتدريبهم، وهنا قصة حدثت لمسلمة بن عبد الملك مع أحد جنده:

"كان مسلمة بن عبد الملك يعرض الجند، فقال لرجل:

ما اسمك؟

فقال: عبدَ الله (بنصب الدال).

قال: ابن من؟

قال: ابن عبدِ الرحمن، بالجر.

فأمر بضربه، فقال:

بسمُ الله (بضم الميم).

فقال: دعوه، فلو كان تاركا (اللحن) لتركه تحت السياط".

وقد يخطئ الفهيم، ويغيب عنه وجه الصواب، ولا يدري حتى يُنبّه، ويأتي ذلك من شبهة اللحن في لفظ بسبب لفظ يشبهه أو قريب منه. وهذا المأمون من الخلفاء الذين اعتني بثقافتهم العربية، وأرضعوا لبانها من الصغر، واخْتِيْرَ لتأديبهم فطاحل العلماء والأدباء والنحاة واللغويين، حتى كان من أبرز أهل زمانه، ولكن غاب عنه أمر في اللغة، اضطر معه أحد جلسائه أن ينبهه إليه، بطريقة لبقة:

"حدث المأمون عن هشيم يرفعه:

إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عوز.

فقال النضر بن شميل: صدق يا أمير المؤمنين هشيم، فإنه حدثنا عوف يرفعه: كان فيها سِداد من عوز.

وكان المأمون متكئًا، فاستوى جالسًا، فقال:

كيف قلت؟

قلت: السَّداد هنا لحن، وإنما لحن هشيم، وكان لحانة، فتبع أمير المؤمنين لفظه .

قال: أو تعرف العرب ذلك؟

قلت: نعم، هذا العرجي يقول:

أضاعوني وأي فتىً أضاعوا

ليوم كــــريهة وسِداد ثغــــــــر

فقال: قبّح الله من لا أدب له.

ثم وصلني بخمسين ألفًا".

هذه الروح التي أبداها المأمون في حرصه على جرِّ كلمة بدلاً من فتحها، وقبوله للتصحيح، وإثابته عليه ثوابًا جزيلاً، وتعليقه هذا التعليق المنير، هي التي – بعد الله – حفظت للغة منذ تلك الأزمان كرامتها، وصانت عزتها، وأبقت كيانها. ونحن، ونحن نسوق مثل هذه الاستدراكات المضيئة، فإنما نحدّد دورنا لا في اللغة، ولكن في الدين والوطنية أيضًا .




تبكي لغة القرآن حاليا على ما فعلناه بها…نحن الذين أهملناها وسمحنا للغة العجم أن تطغى عليها
سامحنا الله وهدانا
بارك الله فيك أستاذة على الموضوع القيم




بارك الله فيك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة general تعليمية
تبكي لغة القرآن حاليا على ما فعلناه بها…نحن الذين أهملناها وسمحنا للغة العجم أن تطغى عليها
سامحنا الله وهدانا
بارك الله فيك أستاذة على الموضوع القيم


فعلا أجحفنا في حق لغة الضاد ورقصنا إعجابا بلغةالعجم لغة الحضارة

في نظر من اتهموا لغتهم بالعجز والعقم.

فحري ٌّ بنا أن نحي لغتنا في خشوع ٍ وإكبار ولولا عظمتها لما كانت لسان حال القرآن الكريم

بورك فيك أيها المعطاء على متابعتك وحسن ردك.




بارك الله فيك أستاذة على الموضوع القيم




اننا شعوب متناحرة متخلفة , فلا يمكن للغتنا الا ان تكون كدلك
العيب فينا




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمري محمود تعليمية
بارك الله فيك أستاذة على الموضوع القيم


وفيك بارك المولى

سعيدة بمرورك وطيب ردك

وشكرا على المرور على صفحتي بالفيس بوك الخاصة بالبشير الإبراهيمي




التصنيفات
طفلي الصغير

الغيرة عند الطفل وكيفية علاجها

بسم الله الرحمن الرحيم
تعليمية
ما هي الغيرة: هي حالة انفعالية يشعر بها الشخص، ويحاول إخفاءها، ولا تظهر إلا من خلال أفعال سلوكية يقوم بها .. وهى مزيج من الإحساس بالفشل وانفعال الغضب .. وتعد الغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب، ولذلك يجب على الوالدين تقبل ذلك كحقيقة واقعة، وفى نفس الوقت لا تسمح بزيادتها، فالقليل من الغيرة حافز على المنافسة والتفوق، أما الكثير فإنه مضر لشخصية ونمو الطفل .. ومن آثار الغيرة لدى الأطفال ظهور السلوك العدوانى، والأنانية، والنقد، والثورة، ومن ناحية أخرى يتسم السلوك بالانطواء وعدم المشاركة .. وجميع هذه المظاهر تمثل الشعور بالنقص. كيف يظهر شعور الغيرة على الطفل: تظهر الغيرة بأسلوب تعويضي مصطنع، حيث يخفى الطفل مشاعره الحقيقية ويقوم بدور الممثل نحو أخيه المولود الجديد الذي يأخذ في ضمه وتقبيله ولكنه في حقيقة الأمر يود قرصه أو ضربه، ومن جانب آخر تبدو الغيرة واضحة بسلوك عدواني موجه للصغير. كذلك يتعمد الطفل إلى جذب الأنظار إليه، ويحول كراهيته لأمه التي توجه اهتماماً بالصغير وليس له، فيبدأ هنا في الانتقام، ويتظاهر في المرض أو البكاء أو العناد والسلبية. ومن أحد مظاهر جذب الاهتمام هو نكوص الطفل إلى أنماط سلوكية طفلية سابقة، مثل العودة إلى شرب الحليب من الزجاجة، والنوم في سرير الطفل، والتبول الليلي في الفراش، والتحدث بأسلوب طفلي، ومص الإصبع تعليمية، والالتصاق بالأم، والبقاء في حضنها كلما حاولت حمل الصغير. أنواع الغيرة :

  • الغيرة من المولود الجديد: وخاصة إذا توجهت الأم برعايتها واهتمامها الشديد للصغير وأهملت الطفل الكبير.
  • المقارنة بين الأخوة: المقارنة التي تقوم على أساس الذكاء أو التحصيل الدراسي أو التفوق أو الجمال أو البنية القوية، فإذا ما أخفق أحد الأطفال لا يجب مقارنته بأخيه المتفوق لأن ذلك يؤجج الغيرة في صورة مقرونة بالنقمة والحقد.
  • الغيرة عند الأطفال المعاقين جسدياً: تظهر الغيرة عند الطفل المعاقتعليمية لأنه يشعر بالحرمان بما يتمتع به أخوته من بنية سليمة، ويعمل الأهل على زيادة وتنمية هذه الغيرة إذا لم يعرفوا كيفية التعامل مع الطفل المعاق.
  • العقاب الجسدي: عقاب الطفل الجسدي بالضرب تعليمية إذا أظهر غيرته نحو أخيه يزيد لديه مشاعر الغيرة السلبية والتي تظهر على شكل عداء نحوه.
  • عدم سماح الأهل بإبداء مشاعر الغضب أو الغيرة: عدم سماح الأهل للطفل بإظهار مشاعر الغيرة على نحو سليم يساهم في كبت هذه المشاعر مما يعزز لدى الطفل الإحساس بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه فيزداد لديه الإحباط وعدم الثقة بالنفس.
  • تحميل الطفل الأكبر مسئوليات تفوق طاقته: تحميل الطفل الأكبر مسئوليات تتجاوز قدرته واستعداده الطبيعي .. كأن يطلب منه بأن يكون هو الكبير وهو القدوة ولومه دائماً على تصرفات الطفولة، مما يدفعه إلى الرجوع إلى تصرفات لا تتناسب مع عمره ويلجأ إلى النكوص أي يعود إلى تصرفات تشبه أخيه مثل التبول اللاإرادي والجلوس في حضن أمه عله يحظى ببعض الامتيازات التي يحظى بها الصغير.
  • الأنانية: ارتباط الغيرة بالأنانية، أي كلما زاد الإحساس بالأنانية، تولدت الغيرة عند الطفل.
  • غيرة الأخ الأصغر من الأكبر سناً: تظهر الغيرة من الصغير نحو الكبير وذلك عندما يهتم الوالدين بالابن الأكبر وخاصة إذا أهمل الوالدين الصغير، وهناك أخطاء تبدو شائعة لدى بعض الأسر، وهي تخصيص لهذا الصغير كل ما سبق أن استعمله الكبير من ملابس والعاب وأحذية وكتب .. الخ. لذا يشعر الصغير بالدونية وبأنه مهمل من قبل والديه حيث أنه ليست لديه خصوصية فتشتعل غيرته ويبدى عدائه نحو الأخ الأكبر.

الوسائل السلبية للتعبير عن الغيرة:

  1. بالصراخ والعبث بأغراض الآخرين أو سرقتها أو تدميرها.
  2. بالاعتداء الجسدي بالضرب أو القرص.
  3. بالإزعاج وإلقاء الشتائم وإقلاق الراحة.
  4. عندما يتقدم الطفل بالعمر ( بعد العاشرة ) تأخذ الغيرة شكل التجسس والوشاية والإيقاع بالآخرين.
  5. وتظهر الغيرة عند الأطفال الصغار بالقيام بتصنع الحب الزائد نحو الطفل الجديد وذلك لإخفاء مشاعر الغيرة الدفينة. وإذا أتيحت الفرصة للطفل الغيور حتى يقوم بإيذاء أخيه بالضرب أو بالعض.

تعديل سلوك الغيرة عند الأطفال: ينبغي اتباع الأساليب التالية :

  1. المساواة بين الأخوة، وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد.
  2. هدوء الأجواء الأسرية والبعد عن المشاكل والخلافات.
  3. مراعاة مبدأ الفروق بين الأطفال وتقدير كل طفل على حدة وعدم المقارنة أو المفاضلة بين أخ وآخر.
  4. عدم إتاحة الفرصة للطفل بالتعلق الشديد بهما، وترك العلاقة بالطفل طيبة جداً وعادية وغير مبالغ بها.




شكراسيدة غاية الهدى على التوضيحات
بارك الله فيك




مشكووورة و الله يعطيك العافية على الموضوع القيم




سعيدة أنا بتواصلكما ونشاطكما " رنين " و" سارة "

وفقكما الله وأعانكما على دروسكما

تحياتي……………..




التصنيفات
الحياة الزوجية

الغيرة بين الزوجين

الغيرة بين الزوجين


الغيرة طبع مركوز في النفس البشرية منذ أن خلق الله تعالى الإنسان , والعربي بطبيعته من أشد الناس غيرة على عرضه وشرفه , وقديما قال شاعرهم :

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى * * * حتى يراق على جوانبه الدم

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيَْرَةُ اللهِ أَنْ يأتي الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ. أخرجه أحمد 3/342(و"البُخاري" 7/45(5222) و"مسلم" 8/101 .

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَِحٍ عَنْهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ.

– وفي رواية : بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةُ يَقُولُ : لَوْ وَجَدْتُ مَعَهَا رَجُلاً لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَِحٍ , قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاَللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ , وَاَللهُ أَغْيَرُ مِنِّي , وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. أخرجه أحمد 4/248(18351) و"الدارِمِي" 2227 و"البُخَارِي" 8/215(6846) و"مسلم"4/211(3757) .

وعَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أم سَلمَة رضي الله عنهما َ؛ أَنَّ أم سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ. أنها كانَتْ عِنْدَ رَسُولَ اللهِِ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَهُ . قَالَتْ : فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ اقْبَلَ ابْنُ أم مَكْتُوم .ٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ . وَذَالِكَ بَعْدَمَا اُمِرْنَا بِالْحِجَابِ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم احْتَجِبَا مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَارَسُولَ اللهِِ ، أليس هُوَ أعمى لايُبْصرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم : افَعَمْيَاوَانِ أنتما ؟ الَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ ؟. أخرجه أحمد 6/296 و"أبو داود" 4112 و"التِّرمِذي" 2778.

وهذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها تغار من حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن السيدة خديجة رضي الله عنها وكيف كانت نعم الصاحبة له .
والغيرة هي ملح الحياة الزوجية قليله يصلح وكثيره يفسد , وهذه الغيرة كانت مصدر افتخار للعربي حينما نزل قيس بن زهير ببعض العرب قال لهم مفاخراً :" إني غيور وأنا فخور وأنا آنف " .
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرزغربة وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ . فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ، ثم قال : أخ أخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال ، وذكرت الزبير وغيرته ، وكان أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى . فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك .فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني " .رواه البخاري ج: 5 ص: 2022 ح 4926.

وكتب التراث تحكى لنا قصصاً وطرائف من غيرة العربي على نسائه , روى علقمة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يأكل تفاحة ومعه امرأته فدخل عليه غلام فناولته امرأته تفاحة قد أكلت منها فقام إليها وأوجعها ضرباً .
وحكي عن عقيل بن علقمة أنه كان غيوراً إلى حد أنه كان إذا خرج مسافراً خرج بزوجته ولا يتركها وإذا تركها تركها جائعة عارية , ولما سئل في ذلك قال إنهن إذا جعن لم يمزحن وإذا عرين لم يبرحن .

ووصلت الغيرة برجل مثل عبد الله بن الزبير الحنفي أنه لما تزوج خرج بزوجته بعيداً عن الناس إلى الصحراء وابتنى لها هناك قصراً .

وكان هارون بن عبد الله يقول لأهله : محرم عليك إن نظرت إلى سائل يقف بابك وسمعت حلاوة نغمته , بل إنه كان يطرد الباعة إذا دخلوا مسكنه للنداء على بضائعهم .
وأنشد عبد الملك قول نصيب:

أهيم بدعدٍ ما حييتُ فإنْ أمتْ * * * فواحزنا من ذا بهيمُ بها بعدِي

فقال بعض من حضر، أساءَ القول، أبحزنُ لمن بهيمُ بها بعده؟ فقال عبد الملك: فلو كنت قائلاً ما كنت تقول؟ فقال:

أهيمُ بدعدٍ ما حييتُ فإنْ أمتْ * * * أوكِّلْ بدعدٍ من يهيم بها بعدِي

فقال عبد الملك: أنتَ واللهِ أسوأ قولا، أتوكِّلُ من يهيم بها ثمَّ قال: الجيد:

أهيمُ بدعدٍ ما حييتُ فإنْ أمتْ * * * فلا صلحتْ دعدٌ لذي خلَّةِ بعدِي

فقالوا: أنت واللّه أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين. ابن قتيبة الدينوري : عيون الأخبار 414.
ولقد نظم الشعراء وأبدعوا في الحديث عن الغيرة , قال أبو تمام :

بنفسي من أغار عليه مني * * * وأحسد مقلة نظرت إليه
ولو أن قدرت طمست عنه * * * عيون الناس من حذري عليه

حبيب بث في جسمي هواه * * * وأمسك مهجتي رهناً لديه

فروحي عنده والجسم خال * * * بلا روح وقلبي في يديه

ومن الخطأ أن نفهم أن الغيرة مطلوبة في كل وقت وفي كل حين ولأتفه الأسباب , فإن ذلك مما يكدر الحياة الزوجية ويعكر صفوها , وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يكره الله، فأمَّا ما يحبُّ الله فالغيرة في الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة). رواه أبو داود والنسائي وابن حبان.

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله تعالى يغاروإن المؤمن يغار و غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه ".( صحيح ) انظر حديث رقم : 1901 في صحيح الجامع .

وعن على رضي الله عنه قال : الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة يصلح الرجل بها أهله وغيرة تدخله النار [كنز العمال 8736].

ذكر الشّعبيّ إنّ عبد الله بن رواحة أصاب جاريةً له، فسمعت به امرأته، فأخذت شفرةً فأتته حين قام وقالت له: أفعلتها يا ابن رواحة؟ فقال:
ما فعلت شيئاً. فقالت: لتقرأن قرآناً، وإلاّ بعجتك بها. قال: ففكّرت في قراءة القرآن وأنا جنب فهبت ذلك، وهي امرأةٌ غيراء في يدها شفرةً لا آمن أن تأتي بما قالت. فقلت:

وفينا رسول الله يتلو كتابه * * * إذا أنشقّ معروفٌ من الصّبح ساطع

أرانا الهدى، بعد العمى، فقلوبنا * * * به موقناتٌ، أن ما قال واقع

يبيت يجافي جنبه عن فراشه، * * * إذا استثقلت بالكافرين المضاجع

قال: فألقت السّكّين من يدها، وقالت: آمنت بالله، وكذّبت البصر. قال: فأتيت النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فأخبرته بذلك، فضحك وأعجبه ما صنعت. ابن الجوزي : أخبار النساء 26.

ونزل عاصم بن عمر الخطّاب، رضي الله عنه، خيّمته بقديد. بفناء بيتٍ من بيوت قديد، وهو يريد مكّة معتمراً، فحطّ رحله، وكان رجلاً جسيماً من أعظم النّاس بدناً، وأحسنهم وجهاً. فأرسلت إليه ربّة البيت: يا هذا إنّ لي زوجاً غيوراً يمرّ الإنسان بجانب بيتي فيضربني، وإن رآك في هذا المنزل لقيت منه شرّاً، فأنشدك الله ألا تحوّلت عنّي! فأرسل إليها: إنّي قد نزلت وأنا مرتحلٌ عن قليل وليس عليك من زوجك بي بأس، والتّحويل يشقّ علي. قال فردّت إليه الرّسول حتّى تحوّل عنها. ومرّت به عجوزٌ خارجةٌ من عندها فدعاها وسألها عن المرأة، فقالت: هي خرديّة بن أكتم، وتزوّجها ربيع بن أصرم، ولها بنيٌّ صغيرٌ سمّته باسم أبيها. ثمّ ذهبت العجوز. وقال عاصم بن عمر أبيات شعرٍ. ثمّ دخل زوجها واستقرّ في منزله، فلمّا فرغ من شعره سمعه وهو يضربها فصبر حتّى علم أنّه شفى غيظه ثمّ إنّه أتاه، فصاح به، فخرج، فقال له: بأبي أنت، ما عرضك لي؟ فأخبره خبره وخبرها، فقال: بأبي أنت، لو كنت معي في منزلي ما كان عليّ منك بأس.وقديما قال الشاعر:

ما أَحْسَنَ الغَيْرَةَ في حينِها * * * وأقبح الغَيْرَةَ في كُلِّ حِينْ
مَنْ لم يَزَلْ مُتَّهِماً عِرْسَهُ * * * مُنَاصِباً فيها لِرَيْبِ الظُّنُونْ

أَوْشَكَ أَنْ يُغْرِيهَا بالذي * * * يَخَافُ أَنْ يُبْرِزَها للعُيُونْ

حَسْبُكَ من تَحْصِينِها وَضْعُها * * * منك إِلى عِرْضٍ صَحِيحٍ ودِينْ

لا تَطَّلِعْ مِنْكَ على رِيبَةٍ * * * فيَتْبَعَ المَقْرُونُ حَبْلَ القَرينْ

فالتوسط في مشاعر الغيرة وعدم التجاوز فيها أمر لازم لبقاء الحياة الزوجية هادئة آمنة مستقرة .




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسماء23 تعليمية
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

الله يعافيك لا شكر على واجب




مشكور على الموضوع الرائع والمميز جدا ويعطيك الف عافيه.




شكرا و بارك الله فيك أخي على الموضوع القيم
بانتظآآر القيم و المفيد دائما
موفق باذن الله




بارك الله فيكم على المرور




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق