التصنيفات
الفقه واصوله

التهاون بالصلاة؟

س: ماذا تقولون في التهاون بالصلاة؟ –

مجموع فتاوى بن باز (10 / 246)

ج : الصلاة أمرها عظيم ، وفي رمضان أشد وأعظم ؛ لأنها عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين ، فمن حافظ

عليها حفظ دينه ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، وقد قال الله تعالى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ

وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } وقال تعالى : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا

مَعَ الرَّاكِعِينَ } وقال عز وجل : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُو

ا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } ( وقال سبحانه : { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ

وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }) والآيات في شأن الصلاة وتعظيمها والحث عليها كثيرة جدا .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذورة

سنامه الجهاد في سبيل الله » وقال صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن

محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت » وقال عليه الصلاة والسلام :

« العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » وقال صلى الله عليه وسلم :

« بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة » .

والأحاديث في ذلك كثيرة ، وكلها تدل على كفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها .

وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة ؛ لقيام الدليل عليه . أما إن جحد وجوبها فإنه يكفر بإجماع أهل العلم ولو

صلى ؛ لأنه مكذب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن تركها لم يصح صيامه ولا حجه ، ولا غير ذلك من

عباداته ؛ لأن الكفر الأكبر يحبط جميع العمل ، كما قال سبحانه : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ

وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } وقال عز وجل : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

} والآيات في هذا المعنى كثيرة .

فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ، والتواصي بذلك ،
والحذر من تركها أو التهاون بها ، أو ترك بعضها ، ويجب على الرجل أن يحافظ عليها في الجماعة في بيوت الله – عز

وجل – مع إخوانه المسلمين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من سمع النداء فلم يأت فلا

صلاة له إلا من عذر » قيل لابن عباس رضي الله عنهما : ما هو العذر؟ قال : ( خوف

أو مرض ) ، وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، « أن رجلا أعمى أتى النبي صلى الله

عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال

له عليه الصلاة والسلام : هل تسمع النداء للصلاة ؟ قال نعم قال فأجب » وهذا الحديث

العظيم يدل على عظم شأن الصلاة في الجماعة في حق الرجال ، ووجوب المحافظة عليها ، وعدم التساهل في ذلك

، وكثير من الناس يتساهل في صلاة الفجر ، وهذا خطر ومنكر عظيم ، وتشبه بالمنافقين .

فالواجب الحذر من ذلك ، والمبادرة إلى الصلاة في وقتها ، وأداؤها في الجماعة في حق الرجل كباقي الصلوات

الخمس ، وقد قال الله تعالى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا

كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }) وقال عليه الصلاة والسلام : « أثقل

الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا » ) متفق على

صحته ، وروى الإمام أحمد رحمه الله ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : « ذكر

النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوما بين أصحابه فقال : من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن

لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن

خلف » وهذا وعيد عظيم لمن لم يحافظ على الصلاة .

قال بعض أهل العلم في شرح هذا الحديث : إنما يحشر مضيع الصلاة مع فرعون وهامان وقارون

وأبي بن خلف؛ لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك والإمارة شابه فرعون الذي طغى وبغى

بأسباب وظيفته فيحشر معه إلى النار يوم القيامة ، وإن ضيعها بأسباب الوظيفة والوزارة شابه هامان

وزير فرعون الذي طغى وبغى بسبب الرئاسة فيحشر معه إلى النار يوم القيامة ، ولا تنفعه الوظيفة

ولا تجيره من النار ، صن ضيعها بأسباب المال والشهوات أشبه قارون – تاجر بني إسرائيل – الذي قال الله فيه : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } الآية .

فشغل بأمواله وشهواته ، وعصى موسى واستكبر عن اتباعه فخسف الله به وبداره الأرض ، فهو يتجلجل في الأرض

إلى يوم القيامة عقوبة عاجلة مع عقوبة النار يوم القيامة ، والرابع : الذي ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء والأخذ

والعطاء ، فشغل بالمعاملات والنظر في الدفاتر ، وماذا على فلان : وماذا على فلان؟ حتى ضيع الصلوات ، فهذا قد

شابه أبي ابن خلف – تاجر أهل مكة – من الكفرة فيحشر معه إلى النار يوم القيامة ، وقد قتل أبي بن خلف كافرا يوم

أحد ، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ، عليه الصلاة والسلام ، وهذا الوعيد يدل بلا شك على كفر من

ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها ، فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من مشابهة أعدائه .




بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مشكور على الموضوع ودمت للمنتدى مفيدا ومستفيدا




التصنيفات
الفقه واصوله

العين حـق

سئل الإمام العثيمين رحمه الله:
العين حق فكيف يتقي الإنسان من العين يا فضيلة الشيخ؟

فأجاب رحمه الله تعالى:

العين حق ولا شك فيها،ولكن للعين أشياء تقي منها، دافعة ورافعة.

أما الأشياء الدافعة للعين:فأن يكثر الإنسان من الأوراد التي جاءت بها السنة،مثل قراءة آية الكرسي،والآيتين من آخر سورة البقرة،وقل هو الله أحد،وقل أعوذ برب الفلق،وقل أعوذ برب الناس.

ومنها:إذا رأى أحداً يخاف عينه يقول:{اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم}.

ومنها:إذا كان الإنسان من الذين يؤذون الناس بعينه،أي:إذا كان عائناً،فإنه إذا رأى ما يعجبه يُـبَرِّك عليه فيقول:تبارك الله عليك،وما أشبه ذلك.

أما معالجة العين بعد وقوعها-وهو دفعها-فله أسباب:

منها:القراءة على الشخص المصاب بالعين.

أما إذا عرف من أصابه بالعين: فليفعل ما أمر به النبي – صلى الله عليه- العائن:

أن يغتسل أو يتوضأ،ويؤخذ ما تناثر من مائه ويصب على المصاب،ويسقى المريض،أو يصب على رأسه وعلى ظهره حتى يشفى.

وهناك بعض الناس يُـتَّهم بأنه أصاب أخاه بالعين إما لكلمةٍ قالها أو قرينةٍ تدل على ذلك،فيأتي إليه المصاب أو أهله يطلبون منه أن يستغسل بالوضوء أو بالغسل،فينفر منهم ويسبهم ويشتمهم ويأبى أن يطيع،وهذا خطأ؛لأنه ربما يكون الأمر واقعاً،فإن كان واقعاً حصل دفع الأذية التي حصلت منه بفعله بنفسه،وإن لم يكن واقعاً فإنه لا يضره؛لأنه إذا لم يشف المريض بذلك علم أنه لم يصبه بالعين،وإذا شفي بذلك علم أنه أصابه وسلم من أذية أخيه ومن العقوبة التي تترتب على ذلك إذا كان هو الذي أصابه،وهذا لا يضره.لكن بعض الناس-والعياذ بالله-تأخذه العزة بالإثم ويأبى يقول:أنا عائن؟! أنا نحوت؟! كما باللغة العامية وما أشبه ذلك،وهذا خطأ.
انفع أخاك:إن كانت العين منك فتكون قد تخلصت منها وشفى الله صاحبك،وإن لم تكن منك فإنه لا يضرك،يعني:إذا لم تكن منك لم ينفعه ما أخذ منك،وحينئذٍ يعرف أنك بريءمن العين.

من فتاوى نور على الدرب للإمام العثيمين

وقال رحمه الله في كتابه/ القول المفيد:

وهناك طريقة أخرى للعين ولا مانع منها: وهي أن يؤخذ شيء من شعار العائن، أي: ما يلي جسمه من الثياب، كالثوب، والطاقية والسروال، وغيرها، أو التراب إذا مشى عليه وهو رطب، ويصب على ذلك ماء يرش به المصاب أو يشربه، وهو مجرب.




شكرا اخي على الموضوع المفيد والاكثر من رائع.




تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

ما حكم دردشة الفتى مع الفتى على المسنجر ؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا عندما قرأت الموضوع عرفت ما علي من الخطأ الكثير فمعظم الشباب يتكلمون مع فتيات بالخاص ومن دون العلم ماله من أثر سلبي على الحياة الدينيية والدنيوية للشاب او الفتاة وها انا اليوم اضع بين أ يديكم فتوى عن هذا الشيء
المصدر: موقع فضيلة الشيخ حامد بن عبد الله العلي حفظه الله تعالى

حكم تخاطب الجنسين عن طريق الإنترنت "

السؤال :

هل يجوز التخاطب مع الرجال عن طريق الإنترنت بكلام في حدود الأدب ؟
الجواب :

الحمد لله
من المعلوم في دين الله تعالى تحريم اتباع خطوات الشيطان ، وتحريم كل ما قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام ، حتى لو كان أصله مباحاً ، وهو ما يسمِّيه العلماء " قاعدة سد الذرائع " .
وفي هذا يقول الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } [ النور / 21 ] ، ومن الثاني : قوله تعالى { و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم } [ الأنعام / 108 ] ،
وفيها ينهى الله تعالى المؤمنين عن سبِّ المشركين لئلا يفضي ذلك إلى سبهم الربَّ عز وجل .
وأمثلة هذه القاعدة في الشريعة كثيرة ، ذكر ابن القيم رحمه الله جملة وافرة منها وفصَّل القول فيها في كتابه المستطاب " أعلام الموقعين " ، فانظر منه ( 3 / 147 – 171 ) .
ومسألتنا هذه قد تكون من هذا الباب ، فالمحادثة – بالصوت أو الكتابة – بين الرجل والمرأة في حدِّ ذاته من المباحات ، لكن قد تكون طريقاً للوقوع في حبائل الشيطان .
ومَن علم مِن نفسه ضعفاً ، وخاف على نفسه الوقوع في مصائد الشيطان : وجب عليه الكف عن المحادثة ، وإنقاذ نفسه .
ومن ظنَّ في نفسه الثبات واليقين ، فإننا نرى جواز هذا الأمر في حقِّه لكن بشروط :

1. عدم الإكثار من الكلام خارج موضوع المسألة المطروحة ، أو الدعوة للإسلام .
2. عدم ترقيق الصوت ، أو تليين العبارة .
3. عدم السؤال عن المسائل الشخصية التي لا تتعلق بالبحث كالسؤال عن العمر أو الطول أو السكن …الخ .
4. أن يشارك في الكتابة أو الاطلاع على المخاطبات إخوة – بالنسبة للرجل – ، وأخوات – بالنسبة للمرأة – حتى لا يترك للشيطان سبيل .

5. الكف المباشر عن التخاطب إذا بدأ القلب يتحرك نحو الشهوة .
والله أعلم .
منقول للأمانة




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .




شكرا على هذا الموضوع اختنا و امنا غاية الهدى

بارك الله فيك




جزاك الله خير الجزاء على التوضيع وعلى النقل الطيب وحقا نصائح جوهرية وقيمة وضوابط لدردشة




التصنيفات
الفقه واصوله

حكم لبس الخاتم في السبابة ؟

تعليمية تعليمية

[فتوى]ما حكم لبس الخاتم في السبابة؟

ما حكم لبس الخاتم في السبابة اليمنى واليسرى بالنسبة للرجل والمرأة؟


لا أعلم بهذا شيئا، فلا أعلم في هذا بأسا، فالمرأة تلبس خواتم في جميع أصابعها, والرجل يلبس في الخنصر والبنصر كما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- في الخنصر أو البنصر؛ لأن المرأة التختم من زينتها ومن حليها, وأما الرجل فلا بأس أن يلبس الخاتم في خنصره أو بنصره لما جاء من الأدلة في ذلك.

من فتاوى نور على الدرب للشيخ بن باز رحمه الله

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




بارك الله فيك




بارك الله فيكم وسدد خطاكم

ننتظر المزيد من مثل هذه المواضيع المفيدة

شكرا لك

المعلمة هناء




التصنيفات
الفقه واصوله

الدرس العاشر لشرح شيخنا فضيلة الدكتور الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله المدرس بالجامعة

تعليمية تعليمية

الدرس العاشر لشرح شيخنا فضيلة الدكتور الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله المدرس بالجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية عبر الهاتف في مسجد الفرقان (استكهولم )في السويد

السلام عليكم
هذا هو الدرس العاشر لشرح شيخنا فضيلة الدكتور الشيخ عبدالله البخاري حفظه الله المدرس بالجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية عبر الهاتف في مسجد الفرقان (استكهولم )في السويد وفي غرفة الزاد النبوي عبر الانترنت في برنامج البيلوكس بتاريخ2010.1.16 وهذا هو الرابط
http://www.islamup.com/download.php?id=79471

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




بوركت أختي على الجلب الطيب

جزاك الله خيرا




جزاك الله خيــرا على هذا الإ نجــــاز المتميز , وشكرا جزيلا لك.




التصنيفات
الفقه واصوله

أحكام فقهية تتعلق بالأوبئة سعد بن ناصر الشثري

تعليمية تعليمية

أحكام فقهية تتعلق بالأوبئة سعد بن ناصر الشثري

السلام عليكم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد

فهذه محاضرة للشيخ سعد بن ناصر الشتري حفظه الله بعنوان ((أحكام فقهية تتعلق بالأوبئة))

فهاكم الرابط
http://38.100.87.58/2009/11/norayn1201.rm

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




بارك الله فيكم وسدد خطاكم

ننتظر المزيد من مثل هذه المواضيع المفيدة

شكرا لك

المعلمة هناء




بارك الله فيك على الجلب الطيب و جزاك خيرا




تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

[صوتي] إرشاد الأنام إلى أحكام السلام [للشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله]

تعليمية تعليمية

[صوتي] إرشاد الأنام إلى أحكام السلام [للشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله]

بسم الله الرحمن الرحيم

تعليمية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذه محاضرة قيمة للشيخ
ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله

وهي بعنوان:

إرشاد الأنام إلى أحكام السلام

وهي ضمن درسه الأسبوعي في شرح
كتاب دليل الطالب لمرعي الحنبلي رحمه الله
يوم الجمعة 19/ربيع الاول/1431هـ الموافق 5/3/2010م

