استراحة الجمعة تحملك لزمن غير زمنك الان لتعيش مع احلى الذكريات فتجعلك تبتسم …….. وهذا ما نريده ،ان تعود الوجوه المبتسمة لأساتذتنا وتلاميذتنننننا
ألف شكر على الجلب المميز أخي
بالتوفيق إن شاء الله
استراحة الجمعة تحملك لزمن غير زمنك الان لتعيش مع احلى الذكريات فتجعلك تبتسم …….. وهذا ما نريده ،ان تعود الوجوه المبتسمة لأساتذتنا وتلاميذتنننننا
الجمعةأحكام وآداب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد:
13- ويندب لمن أتى المسجد –قبل أن تقام الجمعة- بعد أن يصلي تحية المسجد التنفل مع طول القيام ما لم يصعد الخطيب المنبر؛ لما ورد أَنَّ ابْنَ عُمَرَ –رضي الله عنهما- كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُصَلِّي رَكَعَاتٍ يُطِيلُ فِيهِنَّ الْقِيَامَ, فَإِذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, وَقَالَ: "هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "9. 1 (9) سورة الجمعة المصدر هنا |
||
بارك الله فيـك و جزاك خيرا على الموضوع القيم
الحمد الله الذي جعل يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، وجعله عيداً للأيام، فاختصه بخصائص جليلة؛ ليعرف الناس قدره، فيقوموا به على الوجه المشروع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، منه المبدأ وإليه الرجوع، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أهدى داعٍ وأجل متبوع، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان في الهدى والتقى والخضوع، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن لله الأمر كله، وبيده الخير كله، يخلق ما يشاء ويختار، والله ذو الفضل العظيم، واشكروا نعمة الله عليكم بما خصكم به – معشر هذه الأمة – من الفضائل التي لم تكن لأحد من الأمم سواكم، خصكم بهذه الملة الحنيفية السمحة، وأكمل الملل وأتمها وأقومها بمصالح العباد إلى يوم القيامة، وخصكم بهذا اليوم – يوم الجمعة – الذي ضل عنه اليهود والنصارى وهداكم الله له، فكان الناس تبعاً لكم مع سبقهم في الزمن، فكان لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد، قال النبي – صلى الله عليه على آله وسلم -: "ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة"(1)، هدانا الله له وأضل الناس عنه، فالناس فيه لنا تبع، هو لنا ولليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد، ولقد خص الله – عز وجل – هذا اليوم بخصائص كونية وخصائص شرعية:
فمن خصائص هذا اليوم الكونية – أي: التي فيها الخلق والتقدير -: ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال عن يوم الجمعة: "فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة وفي هذا اليوم ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي فيسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه"(2)، وأرجى الساعات في هذا اليوم ساعتكم هذه، ساعة الصلاة والاجتماع عليها، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال في ساعة الإجابة يوم الجمعة: "هي بين ما أن يجلس الإمام يعني علي المنبر إلى أن تقضي الصلاة"(3)، ويلي ذلك ما بعد صلاة العصر إلى الغروب.
أما خصائص هذا اليوم الشرعية: فإن فيه صلاة الجمعة؛ التي دل الكتاب والسنة على فرضيتها، وأجمع المسلمون على ذلك، قال الله – تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10]، وقال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "لينتهين أقواما من تركهم الجمعات أو ليختمن على قلوبهم ثم ليكوننَّ من الغافلين"(4)، وقال – صلى الله عليه وسلم -: "من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه"(5)، أي: غلف عليه بغلاف المعاصي وظلماتها؛ حتى لا يصل إليه خير، ولقد خص الله تعالى هذه الصلاة – يعني: صلاة الجمعة – بخصائص تدل على أهميتها والعناية بها فمن ذلك:
وجوب الغسل لها: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم"(6)، أي: على كل بالغ، وقال – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل"(7)، ودخل عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ذات جمعة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخطب الناس، فعرض به – أي: عرض عمر بعثمان -، قال: "ما بال رجال يتأخرون بعد النداء"؟! فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت، فقال عمر: الوضوء أيضاً؟! ألم تسمعوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"(8)، فوبخ أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب عثمان بن عفان أمام الناس؛ لكونه ترك الاغتسال يوم الجمعة.
ومن خصائص صلاة الجمعة: مشروعية التطيب لها ولبس أحسن الثياب، ففي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد ويركع إن بدأ له ولم يؤذي أحداً ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى"(9).
ومن خصائص هذه الصلاة: الثواب الخاص بالتبكير إليها، ففي الصحيحين عن أبى هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة – يعني مثل غسل الجنابة – ثم راح في الساعة الأولى كأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبش أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"(10)، وفي رواية: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب ملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا خرج الإمام أو جلس طووا صحفهم وجاءوا يستمعون الذكر"(11)، وهذه الساعات تختلف طولاً وقصراً بحسب طول النهار وقصره، فاقسم من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام، اقسمه على خمسه أقسام، وبذلك تكون الساعة.
ومن خصائص هذه الصلاة: وجوب الحضور إليها ممن تلزمه من الرجال البالغين العقلاء عند سماع الأذان لها؛ لقول الله – تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]، فلا يجوز التشاغل بعد الأذان الثاني ببيع ولا شراء ولا غيرهما، ولا يصح شيء من العقود الواقعة مما يلزمه الحضور، حتى ولو كان في طريقه إلى المسجد، يعني: لو كان رجلان يمشيان إلى المسجد ثم تبايعا بعد الأذان الثاني فإن البيع باطل وحرام وهما آثمان، ولا ينتقل المبيع إلى المشتري، ولا الثمن إلى البائع؛ لأنه بيع باطل، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"(12)، فالشروط والعقود التي لا تبيحها الشريعة هي باطلة وإن كررت مائة مرة.
ومن خصائص هذه الصلاة: وجوب تقدم خطبتين يتضمنان موعظة الناس بما تقتضيه الحال، ووجوب استماع هاتين الخطبتين على كل من يلزمه الحضور؛ لقول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت"(13)، وروي عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً والذي يقول له أنصت ليست له جمعة"(14)، أي: أنه يحرم من ثواب الجمعة، وإن كان لا تلزمه الإعادة، فلا تكلم أحداً والإمام يخطب، لا بسلام ولا برد سلام، ولا بتشميت عاطس ولا غير ذلك، إلا من كلم الخطيب أو كلمه الخطيب لحاجة أو مصلحة، وإذا رجلان قد أقبلا على المسجد الذي يريدان أن يصليا فيه وهو يخطب فإنه لا يحل لهما أن يتكلما ولو كانا في السوق؛ لأنهما مأموران بالاستماع لهذه الخطبة، أما إذا مررت بمسجد يخطب وأنت لا تريد أن تصلي فيه فلا حرج عليك أن تتكلم؛ لأنك غير مأمور بالإنصات لهذه الخطبة؛ إذ أنك لا تريد الصلاة في هذا المسجد الذي يخطب فيه.
ومن خصائص صلاة الجمعة: إنها لا تقام في أكثر من موضع في البلد إلا لحاجة، بخلاف غيرها من الصلوات، فإنها تقام جماعتها في كل حي؛ وذلك لأن تعدد الجمعة لم يكن معروفاً في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وعهد الخلفاء الراشدين، بل كان الناس يأتون من العوالي ونحوها لصلاة الجمعة، قيل للإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – أيجمع جمعتان في مصر؟ قال: "لا أعلم إن أحداً فعل"، وقال ابن المنذر: "لم يختلف الناس إن الجمعة لم تكن تصلى في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -" قال – أي ابن المنذر -: "وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أبين بيان أن الجمعة خلاف سائر الصلوات، وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد"، وقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد: أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد مع قيام الجمعة القديمة كان في أيام المعتضد، سنة ثمانين ومائتين؛ وذلك لأن تعدد الجمع تفوت به مصلحة المسلمين في اجتماعهم على هذه الصلاة في مكان واحد، على إمام واحد، يصدرون عن موعظة واحدة، ويكون في ذلك عز واعتزاز برؤية بعضهم بعضاً بهذه الكثرة، أما تمزيق المسلمين بكثرة الجمع فهذا خلاف ما يهدف إليه الشرع المطهر.
ومن خصائص صلاة الجمعة: أنها لا تصلى في السفر، أي: أن المسافرين لا يصلون صلاة الجمعة إلا إذا كانوا في بلد تقام فيه الجمعة، فإنه يلزمهم حضورها وصلاتها مع الناس، أما المسافرون الذين في البر فإنه لا يجوز لهم أن يصلوا صلاة الجمعة ولو بخطبة وإمام، وقد ظن بعض الجهال أن صلاة الجمعة كصلاة الظهر تصلى حتى في البر وفي السفر أو في النزهة، وهذا غلط عظيم على شريعة الله، وهاهو النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو الإمام القدوة الذي لنا فيه أسوة، نرجو الله تعالى أن تكون أسوة حسنة، هذا النبي الكريم لم يكن يصلي الجمعة في السفر، بل إنه كان في عرفة الذي صادف يوم الجمعة وهو في أكبر مجمع مع المسلمين لم يقم صلاة الجمعة؛ كما صح ذلك في حديث جابر في صفة حج النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وعلى هذا فمن صلى الجمعة في نزهة أو نحوها فإنه إن كان عالماً فهو آثم مذنب، وإن كان جاهلاً فنرجو الله – تعالى – أن يعفو عنه، ولكنه عليه أن يعيدها ظهراً.
ومن خصائص صلاة الجمعة: أنها لا تجمع مع العصر جمع تأخير، ولا تجمع العصر معها جمع تقديم؛ لأنها صلاة مستقلة منفردة بأحكام خاصة، والجمع الذي جاءت به السنة إنما هو بين الظهر والعصر، ولم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه جمع العصر إلى الجمعة، مع أن الظاهر أن موجب الجمع كان موجوداً ولكنه لم يجمع، قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: "جمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في المدينة من غير خوف ولا مطر" فدل هذا على أنه يجمع بين الظهر والعصر للمطر ونحوه مما يشق على الناس، ولم يذكر الجمعة، فدل هذا على أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يجمع العصر إلى الجمعة بأي حال من الأحوال، ولا يصح قياس الجمعة على الظهر؛ لتباين أحكامهما في كثير من المسائل، فالفروق بين الجمعة والظهر تزيد على ثلاثين فرقاً وصلاتان، هذا هو الفرق بينهما، لا يمكن قياس إحداهما على الأخرى.
ومن خصائص صلاة الجمعة: أنها تختص بقراءة معينة دون صلاة الظهر، وذلك أنه "يسن في صلاة الجمعة أن يقرأ بعد الفاتحة سورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة المنافقين في الركعة الثانية"(15)، أو "يقرأ في الركعة الأولى سبح وفي الثانية سورة الغاشية"(16)، كل ذلك صح عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
ومن خصائص يوم الجمعة: أنه تسن القراءة في فجرها "الم تنزيل" "السجدة كاملة في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية سورة هل أتى على الإنسان كاملة"(17)، وقد كان بعض الجهال من الأئمة يقسمون السورة الأولى – أعني: "الم" – يقسمونها في الركعتين، أو يقتصرون على قراءه "هل أتى على الإنسان"، وهذا غلط منهم؛ لأنهم إما أن يفعلوا السنة كما فعلها الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وإما أن يقرؤوا بآيات أخرى.
ومن خصائص هذا اليوم – أعني: يوم الجمعة -: أنه لا تخصص ليلتها بقيام ولا يومها بصيام؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن ذلك، وثبت في صحيح البخاري أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده"(18)، ودخل على جويرية بنت الحارث يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: "أصمتي أمس"؟ قالت: لا، قال: "أتريدين أن تصومي غداً"؟ قالت: لا، قال: "فأفطري"(19)، ولكن إذا صام الإنسان يوم الجمعة من غير قصد تخصيص؛ كالذي يصوم يوماً ويفطر يوماً فيصادف صومه يوم الجمعة أو نحو ذلك فلا بأس به؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"(20).
ومن خصائص يوم الجمعة: أنه تسن فيه قراءة سورة الكهف، سواء إن كان ذلك قبل صلاة الجمعة أم بعدها؛ لورود أحاديث تدل على فضل ذلك(21).
ومن خصائص يوم الجمعة: أنه ينبغي فيه كثرة الصلاة على النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -؛ لقول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أكثروا عليَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ"(22).
أيها المسلمون، هذا شيء مما حضرنا في خصائص يوم الجمعة الكونية والشرعية، فعظموا هذا اليوم، عظموه – أيها المسلمون – وبكروا إلى الصلاة تنالوا الأجر والثواب، ثم إنكم في انتظاركم صلاة الجمعة لا تزالون في صلاة ما انتظرتم الصلاة، اللهم وفقنا للفقه في دينك، والعمل بطاعتك، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك أنت الغفور الرحيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
—————————-
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (10305) ت ط ع.
(2) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة (10141)، ومسلم في كتاب الجمعة (1410-1411)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنها.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة (1409)، وأبو داود في كتاب الصلاة (885)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه.
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (2176)، ومسلم في كتاب الجمعة (1032)، من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم.
(5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة (11149)، والبخاري في كتاب الأذان (811)، ومسلم في كتاب الجمعة (1397)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.
(6) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة (14951)، وأبو داود في كتاب الصلاة (888)، من حديث أبي الجعد رضي الله تعالى عنه ت ط ع.
(7) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة (5565)، والبخاري في كتاب الجمعة (828)، ومسلم في كتاب الجمعة (1394)، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
(8) أخرجه الإمام أحمد في مسند المبشرين بالجنة (302)، والبخاري في كتاب الجمعة (823)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(9) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار (22468)، انفرد بهذا اللفظ، والبخاري في كتاب الجمعة، والدارمي في كتاب الصلاة (1497)، من حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه.
(10) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة (9546)، والبخاري في كتاب الجمعة (8320)، ومسلم في كتاب الجمعة (1403)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه مالك في الموطأ، في كتاب النداء للصلاة، بلفظ من راح في الساعة الأولى (209) ت ط ع.
(11) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة (10164)، والبخاري في كتاب الجمعة (877)، ومسلم في كتاب الجمعة (1416)، ولفظ مسلم هو الموافق لكلام الشيخ من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(12) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار (24603)، والبخاري في كتاب البيوع (2010)، ومسلم في كتاب العتق (2763)، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
(13) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة (7261)، والبخاري في كتاب الجمعة (882)، ومسلم في كتاب الجمعة (1404)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(14) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (1929)، والبزار في مسنده (644)، وانظر إلى الترغيب والترهيب للمنذري [جـ1/ص292]، ومجمع الزوائد للهيثمي [2/184]، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ت ط ع.
(15) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (2994)، ومسلم في كتاب الجمعة (1454)، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(16) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين (17683)، ومسلم في كتاب الجمعة (1452)، من حديث النعمان بن البشير رضي الله تعالى عنه، وأخرجه غيرهما.
(17) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة (9721)، والبخاري في كتاب الجمعة (842)، ومسلم في كتاب الجمعة (1455، 1456)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(18) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصوم (1849)، ومسلم في كتاب الصوم (1929)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ت ط ع.
(19) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في باقي مسند الأنصار (2553)، والبخاري في كتاب الصوم (1850)، وأبو داود في كتاب الصوم (2069)، من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنها ت ط ع.
(20) أخرجه مسلم في كتاب الصوم (1930)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ت ط ع.
(21) أخرجه الدارمي في كتاب فضائل القرآن الكريم (3273)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه موقوفاً عليه ت ط ع.
(22) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين (15575)، والنسائي في كتاب الجمعة (1357)، وأبو داود في كتاب الصلاة (883)، وابن ماجه
وقد جاء في صحيح الترغيب والترهيب الجزء الاول مايلي
الحمد لله الذي جعل يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع وجعله عيداً لأيامه فاختصه بخصائص جليلة ليعرف المؤمنون قدره فيقوموا به على الوجه المشروع وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له منه المبتدى واليه الرجوع وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أهدى داع وأجل متبوع صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان في الهدى والتقى والخضوع وسلم تسليم كثيراً …
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن لله الأمر كله وبيده الخير كله يخلق ما يشاء ويختار والله ذو الفضل العظيم واشكروا أيها المؤمنون نعمة الله عليكم بما خصكم به من الفضائل التي لم تكن لأحد من الأمم سواكم خصكم بهذه الملة الحنيفة السمحة هي أكمل الملل وأتمها وأقومها بمصالح العباد إلى يوم القيامة أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم التمسك بها والثبات عليها إلى يوم نلقاه إنه على كل شيء قدير ومما خصكم الله به من الفضائل هذا اليوم يوم الجمعة الذي ضل عنه اليهود والنصارى وهداكم الله له فكان الناس تبعاً لكم مع سبقهم في الزمن فكان لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد أما نحن ولله الحمد فيومنا يوم الجمعة الذي جعله الله لنا واختصنا به وصار الناس لنا تبعاً فلله الحمد والمنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلاَ غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ وَأَضَلَّ النَّاسَ عَنْهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ هَوَ لَنَا وَلِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ وَلِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ" (1) وقد خصَّ الله تعالى هذا اليوم بخصائص كونية وخصائص شرعية فمن خصائصه الكونية ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال عن يوم الجمعة: "فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ "(2) وفي هذا اليوم ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائمٌ يُصلي فيسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه" (3) وأرجى الساعات لإجابة الدعوات ساعتكم هذه وهي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة كما في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هي ما بين أن يجلس الإمام -يعني على المنبر- إلى أن تقضى الصلاة" (4) ووجه المناسبة أن الناس في هذه الساعة يجتمعون على إمام واحد في موعظة واحدة في صلاة واحدة أكبر جمع في البلد لذلك كانت هذه الساعة أرجى ساعات يوم الجمعة في الإجابة وكذلك "ما بعد صلاة العصر إلى الغروب" (5) ومن خصائص هذا اليوم الشرعية أن فيه صلاة الجمعة التي دل الكتاب والسنة على فرضيتها وأجمع المسلمون على ذلك قال الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [الجمعة: 9-10] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ" (6) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه" (7) وقد خص الله تعالى هذه الصلاة أعني صلاة الجمعة بخصائص تدل على أهميتها والعناية بها فمن ذلك الغسل لها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ "(8) أي: على كل بالغ وقال: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ "(9) ودخل عثمان بن عفان ذات جمعة وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس فعرض عمر به وقال ما بال رجال يتأخرون بعد النداء فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت فقال عمر والوضوء أيضاً ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ "(10) ومن خصائص صلاة الجمعة أنه يُشرع التطيب لها ولبس أحسن الثياب ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم أنه قال: " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ – إِنْ كَانَ عِنْدَهُ – وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعَ إِنْ بَدَا لَهُ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَداً ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يُصَلِّىَ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى"(11) ومن خصائص هذه الصلاة الثواب الخاص في التبكير إليها ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قال: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ-يعني مثل غسل الجنابة- ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"(12) وفي رواية: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلاَئِكَةُ ، يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"(13) ومن خصائص هذه الصلاة وجوب الحضور إليها على من تلزمه من الرجال البالغين العقلاء عند سماع الأذان لها لقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ" [الجمعة: 9] فلا يجوز التشاغل بعد الأذان الثاني ببيع ولا شراء ولا غيرهما ولا يصح شيء من العقود الواقعة ممن يلزمه الحضور ولو كان في طريقه إلى المسجد يعني لو كان رجلان قد أقبلا إلى مسجد جامع يريدان أن يُصليا فيه بعد الأذان الثاني وتبايعا شيئاً فإن البيع حرام باطل لا يثبت به الملك للمشتري في المبيع ولا البائع في الثمن وعليهما أن يترادا هذا البيع ويبتاعان من جديد بعد الصلاة ومن خصائص هذه الصلاة وجوب تقدم خطبتين يتضمنان موعظة الناس بما تقتضيه الحال ووجوب استماع هاتين الخطبتين على كل من يلزمه الحضور لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ "(14) وروي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ "(15) أي: أنه يحرم من ثواب الجمعة ولكن لا تلزمه الإعادة لأنه مجزئه.
أيها الأخ المسلم لا تُكلم أحداً والإمام يخطب لا بسلام ولا برد سلام ولا بتشميت عاطس ولا غير ذلك إلا مع الخطيب إذا كلمه الخطيب أو كلم هو الخطيب لحاجة أو مصلحة، ومن خصائص صلاة الجمعة أنها لا تصلى في السفر أي أن المسافرين إذا كانوا ماشين في البر فإنهم لا يصلون صلاة الجمعة أما إذا كانوا في بلد تقيم الجمعة فإنهم يلزمهم حضورها وصلاتها مع الناس لأن الله تعالى قال:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" [الجمعة: 9] والمسافر الذي في البلد هو من المؤمنين الذين خُوطبوا بهذا الخطاب. ومن خصائص صلاة الجمعة أنها لا تُجمع مع العصر ولا يُجمع العصر معها لأنها صلاة مستقلة منفردة بأحكام خاصة والجمع الذي جاءت به السُّنة إنما هو بين الظهر والعصر ولا يصح قياس الجمعة على الظهر لأن ذلك مخالف لظاهر السُّنة ولا قياس مع السُّنة ووجه مخالفته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يجمع العصر إليها في المطر لا عند نزوله ولا بعد وجود الوحل ولا يصح القياس من وجه آخر أيضا لتباين أحكام الصلاتين الظهر والجمعة والقياس إنما يكون بين شيئين متماثلين ومن خصائص صلاة الجمعة أنها لا تُقام في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة بخلاف غيرها من الصلوات فتقام جماعتها في كل حي وذلك لأن تعدد الجمع لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين بل كان الناس يأتون من العوالي ونحوها لصلاة الجمعة قيل للإمام أحمد أيُجمع جمعتان في مصر قال لا أعلم أحداً فعله وقال ابن المنذر رحمه الله: لم يختلف الناس أن الجمعة لم تكن تُصلى في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال رحمه الله وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أبين البيان بأن الجمعة خلاف سائر الصلوات وأنها لا تُصلى إلا في مكان واحد وقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد أن أول جمعة أُحدثت في الإسلام في بلد واحد مع قيام الجمعة القديمة كان في أيام المعتضد سنة ثمانين ومائتين أي في آخر القرن الثالث الهجري وذلك لأن تعدد الجمع تفوت به مصلحة المسلمين باجتماعهم على هذه الصلاة في مكان واحد على إمام واحد ويصدرون عن موعظة واحدة ويكون في ذلك عز واعتزاز برؤية بعضهم بعضاً بهذه الكثرة أما تمزيق المسلمين بكثرة الجمع فهذا خلاف ما يهدف إليه الشرع المطهر وقد بلغني أن في بعض البلاد يُقِيمون الجمعة في كل مسجد حي ولا شك أن هذا خطأ مخالف للسُّنة ومخالف لعمل المسلمين في خلال ثلاثة قرون ولكن لو سألنا سائل إذا تعددت الجمع في غير حاجة فماذا نصنع؟ الجواب: اذهب إلى الجمعة الأولى التي أُقيمت أولاً لأن ما بعدها حابس عليه فهو مثل مسجد الضرار لا يُصلى فيه ولكن إذا لم يمكن هذا فصلِّ في أي مسجد شئت والذنب على من أذن في تعدد الجمع أما عامة الناس فليس في أيديهم حيلة وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تعددت الجمع في غير موضع فإنهم إذا صلوا الجمعة يصلون ظهراً لأن الجمعات لا تصح ولا يلغي أيها السابق لتكبيرة الإحرام وحينئذٍ تكون كل صلاة جمعة غير مؤدية ولا مبرئه للذمة فيقيمون بعدها ظهراً كما نسمع ذلك في بعض البلاد الإسلامية إلى اليوم ولكن هذا لا شك أنه بدعة لأنه غلط لأن الجمعة تصح ولو مع تعددها ولكن الإثم على من أذن في ذلك وفي صلاة الجمعة تُقرأُ بعد الفاتحة سورة الجمعة كاملة في الركعة الأولى وسورة المنافقين كاملة في الركعة الثانية أو سورة سبح في الركعة الأولى وسورة الغاشية في الركعة الثانية صح ذلك كله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما ما يفعله بعض الأئمة الذين يستحسنون ما لم يكن حسناً فيقرؤون في صلاة الجمعة ما يناسب الخطبة فهذا بدعة لا أصل له لأنه لو كان خيراً لكان أول ما يفعله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن الخصائص الشرعية ليوم الجمعة أنه تُسن القراءة في فجرها بسورة الم تنزيل السجدة كاملة في الركعة الأولى وسورة هل أتى على الإنسان في الركعة الثانية ومن الخصائص لهذا اليوم أنه لا يخصص نهاره بصيام ولا ليلته بقيام لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، إلا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ ، أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ "(16) ودخل على جويرية بنت الحارث يوم الجمعة وهي صائمة فقال لها: « أَصُمْتِ أَمْسِ » . قَالَتْ لاَ . قَالَ « تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِى غَدًا »-يعني يوم السبت- . قَالَتْ لاَ . قَالَ « فَأَفْطِرِى "(17) ولكن إن صامه من غير تخصيص كالذي يصوم يوماً ويفطر يوماً فيصادف صومه يوم الجمعة أو أن تكون الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء فإن هذا لا بأس به لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين نهى عن صومه: "إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ "(18) ومن الخصائص الشرعية لهذا اليوم أنه تسن فيه قراءة سورة الكهف سواء كان ذلك قبل صلاة الجمعة أم بعدها لورود أحاديث تدل على فضل ذلك(19). ومن الخصائص الشرعية لهذا اليوم أنه ينبغي فيه كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أكثروا عليَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ" (20) اللهم صلِّ على محمد اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، عباد الله إن يومكم هذا يومٌ عظيم فعظموه كثير الخيرات فاغتنموه فضلكم الله به على غيركم فاشكروه اللهم وفقنا للفقه في دينك والعمل بطاعتك وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
————————–
(1) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (10305)، والترمذي، في كتاب الجمعة (450)، والنسائي في كتاب الجمعة (1356)، ومسلم في كتاب الجمعة (1410)، واللفظ للإمام أحمد رحمه الله تعالى. ت ط ع.
(2) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (1411) ت ط ع.
(3) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (883)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1260)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، واللفظ له ت ط ع.
(4) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1409)، وأبو داود رحمه الله تعالى، في كتاب الصلاة، واللفظ له (885) ت ط ع.
(5) أخرجه الترمذي رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (453)، وما ثبت عند الترمذي رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن سلام حينما سأله أبو هريرة رضي الله تعالى عنهما عن وقتها فأخبره وقال هي (453).
(6) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه، في كتاب الجمعة، من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم (1432).
(7) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في مسند الكوفيين، من حديث أبي الجعد رضي الله تعالى عنه (14951)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة (888)، والنسائي في كتاب الجمعة (1352)، والترمذي في كتاب الجمعة (460)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (1115)، والدارمي في كتاب الصلاة (1525) رحمهم الله أجمعين.
(8) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (846)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1357)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه.
(9) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما (838).
(10) نفس الحديث السابق.
(11) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في باقي مسند الأنصار، من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه (22468) واللفظ له.
(12) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (832)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1403)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(13) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب بدء الخلق (2972)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1416)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(14) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (882)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الجمعة (1404)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(15) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (1929)، وأخرجه البزار، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (644)، وانظر إلى الترغيب والترهيب للمنذري (1/292)، وانظر إليه في مجمع الزوائد للهيثمي (2/84).
(16) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الصوم (1849)، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله، في كتاب الصوم (1929)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ت ط ع.
(17) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده، في باقي مسند الأنصار (2553)، وأخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، في كتاب الصوم (1850)، وأبو داود في سننه، في كتاب الصوم (2069)، من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنها ت ط ع.
(18) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، في كتاب الصوم، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (1930) ت ط ع.
(19) أخرجه الإمام الدارمي في سننه، في كتاب فضائل القرآن الكريم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه موقوفاً عليه (3273) ت ط ع
(20) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، في مسند المدنيين (55575)، والنسائي في كتاب الجمعة (1357)، وأبو داود في كتاب الصلاة (883)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز (1626)، والدارمي في الصلاة (1526)، من حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه.
ننتظر ان ينزف قلمك اكثر وننتظر منك كل ماهو جديد ومفيد
تقبلوا مروري المتواضع
المعلمة هنــاء
[خطبة جمعة] حقيقة السياسة الشرعية – خطبة الجمعة 18 رجب 1443 للشيخ أبي عبدالأعلى خالد عثمان المصري
حقيقة السياسة الشرعية
خطبة الجمعة
18 0من شهر رجب 1443
للشيخ
أبي عبدالأعلى خالد عثمان المصري
للامانة العلمية الموضوع منقول |
||
أرجح الأقوال في ساعة الإجابة يوم الجمعة قولان:
أحدها: أنها بعد العصر إلى غروب الشمس في حق من جلس ينتظر صلاة المغرب، سواء كان في المسجد أو في بيته يدعو ربه وسواء كان رجلا أو امرأة، فهو حري بالإجابة، لكن ليس للرجل أن يصلي في البيت صلاة المغرب ولا غيرها إلا بعذر شرعي، كما هو معلوم من الأدلة الشرعية.
الثاني: أنها من حين يجلس الإمام على المنبر للخطبة يوم الجمعة، إلى أن تقضى الصلاة، فالدعاء في هذين الوقتين حري بالإجابة. وهذان الوقتان هما أحرى ساعات الإجابة يوم الجمعة لما ورد فيهما من الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك، وترجى هذه الساعة في بقية ساعات اليوم، وفضل الله واسع سبحانه وتعالى.
ومن أوقات الإجابة في جميع الصلوات فرضها ونفلها: حال السجود. لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)) خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وروى مسلم رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أما الركوع فعظم فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم))، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((فقَمِنٌ أن يستجاب لكم)) أي حريّ.
للشيخ الإمام ابن باز رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وعلى آله وصحبه ومن والآه وبعد . لقد اختلف الناس في حكم رفع الخطيب يديه للدعاء بعد الفراغ من خطبة الجمعة ، ولما لم يكن هذا الفعل من هديه صلى الله عليه وسلم استشكل بعض المجيزين على المانعين قول بعض أهل العلم فرأيت عرضها على وجه يظهر فيه المعنى الراجح للنصوص النبويه وكلام أهل الفضل بكلام منارات أهل العلم . قالوا : روى البخاري في صحيحه (2 / 15) ( 33 – باب رفع اليدين في الخطبة ) ( 932 ) عن أنس قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله هلك الكراع وهلك الشاء فادع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا. علاقة الحديث في الترجمة والتبويب . قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( (2 / 413) ( أورد فيه طرفا من حديث أنس في قصة الاستسقاء وقد ساقه المصنف بتمامه في علامات النبوة من هذا الوجه وهو مطابق للترجمة وفيه إشارة إلى أن حديث عمارة بن رؤيبة الذي أخرجه مسلم في إنكار ذلك ليس على إطلاقه لكن قيد مالك الجواز بدعاء الاستستقاء كما في هذا الحديث ) . ومعنى كلامه رحمه الله أن الحديث مطابق للترجمة من حيث أن رفع اليدين في الاستسقاء والدعاء جائز مشروع وهو على نفس الصفة بخلاف صفة رفع اليدين في الدعاء في الصلاة وخارجها قال بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (10 / 172) : ( مطابقته للترجمة في قوله فرفع يديه لأنه إنما رفعهما لكونه استسقى فببركته وبركة دعائه أنزل الله المطر حتى سال الوادي قناة شهرا ) . فظهر المعنى أن الترجمة مطابقة للحديث من حيث صفة الرفع في خطبة الجمعة للاستسقاء . فإن قيل بل الظاهر من الترجمة جواز مطلق الرفع في الدعاء في خطبة الجمعة ومن ذلك بعد الفراغ منها: قلت : هذا غلط ويظهر غلطه من أوجه : الأول : ليس في الحديث أي دلالة على هذا المعنى بل نص الحديث قال : ( قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال … ) وهذا كان في أثنائها وليس بعده الفراغ منها . مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه لعارض أثناء خطبة الجمعة بين فيه مشروعية رفع اليدين أثناء الخطبة بسببه وهو صلاة الاستسقاء . ثانيا : فقه الإمام البخاري يدل على الذي تقدم لما قال : ( في خطبة الجمعة ) ولم يقل بعد الفراغ أو الانتهاء من خطبة الجمع ، وهذا ليوافق تبيوبه الحديث . ثالثا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه كان يدعو بعد الفراغ من خطبة الجمعة كما يفعل أكثر الناس ، بل كان يخطب ويأمر بإقامة الصلاة ، وعليه لم يكن هناك رفع أصلا بعد الفراغ من الخطبة . قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى : ( ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة وهو أصح الوجهين أصحابنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استسقى على المنبر ) . وقال البهوتي في كشف القناع : ( يكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة . قال المجد : هو بدعة وفقا للمالكية والشافعية وغيرهم … ) قال الإمام البغوي في شرح السنة ( 4 / 257 ) ( رفع اليدين في الخطبة غير مشروع وفي الاستسقاء سنة ، فإن استسقى في خطبة الجمعة يرفع يديه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ) . رابعا : لما كان هذا هو الحال نص أهل العلم على بدعة رفع اليدين في الدعاء بعد الخطبة قال ابن بطال في شرحه صحيح البخارى (2 / 517) ( وقد أنكر بعض الناس ذلك ، فروى الأعمش ، عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال : رفع الإمام يوم الجمعة يديه على المنبر ، فرفع الناس أيديهم ، فقال مسروق : ما لهم قطع الله أيديهم . وقال الزهرى : رفع الأيدى يوم الجمعة محدث . وقال ابن سيرين : أول من رفع يديه يوم الجمعة عبيد الله بن عبد الله بن معمر وكان مالك لا يرى رفع اليدين إلا فى خطبة الاستسقاء ، وسيأتى هذا المعنى مستقصى فى كتاب الاستسقاء ، إن شاء الله تعالى) . قال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث ( 87 ) : ( وأما رفع الناس أيديهم عند الدعاء _ في خطبة الجمعة _ فبدعة قديمة قال أحمد بن حنبل حدثنا شريح بن النعمان حدثنا بقية عن أبي بكر بن عبد الله حبيب بن عبيد الرحبي عن غضيف بن الحارث التمالي قال بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال : يا أبا اسماء إنا قد جمعنا الناس على أمرين . قال فقلت ما هما ؟؟ . قال : رفع الأيدي على المنابر والقصص بعد الصبح والعصر … . قال السيوطي في الأمر بالاتباع ( بدع الخطب : ( ورفع اليدين عند الدعاء فبدعة قديمة ) . قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار : ( الحديثان المذكوران يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء وأنه بدعة ) . فإن قيل لم بوب الإمام الإمام البخاري بابين متصلين متتابعين فقال : ( باب رفع اليدين في الخطبة ) و ( باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة ) . قلت : إن التبويب لم يكن من أجل بيان رفع اليدين في مطلق الدعاء في الخطبة بل هي مقيدة بما ذكره من الحديث تحت الباب كما سبق البيان ولهذا قال ابن حجر في الفتح (2 / 413) ( أورد فيه طرفا من حديث أنس في قصة الاستسقاء وقد ساقه المصنف بتمامه في علامات النبوة من هذا الوجه وهو مطابق للترجمة ) . وهذا يدل على أن الرفع استثناء ولسبب مخصوص . كما ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه على المنبر في خطبة الجمعة في الاستسقاء مع أنه يخطب في الناس كل جمعة ، وهو مما يتوفر في مثله داعي النقل . الثاني : لقد نص الحافظ ابن حجر في الفتح على أن من المراد في تتابع التبويب بيان المعنى الزائد في صفة الرفع في الاستسقاء فقال في الفتح : (2 / 413) : ( قوله : ( فمد يديه ودعا ) في الحديث الذي بعده ( فرفع يديه ) كلفظ الترجمة . وكأنه أراد أن يبين أن المراد بالرفع هنا المد لا كالرفع الذي في الصلاة . وسيأتي في كتاب الدعوات صفة رفع اليدين في الدعاء فإن في رفعهما في دعاء الاستسقاء صفة زائدة على رفعهما في غيره ، وعلى ذلك يحمل حديث أنس : ( لم يكن يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء ) وأنه أراد الصفة الخاصة بالاستسقاء ويأتي شيء من ذلك في الاستسقاء أيضا إن شاء الله تعالى ) . روى مسلم في صحيحه بالإسناد إلى عمارة بن رؤيبة قال : رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة. في هذا الحديث بيان عدم مشروعية الرفع في حال الخطبة بدون سبب مشروع كما في حديث الاستقاء قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم (6 / 162) ( هذا فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم . وحكى القاضي عن بعض السلف وبعض المالكية إباحته لأن النبي صلى الله عليه و سلم رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى . وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض ) . وقد قال العيني معنى كلام الإمام النووي المتقدم فقال في شرح سنن أبي داود (4 / 445) : ( وفيه من السنة أن لا ترفع اليد في الخطبة، وهو قول مالك والشافعي، وغيرهما، وحكي عن بعض المالكية وبعض السلف إباحته؛ لأن النبي- عليه السلام- رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى، وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض ). يريد أن رفع اليدين في مطلق الدعاء جائز وأن الخطيب إذا أراد الدعاء في غير الاستسقاء لا يرفع إلا أصبعه ويدل على هذا قوله ( وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض ) . وقد استشكل بعض الناس كلام الحافظ ابن حجر لما قال في الفتح (11 / 142) ( وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رؤيبة براء وموحدة مصغر أنه رأى بشر بن مروان يرفع يديه فأنكر ذلك وقال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وما يزيد على هذا يشير بالسبابة ، فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال : السنة أن الداعي يشير بأصبع واحدة ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها ). قلت : إن الأخبار الواردة في مشروعية الرفع في عموم الدعاء لا بعد الانتهاء من الخطبة وإنكار الصحابي على مروان كان لأمرين الأول : سبب الرفع ، وأنه لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم في عموم الدعاء وعارضه في غير الاستسقاء أن يرفع يديه . وهذا المعنى قاله الكشميري في فيض الباري شرح البخاري (3 / 147) ( باب ُ رَفعِ اليَدَينِ في الخُطْبَة . واعلم أنه ثبت كراهةُ رَفْع الأيدي في الخطبة. وحَمَله العامة على أن هذا الرَّفْع كان للتفهيم، كما شاع الآن في الخطباء والواعظين، أنهم يحرِّكُون أيديهم للتفهيم. فلعلَّه فَعَله بِشْرٌ وكرهه الناس. وقالوا: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن يزيد على الإشارة بالأصابع. قلتُ: والأرجح عندي أن تلك الإشارة كانت للدعاء للمؤمنين، فإنه مسلوكٌ في الخُطبة فأنكروا عليه، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يكن يَرْفَعُ له إلا أصبُعُه المباركة. هكذا شَرحه البيهقي ، ونقله شارح الإحياء في (الإتحاف )) . الثاني : هيئة رفع الدعاء وقد بين كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك . إذ قد روى مسلم في صحيحه عن أنس أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- : كان لا يرفع يديه في شىء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه. غير أن عبد الأعلى قال يرى بياض إبطه أو بياض إبطيه. قلت : ويدل على هذا المعنى ما ذكره الإمام النووي على أن الرفع في عموم الدعاء مشروع لا على باب التعين بعد الفراغ من خطبة الجمعة قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم (3 / 299) : ( هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع صلى الله عليه وسلم إلا في الاستسقاء ، وليس الأمر كذلك ، بل قد ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء ، وهي أكثر من أن تحصر ، وقد جمعت منها نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما ، وذكرتهما في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب . ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء ، أو أن المراد لم أره رفع ، وقد رآه غيره رفع ، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك ، ولا بد من تأويله لما ذكرناه . والله أعلم ) . وكتب : الدكتور شاكر بن توفيق العاروري –حفظه الله تعالى- . من صبيحة يوم الاثنين الموافق :18جمادى الأولى 1413 ه . 3 / 5 / 2022 م .
|
||
ما حكم من يرفع يديه والخطيب يدعو للمسلمين في الخطبة الثانية مع الدليل ، أثابكم الله ؟
الجواب
رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة ولا في خطبة العيد لا للإمام ولا للمأمومين ، وإنما المشروع الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت ، وأما رفع اليدين فلا يشرع .
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد ، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر عليه ذلك ، وقال: ما كان النبي يرفعهما عليه الصلاة والسلام ، نعم إذا كان يستغيث في خطبة الجمعة للاستسقاء ، فإنه يرفع يديه في حال الاستغاثة- أي طلب نزول المطر- لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في هذه الحالة ، فإذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد فإنه يشرع له أن يرفع يديه تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام .
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثاني عشر
المفتي : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الخاصة الخامسة: التطيب فيه، وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع.
الخاصة السادسة: السِّواك فيه، وله مزية على السواك في غيره.
الخاصة السابعة: التبكير للصلاة.
الخاصة الثامنة: أن يشتغل بالصلاة، والذكر، والقراءة حتى يخرج الإِمام.
الخاصة التاسعة: الإِنصات للخطبة إذا سمعها وجوباً في أصح القولين، فإن تركه، كان لاغياً، ومن لغا، فلا جمعة له، وفي "المسند"، مرفوعاً "والذي يقول لِصاحِبِه أنصِتْ، فَلا جُمُعَةَ لَهُ".
الخاصة العاشرة: قراءة سورة الكهف في يومها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرأَ سُورَةَ الكَهْفِ يَوْمَ الجمُعَةِ، سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِن تَحتِ قَدَمِهِ إلى عَنَانِ السَّمَاء يُضىء بِه يَوْمَ القِيامَةِ، وغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الجُمُعَتَيْنِ".