التصنيفات
اسلاميات عامة

في واجبات الزوجة تجاه زوجها

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فقد أثبت الله تعالى لكلٍّ من الزّوجين حقوقًا على صاحبه، وحقُّ كلِّ واحدٍ منهما يقابله واجبُ الآخر، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا»(١- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030))، غير أنَّ الرجل -لاعتباراتٍ مميَّزةٍ- خصَّه الله تعالى بمزيدِ درجةٍ لقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228].
وحقوق الزوجية ثلاثةٌ: بعضها مشتركٌ بين الزوجين، وبعضها خاصٌّ بكلٍّ منهما على حدةٍ، وهما: حقُّ الزوجة على زوجها، وحقُّ الزوج على زوجته.
وسأقتصر -في هذا المقام- على ذكر ما أوجبه الله تعالى على الزوجة من التزاماتٍ وآدابٍ أخلاقيّةٍ تقوم بها تجاه زوجها، وهي مسئولةٌ أمام الله تعالى عن ضياع حقوقه المرتبطة بها أو التقصير فيها، ويمكن أن أستجمعَ هذه الالتزاماتِ المناطةَ بها على ما يأتي:
أوَّلاً: طاعة الزوج بالمعروف
لأنَّ هذه الطاعة مأمورٌ بها شرعًا، وهي سبب الحفاظ على الحياة الزوجية من التصدُّع والانشقاق الذي قد يؤدِّي إلى انهيار كيان الأسرة، فالطاعة تقوِّي المحبَّة القلبية بين الزوجين، وتُعَمِّق صلاتِ التآلف بين سائر أفراد الأسرة، وتُبْعد خطر التفكُّك المتولِّد -غالبًا- من آفة الجدل العقيم، والعناد المنفِّر، وكفران العشير.
كما أنَّ طاعة الزوج تمنحه الإحساس بالقوَّة للقيام بمسئوليَّته، وتدفعه لتحقيق القوامة بكلِّ جدارةٍ تجاه زوجته، وذلك بإلزامها بحقوق الله تعالى والمحافظة على فرائضه، وإبعادها عن المفاسد وكفِّها عن المظالم، مع القيام برعاية أسرته والإنفاق عليها بما حباه الله تعالى من خصائص العقل والقوَّة؛ لقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النّساء: 34]، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله-: «أي: الرجل قَيِّمٌ على المرأة، أي: هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدِّبها إذا اعوجَّت»(٢- «تفسير ابن كثير» (1/ 491))، ولمَّا كان فضلُ الله على الرجل ظاهرًا من وجوهٍ متعدِّدةٍ، سواء من جهة الولايات أو اختصاصه بالعبادات كالجُمع والجهاد، وتكليفه بعموم النفقات؛ جعل الله وظيفة المرأة القيامَ بطاعة ربِّها وطاعةِ زوجها بالمعروف، وطاعتُه مِن طاعة الله تعالى؛ لقولِه تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾ [النساء: 34]، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ»(٣- أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 191)، وابن حبَّان في «صحيحه» بنحوه (4163)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «آداب الزفاف» (214)، وصحَّحه في «صحيح الجامع» (660))، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللهِ، لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ»(٤- أخرجه ابن ماجه في «النكاح» باب حقِّ الزوج على المرأة (1853)، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما في قصَّة معاذٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 56): رقم (1998). جاء في: [«لسان العرب» (1/ 661)]: «ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ: إكاف البعير؛ وقيل: هو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير. وفي «الصحاح»: رَحْلٌ صغيرٌ على قدر السنام»، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم في «غريب الحديث» (4/ 330): «كنَّا نرى أن المعنى أن يكون ذلك وهي تسير على ظهر البعير، فجاء التفسير في بعض الحديث بغير ذلك: أنَّ المرأة كانت إذا حضر نفاسُها أُجْلِسَتْ على قتبٍ ليكون أسلس لولادتها»)، وأمر الزوجَ -من جهةٍ أخرى- أن لا يعاقبَ زوجته على تفريطها في أمورٍ سابقةٍ، ولا على إفراطها في معاملاتٍ ماضيةٍ، ولا أن ينقِّب عن العيوب المضرَّة إذا حصلتْ له الطاعة وتحقَّقت الرغبة، تفاديًا لأيِّ فسادٍ قد ينجرُّ عن الملامة، ودرءًا لأيِّ شرٍّ قد يتولَّد عن المتابعة بالمعاتبة؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ [النساء: 34].
ثانيًا: صيانة عِرض الزوج والمحافظة على ماله وولده
وذلك لقوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾ [النساء: 34]، قال ابن كثيرٍ -رحمه الله-: «﴿فَالصَّالِحَاتُ﴾ أي: من النساء. ﴿قَانِتَاتٌ﴾: قال ابن عبَّاسٍ وغير واحدٍ: يعني مطيعاتٌ لأزواجهن. ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾: قال السُّدِّي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله»(٥- «تفسير ابن كثير» (1/ 491))، ومن صيانة عِرض الزوج أن لا تخونَه بالتطلُّع إلى غيره ولو بنظرةٍ مريبةٍ، أو كلمةٍ مهيِّجةٍ فاتنةٍ، أو موعدٍ غادرٍ، أو لقاءٍ آثمٍ، فهي تصون عِرْض زوجها وتحافظ على شرفها.
كما أنها ترعى ماله بأنْ لا تأخذَ منه شيئًا، ولا تتصرَّف فيه إلاَّ بعد استشارته وإذنه، وتربِّي أولادها على هذا الخُلُق؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ»(٦- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: المرأة راعيةٌ في بيت زوجها (5200)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 887) رقم (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما)، بل هي مأمورةٌ شرعًا باستشارته واستئذانه حتى في مالها الخاصِّ بها؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْتَهِكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا إِلاَّ بِإذْنِ زَوْجِهَا»(٧- أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 83)، من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 405) رقم: (775))، وذلك من تمام قوامة الرجل عليها.
ثالثًا: رعاية شعور الزوج ومراعاة كرامته وإحساسه
فتحرص الزوجة على أن لا يرى منها زوجها في بيته إلاَّ ما يسرُّه من حسن المظهر والهيئة، والزينة وطلاقة الوجه، وأن لا يسمعَ منها إلاَّ ما يُرضيه من حسنِ الخطاب وجميلِ الكلام، وعباراتِ التقدير والاحترام، ولا يجدَ منها إلا ما يحبُّ ويُفرح، فلا تُغضبه ولا تسيء إليه؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَنِسَاؤُكُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ الْوَدُودُ الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا غَضِبَ جَاءَتْ حَتَّى تَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقُولُ: لاَ أَذُوقُ غَمْضًا حَتَّى تَرْضَى»(٨- أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 418)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 578) رقم: (287))، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلاَ تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ»(٩- أخرجه النسائي في «النكاح» باب: أيُّ النساء خير (3231)، وأحمد في «مسنده» (2/ 251). وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (13/ 153)، وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (6/ 197) رقم: (1786)).
وفي هذا المضمون التوجيهي، قالت أسماءُ بنت خارجةَ الفزارية وهي تزفُّ ابنتها إلى زوجها ليلةَ عرسها: «يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ خَرَجْتِ مِنَ العُشِّ الَّذِي فِيهِ دَرَجْتِ، فَصِرْتِ إِلَى فِرَاشٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ، وَقَرِينٍ لَمْ تَأْلَفِيهِ، فَكُونِي لَهُ أَرْضًا يَكُنْ لَكِ سَمَاءً، وَكُونِي لَهُ مِهَادًا يَكُنْ لَكِ عِمَادًا، وَكُونِي لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَكِ عَبْدًا، وَلاَ تُلْحِفِي بِهِ فَيَقْلاَكِ(١٠- قال الأزهري في: [«تهذيب اللغة» (9/ 225)]: «وكلام العرب الفصيحُ: قَلاه يقلِيه قِلًى ومَقلِيةً: إِذا أبغضه، ولغةٌ أُخْرَى وليست بجيِّدة: قلاه يقلاه، وهي قليلةٌ») وَلاَ تَبَاعَدِي عَنْهُ فَيَنْسَاكِ، وَإِنْ دَنَا مِنْكِ فَادْنِي مِنْهُ، وَإِنْ نَأَى عَنْكِ فَابْعُدِي عَنْهُ، وَاحْفَظِي أَنْفَهُ وَسَمْعَهُ وَعَيْنَهُ … فَلاَ يَشُمَّنَّ مِنْكِ إِلاَّ طَيِّبًا، وَلاَ يَسْمَعْ إِلاَّ حَسَنًا، وَلاَ يَنْظُرْ إِلاَّ جَمِيلاً..»(١١- «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (2/ 58)، و«دائرة معارف الأسرة المسلمة» (46/ 206)).
فتلزم بيت زوجها، ولا تخرج منه إلاَّ بإذنه ورضاه، ولا تُدخل بيتَه من يكره أو تُلِحُّ عليه فيما يأباه ويحرجه؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «… فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ»(١٢- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «الإرواء» (7/ 96) رقم: (2030))، ولقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»(١٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195)، ومسلم في «الزكاة» (1/ 455) رقم: (1026)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ولا ترفع صوتها عليه، ولا تُفحش بلسانها أو تنطق بالبذاء معه أو مع والديه وأقاربه؛ لقوله تعالى: ﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: 148].
والواجب أن تُعامل أقاربه بالإحسان والبرِّ على الوجه الذي يعاملهم به زوجها ، فإنَّ ذلك يُفرح الزوجَ ويَسرُّه ويُثلج صدرَه ويُؤنسه، وما أحسنتْ إلى زوجها أبدًا من أساءتْ إلى والدَيْه وأقاربه، وإذا كانت الدعوةُ إلى صلة وُدِّ الوالد ثابتةً في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إنَّ أَبَرَّ البِرِّ صِلَةُ الولدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»(١٤- أخرجه مسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (2/ 1189) رقم: (2552)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، فإنَّ الزوجة أحرى بأن تحفظ وُدَّ أهل زوجها.
هذا، وينبغي للزوجة الصالحة أن تلتزم الحذرَ بأنْ لا تكونَ سببا في إغضاب ربِّها أو في زلزلة العلاقة الزوجية، أو تعكير صفائها، وذلك بوقوعها في المحاذير التالية:
المحذور الأوَّل: طاعة الزوج في معصية الله
والمعلوم أنَّ طاعة الزوج مشروطةٌ بأنْ تكون في المعروف، وهو كلُّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه والإحسان إلى الناس، وفعلِ ما ندب إليه الشرعُ، وتركِ ما نهى عنه، فإنْ أمرها الزوج بمعصية الله أو مخالفة شريعته أو تجاوُزِ حدوده فلا سمْعَ عليها ولا طاعةَ؛ لأنَّ طاعة ربِّها أَوْلى بالتقديم من طاعته؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»(١٥- أخرجه البخاري في «الأحكام» باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 892) رقم: (1840)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه)، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»(١٦- أخرجه أحمد في «المسند» (5/ 66)، والطبراني في «المعجم الكبير» (18/ 170) واللفظ له، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (7520))، ومن لوازم ذلك أن تأخذَ نصيبها الواجب من العلم الشرعي لإصلاح دينها وتزكية نفسها، فترتسم لها حدود الله ظاهرةً لئلاَّ تتجاوزها بطاعة زوجها.

المحذور الثاني: إيذاء الزوج
والواجب على الزوجة أن تتحاشى أذيَّة زوجها بالقول أو الفعل، سواء في عِرْضه أو ماله أو ولده، فلا تحتقره أو تغتابه أو تعيبه أو تسخر منه أو تنبزه بلقبِ سوءٍ، أو تعامله بما لا يحبُّ أن يُعامَل به، ويكفي إنذارًا للزوجة المؤذية دعاءُ الحورِ العينِ عليها الثابتُ في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ: لاَ تُؤْذِيهِ، قَاتَلَكِ اللهُ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا»(١٧- أخرجه الترمذي في «الرضاع» (1174)، وأحمد في «مسنده» (5/ 242)، من حديث معاذ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 334) رقم: (173))، ومن وجوه الأذيَّة أنْ تَمُنَّ عليه إذا أنفقتْ عليه وعلى أولاده من مالها، فإنَّ المنَّ -بغضِّ النظر عن إيذاء الزوج به- يُبطل الأجرَ والثواب، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى﴾ [البقرة: 264]، ومن وجوه أذيَّته -أيضًا- تكليفُه فوق طاقته، بل عليها أن ترضى باليسير وتقنعَ به حتى يفتحَ الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7].
المحذور الثالث: إسخاط الزوج
وعلى الزوجة أن تجتنبَ ما يُغضب الزوجَ ويكرهه من عموم معاملاتها وتصرُّفاتها معه أو مع والديه وأقاربه، مما لا يسرُّه ولا يرضاه على أن يكونَ في حيِّز المعروف -كما تقدَّم-؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»(١٨- أخرجه الترمذي في «الصلاة» بابٌ فيمن أمَّ قومًا وهُمْ له كارهون (360)، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (3057))، قال أهل العلم: «هذا إذا كان السخط لسوء خُلُقها، أو سوء أدبها، أو قلَّة طاعتها، أمَّا إن كان سخطُ زوجِها من غير جُرْمٍ فلا إثْمَ عليها»(١٩- «تحفة الأحوذيِّ» للمباركفوري (2/ 344)).
المحذور الرابع: كفر إحسان الزوج
وعلى الزوجة أن تحذرَ الوقوعَ في جحد نعمة الزوج وإحسانه إليها، والواجبُ عليها أن تعترفَ بإحسانه وعطائه، وتشكرَه على فضله ونِعَمِه، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لاَ تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ»(٢٠- أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 207)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 294). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 581) رقم: (289))، ذلك لأنَّ شُكر نعمة الزوج هو من باب شُكر نعمة الله تعالى: و«مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللهَ»(٢١- أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في شكر المعروف (4811)، والترمذي في «البرِّ والصلة» باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (1954) واللفظ له، وأحمد في «مسنده» (2/ 295)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ«مسند أحمد» (15/ 83)، والألباني في «صحيح الجامع» (6601)، وهو في «السلسلة الصحيحة» (1/ 776) رقم: (416) من حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه) كما ثبت في الحديث، إذ كلُّ نعمةٍ قدَّمها العشير إلى أهله فهي معدودةٌ من نعمة الله أجراها على يد العشير، وقد جاء التحذيرُ من كفرانِ الحقوق، وتركِ شكرِ المُنْعِمِ في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ»، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «بِكُفْرِهِنَّ»، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: «بِكُفْرِ الْعَشِيرِ، وَبِكُفْرِ الإِحْسَانِ: لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ»(٢٢- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب كفران العشير، وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة (5197)، ومسلم في «الكسوف» (1/ 405) رقم: (907) واللفظ له، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما)، قال المُناوي -رحمه الله-: «لأنَّ كفران العطاء، وترْكَ الصبر عند البلاء، وغلبةَ الهوى، والميلَ إلى زخرف الدنيا، والإعراضَ عن مفاخر الآخرة فيهنَّ أغلب لضعف عقلهنَّ وسرعة انخداعهنَّ»(٢٣- «فيض القدير» للمناوي (1/ 545)).
المحذور الخامس: سؤال الزوج طلاقَ نفسها
لا ينبغي للزوجة أن تطلب من زوجها طلاقَ نفسِها من غير شدَّةٍ تُلجئها إلى سؤال المفارقة، ككونها تُبغض زوجها وتخشى أن لا تقيمَ حدودَ الله معه، أو يعاملُها معاملةً سيِّئةً، أو يعصي اللهَ بترك الفرائض والواجبات أو فعلِ المنكرات والمحرَّمات، وغيرها من الأسباب المعتبرة والدوافع الصحيحة التي تخوِّل للمرأة الخلعَ أو فسْخَ العقد بالطلاق.
أمَّا مع حصول الوئام والاتِّفاق وخلوِّ الحياة الزوجية من الأسباب الحقيقية الدافعة لطلب الطلاق فهذا لا يجوز شرعًا؛ للوعيد الشديد المتضمَّن في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ»(٢٤- أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في الخلع (2226)، وأحمد في «مسنده» (5/ 277)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (7/ 100) رقم: (2035)).
المحذور السادس: الامتناع من تمكين الزوج من الاستمتاع بها
على الزوجة أن تحذرَ الامتناعَ من تمكين زوجها من حقِّه في الاستمتاع بها، للوعيد الشديد باللعن والسخط الوارد في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»(٢٥- متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري في «النكاح» باب: إذا باتت المرأة مهاجرةً فراشَ زوجها (5193)، ومسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) واللفظ له، من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما)، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا»(٢٦- أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1436) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، وفي الحديثين دليلٌ على أنَّ امتناع الزوجة من حليلها بلا سببٍ مشروعٍ أو عذرٍ مقبولٍ كبيرةٌ، وأنَّ سخط الزوج يوجب سخط الربِّ، ورضاه يوجب رضاه، علمًا أنَّ الحيض ليس بعذرٍ؛ لجواز الاستمتاع بها بما دون الفرج؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ»(٢٧- أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 150) رقم: (302) من حديث أنس رضي الله عنه)، والنُّفساءُ في حكم الحائض.
هذا، والممتنعة من حليلها بلا سببٍ صحيحٍ تبقى اللعنة عليها مستمرَّةً تتبعها إلى طلوع الفجر، ما لم يرْضَ عنها زوجها أو ترجعْ إلى الفراش.
المحذور السابع: إفشاء أسرار الجماع
على الزوجة أن تحفظ عِرْض زوجها بأن لا تُفشيَ سرَّ الجماع وتخبرَ بما فعلتْ معه وتنشرَه، وهذا المحذور مشتركٌ بين الزوجين؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»(٢٨- أخرجه مسلم في «النكاح» (1/ 654) رقم: (1437) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه)، وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ الأنصارية رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا»، فَأَرَمَّ القَوْمُ [أي: سكتوا ولم يجيبوا]، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ»(٢٩- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 456). وصحَّحه الألباني في «آداب الزفاف» (70))، وهذا إنما يحرم إذا كان الإخبار عن الوقاع على وجه التندُّر والتفكُّه، أمَّا إذا كان إفشاءُ السرِّ أو بعضِه ممَّا تدعو إليه الحاجة الشرعية: كالاستفتاء والقضاء والطبِّ ونحو ذلك فيجوز بقدره، ويدلُّ على جوازه أنه لمَّا سئل النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن الرجل يجامع زوجته ثمَّ يُكْسِلُ -وذلك بحضرة عائشةَ رضي الله عنها- قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ»(٣٠- أخرجه مسلم في «الحيض» (1/ 168) رقم: (350)، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، وكذلك سأله عمر بن أبي سلمة الحميري رضي الله عنه عن القُبلة للصائم، فقال: أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ هَذِهِ»، لأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَتْقَاكُمْ للهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»(٣١- أخرجه مسلم في «الصيام» (1/ 493) رقم: (1108) من حديث عمر بن أبي سلمة الحميري رضي الله عنه، وهو غير ربيب النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عمر بن أبي سلمة وأمِّ سلمة المخزوميِّ القرشيِّ أبًا وأمًّا رضي الله عنهم أجمعين).
المحذور الثامن: صوم غير رمضان بدون إذن زوجها
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوُّعًا وزوجُها حاضرٌ إلاَّ بإذنه، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاََ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»(٣٢- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحدٍ إلاَّ بإذنه (5195) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
وأمَّا صيام الفرض: فإن كان غير مقيَّدٍ بوقتٍ فإنها تستأذنه فيه -أيضًا-، فإن طلب منها التأخيرَ أخَّرتْ، وقد كانت عائشة رضي الله عنها لا تتمكَّن من قضاء صوم رمضانَ إلاَّ في شعبانَ، لمكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم منها(٣٣- أخرجه البخاري في «الصوم» باب: متى يقضي قضاء رمضان (1950) ومسلم في «الصيام» (1146)، ولفظ مسلم: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي لفظ آخَرَ أنَّ يحيى بن سعيدٍ قال: «وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وفي «مسند إسحاق بن راهويه» (1037): «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الأَيَّامُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَدْخُلَ شَعْبَانُ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»).
أمَّا إذا كان الوقت ضيِّقًا كأنْ لم يبْقَ مِن شعبانَ إلاَّ مقدارُ ما عليها من رمضانَ، أو كان الواجب مضيَّقًا كصوم رمضانَ؛ فإنها تصوم وجوبًا ولو منعها زوجُها، ويدلُّ عليه الزيادة في رواية أبي داود: «غَيْرَ رَمَضَانَ»(٣٤- أخرجه أبو داود في «الصيام» باب: المرأة تصوم بغير إذن زوجها (2458) بلفظ: «لاَ تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ»، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه النووي في «المجموع» (6/ 392)، والألباني في «صحيح أبي داود» (7/ 219))، ولأنَّ صيام الفرض حقُّ الله، وحقُّه سبحانه مقدَّمٌ على حقِّ الزوج.
المحذور التاسع: نزع ثيابها في غير بيت زوجها
لا يجوز للمرأة أن تخلع ثيابها في غير بيت زوجها أو أهلها أو محارمها، فإنَّ التكشُّف في غير بيتٍ آمنٍ، كالحمَّاماتِ وقاعاتِ الحفلاتِ ونحوها، يعرِّض المرأة للتهمة والفتنة، وخاصَّةً مع ما يجري في زماننا من استعمال آلات التصوير في قاعات الأفراح وأماكن الاستراحة، وما تلتقطه من صور التبرُّج والعري والخلاعة وغيرها من مظاهر الفتنة، وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرَهُ»(٣٥- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 301) بلفظ «سِتْرًا»، والحاكم في «المستدرك» (4/ 321) واللفظ له، من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «غاية المرام» (195))، وعن أبي المَلِيحِ الهُذَلِيِّ: «أَنَّ نِسْوَةً مِنْ أَهَلِ حِمْصَ اسْتَأْذَنَّ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ اللَّوَاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ»(٣٦- أخرجه ابن ماجه في «الأدب» باب دخول الحمَّام (3750)، وأحمد في «مسنده» (6/ 41)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (2710))، قال المُناوي -رحمه الله-: «(وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا): كنايةٌ عن تكشُّفها للأجانب وعدم تستُّرها منهم (فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): لأنه تعالى أنزل لباسًا ليوارين به سوءاتهنَّ وهو لباس التقوى، وإذا لم تتَّقين(٣٧- كذا في الأصل، والصواب: يتَّقين) اللهَ وكشفْن سوءاتهنَّ هتكْنَ الستر بينهن وبين الله تعالى، وكما هتكتْ نفسها ولم تصُنْ وجهها وخانتْ زوجها يهتك الله سترها، والجزاء من جنس العمل، والهتك خرْقُ الستر عمَّا وراءه، والهتيكة الفضيحة»(٣٨- «فيض القدير» (3/ 136)).
قلت: وقد تتكشَّف في غير بيتٍ آمنٍ ويحصل أن تكون معها امرأةُ سوءٍ تصفها لمن يرغب فيها على ما رأتْ من حسنها ويجرُّه ذلك إلى الإثم، وقد قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا»(٣٩- أخرجه البخاري في «النكاح» باب: لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها (5240) من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه).
رابعًا: خدمة المرأة زوجها وتدبير المنزل وتربية الأولاد
هناك إشكالٌ يفرض نفسه يَرِد على تكييف مسألة خدمة المرأة زوجها: هل يُعَدُّ حقًّا للزوج وتكون المرأة -حالتئذٍ- مسؤولةً عن ضياع حقِّه أو التقصير فيه، أم أنه ليس بواجبٍ عليها خدمتُه لأنَّ المعقود عليه من جهتها الاستمتاع فلا يلزمها غيره؟ والمسألة محلُّ نزاعٍ بين اجتهادات الفقهاء، غيرَ أنه لا يخفى أنَّ من الوظائف الطبيعية للمرأة قيامَها بحقِّ زوجها وخدمة أولاده وتدبير شؤون بيتها، فهذا العمل الطبيعيُّ تقتضيه الحياة المشتركة بين الزوجين، ويُعَدُّ من المهمَّات الأساسية في تماسُك الأسرة وسعادتها، وفي إعداد جيلٍ طيِّب الأعراق، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لَوْ تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ حَقَّ الزَّوْجِ مَا قَعَدَتْ مَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَعَشَاؤُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ»(٤٠- أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 160)، من حديث معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (5259))، وقد وعى نساء الصحابة رضي الله عنهم هذه المهمَّاتِ الجليلةَ فهمًا وعملاً، ومن النماذج الواقعية لهذا الجيل المفضَّل أنَّ فاطمةَ رضي الله عنها بنتَ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كانت تخدم زوجها حتى اشتكتْ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما تلقى في يدها من الرحى(٤١- أخرجه البخاري في «النفقات» باب عمل المرأة في بيت زوجها (5361)، ومسلم في «الذكر والدعاء» (2/ 1252) رقم (2727)، من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه)، وكذلك ما رواه مسلمٌ عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما قالت: «كُنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوسُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الْفَرَسِ: كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ وَأَسُوسُهُ…»(٤٢- أخرجه مسلم في «السلام» (2/ 1042) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما)، وما رواه الشيخان عنها قالت: «تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ وَأَعْلِفُهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، قَالَتْ: وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ»(٤٣- أخرجه البخاري في «النكاح» باب الغَيْرة (5224)، ومسلم في «السلام» (2/ 1041) رقم: (2182)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنهما)، ومن أخلاق السلف نصيحةُ المرأة إذا زُفَّت إلى زوجها بخدمة الزوج ورعاية حقِّه وتربية أولاده(٤٤- انظر «فقه السنَّة» لسيِّد سابق (2/ 233)، «موسوعة الخطب المنبرية» (1/ 1443)).
هذا، وإن كان العلماء يختلفون في حكم خدمة المرأة لزوجها(٤٥- انظر الخلاف في «المغني» لابن قدامة (7/ 21)، «المجموع» [التكملة الثانية] (18/ 256)) إلاَّ أنَّ الرأي الأقرب إلى الصحَّة والمعروف الذي يتوافق مع وظيفتها الطبيعية هو وجوبُ خدمتها لزوجها الخدمة المعروفة من مثلها لمثله وقيامها بحقِّه، بحسَب حالها وظروفها، ولا تكليفَ عليها فيما لا قدرةَ لها عليه ولا إرهاقَ، وضمن هذا السياق وتقريرًا لهذا المعنى فقد حقَّق ابن القيِّم -رحمه الله- هذه المسألةَ بقوله: «فاختلف الفقهاء في ذلك، فأوجب طائفةٌ من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت، وقال أبو ثورٍ: عليها أن تخدم زوجها في كلِّ شيءٍ، ومنعتْ طائفةٌ وجوبَ خدمته عليها في شيءٍ، وممَّن ذهب إلى ذلك مالكٌ والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر، قالوا: لأنَّ عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاعَ لا الاستخدامَ وبذْلَ المنافع، قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدلُّ على التطوُّع ومكارم الأخلاق فأين الوجوب منها؟ واحتجَّ من أوجب الخدمة بأنَّ هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، وأمَّا ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسُه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمِن المنكر، والله تعالى يقول: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]، وقال: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النّساء: 34]، وإذا لم تخدمْه المرأة، بل يكون هو الخادمَ لها، فهي القوَّامة عليه، وأيضًا: فإنَّ المهر في مقابلة البُضع، وكلٌّ من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جَرَتْ به عادة الأزواج، وأيضًا فإنَّ العقود المطلقة إنما تَنْزل على العرف، والعرفُ خدمة المرأة وقيامُها بمصالح البيت الداخلة، وقولهم: إنَّ خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرُّعًا وإحسانًا يردُّه أنَّ فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة، فلم يقل لعليٍّ: لا خدمةَ عليها، وإنما هي عليك، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم لا يحابي في الحكم أحدًا، ولمَّا رأى أسماءَ والعلفُ على رأسها، والزبيرُ معه لم يقلْ له: لا خدمةَ عليها، وأنَّ هذا ظلمٌ لها، بل أقرَّه على استخدامها، وأقرَّ سائرَ أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأنَّ منهنَّ الكارهةَ والراضية، هذا أمرٌ لا ريبَ فيه.
ولا يصحُّ التفريق بين شريفةٍ ودنيئةٍ وفقيرةٍ وغنيَّةٍ، فهذه أشرف نساء العالمين، كانت تخدم زوجها وجاءته صلَّى الله عليه وسلَّم تشكو إليه الخدمة، فلم يُشْكِها، وقد سمَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح المرأةَ عانيةً، فقال: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ»(٤٦- أخرجه الترمذي في «الرضاع» باب ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها (1163) بلفظ: «أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ»، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه. وأخرجه مسلم في «الحجِّ» (1218) بلفظ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» [وعوانٍ: جمع عانيةٍ، وهي الأسيرة، انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 598)])، والعاني: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده ولا ريبَ أنَّ النكاح نوعٌ من الرِّقِّ، كما قال بعض السلف: «النِّكَاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ»(٤٧- أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (591) عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكرٍ: «يَا بَنِيَّ وَيَا بَنِي بَنِيَّ، إِنَّ هَذَا النِّكَاحَ رِقٌّ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ»، وقال الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (479): «رواه أبو عمر التوقاني في «معاشرة الأهلين» موقوفًا على عائشة وأسماء ابنتي أبي بكرٍ، قال البيهقي: ورُوِيَ ذلك مرفوعًا والموقوف أصحُّ»، اﻫ.)، ولا يخفى على المنصف الراجحُ من المذهبين والأقوى من الدليلين»(٤٨- «زاد المعاد» لابن القيِّم (5/ 187-189)).
وقد سبقه إلى هذا التقرير شيخُه ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال: «وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولة الطعام والشراب والخَبْز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه مثل علف دابَّته ونحو ذلك؟ فمنهم من قال: لا تجب الخدمة، وهذا القول ضعيفٌ كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء؛ فإنَّ هذا ليس معاشرةً له بالمعروف؛ بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحةٍ لم يكن قد عاشره بالمعروف، وقيل -وهو الصواب- وجوب الخدمة؛ فإنَّ الزوج سيِّدها في كتاب الله(٤٩- وذلك في قوله تعالى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: 25]، وعنى بالسيِّد الزوجَ [«فتح القدير» للشوكاني (3/ 18)])؛ وهي عانيةٌ عنده بسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم(٥٠- سبق تخريجه)، وعلى العاني والعبد الخدمة؛ ولأنَّ ذلك هو المعروف، ثمَّ مِن هؤلاء مَن قال: تجب الخدمة اليسيرة، ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف وهذا هو الصواب، فعليها أن تخدمه الخدمةَ المعروفةَ من مثلها لمثله ويتنوَّع ذلك بتنوُّع الأحوال: فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمةُ القوية ليست كخدمة الضعيفة»(٥١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (34/ 90)).
ولا شكَّ أنَّ قيام الزوجة بهذه المهمَّة النبيلة يحفظ للأسرة استقرارَها وسعادتها، ويعمِّق رابطةَ التآلف والمودَّة في ظلِّ التّعاون على البرِّ والتقوى، وعلى الزوج -من جهةٍ أخرى- أن يقدِّر حالها ولا يحمِّلها ما لا طاقةَ لها به، وله أن يعينها في بعض شؤونها ومهمَّاتها للتكامل والتآزر، لا سيَّما في حال مرضها أو عجزها أو زحمة الأعمال عليها اقتداءً بالنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي لم يأنفْ من مساعدة أزواجه، فعن الأسود قال سألتُ عائشة رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ-، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ(٥٢- أخرجه البخاري في «الجماعة والإمامة» باب من كان في حاجة أهله فأُقيمت الصلاة فخرج (676)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، أي أنه عليه الصلاة والسلام كان يخدم في مهنة أهله ويقمُّ بيته ويخيط ثوبه و«يَرْقَعُ دَلْوَهُ»(٥٣- أخرجه ابن حبَّان (5676) من حديث عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها، ولفظه بتمامه: «مَا يَفْعَلُ أَحَدُكُمْ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ: يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ») ويخصف نعله ويحلب شاته ويخدم نفسه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، فإذا حضرت الصلاة قام إليها(٥٤- انظر: «فتح الباري» لابن حجر (2/ 163)).
ويدلُّ على مسئولية الزوجة في القيام بحقِّ الأولاد تربيةً ورعايةً قولُه تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: 233]، وقولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»(٥٥- أخرجه البخاري في «الجمعة» باب الجمعة في القرى والمدن (893)، ومسلم في «الإمارة» (2/ 886) رقم: (1829)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما).
خامسًا: إحداد الزوجة في عدَّة وفاة زوجها
وعلى الزوجة الاعتداد في بيتها الذي كانت تسكنه يوم تُوفِّيَ زوجُها، لِما جاء في حديث الفريعةِ بنتِ مالكٍ رضي الله عنهما التي تُوفِّيَ عنها زوجُها قالت: خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلاَجٍ لَهُ، فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُومِ فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ، شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ جَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي، وَلَمْ يَدَعْ مَالاً يُنْفِقُ عَلَيَّ وَلاَ مَالاً وَرِثْتُهُ وَلاَ دَارًا يَمْلِكُهَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِي فَأَلْحَقَ بِدَارِ أَهْلِي وَدَارِ إِخْوَتِي، فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَجْمَعُ لِي فِي بَعْضِ أَمْرِي، قَالَ: «فَافْعَلِي إِنْ شِئْتِ»، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ قَرِيرَةً عَيْنِي لِمَا قَضَى اللهُ لِي عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي بَعْضِ الْحُجْرَةِ دَعَانِي، فَقَالَ: «كَيْفَ زَعَمْتِ؟»، قَالَتْ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(٥٦- أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في المتوفَّى عنها تنتقل (2300)، وابن ماجه في «الطلاق» باب: أين تعتدُّ المتوفَّى عنها زوجُها (2031). والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (8/ 243)، وضعَّفه الألباني في «الإرواء» (7/ 206) رقم: (2131)، ولكنَّه تراجع عن تضعيفه فصحَّحه في «صحيح أبي داود» (2300) وأشار إلى ذلك في «السلسلة الضعيفة» (12/ 208) عند الحديث رقم: (5597))، وعلى الزوجة المعتدَّة في هذه الفترة الإحدادُ على زوجها بأنْ تتركَ الطِّيبَ وأنواع الزينة سواء بلُبس المزركش والبرَّاق، والمشبع بالأخضر والأزرق، ولُبس الحليِّ والاختضاب والاكتحال إلاَّ ما استُثني للضرورة، إظهارًا لحزنها على نعمة الزواج بوفاة زوجها وتأسُّفًا على ما فاتها من حسن العشرة وإدامة الصحبة إلى وقت الموت، فالإحدادُ مظهرٌ من مظاهر الوفاء لزوجها الميِّت الذي فقدتْه، ويدلُّ عليه قولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(٥٧- أخرجه البخاري في «الطلاق» باب: تُحِدُّ المتوفَّى عنها زوجُها أربعة أشهرٍ وعشرًا (5334)، ومسلم في «الطلاق» (2/ 692) رقم: (1486) بنحوه بلفظ: «ثلاثٍ» من حديث أمِّ المؤمنين أمِّ حبيبة بنتِ أبي سفيان رضي الله عنهما).
ومن منطلق عموم هذا الحديث وغيره، فإنَّ الإحداد لازمٌ على المعتدَّة مطلقًا، سواء كانت كبيرةً أو صغيرةً، عاقلةً أو مجنونةً، مسلمةً أو كتابيَّةً، إذ الإحدادُ بترك الطِّيب والزينة معنًى معقولٌ يتمثَّل في تقليل الرغبة فيها، وفي هذا التقليل زيادةُ احتياطٍ في حفظ النسب من جهةٍ، ومنعُ تشوُّف الرجال إليها وتشوُّفِها إليهم من جهةٍ أخرى، وهذا المعنى تستوي فيه المسلمة والكتابيَّة.
هذا، وأخيرًا فإنَّ هذه الالتزاماتِ والمحاذيرَ المذكورةَ ما هي إلاَّ مرآةٌ صادقةٌ على صفاتِ الزوجةِ الصالحة التي تؤدِّي حقَّ ربِّها وتطيع زوجها في المعروف، وتحافظ على نفسها في غَيْبته، وتصون مالَه وترعى أولادَه، وتخدمه الخدمةَ المعروفة من مثلها لمثله بحسَبِ حالها وظروفها، وتحرص على ما يسرُّه ويُرضيه، وتبتعد عن كلِّ ما يُغضبه ويؤذيه، ونحو ذلك ممَّا تقدَّم لتحقِّق بهذه الصفاتِ الحسنةِ، والأخلاق السامية، والآداب العالية لنفسها وزوجها وأولادها سقفًا كريمًا متماسكًا، وبيتًا مطمئنًّا مستقرًّا ملؤُه المودَّةُ والرحمةُ وحياةٌ سعيدةٌ في الدنيا والآخرة، وبهذا تكون الزوجةُ الصالحةُ مربِّيةَ الأجيال وصانعةَ الرجال، ولقد صدق الشاعر حين قال:

الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا * أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ
الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَعَهَّدَهُ الحَيَا * بِالرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّمَا إِيرَاقِ
الأُمُّ أُسْتَاذُ الأَسَاتِذَةِ الأُلَى * شَغَلَتْ مَآثِرهُمْ مَدَى الآفَاقِ(٥٨- قصيدة «تربية البنات» لشاعر النيل: محمَّد حافظ إبراهيم -رحمه الله-)
وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من حديث الحصين بن مِحصن: أنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قال: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟»، قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»(٥٩- أخرجه أحمد في «مسنده» (4/ 341). وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/ 220)).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

فضيلة الشيخ ابو عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله




جَزاكم الله خيرا




تعليمية




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




التصنيفات
اسلاميات عامة

دليل الزوجة الصالحة في بيتها / لفضيلة الشيخ صالح الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم

دليل الزوجة الصالحة في بيتها / لفضيلة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-

من كتاب : (( دور المرأة في تربية الأسرة ))

أولاً : عبادة الله

لأن ذلك هو الغاية من وجود الإنسان ككل وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .

لذا نجد التوجيه الإلهي لأمهات المؤمنين لما أمرن بالقرار في البيوت ، قال الله تعالى : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .

ومفهوم العبادة وإن كان أوسع من أداء الشعائر التعبدية ، لكنها جزء كبير من العبادة ، وأداء العبادة هو أكبر معين للمرأة على أداء دورها بإتقان في المرأة فالمرأة الصالحة هي التي تؤدي دورها على الوجه المطلوب ، كما أن ذلك هو أساس التربية الصالحة بالقدوة ، حيث إن قيام المرأة بأداء العبادة بخشوع وطمأنينة له أكبر الأثر على من في البيت من الأطفال وغيرهم ، فحينما تحسن المرأة الوضوء ، ثم تقف أمام ربها خاشعة خاضعة ستربى في الأطفال هذه المعاني بالقدوة إضافة للبيان والتوجيه بالكلام .

وهذا الجانب وإن كان معلومًا لكن لا بد أن تتضح أهدافه وغاياته وأثره ويُفهم بعيدًا عن الروتين القاتل للمعاني السامية .

ثانيًا :المرأة في البيت سكن واستقرار للزوج والبيت

قال تعالى :وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . [الروم:21]
التعبير بـ " سكن " وما يحمله من معنى . إن كلمة " سكن " تحمل معنى عظيمًا للاستقرار والراحة والطمأنينة في البيت ، ولو حاولنا أن نوجد لفظًا يعبر عما تحمله ما استطعنا ولن نستطيع ، ذلك كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . فالمرأة سكن للزوج ، سكن للبيت . ثم وصف العلاقة بأنها " مودة ورحمة " .

وقال : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189]، أي يأنس بها ويأوي إليها ، ولنفهم سر التعبير " إليها " في الآيتين حيث أعاد السكن إلى المرأة فهي مكانه وموطنه ، فالزوج يسكن إليها ، والبيت بمن فيه يسكن إليها لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ولا تكون المرأة سكنًا لزوجها حتى تفهم حقه ومكانته ، ثم تقوم بحقوقه عليها طائعة لربها فرحة راضية .

لذا يحرص الإسلام على تقرير مكانة الزوج لأنها الأساس ، يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – :لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها[ أخرجه الترمذي في أبواب الرضاع ، باب في حق الزوج على المرأة ، وابن ماجه في كتابه النكاح ، باب حق الزوج على المرأة ، والحديث صحيح انظر صحيح الترمذي حديث رقم 926 ] .

بل الإشعار بمكانته حتى بعد وفاته لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا … [ أخرجه البخاري في كتاب الجنائز ، باب حد المرأة على غير زوجها ، ومسلم في كتاب الطلاق ، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة ] .

وليفهم أن الإحداد أمر زائد على العدة ، ففيه إشعار بحق الزوج على الزوجة ، وقد شرع في الإسلام أحكام تكفل أداء حقوق الزوج ، ومن ثم يكون البيت سكنًا ويصبح بيئة صالحة .

على أن هذه الأحكام والتشريعات ليست خاصة بالمرأة بل هي على الزوجين ، لكن دور المرأة فيها أكبر لأنها العمود كما ذكرنا ، وحيث مجال حديثنا عن المرأة وعن دورها في تربية الأسرة ، لا بد من الإشارة لبعض المسئوليات والوسائل اللازمة لها التي تجعل البيت سكنًا كما أراد الله ، ومنها :

1 – الطاعة التامة للزوج فيما لا معصية فيه لله :

هذه الطاعة هي أساس الاستقرار ، لأن القوامة للرجل الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ فلا نتصور قوامة بدون طاعة … والبيت مدرسة أو إدارة ، فلو أن مديرًا في مؤسسة أو مدرسة لديه موظفون لا يطيعونه ، هل يمكن أن يسير العمل ، فالبيت كذلك ، إن طاعة الزوج واجب شرعي تثاب المرأة على فعله ، بل نجد طاعة الزوج مقدمة على عبادة النفل ، قال – صلى الله عليه وسلم – : لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه متفق عليه[ البخاري في كتاب النكاح ، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا ، ومسلم في كتاب الزكاة ، باب ما أنفق العبد من مال مولاه ] . وفيه إشارة إلى أهمية طاعة الزوج حتى قدمت على عبادة صيام النفل .

2 – القيام بأعمال البيت التي هي قوام حياة الأسرة من طبخ ونظافة وغسيل وغير ذلك :

وحتى يؤدي هذا العمل ثمرته لابد أن يكون بإتقان جيد ، وبراحة نفس ورضى وشعور بأن ذلك عبادة .

وإليك أيها الأخت نماذج من السيرة ومن سلف هذه الأمة: أخرج الإمام أحمد بسنده عن ابن أعبد قال : قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه :ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها كانت ابنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكانت من أكرم أهله عليه ، وكانت زوجتي ، فجرَّت بالرحى حتى أثَّر الرحى بيدها ، وأسقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها وقمَّت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر ، فقدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بسبي أو خدم ، قال : فقلت لها : انطلقي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاسأليه خادمًا يقيك حر ما أنت فيه ، فانطلقت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوجدت عنده خدمًا أو خدامًا فرجعت ولم تسأله فذكر الحديث فقال : ألا أدلكِ على ما هو خير لكِ من خادم ؟ إذا أويتِ إلى فراشكِ سبحي ثلاثًا وثلاثين واحمدي ثلاثًا وثلاثين وكبري أربعًا وثلاثين فأخرجت رأسها فقالت : رضيت عن الله ورسوله مرتين . . [ مسند الإمام أحمد 1 / 153 ، وهو في البخاري أخصر من هذا في كتاب فرض الخمس ، باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والمساكين . وفي مسلم كتاب الذكر والدعاء ، باب التسبيح أول النهار وعند النوم ، وأبو داود في أبواب النوم باب في التسبيح عند النوم ، والترمذي في أبواب الدعوات باب في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام ] . فلم ينكر قيامها بهذا المجهود ، ومن هي في فضلها وشرفها ، بل أقرها وأرشدها إلى عبادة تستعين بها على ذلك ، وأن ذلك خير لها من خادم .

روى ابن إسحاق بسنده عن أسماء بنت عميس قالت : لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد دبغت أربعين منا ، وعجنت عجيني وغسلت بنيّ ودهنتهم ونظفتهم . قالت : فقال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( ائتيني ببني جعفر ) قالت : فأتيته بهم ، فتشممهم وذرفت عيناه ، فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء ؟ قال : ( نعم ، أصيبوا هذا اليوم ) …الحديث [ سيرة ابن هشام 3 / 380 ] .

3 – استجابتها لزوجها فيما أحل الله له :

قال – صلى الله عليه وسلم – :إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح [ البخاري ، كتاب بدء الخلق ، باب إذا قال أحدكم " آمين " . ومسلم ، كتاب النكاح ، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها ] . بل الأولى في حقها أن تتقرب إليه دون الطلب ، وأن تتهيأ لذلك وتتجمل . وإنه لمن المؤسف أن بعض النساء تتجمل لخروجها – وقد نُهيت عن ذلك – أكثر مما تتجمل لزوجها – وقد أُمرت به – وكل ذلك يدل على جهل بالمسؤولية ، أو عدم اتباع لشرع الله .

إن لقيام المرأة بهذا الأمر ، وحسن الأخذ به أثرًا كبيرًا على استقرار البيت ، حيث عفة الزوج ورضاه بما عنده وعدم شعوره بالإحباط والحرمان ، ومن ثم الاستقرار النفسي .

ما أكثر الرجال الذين يعيشون حياة غير مستقرة بسبب شعورهم بالحرمان ، لأن المرأة لم تعر هذا الجانب اهتمامًا ، أو لم تعرف كيف تقوم به حق القيام ، فلتدرك المرأة دورها في ذلك ، ثم لتفكر وتبحث كيف تؤديه .

4- حفظ سره وعرضه :

فلا تتعرض للفتنة ولا للتبرج ، ولا تتساهل في التعرض للرجال في باب المنزل أو النافذة أو خارج البيت ، ولتكن محتشمة عند خروجها .

قال – صلى الله عليه وسلم – : فأما حقكم على نسائكم فلا يوطين فرشكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون [ بهذا اللفظ أخرجه الترمذي في أبواب الرضاع ، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها . وهو حديث حسن ، انظر صحيح سنن الترمذي 1 / 341 ، أخرجه مسلم من حديث جابر في صفة حج النبي – صلى الله عليه وسلم – في كتاب الحج ، باب حجة النبي – صلى الله عليه وسلم – ، دون – قوله : ( ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ) ] .

إن هذا يعطي صيانة أخلاقية للبيت ، وثقة للزوج ، وتربية للأبناء على العفة ، وأن البيت الذي يحصل فيه شيء من التساهل في أي أمر من هذه الأمور لن يكون سكنًا مريحًا ، ولا مكان استقرار .

5 – حفظ المال :

يقول – صلى الله عليه وسلم – : والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها [ أخرجه البخاري في كتاب الجمعة ، باب الجمعة في القرى والمدن ، ومسلم في كتاب الإمارة ، باب فضيلة الإمام العادل ] . وقال – صلى الله عليه وسلم – :خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش ؛ أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده[ البخاري في كتاب النكاح ، باب إلى من ينكح ، وأي النساء خير ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل نساء قريش ] .

وقضية المال قضية هامة يتعلق بها أمور منها :

1 – الإصلاح في البيوت بحفظ ما فيه .
2 – عدم التبذير والإسراف .
3 – عدم تحميل الزوج ما لا يطيق من النفقات .
والأمور المالية اليوم أصبح لها نظام وحساب فكم من الوسائل والطرق توفر للأسرة عيشًا هنيئًا مع عدم التكلفة المالية ، وقد أصبحت فنًّا يدرس ، فهل تعي الزوجة دورها في ذلك .

6 – المعاملة الحسنة :

فالزوج له القوامة فلابد من أن تكون المعاملة تنطلق من هذا ومن صور حسن المعاملة :
تحمل خطئه إذا أخطأ .
استرضاؤه إذا غضب .
إشعاره بالحب والتقدير .

الكلمة الطيبة والبسمة الصادقة ، قال – صلى الله عليه وسلم – : تبسمك في وجه أخيك صدقة[ أخرجه الترمذي في أبواب البر والصلة ، باب ما جاء في صنائع المعروف ، والحديث صحيح انظر صحيح سنن الترمذي 2 / 186 ] .
فكيف إذا كانت من زوجة لزوجها .

الانتباه لأموره الخاصة من طعام وشراب ولباس من ناحية النوع والوقت ، ولتعلم المرأة أنها حين تقوم بهذه الأمور ليس فيه اعتداء على شخصيتها أو حطّ من مكانتها بل هذا هو طريق السعادة ، ولن تكون السعادة إلا في ظل زوج تحسن معاملته وذلك تقدير العزيز العليم الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ يقول – صلى الله عليه وسلم – :لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها [ أخرجه أبو داود في كتاب النكاح باب في حق المرأة على زوجها ، والترمذي في أبواب الرضاع ، باب في حق الزوج على المرأة ، والحديث صحيح انظر صحيح سنن أبي داود 2 / 402 ] .

فلتفهمي مقاصد الشرع ولا تغتري بالدعاية الكاذبة وليكن شعارك سمعنا وأطعنا .

فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى [طه : 123 ]

7- تنظيم الوقت :

احرصي على تنظيم وقتك حتى يكون عملك متعة ، واجعلي البيت دائمًا كالروضة نظافة وترتيبًا ، فالبيت دليل على صاحبته ، وبالنظافة والترتيب يكون البيت بأجمل صورة ، ولو كان الأثاث متواضعًا والعكس بالعكس .

إن الزوج والأولاد حينما يعودون من أعمالهم ودراستهم متعبين فيجدون بيتًا منظمًا نظيفًا يخف عنهم العناء والإرهاق ، والعكس بالعكس ؛ فنظافة السكن ونظامه من أهم الأسباب لكونه سكنًا وراحة .

8 – قفي مع زوجك :

في الأحداث والأزمات وما أكثرها في هذه الدنيا أمدِّيه بالصبر والرأي ، اجعليه عند الأزمات يهرب لبيته ، لزوجته ، لسكنه ، لا يهرب عنها ، فذلك من أكبر الأسباب للوئام ، وبهذا يكون البيت سكنًا .

9 – الصدق معه :

كوني صادقة معه

10 – كيف تتصرفين عند حصول الخلاف ؟

وأخيرًا اعلمي أننا بشر ، فلا بد من الضعف ، ولابد من وقوع اختلاف حول بعض الأمور ، لكن المهم كيف تعالج الخلافات فإذا كان من الطبيعي حصول بعض الخلاف ، فليس من الجائز أن يتحول كل خلاف إلى مشكلة قد تقوض كيان البيت ، وإليك بعض التوصيات التي ينبغي الانتباه لها عند حصول خلاف .

1 – تجنبي الاستمرار في النقاش حالة الغضب والانسحاب حتى تهدأ الأعصاب .
2 – استعملي أسلوب البحث لا الجدال والتعرف على المشكلة وأسبابها .
3 – البعد عن المقاطعة والاستماع الجيد .
4 – لابد من إعطاء المشاعر الطيبة ، وبيان أن كل طرف يحب الآخر ، ولكن يريد حل المشكلة .
5 – لابد من الاستعداد للتنازل ، فإن إصرار كل طرف على ما هو عليه يؤدي إلى تأزم الموقف ، وقد ينتهي إلى الطلاق .

هذا بعض ما ينبغي للمرأة أن تسلكه في بيتها حتى تكون قد شاركت في إيجاد السكن الحقيقي ، البيت الذي يعيش فيه الزوج هادئًا آمنًا مستقرًا فينتج لأمته ، وفيه يتربى الأولاد التربية السليمة فتصلح الأمة بصلاح الأجيال ، والزوجان هما أساس الأسرة فإذا كانت العلاقة بينهما سيئة فلا استقرار للبيت .




شكرااااااا بارك الله فيك




و فيك بارك الله فيك.




جزاك الله خيرا




و اياك بارك الله فيك.




بارك الله فيك




و فيك بارك الله.




التصنيفات
الحياة الزوجية

كيف تتعامل الزوجة مع الزوج العصبي ؟ ادخل لتعرف

بسم آلله آلرحمن آلرحيم

__كيفية التعامل مع الزوج العصبي__

المودة والرحمة والحب أساس البيت الناجح الذي يبني المجتمع الصحيح، فالرابطة الزوجية تبدأ من نزول الزوج والزوجة إلى بحر الحياة، فإما أن يقسِّما الأداور ويبدأ كلاً منهما في القيام بمهامه، وموحدين الهدف نحو النجاة والأمان، وإما أن يدع كلاً منهما وظيفته ويتفرغ للآخر لينقب عن عيبه وعصبيته، وبذلك تسير السفينة بلا ربان فتتلاطم الأمواج فلا تدري في أي مكان ترسو.

الثقة بين الزوجين عماد الحياة، فثقي أن زوجك هو اختيارك أنتِ، وتذكري أن زوجك من اختيارك أنتِ، وما يشوبه من صفات سيئة كلمة ممنوعةرعة الغضب والعصبية لا تكون طبعاً فيه، ولكن توجد نتيجة فقدك الثقة فيه وقلة احتواءك له، وتأملي حاله فما يفعله ليس عيباً فيكِ ولا تعمداً لجرح مشاعرك فهو لا يذكر من ذلك شيء، وإنما يريد أن يلفت الانتباه لكِ ولكن بوسيلة مختلفة عنكِ.
كوني ذكية وافهمي لغة الحوار معه واعرفي متى تبدأ نوبات القلق والغضب عنده، وساعديه على تجاوز هذه المراحل فهى حالة مرضية في بيتك، ولا تثوري مع ثوراته فالحكيم هو من يمتلك نفسه عند الغضب، ولا تفكري في الانفصال وتذكري ما كان بينكما من حب ورحمة فلابد أن بينكما نبوات صفاء.

بداية نوبات الغضب


أولاً يجب أن تعرفي حالته النفسية جيداً وتراعيها.


ثانياً اعرفي تعابير وجهه وافهميها جيداً، فإذا شعرتي أن ملامحه فيها غضب أو شدة أو أنه يتنفس بسرعة، أو ينظر بشدة، أو يتلفت بقوة، فاعرفي أنه على وشك الانفجار في لحظة غضب أثناء حوارك معه. كوني لبقة واحترميه ولا تستفزيه بالإصرار على رأي ما أو معارضته بحدة، أو الاستهزاء به أو بكلامه.


اطرحي رأيك بلباقة واسأليه عن رأيه باحترام لأن الإنسان العصبي في حاجة إلى التقدير والاحترام، وإذا أعطيتي له التقدير اللازم لن يثور عليكِ. هو حالة دائمة معكِ في المنزل فهو ليس ضيفاً وسوف ينصرف، فهل نضع الحياة الزوجية في كفة مهددة بالخطر أم نحاول أن نحتويها؟.

كيف تتعاملين معه كحالة دائمة فى البيت


يجب التعامل مع الزوج العصبي بحذر شديد، فعندما يبدأ الزوج في مرحلة الغضب كوني أنتِ هادئة ومتماسكة وانتبهي لتصرفاتك جيداً، لا تقفي بخنوع وعجز واستمعي له جيداً واشعريه بالاهتمام بعبارات كهذه مثلاً (لماذا أنت غاضب؟) أو ( هذا لايستحق الغضب)، ولا تقولي له كلمة (اهدأ) أو (لا أرى أن الأمر في حاجة لكل هذه العصبية!) أو (هذا خطر على أعصابك) بالتأكيد أنه يعلم كل ذلك ولكن هذه الكلمات تشيطه غضباً، ممكن أن تستبدليها بتلك العبارات (أنت على حق)، (لنفكر سوياً في حل كي لا يتكرر الأمر ثانية)، (أعدك بأني سأعمل جاهدة على تحقيق ما تريد). واجعلى حرصك ليس للنقاش إنما لتهدئته فقط.

فن ترويض الزوج العصبي


بعد الانتهاء من نوبات الغضب قومي بالتحاور معه بهدوء، فبعض الزوجات يقمن بمقاطعة أزواجهن تعبيراً عن غضبهن، ولكن احذري هذا واجعلي التفاهم وسيلتك للتعبير عن غضبك فإن لم يكن هناك مجال للتفاهم لحل المشكلة اعرضي عليه نقاش حول عيوب غضبه عليكِ ونتيجة هذا الغضب على البيت، واشعريه بحرصك عليه وأنك تودين أن لو كانت حياتكما أسعد، ساعديه ليكون هادئاً وذلك من خلال تغييرك لوضعه عند الغضب أو أن تذهبوا إلى طبيب نفسي.

همسة في أذنك أيتها الزوجة لا تفكري في الخلاص من زوجك لعصبيته فهو حين يثور لم يكن يقصد بهذا إهانتك أو جرح مشاعرك، صحيح تقومين بتحمل المسئولية مثله على عاتقك ولكن تذكري دائماً الاستقرار والثبات وأن الطلاق ليس هو الحل أبداً.

يرى الدكتور أحمد النجار المختص في الاستشارات والدراسات والتدريب: أن الزوج الزوج العصبي طيب القلب، ولكنه سريع الغضب وهو حاد المزاج شديد الانفعال ويشعر بضرورة الإسراع في الهجوم على الآخرين قبل أن يباغتوه بالهجوم، ونجده لا يثق بأحد ويركز على نقاشات متصيدة. لذا حاولي ألا تظهري له ضيقك كي لا يأخذ الخلاف منعطفاً أكبر، وحاولي أن تتعلمي من نساء عاقلات يتمتعن بكم لا بأس به من الحكمة.


سر الزواج الناجح


الزواج الناجح قائم على الصراحة بين الزوجين ولكنها ليست المطلقة، فممكن أن تمر الزوجة ببعض المشكلات النفسية اليومية التي لا تفيد الزوج العصبي إذا تعرف عليها بل قد تعود عليه بأثر سلبي، فلكل إنسان خصوصياته، كما أن الزواج الناجح يقوم على الحب والرحمة وليس التحدي والجدل.


وأيضاً الزوجة هى مركز الأسرة والمركز أقوى طرف فابتعدي عن التوتر وكثرة الكلام والحركة، والزوجة التي وهبها الله الفطنة والكياسة تتمتع بعلاقات إيجابية ثرية ومشبعة، وتكون هى القلب الحنون المشع في أسرتها، إنها إنسانة إيجابية تملك القدرة على التأثير والإقناع وتتسم بالهدوء والاتزان وتوحي بالثقة والطمأنينة.

____وتقبلو مني فائق الاحترام والتقدير___




بارك الله فيك أخي العزيز
تقبل مروري
بالتوفيق




تعليمية




جزاك الله خيرا.




بارك الله فيك على الموضوع الرائع والقيم




التصنيفات
الحياة الزوجية

أيتها الزوجة طاعة الزوج مفتاح الجنة

قررت الشريعة الإسلامية بجميع مصادرها حق الزوج على الزوجة بالطاعة، إذ عليها أن تطيعه في غير معصية، وأن تجتهد في تلبية حاجاته، بحيث يكون راضياً شاكراً

ونجد ذلك بقول النبي – صلى الله عليه وسلم- في الحديث النبوي الشريف إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها .

وفي قول الله سبحانه وتعالى: فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
فمن أول الحقوق التي قررها الدين للرجل هي أن تطيعه زوجته في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه، إذ ورد أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

بالتالى عليها أن تأتمر بأمره، أن نادى لبت، وإن نهى أطاعت، وإن نصح استجابت، فإذا نهى أن يدخل قريب أو بعيد محرم أو غير محرم إلى بيته في أثناء غيابه أطاعت.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ألا أن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حق، فأما حقكم على نسائكم ألا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون.

زوجات مطيعات
والزوجة التي تعرف واجباتها الدينية تجاه زوجها، على وعي تام بأهمية طاعة الزوج، وتقول السيدة مها جابر:أن على الزوجة أن تسلس قيادها لزوجها فيما يفيد وينفع، حتى تهيئ لأفراد الأسرة أجواء الأمان والحماية والاستقرار والمودة، وليكونوا أعضاء أسوياء تمضي بهم سفينة الحياة بعيداً عن الهزات التي قد تتعرض لها، وفي المقابل فإن الإسلام قد أعطى المرأة حقها كاملاً وأوجب على الرجل إكرام زوجته وصيانة حقوقها، وتهيئة الحياة الكريمة لها لتصبح له طيعة ومحبة .

أما السيدة منى المؤذن فتقول: إذا كانت طاعة الزوج قد فرضت على الزوجة كأمر واجب القيام به فما ذلك إلا لأن المسؤولية والتبعية يتحملها الرجل، والرجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته، كما أنه قد فرض فيه أنه أبعد نظراً وأوسع أفقاً، وأنه قد يعلم أموراً لا تعلمها الزوجة بحكم اتساع دائرته، أو يرى بحكم تجاربه وخبرته ما لا تراه هي، والزوجة العاقلة هي التي تقوم بطاعة زوجها وتنفيذ أوامره، وتستجيب لآرائه ونصحه برغبة وإخلاص، فإذا ما رأت فيه ما هو خطأ في نظرها تبادلت معه وجوه الرأي، وأرشدت إلى موضع الخطأ بلين ورفق واقتناع، فالهدوء والعبارة اللينة تفعل فعل السحر في النفوس.

وقد تجد آفة الغرور و الاستعلاء طريقها إلى المرأة، وهنا تقول السيدة عبير مرشد: في حال وصلت هذه الآفة إلى قلبها فقل على الدنيا السلام، إذ تصبح الشركة الزوجية مهددة بأخطر أنواع المشاحنات والمنازعات، فإن الرجل قوام الأسرة بحكم وظيفته التي وهبها الله له، إذا حاولت الزوجة أن تغير من خلق الله وسنته فإن ذلك لن يعود عليها إلا بأضر النتائج.

وعن طريقة تعامل السيدة لينا الغضبان مع زوجها تقول: إذا دعاني زوجي إلى طاعة الله والرسول فاستجيب لدعوته من غير تضرر، ففي ذلك النجاة والغفران، وإذا طلب مني الاحتشام وعدم التبرج فأطيع أمره، ففي ذلك الفوز والرضوان من الله، ولا يهمني ما درج عليه المجتمع فالله يقول :﴿ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ﴾. وإذا طلب مني الاعتدال في نفقات البيت أكون معه بقلبي وحبي وإخلاصي فتلك هي أصول الحياة الزوجية التي وضعها الله بالمودة والرحمة، وأعلم أنه عندما يغضب زوجي من أفعالى بعد نصح وتوجيه فإن السماء تغضب لغضبه.

تقول السيدة خديجة حجازي: إن الطاعة ربما تكون ثقيلة على النفس، وبقدر استعداد الزوجة للقيام بها والإخلاص في أدائها كان الجزاء بقدرها، فقد ذكر الرسول – صلى الله عليه وسلم- النساء بخير وبين أنهن يؤدين خدمات لا يمكن لغيرهن القيام بها ويقدمن تضحيات من أعصابهن وأجسامهن ينوء غيرهن بها، فقد خلقن لأداء رسالة سامية ومهمة، ولهن عند الله الأجر وعظيم الثواب، ولن يكمل هذا الأجر إلا بطاعة الزوج وإرضائه وعدم الإتيان بشيء يكرهه

أما هناء الصالح فتقول :أن الرجل قوام على الأسرة فهو راعيها ومراقب أخلاقها وشؤونها، فواجب على جميع أفراد الأسرة طاعته، ثم هو مكلف بأعباء الأسرة والسعي للإنفاق عليها وقضاء حاجاتها، وهكذا نظمت الأسرة على أن يكون لها راع وصاحب أمر مطاع ورعية تسمع وتطيع.

حدود الطاعة
على أن هذه الطاعة المفروضة على المرأة لزوجها ليست طاعة عمياء وليست طاعة بدون قيد أو شرط أو حدود، وإنما هي طاعة الزوجة الصالحة للزوج الصالح النقي، التي تعتمد على الثقة بشخصه والإيمان بإخلاصه والصلاح في تصرفاته والطاعة المبنية على التشاور والتفاهم تُدعم من كيان الأسرة وأحوالها وتزيد من أواصرها وقوتها، فالمشاورة بين الزوجين واجبة في كل ما يتصل بشؤون الأسرة، بل أنها يجب أن تمتد إلى كل ما يقوم به الرجل من عمل، فليس هناك كالزوجة المخلصة الصادقة مستشار، تعين زوجها وتهديه بعواطفها وتحميه بغريزتها وتغذيه برأيها، وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يستشير زوجاته ويأخذ برأيهن في بعض الأمور الهامة.

وقد استشار رسول الله – صلى الله عليه وسلم- زوجته أم سلمة في أحرج المواقف وأعصبها فكان لمشورتها ورأيها الثاقب أثر كبير في انفراج الأزمة وعودة الأمور إلى مجراها الطبيعي .

وفي النهاية نجد أن الإسلام قد نظم الحقوق الممنوحة لكل من الزوجين، بحيث لو قام بها كل واحد خير قيام لسعد هو وأسعد من حوله، أما إذا أساء أحدهما استخدام هذا الحق فشلت الحياة الزوجية.

فالحياة الزوجية شركة بين الزوجين، وكما قرر الإسلام حقوقاً للزوج قرر أيضاً حقوقاً للزوجة وبين كذلك الواجبات المفروضة على كل منهما، فإن هما قاما باتباعها خير قيام وعرف كل منهما حقوقه وواجباته كما جاءت في الإسلام سعدت الأسرة وأظلتها السكينة وغمرتها رحمة الله.

منقول للافادة




بارك الله فيك.




بارك الله فيك أختي الفاضلة على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق