التصنيفات
اسلاميات عامة

حقيقة تزكية النّفس و السبيل الى ذلك(سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس 4 )

أيُّها الإخوة الكرام : نأتي بعد هذا إلى الحديث عن حقيقة تزكية النّفس ، و ماهي الأمور التي تزكوا بها النّفس البشرية ؟ و يُمكنُ اجمال ذلك أيُّها الإخوة الكرام في أمور ثلاثة .
الأمر الأول :وهو أساس تزكية النّفس و لا زكاء لنفسٍ إلّا إذا قامت عليه و تأسست عليه ألا وهو الإيمان بالله و توحيده سبحانه و تعالى و إخلاص الدِّين له ، ألّا و هو تحقيق شهادة أن لا إله إلّا الله ، بما تعنيه هذه الكلمة من توحيد و إخلاص و إفراد لله سبحانه و تعالى بالذّل و الخضوع و المحبة و الإمتثال و جميع أنواع العبادة ، و هذا أساس تزكية النفس .

و النفس بأعمالها الصالحة و طاعاتها الزَاكية مَثلها مَثل شجرة مُباركة ، و من المعلوم أنَّ الأشجار لا قيام لها إلّا على أصُولها ، و قد قال الله تعالى في سورة ابراهيم : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) ، و بهذا يُعلم أنَّ تزكية النّفس له أساس لا تقوم التزكية إلا عليه و هو توحيد الله و إخلاصُ الدّين له جل و علا .

قال الله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )و قال الله تعالى : ( وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاة ) قال بن عباس: لا يشهدون أنَّ لا إله إلا الله ، و قال مجاهد: لا يزكون أعمالهم أي : ليست زاكية ، و قيل: لا يُطهرونها بلإخلاص كأنّه أراد و الله أعلم أهل الرِّياء فإنَّه شِرك .

و قال الله سبحانه و تعالى في قصة موسى مع فرعون : ( فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ) أي بلإخلاص و التوحيد لله جل و علا .

فالتّزكية شجرة مباركة ، عظيمة الثَمر ، كبيرة الأثر ، لها أصل لا قيام لها إلّا عليه ألا و هو توحيد الله عز وجل و إخلاص الدين له سبحانه و تعالى .

و كُـلما كان هذا التوحيد و الإخلاص و الإيمان بالله مُتمكنا من القلب ، كان هذا أبلغ في نَماء هذه الشّجرة و كونها مُثمرة أطايب الثَمر و لذيذه و حسنه و نافعه .

الأمر الثاني :من جوانب تزكية النّفس ، تزكيتها بفرائض الإسلام ، وواجبات الدّين ، وحُسن التّـقرب إلى الله سبحانه و تعالى ، بفعل ما أمر و ترك مانهى عنه تبارك و تعالى و زجـر .

و لهذا ينبغي أنْ يُعلم أنّ التزكية لها جانبان لا تكون إلّا بهما ، يدُل عليهما أصل هذه الكلمة اللّغوي ، و أيضا دلالة هذه الكلمة في نصوص الشرع .

و إذا نظرنا في كتب اللّغة في معنى التّزكية و مدلولها نجِد أنَّ لها جانبان كلاهما من معاني التزكية و هما :الطهارة والنّماء.

فالتزكية طهارة و نماء ، و لهذا يُقال : زكى الزّرع إذا طاب و زالت عنه المُؤذيات التي تُضعف نماءَه .

و تُسمى الصدقة المفروضة زكاة لأّنها تُطهر المال (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) و لأنَّها أيضا في الوقت نفسه سبب لنماء المال .

فالتزكية طهارة و في الوقت نفسه نماء ، طهارة بالبعد عن الأعمال المحرمة و المعاصي و الآثام ، ونماء بفعل الطاعات و العبادات المقربة إلى الله سبحانه وتعالى .

و عليه أيّها الإخوة فإنّ التّـزكية لابد فيها من فعل الأوامر التي فرضها الله سبحانه و تعالى على عباده و أوجبها عليهم و لا بد أيضا في الوقت نفسه من البُعد عن النّواهي و الآثام .

ففعل الأمر تزكية و ترك النَّهي أيضا تزكية ، فالتزكية تخلية و تحلية .

تخلية للنّفس بإبعادها عن الرذائل و الخسائس ، و تحلية لها بفعل الأوامر و الطاعات المقربة إلى الله سبحانه و تعالى .

فالصّلاة تزكية ، قد قال الله عز و جل : (إنَّ الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) ، وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنَّ النبي عليه الصلاة و السلام قال : (أرأيتم لو أنَّ نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درَنِه شيئ ؟ قالوا : لا ، لايبقى من درنه شيئ ، فقال عليه الصلاة و السلام فذلكَ مَثلُ الصَّلواتِ يمحُو الله بِهنَّ الخَطايا ) .

الزكاة تزكية ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )

و الصيام تزكية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

الحج تزكية ، جميع الطاعات التي أمر الله عزّ وجل عباده بها كُـلها داخلة في هذا الباب باب تزكية النَّفس .

و لهذا قال الله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)

الذّكــر تزكية للنَّفس ، بل هو أعظم باب تزكوا به النُّفوس و تتطهر به القلوب و تطمئنن ، وكم من الأذكار المشروعة من الآثار المباركة على أهلها في الدنيا و الآخرة من تطهير وتنقية للنّفس من أدرانها و تفريقها و تقشيرها ، و الحديث بهذا الجانب قد يطول ، لكـنني اكتفي بمَثلٍ واحد في هذا الباب من السنة و هو ما رواه الترمذي في جامعه( أنَّ النبي عليه الصلاة و السلام مرَّ و كان مع أصحابه بشجرة يابسة الورق و بيده عليه الصلاة و السلام عصا ، فضرب الشّجرة بالعصا التي بيده فأخذ الورق يتناثر و يتساقط من تلك الشجرة ، و قال عليه الصلاة و السلام للصحابة وهم ينظرون لهذا الورق يتساقط من هذه الشّجرة ، إنَّ سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر لتُساقط من ذنُوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة) ،فذكر الله عز وجل تزكية للنُّفوس و طهارة لها ، و عُـموم الطاعات و العبادات المقربة إلى الله جل و علا كلّها داخلة في هذا الباب باب تزكية النفس ، كذلك ترك النواهي و المحرمات و اجتبابُ الكبائر و الموبقات باب مهم للغاية في تزكية النّفس ، فإذا غـشى العبد في الحرام و ارتكب الآثام يكون بذلك ذنّب نفسه و دسّاها و حقّرها بحسب فعله لتلك المحرمات و ارتكابه لتلك الآثام ، و في هذا تأمل قوله سبحانه : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).

فالبعد عن المحرمات ، اجتناب الكبائر و الآثام كل ذلكم أيّها الإخوة الكرام داخل في باب تزكية النّفس .

في هذا المعنى أيضا قول الله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )

الأمر الثالث في باب تزكية النّفس :تزكيتها بفعل الرّغائب و المُستحبات ، و هذه المرحلة تأتي بعد المرحلة الفارطة ، و في الحديث القدسي يقول الله تعالى : ( ما تقرّب إلي عبدي بشئ أحب إلي ممّا افترضتُه عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنّوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطِش بها و رجله التي يمشي عليها ، و لئن سألني لأُعطينه و لئن استعاذ بي لأُعيذنه ).

فهذه مجالات التزكية و جوانبها و هي ثلاثة ، تتلخص في أمور ثلاثة :

الأول الأصل و هو توحيد الله و الإيمان به وبكل ما أمر سبحانه و تعالى عباده بلإيمان به . و الثاني تزكيتها بفعل الفرائض و الواجبات وترك الكبائر و المحرمات . و الثالثتزكيتُها بفعل الرّغائب و النّوافل و المستحبات .




التصنيفات
اسلاميات عامة

عوامل إصلاح المجتمع


عوامل إصلاح المجتمع
لفظيلة الشيخ إبن باز رحمه الله

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد:
فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخواني وأبنائي في هذه الجامعة، وأسأله عز وجل أن يجعله لقاء مباركا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يجعلنا هداة مهتدين وصالحين مصلحين، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. ثم أشكر القائمين على هذه الجامعة على دعوتهم لي لهذا اللقاء، واسأل الله أن يوفقهم جميعا لما فيه رضاه، ولما فيه صلاح أبناء الجامعة وموظفيها والقائمين عليها، ولما فيه صلاح المسلمين عموما، وأن يزيدهم هدى وتوفيقا وأن يعيذنا جميعا وسائر المسلمين من كل ما يغضبه، ويخالف شرعه، إنه جواد كريم.
أيها الإخوة وأيها الأبناء الكرام. كلمتي أرجو أن تكون موجزة، ثم بعدها الجواب عما يتقدم به الأبناء من الأسئلة حسب الإمكان وعنوانها: "عوامل إصلاح المجتمع". المجتمع في أشد الحاجة إلى الإصلاح، المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي، ولكن بوجه أخص المجتمع الإسلامي في أشد الحاجة إلى أن يسير على النهج القويم، وأن يأخذ بالعوامل والأسباب والوسائل التي بها صلاحه، وأن يسير على النهج الذي سار عليه خيرة هذه الأمة، خليل الرحمن وصفوته من عباده، سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

ومعلوم أن العوامل التي بها صلاح المجتمع الإسلامي وغير الإسلامي، هي العوامل التي قام بها إمام المرسلين، وخاتم النبيين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، وقام بها صحابته الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون المهديون: أبو بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذو النورين، وعلي المرتضى، أبو الحسن، ثم من معهم من الصحابة رضي الله عن الجميع، وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
ومن المعلوم أن هذه العوامل قام بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مكة أولا، ثم في المدينة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا الذي صلح به أولها كما قال أهل العلم والإيمان، ومن جملتهم الإمام المشهور مالك بن أنس إمام أهل الهجرة في زمانه، والفقيه المعروف، أحد الأئمة الأربعة قال هذه المقالة، وتلقاها أهل العلم في زمانه وبعده، ووافقوا عليها جميعا: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها).

والمعنى: أن الذي صلح به أولها وهو اتباع كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلح به آخرها إلى يوم القيامة.

ومن أراد صلاح المجتمع الإسلامي، أو صلاح المجتمعات الأخرى في هذه الدنيا بغير الطريق والوسائل والعوامل التي صلح بها الأولون فقد غلط، وقال غير الحق، فليس إلى غير هذا من سبيل، إنما السبيل إلى إصلاح الناس وإقامتهم على الطريق السوي، هو السبيل الذي درج عليه نبينا عليه الصلاة والسلام، ودرج عليه صحابته الكرام ثم اتباعهم بإحسان إلى يومنا هذا، وهو العناية بالقرآن العظيم، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوة الناس إليهما والتفقه فيهما، ونشرهما بين الناس عن علم وبصيرة وإيضاح ما دل عليه هذان الأصلان من الأحكام في العقيدة الأساسية الصحيحة.
ومن الآراء التي يجب على المجتمع الإسلامي الأخذ بها، وبيان المحارم التي يجب على المجتمع الإسلامي الحذر منهل، وبيان الحدود التي حدها الله
ورسوله، حتى يقف عندها، كما قال عز وجل:(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا) وهي المحارم نهى عن قربانها باقتراف المعاصي، كما نهى عن تعدي الحدود التي حدها لعباده وهي ما فرضه عليهم، وألزمهم به من العبادات والأحكام.

والرسول صلى الله عليه وسلم أول عمل عمله، وأول أساس رسمه، أنه دعا الناس إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له.
هذا أول عمل، وهذا أول أساس تكلم به ودعا إليه وسار عليه، هو دعوة الناس إلى توحيد الله، وإرشادهم إلى تفاصيل ذلك.
والكلمة التي دلت على هذا المعنى هي قول: "لا إله إلا الله" هذه هي الأساس المتين، ومعها شهادة أن محمدا رسول الله.
هذان الأصلان والأساسان المهمان: هما أساس الإسلام، وهما أساس صلاح هذه الأمة، من أخذ بهما واستقام عليهما عملا وعلما ودعوة وصبرا، استقام له أمره وأصلح الله به الأمة، على قدر جهاده وقدرته وأسبابه، ومن أضاعهما أو أضاع أحدهما ضاع وهلك.

ولما بعث الله نبيه عليه الصلاة والسلام، وأنزل القرآن، كان أول ما نزل عليه: اقرأ، ثم المدثر، فقام إلى الناس ينذرهم ويدعوهم إلى توحيد الله ويحذرهم نقمة الله عز وجل، ويقول: (يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) فاستكبر المشركون واستنكروا هذا؛ لأنه ليس الأمر الذي اعتادوه، وليس الأمر الذي أدركوا عليه أسلافهم، ولهذا استنكروه، وقالوا عند ذلك: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) وقالوا: (أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ) وقبلها قوله سبحانه: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ فرد الله عليهم بقوله: بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ)
وبسبب تساهل الكثير من العلماء وطلبة العلم، وأعيان أهل الإسلام الذين فقهوا توحيد الله، بسبب التساهل في هذا الأصل الأصيل، انتشر الشرك في بلدان كثيرة، وعبدت القبور وأهلها من دون الله، وصرف لها الكثير من عبادة الله، فهذا يدعو صاحب القبر، وهذا يستغيث به، وهذا ينذر له، وهذا يطلبه المدد كما فعلت قريش وغيرها في الجاهلية مع العزى، وكما فعل غيرهم مع اللات ومع مناة، ومع أصنام أخرى، وكما يفعل المشركون في كل زمان مع أصنامهم وأوثانهم، في التعظيم والدعاء والاستغاثة، والتمسح والتبرك وطلب المدد.

وهذا من دسائس الشيطان ومن مكائده، فإنه أحرص شيء على إزاحة الناس عن عقيدتهم ودينهم، وعلى إبعادهم عنها بكل وسيلة.
فالواجب على طلبة العلم – وهم أمل الأمة بعد الله عز وجل في القيادة المستقبلة، وهم رجال الغد في أي جامعة تخرجوا – أن يقودوا السفينة بحكمة وإخلاص وصدق، وأن يعنوا بالأساس وأن يعرفوا العامل الوحيد العظيم الذي عليه الارتكاز، والذي يتبعه ما سواه، وهو العناية بتوحيد الله والإخلاص له، والعناية بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا، وأن الواجب اتباعه، والسير في منهاجه، وأن صحابته هم خير الأمة، وهم أفضلها، فيجب حسن الظن بهم، واعتقاد عدالتهم، وأنهم خير الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم حملة السنة وحملة القرآن، فوجب السير على منهاجهم والترضي عنهم جميعا، واعتقاد أنهم خير الناس، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )وهناك أحاديث أخرى دلت على ذلك.
فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هم خير الناس بعد الأنبياء، وهم أفضل الناس، وهم على مراتب في الفضل، فأفضلهم الخلفاء الراشدون ثم بقية العشرة المشهود لهم بالجنة، ثم الباقون على مراتبهم، وعلى حسب علمهم وفضلهم،
فوجب أن نعني بهذا الأساس وأن ندعو الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، وألا نغلو في القبور والأنبياء والأولياء ونعبدهم مع الله، ونصرف لهم العبادة من دعاء أو خوف أو رجاء أو نحو ذلك.

ويجب على طالب العلم وعلى القائد أن يعظم أمر الله ونهيه، وأن يستقر خوف الله في قلبه، فوق جميع الأشياء، وأن يعظم أمره ونهيه، وألا يبالي بما يرجف به المرجفون ضد الحق وأهله ثقة بالله، وتصديقا لما وعد رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وكافة الرسل كما في قوله جل وعلا: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ )
فطالب العلم العالم والموجه، والقائد البصير لا يبالي بإرجاف عباد القبور، ولا بإرجاف الخرافيين، ولا بإرجاف من يعادي الإسلام من أي صنف، بل يصمد في الميدان، ويصبر ويعلق قلبه بالله، ويخافه سبحانه، ويرجو منه النصر جل وعلا، فهو الناصر وهو الولي سبحانه وتعالى، وقد وعد أن ينصر من ينصره فقال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )ويقول سبحانه: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) لكن بالشرط وهو التمسك بدين الله، والإيمان به، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على دين الله.
هذا هو السبب، وهذا هو الشرط في نصر الله لنا، كما قال عز وجل:( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ )
وفي الآية الأخرى يقول سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا )
فهذا وعده عز وجل لمن استقام على الإيمان والهدى والعمل الصالح: أن الله يستخلفه في الأرض ويمكن له دينه، ويؤمنه ويعيذه من شر الأعداء ومكائدهم وينصره عليهم.
ومن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله تعظيم سنته، والدعوة إليها وتنفيذ مقاصدها، والتحذير من خلافها، وتفسير القرآن الكريم بها فيما قد يخفى من آياته، فإنه يفسر بالسنة ويوضح بها، فالسنة توضح القرآن وتبينه وتدل عليه، وتعبر عنه، كما قال عز وجل: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )
هذا الأساس العظيم يجب أن يكون منه المنطلق للدعاة المخلصين، والمصلحين في الأرض، الذين يريدون أن يتولوا إصلاح المجتمع والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة، وسفينة النجاة، كي يرتكز هذا الإصلاح على أعظم عامل، وهو الإخلاص لله في العبادة والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام، وتعظيم أمره ونهيه، باتباع شريعته والحذر مما يخالفها.
ثم بعد ذلك ينظر في العوامل الأخرى التي هي تابعة لهذا الأساس، فيدعو إلى أداء فرائض الله من صلاة وزكاة وصوم وحج، وغير ذلك وينهى عن محارم الله من الشرك وما دونه من سائر المعاصي والشرور، ويسعى بالإصلاح بين الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وإصلاح ذات البين، إلى غير ذلك.
فهو ساع بكل جهده إلى إقامة أمر الله في أرض الله، وإلى ترك محارم الله والوقوف عند حدود الله، وإلى الحذر من البدع المحظورة في الدين، هكذا يكون المصلح الموفق يأخذ العوامل عاملا عاملا مع مراعاة الأساس المتين، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله علما وعملا، فهو يعلمها الناس ويعمل بها في نفسه، فيوحد الله، ويخصه بالعبادة وينقاد لشريعته خلف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يتلقى السنة ويعظمها كما عظمها الصحابة، ويسير على نهجها وعلى مقتضاها مع كتاب الله كما سار الصحابة، فإن علم الصحابة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ما عندهم كتب أخرى، وإنما جاءت الكتب بعدهم.
أما الصحابة والتابعون فكانت سيرتهم، وكانت أعمالهم مستقاة من الكتاب العظيم، يتدبرونه ويقرؤونه بقصد صالح، بقصد العلم وإلإفادة والعمل، ومن السنة كذلك يدرسونها ويحفظونها، ويأخذون منها العلم والعمل.
هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان التابعون لهم بإحسان قبل وجود المؤلفات في الحديث وغير الحديث.
فقدر لنفسك مع أولئك، واستنبط من كتاب ربك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كلام أهل العلم ما يعينك على فهم كتاب الله، وعلى فهم السنة، وكن حريصا على العلم والفقه في الدين حتى تستطيع أن توجه المجتمع إلى الطريق السوي، وتأخذ بيده إلى شاطئ السلامة، وحتى تعلم كيف تعمل، فتبدأ بنفسك، وتجتهد في إصلاح سيرتك ومسابقتك إلى كل خير، فتكون مع أول الناس في الصلاة، ومع أول الناس في كل خير، وتكون من أبعدهم عن كل شر، تمتثل تنفيذ كتاب الله، وتنفيذ سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أعمالك وفي أقوالك مع زملائك وإخوانك وأعوانك.
هكذا يكون المؤمن، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا كان أتباعهم من التابعين، وأتباع التابعين والمصلحين، وأئمة الهدى يدرسون كتاب الله، ويعملون بما فيه ويقرئونه الناس ويعلمونهم إياه، ويرشدونهم إلى معانيه، ويعلمونهم السنة ويحثونهم على التمسك بها والفقه فيها، ويوصونهم بتعظيم الأوامر والنواهي، والوقوف عند الحدود التي حدها الله ورسوله مدة حياتهم في هذه العاجلة.

فكل عامل من عوامل الإصلاح يتطلب إخلاصا وصدقا. فالدعوة إلى توحيد الله تحتاج إلى إخلاص وصدق وبيان معنى لا إله إلا الله، وأن معناها: لا معبود حق إلا الله، وأن الواجب الحذر من الشرك كله دقيقه وجليله، وتحذير الناس منه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
وبتدبر القرآن العظيم يتضح هذا المعنى كثيرا، وهكذا السنة تعظيمها والدعوة إليها بعد الإيمان أن محمدا رسول الله، وأن الواجب اتباعه وأن الله أرسله إلى الناس كافة، عربهم وعجمهم، جنهم وإنسهم، ذكورهم وإناثهم، فعلى جميع أهل الأرض أن يتبعوه، كما قال سبحانه:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) وقال قبلها سبحانه: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
فمن اتبعه وعظم أمره ونهيه فهو المفلح، ومن حاد عن ذلك وتبع الهوى والشيطان فهو الخاسر الهالك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والعوامل تتعدد بحسب ما تدعو إليه، وما تنهى عنه، فأنت تجتهد في اختيار العامل الذي تقوم به العامل الشرعي الذي عرفت أصله، وعرفت مأخذه من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنت تدعو الناس إلى دين
الله، وإلى أداء فرائض الله، وإلى ترك محارم الله على الطريقة التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والعوامل والمجتمعات تختلف، فالمجتمع المحارب للدين، والذي ليس فيه قائد يعينك على الإصلاح والتوجيه تعمل فيه كما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، تدعو إلى الله بالحسنى وبالأسلوب الحسن، وبالكلمات اللينة، حتى يدخل ما تقول في القلوب ، وحتى يؤثر فيها فيحصل بذلك انجذاب القلوب إلى طاعة الله وتوحيده، وتتعاون مع إخوانك ومن سار على نهجك في دعوة الناس وإرشادهم بالطرق اللينة في المجتمعات التي يمكن حضورها حتى يثبت هذا الإيمان في القلوب، وحتى ينتشر بين الناس بأدلته الواضحة.
وفي المجتمع الإسلامي، ووجود القائد الإسلامي الذي يعينك يكون لك نشاط أكثر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاتصال بالمسئولين عند وجود المعاندين، والذين يخشى من عنادهم الخطر على المجتمع، وتكون مع ذلك سالكا المسلك القويم بالرفق والحكمة والصبر، كما قال عز وجل: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )
فلا بد من صبر وتواص بالحق، ودعوة إليه، حتى تنجح في مهمتك، وكذلك المسئولون والكبار الذين يخشى من شرهم على الدعوة، ينصحون بالأسلوب الحسن، ويوجهون، ويدعون بالكتابة والمشافهة من أعيان الأمة ورجالها وقادتها وأمرائها، كما قال سبحانه:(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )، وكما قال سبحانه لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما بعثهما إلى فرعون : (فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )
فالواجب على المصلحين والدعاة أن يسلكوا هذا السبيل، وأن يعالجوا مشكلات المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يخاطبوا كل إنسان بما يليق به، حتى ينجحوا في مهمتهم، ويصلوا إلى غايتهم.

وعلى الداعي أيضا إلى الله سبحانه والراغب في الإصلاح أن يراعي عاملين آخرين، سوى العاملين السابقين وهما: عامل التناصح والتواصي بالحق مع إخوانه وزملائه ومع أعيان المجتمع وقادته وعامل الصبر على ما قد يقع من الأذى من الأعيان أو غيرهم عملا بما دلت عليه السورة السابقة وهي قوله سبحانه: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )
وتأسيا بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في آخر سورة الأحقاف وهي مكية: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )، وقال سبحانه في سورة آل عمران وهي مدنية: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وقال فيها سبحانه لما نهى عن اتخاذ البطانة من المشركين: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )وقال سبحانه في آخر سورة النحل، وهي مدنية أيضا:(وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ )
والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وكل من سلك مسلك الرسل من الدعاة والمصلحين، نجح في دعوته، وفاز بالعاقبة الحميدة والنصر على الأعداء ومن سبر ذلك، ودرس أخبار المصلحين وسيرتهم علم ذلك وتحققه،
فأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يصلح أحوال المسلمين، ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق قادتهم لكل خير، ويصلح لهم البطانة، وأن يعيذ المسلمين جميعا في كل مكان من مضلات الفتن، ومن طاعة الهوى والشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

محاضرة ألقيت في جامعة البترول والمعادن بتاريخ 6/1404 هـ.




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة العلماء الصريحة لاخواننا في لبيا الجريحة

بسم الله الرحمن الرحيم

نصيحة الشيخ صالح اللحيدان – حفظه الله – لإخوانه في ليبيا في مكالمة هاتفية (تم تفريغها):

الشيخ : نعم .

السائل : السلام عليكم ورحمة الله .

الشيخ : عليكم السلام ورحمة الله .

السائل : كيف حالك يا شيخنا ؟

الشيخ : حياكم الله .

السائل : أخوك في الله من ليبيا يا شيخ .

الشيخ : أهلا .. حياكم الله .

السائل : ما نصيحتكم ياشيخ لأهل ليبيا ؟

الشيخ : نصيحتي أنهم يدعون الله – جل وعلا – الهدوء والسكينة والطمأنينة.

والبعد عن الفتن, وأن يولي الله عليكم خياركم , أن يولي الله عليكم خياركم والبعد عن هذه الفتن وهذا القتل وهذه المشاكل.

السائل : نعم .

الشيخ : نعم .

السائل : جزاكم الله خيرا يا شيخ .

الشيخ : الله يرفع عنكم , الله يرفع عنكم يا أخي .

السائل : جزاكم الله خيرا ياشيخ .

انقطع الخط……………………. ……….

تفريغ كلمة الشيخ فلاح مندكار سدده الله بخصوص أحداث ليبيا_حرسها الله:

السائل:شيخنا والله نود منكم كلمة حول الفتن المأججة الآن في ليبيا وما يحدث من قتل عشوائي وترويع للآمنين حتى من غير المتظاهرين والكلام الآن يدور حول المئات من القتلى ففضيلة الشيخ الأجواء الآن في ليبيا كما لايخفى على أمثالكم أجواء حرب فما هو الموقف الصحيح لأهل السنة وإخواننا في ليبيا خصوصاً وأن البعض هناك قد أفتى بوجوب الخروج والتظاهر والقرضاوي البارحة كما وصلكم.

الشيخ مقاطعاً:من الذي أفتى بهذا؟ من؟

السائل: هذا اسمه الصادق الغرياني (يعني) يُحْسَب من السلفيين )عند البعض(.

الشيخ: الله المستعان والله يا أخي هذه فتن.. يعني منذ مبدئها سواءاً في تونس في مصر الآن في ليبيا وسينْجَرْ.

والأصل في الفتن اعتزالها وعدم المشاركة فيها….لكن نستغرب من هذه الفتاوى نعم.

السائل: حتى وإن كان يا شيخ..

الشيخ: حتى القرضاوي الآن يفتي أنها فرض عين!

السائل: نعم القرضاوي البارحة يعني أفتى بهدر دم القذافي قال من أراد قتله فليفعل.

الشيخ: الله المستعان لاشك أن القتل هذا ظلم نعم لكن هذا الظلم سببه خروج هؤلاء الناس نسأل الله العافية.
الخروج في الفتن ما ينفع والمشاركة في الفتن ما ينفع.

السائل: يعني الواجب لزوم البيوت يا شيخ؟

الشيخ: لاشك هذا الأصل لزوم البيوت والدعاء إلى الله عز وجل أن يرفع البلاء وأن يصلح الأحوال نعم هكذا أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نصبر على جورهم وأن ندعو الله سبحانه وتعالى حتى يستريح برٌ ويُستراحَ من فاجر.

السائل: طيب ياشيخ كيف بمن يقول

الشيخ: لكن المصيبة الأن يدفعون البلاء بالسيوف والخروج والتظاهر وغيره وهذا يزيد البلاء ويزيد الفتنة.

السائل: نعم.. كيف يا شيخ بمن يقول بكفر القذافي؟ ويستدل بذلك ببعض الفتاوى التي صدرت من بعض المشايخ؟

الشيخ: والله ياشيخ ما أعرف..حتى لو كان "يعني" حكموا بكفره الخروج على الكافر له شروط..أن نأمن المفاسد ما تتولد يعني مفاسد على الخروج عليه وأن يكون عندنا القدرة وعندنا القوة وعندنا المُكْنَة وهذا كله غير موجود.

كلمة الشيخ عايد بن خليف الشمري.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد
فهذا جواب لبعض الأسئلة التي وردت من بعض الإخوة من ليبيا تتعلق في الأحداث الدائرة في البلاد من قتل وتخريب . فالجواب كما يلي وبالله التوفيق :

لايجوز المشاركة في أي قتال فيه الهجوم على الآخرين وذلك لأنه قتال فيه مقاتلة بين المسلمين أنفسهم وحالة من الهرج والمرج ويؤدي إلى فتنة ومقتلة مخيفة بين أبناء المسلمين .

ويجب الدفاع عن النفس والأهل والولد والمال والبلد الذي يهاجم أهله ويحاصر لإبادته وقتل أهله من قبل المعتدين الظلمة.

وهو من جهاد الدفع ومن الجهاد الواجب في حال محاصرة العدو لبلد يريد القيام بالقتل لأهله .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله ،أو دون دمه ، أو دون دينه : فهو شهيد ) . رواه ابوداود والترمذي وغيرهما وهو صحيح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الزاد ( قوله : " أو حصر بلده عدو " ، هذا هو الموضع الثاني ، إذا حصر بلده العدو فيجب عليه القتال دفاعا عن البلد ، وهذا يشبه من حضر الصف في القتال ؛ لأن العدو إذا حصر البلد فإنه سيمنع الخروج من هذا البلد، والدخول إليه ، وما يأتي لهم من الأرزاق ، وغير ذلك مما هو معروف ، ففي هذه الحال يجب أن يقاتل أهل البلد دفاعا عن بلدهم .))انتهى 8 /8 من – كتاب الجهاد

ولعل في هذا الجواب منع التقاتل بين المسلمين وقيام الحروب الأهلية بينهم من جهة.

وحماية المسلمين من عدوهم ودفاعهم عن مدنهم وقراهم وأهلهم وأنفسهم ضد من يعتدي عليهم بالسلاح من الجهة الأخرى .

وأسأل الله عز وجل أن يظهر الحق وينصر أهله ويرد كيد أعداء الإسلام والمسلمين في نحورهم.
وأسأل الله عز وجل أن يحفظ ليبيا وأهلها بحفظه وأن يكف الشرور عنهم ويؤلف بين قلوبهم ويخرجهم من هذه الفتنة سالمين .

كتبه :عايد بن خليف الشمري.

هذه روابط لتنزيل صوتيات هامة حول ما يحدث في الأمة الاسلامية من فتن فلا تفوتكم:

هذه كلمة الشيخ الاعلامة زيد المدخلي يوم أمس يوم الثلاثاء 19-3-1432 على الاحوال في ليبيا.
من هنا


و هذه إجابة الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي عن أسئلة الليبيين عن ما يحدث في ليبيا على الرابط:

http://www.plunder.com/-ogg-download-
9d5fa4d78f.htm

وعلى الروابط الأتية مزيد صوتيات كالأتي.

الوقفات الشرعية في المجريات الحالية عبدالعزيز بن ريس الريس.

الرد على من أجاز الخروج على الحاكم بالسلاح لفضيلة الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان 1443هـ.

معركة الهوية الإسلامية في مصر محمد بن سعيد رسلان.

كلمة الشيخ عبدالله العبيلان في أحداث البحرين 1443هـ.

كلمة الشيخ عبدالرحمن حامد في أحداث مصر وتونس.

منقول من منتديات البيضاء العلمية وموقع الاسلام العتيق.




اقتباس:
أسأل الله عز وجل أن يظهر الحق وينصر أهله ويرد كيد أعداء الإسلام والمسلمين في نحورهم.
وأسأل الله عز وجل أن يحفظ ليبيا وأهلها بحفظه وأن يكف الشرور عنهم ويؤلف بين قلوبهم ويخرجهم من هذه الفتنة سالمين
.
اللهم آمين ، اللهم آمين

جزاكم الله خيرا




اللهم احفظ ليبيا من الفتن وكل بلاد المسلمين

هذا ما يريده الغرب وامريكا والصهاينة

لتغوص الامة الاسلامية في فوضى وتهتم بمشاكلها الداخلية وتغض الطرف على الامور الخارجية واهمها طبعا قضية فلسطين

نسال الله العفو والعافية

جزاكم الله خير الجزاء على الموضوع القيم وحفظ الله مشائخ الدعوة السلفية




اللهم منزل الكتاب مجري السحاب هازم الأحزاب اهزم أعداء الدين اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا وأنصر اللهم عبادك المؤمنين اللهم انصرأخواننا في ليبيا اللهم انصرهم و تقبل شهيدهم و اشفي جريحهم و فك اسيرهم اللهم مكن لهم و اشرح صدورهم اللهم ارنا في الطاغاة و اعوانهم يوما اسودا كيوم فرعون و هامان و جنودهما اللهم احفظ اخواننا في ليبيا و بلغهم مرادهم و فرحنا بهم كما فرحتنا بأخواننا في تونس و مصر عاجل غير آجل




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبيد الله تعليمية
اللهم آمين ، اللهم آمين

جزاكم الله خيرا

و اياك بارك الله فيك، نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يلهم اخوننا هناك الصبر والسلوان، وأن يرزقهم الحكمة والروية والبعد عن الفتن، نسأل الله أن تنطفئ نار الفتنة المظترمة في لبيا.




التصنيفات
اسلاميات عامة

الورع الزاهد الامام العابد عمر بن عبد العزيز.

الإنسان عندما يريد أن يتحدث عن العظماء يقف حيراناً من أين يبدأ؟ وإلى أين ينتهي؟ وماذا يقدم وماذا يؤخر؟ ذلك أن العظماء لا يستغني الإنسان عن فوائد موقف من مواقفهم العظيمة
لقد كان عمر بن عبد العزيز مثلاً أعلى في الزهد في زمانه؛ فعن مكحول قال: "لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز"، وقال مالك بن دينار: "الناس يقولون: إني زاهد؛ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها"، وقال عمر في بعض خطبه: "إن الدنيا لا تسر بقدر ما تضر، تسر قليلاً وتحزن طويلاً".
نعم لقد كان عمر بن عبد العزيز أزهد أهل زمانه؛ قال ابن عبد الحكم: "لما ولي عمر بن عبد العزيز زهد في الدنيا، ورفض ما كان فيه، وترك ألوان الطعام"، فكان لا يهمه من الأكل إلا ما يسد جوعه، ويقيم صلبه، وكانت نفقته وعياله في اليوم درهمين، كما في الأثر عن سالم بن زياد قال: "كان عمر ينفق على أهله في غدائه وعشائه كل يوم درهمين"، وكان لا يلبس من الثياب إلا الخشن، وترك مظاهر البذخ والإسراف التي سادت قبله وأمر ببيعها وأدخل أثمانها في بيت مال المسلمين، بل إنه في مرض موته لم يكن له إلا ثوب واحد؛ فعن مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز أعوده في مرضه فإذا عليه قميص وسخ, فقلت لفاطمة بنت عبد الملك -زوجة عمر-: يا فاطمة اغسلي قميص أمير المؤمنين. قالت: نفعل إن شاء الله. ثم عدت فإذا القميص على حاله, فقلت: يا فاطمة ألم آمركم أن تغسلوا قميص أمير المؤمنين؟! قالت: والله ما له قميص غيره".
وكان من زهده -رحمه الله- أنه كانت إذا جاءته الأموال يقسمها على الناس ولا يأخذ منها شيئاً؛ فعن الفهري عن أبيه، قال: كان عمر بن عبد العزيز يقسم الفيء فتناول ابن له صغير تفاحة، فانتزعها من فيه، فأوجعه فسعى إلى أمه مستعبراً -يبكي- فأرسلت إلى السوق فاشترت له تفاحاً، فلما رجع عمر وجد ريح التفاح، فقال: يا فاطمة هل أتيت شيئاً من هذا الفيء؟ قالت: لا. وقصت عليه القصة، فقال: والله لقد انتزعها من ابني لكأنما نزعتها من قلبي، ولكن كرهتُ أن أضيع نصيبي من الله -عز وجل- بتفاحة من فيء المسلمين.
وأما عن زهده في المال وجمعه فإن الإنسان يقف مندهشاً في ذلك؛ قال ولده عبد العزيز: سألني أبو جعفر المنصور: كم كانت غلة أبيك حين أفضت الخلافة إليه؟ قلت: أربعين ألف دينار، قال: فكم كانت حين توفي؟ قلت: أربعمائة دينار ولو بقي لنقصت"، وذلك لأنه لم يرتزق من بيت المسلمين شيئاً.
لقد كان عمر مثالاً رائعاً في الزهد، قال ذات مرة لمولاه مزاحم: "إني قد اشتهيت الحج، فهل عندك شيء؟ قال: بضعة عشر ديناراً، قال: وما تقع مني؟! ثم مكث قليلاً، ثم قال له: يا أمير المؤمنين تجهّز، فقد جاءنا مال سبعة عشر ألف ديناراً من بعض مال بني مروان، قال: اجعلها في بيت المال، فإن تكن حلالاً فقد أخذنا منها ما يكفينا، وإن تكن حراماً فكفانا ما أصابنا منها، قال مزاحم: فلما رأى عمر ثقل ذلك علي، قال: ويحك يا مزاحم لا يكثرن عليك شيء ضعته لله، فإن لي نفساً توّاقة لم تَتُق إلى منزلة فنالتها إلا تاقت إلى ما هي أرفع منها، حتى بلغت اليوم المنزلة التي ليس بعدها منزلة، وإنها اليوم قد تاقت إلى الجنة"، نرجو من الله أن يبلغه ما تاقت إليه نفسه من الجنة كما حقق له ما تاقت إليه نفسه في الدنيا.
والأخبار في زهد عمر كثيرة جداً لا يسع المقام لذكرها، ولكن هذه بعضا منها، ذكرناها لنأخذ منها العبرة، ولنتشبه به في ذلك، فإن التشبه بالكرام فلاح.




بارك الله فيك




التصنيفات
اسلاميات عامة

سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس5

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
أيّها الإخوة الكرام : تزكية النُّـفوس كما يقول ابن القيمرحمه الله تعالى في كتابه _ مدارج السالكين _ : ( أمرها مُسلّم إلى الرسل عليهم الصلاة و السلام و إنّما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إيّاها و جعلها على أيديهم دعوةً و تعليماً و بيانا و ارشادا لا خلقاً ولا إلهاماً ، فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم ) .
قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ، و قال تعالى : (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ )

يقولسفيان ابن عيينه رحمه الله :( إنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الميزان الأكبر وعليه تُعرض الأشياء ، على خُلقه وسيرته وهديه ، فما وافقها فهو الحق ، وما خالفها فهو الباطل )هذا أيّها الإخوة ميزان دقيق و مهم للغاية في باب تزكية النّفس .

تزكية النَّـفس ليس أمرا مُسلما للإنسان يزكي نفسه بأي طريقة شاء و بأي سبيل أراد . لا . بل لابد في باب تزكية النّفس من وزنِ الأعمال بما جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة و السلام ، فَخلُقه و سيرته و هديه صلى الله عليه و سلم مِيزان تُعرض عليه الأعمال و تُقاس عليه الأمور ، و ليس للإنسان أنْ يتخِذَ لنفسه ما شاء من الأمور أو الوسائل التي يزعُم أنّها تُـزكي نفسه .

و لهذا يقول ابن القيم رحمه الله : ( تزكية النُّفوس أصعب من علاج الأبدان و أشـد ، فمن زكّي نفسه بالرياضة و المجاهدة و الخَلوة ، التي لم يجئ بها الرسل( يعني جاء بأعمال و طرق يزعم أنّها تزكي النّـفس لكن لم تأتي على الرسل عليهم الصلاة و السلام )فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه ، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب ؟ ) فالرّسل أطباء القلوب ، فلا سبيل إلى تزكيتها و صلاحها إلّا من طريقهم و على أيديهم و بمحض الإنقياد والتسليم لهم و الله المستعان .

بعض النَّاس يظن في هذا الباب أنَّ التزكية تكون بالتّشديد على النَّفس و القسوة عليها ، و حرمان النَّفس من حقُـوقها التي فطر الله سبحانه و تعالى النّفوس على الإحتياج اليها ، قد قال عليه الصلاة و السلام :( و لنفسك عليك حق )فبعض النَّاس يظن أنَّ تزكيته لنفسه تكون بحرمان النَّفس من حقوقها المباحة أو بالقسوة على النَّفس و الشّدة عليها أو بالرّعونة و نحو ذلك من التّصرُفات التي يظن أنّه بمثل هذه المسالك يزكّي نفسه ، و هيهات أن تكون تزكية النَّـفس بمثل ذلك .

فتزكية النَّفس لا تكون لا بالإفراط و لا أيضا بالتفريط ، لا تكون لا بالزيادة و لا بالتقصير ، بل تكون بالتّـوسط و الإعتدال و ذلك بلزوم هدي النبي صلى الله عليه و سلم و نهجِه القويم صلوات الله و سلامه و بركاته عليه .

فلا بُـد من الوسطية و الإعتدال في باب تزكية النَّـفس مطلوبة بالدليل ، لكن تتفاوت في المسالك ، فمن النّـاس من يريد أن يزكي نفسه بالتّشديد و التعزير و القسوة على النّفس و في الحديث : ( إنّ هذا الدين يسر ولنْ يُشاد الدّين أحد إلا غلبه فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا ) و من النّاس من يزكّي نفسه بوسائل و طرائق لا أصل لها و لا أساس ، فالنّاس في هذا الباب بين افراط و تفريط ، و خِيارُ الأمور أوساطُها لا تفريطها و لا إفراطها .

يقولابن القيمرحمه الله في – مدارج السالكين – : (فإنَّ النّفس متى انحرفت عن التوسط ، انحرفت إلى أحد الخُلقين الذميمين و لا بُد ، فإذا انحرفت عن خلق التواضع: انحرفت إما إلى كبر و علو ، وإما إلى ذلّ و مهانة و حقارة وإذا انحرفت عن خلق الحياء انحرفت : إمّا إلى قِحَةٍ وجُرأة ، وإمّا إلى عجـزٍ وخور ومهانة ، و كذلك إذا انحرفت عن خلق الصبر المحمود انحرفت إمّا إلى جزع و هلع وإمّا إلى غلظة كبد وقسوة قلب وتحجـر طبع ، وإذا انحرفت عن خلق الحلم انحرفت : إمّا إلى طيش أو إلى مهانة و حقارة وإذا انحرفت عن خلقالأناة والرفق انحرفت : إمّا إلى عجلة وطيش وعنف أو إلى تفريط وإضاعة ، وإذا انحرفت عن خلق العزة التي وهبها الله لأهل الإيمان انحرفت : إمّا إلى كِبر وإمّا إلى ذُل ، وإذا انحرفت عن خلقالشّجاعة انحرفت : إما إلى تهور وإقدام غير محمود أو إلى جبن وتأخر مذموم ) ، و هكذا نجد أنَّ النّفس إذا خرجت في باب التزكية عن حدّ الإعتدال والتّـوسط الذي كان عليه نبينا صلى الله عليه و سلم تنحرف إلى جانبين كلاهما مذموم و خِيار الأمور أوساطها لا تفريطها و لا إفراطها .

و يجب أنْ يُعلم في هذا الباب أنَّ خير العمل ما كان لله أطوع و لصاحبه أنفع و قد يكون ذلك أيسر العملين و قد يكون أشدُّهُما ، فليس كل شديد فاضلا ولا كل يسير مفضولا .

بل الشرع إذا أمرنا بأمر شديد فإننا نأمر به بما فيه من المنفعة لا لمجرد تعذيب النّفس . و قد قال عليه الصلاة و السلام : ( إنّما بُعِثتُم ميسرين و لم تُبعثوا معسّرين )و قال
لمعاذ و أبي موسى لما بعثهما إلى اليمن :( يسرا و لا تعسرا ، و بشِّرا و لا تُنفرا )، و قال عليه الصلاة و السلام : (هذا الدين يسر ولنْ يشادّ الدين أحد إلا غلبهُ )، و قال عليه الصلاة و السلام :( أحبُّ الدين إلى الله الحنيفية السّمحاء )، و الشيطان له مداخل في هذا الباب عندما يرى الإنسان قد أقـبل على تزكية النّـفس إمّا أنْ يدخله في باب تشديد و تحقير على النَّفس ، بترك المباحات و تعذيب النفس بقلة المرأى ، يـُـفشل البدن ، المنع من المباحات ، أو ينقل الإنسان نقلة أخرى بعيدا يحرفه من خلالها عن الصواب و السداد .

و الواجب على المسلم في هذا الباب باب تزكية النّفس و في كل باب أنْ يُلزم نفسه بشرع الله و دينه الثّابت عن رسوله صلوات الله و سلامه عليه ، و أنْ يحذر من كلِ طريق و سبيل لا أصل له في شرع الله عز وجل .

ثُم أيّها الإخوة الكرام : يَحتاج العبد في هذا المقام مقامِ تزكية النّـفس إلى أمر مهم للغاية لا بد من التأكيد عليه و هو : أنْ يكون على ذكر دائم للوقوف بين يدي الله و المجازات و المحاسبة ، و قد قال الله عـزّ و جل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ )و لتنظر نفس ما قدمت لغد ، وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ)و من أواخر ما نزل على نبينا عليه الصلاة و السلام قول الله تعالى : (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ )، و في الحديث و في سنده مقال و لكن معناه صحيح لا ريب في صحة معناه : ( الكيس من دان نفسة وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتْـبع نفسهُ هواها وتنمى على الله الأماني )
الكيس :أي اللّبيب الفطن الذي يحاسب نفسه و يُعِـدها لما بعد الموت ، يُعدها للقاء الله سبحانه و تعالى ، و العاجز من أتْبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني .

ثُمّ أمرٌ أخير أختم به ألا و هو أيّها الإخوة : ينبغي على من أكرمَه الله عزّ و جل بالإستقامة ووفقه للرّعاية لنفسه و العناية بها أن يذكُر دائما أن هذا محضُ فضل الله عليه و مَـنّه سبحانه و تعالى ، و أنّه لولا فضل الله عليه لما استقام و لَمَا اهتدى ، فيحذر في هذا المقام من أن ينظر إلى نفسه نظر الإعجاب أو الثناء على نفسه أو التزكّية لها و الله يقول : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )و يقول : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ )، فإذا أكرم الله سبحانه و تعالى عبده ، ووفقه لسلوكِ طريق الهِداية و لزوم سبيل الإستِقامة ، فعليه أنْ يذكر أنَّ هذا محضُ فضل الله و منّه عليه .
فلا ينظر إلى نفسه نظر إعجاب ، بل يكونُ حامدا ، شاكرا ، مُثنيا على مولاه سبحانه و تعالى ، و قد ذكر الله جل و علا في صفات المؤمنين الكُمّل فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)أي : يقدمون ما يقدمون من طاعات و عبادات و قلوبهم خائفة .

و جاء في المسند أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سألت النبي عليه الصلاة و السلام عن معنى هذه الآية الكريمة ، و قالت : (يا رسول الله أهُـوَ الرجل يزني ويسرق و يقتل و يخاف أن يعذب ؟ قال لا يا ابنة الصديق ، و لكنّه الرجل يصلي و يصوم و يتصدق و يخاف أن لا يُقبل منه )، و لهذا قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : ( إنَّ المؤمن جمع بين إحسان و مَخافة ، و المنافق جمع بين إساءة و أمن )، المؤمن يحسن في العمل و يخاف ، و المنافق يسئ في العمل وآمن .

فالواجب على المسلم أنْ يُجاهد نفسه على تقوى الله سبحانه و تعالى و نيل رضاه ، و أنْ ينظر إلى نفسه دائما نظـر التقصير و التفريط ، و يلُـوم نفسه على تقصيرها و تفريطها ، و يجاهد نفسه على البعد عن الذّنوب و الآثام التي تحرمه من الخير و تحُـول بينه و بين نيل الفضائل و الخيرات و البركات في الدنيا و الآخرة ، و يكُون مُقبلا على ربّهِ سبحانه ، يرجوا رحمته و يخاف عذابه ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) .

و أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم بأسمائه الحسنى و صفاته العليا ، و بأنَّهُ الله الذي لا إله إلّا هو ، الذي وسع كل شئ رحمة و علما أن يوفقنا جميعا لكل خير ، و أن يصلح لنا شأننا كله ، و أن يغفر لنا و لوالدينا ، و لمشايخنا و للمسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات ، اللّهم آتِ نفوسنا تقواها و زكّها أنت خير من زكّاها أنت وليها ومولاها ، اللّهم أعِـنَّا ولا تُـعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا وأهدنا ويسر الهدى لنا وانصرنا على من بغى علينا ، اللّهم اجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين إليك أوّاهين منيبين ، لك مخبتين لك مطيعين، اللّهم تقبّل توبتنا واغسل حوبتنا ، و ثبت حُجّتنا ، و اهدِ قلوبنا و اسلل سخيمة صدورنا ، اللّهم و أصلح ذات بيننا و ألف بين قلوبنا ، واهدنا سُبُل السّلام ، و أخرجنا من الظلمات إلى النور ، و بارك لنا في أسماعنا و أبصارنا ، و أزواجنا و ذرّياتنا ، و أموالنا و أوقاتنا و اجعلنا مباركين أينما كنّا ، اللّهم آمنّا في أوطاننا و أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللّهم وفق ولاة أمرنا لكل خير و اهدهم يا حي يا قيوم لما تحبه و ترضاه من سديد الأقوال و صالح الأعمال ، اللّهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، و أصلح لنا شأننا كله لا إله إلّا أنت ، و الحمد لله أولا و آخرا ، و له الشُّكر ظاهرا و باطنا ، و صلى الله و سلم و بارك و أنعم على عبده و رسوله نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.


وفي الأخير لا تنسوني اخواني بصالح دعائكم بالتوفيق ومغفرة الذنوب وستر العيوب والاعانة على علاجها، مع حسن الخاتمة وسرور المقدم على الله الغفورالرحيم .




جزاك الله خيرا .جعل الله مجهودك في ميزان حسناتك وصالح اعمالك .




أاامين، بارك الله فيك.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جمانة تعليمية


وفي الأخير لا تنسوني اخواني بصالح دعائكم بالتوفيق ومغفرة الذنوب وستر العيوب والاعانة على علاجها، مع حسن الخاتمة وسرور المقدم على الله الغفورالرحيم .

نَسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضاه ولا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ويُعيننا على طاعته ويُثبتنا على الحق ويُحسن خَواتمنا فهو ولي ذلك والقادر عليه لا إله إلا هو رب العرش العضيم




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو سليمان تعليمية
نَسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضاه ولا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ويُعيننا على طاعته ويُثبتنا على الحق ويُحسن خَواتمنا فهو ولي ذلك والقادر عليه لا إله إلا هو رب العرش العظيم

اللهم أاامين.




ا شكرا لك ننتضر جديدك




جزاك الله كل خير




التصنيفات
اسلاميات عامة

حقيقة الصبر وفضائله

[color="teal"]

ذكر الله عز وجل أن جزاء الأعمال الصالحة عشرة امثالها: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) وجعل جزاء الصدقة فى سبيل الله فوق هذا القول: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة : 261 ) وجعل أجر الصابرين بغير حساب ومدح أهله فقال: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (الشورى : 43 ).
والصبر على الأذى من باب جهاد النفس وقمعها من شهواتها ومنعها عن تطاولها، وهو من أخلاق الأنبياء والصالحين، وإن كان قد جبل الله النفوس على تألمها من الأذى ومشقته،
قال الحافظ في " فتح الباري" (13 / 361) :
« أصبر : أفعل تفضيل من الصبر ، ومن أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى الصبور ، ومعناه الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة »
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما رزق عبد خير له و لا أوسع من الصبر »(1)
" إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم " .(2)
قال طائفة من أهل العلم : إن الصبر ثلاثة أقسام : صبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، وصبر على أقدار الله المؤلمة . والمقصود هنا القيام على حكم الله والمداومة عليه .
والصبر من صفات الانبياء : فالرسل كانوا مبشرين ومنذرين، يدعون إلى دين الله تعالى، وقد أصابتهم صنوف الأذى وأنواع المشاق، ومع ذلك فقد صبروا وتحمّلوا في سبيل إعلاء كلمة الله.
وأهل السنة يرون : أن الصبر على المصائب واجب من الواجبات ؛ لأن فيه ترك السخط على قضاء الله وقدره .

ولهذا فإن ترك الصبر وإظهار التسخط كبيرة من الكبائر ، والمعاصي تنقص الإيمان ؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، ونقص الإيمان قد ينقص كمال التوحيد ، بل إن ترك الصبر مناف لكمال التوحيد الواجب .
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة » (3) : هذا فيه بيان حكمة الله – جل وعلا – التي إذا استحضرها المصاب ، فإنه يعظم عنده الصبر ، ويتحلى بهذه العبادة القلبية العظيمة وهي ترك التسخط ، والرضا بفعل الله – جل وعلا – وقضائه ؛ لأن العبد إذا أريد به الخير فإن العقوبة تعجل له في هذه الدنيا
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إن الصبر يأتي من الله على قدر البلاء » .(3)
« ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنة في نفسه و ولده و ماله حتى يلقى الله و ما عليه خطيئة » (4)
« ومن يتصبر يصبره الله وما أعطى الله أحدا عطاء هو خير له وأوسع من الصبر» (5)
« قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع » (6)
«الصبر ضياء »(7)
وقال الشعبى رحمه الله : قال على بن أبى طالب: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
قال الطبرى شيخ المفسرين رحمه الله: ذلك أن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، فمن لم يصبر على العمل بشرائع لم يستحق اسم الإيمان بالإطلاق، والصبر على العمل بالشرائع نظير الرأس من جسد الإنسان الذى لاتمام له إلا له، وهذا فى معنى حديث أنس وجابر أن الصبر نصف الإيمان، وعامة المواضع التى ذكر الله فيها الصبر وحث عليه عباده إنما هى مواضع الشدائد ومواطن المكاره الذى يعظم على النفوس ثقلها، ويشتد عندها جزعها وكل ذلك محن وبلاء، الا ترى قوله عليه السلام للأنصار: « لن تعطوا عطاءًا خيرًا وأوسع من الصبر » .
والصبر فى لسان العرب: حبس النفس عن المطلوب حتى يدرك، ومنه نهيه عليه السلام عن صبر البهائم. يعنى أنه نهى عن حبسها على التمثيل بها. ورميها كما ترمى الأغراض، ومنه قولهم: صبر الحاكم يمين فلان يعنى حبسه على حلفه.
فالصبر إذًا في الشرع هو : حبس اللسان عن التشكي ، وحبس القلب عن التسخط ، وحبس الجوارح عن إظهار السخط بشق أو نحو ذلك
قال الله تعالى : « إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ»
قال الإمام أحمد – رحمه الله – : ذكر الصبر في القرآن في أكثر من تسعين موضعا
وقال بعض أهل العلم : الصبر على الأذى جهاد النفس ، وقد جبل الله الأنفس على التألم بما يفعل بها ويقال فيها ؛ ولهذا شق على النبي صلى الله عليه وسلم نسبتهم له إلى الجور في القسمة ، لكنه حلم عن القائل فصبر لما علم من جزيل ثواب الصابرين وأن الله تعالى يأجره بغير حساب ، والصابر أعظم أجرا من المنفق لأن حسنته مضاعفة إلى سبعمائة ، والحسنة في الأصل بعشر أمثالها إلا من شاء أن يزيده ، وقد تقدم في أوائل الإيمان حديث ابن مسعود " الصبر نصف الإيمان " وقد ورد في الصبر على الأذى حديث ليس على شرط البخاري ، وهو ما أخرجه ابن ماجه بسند حسن عن ابن عمر رفعه " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم
عن حبيب بن عمير-رضي الله عنه -: أنه جمع بنيه وقال: اتقوا الله ولا تجالسوا السفهاء، فإن مجالستهم داء، من تحلم على السفيه يسر بحلمه، ومن يحب السفيه يندم، ومن لا يصبر على قليل أذى السفيه لا يصبر على كثيره، ومن يصبر على ما يكره يدرك ما يحب، فإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فلا يفعل حتى يوطن نفسه على الصبر على الأذى، ويثق بالثواب من الله عز وجل، فإنه من يثق من الله عز وجل لا يجد مس الأذى.
إبراهيم بن يزيد النخعي رضي الله عنه كان يقول: ما أوتي عبد بعد الإيمان أفضل من الصبر على الأذى
الصبر من المقامات العظيمة ، والعبادات الجليلة التي تكون في القلب وفي اللسان وفي الجوارح ، وحقيقة العبودية لا تثبت إلا بالصبر ؛ لأن العبادة أمر شرعي ، أو نهي شرعي ، أو ابتلاء ، بأن يصيب الله العبد بمصيبة قدرية فيصبر عليها .
فحقيقة العبادة : أن يمتثل الأمر الشرعي ، وأن يجتنب النهي الشرعي ، وأن يصبر على المصائب القدرية التي ابتلى الله – جل وعلا – العباد بها
الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضى بمر القضاء فإن حصل به رضىً فذلك مقام خواص العارفين المحبين
ومن صفات الفائزين كما اخبرنا الله عز وجل في سورة العصر :
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
فالتواصي بالصبر : هو الصبر على فعل الطاعات، والصبر عند وقوع المصائب.
وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (هود : 115 )
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (لقمان : 17 )
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة : 155 )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (آل عمران : 200 )
-م.ن-
(1) السلسلة الصحيحة 1 / 732 .
(2) السلسلة الصحيحة 1 / 812 .
(3) أخرجه الترمذي (2398) ، والحاكم 1 / 340 ، وابن حبان 1 / 278 .
(3) السلسلة الصحيحة 4 / 225 ، حديث 1952 /1919/ 3001 في صحيح الجامع.
(4) السلسلة الصحيحة 5 / 349.
(5) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
(6) رواه أحمد ورواته ثقات ، انظر حديث رقم : 1706 في صحيح الجامع
(7) حديث رقم : 3957 في صحيح الجامع .

[/color]




تعليمية




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




التصنيفات
اسلاميات عامة

لماذا المنهج السلفي من دون غيره؟

السلام عليكم ورحمة وبركاته وبعد

فإن الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح.
والسلفية رسم شرعي أصيل يرادف {أهل السنة والجماعة} و {أهل السنة } و{أهل الجماعة} ، و{أهل الأثر} و {أهل الحديث} و {الفرقة الناجية} و{الطائفة المنصورة} و{أهل الاتباع}.

والسلف الصالح الذي تنسب إليه السلفية هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الدين والهدى، والسلفي هو من رضي بهذا الميراث واكتفى به ولزم الكتاب والسنة على فهم علماء الأمة من الصحابة فمن بعدهم من الأئمة، هذا هو السلفي.

و السلفية نسبة إلى السلف وقد نص على ذلك أئمة السلف وقد سبق إيراد شيء من ذلك.
وقد جاء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدلُّ على ذلك : من ذلكم : قوله عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها : ((فإنه: نعم السلف أنا لكِ)) رواه مسلم (2482)، فكان النبي هو سلف فاطمة ، كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام سلف الصحابة الكرام، اذ كان يستقون من هديه، ويعملون بأمره ويتحرون سنته في كافة شأنهم وكلية أمرهم مما يدينون به لربهم عز وعلى، وهو كذلك سلف كل مؤمن صادق هداه ربي إلى سلوك سبيل الحق، وقد قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21))، ولقد بلغ الصحابة رضي الله عنهم في إتباعه والاقتداء به الذروة، مما قد يعجز أحدنا مضاهاتهم به، فهم الذين اخترهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه وحفظه من تأويل المبطلين و انتحال الجاهلين، فكانوا بذلك النَقَلَةُ الأمناء لهذا الدين العظيم، فكانوا ومن تلاهم عبر القرون المفضلة من التابعين، وتابعي التابعين خير الناس حقا وصدقا،كما صح ذلك عن الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، اذ قال (خيرالناسقرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء من بعدهم قوم : تسبق شهادتهم أيمانهم ، وأيمانهم شهادتهم)، ثم لم يستقر الأمر على ذلك حتى حدثت الحوادث، وحُكّمَت الآراء، وظهرت البدع، فتسلطت الأهواء على من اتبع السبل تنكبا للصراط المستقيم في الفهم القويم، فمن رافضة رفضوا إمامة الشيخين رضي الله عنهما، وطعنوا في أم المؤمنين عائشة العفيفة الطاهرة المبرئة من فوق سبع سموات، رضي الله عنها وأرضها، كما ادعوا العصمة والإمامة لعلي من دون الشيخين، واصفين إياهما بالكفر والنفاق هم ومن وَفقهما من الصحابة واتبع طريقهما الذي رسمه لهما النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، و ما استثنوا في ذلك قلة قليلة جدا من حكمهم الجائر الظلوم، وقد قال البشير النذير(عليكمبسنتيوسنةالخلفاءالراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)، والمقام يضيق بذكر مخازي القوم والتي قد صارت عند الأكثرين بحمد الله مشهورة لا تجهل.

ومن حرورية خوارج كفَّر سالفهم عليا رضي الله عنه، ثم ما لبثوا أن خلفوا سلفهم، يكفرون بالكبيرة، ويثيرون في الأمة البلابل، ويشقون عصا الطاعة، ويفرقون جماعة المسلمين الواحدة، يثيرون الفتن، ويقطعون السبل، ويُذهبون الأمن و يروعون الآمنين بدعوى أنهم أهل الإيمان وأنصار الدين،كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون الا كذبا.
ولا ننسى دور الصوفية الهدام في أمة خير الأنام عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام، فمن مستحلي للحرام و مرتكبي للآثام بدعوى أن الولاية لها مقام لا ككل المقام، ومن مريدين سلموا أنفسهم و عقولهم للسقام، يفعلون بهم وفيهم ما يشاءون، فَهُم كالمغسل في يد مغسله، لا يملك لنفسه حولا ولا قوة، ولا حراك له الا وفق ما يأذن فيه شيخه، ويجيزه عليه، وقد علمنا ذلك عن قرب بعد أن نجنا الله من شرهم، نهيك عن الشرك الأكبر الذي لا تكد تجد طريقة من طرق القوم الا وقد حوته.
أما عن باقي الفرق من جبرية و قدرية غلاة و غير غلاة، و الذين ضلت طوائفهم في فهم عقيدة القضاء والقدر و من ثم ضلت عن الإيمان الصحيح بها، و من مرجئة ضلوا في فهم معنى الإيمان، و أنه قول وعمل، يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي، وغير هؤلاء وأولئك ممن ذكرت و لم أذكر، فسبب ضلالهم وأصله، إنما هو الحياد عن طريق الفهم السلفي الصحيح لنصوص الكتاب والسنة، فلا يكفي دعوى الأخذ بهذا الأصلين، بغير فهمهما و فق ما أفهمهما النبي لصحابته و منهم أخذه النقلة الأمناء، العلماء الأوفياء، سادة السلف الأتقياء، حتى بلغتنا أثارهم و مآثرهم السنية، و من فهمهم تستقي الدعوة السلفية، غير مغيرة ولا مبدلة، فكانت بحق تجمع تحت رايتها كل سالك إلى الله رب العلمين منتهجا سنة النبي الأمين، سالكا في الفهم سبيل السلف الصالحين. من ترتيب أخوكم أبوجمانه الجزائري، مع الاستعانة في المقدمة بالنقل من مقال الحجج القوية في الانتساب الى السلفية.




نعم لقد نعم علينا الله بنعمة الاسلام وترك لنا نبينا الكريم القرآن الكريم وسنته وحثنا على التمسك بهما ان تركناهما ضللنا وكثرت في عصرنا هذا المذاهب التي لا تخدم الاسلام بشيء الابهدمه وزعزعت المسلمين فنرجو من الله الحافظ أن يحفظ أمن بلادنا وشعبنا من الفتن




جزاكَ الله خيرا على هذا النقل
لكن يجب عليك ذكر المصدر




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو سليمان تعليمية
جزاكَ الله خيرا على هذا النقل
لكن يجب عليك ذكر المصدر

أخي أبو سليمان، النقل جرى في المقدمة فقط، و قد ذكرت ذلك في أخر المقال، أما باقيه فهو من تسطري، وترتبي في رد أدرجته على احدى المنتديات، وفقنا الله لما فيه رضاه.




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




باركــ الله فيك
مع احترامي




جزاك الله خيرا وذادك علما وانار بك دربا وسما بك خلقا (ادا كانت هناك اي خطا في كلامي فرجاء اعلموني




التصنيفات
اسلاميات عامة

إياكم والغفلة

فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه وصدأه بحسب غفلته وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران فسد تصوره وإدراكه فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا وهذا أعظم عقوبات القلب
وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره قال تعالى : { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا }

من كتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب لبن قيم الجوزية رحمه الله




اللهم انا نعوذ بك من الغفله اللهم اكتبنا من الذاكرين لك كثيرا

نفع الله بك و جعل ما كتبت فى ميزان حسناتك




اللهم أمين
بارك الله فيكم على المرور




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
اسلاميات عامة

الى أختـــــــــــــي المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

كانت المرأة قبل ظهور الإسلام وبعثه خير الأنام صلى الله عليه وسلم في جاهلية وشر في ذل مهين وحال مشين وكانت في مجتمع لا يقدر لها قدرها ولا يعطيها بعض حقها، فكان بعضهم يعاملها معاملة البهائم والأنعام وبعضهم يعدّها من سقط المتاع ولا تساوي شيئاً عنده، وأشد من ذلك ما قص الله علينا من جهلهم حيث أنهم إذا بشروا بالأنثى ضاقت عليهم أنفسهم واسودت وجوههم من ذلك فهم في حيرة من أمرهم هل يئدونها ويتخلصون منها أم يمسكونها على هون ومذلة (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) أي والله ألا ساء ما يحكمون حكموا عليها بالدفن حية وضربوا عليها الأغلال والآصار وأحكام ما أنزل الله بها من سلطان فكانت حياتها إلى حياة البهائم أقرب . فكم رفع الاسلام من شأنها وحفظها وصانها ولكن هل تعقل المرأة المسلمة ذلك؟ أم أنها خدعت بزخرف الحياة الدنيا والركض وراء سراب الحضارة المزعومة فكم هلكت فيه من فتاة وكم سقطت في أوحالها من امرأة فلم تفق إلا وهي في تيه الضلال تتجاذبها صيحات الشياطين وأبواق الناعقين فنظرت تحت قدميها فإذا هي ع لى "نسج العنكبوت" .

إن النساء اليوم إن لم يرجعن إلى بارئهن وخالقهن ويتمسكن بدينهن ظاهراً وباطناً فهن على خطر عظيم أن يجرفهن الطوفان فيقعن في فساد عريض قد لا يرأب صدعه صيحات الناصحين ولا يرقع شقه هتافات الخائفين فيومئذ تقع الواقعة ويصبحن فريسة سهلة لكلاب شرسة لا يهمها في حياتها إلا أن تشبع جوعها .
في الماضي القريب ليس في عهد النبوة كانت أمهاتنا وجداتنا والعفيفات الطاهرات في عصرنا يعرفن معنى الإيمان والحياء فتلفعن بجلباب العفة والحشمة فلم يضرهن ذلك شيئاً فعشن طاهرات وتوافهن الله مسلمات بل أنجبن من العلماء والأدباء والأثرياء والعباقرة والوجهاء من ترون الآن من قيادات الأمة . فخلف من بعدهن خلف حسبن التقدم والنعمة التي فتحها الله علينا لا بد أن تواكب بالانسلاخ عن الدين والتنكر لشرع رب العالمين، فخدعن بالدعايات المضللة والوعود الكاذبة من منافقين كذبة ومفتونين غششة يزينون لها الباطل ويلبسونه زي الإسلام ليكسبوا مودتها ويسقونها الجرعات المخدرة ليفسدوا جسدها بعد فساد قلبها ويسوقونها إلى الجحيم .

فماذا تريد المرأة من العبث في جلبابها ؟ وماذا يريد الرجال من دفع المرأة لاختلاطها ونزع حجابها ؟ هي تريد التحرر من دين ربها وفتنة بني قومها. وهم يريدون المتعة بجسدها وقتل مشاعرها وسلب عفتها يريدونها كوردة قطفوها فاستنشقوا عطرها فلما ذبلت رموها واستبدلوا غيرها او كعلكة مضغوها فلما ذهبت حلاوتها تفلوها. ويوم أن تصل المرأة إلى بهيمة ينزو عليها من اشتهاها ويفجر بها من أغراها فلا دين يردع ولا سلطان يمنع فقد آذن المجتمع بالانهيار والعمار بالدمار ولا أصدق شاهد من واقع الغرب اليوم الذي ينادوننا أن ننحط لوحله.

إن الخطوات التائهة التي تسير بها المرأة اليوم تقودها إلى الهاوية فالتهاون بالحجاب الذي بدأ بالنقاب وسينتهي بنزع الجلباب والتهتك في الاسواق والغفلة والاعراض عن ذكرالله والجرأة على الحرمات وغياب الرقيب وضعف الإيمان وفساد القلب الذي أورث قلة الحياء والتلاعب بعقول الرجال والعبث بقلوبهم وإشعال نار الفتنة فيها بكل وسيلة فكل هذه وغيرها خطوات تقود إلى الانهيار ! فهل أصبحت المرأة في مجتمعنا أداة هدم ومعول خراب ؟؟ فمتى تعي المرأة المسلمة ما يحاك لها ؟

يا فتاة الإسلام أفيقي قبل فوات الأوان، يا أمة الله أفي الله شك فاطر السماوات والأرض الذي خلقك وصورك وعلم سرك ونجواك هو الذي أنشأك وعلم ما يفسدك و يصلحك وشرع لك ما يحفظك ويرعاك ويوصلك إلى السعادة الحقيقية والفوز في الدنيا والآخرة ، فمهما سلكت من السبل فلن تصلي إلا من طريق واحد هو الطريق الذي دلك عليه وهداك إليه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم طريق الاستقامة والهدى (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات والأرض، ألا إلى الله تصير الأمور) .

قفي وتأملي إلى أين تسيرين وإلى من تصيرين؟ هل خلقت عبثاً!! أم هل تتركي سدىً!! فتشي في قلبك، أين ذكر الله فيه ؟ هل تفكرت يوماً في عظمة الله وقهره وسلطانه ؟ هل تفكرت في قدرته وجبروته ؟ ألم تعلمي أن الله يغار وغيرت الله أن يأتي العبد ما حرم الله عليه وهل أنت إلا أمة مملوكة له، هل نظرت يوماً في المرآة وبحثت عن أثر السجود في وجهك ؟ هل رأيت أثر الصلاة ؟ أين الدمع في عينيك من خشية الله ؟ كأني أنظر إلى قلبك تحت الأضلاع وقد أثقلته الذنوب وقيدته الغفلة في أنين لا ينقطع . فمتى العودة ومتى التوبة ؟ هل غاب عن هاجسك الموت ؟ أم هل نسيت أن دقات عقارب الساعة ورجفات قلبك تدنيك من الآخرة ؟ فماذا تقولين لله ؟ ماذا تقولين لله ؟ هل تقولي خدعوني ؟

أم أنها الخديعة بزخرف الحياة الدنيا والركض وراء سراب لا يدرك له طرف ولا يروي من عطش . هكذا الدنيا كالماء المالح كلما ازددت شرباً منها ازددت عطشاً . كم فتح الله علينا من نعمة وكم دفع عنا من نقمة وكم وكم من النعم التي لا تعد ولا تحصى . هل توقفت وتفكرت في نفسك؟ ليس في شيء بعيد بل في نفسك.من خلق هذا الجمال وصوره وأحسنه؟من رزقك العافية في البدن وحُسن الخِلقة؟ من أودع فيك هذا القلب وتلك الجوارح ؟ ومن هداك لهذا الدين العظيم؟ إن هذه التساؤلات وغيرها كثيرة في نفسك تحتاج إلى تأمل واعتراف ثم شكر وثناء قولاً وعملاً "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"

أخيتي … في ليلة من لياليك الغافلة خذي زاوية من حجرتك وقلبي النظر في الكون ثم رديه إلى ذاتك وحياتك .. وتسآلي بعد وقفة تأمل طويلة ..ماذا قدمت لنفسك ؟ هل هذه الحياة هي نهاية المطاف أم أن هناك منزلاً آخر وداراً أخرى . بماذا شكرت ربك على تلك النعم التي تترا عليك نعمة بعد نعمة ؟ ماذا قدمت لدينك الذي أعزك به ربك وهداك إليه من بين خلق كثير هم من حطب جهنم فاختارك لينقذك منها . كم ستعيشين في هذه الدار ؟ مهما بلغت من العمر فإن مآلك إلى الدار الأخرى . فليس للمرء دار غير التي يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها . إنها والله ساعات وأنفاس معدودة ثم أنت إلى تلك الدار صائرة فستندمين وإن دخلت الجنة إن لم تكوني تزودتي من هذه الدنيا زاداً يرفع الدرجة ويعلي المقام هناك . فكيف والمرء قد أسرف على نفسه وفرط في حياته؟؟
إنها كلمات أكتبها إليك بلسان قلبي ودمع عيني أذكرك فيها يوماً ستخرجين فيه من هذه الدار رغم أنفك.فهلا أعددت لذاك اليوم عدته، فما زالت معك بقية حياة فهلا عمرتيها بطاعة الله وأحييت القلب بذكر الله فهذا هو الزاد الذي ترفع به الدرجات .

واعلمي أخيتي أن فضل الله واسع ورحمته أوسع فإن علم صدق توبتك جازاك بإحسان وعفو وغفران وأبدل سيئاتك حسنات . فهل فهمت هذا واستنهضتي همتك لحياة جديدة سعيدة قبل فوات الأوان ؟ إني لأرجو أن تقطفين الثمرة في الدنيا قبل الآخرة والله المستعان.




بارك الله فيك أخي موعظة معبرة لعلها تجد قولبا حية




بوريكا فيكم




اللهم اهدينا و اهدي بنا و اجعلنا سببا فيمن اهتدى




جزاكم الله عنا كل خيرا




مشكووووووووووووووووورين بارك الله فيك




اللهم اهدينا و اهدي بنا و اجعلنا سببا فيمن اهتدا جزاك الله خيرا اللهم اجعل اخرتنا حسن المآب




التصنيفات
اسلاميات عامة

الطفل يزيد حشاني: ظاهرة قرآنية يؤم الناس في سن الحادية عشر

الطفل يزيد حشاني: ظاهرة قرآنية يؤم الناس في سن الحادية عشر

من بين الذين اختاروا طريق التميز والخروج عن المألوف في حفظ كتاب الله والإمعان في تعلم وإتقان أحكام تلاوته، الطفل الظاهرة الذي بات حديث العام والخاص ببلدية ثنية العابد التي يقطن بها وهي بلدية جبلية تقع شرقي باتنة، وسرعان ما ذاع صيت هذا الطفل في ولاية باتنة والجزائر ككل بعد أن أم الناس في سن مبكرة إذ لم يتجاوز الإحدى عشرة سنة من العمر حين هوت إليه أفئدة من سكان البلدية وحتى المناطق المجاورة وأصبح مسجد «النور» الواقع بقرية تيزقاغين النائية يضيق بمرتاديه وقد توافدوا لصلاة التراويح وراء الشيخ الطفل يزيد، وقد اعترف بعض رواد التراويح بهذا المسجد أن الفضول هو أول دافع للقدوم إلى هذه القرية بعد أن سمعوا بنبأ الطفل الذي يؤم الناس ويتحفهم بآيات من الذكر الحكيم بصوت طفولي عذب لا يكاد يجتذب الآذان حتى يتغلغل في القلوب، وقد اصبح المسجد على مدى الأربع سنوات الأخيرة المقصد الرئيسي لأعداد كبيرة من المصلين بعد صلاة المغرب مباشرة. أما عن حكاية الطفل يزيد حشاني مع القرآن الكريم فيؤكد والده أن الابن أبان عن رغبة قوية في حفظ كتاب الله منذ نعومة أظافره وتحديدا عند بلوغه سن السابعة وهي الرغبة التي طربت لها كأب وسارعت في تنفيذها لابني بكل فخر واعتزاز وأنا أنتظر اللحظة التي يختم فيها القرآن، غير انني أصارحك القول ـ يقول الوالد ـ لم أكن أتوقع أن يصبح ابني إماما للتراويح في سن الـ 11 ، حين انخرط في المدرسة القرآنية للقرية تحت تأطير الشيخ مسعود لبكارة وشرع مثل أقرانه في تعلم قصار السور ثم حفظها والانتقال إلى الأطول فالأطوال، غير ان الطفل يزيد وبشهادة مدرسه تفوق على أقرانه، ويؤكد الشيخ مسعود أن الدهشة انتابته حين تأكد أن هذا الفتى بوسعه أن يحفظ نصف حزب في اليوم الواحد وهو ما وقفت عليه بنفسي ـ يقول الشيخ ـ وتوقعت ليزيد مستقبلا كبيرا في حفظ كتاب الله وتلاوته، لأنني لم أرى طوال الثماني والعشرين سنة التي قضيتها كمعلم للقرآن مثل ذكائه وسرعة بديهته وحفظه، ما أهله لختم القرآن في وقت وجيز ولا يزال وهو يبلغ الآن 14 سنة يؤم الناس خلال شهر رمضان في السنوات الأخيرة، ويقول والد يزيد إنه قدم كل التشجيع لابنه لتحقيق هذا الإنجاز الكبير، ويؤكد الطفل يزيد حشاني أنه بصدد حفظ أشهر الروايات مثل حفص وورش وقالون كما يطمح للمشاركة في المسابقات الدولية في حفظ القرآن الكريم وتلاوته بعد أن سجل عديد المشاركات الوطنية وكان في كل مرة يتحصل على إحدى المراتب الثلاث الأولى، مع الإشارة إلى أن يزيد متفوق جدا في دراسته وهو يحلم أن يرتدي يوما مئزر وسماعة الطبيب [IMG]http://www.elbilad.net/wp-*******/uploads/2012/08/SALAT-300×170.jpg[/IMG]




سبحان الرحمان




سبحان الله وبحمده ولا إله إلا الله والله أكبر
بارك الله فيك