التصنيفات
العقيدة الاسلامية

فوائد مهمة تتعلق بالعقيدة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

تعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهذه فوائد تتعلق بالعقيدة:

الفائدة الأولى:

جميع الاعتقادات في النجوم، والبروج، والشهور، والأيام، والأماكن كلها باطلة إلا ما ثبت في الشرع المطهر.
ولا شك أن الاعتقادات في النجوم التي يتعاطاها الكهنة، والمنجمون، والسحرة، والرمالون وغيرهم كلها اعتقادات موروثة عن الجاهلية، والكفرة من العرب والعجم، وعباد النجوم، ومن عباد الأوثان والأصنام، ومن غيرهم، فإن الشياطين من الإنس والجن يدخلون على الناس اعتقادات فاسدة إذا رأت قلوبهم خالية من العلم النافع، والبصيرة النافذة، والإيمان الصادق، فإنها تدس عليهم علوما فاسدة، واعتقادات خاطئة، فيتقبل أولئك هذه الاعتقادات الفاسدة، وهذه الأعمال السيئة؛ لأن لديهم قلوبا فارغة ليس فيها حصانة، وليس عندهم علم يردها ويدفعها، كما قال الشاعر:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى… فصادف قلبا خالياً فتمكنا

فإن القلوب الخالية من العلوم النافعة تتقبل كل شيء، ويعلق بها كل باطل إلا من رحم الله، فإذا انتشرت العلوم النافعة في البلد أو في القبيلة أو في الدولة، وكثر علماء الخير والهدى والصلاح، وانتشرت العلوم التي جاء بها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم – طفئت نار هؤلاء الشياطين، وخمدت حركاتهم، وانتقلوا إلى مكان آخر يجدون فيه الفرصة لنشر ما عندهم من الباطل، وهذا هو الواقع في كل زمان ومكان، كلما غلب الجهل كثرت الاعتقادات الفاسدة، والأعمال الضارة المخالفة لشرع الله عز وجل.
وكلما انتشر العلم الشرعي بين الناس في أي مكان، أو في أي قرية ارتحل عنها الجهل والبلاء، وارتحل عنها من يدعو إلى الاعتقادات الفاسدة والظنون الباطلة، والأعمال الشركية، إلى غير ذلك.
وبهذا يعلم أن الناس في أشد الضرورة والحاجة إلى العلم النافع؛ العلم بالله عز وجل، وبشرعه وبدينه وبكتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن التعلق بالنجوم والبروج وغيرهما من المخلوقات أقسام:
منها: ما هو كفر أكبر بلا شبهة، ولا خلاف بين أهل العلم، وهو أن يعتقد أن هذه النجوم والبروج – وهي اثنا عشر برجاً – أو الشمس، أو القمر، أو أحداً من الناس أن له التصرف في الكون، أو أنه يدبر بعض الكون فهذا شرك أكبر، وكفر أعظم، نسأل الله العافية؛ لأن الله عز وجل مصرف الكائنات، ومدبر الأمور، لا مدبر سواه عز وجل، ولا خالق غيره، كما قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[1]، وقال في سورة يونس: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ[2]، فهو سبحانه وتعالى مدبر الأمور ومصرف الكائنات وليس معه شريك في ذلك، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي، ولا غير ذلك، ومن زعم أن لله تعالى شريكاً في تدبير الأمور العلوية أو السفلية فقد كفر إجماعاً، فهو سبحانه الواحد الأحد، الخالق الرازق، ليس له شريك في تدبير الأمور، ولا في خلق الأشياء، ولا شريك له في العبادة، وهو المتصرف في عباده سبحانه وتعالى كيف يشاء، كما أنه ليس له شريك في أسمائه ولا في صفاته، وله الكمال المطلق في أسمائه الحسنى وصفاته العليا جل وعلا، قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[3]، وقال سبحانه: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[4]، وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[5].




الفائدة الثانية:

كل من يعتقد أن لبعض النجوم تأثيرا في الحوادث والأحوال الفلكية من سير النجوم، والشمس، والقمر، وأن لها تأثيراً في هذه المخلوقات في تدبيرها وتصريف شئونها، وأن هذه المخلوقات لها تصرف في الكون بإذن الله، ويزعم أن هذا التصرف بإذن الله، وأنها تدبر كذا وتدبر كذا، وهذا أيضاً باطل وكفر وضلال.
كما يعتقد هذا عباد القبور، فإن عباد القبور، وعباد المشايخ، وعباد الصالحين، وعباد الأصنام يعتقدون أن الله جعل لها شيئا من التصرف في خلقه، وأن لبعض الأولياء تصرفاً في الكون يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، وهذا باطل أيضاً، وجهل وكفر وضلال – نسأل الله العافية – بل التصرف لله وحده، وإنما جعل للعباد أشياء محدودة كإعطاء الله عز وجل الرجل ما يعينه على أسباب الرزق كاليد، والعقل، والسمع، والبصر، وإعطائه ما يعينه على أسباب النسل والذرية من النكاح، وجعل فيه الشهوة، والميل إلى النساء. وجعل للشمس أشياء محدودة من طبعها بسبب حرارتها، ولها آثار في النباتات، هذه الأشياء كلها من خلق الله سبحانه، كطبيعة القمر جعله الله تعالى سراجاً منيراً، ويعرف به عدد الشهور والأعوام والحساب إلى غير ذلك، وكطبيعة الماء، وطبيعة النار وغيرهما.
كل مخلوق جعل الله له طبيعة تخصه ليست متعلقة بالكائنات كلها، أما من ظن أن لبعض المخلوقات تصرفاً في الكائنات، أو أن لها تدبيراً في الكائنات من صنم، أو ولي، أو نبي، أو نجم، أو غير ذلك فهذا كفر وضلال، نسأل الله العافية.




يتبع بإذن الله…..




اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

(قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر آية : 38.




الفائدة الثالثة:

تتعلق بعلم التسيير لا التأثير، فالتسيير للنجوم والكواكب يستدل به على أوقات البذر، وأوقات غرس الأشجار، والاستدلال على جهة القبلة، وعلى دخول أوقات الصلاة، وعلى شبه ذلك، وتمييز الفصول بعضها من بعض، وتمييز الأوقات بعضها من بعض، وهذا يسمى بـ علم التسيير، ولا بأس به، وهو معروف، فإن الله جعل لكل شيء وقتا مناسباً، وجعل سير الشمس والقمر والنجوم من الدلائل على هذه الأوقات التي يحتاج العباد إلى معرفة خصائصها، وما ينتفع به فيها، كما يستدل بالنجوم أيضاً على البلدان، وعلى مواضع المياه التي يحتاجها الناس ويريدونها إلى غير ذلك، كما قال سبحانه وتعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ[6]، وقال سبحانه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[7]، فالله جعل لهذه النجوم في سيرها – خصوصاً النجوم المعروفة والنجوم الثابتة – عملاً يستدل بها على أشياء كثيرة من أماكن البلاد وجهاتها، وجهة القبلة، وما أشبه ذلك حتى يُهتدى بها، ويسار على ضوئها في تلك الأماكن الخافية، كل ذلك جعله سبحانه لمصلحة العباد.

ومن هذا الباب ما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في يوم مطير، قال لهم عليه الصلاة والسلام: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب))[8]، فهذا الذي يظن أو يعتقد أن المطر من الكواكب، وأن لها تأثيراً فيه، فهذا هو الذي أنكره الله عز وجل، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم إنكاره، فإذا قال مطرنا بنوء كذا، أو بنجم كذا، هو كافر بالله مؤمن بالكوكب، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بالله كافر بالكوكب، فتبين أن الكواكب ليس لها تأثير في المطر ولا في النبات، بل الله سبحانه وتعالى هو الذي ينزل المطر، ويخرج النبات وينفع عباده بما يشاء، وإنما جعل الله عز وجل غيابها وطلوعها علامات يهتدى بها في البر والبحر، وسبباً لصلاح بعض النبات ونموه، فإن الله تعالى جعل بعض المخلوقات سبباً لبعض المخلوقات الأخرى، وهو الخالق للجميع، أما إذا أراد القائل بقوله مطرنا بنوء كذا، بأنه وقت وظرف المطر الذي نزل فيه بإذن الله، مثل أن يقول نزول المطر في وقت الثريا، في وقت الوسمي ينبت به بإذن الله كذا وكذا، فيخبر بالأوقات التي جرت العادة بوجود هذه الأشياء فيها، فهذا لا بأس به، لكن يجب أن يأتي بـ "في" الدالة على الظرفية فيقول: مطرنا في الربيع، في الشتاء، في وقت ظهور النجم الفلاني، وما أشبه ذلك من باب الخبر عن الأوقات، ولا يجوز أن يقول: مطرنا بنوء كذا؛ لإنكار الله سبحانه ذلك، وحكمه على قائله بأنه كافر به، ولأن ذلك يوهم أن المطر منها، فلهذا جاء الحديث الصحيح بالنهي عن ذلك.

ولهذا فرق أهل العلم بين مطرنا بنوء كذا وبين مطرنا في كذا وكذا في وقت النجم الفلاني، من باب الخبر عن الأوقات التي جرى فيها نزول المطر، أو جرى فيها النبات الفلاني، أو الثمرة الفلانية التي جرت العادة أنها توجد في أوقات معينة، فهذا لا بأس به كما تقدم، وبه يعلم الفرق بين الجائز والمحرم، والله ولي التوفيق.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[كتاب مصور] إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار مسائل متعددة في العقيدة تمس

تعليمية تعليمية
[كتاب مصور] إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار مسائل متعددة في العقيدة تمس الواقع أجاب عليها فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

تعليمية

تعليمية

إزالة الستار عن الجواب المختار لهداية المحتار
مسائل متعددة في العقيدة تمس الواقع
أجاب عليها فضيلة الشيخ العلامة
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

تعليمية

تعليمية

التَّحمِيل

نسخة مصورة [PDF]
تعليمية
الحجم : 1.54 ميجا بايت

تعليمية

المصغرات المرفقة تعليمية
الملفات المرفقة

للامانة العلمية الموضوع منقول




جزاك الله الف خير

بارك الله فيك




بارك الله فيك




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

العلاقة التلازمية بين العقيدة والمنهج

مقال لفضيلة الشيخ محمد على فركوس

العلاقة التلازمية بين العقيدة والمنهج

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله

وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فمن المعلوم أنّ لفظة: «العقيدة» لم يرد استعمالها في الكتاب والسُّنَّة، ولا في أُمَّهات

معاجمِ اللغة، واستعمل الأئمَّة السابقون ما يدلُّ عليها، ﻛ: «السنَّة»، و«الإيمان»،

و«الشريعة»، واستعمل كثيرٌ من الأئمَّة لفظتي: «اعتقاد»، و«معتقد»، كابن جرير الطبري،

واللالكائي، والبيهقي.

فمن الناحية الاصطلاحية تستعمل لفظة: «العقيدة» عند إطلاقها للدلالة على:

«ما يَعقِدُ عليه العبدُ قلبه من حقٍّ أو باطلٍ»،

أمَّا استعمالها مقيَّدةً بصفةٍ، كعبارة: «العقيدة الإسلامية»، فقد عرَّفها بعضُهم بأنها:

«الإيمان الجازِمُ بالله، وما يجب له في أُلُوهيَّته، ورُبُوبِيَّته، وأسمائه وصفاتِه، والإيمان بملائكته،

وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقَدَر، خيره وشرِّه، وبكلِّ ما جاءت به النصوص الصحيحة من

أصول الدِّين، وأمور الغيب وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في

الحُكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بالطاعة والتحكيم والاتباع».

فالعقيدة في الإسلام تقابل الشريعة؛ لأنَّ المراد بالشريعة التكاليف العَملية التي جاء بها

الإسلام في العبادات والمعاملات، بينما العقيدة هي أمورٌ عِلمية يجب على المسلم أن

يعتقدها في قلبه؛ لأن الله تعالى أخبره بها بطريق وحيه إلى رسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله

وسَلَّم، والصلة بينهما وثيقة جدًّا، يجتمعان في الإيمان عند الانفراد؛ لأنَّ له شِقَّين : عقيدة

نقية راسخة تستكنُّ في القلب، وشِقٌّ آخر يتمثَّل في العمل الذي يظهر على الجوارح، فكان

الإيمان عقيدةً يرضى بها قلب صاحبها، ويعلن عنها بلسانه، ويرتضي المنهج الذي جعله

الله متَّصلاً بها، لذلك جاء من أقوال علماء السلف في الإيمان أنَّه اعتقاد بالجَنان،

ونُطق باللِّسان وعمل بالأركان.

هذا، والاعتماد على صحَّة هذه العقيدة لا يكون إلاَّ وَفق منهجٍ سليمٍ، قائمٍ على

صحيح المنقول الثابت بالكتاب والسُّنَّة والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين

من أئمَّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى الذين سلكوا طريقهم، كما قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:

«خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١-

أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد:

(2509)، ومسلم في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم

ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «سننه» كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى

النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد في «مسنده»: (5383)،

من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه).

فكان هذا الصراط القويم المتمثِّل في طلب العلم بالمطالب الإلهية عن الاستدلال بالآيات

القرآنية والأحاديث النبوية، والاسترشاد بفهم الصحابة والتابعين ومَن التزم بنهجهم من العلماء،

من أعظم ما يتميَّز به أهل السُّنَّة والجماعة عن أهل الأهواء والفُرقة، ومن مميِّزاتهم الكبرى:

عدم معارضتهم الوحي بعقلٍ أو رأيٍ أو قياسٍ وتقديمهم الشرع على العقل، مع أنَّ العقلَ

الصحيح لا يُعارض النصَّ الصحيح، بل هو موافق له، ورفضهم التأويل الكلامي للنصوص الشرعية

بأنواع المجازات، واتخاذهم الكتاب والسنَّة ميزانًا للقَبول والرفض، تلك هي أهمُّ قواعد المنهج

السلفي وخصائصه الكبرى، التي لم يتَّصف بها أحد سواهم؛ ذلك لأنَّ مصدر التلقِّي عند

مخالفيهم من أهل الأهواء والبدع هو العقل الذي أفسدته تُرَّهات الفلاسفة، وخُزَعْبَلات المناطقة،

وتَمَحُّلاَت المتكلِّمين، فأفرطوا في تحكيم العقل وردّ النصوص ومعارضتها به، وغير ذلك مِمّا هو

معلوم من مذهب الخلف.

هذا؛ وقد كان من نتائج المنهج القويم اتّحاد كلمة أهل السنّة والجماعة بتوحيد ربِّهم، واجتماعهم

باتباع نبيِّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه، قولاً واحدًا،

لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة، واختلفت عنهم الأزمنة.

فالمنهج السليم يؤدِّي إلى الاعتقاد السليم، فيستدلُّ بصحَّة العقيدة على سلامة المنهج،

فهو من الاستدلال بالمعلول على العلَّة، كالاستدلال بوجود أثر الشيء على وجوده، وبعدمه

على عدمه، فهو من قياس الدلالة عند الأصوليِّين، وقد تكون العقيدة سليمةً في بعض جوانبها،

فاسدةً في بعضها الآخر، فيستدلُّ على جانبها الصحيح بصِحَّة المنهج فيه، وعلى الفاسد بفساد

منهجه فيه، مثل أن يعتقد عقيدة السلف في الأسماء والصفات، ويعتقدَ مسائل الخروج والحزبية

وغيرهما، فيستدلُّ على صحة عقيدته في الأسماء والصفات بصحة المنهج فيها المتمثِّل في

الاستدلال بالكتاب والسنَّة، والاسترشاد بفهم السلف الصالح، كما يستدلُّ على فساد عقيدته

في الجانب الآخر تركه المنهج السلفيّ فيه.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا

محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 16 جمادى الأولى 1443ﻫ
الموافق ﻟ: 21 مـاي 2022م

——————————————————————————–

١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد:
(2509)، ومسلم في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم
ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «سننه» كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من
رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد في «مسنده»:
(5383)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

منقول من موقع فضيلة الشيخ محمد بن علي فركوس – حفظه الله –

.




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

العلاقة التلازمية بين العقيدة والمنهج للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله

تعليمية تعليمية

العلاقة التلازمية بين العقيدة والمنهج
للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله تعالى

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فمن المعلوم أنّ لفظة: «العقيدة» لم يرد استعمالها في الكتاب والسُّنَّة، ولا في أُمَّهات معاجمِ اللغة، واستعمل الأئمَّة السابقون ما يدلُّ عليها، ﻛ: «السنَّة»، و«الإيمان»، و«الشريعة»، واستعمل كثيرٌ من الأئمَّة لفظتي: «اعتقاد»، و«معتقد»، كابن جرير الطبري، واللالكائي، والبيهقي.
فمن الناحية الاصطلاحية تستعمل لفظة: «العقيدة» عند إطلاقها للدلالة على: «ما يَعقِدُ عليه العبدُ قلبه من حقٍّ أو باطلٍ»، أمَّا استعمالها مقيَّدةً بصفةٍ، كعبارة: «العقيدة الإسلامية»، فقد عرَّفها بعضُهم بأنها: «الإيمان الجازِمُ بالله، وما يجب له في أُلُوهيَّته، ورُبُوبِيَّته، وأسمائه وصفاتِه، والإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقَدَر، خيره وشرِّه، وبكلِّ ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدِّين، وأمور الغيب وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في الحُكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بالطاعة والتحكيم والاتباع».
فالعقيدة في الإسلام تقابل الشريعة؛ لأنَّ المراد بالشريعة التكاليف العَملية التي جاء بها الإسلام في العبادات والمعاملات، بينما العقيدة هي أمورٌ عِلمية يجب على المسلم أن يعتقدها في قلبه؛ لأن الله تعالى أخبره بها بطريق وحيه إلى رسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، والصلة بينهما وثيقة جدًّا، يجتمعان في الإيمان عند الانفراد؛ لأنَّ له شِقَّين: عقيدة نقية راسخة تستكنُّ في القلب، وشِقٌّ آخر يتمثَّل في العمل الذي يظهر على الجوارح، فكان الإيمان عقيدةً يرضى بها قلب صاحبها، ويعلن عنها بلسانه، ويرتضي المنهج الذي جعله الله متَّصلاً بها، لذلك جاء من أقوال علماء السلف في الإيمان أنَّه اعتقاد بالجَنان، ونُطق باللِّسان وعمل بالأركان.

هذا، والاعتماد على صحَّة هذه العقيدة لا يكون إلاَّ وَفق منهجٍ سليمٍ، قائمٍ على صحيح المنقول الثابت بالكتاب والسُّنَّة والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين من أئمَّة الهدى ومصابيحِ الدُّجَى الذين سلكوا طريقهم، كما قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «سننه» كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد في «مسنده»: (5383)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه). فكان هذا الصراط القويم المتمثِّل في طلب العلم بالمطالب الإلهية عن الاستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والاسترشاد بفهم الصحابة والتابعين ومَن التزم بنهجهم من العلماء، من أعظم ما يتميَّز به أهل السُّنَّة والجماعة عن أهل الأهواء والفُرقة، ومن مميِّزاتهم الكبرى: عدم معارضتهم الوحي بعقلٍ أو رأيٍ أو قياسٍ وتقديمهم الشرع على العقل، مع أنَّ العقلَ الصحيح لا يُعارض النصَّ الصحيح، بل هو موافق له، ورفضهم التأويلالكلاميللنصوص الشرعية بأنواع المجازات، واتخاذهم الكتاب والسنَّة ميزانًا للقَبول والرفض، تلك هي أهمُّ قواعد المنهج السلفي وخصائصه الكبرى، التي لم يتَّصف بها أحد سواهم؛ ذلك لأنَّ مصدر التلقِّي عند مخالفيهم من أهل الأهواء والبدع هو العقل الذي أفسدته تُرَّهات الفلاسفة، وخُزَعْبَلات المناطقة، وتَمَحُّلاَت المتكلِّمين، فأفرطوا في تحكيم العقل وردّ النصوص ومعارضتها به، وغير ذلك مِمّا هو معلوم من مذهب الخلف.
هذا؛ وقد كان من نتائج المنهج القويم اتّحاد كلمة أهل السنّة والجماعة بتوحيد ربِّهم، واجتماعهم باتباع نبيِّهم صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، واتفاقهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه، قولاً واحدًا، لا يختلف مهما تباعدت عنهم الأمكنة، واختلفت عنهم الأزمنة.
فالمنهج السليم يؤدِّي إلى الاعتقاد السليم، فيستدلُّ بصحَّة العقيدة على سلامة المنهج، فهو من الاستدلال بالمعلول على العلَّة، كالاستدلال بوجود أثر الشيء على وجوده، وبعدمه على عدمه، فهو من قياس الدلالة عند الأصوليِّين، وقد تكون العقيدة سليمةً في بعض جوانبها، فاسدةً في بعضها الآخر، فيستدلُّ على جانبها الصحيح بصِحَّة المنهج فيه، وعلى الفاسد بفساد منهجه فيه، مثل أن يعتقد عقيدة السلف في الأسماء والصفات، ويعتقدَ مسائل الخروج والحزبية وغيرهما، فيستدلُّ على صحة عقيدته في الأسماء والصفات بصحة المنهج فيها المتمثِّل في الاستدلال بالكتاب والسنَّة، والاسترشاد بفهم السلف الصالح، كما يستدلُّ على فساد عقيدته في الجانب الآخر تركه المنهج السلفيّ فيه.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 16 جمادى الأولى 1443ﻫ


الموافق ﻟ: 21 مـاي 2022م


١-أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد: (2509)، ومسلم في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين…: (6472)، والترمذي في «سننه» كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي وصحبه: (3859)، وابن حبان في «صحيحه»: (7228)، وأحمد في «مسنده»: (5383)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
http://www.ferkous.com/rep/M28.php

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[فتاوى] فتاوى العقيدة

تعليمية تعليمية
[فتاوى] فتاوى العقيدة



http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17973.shtml

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




جزاكي الله كل الخير




شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥ جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥ ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

الرسالة المفيدة في العقيدة

الرسالة المفيدة

الرسالة المفيدة المهمة الجليلة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين أصطفى، أما بعد: فاعلم أرشدك الله تعالى أن الله خلق الخلق ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
والعبادة هي التوحيد لأن الخصومة بين الأنبياء والأمم فيه، كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. (النحل : 36 )
وأما التوحيد فهو ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

أما توحيد الربوبية:

فهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخلهم في الإسلام وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحل دماءهم وأموالهم، وهو توحيده بفعله تعالى، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُون}، (يونس : 31 ) {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ*قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (84 ،85،86،87،88،
88، 89 المؤمنون) والآيات على هذا كثيرة جداً أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر.

"وأما الثاني" وهو توحيد الألوهية:

فهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه وهو توحيد الله تعالى بأفعال العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة.
ودليل الدعاء قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر : 60 ) ،وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن.
وأصل العبادة تجريد الإخلاص لله وحده وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}، (الجن : 18 ) وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقال تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ) (الرعد : 14 )، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} والآيات معلومات, وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

"وأما الثالث" فهو توحيد الذات والأسماء والصفات:

قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}, وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}،وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

ثم اعلم أن ضد التوحيد الشرك وهو ثلاثة أنواع: شرك أكبر، وشرك أصغر، وشرك خفي.
والدليل على الشرك الأكبر قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً}.

وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.

اما الشرك
وهو أربعة أنواع:

"النوع الأول" شرك الدعوة، والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}.
"النوع الثاني" شرك النية والإرادة والقصد، والدليل قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
"النوع الثالث" شرك الطاعة، والدليل قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}: وتفسيرها الذي لا إشكال فيه،

طاعة العلماء والعباد في المعصية لا دعاؤهم إياهم، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، لعدي بن حاتم لما سأله، فقال: لسنا نعبدهم، فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية.
"النوع الرابع" شرك المحبة، والدليل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}.

"والنوع الثاني" شرك أصغر، وهو الرياء،
والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}.

"والنوع الثالث" شرك خفي،
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل" وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم".

فالكفر كفران:
كفر يخرج من الملة وهو خمسة أنواع:
"النوع الأول" كفر التكذيب، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ}.
"النوع الثاني" كفر الإباء والاستكبار مع التصديق والدليل قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
"النوع الثالث" كفر الشك وهو كفر الظن، والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً}.
"النوع الرابع" كفر الإعراض، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}.

"النوع الخامس" كفر النفاق، والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}.

وكفر أصغر لا يخرج من الملة وهو كفر النعمة،
والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}.

أما النفاق فنوعان: اعتقادي وعملي.
فأما الاعتقادي فهو ستة أنواع. تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم أو تكذيب بعض ما جاء به الرسول أو المسرة بانخفاض دين الرسول أو الكراهية لانتصار دين الرسول فهذه الأنواع الستة صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار.

وأما العملي فهو خمسة أنواع
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر". نعوذ بالله من النفاق والشقاق وسوء الأدب. والله أعلم.

من كتاب الرسالة المفيدة للشيخ محمد بن عبد الوهاب

بتحقيق محمد بن عبد العزيز المانع




بارك الله فيك واحسن اليك

موضوع مهم

نفع بكل الله ويسر طريقك الى الدعوة الى الله




وفيك بارك الله اختي ونفعني واياكم بالعلم النافع

وسدد خطانا على السراط المستقيم

الهم امين امين




بسم الله الرحمان الرحيم
جزاك الله خير الجزاء وجعل عملك في ميزان حسناتك ………..
وفقك الله للخير دائما ، وجعل منك هاديا للحق
وثابتا عليه ………..
موضوع العقيدة في منتهى الأهمية نسأل الله
الإخلاص فيها والثبات عليها ومن عرف
كنهها والتزم بها تحصن دينه وسلمت سريرته
ومن أغفل فهمها ساء عمله وضاع أمله .
بارك الله فيك على مواضيعك الحساسة
والهادفة .
تعليمية تعليمية




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يحفضك ان شاء الله ويزيد يحفظك و جازاك الله خيرا اخونا الكريم




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

مجموع رسائل العلامة الجامي في العقيدة والسنة

تعليمية تعليمية
مجموع رسائل العلامة الجامي في العقيدة والسنة(مصور).

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن والآه


أما بعد:أقدم لأخواني أهل السنة هدية ثمينة وهي كتاب لأحد علمائنا المعاصرين وهو الشيخ العلامة محمد بن علي الجامي-رحمه الله-


مجموع رسائل الجامي في العقيدة والسنة


والله أسأل أن ينفع به الجميع إنه سميع مجيب


والحمد لله رب العالمين


الرابط





للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

[مقال] الأخلاق من العقيدة

تعليمية تعليمية
[مقال] الأخلاق من العقيدة


تعليمية

الأخلاق من العقيدة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالعقيدة الصحيحة تستلزم التحلي بكل خلق فاضل كريم، والتخلي عن كل خلق رذيل ذميم، والأخلاق مرتبطة ارتباطاً كلياً وثيقاً بالإيمان بالله وبرسله وبالبعث، والإيمانُ بالله تعالى شُعَبُهُ كثيرة، ومُقتَضياته عديدة، وحقيقتُه لا تخفَى، فالإيمانُ بالله تعالى اعتقادٌ بالقلب ونطقٌ باللسان وعملٌ بالجوارح، وليس الإيمانُ بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، ولكنْ ما وقَر في القلب وصدَّقَه العمل.
فتعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة: "الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيدُ بالطاعةِ، وينقصُ بالمعصية".
فالحياء إما قولٌ وإما عمل، فإذا كان كذلك فهو من الإيمان وذو علاقة قوية ومرتبطة بالإيمان.
فمن زيادة الإيمان؛ حسن الخلق وزيادة إيمان المرء المسلم تُقَرب من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة، كما أن سوء الخلق يبعد المرء المسلم عن مجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة، والبعد عن النبي عليه السلام يوم القيامة؛ يدل على سوء الخلق الذي يُنقص الإيمان، فنجد أن الأخلاق الحسنة الكريمة لا تنفك عن العقيدة، ومصداق ما قلنا في حديث أبي ثَعْلَبَةَ الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن أَحَبَّكُمْ إليّ وَأَقْرَبَكُمْ مني في الآخِرَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً وان أَبْغَضَكُمْ الي وأَبْعَدَكُمْ مني في الآخِرَةِ مَسَاوِيكُمْ أَخْلاَقاً الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ)). أخرجه أحمد (4/193)، وابن حبان (482).
وإن من الخلق الحسن؛ الحياء ، الذي حَقِيقَتُهُ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبَائِحِ. وَيَمْنَعُ مِنَ التَّفْرِيطِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ. كما قال الجنيد.
والحياء من الإيمان كما ثبت ذلك عن المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فعن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على رَجُلٍ وهو يُعَاتِبُ أَخَاهُ في الْحَيَاءِ يقول إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي حتى كَأَنَّهُ يقول قد أَضَرَّ بِكَ فقال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْهُ فإن الْحَيَاءَ من الْإِيمَانِ)). متفق عليه.
بل وأن الحياء قرين الإيمان كما ثبت ذلك في السنة، فعن بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)). أخرجه البخاري في "الأدب المفرد موقوفاً برقم (1313)، والحاكم (1/73) مرفوعاً وصححه الحاكم، ووافقه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
فإذا تقرر في السنة أن الحياء من الإيمان بل قرين له، وعلمنا أن الحياء هو خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبَائِحِ، فعند ذلك يثْبت لدى كل ذي لُبٍّ؛ أن الخلق الحسن من العقيدة ومرتبطٌ بها ولا ينفك عنها.
إنَّ من لَوازم الإيمان بالله تعالى أنْ يتحلَّى المسلم بالخلقِ الحسن ويُعامل الناسَ بمكارمِ الأخلاقِ، والتحلِّي بحسنِ الخلق جزءٌ رئيس من الإيمان بالله تعالى لا ينفكُّ عنه، وكلَّما قوي إيمان العبدِ؛ كان التزامه بالخلق الحسن أقوى.
قال الله تعالى : ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. [البقرة: 177].
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً)). أخرجه أحمد (2/527).
ومن لوازم الإيمان بالله: أن الله فرض الأخلاق الفاضلة على المسلم فيلتزمها ويمارسها، وفرض عليه اجتناب الأخلاق السيئة فيجتنبها ولا يقربها.
فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عن الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ من الْإِيمَانِ)). أخرجه أحمد (2/414))، ومسلم (35).
قال ابن القيم : "وَأَمَّا حَيَاءُ الْعُبُودِيَّةِ: فَهُوَ حَيَاءٌ مُمْتَزِجٌ مِنْ مَحَبَّةٍ وَخَوْفٍ، وَمُشَاهَدَةِ عَدَمِ صَلَاحِ عُبُودِيَّتِهِ لِمَعْبُودِهِ، وَأَنَّ قَدْرَهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْهَا. فَعُبُودِيَّتُهُ لَهُ تُوجِبُ اسْتِحْيَاءَهُ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ." "مداج السالكين" (2/263).
ومن أمثلة ما أمر الله به من الأخلاق الحسنة وشرعه للمسلمين: الاستئذان في دخول البيوت. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (سورة النور:27).
ونهى عن السخرية بالآخرين مهما كان منزلتهم، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة الحجرات:11].
ومن لوازم الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ أن يؤمن المسلم ويعتقد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء ليتمم مكارم الأخلاق ويحث عليها، فيلتزم العمل بالأخلاق الحسنة ويمارسها وينتهي عما نهاه النبي عليه السلام عنه،و أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبلغٌ عن ربه، فمقتضى إيمانه برسول الله امتثال ما أمر به من الفضائل والابتعاد عن ما نهى عنه من الرذائل.
ومما يشهد لذلك؛ عن أبي هُرَيْرَةَ قال رضي الله عنه قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ [مكارم]الأَخْلاَقِ)). أخرجه أحمد (2/318)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (273)، والحاكم (2/613).
وأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقول الحسن، وإكرام الضيف والجار، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)). متفق عليه.
وجاء في حديث مناقشة هرقل لأبي سفيان في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟" قلت: "يقول:((اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيئا … وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ))". أخرجه البخاري.
فالصدق هنا والعفاف وصلة الأرحام؛ من الأخلاق الحسنة الكريمة، فاقترانها بتوحيد الله تعالى فيه دلالة قطعية على أن الأخلاق الحسنة مرتبطة بالعقيدة ارتباطاً وثيقا، ولا يؤمن المرء حتى يأتمر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن لوازم الإيمان باليوم الآخر؛ الإيمان بالثواب ، و العقاب، فالمسلم يمارس الأخلاق الفاضلة مؤمناً ومعتقداً بأن الله سبحانه وتعالى سيثيبه عليها أجراً عظيماً، وأنها سبيل إلى الجنة، ويترك الأخلاق الذميمة والرذيلة وأن الله تعالى سيعاقبه عليها، ويتجلى ذلك في حديث عبد اللَّهِ ـ ابن مسعود ـ رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فإن الصِّدْقَ يهدى إلى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يهدى إلى الْجَنَّةِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فإن الْكَذِبَ يهدى إلى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يهدى إلى النَّارِ وما يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حتى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)). أخرجه أحمد (1/384)، ومسلم (2607).
فكلما كان الإيمان صحيحاً قوياً أثمر أخلاقاً حميدة، فأكمل الناس إيماناً محمد بن عبد الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد أثنى الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وزكّاه بأنه على خُلُق عظيم.
قال تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ[القلم:4].
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أي : "إنك على دين عظيم ، وهو الإسلام". "تفسير الطبري " (12/179) .
فالصحيح أنه لا انفكاك للخلُق عن الدِّين ، قال الفيروزآبادي: "واعلم أن الدين كلّه خلُق ، فمن زاد عليك في الخلُق زاد عليك في الدِّين. (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)(2/568).
فالتحلِّي بالخلق الكريم من أهمِّ خصال الإيمان ولوازمه، ونفهمُ من هذا أنَّ مَن حسنت أخلاقه وطابت فعاله مع الناس كان أقربَ إلى الإيمان وأكثر تحقيقًا له ممَّن ساء خلقُه وشان طبعه.
عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)). أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" حديث رقم (312، 332)، والترمذي (1977)، والحاكم (1/57).
ومعنى ذلك: ليس بمؤمنٍ كامل الإيمان من يسب ويلعن ويفحش القول، فإذا تقرر أن السب واللعن والطعن ينقص من إيمان المرء؛ عُلِم يقيناً أن حسن الخلق من العقيدة.
وفي مقابل ذلك نعلمُ أنَّ انهيارَ الأخلاق وضعفَ التحلِّي بالخلق الكريم مردُّه إلى ضعفِ الإيمان أو فقدانِه.
فصلة الإيمان بالخلُق الحسن القويم يقرره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث يقول: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه فهو منافقٌ، وإنْ صام وصلَّى وحجَّ واعتمر وقال: إنِّي مسلم: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلفَ، وإذا اؤتُمِن خان)). رواه مسلم (59).
والخلق الحسن الكريم يعتبر من أعمال البر الواسعة لفعل الخيرات، فعن نَوَّاسِ بن سِمْعَانَ رضي الله عنه قال: أَقَمْتُ مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً ما يَمْنَعُنِي من الْهِجْرَةِ إلا الْمَسْأَلَةُ كان أَحَدُنَا إذا هَاجَرَ لم يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شَيْءٍ قال فَسَأَلْتُهُ عن الْبِرِّ .. فقال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ)). أخرجه أحمد (4/182)، ومسلم (2553).
فالبر هنا معناه: التوسُّع في فعل الخير، والفعل المرضِي، الذي فيه تزكية النَّفس، وإسداء المعروف، والمبالغة في الإحسان.
واعلم أيها المسلم أن المعاصي والذنوب من الأخلاق السيئة، وعلاقتها بالإيمان علاقة قوية، إذْ أن المعاصي والذنوب تضعف الإيمان وتنهكه حتى لا يبقى منه مع المسلم شيئا، فإذا كان كذلك؛ فالأخلاق مرتبطة بالعقيدة، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَزْنِي الزَّانِي حين يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ ولا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حين يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَسْرِقُ حين يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ الناس إليه فيها أَبْصَارَهُمْ حين يَنْتَهِبُهَا وهو مُؤْمِنٌ)). أخرجه أحمد (3/346)، والبخاري (2343)، ومسلم (57).
إن التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل هو؛ مرضاة لله عز وجل، وتزكية للنفوس، وإنَّ الأوامر التي وردت في الكتاب والسنة وتعلقت بالصلاة والصيام لا تنفصل عن الأوامر التي تعلقت بالصدق والعدل وصلة الرحم وإكرام الجار والضيف واحترام الصغير وتوقير الكبير .. وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، فمن هنا تكون فضائل الأخلاق ومكارمها داخلة في إطار الدين وركناً أساسياً من أركان العبادة.
ونخلص مما سبق في بحثنا ـ المبارك ـ إلى أن الرابط وثيق بين العقيدة وبين الأخلاق، فمقتضى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، هو: التحلي بكل خلق فاضل حميد كريم، والتخلي عن كل خلق فاضحٍ رذيلٍ ذميم، وهو جانب من جوانب الشمول والتكامل في هذا الدين العظيم.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،،،

كتبه
جمال بن فريحان الحارثي «أبو فريحان»
الأربعاء: 29/جمادى الأولى/1434هـ
الموافق لـ10/إبريل/2013

المصغرات المرفقة تعليمية

للامانة العلمية الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك اختي عائشة

بورگ فيك




باااااااااااااااااااااارك الله فيك موضوع جميل




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

فوائد في العقيدة 2

تعليمية تعليمية
فوائد في العقيدة

.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فوائد في العقيدة

الأسس التي يقوم عليها مذهب السلف في الصفات ثلاثة:
1-
تنزيه الله عن مماثلة المخلوقات، وهو الأساس الأعظم والأكبر؛ ودليله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ، فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ .

2-

إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الصفات والإيمان بها، وأن الله مدح نفسه بها، ودليله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ .

3-

نفي الكيفية والإحاطة بصفات الله، ودليله: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ؛ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ .

أسماء الله أعلام وأوصاف، وهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وهي باعتبار دلالة كل اسم منها على معناه متباينة، فالله، الرحمن، الرحيم، والسميع، العليم تدل على ذات واحدة، فهي مترادفة بهذا المعنى، لكن الله تدل على الألوهية والرحمن يدل على الرحمة، والسميع يدل على السمع، والعليم يدل على العلم، والرحيم يدل على الفعل، فهي من حيث هذا المعنى تكون متباينة كل اسم منها يدل على المعنى، وهذا فيه رد على المعتزلة الذين يقولون: إن هذه الأسماء مجرد أعلام لا تحمل معاني، وهذا من أبطل الباطل.
النفي المحض والإثبات المحض ليس فيه تنزيه، مثال النفي المحض (لا إله)، هذا إلحاد، والإثبات المحض (الله إله)، ما أكثر الآلهة، ولكنها باطلة بقولك: (لا إله إلا الله).

نفي التشبيه عن الله، إذا جاء في كلام السلف والأئمة فالمراد به التمثيل لا التشبيه المطلق، فإن نفي التشبيه المطلق عن الله قول الجهمية الذين يقولون: إن الله لا يشبه المخلوق بوجه من وجوه التشبيه، وهذا يلزم منه إنكار وجود الله، وهو قول الجهمية كما رد عليهم الإمام أحمد في رسالته: الرد على الزنادقة والملحدين، وكما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: بيان تلبيس الجهمية ومجموع الفتاوى وغيرها؛ لأن مطلق التشبيه بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات عند عدم الإضافة والتخصيص لا بد من إثباته، كما في مطلق الوجود والذات ومطلق العلم والقدرة، فمن نفى مطلق التشبيه في ذلك فقد أنكر وجود الله، وقد أنكر صفات الله، وهو مذهب الجهمية المعطلة، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

لازم الشيء ليس داخلا في معنى الشيء، ومن أمثلة ذلك:

1-
جاءت النصوص بإثبات السمع لله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ويلزم من السمع الأذن، لكنها لا تثبت لله -تعالى- لعدم ورود النص بإثباتها.

2-

جاءت النصوص بإثبات البصر لله -تعالى- وأن الله يرى ويبصر خلقه وأعمالهم، ويلزم من البصر إثبات العين، وإثبات العينين لله -تعالى- إنما ثبت من نصوص أخرى غير إثبات البصر لله -تعالى- كحديث الدجال في الصحيحين: إن ربكم ليس بأعور وإن الدجال أعور عين اليمنى ولو لم يرد النص بإثبات العينين لله -تعالى- بنصوص أُخرى لما أخذ إثباتهما من إثبات البصر لله تعالى.

أسماء الله وصفاته هي الله، لا يقال: إنها غير الله، كما تقوله المعتزلة وغيرهم، فإذا قيل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ؛ فالمعنى الله نفسه على العرش استوى، لكن إذا أريد الاشتقاق، فيقال: اسم الرحمن مشتق من كذا، اسم الله مشتق من كذا، أما الله -سبحانه- ليس مشتقا من شيء، بل هو واجب الوجود لذاته.
أسماء الله -تعالى- مشتقة دالة على معاني، ليست جامدة؛ فاسم العليم يدل على العلم، والقدير يدل على القدرة، والسميع يدل على السمع، والبصير يدل على البصر، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا سائر الأسماء.


من موقع الشيخ عبد العزيز الراجحي

للامانة الموضوع منقول

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك




طبت و طاب لنا نقلك

بارك الله فيك

لا تحرمينا من كل ما هو قيم و مفيد




التصنيفات
العقيدة الاسلامية

العقيدة الصحيحة للشيخ الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد
فان العقيدة هي أصل الدين ، العقيدة الصحيحة المبنية عل الكتاب والسنة هي أصل الدين وأساسه فإذا صحت العقيدة وسلمت مما يفسدها أو ينقصها فان بقية الدين ينبني عليها أما إذا اختلت العقيدة فانه لا فائدة من الأعمال ، ولا يستقيم الدين إلا بالعقيدة الصحيحة المبنية عل كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما سار عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من الأئمة والدعاة إلى الله عز وجل ، ولهذا أول ما يبدأ به الرسل دعوتهم تصحيح العقيدة فأول ما يبدأ به الرسل دعوتهم تصحيح العقيدة ، فأول ما يقول الرسول لقومه يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ختم النبيين وإمام المرسلين لما بعثه الله عز وجل يدعوا إلى الله ، أول ما بدا به تصحيح العقيدة ، فكان يدعوا الناس إلى أفراد الله جلا وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سواه من الأصنام والأشجار والأحجار والأحياء والأموات وغير ذلك من المخلوقين ، وبفي في مكة ثلاثة عشر سنة يدعوا الناس إلى توحيد الله والى تصحيح العقيدة قبل أن تفرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج مما يدل على أن هذه الأعمال لا تصح إلا إذا بنيت على عقيدة صحيحة وهي إفراد الله جلا وعلا بالعبادة وترك عبادة ما سواه ، لان هذا هو الذي خلق الله الخلق من أجله قال تبارك وتعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات 56)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم ) فالخلل في العقيدة اذا كان يناقضها فانه لا يغتفر قال الله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) (النساء 48) أي ما دون الشرك لمن يشاء ، فهذا دليل على أن العقيدة هي الأصل وهي الأساس وهي التي يجب أن يتعلمها الإنسان كما جاءت في القرآن وفي السنة ، لأنه إذا كان يجهل العقيدة فقد يقع فيما يخالفها خصوصا وان كثير من الناس يمارسون أشياء تخل بالعقيدة وقد تفسدها وتبطلها وتنقصها ،فإذا كان لا يعرف العقيدة الصحيحة ولم يتعلمها فانه حري ان يقع في الخلل في عقيدته وهو لا يدري ، مجاراتا لما يفعله بعض الناس أو إتباعا لدعاة الضلال الذين يدعون الناس إلى إفساد عقيدتهم كما قال تعالى 🙁 اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( البقرة 257) يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، من العقيدة الصحيحة والهداية إلى الظلمات إلى الشرك والبدع والمحدثات وهي ظلمات والعياذ بالله .
فهذا فيه تحذير للمسلم من أن تختل عقيدته وهو لا يشعر أو أن يثق بدعاة الضلال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) وما أكثرهم اليوم لا كثرهم الله من هنا يتبين انه يجب على المسلم أن يعتني بعقيدته وان يتعلمها من مصادرها الصحيحة .
نعم هناك ممارسات يمارسها كثير من الناس ، وقد يتسمون بالإسلام ويتصفون بالعلم ويمارسون أشياء تخالف العقيدة ، من ذلك الشرك الأكبر والأصغر
الشرك الأكبر مثل دعاء غير الله من الأولياء والصالحين والموتى وغير ذلك لان الدعاء هو العبادة ، هو أعظم أنواع العبادة لأنه يتضمن كل أنواع الافتقار والتضرع لله تعالى ، والعلم انه لا ينفع و لا يضر إلا الله ، والتوكل على الله والرجوع إلى الله فالدعاء يتضمن كل هاته الأمور ولهذا قال تعالى 🙁 وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) ( الجن : 18) وقال سبحانه وتعالى 🙁 وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (غافر: 60) وقال ايضا (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (غافر 13)
للدعاء أهمية عظيمة
وكثير من الناس من يدعوا غير الله في المهمات والملمات والشدائد ،يدعوا وينادي ويستغيث بغير الله سبحانه وتعالى على المسلم أن يتنبه لهذا الأمر فانه خطير جدا ، ومن الناس من يذبح لغير الله للتقرب الى المخلوق والى الأموات إلى الأضرحة ، فيشرك بالله الشرك الأكبر لان التقرب بالذبيحة إنما يكون لله عز وجل لا يتقرب بذلك الى غير الله قال تعالى ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام: 162 ، 163)
والنسك هو الذبيحة قال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر: 2) فجعل النسك قرين للصلاة وجعل النحر قرين للصلاة ، وكما لا يصلى لغير الله لا يذبح لغير الله ، بعض الناس يذبح لغير الله من اجل أن ينفعوه أو يدفعوا عنه الضرر أو يشفوا المرض الذي فيه أو في أولاده ، يدبج لهم من اجل الشفاء والعلاج كما يزين لهم شيطان الإنس والجن يذبحوا لغير الله عز وجل وفي السنة ( لعن الله من ذبح لغير الله ) كما في حديث علي رضي الله عنه
فالشرك الأكبر يبطل العقيدة من أساسها وذلك بان يصرف نوع من أنواع العبادة لغير الله عز وجل من دعاء أو ذبح أو نذر أو غير ذلك وما أكثر ما تقع هاته الأمور عند الأضرحة الموجودة في كثير من بلاد المسلمين وربما يغتر الجاهل بذلك ولا سيما وانه يرغب ويقال له يحصل لك كذا ويحصل لك كذا ، فيذبح لغير الله وينذر لغير الله ويقول هذا من باب التوسل بالصالحين وهذا شرك وان سميته توسلا ولأسماء لا تغير الحقائق .
وكذلك مما يخل بالعقيدة الشرك الأصغر يكون بالأقوال الظاهرة مثل الحلف بغي الله عز وجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حلف بغير الله كفر أو أشرك ) وقال أيضا عليه الصلاة والسلام ( لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فل يحلف بالله ) فالحلف بغير الله شرك لكنه شرك اصغر إلا إذا قصد به تعظيم المخلوق به كما يعظم الله عز وجل فانه يكون شرك اكبر وهذا مما يجري على كثير من الألسنة ( الحلف بالنبي ،بالكعبة ، بالأمانة ) وهذا كله شرك قد يكون شرك اكبر وقد يكون شرك اصغر بحسب ما يكون في نية الحالف ، وهو واقع وكثير من من لا يعرفوا بحقيقة التوحيد ولا يقرؤون النهي عن الحلف بغير الله عز وجل .
ومن ذلك ما يكون في القلوب من الرياء ، الرياء في الأعمال بان يؤدي العبد العبادة صورتها أنها لله وهو يرائي بها الناس ليمدحوه أو ليثنوا عليه وغير ذلك من المقاصد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ فقلنا بلى يا رسول الله فقال الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل ) والشرك الخفي هو الرياء لانه في القلب لا يعلمه الا الله قال تعالى (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * لَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) ( 4، 5، 6، 7 الماعون )
الرياء خطير قد خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، لان كل إنسان يحب الثناء ويحب المدح ويحب المظهر الحسن وربما يحمله ذلك على الرياء في العبادات
وكذلك السمعة مثل الرياء ، وهي أن يحب أن يسمعه الناس ، يسمعون دعائه ويسمعون أقواله التي ظاهرها أنها طيبة وهو يريد أن يمحونه ويقولون فلان كثير الذكر ، يجمل صوته بالقراءة من اجل أن يمدحه الناس كل هذا من السمعة ومن راآى راآى ومن سمع سمع الله به الجزاء من جنس العمل (يقول أول الناس يقضى لهم يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال فلان جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب قال أبو عبد الرحمن ولم أفهم تحب كما أردت أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكن ليقال إنه جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه فألقي في النار )
هذا هو الرياء عباد الله فلنحذر أن يدخل الرياء أعمالنا ويفسدها علينا

مفرغة من شريط العقيدة الصحيحة للعلامة صالح الفوزان الفوزان حفظه الله




جزاكم الله خيرا




تعليمية