التصنيفات
القران الكريم

[إعلان] بشرى تفريغ جميع أشرطة مفسر الزمان ابن عثيمين ||||

تعليمية تعليمية

[إعلان] بشرى تفريغ جميع أشرطة مفسر الزمان ابن عثيمين -رحمه الله-

حياكم الله؛ أبشركم بتفريغ جميع أشرطة مفسر الزمان ابن عثيمين -رحمه الله-، والتفريغ موجود في برنامج أهل الحديث والأثر الإصدار الأخير.
أدخلوا من هنا

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الشعر والنثر

مع بديع الزمان الهمذاني .

بسم الله الحمن الرحيم

بديع الزمان الهمذاني
تو 398 هـ


تعليمية اسمه احمد بن الحسين. وكنيته أبو الفضل، ولقبه بديع الزمان.. وقد ولد في همذان ،واستقر في خراسان ، ومات في مدينة هراة.

أما لقب بديع الزمان فلا ندري إن كان من صنعه أم من صنع الثعالبي صاحب يتيمة الدهر الذي قال:‏ هو بديع الزمان ، ومعجزة همذانا‏

معلمه الأول أبو الحسن احمد بن فارس وقد غادر بلده في الثانية عشرة من عمره .‏ ولما بلغ الري اتصل بالصاحب ابن عباد ولزم دار كتبه فتأثر بتلك المدرسة وبأساليبها .. ولأنه صاحب ذاكرة قوية وحافظة نادرة فقد استفاد كثيرا مما قرأ.. وقد بالغ معاصروه في وصف مقدرته على الحفظ مبالغة كبيرة لايمكن أن يقبلها العقل.‏

بعد ذلك غادر حضرة الصاحب، وقصد جرجان وهناك خالط علماءها من الإسماعيلية فعاش بينهم، واقتبس الكثير من علومهم، وفلسفتهم الباطنية ومن عندهم انصرف إلى نيسابور فكانت له معركة أدبية فاصلة مع أبي بكر الخوارزمي.. وفي نيسابور أيضا كتب مقاماته المشهورة.‏ وبعد أن تغلب بديع الزمان على أبي بكر الخوارزمي طابت له الأسفار خصوصا بعد أن مات الأخير فراح ينتقل من مكان إلى آخر، فجاب خراسان ، وباكستان وغزنة, وكرمان متكسبا بأدبه من شعر ونثر

لم يكن عصر بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات المعروفة‘ والمجد الأدبي الكبير عصرا فقيرا من الناحية الأدبية والعلمية ، بل كان كما سمي زبدة الحقب إذ ظهر فيه فطاحل الأدب والعلم والشعر أمثال المتنبي‏ والخوارزمي والتوحيدي، وابن دريد، والشريف الرضي ر والثعالبي ،والمعري ، وابن سينا , والقالي , والجرجاني, والطبري , وابن النديم… الخ..‏

والمقامة حكاية قصيرة يتنوع موضوعها، وتقوم على التفنن في الإنشاء، وإيراد الحكم والأمثال وتصوير شخصية بطلها، في أسلوب بارع متأنق، وروح خفيفة، وصنعته البديعية لا يمجُّها الذوق الأدبي، لما فيها من الطبع وحسن التأليف، وجمال الفن: كالمقامة البغدادية والمضيرية والقريضية.
.‏
اتصل بالصاحب ابن عباد ولزم دار كتبه فتأثر بتلك المدرسة وبأساليبها .. ولأنه صاحب ذاكرة قوية وحافظة نادرة فقد استفاد كثيرا مما قرأ.. وقد بالغ معاصروه في وصف مقدرته على الحفظ مبالغة كبيرة لايمكن أن يقبلها العقل.‏

وقد فاز بهدايا وأعطيات الملوك والوزراء والأمراء .. وكانت هراة مركز سعده وغناه المادي فألقى فيها عصا ترحاله بعد أن صاهر أحد أشرافها،‏ واقتنى الضياع ومن فيها حتى أنه كتب إلى والده كي يأتي إليه ويعيش معه في هراة إلا أن الأب رفض الفكرة.

‏ وحكي أن بديع الزمان مات مسموما، وقيل إنه مات بداء السكتة ودفن حيا، وموته بالسم أقرب إلى الصحة لأن الكثير من جوانب شخصيته وأخلاقه قد تقوده إلى هذا المصير.‏ وقد ذكر في أكثر من مرة أنه قضى في هراة أطيب أيام حياته ، وهراه كما يبدو من وصف ياقوت الحموي لها في معجم البلدان مدينة جميلة ورائعة.‏ أما خلقه وشكله فقد وصفهما أبو سعيد عبد الرحمن بن دوست جامع رسائل الهمذاني قائلا : وكان أبو الفضل وضيّ الطلعة وضيّ العشرة ، فنان المشاهدة، سحار المفاتحة، غاية في الظرف ، آية في اللطف معشوق الشيمة مرزوقا فضل القيمة.

و عرف بديع الزمان الهمذاني بالبخل وهي صفة مكروهة بالإنسان إذ لم يجُد على أبيه رغم غناه وثرائه إلا بمائة دينار، واشترط عليه ان يدفعها له حينما ينتقل للعيش في هراة إلا أن الأب كما ذكرنا سابقا رفض الفكرة من أساسها لأنه لايمكن أن يعيش بعيدا عن وطنه وهذه الطريقة التي استخدمها الابن لاستقدام أبيه إلى هراة ماهي إلا طريقة تعجيزية كي يعطيه شيئا من ثروته.‏ وعندما يئس الأب من ان ينال شيئا من ابنه استكتب أمه رسالة في هذا الموضع إلا أن قلب بديع الزمان من صخر لايلين فما رد عليها بل قال فيها هذه الأبيات:‏
وعجوز كأنها قوس لام فلقوها من نبعة شرفلق‏
كاتبتني شوقا إليَّ وقالت : أخذ الله يا بني , بحقي‏
قلت لا أستطيع ترك بلاد قد وفى الله في ثراها برزقي‏

أما آثاره فهي محصورة في رسائله ومقاماته وديوانه،وكلها لو جمعت في كتاب لما بلغ حجم ديوان البحتري.‏

أما مقاماته فهي من صنع بديع الزمان نفسه دون أن يتأثر بأحد ، وهو الذي ألبسها ثوبها الموشى… أما موادها فهي مأخوذة ومستوحاة من المجتمع الذي عاشه وعايشه الهمذاني أو من القصص التي وصلت إلى مسامعه.‏ ولو عاينا شعره لوجدناه أقل شأنا بكثير من رسائله ومقاماته ، وقد غلب عليه السجع والزخرف.‏

بقي أن نقول رغم كل المآخذ التي أخذت على صاحب المقامات بديع الزمان الهمذاني والتي لها مساس مباشر بأخلاقه وطباعه والتي لا تليق بأديب كبير مثله استطاع أن يحقق المجد لنفسه وأن يعتلي مكانة أدبية كبيرة، وأن يكون مادة دسمة لجميع الدارسين وعشاق هذا النوع من النثر الفني .

تعليمية




شكرا لك ماما غاية الهدي على الموضوع والنبذة المختصرة عن هذه الشخصية التي صنعت المجد في فن المقامة .
دمت لنا ودام نزف قلمك بخير عطاء لهذا المنتدى .




شكرا لك على هذه الجولة والترجمة الهامة لاحد اعمدة الادب العربي

دوما متميزة هنيئا لك




مشكورة و بارك الله فيك على هذه النبذة عن صاحب المجد الأدبي بديع الزمان الهمذاني




التصنيفات
الخواطر

عجيب هذا الزمان


من المؤسف حقا ان تبحث عن الصدق في عصر الخيانة وتبحث عن الحب في قلوب
جبانة

اذا كان هناك من يحبك فانت انسان محظوظ وإذا كان صادقا في حبه فانت اكثر الناس

حظا


اكثر الناس حقارة هو ذلك الذي يعطيك ظهره وانت في امس الحاجة إلى قبضة يده

لا يوجد اسوأ من انسان يسألك عن اسمك الذي طالما كان يقرنه دائما بكلمة احبك

لاشك في انك اغبى الناس اذا كنت تبحث عن الحب في قلب يكرهك

الخيانة في بعض الاحيان تكون الشعور الاجمل إذا كان الشخص المغدور يستحقها

الحب الحقيقي لا ينتهي الا بموت صاحبه والحب الكاذب يموت عندما يحيا صاحبه

كل خائن يختلق لنفسه ألف عذر وعذر ليقنع نفسه بانه فعل الصواب

الحب كالزهرة الجميلة والوفاء هي قطرات الندى عليها والخيانة هي الحذاء البغيض

الذي يدوس على الوردة فيسحقها

ايها الخائن لو كانت كل قصة حب تنتهي بالخيانة لاصبح كل الناس مثلك

الحب مشاعر جميلة واحاسيس راقية الحب هو حياة القلب الميت

اذا لم تم تكن اهلا لقول كلمة احبك فلا تقلها لان الحب تضحية وصبر وتعب

لا تسالني عن الخيانة فانا لا اعتقد ان هناك كلمات قادرة على وصفها

اذا كنت تحب بصدق فتوكل على الله ولا تفقد الامل وإذا كنت كاذبا فارحل وتحدث عن

القضاء والقدر

الوفاء عملة نادرة والقلوب هي المصارف وقليلة هي المصارف التي تتعامل بهذا النوع

من العملات

يقول القلب الصادق انا احبك اذن انا مستعد لفعل اي شيء من اجلك

ارجوكم اقنعوني باي شيء الا الخيانة لانها تحطم القلب وتنزع الحياة من احشاء الروح

اذا كنت تحب بصدق فلا تتخاذل لان التخاذل هو الخيانة ولكن بحروف مختلفة

الحب الجميل الصادق تبقى ذكراه الى الابد والحب الكاذب ينتهي الى آخر نقطة في

قاع الجرح

اذا مزقت قلبي فلا تتحدث عن الحب لان الحب بريء من الخونة

لو كان في قلبك ذرة واحدة من الحب فتاكد بان آخر ما كنت ستفكر فيه هو الابتعاد

عني

الا تخجل من التحدث عن الحب وانت الذي زرعت في قلبي اكثر الجروح ايلاما

اذا كنت تحبني فربما احبك وربما لا العب بك ولكن اذا كنت تكرهني فتاكد ان الكراهية
لا تقتل سوى قلب صاحبها
من قال احبك … وهو كاذب .. فهذا ابشع البشر ..وليس له قلب..!!




بارك الله فيك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة first_info تعليمية
بارك الله فيك

مرورك يشرفني




تسلم إيديك علي الطرح الرآئع
خاطره رائعة
راقت لي كثيرا
إنتظار جديدك دوما
إحترامي لك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الغزالة تعليمية
تسلم إيديك علي الطرح الرآئع
خاطره رائعة
راقت لي كثيرا
إنتظار جديدك دوما
إحترامي لك

شكرا و بارك الله فيك على المرور




التصنيفات
السنة الخامسة ابتدائي

الطفل و مفهوم الزمان

الطفل و مفهوم الزمان وبعض الأنشطة المساعدة :

في مرحلة ما قبل التمدرس، يعيش الطفل أساسا في الوقت الحاضر، فمفاهيم الماضي والمستقبل، البارحة والغد لا تزال مفاهيم مجردة بالنسبة للطفل.
يبني الطفل المعلمة الزمانية من خلال المواعيد الاعتيادية والمنتظمة التي تتخلل يومه في المؤسسة وخارجها :
² مواعـيـد اللقاء مع الأم
² فترة الاستراحة
² مواعـيد اللمجة
² إلخ…

يعد بناء مفهوم الزمان والمكان نقطة من نقط التحول في نمو الطفل ونقلة نوعية في تطوره. لذا من الضروري أن نسعى في إطار التربية ما قبل المدرسية إلى مصاحبة الطفل في هذه السيرورة، وذلك عن طريق تجسيد مفهوم الزمان لدى الطفل عبر وسائل غير مملة وطرق لعبية تتماشى ومستواه الذهني :

أ – تنظيم أنشطة تربوية تساعد على بناء وتثبيت مفهوم الزمان لدى الطفل :

^إعادة ترتيب صور تتابعـية : يستثمر كثيرا هذا النوع من النشاط في المؤسسة ما قبل المدرسية.
لا ينبغي تجاوز 3 أو 4 مراحل في فئة الصغار مع الحرص على تعريف كل مرحلة كتابة تحت إملاء الأطفال ( عنوان، بداية، نهاية، قبل، بعد).
^بناء شجرات النسب ( arbre généalogique)
^التعرف على أدوات وأشياء قديمة العهد : من المهم جدا أن يقف الأطفال على آثار ملموسة من الماضي (ملابس، أدوات، آثار، مأكولات…)
^غسل دمية أو تحضير وجبة طعام : كلها أمثلة تساعد على تجسيد التسلسل الزمني وأهميته بالنسبة للطفل (لا يمكن غسل الدمية قبل خلع ملابسها).




موضوع قيم ومفيد اخي فرحات اتحفتنا جزاك الله خيرا

لاتبخل علينا بمثل هذه المواضيع

في الانتظار دوما




بارك الله فيك على الطرح القيم

بانتظار جديدك




التصنيفات
السنة الخامسة ابتدائي

الطفل و مفهوم الزمان 2

الإعداد للقراءة الإعداد للرياضيات

– التعرف على الاسم الشخصي – الاستئناس بالأرقام
– التعرف على أيام الأسبوع – الاستئناس بأرقام الشهر من 1 إلى 31
– التعرف على أسماء الأطفال الآخرين وبخاصيتها التراتبية (19 قبل 20 و20 قبل 21 – التعرف على الشهور – استعمال وظيفي وواقعي للإعداد والتعود على –
العد(تحديد عدد الغائبين والحاضرين وتاريخ اليوم)

– مثال لطقوس صباحية

يتم تكرار هذه الأنشطة كل يوم، بعد شرح أبعادها للأطفال في مستهل السنة الدراسية :
يبحث كل طفل عن بطاقة اسمه لوضعها على جدول الحضور(هذا النشاط يرتبط
" بالقراءة" حسب كل مستوى). يمكن كذلك القيام بهذه المهمة عن طريق اللعب حيث

يغطي كل طفل وجهه بيديه ولا يظهر وجهه إلا عندما يسمع اسمه.
يتم تحديد عدد الحاضرين وعدد الغائبين :
فعندما يصل كل طفل إلى القسم، يسجل حضوره بوضع " بطاقة تعريفه" على اللوحة، أما البطاقات غير المستعملة فهي تنتمي للأطفال الغائبين، يمكن تصور الاستعمال بصفة عامة كالتالي :
o تسمية الغائبين
o " قراءة" بطاقات أسمائهم
o تحديد عدد الحاضرين
o تحديد عدد الغائبين
وعندما يصل طفل متأخرا، يمكن مقاربة عملية الطرح (ناقص غائب واحد من مجموعة الغائبين)
تحديد اليوم عن طريق بطاقة تحمل اسم اليوم ( الأيام بدون مدرسة تكتب باللون الأحمر أو بلون مخالف بمقارنة مع الأيام الدراسية الأخرى). تتم كتابة تاريخ اليوم عن طريق بطاقات تكون محضرة مسبقا من طرف المربي أو بمساعدة الأطفال.
تحديد الحالة الجوية لليوم "لوحة التغيرات الجوية" (يمكن صنع هذه اللوحة من طرف المربي أو بمساعدة الأطفال إذا أمكن ذلك).




بارك الله فيك موضوع قيم ومفيد اخي مهدي اتحفتنا

لاتبخل علينا بمثل هذه المواضيع

في الانتظار دوما




مشكور و بارك الله فيك




التصنيفات
السنة الثالثة متوسط

مقامات بديع الزمان الهمذاني

بديع الزمان الهمذاني

ألف في فن المقامات، إلا أنه لم يلق ما لقيته مقامات الحريري من العناية بشرحها وتفسير غريبها لأسباب يعرفها من نظر في مقامات بديع الزمان ورسائله كالرسالة رقم 167، فضاع القسم الأكبر منها ولم يبق من أصل 400 مقامة هي مجموع الكتاب سوى 52 مقامة، عاث بها النساخ كما يقول الأستاذ الإمام محمد عبده (بما أفسد المبنى وغير المعنى مع زيادات تضر بالأصول وتذهب بالذهن عن المعقول، ونقص يُهزّع الأساليب وينقض بنيان التراكيب، فالناظر فيها إن كان ضعيفاً ضل وحار، وإن كان عرّيفاً لم يأمن العثار) وقد أوجز حاجي خليفة التعريف به واكتفي بقوله: (وهو سابق على الحريري والحريري ألف على منواله)، بينما سمى زهاء أربعين شرحاً من شروح مقامات الحريري. وهكذا كان أول من أقدم على شرح مقامات الهمذاني الأستاذ الإمام محمد عبده، بعد عودته من باريس إلى بيروت: (رمضان 1306هـ 1888م). وطبع شرحه في المطبعة الكاثوليكية فيها عام 1889م وصرح أنه أسقط بعض العبارات الفاضحة من مقامتين، كما أسقط المقامة الشامية برمتها (ومكانها بعد المقامة المارستانية) وتبعه على ذلك معظم ناشري المقامات، وكانت هذه المقامة مثبتة في طبعة الجوائب سنة 1298هـ وهي الطبعة الأولىللمقامات. وأثبتها فاروق سعد في نشرته (بيروت 1982 دار الآفاق الجديدة: ص194) إلا أنه أسقط خاتمة المقامة الرصافية (ص228) من غير أن ينبه إلى ذلك، وهي الخاتمة التي اعتذر محمد عبده عن نشرها (ص 157). وتمتاز بعض هذه المقامات بالطرافة كالمقامة الحمدانية التي يصور فيها مساجلة عقدها سيف الدولة لوصف فرس، والمقامة المارستانية التي صور فيها مجنوناً يصب جام غضبه على المعتزلة، والمقامة الجاحظية التي وازن فيها بين الجاحظ وابن المقفع، والمقامة المضيرية التي اشتملت على الكثير من مفردات الحضارة. ألف الهمذاني مقاماته لأمير سجستان خلف بن أحمد، وخصه بست مقامات منها في مدحه. وكان زكي مبارك أول من نبه إلى رأي الحصري في أن الهمذاني نسج في مقاماته على منوال ابن دريد في كتابه الأربعين حديثاً، قال: وهي أحاديث استنبطها من ينابيع صدره، واستنخبها من معادن فكره، وأهداها للأفكار والضمائر…فلما وقف عليها الهمذاني عارضها بأربعمائة مقامة في الكدية، تذوب ظرفاً وتقطر حسناً. انظر في هذا البرنامج تعريفنا بكتاب ابن دريد هذا بعنوان (المطر والسحاب) وكتاب (رسائل الانتقاد) لابن شرف. وفيه أنها: عشرون مقامة؟.
المقامة القريضية

حَدّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: طَرَحَتْنيِ النّوَى مَطَارِحَهَا حَتّى إذَا وَطِئْتُ جُرْجَان الأَقْصى. فاسْتَظْهَرْتُ عَلَى الأَيامِ بِضِياعٍ أَجَلْتُ فِيهاَ يَدَ الْعِمَارةِ، وَأَمْوَالٍ وَقَفْتُهَا عَلى التّجَارَةِ، وَحَانُوتٍ جَعَلْتُهُ مَثَابَةٍ، وَرُفْقَةٍ اتّخَذْتُهَا صَحَابَةً، وَجَعَلْتُ لِلْدّارِ، حَاشِيَتَيِ النّهَار، وللحَانُوتِ بَيْنَهُمَا، فَجَلَسْنَا يَوْمًا نَتَذَاكَرُ القرِيضَ وَأَهْلَهُ، وَتِلْقَاءَنا شَابّ قَدْ جَلَسَ غَيْرَ بَعِيدٍ يُنْصِتُ وَكَأَنّهُ يَفْهَمُ، وَيَسْكتُ وَكَأَنّهُ لَا يَعْلَمُ حَتّى إِذَا مَالَ الكَلَامُ بِنَا مَيْلَهُ، وَجَرّ الْجِدَالُ فِينَا ذَيْلَهُ، قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ عُذَيَقَهُ، وَوَافَيتُمْ جُذَيْلَهُ، وَلَوْ شِئْتُ لَلَفْظْتُ وَأَفَضْتُ، وَلَوْ قُلْتُ لأَصْدَرْتُ وَأَوْرَدْتُ، وَلَجَلَوْتُ الْحقّ في مَعْرَضِ بَيَانٍ يُسْمِعُ الصُّمَّ، وَيُنزلُ الْعُصْمَ، فَقُلْتُ: يَا فَاضِلُ أدْنُ فَقَدْ مَنَّيْتَ، وَهَاتِ فَقَدْ أَثْنَيتَ، فَدَنَا وَقَالَ: سَلُونِي أُجِبْكُمْ، وَاسْمَعُوا أُعْجِبْكُمْ. فَقُلْنَا: مَا تَقُولُ فِي امْرِىءِ الْقَيسِ؟ قَالَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَفَ بِالدِّيارِ وَعَرَصَاتِهَا، وَاغْتَدَى وَالطَّيرُ فِي وَكَنَاتِهَا، وَوَصَفَ الْخيلَ بِصِفَاِتهَا، وَلَمْ يَقُلِ الشِّعْرَ كَاسِيًا. وَلَمْ يُجِدِ القَوْلَ رَاغِبًا، فَفَضَلَ مَنْ تَفَتَّقَ للْحِيلةِ لِسَانُهُ، وَاْنتَجَعَ لِلرَّغْبَة بَنَانُهُ، قُلْنَا: فَما تَقُولُ فِي الْنَّابِغَةِ؟ قالَ: يَثلِبُ إِذَا حَنِقَ، وَيَمْدَحُ إِذَا رَغِبَ، وَيَعْتَذِرُ إِذَا رَهِبَ، فَلَا يَرْمي إِلَّاصَائِبًا، قُلْنَا:فَمَا تَقُولُ فِي زُهَيرٍ؟ قَالَ يُذِيبُ الشِّعرَ، والشعْرُ يُذيبَهُ، وَيَدعُو القَولَ وَالسِّحْرَ يُجِيبُهُ، قُلْنَا: فَمَا تَقُولُ فِي طَرَفَةَ: قَالَ: هُوَ ماَءُ الأشْعَارِ وَطينَتُها، وَكَنْزُ الْقَوَافِي وَمَديِنَتُهَا، مَاتَ وَلَمْ تَظْهَرْ أَسْرَارُ دَفَائِنِهِ وَلَمْ تُفْتَحْ أَغْلَاقُ خَزَائِنِهِ، قُلْنَا: فَمَا تَقُولُ فِي جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ؟ أَيُّهُمَا أَسْبَقُ؟ فَقَالَ: جَرِيرٌ أَرَقُّ شِعْرًا، وَأَغْزَرُ غَزْرًا وَالْفَرَزْدَقُ أَمْتَنُ صَخْرًا، وَأَكْثَرُ فَخْرًا وَجَرِيرٌ أَوْجَعُ هَجْوًا، وَأَشْرَفُ يَوْمًا وَالْفَرَزْدَقُ أَكَثَرُ رَوْمًا، وَأَكْرَمُ قَوْمًا، وَجَرِيرٌ إِذَا نَسَبَ أَشْجَى، وَإِذَا ثَلَبَ أَرْدَى، وَإِذَا مَدَحَ أَسْنَى، وَالْفَرزدقُ إِذَا افْتَخَرَ أَجْزَى، وَإِذَا احْتَقرَ أَزرَى، وَإِذا وصَفَ أَوفَى، قُلنَا: فَمَا تَقُولُ فِي المُحْدَثِينَ منْ الشُّعَراءِ والمُتَقَدِّمينَ مِنهُمْ؟ قالَ: المُتَقَدِّمونَ أَشْرفُ لَفْظًا، وَأَكثرُ منْ المَعَاني حَظًا، وَالمُتَأَخِّرونَ أَلْطَفُ صُنْعًا، وَأَرَقُّ نَسْجًا، قُلْنا: فَلَو أَرَيْتَ مِنْ أَشْعارِكَ، وَرَوَيْتَ لَنا مِنْ أَخْبارِكَ، قالَ: خُذْهَما في مَعْرِضٍ واحِدٍ، وَقالَ:

أَما تَرَوْني أَتَغَشَّى طِمْرًا *** مُمْتَطِيًا في الضُّرِّ أَمْرًا مُرًّا
مُضْطَبنًا عَلى اللَّيالي غِمَرًا *** مُلاقِيًا مِنْها صُرُوفًا حَمْرَا
أَقْصَى أَمانِيَّ طُلُوعُ الشِّعْرى *** فَقَد عُنِينَا بِالأَمَاني دَهْرًا
وَكانَ هذَا الحُرُّ أَعْلى قَدْرًا *** وَماءُ هذَا الوَجْهِ أَغْلى سِعْرَا
ضَرَبْتُ لِلسَّرّا قِبَابًا خُضْرَا *** فِي دَارِ دَارَا وَإِوَانِ كِسْرى
فَانْقَلَبَ الدَّهْرُ لِبَطْنٍ ظَهْرا *** وَعَادَ عُرْفُ العَيْشِ عِنْدي نُكْرَا
لَمْ يُبْقِ مِنْ وَفْرِى إِلَّاذِكْرَا *** ثُمَّ إِلى اليَوْمِ هَلُمَّ جَرَّا
لَوْلا عَجُوزٌ لِي بِسُرَّ مَنْ رَا *** وَأَفْرُخٌ دونَ جِبَالِ بُصْرَى
قَدْ جَلَبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ ضُرَّا *** قَتَلْتَ يَا سَادَةُ نَفْسي صَبْرَا

قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ، فَانَلْتُهُ مَا تَاحَ. وَأَعْرَضَ عَنَّا فَرَاحَ. فَجَعَلْتُ أَنْفيهِ وَأُثْبتُهُ، وَأَنْكِرُهُ وَكَأَنِّي أَعْرِفُهُ، ثُمَّ دَلَّتْنِي عَلَيهِ ثَنَاياهُ، فَقُلْتُ: الإِسْكَنْدَريُّ وَاللَّهِ، فَقَدْ كَانَ فَارَقَنَا خِشْفًا، وَوَافانا جِلْفًا، وَنَهَضْتُ عَلى إِثرِهِ، ثَمَّ قَبَضْتُ عَلَى خَصْرِهِ، وَقُلْتُ: أَلَسْتَ أَبَا الفَتْحِ؟ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ؟ فَأَيُّ عَجُوزِ لَكَ بِسُرَّ مَنْ رَا فَضَحِكَ إِليَّ وَقَالَ:

وَيْحَكَ هذَا الزَّمَان زُورُ *** فَلَا يَغُرَّنَّكَ الغُرُورُ
لَا تَلْتَزِمْ حَالَةً، وَلكِنْ *** دُرْ بِالَّليَالِي كَمَا تَدُورُ.

المقامة الأزاذية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْذَاذَ وَقْتَ الاَزَاذِ، فَخَرَجْتُ أَعْتَامُ مِنْ أَنْواعِهِ لاِبْتِيَاعِهِ، فَسِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ إلى رَجُلٍ قَدْ أَخَذَ أَصْنَافَ الفَوَاكِهِ وَصَنَّفَهَا وَجَمَعَ أَنْوَاعَ الرُّطَبِ وَصَفَّفَهَا، فَقَبَضْتُ مِنْ ُكلِ شَيءٍ أَحْسَنَهُ، وَقَرَضْتُ مِنْ كُلِ نَوعٍ أَجْوَدَهُ، فَحِينَ جَمَعْتُ حَوَاشِيَ الإِزَارِ، عَلى تِلْكَ الأَوْزَارِ أَخَذَتْ عَيْنَايَ رَجُلاً َقدْ لَفَّ رَأْسَهُ بِبُرْقُعٍ حَيَاءً، وَنَصَبَ جَسَدَهُ، وبَسَطَ يَدَهُ وَاحْتَضَنَ عِيَاَلهُ، وَتَأَبَّطَ أَطْفَالَهُ، وَهُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ يَدْفَعُ الضَّعَفَ فِي صَدْرِهِ، وَالْحَرضَ فِي ظَهْرِهِ:

وَيْلِي عَلَى كَفَّينِ مِنْ سَويقِ *** أوْ شَحْمَةٍ تُضْرَبُ بالدَّقِيقِ
أَوْ قَصْعَةٍ تُمْلأُ مِنْ خِرْدِيقِ *** يَفْتَأُ عَنَّا سَطَواتِ الـرِّيقِ
يُقِيمُنَا عَنْ مَنْهَجِ الطَـرِيقِ *** يَارَازِقَ الثَّرْوَةِ بَعْدَ الضِّيقِِ
سَهِّلْ عَلى كَفِّ فتىً لَبِـيقِ *** ذِي نَسَبٍ فِي مَجْدِهِ عَرِيقِ
يَهْدي إِلَيْنا قَدَمَ التَّـوْفـيقِ *** يُنْقِذُ عَيِشي مِنْ يَدِ التَّرْنيقِ
قالَ عِيسى بْنُ هِشامِ: فَأخَذْتُ مِنَ الكِيس أَخْذَةً وَنُلْتُهُ إِياهَا، فَقَالَ:
يَا مَنْ عَنَانِي بِجَمِـيلِ بِـرِّهِ *** أَفْضِ إِلى اللهِ بِحُسْنِ سِرِّهِ
وَاسْتَحْفظِ الله جَمِيلَ ستْـرِهِ *** إِنْ كانَ لا طَاقَةَ لِي بِشُكْرِهِ
فَاللهُ رَبِّي مِنْ وَرَائي أَجْرِهِ قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ فِي الكيسِ فَضْلاً فَاُبْرُزْ لِي عَنْ بَاطِنِكَ أَخْرُجْ إِلَيْكَ عَنْ آخِرِهِ، فَأَمَاطَ لِثَامَهُ، فَإِذَا وَاللهِ شَيْخُنَا أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَندريُّ، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ أَيُّ دَاهِيَةٍ أَنْتَ؟ فَقَالَ:

فَقَضِّ العُمْرَ تَشْبيهَاً *** عَلَى النَّاسِ وَتَمْويهَا
أَرَى الأَيَّامَ لا تَبْقَـى *** عَلَى حَالٍ فَأَحْكِيهَا
فَيَوْماً شَرُّهَـا فِـيَّ *** وَيَوْماً شِرَّتِي فِيهَا
المقامة البلخية

حَدَّثَنَا عِيسى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: نَهَضَتْ بِي إِلى بَلخَ تِجَارَةُ الْبَزِّ فَوَرَدْنُهَا وَأَنَا بِعُذْرَةِ الشَّبَابِ وَبَالِ الفَرَاغِ وَحِلْيَةِ الثَّرْوَةِ، لا يُهِمُّنِي إِلاَّ مُهْرَةُ فِكْرٍ أَسْتَقِيدُهَا، أَوْ شَروُدٌ مِنَ الْكَلِمِ أَصِيدُهَا، فَمَا اسْتَأْذَنَ عَلَى سَمْعِي مَسَافَةً مُقَاِمي؟؟، أَفْصَحُ مِنْ كَلاِمي، وَلمَّا حَنَى الْفِراقُ بِنَاقَوْسَهُ أَو كَادَ دَخَلَ عَليَّ شَابٌّ في زَيٍّ مِلءِ العَيْنِ، وَلْحَيةٍ تَشُوكُ الأَخْدَعَيْنِ، وَطَرفٍ قْد شَرِبَ مَاءَ الرَّافِدَيْنِ، وَلَقِيَنِي مِنَ الْبرِّ فِي السَّناءِ، بِمَا زِدْتُهُ فِي الثَّناءِ، ثُمَّ قَالَ: أَظَعْناً تُرِيدُ؟ فَقُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، فَقَالَ: أَخْصَبَ رَائِدُكَ، وَلاَ ضَلَّ قَائِدُكَ، فَمَتَى عَزَمْتَ؟ فَقُلْتُ: غَدَاةَ غَدٍ، فَقَالَ:

صَبَاحُ اللهِ لا صُبْحُ انطِـلاقٍ *** وَطَيرُ الوَصْلِ لا طَيْرُ الفِراقِ

فأَيْنَ تُريدُ؟ قُلْتُ: الوَطَنَ، فَقَالَ:بُلِّغْت الوَطَنَ، وَقَضَيْتَ الوَطَرَ، فَمَتَى العَوْدُ؟ قُلْتُ: القَابِلَ، فَقَالَ: طَوَيْتُ الرَّيْطَ، وَثَنَيْتَ الْخيْطَ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنَ الكَرَمِ؟ فَقُلْتُ: بِحَيْثُ أَرَدْتَ، فَقَالَ: إِذَا أَرْجَعَكَ اللهُ سَالِماً مِنْ هَذَا الطَّريقِ، فَاسْتَصْحِبْ لي عَدُوّاً في بُرْدَةِ صَديقٍ، مِنْ نِجار الصُّفْرِ، يَدْعُو إِلى الكُفْرِ، وَيَرْقُصُ عَلَى الظُّفرِ، كَدَارَةِ العَيْنِ، يَحُطُّ ثِقَلَ الدَّيْنِ، وَيُنافِقُ بِوَجْهَيْنِ. قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يَلْتَمِسُ دِيناراً، فَقُلْتُ: لَكَ ذلِك نَقْداً، وَمِثْلُهُ وَعْداً، فَأَنْشأَ يَقُولُ:

رَأيُكَ مِمَّا خَطَبْتُ أَعْـلَـى *** لا زِلْتَ لِلمَكْرُمَاتِ أَهْـلا
صَلُبْتَ عُوداً، وَدُمْتَ جُوداً *** وَفُقْتَ فَرْعاً، وَطِبْتَ أَصْلا
لا أَسْتَطيعُ العَطَاءَ حَمْـلاً *** وَلا أُطيقُ السُّؤَالَ ثِـقْـلا
قَصُرْتُ عَنْ مُنْتَهَاكَ ظَنّـاً *** وَطُلْتَ عَمَّا ظَنَنْتُ فِعْـلا
يا رُجْمَةَ الدَّهْر والمَعَالـي *** لا لَقِىَ الدَّهْرُ مِنْكَ ثُكْـلا

قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَام: فَنُلْتُهُ الدِّينَارَ، وَقُلتُ: أَينَ مَنْبِتُ هَذا الفَضْلِ؟ فَقَالَ: نَمَتْنِي قُرَيشٌ وَمُهِّدَ لِيَ الشَّرفُ فِي بَطَائِحِهَا، فَقالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ: أَلَسْتَ بِأَبِي الْفَتْحِ الإْسْكَنْدَريِ؟ أَلَمْ أَرَكَ بِالْعِراقِ، تَطُوفُ فِي الأَسْواقِ، مُكَدِّياً بِالأَوْرَاقِ؟ فَأَنْشِأَ يَقُولُ:

إِنَّ لـلـهِ عَـبِـيدَاً *** أَخَذُوا الْعُمْرَ خَلِيطاً
فَهُمُ يُمْسُونَ أَعْـرَا *** باً، وَيُضْحُونَ نَبِيطا

المقامة السجستانية

حَدَثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدا بِي إِلى سِجِسْتَانَ أَرَبٌ، فَاقْتَعَدْتُ طِيَتَّهُ، وَامْتَطَيْتُ مَطِيَّتَهُ، وَاسْتَخَرْتُ الله فِي العَزْمِ جَعَلْتُهُ أَمَامِي، وَالْحَزْمِ جَعَلْتُهُ إِمَامِي حَتَّى هَدَانِي إِلَيْهَا، فَوَافَيْتُ دُرُوبَهَا وَقَدْ وَافَتِ الشَّمْسُ غُرُوبَهَا، وَاتَّفَقَ المَبِيتُ حَيْثُ انْتَهَيْتُ، فَلَمَّا انْتُضيَ نَصْلُ الصَّبَاحِ، وَبَرَزَ جَيْشُ الْمِصْبَاحِ، مَضَيْتُ إِلى السُّوقِ أَخْتَارُ مَنْزِلاً، فَحِينَ انْتَهَيْتُ مِنْ دَائِرَةُ الْبَلَدِ إِلَى نُقْطَتِهَا، وَمِنْ قِلادَةِ السُّوقِ إِلى وَاسِطَتِهَا، خَرَقَ سَمْعِي صَوْتٌ لَهُ مِنْ كُلِّ عِرْقٍ مَعْنىً، فَانْتَحَيْتُ وَفْدَهُ حَتَّى وَقَفْتُ عِنْدَهُ، فَإذَا رَجُلٌ عَلى فَرَسِهِ، مُختَنِقٌ بِنَفسِهِ، قَدْ ولاَّنِي قَذَالَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ عَرَفَني فَقَدْ عَرَفَني، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفني فأَنا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسي: أَنَا با كُورَةُ اليَمَنِ وَأُحْدُوثةُ الزَّمَنِ أَنَا أُدْعِيَّةُ الرِّجالِ، وَأُحْجيَّةُ رَبَّاتِ الحِجالِ، سَلُوا عنِّي البِلادَ وَحُصُونَها، وَالجِبالَ وَحُزُونَها، وَالأوْدية وَبُطُونَها، وَالبِحارَ وَعُيُونَهَا، والخيلَ وَمُتُونَها، مَنِ الذَّي مَلَكَ أَسْوَارَها، وَعَرَفَ أَسْرَارَهَا، وَنَهَجَ سَمْتَها، وَوَلَجَ حَرَّتَهَا؟ سَلُوا المُلوكَ وَخَزَائِنَها، وَالأَغْلاقَ وَمَعادِنَها، وَالأُمُورَ وَبَوَاطِنَها، وَالعُلُومَ وَمَوَاطِنها، وَالخُطُوبَ وَمَغالِقَهَا، وَالحُروبَ وَمَضَايِقَهَا، مَنِ الذَّي أَخَذَ مُخْتَزَنَها، وَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهَا؟ وَمَنِ الذَّي مَلَكَ مَفَاتِحَها، وَعَرَفَ مَصَالِحَها؟ أَنَا وَاللهِ فَعَلْتُ ذلِكَ، وَسَفَرْتُ بَيْن المُلُوكِ الصِّيدِ، وَكَشْفُت أَسْتَارَ الخُطُوبِ السُّودِ، أَنَا وَاللهِ شَهِدْتُ حَتّى مَصارِعَ العُشَّاقِ، وَمَرِضْتُ حَتَّى لِمَرَضِ الأَحْدَاقِ، وَهَصَرْتُ الغُصُونَ النَّاعِماتِ، وَأَجْتَنَيْتُ وَرْدَ الْخُدُودِ الْمُوَرَّداتِ، وَنَفَرْتُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ الدُّنْيَا نُفُورَ طَبْعِ الْكَرِيمِ عَنْ وُجُوهِ اللِّئَامِ، وَنَبَوتُ عَنْ الْمُخْزِياتِ نُبُوَ السَّمْعِ الشَّريفِ عَنْ شَنْيعِ الْكَلامِ وَالآنَ لَمَّا أَسْفَرَ صُبْحُ الْمَشِيبِ، وَعَلَتْنِي أُبَهةُ الْكِبَرِ، عَمَدْتُ لإِصْلاحِ أَمْرِ الْمَعَادِ، بإِعْدَادِ الزَّادِ، فَلَمْ أَرَ طَرِيقاً أَهْدَى إِلى الرَّشَادِ مِمَّا أَنْا سَالِكُهُ، يَرَانِي أَحَدُكُمْ رَاكِبَ فَرَسٍ، نَاثِرَ هَوَسٍ، يَقُولُ: هذاَ أَبُو الْعَجَبِ، لاَ وَلَكِّنِيَ أَبُو الْعَجَاِئبِ، عَايَنْتُهَا وَعَانَيْتُهَا، وَأُمُّ الْكَبَائِرِ قَايَسْتُهَا وَقَاسَيْتُهَا، وَأَخُو الاْغْلاَقِ: صَعْباً وَجَدْتُهَا، وَهَوْناً أَضَعْتُهَا، وَغَالِياً اشْتَرَيْتُهَا، وَرَخِيصاً ابْتَعْتُهَا، فَقَدْ واللهِ صَحِبْت لهَا الْمَواكِبَ، وَزَاحَمْتُ الْمَنَاكِبَ، وَرَعَيْتُ الْكَواكِبَ، وأَنْضَيْتَ الْمَراكِبَ، دُفِعْتُ إِلى مَكَارِهَ نَذَرْتُ مَعَهَا أَلاَّ أَدَّخِرَ عَنِ المُسْلِمِينَ مَنَافِعَهَا، وَلاَ بُدَّ لِي أَنْ أَخْلَعَ رِبْقَةَ هَذِهِ الأَمَانَة مِنْ عُنُقِي إِلَى أَعْنَاِقكُمْ، وَأَعْرِضَ دَوائِي هَذا فِي أَسْوَاقِكُمْ، فَلْيَشْتَرِ مِنِّي مَنْ لاَ يَتَقَزُّزُ مِنْ مَوْقِفِ الْعَبِيدِ، ولاَ يَأَنَفُ مِنْ كَلِمَةِ الْتَّوحِيدِ، وَلْيَصُنْهُ مَنْ أَنْجَبَتْ جُدُودُهُ، وَسَقَى بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ عُوُدُهُ.
قَالَ عِيسَى بْنُ هِشَامٍ: فَدُرْتُ إِلَى وَجْهِهِ لأَعْلَمَ عِلْمَه فَإِذَا هُوَ وَاللهِ شَيْخُنَا أَبْو الْفتْحِ الإِسْكَنْدَرِيُّ، وَانْتَظَرْتُ إَجْفَالَ النَّعَامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَعَرَّضْتُ فَقُلْتُ: كَمْ يُحِلُّ دَوَاءَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: يُحِلُّ الْكِيسُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكْتُهُ وَانْصَرَفْتُ
المقامة الكوفية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: كُنْتُ وَأَنَا فَتِىُّ السِّنِّ أَشُدُّ رَحْلِي لِكُلِّ عَمَايَةٍ، وَأَرْكُضُ طِرْفَي إِلَى كلِّ غِوَايَةٍ، حَتَّى شَرِبْتُ مِنَ العُمْرِ سَائِغَهُ، وَلَبِسْتُ مِنَ الدَّهْرِ سابِغَهُ، فَلَمَّا انْصَاحَ النَّهَارُ بِجَانِبِ لَيْلَى، وَجَمَعْتُ للمَعَادِ ذَيْلي، وَطِئتُ ظَهْرَ المَرُوضةِ، لأداءِ المَفْرُوضَةِ، وَصَحِبَني فِي الطَّريقِ رَفيقٌ لَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ سُوءٍ، فَلَمَّا تجَالَيْنا، وَخَبَّرْنا بحالَيْنا، سَفَرَتِ القِصَّةُ عَنْ أصْلٍ كُوفيّ، وَمَذْهَبٍ صُوفِيّ، وَسِرْنا فَلَمَّا أَحَلَّتْنا الكُوفَةُ مِلْنا إِلى دَارِهِ، وَدَخلْنَاهَا وَقَدْ بَقَلَ وَجْهُ النَّهَارِ وَاخْضَرَّ جَانِبُهُ وَلَّما اغْتَمَضَ جَفْنُ اللَّيْلِْ وَطَرَّ شَارِبُهُ، قُرِعَ عَلَيْنا البابُ، فَقُلْنا: مَنِ القارِعُ المُنْتابُ؟ فقالَ: وَفْدُ اللَّيْلِ وَبَريدُهُ، وَفَلُّ الجُوعِ وَطَريدُهُ، وَحُرُّ قَادَهُ الضُّرُّ، والزَّمَنُ المُرُّ، وَضَيْفٌ وَطْؤُهَ خَفيفٌ، وَضَالَّتُهُ رَغيفٌ، وَجَارٌ يَسْتَعْدِى عَلى الجُوعِ، وَالجْيبِ المَرْقُوعِ، وَغَرِيبٌ أَوقِدَتِ النَّارُ عَلى سَفَرِهِ، وَنَبَحَ العَوَّاءُ عَلَى أَثَرِهِ، وَنُبِذَتْ خَلْفَهُ الحُصَيَّاتُ، وَكُنِسَتْ بَعْدَهُ العَرَصاتُ، فَنِضْوُهُ طَليحٌ ، وَعَيْشُهُ تَبْريحٌ، وَمِنَ دُونِ فَرْخَيْهِ مَهَامِهُ فِيحٌ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشَامٍ: فَقَبَضْتُ مِنْ كِيسي قَبْضَةَ اللَّيْثِ، وَبَعَثْتُها إِلَيهِ وَقُلْتُ: زِدْنا سُؤَالاً، نَزِدْكَ نَوَالاً، فَقَالَ: ما عُرِضَ عَرْفُ العُودِ، عَلى أَحَرَّ مِنْ نَارِ الجُودِ، وَلا لُقِيَ وَفْدُ البِرِّ، بأَحْسَنَ مِنْ بَريدِ الشُّكْرِ، وَمَنْ مَلَكَ الفَضْلَ فَلْيُؤَاسِ، فَلَنْ يَذْهَبَ العُرْفُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَحَقَّقَ اللهُ آمَالَكَ، وَجَعَلَ اليَدَ العُلْيا لَكَ.
قَالَ عِيسى بْنُ هِشامٍ: فَفَتَحْنا لَهُ البَابَ وَقُلْنا: ادْخُلْ، فَإِذا هُوَ وَاللهِ شَيْخُنا أَبُو الفَتْحِ الإِسْكَنْدَريُّ، فَقُلْتُ: يا أَبَا الفَتْح، شَدَّ مَا بَلَغتْ مِنْكَ الخصَاصَةُ. وَهذَا الزِّيِّ خَاصَّةٌ، فَتَبَسَّمَ وَأَنْشأَ يَقولُ:

لاَ يَغُـرَّنَـكَ الـذِي *** أَنَا فيهِ مِنَ الطَّلَـبْ
أَنَا فِي ثَـرْوَةٍ تُـشَ *** قُّ لَهَا بُرْدَةُ الطَّرَبْ
أَنَا لَوْ شِئْتُ لاَتَّـخَـذْ *** تُ سُقُوفاً مِنَ الذَهَبْ




موضوع قيم ومميز

بارك الله فيكي




موضوع مشوق