التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة الشيخ حافظ بن احمد حكمي

ترجمة الشيخ حافظ بن احمد حكمي

مولده ونشأته
ولد الشيخ حافظ الحكمي لأربع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان المبارك من سنة 1342هـ بقرية (السلام) التابعة لمدينة (المضايا) – الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة (جازان) حاضرة المنطقة ، على الساحل ، قريبة منها – حيث قبيلته التي إليها ينتسب
ثم انتقل مع والده أحمد إلى قرية (الجاضع) التابعة لمدينة (صامطة) في نفس المنطقة ، وهو ما يزال صغيراً ؛ لأن أكثر مصالح والده – من أراض زراعية ومواش ونحوهما – كانت هناك ، وإن بقيت أسرته الصغيرة تنتقل بين قريتي (السلام) و (الجاضع) لظروفها المعيشية
ونشأ حافظ في كنف والديه نشأة صالحة طيبة تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق ، وكان قبل بلوغه يقوم برعي غنم والديه التي كانت أهم ثروة لديهم آنذاك جرياً على عادة المجتمع في ذلك الوقت ، إلا أن حافظاً لم يكن كغيره من فتيان مجتمعه ؛ فقد كان آية في الذكاء وسرعة الحفظ والفهم ، فلقد ختم القرآن وحفظ الكثير منه وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة بعد ، وكذلك تعلم الخط وأحسن الكتابة منذ الصغر

طلبه للعلم
عندما بلغ الشيخ حافظ من العمر سبع سنوات أدخله والده مع شقيقه الأكبر محمد مدرسة لتعليم القرآن الكريم بقرية (الجاضع) فقرأ على مدرِّسه بها جزأي (عم ، وتبارك) ؛ ثم واصل قراءته مع أخيه حتى أتم قراءة القرآن مجوَّدة خلا أشهر معدودة ، ثم أكمل حفظه حفظاً تاماً بعيد ذلك
اشتغل بعدئذ بتحسين الخط فأولاه أكبر جهوده حتى أتقنه ، وكان ينسخ من مصحف مكتوب بخط ممتاز ، إلى جانب اشتغاله مع أخيه بقراءة بعض كتب الفقه والفرائض والحديث والتفسير والتوحيد مطالعة وحفظاً بمنزل والده إذ لم يكن بالقرية عالم يوثق بعلمه فُيتتلمذ على يديه
وفي مطلع سنة 1358هـ قدم من (نجد) الشيخ الداعية المصلح عبد الله بن محمد بن حمد القرعاوي إلى منطقة (تهامة) في جنوب المملكة ، بعد أن سمع عما كان فيها من الجهل والبدع – شأن كل منطقة يقلًّ فيها الدعاة والمصلحون أو ينعدمون – ونذر نفسه مخلصاً على أن يقوم بالدعوة إلى الدين القويم ، وتصحيح العقيدة الإسلامية في النفوس ، وإلى إصلاح المجتمع وإزاحة ما كان عالقاً في أذهان الجهال من اعتقادات فاسدة وخرافات مضلة
وفي سنة 1359هـ قدم شقيق حافظ عٍّمي (محمد بن أحمد) برساله منه ومن أخيه حافظ يطلبان فيها من الشيخ القرعاوي كتباً في التوحيد ، ويعتذران عن عدم القدرة على المجيء إليه لانشغالهما بخدمة والديهما والعناية بشؤونهما ، كما يطلبان منه – إن كان في استطاعته – أن يتوجه إليهما بقريتهما ليسمعا من بعض ما يلقي من دروس ، وفعلاً لبى الشيخ طلبهما وذهب إلى قريتهما ، وهناك التقى بحافظ وعرفه عن كثب ، وتوسم فيه النجابة والذكاء ، وقد صدقت فيه فراسته
ومكث الشيخ عدة أيام في (الجاضع) ألقى فيها بعض دروسه العلمية التي حضرها مجموعة من شيوخ القرية وشبابها ومن بينهم الشيخ حافظ الذي كان أصغرهم سناً ، لكنه كان أسرعهم فهماً وأكثرهم حفظاً واستيعاباً لما يلقى الشيخ من معلومات ، يقول عنه (الشيخ عبد الله القرعاوي : (وهكذا جلست عدة أيام في الجاضع ، وحافظ يأخذ الدروس وإن فاته شيء نقله من زملائه ، فهو على اسمه (حافظ) يحفظ بقلبه وخطه ، والطلبة الكبار كانوا يراجعونه في كل ما يشكل عليهم في المعنى والكتابة ، لأني كنت أملي عليهم إملاء ثم أشرحه لهم
وعندما أراد الشيخ العودة إلى مدينة (صامطة) التي جعلها مقراً له ومركزاً لدعوته ، طلب من والدي حافظ أن يرسلاه معه ليطلب العلم على يديه في (صامطة) على أن يجعل لهما من يرعى غنمهما بدلاً عنه ، ولكنهما رفضا طلب الشيخ أول الأمر وأصرَّا على أن يبقى ابنهما الصغير في خدمتهما لحاجتهما الكبيرة إليه
وتشاء إرادة الله أن لا تطول حياة والدته بعد ذلك إذ توفيت في شهر رجب سنة 1360هـ فيسمح والده له ولأخيه محمد بأن يذهبا إلى الشيخ للدراسة لمدة يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع ثم يعودا إليه ، فكان حافظ لذلك يذهب إلى الشيخ في (صامطة) فيملي عليه الدروس ، ثم يعود إلى قريته ، وكان ملهماً يفهم ويعي كل ما يقرأ أو يسمع من معلومات
ولم يعمر والده بعد ذلك إذ انتقل إلى جوار ربه وهو عائد من حجٍّ سنة 1360هـ رحمه الله – فتفرغ حافظ للدراسة والتحصيل ، وذهب إلى شيخه ولازمه ملازمة دائمة يقرأ عليه ويستفيد منه
وكان حافظ في كل دراساته على شيخه مبرزاً ونابغة ، فأثمر في العلم بسرعة فائقة ، وأجاد قول الشعر والنثر معاً ، وألف مؤلفات عديدة في كثير من العلوم والفنون الإسلامية ، ولقد كان كما قال عنه شيخه : ((لم يكن له نظير في التحصيل والتأليف والتعليم والإدارة في وقت قصير))

علمه
مكث حافظ يطلب العلم على يد شيخه الجليل عبد الله القرعاوي ، ويعمل على تحصيله ، ويقتني الكتب القيمة والنادرة من أمهات المصادر الدينية واللغوية والتاريخية وغيرها يستوعبها قراءة وفهماً
وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره – ومع صغر سنه – طلب منه شيخه أن يؤلف كتاباً في توحيد الله ، يشتمل على عقيدة السلف الصالح ، ويكون نظماً ليسهل حفظه على الطلاب ، يعدّ بمثابة اختبار له يدل على القدر الذي استفاد من قراءاته وتحصيله العلمي ؛ فصنف منظومته (سلم الوصول إلى علم الأصول – في التوحيد) التي انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ وقد أجاد فيها ، ولاقت استحسان شيخه والعلماء المعاصرين له
ثم تابع تصنيف الكتب بعد ذلك ، فألَّف في التوحيد ، وفي مصطلح الحديث ، وفي الفقه وأصوله ، وفي الفرائض ، وفي السيرة النبوية ، وفي الوصايا والآداب العلمية ، وغير ذلك نظماً ونثراً ، وقد طبعت جميعها طبعتها الأولى على نفقة المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز
ويتضح لنا من آثاره العلمية أن أبرز مقروءاته ذات الأثر في منهجه العلمي ومؤلفاته هي تلك الكتب التي ألّفها علماء السلف الصالح من أهل السنة في العلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وأصوله ، أما في مجال العقيدة فقدا بدا شديد التأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثير الاستفادة من مؤلفاتهما والأخذ عنها ، هذا إلى جانب استيعابه لكثير من مصادر التاريخ والأدب واللغة والنحو والبيان المؤلفة في مختلف العصور الإسلامية
ولقد كان – رحمه الله – عميق الفهم سريع الحفظ لما يقرأ ، وقد مر بنا قول لشيخه يشيد فيه بتلميذه حافظ ، الذي كان يحفظ بقلبه وخطه – على حد تعبير الشيخ – وكان زملاؤه الكبار يراجعونه في كل ما يشكل عليهم منذ مراحل تعليمه الأولى

أعماله
عندما لمس الشيخ عبد الله القرعاوي تفوُّق تلميذه حافظ ونبوغه العلمي أقامه مدرِّساً لزملائه والمستجدين من التلاميذ ، فألقى عليهم دروساً نافعة استفادوا منها فائدة كبرى
ثم عيَّنه شيخه في سنة 1363هـ مديراً لمدرسة (صامطة) السلفية – أول مدرسة افتتحها الشيخ في المنطقة لطلاب العلم – ، وأسند ‘ليه أمر الإشراف على مدارس القرى المجاورة
واتسعت بعد ذلك مدارس الشيخ في منطقتي (تهامة وعسير) فما من مدينة أو قرية إلا وأسس بها مدرسة أو أكثر تدرس العلوم الإسلامية ، وجعل بها من تلاميذه من يقوم بالتدريس فيها ويتولى شؤون إدارتها . ولما كان الشيخ يقوم في فترات متعددة بجولات على مئات المدارس التي كان قد أسسها في المنطقة جعل تلميذه الأول الشيخ حافظاً الحكمي مساعداً له يتولى الإشراف على سير التعليم وأمور الإدارة أثناء تجوال الشيخ على مدارسه ، فنهض حافظ بالعبء الملقى على عاتقه وأدى الأمانة خير الأداء
ثم تنقل الشيخ حافظ – للقيام بواجبه مع شيخه – في عدة أماكن منها قرية (السلامة العليا) ومدينة (بيش : أم الخشب) في الجزء الشمالي من منطقة (جازان) وغيرهما ، عاد بعدها إلى مدينة (صامطة) مرة أخرى يدير مدارسها ويساعد شيخه في تحمل المسؤولية والإشراف على سير التعليم ومواصلة تدعيم مهام الدعوة والإصلاح
وهكذا مضى الشيخ حافظ يؤدي واجباته في سبيل النهوض بأبناء منطقته ، وليرفع من مستواهم الثقافي والاجتماعي ، وليفيدهم من علمه قدر ما يستطيع ، فقد كان يجتمع إليه طلبة العلم من كل مكان للتتلمذ على يديه فيستفيدون منه فائدة عظمى ، ومن طلبته الآن علماء أفاضل يتولون مناصب القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية وغيرها
وفي سنة 1373هـ افتتحت وزارة المعارف السعودية مدرسة ثانوية بـ (جازان) عاصمة المنطقة ، فعين الشيخ حافظ أول مدير لها في ذلك العام
ثم افتتح معهد علمي تابع للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية آنذاك (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حالياً) بمدينة (صامطة) في عام 1374هـ فعين الشيخ حافظ مديراً له ؛ فقام بعمله هذا خير قيام ، وكان يلقي فيه بعض المحاضرات ويملي على تلاميذه الكثير من المعلومات الشرعية واللغوية المفيدة ، ويضع لهم المذكرات الدراسية للفنون التي لم تقرَّر لها كتب علمية وفق المناهج المحددة ، كان يمليها أحياناً بنفسه ، وقد يمليها عن طريق المدرسين بالمعهد أحياناً أخرى

صفاته
كان الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله – مثالاً يحتذي لكل طالب علم يريد التحصيل والعلم النافع ، ومثالاً لكل عالم جليل متواضع يحب لتلاميذه وزملائه كل خير وصلاح
ويكفي أن أورد هنا ماقاله عنه شقيقه الأكبر الشيخ محمد بن أحمد الحكمي – رحمه الله – في رسالة كتبها إليَّ إجابة لطلبي
((كان رحمه الله على جانب كبير من الورع والكرم والعفة والتقوى ، قويّ الإيمان ، شديد التمسك ، صداعاً بالحق ، يأمر بالمعروف ويأتيه ، وينهى عن المنكر ويبتعد عنه ، لا تأخذه في الله لومة لائم))
((كانت مجالسه دائماً عامرة بالدرس والمذاكرة وتحصيل العلم ، تغص بطلابه في البيت والمسجد والمدرسة ، لا يملّ حديثه ، ولا يسأم جليسه))
((كان جلّ أوقاته ملازماً لتلاوة القرآن الكريم ، ومطالعة الكتب العلمية ، بالإضافة إلى التدريس والتأليف والمذاكرة))
((وكان خفيف النفس يحب الرياضة والدعابة والمزاح مع زملائه وطلابه وزوَّاره ، مما يجذب قلوب الناس إليه ، ويحبب إليهم مجالسته والاستفادة منه))

وفاته
لم يزل الشيخ حافظ مديراً لمعهد صامطة العلمي حتى حجَّ في سنة 1377هـ ، وبعد انتهائه من أداء مناسك الحج لبى نداء ربه في يوم السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1377هـ بمكة المكرمة على إثر مرض ألمَّ به ، وهو في ريعان شبابه ، إذ كان عمره آنذاك خمساً وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر ، ودفن بمكة المكرمة ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
وقد كان وقع خبر وفاته على شيخه وعلى أهله وزملائه وأصدقائه وتلاميذه شديداً ، والمصيبة به فادحة ،وقد خلَّف الشيخ – رحمه الله – بعد رحيله مكتبة علمية كبيرة عامرة بكل علم وفن ، أوصى بأن تكون وقفاً على طلاب العلم ورواد المعرفة ، فضمَّت إلى معهد صامطة العلمي لينتفع بها المدرسون والطلاب ، ولتبقى تحت إشراف إدارة المعهد
كما خلَّف من تأليفه آثاراً علمية نافعة في كثير من الفنون الإسلامية ، لا يستغني عنها كل طالب علم
وله من الأبناء أربعة هم أحمد – كاتب هذه الأسطر – ، وعبد الله ، ومحمد ، وعبد الرحمن ، وفقهم الله جميعاً وسدد خطاهم ، وأخذ بأيديهم لما فيه خيرهم وصلاحهم

مؤلفاته

• في التوحيد
(سلم الوصول ، إلى علم الأصول ، في توحيد الله و اتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم) – أرجوزة في أصول الدين ، انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ ، وهي أوَّل ما ألف . طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 16 صفحة) معارج القبول ، بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول – في التوحيد) وهو شرح مطول لأرجوزة (سلم الوصول) – المتقدم ذكرها – ، انتهى من تسويدة في سنة 1366هـ ، ويقع في مجلدين كبيرين تزيد صفحاتهما في طبعته الأولى عن ألف ومائة صفحة (أعلام السنة المنشورة ، لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة) كتاب مؤلَّف على طريقة السؤال والجواب ، انتهى من تسويده في غرة شهر شعبان سنة 1365هـ ، و طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة (في 67 صفحة) الجوهرة الفريدة ، في تحقيق العقيدة (منظومة دالية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 19 صفحة)

• في المصطلح
(دليل أرباب الفلاح ، لتحقيق فن الاصطلاح) كتاب جليل حافل في مصطلح الحديث ، طبع طبعته الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ (في 174صفحة) (اللؤلؤ المكنون ، في أحوال الأسانيد والمتون) منظومة ، انتهى من نظمها في سنة 1366هـ ، وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 18 صفحة )

• في الفقه

(السبل السوية ، لفقه السنن المروية) منظومة طويلة في الفقه وفق أبوابه المعروفة ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 134صفحة)

• في أصول الفقه
(وسيلة الحصول ، إلى مهمات الأصول) منظومة في أصول الفقه ، انتهى من كتابتها في سنة 1373هـ ، وتقع في 640 بيتاً. طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 35 صفحة)
متن (لامية المنسوخ) منظومة لامية الروى في النسخ وما يدخله من الكتب الفقهية ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 10 صفحات )

• في الفرائض
(النور الفائض ، من شمس الوحي ، في علم الفرائض) رسالة منثورة في علم الفرائض ، انتهى من كتابتها في 15-8-1365هـ وطبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1373هـ (في 46 صفحة)

• في التاريخ والسيرة النبوية
(نيل السول ، من تاريخ الأمم وسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم -) منظومة تاريخية ، تزيد أبياتها عن (950 بيتاً) ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة (في 52 صفحة )

• في النصائح والوصايا والآداب العلم
نصيحة الإخوان المشهورة بـ (القاتية) ، وعنوانها : (هذا سؤال بشأن القات والدخان والشمة) ، وهي قصيدة تائية ، وقد طبع معها رد عليها لأحد أهل اليمن ، ثم جواب الشيخ عليه ، وفي الجواب الأخير فوائد جليلة . وقد طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة سنة 1374هـ (في 15 صفحة)
(المنظومة الميمية ، في الوصايا والآداب العلمية) قصيدة ميمية رائعة في الحث على العلم وطلبه والتمسك بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، طبعت طبعتها الأولى بمكة المكرمة في – 14 صفحة –
وقد طبعت جميع هذه الكتب من مؤلفات الوالد الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله – طبعتها الأولى – ما أرِّخ منها وما لم يؤرخ – في سنتي 1373هـ -1374هـ على نقفة جلالة المغفور له الملك سعود بن عبد العزيز بمطابع البلاد السعودية بمكة المكرمة ، عدا كتاب معارج القبول الذي طبع طبعته الأولى (نحو سنة 1377هـ) في المطبعة السلفية بمصر

وللوالد الشيخ – من بعد – بعض الرسائل والمنظومات المخطوطة التي لم تطبع بعد ، أهمها
1- (مفتاح دار السلام ، بتحقيق شهادتي الإسلام)
2- (شرح الورقات ، في أصول الفقه – لأبي المعالي الجويني)
3- (همزية الإصلاح ، في تشجيع الإسلام وأهله ، والتمسك كل التمسك بأساسه وأصله)
4- (مجموعة خطب للجمع والمناسبات الدينية)
وكل مؤلفاته – رحمه الله – تعطيك الدليل الواضح على مكانته العلمية ، وعلى تعمقه في كثير من جوانب المعرفة ، وهي كتب قيمة يكفي للدلالة على جودتها وقيمتها أن بعضها عرض على فضيلة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – مفتي الديار السعودية آنذاك ، فاستحسنها واستجادها وأشار إلى الحكومة بطبعها وتوزيعها حتى يستفيد منها الخاصة والعامة على السواء ، لما فيها من فوائد جمَّة ، ونصائح عامة نافعة لجميع المسلمين في دينهم ودنياهم ، ولأنها تحضهم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله الأمين – صلى الله عليه وسلم – ، وعلى اتباع السلف الصالح والأئمة المبرزين من علماء المسلمين
رحم الله الشيخ حافظاً الحكمي رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته ، وجزاه عما قدم خير الجزاء ، وغفر له ولوالديه ولشيخه ولجميع المسلمين .
المصدر: ملتقى أهل الحديث.




مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي – الإصدار الثالث

الوصف: مكتبة الكترونية تعتني بكتب وتراث الشيخ حافظ بن أحمد حكمي، وتضم ترجمة له ومجموعة من أبرز مؤلفاته، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، والكتب في البرنامج هي:

– أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة
– الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة
– سلم الوصول إلى علم الأصول
– معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول
– مفتاح دار السلام بتحقيق شهادتي الإسلام
– همزية الإصلاح
– اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون
– دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح
– مختصر دليل أرباب الفلاح
– السبل السوية لفقه السنن المروية
– وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول
– رسالة الأمــر بالمعروف والنهي عن المنكـر
– رسالة النور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض
– نصيحة الأخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان
– المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية
– المنظومة الهائية
– نيـل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول

وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة.

تعليمية
تعليمية

حجم ملف البرنامج: 5 ميجا بايت.

تحميل البرنامج




جزاك الله كل خير و أورثك الفردوس الأعلى




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

حكم من اتهم أم المؤمنين بالفاحشة

حكم من اتهم أم المؤمنين بالفاحشة

هذه أقوال أهل العلم في حكم من سب أم المؤمنين رضي الله عنها واتهمها بالفاحشة :

1- ساق أبو محمد بن حزم الظاهري في المحلى (13/504) بإسناده إلى هشام بن عمار قال : سمعت مالك بن أنس يقول: من سب أبا بكر و عمر جلد ، و من سب عائشة قتل ، قيل له : لم يقتل في عائشة ؟ قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إنكنتم مؤمنين ) ، قال مالك : فمن رماها فقد خالف القرآن ، و من خالف القرآن قتل . قال أبو محمد رحمه الله : قول مالك هانا صحيح و هي ردة تامة و تكذيب لله تعالى في قطعهببراءتها.

2- حكى أبو الحسن الصقلي كما في الشفاء للقاضي عياض (2/267-268) أن القاضي أبا بكر الطيب قال : إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه ، كقوله : ( وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه ) ، و ذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال : ( ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك ( ، سبح نفسه في تبرئتها من السوء كما سبح نفسه في تبرئته من السوء ، و هذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة ، ومعنى هذا و الله أعلم أن الله لما عظم سبها كما عظم سبه وكان سبها سباً لنبيه ، و قرن سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى ، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل ، كان مؤذي نبيه كذلك .
3- قال أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن (3/1356( : إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله ، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ، و من كذبالله فهو كافر ، فهذا طريق قول مالك ، و هي سبيل لائحة لأهل البصائر ولو أن رجلاً سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب .

4- ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول (566-586) بعض الوقائع التي قتل فيها من رماها رضي الله عنها بما برأها الله منه ، حيث يقول : و قال أبو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمديقول لإسماعيل بن إسحاق أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة و الآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة و ترك الآخر ، فقال إسماعيل : ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن .

قال شيخ الإسلام : وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم .

قال أبو السائب القاضي : كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الدعي بطبرستان ، و كان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : يا غلام اضرب عنقه ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : معاذ الله إن هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ،أولئك مبرءون مما يقولون ، لهم مغفرة و رزق كريم ) ، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ، فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه و أنا حاضر .

و روي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنه قدم عليه رجل من العراق فذكرعائشة بسوء فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا و من بني الآباء ، فقلا : هذا سمى جدي قرنان – أي من لا غيرة له – ، و من سمى جدي قرناناستحق القتل فقتلته .

و قال القاضي أبو يعلى : من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف ، و قد حكي الإجماع على هذا غير واحد ، و صرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم .

و قال أبي موسى – و هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفرالشريف الهاشمي إمام الحنابلة ببغداد في عصره – : و من رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة .

5- قال ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد (29 (: ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء ، أفضلهم خديجة بن خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم .

6- قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم(17/ 117-118( في صدد تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك : الحادية والأربعون : براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك ، وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، قال ابن عباس و غيره : لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين ، وهذا إكرام من الله تعالى لهم .

7- حكى العلامة ابن القيم في زاد المعاد (1/106) اتفاق الأمةعلى كفر قاذف عائشة رضي الله عنها ، حيث قال : واتفقت الأمة على كفر قاذفها .

8- قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (5/76) عند قوله تعالى : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلاتالمؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و لهم عذاب عظيم ) ، قال : أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن .
9- قال السيوطي في كتابه الإكليل في استنباط التنزيل ( ص 19 )عند آيات سورة النور التي نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها من قوله تعالى : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم .. الآيات ) ، قال : نزلت في براءة عائشة فيما قذفت به ، فاستدلبه الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ، قال العلماء : قذف عائشة كفرلأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال سبحانك هذا بهتان عظيم ، كما سبح نفسه عند ذكر ماوصفه به المشركون من الزوجة والولد .
10- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في الأسئلة اليامية (1/7) عمن اتهم عائشة رضي الله عنها بالزنا وعن فضلها فرد رحمه الله بمايلي :

عائشة – رضي الله عنها – بنت الصديق هي أم المؤمنين بإجماع المسلمين ، ومن زعم أنها زنت فقد كفر لأنه مكذب لله في قوله جل وعلا : ( إنالذين جاءوا بالأفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شر لكم بل هو خير لكم ) سماه إفكا ؛فالمقصود أن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – هي أفضل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام ، ما عدا خديجة قد اختلف العلماء في أيهما أفضل ، ومن زعم أنها زنت ، أواتهمها بذلك فهو كافر عند أهل العلم ، بإجماع المسلمين ، مكذب لله ولرسوله ، وهي براء من ذلك وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي أفضل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام ،ماعدا خديجة في تفضيلها عليها نزاع بين أهل العلم ، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم كلهن مطهرات مؤمنات تقيات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن ، يجب الإيمان بذلك والتصديق بذلك ، واعتقاد أنهن من أطهر النساء وخير النساء ، وأفضل النساء .




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

أمهات المؤمنين

تعليميةالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تعرف من هن أمهات المؤمنين؟

أمهات المؤمنين: هن زوجات النبي صلي الله عليه و سلم ’ وقد جعلهن رضوان الله عليهم مكرمات فهن كالأمهات لم يتزوجن بعد رسول الله.
و هن 11 أما ولسن من قبيلة واحدة

1.خديجة بنت خويلد 2. سودة بنت زمعة
3.عائشة بنت ابي بكر 4.حفصة بنت عمر .5 زينب ينت خزيمة 6. ام مسلمة
7.زينب بنت جحش . 8.جويرية بنت الحارث 9 .صفية بنت حيي بن اخطب من بني النضير .10أم حبيبة رمله بنت أبي سفيان 11 .ميمونة بنت الحارث بن حزن
رضي الله عنهن جميعا تعليمية




تعليمية




مشكورة اختي على هدا الموضوع القيم




تعليمية




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

[ترجمة] الإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي دعوته وسيرته

الإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي دعوته وسيرته.

للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه سيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ومن والاه .

أما بعد : أيها الإخوان الفضلاء ، أيها الأبناء الأعزاء . هذه المحاضرة الموجزة أتقدم بها بين أيديكم تنويرا للأفكار ، وإيضاحا للحقائق ، ونصحا لله ولعباده وأداء لبعض ما يجب علي من الحق نحو المحاضر عنه وهذه المحاضرة عنوانها : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته .
لما كان الحديث عن المصلحين ، والدعاة والمجددين ، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة ، وأعمالهم المجيدة ، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم ، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم . وأعمالهم وسيرتهم مما تشتاق إليه النفوس الطيبة ، وترتاح له القلوب ، ويود سماعه كل غيور على الدين ، وكل راغب في الإصلاح ، والدعوة إلى سبيل الحق رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير وداعية غيور ، ألا وهو الشيخ الإمام المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية .

هو : الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي ، لقد عرف الناس هذا الإمام ولا سيما علماؤهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وأعيانهم في الجزيرة العربية وفي خارجها ، ولقد كتب الناس عنه كتابات كثيرة ما بين موجز وما بين مطول ، ولقد أفرده كثير من الناس بكتابات حتى المستشرقون كتبوا عنه كتابات كثيرة ، وكتب عنه آخرون في أثناء كتاباتهم عن المصلحين وفي أثناء كتاباتهم في التاريخ ، وصفه المنصفون منهم بأنه مصلح عظيم ، وبأنه مجدد للإسلام ، وبأنه على هدى ونور من ربه ، وتعدادهم يشق كثيرا ، من جملتهم المؤلف الكبير أبو بكر الشيخ حسين بن غنام الأحسائي . فقد كتب عن هذا الشيخ . فأجاد وأفاد وذكر دعوته ، وذكر سيرته وذكر غزواته ، وأطنب في ذلك وكتب كثيرا من رسائله واستنباطاته من كتاب الله عز وجل ، ومنهم الشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه : عنوان المجد ، فقد كتب عن هذا الشيخ ، وعن دعوته ، وعن سيرته ، وعن تاريخ حياته ، وعن غزواته وجهاده ، ومنهم خارج الجزيرة الدكتور أحمد أمين في كتابه : زعماء الإصلاح ، فقد كتب عنه وأنصفه ، ومنهم الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي ، فقد كتب عنه وسماه المصلح المظلوم وكتب عن سيرته وأجاد في ذلك . وكتب عنه أيضا آخرون ، منهم الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني . فقد كان في زمانه وقد كان على دعوته ، فلما بلغه دعوة الشيخ سر بها وحمد الله عليها .

وكذلك كتب عنه العلامة الكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار ورثاه بمرثية عظيمة ، وكتب عنه جمع غفير غير هؤلاء يعرفهم القراء والعلماء ، ولأجل كون كثير من الناس قد يخفى عليه حال هذا الإمام وسيرته ودعوته رأيت أن أساهم في بيان حاله وما كان عليه من سيرة حسنة ، ودعوة صالحة ، وجهاد صادق وأن أشرح قليلا مما أعرفه عن هذا الإمام حتى يتبصر في أمره من كان عنده شيء من لبس ، أو شيء من شك في حاله ودعوته ، وما كان عليه .

ولد هذا الإمام في عام ( 1115 ) هجرية هذا هو المشهور في مولده رحمة الله عليه ، وقيل في عام ( 1111 ) هجرية والمعروف الأول أنه ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية .

وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .

واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان – وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة – ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .
ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف .
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الأحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به .
وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا ، وبعد ذلك ارتحل الشيخ إلى العيينة رحمة الله عليه ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .
وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها .
فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه .

يتبع إن شاء الله




السلام عليكم و رحمة الله و بركآآته
بارك الله فيك أختي
بالانتظار




بارك الله فيك واصل في التميز




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة الشيخ عطية محمد سالم

ترجمة الشيخ عطية محمد سالم

الشيخ عطية محمد سالم هو أحد علماء المدينة المنورة، و قد ولد عام 1346 هـ 1925 م بقرية المهدية إحدى قري محافظة الشرقية بمصر. و كانت بدايته كأبناء الريف فى كتاتيب القرية. انتقل بعدها الي المدرسة الأولية، و كانت مدة الدراسة بها خمسة سنوات. ثم واصل دراسته الدينية بعد مجيئه الي المدينة المنورة عام 1364 هـ فى حلقات المسجد النبوي الشريف، فدرس فيها موطأ الإمام مالك – نيل الاوطار – سبل السلام – رياض الصالحين – البيقونية فى مصطلح الحديث. و كلها على فضيلة الشيخ عبد الرحمن الإفريقي رحمه الله حتى عام 1370 هـ.
_الرحبية فى علم الفرائض.

_الارجرومية فى النحو.
و هذه على فضيلة الشيخ حماد الأنصاري حفظه الله.
_شرح منتهى الإرادات.
_صحيح البخاري.
على فضيلة الشيخ محمد بن تركي رحمه الله.
بالإضافة إلى الشيخ محمد الحركان فى صحيح البخاري، و الشيخ عمار فى سنن أبي داود، و الشيخ العرنوس و الشيخ أحمد ياسين الخياري، و الشيخ محمد أمين.
وفى عام 1370 هـ، افتتحت المعاهد العلمية و الكليات و انتقل الشيخ الي الرياض حيث التحق بالمعهد العلمي الثانوي، ثم كلية الشريعة، و كلية اللغة العربية حيث حصل على الشهادتين من كلتا الكليتين فى سنة التخرج منهما معاً. و فى هذه الفترة توطدت علاقة الشيخ بعلماء هذا العصر و منهم فضيلة الشيخ عبد الرازق عفيفي، و الشيخ يوسف عمر رئيس البعثة الأزهرية، و الشيخ الظواهري وكيل الأزهر، و الأستاذ محمد سرحان و إخوانه عبد اللطيف و عبد السلام، و الشيخ يوسف الضبع، و الشيخ النمر الذي تولي وزارة الأوقاف فى مصر، و الشيخ الهراس، و كان هؤلاء من علماء البعثة الأزهرية. أما من علماء المملكة، فالشيخ عبد العزيز بن عبد الله، و الشيخ عبد العزيز بن رشيد رحمه الله، و الشيخ عبد الرازق حمزة و غيرهم.
و فى هذه الفترة أيضا توطدت العلاقة بفضيلة الوالد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – حيث صحبه طالباً و تلميذاً فى حلقاته و فى رحلاته علاقة الولد والتلميذ مع شيخه حيث من الله عليه بعد ذلك أن أكمل تفسير "أضواء البيان" بعد أن توفي الشيخ رحمه الله.
أما فى المجال الوظيفي، فقد تدرج الشيخ فى الحياة الوظيفية حيث كلف بالتدريس في المعهد العلمي بالإحساء لمدة أربع سنوات و ذلك أثناء دراسته بكلية الشريعة و كلية اللغة، و كذلك كلف بعد التخرج بالتدريس في معهد الرياض، ثم في الكليتين معا حيث كان يدرس "بلوغ المرام" للطلبه في كلية الشريعة، و "الأدب في صدر الإسلام" للطلبه في كلية اللغة، و علم الوضع فيهما معا.
و في عام 1381 تم تشكيل مجلس خاص بقرار من فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة لوضع الترتيبات اللازمة لإفتتاح الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من برامج و مناهج و إدارات. و كان هذا المجلس برئاسة فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز و عضوية كل من الشيخ عبد الرازق عفيفي، و الشيخ مناع القطان، و الأستاذ محمد العبودي، و الشيخ عطية محمد سالم. ثم أسندت إلى فضيلة الشيخ عمارة شئون التعليم بالجامعة الإسلامية، بالإضافة إلى تدريس "بداية المجتهد لإبن رشد"، و "أصول الفقه" عن الشيخ الأمين رحمه الله في حال غيابه.
إنتقل الشيخ بعد ذلك إلى العمل بالقضاء بتكليف من سماحة المفتي و كان رئيسا للقضاء و المحاكم، و تدرج في مراتب القضاء حتى وصل إلى مرتبة "قاضى تمييز" حيث أحيل للتقاعد في 1/7/1414هـ .
و لما افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تم وضع كرسي بإسم الجامعة بالمسجد النبوي، و كان يتناوب عليه كل من فضيلة الشيخ الأمين و الشيخ عبد العزيز بن باز نائب رئيس الجامعة آنذاك. و لظروف صحية للشيخ محمد الأمين حل محله الشيخ عبد القادر شيبه الحمد، و لكثرة أعمال و إرتباطات الشيخ عبد العزيز بن باز حل محله الشيخ عطية محمد سالم. ثم انتقل الشيخ عبد القادر شيبة الحمد إلى الرياض، و انفرد الشيخ عطية بالتدريس في كرسي الجامعة بالمسجد النبوي الشريف إلى الآن، ثم شاركه في الفترة الأخيرة الشيخ على بن عبد الرحمن الحذيفي.
و مما درسه الشيخ عطية لتلاميذه في حلقته بالمسجد النبوي الآتي:
_"موطأ الإمام مالك بن أنس" مرتين، وسجلت الأخيرة على أشرطة كاسيت تعدت 700 شريط موجودة بالمكتبة الصوتية بالمسجد النبوي الشريف.
_"الأربعين النووية"، و سجلت في أكثر من سبعين شريط كاسيت.
_"شرح البيقونية" في المصطلح.
_"شرح الرحبية في الفرائض".
_"شرح الورقات في اللأصول".
_دروس في التفسير "سورة الحجرات أوائل سورة البقرة آيات من سورة آل عمران" و غيره .
_دروس متفرقة في السيرة النبوية و الغزوات.
_كتاب "بلوغ المرام".
_كتاب "البلاغة الواضحة".

و جميع هذه الدروس مسجلة على أشرطة كاسيت بالمكتبة الصوتية بالمسجد النبوي. كما أن للشيخ عطية مشاركات في الإذاعة و التليفزيون و الدورات و الندوات و الأمسيات فى النادي الأدبي بالمدينة المنورة. و قد شارك الشيخ عطية في عدد من المؤتمرات منها:

  • مؤتمر إعداد الدعاة بالجامعة الإسلامية.
  • مؤتمر مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية بالرياض.
  • مؤتمر مكافحة المخدرات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
  • مؤتمر أهل الحديث بإسلام أباد باكستان.
  • المؤتمر الفقهي الإسلامي بماليزيا.
  • مؤتمر الدعوة ببغداد أثناء القتال مع إيران للمصالحة بينهما.
  • أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

و لا يوجد زائر للمدينة المنورة إلا و استوقفه حلقة الشيخ الكبيرة بالمسجد النبوي الشريف. ذلك العلم الذي يتدفق من الداعية الفقيه أية في البناء الأدبي و البلاغي و الحكمة لا تملك إلا أن تلقي ببالك و جميع مداركك الي هذا العلم و هذا العالم الذي يعيد إليك صورة الرعيل الأول من علماء هذه الأمة ممزوجة بعصرنا الحاضر بوعي و إدراك لعلم السلف و معايشة روح العصر.
مؤلفات الشيخعطية:
_تتمة تفسير "أضواء البيان" لفضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي من أول سورة الحشر إلى آخر سورة الناس طبع عدة مرات مع الكتاب.
_"تسهيل الوصول إلى علم الأصول" بالاشتراك مع آخرين .
_"الأدب في صدر الإسلام" بالاشتراك مع آخرين، و كان مقررا بجامعة الإمام الإسلامية.
_"تعريف عام بعمومات الإسلام"، و كان مقررا بالجامعة الإسلامية و ترجم إلى اللغة الإنجليزية.
_"أصل الخطابة و أصولها"، و كان أيضا مقررا بالجامعة.
_"السؤال و الجواب في كتاب الله"، و أصله حلقات بالإذاعة ثم جمعت و طبعت وقررت على طلاب التربية و جامعة الملك عبد العزيز.
_"وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم"، و كان أيضا حلقات بالإذاعة و جمعت و طبعت و قررت على طلاب كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز .
_"في ظل عرش الرحمن"، وموضوعه حديث سبعة يظلهم الله.
_"عمل أهل المدينة" ، تأصيل لحجية عمل أهل المدينة عند الإمام مالك ردا على كتاب محمد بن الحسن في نقده لعمل أهل المدينة ( الحجة على أهل المدينة ).
_"موقف الأمة من إختلاف الأئمة".
_"آيات الهداية و الاستقامة في كتاب الله تعالى" (مجلدين).
_"محموعة الرسائل المدنية" ، و تشتمل على ستة عشر رسالة مستقلة هي:

_صلاة التراويح أكثر من ألف عام في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام.
_مع الرسول في رمضان.
_نكاح المتعة في الإسلام.
_زكاة الحلي.
_تعريف عام بعموميات الإسلام.
_منهج الإسلام في كيفية المؤاخاة والتحكيم بين المسلمين.
_أصول الخطابة و الإنشاء.
üمعالم على طريق الهجرة.
_حكمة التشريع في تعداد الزوجات و تحديد النسل.
_رمضانيات.
_آداب زيارة المسجد النبوي و السلام على رسول الله.
_مع الرسول في حجة الوداع.
_الإسراء و المعراج من الكتاب و السنة.
_سجود التلاوة.
_مع المرضى.
_العين و الرقية و الاستشفاء من القرآن و السنة.

_"هداية المستفيد من كتابة التمهيد" (12 مجلد)، و هو إعادة لترتيب كتاب التمهيد لابن عبد البر على أبواب الفقه بدلا من الأسانيد .
_"الرق في الإسلام"، كتيب بالمشاركة مع الشيخ الأمين.
_كتاب "الدماء في الإسلام".
و للشيخ عطية رسائل و أبحاث بعضها تحت الطبع و البعض الآخر أوراق بحث في الندوات و المشاركات، بالإضافة إلى الإشراف على العديد من الرسائل العلمية بالجامعة و عضو لجان المناقشة للبعض الأخر. بارك الله في عمل الشيخ عطية، و نفعنا بعلمه، و جزاه عن الإسلام والمسلمون خير الجزاء.




مكتبة الشيخ عطية محمد سالم – الإصدار الثاني

الوصف: مكتبة الكترونية تعتني بكتب ومؤلفات الشيخ عطية محمد سالم، وتضم ترجمة للشيخ وبعض أبرز مؤلفاته، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، والمواد في البرنامج هي:

– استقبال المسلمين لرمضان
– التراويح أكثر من ألف عام في المسجد النبوي
– الرشوة
– بدر الكبرى
– حكم من لم يحكم بكتاب الله
– محاسن الشريعة ومساويء القوانين الوضعية
– مرتكزات التضامن والوحدة
– مشاكل الطلاب الجامعيين وحلها على ضوء الإسلام
– مع الأخ أحمد جمال العتاب قبل الجواب
– موجز البيان في زكاة الأطيان والبنيان
– وجوب الحكم بما أنزل الله
– دروس للشيخ عطية سالم
– شرح الأربعين النووية
– تفسير سورة الحجرات
– شرح بلوغ المرام
– شرح متن الرحبية
وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة.

تعليمية
تعليمية

حجم ملف البرنامج: 14 ميجا بايت.




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

أسماء بعض كبار اللغويين من أهل السنة

تعليمية تعليمية

أسماء بعض كبار اللغويين من أهل السنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على النبي محمد ومن والاه، وبعد:
فهذه بعض أسماء علماء اللغة والنحو الذين كانوا على اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولم يكونوا من أهل البدع والمنكرات والتصوف… وغير ذلك، وسبب وضعي لها:
أن البعض يدّعون، ويزعمون أن من تفوقوا وبرزوا في علوم الآلة هم معظمهم من أهل البدع، لاسيما علوم اللغة والقراءات… وغيرها.
وأرادوا بقولهم هذا أن لا يشرحوا لطلبتهم هذه العلوم لجهلهم بها؛ فكتبوا ما كتبوا، وافتروا، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
بل إني أقول: كل علم يخدم الدين هو خير للأمة، والواجب علينا أهل السنة أنه لو فُرض وتفوق أهل البدع في مسألة أو في علم ما، أن لا نترك هذا لهم، بل نجتهد ونتفوق عليهم حتى لا نحتاج لغيرنا من المخالفين، ونصير عالة نتكفف أهل البدع !!.
وكان ينبغي على قائل هذا القول أن يعتذر عن جهله بهذه العلوم!!، أو أن يسكت أسلم لنفسه!!، ولا يحقر من شأن دراسة هذه العلوم المهمة.
فقد أوجب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعلُّم هذه العلوم؛ لأن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب!.
ويجب على المسلمين تعلُّم دينهم، ولن يوصلهم لهذا التعلم إلا بعض العلوم الخادمة؛ فلذلك صارت فرضًا؛ على قول شيخ الإسلام رحمه الله.

ولإبطال قول الزاعم قمت بوضع هذا الموضوع وفيه: بعض أسماء علماء اللغة الحاذقين بل والمشهورين من أهل السنة والجماعة؛ فإليكموها:

1.الفراهيدي، الخليل بن أحمد، ت:175هـ من مؤلفاته (كتاب العين، وكتاب العروض، وكتاب الشواهد، وكتاب النقط والشكل)
2. سيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر، ت:180هـ من مؤلفاته (الكتاب)
3. الكسائي، علي بن حمزة بن عبد الله، ت:189هـ من مؤلفاته (معاني القرآن)
4. النضر بن شميل بن خرشة النحوي، ت:203هـ
5. الأصمعي، عبدالملك بن قريب، ت:213هـ من مؤلفاته (الأضداد،)
6. أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي، ت:224هـ من مؤلفاته (الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن، غريب الحديث، فضائل القرآن، الأمثال، الأموال، الإيمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته، الخطب والمواعظ، السلاح، الطهور)
7. ابن الأعرابي، محمد بن زياد، ت:231هـ من مؤلفاته (النوادر، الأنواء، الخيل، تاريخ القبائل، الألفاظ)
8. ابن قتيبة الدينوري، عبدالله بن مسلم ، ت:276هـ من مؤلفاته (أدب الكاتب، الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها، الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة، المسائل والأجوبة في الحديث والتفسير، المعاني الكبير في أبيات المعاني، تأويل مختلف الحديث، تأويل مشكل القرآن، تفسير غريب القرآن، عيون الأخبار، غريب الحديث، الميسر والقداح) وغيرها كثير يفوق الستين
9. إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي، ت:285هـ من مؤلفاته (غريب الحديث، إتباع الأموات، ذم الغيبة، سجود القرآن، رسالة في أن القرآن غير مخلوق، إكرام الضيف)
10. ثعلب، أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني، ت:291هـ من مؤلفاته (معاني القرآن، مجالس ثعلب، الفصيح)
11. ابن الحداد سعيد بن محمد بن صبيح المغربي، ت:302هـ من مؤلفاته (توضيح المشكل في القرآن، المقالات، الاستيعاب، الأمالي، عصمة المسلمين، العبادة الكبرى والصغرى، الاستواء)
12. ابن دريد، محمد بن الحسن الأزي، ت:321هـ من مؤلفاته (جمهرة اللغة، الاشتقاق، ديوان شعر، السرج واللجام، الملاحن)
13. نفطويه، إبراهيم ين محمد بن عرفة، ت:323هـ من مؤلفاته (التاريخ، الرد على من قال بخلق القرآن، مسألة سبحان)
14. ابن الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم ، ت:328هـ من مؤلفاته (إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، الزاهر في معاني كلام الناس، الأضداد، الرد على من خالف مصحف العامة، مشكل القرآن)
15. النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد، ت:328هـ من مؤلفاته (معاني القرآن الكريم، اشتقاق أسماء الله، إعراب القرآن، الناسخ والمنسوخ في كتاب الله، القطع والائتناف)
16. غلام ثعلب، محمد بن عبد الواحد الزاهد، ت:345هـ من مؤلفاته (غريب الحديث، فاءت الفصيح، فضائل معاوية، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، المداخل أو المداخلات)
17. الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، ت:370هـ من مؤلفاته (تهذيب اللغة، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي)
18. الزبيدي، أبو بكر محمد بن الحسن ، ت:379هـ من مؤلفاته (طبقات النحويين واللغويين، لحن العوام، مختصر العين، الانتصار للخليل، هتك ستور الملحدين)
19. أحمد بن فارس بن زكريا، ت:395هـ من مؤلفاته (مأخذ العلم، المجمل في اللغة، تمام فصيح الكلام، معجم مقاييس اللغة، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب، الحجر، حلية الفقهاء)
20. بديع الزمان الهمذاني، أحمد بن الحسين، ت:398هـ من مؤلفاته (المقامات، رسائل بديع الزمان الهمذاني)

ولعل هناك من هم أكثر من ذلك لا نعلمهم، الله يعلمهم.
فليتق الله أناس يتكلمون بما لا يعلمون، ويحقّرون من شأن العلوم والفنون. ورحم الله من قال: من تدخل في غير فنه أتى بهذه العجائب.
وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد، صاحب المقام الأمجد، وعلى آله وصحبه سلامًا دائمًا ممدد.

سحاب الخير


منقول للفائدة

تعليمية تعليمية




بارك الله فيكِ، موضوع مهم و مميز




شكرا وبارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك




جزاك الله كل خير وبارك فيك




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة الشيخ تقي الدين الهلالي

ترجمة الشيخ تقي الدين الهلالي
نسبه

هو العلامة المحدث و اللغوي الشهير و الأديب البارع و الشاعر الفحل و الرحالة المغربي الرائد الشيخ السلفي الدكتور محمد التقي المعروف ب محمد تقي الدين ، كنيته أبو شكيب ( حيث سمى أول ولد له على اسم صديقه الأمير شكيب أرسلان ) ، بن عبد القادر ، بن الطيب ، بن أحمد ، بن عبد القادر ، بن محمد ، بن عبد النور ، بن عبد القادر ، بن هلال ، بن محمد ، بن هلال ، بن إدريس ، بن غالب ، بن محمد المكي ، بن إسماعيل ، بن أحمد ، بن محمد ، بن أبي القاسم ، بن علي ، بن عبد القوي ، بن عبد الرحمن ، بن إدريس ، بن إسماعيل ، بن سليمان ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين ، بن علي و فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه و سلم .
و قد أقر هذا النسب السلطان الحسن الأول حين قدم سجلماسة سنة 1311 ه .
نشأته
ولد الشيخ سنة 1311 ه بقرية "الفرخ" ، و تسمى أيضا ب "الفيضة القديمة" على بضعة أميال من الريصاني ، و هي من بوادي مدينة سجلماسة المعروفة اليوم بتافيلالت الواقعة جنوبا بالمملكة المغربية.
و قد ترعرع في أسرة علم و فقه ، فقد كان والده و جده من فقهاء تلك البلاد.

رحلاته لطلب العلم و خدمته للدعوة
قرأ القرآن على والده و حفظه و هو بن اثنتي عشر سنة ثم جوده على الشيخ المقرئ احمد بن صالح ثم لازم الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله التندغي الشنقيطي فبدأ بحفظ مختصر خليل و قرأ عليه علوم اللغة العربية و الفقه المالكي إلى أن أصبح الشيخ ينيبه عنه في غيابه ، و بعد وفاة شيخه توجه لطلب العلم على علماء وجدة و فاس آنذاك إلى أن حصل على شهادة من جامع القرويين . ثم سافر إلى القاهرة ليبحث عن سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم، فالتقى ببعض المشايخ أمثال الشيخ عبد الظاهر أبو السمح و الشيخ رشيد رضا و الشيخ محمد الرمالي و غيرهم ، كما حضر دروس القسم العالي بالأزهر و مكث بمصر نحو سنة واحدة يدعو إلى عقيدة السلف و يحارب الشرك و الإلحاد. و بعد أن حج توجه إلى الهند لينال بغيته من علم الحديث فالتقى علماء أجلاء هناك فأفاد و استفاد ؛ و من أجل العلماء الذين التقى بهم هناك المحدث العلامة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري صاحب "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " و أخذ عنه من علم الحديث و أجازه وقد قرّظه بقصيدة يُهيب فيها بطلاب العلم إلى التمسك بالحديث والاستفادة من الشرح المذكور، وقد طبعت تلك القصيدة في الجزء الرابع من الطبعة الهندية ؛ كما أقام عند الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني نزيل الهند آنذاك وقرأ عليه أطرافا من الكتب الستة و أجازه أيضا . ومن الهند توجه إلى "الزبير" (البصرة) في العراق، حيث التقى العالم الموريتاني السلفي المحقق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير، وهو غير العلامة المفسر صاحب "أضواء البيان" و استفاد من علمه، و مكث بالعراق نحو ثلاث سنين ثم سافر إلى السعودية مرورا بمصر حيث أعطاه السيد محمد رشيد رضا توصية وتعريفاً إلى الملك عبدالعزيز آل سعود قال فيها: (إن محمدا تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه) ، فبقي في ضيافة الملك عبد العزيز بضعة أشهر إلى أن عين مراقبا للتدريس في المسجد النبوي وبقي بالمدينة سنتين ثم نقل إلى المسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي بمكة وأقام بها سنة واحدة . و بعدها جاءته رسائل من إندونيسيا ومن الهند تطلبه للتدريس بمدارسها، فرجح قبول دعوة الشيخ سليمان الندوي رجاء أن يحصل على دراسة جامعية في الهند ، وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في كلية ندوة العلماء في مدينة لكنهو بالهند حيث بقي ثلاث سنوات تعلم فيها اللغة الإنجليزية و لم تتيسر له الدراسة الجامعية بها. و أصدر باقتراح من الشيخ سليمان الندوي وبمساعدة تلميذه الطالب مسعود عالم الندوي مجلة "الضياء". ثم عاد إلى الزبير (البصرة) وأقام بها ثلاث سنين معلما بمدرسة "النجاة الأهلية" المذكورة آنفا. و بعد ذلك سافر إلى جنيف بالسويسرا و أقام عند صديقه،أمير البيان، شكيب أرسلان ، و كان يريد الدراسة في إحدى جامعات بريطانيا فلم يتيسر له ذلك ، فكتب الأمير شكيب رسالة إلى أحد أصدقائه بوزارة الخارجية الألمانية يقول فيها : (عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله، وهو يريد أن يدرس في إحدى الجامعات، فعسى أن تجدوا له مكانا لتدريس الأدب العربي براتب يستعين به على الدراسة) ، وسرعان ما جاء الجواب بالقبول، حيث سافر الشيخ الهلالي إلى ألمانيا وعين محاضراً في جامعة "بون" وشرع يتعلم اللغة الألمانية، حيث حصل على دبلومها بعد عام، ثم صار طالباً بالجامعة مع كونه محاضراً فيها، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها، وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة برلين طالباً ومحاضراً ومشرفاً على الإذاعة العربية ، وفي سنة 1940م قدم رسالة الدكتوراه، حيث فند فيها مزاعم المستشرقين أمثال: مارتن هارثمن، وكارل بروكلمان، وكان موضوع رسالة الدكتوراه "ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها"، وكان مجلس الامتحان والمناقشة من عشرة من العلماء، وقد وافقوا بالإجماع على منحه شهادة الدكتوراه في الأدب العربي. و أثناء الحرب العالمية الثانية سافر الشيخ إلى المغرب ، وفي سنة 1947م سافر إلى العراق و قام بالتدريس في كلية "الملكة عالية" ببغداد إلى أن قام الانقلاب العسكري في العراق فغادرها إلى المغرب سنة 1959م. و شرع أثناء إقامته بالمغرب ،موطنه الأصلي، في الدعوة إلى توحيد الله و نبذ الشرك و اتباع نهج خير القرون. و في هذه السنة (سنة 1959م) عين مدرسا بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم بفرعها بفاس ، وفي سنة 1968م تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك للعمل أستاذاً بالجامعة منتدباً من المغرب فقبل الشيخ الهلالي وبقي يعمل بها إلى سنة 1974م حيث ترك الجامعة و عاد إلى مدينة مكناس بالمغرب للتفرغ للدعوة إلى الله ، فصار يلقي الدروس بالمساجد و يجول أنحاء المغرب ينشر دعوة السلف الصالح. و كان من المواظبين على الكتابة في مجلة (الفتح) لمحب الدين الخطيب، ومجلة (المنار) لمحمد رشيد رضا رحم الله الجميع.
شيوخه
من شيوخه رحمه الله :
*
الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي

*
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري

*
الشيخ محمد العربي العلوي

*
الشيخ الفاطمي الشراوي

*
الشيخ أحمد سوكيرج

*
الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني

*
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (غير صاحب "أضواء البيان")

*
الشيخ رشيد رضا

*
الشيخ محمد بن إبراهيم

*
بعض علماء القرويين

*
بعض علماء الأزهر

مؤلفاته
مؤلفات الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله كثيرة جدا و جمعها ليس بالأمر الهين لأنها ألفت في أزمنة مختلفة و بقاع شتى ، و منها :
*
الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري [المجلد الأول فقط]

*
الإلهام والإنعام في تفسير الأنعام

*
مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل

*
الهدية الهادية للطائفة التجانية

*
القاضي العدل في حكم البناء على القبور

*
العلم المأثور والعلم المشهور واللواء المنشور في بدع القبور

*
آل البيت ما لهم وما عليهم

*
حاشية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

*
حاشية على كشف الشبهات لمحمد بن عبدالوهاب

*
الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق

*

دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين

*
البراهين الإنجيلية على أن عيسى داخل في العبودية وبريء من الألوهية

*
فكاك الأسير العاني المكبول بالكبل التيجاني

*
فضل الكبير المتعالي (ديوان شعر)

*
أسماء الله الحسنى (قصيدة)

*
الصبح السافر في حكم صلاة المسافر

*
العقود الدرية في منع تحديد الذرية

*
الثقافة التي نحتاج إليها (مقال)

*
تعليم الإناث و تربيتهن (مقال)

*
ما وقع في القرآن بغير لغة العرب (مقال)

*
أخلاق الشباب المسلم (مقال)

*
من وحي الأندلس (قصيدة)

وفاته
في يوم الإثنين 25 شوال 1407ه الموافق ل 22 يونيو 1987م أصيبت الأمة الإسلامية بفاجعة و مصيبة يصعب على القلم وصفها ، و هي مصيبة موت الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله و ذلك بمنزله في مدينة الدار البيضاء بالمغرب. و قد شيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم علماء و مثقفون و سياسيون.
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى اِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَاَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَاَضَلُّوا) (رواه البخاري)
فنسأل الله الكريم أن يرحم الشيخ رحمة واسعة و يدخله فسيح جناته.
وهذه هي خاتمة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي:

حدث رجل ممن جالس الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله و زاره الشيخ في بيته و هو السيد عبد الإله الشرقاوي(*) الرباطي (و هو مقيم بالمغرب حاليا) أن ابن عم الشيخ المعروف في المغرب بــ "الهلالي" حدثه بما يلي :
كان الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في أواخر أيام حياته مريضا طريح الفراش و كان لا يستطيع أن يتوضأ فكان يتيمم ؛و كان رحمه الله لا يرى التيمم بالحجر بل يتيمم بالتراب إذ كان له بمنزله كيس يملؤه بالتراب لذلك الغرض، و إذا قيل له تيمم بالحجر قال لا هذا فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم (يعني التيمم بالتراب).و ذات يوم قال لأهل بيته إيتوني بوَضوء فقالوا له أنت لا تستطيع التوضؤ فتيمم ، لكنه أصر على الوضوء فأتوه بوضوء.فتوضأ رحمه الله و صلى ركعتين و استلقى على الفراش و قال لمن كان ببيته من يجيد منكم قراءة القرآن ، فقرأ عليه أحدهم سورة ياسين و هو ينصت حتى أتمها؛ثم قال له الشيخ رحمه الله أعد القراءة من قوله تعالى :

{ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }

فأعاد القارئ القراءة إلى أن انتهى من قوله تعالى :

{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }

فرفع الشيخ إصبعه إلى السماء (يعني و كأنه يقول : الله هو الذي يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ففاضت روحه من حينها ، فرحمه الله رحمة واسعة ورزقنا و إياكم حسن الخاتمة. آمين.
من الموقع الرسمي للشيخ رحمه الله
http://www.alhilali.net/?c=1




مكتبة الشيخ تقي الدين الهلالي – الإصدار الثاني

الوصف: مكتبة الكترونية تعتني بكتب وتراث الشيخ محمد تقي الدين الهلالي، وتضم ترجمة له ومجموعة من أبرز مؤلفاته، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، والكتب في البرنامج هي:

– أتوعد سنات الرسول بمحوها
– أخلاق الشباب المسلم
– الأدب الأندلسي
– الإسلام والمذاهب الإشتراكية
– التقدم والرجعية
– الثقافة التي نحتاج إليها
– الحسام الماحق على كل مشرك ومنافق
– الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة
– الدين والسنن الكونية
– الشمس في نصف الليل
– الفكر الصوفي
– الفجر الصادق وامتيازه عن الفجر الكاذب
– الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية
– تعليم الإناث وتربيتهن
– هل من الصواب منع المرأة من الجلباب؟
– حديث مع زائر كريم
– حكم مصافحة المرأة المسلمة للرجال الأجانب
– قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة
– ما بال الفرنسيين العائثين في المغرب
– ما وقع في القرآن بغير لغة العرب
– هل توجد فرقة تسمي نفسها وهابية؟
– استفتاء في الحكم الشرعي للتأمين
– أسماء الله الحسنى
– الاستسقاء بذبح الخيل
– التعصب للجنس والدين
– الرد على بعض غلاة الصوفية
– القطب الصوفي
– أيها العرب، لا تتخذوا الفرقة وسيلة إلى الوحدة
– توبة الشيخ من الطريقة التجانية
– حقوق آل البيت مالهم وما عليهم
– دار الحديث الحسنية
– قصة الفتاة المغربية مع الشيخ الهلالي
– مصر للمصريين ولو كان المغرب بيد البريطانيين
– معارضة مقدم تجاني
– مقام القاضي عياض في محبة النبي واتباع ما جاء به
– من وحي الأندلس
– نسبوني إلى الوهاب
– هل اختصت الإمامية بفتح باب الاجتهاد

وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة.

تعليمية
تعليمية

حجم ملف البرنامج: 3 ميجا بايت.




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن

تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فهذه تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين مستلة من كتاب الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى (تأملات في قوله تعالى ( وأزواجه أمهاتهم ))، مع التنبيه على بعض المسائل المتعلقة بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

قال الشيخ حفظه الله تعالى :

المسألة الحادية عشرة: في ذكر عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم والتعريف بهن رضي الله عنهن :
لا ريب أن من تمام تدبر الآية معرفة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعددهن وشيء من حياتهن رضي الله عنهن ، وكتب السيرة والتراجم حافلة ببيان ذلك ، لكن المفيد هنا أن نشير إلى شيء من ذلك ولو على وجه الاختصار (1) .
عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة امرأة توفي في حياته اثنتان منهن ، ومات صلى الله عليه وسلم عن التسع الباقيات .
1 – أولهن خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية ، تزوجها قبل النبوة ولها أربعون سنة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم رضي الله عنه فإنه من سريته مارية ، وهي التي آزرته على النبوة وجاهدت معه ، وواسته بنفسها ومالها ، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين .
ومن خصائصها : أن الله سبحانه بعث إليها السلام مع جبريل فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولانصب » (2) .
ومن خصائصها: أنها لم تسؤه قط ولم تغاضبه ، ولم ينلها منه إيلاء ولا عتب قط ولا هجر .
ومن خصائصها: أنها أول امرأة آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة .

2 – ثم تزوج بعد موتها بأيام سودة بنت زمعة بن قيس القرشية رضي الله عنها ، وكبرت عنده ، وأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة رضي الله عنها ، فأمسكها (3) ، وهذا من خواصها أنها آثرت يومها حب النبي صلى الله عليه وسلم تقربا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبا له ، وإيثارا لمقامها معه ، فكان يقسم لنسائه ولا يقسم لها ، وهي راضية بذلك ، مؤثرة لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها ، وتوفيت في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنها ، وعن الصحابة أجمعين .
3 – ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر ، الصديقة بنت الصديق ، في شوال قبل الهجرة بسنتين وقيل بثلاث وهي بنت ست سنين ، وبنى بها بالمدينة أول مقدمه في السنة الأولى وهي بنت تسع سنين ، وقد عرضها عليه الملك قبل نكاحها في سرقة من حرير ، ففي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
« أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة من حرير ، فيقول: هذه امرأتك . فأكشف فإذا هي أنت . فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه » (4) .
ومن خصائصها : أنها كانت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، كما ثبت عنه ذلك في البخاري ومسلم ، وقد « سئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة " قيل: فمن الرجال؟ قال: " أبوها » (5) .
ومن خصائصها أيضا: أنه لم يتزوج امرأة بكرا غيرها ، وقد جاء في البخاري « عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت يا رسول الله ، أرأيت لو نزلت واديا فيه شجرة قد أكل منها ، وشجرة لم يؤكل منها ، ففي أيها كنت ترتع بعيرك ، قال: " في التي لم يرتع فيها » (6) . تعني أنه لم يتزوج بكرا غيرها .
ومن خصائصها: أنه كان ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها . ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يا أم سلمة ! لا تؤذيني في عائشة ، فإني والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها » (7) .
ومن خصائصها: أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك ، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة ، وشهد لها بأنها من الطيبات ، ووعدها المغفرة والرزق الكريم ، وكانت رضي الله عنها تتواضع وتقول: " ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى . . . " (
ومن خصائصها: أنها كانت أفقه نسائه صلى الله عليه وسلم وأعلمهن ، بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق ، وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون إلى قولها ويستفتونها .
ومن خصائصها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتها ، وفي يومها ، وبين سحرها ونحرها ، ودفن في بيتها (9) .
وقد مات عنها صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثماني عشرة سنة ، وتوفيت بالمدينة ودفنت بالبقيع ، وأوصت أن يصلي عليها أبو هريرة رضي الله عنه ، سنة ثمان وخمسين من الهجرة .
واختلف أهل العلم هل هي أفضل أو خديجة على ثلاثة أقوال: فقال بعضهم: هي أفضل . وقال بعضهم: خديجة أفضل . وتوقف آخرون .
قال السيوطي في ألفيته في علم الحديث:
وأفضل الأزواج بالتحقيق … خديجة مع ابنة الصديق
وفيهما ثالثها الوقف وفي … عائشة وابنته الخلف قفي
يليهما حفصة فالبواقي … وآخر الصحاب باتفاق (10)

قال ابن القيم رحمه الله: " وسألت شيخنا ابن تيمية فقال: اختص كل واحدة منهما بخاصة ، فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام ، وكانت تسلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتثبته وتسكنه ، وتبذل دونه مالها فأدركت غرة الإسلام ، واحتملت الأذى في الله وفي رسوله ، وكان نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة ، فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها . 0 وعائشة -رضي الله عنها- تأثيرها في آخر الإسلام ، فلها من التفقه في الدين ، وتبليغه إلى الأمة ، وانتفاع بنيها بما أدت إليهم من العلم ما ليس لغيرها ، هذا معنى كلامه " (11) .
4 – ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنها- وعن أبيها في السنة الثالثة من الهجرة ، وكانت قبله عند خنيس ابن حذافة ، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وممن شهد بدرا ، وقد توفيت عام سبع أو ثمان وعشرين من الهجرة .

5- ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية من بني هلال بن عامر ، وتوفيت عنده -صلى الله عليه وسلم- بعد ضمه لها بشهرين ، وكانت تسمى أم المساكين لكثرة إطعامها للمساكين -رضي الله عنها- .
0 6– ثم تزوج أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية وقيل هي آخر نسائه موتا ، وقد توفيت سنة اثنتين وستين للهجرة ، ودفنت في البقيع ، وقد تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة الرابعة . من الهجرة . ومن خصائصها: أن جبرائيل دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي عنده ، فرأته في صورة دحية الكلبي . ففي صحيح مسلم « عن أبي عثمان قال: " نبئت أن جبرائيل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أم سلمة ، قال: فجعل يتحدث ثم قام ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة من هذا؟ » (12) الحديث .
7- ثم تزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة ، وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت قبل عند مولاه زيد ابن حارثة ، فطلقها فزوجها الله إياه من فوق سبع سماوات ، وأنزل عليه: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } (13) فقام فدخل عليها بلا استئذان ، وكانت تفخر بذلك على سائر أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: " زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله من فوق سبع سماوات " (14) .
وهذا من خصائصها . توفيت بالمدينة سنة عشرين ، ودفنت في البقيع . وهي أول نسائه لحوقا به بعد موته -عليه الصلاة والسلام- . « فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" قالت: فكانت أطولنا يدا زينب ، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق » (15) .

8- وتزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية ، وكانت سبيت في غزوة بني المصطلق ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس ، فكاتبها ، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابها ، وتزوجها سنة ست من الهجرة ، وتوفيت سنة ست وخمسين .
ومن فضائلها: أن المسلمين أعتقوا بسببها مائة أهل بيت من الرقيق ، وقالوا: أصهار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (16) .
وكان هذا من بركاتها على قومها .
9 – ثم تزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب القرشية الأموية ، وقيل: اسمها هند ، تزوجها وهي ببلاد الحبشة مهاجرة ، وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار ، وسيقت إليه من هناك ، وماتت في أيام أخيها معاوية بن أبي سفيان .
10 – وتزوج في السنة السابعة صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام ، فهي ابنة نبي وعمها نبي وزوجها نبي ، وكانت من أجمل نساء العالمين ، وكانت قد صارت له من الصفي أمة فأعتقها وجعل عتقها صداقها . وهذا من خصائصها -رضي الله عنها- .
11 – ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وهي آخر من تزوج بها ، تزوجها بسرف ، وبنى بها بسرف ، تزوجها في السنة السابعة من الهجرة بعد عمرة القضاء ، وماتت بسرف سنة ثلاث وستين من الهجرة في أيام معاوية -رضي الله عنه- وعنها وعن الصحابة أجمعين .
فهؤلاء . نساؤه المعروفات اللاتي دخل بهن وهن إحدى عشرة امرأة ، وهن فقط أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- أجمعين .

قال الحافظ العراقي في ألفيته في السيرة النبوية:
زوجاته اللاتي بهن قد دخل … ثنتا أو إحدى عشرة خلف نقل
خديجة الأولى تليها سودة … ثم تلي عائشة الصديقة
وقيل قبل سودة فحفصة … فزينب والدها خزيمة
فبعدها هند أي أم سلمة … فابنة جحش زينب المكرمة
تلي ابنة الحارث أي جويرية … فبعدها ريحانة المسبية
وقيل بل ملك يمين فقط … لم يتزوجها وذاك أضبط
بنت أبي سفيان وهي رملة … أم حبيبة تلي صفية
من بعدها فبعدها ميمونة … حلا وكانت كاسمها ميمونة
وابن المثنى معمر قد أدخلا … في جملة اللاتي بهن دخلا
بنت شريح واسمها فاطمة … عرفها بأنها الواهبة
ولم أجد من جمع الصحابة … ذكرها ولا بأسد الغابة
وعلها التي استعاذت منه … وهي ابنة الضحاك بانت منه
وغير من بنى بها أو وهبت … إلى النبي نفسها أو خطبت
ولم يقع تزويجها فالعدة … نحو الثلاثين بخلف أثبتوا (17)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " وقال بعضهم هن ثلاثون امرأة ، وأهل العلم بسيرته وأحواله -صلى الله عليه وسلم- لا يعرفون هذا ، بل ينكرونه ، والمعروف عندهم أنه بعث إلى الجونية ليتزوجها فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت منه فأعاذها ولم يتزوجها ، وكذلك الكلبية ، وكذلك التي رأى بكشحها بياضا فلم يدخل بها ، والتي وهبت نفسها له فزوجها غيره على سور من القرآن ، هذا هو المحفوظ ، والله أعلم " (1 .

__________
(1) من المصادر والمراجع التي يمكن الإفادة منها في ترجمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي: 1 – طبقات ابن سعد (8 52 وما بعدها). 2 – تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده لأبي عبيدة معمر بن المثنى. 3 – الاستيعاب لابن عبد البر (1 44 وما بعدها). 4 – الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ” كتاب النساء ” (4 224 وما بعدها). 5 – زاد المعاد لابن القيم (1 105) وما بعدها. 6 – جلاء الأفهام له (ص 154 وما بعدها). 7 – أمهات المؤمنين رضي الله عنهن دراسة حديثية، للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف، رسالة دكتوراه مطبوعة على الآلة الكاتبة.
( 2 ) صحيح البخاري المناقب (3610),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2432),مسند أحمد بن حنبل (2/231).
(3) رواه البخاري (9 312 فتح).
(4) صحيح البخاري النكاح (4790),صحيح مسلم فضائل الصحابة (243,سنن الترمذي المناقب (3880),مسند أحمد بن حنبل (6/12.
(5) صحيح البخاري المناقب (3462),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2384),سنن الترمذي المناقب (3885),مسند أحمد بن حنبل (4/203).
(6) صحيح البخاري النكاح (4789).
(7) صحيح البخاري المناقب (3564),سنن الترمذي المناقب (3879),سنن النسائي عشرة النساء (3950),مسند أحمد بن حنبل (6/293).
( 50 رواه البخاري (7 431 فتح) ومسلم (4 2129).
(9) رواه البخاري (8 144 فتح)، ومسلم (4 1893).
(10) ألفية السيوطي في علم الحديث (196)
(11 ) جلاء الأفهام (154).
(12) صحيح البخاري فضائل القرآن (4695),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2451).
(13) سورة الأحزاب الآية 37
(14) رواه البخاري (13 403 فتح).
(15) رواه مسلم (4 1907 ).
(16 ) رواه أحمد في مسنده (6 277 ).
(17) العجالة السنية على ألفية السيرة النبوية للعراقي تأليف عبد الرزاق المناوي ص 255 هـ 256.
(1 زاد المعاد (1 113).
************************* ***
من كتاب تأملات في قوله تعالى ( وأزواجه أمهاتهم )- ص 66- 83





المسألة الثانية عشرة: في ذكر بعض فضائلهن وخصائصهن:

مر معنا في المسألة السابقة بعض الفضائل والخصائص التي تميز بها بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وفي هذه المسألة سأشير إلى بعض فضائلهن وخصائصهن إجمالا ، أو الفضائل والخصائص المشتركة بينهن -رضي الله عنهن- أو بين أكثرهن .
أولا : فمن خصائصهن أن الله أكرمهن وشرفهن بأن كن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وهذه فضيلة عظيمة ومنقبة كبيرة من الله عليهن بها ، وهن أزواجه في الدنيا والآخرة .
ثانيا : ما ترتب على ذلك ، وهو أنهن صرن بذلك أمهات للمؤمنين ، كما قال تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (سورة الأحزاب الآية 6
) فهذه فضيلة أخرى وخاصية ثانية نلنها لما أكرمهن بأن كن أزواجا للنبي -صلى الله عليه وسلم- .
ثالثا : وصف الله لهن في القرآن بأنهن لسن كأحد من النساء ، قال تعالى: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ } (سورة الأحزاب الآية 32) بل أحسن وأفضل .
رابعا : ومن خصائصهن أنهن لا يجوز نكاحهن من بعده ، كما قال تعالى: { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا } (سورة الأحزاب الآية 53) وهذه خاصة بهن دون سائر النساء .
خامسا : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص على الصلاة عليهن ، ففي الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي : أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولوا: « اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد » (1) .
سادسا : إيثارهن البقاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحياة الدنيا وزينتها لما خيرن في ذلك ، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا } (سورة الأحزاب الآية 2 { وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } (سورة الأحزاب الآية 29) فاخترن البقاء معه -صلى الله عليه وسلم- .
سابعا : أنهن داخلات في آل النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ويدل على دخولهن في الآل أمور عديدة ، منها: 1
– قوله تعالى في حقهن: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (الأحزاب الآية 33)
2- قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي حميد المتقدم: « اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته » (2) وفي غيره من الأحاديث: « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد » (3) . وهذا غايته أن يكون الأول منهما قد فسره اللفظ الآخر .
3 – ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا » (4) .
وكان رزق أزواجه -صلى الله عليه وسلم- قوتا ، وما كان يحصل له بعد من الأموال كن يتصدقن بها ويجعلن رزقهن قوتا .
4 – ما ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله عز وجل » (5) وأزواجه كان أمرهن كذلك .
5 – وإنما دخل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الآل تشبيها لذلك؛ لأن اتصالهن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- غير مرتفع ، وهن محرمات على غيره في حياته وبعد مماته ، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة ، فالسبب الذي لهن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قائم مقام النسب (6) .
ثامنا : أنهن تحرم عليهن الصدقة ، وهذا مترتب على الذي قبله؟ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : « إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد » .
وهن داخلات في الآل كما تقدم ، فالصدقة تحرم عليه؛ لأنها من أوساخ الناس ، وقد صان الله سبحانه ذلك الجناب الرفيع من كل أوساخ بني آدم (7) .
تاسعا : أنهن من الذين يؤتون أجرهم مرتين ، قال الله تعالى: { وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } (سورة الأحزاب الآية 31 )

" فقنتن لله ورسوله وعملن صالحا ، فعلم بذلك أجرهن " (رضي الله عنهن أجمعين .
وقد أفرد السيوطي رسالة لطيفة فيمن يؤتى أجره مرتين ، جمع فيها من ورد في حقهم هذا الأجر المضاعف ، بدأها بأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- (9) ، وأورد ، الآية الكريمة المتقدمة ، ثم ساق ما رواه الطبراني (10) عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « أربعة يؤتون أجرهم مرتين: أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ومن أسلم من أهل الكتاب ، ورجل كانت عنده أمة فأعجبته فأعتقها ثم تزوجها ، وعبد مملوك أدى حق الله وحق ساداته » (11) .
إلا أن الحديث غير ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لضعف إسناده (12) ، والآية كافية في الدلالة على هذه الفضيلة وإثباتها .
وقد قال السيوطي في آخر رسالته المتقدمة (13) نظما:
وجمع أتى فيما روينا أنهم … يثنى لهم أجر حووه محققا
فأزواج خير الخلق أولهم ومن … على زوجها أو القريب تصدقا
فهذه بعض خصائص وفضائل أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- . والمقصود الإشارة ليس إلا ، والله أعلم

_______________
(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3189),صحيح مسلم الصلاة (407),سنن النسائي السهو (1294),سنن أبو داود الصلاة (979),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (905),مسند أحمد بن حنبل (5/424),موطأ مالك النداء للصلاة (397).
(2) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3189),صحيح مسلم الصلاة (407),سنن النسائي السهو (1294),سنن أبو داود الصلاة (979),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (905),مسند أحمد بن حنبل (5/424),موطأ مالك النداء للصلاة (397).
(3) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3190),صحيح مسلم الصلاة (406),سنن الترمذي الصلاة (483),سنن النسائي السهو (128,سنن أبو داود الصلاة (976),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904),مسند أحمد بن حنبل (4/244),سنن الدارمي الصلاة (1342).
(4) صحيح البخاري الرقاق (6095),صحيح مسلم الزكاة (1055),سنن الترمذي الزهد (2361),سنن ابن ماجه الزهد (4139),مسند أحمد بن حنبل (2/446).
(5) صحيح البخاري الأطعمة (5107),صحيح مسلم الزهد والرقائق (2970),سنن الترمذي الزهد (2357),سنن النسائي الضحايا (4432),سنن ابن ماجه الأطعمة (3344),مسند أحمد بن حنبل (6/187),سنن الدارمي الأضاحي (1959).
(6) انظر: جلاء الأفهام لابن القيم (ص 142 ، 143 ).
(7) جلاء الأفهام لابن القيم (ص 143).
( تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي (6 106 ).
(9) مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرتين للسيوطى (ص 19- 22).
(10) في معجمه الكبير (8 252 رقم 7856).
(11) صحيح البخاري الجهاد والسير (2849),صحيح مسلم الإيمان (154),سنن الترمذي النكاح (1116),سنن النسائي النكاح (3344),سنن أبو داود النكاح (2053),سنن ابن ماجه النكاح (1956),مسند أحمد بن حنبل (4/405),سنن الدارمي النكاح (2244).
(12) ففي إسناده علي بن يزيد الألهاني ” ضعيف ” كما في التقريب لابن حجر (ص 707). وقد أورد الهيثمي الحديث في مجمع الزوائد (4 260 ) وقال: رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف وقد وثق. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1 255 ).
(13) مطلع البدرين (ص 5.




المسألة الثالثة عشرة: في واجبنا نحو أزواجه -صلى الله عليه وسلم-:

يمكن أن نلخص الواجب علينا نحو أزواجه -صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنين في النقاط التالية:

1 – تولي أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحبهن ، ومعرفة فضلهن وقدرهن ومنزلتهن العظيمة التي شرفهن الله بها .

2 – احترامهن وتوقيرهن واعتقاد أنهن أمهات للمؤمنين ، وأنهن أزواج للرسول -صلى الله عليه وسلم- في الآخرة . قال أبو عثمان الصابوني في رسالته في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة (ص (107)- : " وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه -رضي الله عنهن- والدعاء لهن ومعرفة فضلهن والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين " .
3 – سلامة الصدر تجاههن من الغل أو الغش ، وملؤه بالحب والنصح .
4 – إحسان القول فيهن ، وسلامة اللسان تجاههن . يقول الطحاوي رحمه الله: " ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأزواجه الطاهرات من كل دنس ، وذريته المقدسين من كل رجس ، فقد برئ من النفاق " . قال الشارح: " وإنما قال: " بريء من النفاق " لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق قصده إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، كما ذكر ذلك العلماء " (14) .
5 – البراءة من طريقة الروافض ومن نحا نحوهم تجاه أزواج النبي عليه الصلاة والسلام من تكفير أو سب أو وقيعة أو سخرية أو تنقص أو نحو ذلك .
6 – الذب عنهن ، والرد على من يريد التنقص من قدرهن أو يحط من شأنهن أو يقلل من مكانتهن .
7 – دراسة سيرتهن ، ومعرفة أخبارهن وآدابهن وعبادتهن ، فإنهن أعظم النساء تعلما في مدرسة النبوة ، بل إن هناك أمورا عديدة من هديه -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن العلم بها إلا من طريقهن -رضي الله عنهن- أجمعين
_______________

( 14 ) شرح العقيدة الطحاوية (ص 737، 73

من كتاب (وأزواجه أمهاتهم – ص 87-95)




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.




التصنيفات
السير والتراجم

ترجمة مختصرة لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله


ترجمة مختصرة لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

إسمه ونسبه
هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز – أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق قال الشيخ: سليمان بن حمدان – رحمه الله – في كتابه حول تراجم الحنابلة : أن أصلهم من المدينة النبوية، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم.

مولده ونشأته

ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة عام ألف وثلاثمائة وثلاثين من الهجرة النبوية، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة.
نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأعني بها دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز – رحمه الله – الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشرعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
ففي هذه البيئة العلمية نشأ سماحته – حفظه الله – ولا شك ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال – ولله الحمد والمنة – هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته – كما هي عادة علماء السلف – رحمهم الله – إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية – فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وحفظه تمام الحفظ، وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد حفظه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
وإن الجدير بالذكر والتنويه في أمر نشأته، أن لوالدته – رحمها الله – أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد كما ذكر ذلك سماحته في محاضرته النافعة – رحلتي مع الكتاب – وهي رحلة ممتعة ذكر فيها الشيخ في نهاية المحاضرة، وبالخصوص في باب الأسئلة بعض الجوانب المضيئة من حياته – فاستمع إلى تلك المحاضرة غير مأمور -.
ولقد كان سماحة الشيخ / عبد العزيز – حفظه الله – مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم جادا مجدا في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين، والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
على تلك النشأة الصالحة، التي تغمرها العاطفة الدينية الجياشة، وتوثق عراها حسن المعتقد، وسلامة الفطرة، وحسن الخلق، والبعد عن سيئ العقائد والأخلاق المرذولة ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز – حفظه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها لا الحصر أربعة أمور: –
الأمر الأول : حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة البخاري ( 5653 ).
الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ – رعاه الله – حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ – أعانه الله – متزهد فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاء في الفؤاد.

مشايخه:

تلقى العلم على أيدي كثير من العلماء ومن أبرزهم:
1. الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قاضي الرياض.
2. الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3. الشيخ سعد بن حمد بن عتيق قاضي الرياض.
4. الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال في الرياض.
5. سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية، وقد لازم حلقاته نحوا من عشر سنوات وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347هـ إلى سنة 1357هـ ، وكان يجله غاية الإجلال ويكثر من ذكره والدعاء له والثناء عليه .
6. الشيخ سعد وقاص البخاري من علماء مكة المكرمة أخذ عنه علم التجويد في عام 1355هـ.
7. الإمام محمد الأمين الشنقيطي : درس عليه ، شرح سلم الأخضري في المنطق ، وكان يحضر حلقة الشيخ في الحرم النبوي .
8. الشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي

أعماله :

عين في القضاء عام 1350هـ ولم ينقطع عن طلب العلم ، حيث لازم البحث والتدريس ليل نهار ولم تشغله المناصب عن ذلك مما جعله يزداد بصيرة ورسوخا في كثير من العلوم، وقد عني عناية خاصة بالحديث وعلومه حتى أصبح حكمه على الحديث من حيث الصحة والضعف محل اعتبار وهي درجة قل أن يبلغها أحد خاصة في هذا العصر وظهر أثر ذلك على كتاباته وفتواه حيث كان يتخير من الأقوال ما يسنده الدليل.
في عام 1372هـ انتقل إلى الرياض للتدريس في معهد الرياض العلمي, ثم في كلية الشريعة بعد إنشائها سنة 1373هـ في علوم الفقه والحديث والتوحيد، إلى أن نقل نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1381هـ. وقد أسس حلقة للتدريس في الجامع الكبير بالرياض منذ انتقل إليها ، وإن كانت في السنوات الأخيرة اقتصرت على بعض أيام الأسبوع بسبب كثرة الأعمال ولازمها كثير من طلبة العلم، وأثناء وجوده بالمدينة المنورة من عام 1381هـ نائبا لرئيس الجامعة ورئيسا لها من عام 1390هـ إلى 1395هـ عقد حلقة للتدريس في المسجد النبوي ومن الملاحظ أنه إذا انتقل إلى غير مقر إقامته استمرت إقامة الحلقة في المكان الذي ينتقل إليه مثل الطائف أيام الصيف, وقد نفع الله بهذه الحلقات.

من طلابه :

1. الشيخ عبد الله الكنهل.
2. الشيخ راشد بن صالح الخنين.
3. الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
4. الشيخ عبد اللطيف بن شديد.
5. الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود.
6. الشيخ عبد الرحمن بن جلال.
7. الشيخ صالح بن هليل .
8. معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
9. معالي الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد
10. سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
11. فضيلة الشيخ حمود ابن عقلا الشعيبي
12. فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
13. فضيلة الشيخ محمد بن زيد آل سليمان .
14. فضيلة الشيخ عبدالله الغديان
وغيرهم كثير

أخلاقه :

ساد الشيخ رحمه الله وذاع صيته بكمال خلقه الذي فاق فيه الناس كلهم ولا يدانية أحد فضلا أن يتقدم عليه

مؤلفاته:

1. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة صدر منه الآن تسعة عشر مجلد وقت تحرير هذه الترجمة
2. الفوائد الجلية في المباحث الفرضية.
3. التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة (توضيح المناسك) وهو أحب كتب الشيخ إليه ويعلل الشيخ ذلك بعموم نفعه وشدة حاجة الناس إليه
4. التحذير من البدع ويشتمل على أربع مقالات مفيدة (حكم الاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان وتكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد)
5. رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام.
6. العقيدة الصحيحة وما يضادها.
7. وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها.
8. الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة.
9. وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.
10. حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار.
11. نقد القومية العربية.
12. الجواب المفيد في حكم التصوير.
13. الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته وسيرته.
14. ثلاث رسائل في الصلاة :
* كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .
* وجوب أداء الصلاة في جماعة.

* أين يضع المصلي يديه حين الرفع من الركوع .
15. حكم الإسلام فيمن طعن في القرآن أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم .
16. حاشية مفيدة على فتح الباري وصل فيها إلى كتاب الحج.
17. رسالة الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب.
18. إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين.
19. الجهاد في سبيل الله.
20. الدروس المهمة لعامة الأمة.
21. فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة.
22. وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة.
هذا ما تم طبعه ويوجد له تعليقات على بعض الكتب مثل: بلوغ المرام، تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر (لم تطبع)، تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة من الأدعية والأذكار (طبع)، التحفة الكريمة في بيان كثير من الأحاديث الموضوعة والسقيمة، تحفة أهل العلم والإيمان بمختارات من الأحاديث الصحيحة والحسان، إلى غير ذلك.

الأعمال التي زاولها غير ما ذكر:

1. صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إلى جانب ذلك:
2. عضوا في هيئة كبار العلماء.
3. رئيسا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
4. رئيسا وعضوا للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.
5. رئيسا للمجلس الأعلى العالمي للمساجد.
6. رئيسا للمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي.
7. عضوا للمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
8. عضوا في الهيئة العليا للدعوة الإسلامية.
ولم يقتصر نشاطه على ما ذكر فقد كان يلقي المحاضرات ويحضر الندوات العلمية ويعلق عليها ويعمر المجالس الخاصة والعامة التي يحضرها بالقراءة والتعليق بالإضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أصبح صفة ملازمة له .

أوصافه الخلقية
إن الشيخ – حفظه الله – يمتاز باعتدال في بنيته، مع المهابة، وهو ليس بالطويل البائن، ولا القصير جدا، بل هو عوان بين ذلك، مستدير الوجه، حنطي اللون، أقنى الأنف، ومن دون ذلك فم متوسط الحجم، ولحية قليلة على العارضين، كثة تحت الذقن، كانت سوداء يغلبها بعض البياض فلما كثر بياضها صبغها بالحناء، وهو ذو بسمة رائعة تراها على أسارير وجهه إن ابتسم؛ وهو عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ويمتاز بالتوسط في جسمه فهو ليس بضخم الكفين ولا القدمين؛ وأوصافه فيها شبه من أوصاف العلماء السابقين – رحمهم الله -.

فراسته

إن الفراسة حلية معلومة، وخصلة حميدة لكبار العلماء وأهل الفضل والهدى، والفراسة كما قال عنها الإمام ابن القيم – رحمه الله -. الفراسة الإيمانية سببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرِّق به بين الحق والباطل، والحال والعاطل، والصادق والكاذب، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا فهو أحدَّ فراسة، وكان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ووقائع فراسته مشهورة، فإنه ما قال لشيء. " أظنه كذا إلا كان كما قال " ويكفي في فراسته موافقته ربه في مواضع عدة.
وفراسة الصحابة – رضي الله عنهم – أصدق الفراسة، وأصل هذا النوع من الفراسة عن الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ، قال تعالى. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}
قال بعض السلف. " من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة لم تخطئ فراسته ".
والشيخ عبد العزيز – وقاه الله مصارع السوء – ولا نزكي على الله أحدا -، صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف ذلك جيدا من عاشره وخالطه، وأخذ العلم على يديه. ومما يؤكد على فراسته أنه يعرف الرجال وينزلهم منازلهم، فيعرف الجادّ منهم في هدفه ومقصده من الدعاة وطلبة العلم فيكرمهم أشد الإكرام، ويقدمهم على من سواهم، ويخصهم بمزيد من التقدير ويسأل عنهم وعن أحوالهم دائما، وله فراسة في معرفة رؤساء القبائل والتفريق بين صالحهم وطالحهم، وله فراسة أيضا في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.
جزاه الله خيرا، وأعظم له أجرا.

زهده

لايكاد يعرف في زماننا هذا أزهد من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله مع أن الدنيا تقبل عليه ، وتتزين له ، إلا أنه زاهد بها ، مشيح بوجهه عنها.
فلا أذكر في يوم من الأيام أنه سأل عن راتبه ، ولا عن مقداره ، ولا عن زيادته ، ولا عن وقت مجيئه ، ولا أذكر أنه سأل عن انتدابه ، أو عن رصيده أو حسابه ، لا يسأل عن ذلك ولا يعبأ به.
ولا أذكر أنه تكلم ببيع ، أو شراء ، أو أمر من أمور الدنيا إلا على سبيل السؤال عن حاجة أحد ، أو الشفاعة له ، بل كان كثير الوصية بالتحذير من الاغترار بالدنيا.
وسماحة الشيخ كان يعيش عيشة القناعة ، والزهد والكفاف؛ فلم يكن يمسك شيئاً من حطام الدنيا ، ولم يكن يتطلع إلى مال ، أو جاه ، أو منصب.
بل كان ينفق انفاق من لا يخشى الفقر ، وكان زاهداً بالجاه ، والمراتب ، والمديح ، وحب الذكر.
ولم أسمع منه أو عنه أنه مَالَ في يوم من الأيام إلى الدنيا ، أو طلب شيئاً من مُتَعِها.
وكان يكره الحديث في تغيير أثاث منزله ، أو سيارته ، أو أن يقال له: عندك كذا وكذا.
وكان يكره الخوض في الأحاديث الدنيوية البحتة التي ليس من ورائها مصلحة للمسلمين ، أو للدعوة.
ومما يدل على زهده كثرة إنفاقه ، وإسقاطه الدين عمن اقترض منه ولو كان كثيراً؛ فلا أحصي كثرة ما طرحه من الديون عن أناس اقترضوا منه.
وأذكر أنه قبل عشر سنوات أملى عليَّ كتباً لبعض من أقرضهم ، وقال: =أخشى أن يفاجئني الأجل ، وأحب أن أخبركم أنني قد سامحتكم ، وأبرأتكم ، ولم يبق لي عليكم شيء+.
ولا أذكر أنه طالبَ أحداً له حق عليه.
وأذكر أنه قبل وفاته بثلاث سنوات أقرض شخصاً سبعمائة ألف ريال ، ثم أرسل إليه يخبره بأنه قد طرحه عنه ، فقلت له؛ شفقة عليه ، ورغبة في سماع ما عنده: أعظم الله أجر هذا الحساب_أعني حساب سماحة الشيخ الخاص_فالتفت إليَّ وقال: يا ولدي ! لا تهمك الدنيا ، أنا بلغت من العمر سبعاً وثمانين ، ولم أر من ربي إلا خيراً ، الدنيا تذهب وتجيء ، وفَرْقٌ بين من يتوفى وعنده مائة مليون ، ومن يتوفى وليس لديه شيء؛ فالأول ثقيل الحساب والتبعة ، والثاني بعكس ذلك كله.
وما ثناك كلام الناس عن كرم***
ومن يسدُّ طريق العارض الهطِلِ

ومن صور زهده رحمه الله : زهده في المديح والإطراء؛ فكثيراً ما تقرأ عليه بعض الرسائل التي تفيض بالحب ، والدعاء والثناء على سماحته؛ فإذا بدأنا بقراءتها قال: اتركوا المقدمة ، اقرؤوا المقصود؛ ماذا يريد صاحبها ؟ أنا لا أحب أن أسمع مثل هذا الكلام.
وكثيراً ما يأتي بعض الناس ، ويكثر من الثناء على سماحته ، ويذكر بعض أوصافه ، وهو يتململ ويتغير وجهه ، ويقول: الله المستعان ، الله يتوب على الجميع ، الله يستعملنا وإياكم فيما يرضيه.
ويأتي إلى سماحته بعض الناس ويقول: رأيت فيك رؤيا منامية صالحة_إن شاء الله_.
فيلزم سماحته الصمت ، ولا يطلب من الرائي ذكرها ، ولكن ذلك الشخص يبدأ بذكرها ، وسماحة الشيخ لا تظهر عليه الرغبة في سماعه ا؛ ولكن أدبه يأبى عليه أن يُسْكِتَ المتكلم ، فإذا انتهى قال: خير إن شاء الله ، والمُعَوَّل على عفو الله.
ولم أسمع منه يوماً من الأيام أنه سأل أحداً عن دخله الوظيفي ، أو عن ممتلكاته.
وفي يوم من الأيام جاءه أحد الناس المعروفين لديه ، وخاض في أمور الدنيا وقال: يا سماحة الشيخ ! نحن بخير ، وعندنا كذا وكذا ، وقد اشتريت أرضاً بكذا وكذا ، والآن هي تساوي خمسة وأربعين مليون ريال.
فالتفت إليه سماحة الشيخ وقال: مادام أنها بلغت هذا المبلغ فبعها ، ماذا تنتظر ، واصرفها في وجوه الخير ، أو أعطنا إياها نصرفها لك.
فسكت ذلك الرجل ، ولم يحر جواباً.
ولم أسمع أن سماحته ساهم مساهمة في أرض أو شراكة.
وقد حاولت أن أقترح عليه بأن يضع شيئاً من ماله في مساهمة ، لعلها تُوَفِّي بعض نفقاته ، ولكن لهيبته لم أجرؤ على ذلك؛ لما أعلمه عنه من البعد عن الدنيا ، وزينتها ، وزخارفها.

وفاته ـ رحمه الله ـ :
وكانت وفاته ـ رحمه الله ـ قبيل فجر يوم الخميس الموافق 27/1/1420هـ
ولم تشهد جنازة لعالم في بلادنا كجنازة الشيخ ـ رحمه الله ـ وما بكي أحد مثلما بكي الشيخ الإمام فرحمه الله من سيد ساد الناس بخلقه وعلمه وحلمه ، ولو تركت العنان لقلمي لسطرت كراسات إثر كرسات في فضله ومناقبه ـ رحمه الله ـ ولكن في الإشارة غنية ومن أراد المزيد رجع لما أحلت إليه من المراجع .
المصدر
الموقع الالكتروني للشيخ رحمه الله




مكتبة الشيخ عبد العزيز بن باز – الإصدار الأول

الوصف: مكتبة الكترونية تعتني بكتب ومؤلفات الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام الأسبق للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، وتضم ترجمة للشيخ، وبعض أبرز مؤلفاته من كتب ومقالات وتحقيقات، بالإضافة إلى مجموع فتاوى الشيخ.

وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ: صيغة ملف تنفيذي (exe)، وصيغة ملف مساعدة (chm)، وصيغة (bok) الخاصة بالموسوعة الشاملة، مع توثيق الكتب بترقيم الصفحات لتوافق المطبوع، كما تم تجهيز صيغة (chm) بطريقة تسمح لعملها على الأجهزة الكفية (Pocket PC) وأجهزة الآي باد والآي فون باستخدام التطبيقات المخصصة لذلك.

تعليمية
تعليمية

تحميل صيغ البرنامج: صيغة ملف تنفيذي (Exe)
الحجم: 12 ميجا صيغة ملف مساعدة (Chm)
الحجم: 18 ميجا صيغة الموسوعة الشاملة (bok)
الحجم: 10 ميجا




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




التصنيفات
السير والتراجم

مناقب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي بعث نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم – في خير القرون، واختار له من الأصحاب أكمل الناس عقولاً وأقومهم ديناً وأغزرهم علماً وأشجعهم قلوباً، قوماً جاهدوا في الله حق جهاده فأقام الله بهم الدين وأظهرهم على المشركين والكافرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً .

أما بعد:

فيا عباد الله، لقد صحَّ عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»فاتقوا الله – عباد الله – واعرفوا ما مَنَّ الله به على نبيكم محمد – صلى الله عليه وسلم – من الصحابة الكرام ذوي الفضائل العديدة والخصال الحميدة الذين نصر الله بهم الإسلام ونصرهم به وكان منهم الخلفاء الراشدون الأئمة المهديون الذين قاموا بالخلافة بعد نبيهم خير قيام فحافظوا على الدين وساسوا به الأمة بالعدل والحزم والتمكين فكانت خلافتهم أفضل خلافة في التاريخ في مستقبل الزمان وماضيه تشهد بذلك أفعالهم وتنطق به آثارهم وكان أجلُّهم قدراً وأعلاهم فخراً أبو بكر الصديق رضي الله عنه (عبد الله بن عثمان) «فما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين خير من أبي بكر رضي الله عنه» .
«وفي مثل ليلة اليوم في الثالث والعشرين من جمادى الآخر عام ثلاثة عشر من الهجرة توفي رضي الله عنه»بعد أن خلف النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في أمته بإشارة من النبي – صلى الله عليه وسلم – أو بنصٍّ صريح كما ذهب إلى ذلك طائفة من علماء أهل السنة، ففي صحيح البخاري: «أن امرأة أتت إلى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في حاجة فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: أرأيت إن لم أجدك ؟ كأنها تريد الموت، قال: فأتي أبا بكر» وهَمَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يكتب كتاباً لأبي بكر حتى لا يختلف الناس في خلافته ثم قال: «يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر» وهذا أشد وقعاً من الكتاب؛ لأنه لو كتب له لكانت خلافته بنصٍّ من الرسول – صلى الله عليه وسلم – ينقاد لها المسلمون بكل حال ولكن لما كانت خلافته بإجماع المسلمين وكان ذلك بإشارة من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان ذلك أشد وأوطد .
أقول: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال للمرأة: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر»، وهَمَّ صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتاباً لأبي بكر أن يكون خليفة بعده ثم قال: «يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر».
وفي رواية أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: «معاذ الله أن يختلف المسلمون في أبي بكر»وخلفه النبي – صلى الله عليه وسلم – على الناس في الصلاة فصار إماماً للمسلمين في الصلاة .
مرض النبي – صلى الله عليه وسلم – وأمَّره النبي – صلى الله عليه وسلم – على المسلمين في الحج في السنة التاسعة من الهجرة وكل هذا إشارة من النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى أن أبا بكر – رضي الله عنه – هو الخليفة من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحد يستحق الخلافة بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – سوى أبي بكر لخلَّفه النبي – صلى الله عليه وسلم – في الإمامتين: إمامة الصلاة وإمامة الحج؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «لا يطعن في خلافة الصديق وسائر الخلفاء الأربعة لا يطعن فيها أحد إلا كان أضل من حمار أهله».
«كان أبو بكر – رضي الله عنه – من سادات قريش وأشرافهم وأغنيائهم شهد له ابن الدغنة سيد القارة أمام أشراف قريش حين قال له»بما شهدت به خديجة – رضي الله تعالى عنها – للنبي صلى الله عليه وسلم، «إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرىء الضيف وتعين على نوائب الحق» وكانت هذه الأوصاف هي الأوصاف التي ذكرتها خديجة- رضي الله تعالى عنها – للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بُعث النبي – صلى الله عليه وسلم – «بادر أبو بكر – رضي الله عنه – إلى الإيمان به وتصديقه ولم يتردد حين دعاه النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الإيمان بل آمن به فوراً ولازم النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – طول إقامته بمكة»«وصحبه في هجرته ولازمه في المدينة»«وشهد معه جميع الغزوات وأسلم على يدي أبي بكر – رضي الله عنه – خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين، واشترى رضي الله عنه سبعة من المسلمين يعذبهم الكفار بسبب إسلامهم فأعتقهم رضي الله عنهم، منهم: بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعامر بن فهيرة الذي صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر – رضي الله عنه – في هجرتهما ليخدمهما»«وكان رضي الله عنه أول مَن جمع القرآن و أول من سمى القرآن مصحفاً و أول من سمِّي خليفة في هذه الأمة و أول من ولِّي الخلافة وأبوه حي و أول خليفة مات وأبوه حي»«وكان أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – أعلم الناس برسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومدلول كلامه وفحواه، فقد خطب النبي – صلى الله عليه وسلم – في آخر حياته وقال: إن عبداً خيَّره الله – تعالى – بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله»«ففهِم أبو بكر – رضي الله عنه – أن المخيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى رضي الله تعالى عنه فعجب الناس من بكائه؛ لأنهم لم يفهموا من كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – ما فهمه أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكان رضي الله تعالى عنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – في أبي بكر وهو يخطب الناس: «إن أمنَّ الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته» هكذا قال النبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر»لم يقل لاتخذت علي بن أبي طالب ولا العباس بن عبد المطلب ولا غيرهما من أقاربه ولا عمر ولا عثمان ولكنه قال: «لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر»فرَضِيَ الله عن أبي بكر .

وجاء مرة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «يا رسول الله، إنه كان بيني وبين ابن الخطاب – يعني: عمر – شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى فأقبلت إليك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يغفر الله لك يا أبا بكر، يغفر الله لك يا أبا بكر، يغفر الله لك يا أبا بكر ثم إن عمر – رضي الله عنه – ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثَمَّ أبو بكر ؟ قالوا: لا، فجاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فسلم فجعل وجه النبي – صلى الله عليه وسلم – يتمعر حتى أشفق أبو بكر أن يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لعمر ما يكره فجثا رضي الله عنه على ركبتيه فقال: يا رسول الله، واللهِ أنا كنت أظلم، واللهِ أنا كنت أظلم، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – مُعْلِناً فضل أبي بكر: إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين، فما أوذي بعدها رضي الله عنه بعد ذلك»، «وكان رضي الله عنه أثبت الصحابة عند النوازل وأشدهم قلباً، ففي صلح الحديبية لم يتحمل كثير من الصحابة – رضي الله عنهم – الشروط التي وقعت بين النبي – صلى الله عليه وسلم – وبين قريش، وكان من هذه الشروط: أن يرجع النبي – صلى الله عليه وسلم – من الحديبية دون أن يكمل عمرته وأن من جاء من قريش إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ردّه إليهم وإن كان مسلماً ومَن جاء من المسلمين إلى قريش لم يرد إلى المسلمين، فشقَّ ذلك على المسلمين كثيراً حتى إن عمر وهو عمر – رضي الله عنه – راجع النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، فذهب عمر إلى أبي بكر – رضي الله تعالى عنه – يستعين به على مشورة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكان جواب أبي بكر – رضي الله تعالى عنه – كجواب النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – أي: لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: أيها الرجل، إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بِغَرْزِهِ، فو اللهِ إنه على الحق، فكان جواب أبي بكر – رضي الله تعالى عنه – كجواب النبي صلى الله عليه وسلم سواءً بسواء»، وفي هذا دليل على أن أبا بكر – رضي الله تعالى عنه – أنه أكمل الصحابة وأشدهم ثباتاً في موطن الضيق «ولما توفي النبي – صلى الله عليه وسلم – اندهش المسلمون لذلك حتى قام عمر – رضي الله تعالى عنه – وأنكر موته وقال: واللهِ ما مات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وليبعثن الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، ولكنَّ أبا بكر – رضي الله تعالى عنه – كان له منزل بالسنح وكان قد خرج صبيحة موت الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – في صبيحتها كان أحسن ما يكون وأشفى ما يكون فاستبعد رضي الله عنه أن يموت فخرج إلى مكانه السنح فلما بلغه الخبر رجع إلى المدينة فكشف رضي الله تعالى عنه عن رسول – صلى الله عليه وسلم – فقبَّله فقال: بأبي أنت وأمي، طبت حياً وميتاً، ثم خرج إلى الناس فصعد المنبر فخطب الناس بقلب ثابت وقال كلماته المشهورة التي تستحق أن تكتب بماء الذهب بل بفوق ماء الذهب قال رضي الله تعالى عنه: ألا من كان يعبد محمداً – صلى الله عليه وسلم – فإن محمداً – صلى الله عليه وسلم – قد مات ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وتلا قوله تعالى:+إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" [الزمر: 30]، وقوله تعالى: +وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" [آل عمران: 144]، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: فما واللهِ ما سمعتها إلا عقلتها فما تقلُّني رجلاي، وأصبح المسلمون في المسجد يرددون هذه الآية»، «ولما أراد أبو بكر – رضي الله عنه – أن ينفِّذ جيش أسامة بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – راجعه عمر وغيره من الصحابة ألا يسيِّر الجيش؛ لأنهم محتاجون إليه في قتال أهل الردة ولكنه رضي الله عنه صمَّمَ على تنفيذه وقال: واللهِ لا أحل راية عقدها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولو أن الطير تخطفنا»فهذه المقامات الثلاث يتبيَّن بها قوة أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه – وأنه أشد الصحابة ثباتاً، فنسأل الله – تعالى – أن يمُنَّ علينا بصحبته في جنات النعيم مع نبينا – صلى الله عليه وسلم – وسائر النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين.
«ولما مات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وارتد مَن ارتد من العرب ومنعوا الزكاة عزم أبو بكر على قتالهم فراجعه مَن راجعه في ذلك فصمَّمَ على قتالهم، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: فعرفت أن ذلك هو الحق».
وصف أبو بكر عليًّا – رضي الله عنه – فقال: «كنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأحسنهم صحبة وأشبههم برسول الله – صلى الله عليه وسلم – هدياً وسمتاً وأكرمهم عليه خلفته في دينه أحسن خلافة حين ارتدوا ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنت كالجبل، لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، أقرب الناس عندك أطوعهم لله وأتقاهم»، وقال رضي الله تعالى عنه: «كان أبو بكر خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رضيه الرسول – صلى الله عليه وسلم – لديننا فرضيناه لدنيانا»، «تولى أبو بكر – رضي الله تعالى عنه – الخلافة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسار في الناس سيرة حميدة، فبارك الله في مدة خلافته على قلتها فقد كانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليالٍ ومات رضي الله تعالى عنه ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء ليلة ثلاثة وعشرين من جمادى الثانية سنة ثلاث عشرة من الهجرة»، وكان من بركته رضي الله تعالى عنه أن خلَّف على المسلمين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – فكان ذلك من حسنات أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعن جميع الصحابة، إنه على كل شيء قدير .
أيها المسلمون، هذا أحد الصحابة الفضلاء الكرماء وقد قال الله تعالى فيهم: +وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة: 100] .
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا ممن اتبعوهم بإحسان، وأن تحشرنا في زمرتهم وأن تجمعنا بهم في جنات النعيم يا ذا الجلال والإكرام، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
خطبة جمعة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله





وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك اخي الكريم وجعله الله في ميزان حسناتك
تحياتي




بارك الله فيك واصل في التميز




بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد
نترقب المزيد
بالتوفيق




جزاك الله خيرا.