التصنيفات
اسلاميات عامة

منزلة الأخلاق في الاسلام

تعليمية

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ الإسلام نوّه بالخلق الحسن، ودعا إلى تربيته وتنميته في نفوس المسلمين، وأكّده في غير ما موضع حيث جعل الله تعالى الأخلاق الفاضلة سبب تحصيل الجنّة الموعود بها ونيلها في قوله تعالى: ﴿وَسَارعُوا إلى مَغفرَة من ربّكم وَجنّة عَرضُها السّمَواتُ وَالأرضُ أُعدَّتْ للمُتقين الذينَ يُنفقُون في السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالكَاظمين الغَيْظَ وَالعَافينَ عَن النَّاس وَالله يُحبُّ المُحْسنينَ﴾ [آل عمران ١٣٣-١٣٤]، كما أوجب التخلق بالخلق الحسن وجعل له أثرا طيبا ينعكس على المعاملات بالإيجاب، كما قال تعالى: ﴿ادْفَعْ بالتي هيَ أََحْسَنُ، فَإذَا الذي بَيْنَكَ وَبيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنّهُ وَليٌّ حَميمٌ﴾ [فصلت: ٣٤] كما اعتبر الشرع الخلق من أفضل الأعمال وجعل البرّ فيه، وأثنى على نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى: ﴿وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظيم﴾(القلم ٤) وبعثه الله تعالى لإكمال هذه الأخلاق في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق»)، وبيّن صلى الله عليه و سلم أنّ : (البرّ حسن الخلق))، وأنّ (من أحبّكم إليَّ، وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا))، وأنّ (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)).
هذا، ولمّا أثنى الله تعالى على نبيه بحسن الخلق وبعثه لإتمام مكارم الأخلاق، وكان النبي المثل الأعلى للدعاة في حياتهم الخاصّة والعامة؛ كان الذي ينبغي على الداعية التأسي به صلى الله عليه وسلم، وتجريد المتابعة له صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] واتخاذه صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة هو المطلوب على عموم وأعيان المسلمين، ليس لهم في ذلك وسع ولا خيرة، لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمن وَلاَ لمُؤْمنَة إذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ من أَمْرهم﴾ [الأحزاب ٣٦] فأمره في حق الدعاة أو كد، لأنّ رسالتهم الدعوة إلى هديه صلى الله عليه وسلم ومنهجه وطريقته، وبعد اقتفاء أثره، وترسم خطاه، والاستضاءة بالهدي النبوي، إذ هو سبيل النجاة من كل شرّ، والفوز بكلّ خير، وقد جعله الله تعالى المبلّغ والسراج والهادي، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النّبيُّ إنّا أَرِْسَلْنَاكَ شَاهداً وَمُبَشراً وَنَذيراً، وَدَاعياً إلَى الله بإذْنه وَسرَاجاً مُنيراً﴾ [الأحزاب: ٤٥-٤٦] ولا يخفى أنّ الناس يترقبون أفعال الدعاة وسيرتهم، ويرون فيها تطبيقا عمليا حيّا لما يدعون إليه بما علموه وعملوا به بالبيان والقدوة، فإن لم يسلكوا هذا المنهج، وهو منهج الرشد والهداية والمستضاء به في ظلمات الجهل والغواية فقد ضلوا وأضلوا، قال تعالى: ﴿قُلْ إن كُنتُمْ تُحبُونَ اللهَ فَاتّبعُوني يُحْببكُمُ اللهُ وَيَغْفرْ لَكُم ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحيمٌ﴾ [آل عمران ٣١].
هذا، ومن أولى مهمّات الداعي إلى الله تعالى التأسي بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في تزكية نفسه إلى درجة الانقياد والخضوع المطلق لله عزّ وجلّ في كلّ مطلوب ومأمور، بأداء العبادات المفروضة والمستحبة، سواء كانت بدنية أو مالية، وختم القرآن تلاوة و تدبرا وتأملا وتفكرا على الأقلّ مرّة كلّ شهر، والإكثار من الاستغفار وذكر الله ليكون جزءا من حياة الداعي ليتصف بالمسارعين بالخيرات وأهل التقوى والصلاح الموصوفين بقوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبهمْ﴾ [آل عمران: ١٩١] فضلا عن إتيان بقية الأعمال الصالحة التي تزكو النفس بها وتتهذب غرائزها وتصفو مداركها، كَبر الوالدين، وصلة الرّحم، وخدمة المستضعف والمسكين، وتفقد حاجات المعوز مع تواضع لهم، وغيرها من أنواع الطاعات، ذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنّث في الغار الليالي ذوات العدد)، يخلو بربّه ويناجيه، وكان بعد مبعثه أتقى الناس وأزكاهم نفسا وأحسنهم أخلاقا وأتقاهم سريرة وأعبدهم لله تعالى.
ثمّ يلي في الأولوية متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في منهجه الأخلاقي والتأسي به فيه، وقد قدّمنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان على خلق عظيم بشهادة ربّ العالمين، حيث تجلّت فيه سائر نعوت الجمال والجلال، من الإخلاص والأمانة والبرّ والحكمة والحلم والرحمة والرفق والتواضع والصدق والإيثار والوفاء وغيرها، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ منْ أَنفُسكُمْ عَزيزٌ عَلَيْه مَا عَنتُمْ حَريصٌ عَلَيْكُم بالمُؤْمنينَ رَؤُوفٌ رَحيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] وقرئت: "من أنفَسكم"، بفتح الفاء، ويكون مراده من أفضلكم خلقا، وأشرفكم نسبا، وأكثركم طاعة لله تعالى.
ومن الأخلاق التي ينبغي على الداعي التحلي بها متابعة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحياء الذي له الأثر البالغ على مسار الدعوة إلى الله تعالى لما يؤدي هذا الخلق الرفيع إلى سلامة الطبع من الأمراض النفسية المفسدة ومن الأحقاد والضغائن المهلكة، فقد (كان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه)).
ومن أخلاق الداعية إلى الله الانضباط بالخلق الذي وصف الله تعالى جانبا منه بقوله: ﴿فَبمَا رَحْمَة منَ الله لنتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنتَ فَظّاً غَليظَ القَلْب لانفضوا منْ حَوْلكَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفرْ لَهُمْ وَشَاورْهُمْ في الأَمْر فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكّلْ عَلَى الله إنّ اللهَ يُحبُّ المُتَوَكلينَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] وفي الحديث: (لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا)، وكان يقول: (إنّ من خياركم أحسنكم أخلاقا)).
ومن الأخلاق اهتمام الداعي إلى الله بالهدي الظاهري شكلا وهيئة يتناسق الشكل على وجه الجلال والشرف، مع نظافة الثياب والبدن، فقد أخرج البخاري و مسلم من حديث أنس رضي الله عليه أنّه قال: (ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كفِّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو -عرفا قط- أطيب من ريح -أو عرف- النّبيّ صلى الله عليه وسلم)).
ومن أصول الأخلاق إيثار الحلم وترك الغضب المذموم الذي يكون حمية أو انتصارا للنفس وغيرها، ممّا لا يكون في ذات الله، وقد وصف الله تعالى الكاظمين الغيظ بأحسن وصف في قوله عزّ وجلّ: ﴿الذينَ يُنفقُونَ في السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالكَاظمينَ الغَيْظَ وَالعَافينَ عَن النَّاس وَاللهُ يُحبُّ المُحْسنينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، ذلك لأنّ من استطاع قهر نفسه وغلبتها كانت دعوة غيره أسهل وأيسر، قال عليه الصلاة والسلام: (ليس الشديد بالصرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
هذا كلّه فيما يمس حياته الخاصّة، أمّا حرمات الله تعالى فلا ينبغي أن يتهاون فيها أو يتساهل(١٠)، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلاّ أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)(١١).
هذا، ومن تحلّى بمثل هذه الأخلاق السامية التي تمثل عماد الدعوة في جانبها العملي، المفسّر للجانب البياني أصلح الله به الناس، وعمّ خيره وانحسر شره.
ولا يخفى أنّ الدعوة الراشدة لا تكون مثمرة إلاّ إذا توافقت مع الهدي النبوي، ذلك لأنّ أسلوبه و منهجه في الدعوة أكمل أسلوب وأتمّ منهج، فقد قال تعالى: ﴿قُلْ هَذه سَبيلي أَدْعُو إلَى الله عَلَى بَصيرَة أَنَا وَ مَن اتَّبَعَني، وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَا منَ المُشْركينَ﴾ [يوسف: ١٠٨].
والأسلوب النبوي في الدعوة كان مؤسسا على توحيد الله عزّ وجلّ، ومحاربة مظاهر الشرك وأشكال الخرافة، وأنماط البدع، لتمكين العقيدة السليمة والصحيحة من الانتشار على نحو ما فهمها السلف الصالح تحقيقا لعبودية الله وحده لا شريك له، لذلك كان موضوع العقيدة تعليما وتصحيحا وترسيخا من أولى الأولويات وأسمى المهمّات التي يجب على الداعي إعطاءها العناية الكافية التي تستحقها، كما ينبغي أن يكون أسلوب الدعوة في نهجه أن يرسم الطريق القويم لكلّ مخطئ أو منحرف على وجه الشمول لتعمّ فائدته ونفعه، وهو جلي في نصائحه صلى الله عليه وسلم وخطاباته ودعوته – كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟! …)(١٢) ، وقوله: (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء ؟!)(١٣)، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)(١٤)، إذ هذا الأسلوب أبعد عن الانفعال والأنفة والاعتزاز بالرأي عند عدم جدواه وأنّه إلى استصلاح الحال الأقرب.
ومن الأسلوب الدعوي الرفق الذي ينبغي أن يتحلى به الدعاة إلى الله تعالى وبجانب العنف والشدة والفظاظة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله يحب الرفق في الأمر كله)(١٥) وقال أيضا (إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلاّ زانه، ولا ينزع من شيء إلاّ شانه)(١٦)، وفي الحديث: (إنّ الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه)(١٧)، فالرّفق في الأسلوب من أبرز خصائص دعوة الحقّ، قال تعالى: ﴿ادْعُ إلَى سَبيل رَبّكَ بالحكْمَة وَالمَوْعظَة الحَسَنَة وَجَادلْهُم بالتّي هيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
وينبغي على الداعي إلى الله -فضلا عن الرفقّ- التعامل مع ما يمس الدّين منهجا وعقيدة بحزم وثبات، لأنّ التهاون واللّين يترتب عليه ضياع معالم الدّين وفساد الأخلاق، ويدلّ على ذلك حزمه صلى الله عليه وسلم في امتناعه على وفد ثقيف أن يدع لهم اللاّت لا يهدمها ثلاث سنين، وهدمها، كما أبى أن يعفيهم من الصلاة ومن الصدقة والجهاد(١٨).
هذا، والذي يطلب من الإمام أو الخطيب أن يكون على بصيرة في المجال الدعوي من علم دقيق بالشرع ومقاصده ومراميه مع الربط الوثيق بالله تعالى والصلة به، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذه سَبيلي أَدْعُو إلَى الله عَلَى بَصيرَة أنَا وَ مَن اتَّبَعَني وَسُبْحَانَ الله وَمَا أنَا منَ المُشْركينَ﴾ [يوسف: ١٠٨]، فأهل البصيرة هم أولو الألباب، قال تعالى: ﴿الَّذينَ يَسْتَمعُونَ القَوْلَ فَيتَّبعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئكَ الَّذينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأولَئكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَاب﴾ [الزمر ١٨]، والآية تصف أهل اليقين والفطنة وسعة الإدراك والكياسة بأن يحصل لهم العلم بالاستماع، ويحصل لهم الهداية والتوفيق باتّباع أحسن القول، وهو الإسلام بلوازمه من أمر ونهي، ترغيبا في الخير الذي هو سبيل النجاة، وترهيبا من الشرّ الذي هو سبيل الهلاك والدمار والعذاب، وبحصول هذه المرتبة يوصل المتبصّر دعوته إلى الغير متيقنا بمراميها النبيلة التي مدارها إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، تعلو به إلى مدارج الكمال المنشود.
وعليه، فإنّ البصيرة التي يكون عليها الداعية لا تطلق على العلم وحده ما لم يؤازره تصديق وعمل وتقوى، فيتجسد علمه بمعرفة الدين ومراتبه الثلاث من إحسان وإيمان وإسلام، ويتفاعل معها عملا ودعوة، متخلقا بأخلاق الدعاة، متبصرا بأحوال المدعوين وعوائدهم و طبائعهم و أعرافهم، منتهجا معهم الأسلوب النبوي في الدعوة إلى الله على ما تقدّم، مع الإحاطة بالمقاصد العليا للدعوة الإسلامية، وإذا كانت دعوته مؤسّسة على ضوء هدي الكاتب والسنة حاز قصب السبق، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً ممَّن دَعَا إلَى الله وَعَملَ عَمَلاً صَالحاً وَقالَ إنَّني منَ المُسْلمينَ﴾ [فصلت: ٣٣]، ونال رتبة المستنيرين بنور الله، قال تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فأحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشي به في النّاس كَمَن مَثَلُهُ في الظُلُمَات لَيْسَ بخَارج منْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢].
هذا، وعلى الداعي إلى الله التحلّي بالصبر، وهو من الأهمية بمكان في مسيرة الدعوة والدعاة خاصّة، إذ بالصبر و اليقين تنال الإمامة في الدين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : مستدلا بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا منْهُمْ أَئمَةً يَهْدُونَ بأَمْرنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بآيَاتنَا يُوقنُونَ﴾ [السجدة ٢٤]، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنّ أهل الصبر هم أهل العزائم، كقوله تعالى: ﴿وَلمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلكَ لَمن عَزْم الأُمُور﴾ [الشورى: ٤٣]، وصبر الدعاة على البلاء الذي يصيبهم هو من عزائم الأمور، لأنّه صبر على استكبار الجاحدين وجفوة العصاة، وعنت المدعوّين وهو من علامات أهل الصلاح المتّقين، وهو يشمل الصبر على الطاعة وعلى المعصية وعلى الأقدار، ولقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم كلّ أشكال الصدود والفجور، وكلّ ألوان الكنود والجحود، فصبر عليها وصابر ورابط حتّى أتّم الله دعوته، وانتشرت في الآفاق.
فالصبر -ذن- له أثره البالغ والحسن في نجاح مهمّة الداعي بتوجيه الناس إلى الخير والرشد والسؤدد، وعليه أن يتحمّل ما يواجهه من كنود الناس وصدودهم وما يحاك ضدّه في سبيل صدّه أو عرقلته ومنعه سبيل الله، أو ما ينشر حوله من إشاعات وأكاذيب واتهامات، ويكاد له من دسائس، قال تعالى: ﴿وَمَا لَنَا ألاَّ نَتَوَكّلَ عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا، وَلنَصْبرَنّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا، وَعَلَى الله فلْيَتَوَكَّل المُتَوَكلُونَ﴾ [إبراهيم: ١٢].
وفي الأخير، فالواجب على الدعاة في مسيرتهم الدعوية أن يبتعدوا عن الجفوة والغلطة وسوء الأدب والمنقلب، وأن يتنزهوا عن الأغراض الدنيئة والاغترار بالدنيا، لأنّ الانشغال والتلهّي بها عن الآخرة أوّل طريق الضياع، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمنُوا لا تُلْهكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذكْر الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلكَ فَأُولَئكَ هُمْ الخَاسرُونَ﴾ [المنافقون: ٩].
كما عليهم التنزه عن مقاصد الشخصية التي تصاحب الجفاة الغلاظ، التي تحمل دعوتهم في ثناياها من تجهيل وتجريح وتشهير وتعيير، بل وتكفير، فإنّ مرض حبّ الظهور والإهانة والتشفّي خلق ذميم ورذيلة لا تتوافق مع الخلق الرقيق الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها، والاصطباغ بتلك الرذيلة لا تصح صفة داعية، ولا يتشرف بها في سلوكه التطبيقي.
كما أنّ من وقائع حالنا أن يتصدى للدعوة أفراد بعلم ناقص أو بدون علم، بل دون تأهل ولا تأهب، وبلا زكاة للنفس وتربية ولا مجاهدة، فيدعون إلى الإسلام وهم بحاجة إلى الدعوة، ومثل هذه الأمراض من أصابته بشيء فهو ظلوم جهول يدعى إلى الحقّ ولا يدعو، ويستصلح ولا يصلح .
هذا، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد، ومن وفقّ إلى سلوك الدعوة النبوية فقها وتأسيسا فقد حاز وافرا من ميراث النبوة، نسأل الله لنا ولكم أن لا يحرمنا منه.

1443هـ / 2022م

١- أخرجه أحمد: (٢/٣١٨). والبخاري في الأدب المفرد رقم (٢٧٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «السلسة الصحيحة» رقم: (٤٥).
٢- أخرجه مسلم: (١٢/١١١) في البرّ والصلة: باب تفسير البرّ والإثم من حديث نوّاس بن سمعان رضي الله عنه.
٣- أخرجه أحمد: (٤/١٩٣) من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، والحديث صحّحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (٣/١٤) وفي صحيح موارد الظمآن: (٢/٢٤٤).
٤- أخرجه أبو داود: (٥/٦٠) في السنّة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه. والترمذي رقم: (٣/٤٦٦) في الرضاع: باب حقّ المرأة على زوجها، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسن صحيح انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم: (٢٨٤) صحيح الترمذي: (١/٥٩٣).
٥- جزء من حديث أخرجه البخاري: (١/٢٢) في بدء الوحي باب: 3، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٦- أخرجه البخاري: (١٠/٥١٣) في الأدب. باب من لم يواجه الناس بالعتاب. ومسلم: (١٥/٧٨) باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
٧- أخرجه البخاري: (٦/٥٦٦) في المناقب، باب صفة النّبي صلى الله عليه وسلم. ومسلم: (١٥/٧٨) في الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
٨- أخرجه البخاري: (٦/٥٦٦) في المناقب، باب صفة النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ومسلم: (١٥/٨٥) في الفضائل، باب طيب ريحه صلى الله عليه وسلم ولين مسّه ، والترمذي:(٤/٣٦٨) في البرّ و الصلة، باب ما جاء في خلق النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي الشمائل رقم: (٣٢٨) من حديث أنس بن مالك رضي الله عليه.
٩- متّفق عليه، أخرجه البخاري: (١٠/٥١٨) في الأدب: باب الحذر من الغضب، ومسلم: (١٦/١٦٢) في البرّ والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١٠- وفي هذا المعنى بوّب البخاري (١٠/٥١٦): باب ما يجوز من الغضب والشدّة لأمر الله تعالى.
١١- أخرجه البخاري: (١٠/٥٢٤) في الأدب، باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "يسروا و لا تعسروا"، ومسلم: (١٥/٨٣ ) في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٢- أخرجه البخاري: (٥/١٦٧) في العتق باب بيع الولاء وهبته، وفي المكاتب: باب ما يجوز من شروط المكاتب (٥/١٨٧)، ومسلم: (١٠/١٣٩) في العتق، باب الولاء لمن اعتق، وأبو داود: (٤/٢٤٥) في العتق باب بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٣- أخرجه البخاري: (٢/٢٣٣) في صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، ومسلم: (٤/١٥٢) في الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
١٤- أخرجه أبو داود: (٥/١٤٣) في الأدب، باب في حسن العشرة، والحديث صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم: (٢٠٦٤).
١٥- أخرجه البخاري: (١٠/٤٤٩) في الأدب، باب الرفق في الأمر كلّه، ومسلم: (١٤/١٤٦) في السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٦- أخرجه مسلم: (١٦/١٤٦) في البرّ والصلة، باب في فضل الرفق من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٧- أخرجه مسلم: (١٦/١٤٦) في الكتاب والباب أنفسهما.
١٨- انظر: زاد المعاد لابن القيم: (٣/٥٩٥) وما بعدها.

المصدر




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكُ الله خير الجزاء على نقلك لهذا الموضوع المهم الذي صارت الامم تحتاج لمن يذكرها بالاخلاق الفاضلة ويحبب لهم التحلي بها لانها هي أساس إستقامة الدين كما لا يخفى علينا أن كل الشرائع السابقة اتت بمكارم الاخلاق لكن الشريعة الكاملة والتامة هي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بقوله ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) السلسلة الصحيحة رقم 45
ولذا يجب علينا التحلي بجميع ما جاء به نبيننا صلى الله عليه وسلم من أخلاق فاضلة لأن
الله جبله على مكارم الأخلاق، وأمرنا بالاقتداء به. قال الله تعالى: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتََدُون } ( الاعراف :158) كيف لا نقتدي بمن مدحه الله عز وجل وقال فيه( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم : 4)
وقد فصل الشيخ ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتاب الفوائد أصل الاخلاق الحميدة والمذمومة فقال رحمه الله تعالى

أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة
وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة.
فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر والإعراض وإباء قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك(كلها ناشئة من الكبر)
وأما الكذب والخسة والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع والجبن والبخل والعجز والكسل والذل لغير الله واستبدال الذي هو
أدنى بالذي هو خير ونحو ذلك( فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس)

وأما الأخلاق الفاضلة كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفة والصيانة والجود والحلم والعفو والصفح والاحتمال والإيثار وعزة النفس عن الدناءات والتواضع والقناعة والصدق والأخلاق والمكافأة على الإحسان بمثله أو أفضل، والتغافل عن زلات الناس وترك الاشتغال بما لا يعنيه وسلامة القلب من تلك الأخلاق المذمومة ونحو ذلك، (فكلها ناشئة عن الخشوع وعلو الهمة).
والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة ثم ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتأخذ زينتها وبهجتها (يشير إلى سورة فصلت آية 39), فكذلك المخلوق منها إذا أصابه حظه من التوفيق.
وأما النار فطبعها العلو والإفساد ثم تخمد فتصير أحقر شيء وأذله وكذلك المخلوق منها. فهي دائما بين العلو إذا هاجت واضطربت، وبين الخسة والدناءة إذا خمدت وسكنت.
والأخلاق المذمومة تابعة للنار والمخلوق منها، والأخلاق الفاضلة تابعة للأرض والمخلوق منها.
فمن علت همته وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل

اللهم إنا نسالك الاقتداء بنبيك وأن تهدينا الى أحسن الاخلاق ومكارمها وتجعلنا من عبادك الصالحين





اللهم إنا نسالك الاقتداء بنبيك وأن تهدينا الى أحسن الاخلاق ومكارمها وتجعلنا من عبادك الصالحين

اللهم امين
تقبل مروري اخي الكريم




بارك الله فيك اختاه .نسال الله عز وجل الاقتداء بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام من بعده والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين.




بارك الله فيك اخي ابو سليمان على مرورك الكريم .قد وفيت وكفيت في ردك .جعله الله في ميزان حسناتك وصالح اعمالك.




التصنيفات
اسلاميات عامة

[هذا هو الإسلام في الأخلاق]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[هذا هو الإسلام في الأخلاق]

أما الأخلاق فإن أعظمها ما وصف الله جل وعلا نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به حيث قال تعالى لنبيه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:4]، وقد قال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وهذا الحصر في قوله (إنما بعثت) يحصر لك أن القصد من البعثة إنما هو تتميم مكارم الأخلاق، وهو بهذا يجعل الأخلاق شاملة لكل ما اشتملت عليه الشريعة وما اشتمل عليه دين الإسلام، وهذا هو الظاهر، والإنسان فيه خَلق وخُلق، أما الخَلق هي صورة الظاهر، وأما الخُلق فهو الصورة الباطنة لروحه، وكما أن الإنسان يحسِّن عنده الصورة الظاهرة، وكذلك يدخلها التكليف يجب عليه أن يحسن عنده الصورة الباطنة، وهذه يدخلها التكليف متعلقة بالروح والنفس والغرائز تصرف عن ذلك، لهذا نقول: إن الأخلاق دعا إليها الإسلام متنوعة.
فخُلق الإنسان مع ربه، الإنسان المسلم خلقه مع ربه يجب أن يكون أسمى الأخلاق في جميع ما يتصل بروحه، وهل محبة الله جل وعلا ورجاؤه والخوف منه والأنس به جل وعلا ودعاؤه والذل له والتوكل عليه وحسن الظن به إلا من الأخلاق العبادية العظيمة بين الإنسان وبين ربه جل وعلا.
خلق الإنسان مع ربه يدخل فيه إخلاصه لربه وأن لا يكون في قلبه قصداً وإرادة سوى الله جل وعلا.
فلواحد كن واحدا في واحد أعني طريق الحق والإيمان
خُلق المسلم مع نفسه، خلق المسلم مع والديه وأهله وأولاده، خلق المسلم مع المسلمين فيما يعامل به هؤلاء من الصدق والأمانة، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، وأن يرعى فيهم الأمانة وأن يجنب نفسه وإياهم كل ما فيه نزغ الشيطان في الصدور، ولهذا قال جل وعلا في جماع ذلك {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}[الإسراء:53] بالقول الحسن والفعل الجميل، ولم تتصدع الأخلاق إلا بالقول المشين أو الفعل المعيب، فلهذا كلما حسنت الأقوال والأفعال في تعاملات الإنسان وأحب للناس ما يحب لنفسه من الخير صار على خلق محمود، جميع الصفات من الصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وأداء الحقوق عن أنه يصدق ولا يكذب وأنه يؤدي الأمانة ويغش وأنه يكون صالحا للناس كما يحب أن يكونوا صاحين، هذه أنواع الأخلاق المحمودة.

كذلك خلق المسلم مع غير المسلمين، غير المسلم لا يعني أنه لم يشارك المسلم في دينه أن يكون فض الخلق معه؛ بل يكون معه على خلق حسن في قوله وفي فعله:

أما القول فقد نص الله جل وعلا عليه {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}[البقرة:83].
وأما الفعل فقد قال الله جل وعلا {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8].
فلم ينه الله جل وعلا عن الخلق الحميد عن برّ من لم يقاتلنا في الدين وعن الإحسان إليه وعن العدل معه، فالعدل أساس لأنواع التعاملات مع غير المسلمين وذلك البر بهم وكذلك أن يقال لهم الحسن، وهذا كله فيمن لم يظهر العداوة لأهل الإسلام وأهله.
كذلك خُلق المسلم وخُلق الإسلام في الحرب، الإسلام أوّل تشريع جاء في الحرب بعزل المدنية والمدنيين عن الحرب، واختص في الحرب بمواجهة المحاربين دون مواجهة المدنيين، فأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألاّ يُقتل في الحرب الشيخ ولا المرأة ولا الوليد، حتى الشجر لا يقطع وحتى إفناء البيوت وهدم البيوت لا يشرع؛ وذلك لأن المدنيين الذين لم يحاربوا فإنه لا حرب عليهم وإنما الحرب للمحاربين، وهذا علو في الانتقائية في حال الحرب، فالحرب ليس معناها في الإسلام بأنواعها ليس معناها أن تحصد الأخضر واليابس وأن تحصد الناس لأجل الانتصار، وإنما في الحرب رعى الإسلام الانتقاء من يهاجم ومن يقتل في ذلك.
الخُلُق في تعريف وجيز بما رعاه الإسلام هو حمل الغرائز في صفاتها على موافقة أمر الخالق جل وعلا، فصاحب الخُلق الحميد هو صاحب القول الطيب والفعل الطيب، والغرائز والعادات مؤثراتٌ كثيرًا في الخلق.
من محاضرة بعنوان : هذا هو الإسلام
الشيخ : صالح آل الشيخ نفع الله بعلمه وجزاه خير الجزاء




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
اسلاميات عامة

من مكارم الأخلاق أن تصل من قطعك

بسم الله الرحمن الرحيم
من مكارم الأخلاق أن تصل من قطعك
: من الأقارب ممن تجب صلتهم عليك, إذا قطعوك, فصلهم ولا تقل: من وصلني وصلته ! فإن هذا ليس بصلة, كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من إذا قطعت رحمها وصلها)1 فالواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها .

وسأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله, إن لي أقارب أصلهم ويقطعوني, وأحسن إليهم ويسيئون إلي, وأحلم عنهم ويجهلون علي ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)2.
وقوله: (تسفهم المل) أي: كأنما تضع التراب أو الرماد الحار في أفواههم .
وإذا كان وصل من قطعك يعد من مكارم الأخلاق فكذلك وصل من وصلك هو أيضاً من هذا الباب, لأن من وصلك وهو قريب, صار له حقان: حق القرابة, وحق المكافأة, لقول النبي عليه الصلاة والسلام
(من صنع إليكم معروفاً فكافئوه)3.

وكذلك عليك أن تعطي من حرمك. أي: من منعك ولا تقل: منعني, فلا أعطيه .
وتعفو عمن ظلمك, أي من انتقصك حقك: إما بالعدوان وإما بعدم القيام بالواجب .
والظلم يدور على أمرين: اعتداء وجحود: إما أن يعتدي عليك بالضرب وأخذ المال وهتك العرض وإما أن يجحدك فيمنعك حقك .


وكمال الإنسان أن يعفو عمن ظلمه, ولكن العفو إنما يكون عند القدرة على الانتقام, فأنت تعفو مع قدرتك على الانتقام

من رسالة مكارم الأخلاق لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــ

1 أخرجه البخاري5991 كتاب الأدب.

2 أخرجه مسلم رقم22 كتاب البر والصلة.

3 أخرجه أبو داود رقم 1672 كتاب الزكاة ورقم 5109 كتاب الأدب. والنسائي 2566 كتاب الزكاة باب 72 وهو في صحيح الجامع 6021 .




رحم الله العلامة ابن عثيمين

وجزاك الله خير




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abù hafes تعليمية
رحم الله العلامة ابن عثيمين

وجزاك الله خير

رحم الله كل علماء السلف ونفعنا بعلمهم
جزاكم الله بالمثل وزيادة




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
اسلاميات عامة

الأخلاق الحميدة لفضيلة الشيخ الدكتور/ مُحَمد بن هادي الْمَدخلي

الأخلاق الحميدة
لفضيلة الشيخ الدكتور/
مُحَمد بن هادي الْمَدخلي
-حفظه الله-
خطبة ألقاها – حفظه الله – في محافظة الطائف –
بجامع العذل بتاريخ : 18/11/1430هـ
تفريغ وتنسيق
أبو عبدالله شريف حمد.

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه و أله و سلم).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء: 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإن خير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النّار .
أما بعد:
فيا أيها المسلمون اعلموا رحمني الله وإياكم أن هذا الدين المتين قام على أسس قويمة متينة ومن هذه الأسس العظيمة التي أوجبت الترابط بين أهله والتآخي والتلاحم بينهم بعد التوحيد والقيام بأركان الإسلام، الأخلاق الفاضلة الحسنة.
فإن الأخلاق يا عباد الله تألف بين الناس وتباعد بينهم، فالأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة، تحبب الناس بعضهم لبعض.
والأفعال السيئة، والأخلاق الذميمة تكره الناس بعضهم في بعض، ولقد كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-مضرب المثل في ذلك وكفانا مدح ربه له بقوله جل وعلا: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
أيها المؤمنون:
لقد كان رسولكم-صلى الله عليه وسلم- يضرب بأخلاقه الحسنة، وأفعاله الجميلة، وسجاياه الشريفة، يضرب لكم أروع الأمثلة، ولهذا قال الله جل وعز: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْفِيرَسُولِ اللَّهِأُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنكَانَيَرْجُواللَّهَوَالْيَوْمَ الْآخِرَوَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) كان معروفا بالصدق في الجاهلية، ومعروفا بالأمانة أيضا، حتى إن قريشا تلقبه بالأمين ، أو تلقبه بالصادق الأمين، كان محط أنظارهم يودعونه أموالهم ، ومحط استشارتهم، لما علموه من صدقه ونصحه لهم، صلوات الله وسلامه عليه.
ولقد اهتم عليه الصلاة والسلام بهذا الأمر غاية الاهتمام فثبت عنه في الحديث أنه قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا).
وجاء في الترمذي وغيره من حديث عبد الله سلام -رضي الله عنه- ، وقد كان من أحبار اليهود بالمدينة قبل إسلامه وقدوم النبي-صلى الله عليه وسلم-عليها، قال رضي الله تعالى عنه: لما قدم النبي المدينة انجفل الناس عليه وكنت فيمن انجفل فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته يقول (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام).
انظروا إلى هذه الوصايا العظيمة إن هذه الوصايا كل واحدة منها بحاجة إلى أن تفرد بحديث مستقل.
فإطعام الطعام من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وبذل السلامكذلك وصلة الأرحام كذلك، وصى بها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فإطعام الطعام يحصل به التكافل بين المسلمين، فلا يبقى بينهم فقير ولا معوز ولا جائع.
وبث السلام: تحصل به الألفة بين القلوب، قال عليه الصلاة والسلام: أفلا أدلّكم على شيءإذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.
فإفشاء السلام من الشعائر الظاهرة بين أمة الإسلام، وهو سبب للألفة بين المسلمين.
وصلة الأرحام: به تتوثق أواصر القربى بين المسلمين، فلا يقطع رحم إلا من ران على قلبه عصيان الله ورسوله، عياذا بالله من ذلك.
أما من عمر قلبه الإيمان بالله، والمحبة والإتباع لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-، فإنه لا يمكن بحال أن يقطع رحمه، وهو يعلم ما في القطيعة من الإثم العظيم، (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ).
انظروا عباد الله إلى هذه الوصية التي بثها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أوّل قدومه مدينته عليه الصلاة والسلام.
أيها المسلمون:

لقد أجمع النبي-صلى الله عليه وسلم-مكارم الأخلاق وعظم مكانتها في حديثين:
فجاء في الحديث الأول الذي يعرفه أكثر المسلمين قوله عليه الصلاة والسلام: (إن أقربكم منيمجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً).
وجاء عنه عليه الصلاة و السلام في السنن وغيرها أنه قال : (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسُنَ خلقُه أو حسّن خلقه).
فانظروا عباد الله منزلة الخلق الحسن، أن يقع صاحبها في أعلى الجنة فلهذا احتل المسلمون بين الأمم أعظم المنازل حينما كانوا متمسكين بالأخلاق الحميدة، والسجايا الجميلة، التي جاء بها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، بل بعض بلدان الإسلام اليوم ما فتحت بسيف ولا خيل وإنما فتحت قلوب أهلها بحسن تعامل المسلمين معهم.
أيها المسلمون:
الله الله في تحقيق الأخلاق الحسنة والتحلي بها، فإن ذلك من ركائز الدين، التي يقوم عليها وتُأثر في المسلمين، وتنتج مجتمعا صالحا، يأمن بعضهم بعضا ويعطف بعضهم على بعض، ويصل بعضهما بعضا، هذه الأخلاق الجميلة التي حث الله سبحانه وتعالى عليها في كتابه، وحث عليها رسوله-صلى الله عليه وسلم-في صحيح سنته، حري بكل مسلم أن يتخلق بها، وحري بكل بيت مسلم أن يعلم بعضهم بعضا، وأن يوصي بعضهم بعضا، بحسن الأخلاق لما لها من الأثر الجميل في الدنيا عليه، ولما لها من الأدب الجميل في الآخرة عند ربه تبارك وتعالى.
أيها المؤمنون:
إن الأخلاق والحديث عنها ليس هو من باب الطرب، وليس هو من باب تحصيل الحاصل، وليس هو من باب التكميل، وإنما الحديث عنها من باب إفشاء ما يلزم إفشاؤه، والحث على ما يلزم التخلق به.
فالله الله في ذلك، فلنتخلق بأخلاق الإسلام، فإنه ما نهضت الأمة في صدرها الأول، إلا بتمسكها في ذلك، وما تنكبت الأمة في آخر عصرها إلا بسبب تركها لذلك.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها ليوم الدين، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله، خاتم النبيين وإمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد:
فيا أيها المسلمون:
انظروا عاقبة سوء الأخلاق، وسوء مصير صاحبها عند الله يوم القيامة تدركوا أيضا منزلة الأخلاق الحميدة، في الدنيا والآخرة، فإن الضد يظهر حسن ضده، وقديما قيل (الضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتميز الأشياء).
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- هَلْ تَدْرُونَ مَنْ ‏الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا ‏: الْمُفْلِسُ فِينَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ ‏: ‏إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ‏، ‏فَيَقْتَصُّ ‏‏هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ….
فانظروا عباد الله إلى هذا المطيع الذي أتعب نفسه وأجهدها في العبادة، صلاة في صلاة، وصيام وصدقة، وتجشم عناء السفر في الحج، ثم بعد ذلك يقدم على ربه، فيصبح مفلسا، بسبب ماذا؟ بسبب سوء خلقه، يشتم هذا ويسب هذا، ويضرب هذا ويأخذ مال هذا ونحو ذلك.
فيا عباد الله: كم من جار آذى جاره؟ كم من جار اليوم شتوم؟ وكم من سيد لخادمه ظلوم؟ ولماله أكول غشوم.
أيها المسلمون:
إن مثل هذا، إن مثل هذا عليه أن يتقي الله، ويعلم أنه قادم على الله تبارك وتعالى، وأن رصيده من الحسنات إن لم تدركه رحمة الله سيكون هباءا بسبب سوء خلقه، ولقد ذكر لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-امرأة وأُثْني عليها بكثرة صلاتها وعبادتها ثم قيل له: لكنها تؤذي جيرانها، قال: هي في النار.
وذكر له أخرى ولم يذكر له من عبادتها وصلاتها وكثرة صلاتها ما ذكر له من الأولى، لكنه قيل له: إنها تحسن إلى جيرانها ، فقال: هي من أهل الجنة.
ولقد ضرب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أروع المثل في مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، والقارئ لسيرته العطرة يرى ذلك واضحا جليا، جاءه أعرابيا فجبذه جبذة شديدة حتى قطعت صنفة البرد، وطارت حاشيته في صفحة عنقه عليه الصلاة والسلام، ثم قال له يا محمد مر لي بعطاء فإنك لا تأمر لي بشيئ من مالك، ولا من مال أبيك، فقال عليه الصلاة والسلام: لا وأستغفر الله لا وأستغفر الله ، لا وأستغفر الله، ثم قال له: حتى تقيدني من جبذتك التي جبذتني، فقال : والله لا أقيدكها والصحابة قيام ينظرون، هموا به ، فقال عليه الصلاة والسلام: عزمت عليكم لما لي من حق عليكم أن لا تفعلوا شيئا ، ثم قال عليه الصلاة والسلام: يا فلان، احمل له على بعيريه هذين ، على أحدهما تمرا، وعلى الآخر شعيرا، ثم قال لأصحابه انصرفوا على بركة الله.
إن هذا الخلق العظيم، ومثله هو الذي به تؤسر القلوب وتفتح، تؤسر القلوب أولا ، ثم تفتح بالمحبة ثانيا.
الله الله معشر الإخوان في التأسي بهذا النبي الكريم، والصبر على أذى من آذى، والصفح عنه، وبسط الوجه له، والإحسان إليه، ودفع السيئة بالحسنة، فإن ذلك من مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، (وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّاذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
ثم اعلموا رحمني الله وإياكم أن الله قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه فقال عز من قائل عليما (إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) .
وقال عليه الصلاة والسلام (من صلى علي مرة صلى الله به عليها عشرا)

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن أصحابه الحنفاء والأربعة الخلفاء الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ،و عن سائر الصحب أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا رخاءا سخاءا وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك، يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق جميع حكام المسلمين، للعمل بكتابك وتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك محمد-صلى الله عليه وسلم- اللهم اجعلهم رحمة على شعوبهم ورعاياهم يا رب العالمين، اللهم اجعلهم رحمة على شعوبهم ورعاياهم يا رب العالمين، اللهم اجعلهم رحمة على شعوبهم ورعاياهم يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صار إليه الأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
أيها المؤمنون:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ماتصنعون.

********************

**********




للرفع رفع الله قدر الجميع.
.




احسنت يا اخي في اختيار الموضوع. فلو صلح كل فرد منا واتبع مااوصى به الله عز وجل ورسوله الكريم وعمل جاهدا على ترويض نفسه علىالاخلاق الحميدة لصلح الجتمع كله بل الامةكلها. شكرا




بارك الله فيك و جزاك كل خير




بارك الله فيك اخي




بارك الله فيك




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مقال] الأخلاق من العقيدة

تعليمية تعليمية
[مقال] الأخلاق من العقيدة


تعليمية

الأخلاق من العقيدة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالعقيدة الصحيحة تستلزم التحلي بكل خلق فاضل كريم، والتخلي عن كل خلق رذيل ذميم، والأخلاق مرتبطة ارتباطاً كلياً وثيقاً بالإيمان بالله وبرسله وبالبعث، والإيمانُ بالله تعالى شُعَبُهُ كثيرة، ومُقتَضياته عديدة، وحقيقتُه لا تخفَى، فالإيمانُ بالله تعالى اعتقادٌ بالقلب ونطقٌ باللسان وعملٌ بالجوارح، وليس الإيمانُ بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، ولكنْ ما وقَر في القلب وصدَّقَه العمل.
فتعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة: "الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيدُ بالطاعةِ، وينقصُ بالمعصية".
فالحياء إما قولٌ وإما عمل، فإذا كان كذلك فهو من الإيمان وذو علاقة قوية ومرتبطة بالإيمان.
فمن زيادة الإيمان؛ حسن الخلق وزيادة إيمان المرء المسلم تُقَرب من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة، كما أن سوء الخلق يبعد المرء المسلم عن مجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة، والبعد عن النبي عليه السلام يوم القيامة؛ يدل على سوء الخلق الذي يُنقص الإيمان، فنجد أن الأخلاق الحسنة الكريمة لا تنفك عن العقيدة، ومصداق ما قلنا في حديث أبي ثَعْلَبَةَ الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن أَحَبَّكُمْ إليّ وَأَقْرَبَكُمْ مني في الآخِرَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً وان أَبْغَضَكُمْ الي وأَبْعَدَكُمْ مني في الآخِرَةِ مَسَاوِيكُمْ أَخْلاَقاً الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ)). أخرجه أحمد (4/193)، وابن حبان (482).
وإن من الخلق الحسن؛ الحياء ، الذي حَقِيقَتُهُ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبَائِحِ. وَيَمْنَعُ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ. كما قال الجنيد.
والحياء من الإيمان كما ثبت ذلك عن المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فعن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على رَجُلٍ وهو يُعَاتِبُ أَخَاهُ في الْحَيَاءِ يقول إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي حتى كَأَنَّهُ يقول قد أَضَرَّ بِكَ فقال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْهُ فإن الْحَيَاءَ من الْإِيمَانِ)). متفق عليه.
بل وأن الحياء قرين الإيمان كما ثبت ذلك في السنة، فعن بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)). أخرجه البخاري في "الأدب المفرد موقوفاً برقم (1313)، والحاكم (1/73) مرفوعاً وصححه الحاكم، ووافقه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
فإذا تقرر في السنة أن الحياء من الإيمان بل قرين له، وعلمنا أن الحياء هو خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبَائِحِ، فعند ذلك يثْبت لدى كل ذي لُبٍّ؛ أن الخلق الحسن من العقيدة ومرتبطٌ بها ولا ينفك عنها.
إنَّ من لَوازم الإيمان بالله تعالى أنْ يتحلَّى المسلم بالخلقِ الحسن ويُعامل الناسَ بمكارمِ الأخلاقِ، والتحلِّي بحسنِ الخلق جزءٌ رئيس من الإيمان بالله تعالى لا ينفكُّ عنه، وكلَّما قوي إيمان العبدِ؛ كان التزامه بالخلق الحسن أقوى.
قال الله تعالى : ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. [البقرة: 177].
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً)). أخرجه أحمد (2/527).
ومن لوازم الإيمان بالله: أن الله فرض الأخلاق الفاضلة على المسلم فيلتزمها ويمارسها، وفرض عليه اجتناب الأخلاق السيئة فيجتنبها ولا يقربها.
فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عن الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ من الْإِيمَانِ)). أخرجه أحمد (2/414))، ومسلم (35).
قال ابن القيم : "وَأَمَّا حَيَاءُ الْعُبُودِيَّةِ: فَهُوَ حَيَاءٌ مُمْتَزِجٌ مِنْ مَحَبَّةٍ وَخَوْفٍ، وَمُشَاهَدَةِ عَدَمِ صَلَاحِ عُبُودِيَّتِهِ لِمَعْبُودِهِ، وَأَنَّ قَدْرَهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْهَا. فَعُبُودِيَّتُهُ لَهُ تُوجِبُ اسْتِحْيَاءَهُ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ." "مداج السالكين" (2/263).
ومن أمثلة ما أمر الله به من الأخلاق الحسنة وشرعه للمسلمين: الاستئذان في دخول البيوت. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (سورة النور:27).
ونهى عن السخرية بالآخرين مهما كان منزلتهم، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة الحجرات:11].
ومن لوازم الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ أن يؤمن المسلم ويعتقد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء ليتمم مكارم الأخلاق ويحث عليها، فيلتزم العمل بالأخلاق الحسنة ويمارسها وينتهي عما نهاه النبي عليه السلام عنه،و أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبلغٌ عن ربه، فمقتضى إيمانه برسول الله امتثال ما أمر به من الفضائل والابتعاد عن ما نهى عنه من الرذائل.
ومما يشهد لذلك؛ عن أبي هُرَيْرَةَ قال رضي الله عنه قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ [مكارم]الأَخْلاَقِ)). أخرجه أحمد (2/318)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (273)، والحاكم (2/613).
وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقول الحسن، وإكرام الضيف والجار، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)). متفق عليه.
وجاء في حديث مناقشة هرقل لأبي سفيان في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟" قلت: "يقول:((اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيئا … وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ))". أخرجه البخاري.
فالصدق هنا والعفاف وصلة الأرحام؛ من الأخلاق الحسنة الكريمة، فاقترانها بتوحيد الله تعالى فيه دلالة قطعية على أن الأخلاق الحسنة مرتبطة بالعقيدة ارتباطاً وثيقا، ولا يؤمن المرء حتى يأتمر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن لوازم الإيمان باليوم الآخر؛ الإيمان بالثواب ، و العقاب، فالمسلم يمارس الأخلاق الفاضلة مؤمناً ومعتقداً بأن الله سبحانه وتعالى سيثيبه عليها أجراً عظيماً، وأنها سبيل إلى الجنة، ويترك الأخلاق الذميمة والرذيلة وأن الله تعالى سيعاقبه عليها، ويتجلى ذلك في حديث عبد اللَّهِ ـ ابن مسعود ـ رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فإن الصِّدْقَ يهدى إلى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يهدى إلى الْجَنَّةِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فإن الْكَذِبَ يهدى إلى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يهدى إلى النَّارِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)). أخرجه أحمد (1/384)، ومسلم (2607).
فكلما كان الإيمان صحيحاً قوياً أثمر أخلاقاً حميدة، فأكمل الناس إيماناً محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد أثنى الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وزكّاه بأنه على خُلُق عظيم.
قال تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ[القلم:4].
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أي : "إنك على دين عظيم ، وهو الإسلام". "تفسير الطبري " (12/179) .
فالصحيح أنه لا انفكاك للخلُق عن الدِّين ، قال الفيروزآبادي: "واعلم أن الدين كلّه خلُق ، فمن زاد عليك في الخلُق زاد عليك في الدِّين. (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)(2/568).
فالتحلِّي بالخلق الكريم من أهمِّ خصال الإيمان ولوازمه، ونفهمُ من هذا أنَّ مَن حسنت أخلاقه وطابت فعاله مع الناس كان أقربَ إلى الإيمان وأكثر تحقيقًا له ممَّن ساء خلقُه وشان طبعه.
عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)). أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" حديث رقم (312، 332)، والترمذي (1977)، والحاكم (1/57).
ومعنى ذلك: ليس بمؤمنٍ كامل الإيمان من يسب ويلعن ويفحش القول، فإذا تقرر أن السب واللعن والطعن ينقص من إيمان المرء؛ عُلِم يقيناً أن حسن الخلق من العقيدة.
وفي مقابل ذلك نعلمُ أنَّ انهيارَ الأخلاق وضعفَ التحلِّي بالخلق الكريم مردُّه إلى ضعفِ الإيمان أو فقدانِه.
فصلة الإيمان بالخلُق الحسن القويم يقرره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث يقول: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه فهو منافقٌ، وإنْ صام وصلَّى وحجَّ واعتمر وقال: إنِّي مسلم: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلفَ، وإذا اؤتُمِن خان)). رواه مسلم (59).
والخلق الحسن الكريم يعتبر من أعمال البر الواسعة لفعل الخيرات، فعن نَوَّاسِ بن سِمْعَانَ رضي الله عنه قال: أَقَمْتُ مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً ما يَمْنَعُنِي من الْهِجْرَةِ إلا الْمَسْأَلَةُ كان أَحَدُنَا إذا هَاجَرَ لم يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شَيْءٍ قال فَسَأَلْتُهُ عن الْبِرِّ .. فقال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)). أخرجه أحمد (4/182)، ومسلم (2553).
فالبر هنا معناه: التوسُّع في فعل الخير، والفعل المرضِي، الذي فيه تزكية النَّفس، وإسداء المعروف، والمبالغة في الإحسان.
واعلم أيها المسلم أن المعاصي والذنوب من الأخلاق السيئة، وعلاقتها بالإيمان علاقة قوية، إذْ أن المعاصي والذنوب تضعف الإيمان وتنهكه حتى لا يبقى منه مع المسلم شيئا، فإذا كان كذلك؛ فالأخلاق مرتبطة بالعقيدة، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَزْنِي الزَّانِي حين يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ ولا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حين يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَسْرِقُ حين يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ الناس إليه فيها أَبْصَارَهُمْ حين يَنْتَهِبُهَا وهو مُؤْمِنٌ)). أخرجه أحمد (3/346)، والبخاري (2343)، ومسلم (57).
إن التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل هو؛ مرضاة لله عز وجل، وتزكية للنفوس، وإنَّ الأوامر التي وردت في الكتاب والسنة وتعلقت بالصلاة والصيام لا تنفصل عن الأوامر التي تعلقت بالصدق والعدل وصلة الرحم وإكرام الجار والضيف واحترام الصغير وتوقير الكبير .. وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، فمن هنا تكون فضائل الأخلاق ومكارمها داخلة في إطار الدين وركناً أساسياً من أركان العبادة.
ونخلص مما سبق في بحثنا ـ المبارك ـ إلى أن الرابط وثيق بين العقيدة وبين الأخلاق، فمقتضى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، هو: التحلي بكل خلق فاضل حميد كريم، والتخلي عن كل خلق فاضحٍ رذيلٍ ذميم، وهو جانب من جوانب الشمول والتكامل في هذا الدين العظيم.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،،،

كتبه
جمال بن فريحان الحارثي «أبو فريحان»
الأربعاء: 29/جمادى الأولى/1434هـ
الموافق لـ10/إبريل/2013

المصغرات المرفقة تعليمية

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك اختي عائشة

بورگ فيك




باااااااااااااااااااااارك الله فيك موضوع جميل




التصنيفات
السنة الثانية متوسط

من الأخلاق و السلوكات السيئة

السنة الثا نية متوسط
النشاط: تربية إسلامية
الدورة الأولى: قوة الإرادة وضبط النفس
المجال : السلوك والأخلاق
الموضوع : 3 ـمن الأخلاق والسلوكات السيئة
الكفاءة القاعدية : القدرة : ـ على تلاوة النصوص المعتمدة وفهمها واستخراج مقاصدهه وتوظيفها عند الاقتضاء . ـ وعلى استظهارها .
ـ وعلى اجتناب العنف والتطرف والإسراف والغش ..
مؤشر الكفاءة : ـ يقرأ التلميذ النص المعتمد قراءة خاشعة . ـ ويشرح الكلمات الغامضة ويستنبط ما ترشد إليه الآيات. ـ ويذكرالآثار السيئة للأخلاق
المدروسة على الفرد والمجتمع . ـ ويتأدب بآداب الإسلام ويجتنب الأخلاق القبيحة في البيت والقسم …
النص المعتمد : الحديث : عليكم بالرفق…., والآيتان: 26 و 27 من الإسراء , والحديث: يا بني إن قدرت على أن تصبح …..

أولا ـ وضعية الانطلاق:
1ـ تـقويم مبدئي: استظهارالآيات 183 ……185 من البقرة ومناقشتها .
2 ـ تقديم الدرس: كل الأنبياء والرسل نهوا عن سوء الخلق, اذكروا ما تعرفون من الأخلاق القبيحة .
3 ـ الهدف ا لوسيطي: يثبت التلميذ مكتسباته ويدعمها.
ثانيا ـ بناء التعلم :
يستمع التلميذ إلى قراءة الأستاذ للنصوص المعتمدة .
2 ـيقرأ بعض التلاميذ النص المعتمد مع مراعاة حسن الأداء .
3 ـ الفهم العام:
أ ـ شرح المفردات :الرفق :لين الجانب , العطف , الفحش : غلظة في القول , شانه: عابه , التبذير : الإسراف , تجاوز الحد
ب ـ الأسئلة: بم يأمرنا رسول الله في الحديث الأول ؟ عم ينهانا ؟ عم تنهانا الآيتان ؟ ما حكم التبذير ؟ علام يحث رسول الله في الحديث ا لثاني ؟ ما جزاء من يبتعد عن الغش ؟
4 ـتعميق الفهم:
……………………. ……………………. ……………………. ……………………. ……………………. …
أولا : العنف والتطرف
أ ـ تعريف العنف والتطرف : ما مفهوم العنف ؟ والتطرف ؟
1 ـ العنف هو استعمال القوة والشدة في لمعالجة أمر ما , وهو ضد الرفق واللين .
2 ـ التطرف هو التشدد والغلو فصاحبه يقف عند أحد طرفي الشيء بعيدا عن الوسطية والاعتدال .
ب ـ الآثار السيئة للعنف والتطرف : ماذا ينتج عن العنف والتطرف ؟
1 ـ توريث العداوة والأحقاد بين الناس . 2ـ هدم العلاقات الاجتماعية وإفسادها . 3ـ ذم الله ورسوله للغلظة في القول والقسوة في المعاملة .
ج ـ من مظاهر العنف والتطرف : أين نرى العنف والتطرف ؟
1ـ التعصب للرأي وإنكار الرأي الاخر . 2 ـ تكليف الناس بما لم يكلفهم الله به . 3ـ سوء الظن بالآخرين . 4ـ القسوة في معاملة الآخرين قولا وعملا 5ـ الحدة في الجدال والخصام ..6ـ الغضب والتسرع .
د ـ الإسلام دين الرفق والاعتدال : لماذا أوصى الله ورسوله بالرفق والاعتدال ؟
دعا الإسلام إلى الرفق والاعتدال في الاعتقاد والعبادة والخلاق والسلوك والمعاملة لأنهما يعطيان أفضل النتائج ويجلبان توفيق الله .

ثانيا : الإسراف
أ ـتعريف الإسراف : ما مفهوم الإسراف ؟
الإسراف هو التبذير أي تجاوز الحد في إنفاق المال أو تناول الطعام….الخ.
ب ـ سبب الإسرا ف: ما هي العوامل التي تدفع إلى الإسراف ؟
1ـ ضعف العقل , 2ـ فقدان الحكمة , 3ـ عدم التفكير في عواقب الأمور .
ج ـ عاقبة الإسراف : ماذا ينتج عن الإسراف ؟
1ـ إفساد النفس وإفقادها إرادتها , 2ـ الإفلاس , 3ـ الإضرار بالصحة , 4ـ تخريب البيوت والمجتع .
د ـ مظاهر الإسراف:أين يكون الإسراف ؟
1ـ الإنفاق , 2ـ الأكل والشرب , 3ـ إضاعة الوقت في غير فائدة , 4ـ العبادات , 5ـ المعاصي …
ه ـ الطرق المثلى في حسن التصرف: كيف نتجنب الإسراف ؟
1ـ الأكل والشرب حسب الحاجة , 2ـ التوسط في الإنفاق ، 3ـ تجنب ا لبخل والتبذير , 4ـ اقتصاد الماء حتى في الطهارة ، 5ـ استغلال الوقت في عمل نافع أو هواية مفيدة .
……………………. ……………………. ……………………. ……………………. ……………………. …
ثالثا: الغش
أ ـ تعريف الغش: ما مفهوم الغش ؟
الغش هو إظهار خلاف ما نخفي أو تزيين ما هو سيء كإخفاء عيب في سلعة لخداع المشتري أو الاعتماد على الآخر في الامتحان .
ب ـ التحذير من الغش: لماذا نهى الإسلام عن الغش ؟
حذر الله ورسوله من الغش لأنه يؤذي صاحبه وغيره ويؤدي إلى خلل في المعاملات بين الناس .
ج ـ من صور الغش: أين يكون الغش ؟
1ـ الغش في الوزن والكيل , 2ـ الغش في والزواج, 3ـ تزوير الوثائق . 4ـ الغش في الامتحان والعمل …
د ـ من الآثار السيئة للغش: ماذا ينتج عن الغش ؟
1ـ إفساد العلاقات الاجتماعية, 2ـ إشاعة الفوضى في التعامل بين الناس , 3ـ الحط من قدر المجتمع وسمعته , 4ـ انعدام الثقة , 5ـ التجرد من الإيمان , 6ـ رفع البركة من الرزق…
5 ـ تقويم بنائي: فيم يشترك العنف والإسراف والغش ؟ كيف يكون المجتمع الذي يخلو من هذه الأخلاق ؟
6 ـ الهدف الوسيطي: يدرك التلميذ أثر هذه الأخلاق السيئة على صاحبها وعى المجتمع .
ثالثا ـ المرحلة الختامية :
1 ـ قراءات متعددة للنص المعتمد .
2 ـ تقويم ختامي: ما هي الأخلاق التي تقابل العنف والإسراف والغش ؟ كيف نستفيد منها ؟ كيف ينظر الناس إلى الأخلاق القبيحة؟ كيف نتجنب
آثارها ؟ما جزاء من يتصف بها ؟
3 ـ الهدف الوسيطي: يتجنب التلميذ الأخلاق القبيحة ويتحلى بما يقابلها من أخلاق حسنة .
4 ـ المطلوب: حفظ النصوص المعتمدة.




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير

تحية طيبة