والمحاضرة مسجلة بجودة عالية بصيغة MP3

الجزء الاول
الحجم 9.8 ميغابايت
تعليمية

الجزء الثاني
الحجم 8.6 ميغابايت
تعليمية

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




جاري التحميل إن شاء الله

بارك الله فيكِ و جعله في ميزان حسناتكِ




التصنيفات
الفقه واصوله

ضابط الصور التي تمنع من دخول الملائكة البيت للعلامة فركوس ||- الفقه واص

تعليمية تعليمية

ضابط الصور التي تمنع من دخول الملائكة البيت للعلامة فركوس – حفظه الله –

ضابط الصور التي تمنع من دخول الملائكة البيت

السؤال:
يقول الله تعالى: ﴿سوآءٌ منكم من أسرَّ القَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِه، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْل وَسِارِبٌ بِالنَّهَار لَهُ مُعقِّبَاتٌ مِِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِه يَحفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ [ الرعد: 10، 11]، وقال: ﴿عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] .
عن أبي طلحة رضي الله عنه قال:
«قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير»(۱) وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم، وإنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة»(۲).
قال علماؤنا: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنّه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور آنفا في الحديث، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأنّ فيه مضاهاة لخلق الله تعالى.
وقالوا: إن سبب ما يمنع دخول الملائكة إلى البيوت فيها تصاوير أو كلب كونه معصية وفاحشة فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته واستغفارها له وتبريكها عليه وفي بيته ودفعها أذى الشياطين.
والملائكة هنا -وإن كان عموما- فالمراد به الخصوص وهم ملائكة الرّحمة أما الحفظة فهي ملازمة للإنسان لا تفارقه في كل حال لأنهم مأمورون بإحصاء أعماله وكتابتها.
كما أنهم لم يفرقوا في تحريم التصوير بين أن تكون الصورة لها ظل أولا، ولا بين أن تكون مدهونة أو منقوشة أو منقورة أو منسوجة إلا ما استثناه الدليل كلعب البنات [أو الصورة المهانة]، والمراد "بالبيت" في الأحاديث كما ذكر الشراح: المكان الذي يستقر فيه الشخص سواء كان بناء أو خيمة أم غير ذلك. فعلى حِد هذا التفسير المطلق للبيت، هل تدخل المساجد ضمنه باعتبارها بيوتا؟
وعليه فهل تمتنع الملائكة من الدخول إلى بيوت الله تعالى لإطلاق هذه الأحاديث إذ اصطحبت مثل هذه التصاوير مع أشخاص يرتدون ملابس وغيرها إلى المساجد على أشكال مطرّزة على الثوب أو على أكياس أو حقائب وغيرها؟
المساجد محل السّكينة والطمأنينة بنيت للذكر والصّلاة وقراءة القرآن فكانت أحب البلاد إلى الله تعالى، قال علي رضي الله عنه:"المساجد مجالس الأنبياء" وقال الخولاني :"المساجد مجالس الكرام".
فإذا كان الجواب بالمنع، فما وجه التوفيق بينه وبين النصوص التي جاء فيها شهود الملائكة مجالس العلم وحلق الذكر وحفهم أهلها بأجنحتها، وتسجيلهم الذين يحضرون الجمعة، وتعاقبهم فينا، واجتماعهم مع المصلين في صلاة العصر وصلاة الفجر، وتنزلهم عندما يقرأ المؤمن القرآن وهي كلها أعمال لا تخلو منها مساجدنا؟
فهذه مسائل تعلق بها الغموض والإشكال، وعليه فإننا نطرحها على أستاذنا الفاضل أبي عبد المعز محمد علي فركوس ليزيل عنها الإلباس بالبسط والجواب.
وختام القول: عن أبي أمامة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ الله وملائكته، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير"(۳) وجزاكم الله خيرا.

الجواب:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد وقع سؤالكم أنّ العموم في امتناع دخول الملائكة بيتا فيه تصاوير وغيرها ممّا ورد فيه الحديث خاص بالسياحين من الملائكة الذين يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار، ولا يشمل هذا النص العام الملائكة الكرام الكاتبين الحفظة لاختصاصهم بإحصاء أعمال الآدمي وكتابتها، فهذا الصنف من الملائكة لا يفارقون الجنب ولا غيره، وقد ذكر بعضهم أنّ لزومهم الآدمي مخصوص أيضا بالمفارقة عند الجماع والخلاء، وأضيف أنّه يخرج من النص العام ملك الموت وأعوانه، فهؤلاء لا تمنعهم التصاوير ولا غيرها ممّا ورد فيه الحديث عن قبض الأرواح إذا جاء أجلها المقدر لها، فهذا العموم -إذا- من العام الذي أريد به الخصوص.
هذا من جهة الملائكة، أمّا من جهة الصور فإنّ العموم فيه غير مراد -أيضا-لوجود جملة من القرائن تؤكد ذلك منها: إقراره صلى الله عليه وسلم في بيته بلعب عائشة رضي الله عنها (٤) وهي عبارة عن تماثيل لها ظل يلعب بها الأطفال كالفرس الذي له جناحان، وما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حولي هذا، فإنّي كلّما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا"(٥) وفي رواية البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال:"كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أميطيه عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي"، ومن ذلك إشارة جبريل عليه السلام –بعد امتناعه من الدخول- بقطع رأس الصورة أو جعلها وسادتين توطئان، وكذلك في هتكه صلى الله عليه وسلم للستر الذي على باب عائشة رضي الله عنها وأعدت منه وسادة فكان يتكئ عليها وفيها صورة.
وإذا عرف ذلك تبين أن عموم الامتناع قاصر على الصورة المحظورة شرعا من استعمالها وهي تلك الباقية على هيئتها معظمة غير ممتهنة ويقوي ذلك حديثان، الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة إلا رقما في ثوب"(٦) والثاني ما رواه البخاري من حديث بسر عن زيد عن أبي طلحة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة"، قال بسر: ثم اشتكى زيد فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة فقلت لعبيد الله الخولاني: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ قال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: "إلا رقما في ثوب"(٧) قال النووي في شرح مسلم:"قال الخطابي: إنّما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلب والصور، فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية، والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه"(۸) وقال ابن حجر في تعليقه على حديث جبريل: "وفي هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أنّ الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول المكان التي تكون فيه باقية على هيئتها مرتفعة غير ممتهنة، فأما لو كانت ممتهنة، أو قطعت من نصفها أو رأسها فلا امتناع"(۹).
والعلم عند الله تعالى؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.

الجزائر في 16 شعبان 1421

الرابط

١- أخرجه البخاري في اللباس: (5949) ومسلم في اللباس والزينة: (5636).

٢- أخرجه البخاري في البيوع: (2105).

٣- أخرجه الترمذي في العلم: (2685)، وصححه الألباني في المشكاة: (213) التحقيق الثاني.

٤- أخرجه أبو داود في الأدب: (4932)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وصححه الألباني في آداب الزفاف: (170).

٥- خرجه مسلم في اللباس والزينة: (5643)، والنسائي في الزينة: (5353)، وأحمد: (24950)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٦-أخرجه البخاري في «اللباس»، باب من كره القعود على الصور: (5613)، ومسلم في «اللباس والزينة»، باب تحريم تصوير صورة الحيوان: (5640)، وأبو داود في «اللباس»، باب في الصور: (4155)، والترمذي في «اللباس»، باب ما جاء في الصورة: (1750)، والنسائي في «الزينة»، باب التصاوير: (5350)، من حديث أبي طلحة رضي الله عنه.

٧- أخرجه البخاري في اللباس: (5958)، ومسلم في اللباس والزينة: (5639)، وأبو داود في اللباس: (4155)، والبيهقي في السنن: (14977)

٧- شرح مسلم للنووي: (14/84 ).

٩- فتح الباري لابن حجر: (1/392).

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




تحريم الصور والتماثيل
إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بتوحيده وإفراده بالعبادة والتعظيم، وحرم علينا كل طريقة تفضي إلى الإشراك به أو تعظيم غيره، ومن ذلك أن حرم علينا إقتناء الصور والتماثيل. وفي هذه المادة تحدث الشيخ رحمه الله عن تحريم التصاوير والتماثيل سارداً في ذلك الأدلة من السنة النبوية، ثم أتبعها ببعض المسائل والأحكام المتعلقة بها.

أدلة تحريم التصور
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونسغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،: تعليميةيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ تعليمية[آل عمران:102] .. تعليميةيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً تعليمية[النساء:1] .. تعليميةيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً تعليمية[الأحزاب:70-71] . أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. لدينا الآن فصل جديد، وهو من الفصول التي تعالج أمراً طالما خالطه الناس اليوم وابتلوا به، وازداد البلاء حينما اضطر الكثير من العلماء أن يتأولوا بعض هذه الأحاديث الآتية؛ ليفسّحوا للناس فيما تسامحوا فيه من مُواقعةِ التصوير المحرم. فيقول المصنف رحمه الله: الترهيب من تصوير الحيوانات والطيور في البيوت وغيرها. ……

الدليل الأول: حديث عمر: (إن الذين يصنعون هذه الصور…)

أولاً: عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) رواه البخاري و مسلم . فهذا الحديث يحرم التصوير، ويبين أنه من كبار المعاصي؛ لأن الرسول عليه السلام يصرح بأن هؤلاء الذين يصنعون ويصورون هذه الصور يُعذبون يوم القيامة تعذيباً -أقول من باب التوضيح- يكاد يكون أبدياً، لأنهم يعذبون حين يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، فإن استطاعوا إحياء ما خلقوا انتهى العذاب، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً، كما سيأتي في بعض الأحاديث الآتية. ويجب أن نلاحظ هنا أن في الحديث اسم إشارة: (إن الذين يصنعون هذه الصور) فما هي الصور التي أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إليها باسم الإشارة (هذه) في قوله: (إن الذين يصنعون هذه الصور)؟ إن الوقوف عند هذا الاسم ومحاولة فهمه فهماً صحيحاً، يزيل إشكالاً واضطراباً كثيراً عند بعض الناس من الراغبين في معرفة الحقائق الفقهية، فإنهم حينما يسمعون بعض المؤلفين -اليوم- والكتاب يحملون كل الأحاديث المُحرِّمة لِلتصوير على تصوير المجسم، أي: على نحت الأصنام. هكذا يتأولون الأحاديث المُحرِمِّة للتصوير. فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الذين يصنعون هذه الصور) ماذا يقصد بهذه الصور؟ أهي كما قال هؤلاء: الأصنام؟ أنا أقول: هذا أبعد ما يكون عن مقصود الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث، وبخصوص اسم الإشارة (هذه)، لماذا؟ لأن الرسول عليه السلام قال هذه الأحاديث في المدينة حيث لم يبق للتماثيل وللأصنام بقية تذكر مطلقاً، بعد أن نصر الله عز وجل نبيه بفتح مكة، وحطم الأصنام التي كانت موضوعة على ظهر الكعبة، فانطمس الشرك وآثاره بالكلية، ولكن بقيت بقايا من الصور التي قد تكون يوماً ما سبباً لعودة الشرك إلى قوَّتِه التي كان عليها قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، فأنا أستبعد جداً أن يعني الرسول عليه السلام باسم الإشارة (هذه) الأصنام التي قَضَى عليها وحطمها. فالأقرب أنه يعني صوراً كانت لا تزال منبثة، ولا يزال المسلمون يقتنونها في بيوتهم وخيامهم، وغيرها من الأماكن، فهو عليه الصلاة والسلام حين قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور) يشير إلى صور قائمة ومنبثة بين الناس، ويؤكد هذا المعنى أن حديث عائشة رضي الله عنها -الآتي- في بعض رواياته وألفاظه: أن الرسول عليه السلام حينما دخل عليها ورأى القرام -الستارة- وعليها الصور، قال: (إن أشد الناس عذاباً هؤلاء المصورون)، فهو يشير إلى هؤلاء الذين يُصورِون الصور على الستائر، ولا يعني الأصنام؛ لأن الأصنام لم تكن في بيت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها. إذاً: قوله: (إن الذين يصنعون هذه الصور) لا يعني بها الصور المجسمة مباشرة، وإنما يعني الصور غير المجسمة، ويسميها الفقهاء: التي لا ظل لها، فإذا حرم الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الصور غير المجسمة أو التي لا ظل؛ لها فمن باب أولى حينئذ أن يُحرِّم الأصنام والتماثيل. ومن باب التحذير من تعاطي هذه الصور صنعاً واقتناءً، يبين الرسول عليه السلام في هذا الحديث ما هي عقوبة الذين يُصورِون هذه الصور، فيقول: (يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ولا يستطيعون إحياءهم، فهو كناية عن استمرارهم في العذاب إلى ما شاء الله، واستمرارهم في العذاب يختلف باختلاف واقع الإيمان في قلوبهم، فمن مات منهم مؤمناً فسينجيه إيمانه يوماً ما من أن يستمر تعذيبه في النار، ومن مات مُستحِلاً لِمَا حرَّم اللهُ فقد عرفتم من البيان السابق أنه كافر، وأنه يُخلد في النار إلى أبد الآبدين. هذا هو الحديث الأول، وهو من حديث عمر مما رواه البخاري و مسلم .

الدليل الثاني: حديث عائشة بتعدد رواياته
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام -السهوة: الطاقة في الحائط، والقرام: الستارة- فيه تماثيل) أي: فيه صور. وهنا فائدة لغوية بالنسبة لبعدنا اليوم عن اللغة العربية، أو لسيطرة بعض الاصطلاحات، فنحن اليوم نفهم من لفظة (تمثال) أو (تماثيل): أنها الأصنام، فهذا تمثال المالكي -مثلاً-: نحن لا نقول: هذه صورة، وهي صورة بلا شك، كما أن الصور التي نقتنيها على الورق هي أيضاً في لغة العرب تسمى تماثيل، والشاهد على ذلك هو هذا الحديث، فالرسول عليه الصلاة والسلام حينما دخل على السيدة عائشة، كما في هذه القصة، فرآها وقد علقت قِراماً -أي: ستارة- عليه تماثيل، والتماثيل توضع على الجدار ولا توضع على الأستار، لكن اللغة واسعة، فإن قلت: صورة، فيمكن أن تكون الصورة بمعنى الصنم، أو صورة ليس لها ظل. وكذلك إن قلت: تمثال، فهو بمعنى صورة، فقد يكون مجسماً، وقد يكون غير مجسم، فجاء هذا الاستعمال في هذا الحديث بالمعنى الذي لا ينتبه له كثيرٌ من الناس. إذاً: الرسول عليه الصلاة والسلام رأى تماثيل على الستارة، -أي: صوراً- وهذه الصور سواءً كانت ملونة بدهان، أو مطرزة تطريزاً فليست أصناماً.. تقول: عائشة رضي الله عنها : (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تلون وجهه -أي: تغير غضباً واحمر- وقال: يا عائشة! أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)، أي: الذين يعملون أعمالاً من التصوير؛ سواءً كان التصوير مجسماً أو غير مجسم، فهم يتشبهون بخلق الله عز وجل لخلقه: (يضاهون بخلق الله) أي: بما يخلق الله، فالله يخلق هذه الأجسام وهذه الحيوانات وهم أيضاً يضاهون، والمضاهاة ليس من الضروري -كما هو معلوم- أن تكون من جميع الوجوه، فالذي ينحت في التمثال، أو يصور الصورة على الورق، يضاهي رب العالمين من حيث الهيكل و الصورة، ولكن أهم شيء في ذلك هو نفخ الروح، ولذلك لمّا كان عاجزاً عنه يُعذب يوم القيامة بأن يُؤمر بنفخ الروح فيها، فلا يستطيع وليس بنافخ. إذاً: المضاهاة المقصود بها هنا، والتي جعلها الرسول عليه السلام في هذا الحديث عِلة تحريم التصوير، هي: المضاهاة الشكلية الظاهرة، فقال عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة ! أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله، قالت: فقطّعناه، فجعلنا منه وسادة أو وسادتين). وفي رواية قالت: (دخلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صورٌ -هنا استعمل الراوي لفظة (صور) مقابل (تماثيل)، فالمعنى واحد- فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه -أي: مزقه- وقال: إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور)، جاء الشاهد الذي أشرت إليه فيما علقته على حديث عمر الأول: (إن الذين يصنعون هذه الصور) قلنا: إن اسم الإشارة (هذه) هنا يشير إلى الصور غير المجسمة، وهذا هو الدليل؛ لأن قصة السيدة عائشة لها هذه المناسبة وهذا السبب، وهو دخول الرسول عليها وقد علقت الستارة وعليها التماثيل والصور، فقال عليه الصلاة والسلام مشيراً إلى هذه الصور التي على الستارة: (إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور). ولذلك فإن قرأتم أو سمعتم هذه الأحاديث التي فيها هذا الترهيب الشديد من التصوير، إنما يُراد بها الذين كانوا يصنعون الأصنام التي تعبد من دون الله، وحمل الحديث على هذه التماثيل باطل؛ لأن الرسول عليه السلام إنما يشير إلى الصور التي كانت في قِرام السيدة عائشة، ونحن نعلم بالضرورة أن هذه الصور: أولاً: ليست أصناماً مجسمة. ثانياً: لم تأت السيدة عائشة بهذا القرام -بهذه الستارة- التي فيها الصور لتعظمها أو تعبدها من دون الله عز وجل، حاشاها من ذلك! إذاً: فتأويل هذه الأحاديث وحملها على الأصنام التي كانت تعبد من دون الله، ونتيجة ذلك أن التصوير المحرم انقضى زمنه كما ينعق -أقولها صراحة- بعضهم بهذا الكلام؛ وإنما كان هذا النهي كسياج للقضاء على الشرك والوثنية، وقد انتهى أمر الشرك والوثنية؛ ولذلك فتعاطي الصور -لا سيما إذا كانت غير مجسمة- لا بأس بها عند هؤلاء الذين يتأولون الأحاديث على المعاني التي تدل الأحاديث على خلافها، كما سمعتم في قصة السيدة عائشة رضي الله عنها. وفي رواية أخرى عن السيدة عائشة رضي الله عنها، ويبدو أنها قصة أخرى؛ لأن هذه الرواية تقول: إنها اشترت نمرقة -وهي المخدة- والقصة الأولى بروايتيها تدور حول الستارة، فالرسول عليه السلام في تلك القصة أنكر التصاوير وهي على الستارة، وتأكيداً لتحريم استعمالها مزق الستارة كما سمعتم، وعندنا الآن قصة أخرى: تقول السيدة عائشة : أنها اشترت نمرقة -وهي المخدة- وتلاحظون شيئاً في هذه القصة: أننا نستطيع أن نفسر بها طرفاً من القصة السابقة، ففي القصة السابقة سمعتم بأن الرسول عليه السلام بعد أن هتك الستارة، ماذا صنعت السيدة عائشة بهذا الستارة؟ قطّعتها واتخذت منها وسادتين -أي: نمرقتين- فهنا يقول البعض: بأن الصور كانت ظاهرة على الوسادتين اللتين اتخذتهما السيدة عائشة من الستارة التي هتكها الرسول عليه السلام، فإن سُلِّمَ بهذا التفسير -أي: كانت الصور ظاهرة على الوسادتين- نقول: هذا يمكن أن يكون قبل القصة الآتية، التي فيها إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة شراءها النمرقة أو الوسادة وفيها صور؛ فكيف يُمكن أن نجمع بين إقرار الرسول عليه السلام للوسادتين وعليهما الصور بهذا التأويل، وبين إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة حين اشترت النمرقة وعليها الصور كما سترون؟ فإن سُلِّمَ بأن الصور كانت ظاهرة في الوسادتين -وهذا خلاف ما يبدو لنا؛ لأن الستار مقطع- فنقول: هذا كان كمرحلة من مراحل التدرج في التشريع، فحينما هتك الستارة أنكر تعليق الصور، فلما اتخذت من الستارة وسادتين وعليها الصور -جدلاً- أقر ذلك مبدئياً، ثم في مرحلة أخرى أنكر -أيضاً- حتى الصور التي على الوسادة. وينتج من هذا أنه لا يجوز أن يكون في البيت صورة؛ سواءً كانت معلقة -أي: محترمة- أو كانت موطوءة -أي: مُهانة- ولا فرق حين ذاك بينهما، فكما تمنع تلك المعلقة تمنع هذه الموطوءة بالأقدام، بدليل قصة عائشة الآتية، وهي: (أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام على الباب فلم يدخل، قالت: فعرفتُ في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله مما أذنبت! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ فقلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أصحاب هذه الصور -أيضاً هنا اسم إشارة ينطبق على الصور غير المجسمة- يُعذبون يوم القيامة، فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) رواه البخاري و مسلم . فقصة النمرقة هذه تلتقي في الإفادة مع قصة الستارة، وهي أن الرسول عليه السلام حرَّم في القصتين تحريماً باتّاً التصوير غير المجسم -أي: غير الأصنام- والقصتان متفقتان على هذا، ولكن القصة الأولى -قصة الستارة- ليس فيها التصريح بأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة موطوءة، فلا يوجد فيها هذا البيان؛ بل فيها الاحتمال الذي يتمسك به بعض الناس اليوم، أنه لما اتخذت السيدة عائشة الستارة وسادتين وعليهما الصور كانت هذه الصور واضحة وظاهرة. إذاً: لا نغتر ببعض كلمات نسمعها بعدما سمعنا هذا الحديث، فلا نغتر بمن يقول: لا بأس إذا كانت الصورة على وسادة، أو إذا كانت الصورة على سجادة؛ لأنها ممتهنة غير محترمة، لا، فهذا حديث يصرح أن هذه الصورة التي هي على النمرقة، ويمكن الاتكاء عليها -ويا ليتها بهذا الاتكاء- هي من جملة الصور التي تمنع دخول الملائكة. فالبيت المسلم لا يجوز أن يكون فيه صور ظاهرة -هذا أقل ما يُقال- مهما كانت هذه الصور، فيجب أن نحرص كل الحرص أن نُجنب إظهار الصور في بيوتنا؛ لأن هذا الظهور يمنعُ دخول الملائكة، ومعنى هذا خطير جداً؛ لأن العامة يقولون: (إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين) فهذا شيء كأنه مستنبط من هذا الحديث، إذا كانت الملائكة لا تدخل البيت فمن يدخله إذن؟ إذا خلا الجو لهؤلاء الشياطين سارعوا إلى هذه البيوت، فالقضية متعاكسة تماماً، فإذا اتخذت الوسائل الشرعية لاستجلاب ملائكة الله عز وجل إلى دارك؛ فقد اتخذت سبباً قوياً جداً في إبعاد الشياطين عن بيتك، والعكس بالعكس تماماً؛ إذا تساهلت فخالفت الشرع واتخذت الأسباب لعدم دخول الملائكة إلى بيتك؛ فقد أفسحت المجال لدخول الشياطين إليه. هذه حقائق شرعية لا يمكن للإنسان أبداً أن يعرفها بمجرد عقله، ومن هنا نعرف أهمية الشريعة، وخاصة منها السنة التي تشرح لنا أموراً دقيقة تخفى حتى على المسلمين، إلا الذين يستنيرون بنور النبوة والرسالة.


الدليل الثالث: حديث ابن عباس: (من صور صورة فإن الله معذبه…)
الحديث الثالث يقول: وعن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: (إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها. فقال له: ادن مني. فدنا، ثم قال له: ادن مني. فدنا، حتى وضع يده على رأسه، وقال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفساً فيعذبه في جهنم. قال ابن عباس : فإن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له) رواه البخاري و مسلم، وفي رواية للبخاري قال: كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال: (يا ابن عباس ! إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس : لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سمعته يقول: من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً. فربا الرجل ربوة شديدة، فقال: ويحك! إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح). يقول المصنف: ربا الإنسان: إذا انتفخ غيظاً أو كبراً، أي: إن ذاك الرجل لما سمع ما رواه ابن عباس من الوعيد الشديد بالنسبة لمن يصور تلك الصور، غضب غضباً شديداً، واغتاظ غيظاً كبيراً بسبب ما سمعه من الوعيد الشديد، فأوجد له ابن عباس مخرجاً ومتنفساً؛ لأنه كما سمعتم قال: إن معيشته من صنعه تلك التصاوير والتماثيل، فحينما بين له تحريم ذلك ربا تلك الربوة واغتاظ غيظاً شديداً، فقال له: إن كنت ولا بد صانعاً -أي: مصوراً- فصور الشجر وكل شيء لا روح ولا نفس فيه. ومن هذا الحديث أخذ العلماء التفريق بين تصوير الحيوانات وبين تصوير الجمادات، فحرموا القسم الأول وأباحوا القسم الآخر.

الدليل الرابع: حديث ابن مسعود: (إن أشد الناس عذاباً …)
الحديث الرابع: وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) رواه البخاري و مسلم .


الدليل الخامس: حديث أبي هريرة: (قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي…)

الخامس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، وليخلقوا حبة، وليخلقوا شعيرة) رواه البخاري ومسلم.

الدليل السادس: حديث علي: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله؟…)
وعن حيان بن حصين قال: قال لي علي رضي الله عنه: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلى سويته) رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي .

الدليل السابع: حديث أبي طلحة: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة…)
الحديث السابع: عن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة) رواه البخاري، و مسلم، و الترمذي، و النسائي، و ابن ماجة . وفي رواية لمسلم : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تماثيل) والفرق بين رواية مسلم ورواية الشيخين هو في لفظ: (صورة وتماثيل) وقد ذكرنا -كما مر- ما نستطيع أن نفهم به أن الخلاف بين الروايتين؛ بين رواية (صورة) ورواية (تماثيل) إنما هو خلاف لفظي؛ لأن كل صورة لغة هي تمثال، وكل تمثال هو صورة، بخلاف ما هو شائع اليوم في العرف الحاضر من أن التمثال خاص بالصور المجسمة، فهكذا جرى العرف في تخصيص التمثال في الصورة المجسمة، أما في اللغة فلا فرق بين التمثال وبين الصورة، فسواء كانت الصورة مجسمة أو غير مجسمة فهي صورة وهي تمثال، ولا فرق بين اللفظين مطلقاً، فرواية الشيخين : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة) لا تختلف عن رواية مسلم التي فيها: (كلب أو تماثيل).


الدليل الثامن: حديث ابن عمر: (واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل …)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (واعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبريل عليه الصلاة والسلام أن يأتيه، فراث عليه -أي: تأخر عنه- حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج فلقيه جبريل فشكا إليه فقال: إنّا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة) رواه البخاري . (راث): بالتاء المثلثة غير مهموز -أي: ليس رأث، وإنما راث- أي: أبطأ. وفي هذا الحديث فائدة مهمة، وهي سبب قول الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب) قال ذلك تلقياً عن جبريل، بمناسبة أنه كان على موعد مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فراث عنه -أي: تأخر وأبطأ عنه- وفي بعض الروايات: أن الرسول عليه السلام ظهر على وجهه الكرب والحزن والاضطراب، فسأله بعض نسائه فقال: (إن جبريل واعدني) أي: تأخر عنه، ثم سرعان ما ظهر جبريل خارج البيت -خارج الحجرة- فسارع الرسول عليه الصلاة والسلام إليه، فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام: (إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب أو صورة) . والصورة التي كانت في البيت لم تكن صنماً، وبالمعنى الاصطلاحي اليوم تمثالاً، وإنما كانت صورة على ستارة كما سيأتي في بعض الروايات، ففي ذلك دليل واضح على دلالة حديث عائشة السابق، أن التحذير من تصوير الصور، وبيان -كما في هذا الحديث- أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، إنما يعني في هذا الحديث وفي ذاك الصورة التي لا ظل لها، أي الصورة مصورة على الثياب والورق، فلا يقصد بها كما يتوهم بعض العصريين تبعاً لبعض المتقدمين، ممن لم يحيطوا بالأحاديث الواردة في الباب -أي السابقين- أما المعاصرين اليوم فهم يعلمون مثل هذه الأحاديث، ولكنهم يدورون حولها ويحتالون عليها بشتى الحيل والتآويل، كما سيأتي ذكر بعض ذلك. فإذاً: هذه الصورة التي تمنع دخول الملائكة هي صورة ليس لها ظل وليست مجسمة، وإنما هي مصورة على الستارة، وكذلك في حديث عائشة السابق: (إن الذين يصورون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وأشار إلى الصورة التي كانت على الستارة. ولم يأت معنا في كل هذه الأحاديث حديث ولو واحد، فيه التصريح بأن هذا الوعيد الذي أوعد به الرسول عليه السلام المصورين، والذين يقتنون هذه الصور، إنما هي الصور المجسمة، وإنما هناك حديث علي رضي الله عنه حيث قال: (ألا تدع صورة إلا طمستها) ومع ذلك فهذا كسوابقه من الأحاديث ليس صريحاً؛ لأن هذه الصور هي مجسمة، بل لعل لفظة: (طمستها) فيها إشارة إلى أن الصورة ليست مجسمة؛ لأن الطمس في الصور التي كتبت أو صورت بالدهان أو بالتطريز -مثلاً- إذا طمست بشيء من الألوان أو الخيوط -مثلاً- أقرب من تفسير الصنم إذا كان مجسماً، ففي هذا كله عبرة في انحراف الذين يحملون هذه الصور التي جاءت هذه الأحاديث بالنهي عنها على الصور المجسمة، ولم يأت ذكر التجسيم أو معناه في شيء من هذه الأحاديث. الحديث التاسع حديث ضعيف.

الدليل التاسع: حديث أبي هريرة: (أتاني جبريل …)
والحديث الذي بعده وهو العاشر حديث صحيح، وفيه تفصيل للحديث السابق -حديث جبريل- وهو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل) لاحظوا التعبير، قال جبريل: (فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل) فيتبادر إلى أذهان الناس اليوم من لفظة (تماثيل) أنه يعني الأصنام، وليس كذلك؛ بدليل قوله فيما بعد: (وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل) فالستر الذي فيه تماثيل لا يعني بها الأصنام، وإنما المقصود هو قوائم تلك الصور التي على الباب، أو الصور التي على الستارة. (وكان في البيت كلب) هذا من تمام كلام جبريل، يقوله للرسول عليه الصلاة والسلام مبيناً سبب تأخره عن المجيء في الوعد الذي كان قد ضربه للرسول عليه الصلاة والسلام، فيقول جبريل صلوات الله وسلامه عليه: (وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فيجعل منه وسادتين منبوذتين يوطآن، ومر بالكلب فليخرج) رواه أبو داود، والترمذي و النسائي و ابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. وتأتي أحاديث من هذا النوع في اقتناء الكلب إن شاء الله تعالى، أي: في باب أو فصل الترغيب من اقتناء الكلب، تأتي أحاديث فيها -أيضاً- النهي عن التصوير.

الدليل العاشر: حديث أبي هريرة: (يخرج عنق من النار …)
الحديث الحادي عشر وهو الأخير في هذا الفصل: عن أبي هريرة -أيضاً- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، وأذنان يسمعان، ولسان ينطق به، يقول: إني وكلت بثلاثة: بمن جعل مع الله إلهاً آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين) هذا العنق عبارة عن لهب من النار يخرج من النار -جانب منها- فيه عينان يبصر بهما، وأذنان يسمع بهما، ولسان ينطق به، يقول: إني وكلت بثلاثة -أي: بتعذيبهم وحرقهم-: بمن جعل مع الله إلهاً آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب ويفسر غريب الحديث فيقول: (عنق) بضم العين والنون، أي: طائفة وجانب من النار. هذا الحديث الأخير فيه غرابة من حيث ما تضمن من خبر من أخبار الغيب التي يجب الإيمان بها، وهو أن الله عز وجل بقدرته يخرج من نار جهنم طرفاً منها يتمثل في صورة رأس له عينان، وأذنان، ولسان ينطق به، فيتكلم ويقول بأنه وكل بتعذيب ثلاثة: بمن اتخذ مع الله إلهاً آخر، وبكل متكبر جبار عنيد، وبالمصورين. هذا الحديث هو الحديث الحادي عشر من أحاديث الباب، وقد قرأتها عليكم كلها إلا الحديث التاسع ففي سنده ضعف، وتلك الأحاديث التي قرأناها تغني في الباب عن الحديث الضعيف.



خلاصة حكم التصوير
إن لفظ التصوير والمصورين لفظة مطلقة، فهي من حيث إطلاقها تشمل الصور المجسمة وغير المجسمة، ومن حيث النظر إلى سبب ورود بعضها يدل على أن الرسول عليه السلام إنما قالها بمناسبة الصور غير المجسمة؛ ولذلك فالذي يحمل هذه الأحاديث على الصور المجسمة والتي لها ظل، ولا يُدخل فيها الصور المصورة على الثياب والستائر والجدران والورق اليوم، فإنما هو أحد رجلين: الأول: إما أنه لم يطلع على هذه الأحاديث، وما فيها من بيان أن الرسول عليه السلام قصد بها مباشرة الصور التي لا ظل لها، وهذا النوع إنما يتصور بالنسبة لبعض العلماء المتقدمين الذين لم يكونوا في زمن قد جمعت فيه السنة. الثاني: هم الذين اطلعوا على هذه الأحاديث بعد تذليلها وتيسير الاطلاع عليها، وهم المعاصرون اليوم، فإنما هم يتأولون هذه الأحاديث بتآويل باطلة، يدل على بطلان هذه التآويل أمران اثنان معاً: الأمر الأول: عموم وإطلاق الأحاديث، كما سمعتم في بعضها: (كل مصور في النار) فالذي يقول: ليس كل مصور في النار، وإنما المقصود بالمصورين هنا الذين ينحتون الأصنام، فنقول له: ما هو دليل التخصيص؟ مع أننا ذكرنا الأحاديث السابقة كلها، وبينا أن جميعها تدل على تحريم الصور التي ليس لها ظل، فكيف تخصص هذا اللفظ العام مع عدم وجود المُخَصِص؟ الأمر الثاني: وهو واضح كما ذكرنا؛ فقد كررنا أن الرسول عليه السلام ذكر هذه الأحاديث التي سمعتموها في الباب بالنسبة للصور التي صورت على الستائر ولم تنحت نحتاً من الحجارة، كما كان عليه الكفار في زمن الجاهلية. فتأويل هذه الأحاديث على أن المقصود بها إنما هي الصور المجسمة رد لها الأحاديث، فنخشى أن يَدخل من يتأولها بهذا التأويل الباطل بعد أن يتبين له هذا البطلان في عموم قول الله تبارك وتعالى في القرآن: تعليميةوَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً تعليمية[النساء:115] فإذا كان الرسول يقول: (كل مصور في النار) .. (من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ) ونحوه، بمناسبة الصور التي لا ظل لها، فكيف يقول المسلم الذي يؤمن بالله ورسوله أن الصور المحرمة في هذه الأحاديث إنما هي التي لها ظل، أي: الصور المجسمة؟ إذاً: نقطع بأن الصور المحرمة هي على العموم والشمول، وهي تشمل ما لها ظل وما لا ظل لها، وتشمل المجسمة وغير المجسمة…….
الاحتيال على أحكام الله وشريعته
ومن الانحرافات: الاحتيال على أحكام الله عز وجل في شريعته..فبعد الرد بمثل هذه النصوص التي تدل على أن الصور المحرمة هي -أيضاً- الصور غير المجسمة، مع ذلك فقد احتال بعض الكُتّاب في العصر الحاضر حيلة أظن أنه سبق بها اليهود، أقولها صريحة وستقولونها معي حينما تسمعون ماذا صنع وماذا فعل. جاء في حديث أبي هريرة الذي فصل لنا امتناع جبريل عليه السلام من الدخول إلى بيت الرسول، مع أنه كان على وعد معه، فذكر له أن هناك تماثيل -أي: صوراً- على الباب وعلى الستارة، فأمر بتغيير الصور التي على الستارة حتى تصير كهيئة الشجرة، ومعنى ذلك: أن هذه الستارة كانت مطرزة وفيها تماثيل -أي: صور- الخيل ذوات الأجنحة -كما في بعض الروايات- فحينما أمر جبريل عليه الصلاة والسلام بتغيير هذه الصورة حتى تصير كهيئة الشجرة، معنى ذلك إضافة خيوط جديدة على هذه الصورة، حتى يقضى على معالم الصورة السابقة وتظهر أنها تمثل صورة شجرة، فأخذ العلماء من هذا الحديث: أن الصورة إذا غيرت خرجت عن التحريم وصارت مباحة، ولكن -مع الأسف الشديد- لم يقفوا عند هذا التغيير الذي حدده جبريل للرسول عليهما الصلاة والسلام، أي: لم يقفوا عند هذا التغيير الكلي الذي به تنطمس معالم الصورة السابقة، وتظهر بعد ذلك صورة أخرى كهيئة الشجرة المباحة، لم يقفوا عند هذا التغيير الشامل، فقالوا مثلاً: لو أردت تغيير الصورة -صورة على الورق مثلاً- فخط خطاً على العنق، زعموا بأن هذه الصورة تغيرت هيئتها، لماذا؟ وزعموا أن الرأس أصبح منفصلاً عن الجسد، ولا يعيش الإنسان بهذه الصورة.. إذاً: هذه الصورة تغيرت فصارت مباحة! وتسلسل تغيير التغيير -إذا صح هذا التعبير- تغيير المطلق الشامل الذي ذكره الرسول عليه السلام عن جبريل، فضيقوا دائرته فقالوا -كما سمعتم في التغيير الأول-: أنه إذا خُط خط على العنق وبقيت الصورة كما هي فهي صورة جائزة؛ لأنها تغيرت، فهذا تغيير رقم (1) للتغيير الكلي الذي أمر به جبريل عليه السلام في الحديث السابق. ثم هذا التغيير لم يقنعوا به، فانتقلوا إلى مرحلة أخرى، فقالوا: إذا كانت الصورة نصفية -وهذا بلاء عم وطم- فهذه الصورة جائزة؛ لأن الإنسان لا يعيش بنصفه؛ فلابد أن يكون معه الأرجل والبطن وبقية أجزاء الجسد، فهذه الصورة مغيرة، ونحن نعلم جميعاً أن العبرة في كل شيء وبخاصة في الإنسان إنما هو رأسه، فإذا بقي الرأس وذهبت الرجلان -مثلاً- فلن يقضى على الصورة وعلى أثرها في المجتمع الذي يخشاه الشارع الحكيم ولو في المستقبل البعيد، ومن أجل ذلك فسبب من أسباب حكمة تحريم الصور: حتى لا تُعبد من دون الله عز وجل ولو في المستقبل البعيد. هذا التغيير رقم (2). جاء الكاتب المشار إليه -وهو من علماء الأزهر- فجاء بتغيير فيه العجب العجاب؛ وهو الذي عنيته بقولي: سبق في هذا الاحتيال اليهود؛ فكتب مقالاً منذ القديم حينما كانت تظهر مجلة الأزهر تحت عنوان نور الإسلام، فكتب فيها مقالاً ذكر المذاهب حول الصورة المحرمة، وهما مذهبان: المذهب الأول: مذهب تحريم الصور عامة، بدلالة الأحاديث السابقة. المذهب الثاني: ويروى عن الإمام مالك، أن الصور المحرمة إنما هي المجسمة. فهذا الرجل الكاتب المشار إليه دون أن يلتفت إلى هذه الأحاديث وأن يتفقه فيها، تبنى منهج الإمام مالك، وهو مخالف بلا شك لهذه الأحاديث، فهذا المذهب الذي يقول: الصور المجسمة هي فقط المحرمة، تبنى هذا المذهب ذلك الكاتب لغاية في نفسه، ثم توصل من بعد هذه الخطوة الأولى التي انحرف فيها عن الأحاديث السابقة، إلى خطوة أخرى قصيرة جداً قضى بها على كل المذاهب حتى على مذهب الإمام مالك ؛ لقد لفق من مذهب الإمام مالك الذي يُحرم -أيضاً- الصور المجسمة مع جماهير العلماء، ومن قال من العلماء: بأن الصورة إذا تغيرت هيئتها كانت حلالاً، لفق من مجموع القولين المسألة الآتية فقال: بناءً على ذلك؛ إذا نحت الفنان -هكذا يقول- صنماً؛ فلِكي يتخلص من التحريم حفر حفيرة في أم رأسه حتى يصل إلى الدماغ، وهو في هذه الحالة -أي: هذا الصنم- يمثل إنساناً لا يعيش؛ لأنه لا يمكن أن يعيش الإنسان وفيه حفرة تصل إلى دماغه، قال: لكن هذا عيب في الصنم -في التمثال- من الناحية الفنية- فهو يعلم الفنانين ما شاء الله! فيقول: يضع شعراً مستعاراً على رأس الصنم، فيظهر الصنم من الناحية الفنية في أتم صورة وأجمل هيئة، وبذلك يتخلص هذا الممثل النحات من أن يخالف أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام. فهل علمتم في اليهود من احتال على حرمات الله كمثل هذا الرجل الأزهري؟! هذا مصداق قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) هذا احتيال مما أصيب به بعض العلماء في العصر الحاضر، ولا شك أن الذين يقرءون مقال ذلك الكاتب، وهم من جماهير الناس ممن لا يعلمون هذه الأحاديث وليسوا بفقهاء؛ يتورطون ببيانه، وينطلقون في النحت والتصوير، ويحتالون على ذلك بمثل تلك الحيلة التي تعلمها تلميذ بل شيخ إبليس، هذا تحريفه…….

التفريق بين الصور اليدوية الفوتوغرافية حيلة على شرع الله ومن هذا النوع، وهو بلاء أكبر، وإن كان دون السابق في الاحتيال التفريق بين الصور اليدوية والصور الفوتوغرافية، أو التفريق بين الصور التي تصور بالقلم أو الريشة، وبين الصور التي تصور بالآلة المصورة.. هذا التفريق قلَّ ما ينجو منه عالم في العصر الحاضر؛ وذلك لعموم ابتلاء الناس بهذه الآلة وصورها؛ فيقول: هؤلاء الذين يفرقون بين الآلة المصورة فيجيزون التصوير بها، وبين التصوير بالقلم أو بالريشة، يقولون -وعجيب ما يقولون!-: إن هذه الآلة -أولاً- لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فمتعاطيها والمصور بها لا يدخل في عموم الأحاديث السابقة، ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: (كل مصور في النار) إذاً: هذا المصور بالآلة لا يدخل في عموم الحديث، لماذا؟ قالوا: -زعموا- لأن الآلة ولأن المصور بها لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. ولا يكاد ينقضي عجبي من مثل هذا الكلام وهو يصدر من علماء، المفروض أنهم يتذكرون دائماً وأبداً أن ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام من الأحاديث ليست من عنده اجتهاداً برأيه، وإنما هو كما قال ربنا تبارك وتعالى: تعليميةوَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى تعليمية[النجم:3-4] فحينما قال الرسول عليه السلام: (كل مصور في النار) يجب أن يستحضر المسلمون عامة فضلاً عن العلماء خاصة، يجب أن يستحضروا أن هذا الكلام ليس من عنده: (كل مصور في النار) وإنما تلقاه من وحي السماء من ربه تبارك وتعالى ثم صاغه بلفظه، أما المعنى فهو من عند الله عز وجل، فكأن الله هو الذي يقول: (كل مصور في النار)، لأن الرسول لا يشرع للناس من عند نفسه.

مخاضرة مفرغة للشيح الالباني رحمه الله
وهاته المادة الصوتية للمحاضرة




التصنيفات
الفقه واصوله

ماذا تعني قاعدة ، ||||

تعليمية تعليمية

ماذا تعني قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)،

تعليمية

للشيخ ابن باز
يقول العلماء في كلامهم: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وغيرها من القواعد, فما المقصود بهذه القواعد، ومن هو الذي وضعها، هل هو النبي صلى الله عليه وسلم، أم العلماء استنبطوها؟
استنبطها العلماء من الأدلة، الأدلة الشرعية كون الإنسان يدرأ مفسدة أعظم من كونه يجلب مصلحه التي يتخيلها ويظنها, فإذا كان اجتماعه بزيد أو بعمرو يترتب عليه شر فيترك هذا الاجتماع الذي يخشى منه شر، وإن كان يرجوا فيه مصلحة بأن يعطيه فلوس أو يدعوا له أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كان يترتب عليه سوء ظن، أنه يظن به شر أن هذا الرجل الذي يحب أن يجتمع به مشهور بالشر أو بشرب المسكر أو بتعاطي ما حرم الله من اللواط أو ما أشبه ذلك يبتعد عما يظن به السوء من أجله، وكذلك إذا كان تعاطيه بصفة معينة يجر عليه شراً يبتعد عنها، وهكذا إذا كان ذهابه إلى حارة من الحارات يجر شراً يبتعد، ولو كان فيها مصلحة أنه يزور مريض أو يتصدق على أحد ما دام دخول هذه الحارة ظاهرها يتهم بالشر والفساد لا يذهب، درء المفسدة مقدمة على المصلحة، وهكذا ما أشبه ذلك. شكر الله لكم…

__________________

اللهم اجعلني خيراً مما يظنون
ولاتؤاخذني بما يقولون
واغفر لي ما لا يعلمون

منقول لتعم للفائدة والاجر

تعليمية تعليمية




التصنيفات
الفقه واصوله

الجماعة الثانية في المسجد

الجماعة الثانية في المسجد

السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟) لمن فاتته الصلاة، المتصدق هل يكون إماماً أو مأموماً، وهل يتم الصلاة كاملة، أم يصلي ركعتين، وهل يصح ذلك في أوقات النهي، مثلاً بعد صلاة العصر لمن فاتته العصر؟

الجواب:

أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد.

القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله). ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه). إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة.
وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة.
وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل.
وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم. يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه). ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.

سلسلة اللقاء الشهري للشيخ العثيمين رحمه الله