السندباد البري:educ40_smilies_2:
في زمن الخليفة الرشيدِ في بغدادْ
كان يعيش السندباد البَرِّي
مهنتُه حَمّالْ
وهو فقير الحالْ
وذاتَ يوم في اشتداد الحرِّ
أنزل حملهُ
أمام قصر رائع كبيرْ
من أبدع القصور وراح ينظر الحمال في إعجابْ
وهْو أمام البابْ
مستلقياً في الظلِّ
متكئاً على مَتاع الحَمْلِ
حيث تهبُّ النسمةُ العليلة
وترقص المشاتل الظليلهْ
وتعبَقُ الزهورْ
بأطيب العطورْ
نام قليلاً ثم استيقظ المسكينْ
وقلبُهُ حزين لأنه فقيرْ
ليس لديه غيرُ كوخ بائسٍ
من طينْ
وفجأةً
ناداه صوت ناعم رقيقْ
تعال هيّا أيها الصديقْ
فوجئَ من هذا الكلامِ
السندباد البري
إذْ كيف يدعوه الفتى
من دون أن يعرفهُ
وكيف يدعو صاحبُ القصرِ امرأً فقيرْ
ودخل الحمال ذاك القصرَ في خجلْ
وفتح العينين في عجبْ
لشجر الليمون والتفاحِ
والإجَّاص والعنبْ
أما عن الورودْ
فهي صنوف تأخذ العقولَ من كَثْرتها
وجودةِ التَّنْضيدْ
إنتشرت مساكباً على الجنبينْ
في وسط الساحة عينْ
تفجرّت بالماء ْ
في شكل نافورهْ
تكاد أنْ تطاولَ السماءْ
لكنها تعود منثورهْ
وسمع الحمال من بعيدْ
مغنياً .. وصوتَ عودْ
وقاده الفتى إلى إيوانْ
لم يَرَ قبلُ مثله إنسانْ
وكان مجلس الإيوان عامراً بالناسْ
فقطع الأنفاسْ
خشيةَ أن يكون قد أزعجَهم
لكنهم تصايحوا بهِ : تفضلْ
أتدري
أنت هنا في قصر السندباد البحري
ثم دنا البحريُّ قائلاً
هَلا هَلا بالضيف
فصرخ الحمالُ
أنت السندباد البحري
أجابه ُ نعم نعم
وهل عجيب أمري
قال له الحمالُ
أنت سيدُ العجائبْ
وصانع الأحلام والغرائبْ
دعْني أُقبّلْ جبهتَكْ
وجُبَّتكْ
وضحك الجميعُ
ثم غنوا طربا
وأسمعوا من النكات العجبا
وأكلوا وشربوا
وبعد ذاك ذهبوا
وقد أقام السندباد البرِّي
ضيفاً عزيزاً
في رحاب السندباد البحري
ووعد الحمالَ أن يقصَّ عن سفراتِهِ
وما جرى له من خطرٍ
أَحْدقَ في حياتِهِ
وفي صباح الغدِ
كان الجمع حاشدا
والكل منصتونْ
ليعرفوا قصَّته المليئة الأحداثِ
بالأخطار والترحالِ
والعزمِ الذي يقوى ولا يلينْ
وهكذا عرفنا قصةً
تظل للأجيالِ
عن رجل حياتُهُ
من سير الأبطالِ
هذي هي الأشجارْ
تروي حكاياها
والنهر منسابٌ
يصغي لأحلاها
في الغابة الحسناءْ
كنز من الخُضْرةْ
تبدو خلال الماءْ
لوحاتها النضِرةْ
عصفورة ملّتْ من الفراقْ
فأسرعت للدارْ
ها عشُّها
غُمْرٌ من الأوراقْ
ورزقها ثمارْ
في الصفّ قد تساءل الرفاقْ
نحبّ أنْ تصيرْ
غاباتنا تمتدّ في الآفاقْ
كعالم كبيرْ
يا أيها الأحبابْ
بغرسة صغيرةْ
تبتدئ المسيرةْ
هذا هو الجوابْ
فلنغرس الأشجارْ
حالاً على سفوحنا
ولنجعل الشعار
أشجارنا صروحنا
ولنسقها تعلُ بها هاماتنا
دوماً
وتزهُ روحنا
لمس الترابْ
فاخضرّتِ الأرض اليبابْ
وتدفّق الينبوع ثرّاً
كي يوزّع ماءه
والجوع غابْ
لمس الترابْ
فانساب رفٌّ من عصافير النهارْ
يلقي على الأفنانِ
ألحاناً وأزهاراً وغارْ
ما أجمل الوطن الحبيبْ
يصحو على لحن الفخارْ
هذي يد سمراء
تبني للوطنْ
أمجادَهُ رغمَ المحنْ
تروي حكايا الصيفِ والغلالْ
وتنشر الكرومُ
في سفوحنا ظلالْ
فيبسم الوطنْ
ترفرف الأعلامْ
وترحل المحنْ
ويبزغ السلامْ
حطت نحلة فوق الزهر
شربت من مبسمها قطرة
شكرتها ومضت في فرح تبحث
عن صاحبةأخرى
زادات كل حقول الزهرة
شربت من الوان العطر
قالت في فرح ودلال
اهوى أحبابي الاطفال
أهديهم في كل صباح
عسلا حلوأ كالافراح
قد جئتكم بالنورْ
أرشّه على ذرا الجبالْ
وأفرش الدروب بالزهورْ
وأوقظ الشلالْ
فيهرب النعاسْ
من عين كل الناسْ
ليشرعوا على المدى الأبوابْ
وتدخل الأنسام
تلقي على الأصحابْ
عبيرها سلامْ
هذا هو الفلاح
يغدو إلى الحقولْ
في جيبه مفتاح
للعالم الجميلْ
وذلك الصياد
سينشر الشراعْ
يودِّع الأولاد
ويبدأ الصراعْ
صديقنا الصباح
يفتتح النهارْ
ليبدأ الكفاحْ
ويفرح الصغارْ
تعالَ يا مساءْ
فالشمس لمت ضوءها
ألقت به في الماءْ
تعال فالأطفالْ
لا يرهبون الليل والظلامْ
سواده ظِلالْ
تحملنا لعالم الأحلامْ
أتعبنا النهارْ
بالجد والعملْ
لكننا في الدارْ
نعود للأملْ
فننفض الغبارْ
ونغسل التعبْ
وترحل الأحلامْ
بآخر الصخبْ.
فتبسم النجماتْ
حباً لكل الناسْ
وآخر الكلماتْ
يأكلها النعاسْ
نون نخل في البستان يععطي بلحا مثل السكر
وله سعف كالأغصان نصنع منه حصير أصفر
نون نخل ما أجمله يزهـو في وسط الصحراء
وله جذع ما اطوله لا يشكو من نقص الماء
تظلُّ في الفضاء
سفينةُ الفضاءْ تطيرُ في الهواءْ
وتعبرُ الغيوم تعانق السماءْ
تظلُّ في الفضاء بخفةٍ تدورْ
وحولها النجوم كأنها زهورْ
تقارب القمرْ لا ترهب الخطرْ
وحينما تصلْ تحطّ في حذرْ
وينزلُ الروّادْ كأنهم فرسانْ
ليجمعوا العلوم لخدمةِ الانسانْ
ياأيها الرّوّاد ياأيها الأبطالْ
بقلبنا أنتم زرعتم الآمالْ
سألتني مَها:
هل ينامُ القمرْ
بعد طولِ السهرْ؟
قلتُ: لا لا ينامْ
فوقَ سطحِ الظلامْ
كيف يحيا إذنْ
هادئاً في سلامْ
قلت: هذا القمر
في قديمِ الزمانْ طافَ كل البلادْ
مثلما السندبادْ
باحثاً عن عمل باحثاً عن أمانْ
هكذا ثم كانْ
أن رأى نجمةً عذبةً يا مها
تزدهي بالضياءْ
في دروبِ السماءْ
فمضى خلفها باسماً كالأملْ
وهناك اشتغلْ
إنه حارسٌ لنجوم السمَّا
لا يحبُّ الكسلْ
ليس يشكو الملَلْ
وهناك ابتنى
من ضِيا موطنا
إنَّني فصلُ الشتاءْ إنَّني فصلُ العَطاءْ
فَمياهي… تَحملُ الفرحةَ.. خِصْباً ونَماءْ
فِيَّ.. يَعرى الشجرُ فِيَّ يغفو القمرُ
فَيُغنِّي المطرُ ويَفيضُ النَّهَرُ
فيَّ.. برقٌ ورعودْ وغيومٌ شاردهْ
وصقيعٌ.. وجَليدْ ورياحٌ باردَهْ
بِيَدي أصنعُ ثوباً ناصعا.. كاللُّؤلؤهْ
فَيلوذُ الطفلُ بالبيتِ..وتَشدو المِدفأَهْ
إنَّني فصلُ الشتاءْ فِيَّ.. يحلو السَّهَرُ
فَتَطيبُ "الكَستَناءْ ويَطيبُ السَّمَرُ
فأنا لحنُ السماءْ وأنا رمزُ العطاءْ
إنِّني فصلُ الشتاءْ
الطفل
أيها البحرُ الكبير أيها الماءْ الغزيرْ
ماوراءَ الأُفقِ حَدِّثْ فأنا طفلٌ صغيرْ
قد وقفتُ اليومَ قُرْبَ الشاطئِ الزَّاهي الرمالْ
أرقبُ الأمواجَ والأُفْقَ.. فَيرتاحُ الخَيال
وأَعُدُّ السّفُنَ المَلأى نساءً.. ورجال
وحُمولاتٍ من الشرقِ.. من الغرب.. ثِقالْ
وأُغنِّي.. وأقولْ:
أيها البحرُ الجميلْ
أيها الزَّاخرُ بالأسرار.. ذو القلب الكبيرْ
أنا أهواكَ.. وأَهوى موجَكَ الشَّادي الغزيرْ
البحر
أنا.. ياطفلُ.. كنوزٌ وعطاءٌ.. لا يُحَدُّ
أمنحُ الأسماكَ، واللُّؤلؤَ.. كنزاً.. لايُعَد
أصنعُ الغيمَ.. وتَسري سفُنٌ فِيَّ.. وتَغدو
أَصِلُ الإنسانَ بالإنسان في حُبٍّ.. وأَشدو:
إنني الجارُ الكريمْ
إنني الجارُ الكريمْ
إنني البحرُ الذي يصخبُ من بَدْءِ العُصورْ
إنني كنتُ.. وما زلتُ.. على الأرض أَميرْ
إنَّني فَصْلُ الربيعْ إنَّني فصلٌ بَديعْ
فأنا حُلْمُ الجميعْ وأنا عُرْسُ الجميعْ
انتي فصل الربيع
فِيَّ أَسرابُ الطيورْ تَصنعُ الأَعشاشَ صُبْحا
وتُغنِّي في سُرورْ تَملأُ الرَّوضَةَ صَدْحا
بَيَدي أَكسو البَساتينَ رِداءً أَخضرا
بِيَدي أَحملُ للرَّوض النَّسيمَ العَطِرا
يا لَرِحلاتي البَديعهْ بينَ أَحضانِ الطبيعهْ..
تُبهجُ الطفلَ.. فَيَشدو للعصافير الوَديعهْ
إنَّني عيدُ الفَراشات، وأَعراسُ الزُّهورْ
حيثُما سِرْتُ.. فإنَّ العطرَ يصحو.. ويدورْ
فأنا حُلْمُ الجميعْ وأَنا فَصْلٌ بَديعْ
انتي فصل الربيع
كانت لنا الصحراءْ
ينبوعَ كبرياءْ
كتابنا أنيقْ
نخطّ في أوراقهِ
تاريخنا العريقْ
كم سار في دروبها الفرسانْ
وكم زها في ربعها الإنسانْ
فكان يا ما كانْ
يحكي لنا الزمانْ
رمالها ذهبْ
وأهلها عربْ
نخلاتٌ خضراء الغرّةْ
لم تحنِ قامتها مرّة
هذي الصحراءْ
صدقٌ ووفاءْ
أشعارٌ كُتبتْ بالذهبِ
خطّتْ أحرفها في الكتبِ
أقلام الفنان العربي
والصبح أضاءْ
إنَّني فصلُ الخريفْ
إنني فصلٌ لطيفْ
فِيَّ… يحلو العنبُ
فِيَّ يشدو القَصَبُ
*
فِيَّ… أسرابُ الطيورْ
تَطلبُ الدفءَ.تُهاجرْ
وتُغنِّي.. في حُبورٌ
ومع الصبح..تُسافرْ
*
فِيَّ… فَلاَّحُ الرُّبوعْ
يُنثرُ الحَبَّ الكثيرْ
ويُصلِّي… في خُشوعْ
يَطلبُ الربْحَ الوفيرْ
*
فِيَّ أسرابُ الغُيومْ
تَتراءى في السماءْ
كفَراشٍ..أبيضِ اللونِ…مضى نحو الضياءْ
*
فِيَّ.. آلافُ المَدارسْ
تَفتحُ الأبوابَ..صُبْحا
فَيعودُ الجَرَسُ الغافي لِمِلْءِ الحَيَّ صَدْحا
*
إنَّني فصلُ الخريفْ
إنني فَصْلٌ لطيفْ
إنني فصلٌ… لطيفْ
طائرتي.. جميلةٌ والجسمُ من ورقْ
أَلوانُها… ظليلةٌ كأنها الشَّفَقْ
تَلوحُ في السماءْ "كنجمةٍ" حسناءْ
تُعانقُ الفَضاءْ وتعشقُ الهواءْ
وخُيْطَها الطويلْ ليس لهُ مثيلْ
تُحبُّهُ… لأنَّهُ القويُّ… والجميلْ
أَمُدُّهُ لها.. فَتَعْلو…دونما جَناحْ
وحينما أَشُدُّهُ تدنو.. لكيْ تَرتاحْ
طائرتي.. تَطيرُ فوقَ الزَّهْرِ والبُستانْ
حتَّى إذا ما تَعِبَتْ تَهْبِطُ في أمانْ
أُحبُّها.. تُحِبُّني طائرتي الجميلهْ
تَنامُ قُرْبَ غُرفَتي لأنَّها خليلهْ
إنَّني الصيفُ الجميلْ كلُّ ما فِيَّ ظَليلْ
فأنا عُرْسُ الضحى والروض.. أَفراحُ الأَصيلْ
فِيَّ أَنسامُ المساءْ تَملأُ الدنيا سُرورْ
فِيَّ أزهارُ الضياءْ تَغمرُ الكونَ حُبورْ
فِيَّ تَلقى الأَنْجُما كالَّلآلي الحالمَه
فاذكُروني دائماً في الليالي الباسمَهْ
في عَشِيَّات المَصائفْ في الدَّوالي الضَّاحكاتْ
في "الحَكايا" والطَّرائفْ في "مَواويلِ" الرُّعاةْ
في صباحِ البحر.. والزُّرْقَةِ…والشَّطِّ الجميلْ
وصِغارٍ مَلَؤوا الشاطئَ في وقتِ الأَصيلْ
في أناشيدِ "الطَّلائِعْ في السَّواقي والحُقولْ
فأنا عيدُ المَزارعْ وأنا أحلى الفُصولْ
إنَّني الصيفُ الجميلْ إنَّني الصيفُ الجميلْ
إنني عرسُ الضحى والروض…أَفراحُ الأَصيلْ
النهاية……………..: educ40_smilies_31:
وارجو ان تعجبكم اشعاري: educ40_smilies_5: