التصنيفات
السير والتراجم

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

1 – أبو بكر الصديق رضي الله عنه


ذكر اسمه ونسبه:

اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.

واسم أمه: أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر، ماتت مسلمة.

وفي تسميته بعتيق ثلاثة أقوال:
أحدهما : ما روي عن عائشة انها سئلت: لِمَ سُمي أبو بكر عتيقاً؟ فقالت: نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (هذا عتيق الله من النار) .
والثاني : أنه اسم سمّته به أمه، قاله موسى بن طلحة.
والثالث : أنه سمي به لجمال وجهه قاله الليث بن سعد.
وقال ابن قتيبة لقبّه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لجمال وجهه سماه النبي صلى الله عليه وسلم صِدّيقاً وقال: (يكون بعدي اثنا عشر خليفة، أبو بكر الصديق لا يلبث إلا قليلا).
وكان علي بن أبي طالب يحلف بالله أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء: ( الصديق ).

وعن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: (هل قلت في أبي بكر شيئاً) فقال: نعم: فقال (قل وانا أسمع). فقال:

وثاني اثنين في الغار المنيف وقد … طاف العدوُّ به إذ صعَّد الجبلا
وكان حبَّ رسول الله، قد علموا … من البرية لم يعدِل به رجلا

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ( صدقت يا حسان، هو كما قلت) .

وعن عمر بن الخطاب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقتُه يوماً.
قال: فجئت بنصف مالي، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أبقيت لأهلك؟) قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أبقيت لأهلك؟) فقال:( أبقيت لهم الله ورسوله ). فقلتُ: لا أسابقك إلى شيْ أبداً

عن أبي سعيد قال خطب رسول الله. صلى الله عليه وسلم الناس فقال:( ان الله عز وجل خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عنده) فبكى أبو بكر رحمة الله عليه فعجبنا من بكائه ان أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المخير وكان ابو بكر أعلمنا به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي عز وجل لا تخذت أبا بكر، لكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر) أخرجاه الشيخان في الصحيحين.

عن أبي الدرداء، قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما صاحبكم فقد غامر) ، فسلم وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك. فقال: ( يغفر الله لك يا أبا بكر)، ثلاثاً، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثَم أبو بكر فقالوا: لا ،فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال ابو بكر صدق وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟) مرتين، فما أوذي بعدها انفرد بإخراجه البخاري.

وعن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: ( مروا أبا بكر فليصل بالناس) . قالت: فقلت: يا رسول الله إن با بكر رجل أسيف وأنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. فقال: ( مروا أبا بكر فليصل بالناس) . قالت: فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس) .
قالت: فأمروا أبا بكر يصلي بالناس وقالت: فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، فلما دخل المسجد، سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم مكانك فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر أخرجاه الشيخين في الصحيحين.

وعن ابن عمر قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل عليه جبريل فقال يا محمد مالي ارى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره فقال ( يا جبريل انفق ماله علي قبل الفتح ) قال فان الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا بكر، إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك قل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ) فقال أبو بكر عليه السلام (اسخط على ربي؟ أنا عن ربي راض عن ربي راض، أنا عن ربي راض).

وعن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت ان يقول عثمان قلت ثم أنت فقال أنا إلا رجل من المسلمين انفرد بإخراجه البخاري.

وعن أبي سريحة قال سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر (إلا ان أبا بكر منيب القلب).

وعن أبي عمران الجوني قال قال أبو بكر الصديق ( لوددت اني شعرة في جنب عبد مؤمن) رواه أحمد.

وعن الحسن قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه (يا ليتني شجرة تعضد ثم تؤكل) .

وعن هشام عن محمد قال كان أغير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر.

وعن محمد بن سيرين قال لم يكن أحد أهيب لما يعلم بعد النبي. صلى الله عليه وسلم من أبي بكر.
وعن قيس قال رأيت أبا بكر أخذا بطرف لسانه ويقول (هذا الذي أوردني الموارد).

وعن ابن مليكة قال كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق قال فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه قال فقالوا له أفلا أمرتنا نناولكه؟ قال: (إن حبي. صلى الله عليه وسلم امرني أن لا أسال الناس شيئا) رواه الإمام أحمد.

وعن عطاء بن السائب قال لما استخلف أبو بكر أصبح غاديا إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا له أين تريد يا خليفة رسول الله قال (السوق) قالا تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين قال ( فمن أين أطعم عيالي ) قالا له انطلق حتى نفرض لك شيئا فانطلق معهما ففرضوا له كل يوم شطر شاة وما كسوه في الرأس والبطن.

عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما ولى أبو بكر خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال:
أما بعد أيها الناس قد وليت أمركم ولست بخيركم ولكن قد نزل القرآن وسَن النبي صلى الله عليه وسلم السُنًن فعلمنا، إعلموا أن أكيس الكيس التقوى وان أحمق الحمق الفجور إن أقواكم عندي الضعيف حتى أخذ له بحقه وان أضعفكم عندي القوي حتى أخذ منه الحق أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع فان أحسنت فأعينوني وان زغت فقوموني
.

وعن عبد الله بن عكيم قال خطبنا أبو بكر فقال:
أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وان تثنوا عليه بما هو أهله وان تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الألحاف بالمسالة إن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] اعلموا عباد الله ان الله قد ارتهن بحقه أنفسكم وأخذ على ذلك مواثيقكم واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ولا يطفأ نوره فصدقوا قوله وانتصحوا كتابه واستضيئوا منه ليوم القيامة وإنما خلقكم لعبادته ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في اجل قد غيب عنكم علمه فان استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله فسابقوا في مهل آجالكم قبل إن تنقضي آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم فأنهاكم إن تكونوا أمثالهم ألوحا ألوحا النجاء النجاء إن وراءكم طالبا حثيثا مره سريع

وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال: لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له (اتق الله يا عمر، واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وانه لا يقبل نافلة حتى تؤدي فريضته، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم، حق لميزان يوضع فيه الحقُ غداً أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة بأتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم، وحقَّ لميزانٍ يوضع فيه الباطل غداً أن يكون خفيفاً، وان الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: اني لأخاف أن لا الحق بهم وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه فإذا ذكرتهم قالت إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء ليكون العبد راغباً راهباً، لا يتمنى على الله، ولا يقنط من رحمة الله. فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت وهو آتيك، وإن أنت ضيعّت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت، ولست تعجزه

من كتاب صفة الصفوة لبن الجوزي رحمه الله

يتبع باذن الله




وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال: انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي، فنظرنا فإذا عبدٌ نوبي كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح كان يسقي بستانا له، فبعثنا بهما إلى عمر. قالت: فأخبرني جدي أن عمر بكى وقال: رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً.

وعنها قالت: لما حضر أبا بكر الوفاة جلس فتشهد ثم قال: (أما بعد يا بنية، فان أحب الناس غنىً إلي بعدي أنتِ، وإن أعز الناس علي فقراً بعدي أنت، وإني كنت نحلتُك جدادا عشرين وسقا من مالي فوددت والله انك حزته وإنما هو أخواك وأختاك قالت قلت هذان أخواي فمن أختاي قال ذو بطن ابنة خارجة فإني أظنها جارية ) وفي رواية قد القي في روعي أنها جارية فولدت أم كلثوم.

وعنها قالت: لما ثقل أبو بكر قال أي يوم هذا قلنا يوم الاثنين قال فإني أرجو ما بيني وبين الليل قالت وكان عليه ثوب عليه درع من مشق فقال إذا أنا مت فاغسلوا ثوبي هذا وضموا إليه ثوبين جديدين وكفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا أفلا نجعلها جددا كلها قال لا إنما هو للمهلة فمات ليلة الثلاثاء أخرجه البخاري.

من كتاب صفة الصفوة لبن الجوزي رحمه الله





قال وأخبرنا جعفر، أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، حدثنا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن محمد بن الوضاح الحرفي السمسار، حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، حدثنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: أخبرني بأشد شيء رأيته صنعه المشركون برسول اله صلى الله عليه وسلم. قال: أقبل عقبة بن أبي معيط، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة، فلوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً. فأقبل أبو بكر، فأخذ منكبه فدفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال أبو بكر: يا قوم، أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم.

أخبرنا أبو القاسم يعيش بن صدقة بن علي الفقيه، أخبرنا أبو محمد بن الطراح، أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي، حدثنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي، حدثنا سوار بن مصعب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، صلى الله عليهما وسلم وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر ) . ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم راسه إلى السماء فقال: ( إن أهل عليين ليراهم من هو أسفل منهم كما ترون النجم – أو الكواكب – في السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما ) – قلت لأبي سعيد – : وما " أنعما " ؟ قال: أهل ذاك هما.

وأسلم على يد أبي بكر الزبير، وعثمان، و عبد الرحمن بن عوف، وطلحة. وأعتق سبعة كانوا يعذبون في الله تعالى، منهم: بلال، وعامر بن فهيرة، وغيرهما يذكرون في مواضعهم.

أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء الثقفي، أخبرنا أبو علي قراءة عليه وأنا حاضر أسمع، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: أبو نعيم: وحدثنا عبد الله بن الحسن بن بندار، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قالا: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم الجبل، فقال: ( اثبت فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ) .

حدثنا بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك في قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) ( التوبة 119 ) مع أبي بكر وعمر

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي، أخبرنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة العلوي، وأبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن القاسم، أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان، أخبرنا جعفر بن محمد القلانسي بالرملة، أخبرنا داود بن الربيع بن مصحح، أخبرنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن اسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصبح منكم صائماً ) قال أبو بكر: أنا. قال: ( من تصدق بصدقة ) قال أبو بكر: أنا. قال: ( من شهد جنازة) قال أبو بكر: أنا. قال: ( من أطعم اليوم مسكيناً ) قال أبو بكر: أنا. قال: ( من جمعهن في يوم واحد وجبت له – أو غفر له )

أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني، أخبرنا أبو بكر خليل بن هبة الله بن الخليل، أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، أخبرنا إبراهيم بن يعقوب الجورجاني، حدثني الحسين بن عيسى، حدثنا عبد المد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الواحد بن زيد، حدثني أسلم الكوفي، عن مرة، عن زيد بن أرقم قال: دعا أبو بكر بشراب، فأتي بماء وعسل، فلما أدناه من فيه نحاه، ثم بكى حتى بكى أصحابه، فسكتوا وما سكت. ثم عاد فبكى حتى ظنوا أنهم لا يقوون على مسألته، ثم أفاق فقالوا: يا خليف رسول الله، ما أبكاك؟ قال: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته، يدفع عن نفسه شيئاً، ولم ار أحداً معه، فقلت: يا رسول الله، ما هذا الذي تدفع، ولا أرى أحداً معك؟ قال: ((هذه الدنيا تمثلت فقلت لها: إليك عني ، فتنحت ثم رجعت، فقالت: أما إنك إن أفلت فلن يفلت من بعدك )) . فذكرت ذلك فمقت أن تلحقني.

قال: وأخبرنا أبي، أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي، حدثنا محمد بن محمد بن أحمد العكبري، حدثنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، أخبرنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: كان أبو بكر إذا مدح قال: (اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون )

وأخبرنا أبي، أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني الحسن بن علي ببن محمد الواعظ، حدثنا أبو نصر إسحاق بن أحمد بن شبيب البخاري، حدثنا أبو الحسن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن سايح بن قوامة ببخارى، أخبرنا جبريل بن منجاع الكشاني بها، حدثنا قتيبة، حدثنا رشدين، عن الحجاج، بن شداد المرادي، عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء، في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستقي لها ويقوم بأمرها، فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت. فجاءها غير مرة كي لا يُسبَق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها، وهو يومئذ خليفة. فقال عمر: أنت هو لعمري

مقتبس من كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة لبن الأثير رحمه الله




جزاكم الله خيرا ، بحث طيب ، جعله الله في ميزان حسناتكم

…………………….

هذه مقتطفات من سيرة الصحابي الجليل أبي بكر الصديق ، و نقلته من بحث لإحدى الأخوات جزاها الله خيرا ، و هو مقتبس من عدة مراجع

أبو بكر الصديق – رضي الله عنه –

(11 – 13 هـ / 632 – 634م)
نسبه ومولده:
هو عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة. ويلتقي مع الرسول صلى الله عليه و سلم في مُرَّة وهو الجدُّ السادس له عليه الصلاة والسلام. ووصفه الرسول صلى الله عليه و سلم بالصِّديِّق عقب حادثة الإِسراء والمعراج إذ صدقـه حين كذّبـه المشركـون. "عندما أُسري بالنبي صلى الله عليه و سلم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد الناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر- رضي اللّه عنه- فقالوا: "هل لك إلى صاحبـك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس "؟ قال: "أو قال ذلـك؟ " قالوا: "نعم ". قال: "لئن قال ذلك لقد صدق". قالوا: "أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح "؟! قال: "نعم، إني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غَدْوَةٍ أو رَوْحَةٍ ، فلذلك سُمِّي أبو بكر الصديق

سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني المجلد الأول رقم 306، أخرجه الحاكم في المستدرك 3/62, 63.
إسلامه وبعض مشاهده:
كان أبو بكر – رضي اللّه عنه – سريع الاستجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم . فقد عُدَّ أبو بكر الصديق أول من آمن من الرجال(وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما بُعث كذبه الناس وصدقه أبو بكر. قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن اللّه بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟" (مرتين).

الصفات الخُلُقية: كان – رضي اللّه عنه- أوّاها ( شديد الحياء كثير الورع حازماً مع رحمة يحفظ شرفه وكرامته وكان غنياً بجاهه وأخلاقه. ولم يؤثَر عنه عبادة الأصنام وأُثِر عنه الأخلاق الطيبة.
وقـد أجمـع أهـل السنة على أنَّ أفضل الناس بعد رسول اللّه صلى الله عليه و سلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليَّ، وكان- رضي اللّه عنه- حكيماً فقد ظهرت حكمته ورباطة جأشه في مواجهة مصاب الأمة بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم كـما ظهرت شخصيته القوية وحنكته السياسية في اجتماع السقيفة.
وقد عبر عن تواضع جَمٍّ وزهد في الخلافة حين رُشِّح ( لها وذلك "في خطبتـه التي خطبهـا في الناس بعد البيعة ومما جاء فيها: أني قد وليت عليكم ولست بخيركـم. الخطبة" (ومع علمه بالقرآن والسنة وفهمه لمقاصد الشرع وأحكامه فقد كان كثير الاستشارة للصحابة وكانت الرحمة تغلب على آرائه فقد أشار بقبول المفاداة من أسرى بدر (.

أسلوبه في الحكم – رضي اللّه عنه -:
أعلن أبو بكر – رضي اللّه عنه – أسلوبه في الحكم من خلال خطبته القصيرة التي خطبها في الناس في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و سلم فقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه:
"يا أيها الناس إِني قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركـم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقْوِّمُوني: الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوى عنـدي حتى ارجـع عليه حقه إن شاء اللّه، والقوي فيكـم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء اللّه لا يدع قوم الجهاد في سبيل اللّه إلا خذلهم ولا تشيع الفـاحشة في قوم إلا عمهم اللّه بالبلاء. أطيعوني ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لي عليكـم "

ثانياً: محاربة المرتدين:
وصلت أنبـاء الردة إلى عاصمة الدولة الإِسلامية (المدينة النبوية) وكان المرتدون على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عاد إلى عبادة الأوثـان.
القسم الثاني: اتبع أدعياء النبوة.

القسم الثالث: استمر على الإِسلام ولكنهم جحدوا الزكاة وتَأَوَّلُوها بأنها خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم

فتح الـباري 12/276.

( وقد أرسل الفريق الثالث وفداً إلى المدينة لمفاوضة خليفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد نزل على وجهاء الناس في المدينة عدا العباس بن عبد المطلب – رضي اللّه عنه – وقد وافق عدد من كبار الصحابة على قبول ما جاءت به رسل هذا الفريق وناقشوا في ذلك الأمر، أبا بكر ومنهم عمر بن الخطاب، وأبـو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم. إلاّ أن أبا بكر – رضيِ اللّه عنه – رفضهم قولهم ذلك وقال قولته المشهورة: "واللّه لو منعوني عقالاً كان يؤدونه إلى رسول اللّه صلى الله عليه و سلم لجاهدتهم عليه".
وقال عمر لأبي بكر – رضي اللّه عنهما -: كيف تقاتلهم وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه فمن قال: "لا إله إلا اللّه" فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على اللّه "( فقال أبو بكر: "واللّه لأقاتلن من فَرَّق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. واللّه لو منعوني عناقاً(لقاتلتهم على منعهم ". وهكذا رأي أبي بكر – رضي اللّه عنه- أن الإِسلام كُلُّ لا يتجزأ وليس هناك من فرق بين فريضة وأخرى والزكاة أهم تشريع في النظام الاقتصادي الإِسلامي وركن من أركـان الإِسـلام وعبادة بحد ذاتها ولا يمكن تطبيق جزء من الإِسلام وإهمال آخر ورأى الصحابة أن الأخذ باللين أفضل، وقال عمر- رضي اللّه عنه-: "يا خليفة رسول اللّه! تألف الناس وأرفق بهم " فأجابه أبو بكر: "رجوت نصرتـك وجئتني بخـذلانـك؟ أجبّـار في الجـاهلية وخوار في الإسلام؟ إنه قد انقطع الوحي وتم الدين أو ينقص وأنا حي؟ أليس قد قاَل رسول اللّه صلى الله عليه و سلم: "إلا بحقها، ومن حقها الصلاة وإيتاء الزكاة واللّه لو خذلني الناس كلهم لجاهدته! بنفسي
التاريخ الإسلامي، محمود شاكر ص 68.

ثالثاً: جمع القرآن الكريم:

لقد كانت هذه الفكرة من عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- أخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت- رضي اللّه عنه- قال: "أرسل إليّ أبو بكر الصديق بعد مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده " قال أبو بكر- رضي اللّه عنه-: "إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر( يوم اليمامـة. بقُرَّاء القرآن وإني أخشى إن استمر القتل بالقُراء بالمواطن( فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن… ولم يزل عمر يراجعني حتى شرح اللّه صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر وأمر زيد بن ثابت فجمع القرآن من العسب( واللخاف وصدور الرجال(


رابعاً: الفتوحات الإسلامية:

بعد أن استقر الحكـم لأبي بكر الصديق- رضي اللّه عنه- وقمع فتنة المرتدين وعادت الأمور إلى نصابها اتجه الصديق- رضي اللّه عنه- إلى الغاية السـامية في الإِسـلام وهي إعلاء كلمة لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه وإخراج الناس بها من الظلمات إلى النور لذا فقد آن الأوان لنشر الدعوة خارج الجزيرة العربية فكانت الفتوحات في عهده في جبهتين:


الأولى: جبهة الفرس في الشرق:

الثانية: جبهة الروم في الشمال:


أ- معركة أجنادين: سنة 13 هـ :

ب- مرج الصُّفر سنة 13:

مرض أبي بكر- رضي اللّه عنه- ووفاته:

كان سبب مرض أبي بكر الصديق- رضي اللّه عنه- أنه اغتسل في يوم بارد فأصيب بالحُمى خمسة عشر يوماً لا يخرج فيها إلى الصلاة وكان يأمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس وكان الناس يدخلون إليه يزورونه وهو في البيت وكان عثمان- رضي اللّه عنه- ألزمهم له في مرضه.

ومـازال المرض به حتى توفي أبو بكر- رضي اللّه عنه- مساء ليلة الثـلاثـاء لثـماني ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال.

وقـد أوصى- رضي اللّه عنه- أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس – رضي اللّه عنها- وكفن بثوبين وقيل: بثلاثة.

وصلى عليه عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه-، ودفن ليلاً إلى جانب صاحبه عليه الصلاة والسلام وجُعِل رأسه بمحاذاة( كتفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم () رحمه اللّه ورضي عنه وجزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء.

المراجع باختصار:

سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني المجلد الأول رقم 306، أخرجه الحاكم في المستدرك 3/62, 63.
()فتح الباري 7/170.
()فتح الباري 7/18.
)سورة التوبة آية 40.
()جمع رقيق وهو المحلول.
()أحمد، فضائل الصحابة 1/65 بإسناد صحيح.
الخوخة: باب صغير ينفذ منه إلى المسجد.
()خفيف العارضين: العارض صفحة الخد والمراد خفيف شعر الخد.
( أجنأ: الأحدب وكذلك يطلق على انحناء ما بيت الكتفين على الصدر.
() غائر العينين. أي عيناه داخلتان في رأسه.
مسند أحمد 2/133.
() سيرة ابن هشام 4/661، البداية والنهايةِ 6/305.
( قمع: أي قهرهم وذَللَّهم (المرتدين).
) أنباء. أي أخبار.
() أغار: أي اشتد قي العدو وأسرع.
() فتح الـباري 12/276.
() أخرجه البخاري في الاعتصام، ومسلم في الإيمان، وأبو داود، والنسائي في الزكاة، والترمذي في الإيمان.
() العناق: السخلة الأنثى الصغيرةَ من الماعز.
() التاريخ الإسلامي، محمود شاكر ص 68.
() تُراق الدماء: تنصبّ
() انظر نص هذا الكتاب في البداية والنهاية، لابن كثير ج5 ص 320-321.
() تجلى: ظهر.




دائما مواضيعك مميزة بارك الله فيك
بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

العلاّمة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

العلاّمة الفقيه محمد بن صالح العثيمين

1347 – 1421هـ

نسبه ومولده:
هو صاحب الفضيلة الشيخ العالم المحقق, الفقيه المفسّر, الورع الزاهد، محمد ابن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن آل عثيمين من الوهبة من بني تميم.

ولد في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1347هـ في عنيزة – إحدى مدن القصيم – في المملكة العربية السعودية.
نشأته العلمية:
ألحقه والده – رحمه الله تعالى – ليتعلم القرآن الكريم عند جدّه من جهة أمه المعلِّم عبد الرحمن بن سليمان الدامغ – رحمه الله -, ثمَّ تعلَّم الكتابة, وشيئًا من الحساب, والنصوص الأدبية في مدرسة الأستاذ عبدالعزيز بن صالح الدامغ – حفظه الله -, وذلك قبل أن يلتحق بمدرسة المعلِّم علي بن عبد الله الشحيتان – رحمه الله – حيث حفظ القرآن الكريم عنده عن ظهر قلب ولمّا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره بعد.
وبتوجيه من والده – رحمه الله – أقبل على طلب العلم الشرعي، وكان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – يدرِّس العلوم الشرعية والعربية في الجامع الكبير بعنيزة, وقد رتَّب اثنين من طلبته الكبار؛ لتدريس المبتدئين من الطلبة, فانضم الشيخ إلى حلقة الشيخ محمد بن عبد العزيز المطوع ـ رحمه الله ـ حتى أدرك من العلم في التوحيد, والفقه, والنحو ما أدرك.
ثم جلس في حلقة شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله, فدرس عليه في التفسير, والحديث, والسيرة النبوية, والتوحيد, والفقه, والأصول, والفرائض, والنحو, وحفظ مختصرات المتون في هذه العلوم.

ويُعدّ فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – هو شيخه الأول؛ إذ أخذ عنه العلم؛ معرفةً وطريقةً أكثر مما أخذ عن غيره, وتأثر بمنهجه وتأصيله, وطريقة تدريسه، واتِّباعه للدليل.
وعندما كان الشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان – رحمه الله – قاضيًا في عنيزة قرأ عليه في علم الفرائض, كما قرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – في النحو والبلاغة أثناء وجوده مدرّسًا في تلك المدينة.

ولما فتح المعهد العلمي في الرياض أشار عليه بعضُ إخوانه أن يلتحق به, فاستأذن شيخَه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – فأذن له, والتحق بالمعهد عامي 1372 – 1373هـ.
ولقد انتفع – خلال السنتين اللّتين انتظم فيهما في معهد الرياض العلمي – بالعلماء الذين كانوا يدرِّسون فيه حينذاك ومنهم: العلامة المفسِّر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي, والشيخ الفقيه عبدالعزيز بن ناصر بن رشيد, والشيخ المحدِّث عبد الرحمن الإفريقي – رحمهم الله تعالى -.

وفي أثناء ذلك اتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -, فقرأ عليه في المسجد من صحيح البخاري ومن رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية, وانتفع به في علم الحديث والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها, ويُعدُّ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – هو شيخه الثاني في التحصيل والتأثُّر به.
ثم عاد إلى عنيزة عام 1374هـ وصار يَدرُسُ على شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي, ويتابع دراسته انتسابًا في كلية الشريعة, التي أصبحت جزءًا من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة, حتى نال الشهادة العالية.

تدريسه:
توسَّم فيه شيخه النّجابة وسرعة التحصيل العلمي فشجّعه على التدريس وهو ما زال طالبًا في حلقته, فبدأ التدريس عام 1370هـ في الجامع الكبير بعنيزة.
ولمّا تخرَّج من المعهد العلمي في الرياض عُيِّن مدرِّسًا في المعهد العلمي بعنيزة عام 1374هـ.

وفي سنة 1376هـ توفي شيخه العلاّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله تعالى – فتولّى بعده إمامة الجامع الكبير في عنيزة, وإمامة العيدين فيها, والتدريس في مكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع؛ وهي التي أسسها شيخه – رحمه الله – عام 1359هـ.
ولما كثر الطلبة, وصارت المكتبة لا تكفيهم؛ بدأ فضيلة الشيخ – رحمه الله – يدرِّس في المسجد الجامع نفسه, واجتمع إليه الطلاب وتوافدوا من المملكة وغيرها حتى كانوا يبلغون المئات في بعض الدروس, وهؤلاء يدرسون دراسة تحصيل جاد, لا لمجرد الاستماع, وبقي على ذلك, إمامًا وخطيبًا ومدرسًا, حتى وفاته – رحمه الله تعالى -.
بقي الشيخ مدرِّسًا في المعهد العلمي من عام 1374هـ إلى عام 1398هـ عندما انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, وظل أستاذًا فيها حتى وفاته- رحمه الله تعالى -.
وكان يدرِّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والإجازات الصيفية منذ عام 1402هـ , حتى وفاته – رحمه الله تعالى-.
وللشيخ – رحمه الله – أسلوب تعليمي فريد في جودته ونجاحه, فهو يناقش طلابه ويتقبل أسئلتهم, ويُلقي الدروس والمحاضرات بهمَّة عالية ونفسٍ مطمئنة واثقة, مبتهجًا بنشره للعلم وتقريبه إلى الناس.
آثاره العلمية:
ظهرت جهوده العظيمة – رحمه الله تعالى – خلال أكثر من خمسين عامًا من العطاء والبذل في نشر العلم والتدريس والوعظ والإرشاد والتوجيه وإلقاء المحاضرات والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى -.
ولقد اهتم بالتأليف وتحرير الفتاوى والأجوبة التي تميَّزت بالتأصيل العلمي الرصين, وصدرت له العشرات من الكتب والرسائل والمحاضرات والفتاوى والخطب واللقاءات والمقالات, كما صدر له آلاف الساعات الصوتية التي سجلت محاضراته وخطبه ولقاءاته وبرامجه الإذاعية ودروسه العلمية في تفسير القرآن الكريم والشروحات المتميزة للحديث الشريف والسيرة النبوية والمتون والمنظومات في العلوم الشرعية والنحوية.
وإنفاذًا للقواعد والضوابط والتوجيهات التي قررها فضيلته – رحمه الله تعالى – لنشر مؤلفاته, ورسائله, ودروسه, ومحاضراته, وخطبه, وفتاواه ولقاءاته, تقوم مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية – بعون الله وتوفيقه – بواجب وشرف المسؤولية لإخراج كافة آثاره العلمية والعناية بها.
وبناءً على توجيهاته – رحمه الله تعالى – أنشئ له موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية ، من أجل تعميم الفائدة المرجوة – بعون الله تعالى – وتقديم جميع آثاره العلمية من المؤلفات والتسجيلات الصوتية.
أعماله وجهوده الأخرى:

إلى جانب تلك الجهود المثمرة في مجالات التدريس والتأليف والإمامة والخطابة والإفتاء والدعوة إلى الله – سبحانه وتعالى – كان لفضيلة الشيخ أعمال كثيرة موفقة منها ما يلي:

· عضوًا في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عام 1407هـ إلى وفاته.
·
عضوًا في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العامين الدراسيين 1398 – 1400هـ.
·
عضوًا في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم ورئيسًا لقسم العقيدة فيها.
·
وفي آخر فترة تدريسه بالمعهد العلمي شارك في عضوية لجنة الخطط والمناهج للمعاهد العلمية, وألّف عددًا من الكتب المقررة بها.
·
عضوًا في لجنة التوعية في موسم الحج من عام 1392هـ إلى وفاته – رحمه الله تعالى – حيث كان يلقي دروسًا ومحاضرات في مكة والمشاعر, ويفتي في المسائل والأحكام الشرعية.
·
ترأس جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة من تأسيسها عام 1405هـ إلى وفاته.
·
ألقى محاضرات عديدة داخل المملكة العربية السعودية على فئات متنوعة من الناس, كما ألقى محاضرات عبر الهاتف على تجمعات ومراكز إسلامية في جهات مختلفة من العالم.
·
من علماء المملكة الكبار الذين يجيبون على أسئلة المستفسرين حول أحكام الدين وأصوله عقيدة وشريعة، وذلك عبر البرامج الإذاعية من المملكة العربية السعودية وأشهرها برنامج «نور على الدرب».
·
نذر نفسه للإجابة على أسئلة السائلين مهاتفه ومكاتبة ومشافهة.
·
رتَّب لقاءات علمية مجدولة, أسبوعية وشهرية وسنوية.
·
شارك في العديد من المؤتمرات التي عقدت في المملكة العربية السعودية.
·
ولأنه يهتم بالسلوك التربوي والجانب الوعظي اعتنى بتوجيه الطلاب وإرشادهم إلى سلوك المنهج الجاد في طلب العلم وتحصيله, وعمل على استقطابهم والصبر على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة, والاهتمام بأمورهم.
·
وللشيخ – رحمه الله – أعمال عديدة في ميادين الخير وأبواب البرّ ومجالات الإحسان إلى الناس, والسعي في حوائجهم وكتابة الوثائق والعقود بينهم, وإسداء النصيحة لهم بصدق وإخلاص.
مكانته العلمية:

يُعَدُّ فضيلة الشيخ – رحمه الله تعالى – من الراسخين في العلم الذين وهبهم الله – بمنّه وكرمه – تأصيلاً ومَلَكة عظيمة في معرفة الدليل واتباعه واستنباط الأحكام والفوائد من الكتاب والسنّة, وسبر أغوار اللغة العربية معانِيَ وإعرابًا وبلاغة.
ولما تحلَّى به من صفات العلماء الجليلة وأخلاقهم الحميدة والجمع بين العلم والعمل أحبَّه الناس محبة عظيمة, وقدّره الجميع كل التقدير, ورزقه الله القبول لديهم واطمأنوا لاختياراته الفقهية, وأقبلوا على دروسه وفتاواه وآثاره العلمية, ينهلون من معين علمه ويستفيدون من نصحه ومواعظه.
وقد مُنح جائزة الملك فيصل – رحمه الله – العالمية لخدمة الإسلام عام 1414هـ, وجاء في الحيثيات التي أبدتها لجنة الاختيار لمنحه الجائزة ما يلي:
أولاً: تحلِّيه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها الورع, ورحابة الصدر، وقول الحق, والعمل لمصلحة المسلمين, والنصح لخاصتهم وعامتهم.
ثانيًا:
انتفاع الكثيرين بعلمه؛ تدريسًا وإفتاءً وتأليفًا.
ثالثًا:
إلقاؤه المحاضرات العامة النافعة في مختلف مناطق المملكة.
رابعًا:
مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كثيرة.
خامسًا:
اتباعه أسلوبًا متميزًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وتقديمه مثلاً حيًّا لمنهج السلف الصالح؛ فكرًا وسلوكًا.
عقِبُه:

له خمسة من البنين, وثلاث من البنات, وبنوه هم: عبد الله, وعبد الرحمن, وإبراهيم, وعبد العزيز, وعبد الرحيم.
وفاتـه:

تُوفي – رحمه الله – في مدينة جدّة قبيل مغرب يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال عام 1421هـ, وصُلِّي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة عصر يوم الخميس, ثم شيّعته تلك الآلاف من المصلّين والحشود العظيمة في مشاهد مؤثرة, ودفن في مكة المكرمة.
وبعد صلاة الجمعة من اليوم التالي صُلِّي عليه صلاة الغائب في جميع مدن المملكة العربية السعودية.
رحم الله شيخنا رحمة الأبرار, وأسكنه فسيح جناته, ومَنَّ عليه بمغفرته ورضوانه, وجزاه عما قدّم للإسلام والمسلمين خيرًا.

اللجنة العلمية
في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

موقع الشيخ رحمه الله




رحمه الله كان جبل من جبال الاسلام في العلم ولازال علمه نافعا

بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم

تقبل مروري

اختك هناء




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المعلمة هناء تعليمية
رحمه الله كان جبل من جبال الاسلام في العلم ولازال علمه نافعا

بارك الله فيك اخي على الموضوع القيم

تقبل مروري

اختك هناء

وفيكم بارك الله




تحميل مكتبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – الإصدار الثاني

الوصف: برنامج موسوعي لمؤلفات الشيخ محمد بن صالح العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية سابقاً -رحمه الله-، ويعد البرنامج من أكبر الموسوعات الالكترونية التي عنيت بجمع كتب وتراث الشيخ محمد العثيمين، ويضم ترجمة للشيخ ومجموعة من مؤلفاته، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، وتشمل محتويات البرنامج ما يلي:

– 48 سؤالاً في الصيام
– 60 سؤال وجواب في أحكام الحيض [موافق للمطبوع]
– أحكام الاضحية والذكاة
– أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنه منها [موافق للمطبوع]
– الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع
– الأصول من علم الأصول [موافق للمطبوع]
– الاعتدال في الدعوة
– الخلاف بين العلماء [موافق للمطبوع]
– الذكر الثمين
– الزواج [موافق للمطبوع]
– الشرح الممتع على زاد المستقنع [موافق للمطبوع]
– الضياء اللامع من الخطب الجوامع
– القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى [موافق للمطبوع]
– القول المفيد على كتاب التوحيد [موافق للمطبوع]
– اللقاء الشهري
– المداينة [موافق للمطبوع]
– المناهي اللفظية
– المنتقى من فرائد الفوائد
– المنهج لمريد العمرة والحج [موافق للمطبوع]
– بحوث وفتاوى في المسح على الخفين [موافق للمطبوع]
– تسهيل الفرائض [موافق للمطبوع]
– تعاون الدعاة وأثره في المجتمع
– تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
– تفسير العلامة محمد العثيمين
– تقريب التدمرية [موافق للمطبوع]
– تلخيص فقه الفرائض [موافق للمطبوع]
– جلسات رمضانية 1410 هـ – 1415 هـ
– حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة [موافق للمطبوع]
– حكم تارك الصلاة [موافق للمطبوع]
– دروس وفتاوى الحرم المدني لعام 1416ه
– دروس الشيخ محمد بن صالح العثيمين
– رسالة الحجاب
– رسالة في الدماء الطبيعية للنساء [موافق للمطبوع]
– رسالة في القضاء والقدر [موافق للمطبوع]
– رسالة في زكاة الحلي [موافق للمطبوع]
– رسالة في سجود السهو [موافق للمطبوع]
– زاد الداعية إلى الله
– شرح الأربعين النووية
– شرح التدمرية
– شرح العقيدة السفارينية
– شرح العقيدة الواسطية [موافق للمطبوع]
– شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
– شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث [موافق للمطبوع]
– شرح ثلاثة الأصول [موافق للمطبوع]
– شرح حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم
– شرح دعاء قنوت الوتر
– شرح رياض الصالحين
– طهارة المريض وصلاته [موافق للمطبوع]
– عقيدة أهل السنة والجماعة [موافق للمطبوع]
– فتاوى أركان الإسلام
– فتاوى نور على الدرب
– فتح رب البرية بتلخيص الحموية
– فصول في الصيام والتراويح والزكاة
– فقه العبادات
– كتاب العلم [موافق للمطبوع]
– كيف تؤدي مناسك الحج والعمرة [موافق للمطبوع]
– لقاء الباب المفتوح
– مجالس شهر رمضان [موافق للمطبوع]
– مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين [موافق للمطبوع]
– مجموعة أسئلة تهم الاسرة المسلمة [موافق للمطبوع]
– مجموعة أسئلة في بيع و شراء الذهب
– مختصر مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب [موافق للمطبوع]
– مصطلح الحديث
– مطوية نبذ في الصيام
– مكارم الاخلاق [موافق للمطبوع]
– من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز
– من مشكلات الشباب [موافق للمطبوع]
– مناسك الحج والعمرة والمشروع في الزيارة
– منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل [موافق للمطبوع]
– نبذة في العقيدة الإسلامية
– أخطاء يرتكبها بعض الحجاج
– تعليق العثيمين على صحيح البخاري
– شرح باب صفة الصلاة من الزاد عام 1419 ه
– شرح كتاب الصوم من بلوغ المرام
– رسالة في البيع
– قواعد في الإملاء
– مجموعة رسائل ملحقة بكتاب العلم
– منظومة في القواعد والأصول

وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة، مع توثيق الكتب بترقيم الصفحات لتوافق المطبوع، كما تم تجهيز صيغة (chm) بطريقة تسمح لعملها على الأجهزة الكفية (Pocket PC) وأجهزة الآي باد والآي فون باستخدام التطبيقات المخصصة لذلك.

تعليمية
تعليمية

تحميل صيغ البرنامج:
صيغة ملف تنفيذي (Exe)
الحجم: 27 ميجا
صيغة ملف مساعدة (Chm)
الحجم: 47 ميجا
صيغة الموسوعة الشاملة (bok) الحجم: 27 ميجا




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

مَنْ هُوَ الإِمَامُ الآجُرِّي؟

تعليمية



مَنْ هُوَ الإِمَامُ الآجُرِّي؟

اسمه ونسبه: هو الإِمَامُ الْحَافِظُ الثَّبْتُ النِّحْرِيرْ، وَبَحْرُ الْعِلْمِ، صَاحِبُ السُنَّةِ الأَثَريّ، الزَّاخِرُ بِالْفَضْلِ الْغَزِيرْ، المُحدِّثُ الفقيه القدوة أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، الآجُرِّيُّ الْبَغْدَادِيُّ.

و(الآجُرِّي) بفتحٍ أوله ممدود، وضم الجيم وكسر الراء المشددة، نشبةٌ إلى قريةٍ من قرى بغداد يقال لها (الآجُرّ)، ودَرْبُ الآجُرِّ مَحَلَّةٌ كَانَتْ بِبَغْدَادَ مِنْ مَحَالِ نَهْرِ طَابِقٍ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، سَكَنَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَلِمِ، وَهُوَ الآنَ خَرَابٌ قَالَهُ يَاقٌوتٌ الحَمَوِيَ فِي مُعْجَمِ البُلْدَانِ.

مولده ونشأته:نَشَأَ بِدَرْبِ الآجُرِّ بِبَغْدَادَ، نَشْأَةَ مَنْ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور، فَبَكَّرَ إِلَى مَجَالِسِ عُلَمَاءِ بَلْدَتِهِ وَهُوَ يَتْلُو: اللَّهُمَّ بَارَكَ لِي فِى الْغُدُو وُالْبُكُور؛ وَلازَمَ الْحِشْمَةَ وَالْوَقَارَ وَالْوَرَعَ الْمَتِين، وَسَلَكَ فِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ سُنُنَ السَّادَةِ السَّالِفِين، وَجَدَّ فِي الْقِيَامِ فِى جَوْفِ الدَّيَاجِي قَانِتَاً، يَتْلُو بِلِسَانِ التَّذَلُّلِ وَالاعْتِذَارِ وَالرَّجَا:


اتَّخِذْ طَـاعَةَ الإِلَهِ سَـبِيلاً …. تَجِدِ الْفَوْزَ بِالْجِنَانِ وَتَنْجُو
وَاتْرُكْ الإِثْمَ وَالْفَوَاحِشَ طُرَّا …. يُؤْتِكَ اللهُ مَـا تَرُومُ وَترْجُو


وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ يَافِعٌ أَبَا مُسْلِمٍ الْكجِّيَّ الَّذِي فَاقَ مُحَدِّثِي عَصْرِهِ، وَأَقرَّ لَهُ بِالإِمَامَةِ وَالصَّدَارِةِ أَبْنَاءُ دَهْرِهِ؛ فَحَصَّلَ فِي سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ الْحَدِيثَ بَالأَسَانِيدِ الْعَوَالِي، وَتَفَرَّد عَنْ أَقْرَانِهِ وَذَوِيهِ بِأَوْسَاطِ الْمَعَالِي.

تَصَدّى رِجَالٌ فِي الْمَعَالِي لِيُدْرِكُوا …. مَـدَاكَ وَمَـا أَدْرَكْتَهُ فَتَـذَبْذَبُوا
وَرُمْتَ الَّذِي رَامُوا فَأَذْلَلْتَ صَعْبَهُ …. وَرَامُوا الَّذِي أَذْلَلْتَ مِنْهُ فَأَصْعَبُوا


ثُمَّ صَحِبَ بَعْدَهُ أَئِمَّةً تُشَدُّ إِلَيْهِمْ الرِّحَالُ وَيُقْصَدُونَ، مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، فَلازَمَ أَبَا بَكْرٍ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيَّ أَوْحَدَ الْحُفَّاظِ الرُّفَعَاءِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ بِهِمَّتِهِ عَنْهُ إَلَى بَيْضَاءَ وَلا صَفْرَاءَ، حَتَّى وَعَى صَدْرُهُ وَخَزَنَتْ دَفَاتِرُهُ مَا لَدِيهِ، وَحَمِدَ عِنْدَ إِيَابِهِ السُّرَى وَالإِدْلاجَ إِلَيْهِ.


وَزَاحَمَ بِرُكْبَتَيْهِ أُلُوفَ الْحَاضِرِينَ مَجَالِسَ أَبِي مُحَمَّدٍ يَحِيَى بْنِ صَاعِدٍ حَامِي جَنَابِ الشَّرْعِ مِنْ الَحَدِيثِ الْمُفْتَرَى، وَالذَّائِدِ عَنْ السُّنَّةِ وَنَاصِرِهَا نَصْرَاً عَزِيزَاً مُؤَزَّرَا، فَقَرَّبَهُ مِنْهُ وَأَدْنَاهُ، وَأَمْلَى عَلَيْهِ فَوَائِدَ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا سِوَاهُ، وَمَا بَرِحَ يَرْتَحِلُ فِى الأَمْصَارِ يَطْلُبُ الْمَزِيد، حَتَّى حَوَى مِنْ الْحَدِيثِ وَالآثَارِ فَوْقَ مَا يُرِيد، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ:

وَمَا لِي حَـالَةٌ أَرْجُـو بَقَاهَا …. سِوَى التَّشْمِِيرِ فِي طَلَبِ المَعَالِي
نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِـدْ شَيْئَاً بِعَيْنِي …. مِنْ الدُّنْيَا يَزِيـدُ عَلَى خِلالِي

أّقَامَ وَحَدَّثَ بِبَغدادٍ قَبْلَ سَنَةِ ثَلاَثِينَ وَثَلاَثُمَائِة (330 هـ)، وَقَدْ سَأَلَ الله أَنْ يَرْزُقَهُ الإِقَامَةَ بِهَا سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مُجَاوِراً ثَلاثِينَ عَاماً حَتَى كَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا؛ َصَارَ شَيْخَهَا وَمُفِيدَ حُجَّاجِهَا وَالْقَاطِنِين، عَلَى خُلُقٍ أَرَقَّ مِنْ النَّسِيمِ، وَمُحَيَّا تَعْرِفُ فِيهِ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، وَغَـدَتْ مَجَالِسُهُ بِكُبَرَاءِ أَهْلِ الْعِلْمِ صَبَاحَاً مُشْرِقَاً، وَأَمْسَتْ أَوْقَاتُهُ غَيْثَاً بِالْخَيْرَات مُغْدِقَاً،وَأَذَاعَ أَرِيجَ ثَنَاءِهِ مِسْكُ اللَّيْلِ وَكَافُورُ الصَّبَاح، وَخَجَلَ عِنْدَ ذِكْرِهِ كُلُّ مُنَاظِرٍ مُعَانِدٍ وَكَبْشٍ نَطَّاح، وَوَضَحَ بُرْهَانُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتُعُوِّذَ مِنْ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاس، وَنَادِي لِسَانُ الْحَقِّ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيَؤُمْ النَّاس.

وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ (280 هـ) بِبَغْدَادٍ، وَقِيلَ سَنَةَ (264 هـ).

شيوخه:
من تتبع مؤلفاته -رحمه الله-، يرى أن له مشايخ كثيرون، كما ذكره غير واحد من المؤرخين. ومن شيوخه:

· أبومسلم الكجي أو الكشي إبراهيم بن عبدالله (ت292هـ).

· أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه أبوالعباس القطان (ت304هـ).

· أبو شعيب الحداني.

· خلف بن عمرو العكبري.

· أبوخليفة الفضل بن حباب.

· المفضل بن حباب الجندي أبوسعيد الحافظ (ت308هـ).

· هارون بن يوسف بن زياد.

· قاسم بن زكريا المطرز البغدادي (ت305هـ).

· أبوبكر بن أبي داود عبدالله بن سليمان بن الأشعث السجستاني (ت316هـ).

· أحمد بن يحيي الحلواني.

· جعفر بن محمد بن الحسن أبوبكر الفريابي ثم التركي (ت301هـ).


وغيرهم خلق كثير منهم عبد الله بن عباس الطيالسي وحامد بن شعيب البلخي وأحمد بن سهل الأشناني المقرئ، ومن نظر في كتب الإمام الآجري خاصة الشريعة و تحريم النرد والشطرنج والملاهي وقف على جم غفير غير هؤلاء.

تلاميذه: نجد بتتبع المصادر التاريخية أنَّ له الكثير من التلاميذ، منهم:

· أبو نُعيم أحمد بن عبدالله الحافظ الأصبهاني، صاحب الحلية (ت 404هـ).

· محمد بن الحسين بن المفضل القطَّان.

· أبوالحسن الحمامي.

· عبدالرحمن بن عمر بن النحاس.

· علي بن أحمد المقرىء.

· محمود بن عمر العكبري.

· أبوالحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران.

· أبوالقاسم عبدالملك بن محمد بن عبدالله بن بشران البغدادي (ت403ه).

  • وقد ذكر الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ وذلك في الصفحة السادسة والثلاثون بعد المائة التاسعة أنه روى عنه خلق كثير في مكة المكرمة من الحجاج والمغاربة.


مكانته العلمية ومصنفاته:
اتفق المؤرخون على إمامته في الفقه والحديث مع صلاحه وورعه وزهده.

قال الذهبي: الإمام المحدث القدوة، شيخ الحرم الشريف، كان صدوقا خيرا عابدا صاحب سنة واتباع، وقال في العلُوّ: كان الآجُرِّي أثرياً حَسَنَ التصانيف.
قال الخطيب: كان الآجُرِّي ثقةً صدوقاً ديناُ، له تصانيف.
وقال السيوطي: كان عالماً عاملاً صاحب سنة، دينا ثقة.
وقال ابن مفلح الحنبلي: كان من الفقهاء والكبار.
وقال ياقوت: كان ثقة، صنف تصانيف كثيرة، حدث ببغداد، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى أن مات.
وقال النديم: الفقيه، أحد الصالحين العُباد، كان مقيما بمكة.

مذهبه: كان سلفياً أثرياً محارباً للتعصب المذهبي، وهذا شيءٌ جليٌ واضحٌ في كتبه، وقد تنازع المؤرخون على أي مذهب تفقَه، فمنهم من يقول أنه تفقه على مذهب الشافعي انظر الوفيات لابن خلكان وطبقات الشافعية، ومنهم من يقول أنه تفقه على مذهب أحمد بن حنبل انظر طبقات الحنابلة وشذرات الذهب.


مُصنفاته:

1- الأربعين في الحديث.
له نسخة مخطوطة في المكتبة الظاهرية 4 ( ق49 – 80).
وله نسخة أخرى قطعة منها في مجموع 27- (ق34-45).
(فهرس المكتبة الظاهرية ص2 ).
وذكره الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ ص936.
والتاج السبكي في طبقات الشافعية 3/149.

2- أخبار عمر بن عبدالعزيز.
مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق رقم المجموع 30(ورق 1 : 22)
وله صورة في مكتبة الجامعة الإسلامية رقم106.
(فهرس مخطوط الظاهرية / ص2)؟

3- أخلاق حملة القرآن.
ذكره ابن خير الأشبيلي من " فهرس ما رواه عن شيوخه " ص185 .

4- أحكام النساء.
ذكره ابن النديم في " الفهرست " ص215 .

5- أخلاق العلماء.
وقد طبع هذا الكتاب طبعتين:
– الطبعة الأولى بالقاهرة 1931م.
– الطبعة الثانية بطابع النصر الحديثة بالرياض نشر وتوزيع إدارة البحوث العلمية والإفتاء بتحقيق الشيخ إسماعيل الأنصاري.

6- التصديق بالنظر إلى الله عز وجل وما أعده لأوليائه.
مخطوط وله نسختان في المكتبة الظاهرية:
أ- من مجموع 21 (ق185-200).
ب- نسخة من آخرها ورقتين في مجموع 116 (ق114-118).

7- الشريعة.
طبع هذا الكتاب في القاهرة سنة 1369 بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي وأعادت طبعه مرة أخرى أخيراً دار الكتب العلمية ببيروت.


8- الغرباء من المؤمنين.
في وصف حالهم وواجب المسلم في رعايتهم:
مخطوط في الظاهرية رقم4572 (ق48-63).

9- أدب النفوس.
مخطوط وله نسخة في المكتبة الظاهرية، برقم مجموع حديث 248 (23-29) وغيرها من الكتب الأخرى النافعة.

وله العديد من المصنفات الأخرى منها: " النصيحة" وينقل عنها ابن مفلح صاحب الفروع في الفروع اختياراتٍ حسنة، وله " الثمانين " و " أداب العلماء " و "مسألة الطائفين" و" التهجد" و" فرض العلم" و " صفة قبر النبي صلي الله عليه وسلم" و" مختصر الفقه" و "تحريم النرد والشطرنج" و "ذمُّ اللواط" وذكر بعض المؤرخين أنَّ مؤلفاته تزيد عن هذه التي ذكرت بكثير.

تأريخ وفاته:

اتفق المؤرخون على وفاة الإمام الآجري في سنة ستين وثلاثمائة (360هـ) بمكة المكرمة.
ونقل التقي الفاسي من "العقد الثمين" عن العلامة ابن رشيد أنه قال في رحلته: " قرأت بخط شيخنا الخطيب الصالح أبي عبدالله بن صالح ما نصه أنه وجد بخط أبي جعفر أحمد بن محمد بن ميمون الطليطلي ما نصه: سألنا أبا الفضل محمد بن أحمد الزاز متى توفي الآجري؟ قال: " توفي -رحمه الله- يوم الجمعة أول يوم محرم سنة ستين وثلاثمائة بمكة المكرمة ودفن فيها وكان قد بلغ من العمر ستاً وتسعين سنة أو نحوها".
قال: وكان يدعو كثيراً ألا تبلغه سنة ستين، فما مضى من أول يوم من السنة إلا ساعة حتى توفي -رحمه الله تعالى-.

المصادر:

1- ترجمته في كتاب الشريعة الذي نشرته دار البصيرة.

2- الكوكب الدري في ترجمة الإمام أبي بكر الآجُرِّي الذي نشره أبو الأشبال الهواري في سحاب السلفية.

3- ترجمته في كتاب أخلاق حملة القرآن الذي نشرته دار الكتب العلمية.

4- ترجمته في كتاب أخلاق العلماء الذي أصدرته الدار المصرية اللبنانية.

5- ترجمته في موقع جامع الحديث النبوي، أشمل موسوعة لكتب السنة النبوية.

6- ألف بين جميع هذه التراجم التي ذكرت على عجالة: لقمان بن أبي القاسم الأنصاري.








السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وجزاكم الله خيرا على الموضوع




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بــــــــــارك الله فيــــــــــــك اخي وجــــــــــــزاك الله خير الجــــــــــــــــــــــ ــزاء ……………..سلااااام ي




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

خصال أم المؤمنين

وكانت امرأة بيضاء جميلة.
ومن ثم يقال لها: الحميراء.
ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها، ولا أحب امرأة حبها.
ولا أعلم في أمه محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقا، أمرأة أعلم منها.
وذهب بعض العلماء إلى أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهل فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأن ولا يلحق، وأنا واقف في أيتهما أفضل.
نعم جزمت بأفضلية خديجة عليها لامور ليس هذا موضعها .
حدثنا هاشم بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أريتك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة [ من ] حرير ، فيقول: هذه امرأتك.
فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه.
فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه " .
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها
في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " هذه زوجتك في الدنيا
والآخرة " .

حسنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا.
بشر بن الوليد القاضي: حدثنا عمر بن عبدالرحمن عن سليمان الشيباني، عن علي بن زيد بن جدعان، عن جدته، عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكرا، وما تزوج بكرا غيري، ولقد قبض ورأسه في حجري، ولقد قبرته في بيتي، ولقد حفت الملائكة ببيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه، وإني لابنة خليفة وصديقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خلفت طيبة عند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما.
رواه أبو بكر الآخري، عن أحمد بن يحيى الحلواني ، عنه.
وإسناده جيد

سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله




تعليمية




تعليمية




بارك الله فيك على الموضوع الرائع والقيم
بارك الله بقولك وعملك الطيب جزاك الله عنا




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

صان البسملة فرفع الله ذكره

صان البسملة أن تمتهن فرفع الله ذكره في الدنيا والآخرة..

27/08/2009 التحرير
حجم الخط:
تعليمية
قال عنه الخطيب البغدادي: "كان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل وحسن الطريقة واستقامة المذهب، وعزوف النفس وإسقاط الفضول.."


و قال عنه الإمام الحافظ إبراهيم الحربي: "قد رأيت رجالات الدنيا، ولم أر مثل ثلاثة: رأيت أحمد بن حنبل وتعجز النساء أن تلد مثله.. ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قدمه مملوءا عقلا، ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام كأنه جبل نفخ فيه علم". وقال أيضا: "ما أخرجت بغداد أتم عقلا ولا أحفظ للسانه من بشر بن الحارث، كان في كل شعره عقل.. ووطىء الناس عقبه خمسين سنة، ما عرف له غيبة لمسلم.. لو قسم عقله على أهل بغداد صاروا عقلاء، وما نقص من عقله شيء!"..
قصة توبته: عن أبي حفص عمر بن عبد الله الواعظ قال: كان بشر بن الحارث شاطرا يجرح بالحديد (أي لصا.. يعتدي على الناس ليأخذ ما عندهم).. وكان سبب توبته أنه وجد قرطاسا في الحمام فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.. فعظم ذلك عليه، ورفع طرفه إلى السماء، وقال: "سيدي! اسمك ها هنا ملقى؟! فرفعه من الأرض، وأزال عنه الأوساخ التي كانت عليه.. وأتى عطارا، فاشترى قارورة، بدرهم لم يكن معه سواه.. ولطخ القرطاس بالعطر، وأدخله في شق حائط، وانصرف إلى زجاج كان يجالسه.. فقال له الزجاج: والله يا أخي لقد رأيت لك في هذه الليلة رؤيا ما رأيت أحسن منها، ولست أقول لك حتى تحدثني ما فعلت في هذه الأيام فيما بينك وبين الله تعالى!.. فقال ما فعلت شيئا أعلمه غير أني اجتزت اليوم بحمام (فذكر القصة).. فقال الزجاج: "رأيت كأن قائلا يقول لي في المنام، قل لبشر ترفع اسما لنا من الأرض إجلالا أن يداس؟؟.. لننوهن باسمك في الدنيا والآخرة." (أي لنرفعن ذكرك الحسن بين الناس).. فتاب رحمه الله.. واشتهر بعبادته بين الناس.. حتى أن جنازته كانت شيئا عجيبا لم ير مثله في بغداد.. فقد أخرجت بعد صلاة الصبح، ولم تصل إلى المقبرة إلا في الليل.. وكان اليوم صيفا والنهار فيه طول.. وسمع الإمامان "أبو نصر التمار" و"علي بن المديني"، يصيحان في الجنازة: "هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة!!".




سبحان الله

بارك الله فيك

على هذه العبر والافادة الطيبة من استاذة طيبة




سبحان الله

بارك الله فيك

شكرا لك ماما غاية الهدى على الموضوع تقبلي مروري و تحيتي.




ممتنة أنا لتواجدكم على صفحتي و لردكم الكريم

أمدكم الله بالصحة والعافية وقواكم بالعلم والإيمان

مزيدا من العطاء …مزيدا من المنفعة تحيــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــاتي

تعليمية




بوركت أختاااااااااااااااااااااا اااااااااه تعليمية




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

السيدة راحيل ومقتطفات من سيرتها

عندما بلغ سيدنا يعقوب سن الزواج، أشار عليه أبواه أن يتوجه الى خاله (لابان) فى أرض (حران) بالعراق ويخطب إحدى ابنتيه، فقد آمنتا بدين إبراهيم عليه السلام. فانطلق يعقوب عليه السلام إلى مسقط رأسه فى بلاد المقدس وتوجه نحو العراق، ولما قدم يعقوب على خاله فى أرض حران، وجد له إبنتان وهما: (ليا) وهى الكبرى، و("راحيل") وهى الصغرى.

وكانت ("راحيل") قد أوتيت حظا من الذكاء والصفاء والنقاء، وكانت تفوق أختها (ليا) فى الحسن فتقدم يعقوب عليه السلام – الى خاله وخطب منه ابنته "راحيل" وسأله خاله :

هل من مال أزوجك عليه إبنتى "راحيل"؟!.فقال يعقوب: لا يا خالي إننى غريب هنا كما تعلم ولكنى مستعد بما تطلب منى. وتابع قائلا: يا خالى إن شئت أن تأخذنى أجيرا حتى تستوفى صداق إبنتك ("راحيل") فأنا على إستعداد لذلك. وعندئذ قال له خاله وقد ظهرت عليه امارات الرضا: قبلت، وأن صداق "راحيل" أن تأجرنى 7 سنين. فقال يعقوب: قبلت، فزوجنى "راحيل" وهى شرطى، ولك أن أخدمك 7 حجج….وأجاب لابان يعقوب على شرطه. عندئذ قال يعقوب: ذلك بينى وبينك.

وأخذ يرعى يعقوب لخاله سبعة أعوام كوامل، فلما وفى لخاله شرطه الذى اتفقا عليه، صنع خاله لابان طعاما من أجل الزفاف وجمع الناس عليه. وأقبل ليل ذلك اليوم، ودخل يعقوب خيمته، فالفى فيها زوجة، فلما تنفس الصبح، وأشرقت الأرض بنور ربها، وجد أن خاله قد زوجه ابنته الكبرى (ليا)، بينما كان الشرط بينهما ان يزوجه صغراهما "راحيل".

فقال يعقوب: لا حول ولا قوة الا بالله. وجاء لخاله لابان غاضبا فقال له: لقد غدرت بى، ولقد غدرتنى وخدعتنى واستحللت فعلى سبع سنين، وليست على غير امرأتى، وانما خطبت اليك "راحيل"، ولم اخطب ليا…..أليس كذلك؟!فقال خاله: رويدك يا إبن أختى، فأنا لم أخدعك، إنه ليس من عادتنا فى هذه البلاد أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، وهل تريد أن تدخل على خالك العار والسبة بهذه الفعلة؟قال يعقوب: معاذ الله…فقال خاله: إن أحببت "راحيل" أن تكون زوجة لك فاعمل لى 7 أعوام أخرى.

وإنقضت سبع سنين، ولد ليعقوب خلالها بضعة أولاد من زوجه "ليان"، وجاء اليوم الذى ينتظره يعقوب ورأى ليلة تحقيق حلمه ليقترن بتلك المرأة التى ستكون أم نبى ورسول كريم وزوج نبى ورسول كريم.

وزفت إليه "راحيل" وكان اذ ذاك سائغا وجائزا فى ملتهم زواج الأختين على ما يبدو، ثم نسخ ذلك فيما بعد فى شريعة التوراة. ولبعض المفسرين رأى وهو أنه لما توفيت "ليا"، تزوج يعقوب "راحيل".

وهب (لابان) لكل واحدة من ابنتيه جاريه، فوهب الى ابنته الكبرى "ليا" جارية اسمها (زلفى)، ووهب للصغرى "راحيل" جارية إسمها (بلهى). ولم تنجب "راحيل"فى بداية زواجها من يعقوب، وتأخر عليها الولد، ورأت أن اختها "ليا" قد أنجبت أربعة أولاد، وكات الغيرة تلعب بها عندما نذرت أن تهب لزوجها يعقوب جاريتها (بلهى)، ويبدو ان "ليا" قد وهبت له جاريتها (زلفى) منافسة لاختها ("راحيل")، وولدت كل واحدة من الجاريتين ليعقوب.

ولما رأت "راحيل" ان أختها "ليا" والجاريتين (زلفى) و(بلهى) قد ولدت لزوجها يعقوب ولم تلد هى، توجهت الى الله بجوارحها وقلبها، ودعته أن يهب لها غلاما زكيا من يعقوب. وإستجاب الله عز وجل دعاء "راحيل" وأجاب نداءها، ورحم ضعفها، وأكرمها، فحملت من نبى الله يعقوب، ثم ولد له غلاما عظيما شريفا حسنا جميلا مخلصا سمته يوسف، وكان يوسف عليه السلام أشب الناس بجدته لأبيه سارة زوج إبراهيم عليه السلام، ولذا فقد كان أحب أبناء يعقوب الى قلبه.

كان ليعقوب عليه السلام – اثنا عشر ولدا من أربع أزواج، وهم على النحو التالى:

أول زوجاته "ليا" وقد رزق منها: روبيل، شمعون، لاوى، يهودا، ايساخر، زابلون. والثانية "راحيل"ٍ وقد رزق منها: يوسف، بنيامين. الثالثة (بلهى) وقد رزق منها: دان، نفتالى. الرابعة (زلفى) وقد رزق منها: جاد، اشير.

وقد خص الله عز وجل يوسف عليه السلام بالنبوة من بين أولاد يعقوب – عليه السلام – ((ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات …)) – غافر. أما قول الله سبحانه: ((إنا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوصينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط…)).

اللأسباط هنا ليس المراد بها أنهم أولاد يعقوب الإثنا عشر، بل المراد هنا حفدته وذرارى ابنائه. والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب، وهم يرجعون الى أب واحد، وقد أصبح كل واحد من أبناء يعقوب أبا لسبط من أسباط بنى اسرائيل، فجميع بنى اسرائيل وجدوا وتناسلوا من أولاد يعقوب الإثنى عشر. فالمقصود أنه قد ظهرت فى هذه الأسباط النبوة.

سبط لاوى فيه "موسى وهارون والياس واليسع".سبط يودت فيه " دلون وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى".سبط بنيامين فيه "يونس" عليه السلام.

ولكن اخوة يوسف ليسوا أنبياء كيوسف وأبيهم يعقوب، لأنهم إذا كانوا أنبياء ما قدموا على الإفتراء والكذب، وما ألقا يوسف فى الجباء، وما أقدموا على القتل والسعى بالإفساد، كل ذلك من الكبائر التى تنافى عصمة الانبياء.

قصة "راحيل" مع الاصنام:

ظلت "راحيل" مع زوجها يعقوب قرابة عشرين سنة وهم مقيمون فى أرض العراق، وكانت "راحيل" تؤمن بالله عز وجل وتعبده مع زوجها يعقوب، وكانت فكرة الأصنام منتشره فى بلاد أبيها، وودت لو إستطاعت تحطيم جميع تلك الاصنام التى أضلت كثيرا من الناس، وجرتهم الى طريق الغواية، وأبعدتهم عن طريق الرشاد.

أوحى الله عز وجل الى يعقوب أن يرجع الى بلاد أبيه وقومه فى بلاد المقدس ويترك أرض حران فى العراق. وهمس يعقوب الى أهله وأولاده بما أوصاه ربه، فامتثل جميعهم لأمره، وأجابوه مبادرين الى طاعته، وفى مقدمتهم "راحيل". عندئذ حمل يعقوب أهله وماله وإنطلق نحو بلاد أبيه، بينما أخذت "راحيل" أصنام ابيها إلى مكان بعيد لتلقى بهم فى أحد الأنهار، ولم يشعر أحد بما صنعت "راحيل".

وجاء يعقوب الى أبيه اسحاق _ عليهما السلام – فأقام عنده فى قرية (حيرون) فى أرض كنعان، حيث كان يسكن ابراهيم عليه السلام وهى مدينة الخليل – وهناك فى أرض حجرون حملت "راحيل" فولدت غلاما هو بنيامين وهو شقيق يوسف عليه السلام. وكان يوسف واخوه احب الى يعقوب من سائر إخوته.

"راحيل" ورؤيا يوسف:

قص يوسف على أبيه ما رآه فى الرؤيا وقال ((إذ قال يوسف لأبيه يا أبت……)). كان فى نبرات يوسف لهجة مميزة جعلت يعقوب يضمه الى صدره ويحتويه فى حضنه كانما يحميه من خطر يوشك أن ينقض عليه، اذ لاحظ فى إخوته الاحد عشر كراهية ليوسف، بيد أن يوسف لم يكن يعرف شيئا عن هذا، وانما أخبر والده بالرؤيا لأنه علم بالهام ربانى أو بتعليم سابق من أبيه ان للرؤيا تعبيرا … وعلم ان الكواكب والشمس والقمر كناية عن مخلوقات شريفة، وأن المخلوقات الشريفة كناية عن عظم شأنه وعلو مكانته وسمو كرامته.

قال ابن حبان رحمه الله فى تفسيرهSadفهم يعقوب من رؤيا يوسف عليهما السلام أن الله تعالى يبلغه مبلغا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين، فخاف عليه من حسد إخوته، فنهاه أن يقص رؤياه عليهم). ولما علمت "راحيل" عن أمر رؤيا يوسف بعد أن أخبرها يعقوب بالرؤيا وتأويلها، أشفقت ايضا على ابنها وزاد قلقها عليه.

حذر يعقوب يوسف من أن يقص رؤياه على إخوته مع أن هذا التحذير قد يثير فى نفسه كراهة لإخوته، لأنه وثق بكمال عقله وصفاء سريرته ومكارم خلقه. وبعدها شرع يعقوب فى تعبيرها وتأويلها على وجه مفاده:

(يا بنى، إنه كما سخر الله لك تلك الكواكب العظيمة مع الشمس والقمر ساجدة لك، كذلك يختارك سبحانه ويصطفيك لنبوته، ويعلمك من تأويل الاحاديث، ويتم نعمته بإرسالك، ولهذا قال له: ((كما أتمها على أبويك من قبل ابراهيم واسحاق* إن ربك عليم حكيم). وهو أعلم حيث يجعل رسالته، ويعطيها لمن يستحقها بحكمته سبحانه.

(ورفع ابوية على العرش):

ومرت الأحداث بيوسف عليه السلام وقد وردت مفصله فى سورة (يوسف)، وجاء تحقيق رؤياه وسجود أمه وأبيه وإخوته حينما أصبح عزيز مصر، وذلك بعد سنوات تزيد على الثلاثين عاما، وتقترب من الأربعين على أصح الأقوال. وخلال تلك الفترة الطويلة، كان يعقوب يقاسى الفراق والحزن على ولده يوسف، ثم لما أن جاءه الخبر بفقد إبنه الآخر بنيامين شقيق يوسف بل واسترقاقه، وكان عينا يعقوب قد ابيضت من الحزن وهو كظيم. وظل قلبه موصولا بالله، وصبر صبرا جميلا، وكان الرجاء والأمل معقودان فى قمة صبرى، وسقط شعاع من الرجاء الى قلب يعقوب يبشره برحمة الله.

هذا هو موقف يعقوب عليه السلام من شدة الحزن، فما نتصور أن يكون موقف "راحيل" أم يوسف وأم بنيامين الذى فقد فيما بعد؟!.

واما السجود ليوسف عليه السلام فقد كان هذا سائغا فى شريعتهم.

مع الصابرات الخالدات:

لعل "راحيل" واحدة من نساء الانبياء اللاتى سجل التاريخ مواقفها العطرة فى مجالات خيرة متعدة، فقد كانت خير امرأة فى كل موقف، كانت مثال الزوجة الوفية، ومثال الأم العطوف، ومثال العابدة الشاكرة والصابرة المؤمنة. ويبدو أن شهرتها إنطلقت من شهرة ابنها يوسف عليه السلام ولما حدث له وأحدث من قصة شائعة عظيمة. كانت "راحيل" خلال احداثها مسلمة مستسلمه لقضاء الله مع زوجها يعقوب، بل وابنها يوسف.

وأصبحت "راحيل" أم ملك….أعظم ملوك الأرض، ولكنها لم تنس أنها زوج نبى وأم نبى، وظلت شاكرة عابدة لما أنعم الله عليها وعلى زوجها وابنها من فضل، وجمع شملهم بعد مدة طويلة، بل ويأس من الاجتماع، ورأت حسن عاقبة الصبر فى الدنيا، وما اعد الله لها من اكرام فى ولدها الذى اختصه الله عزل وجل بالنبوة.

وللإمام الرازى – رحمه الله – كلام جميل حول العناية الالهية التى إكتنفت "راحيل" وزوجها وإخوة يوسف، حيث يقول فى تفسير قوله تعالى: ((إن ربى لطيف لما يشاء))…..أى أن حصول الإجتماع بين يوسف وأبويه – يعقوب و"راحيل" – وإخوته مع الالفة والمحبة، وفراغ البال، كان فى غاية البعد عن العقول إلا أنه تعالى لطيف، فاذا قضى وأراد شيئا سهل عليه فحصل وإن كان فى غاية البعد على الحصول.

وتابعت "راحيل" حياتها فى كنف ولدها يوسف الى ان لقيت ربها وهى راضية مرضيه. وأشارت بعض المصادر بأن "راحيل" قد توفيت فى فلسطين، فربما رجعت "راحيل" من مصر الى فلسطين وتوفيت هناك وهذا محتمل.




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكي استاذتنا

موضوع قيمه وبه فائدة

جزاك الله خيرا




أحسن القصص قصص الأنبياء و الرسل و الصالحين و الصالحات
بارك الله فيك أختي




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمزة بل العزيز تعليمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكي استاذتنا

موضوع قيمه وبه فائدة

جزاك الله خيرا


وفيك بارك المولى أسعدني مرورك وردك الطيب

تحياتي….




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة noujoud تعليمية
أحسن القصص قصص الأنبياء و الرسل و الصالحين و الصالحات
بارك الله فيك أختي


وفيك بارك الرحمن

فعلا أحسن القصص ، قصص السلف الصالح فيه الموعظة والعبر

تسلمي بنيتي




تعليمية تعليمية

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الانبياء المرسلين .

لك كل الشكر والامتنان اختنا غاية الهدى والله اشتقت بشكل خاص الى مواضيعك المثرية والقيمة فبدون مجاملة او اي شيء من هذا القبيل احب واعتدت على مسايرة مواضيعك فهي في غاية الروعة الله يجازيك ويجعل اعمالك الصالحة في ميزان حسناتك بأنتظار موضوع اخر لك .
السلام عليكم


تعليمية تعليمية




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه:


أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ابن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي أبو حفص. أمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وقالت طائفة في أم عمر: حنتمة بنت هشام بن المغيرة. ومن قال ذلك فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، والحارث بن هشام بن المغيرة وليس كذلك، وإنما هي ابنة عمهما، فإن هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة أم عمر وهشام والد الحارث وأبي جهل وهاشم بن المغيرة هذا جد عمر لأمه كان يقال له ذو الرمحين.

ولد عمر رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة. وروى أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: سمعت عمر يقول: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين.

قال الزبير: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشراف قريش وإليه كانت السفارة في الجاهلية وذلك أن قريشاً كانت إذا وقعت بينهم حرب وبين غيرهم بعثوا سفيراً. وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر رضوا به و بعثوه منافراً ومفاخراً.

ذكر صفته رضي الله عنه:

كان رضي الله عنه ضخم الجسم ، بعيد ما بين المنكبين ، وكان رضي الله عنه قوي الجسم والبنية ،وكان يسرع في مشيته، وكان في رجليه روح1.
وكان ابيض امهق تعلوه حمرة طوالا اصلع اجلح شديد حمرة العين في عارضه خفة وقال وهب صفته في التوارة قرن من حديد أمير شديد.

ذكر أولاده:

كان له من الولد عبد الله وعبد الرحمن وحفصة أمهم زينب بنت مظعون ، وزيد الأكبر ورقية أمهما أم كلثوم بنت علي ، وزيد الأصغر وعبيد الله أمهما أم كلثوم بنت جرول ، وعاصم أمه جميلة ، وعبد الرحمن الأوسط أمه لهية أم ولد ، وعبد الرحمن الأصغر أمه أم ولد وفاطمة أمها أم حكيم بنت الحارث ، وعياض أمه عاتكة بنت زيد وزينب أمها فكيهة أم ولد.

إسلامه:

ذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى إسلام عمر رضي الله عنه بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة والتي كانت في شهر رجب من السنة الخامسة للبعثة2

وكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة في شهر رجب. وكانت بسبب اشتداد إيذاء قريش للمؤمنين، وعدم قدرة النبيّ صلى الله عليه وسلم على دفع الأذى عنهم، وأمره صلى الله عليه وسلم لهم بالهجرة إليها لأن بها ملكاً لا يظلم أحد عنده. وكان عدد المهاجرين فيها اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، ثم عاد هؤلاء المهاجرون بعد أن أشيع أن قريشاً أسلمت وذلك في شهر شوال من السنة نفسها، ثم أذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لهم ولغيرهم بالهجرة إلى الحبشة مرة ثانية بعد أن تبين لهم كذب ما أشيع من إسلام قريش. وكان عدد المهاجرين في الهجرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلاً وثمان عشرة امرأة
وثبت في الصحيح3 أن ابن عمر رضي الله عنهما شهد ما تعرض له عمر رضي الله عنه من ضرب قريش له لما أسلم وعقل ذلك، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ولد بعد البعثة بسنتين لأن عمره كان يوم غزوة أحد أربعة عشر عاماً3، وكانت أحد بعد البعثة بستة عشر عاماً، فإذا كان إسلام عمر رضي الله عنه في السنة الخامسة من البعثة يكون عمرُ ابن عمر ثلاث سنوات وهو سن لا يعقل فيه الطفل غالباً

والذي أرى أنه أقرب للصواب أن يكون إسلام عمر في السنة السادسة أو السابعة4.
أما تحديد اليوم والوقت الذي أسلم فيه، فروي أنه كان يوم الثلاثاء.
وقيل يوم الخميس، وقيل يوم الجمعة، وقيل إن إسلامه كان بعد صلاة المغرب

أما كيفية إسلامه رضي الله عنه فقد وردت فيها نصوص عديدة مختلفة من طرق ضعيفة وهي بمجموعها تفيد أن إسلام عمر رضي الله عنه كان بسبب سماعه القرآن وتأثره به وهاته روايتين منها :

الرواية الأولى:

روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، فقرأ: {إِنَّه لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِشَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} ، فقلت:كاهن، فقال: {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} ( الحاقة 40 -47 ) إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع5.

الرواية الثانية :

قال عمر: كنت للإسلام مباعداً، وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأسر بها، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة
عند دور آل عمر بن عبد الله بن عمران المخزومي، قال: فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك، فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحداً، فقلت: لو أني جئت فلاناً الخمار وكان بمكة يبيع الخمر، لعلي أجد عنده خمراً فأشرب منها، فخرجت فجئته فلم أجده فقلت: لو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعاً أو سبعين، فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام، وكان مصلاه بين الركنين: الركن الأسود، والركن اليماني، فقلت حين رأيته: والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول، فقلت: لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه، فجئت من قبل الحجر،

فدخلت تحت ثيابها فجعلت أمشي رويداً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي، فبكيت، ودخلني الإسلام، فلم أزل قائماً في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، ثم انصرف، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن حسين، وكانت طريقه حتى يجزع المسعى ثم يسلك بين دار عباس بن عبد المطلب، وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري، ثم على دار الأخنس بن شريق حتى يدخل بيته، وكان مسكنه في الدار الرقطاء التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان، قال عمر: فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار أزهر أدركته، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تتبعته لأوذيه، فنهمني، ثم قال: (ما جاء بك يابن الخطاب هذه الساعة ؟) قلت: جئت لأومن بالله ورسوله، وبما جاء من عند الله، فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: (هداك الله يا عمر)، ثم مسح صدري، ودعا لي بالثبات، ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته6 .

هجرته رضي الله عنه


أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله الدقاق إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني بالبصرة، حدثنا الزبير بن محمد بن خالد العثماني بمصر سنة خمس وستين ومائتين، حدثنا عبد الله بن القاسم الأبلي، عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس قال: قال لي علي بن أبي طالب: ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه.
أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل: قلنا: الميعاد بيننا " التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه. فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن. وقدمنا المدينة.
قال ابن إسحاق: نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله ابنا سراقة، وحنيس بن حذافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، وعياش بن أبي ربيعة، وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف.
أنبأنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن احمد، حدثني أبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر. ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكباً، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو على أثري. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه.
شهوده رضي الله عنه بدراً وغيرها من المشاهد:
شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، وأحداً، والخندق وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنيناً، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار. وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال: " يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني " . فتركه، وأرسل عثمان.
أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير عن ابن إسحاق – في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر – قال: وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين على واد يقال: " ذفران " ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعضه نزل. وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال أبو بكر فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن. وذكر تمام الخبر.
وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر، والقصة مشهورة.
وقال ابن إسحاق وغيره من أهل السير، ممن شهد بدراً من بني عدي بن كعب: عمر بن الخطاب بن نفيل، لم يختلفوا فيه.
وشهد أيضاً أحداً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ذكر جملة من مناقبه وفضائله:

قال أهل العلم لما أسلم عمر عز الإسلام وهاجر جهرا وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها وهو أول خليفة دعي بأمير المؤمنين وأول من كتب التاريخ للمسلمين وأول من جمع القرآن في المصحف وأول من جمع الناس على صلاة التراويح وأول من عس في عمله وحمل الدرة وأدب بها وفتح الفتوح ووضع الخراج ومصر الأمصار واستقضى القضاة ودون الديوان وفرض الأعطية وحج بأزواج رسول الله في آخر حجة حجها.

عن عائشة عن النبي. صلى الله عليه وسلم قال: (قد كان في الأمم محدثون فان يكن في أمتي فعمر) حديث متفق عليه7.
وعن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر: (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك) أخرجه االشيخان في الصحيحين8.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة) .
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشد أمتي في أمر الله عمر) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي بعض نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها عمر فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا يفري فرية حتى ضرب الناس بعطن) حديث متفق على صحته.
وعنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث فقال: (بينما أنا نائم أتيت بقدح فشربت منه حتى اني أرى الري يخرج من أطرافي ثم أعطيت فضلي عمر فقالوا فما أولت ذلك يا رسول الله قال العلم) وهذا متفق على صحته9.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال النبي (رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبِي طلحة وسَمِعتُ خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت: لِمَن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك) فقال: عمر (بأبِي وأمي يا رسول الله أعليك أغار). رواه البخاري (3679).

وعن مُحَمَّد بن سعد بن أبِي وقَّاص عن أبيه قال: استأذن عمر بن الْخَطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتُهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الْخَطاب قمن فبادرن الْحِجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال: عمر أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبت من هؤلاء اللاتي كنَّ عندي، فلمَّا سَمِعن صوتك ابتدرن الْحِجاب)، فقال عمر: (فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله)، ثُمَّ قال عمر: (يا عدوَّات أنفسهن، أتَهَبنني ولا تَهَبْن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فقلن : نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله ( إيهاً يا ابن الْخَطاب! والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا قط إلا سلك فجًّا غيْر فجّك)). أخرجه البخاري حديث (3683).

وعن ابن أبِي مليكة أنه سَمِع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعنِي إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي بن أبِي طالب فترحَّم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحبّ إلَي أن ألقى الله بِمِثل عمله منك، وأيْمُ الله إن كنت لأظن أن يَجْعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أنِّي كثيرًا أسْمَع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:( ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر). أخرجه البخاري حديث (3685).

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(اللهم أعزَّ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك بأبِي جهل أو بعمر ابن الْخَطاب)، قال: فكان أحبهما إليه عمر بن الْخَطاب. أخرجه الإمام أحْمَد فِي الْمُسند (2/95)، وفِي فضائل الصَّحابة بنفس الإسناد برقم (312)، وإسناده حسن.

وقال ابن عمر:ما نزل بالنَّاس أمرٌ قطّ فقالوا فيه وقال فيه ابن الخطاب أو قال عمر إلاَّ نزل القرآن على نَحْو مِمَّا قال عمر. أخرجه الإمام أحْمَد فِي فضائل الصَّحابة برقم (314)، وأخرجه الترمذي (5/618) من طريق أبِي عامر، وإسناده حسن.

وعن أبِي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:(جُعِلَ الْحَق على لسان عمر وقلبه). أخرجه الإمام أحْمَد فِي الْمُسند (2/401)، وفي فضائل الصَّحابة برقم (315)، وإسناده حسن.
عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبوبكر وعمر سيِّدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، ما خلا النبيين والمرسلين). حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد وغيره

عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة). حديث صحيح رواه الإمام أحمد وغيره.

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر وزيري يقوم مقامي وعمر ينطق على لساني، وأنا من عثمان وعثمان مني، كأني بك يا أبا بكر تشفع لأمتي). أخرجه ابن النجار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر وعمر خير أهل السموات والأرض، وخير من بقي إلى يوم القيامة). أخرجه الديلمي في مسند الفردوس

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة). أخرجه أبو نعيم في فضائل الصحابة وغيره.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين، فأما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهذه التي يوزن بها فوُضِعتُ في كفَّة ووضعت أمتي في كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جيء بأبي بكر فوزن، فوزن بهم، ثم جيء بعمر فوزن، فوزن بهم، ثم جيء بعثمان فوزن، فوزن بهم، ثم رفعت). أخرجه الإمام أحمد.

عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إلى عمر وتبسَّم إليه، فقال: (يا ابن الخطاب أتدري بما تبسمت إليك؟) قال: الله ورسوله أعلم. قال: (إن الله عزوجل باهى بأهل عرفة، وباهى بك خاصة). أخرجه الطبراني.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أبغض عمر فقد أبغضني، ومن أحب عمر فقد أحبني، وإن الله باهى بالناس عشية عرفة عامة، وباهى بعمر خاصة، وإنه لم يبعث الله نبيا إلا كان في أمته محدَّث، وإن يكن في أمتي منهم أحد فهوعمر). قالوا: يا رسول الله كيف يحدَّث؟ قال: (تتكلم الملائكة على لسانه). أخرجه الطبراني.

وذكر سيف بن عمر عن عبيدة بن معتب عن إبراهيم النخعي. قال: أول من ولى شيئاً من أمور المسلمين عمر بن الخطاب، ولاه أبو بكر القضاء فكان أول قاض في الإسلام وقال: اقض بين الناس، فإني في شغل وأمر ابن مسعود بعس المدينة

زهده وتواضعه رضي الله عنه:

ومن صفات عمر رضي الله عنه الدالة على عزمه وقوة إرادته إضافة إلى قوة دينه وإيمانه الزهد في الدنيا وزينتها، والرغبة فيما عند الله، ومن الآثار الدالة على زهده في الدنيا ما ذكره رضي الله عنه عن نفسه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالاً، فقلت: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذه فتموله 10 ، وتصدق به، فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، ومالا فلا تتبعه نفسك).
عن الحسن قال: خطب عمر الناس وهو خليفة وعليه إزار فيه ثنتا عشرة رقعة وعن أنس قال كان بين كتفي عمر ثلاث رقاع.
وعن مصعب بن سعد قال قالت حفصة لعمر يا أمير المؤمنين اكتسيت ثوبا هو ألين من ثوبك وأكلت طعاما هو أطيب من طعامك فقد وسع الله من الرزق وأكثر من الخير فقال اني سأخاصمك إلى نفسك أما تذكرين ما كان رسول الله. صلى الله عل العيش وكذلك أبو بكر فما زال يذكرها حتى أبكاها فقال لها أما والله لأشاركنهما في مثل عيشهما الشديد لعلي أدرك عيشهما الرخي رواه أحمد 11 .

أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر بن المزرقي، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال طلحة بن عبيد الله: ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاماً ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.
قال: وأنبأنا أبي، حدثنا أبو علي القرئ كتابة – وحدثني أبو مسعود الأصبهاني عنه – أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد بن جرير، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: قال سعد بن أبي وقاص: والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا؛ كان أزهدنا في الدنيا.

أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي، أنبأنا أبي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد أبو القاسم، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا داود بن عمرو، أنبأنا ابن أبي غنية، هو يحيى بن عبد الملك، حدثنا سلامة بن صبيح التميمي قال: قال الأحنف: كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر – قال: علي الرجل. فألقى إليه المخفقة وقال: امتثل. فقال: لا والله، ولكن أدعها لله ولك. قال: ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك. قال: أدعها لله. قال: فانصرف. ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض.
قال: وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن بن مليكة قال: بينما عمر قد وضع بين يديه طعاماً إذ جاء الغلام فقال: هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له. فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه: خبز وزيت. قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا. قال: فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه. قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحواري؟ قال: ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا والله. قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيباً في حياتي الدنيا وأستمتع؟.

وروى زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئاً من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئاً من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل عليّ. فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة – قال: فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة – قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئاً من دقيق وشيئاً من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر – قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين! قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي.

خلافته رضي الله عنه وسيرته

قال حمزة بن عمرو توفي أبو بكر مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة فاستقبل عمر بخلافته يوم الثلاثاء صبيحة موت أبو بكر.
عن جامع بن شداد عن أبيه قال كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر إن قال اللهم اني شديد فليني وأني ضعيف فقوني وإني بخيل فسخني.

أنبأنا محمد بن محمد بن سرايا وغير واحد بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله، حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً، فلم أر عبقرياً يفري فريه، حتى روي النس، وضربوا بعطن ) .
وهذا لما فتح الله على عمر من البلاد، وحمل من الأموال، وما غنمه المسلمون من الكفار.
وقد ورد في حديث آخر: ( وإن وليتموها – يعني الخلافة – تجدوه قوياً في الدنيا، قوياً في أمر الله).
قال أحمد بن عثمان: أنبأنا أبو مسعود سليمان، أنبأنا أبو بكر بن مردويه الحافظ قال: حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا أبو صالح الفراء، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء – أو: عن زيد بن وهب – أن سويد بن غفلة الجعفي دخل على علي بن أبي طالب في إمارته فقال: يا أمير المؤمنين، إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعر بغير الذي هم أهل له من الإسلام. وذكر الحديث، قال: فلما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال: (مروا أبا بكر أن يصلي بالناس)، وهو يرى مكاني، فصلى بالناس سبعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض الله نبيه ارتد الناس عن الإسلام، فقالوا: نصلي ولا نعطى الزكاة، فرضي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أبو بكر منفرداً برأيه، فرجح برأيه رأيهم جميعاً، وقال: ( والله لو منعوني عقالاً ما فرض الله ورسوله لجاهدتهم عليه، كما أجاهدهم على الصلاة ) . فأعطى المسلمون البيعة طائعين، فكان أول من سبق في ذلك من ولد عبد المطلب أنا، فمضى رحمة الله عليه وترك الدنيا وهي مقبلة، فخرج منها سليماً، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ننكر من أمره شيئاً، حتى حضرته الوفاة، فرأى أن عمر أقوى عليها، ولو كانت محاباة لآثر بها ولده، واستشار المسلمين في ذلك، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، وقالوا: أتؤمر علينا من كان عناناً وأنت حي؟ فماذا تقول لربك إذا قدمت عليه؟ قال: أقول لربي إذا قدمت عليه: إلهي أمرت عليهم خير أهلك " فأمر علينا عمر، فقام فينا بأمر صاحبيه، لا ننكر منه شيئاً، نعرف فيه الزيادة كل يوم في الدين والدنيا، فتح الله به الأرضين، ومصر به الأمصار، لا تأخذه في الله لومة لائم، البعيد والقريب سواء في العدل والحق، وضرب الله بالحق على لسانه وقلبه، حتى إن كنا لنظن أن السكينة تنطق على لسانه، وأن ملكاً بين عينيه يسدده ويوفقه..
قال: وأنبأنا ابن مردويه، حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن القاسم البزار، حدثنا يحيى بن مسعود، حدثني عبد الله بن محمد بن أيوب، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب قال: إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقاً بعيداً، وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة.

قال عمر رضي الله عنه لأصحابه: "أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟" قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: أنا أحفظ كما قال، قال: هات، إنك لجريء، قال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله، وماله، وجاره تكفرها الصلاة والصدقة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، قال عمر: ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: يا أمير المؤمنين، لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال يفتح الباب أو يكسر؟ قال: لا، بل يكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يغلق، قال الصحابة رضوان الله عليهم: قلنا علم عمر الباب؟ قال حذيفة: نعم، كما أن دون غداً الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط12.
ففي هذا الحديث إخبار بعدم وقوع الفتن في عهد عمر رضي الله عنه. فقد مثل حياة عمر بباب لحائط الفتنة وراءه ومثل موته رضي الله عنه بكسر هذا الباب وأنه إذا مات فإن الباب سوف لن يغلق، لأنه كسر كسراً ولم يفتح. وهو إشارة إلى أن الفتن سوف تظهر بعد موته ولن يكون لها مانع أو راد. وقد بدأت الفتنة بعد خلافته قبل مقتل عثمان رضي الله عنه ثم تتابعت الفتن، وظهرت الأهواء والبدع في الأمة الإسلامية13.

ومن أقوال الصحابة رضوان الله عليهم في فضل خلافة عمر رضي الله عنه: قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن عمر كان للإسلام حصناً حصيناً يدخل فيه الإسلام ولا يخرج منه، فلما قتل عمر انثلم الحصن، فالإسلام يخرج منه، ولا يدخل فيه.
وقال رضي الله عنه: إن إسلام عمر كان نصراً، وإن إمرته كانت فتحاً.
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ما كان الإسلام في زمان عمر إلا كالرجل المقبل ما يزداد إلا قرباً، فلما قتل عمر كان كالرجل المدبر ما يزداد إلا بعداً.

أول من لقب أمير المؤمنين

ومن ألقابه رضي الله عنه بعد الخلافة (أمير المؤمنين) وهو أول من لقب بهذا اللقب وسبب ذلك أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عامله بالعراق: أن ابعث إليّ برجلين جلدين، نبيلين، أسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه صاحب العوعدي بن حاتم، فقدما المدينة فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد، فوجدا عمرو بن العاص رضي الله عنه، فقالا له: استأذن لنا على أمير المؤمنين عمر، فوثب عمرو، فدخل على عمر، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له عمر: ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص؟ لتخرجن مما قلت. قال: نعم، قدم لبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم فقالا لي: استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقلت: أنتما والله أصبتما اسمه إنه الأمير ونحن المؤمنون. فجرى الكتاب من ذلك اليوم14.

ذكر وفاته رضي الله عنه:

عن عمرو بن ميمون، قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفّين قال: استووا حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الْكَلْبُ، حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمرّ على أحد يميناً ولا شمالً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرنساَ فلما ظنَّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه.
وتناول عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه. فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فانهم لا يدرون غير انهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة قال الصَّنَعُ؟ قال: نعم. قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم وحجوا حجكم.
فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكان الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا باس وقال يقول أخاف عليه فأتى بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي لبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه وجاء رجل شاب
فقال ابشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي.
فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال ردوا علي الغلام قال ابن أخي ارفع ثوبك فانه أبقى لثوبك وأتقى لربك.
يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه قال إن وفى له مال آل عمر فاده من أموالهم وآلا فسل في بني عدي بن كعب فان لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذا المال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أيريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي.
فلما أقبل قيل هذا عبد الله بن عمر قد جاء قال ارفعوني فاسنده رجل إليه فقال ما لديك قال الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت قال الحمد لله ما كان منه شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب فان أذنت لي فأدخلوني وان ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين.
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فلما قبض خرجنا به فانطلقنا به فسلم عبد الله بن عمر وقال يستأذن عمر قالت ادخلوه فادخل فوضع هنالك مع صاحبيه انفرد بإخراجه البخاري15.
وعن عثمان بن عفان قال أنا آخركم عهدا بعمر دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله فقال له ضع خدي بالأرض قال فهل فخذي والأرض إلا سواء؟ قال ضع خدي بالأرض لا أم لك في الثانية أو الثالثة وسمعته يقول ويلي وويل أمي إن لم تغفر لي حتى فاضت نفسه.
قال سعد بن أبي وقاص طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ودفن يوم الأحد صبيحة هلال المحرم قال معاوية كان عمر ابن ثلاث وستين.

وعن الشعبي أن أبا بكر قبض وهو ابن ثلاث وستين وان عمر قبض وهو ابن ثلاث وستين.
وعن سالم بن عبد الله أن عمر قبض وهو ابن خمس وستين وقال ابن عباس كان عمر ابن ست وستين وقال قتادة ابن إحدى وستين وصلى عليه صهيب وقال سليمان بن يسار ناحت الجن على عمر رضي الله عنه.
عليك سلام من أمير وباركت … يد الله في ذاك الأديم الممزق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها … بواثق في أكمامها لم تفتق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة … ليدرك ما قدمت ألامس يسبق
ابعد قتيل بالمدينة بالمدينة أظلمت … له الأرض تهتز العضاه بأسوق
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال لما غسل عمر وكفن وحمل على سريره وقف عليه علي عليه السلام فقال والله ما على الأرض رجل أحب إلي إن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى بالثوب.
وعن عبد الله بن عبيد الله بن العباس قال كان العباس خليلا لعمر فلما أصيب عمر جعل يدعو الله أن يريه عمر في المنام قال فراه بعد حول وهو يمسح العرق عن وجهه قال ما فعلت قال هذا أوان فرغت أن كاد عرشي ليهد لولا اني لقيت رؤوفا رحيما.

المراجع

صفة الصفوة ( الامام الذهبي)


الانْـتِصار لِكتَابِ العَزيز الْجبَّار ولأصحابِ مُحَمَّد الأَخْيار على أعدائهم الأشرار (رَبِيع بن هَادي بن عُمَيْر الْمَدْخلِي)

– الغرر في فضائل عمر (جلال الدين السيوطي)

دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب (عبد السلام بن محسن آل عيسى)

أسد الغابة في معرفة الصحابة ((عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم بن محمد بن الأثير (المتوفى : 630هـ))
– الإستيعاب في معرفة الأصحاب (أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى : 463هـ) )


الهوامش

1- الرَّوَح: إتساع ما بين الفخذين، أو سعة في الرجلين، وهو دون الفحج والأروح الذي تتدانى عَقِباه، وتتباعد صدور قدميه، ابن منظور/ لسان العرب 5/364.

2 – ابن هشام/ السيرة النبوية 1/422، وقال ابن حجر رحمه الله: جعل ابن إسحاق إسلام عمر بعد هجرة الحبشة، وقد ذكر من وجه آخر أن إسلامه كان عقب هجرة الحبشة الأولى فتح الباري 7/1.
3 – البخاري 2/323.
4 – رواه البخاري/ الصحيح 2/30، وانظر: ابن حجر/ فتح الباري 7/392.

5 – وانظر: ابن كثير/ البداية والنهاية 3/79. حيث رجح رحمه الله تأخر إسلام عمر رضي الله عنه حتى السنة التاسعة من البعثة.

6 – رواه أحمد/ المسند 1/17،

7- رواه ابن هشام/ السيرة النبوية 1/427،428، قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن أصحاب عطاء ومجاهد أو عن من روى ذلك، وهذا السند رجاله ثقات ولكن فيه الشك بمن حدث ابن أبي نجيح وعطاء ومجاهد ثقتان روايتهما عن عمر مرسلة، فالسند ضعيف

8 – صحيح: أخرجه البخاري في الأنبياء الحديث 3469. ومسلم في فضائل الصحابة الحديث 3693. وأحمد في المسند الحديث 24166.
9 – صحيح: أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق الحديث 3294. ومسلم في الفضائل الحديث 2396. وأحمد في المسند الحديث 1472.

10- صحيح: أخرجه البخاري في كتاب الفضائل الحديث 3680. باب 6. مناقب عمر بن الخطاب ومسلم في الفضائل الحديث 2391. باب 2. من فضائل عمر رضي الله عنه.

11 – أنظر حلية الأولياء 1/84. رقم 116

12 – رواه البخاري / الصحيح 1/102، 249، 2/277، 4/227، مسلم / الصحيح / شرح النووي 2/170 – 175، 18/16،17، الترمذي / السنن 3/357، 358 وغيرهم.

13 – انظر: ابن حجر / فتح الباري 6/603-607.

14 – رواه البخاري/ الأدب المفرد، ص: 353 بإسناد صحيح.
قال: حدّثنا عبد الغفّار بن داود، قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب أنّ عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة لِمَ كان أبو بكر يكتب: "من أبي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ كان عمر يكتب من بعده: من عمر بن الخطاب خليفة أبي بكر. من أوّل من كتب أمير المؤمنين؟".
قال: حدّثتني جدّتي الشّفاء وكانت من المهاجرات الأوّل، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا هو دخل السّوق دخل عليها، قالت: كتب عمر… الأثر.
وصححه الشيخ الألباني/صحيح الأدب المفرد 390، ورواه ابن شبه/ تاريخ المدينة 2/244،245، ابن أبي عاصم/ الآحاد والمثاني 1/97، الطبراني/ المعجم الكبير 1/64، الحاكم/ المستدرك 3/81،82 وغيرهم.

15 – صحيح: أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة الحديث 3700. باب 8. قصة البيعة.





بارك الله فيك وسدد خطاكم الله اجمعنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومع جميع الصالحين ومع حبيبك سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
تقبل مروري
اختك هناء




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اخي ابو سليمان

وجزاك الله خير

موضوع مفيد للجميع




تعليمية




تعليمية




مشكور على الموضوع الرائع الله يعطيك العافية ننتظر جديدك
تحياتي




بارك الله فيك أخي الفاضل على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

الإمام أحمد بن حنبل إمام السنة

تعليمية تعليمية
الإمام أحمد بن حنبل…. إمام السنة

1-نسبه:

هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.


2-نشأته وتعلمه:

قدم به والده من مرو وهو حمل، فوضعته أمه ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وستين ومائة وتوفي أبوه وهو ابن ثلاث سنين فكفلته أمه، وقد كان في حداثته يختلف إلى مجلس القاضي أبي يوسف، ثم ترك ذلك وأقبل على سماع الحديث، وكان سنه ست عشرة سنة، ثم حج عدة مرات وجاور بمكة مرتين، ثم سافر إلى عبد الرزاق في اليمن وكتب عنه، وقد طاف في البلاد والآفاق وسمع من مشايخ العصر وكانوا يجلونه ويحترمونه.

قال ابن الجوزي: ابتدأ أحمد رضي الله عنه في طلب العلم من شيوخ بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وكتب عن علماء كل بلد، ثم ذكر أسماء من لقي من كبار العلماء وروى عنهم مرتبين على حروف المعجم من الألف إلى الياء،

ثم ذكر من روى عنهم ممن عرف بكنيته ولم يتحقق عنده اسمه، ثم ذكر من روى عنهن من النساء وقد ذكر خلقاً كثيراً من شيوخه.

3-غزارة علمه:


قال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء، وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم: ليس ثمة ببغداد إلا ذلك الرجل يعني أحمد بن حنبل ما جاءنا من ثم أحد مثله يحسن الفقه، وقال الخلال: كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.

وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم فتكلم عن معرفة، وقال أبو زرعة كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث فقيل له وما يدريك، قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.

وقال ابن الجوزي: وقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل من حفظه إذا سئل عنه كما يقرأ الفاتحة ومن نظر في كتاب العلل لأبي بكر الخلال عرف ذلك، ولم يكن هذا لأحد من بقية الأئمة، وكذلك

.

إنفراده في علم النقل بفتاوي الصحابة وقضاياهم وإجماعهم واختلافهم لا ينازع في ذلك، وأما علم العربية فقد قال أحمد كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني، وأما القياس فله من الاستنباط ما يطول شرحه،
قال الإمام ابن الجوزي: واعلم أنا نظرنا في أدلة الشرع وأصول الفقه، وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين فرأينا هذا الرجل أوفرهم حظاً من تلك العلوم، فإنه كان من الحافظين لكتاب الله عز وجل، قال أبو بكر بن حمدان القطيعي: قرأت على عبد الله بن أحمد بن حنبل قال لقنني أبي أحمد بن حنبل القرآن كله باختياره، وقرأ ابن حنبل على يحيى بن آدم وعبيد بن الصباح وإسماعيل بن جعفر وغيرهم بإسنادهم.

وكان أحمد لا يميل شيئاً في القرآن ويروى الحديث: "أنزل مفخماً ففخموه"، وكان لا يدغم شيئاً من القرآن إلا (اتخذتم) وبابه كأبى بكر، ويمد مداً متوسطاً وكان رضي الله عنه من المصنفين في فنون العلم من التفسير والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر إلى غير ذلك، وأما النقل فقد سلم الكل له إنفراده فيه بما لم ينفرد به سواه من الأئمة من كثرة محفوظه منه ومعرفة صحيحه من سقيمه وفنون علومه، وقد ثبت أنه ليس في الأئمة الأعلام قبله من له حظ في الحديث كحظ مالك. ومن أراد معرفة مقام أحمد في ذلك مقام مالك فلينظر فرق ما بين المسند والموطأ.

قال ابن بدران في كتاب المدخل في ذكر مؤلفاته: والمسند وهو ثلاثون ألف حديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً، وقال عبد الله قرأ علينا أبي المسند وما سمعه منه غيرنا، وقال لنا: هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث.. انتهى.

وهذا يدل على غزارة علمه بالحديث وتميزه فيه وقوة نقده.
وهكذا من يتعلم العلم من مصادره الأصيلة: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتتلمذ على حملته من جهابذة العلماء مع النية الصادقة والعمل به، فإنه حري أن يوفق لتحمل العلم النافع ويكون إماماً في الدين، كما كان الإمام أحمد وغيره من أئمة الإسلام وحملة الشريعة. فعسى أن يكون في هذا حافزاً لشباب المسلمين اليوم وقد توفرت لهم وسائل التعلم ليهبوا لحمل هذا العلم الذي به عزهم وشرفهم في الدنيا والآخرة نرجو ذلك.


4-علمه وأخلاقه:


من المعلوم أن العلم وسيلة للعمل ومصحح له، فالغاية المطلوبة هي العمل الصالح والعلم وسيلة لتلك الغاية –وفي الحكمة المأثورة: "علم بلا عمل كشجر بلا ثمر"، والله تعالى يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ})282 سورة البقرة).

والصحابة رضي الله عنهم يقول قائلهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قالوا فتعلمنا العلم والعمل جميعاً، وكان سلفنا الصالح على هذه الصفة، ومنهم الإمام أحمد فقد اتصف بالعلم الغزير والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة.

ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة قال: وعن عبد الله بن أحمد قال كان أبي أصبر الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق.

وعنه قال: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين وكان يقرأ في كل يوماً سبُعاً يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو، وحج أبي خمس حجات، ثلاث حجج ماشياً واثنتين راكباً، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهما، وعنه قال: كنت أسمع أبي كثيراً يقول في دبر الصلاة: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك صنه عن المسألة لغيرك، وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ورد كتاب علي بن الجهم: أن أمير المؤمنين (يعني المتوكل) قد وجه إليك يعقوب المعروف بقوصرة ومعه جائزة ويأمرك بالخروج، فالله الله أن تستعفي أو ترد المال فيتسع القول لمن يبغضك، فلما كان من
الغد ورد يعقوب فدخل عليه فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول قد أحببت أن آنس بقربك وأن أتبرك بدعائك وقد وجهت إليك عشرة آلاف درهم معونة على سفرك وأخرج صرة فيها بدرة نحو مائتي دينار والباقي دراهم صحاح، فلم ينظر إليها ثم شدها يعقوب، وقال له أعود غداً حتى أبصر ما تعزم عليه، وانصرف فجئت بإجانة خضراء فكببتها على البدرة، فلما كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا فصيره عندك، فصيرتها عند رأسي فوق البيت، فلما كان سحراً إذا هو ينادي يا صالح فقمت فصعدت إليه فقال: ما نمت ليلتي هذه فقلت: لم يا أبت؟ فجعل يبكي وقال: سلمت من هؤلاء حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم، قد عزمت على أن أفرق هذا الشيء إذا أصبحت فقلت ذاك إليك،
فلما أصبح قال: جئني يا صالح بميزان، وقال: وجهوا إلي أبناء المهاجرين والأنصار. ثم قال: وجه إلى آل فلان، فلم يزل يفرقها كلها ونفضت الكيس ونحن في حالة الله تعالى بها عليم، وكتب صاحب البريد أنه قد تصدق بالدراهم من يومه حتى تصدق بالكيس، قال علي بن الجهم فقلت يا أمير المؤمنين قد علم الناس أنه قد قبل منك، وما يصنع أحمد بالمال وإنما قوته رغيف، فقال لي صدقت يا علي وبهذه النقولات عن ابني الإمام وقد عايشا أباهما معايشة خاصة أكبر دليل على مدى صلاح الإمام أحمد وتقواه وزهده وورعه.


وأما تواضعه:


فقد قال ابن الجوزي بلغني عن أبي الحسين بن المنادي قالسمعت جدي يقول: كان أحمد من أحب الناس وأكرمهم نفساً وأحسنهم عشرة وأدباً، كثير الإطراق، معرضاً عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان بش به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعاً شديداً وكانوا يكرمونه ويعظمونه،
قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين أن أبا بكر المروذي حدثهم قال: كان أبو عبد الله لا يجهل، وإن جهل عليه احتمل وحلم، ويقول: يكفى الله، ولم يكن بالحقود ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة فكانوا يجيئون إلى أبي عبد الله فلا يظهر لهم ميله مع عمه ولا يغضب لعمه، ويتلقاهم بما يعرفون من الكرامة، وكان كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلسه، مائلاً إليهم مقصراً عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعض العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويكرم جليسه، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في الله ويبغض في الله، وكان إذا أحب رجلاً أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم وإثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة. وأحب أن يعرف أحواله، وكان رجلاً فطناً. إذا كان شيء لا يرضاه اضطرب لذلك، ويغضب لله ولا يغضب لنفسه فلا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان حسن الجوار، يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار… انتهى.

هذه أخلاق الإمام أحمد. علم وعمل وتواضع وصبر واحتمال، وجدير بمن تربى على الكتاب والسنة وتتلمذ على العلماء العاملين وخالط الصالحين أن يكون كذلك، بخلاف من يتربى على نظريات الفلاسفة وأفكار الغرب فإنه يتأثر بها ويتخلق بها، فيجب على المسلمين أن يوجهوا أولادهم إلى الكتاب والسنة وأخلاق السلف الصالح، ليتربوا التربية الصحيحة، ويتوجهوا الوجهة السليمة ويتركوا استيراد النظريات التربوية من الكفار وفلاسفة الغرب.

5-محنته وصلابته في الحق:


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله باب ذكر ما جاء في محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل / في أيام المأمون ثم المعتصم ثم الواثق بسبب القرآن العظيم. وما أصابه من الحبس الطويل والضرب الشديد والتهديد بالقتل بسوء العذاب وأليم العقاب وقلة مبالاته بما كان منهم من ذلك إليه وصبره عليه وتمسكه بما كان عليه من الدين القويم والصراط المستقيم، وكان أحمد عالماً بما ورد بمثل حاله من الآيات المتلوة والأخبار المأثورة. وبلغه بما أوصي به في المنام واليقظة فرضي وسلم إيماناً واحتساباً وفاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، وهيأه الله بما آتاه من ذلك لبلوغ أعلى منازل أهل البلاء في الله من أوليائه، ثم قال ابن كثير رحمه الله: وقد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل، وزينوا له القول بخلق القرآن ونفي الصفات عن الله عز وجل- قال البيهقي: ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب

السلف ومنهاجهم، فلما ولي الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك، وزينوا له، واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد –إسحاق بن إبراهيم بن مصعب- يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، واتفق له ذلك آخر عمره قبل موته بشهور من سنة ثماني عشرة ومائتين، فلما وصل الكتاب كما ذكرنا استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين، واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند يسابورى، فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك. وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد –فلما اقتربا من جيش الخليفة ونزلوا دونه بمرحلة جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول: يعز علي يا أبا عبد الله أن المأمون قد سل سيفاً لم يسله قبل ذلك، وأنه يقسم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف، قال فجثى الإمام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال سيدي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته، قال فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل، قال أحمد ففرحنا ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة، وقد انضم إليه أحمد بن أبي دؤاد وأن الأمر شديد، فردونا إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسرى ونالني منهم أذى كثير، وكان في رجليه القيود ومات صاحبه محمد بن نوح في الطريق وصلى عليه أحمد –فلما رجع أحمد إلى بغداد دخلها في رمضان فأودع السجن نحواً من ثمانية وعشرين شهراً وقيل نيفاً وثلاثين شهراً، ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم، وكان أحمد وهو في
السجن هو الذي يصلي في أهل السجن والقيود في رجليه، ولما أحضره المعتصم من السجن زاد في قيوده، قال أحمد: فلم أستطع أن أمشي بها فربطتها في التكة وحملتها بيدي، ثم جاءوني بدابة فحملت عليها فكدت أن أسقط على وجهي من ثقل القيود.
وليس معي أحد يمسكني فسلم الله حتى جئنا دار المعتصم فأدخلت في بيت وأغلق علي. وليس عندي سراج فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا إناء فيه ماء فتوضأت منه ثم قمت ولا أعرف القبلة فلما أصبحت إذا أنا على القبلة ولله الحمد ثم دعيت فأدخلت على المعتصم .

وذكر ابن كثير رحمه الله المناظرة التي دارت بينه وبين خصومه بحضرة المعتصم في موضوع خلق القرآن إلى أن قال: ثم لم يزالوا يقولون له يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر، فأمر بي فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه، وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم فتخلعت يداي وجيء بالضرابين ومعهم السياط فجعل أحدهم يضربني سوطين ويقول له -يعني المعتصم- شد قطع الله يدك- ويجيء الآخر فيضربني سوطين ثم الآخر كذلك، فضربوني أسواطاً فأغمي علي وذهب عقلي مراراً فإذا سكن الضرب يعود علي عقلي وقام المعتصم إلي يدعوني إلى قولهم فلم أجبه- وجعلوا يقولون: ويحك الخليفة على رأسك فلم أقبل.

فأعادوا الضرب ثم عاد إلي فلم أجبه، فأعادوا الضرب ثم جاء الثالثة فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب، وأرعبه ذلك من أمري وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت وقد أطلقت الأقياد من رجلي، ثم أمر الخليفة بإطلاقه إلى أهله، وكان جملة ما ضرب نيفاً وثلاثين سوطاً، وقيل ثمانين

سوطاً ولكن كان ضرباً مبرحاً شديداً جداً، ولما رجع إلى منزله جاء الجراح فقطع لحماً ميتاً من جسده وجعل يداويه، ولما شفاه الله بالعافية بقى مدة وإبهاماه يؤذيهما البرد –وجعل كل من آذاه في حل إلا أهل البدعة، وكان يتلو في ذلك قوله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} الآية، ويقول ماذا ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك، انتهى باختصار.

وهكذا ثبت الإمام أحمد رحمه الله على الحق، وصبر على السجن والضرب ولم تأخذه في الله لومة لائم، ولم ترهبه السلطة والجبروت، فكانت العاقبة والعقوبة لأعدائه، ومع هذا يعفو ويصفح عن خصومه ويجعلهم في حل ما عدا المبتدعة
لأن المبتدعة انتهكوا محارم الله ولم تكن إساءتهم قاصرة عليه، إنه الإيمان الراسخ والتربية النافعة المستمدة من الكتاب والسنة يصنعان الرجال، ويبعثان على الثبات في مواقف الفتن والأهوال، وهكذا تكون مواقف الأبطال.


6-مميزات مذهبه والأصول التي بناه عليها:

مذاهب أهل السنة كلها مذاهب حق لا سيما مذاهب الأئمة الأربعة
أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وكل مذهب من هذه المذاهب السنية له مميزات، ويمتاز مذهب الإمام أحمد من بينها بقربه من النصوص وفتاوي الصحابة.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: رويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرناً بعد قرن، فصارت إماماً وقدوة لأهل السنة على اختلافطبقاتهم حتى إن المخالفين لمذهبه بالاجتهاد والمقلدين لغيره يعظمون نصوصه وفتاواه ويعرفون لها حقها وقربها من النصوص وفتاوي الصحابة، ومن تأمل فتاواه وفتاوي الصحابة رأى مطابقة كل منهما على الأخرى، ورأى الجميع كأنها تخرج من مشكاة واحدة، حتى إن الصحابة إذا اختلفوا على قولين جاء عنه في المسألة روايتان، وكان تحريه لفتاوي الصحابة كتحري أصحابه لفتاويه ونصوصه بل أعظم، حتى إنه ليقدم فتاويهم على الحديث المرسل.


أصول مذهبه:

كان مذهبه مبنياً على خمسة أصول وهي:

1- النصوص، فإذا وجد نصاً أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه.

2- ما أفتى به الصحابة فإذا وجد لأحدهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل إن ذلك إجماع- بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئاً يدفعه أو نحو هذا.

3- إذا اختلف الصحابة في المسألة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال للدليل حكى الخلاف ولم يجزم بقول.

4- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ويرجح ذلك على القياس، والمراد بالحديث الضعيف عند قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل والمنكر ولا ما في روايته متهم.

5- فإذا لم يكن هناك نص ولا قول للصحابة أو أحدهم ولا أثر مرسل أو ضعيف عدل إلى القياس فاستعمله للضرورة.

فهذه الأصول الخمسة هي أصول مذهبه وقد يتوقف في الفتوى لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها، أو لعدم اطلاعه فيها على أثر أو قول أحد من الصحابة والتابعين، وكان شديد الكراهة والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف-كما قال لبعض أصحابه: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. أي لم يسبق أن قال فيها أحد من الأئمة بشيء.

7-مؤلفاته:


قال الإمام ابن القيم: كان الإمام أحمد رحمه الله شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه ويشتد عليه جداً، فعلم الله حسن نيته وقصده فكتب من كلامه وفتواه أكثر من ثلاثين سفراً، ومنّ الله سبحانه علينا بأكثرها فلم يفتنا منها إلا القليل، وجمع الخلال نصوصه في الجامع الكبير فبلغ نحو عشرين سفراً أو أكثر، ورويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرناً بعد قرن، فصارت إماماً وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم، وقال ابن الجوزي: كان الإمام أحمد رضي الله عنه لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب عنه كلامه ومسائله ولو رأى ذلك لكانت تصانيفه كثيرة، ولنقلت عنه كتب واقتصر الإمام أحمد على التصنيف في النقول أي الأحاديث والآثار وهذه بعض مؤلفاته:

1) المسند في الحديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً.

2) التفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً- يعني من الأحاديث والآثار.
3) الناسخ والمنسوخ.
4) التاريخ.
5) المقدم والمؤخر في القرآن.
6) جوابات القرآن.
7) المناسك الكبير والصغير.
8) الزهد.
9) الرد على الجهمية.


8- وفاته:


مرض في أول شهر ربيع الأول من سنة أحدى وأربعين ومائتين، وتوفي ليلة الجمعة وهي ليلة الثاني عشر من هذا الشهر، ولم حضرته الوفاة أشار إلى أهله أن يوضؤه فجعلوا يوضؤنه وهو يشير إليهم أن خللوا أصابعي وهو يذكر الله عز وجل في جميع ذلك، فلما أكملوا وضوءه توفي رحمه الله ورضي عنه، فغسلوه وكفنوه بثوب كان قد غزلته جاريته، وخرج الناس بنعشه والخلائق حوله ما لم يعلم عددهم إلا الله، ثم صلي عليه وأعيدت الصلاة عليه عند القبر. ثم أعيدت الصلاة أيضاً على القبر بعد دفنه، ولم يستقر في قبره رحمه الله إلا بعد العصر وذلك لكثرة الخلق الذين حضروا. وقد قدر عدد الذين صلوا عليه وشيعوه إلى قبره بألف ألف، وفي رواية وسبعمائة ألف أي مليون وسبعمائة ألف رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً، وجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

من أعلام المجددين
للشيخ
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
تعليمية تعليمية




بارك الله فيك أخي على الموضوع القيم

جزيت الجنة




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاتن تعليمية
بارك الله فيك أخي على الموضوع القيم

جزيت الجنة

وفيك بارك الله
اللهم آمين و
إياكم




بارك الله فيك واصل في التميز




ويمتاز مذهب الإمام أحمد من بينها بقربه من النصوص وفتاوي الصحابة.

انه فعلا امام السنة
شكرا على الموضوع القيم




تعليمية




بارك الله فيك وجعلك ممن يقفوا اثر هذا الامام




التصنيفات
السير والتراجم

شـجـاعـة الـصـدّيـق

شـجـاعـة الـصـدّيـق

قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى- :

( وكثير من الناس تشتبه عليه الشجاعة بالقوة ، وهما متغايران ؛ فإن الشجاعة هي: ثبات القلب عند النوازل وإن كان ضعيف البطش.

وكان الصديق- رضي الله عنه- أشجع الأمة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وكان عمر وغيره أقوى منه ، ولكن برز على الصحابة كلهم بثبات قلبه في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال ، وهو في ذلك ثابت القلب ، ربيط الجأش ، يلوذ به شجعان الصحابة وأبطالهم ، فيثبتهم ويشجعهم.

ولو لم يكن له إلا ثبات قلبه يوم الغار وليلته.

وثبات قلبه يوم بدر وهو يقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( يا رسول الله ! كفاك بعض مناشدتك ربك ، فإنه منجز لكما وعدك )).

وثبات قلبه يوم أحد ، وقد صرخ الشيطان في الناس بأن محمدا قد قتل ، ولم يبق أحد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا دون عشرين في أحد ، وهو مع ذلك ثابت القلب ساكن الجأش.

وثبات قلبه يوم الخندق ، وقد زاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر.

وثبات قلبه يوم الحديبية ، وقد قلق فارس الإسلام عمر بن الخطاب حتى إن الصديق ليثبته ويسكنه ويطمئنه.

وثبات قلبه يوم حنين ، حيث فر الناس ، وهو لم يفر.

وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع ، وكادت تزول لها الجبال ، وعقرت لها أقدام الأبطال ، وماجت لها قلوب أهل الإسلام ، كموج البحر عند هبوب قواصف الرياح ، وصاح لها الشيطان في أقطار الأرض أبلغ الصياح ، وخرج الناس بها من دين الله أفواجا ، وأثار عدو الله بها أقطار الأرض عجاجا ، وانقطع لها الوحي من السماء ، وكاد لولا دفاع الله تعالى لطمس نجوم الاهتداء ، وأنكرت الصحابة بها قلوبهم ، وكيف لا وقد فقدوا رسولهم من بين أظهرهم وحبيبهم ، وطاشت الأحلام ، وغشي الآفاق ما غشيها من الظلام ، واشرأب النفاق، ومد أهله الاعناق ، ورفع الباطل رأسا كان تحت قدم الرسول –صلى الله عليه وسلم- موضوعا ، وسمع المسلمون من أعداء الله تعالى ما لم يكن في حياته بينهم مسموعاً ، وطمع عدو الله أن يعيد الناس إلى عبادة الأصنام ، وأن يصرف وجوههم عن البيت الحرام ، وأن يصد قلوبهم عن الإيمان والقرآن ، ويدعوهم إلى ما كانوا عليه من التهود والتمجس والشرك وعبادة الصلبان ، فشمر الصديق رضي الله عنه من جده عن ساق غير خوار ، وانتضى سيف عزمه الذي هو ثاني ذي الفقار ، وامتطى من ظهور عزائمه جواداً لم يكن يكبو يوم السباق ، وتقدم جنود الإسلام فكان أفرسهم إنما همه اللحاق ، وقال: (( والله لأجاهدن أعداء الإسلام جهدي ، ولأصدقنهم الحرب حتى تنفرد سالفتي أو أفرد وحدي ، ولأدخلنهم في الباب الذي خرجوا منه ، ولأردنهم إلى الحق الذي رغبوا عنه )). فثبت الله تعالى بذلك القلب -الذي لو وزن بقلوب الأمة لرجحها- جيوش الإسلام ، وأذل بها المنافقين والمرتدين وأهل الكتاب وعبدة الأصنام ، حتى استقامت قناة الدين من بعد اعوجاجها ، وجرت الملة الحنيفية على سننها ومنهاجها ، وتولى حزب الشيطان وهم الخاسرون ، وأذن مؤذن الإيمان على رؤوس الخلائق: ألا إن حزب الله هم الغالبون.

هذا ؛ وما ضعفت جيوش عزماته ، ولا استكانت ولا وهنت ، بل لم تزل الجيوش بها مؤيدة ومنصورة ، وما فرحت عزائم أعدائه بالظفر في موطن من المواطن ، بل لم تزل مذلولة مكسورة.

تلك لعمر الله الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان الأمم ، والهمة التي تصاغرت عندها عليات الهمم ، ويحق لصديق الأمة أن يضرب من هذا المغنم بأوفر نصيب ، وكيف لا وقد فاز من ميراث النبوة بكمال التعصيب.

وقد كان الموروث صلوات الله تعالى وسلامه عليه أشجع الناس ، فكذلك وارثه وخليفته من بعده أشجع الأمة بالقياس ، ويكفي أن عمر بن الخطاب سهم من كنانته ، وخالد بن الوليد سلاح من أسلحته ، والمهاجرون والأنصار أهل بيعته وشوكته ، وما منهم إلا من اعترف أنه يستمد من ثباته وشجاعته ).

انتهـــى.

( الفروسية 466-469 )





جزاك الله خيرا .في ميزان حسناتك وصالح اعمالك




تعليمية




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاكم الله خير الجزاء.




ويا ليت هؤلاء الرجال يعودون …..شكرا اختي على الموضوع




بارك الله فيك




التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة الشيخ أحمد محمد شاكر

الشيخ أحمد محمد شاكر ..
محدث العصر

الشيخ "أحمد شاكر" هو أحد أبناء الشيخ "محمد شاكر"، أحد أبرز علماء الأزهر في مطلع
القرن الرابع عشر الهجري، والذي يمتد نسبه إلى أسرة "أبي علياء" بجرجا من صعيد مصر،
وهي أسرة شريفة، ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما..
وقد درس بالأزهر وتتلمذ على يد أكبر علمائه.

عمل الشيخ "محمد شاكر" بالقضاء، وفي عام 1900 م اختير لمنصب قاضي القضاة
بالسودان حيث وضع نظام القضاء الشرعي بها، ثم في عام 1905 عُين شيخاً لعلماء الإسكندرية، ثم شيخاً لمعهدها الديني، ثم وكيلاً لمشيخة الأزهر في عام 1909 ،
ثم استقال في عام 1913 ليتفرغ لأبحاثه العلمية.

أنجب الشيخ " محمد شاكر" عدداً من الأبناء، كان من أبرزهم الشيخ العلامة إمام محدثي
العصر الشيخ " أحمد محمد شاكر"، الذي ولد في فجر يوم الجمعة 29 من جمادى الآخرة 1309هـ الموافق 29 من يناير 1892م.

نشأته :

في تلك البيئة العلمية نشأ الشيخ "أحمد شاكر"، فتعهده أبوه بالتعليم حتى حفظ القرآن
الكريم في سن مبكرة.
انتقل في سن الثامنة من عمره إلى السودان حين عُين في منصب قاضي القضاة، وأكمل

تعليمه في كلية "جوردون" بالخرطوم، حتى انتهاء فترة العمل في الخرطوم، عاد مع
والده إلى مصر ليلتحق بمعهد الإسكندرية الديني الأزهري.

تحصيله العلم :

أخذ الطالب النابغ "أحمد شاكر" ينهل من علوم المعهد الأزهري بهمة وحماس، فتعلم على يد الشيخ "محمود أبو دقيقة" – من كبار علماء الأزهر وقتها – الفقه وصوره حتى نبغ فيهما.
وتعلم على يد أبيه التفسير مثل تفسير النسفي وتفسير البغوي، كما درس من الحديث صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وبعض الدروس في صحيح البخاري، كما درس جمع الجوامع وشرح الإسنوي على المناهج في أصول الفقه، وكتاب الهداية في الفقه الحنفي.

وعند انتقال والده للقاهرة ليشغل منصب وكيل مشيخة الجامع الأزهر عام 1909م، اتسعت أمام طالب العلم النابه آفاق التحصيل، وامتد اتصاله بالعلماء، حيث التقى كثير من العلماء الأجلاء في ذلك الوقت، من الأزهر، ومن الدول الأخرى، فلم يكن يسمع بزيارة عالم
للقاهرة إلا ويلحق به ويلتقيه ليأخذ منه، فالتقى الشيخ العلامة "عبد الله بن إدريس السنوسي" محدث المغرب وقرأى عليه وأُجيز منه برواية الكتب الستة، كما التقى الشيخ العلامة "محمد الأمين الشنقيطي"، و"أحمد بن الشمس الشنقيطي"، و"شاكر العراقي"، و"طاهر الجزائري"،
كما التقى من مشاهير هذا العصر، الشيخ "محمد رشيد رضا"، والشيخ "سليم البشري"
شيخ الجامع الأزهر، وقد أجازه جميعهم بمروياتهم في السنة النبوية.

وهكذا برز الشيخ "أحمد شاكر" في علوم السنة وبرع فيها، حتى انتهت إليه إمامة الحديث
في مصر.

وفي عام 1917 م حصل على الشهادة العالمية من الأزهر، واشتغل بالتدريس فترة قصيرة،
ثم عمل بعدها في القضاء، وترقى في منصبه حتى اختير نائبًا لرئيس المحكمة الشرعية العليا،
وظل بها حتى أُحيل إلى التقاعد عام 1951 م.

لمحات من حياته العلمية :

تركزت جهود الشيخ "أحمد شاكر" العلمية حول إحياء التراث العلمي والسعي لنشره بعد
تحقيقه وتنقيحه، والكتابة العلمية التى تجلى فيها اجتهاده في بعض المسائل.
إلا أن تحقيق التراث وإحياءه شغل الهم الأكبر في حياة الشيخ العلمية، حيث فرغ جل جهده لذلك، وكان كتابه"الرسالة" للشافعي هو أول كتاب حققه وخرج إلى الناس، إلا أن تحقيقه
كان على غير ما اعتادت الحياة العلمية وقتها، حيث كان ينتشر وقتها تحقيقات المستشرقين لكتب العلماء المسلمين التي لم تكن تخلو من شوائب ودسائس ومطاعن، فاستقبلت الحياة
العلمية تحقيق الشيخ بترحاب، ومدح كثير من علماء تلك الفترة في إخراجه الكتاب بتلك الصورة الدقيقة الرصينة، حيث اعتمد الشيخ في تحقيقه على أصل قديم للكتاب بخط "الربيع
بن سليمان" تلميذ الشافعي نفسه كتبه في حياته، وقام الشيخ "أحمد شاكر" بوضع مقدمة للكتاب بلغت نحو 100 صفحة تناول فيها حياة الإمام وفقه، وأهمية الكتاب، ومنهجه في التحقيق والتخريج، كما خرج أحاديث الكتاب تخريجاً علمياً دقيقاً، مع وضع فهارس شاملة
في نهاية الكتاب، كما ضمنه تعليقات وشروح لإتمام الفائدة للقارئ والدارس.
بعد ذلك تفرغ الشيخ لأمهات كتب السنة، وعكف على تحقيقها، فأخرج جزأين من
سنن الترمذي، وأخرج الجزء الأول من صحيح ابن حبان، كما اشترك مع الشيخ
"محمد حامد الفقي" في تحقيق تهذيب سنن أبي داود.

كذلك بذل علامة عصره الشيخ "أحمد شاكر" جهداً ضخماً في تحقيق مسند الإمام أحمد بن حنبل وهو أكبر دواوين السنة، فالكتاب يقوم على تقسيم الأحاديث حسب الرواة، كل راوٍ على حدة، فمسند ابن مسعود مثلاً يضم الأحاديث التي رواها دون ترتيب، وهكذا، وكان التعامل مع المسند بهذه الصورة يمثل صعوبة للباحثين والمتخصصين، وهو ما كان جعل الحافظ الذهبي قبل ذلك يتمنى أن يقيض لهذا الديوان الكبير من يخدمه ويبوبه ويرتب هيئته.

وهكذا، كان المجهود الواقع على عاتق الشيخ "شاكر" مجهوداً عظيماً، يحتاج لمن هو في مثل علمه وتمكنه، وهكذا تمكن من إخراج خمسة عشر جزءاً على أحسن ما يكون التحقيق، فقد قام بترقيم أحاديث الكتاب، وعلق عليها وخرّجها، وحكم عليها صحة وضعفًا، وضبط أعلامها، وشرح غريبها، وجعل لكل جزء فهارس فنية دقيقة.

كما اشترك مع أخيه الأستاذ "محمود شاكر" في تحقيق تفسير الطبري مع التعليق عليه.
ولم تقتصر جهود الشيخ "شاكر" على علوم السنة فقط، بل امتدت جهوده إلى اللغة والأدب، فأخرج " الشعر والشعراء" لابن قتيبة، و"لباب الآداب" لأسامة بن منقذ، و"المعرب" للجواليقي، واشترك مع الأستاذ "عبد السلام هارون" – وهو ابن خاله – في تحقيق "المفضليات" و"الأصمعيات" و"إصلاح المنطق لابن السكيت".
أما ما يتعلق بمؤلفاته وبحوثه التي ضمت اجتهاداته في شتى العلوم، فكان أهم ما ألفه من كتب: "الكتاب والسنة"، و"كلمة حق"، و"عمدة التفسير"، وهو اختصار قام به لتفسير ابن كثير، وأخرج منه خمسة أجزاء، و"الباعث الحثيث"، وهو شرح لكتاب "اختصار علوم الحديث" لـ ابن كثير، وشرح أيضًا " ألفية الحديث" للسيوطي.

منقول




بارك الله فيك واصل في التميز




تعليمية




دائما مواضيعك مميزة بارك الله فيك
جزاك الله خيرا




بارك الله فيك أختي الفاضلة على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق