اهم شئ يحتاجه الطفل في حياته للدراسة هو مراعات نفسية و ظروفه المنزلية بالتنسيق مع اهله و محاولت حل المشكل ان وجد بالاستعانة مع المرشد الاجتماعي .
اهم شئ يحتاجه الطفل في حياته للدراسة هو مراعات نفسية و ظروفه المنزلية بالتنسيق مع اهله و محاولت حل المشكل ان وجد بالاستعانة مع المرشد الاجتماعي .
ارجو المساعدة اريد حل نص" الدعوة الى الاصلاح و الميا الى الرهد" | ||
موفقة
نتمنى أن تجدي ضالتك
بالتوفيق
ارجو المساعدة في هدا التعبير الموجود في كتاب اللغة العربية للسنة التانية تانوي صفحة 85 انا بحاحة اليه وسريعا من فضلكم
الدعوة الى الاصلاح
ابن جارك غليظ الطباع خشن المعاملة كثيرا مايمزق بتصرفاته هدوء اسرته في وقت متاخر من الليل. فكرت في تخليص هده الاسرة من مغاناتها.
حرر نص الحوار الدي دار بينكما مستعملا الاسلوب الخبري و الانشاءي مقتبسا حججك من القرءان و السنة و الافوال الناثورة
عدم استطاعة الدعوة بالنظر لتأثير قيم المجتمع
معالي الشيخ وفقكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أود من فضيلتكم توضيح عدم الاستطاعة في العصر الحالي لتعميق تأثير القيم الحالية على الشباب مع أن الإسلام في الأساس أتى وأوقف تأثير أو تأثر الشباب والناس كلهم بالقيم، واستطاع مع أنها أشد وأعظم -في نظري- من القيم الحالية آمل توضيح ذلك وجزاكم الله خيرا؟ جواب الشيخ: مو معناه عدم الاستطاعة معناه يعني أننا لا نعمل شيئا؛ لأن القيم الوافدة ستغلب ليس معناه عدم الاستطاعة هذه، ولكن عدم الاستطاعة حكم شرعي ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا))[البقرة:286]، إذا لم تستطع فأنت الحمد لله معفو عنك شرعا لأنك تعمل بما تستطيع، نزوات الشباب من يقول يستطيع أن يوجد أو أن يكون الشباب بأي برنامج ، قصدي أي دعوة أنه يستطيع أن يجعل جميع شباب الأمة صالحين لا تأثير للقيم الأخرى عليهم، هذا في نظري غير واقعي ولا يمارس الواقع؛ بل حتى زمن النبوة من الشباب من مَارَسَ بعض الخطايا، أتى رجل للنبي -صَلَّى الله عليه وسلّم -قال: ((يَا رسُولَ الله ِّإني َلقيت امرَأَةً في الّطَّريق فَما ِمن َشيء يعَملُه بالمَرأة إلاَّ عَملتُه غَير ِّأني لَم أنَكِح.)) يعني لم أطأ إلى آخر الحديث، الرجل والمرأة اللذان زنيا وأقيم عليهما الحد، والذي سرق، والذي كذب، الرجل الذي أتى للنبي -صَلَّى الله عليه وسلم (-شاب) قال: ((ياَ رسُول الله ائَذن ِلي فِي الزِّنى. ))فَقال له ((أترَضَاه لُأمِّك، أترضَاه لُأخِتك)) إلى آخره، والآخر الذي قال: ((: ِّإني لأَجدُ شَهوةَ الزِّنى في صَدِري)) ووضع النبي -صَلَّى الله عليه وسلم -يده بين ثدييه ودعا له، قال: فذهبت تلك من صدري. ونحو ذلك؛ يعني هذا موجود، يعني هذا موجود لا يمكن أنك توقف هذا لأنه من طبيعة الإنسان؛ لكن يجب أن نعمل للدعوة وأن نعمل لترسيخ هذه القيم وتوجيه الشباب لما ينفع، وإعطاء شيء واقعي للشاب؛ لأن أيضا في المربين والدعاة إذا كانوا يتكلمون على أشياء نظرية دائما الشاب لن يفصح لهم بهمومه، لن بفصح لهم بما يمارس فعلا، وحتى الوالد الأب إذا صار في معزل عن ولده سيمارس الولد كل شيء بغيبة عن أبيه فضلا عن من هو أبعد من أبيه. المصدر
|
||
(( الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص ))
بسم الله الرحمن الرحيم
أنزل الله كل كتبه وأرسل كل رسله وشرع كل شرائع دينه موعظة لخلقه ؛ قال الله تعال عن رسوله موسى وكتابه التوراة : ) {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ }(لأعراف:145)،وقال الله تعال عن رسوله عيسى وكتابه الإنجيل : ) {وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (المائدة:46) ، وقال تعالى عن خاتم رسله وكتابه القرآن : ) {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } (البقرة:231) بعد ذكر أحكام الطلاق في سورة البقرة ؛ قال أكثر المفسرين الأوائل القدوة : الحكمة هي السنة ، وقال بعضهم : الحكمة الدين ، وقال آخرون : الحكمة الشرع والمعنى واحد .
وقال الله تعال في بيان كفارة الظهار : ){فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ } (القصص:3) وقال تعالى عن قول الإفك : {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (النور:17) وقال تعالى عن كل أمره ونهيه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } إلى قوله : {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90) وقال تعالى عن موعظة لقمان لابنه : {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ،(لقمان:13) {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان:17) وكان الأمر بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك بالله في عبادته أول ما دعا إليه رسل الله ( صلوات الله وسلام وبركاته عليهم أجمعين ) في مواعظهم لأقوامهم استجابة لأمراً الله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل:36) ، ثم التزام ما أمر الله به من حقوق التوحيد ، واجتناب ما نهى الله عن مما هو دون الشرك كما قال الله تعالى : )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (النساء:48) .
وعلى هذه السنة ثبت فقهاء القرون المفضلة لا يرون الموعظة إلا الدعوة إلى الله على بصيرة من الكتاب والسنة تذكيراً بالله وحثاً على فعل ما أمر به ، ونهياً عما نهى عنه ، وتعليماً لأحكام شريعته في الاعتقاد أولاً ثم العبادات ثم المعاملات .
ثم خلقت من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون ؛ وبخاصة بعد أن ذرّ قرن الفكر الموصوف زوراً بالإسلامي بعودة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من باريس ودعوتهما إلى (( تحرير الفكر من قيد التقليد )) ، وكانت بداية الانحراف – في هذا العصر – عن الوحي والفقه إلى الفكر والظن والعاطفة ، وهان على كثير من المسلمين – مهما كان مبلغهم من العلم وجوداً أو عدماً – القول على الله والحكم على شرعه حسب فكرهم واقتناعهم أي : حسب هواهم ، وقد حذّر الله عباده من سوء هذا المنقلب فقال تعالى { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (النجم:23) . وتبعاً لذلك تحول أكثر مشاهير شباب الدعاة عن منهاج النبوة في الدعوة إلى الله من الموعظة الحسنة بآيات الكتاب المبين والصحيح من سنة الرسول الكريم كما فهمها سلف الأمة المعتدَّ بهم (لتثبيت الاعتقاد وتعليم أحكام الإسلام ، وتحبيب الخالق إلى خلقه وترغيبهم في ثوابه وترهيبهم من عقابه )إلى ما أنتجه الفكر غير المعصوم من تلاعب بالألفاظ وتخيلات ظنّية لأخبار ظنّية عن الحوادث والطوارئ السابقة واللاحقة ، وتحولت الدعوة إلى الله موعظة شرعية للفرد أو الجماعة إلى (محاضرات)و(ندوات)و(مهرجانات) يختلط فيها الحق بالباطل والآية ( المحكمة والمتشابهة ) والحديث ( الصحيح والضعيف والموضوع ) بالقصص والشعر والأمثال والفكاهة وفنون اللغة الدّارجة ، يغلب عليها الاهتمام بالأدنى دون الأعلى وبالمهم (أو غير المهم ) قبل الأهم .
ولأن النّفس أمّارة بالسّوء إلاّ ما رحم ربي ، ولأن الشّيطان يجري من ابن أدم مجرى الدّم ، ولأن الأهواء تتجارى بالعواطف كما يتجارى الكلب بصاحبه ، ولأن أكثر الناس لا يؤمنون ولا يشكرون ولا يعلمون ولا يفقهون كما بين الخلق المعبود سبحانه وبحمده ، فإن أكثر المسلمين بعد أن غيّر الدعاة القصّاص فطرتهم – صاروا يقبلون عليهم وينفرون من الدّعوة على منهاج النبوة فازداد عدد القصّاص ونقص عدد الواعظين مما يذكّر بقول الله تعالى : {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} (الجـن:6)على الرّأيين في مرجع الضّمير في قوله : { فَزَادُوهُمْ } ، فالجناية على الدّعوة والجاني القاصّ والمعجبون به معاً وقد بدأ الانحراف من الواعظ إلى القصص مبكراً ،ولكن فقهاء الصحابة رضي الله عنهم ومن تبع منهاجهم وقفوا له بالجهاد وبيّنوا ضلاله ونهوا عنه ؛ تجد ذلك مفصّلاً في:
وإليك طرفاً مما تضمّنته هذه المؤلفات تعريفاً بالقُصّاص وتحذيراً منهم ورداً إلى الله : قال محقق (تحذير الخواص):القصص في الاستعمال من مخاطبة العامة بالاعتماد على القصّة ..وقد أشار ابن الجوزي إلى هذا فقال (فالقاص هو الذي يُتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها )، فقلت : وشرٍّ منها الحكايات الجديدة والإشاعات ، وأخبار وسائل الإعلام ، والشعر والتمثيل والفكاهة .
وروى ابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : (لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )، ورواه أحمد والطبراني عن السائب بن يزيد بنحوه ، وفي رواية عن ابن عمر : (إنما كان القصص حيث كانت الفتنة ) وروى الطبراني بسند جيد عن عمرو بن دينار أن تميماً الدّاريّ استأذن عمر في القصص فأبى أن يأذن له (مرتين )، وفي الثالثة قال له (إن شئت ) وأشار أنه الذبح .
وروى الطبراني عن خباب بن الأرت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن بني إسرائيل لمّا هلكوا قصّوا )).
وروى الطبراني عن عمر بن زرارة قال : وقف علىّ عبد الله بن مسعود وأنا أقص فقال : (يا عمرو ، لقد ابتدعت بدعة ضلالة ، أو أنك أهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه )، قال عمرو : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني ما فيه أحد .
وأخرج عبد بن حميد في تفسيره عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو يقصّ ، فقال له : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ }(مريم:41) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ } (مريم:54) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ } (مريم:56) ذكّر بأيام الله ، واثن على من أثنى الله عليه ).
وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قوله : (القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج ).
وأخرج أحمد في (الزهد) عن أبي المليح قال ذكر ميمون القُصّاص فقال : (لا يخطئ القاصّ ثلاثاً : إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه ، وإما أن يُعجب بنفسه ، وإما أن يأمر بما لا يفعل ).
وقال ابن الحاج في (المدخل) : (مجلس العلم الذي يُذكر فيه الحلال والحرام واتّباع السلف رضي الله عنهم ، لا مجالس القُصّاص فإن ذلك بدعة ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عن الجلوس إلى القُصّاص ، فقال : (ما أرى ان يجلس إليهم وإن القَصص لبدعة ) .
وروى عن يحيى بن يحيى ( عالم الأندلس في عصره ) : سمعت مالكاً يكره القَصص فقيل له : يا أبا عبد الله فإن تكره مثل هذا فعلام كان يجتمع من مضى ؟ قال : (على الفقه ).
وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة 279 : نودي في بغداد : ألاّ يقعد على الطريق ولا في المسجد الجامع ينهى الناس عن الاجتماع إلى قاص ويُمنع القصاص من القعود ) اهـ .
وختم الحافظ العراقي كتابه : (الباعث على الخلاص من حوادث القصاص ) بقوله : (فيجب على ولاة أمور المسلمين منع هؤلاء من الكلام مع الناس ).
وذكر الحافظ ابن الجوزي في أول (كتاب القصاص والمذكرين ) من أسباب كراهية السلف القصص :
(1) أنهم إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكروه .
(2) أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .
(3) أنه يشغل عما هو أهم من تدير القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .
(4) أن في القرآن والسنة من العظة ما يغني عن غيره ممّا لا يُتيقن صحته .
(5) أن عموم القصاص لا يتحرون الصواب .
(6) اغترار العوام [وأشباههم من المثقفين والمفكرين والحركية] بما يسمعون من القصاص فلا ينكرون ما يقولون ، ويخرجون من عندهم فيقولون : قال العالم فالعالم عند العوام من صعد المنبر .
(7) أن القصاص يأخذون الحديث شبراً [بلا تمحيص] فيجعلونه ذراعاً.
قال محقق (تحذير الخواص ) – في مقدمته : (يتمثل تأثير القصاص السيئ على العامة في أن حقيقة الإسلام قد شوهت في أذهانهم فاعتقدوا البدعة سنة والسنة بدعة ، وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدّين الثابتة …فكان العوام ودعاة الابتداع أبداً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء …وآثر فريق من العلماء المسالة فسكتوا خوفاً من القصاص وسلطانهم [على العامة]وإيثاراً للعافية …وترى القصاص رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة أكثر من حرصهم على تقويمهم وتعليمهم وأضحى القاص كالمغني [والممثل والمهرّج ]لا همّ له إلا إطراب السامعين . إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام وغايتهم أن يستحوذ على إعجاب السامعين ).
والواقع أن دعاة القصص والشعر والفكاهة والتهريج والتّهييج – وهم أشهر وأكثر الدعاة اليوم عفا الله عنا وعنهم – حوّلوا الموعظة بل وخطبة الجمعة المفروضة إلى ما يشبه برامج (ما يطلبه المستمعون ) في الإذاعات العربية لرغبة الأغلبية في الهزل ورغبتهم عن الجد فقدم القصاص لعامة الناس ما يرضيهم – لا ما ينفعهم مما شُرعت الموعظة لتحقيقه في مقابل شهرتهم و إذاعة صيتهم والإقبال على مجالسهم ، مما يذكّر بقول الله تعالى عن الضالين والمضلين من الإنس والجن : {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ }(الأنعام:128)جنبنا الله وإياهم مصيرهم ، وردنا وردهم إلى منهاج النبوة في الدين والدعوة – رداً جميلاً .
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله وخاتم رسله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته .
2) عدد من مؤلفات ابن تيمية (ت 728) رحمه الله ، تصدّى للقصّاص فيها . 3) (كتاب الباعث على الخلاص من حوادث القصّاص ) للحافظ العراقي (ت806) رحمه الله 4) (كتاب تحذير الخواص من أكاذيب القصّاص ) للسيوطي (ت 911) رحمه الله . 1) (كتاب القصّاص والمذكرين )، لابن الجوزي (ت 597) رحمه الله .
وهذا كتاب مهذَّب تحذير الخواص من أكاذيب القصاص، لجلال الدين السيوطي
التحميل من هنا
جزاكم الله خيرا على المقال الطيب النافع
و قد كتبه الشيخ سعد الحصين حفظه الله و نفع بعلمه الإسلام و المسلمين
ويرجى التأكد من رابط الكتاب المرفق لأنه لا يعمل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على المقال الطيب النافع و قد كتبه الشيخ سعد الحصين حفظه الله و نفع بعلمه الإسلام و المسلمين ويرجى التأكد من رابط الكتاب المرفق لأنه لا يعمل |
وجزاك الله بالمثل
وبارك الله فيك على التنبيه نعم نسيت ان اذكر المصدر
أما رابط الكتاب فهو يعمل بشكل عادي فقط ما عليك الا الانتضار لبعض الوقت لان المنتدى لا يسمح بمرور الروابط
مباشرة
نسال الله ان ينفع به اخواننا وأخواتنا
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل خير اسال الله ان يكون كل الموضيع الهادفة في ميزان حسناتكم وحسناتنا جميعا |
الأمر الأول: بيان حكم الدعوة إلى الله عز وجل وبيان فضلها :
عليك أن تأخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله ولو خالف فلاناً، وعليك أن لا تتعصب وتقلد تقليداً أعمى، بل تعرف للأئمة فضلهم وقدرهم، ولكن مع ذلك تحتاط لنفسك ودينك، فتأخذ بالحق وترضى به، وترشد إليه إذا طلب منك، وتخاف الله وتراقبه جل وعلا، وتنصف من نفسك، مع إيمانك بأن الحق واحد، وأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد – أعني مجتهدي أهل السنة، أهل العلم والإيمان والهدى – كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما المقصود من الدعوة والهدف منها :
فالمقصود والهدف إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به، وينجو من النار، وينجو من غضب الله، وإخراج الكافر من ظلمة الكفر إلى النور والهدى، وإخراج الجاهل من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعاصي من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، هذا هو المقصود من الدعوة كما قال جل وعلا: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[44]، فالرسل بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ودعاة الحق كذلك يقومون بالدعوة وينشطون لها، لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولإنقاذهم من النار ومن طاعة الشيطان، ولإنقاذهم من طاعة الهوى إلى طاعة الله ورسوله. الأمر الرابع: بيان الأخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة أن يتخلقوا بها وأن يسيروا عليها :
أما أخلاق الدعاة وصفاتهم التي ينبغي أن يكونوا عليها، فقد أوضحها الله جل وعلا في آيات كثيرة، في أماكن متعددة من كتابه الكريم.
(أولا) منها: الإخلاص، فيجب على الداعية أن يكون مخلصا لله عز وجل، لا يريد رياء ولا سمعة، ولا ثناء الناس ولا حمدهم، إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عز وجل، كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [45]، وقال عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}[46]، فعليك أن تخلص لله عز وجل، هذا أهم الأخلاق، هذا أعظم الصفات أن تكون في دعوتك تريد وجه الله والدار الآخرة.
(ثانيا) أن تكون على بينة في دعوتك أي على علم، لاتكن جاهلا بما تدعو إليه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}[47]. فلا بد من العلم، فالعلم فريضة، فإياك أن تدعو على جهالة، وإياك أن تتكلم فيما لا تعلم، فالجاهل يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، فاتق الله يا عبد الله، إياك أن تقول على الله بغير علم، لا تدعو إلى شيء إلا بعد العلم به، والبصيرة بما قاله الله ورسوله، فلا بد من بصيرة وهي العلم، فعلى طالب العلم وعلى الداعية، أن يتبصر فيما يدعو إليه، وأن ينظر فيما يدعو إليه ودليله، فإن ظهر له الحق وعرفه دعا إلى ذلك، سواء كان ذلك فعلاً أو تركاً، فيدعو إلى الفعل إذا كان طاعة لله ورسوله، ويدعو إلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله على بينة وبصيرة.
(ثالثا) من الأخلاق التي ينبغي لك أن تكون عليها أيها الداعية، أن تكون حليماً في دعوتك، رفيقاً فيها، متحملاً صبوراً، كما فعل الرسل عليهم الصلاة والسلام، إياك والعجلة، إياك والعنف والشدة، عليك بالصبر، عليك بالحلم، عليك بالرفق في دعوتك، وقد سبق لك بعض الدليل على ذلك كقوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[48]، وقوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}[49] الآية، وقوله جل وعلا في قصة موسى وهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[50]، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)) خرجه مسلم في الصحيح، فعليك يا عبد الله أن ترفق في دعوتك، ولا تشق على الناس، ولا تنفرهم من الدين، ولا تنفرهم بغلظتك ولا بجهلك، ولا بأسلوبك العنيف المؤذي الضار، عليك أن تكون حليماً صبوراً، سلس القياد لين الكلام، طيب الكلام حتى تؤثر في قلب أخيك، وحتى تؤثر في قلب المدعو، وحتى يأنس لدعوتك ويلين لها، ويتأثر بها، ويثني عليك بها ويشكرك عليها، أما العنف فهو منفر لا مقرب، ومفرق لا جامع..
ومن الأخلاق والأوصاف التي ينبغي بل يجب أن يكون عليها الداعية، العمل بدعوته، وأن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه، ليس من يدعو إلى شيء ثم يتركه، أو ينهى عنه ثم يرتكبه، هذه حال الخاسرين نعوذ بالله من ذلك، أما المؤمنون الرابحون فهم دعاة الحق يعملون به وينشطون فيه ويسارعون إليه، ويبتعدون عما ينهون عنه، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[51]، وقال سبحانه موبخا اليهود على أمرهم الناس بالبر ونسيان أنفسهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[52].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون له يا فلان ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) هذه حال من دعا إلى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ثم خالف قوله فعله وفعله قوله، نعوذ بالله من ذلك.
فمن أهم الأخلاق ومن أعظمها في حق الداعية، أن يعمل بما يدعو إليه، وأن ينتهي عما ينهى عنه، وأن يكون ذا خلق فاضل، وسيرة حميدة، وصبر ومصابرة، وإخلاص في دعوته، واجتهاد فيما يوصل الخير إلى الناس، وفيما يبعدهم من الباطل، ومع ذلك يدعو لهم بالهداية، هذا من الأخلاق الفاضلة، أن يدعو لهم بالهداية ويقول للمدعو هداك الله، وفقك الله لقبول الحق، أعانك الله على قبول الحق، تدعوه وترشده وتصبر على الأذى، ومع ذلك تدعو له بالهداية، قال النبي عليه الصلاة والسلام لما قيل عن (دوس) إنهم عصوا، قال: ((اللهم اهد دوسا وأت بهم)). تدعو له بالهداية والتوفيق لقبول الحق، وتصبر وتصابر في ذلك، ولا تقنط ولا تيأس ولا تقل إلا خيراً، لا تعنف ولا تقل كلاماً سيئاً ينفر من الحق، ولكن من ظلم وتعدى له شأن آخر، كما قال الله جل وعلا: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[53].
فالظالم الذي يقابل الدعوة بالشر والعناد والأذى، له حكم آخر، في الإمكان تأديبه على ذلك بالسجن أو غيره، ويكون تأديبه على ذلك على حسب مراتب الظلم، لكن ما دام كافاً عن الأذى، فعليك أن تصبر عليه، وتحتسب وتجادله بالتي هي أحسن، وتصفح عما يتعلق بشخصك من بعض الأذى، كما صبر الرسل وأتباعهم بإحسان.
وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً لحسن الدعوة إليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والثبات عليه، ويجعلنا من الهداة المهتدين، والصالحين المصلحين، إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
[1] الذاريات الآية 56.
[2] البقرة الآية 21
[3] الطلاق الآية 12.
[4] النحل الآية 36.
[5] الأنبياء الآية 25.
[6] الحديد الآية 25.
[7] البقرة الآية 213.
[8] النساء الآية 163.
[9] النحل الآية 64.
[10] الأنعام الآية 33.
[11] البقرة الآية 21.
[12] الإسراء الآية 33.
[13] الفاتحة الآية 5.
[14] الجن الآية 81.
[15] الأنعام الآية 162.
[16] السجدة الآية 24.
[17] آل عمران الآية 104
[18] النحل الآية 125.
[19] القصص الآية 187.
[20] يوسف الآية 108.
[21] الأحزاب الآية 21.
[22]- آل عمران الآية 104.
[23] فصلت الآية 33.
[24] فصلت الآية 33
[25] يونس الآية 58.
[26] القصص الآية 76.
[27] يوسف 108.
[28] النحل الآية 125.
[29] البقرة الآية 129.
[30] البقرة الآية 269.
[31] طه الآية 24.
[32] آل عمران الآية 159.
[33] النحل الآية 125.
[34] التحريم الآية 9.
[35] العنكبوت 46.
[36] آل عمران الآية 103.
[37] النساء الآية 58.
[38] النساء الآية 29.
[39] التوبة الآية 71.
[40] الحجرات الآية 10.
[41] البقرة الآية 208.
[42] النحل الآية 90.
[43] الحجرات الآية 13.
[44] البقرة الآية 257.
[45] يوسف الآية 108.
[46] فصلت الآية 83.
[47] يوسف الآية 108.
[48] النحل الآية 125.
[49] آل عمران الآية 159.
[50] طه الآية 44.
[51] الصف الآيات 3-4.
[52] البقرة الآية 44.
[53] العنكبوت الآية 46.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك اخي ابو سليمان وجزاك الله خيرا
وشكرا لك على التوضيح
فإنّ الأمّة اليوم تشكو من تداعي الأمم عليها بديانتها ولغاتهـا وثقافتها وأنواع سلوكها، وأنماط أخلاقها، فتبعيّة أمّتنا المقهورة لها تبعية ذلّ وصغار وضعف، والمعروف من السنن الكونية أنّ القويّ يستحوذ على الضعيف ويهينه، وهذا الخطر المحدق بأمّتنا راجع إلى بُعْدها عن دينها و ثوابتها وانسلاخها عن تراثها وقيم دينها، وانصهارها في حضارات غيرها من الأمم نتيجة الغزو الإعلامي والثقافي وتوسيع دائرة نشاطات التنصير وشبكاته، الأمر الذي –إن لم يستدرك- يفضي إلى الإبادة كما بادت أمم من قبلها ومخرج هذه الأمّة ممّا تعاني منه، ونجاحها مرهون بعودتها إلى دينها على ما كان عليه سلفها الصالح، إذ «لا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها»، ولا تتمّ دعوة الحقّ إلاّ بهذا المنهج السلفي القائم على توحيد الله الكامل، وتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتزكية على صالح الأخلاق والآداب، فإنّه بقدر اتّباع هذا المنهج والتربية عليه والالتزام به يكون الابتعاد عن الانحراف والضلال والتبعية.
إنّ أعلام السلف فاقوا غيرهم من أصحاب الفرق والطوائف في مختلف الميادين سواء في التصورات المتجسّدة في القضايا الكبرى الخاصّة بالله سبحانه وتعالى وكذا مخلوقاته في الحياة والكون، أو في المبادئ الإسلامية والقيم المنبثقة منها التي سلكوها في مواجهة التحديّات العلمية والعقدية التي أثيرت في عصورهم، أو في المنطلقات التأصيلية التي بنوا عليها فهم الإسلام و العمل به نصًّا وروحًـا، أو في التفاعل مع الأحداث والوقائع المستجدّة التي واجهوها وتصدّوا لها، كلّ ذلك ينبّئ عن تكامل هذا المنهج الربّاني القويم في التصوّر والقيم والمبادئ وفي العمل والإصلاح والتربية، وفي السلوك والتزكية، فكان أنْ أنار الله به طريق المهتدين وأضاء به صدور العالمين، شرقا وغربا، وصان به دينه وحفظ به كتابه عن طريق الالتزام به من قٍبَل أعلام السلفية جيلا بعد جيل من صدر الإسلام إلى زماننا الحاضر، ذلك لأنّ هذا المنهج السلفي هو منهج الإسلام المصفّى نفسه، البيّنة معالمه، المأمونة عواقبه، يسير على قواعد واضحة، ويتحلّى بخصائص جامعة، فمن قواعده: الاستدلال بالكتاب والسنّة، والاسترشاد بفهم سلف هذه الأمّة، ورفض التأويل الكلامي، وعدم معارضة النقل برأي أو قياس ونحوهما، وتقديمه على العقل مع نفي التعارض بينهما، كما ينفي التعارض بين النصوص الشرعية في ذاتهما، وجعل الكتاب والسنّة ميزانا للقبول والرفض دون ما سواهما.
ومن خصائصه الجامعة: شموله، وتوسطه بين المناهج الأخرى، ومحاربته للبدع والتحذير منها، واجتناب الجدل المذموم في الدين والتنفير منه، ونبذ الجمود الفكري والتعصّب المذهبي، ومسايرته للفطرة والاعتقاد القويم والعقل السليم.
فمثل هذه المناسبات الهامة في حياة أمّتنا وحياة رجالها تمثّل – بصدق- فرصا للتقويم والتقدير والمراجعة، كما تفتح مجالا واسعا للتفكير في كيفية نشر هذا الدين المصفّى في أرضنا وعلى ربوعها وعلى نطاق واسع بتربية الناس على دينهم الحقّ ودعوتهم إلى العمل بأحكامه، والتحلّي بآدابه، وإبعادهم عن أنماط الضلالات الشركية وأنواع الانحرافات الفكرية، ومختلف الأباطيل البدعية التي شوّهت جمال الإسلام وكدّرت صفاءه، وحالت دون تقدم المسلمين، وكانت سببا لهذا البلاء الذي يعيشه المسلمون اليوم.
إنّ هذا المنهج بمبتغاه الدعوي لا يوجد له صدى واسع إلاّ بانتهاج أسلوب اللّين والموعظة الحسنة بعيدا عن التبكيت والغلظة والفجاجة، فإنّ اللّين في مجال التعليم والإعلام والنصح والدعوة والموعظة الحسنة لهو من أهم الأسباب في انتفاع الناس بدعوة الدعاة ومن أهمّ البواعث في تقبّل توجيهاتهم وإرشاداتهم قال تعالى:﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبّكَ بِالحِكْمَةِ و المَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، وَجَادِلهُمْ بِالَتي هِيَ أَحْسَن﴾ [النحل:١٢٥]، فليس من الحكمة الدعوة بالجهل لأنّه يضرّ ولا ينفع، و ليس من الموعظة الحسنة والجدال بالحسنى الدعوة بالعنف والشدّة لأنّ ضرره أشد وأعظم، ذلك لأن الأسلوب العنيف المؤذي الضارّ يشقّ على النّاس و ينفّرهم من الدّين، بل الواجب الصبر والحلم والرفق في الدعوة إلى الله إلاّ إذا ظهر من المدعو العناد والظلم فلا مانع من الإغلاظ عليه لقوله تعالى:﴿يَا أيّهاَ النّبيّ جَاهِد الكُفّارَ والمُنَافِقِينَ وَاْغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التحريم:٩]، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تجَـادِلُوا أَهْلَ الكِتَابَ إلاّ بالّتي هِيَ أَحْسَن إلاّ الذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ …﴾ [العنكبوت:٤٦]، ومثل هذه الأساليب التي دعا إليها الشرع الحكيم إنّما تقرّرت لتحقيق المقصود من الدعوة إلى الله تعالى وهو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، قال تعالى: ﴿الله وَليّ الَذِينَ آمَنوُا يٌخْرِجُهُمْ مِنَ الظٌّلّمَاتِ إِلَى النٌّور﴾[البقرة:٢٥٧]، وتحقيق هذه الغاية كان من وراء بعثة الرسل، والدعاة إلى الله يقصدون هذه الغاية نفسها وينشطون لها لإخراج الناس من ظلمة الكفر إلى النور والهدى، ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، ومن ظلمة الجهل إلى نور العلم، ذلك العلم الذي لا بدّ منه للدعوة إلى الله ﴿قٌلْ هَذِهِ سَبيِلي أَدْعٌو إِلىَ اللهِ عَلىَ بَصِيرَةٍ﴾[يوسف:١٠٨].
لذلك كان خير ما سعى إليه المسلم ، وبذل فيه النفس والمال هو العلم بالكتاب والسنّة، إذ عليهما مدار السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة، فليحرص المرء على تحقيق الغـاية من الدعوة إلى الله بتحقيق وسيلتها بإخلاص وصدق فلا يثبطه العجز والكسل فهما خلقان ذميمان، ولا يمنعه العجب والغرور في ترك الاستزادة وعدم الاستفادة، فإن العجب والغرور من أكبر العوائق عن الكمال، ومن أعظم المهالك في الحال والمآل.
وفي رحاب هذا المنظور التربوي وعلى محكّ الفتن، وما لقيته الدعوة السلفية في هذه البلاد من ألوان التهم وأعاصير المحن، استطاعت الأخوّة في السنّة أن تجمع أعيانها في مجالس ملؤها التوجيه والتذكير على الاعتدال بين المغالاة والمجافاة واستقامة بين الإفراط والتفريط، وسط لا تفريط ولا شطط، في كلّ الأحوال وفي كلّ مجال، ويكفي صاحب الاستقامة شرفا و فخرا قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَوْ اسْتَقَامُوا عَلىَ الطَّرِيقَةِ لأَسْقَينَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾[الجن:١٦]، وقوله تعالى: ﴿إِنّ َ الذِينَ قَالُوا رَبنّاَ الله ُ ثمّ اسْتقَامُوا فَلاَ خَوْفَ عَلَيهِمْ وَ لاَ هُمْ يحزَنونَ﴾[الأحقاف:١٣].
سائلا المولى عزّ وجلّ أن ينصر دينه ، ويعلي كلمتـه ، ويوفّق القائمين على الدعوة إلى الله لما فيه خير دينهم وصلاح أمّتهم، كما لا يفوتني أن أسجّل شكري الجزيل لإخواني طلبة العلم نسأل الله أن يكافئهم ويجزيهم أحسن الجزاء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
– مجالس تذكيرية على مسائل منهجية– للشيخ الفاضل محمد علي فركوس1424هـ / 2022م.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه كلمة رائقة كتبها الإمام الداعية الكبير، والعالم الرباني الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، وجَّهها إلى إحدى المجلات العربية نصيحة لها في اقتفاء أثر من مضى في الدعوة إلى الله، بيَّن فيها فضل الدعوة والدعاة ومكانتهم في الدين، والطريقة المثلى التي ينبغي أن يتبعوها في الدعوة إلى الله، لتستقيم لهم، ويستقيم من يدعونهم على منهج قرآني مقتفين آثار أسلافهم في ذلك، ليتحقق لهم ما تحقق لأولئك؛ ولتفضي دعوتهم إلى ما أفضى إليه أصلها من خير وعزَّة وقوة وسيادة، بشرط أن تقتفي الأخيرة سنن الأولى في الجدِّ والقوة والحزم، والعمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحكيمهما، والدعوة إليهما على بصيرة وحكمة، وهذا الذي يهديهم إلى الخير، ويقودهم إلى السعادة.
فقال رحمه الله:
الدعوة إلى الله وظيفة أهل الحق من أتباع محمد ، وهي أثمن ميراث ورثوه عنه، وهي أدقُّ ميزان يوزنُ به هؤلاء الورثة ليتبيَّن الأصيل من الدَّخيل، فإذا قصَّر أهل الحقِّ في الدعوة إليه ضاع الدِّين، وإذا لم يحموا سننَه غمرتها البدع، وإذا لم يُجلوا محاسنه علتها الشوائب فغطَّتها، وإذا لم يتعاهدوا عقائده بالتصحيح داخلها الشكُّ ثم دخلها الشرك، وإذا لم يصونوا أخلاقهم بالمحافظة والتربية أصابها الوهن والتحلل، وكلُّ ذلك لا يقوم ولا يستقيم إلاَّ بقيام الدعوة واستمرارها واستقامتها على الطريقة التي كان عليها محمد وأصحابه الهُداة من العلم والبصيرة في العلم، والبيِّنة من العلم والحكمة في الدعوة، والإخلاص في العمل، وتحكيم القرآن في ذلك كلِّه.
ولا يظنُّ ظانٌّ أنَّ الدعوةَ إلى الله خُتمت بالقرآن، وأنَّه أغنى عنها فقطَع أسبابَها، وسدَّ أبوابها، بل الحقيقة عكس ذلك، فالقرآن هو الذي وصل الأسباب وفتح الأبواب، وجعل الدعوةَ سنَّةً متوارثة في الأعقاب، وما دامت عوارض الاجتماع البشري وأطوار العقل الإنساني تُدني الناس من القرآن إلى حدِّ تحكيمه في الخواطر والهواجس، وتُبعدهم عنه إلى درجة الكفر به، فالقرآن ذاته محتاج إلى دعوة الناس إليه، بل الدعوة إليه هي أصل دعوات الحق، ولم يمرَّ على المسلمين زمن كانوا أبعدَ فيه عن القرآن كهذا الزمن، فلذلك وجب على كلِّ من امتحنَ اللهُ قلبَه للتقوى، وآتاه هداه أن يصرفَ قوَّتَه كلَّها في دعوة المسلمين إلى القرآن ليُقيموه ويُحقِّقوا حكمة الله في تنزيله، ويُحكِّموه في أهواء النفوس ومنازع العقول، ويسيروا بهديه وعلى نوره، فإنَّه لا يهديهم إلاَّ إلى الخير، ولا يقودهم إلا إلى السعادة.
الحقُّ والباطل في صراع منذ ركَّب الله الطباع، وإنَّما يظهر الحقُّ على الباطل حين يُحسن أهلُه الدعوةَ إليه على بصيرة، والدفاع عنه بقوة، وقد قام الإسلام على الدعوة، فقوته ـ يوم كان قويًّا ـ آتية من قوة الدعوة، وضعفه ـ يوم أصبح ضعيفاً ـ آتٍ من ضعف الدعوة……….
إلى أن قال رحمه الله: إنَّ شيوع ضلالات العقائد وبدع العبادات والخلاف في الدين هو الذي جرَّ على المسلمين هذا التحلل من الدين، وهذا البُعد من أصْلَيه الأصليين وهو الذي جرَّدهم من مزاياه وأخلاقه حتى وصلوا إلى ما نراه.
وتلك الخلال من إقرار البدع والضلالات هي التي مهَّدت السبيل لدخول الإلحاد على النفوس، وهيَّأت النفوس لقبول الإلحاد، ومُحال أن ينفذ الإلحاد إلى النفوس المؤمنة، فإنَّ الإيمانَ حصنٌ حصينٌ للنفوس التي تحمله، ولكن الضلالات والبدع ترمي الجد بالهوينا، وترمي الحصانة بالوهن، وترمي الحقيقة بالوهم، فإذا هذه النفوس كالثغور المفتوحة لكلِّ مهاجم.
[آثار البشير الإبراهيمي 4/201].
كلمة للشيخ محمد البشير الإبراهيمي في الدعوة إلى الله
من وضع الشيخ د. رضا بوشامة
المصدر موقع راية الاصلاح.
http://www.rayatalislah.com/article.php?id=19
بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله
|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||
كلمة في منهج الدعوة إلى الله
الشيخ عبد الغني عوسات
إنَّه لا يخفى على أحدٍ واقعُ المسلمين، وما وَصَلُوا إليه من الذُّلِّ والصَّغَارِ، وفسادِ الأحوال المؤْذِنِ بالخرابِ والدَّمارِ، ممَّا لا يجدي عدّ صور هذا الواقع دون معالجة جادَّة لهذا الوضع المرِيرِ.
وَلَعَلَّ المرْءَ عندم يَنْظُرُ إلى النَّتِيجَةِ يقوده نظرُه إلى المقدِّمة التي هي مخاضُها ومناطُها فالحكم على الشَّيْءِ فَرْعٌ عن تصوُّرِه ـ فيجد السَّبب الرَّئيس الذي آلَ بالمسلمين إلى هذه الحالة المزْرِيَةِ، هو ابتعادُهم عن كتاب الله تعالى، وعدمُ تمسُّكِهم بسنَّةِ المصطفى ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ وزهدُهم في اتِّباع منهج سَلفهم الصَّالح، وهو ما أشار إليه نبيُّ هذه الأمّة ـ عليه الصَّلاة والسَّلام في هذا البيان المعبَّر عنه بأصدق لسانٍ، حين قال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ البَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللِه، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ، ل يَنْزعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ».(1)
وقال أيضًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَضُرِبَ(2) الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي»، فَبَلَغَ بذلك الذُّلُّ والهوانُ استغلالَ أهل الشِّرك والكفر لخيراتِ المسلمين وسفْكَ دمائهم، وتدنيسَ أعراضهم، وانتهاكَ مقدَّساتِهم، حين تَنَادَوْ عليهم مُؤْتَمِرِينَ وتداعوْا عليهم مُتَحَالِفِينَ، فلم تُغْنِ عنهم كَثْرَتُهم شيئًا وذاقوا وبالَ أمرِهم وانقلبوا خاسِرينَ، وهو ما أخبر عنه الصَّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ـ في قوله: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ كَمَ تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فقال قائل: «أوَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذ؟» قال: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهن»، قالوا: يا رسول الله! وما الوهنُ؟ قال: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ».(3)
وبهذا يُدركُ العاقلُ الأَرِيبُ أنَّ ذلك راجع إلى المسلمين أنفسِهم، وأنَّ كلَّ ما أصابَ النَّاسَ من مصيبة فبِما كسبت أيديهم، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُو بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾[الأعراف : 165]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾[الشورى : 30].
وقال ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: «مَا اخْتلج عِرْقٌ وَلاَ عَيْنٌ إِلاَّ بِذَنْبٍ، وَمَا يَدْفَعُ اللهُ عَنْهُ أَكْثَرُ».(4)
وإنَّ ذوي النُّفوس الأبِيَّة مهما حلَّت بهم رَزِيَّةٌ أو ألمَّتْ بهم رَدِيَّةٌ فإنَّهم يَسْعَوْنَ إلى إزالتِها بإرادةٍ قويَّةٍ وآمالٍ سَنِيَّة وأعمال سُنِّيَّةٍ، وسُرعان ما يُمْعِنُونَ النَّظرَ ويُنْعِمُونَ الفِكْرَ ويُحكِمُون السَّبْرَ لواقعهم، فيحاسبون أنفسَهم فَيُدْرِكُونَ مواقع العِلَلِ ويهتدون إلى مواطنِ الزَّلَلِ، ويتنبهون إلى سببِ الخَلل، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾[الرعد : 11].
وعن الرَّسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّه قال: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ»، قالوا: فكيفَ لنَا يا رسُولَ الله؟ وكيفَ نصنعُ؟ قال: «تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُمُ الأَوَّل»(5)، وبذلك يعلمون أنْ لا مَنَاصَ مِنَ الواقع المزْرِي ولا خلاص مِنَ الوضع المتَرَدِّي إلاَّ بإصلاح ما أُفسِد، وجَبْرِ ما انْكَسَر، وتَقويةِ ما ضَعُف، وحُسنِ الرُّجوع إلى الحقِّ المبين، وصدقِ العودة إلى المنبَع المَعين، وذلك هو سبيل القوَّة والتَّمكين، والخروجِ من هذا الوضعِ المهِين، وذلك لا يتعلَّق ولا يتحقَّقُ إلاَّ بالإصلاح الصَّحيح القائمِ على أسُسِهِ المتِينَةِ والمُنبَثق من مظانِّه المُبِينة.
قال العلاَّمةُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ يَحْيَى المُعَلِّمِي اليَمَانِي: «قد أَكْثَرَ العارفُون بالإسلام المخلصون له ـ من تَقْرِير أنَّ كلَّ ما وقع فيه المسلمون من الضَّعف والخَوَر والتَّخاذل ـ وغيرِ ذلك من وجوه الانْحِطَاطِ ـ إنَّما كان لبُعدهم عن حقيقة الإسلام.
وأرى أنَّ ذلك يرجعُ إلى أمُور:
الأول: الْتِبَاسُ ما ليس من الدِّين بما هو منه.
الثاني: ضَعْفُ اليَقِينِ بما هو من الدِّين.
الثالث: عدمُ العمل بأحكام الدِّين.
وأرى أنَّ معرفةَ الآدابِ النَّبويَّة الصَّحيحةِ، في العبادات والمعاملات، والإقامةِ والسَّفر، والمُعَاشَرَةِ والوَحْدَةِ، والحركةِ والسُّكونِ، واليقظةِ والنَّومِ، والأكلِ والشُّرْبِ، والكلامِ والصَّمْتِ، وغيرِ ذلك ممَّا يَعْرِضُ للإنسان في حياته، مع تَحَرِّي العملِ بما يَتَيَسَّرُ، هو الدَّوَاءُ الوحيدُ لِتِلْكَ الأمراضِ، فإنَّ كثيرًا من تلك الآداب سَهل على النَّفس، فإذا عمل الإنسانُ بما يسهُل عليه منه تاركًا لما يخالفُها لم يَلْبَثْ ـ إنْ شاء الله تعالى ـ أن يَرْغَبَ في الازْدِيادِ، فعسى أن لا تمضيَ عليه مدَّةٌ إلاَّ وقد أصبح قدوَةً لغيره في ذلك؛ وبالاهتداء بذلك الهَدْيِ القَويم، والتَّخَلُّقِ بذلك الخُلُقِ العظيم ـ ولو إلى حدٍّ مَا ـ يَسْتَنِيرُ القلبُ، ويَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، وتطمئِنُّ النَّفْسُ، فيَرْسَخُ اليقينُ ويَصْلُحُ العملُ.
وإذا كَثُرَ السَّالِكُونَ في هذا السَّبيل لم تَلْبَثْ تلك الأمراضُ أنْ تزولَ إن شاء الله».(6)
ولمَّا كان الإصلاحُ بهذه المنزلة الرَّفيعة والمَهمَّة العظيمةِ، كان لِزَامًا على من يُريد الإصلاحَ أن يكون على بصيرة من أمرهِ ومُتَحَلِّيًا في ذلك بصفاته الجديرةِ، قال تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف : 108]، ومُتَّسما في دعوتِه بما أمره به ربُّه حيث قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[النحل : 125].
قال العلاَّمةُ ابن باديس ـ رحمه الله ـ: «شرع اللهُ لعباده ـ بما أنزلَ في كتابه، وما كان من بَيان رسولِه ما فيه استنارةُ عقُولهم، وزكاءُ نفوسِهم واستقامةُ أعمالهم، وسمَّاه سبيلا؛ ليلتزمُوه في جميع مراحلِ سيرِهم في هذه الحيَاة؛ ليُفضِيَ بهم إلى الغايةِ المقصودةِ، وهيَ السَّعادة الأبديَّةُ في الحياةِ الأُخرى؛ وأضافَه إلى نفسِه ليَعلَمُوا أنَّه هو وَضعَهُ وأنَّه لا شيءَ يُوصِلُ إلى رضْوانِه سِوَاه»(7).
وإنَّ على الدَّاعيةِ إلى الإصلاحِ على عِلمٍ وبَصيرةٍ أن يجعلَ نصبَ عَيْنَيْهِ جهودَ الأوَّلين فإنَّه كانت غيرَ قَصِيرَةٍ، وكانت آثَارُها غَزِيرَةً، وعلى رأسِهم الأنبياءُ الَّذين في نهجِهم الحكمةُ والعقلُ، والعصمةُ من الزَّلَلِ، وكان شعارُهم في ذلك ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾[هود : 88]، وتبَعًا لهم الصَّحابةُ ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فقد كانوا على الإصلاح حَرِيصِينَ وعلى الصَّلاح ثَابِتِينَ، ويليهم من اتَّبَعَهُمْ فيه بإحسان إلى يوم الدِّين من الَّذين يَصْلُحُون إذا فَسَد النَّاسُ، والذين يُصْلِحُون ما أفسَدَ النَّاسُ.
فلابدَّ إذًا من منهج سديدٍ وطريق رشيدٍ يَتَّبِعُهُ كلُّ مَنْ يريدُ الإصلاحَ لا يَزِيغُ عنه ولا يَحِيدُ، وهو ما كان مُنْضَبِطًا في ذاته وضَابِطًا لغيره، ولقد قال الإمام مالك بنُ أنسٍ ـ إمامُ دارِ الهجرة وإمامُ عِلْمٍ وهُدَى ـ كلمةً ذهبيَّةً مُذَكِّرً المُصلِحين بأنْ لا سبيل للصَّلاح والإصْلاح إلاَّ إذا كان على سبيل الصُُّلاَّح، فقال ـ رحمه الله ـ: «وَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا لاَ يَكُونُ اليَوْم دِينًا، وَلَنْ يصلح آخر هذه الأمَّةِ إلاَّ بما صلح به أوَّلها».(8)
وعَقيبَ هذه الكلمةِ القويَّة قال الإمامُ محمَّد البشير الإبراهيمي متعلِّقا بمَبناها ومُعلِّقا على معناها: «جملةٌ إن لم تكن من كلامِ النُّبوَّة فإنَّ عليها مَسحةً من النُّبوَّة، ولمحَةً من روحها، ووَمضَةً من إشراقها؛ والأمَّةُ المشارُ إليها في هذه الجملةِ أمة محمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وصلاحُ هذه الأمة شيءٌ ضُربت به الأمثال، وقُدِّمت عليه البراهين، وقام غائبُه مقامَ العَيان، وخَلَّدته بطونُ التَّواريخ، واعترفَ به الموافقُ والمخالفُ، ولهج به الرَّاضي والسَّاخط، وسجَّلته الأرض والسَّماء، فلو نطقت الأرض لأخبَرت أنَّها لم تَشهد ـ منذ دَحْدَحها الله ـ أمَّةً أقومَ على الحقِّ وأهدى به من أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد منذ دَحدحها الله مجموعةً من بني آدم اتَّحدت سَرائرُها وظواهرُها على الخير مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ دَحدحها الله قومًا بدأوا في إقامة قانُون العدلِ بأنفسهم، وفي إقامة شِرْعَة الإحسان بغيرِهم مثلَ أوَّل هذه الأمَّة، ولم تشهد منذُ أنزل الله إليه آدمَ وعَمَرَها بذريَّتِه مثالا صحيحًا للإنسانيَّة الكاملةِ حتَّى شهدته في أوَّلِ هذه الأمَّة، ولم تشهد أمَّةٌ وحَّدَتِ اللهَ فاتَّحدَت قُوَاها على الخير قبلَ هذه الطَّبقة الأولى من هذه الأمَّة».(9)
فهو منهجٌ إذًا تَمتَدُّ أُصُولُه إلى الصَّدر الأوَّل وتَنْبعُ جذورُه مما قَرَّرَهُ العلماء الرَّبَّانِيُّونَ على مدار القُرُونِ، لا يَتَغَيَّرُ بتغيُّر الزَّمان والمكان، مهما تباعدتِ الأمْصَارُ وتقادمتِ الأعصارُ، فكانت قاعدةً جامعةً ومقالةً نافعةً: «نقتَدِي ولا نبتَدِي، نَتَّبِعُ ولا نَبْتَدِعُ»، فإنَّ منهج السَّلف حجَّةٌ على الخلَفِ، قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: «من كان مُتَأَسِّيً فَلْيَتَأَسَّ بأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمَّة قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، وأقومَها هَدْيًا، وأحسنَها حالاً؛ قومٌ اختارَهُم الله لصُحبَةِ نَبِيِّهِ، وإقامةِ دينهِ، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبعوهم في آثارهم، فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم»(10)، ولتأكيد ذلك في أذهان النَّاس وتقريره، قال الإمام الأوزاعي ـ رحمه الله ـ مقولةً مشهورةً في تعبيره: «اصبرْ نَفْسَك على السُّنَّةِ، وَقِفْ حيث وَقَفَ القومُ، وقُلْ بما قالوا، وكفَّ عما كفُّوا، واسلكْ سبيلَ سلفِك الصَّالحِ، فإنَّه يَسَعُك ما وَسِعَهم».(11)
ولعل القارئَ إذا أنعم النَّظرَ في دعوة الرُّسُل عليهم صلوات الله أجمعين، يجدُها ثابتةً غير متغيِّرة على اختلاف الزَّمان والمكان وحالِ الأقوام الذين أُرْسِلُوا إليهم وطولِ الفترة بين الرُّسل، فلم يتغيَّر أساسُ الرِّسالةِ ونقطةُ البدايةِ في الدّعوة والإصلاح ولو مرَّةً واحدة، وإنَّما قامت جميع الرِّسالات بالدَّعوة إلى إفراده سبحانه بالعبادة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾[النحل : 36]، وقال لنبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مخبرًا إيَّاه بما أُرسِل من سبقه في الميدان والبَيَان: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾[الأنبياء : 25]، فإنَّ الله تعالى العليم الحكيم اللَّطيف الخبير، العليم بأحوال عباده والخبير بما يليق ويصلح لهم في كلِّ حال قد اختار هذا لجميع الأوَّلين بدايةً بالمرسلين وكذلك المُرْسَلِ إليهم، فأَمَرَهُم أن يكونوا لهم من المتَّبِعين.
فليس لأحدٍ من البَشَرِ أن يغيِّرَه باختياره لنفسِه أو لغيرِه طريقًا وصراطًا ومنهجًا للإصلاح غير هذ الطَّريق بدَعْوى «تغيِّر الظُّروف» أو «اختِلافِ المَطالبِ» وغيرِ ذلك من المسوِّغات الوَهْمِيَّة والمبرِّرَات غيرِ الشَّرْعِيَّة، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾[النساء : 115]. ويا دُعاة الإصلاح! اتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتُمْ.
أمَّا مجالات الإصلاح التي ينبغي للمصلح أن يعتنيَ بها في دعوته ورسالته فإنَّها كثيرةٌ متعدِّدَةٌ تَعَدُّدَ ما دَخَلَ على أصولِ الدِّين وفروعِه من محدثات وتحريفات في مختلف المجالات بدءًا بالعقيدة والسُّنَّة والفقه والدَّعوة والسُّلوك وغيرها، والله المستعان وعليه التكلان.
—
(1)رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وغيرهم من رواية ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، راجع: «السلسلة الصحيحة»(11).
(2) وفي رواية: «وجعل الذل…»، رواه أحمد (2/50، 92) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، انظر: «إرواء الغليل» (1269).
(3) رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن ثوبان ـ رضي الله عنه .
(4) «صحيح الجامع .(5521) «
(5) رواه الطبراني في «الكبير» و«الأوسط»، عن أبي واقد الليثي؛ وهو حديث حسن؛ «الصحيحة» (3165).
(6) في مقدمته على «فضل الله الصمد» (1/17).
(7) «الدُّررُ الغاليةُ في آداب الدَّعوة والدَّاعية» (25 ـ 26) للإمام ابن باديس رحمه الله .(8)رواه عنه ابن الماجشون، كما ذكرها الشاطبي في «الاعتصام».
(9) هذه الكلمات طليعة حديث كان ألقاه الشيخ البشير الإبراهيمي بدار الإذاعة في بغداد واختص به مجلة «الأخوة الإسلامية»، (العدد 1/22 نوفمبر 1952)، ثم نقلته «البصائر»، (العدد 5/20 فيفري 1953) ويمكننا قراءة الحديث كاملا في «آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي» (4/93-95).
(10) رواه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (1810).
(11) الآجري في «الشريعة» (1/58)
بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله
|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||
السؤال الثاني من الفتوى رقم (7807):
س2: هل الدعوة للتقارب بين الأديان (الإسلام – المسيحية – اليهودية) دعوة شرعية؟ وهل يجوز للمسلم المؤمن حقًا أن يدعو لها ويعمل على تقويتها. سمعت أنه هناك مثل ذلك يقوم به علماء في الأزهر وغيره في المؤسسات الإسلامية، وكذلك هل الدعوة لتقارب بين أهل السنة والجماعة والطوائف الشيعية والدرزية والإسماعيلية والنصيرية وغيرها فيه فائدة للمسلمين؟ وهل ممكن هذا اللقاء وأكثر، بل كل هذه الطوائف تحمل في معتقداتها الشرك بالله والإساءة لرسوله صلى الله عليه وسلم والحقد على الإسلام وأهل السنة والجماعة ؟ وهل يجوز هذا اللقاء والتقارب شرعًا؟
ج2: أولا: أصول الإيمان التي أنزل الله بها كتبه على رسله: التوراة، والإنجيل والزبور، والقرآن، والتي دعت إليها رسله عليهم الصلاة والسلام إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والمرسلين – كلها واحدة بشر سابقهم بلاحقهم وصدق لاحقهم سابقهم وأيده، ونوه بشأنه وإن اختلفت الفروع في الجملة حسب مقتضيات الأحوال والأزمان ومصلحة العباد؛ حكمة من الله وعدلًا، ورحمةً منه سبحانه وفضلًا، قال الله تعالى: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا }{ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } ، وقال تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } وقال تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }{ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } وقال تعالى: { قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، وقال تعالى بعد ذكره دعوة خليله إبراهيم إلى التوحيد وذكر من معه من المرسلين: { أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ }{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ }{ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } ، وقال تعالى: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } وقال تعالى: { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وقال: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } ، وقال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } الآيات .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد » رواه البخاري.
ثانيا: حرف اليهود والنصارى الكلم عن مواضعه، وبدلوا قولًا غير الذي قيل لهم، فغيروا بذلك أصول دينهم وشرائع ربهم، من ذلك قول اليهود : عزير ابن الله، وزعمهم: أن الله مسه لغوب وأصابه تعب من خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فاستراح يوم السبت، وزعمهم: أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، ومن ذلك أنهم أحلوا الصيد يوم السبت بحيلة، وقد حرمه الله عليهم، وأنهم ألغوا حد الزنا في حق المحصن، ومن ذلك قولهم: { إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ } وقولهم: { يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ } إلى غير ذلك من التحريف والتبديل القولي والعملي عن علم اتباعًا للهوى، ومن ذلك زعم النصارى أن المسيح عيسى عليه السلام ابن الله وأنه إله مع الله، وتصديقهم اليهود في زعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، وزعم كل من الفريقين أنهم أبناء الله وأحباؤه، وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وحقدهم عليه، وحسدهم إياه من عند أنفسهم، وقد أخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه وأقروا على أنفسهم بذلك، إلى غير ذلك من فضائح الفريقين وتناقضهم، وقد حكى الله الكثير من كذبهم وافترائهم وتحريفهم وتبديلهم ما أنزل إليهم من العقائد والشرائع، وفضحهم، ورد عليهم في محكم كتابه، قال الله تعالى: { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا }{ يَكْسِبُونَ }{ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } الآيات ، وقال تعالى: { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } الآية . وقال تعالى: { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } … الآيات
، وقال تعالى: { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ، وقال تعالى: { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا }{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا }{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ }{ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا }{ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } الآيات ، وقال تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ } … الآيات ، وقال تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } الآيات ، وقال: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } إلى غير ذلك مما لا ينقضي منه العجب من افترائهم وتناقضهم ومخازيهم وفضائحهم، والقصد ذكر نماذج من أحوالهم ليبنى عليها الجواب فيما يأتي.
ثالثا: مما تقدم يتبين أن أصل الديانات التي شرعها الله لعباده واحد لا يحتاج إلى تقريب، كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى صارت دياناتهم زورًا وبهتانًا وكفرًا وضلالًا، ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة؛ ليبين ما كانوا يخفون من الحق، ويكشف لهم عما كتموه، ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل، قال الله تعالى: { يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ }{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ، وقال: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
لكنهم صدوا وأعرضوا عنه؛ بغيًا وعدوانًا وحسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين الحق، قال الله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } ، وقال: { وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا }{ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } الآيات ، وقال: { وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } الآيات ، وقال: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }{ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } الآيات . فكيف يرجو عاقل يعرف إصرارهم على الباطل وتماديهم في غيهم عن بينة وعلم؛ حسدًا من عند أنفسهم، واتباعًا للهوى – التقارب بينهم وبين المسلمين الصادقين، قال الله تعالى: { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } الآيات ، وقال: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } وقال سبحانه: { كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا }{ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الآيات ، بل هم إن لم يكونوا أشد من إخوانهم المشركين كفرًا وعداوة لله ورسوله والمؤمنين فهم مثلهم، وقد قال الله تعالى لرسوله في المشركين: { فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ }{ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } الآيات :
وقال له: { قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ }{ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }{ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ }{ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ }{ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ }{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } . إن من يحدث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين، بين الحق والباطل بين الكفر والإيمان، وما مثله إلا كما قيل: أيها المنكح الثريا سهيلًا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان .
رابعًا: لو قال قائل: هل تمكن الهدنة بين هؤلاء أو يكون بينهم عقد صلح حقنا للدماء واتقاء لويلات الحروب وتمكينا للناس من الضرب في الأرض والكد في الحياة لكسب الرزق وعمارة الدنيا والدعوة إلى الحق وهداية الخلق؛ إقامة للعدل بين العالمين – لو قيل ذلك قولًا متجهًا وكان السعي في تحقيقه سعيًا ناجحًا. والقصد إليه قصدًا نبيلًا له مكانه، وعظيم أثره، لكن مع المحافظة على إحقاق الحق ونصره فلا يكون ذلك على سبيل مداهنة المسلمين للمشركين وتنازلهم عن شيء من حكم الله، أو شيء من كرامتهم وهوانهم على أنفسهم، بل مع الإبقاء على عزتهم، والاعتصام بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ عملًا بهدي القرآن، واقتداء بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الآيات ، وقال تعالى: { فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } وقد فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم عمليًا، وحققه بصلحه مع قريش عام الحديبية ، ومع اليهود في المدينة .
خامسًا: إن الدروز والنصيرية والإسماعيلية ، ومن حذا حذوهم من البابية والبهائية قد تلاعبوا بنصوص الدين، وشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله، وسلكوا مسلك اليهود والنصارى في التحريف والتبديل؛ إتباعًا للهوى، وتقليدًا لزعيم الفتنة الأول: عبد الله بن سبأ الحميري رأس الابتداع والإضلال والإيقاع بين جماعة المسلمين، وقد عم شره وبلاؤه وافتتن به جماعات كثيرة فكفروا بعد إسلام، وتمكنت بسببه الفرقة بين المسلمين، فكانت الدعوة إلى التقارب بين هذه الطوائف وجماعة المسلمين الصادقين دعوة غير مفيدة، وكان السعي في تحقيق اللقاء بينهم وبين الصادقين من المسلمين سعيًا فاشلًا؛ لأنهم واليهود والنصارى تشابهت قلوبهم في الزيغ والإلحاد والكفر والضلال والحقد على المسلمين والكيد لهم، وإن تنوعت منازعهم ومشاربهم واختلفت مقاصدهم وأهواؤهم، فكان مثلهم في ذلك مثل اليهود والنصارى مع المسلمين. ولأمر ما سعى جماعة من علماء الأزهر المصريين مع القمي الإيراني الرافضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وجدوا في التقارب المزعوم، وانخدع بذلك قلة من كبار العلماء الصادقين ممن طهرت قلوبهم ولم تعركهم الحياة، وأصدروا مجلة سموها: (مجلة التقريب)
وسرعان ما انكشف أمرهم لمن خدع بهم فباء أمر جماعة التقريب بالفشل، ولا عجب فالقلوب متباينة والأفكار متضاربة والعقائد متناقضة، وهيهات هيهات أن يجتمع النقيضان أو يتفق الضدان.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
الكتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 10 )(ج3/ ص191- 206
الطبعة : الأولى
الناشر : رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع – الرياض
تاريخ النشر : 1417هـ – 1996م
للامانة الموضوع منقول