التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

على من يجب الصوم ومن يسقط عنه

على من يجب الصوم ومن يسقط عنه:
الصيام يجب أداءً على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مقيم، خال من الموانع ،فمن هذا التعريف يتبين لنا أنه كل من لم تتوقر فيه هاته الاوصاف السته سقط عنه الصيام
فبقولنا كل مسلم فخرج عن ذلك الكافر : لأن الكافر لا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات، ومعنى قولنا: لا يجب عليه الصوم أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه عبادة حال كفره، لقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ إِلاّۤ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـٰرِهُونَ } [التوبة : 54] ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم، لقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ ٱلأَْوَّلِينِ } [الأنفال :38 ]
وأما بقولنا بالغ يخرج منه الصبي الذي لم يبلغ الحلم : والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة بالنسبة للذكر: إتمام خمس عشرة سنة وإنبات العانة، وإنزال المني بشهوة، وللأنثى بأربعة أشياء هذه الثلاثة السابقة ورابع، وهو الحيض، فإذا حاضت فقد بلغت حتى ولو كانت في سن العاشرة.
فإذا لم يكن الإنسان بالغاً فإن الصوم لا يجب عليه، لقوله صلى الله عليه سلم ( رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يبرأ ) (1)
ولكن ذكر أهل العلم أن ولي الصبي مأمورٌ بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده، حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلونه، فإنهم كانوا يصوِّمون أولادهم الصغار، حتى إن الواحد منهم ليبكي فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس.
وأما قولنا عاقل فيخرج بذلك غير العاقل: و العقل هو ما يحصل به التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه، كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادات سوى الزكاة.وينقسم هذا إلى قسمين
1 المجنون : والمجنون لا يجب عليه الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم ).(2) ، لا يصح منه الصيام لأنه ليس له عقل يعقل به العبادة وينويها، والعبادة لا تصح إلا بنية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى) (3). فإن كان يجن أحياناً ويفيق أحياناً لزمه الصيام في حال إفاقته دون حال جنونه، وإن جُنَّ في أثناء النهار لم يبطل صومه كما لو أغمى عليه بمرض أو غيره، لأنه نوى الصوم وهو عاقل بنية صحيحة ولا دليل على البطلان، خصوصاً إذا كان معلوماً أن الجنون ينتابه في ساعات معينة. وعلى هذا فلا يلزم قضاء اليوم الذي حصل فيه الجنون. وإذا أفاق المجنون أثناء نهار رمضان لزمه إمساك بقية يومه، لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه قضاؤه كالصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم.
2 الهرم الذي بلغ سن الهذيان وسقط تمييزه.
فلا يجب عليه الصيام ولا الإطعام عنه لسقوط التكليف عنه بزوال تمييزه، فأشبه الصبي قبل التمييز، فإن كان يميز أحياناً ويهذي أحياناً وجب عليه الصوم في حال تمييزه دون حال هذيانه، والصلاة كالصوم لا تلزمه حال هذيانه وتلزمه حال تمييزه.
وقولنا قادر يخرج من ذلك غير القادر وهو العاجز: فالعاجز ليس عليه صوم لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184] .
لكن بالتتبع والاستقراء بين أهل أن العجز ينقسم إلى قسمين: قسم طارئ، وقسم دائم.
فالقسم الطارئ: هو الذي يرجى زواله، وهو المذكور في الآية فينتظر العاجز حتى يزول عجزه ثم يقضي لقوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
والدائم: هو الذي لا يرجى زواله وهو المذكور في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة: 184] حيث فسرها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم فيطعمان عن كل يوم مسكيناً (4) ، والحقيقة أنه بالنظر إلى ظاهر الآية ليس فيها دلالة على ما فسره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ؛ لأن الآية في الذين يطيقون الصوم (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة: 184] وهذا واضح أنهم قادرون على الصوم، وهم مخيرون بين الصوم والفدية، وهذا أول ما نزل وجوب الصوم كان الناس مخيرين إن شاؤوا صاموا، وإن شاؤوا أفطروا وأطعموا، وهذا ما ثبت في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ قال: «لما نزلت هذه الآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها» (5) .

لكن غور فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل يدل على عمق فقهه ـ رضي الله عنه ـ؛ لأن وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى جعل الفدية عديلاً للصوم لمن قدر على الصوم، إن شاء صام وإن شاء أطعم، ثم نسخ التخيير إلى وجوب الصوم عينا، فإذا لم يقدر عليه بقي عديله وهو الفدية، فصار العاجز عجزاً لا يرجى زواله، يجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
أما كيفية الإطعام، فله كيفيتان:
الأولى: أن يصنع طعاماً فيدعو إليه المساكين بحسب الأيام التي عليه، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله لما كبر.
الثانية: أن يطعمهم طعاماً غير مطبوخ، قالوا: يطعمهم مد برٍ أو نصف صاع من غيره، أي: من غير البر، ومد البر هو ربع الصاع النبوي، فالصاع النبوي أربعة أمداد، والصاع النبوي أربعة أخماس صاعنا، وعلى هذا يكون صاعنا خمسة أمداد، فيجزئ من البر عن خمسة أيام خمسة مساكين، لكن ينبغي في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم أو نحوه، حتى يتم قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
وأما وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه.(6)

أما قولنا مقيماً يخرج من ذلك المسافر، والمسافر هو الذي فارق وطنه فلا يلزمه الصوم، وعليه القضاء، لقول الله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) لقد رخص الله عز وجل للمسافر الفطر في رمضان وأوجب عليه القضاء مثل المريض .
ولكن اهل العلم إختلفوا هل الصوم أفضل للمسافر ام الفطر؟
فمنهم من قال أنه يجب على المسافر أن يفطر وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) (7) وكذلك للحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رحمه الله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر. فمنا الصائم ومنا المفطر. قال: فنزلنا منزلا في يوم حار. أكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده. قال: فسقط الصوام. وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر).(8) وكذلك لما رواه أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يظلل عليه والزحام عليه فقال:( ليس من البر الصيام في السفر) (9) ولم يستثنوا من ذلك إن سافرة راجلا أو بواسطة مركوب .
ومن هم من قال إنما المسافر مخير بين الفطر والصوم ، فان كان في سفره مشفة وجب عليه الافطار والصيام في حقه مكرره لقوله صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصيام في السفر ) وإن لم يكن في سفره مشقة فصيامه صحيح وأولى له لأن ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصوم في سفره ودليل ذلك الحديث الذي رواه ابي داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان المعنى قالا ثنا بن وهب حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد أنه حدثه عن قزعة قال : أتيت أبا سعيد الخدري وهو يفتي الناس وهم مكبون عليه فانتظرت خلوته فلما خلا سألته عن صيام رمضان في السفر فقال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان عام الفتح فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ونصوم حتى بلغ منزلا من المنازل فقال (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم) فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر قال ثم سرنا فنزلنا منزلا فقال (إنكم تصبحون عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا) فكانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو سعيد ثم لقد رأيتني أصوم مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وبعد ذلك ( 10)
أما قولنا أن يكون خالياً من الموانع: أي من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألا تكون حائضاً ولا نفساء، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم مقرراً ذلك: (أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم) (11) أي إذا حاضت المرأة فلا صوم عليها، ولكن تقضيه في أيام أخر: كالمريض.

_______________________

1 راوه أبي داود في سننه كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أ يصيب حد وصححه الالباني رحمه الله
2 رواه أبي داود في سننه سننه كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أ يصيب حد وصححه الالباني رحمه الله
3 متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
4 أخرجه البخاري في التفسير باب قوله تعالى: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) رقم 4505.
5 أخرجه البخاري في التفسير باب(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) رقم 4507؛ ومسلم في الصيام باب بيان نسخ قول الله تعالى(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) بقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) رقم 1145.
6 الشرح الممتع لفضيلة الشيخ محمد بن صالع العثيمين رحمه الله في باب الصوم
7 خرجه السيوطي رحمه الله عن عن ابن عمر عن ابن عباس وعن ابن مسعود وصححه الالباني رحمه الله
8 رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصيام ، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل رقم 1119 ، عن أنس بن مالك
9 رواه أبي داود في سننه ،كتاب الصوم ، باب إختيار الفطر عن جابر بن عبد الله (وصححه الالباني رحمه الله)
10 رواه ابي داود في سننه ، كتاب الصوم ، باب الصوم في السفر وصححه الالباني رحمه الله
11 أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم برقم 298عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفي كتاب الصيام باب الحائض تترك الصوم والصلاة برقم 1850 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

مفسدات الصوم وكفاراتها

مفسدات الصوم وكفاراتها :

قالى تعلى: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [البقرة : 187]
ذكر الله في هذه الآية الكريمة أصول مُفَطِّرات الصوم ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في السنّة تمام ذلك

والمفطرات سبعة أنواع:

أولا الجماع.
وهو إيلاج الذكر في الفرج، وهو أعظمها وأكبرها إثماً، فمتى جامع الصائم بطل صومه فرضاً كان أو نفلاً.
ثم إن كان في نهار رمضان والصوم واجب عليه لزمه مع القضاء الكفارة المغلظة، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي،
كأيام العيدين والتشريق، أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر، فإن أفطر لغير عذر ولو يوماً واحداً لزمه استئناف الصيام من جديد ليحصل التتابع. فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف كيلو وعشرة غرامات من البر الجيد.

وفي صحيح مسلم عن
أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رجلا وقع بامرأته في رمضان. فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقال: (هل تجد رقبة ؟) قال: لا. قال:(وهل تستطيع صيام شهرين ؟) قال: لا. قال: (فأطعم ستين مسكينا).
الثاني: إنزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو استمناء أو غير ذلك
. لأن هذا من الشهوة التي لا يكون الصوم إلا باجتنابها، كما جاء في الحديث القدسي:( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) رواه البخاري.
فأما التقبيل واللمس بدون إنزال فلا يفطر، لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: (
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه). وفي صحيح مسلم: أن عمر بن أبي سلمة سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم ؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سل هذه) يعني: أم سلمة، (فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصنع ذلك)، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له).
لكن إن كان الصائم يخشى على نفسه من الإنزال بالتقبيل ونحوه، أو من التدرج بذلك إلى الجماع لعدم قوته على كبح شهوته، فإن التقبيل ونحوه يحرم حينئذ، سداً للذريعة، وصوناً لصيامه عن الفساد. ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم عن المبالغة في الاستنشاق خوفاً من تسرب الماء إلى جوفه فيفسد صومه. وأما الإنزال بالاحتلام أو بالتفكير المجرد عن العمل فلا يفطر، لأن الاحتلام بغير اختيار الصائم، وأما التفكير فمعفو عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: (
إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) متفق عليه.
وكفارة ذلك مثل كفارة الجماع وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

الثالث: الأكل والشرب
، وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى الجوف من طريق الفم أو الأنف، أياً كان نوع المأكول أو المشروب، لقوله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }.
والسعوط في الأنف كالأكل والشرب لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط ابن صبرة: (
وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً) رواه الخمسة وصححه الترمذي.
فأما شم الروائح فلا يفطر، لأنه ليس للرائحة جرم يدخل إلى الجوف.

الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب
، وهو شيئان:
أحدهما:
حقن الدم في الصائم، مثل أن يصاب بنزيف فيحقن به دم فيفطر بذلك، لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب، وقد حصل ذلك بحقن الدم فيه.
الشئ الثاني:
الإبر المغذية التي يكتفي بها عن الأكل والشرب، فإذا تناولها أفطر، لأنها وإن لم تكن أكلاً وشرباً حقيقة فإنها بمعناهما، فثبت لها حكمهما. فأما الإبر غير المغذية فإنها غير مفطرة، سواء تناولها عن طريق العضلات أو عن طريق العروق، حتى ولو وجد حرارتها في حلقه فإنها لا تفطر، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، فلا يثبت لها حكمهما، ولا عبرة بوجود الطعم في الحلق في غير الأكل والشرب، ولذا قال فقهاؤنا: "لو لطخ باطن قدمه بحنظل، فوجد طعمه في حلقه لم يفطر".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة "
حقيقة الصيام": "ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر الذي جعله الله ورسوله مفطراً هو ما كان واصلاً إلى دماغ أو بدن، أو ماكان داخلاً من منفذ، أو واصلاً إلى جوف، ونحو ذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله ورسوله" قال: "وإذا لم يكن دليل على تعليق الله ورسوله الحكم على هذا الوصف، كان قول القائل: إن الله ورسوله إنما جعل هذا مفطرًا لهذا قولاً بلا علم" انتهى كلامه رحمه الله.
النوع الخامس: إخراج الدم بالحجامة
، لقول النبي صلى الله عليهوسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) رواه أحمد وأبو داود من حديث شداد بن أوس، قال البخاري: "ليس في الباب أصح منه". وهذا مذهب الإمام أحمد وأكثر فقهاء الحديث.
وفي معنى إخراج الدم بالحجامة: إخراجه بالفصد ونحوه مما يؤثر على البدن كتأثير الحجامة.
وعلى هذا: فلا يجوز للصائم صوماً واجبا أن يتبرع بإخراج دمه، إلا أن يوجد مضطر له لا تندفع ضرورته إلا به، ولا ضرر على الصائم بسحب الدم منه، فيجوز للضرورة، ويفطر ذلك اليوم ويقضي.


وأما خروج الدم بالرعاف أو السعال، أو الباسور، أو قلع السن، أو شق الجرح، أو غرز الإبرة ونحوها، فلا يفطر، لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها، إذ لا يؤثر في البدن كتأثير الحجامة.
السادس: التقيؤ عمداً
، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض) رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الحاكم. ومعنى "ذرعه": غلبه.
ويفطر إذا تعمد القئ إما بالفعل، كعصر بطنه، أو غمز حلقه، أو بالشم مثل أن يشم شيئاً ليقئ به، أو بالنظر، كأن يتعمد النظر إلى شيء ليقئ به فيفطر بذلك كله. أما إذا حصل القئ بدون سبب منه فإنه لا يضر.

وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القئ لأن ذلك يضره، ولكن يتركه فلا يحاول القئ ولا منعه.
السابع: خروج دم الحيض والنفاس
، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟). فمتى رأت دم الحيض أو النفاس فسد صومها، سواء في أول النهار أم في آخره، ولو قبل الغروب بلحظة، وإن أحست بانتقال الدم ولم يبرز إلا بعد الغروب فصومها صحيح.


ويحرم على الصائم تناول هذه المفطرات إن كان صومه واجباً، كصوم رمضان والكفارة والنذر، إلا أن يكون له عذر يبيح الفطر، لأن من تلبس بواجب لزمه إتمامه إلا لعذر صحيح. ثم إن كان في نهار رمضان وجب عليه الإمساك بقية اليوم والقضاء، وإلا لزمه القضاء دون الإمساك. أما إن كان صومه تطوعاً فإنه يجوز له الفطر ولو بدون عذر، لكن الأولى الإتمام




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

إستقبال شهر رمضان و فضائله وفضائل الصوم

إستقبال شهر رمضان و فضائله وفضائل الصوم .

لا شك أن من نعمة الله على عباده أن منَّ عليهم بهذا الشهر العظيم، الذي جعله موسماً للخيرات، ومغتنماً لاكتساب الأعمال الصالحات، وفيه يضعف الثواب وتفتح أبواب الخير فيه لكل راغب، شهر الخيرات والبركات، شهر المنح والهبات، شهر الصيام والقيام .
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشـِّر أصحابه بمقدوم هذا الشهر المبارك ويحثهم على الاجتهاد بالأعمال الصالحة ، والاكثار من الطاعات وإغتنام أوقاتِ نهاره بالذكر والتسبيح وتلاوة القرأن ، ولياليه بالقيام نوافل من صلواتٍ وصدقات ، وبذل معروفٍ وإحسان ، وصبرٍ على طاعة الله ، وعمارة نهاره بالصيام وليله بالقيام ، وشَغْلِ أوقاته المباركة بالذكر والشكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن .

روى النسائي في سننه عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رس ل الله صلى الله عليه وسلم قال: (
أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم). (1) راه النسائي في كتاب الصيام باب فضل شهر رمضان صحيح الجامع رقم 55
ومن هذا الحديث يتبين لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينبه أصحابه بقدوم هذا الشهر وأنه شهر مبارك تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم وغل فيه المردة من الشياطين كما بين لهم صلواة الله عليه أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها حرم خيرا كثيرا وذلك لغفلته وبعده عن طاعة الله عز وجل وإتباعه لشهواته وملذات الدنيا

لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالضفر في هذا الشهر المبارك وأن يستقبلوه وهم عازمون على تجديد توبتهم بالتقرب إلى الله عز وجل بمختلف الطاعات التي بها ينالون الخير الذي عنده سبحانه وتعالى

ولعضمة هذا الشهر
فإن الله سبحانه وتعالى اختص شهر رمضان من بين الشهور بفضائل عديدة، وميزه بميزات كثيرة .
إنزال القرآن الكريم :

قال تعالى: {
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة 185].
ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله لشهر رمضان ميزة عضيمة وهي : إنزال القرآن فيه، لأجل هداية الناس من الظلمات إلى النور وتبصيرهم بالحق من الباطل بهذا الكتاب العظيم، المتضمن لما فيه صلاح البشرية وفلاحها، وسعادتها في الدنيا والآخرة.

تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار:

ومن فضائل هذا الشهر ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النار وصُفدت الشياطين) [أخرجه البخاري 1898، 1899، ومسلم 1079].
فدل هذا الحديث على مزايا عظيمة لهذا الشهر المبارك:

الأولى
: أنه تفتح فيه أبواب الجنة، وذلك لكثرة الأعمال الصالحة التي تشرع فيه، والتي تسبب دخول الجنة، كما قال تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) [النحل 32].
الثانية
: إغلاق أبواب النار في هذا الشهر، وذلك لقلة المعاصي التي تسبب دخولها، كما قال تعالى: ( فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى) [النازعات 37 ـ 39 ] وقال تعالى: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا) [الجن: 23].
الثالثة
: أنه تصفد فيه الشياطين، أي تغل وتوثق، فلا تستطيع إغواء المسلمين وإغراءهم بالمعاصي، وصرفهم عن العمل الصالح، كما كانت تفعل في غير هذا الشهر، ومنعها في هذا الشهر المبارك من مزاولة هذا العمل الخبيث إنما هو رحمة بالمسلمين لتتاح لهم الفرصة لفعل الخيرات وتكفير السيئات.
العتق من النار:

روى ابن ماجة في سننه قال: حدثنا أبو كريب ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة ) أي عند فطر الصائمون

فضائل الصيام

مضاعفة أجر الصائم:
وعنه كذلك
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه ) متفق عليه .
وفي رواية لمسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره فرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك) .

ومن هذا الحديث أن كل الاعمال الى العبد إلا الصيام فإنه لله عز وجل وهو يجزي عليه وكما جاء في الحديث ان الحسنة بعشرة أمثالها غلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فلا يعلم أجره إلا الله وكما قال تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر : 10]

وكذلك خلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك عند الله ، تلك الرائحة والغازات التي تنبعث من المعدة بعد خلوها من الطعام ، هي أطيب من ريح المسك عند الله تعالى لأنها في طاعة الله

ومن هذا الحديث كذلك أن للصائم فرحتين الفرحة الأولى عند فطره إذا أفطر فرح بفطره ، فرح بفطره من وجهين :

الوجه الأول:
أنه أدى فريضة من فرائض الله وأنعم الله بها عليه وكم من إنسان في المقابر يتمنى أن يصوم يوما واحدا فلا يكون له وهذا قد من الله عليه بالصوم فصام فهذه نعمة فكم من إنسان شرع في الصوم ولم يتمه فإذا أفطر فرح لأنه أدى فريضة من فرائض الله
الوجه الثاني:
ويفرح أيضا فرحا آخر وهو أن الله أحل له ما يوافق طبيعته من المآكل والمشارب والمناكح بعد أن كان ممنوعا منها .
وفرحة عند لقاء وهي كما قال الامام الملا علي القاري في شرح مشكاة المصابيح ربه أي بنيل الجزاء أو حصول الثناء أو الفوز باللقاء

تكفير الذنوب:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) .(متفق عليه)

قال ابن حجر في فتح الباري (والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضية صومه، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى. وقال الخطابي: احتسابا أي عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه
) أه .فمن صام هذا الشهر وهوموقن بفرضيته غير مستثقل له كان سببا في تكفير ذنوبه.
وقاية من النار:

وروي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( الصيام جنة وحصن حصين من النار ) رواه أحمد بإسناد حسن والبيهقي وحسنه الالباني رحمه الله

حصن حصين أي مانع قوي يقي الصائم من النار ويبعده عنها

قبول الدعاء :
روى الترمذي في جامعه عن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( ثلاثة لا ترد دعوتهم الأمام العادل والصائم حين يفطر ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء )

الصيام شفعاعة للعبد يوم القيامة:

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يقول الصيام أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان) . رواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الالباني رحمه الله .




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
الفقه واصوله

جمع النيات في الصوم


السؤال: تقول هل يجوز لمن عليها قضاء أيام من رمضان أن تصوم تطوعاً قبل أن تقضي وهل يجوز الجمع بين نيتي القضاء والتطوع مثل أن تصوم يوم عرفة قضاء عن يوم من رمضان وتطوعاً لفضله؟

الجواب:
الشيخ: صيام التطوع قبل قضاء رمضان إن كان بشيء تابع لرمضان كصيام ستة أيام من شوال فإن ذلك لا يجزئها وقد كثر السؤال في أيام شوال عن تقديم صوم ستة أيام من شوال من أجل إدراك الشهر قبل القضاء ومعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كأنما صام الدهر) فقال من صام رمضان ثم أتبعه ومن عليه قضاء من رمضان لم يكن قد صام رمضان وعلى هذا فصيام ستة أيام من شوال قبل قضاء رمضان لا يتبع الصيام ست من شوال لأنه لابد أن تكون هذه الأيام تابعة للشهر وبعد تمامه أما إذا كان التطوع بغير الأيام الستة أي بعدد صيام الأيام الستة من شوال فإن للعلماء كذلك قولين فمنهم من يرى أنه لا يجوز أن يتطوع من عليه قضاء رمضان بصوم نظراً لأن الواجب أهم فيبدأ به ومنهم من قال أنه يجوز عن التطوع لأن قضاء الصوم موسع إلى أن يبقى من شعبان بقدر ما عليه وإذا كان الواجب موسعاً فإن النفل قبله أي قبل فعله جائز كما لو تطوع بنفل قبل صلاة الفريضة مع سعت وقتها وعلى كل حال يعني حتى مع هذا الخلاف فإن البداية بالواجب هي الحكمة ولأن الواجب أهم ولأن الإنسان قد يموت قبل قضاء الواجب فحينئذٍ يكون مشغول به بهذا الواجب الذي أخره وأما إذا أراد أن يصوم هذا الواجب حين يشرع صومه من الأيام كصيام عشرة ذي الحجة وصيام عرفة وصوم عاشوراء أداء للواجب فإننا نرجو أن يثبت له أجر الواجب والنفل لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام لما سئل عن صوم يوم عرفة قال (احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) فأرجو أن يحقق الله له الأجرين أجر الواجب وأجر التطوع وإن كان الأفضل أن يجعل للواجب يوماً وللتطوع يوم آخر.

فتاوى نور على الدرب لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

هل يجوز صيام عشر ذي الحجة بنية القضاء
حدث أن صمت في العشرة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة تطوعاً، وأنا علي دينٌ من أيام رمضان، فهل يجوز قضاء أيام شهر رمضان في الأيام الأولى من شهر ذي الحجة؟

نعم الواجب من عليه دين أن يبدأ به قبل التطوع في شهر ذي الحجة وفي غيره وهكذا ست من شوال لا يصومها مع القضاء، يقدم القضاء.

فتاوى نور على الدرب لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله

السؤال الثاني من الفتوى رقم (11663)
س2: صيام ستة أيام من شوال يعتبر تطوعاً فإذا صامت المرأة ستة أيام من شوال فهل يكفي هذا أو يجزء عن صيام ما أفطرته في رمضان، أم عليها أن تصوم 12 يوماً منه قضاء ومنه تطوعاً وجزاكم الله خيراً؟
ج2: لا يكفي من عليه قضاء من شهر رمضان أن يصوم ستاً من شهر شوال عن القضاء تطوعاً بل يجب أن يصوم ما عليه من القضاء ثم يصوم ستة أيام من شوال إذا رغب في ذلك قبل انسلاخ الشهر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي،، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العبرة في شهر الصوم

العبرة في شهر الصوم

بقلم الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد حفظه الله
محاضرة ألقيت في مدرسة طيبة الثانوية ليلة الاثنين الموافق 16 شوال عام 1390 هـ

الدنيا دار ابتلاء وامتحان:

خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له، وقال في كتابه العزيز: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.. وجعل حياتهم الدنيوية موطناً لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}, ثم قال: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازى بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز, وذلك كقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ, وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ}.

موسم من مواسم الآخرة:

وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض فضل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}.. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه عباده المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل منبين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.

زيادة في الخير:

ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر). قال الحافظ المنذري: "رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وزاد وقال: "قلت: بكل يوم عشرة، قال: نعم"، ورواته رواة الصحيح". انتهى.
وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (كان كصيام الدهر) وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.

من خير إلى خير:

ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائماً بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَاب} نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطينأيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، إذا انتهت هذه الأيام جاءت أيام الحج الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) رواه البخاري ومسلم وغيرهما. وقال عنه صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، فلا يكاد المسلم يودع موسماً من مواسم الآخرة إلا استقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

العبرة من شهر الصوم:

وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء، والعياذ بالله.
وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.

وسأحاول فذ هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:
العقوبة على السيئة السيئَة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك وشغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلا ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فلفائدة التي يكسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات؛ لأن الله تعبد عباده حتى الممات.. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذا أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور، وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الزمن الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار لا يظلم مثقال ذرة { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }.
ثانياً:
الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلا هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي) . وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول أنا صائم ولا يعلم ذلك إلا الله تبارك وتعالى ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاتهوحجه وغير ذلك مما أوجبه الله فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهاراً بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام.
ثالثاً:
إن مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقا بالمساجد كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً:
وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام فالصيام عن الحلال والحرام معاً قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم وذلك أن الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بهاأوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعاً عن استعمالها في معصية من تفضل عليه بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.

فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه وامتناعها عن ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

واللسان شرع استعماله في كل معروف ومنع استعماله في كل ما هو منكر وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم .

وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل طلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}, {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}, وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ, حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ, وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بنجبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان، وقال له معاذ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: (ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة). رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه, ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: (من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) . رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) . وقال صلى الله عليه وسلم: (المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والحاصل أن الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجله عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضا الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له؛ لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائماً خوفاً من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند
لقاء ربه فالصائم يفرح عند فطره لأن النفس عند الفطر تتعاطى ما منعت منه وهو محبوب لها ولأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.

ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمن عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظات في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: (وماذا أعددت لها؟) مبيناً أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية، وقد قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} وذلك أن كل سفر لا بد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

كلمة ختامية:

واختتم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول:

إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز فيه برضا الرب جل جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس ، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذا ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد صح عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)، إنه الفضل العظيم من الله صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثاً أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام، سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.
ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها فمن يعصي الله بعيداً عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم، وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان
وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد علي رضي الله عن الجميع، وفيها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من السماء إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي أبو الحسنين ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.

وأسال الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين




جزاكم الله خير

للرفع بمناسبة قدوم شهر رمضان 2022

اعاده الله علينا بالاجر والثواب




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

العبرة في شهر الصوم*** الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد

تعليمية تعليمية

عنوان المقال: العبرة في شهر الصوم
فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد


محاضرة ألقيت في مدرسة طيبة الثانوية بالمدينة المنورة ونشرت في العدد الثاني من السنة الثالثة لمجلة الجامعة الإسلامية الصادر في شهر شوال عام 1390هـ. وطبعت أيضا ضمن مجموع: كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر في ثمانية مجلدات، دار التوحيد للنشر والتوزيع الرياض

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، فهذه المحاضرة: العبرة في شهر الصوم، فأقول:

الدنيا دار ابتلاء وامتحان

خلق الله عباده ليعبدوه وحده لا شريك له وقال في كتابه العزيز: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون﴾ [الذاريات:56]، وأرسل رسله الكرام ليرسموا لهم طريق العبادة، وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36]، وجعل حياتهم الدنيوية موطنا لابتلائهم وامتحانهم أيهم أحسن عملاً، وقال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ [الملك:2]، ثم قال: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور﴾ مبيناً أن هؤلاء الممتحنين منهم من يحسن في عمله فيجازي بما يقتضيه اسمه الغفور ومنهم من يسيء فيكون مستحقاً للعقوبة بما يقتضيه اسمه العزيز وذلك كقوله تعالى: ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم﴾ [الحجر:49-50].

موسم من مواسم الآخرة

وكما فضل الله بعض البشر على بعض وبعض الأماكن على بعض، فضّل بعض الزمان على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان المبارك وتمييزه على غيره واختياره ليكون محلاً لإيجاب الصوم على الناس ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ﴾ [القصص:68]. فلقد فضل الله هذا الشهر وجعله موسماً من مواسم الآخرة يتنافس فيه بعبادة الله المتنافسون ويتسابق فيه لتحصيل الفوز والزلفى عند الله المتسابقون، يتقربون فيه إلى ربهم بصيام النهار وقيام الليل وتلاوة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ويتقربون إلى الله بهذا وغيره من الطاعة مع الحذر والبعد عن المعصية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور.

زيادة في الخير

ولما فرض الله على العباد صيام شهر رمضان رغبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إنهائه بصيام ست من شوال ليعظم لهم الأجر وليكونوا كمن صام الدهر، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر». قال الحافظ المنذري: رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني. وزاد وقال: قلت: بكل يوم عشرة. قال: «نعم». ورواته رواة الصحيح. انتهى.

وذلك أن السنة أقصى حد لها ثلاثمائة وستون يوماً، فإذا أضيف إلى شهر رمضان ستة أيام من شوال وصيام كل يوم بعشرة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها يكون المسلم كأنه صام السنة كلها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «كان كصيام الدهر» وذلك فضل عظيم من الله فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.

من خير إلى خير

ومن فضل الله وإحسانه إلى عباده أن يسر لهم الأسباب التي ترفع في درجاتهم وتجعلهم على صلة وثيقة دائمة بعبادة ربهم فإذا مرت بهم أيام وليالي شهر رمضان التي يكفر الله فيها السيئات ويرفع الدرجات ويقيل العثرات تقربوا فيها إلى ربهم فإذا ما تصرمت أيامه وانتهت تلتها مباشرة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فإن يوم عيد الفطر الذي هو أول يوم من شهر شوال هو أول يوم في أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]. نعم إذا انتهت أيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد الشياطين، أيام الصيام التي قال الله تعالى عنها في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، إذا انتهت هذه الأيام جاءت بعدها أيام الحج الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة». رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فلا يكاد المسلم يودع موسما من مواسم الآخرة إلاَّ ويستقبل موسماً آخر ليكون على صلة مستمرة بعبادة خالقه وبارئه الذي أوجده من العدم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

العبرة من شهر الصوم

وهذا الموسم المبارك من مواسم الآخرة قد ودعته الأمة الإسلامية منذ أيام فطوبى لمن وفقه الله فيه للأعمال الصالحة وتفضل عليه بقبولها ويا خسارة من مرت به أيامه دون أن يقدم فيها لنفسه صالحاً يلقاه إذا غادر هذه الدار وما أعظم مصيبته إن كان قد شغل أيامه بما يرضي الشيطان ويتفق مع ما تهواه النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله.

وهذا الموسم العظيم الذي مرت بنا أيامه يشتمل على فوائد جمّة وعلى عبر وعظات تبعث في النفس محبة الخير ودوام التعلق بطاعة الله كما تكسب النفس بغض المعصية والبعد من الوقوع فيما يسخط الله عز وجل.

وسأحاول في هذه الكلمات تسجيل بعض تلك العبر والعظات التي يخرج بها المسلم معه من شهر الصيام والتي هي الحصيلة الطيبة له في تلك الأيام المباركة فأقول مستمداً من الله التوفيق والتسديد:

أوّلاً: إن أيام شهر رمضان إذا مرت بالمسلم فهي فرصة من فرص العمر قد تسنح له هذه الفرصة مرة أخرى أو أكثر وقد يوافيه الأجل المحتوم قبل بلوغ ذلك، والمهم في الأمر أن تكون هذه الفرصة قد انتهزت بشغلها في الطاعة والبعد من المعصية وأهم من ذلك أن تحصل المداومة على ذلك، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها كما أن من العقوبة على السيئة السيئة بعدها وذلك أن المسلم الناصح لنفسه إذا وفق لبلوغ هذا الشهر المبارك شغله في طاعة ربه الذي خلقه لعبادته وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فارتاحت نفسه للأعمال الصالحة وتحرك قلبه للآخرة التي هي المستقر والمنتهى والتي لا ينفع الإنسان فيها إلاَّ ما قدمت يداه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاَّ من أتى الله بقلب سليم، نعم إذا ألفت النفس الطاعة في تلك الأيام المباركة رغبة فيما عند الله وكفت عن المعصية خوفاً من عقاب الله فالفائدة التي يكتسبها المسلم من ذلك والعبرة التي يجب أن تكون معه بعد ذلك أن يلازم فعل الطاعات واجتناب المنهيات لأن الله تعبد عباده حتى الممات ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾ [الحجر:99]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾ [آل عمران:102]، فلا يليق بالمسلم وقد ذاق طعم الطاعة في شهر الصيام أن يحل محل تلك الحلاوة مرارة المعصية، ولا يسوغ له إذ أرغم عدوه في شهر الصيام أن يدخل عليه السرور في شهر شوال وما بعده من الشهور وليس من صفات المسلم الناصح لنفسه أن يودع فعل الخيرات مع توديع شهر الصيام فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير فالمعبود في رمضان وغير رمضان حي لا يموت قيوم لا ينام، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل وعمل الليل قبل عمل النهار، لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما.

ثانياً: الصيام سر بين العبد وبين ربه لا يطلع على حقيقته إلاَّ هو سبحانه وتعالى ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلاَّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»، وذلك أن بإمكان العبد أن يختفي عن الناس ويغلق على نفسه الأبواب ويأكل ويشرب ثم يخرج إلى الناس ويقول إنه صائم ولا يعلم ذلك إلاَّ الله تبارك وتعالى، ولكن يمنعه من ذلك اطلاع الله عليه ومراقبته له وهذا شيء يحمد عليه الإنسان والعبرة من ذلك أن يدرك أيضاً أن الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصيامه هو الذي يخشى إذا أخل الإنسان بصلاته وزكاته وحجه وغير ذلك مما أوجبه الله، فالذي فرض الصيام هو الذي فرض الصلاة، والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، ولعظم شأنها وكونها هي الصلة المستمرة ليلا ونهارا بين العبد وبين ربه افترضها الله على نبيه ليلة عرج به إلى السماء فإذا وجد المسلم أن إخلاله بالصيام كبير وعظيم، فيجب أن يجد ويدرك أن حصول ذلك منه في الصلاة أكبر وأعظم وتلك من أجل الفوائد وأعظم العبر التي يستفيدها المسلم من شهر الصيام.

ثالثاً: إنَّ مما يشرح الصدر ويدخل السرور على النفوس الطيبة أن تكون المساجد عامرة بالمصلين في شهر رمضان ويكون انشراحها أعظم والسرور أكبر في المداومة على ذلك، فالفائدة التي يليق بالمسلم بعد الذي شاهده في تلك الأيام من اكتظاظ المساجد بالمصلين أن يعقد العزم ويصمم على أن يكون ممن يداوم على هذا الخير ليكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاَّ ظله، فإن من بينهم الرجل الذي يكون قلبه معلقاً بالمساجد، كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان، أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة عمر الإنسان فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام ويصوم طيلة حياته عن الحرام، فالصيام عن الحلال والحرام معا قد مرت أيامه أما الصيام عن الحرام فهو مستمر دائم، وذلك أن الصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء، والصوم الشرعي: هو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والمعنى الشرعي جزء من جزئيات المعنى اللغوي فكما يطلق المعنى اللغوي على المعنى الشرعي فهو يشمله ويشمل غيره ومن ذلك الامتناع عن الحرام، فامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما منعت منه هو صيام من حيث اللغة وذلك أن الله تفضل على العباد بهذه النعم التي لا غنى لهم عنها ولكن الله كما امتن عليهم بها أوجب عليهم استعمالها فيما يرضيه وحرم عليهم استعمالها فيما يسخطه، ومن أعظم شكر الله على هذه النعم أن يكون المسلم مستعملاً لها حيث أمر أن يستعملها فيه ممتنعا عن استعمالها في معصية من تفضل بها وبكل نعمة ظاهرة وباطنة سبحانه وتعالى.

فالعين شرع استعمالها في النظر إلى ما أحل الله ومنع من استعمالها في النظر إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والأذن شرع استعمالها في استماع ما أبيح لها وحرم على العبد استعمالها في سماع ما لا يجوز سماعه، وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

واليد شرع استعمالها في تعاطي ما هو مباح ومنع من استعمالها في كل حرام وامتناعها من ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والرجل شرع استعمالها في المشي إلى كل خير ومنع من المشي فيها إلى الحرام وامتناعها عن ذلك صيامها وحكمه مستمر دائم.

والفرج أبيح استعماله في الحلال ومنع من استعماله في الحرام وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم.

وقد وعد الله من شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل وتوعد من لم يحافظ عليها ولم يراع ما أريد استعمالها فيه بل أطلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه بل يرضي الشيطان الذي هو عدو الله وعدو المخلصين من عباد الله، توعده بعقابه وأخبر أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه وهو مسؤول عنها فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾ [الإسراء:36]، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ [يس:65]، وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ [فصلت:19-21].

وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه بعد أن أمره بحفظ اللسان. وقال له معاذ: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاَّ حصائد ألسنتهم؟». رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة». رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، ورواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «من وقاه الله شر ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة».

وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجا من حديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعاً: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات». أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والحاصل أنَّ الله أوجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجليه عن الحرام وهو صيام من حيث اللغة، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله تعالى ليفوز برضى الله ويسلم من سخطه وعقوبته، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحل الله له، لأن الله حرم عليه تعاطي ذلك في أيام شهر رمضان فالعبرة من ذلك أن يدرك أن الله قد حرم عليه الحرام مدة حياته وعليه الكف عن ذلك والامتناع منه دائما خوفا من عقاب الله الذي أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه.

وقد أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي عن ربه أن للصائم فرحتين، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فالصائم يفرح عند فطره؛ لأنه قد وفق لإنهاء الصيام الذي جزاؤه عظيم عند الله ويفرح الفرحة الكبرى عند لقاء ربه حيث يجازيه على صيامه الجزاء الأوفى.

ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور وفرجه عما حرم الله عليه ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه وسمعه من سماع ما يحرم سماعه وبصره عما حرم الله النظر إليه واستعمل هذه الجوارح فيما أحل الله من حفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله، فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم وأول ما يلاقيه من ذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمنين عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه في آخر لحظاته في الدنيا ملائكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول: «يا أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان»، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء إلى آخر ما بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مما يجري بعد ذلك، وهذه هي البوادر الطيبة التي يجدها أمامه من حرص على سعادة نفسه وسعى في خلاصها مما يفضي بها إلى الهلاك والدمار، ولهذا أرشد النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه الرجل الذي سأله عن قيام الساعة إلى ما هو أهم من قيامها وهو الاستعداد لها بالأعمال الصالحة فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن قيامها: «وماذا أعددت لها»، مبينا أن الإنسان في حياته الدنيوية عليه الاستعداد لحياته الأخروية وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب﴾ [البقرة:197]، وذلك أن كل سفر لابد فيه من زاد يناسبه والسفر إلى الآخرة زاده تقوى الله والعمل بطاعته والسير على النهج القويم الذي جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

كلمة ختامية

وأختم هذه المحاضرة بكلمة تخصنا معشر الذين امتن الله عليهم بسكنى طيبة الطيبة دار الهجرة والعاصمة الأولى للمسلمين فأقول: إن شهر رمضان المبارك شهر شرفه الله وخصه بخصائص لا توجد في غيره وقد ودعناه نحن وسائر الأمة الإسلامية منذ أيام، ونرجو أن نكون جميعاً ممن فاز برضى الرب جلّ جلاله والذي أحب أن أذكره هنا هو أنه إذا كان هذا الوقت المفضل والزمن المقدس قد مضى وذهب عنا وعن سائر المسلمين في كل مكان فإن لدينا ولله الحمد والمنة المكان المقدس، فقد جمع الله لنا في شهر رمضان بين شرف الزمان وشرف المكان وإذ ذهب شرف الزمان فإن شرف المكان باق موجود، فها هي بين أيدينا سوق من أسواق الآخرة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلى الله عليه وسلم: « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام »، إنه لفضل عظيم من الله، صلاة في هذا المسجد المبارك مسجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام تفوق ألف صلاة في سائر المساجد سوى المسجد الحرام، إن المشتغلين في التجارة الدنيوية يتحرون المواسم التي تنفق فيها السلع وتروج فيها التجارة فيتجشمون الأخطار ويقطعون الفيافي وينتقلون بتجارتهم من مكان إلى آخر إذا علموا أن السلعة التي تساوي ريالاً واحداً قد تباع بريالين اثنين، هذا أمر لا مرية فيه ولا شك، ونحن في هذا البلد الطيب الصلاة الواحدة في مسجد سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لا تساوي صلاتين أو ثلاثا أو عشراً أو مائة فحسب بل تفوق ألف صلاة في غيره سوى المسجد الحرام. سبحان الله ما أعظم فضله وأوسع جوده وإحسانه فله الحمد والشكر على نعمه.

ولا يفوتني أن أقول: كما أن النعمة من الله علينا في سكنى طيبة الطيبة عظيمة والمنة جسيمة، فإن علينا أن لا ننسى أنه على قدر النعمة تكون المسؤولية فكما أن الإحسان في هذا المكان المقدس أجره عظيم عند الله فإن الإساءة فيه ليست كالإساءة في الأمكنة الأخرى التي لا تفضيل فيها، فمن يعصي الله بعيدا عن الحرم ليس كمن يعصيه في الحرم وليس من يرتكب الحرام وهو في المشرق والمغرب كمن يقترف الذنوب في مكة المكرمة أو المدينة المنورة فإن البون شاسع بين هذا وذاك، فالمدينة المنورة أعز مكان وأقدس بقعة على وجه الأرض بعد مكة المكرمة فهي تلي مكة في الفضل ويليها المسجد الأقصى وهذه المدينة المباركة هي منطلق الرسالة ومنها شع النور إلى سائر أنحاء الأرض وهي المركز الرئيسي والعاصمة الأولى للمسلمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ هاجر إليها وفي زمن أبي بكر وعمر وعثمان وبعض من عهد عليّ رضي الله عن الجميع، وفيها قُبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذه الأرض نزل جبريل عليه السلام بالوحي من الله إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهي الأرض المشتملة على أول جامعة إسلامية أبرز خريجيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعليّ أبو الحسنين رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين، وهي الأرض التي مستها أقدام صفوة الصفوة وخلاصة الخلاصة من البشر بعد الأنبياء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين، فجدير بنا وقد أكرمنا الله بالبقاء فيها أن نتزود فيها من الأعمال الصالحة التي تنفعنا بعد الموت وأن نكون على حذر من الوقوع فيها بما يسخط الله عز وجل.

وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً ممن تقبل الله صيامه وقيامه وأن يرزقنا في هذا البلد الطيب طيب الإقامة وحسن الأدب وأن يحسن لنا الختام، كما أرجوه سبحانه أن يمن على المسلمين في سائر أنحاء الأرض بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

منقول من موقع راية الإصلاح
http://www.rayatalislah.com/Ramadhan…ticle.php?id=4

منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
ادارة الابتدائيات والمعلميين والأولياء

فوائد الصوم بلسان الأوروبيين

تابعوا هدا البرنامج اخوتي بعد انتهاء مقدمة البرنامج تجد مركز في اوربا يعالج الناس بالصيام والمدهش قول الطبيب ان الصيام يزيد القوة ويطيل العمر بل وينصح مرضاه ان يصوموا يومين في الاسبوع لاحظوا وصلوا على النبي وادعو لي دعوة خير




التصنيفات
المواسم الإسلامية وفضائل الأيام والشهور

أثر الصوم على الجسم

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الموضوع بمناسبة شهر رمضان المبارك

تأثير الصيام على اجزاء الجسم بالصور

..تأثير الصيام على الدماغ..

تعليمية
تأثير الصيام على الجلد ..

تعليمية

.. تأثير الصيام على القلب ..

تعليمية

تأثير الصيام على الدم ..

تعليمية

تأثير الصيام على الجهاز الهضمي ..

تعليمية

تأثير الصيام على البنكرياس ..

تعليمية

تأثير الصيام على الكبد

تعليمية

تأثير الصيام على الكلى ..

تعليمية
ولا نملك الا ان نحمده سبحانه وتعالى على كل نعمه انعم بها علينا ..
وسبحانه إنه على كل شي قدير.

منقول للأمانة [/size]




بارك الله فيك على المعلومات القيمية

دوما سباقة لفعل الخير ونشر العلم ان شاء الله لا تبخلي علينا بمثل هذه المعلومات القيمية




التصنيفات
السنة الثانية متوسط

الصوم و أحكامه السنة الثانية متوسط

تعليمية تعليمية
السنة الثانية متوسط
الدورة الأولى : قوة الإرادة وضبط النفس
المجال: العبادات
الموضوع: 1ـالصوم وأحكامه
أحكامه , السنة الثانية متوسط , الصوم , الصوم واحكامه , درس التربية الاسلامية , درس الصوم
الكفاءة القاعدية: القدرة : ـ على أداء الصوم أداء صحيحا بمراعاة أحكامه . ـوعلى تعريف الصوم وتعداد شروطه وأركانه . مؤشر الكفاءة:ـ يعرف التلميذ الصوم لغة وشرعا ويذكرأهميته و فضل شهر رمضان. ـ ويصوم رمضان مع مراعاة أحكامه وآدابه.
ـ ويحفظ النص المعتمد حفظا جيدا.
الوسائل: الكتاب ص 12, السبورة, المصحف, مراجع أخرى….
النص المعتمد : الحديث:" عليك بالصوم….

أولا ـ وضعية الانطلاق:
1 ـ تمهيد: ما هي الصفات التي يجب أن يتصف بها المسلم؟ كيف يكتسبها ؟
2 ـ تقديم الدرس: ما هي أركان الإسلام ؟ ما هي العبادة التي تعتبر سرا بين المسلم وربه ؟
الهدف الوسيطي : يدرك التلميذ أن الصوم من العبادات العظيمة .
ثانياـ بناء التعلم :
1ـ يستمع التلميذ إلى قراءة الأستاذ للنص المعتمد .
2 ـ يقرأ بعض التلاميذ النص المعتمد مع مراعاة حسن الأداء .
3 ـ الفهم العام :
أ ـ شرح المفردات : عليك بالصوم : صم , شهد: حضر .
ب ـ الأسئلة: علام يحث رسول الله (ص) ؟ من يصوم ؟
4 ـ تعميق الفهم:
أ ـ استقبال شهر رمضان: كيف يستقبل المسلمون شهر رمضان ؟
نستعد لاستقبال رمضان استعدادا روحيا: الفرح, التوبة النصوح, دعاء الله أن يبلغنا رمضان, الاستعداد لاستغلاله في الصلاة وفعل الخيروترك الشر.
ب ـ فضل شهر رمضان: بم يتميز شهر رمضان عن غيره ؟
1ـ هو شهر الصيام أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
2 ـفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
3ـ هو شهر تلاوة القرآن ومواساة الفقراء .
4ـ فيه يستجاب الدعاء وتضاعف الحسنات, وتفتح الجنان وتغلق النيران .
ج ـ تعريف الصوم : ما معنى الصوم لغة ؟ وشرعا ؟
الصوم لغة هو الامتناع عن شيء معين: الصوم, الكلام…., وشرعا هو الإمساك(الامتناع) عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب من الله , وهو نوعان: صوم فرض وصوم تطوع .
دـ ثبوت شهر رمضان : بم يثبت دخول شهر رمضان ؟
يثبت دخول شهر رمضان :1 ـ برؤية مسلمين عدلين للهلال وإخبارهما للسلطات المختصة .
2 ـ أو إكمال شعبان ثلاثين يوما في حالة تعذر الرؤية قال رسول الله(ص):"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما."
د ـ حكم صوم رمضان ودليله: ما حكم صيام رمضان ؟ هاتوا الدليل على فرضيته ؟
1 ـ صيام شهر رمضان فرض ثابت بالكتاب والسنة على كل من توفرت فيه شروطه, وتمت فرضيته في شعبان سنة 2 ه.
2 ـ قال تعالى:" فمن شهد منكم الشهر فليصمه." البقرة:185 , وقال رسول الله:" بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا."
ه ـأهمية الصوم في الإسلام: أين تظهر أهمية الصوم؟
الصوم هو جنة للصائم من الوقوع في المعاصي.
و ـ شروط الصوم:من يجب عليه الصوم ؟
1 ـ الإسلام, 2 ـ البلوغ, 3 ـ العقل, 4 ـ القدرة على الصوم, 5 ـ طهارة المرأة من دم الحيض والنفاس, 6 ـ الإقامة,7 ـ دخول الشهر .
تنبيه: ـ الصبي والمسافر لا يجب عليهما الصوم وإذا صاما يصح صومهما .
ـالمجنون والحائض والنفساء لايجب عليهم الصوم ولا يصح منهم .
ز ـ أركان الصوم: ما هي أركان الصوم؟
1 ـ النية,2 ـ الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى مغرب الشمس.
ح ـ سنن الصوم: ما هي سنن الصوم ؟
1 ـ تأخير السحور,2 ـ تعجيل الإفطارويكون بالتمر أو الماء أو شيء حلو, الدعاء عند الإفطار .
ط ـ مستحبات الصوم: ماذا يستحب في الصيام؟
1 ـ الإكثار من الصدقات,2 ـ الاجتهاد في العبادة (تلاوة القرآن, الصلاة, الدعاء) وخاصة في العشر الأواخر….
ي ـ ما يباح للصائم: ماالذي لايفسد الصوم؟
1 ـ الحقنة,2 ـ المضمضة,3 ـ البخاخة للمريض,4 ـ التعطر,5 ـ الاكتحال والادهان إذا لم يصلا إلى الحلق.
ك ـ مبيحات الفطر: من يباح لهم الإفطار في نهار رمضان؟
1 ـ السفر, 2 ـ الحمل, 3 ـ شدة الجوع, 4 ـ الإرضاع, الهرم,6 ـ المرض الشديد,7 ـ شدة الجوع والعطش.
ل ـ الآثار التربوية للصوم:ماذا يغرس فينا الصوم؟
الصوم يربينا على التسلح بالصبر ويغرس فينا أخلاقا حميدة:1 ـ الرحمة, الميل إلى فعل الخير,2 ـ ويفيد الصحة,3 ـ ويذكرنا بنعم الله علينا.
تقويم بنائي:ما هو الصوم شرعا؟ هل يوجد صوم آخر؟ ما هو؟ على من يجب ؟ متى يصح؟ماذا نجني من الصوم؟ من يستفيد من
الصوم؟
6- الهدف الوسيطي: يدرك التلميذ فضل الصوم وفائدته للفرد والمجتمع.
ثالثا ـ المرحلة الختامية:
1- قراءات متعددة للنص المعتمد ونصوص أخرى في الكتاب.
2- تقويم ختامي: لماذا فرض الله الصوم؟ هل هو عبادة مختصة بالإسلام؟ ما واجبكم؟
3- الهدف الوسيطي: يحب التلميذ عبادة الصوم ويحرص على أدائها على الوجه الأمثل.
4- المطلوب: حفظ النص المعتمد .
أحكامه , السنة الثانية متوسط , الصوم , الصوم واحكامه , درس التربية الاسلامية , درس الصوم


تعليمية تعليمية




جزاك الله عن هذا الموضوع خير الجزاء

ان شاء الله يستفيد منه الجميع




شكرا علي درس الصوم و احكامه للسنة الثانية متوسط