الأركان التربوية للتعامل مع الأبناء
بعد الحمد لله والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين – سيدنا محمد – فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلي من سار علي نهجه ألي يوم الدين
وبعد
فتربية الأفراد من المهام العظيمة في الحياة , لأنها – إذا استقامت وأثمرت – سعدنا في الدنيا والآخرة , وذلك بوجود مجتمع تسود فيه المحبة , وتسود فيه الأخوة , ويسود فيه التكافل , ويسود فيه جميع خصال الخير .
وأول ما يجب أن نهتم به في تربية المجتمع , تربية أبنائنا , وهذه مسئولية كل ولي أمر – أب وأم – علي حدة , وذلك من منطلق المسئولية الشرعية الملقاة علينا جميعا ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته , فالرجل راع ومسئول عن رعيته , والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئوله عن رعيتها ………. ) .
ومن منطلق الفطرة أيضا , حيث أنه لو نظرنا إلي جميع الكائنات الحية لنجدها تقوم – من منطلق الفطرة – بتربية أطفالها علي أكمل وجه وبأفضل الوسائل المناسبة لها – هذا الكائن الحي الغيرُ مكلف – فما بالنا بهذا الإنسان , خليفة الله في أرضه , حاملا لرسالة ربه , سيدا لهذا الكون – إذا ُصلح وأصلح – أليس باحري به أن يقوم بتربية أبنائه علي أكمل وجه .
من نعم الله علينا أنه اتاح للإنسان جميع سبل المعرفة سواء السابقة منها والحالية وجعل للإنسان شواهد يراها بعينية أو يسمع عنها بأذنيه , هذه الشواهد تمثل للإنسان قدوات صالحة يقتدي بها فتكون له عونا علي قيامه بمهمته تجاه أبنائه . وكما قيل – الحكمة ضالة المؤمن أّنا وجدها فهو أحق الناس بها –
من المعلوم أن لكل عمل أو مهمة أهداف , ولتربية الأبناء أهداف عديدة منها
· أهداف تربية أبنائنا :
· أن ينشأ الولد علي تعاليم إسلامنا الحنيف محبا لله ولرسوله .
· أن يحمل الولد رسالة الإسلام فيوم بأدائها .
· أن يكون الولد زخرا لوالدية في الدنيا والآخرة .
· أن بترك الوالدين من بعدهما أولاد صالحون يبروهم بدعوات ورجاءات يتوجهون بها إلي الله .
· أن يحمي الوالدين أولادهم من المخططات والمكائد التي تحاك ضدهم .
· أن يكتشف الوالدين مواهب أولادهم ويقومان بتنميتها .
ولكي تقوم التربية علي أسس صحيحة لابد وأن تتوفر فيها أركان رئيسية تحكم العلاقة بين الوالدين والأولاد , منها
· الأركان الرئيسية لتربية أبنائنا .
· أولا : الحب والعطف
والحب والعطف من الأركان المهمة التي تربط العلاقة بين الوالدين والأولاد , نحن نعلم أن الناس جميعاً لديهم جملة من الحاجات العضوية كالحاجة إلى الطعام و الشراب و النوم و الراحة و الحاجة الجنسية ،، ولديهم أيضاً جملة من الحاجات النفسية : منها .. الحاجة إلى الحب .
و كِلا النوعين من الحاجات لابد من إشباعها حتى يشعر الفرد منا بالتوازن ، ذلك أن عدم إشباعها يجعلنا نحس بفقدان التوازن أو اختلالها . والولد الذي يفقد الطعام والشراب يمرض بدنيا , أما الولد الذي يفقد الحب والعطف والحنان فيمرض نفسيا , وعلاج الأبدان أسهل بكير من علاج النفوس .
ولنا في رسول الله الأسوة الحسنه , وذلك عندما خُير زيد بن حارثة في أن يذهب مع أبوه وعمه أو أن يبقي مع رسول الله , قال زيد : ( أنا بالذي يختار عليك أحداً ، أنت مني مكان الأب والعم ) .
ولابد من العطاء من أجل إكساب قلوب وحب الابن , ((أن من يريد أن يكسب الحب فليبدأ هو بالعطاء))
ومن وسائل تقوية الحب والعطف والحنان بين الوالدين والأولاد كثيرة ومتعددة منها :
1. إصلاح مفاتيح الحب .
Ý- كلمة الحب ،،،،,بكلمة حب تُرسم شخصية الابن السوي .
ȝ- نظرة الحب ،،،،،نظرة حنان مملؤة بالحرص الشديد .
ʝ- لقمة الحب,,,,, يفضل أن تكون الأسرة مجتمعة , بعيدا عن التلفاز , وإثناء وضع القمة في فم الابن مصحوبة بنظرة حانية وكلمة جميلة .
˝- لمسة الحب ،،،،, باللمس يزداد الإحساس بالود وبدفء العلاقة الأبوية
̝- وداع الحب ،،،،، نعني بها وداع الابن في نهاية يومه عندما يأوي الي الفراش
͝- ضمة الحب,,,,,يحتاج إليها الابن كحاجته إلي طعامه وشرابه
Ν- قبلة الحب ,,,,, القبلة وسيلة من وسائل التعبير عن الرحمة
ϝ- بسمة الحب ,,,,,البسمة تعبير عما بداخل الوالدين
2. التشجيع بالهدية .
3. الإحسان .
4. تلبية الرغبات.
5. العدل بين الأبناء.
6. اللعب مع الأبناء.
7. المصاحبة . وللمصاحبة فوائد عديدة منها
Ý- إزالة الحواجز وتقريب الفواصل بين الوالدين وأولادهم .
ȝ- وقاية الأبناء من الوقوع في الذلل .
ʝ- الاستعداد لقبول النصح والإرشاد .
· برنامج تقوية الحب والعطف بين الوالدين والأولاد
1) داخل البيت
Ý- جلسة وجبة طعام
ȝ- سرد لطائف وطرائف .
ʝ- الاحتفالات الأسرية .
˝- الانخراط في الأنشطة المنزلية .
̝- مساعدته في مذاكرته وقراءته .
͝- اللعب معهم داخل البيت .
Ν- مشاركته في استثمار وقته ( خاصة في الصيف )
2) خارج البيت
Ý- الرحلات بمختلف أنواعها .
ȝ- الأنشطة المختلفة .
ʝ- الزيارة لمدرسة الابن مرة شهريا علي الأقل .
˝- مشاركته مهاراته ومواهبه .
̝- استثمار أوقات أفراحه وأحزانه .
· ثانيا : بناء جدار الثقة
الثقة المتبادلة هي أساس أي علاقة بين اثنين , وركز إسلامنا الحنيف علي بناء وتقوية جدار الثقة بين أفراد المجتمع المسلم , فما بالنا داخل البيت الواحد والأسرة الواحدة التي يجمعها الحب والمودة والسكينة , أليس بأحري أن تبني هذه العلاقة علي الثقة المتبادلة بين الزوج والزوجة من ناحية وبين الوالدين وأولادهم من ناحية أخري .
بالثقة يتولد مناخ صحي وايجابي بين أفراد الأسرة الواحدة يتيح تطبيق وسائل التربية المختلفة .
· كيف تزيد الثقة بينك وبين ولدك ؟
1. حب بلا شروط . – حب بلا حدود – حب بلا مقابل , حب من أجل أولادنا لا من أجلنا نحن
2. إعطائه فرصة لتحمل المسئولية
3. مشاورته ومحاورته .
4. تعليمه مهارة حياتية .
5. الاعتراف بالخطأ إذا أخطأ الوالدين أو الأولاد , واعتذار كلا للآخر .
6. البعد عن الإسراف في النقد . واعتماد النقد البناء
7. تعليم الولد أن يقول لا – بضوابطها – .
8. إعطاء الابن مالا خاصا يتصرف فيه – مع التوجيه البناء – .
9. احترام وتقدير أصدقاء الابن وخاصة أمامه .
10.التغاضي عن أخطاء الابن – خاصة الصغيرة منها –
11.مشاركة الابن للبيت في بعض المسئوليات .
12.مساعدة الابن للوالدين والاعتماد عليه .
13.معاونة الابن في اختيار القدوة .
14.عدم وصف الابن بصفات سلبية , أو تشبيهه ومقارنته بالغير .
15.احترام وتقدير الابن وإظهار صفاته الحسنة – خاصة أمام الآخر- .
16.تنمية الثقة لدي الأبناء بتكليفهم بأعمال تناسب قدراتهم , مع رفع روحهم المعنوية بالتشجيع .
17.مشاركة الابن في وضع السلوكيات الخاصة به التي يحب أن يتمثلها .
18.دفع الابن إلي المثابرة والتكرار وعدم اليأس مع التشجيع وضرب الأمثلة ( أديسون- النملة – …. ) .
· ثالثا : فهم تصرفات الأبناء .
لابد وأن نعي حقيقة مهمة في حكمنا وتعاملنا مع تصرفات الأبناء , وهي – نحن مربون ولسنا قضاه – نحن في هذه المكانة – مكانة الأبوة – للتربية والتوجيه والإرشاد وإكساب الابن المهارات اللازمة التي تعينه علي السير في حياته وأداء رسالته . ولسنا بصدد قضاه نصدر الأحكام , وغالبا ما تكون قاسية لا تناسب الابن ولا تناسب الذنب .
ومن هنا لابد وان نفهم عالم الابن وخصائصه النفسية والتربوية , وذلك لكي نفهم تصرفاته , ثم نستطيع أن نحكم عليها بالحكم الصحيح والذي يترتب عليه أخذ الوسائل التربوية للعلاج .
· رابعا الصبر :
ربما يتبادر للذهن سؤالا: لماذا الصبر؟ الصبر من الضروريات اللازمة للتربية وذلك للأسباب التالية :
1- اختلاف المراحل السنية التي يتعامل معها الوالدين .
2- اختلاف الصفات والطبائع للأولاد ولو كانوا في مرحلة سنية واحدة .
3- اختلاف الفروق الفردية بين الأولاد .
4- التعامل مع قدرات متفاوتة يحتاج كل ابن لتعامل وتلبية احتياجات خاصة عن الأخر .
5- ضعف معرفتنا بعالم الأولاد وبمراحلهم العمرية المختلفة .
6- كثرة المسئوليات الملقاة علي الوالدين .
7- من أجل الثمرة المرجوة من تربيتنا لأبنائنا في الدنيا والآخرة .
إلي غير ذلك من الأسباب التي تجعل وتفرض علي الوالدين لا أن يتصفوا بصفة الصبر فحسب بل يتسموا بسمة الصبر – أي يصبح الصبر خلق لازم للوالدين .
· خامسا : الدعاء
الدعاء من الأركان الرئيسية للتربية , حيث يبذل الوالدين كل ما يستطيعان من جهد وأخذا بالأسباب , فلا يبقي لهم بعد ذلك إلا التضرع والدعاء واللجوء إلي الله بأن يتقبل هذا الجهد وأن يبارك في هذه الأسباب , كما ندعوه بأن يفتح قلوب أبنائنا إلي كل خير , وغير ذلك بما نحتاجه من دعاء وعون من الله .للأسف نحن لا ندعو الله إلا عندما نقع في ضائقة أو مشكلة وضاق بنا زرعا
ولنا في الدعاء وقفة
1. أن ندعو لأبنائنا ولا ندعو عليهم بأي حال من الأحوال لأن هذا منهيا عنه شرعا .
2. أن ندعو لأبنائنا بأسمائهم اسما اسما ( اللهم بارك في عمر – اللهم بارك في خالد …….) .
3. أن ندعو الله أن يثبت أبنائنا علي أخلاقهم وصفاتهم الجميلة .
4. أن نتحرى أوقات الدعاء .
5. أن نصلي لله من أجل أبنائنا .
6. ندعو الله في كل وقت وعلي أي حال بأن يبارك في وسائلنا وأبنائنا
أخيرا :
لابد أن نقتنع أولا أننا نحتاج إلي تغير سواء في سلوكياتنا أو طبائعنا , فنسأل الله بأن يعيننا علي ذلك .
وثانيا لابد وأن نتمثل القدوة الصالحة لأبنائنا لأن التربية بالقدوة من أقوى وأعظم أنواع التربية .
وثالثا أن نمتلك إرادة قوية تدفعنا لأن نخطوا خطوات عملية نحو التغير للنهوض بأنفسنا وأبنائنا نحو الأفضل بإذن الله .
سائلين المولي – عز وجل – بأن يلهمنا الإرادة , والمناخ المناسب لتحقيق تلك الإرادة , كما نسأله – سبحانه- بأن يهدي أبنائنا وأبناء المسلمين ويبعد عنهم قرناء السوء ويرزقهم الصحبة الصالحة والعقل الرشيد والرأي السديد .
آمين يارب العالمين , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .