التصنيفات
اسلاميات عامة

منزلة الأخلاق في الاسلام

تعليمية

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ الإسلام نوّه بالخلق الحسن، ودعا إلى تربيته وتنميته في نفوس المسلمين، وأكّده في غير ما موضع حيث جعل الله تعالى الأخلاق الفاضلة سبب تحصيل الجنّة الموعود بها ونيلها في قوله تعالى: ﴿وَسَارعُوا إلى مَغفرَة من ربّكم وَجنّة عَرضُها السّمَواتُ وَالأرضُ أُعدَّتْ للمُتقين الذينَ يُنفقُون في السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالكَاظمين الغَيْظَ وَالعَافينَ عَن النَّاس وَالله يُحبُّ المُحْسنينَ﴾ [آل عمران ١٣٣-١٣٤]، كما أوجب التخلق بالخلق الحسن وجعل له أثرا طيبا ينعكس على المعاملات بالإيجاب، كما قال تعالى: ﴿ادْفَعْ بالتي هيَ أََحْسَنُ، فَإذَا الذي بَيْنَكَ وَبيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنّهُ وَليٌّ حَميمٌ﴾ [فصلت: ٣٤] كما اعتبر الشرع الخلق من أفضل الأعمال وجعل البرّ فيه، وأثنى على نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى: ﴿وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظيم﴾(القلم ٤) وبعثه الله تعالى لإكمال هذه الأخلاق في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق»)، وبيّن صلى الله عليه و سلم أنّ : (البرّ حسن الخلق))، وأنّ (من أحبّكم إليَّ، وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا))، وأنّ (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا)).
هذا، ولمّا أثنى الله تعالى على نبيه بحسن الخلق وبعثه لإتمام مكارم الأخلاق، وكان النبي المثل الأعلى للدعاة في حياتهم الخاصّة والعامة؛ كان الذي ينبغي على الداعية التأسي به صلى الله عليه وسلم، وتجريد المتابعة له صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] واتخاذه صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة هو المطلوب على عموم وأعيان المسلمين، ليس لهم في ذلك وسع ولا خيرة، لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لمُؤْمن وَلاَ لمُؤْمنَة إذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ من أَمْرهم﴾ [الأحزاب ٣٦] فأمره في حق الدعاة أو كد، لأنّ رسالتهم الدعوة إلى هديه صلى الله عليه وسلم ومنهجه وطريقته، وبعد اقتفاء أثره، وترسم خطاه، والاستضاءة بالهدي النبوي، إذ هو سبيل النجاة من كل شرّ، والفوز بكلّ خير، وقد جعله الله تعالى المبلّغ والسراج والهادي، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النّبيُّ إنّا أَرِْسَلْنَاكَ شَاهداً وَمُبَشراً وَنَذيراً، وَدَاعياً إلَى الله بإذْنه وَسرَاجاً مُنيراً﴾ [الأحزاب: ٤٥-٤٦] ولا يخفى أنّ الناس يترقبون أفعال الدعاة وسيرتهم، ويرون فيها تطبيقا عمليا حيّا لما يدعون إليه بما علموه وعملوا به بالبيان والقدوة، فإن لم يسلكوا هذا المنهج، وهو منهج الرشد والهداية والمستضاء به في ظلمات الجهل والغواية فقد ضلوا وأضلوا، قال تعالى: ﴿قُلْ إن كُنتُمْ تُحبُونَ اللهَ فَاتّبعُوني يُحْببكُمُ اللهُ وَيَغْفرْ لَكُم ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحيمٌ﴾ [آل عمران ٣١].
هذا، ومن أولى مهمّات الداعي إلى الله تعالى التأسي بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في تزكية نفسه إلى درجة الانقياد والخضوع المطلق لله عزّ وجلّ في كلّ مطلوب ومأمور، بأداء العبادات المفروضة والمستحبة، سواء كانت بدنية أو مالية، وختم القرآن تلاوة و تدبرا وتأملا وتفكرا على الأقلّ مرّة كلّ شهر، والإكثار من الاستغفار وذكر الله ليكون جزءا من حياة الداعي ليتصف بالمسارعين بالخيرات وأهل التقوى والصلاح الموصوفين بقوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبهمْ﴾ [آل عمران: ١٩١] فضلا عن إتيان بقية الأعمال الصالحة التي تزكو النفس بها وتتهذب غرائزها وتصفو مداركها، كَبر الوالدين، وصلة الرّحم، وخدمة المستضعف والمسكين، وتفقد حاجات المعوز مع تواضع لهم، وغيرها من أنواع الطاعات، ذلك لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنّث في الغار الليالي ذوات العدد)، يخلو بربّه ويناجيه، وكان بعد مبعثه أتقى الناس وأزكاهم نفسا وأحسنهم أخلاقا وأتقاهم سريرة وأعبدهم لله تعالى.
ثمّ يلي في الأولوية متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في منهجه الأخلاقي والتأسي به فيه، وقد قدّمنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان على خلق عظيم بشهادة ربّ العالمين، حيث تجلّت فيه سائر نعوت الجمال والجلال، من الإخلاص والأمانة والبرّ والحكمة والحلم والرحمة والرفق والتواضع والصدق والإيثار والوفاء وغيرها، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ منْ أَنفُسكُمْ عَزيزٌ عَلَيْه مَا عَنتُمْ حَريصٌ عَلَيْكُم بالمُؤْمنينَ رَؤُوفٌ رَحيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] وقرئت: "من أنفَسكم"، بفتح الفاء، ويكون مراده من أفضلكم خلقا، وأشرفكم نسبا، وأكثركم طاعة لله تعالى.
ومن الأخلاق التي ينبغي على الداعي التحلي بها متابعة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحياء الذي له الأثر البالغ على مسار الدعوة إلى الله تعالى لما يؤدي هذا الخلق الرفيع إلى سلامة الطبع من الأمراض النفسية المفسدة ومن الأحقاد والضغائن المهلكة، فقد (كان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه)).
ومن أخلاق الداعية إلى الله الانضباط بالخلق الذي وصف الله تعالى جانبا منه بقوله: ﴿فَبمَا رَحْمَة منَ الله لنتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنتَ فَظّاً غَليظَ القَلْب لانفضوا منْ حَوْلكَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفرْ لَهُمْ وَشَاورْهُمْ في الأَمْر فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكّلْ عَلَى الله إنّ اللهَ يُحبُّ المُتَوَكلينَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] وفي الحديث: (لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا)، وكان يقول: (إنّ من خياركم أحسنكم أخلاقا)).
ومن الأخلاق اهتمام الداعي إلى الله بالهدي الظاهري شكلا وهيئة يتناسق الشكل على وجه الجلال والشرف، مع نظافة الثياب والبدن، فقد أخرج البخاري و مسلم من حديث أنس رضي الله عليه أنّه قال: (ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كفِّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو -عرفا قط- أطيب من ريح -أو عرف- النّبيّ صلى الله عليه وسلم)).
ومن أصول الأخلاق إيثار الحلم وترك الغضب المذموم الذي يكون حمية أو انتصارا للنفس وغيرها، ممّا لا يكون في ذات الله، وقد وصف الله تعالى الكاظمين الغيظ بأحسن وصف في قوله عزّ وجلّ: ﴿الذينَ يُنفقُونَ في السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالكَاظمينَ الغَيْظَ وَالعَافينَ عَن النَّاس وَاللهُ يُحبُّ المُحْسنينَ﴾ [آل عمران: ١٣٤]، ذلك لأنّ من استطاع قهر نفسه وغلبتها كانت دعوة غيره أسهل وأيسر، قال عليه الصلاة والسلام: (ليس الشديد بالصرعة، إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
هذا كلّه فيما يمس حياته الخاصّة، أمّا حرمات الله تعالى فلا ينبغي أن يتهاون فيها أو يتساهل(١٠)، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلاّ أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)(١١).
هذا، ومن تحلّى بمثل هذه الأخلاق السامية التي تمثل عماد الدعوة في جانبها العملي، المفسّر للجانب البياني أصلح الله به الناس، وعمّ خيره وانحسر شره.
ولا يخفى أنّ الدعوة الراشدة لا تكون مثمرة إلاّ إذا توافقت مع الهدي النبوي، ذلك لأنّ أسلوبه و منهجه في الدعوة أكمل أسلوب وأتمّ منهج، فقد قال تعالى: ﴿قُلْ هَذه سَبيلي أَدْعُو إلَى الله عَلَى بَصيرَة أَنَا وَ مَن اتَّبَعَني، وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَا منَ المُشْركينَ﴾ [يوسف: ١٠٨].
والأسلوب النبوي في الدعوة كان مؤسسا على توحيد الله عزّ وجلّ، ومحاربة مظاهر الشرك وأشكال الخرافة، وأنماط البدع، لتمكين العقيدة السليمة والصحيحة من الانتشار على نحو ما فهمها السلف الصالح تحقيقا لعبودية الله وحده لا شريك له، لذلك كان موضوع العقيدة تعليما وتصحيحا وترسيخا من أولى الأولويات وأسمى المهمّات التي يجب على الداعي إعطاءها العناية الكافية التي تستحقها، كما ينبغي أن يكون أسلوب الدعوة في نهجه أن يرسم الطريق القويم لكلّ مخطئ أو منحرف على وجه الشمول لتعمّ فائدته ونفعه، وهو جلي في نصائحه صلى الله عليه وسلم وخطاباته ودعوته – كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟! …)(١٢) ، وقوله: (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء ؟!)(١٣)، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)(١٤)، إذ هذا الأسلوب أبعد عن الانفعال والأنفة والاعتزاز بالرأي عند عدم جدواه وأنّه إلى استصلاح الحال الأقرب.
ومن الأسلوب الدعوي الرفق الذي ينبغي أن يتحلى به الدعاة إلى الله تعالى وبجانب العنف والشدة والفظاظة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله يحب الرفق في الأمر كله)(١٥) وقال أيضا (إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلاّ زانه، ولا ينزع من شيء إلاّ شانه)(١٦)، وفي الحديث: (إنّ الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه)(١٧)، فالرّفق في الأسلوب من أبرز خصائص دعوة الحقّ، قال تعالى: ﴿ادْعُ إلَى سَبيل رَبّكَ بالحكْمَة وَالمَوْعظَة الحَسَنَة وَجَادلْهُم بالتّي هيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
وينبغي على الداعي إلى الله -فضلا عن الرفقّ- التعامل مع ما يمس الدّين منهجا وعقيدة بحزم وثبات، لأنّ التهاون واللّين يترتب عليه ضياع معالم الدّين وفساد الأخلاق، ويدلّ على ذلك حزمه صلى الله عليه وسلم في امتناعه على وفد ثقيف أن يدع لهم اللاّت لا يهدمها ثلاث سنين، وهدمها، كما أبى أن يعفيهم من الصلاة ومن الصدقة والجهاد(١٨).
هذا، والذي يطلب من الإمام أو الخطيب أن يكون على بصيرة في المجال الدعوي من علم دقيق بالشرع ومقاصده ومراميه مع الربط الوثيق بالله تعالى والصلة به، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذه سَبيلي أَدْعُو إلَى الله عَلَى بَصيرَة أنَا وَ مَن اتَّبَعَني وَسُبْحَانَ الله وَمَا أنَا منَ المُشْركينَ﴾ [يوسف: ١٠٨]، فأهل البصيرة هم أولو الألباب، قال تعالى: ﴿الَّذينَ يَسْتَمعُونَ القَوْلَ فَيتَّبعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئكَ الَّذينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأولَئكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَاب﴾ [الزمر ١٨]، والآية تصف أهل اليقين والفطنة وسعة الإدراك والكياسة بأن يحصل لهم العلم بالاستماع، ويحصل لهم الهداية والتوفيق باتّباع أحسن القول، وهو الإسلام بلوازمه من أمر ونهي، ترغيبا في الخير الذي هو سبيل النجاة، وترهيبا من الشرّ الذي هو سبيل الهلاك والدمار والعذاب، وبحصول هذه المرتبة يوصل المتبصّر دعوته إلى الغير متيقنا بمراميها النبيلة التي مدارها إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والإيمان، تعلو به إلى مدارج الكمال المنشود.
وعليه، فإنّ البصيرة التي يكون عليها الداعية لا تطلق على العلم وحده ما لم يؤازره تصديق وعمل وتقوى، فيتجسد علمه بمعرفة الدين ومراتبه الثلاث من إحسان وإيمان وإسلام، ويتفاعل معها عملا ودعوة، متخلقا بأخلاق الدعاة، متبصرا بأحوال المدعوين وعوائدهم و طبائعهم و أعرافهم، منتهجا معهم الأسلوب النبوي في الدعوة إلى الله على ما تقدّم، مع الإحاطة بالمقاصد العليا للدعوة الإسلامية، وإذا كانت دعوته مؤسّسة على ضوء هدي الكاتب والسنة حاز قصب السبق، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً ممَّن دَعَا إلَى الله وَعَملَ عَمَلاً صَالحاً وَقالَ إنَّني منَ المُسْلمينَ﴾ [فصلت: ٣٣]، ونال رتبة المستنيرين بنور الله، قال تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فأحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشي به في النّاس كَمَن مَثَلُهُ في الظُلُمَات لَيْسَ بخَارج منْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢].
هذا، وعلى الداعي إلى الله التحلّي بالصبر، وهو من الأهمية بمكان في مسيرة الدعوة والدعاة خاصّة، إذ بالصبر و اليقين تنال الإمامة في الدين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : مستدلا بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا منْهُمْ أَئمَةً يَهْدُونَ بأَمْرنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بآيَاتنَا يُوقنُونَ﴾ [السجدة ٢٤]، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنّ أهل الصبر هم أهل العزائم، كقوله تعالى: ﴿وَلمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلكَ لَمن عَزْم الأُمُور﴾ [الشورى: ٤٣]، وصبر الدعاة على البلاء الذي يصيبهم هو من عزائم الأمور، لأنّه صبر على استكبار الجاحدين وجفوة العصاة، وعنت المدعوّين وهو من علامات أهل الصلاح المتّقين، وهو يشمل الصبر على الطاعة وعلى المعصية وعلى الأقدار، ولقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم كلّ أشكال الصدود والفجور، وكلّ ألوان الكنود والجحود، فصبر عليها وصابر ورابط حتّى أتّم الله دعوته، وانتشرت في الآفاق.
فالصبر -ذن- له أثره البالغ والحسن في نجاح مهمّة الداعي بتوجيه الناس إلى الخير والرشد والسؤدد، وعليه أن يتحمّل ما يواجهه من كنود الناس وصدودهم وما يحاك ضدّه في سبيل صدّه أو عرقلته ومنعه سبيل الله، أو ما ينشر حوله من إشاعات وأكاذيب واتهامات، ويكاد له من دسائس، قال تعالى: ﴿وَمَا لَنَا ألاَّ نَتَوَكّلَ عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا، وَلنَصْبرَنّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا، وَعَلَى الله فلْيَتَوَكَّل المُتَوَكلُونَ﴾ [إبراهيم: ١٢].
وفي الأخير، فالواجب على الدعاة في مسيرتهم الدعوية أن يبتعدوا عن الجفوة والغلطة وسوء الأدب والمنقلب، وأن يتنزهوا عن الأغراض الدنيئة والاغترار بالدنيا، لأنّ الانشغال والتلهّي بها عن الآخرة أوّل طريق الضياع، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذينَ آمنُوا لا تُلْهكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذكْر الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلكَ فَأُولَئكَ هُمْ الخَاسرُونَ﴾ [المنافقون: ٩].
كما عليهم التنزه عن مقاصد الشخصية التي تصاحب الجفاة الغلاظ، التي تحمل دعوتهم في ثناياها من تجهيل وتجريح وتشهير وتعيير، بل وتكفير، فإنّ مرض حبّ الظهور والإهانة والتشفّي خلق ذميم ورذيلة لا تتوافق مع الخلق الرقيق الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها، والاصطباغ بتلك الرذيلة لا تصح صفة داعية، ولا يتشرف بها في سلوكه التطبيقي.
كما أنّ من وقائع حالنا أن يتصدى للدعوة أفراد بعلم ناقص أو بدون علم، بل دون تأهل ولا تأهب، وبلا زكاة للنفس وتربية ولا مجاهدة، فيدعون إلى الإسلام وهم بحاجة إلى الدعوة، ومثل هذه الأمراض من أصابته بشيء فهو ظلوم جهول يدعى إلى الحقّ ولا يدعو، ويستصلح ولا يصلح .
هذا، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد، ومن وفقّ إلى سلوك الدعوة النبوية فقها وتأسيسا فقد حاز وافرا من ميراث النبوة، نسأل الله لنا ولكم أن لا يحرمنا منه.

1443هـ / 2022م

١- أخرجه أحمد: (٢/٣١٨). والبخاري في الأدب المفرد رقم (٢٧٣) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في «السلسة الصحيحة» رقم: (٤٥).
٢- أخرجه مسلم: (١٢/١١١) في البرّ والصلة: باب تفسير البرّ والإثم من حديث نوّاس بن سمعان رضي الله عنه.
٣- أخرجه أحمد: (٤/١٩٣) من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، والحديث صحّحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (٣/١٤) وفي صحيح موارد الظمآن: (٢/٢٤٤).
٤- أخرجه أبو داود: (٥/٦٠) في السنّة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه. والترمذي رقم: (٣/٤٦٦) في الرضاع: باب حقّ المرأة على زوجها، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسن صحيح انظر السلسلة الصحيحة للألباني رقم: (٢٨٤) صحيح الترمذي: (١/٥٩٣).
٥- جزء من حديث أخرجه البخاري: (١/٢٢) في بدء الوحي باب: 3، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٦- أخرجه البخاري: (١٠/٥١٣) في الأدب. باب من لم يواجه الناس بالعتاب. ومسلم: (١٥/٧٨) باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
٧- أخرجه البخاري: (٦/٥٦٦) في المناقب، باب صفة النّبي صلى الله عليه وسلم. ومسلم: (١٥/٧٨) في الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
٨- أخرجه البخاري: (٦/٥٦٦) في المناقب، باب صفة النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ومسلم: (١٥/٨٥) في الفضائل، باب طيب ريحه صلى الله عليه وسلم ولين مسّه ، والترمذي:(٤/٣٦٨) في البرّ و الصلة، باب ما جاء في خلق النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي الشمائل رقم: (٣٢٨) من حديث أنس بن مالك رضي الله عليه.
٩- متّفق عليه، أخرجه البخاري: (١٠/٥١٨) في الأدب: باب الحذر من الغضب، ومسلم: (١٦/١٦٢) في البرّ والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١٠- وفي هذا المعنى بوّب البخاري (١٠/٥١٦): باب ما يجوز من الغضب والشدّة لأمر الله تعالى.
١١- أخرجه البخاري: (١٠/٥٢٤) في الأدب، باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "يسروا و لا تعسروا"، ومسلم: (١٥/٨٣ ) في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٢- أخرجه البخاري: (٥/١٦٧) في العتق باب بيع الولاء وهبته، وفي المكاتب: باب ما يجوز من شروط المكاتب (٥/١٨٧)، ومسلم: (١٠/١٣٩) في العتق، باب الولاء لمن اعتق، وأبو داود: (٤/٢٤٥) في العتق باب بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٣- أخرجه البخاري: (٢/٢٣٣) في صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، ومسلم: (٤/١٥٢) في الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
١٤- أخرجه أبو داود: (٥/١٤٣) في الأدب، باب في حسن العشرة، والحديث صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم: (٢٠٦٤).
١٥- أخرجه البخاري: (١٠/٤٤٩) في الأدب، باب الرفق في الأمر كلّه، ومسلم: (١٤/١٤٦) في السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٦- أخرجه مسلم: (١٦/١٤٦) في البرّ والصلة، باب في فضل الرفق من حديث عائشة رضي الله عنها.
١٧- أخرجه مسلم: (١٦/١٤٦) في الكتاب والباب أنفسهما.
١٨- انظر: زاد المعاد لابن القيم: (٣/٥٩٥) وما بعدها.

المصدر




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكُ الله خير الجزاء على نقلك لهذا الموضوع المهم الذي صارت الامم تحتاج لمن يذكرها بالاخلاق الفاضلة ويحبب لهم التحلي بها لانها هي أساس إستقامة الدين كما لا يخفى علينا أن كل الشرائع السابقة اتت بمكارم الاخلاق لكن الشريعة الكاملة والتامة هي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بقوله ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) السلسلة الصحيحة رقم 45
ولذا يجب علينا التحلي بجميع ما جاء به نبيننا صلى الله عليه وسلم من أخلاق فاضلة لأن
الله جبله على مكارم الأخلاق، وأمرنا بالاقتداء به. قال الله تعالى: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتََدُون } ( الاعراف :158) كيف لا نقتدي بمن مدحه الله عز وجل وقال فيه( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم : 4)
وقد فصل الشيخ ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتاب الفوائد أصل الاخلاق الحميدة والمذمومة فقال رحمه الله تعالى

أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة
وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة.
فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر والإعراض وإباء قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك(كلها ناشئة من الكبر)
وأما الكذب والخسة والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع والجبن والبخل والعجز والكسل والذل لغير الله واستبدال الذي هو
أدنى بالذي هو خير ونحو ذلك( فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس)

وأما الأخلاق الفاضلة كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفة والصيانة والجود والحلم والعفو والصفح والاحتمال والإيثار وعزة النفس عن الدناءات والتواضع والقناعة والصدق والأخلاق والمكافأة على الإحسان بمثله أو أفضل، والتغافل عن زلات الناس وترك الاشتغال بما لا يعنيه وسلامة القلب من تلك الأخلاق المذمومة ونحو ذلك، (فكلها ناشئة عن الخشوع وعلو الهمة).
والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة ثم ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتأخذ زينتها وبهجتها (يشير إلى سورة فصلت آية 39), فكذلك المخلوق منها إذا أصابه حظه من التوفيق.
وأما النار فطبعها العلو والإفساد ثم تخمد فتصير أحقر شيء وأذله وكذلك المخلوق منها. فهي دائما بين العلو إذا هاجت واضطربت، وبين الخسة والدناءة إذا خمدت وسكنت.
والأخلاق المذمومة تابعة للنار والمخلوق منها، والأخلاق الفاضلة تابعة للأرض والمخلوق منها.
فمن علت همته وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل

اللهم إنا نسالك الاقتداء بنبيك وأن تهدينا الى أحسن الاخلاق ومكارمها وتجعلنا من عبادك الصالحين





اللهم إنا نسالك الاقتداء بنبيك وأن تهدينا الى أحسن الاخلاق ومكارمها وتجعلنا من عبادك الصالحين

اللهم امين
تقبل مروري اخي الكريم




بارك الله فيك اختاه .نسال الله عز وجل الاقتداء بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام من بعده والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين.




بارك الله فيك اخي ابو سليمان على مرورك الكريم .قد وفيت وكفيت في ردك .جعله الله في ميزان حسناتك وصالح اعمالك.




التصنيفات
اسلاميات عامة

رحلة بدون عودة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تعليمية




تنبيهات حول هذه الرسالة :

الشيخ صالح بن محمد العثيمين رحمه الله

السؤال: الحقيقة أمامي تذكرة سفر مجانية يقول أرجو أن تعرضوها على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين هذه الرسالة يا شيخ محمد مكتوب فيها أولاً البطاقة الشخصية الاسم الإنسان ابن آدم الجنسية من تراب العنوان كوكب الأرض البيانات محطة المغادرة كوكب الأرض الدنيا جهة السفر الدار الآخرة موعد الرحلة وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت موعد الحضور لكل أجل كتاب تلفون رقم الصلوات الخمس شروط الرحلة على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة نبيه مثل طاعة الله ومحبته وخشيته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولي الأمر التذكر الدائم للموت الانتباه إلى أنه ليس في الآخرة ألا جنة أو نار العفش المسموح به اثنين متر من القماش أبيض العمل الصالح الولد الصالح يدعو له علم ينتفع به ما سوى ذلك لا يسمح باصطحابه في الرحلة لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال الفوري بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ملاحظة الاتصال مباشرة ومجاناً رحلة سعيدة ما رأيكم يا فضيلة الشيخ في هذه التذكرة؟

الجواب

الشيخ: أريني إياها نعم رأي في هذه التذكرة التي شاعت منذ زمن وانتشرت بين الناس ووضعت على وجوه شتى منها هذا الوجه الذي بين يدي وهي عبارة عن ورقة مكتوب في صفحتها هذه البيانات التي سمعتموها من الأخ عبد الكريم ووضعت كذلك على صورة تذكرة طائرة ووضعت على وجه آخر وفي أعلى الصفحة صورة طائرة جامبو وهذه الورقة كما سمعتم بياناتها من الأخ عبد الكريم تشبه أن تكون استهزاء بهذه الرحلة وأنظر إلى قوله في أرقام التلفون 24434 يشير إلى الصلوات الخمس اثنين لصلاة الفجر وأربعة لصلاة الظهر وأربعة لصلاة العصر وثلاثة لصلاة المغرب وأربعة للعشاء فجعل الصلاة التي هي أركان الإسلام التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشاهدتين جعلها أرقام للتلفون ثم قال إن موعد الرحلة ما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت فأين الوعد في هذه الرحلة و قال موعد الحضور لكل أجل كتاب أين تحديد موعد الحضور المهم أن كل فقراتها فيها شيء من الكذب ومنها العفش الذي قال إن منه العلم الذي ينتفع به والولد الصالح وهذا لا يكون مصطحباً مع الإنسان ولكنه يكون بعد الإنسان فالذي أرى أن تتلف هذه التذكرة وألا تنشر بين الناس وأن يكتب بدلها شيء من كتاب الله أو من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا تقع مثل هذه المواعظ على سبيل الهزء وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يغني عن هذا كله وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه كثر في هذه الآونة الأخيرة كثرة النشرات التي تنشر بين الناس ما بين أحاديث ضعيفة بل موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين مرآي مناميه تنسب لبعض الناس وهي كذب وليس بصحيحة وبين حكم تنشر وليس لها أصل وإنني أنبه أخواني المسلمين على خطورة هذا الأمر وأن الإنسان إذا أراد خيراً فليتصل برئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية وليعرض عليها ما عنده من المال الذي يحب أن ينشر به ما ينتفع الناس به وهي محل ثقة وأمانة والحمد لله تجمع هذه الأموال وتطبع بها الكتب النافعة التي ينتفع بها المسلمون في هذه البلاد وفي غيرها أما هذه النشرات التي ليست مبنية على شيء وإنما هي أكذوبات أو أشياء ضعيفة أو حكم ليست حقيقية بل هي كلمات عليها مؤاخذات وملاحظات فإنني لا أحب أن ينتشر هذا في بلادنا ولا في بلاد غيرنا من المسلمين وفيما صح عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام كفاية والله المستعان.




أيها المؤمنون أيها المؤمنون بالله ورسوله أيها المتبعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا عباد الله إلى دين الله دعاهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخير ما يدعى به الناس إلى دين الله هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي عهدنا هذا ومن عهد قريب كثرت النشرات الكثيرة المتعددة المتنوعة في الدعوة إلى الله منها ما يكون صواباً ومنها ما يكون خطئاً في مضمونه ومنها ما يكون خطئاً في شكله ووضعه وإنه في هذه الأيام صدرت نشرة كتب عليها رحلة سعيدة ووضعت كهيئة تذكرة الطائرة وبعضها وضع في أوراق عادية كتب عليها عبارات خاطئة ليست من الدعوة إلى الله في شئ حتى إني رأيت من جملة ما صنف في هذه التذكرة انه وضع فيها صورة طائرة كبيرة وهي التي تسمى الجامبو وكتب فيها كلمات لا تمت إلى الدعوة على الوجه الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بصلة وإني أرجو ممن حصل على مثل هذه التذكرة أن يحرقها ولا ينشرها لأني أخشى أن يكون إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة إنهم يجعلون المرجع الذي يرجع إليه في تحديد موعد السفر أو في طلب الاستكشافات عن الأمور هو كتاب الله عز وجل وكتاب الله تعالى أسمى وأعظم من أن يجعل في مكان موظف في المطار أيها المسلمون إن من تدبر العبارات التي فيها والتي بدأ الناشرون يزيدون فيها وينقصون ويتركون ويذرون علم أن هذا أمر لا ينبغي أن يكون أبدا وأن الذي ينبغي للإنسان أن يدعو عباد الله بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أما هذه البطاقة فإني سمعت ممن أثق به أن بعض الناس صار يتخذها سخرياً يقول أتريد تذكرة مجاناً فإذا قال نعم وكيف ذلك سلمها له على سبيل الاستهزاء والسخرية وإني أظن أن بعض الناس سيدافع ويقول أليست الأعمال الصالحة زاداً فأقول بلا والله هي زاد قال الله تعالى (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)(البقرة: من الآية197) وقد يقول أيضاً إن اتخاذ بعض الناس لها سخرية لا يلزم أن تكون باطلة ولكني أقول صحيح إن اتخاذ بعض الناس ما يكون من دين الله تعالى سخرية لا يجعل ذلك باطلاً وكم من أناس سخروا من القرآن الكريم والسنة النبوية ولكن هذه الطريقة وهي طريقة ليست على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتخذها الإنسان سخرياً وليست هي بطريقة مشروعة لابد أن نفعلها فإن الذي ينبغي أن نتجنبها حتى لا نؤثم الناس بها إن بعض الناس قد يقول أليس الإنسان إذا مات فهو مسافر إلى الدار الآخرة فنقول نعم إنه إذا مات فهو مسافر إلى الدار الآخرة وكل مسافر يحتاج إلى زاد وزاد الآخرة هو تقوى الله عز وجل المبنية على العلم بشريعة الله سبحانه وتعالى ولكن يغني عن كل هذا قول الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185) أيها المسلمون احرصوا غاية الحرص على أن تكون دعوتكم إلى الله بالطريق التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما يشبهها من الطرق الصحيحة التي لا توجب تأثيم الناس وضحكهم بها أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم دعاة إلى الحق هادين مهتدين إنه جواد كريم واعلموا أن خير الحديث كتاب الله ففيه الهدى والنور والشفا وفيه الدعوة الصحيحة إلى دين الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم الذي التزم في دعوته الطريق التي بينها الله له في كتابه فخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضى عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر إخواننا الأفغانيين على أعدائهم المشركين ومن والاهم وناصرهم يا رب العالمين اللهم من قام بالحق فكن معه وأيده وثبته ومن قام بباطل فاخذله واهزمه واجعل كيده في نحره يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تدمر أعداء المسلمين أعداء سنة النبي صلى الله عليه وسلم اللهم دمر أعداء السنة اللهم دمر أعداء السنة اللهم دمر أعداء السنة وأهلك طواغيتهم يا رب العالمين اللهم أجعل بأسهم بينهم اللهم فرق كلمتهم وشتت شملهم وأفسد أمرهم واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا رب العالمين إنك على كل شئ قدير اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا اللهم تقبل منا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد يا رب العالمين عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون اللهم تقبل دعائنا ولا ترده بسوء أفعالنا فإنك أهل الجود والمغفرة والعفو والإحسان اللهم تقبل منا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم …

http://www.ibnothaimeen.com/all/khot…icle_457.shtml




التصنيفات
اسلاميات عامة

سبيل السعادتين في إجتناب الجهالتين

سبيل السعادتين في إجتناب الجهالتين

الحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسلام على عبده ورسوله الذي بلّغ البلاغ المبين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .وبعد :

لقد تظافرت آيات الله الكونيّة والشرعيّة على السّواء ، وبلا مراء ؛ أنّ السعادتين – في الدنيا والآخرة – مرهونتان باجتناب الجهالتين :
1 – جهالة العلم .
2 – وجهالة العمل ؛
وما حلّ بالنّاس من مكروه ولا حصل لهم عنت إلاّ كانت إحداهما سببه .
فإنّ النّوع الإنسانيّ لا يصلح إلاّ إذا تجرّد من الجهل كلّه .
فإنّه وإن تقرّر شرعا أنّ فساد الأديان شرّ من فساد الأبدان ، بل لا قياس لحجم هذا الفساد على حجم ذاك ، إلاّ أنّ كلا الفسادين من جرّاء الجهالتين المذكورتين .
ولعلّك لمحت أنّي لا أعني بالجهل هنا : نعرّف به نقيض العلم فحسب ، كما يفهمه من أوّل إدراك كلّ أحد ؛ ولكن هو جهل العلم وجهل العمل على السّواء .

جهالة العلم :


لا يزال يكتب الكاتبون في أدب الدّنيا والدّين مقالات في ذمّ الجهل ومدح العلم كالدّرر ، لك أن تستخرج منها من كنوز النّصائح ما لو وقع عليه المتنكّب طريق نجاته لعلم منه سبيل خلاصه .
وإنّ الله مذ انشأ آدم على وجه هذه البسيطة ؛ لم يزل عقلاء ذرّيته -أنبياء وعلماء- يحذّرون أممهم من الجهل وغوائله ، ويرشدونهم إلى العلم وفضائله .
والمرء منذ يصير يعي الخير والشّرّ ؛ تراه يتطلّب أسباب سعادته طمعا في تحصيلها ، حتى تكون سبيله إلى راحة نفسه .
غير أنّ كثيرا قد غفلوا عن معنى السّعادة المنشودة والرّاحة المقصودة على الوجه الّذي نزل به الوحي وجاء به الشّرع ؛ وإنّما هي في العلم تحصيلا وأعمالا .
إنّ الجهل منجم الباطل ، ومنبع الضّلالة ومغلاس الفتنة ، ووكر الشّر ، ومستثار الهوى ، ومرسى الشّبهات ، وعرصة الغيّ ، وعشّ الباطل ..
ولو أردت ان أزيدك زدتّك ، وإنّما غرضي من تعريفك حدّه ومعناه ؛ أن تبغضه وتتعدّاه .
ومنشأ تفضيل المتعلّم على غيره حصل في الملإ الأعلى – قبل أن ينزل به الشرع – في أعظم مشهد ، وبين يدي أعظم شاهد ، وذلك أنّ الله ( سبحانه لمّا اراد إظهار تفضيل آدم وتمييزه وفضله ميّزه عليهم بالعلم ؛ فعلّمه الأسماء كلّها ، ثمّ عرضهم على الملائكة فقال : ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31) ) .. [سورة البقرة] ، فحينئذ أظهر لهم فضل آدم بما خصّه به من العلم ) (1) .

ومن أحسن ما قيل في الجمع بين فضل العلم وشؤم الجهل :

العلم ينهض بالخسيس إلى العلا
………………….. والجهل يقعد بالفتى المنسوب .

ولمّا علم القوم فضل العلم وأنّه حبل الله الممدود لكلّ طالب نجاة ؛ قال قائلهم : ( حظّ من علم أحبّ إليّ من حظّ من عبادة ) (2) .
وقال بشر الحافي رحمه الله : وهو أحد أعبد أهل زمانه : ( لا أعلم على وجه الأرض عملا افضل من طلب العلم والحديث لمن إتّقى الله وحسنت نيّته فيه ) .
وقال سفيان الثوري رحمه الله : ( ما اعلم شيئا يراد الله به افضل من طلب العلم ) .
والحظ معنى السّعادة والنّجاة في ارتباط العلم بمعنى الحياة ، في جميل اقتباس النبيّ صلى الله عليه وسلّم حين تسميته النّوم موتا في بعض كلامه ؛ وهو إنّما سمّاه كذلك لشبهه به في فقد الحياة .
وأنت لو تمعّنت لرأيت النّائم إنّما زالت منه حياته العلميّة لا الرّوحية (3) ، ولأجل ذلك ارتفع تكليفه.
وإذا ارتفع العلم وحطّ الجهل صحّ تسمية الحدث موتا بنصّ القران الكريم فقد قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( إنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصمّ الدعاء ) [النمل : 80 ] ، وهو إنّما كان يدعو أحياء يروحون ويجيئون .
قال ابن كثير رحمه الله (6/211 ) :
(لا تسمعهم شيئا ينفعهم شيئا ينفعهم ، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة ، وفي آذانهم وقر الكفر ).

وفي هذا المعنى قال الشّاعر :

وفي الجهل قبل الموت موت لاهله
…………….. وأجسامهم قبل القبور قبور

جهالة العمل :


وأمّا الجهالة الثانية : فجهالة العمل .
ومعناها : الفصل بين طلب العلم وبين توظيفه والعمل به .
وهي من أشنع مظاهر الجهل وشرّها .
فإنّ فيها خصلتين مذمومتين متلازمتين
فأمّا الأولى : فتعطيل الحكمة الّتي من اجلها كان الحضّ على طلب العلم والأمر به ، ألا وهي طلب العمل به ، فإنّما هو وسيلة والعالم به هو الغاية .
فمن أتعب نفسه في تحصيل الوسائل واهمل الغايات ؛ كان ذلك عند العقلاء من نقصان العقل ، وعند الفقهاء من فساد النيّة .
وأمّا الثّانية اللاّزمة : فالتّشبه ببعض شرّ خلق الله ؛ ألا وهم اليهود ، فإنّهم أكثر النّاس تركا للعمل عند نزول البيّنات ، اعاذنا الله من اخلاقهم .
ولهذا قال ابن المبارك رحمه الله : ( من فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود )
نعم ؛ العلم في نفسه خصلة محمودة ، وحسنة مطلوبة وعمل صالح ، بل هو أفضل القرب بعد أداء ما افترض الله سبحانه على العباد.
فإنّ فيه صلاحهم ، وبه فلاحهم ، وهو مبتدأ كلّ خير في دين أو في دنيا ، وقد مرّ بيان ذلك .
لكنّ هذا حاصل لمن كانت نيّته العمل به ، وغجراء مقتضاه على الجوارح ، قياما بحقّه الشّرعيّ المتضمّن في قوله تعالى : ( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك ) [محمّد : 19 ] .
فإنّ الله – سبحانه – طلب الإستغفار من الخطايا ؛ وهو عمل ، مقرونا مع الأمر بطلب العلم ؛ لتعلم أنّ صلاح العمل من صلاح العلم ، وصحّته من صحّته ، وانّ ترك العمل جهل ايضا ، إذ العلم ما أورث الخشية ، وحضّ على العمل وطلب البراءة .
يبيّن هذا كلّه ّ؛ تفسير السلف الصالح رضي الله عنه للجهالة في قوله سبحانه : ( إنّما التوبة على الله للذين يعملون السّوء بجهالة ) [ النساء : 17 ] ، بأنّ كلّ من عصى الله تعالى فهو جاهل .
قال ابن كثيرا – رحمه الله تعالى – : ( قال مجاهد وغير واحد : كلّ من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل ، حتّى ينزع عن الذنب ) (4) .
وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( ثمّ إنّ ربّك للذين عملوا السوء بجهالة ثمّ تابوا من بعد ذلك واصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفور رحيم (119) ) : ( إنّ ربّك للذين عصوا الله فجهلوا بركوبهم ما ركبوا من معصية الله وسفهوا بذلك .. ) (5) .
ولهذا قال ابن القيّم رحمه الله تحت آية النساء : ( والجهالة هنا ؛ جهالة العمل ، وغن كان عالما بالتحريم .. ) (6) .
وقال رحمه الله في موضع اخر في الكلام على قوله تعالى ( ففرّوا إلى الله ) [ الذاريات : 50] : ( فالفرار المذكور : هو الفرار من الجهلين ؛ من الجهل بالعلم إلى تحصيله اعتقادا ومعرفة وبصيرة ، ومن جهل العمل إلى السّعي النّافع والعمل الصّالح ؛ قصدا وسعيا ) (7) .
ومن عظيم فوائد هذا الفرار إلى العمل ؛ ما يمد الله به العبد من السداد والإصابة في بعض ما يلجأ إليه أحيانا من التوقيع عنه سبحانه .
فلقد وعد الله الصّالح من أهل العلم أن يلهمه رشده أحوج ما يكون إليه ؛ وذلك بإطلاعه على الفرق بين الحقّ والباطل والهدي والضّلال ، فقال سبحانه : ( يا أيّها الذين ءامنوا إن تتّقوا الله يجعل لّكم فرقانا ) [الأنفال : 29] ، وقال سبحانه : ( والّذين اهتدوا زادهم هدى وءاتهم تقواهم (17) ) [محمّد : 17 ] .
ولهذا نقل عن أحمد أنه قيل له :
من نسال بعدك ؟
فلقال عبد الوهاب ، يعني : الورّاق .
فقيل غنّه ضيّق العلم .
فقال :رجل صالح مثله يوفّق لإصابة الحقّ ) (8) .
أختم واقول :
أنا أعلم أنه قد كتب في فضل العلم والعمل من هو أفصح لسانا واعذب بيانا ؛ وإنّما نحن في جنبهم وجنب من نكتب لهم كقول الشّاعر :

وتراه يصغي للحديث بسمعه
……………. وبقلبه ولعلّه ادرى به

……………………. ….. …………

الهامش :


1 – ( مفتاح دار السعادة ) (1/52) .

2 – قاله مطرف بن الشّخير ، اخرجه عبدد الرزاق في (المصنف) (11/253) ، وابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) .

3 – (لسان العرب ) : مادة موت (2/90) .

4 – ( تفسير ابن كثير) (2/235) .

5 – (تفسير ابن جرير) (17/316) .

6 – (مدارج السالكين) (1/284) .

7 – (مدارج السالكين) (1/284) .

8 – (الآداب الشرعية) (2/114) .

مجلّة الإصلاح السلفيّة الجزائرية السنة الثالثة العدد الخامس عشر : رجب /شعبان 1443 ه الموافق ل جويلية/أوت 2022 م صلفحة 34
الزواوي ملياني حفظه الله







بارك الله فيكي وسددخطاكي




جزاك لله خير

وجعل السعادة والجنة متواك في الدنيا والأخرة




التصنيفات
اسلاميات عامة

نصيحة الى مغرور للشيخ علي فركوس حفظه الله

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإنَّ الواجب على المسلم أن لا يظهر في غيرِ مظهرِه، ولا خلافَ ما يُبطِن، ولا خلافَ حاله، ولا يحكم على نفسه بعُلُوِّ مرتبته وسُموِّها، ولا يتكلَّف ما ليس له، فإنَّ هذا الخُلُقَ من صدق الحال، وقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الْمُتَشَبِّعْ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»(١- أخرجه البخاري: (9/317) في «النكاح»، باب المتشبِّع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضَّرَّة، ومسلم: (14/110) في اللِّباس: باب النهي عن التزوير في اللِّباس، وأبو داود: (5/269) في الأدب: باب في المتشبِّع بما لم يعط، من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما. ومعنى الحديث عند العلماء: «المكثر بما ليس عنده بأن يظهر أنَّ عنده ما ليس عنده يتكثَّر بذلك عند الناس ويتزيَّن بالباطل فهو مذموم كما يذمّ من لبس ثوبي زور» [«شرح مسلم للنووي»: (14/110)]. قال ابن حجر في «الفتح»: (9/318): «وأمَّا حكم التثنية في قوله (ثوبي زور) فللإشارة إلى أنَّ كذب المتحلّى مثنى، لأنّه كذب على نفسه بما لم يأخذ وعلى غيره بما لم يعط، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه» )، وقد جاء من أقوالهم:

وَمَن يَدَّعِي بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَضَحَتْهُ شَوَاهِدُ الامْتِحَانِ

لذلك لا يجوز أن يَدَّعي العلمَ فيما لا يَعلم، والإتقانَ فيما لا يُتقِن، ولا أن يتصدَّر قبل التأهُّل، فإنَّ ذلك آفةُ العلم والعمل، لذلك جاء في أقوالهم: «من تصدَّر قبل أوانه؛ فقد تصدَّى لهوانه»، وقد جاء –أيضًا- عن بعض الأندلسيِّين قولهم:

نَعُـوذُ بِاللهِ مِنْ أُنَاسٍ تَشَيَّخُوا قَبْلَ أَنْ يَشِيخُوا

ثمَّ ينبغي أن يُعلَم أنَّ من كان سائرًا على مثل هذا الخُلُق من الصِّدق، أنَّ الصدقَ من مُتمِّمات الإيمان، ومُكمِّلات الإسلام، وقد أمر اللهُ به، وأثنى على المتَّصفين به في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، وقال عزّ وجلّ: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [الزمر: 33]، وقال سبحانه وتعالى -أيضًا- في الثناء على أهله: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: 23]، ويكفي أن يكون الصدق يهدي إلى البِرِّ، وأنَّ البِرَّ يهدي إلى الجَنَّة، كما في الحديث المتَّفق عليه: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا»(٢- أخرجه البخاري: (10/507) في «الأدب»، باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وما ينهى عن الكذب، ومسلم: (16/160) في البرِّ والصلة: باب قبح الكذب وحسن الصدق وفعله، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، ولا يخفى أنَّ الجنَّة هي أسمى غاياتِ المسلم، وأقصى أمانيه، والصدق في اللَّهجة عنوان الوقار، وشرف النفس، وصنعة العلم، لا يرتفع فيها إلاَّ صادق، فالصدق أَوْلَى تخلُّقًا من تحصيل العلم، وعلى المسلم أن يبدأ بتربية نفسه على الصدق قبل تحصيل العلم، كما جاء في بعض آثار السلف.
ثمَّ ينبغي –أيضًا- توقيرُ العلماء، وأنَّ توقيرَهم وتقديرَهم واحترامَهم من السُّنَّة، وأنَّهم بَشَرٌ يخطئون، لكنَّ الواجب على المؤمن أن يظنَّ بأهل الإيمان والدِّين والصلاحِ الخيرَ، وعلى الطالب أن يترك الاعتراض على أهل العلموالأمانةوالعدل،ويتَّهمرأيه عندهم،ولايسعىبالاعتراض والمبادرة إليهم في موضع الاحتمال والاجتهاد قبل التوثُّق، ودون تثبُّتٍ وتبيُّنٍ؛ ذلك لأنَّ اتِّهامهم به غيرُ صحيحٍ، وإن ورد من غير عالِمٍ فهو لا يعرف خطأ نفسه، فأنَّى له أن يحكم عليه بالخطإ، فضلاً عن انتقاصهم، والاستدراكِ عليهم، بل الواجب أن يضع الطالبُ أو المسلم ثقتَه في أهلِ العلم، ويصونَ لسانه عن تجريحهم أو ذمِّهم، فإنَّ ذلك يُفقدهم الهَيبةَ، ويجعلهم محلَّ تُهمَةٍ، كما عليه أن يتحلَّى برعاية حُرمتهم، وتركِ التطاولِ والمماراة والمداخلات، وخاصَّة مع ملإٍ من الناس، فإنَّ ذلك يوجب العُجْبَ، ويورث الغرورَ.. نعم، إن وقع خطأٌ منهم أو وَهْمٌ، نَبَّهَ عليه من غيرِ انتقاصٍ منهم، ولا يثير البلبلةَ والهرج عليهم، ويفرحُ بالحطِّ فيهم، وما يفعل ذلك إلاَّ متعالِمٌ، «يريد أن يكحِّل عَيْنَه فيعميها»! أو «يريد أن يُطِبَّ زكامًا فيحدث جذامًا»!
هذا، وأريدُ أن أَصِلَ كلامي بالكلام السابق، وهو أنَّ العبد ينبغي عليه أن يعلم أنَّ مصدر كلِّ فضلٍ، وواجبَ كلِّ خيرٍ إنَّما هو الله سبحانه وتعالى، وأنَّ الله سبحانه وتعالى إذا أعطى اليومَ المالَ والعلمَ والقُوَّةَ والعزَّة والشرف، قد يسلبه غدًا إن شاء، فهو سبحانه المانع الضارُّ، المعطي النافعُ، يعطي ويأخذُ، ومن شكر نعمَه وأحسن الشكر زاده: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]، ومن جَحَدها ظاهرًا وباطنًا وسلوكًا، واتصف بغير ما أمر به سبحانه وتعالى، وعمل ما نهى عنه، وجحد نعمَه، فإنَّ النعمةَ تنقلبعليهنِقمةً،ومنأعظمالمهالك -في الحال والمآل- هو ذلك العُجْبُ بالنفس والعمل، والزهو والغرور، وما يترتَّب عليه في باب العلم من ترك الاستفادة، ويحمله العجب والغرور إلى التعالم، واحتقار الناس، واستصغار من سواه، فهذه العوالق والعوائق من أكبر المثبِّطات، ومن أكبر الحواجز التي تمنع كمال المسلم، أو كمال طالب العلم، فهي تصيِّر العزَّ ذلاًّ، وتحوِّل القوَّة ضعفًا، وتنقلب بها النعمة نقمةً، لذلك جاء في الكتاب والسنَّة ما ينفِّر ويحذِّر من العجب والغرور في كونها آفةً تحبط العمل، فالإخلاص آفتُه العجب، فمَن أُعجب بعمله حبطَ عملُه، وكذلك من استكبر حبط عملُه، وإذا كان الرياء يدخل في باب الإشراك بالخَلق، فإنَّ العجب يدخل في باب الإشراك بالنفس، على ما نصَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم(٣- «التفسير القيّم»فيما جمع لابن القيِّم: (48))، فالعجب أخو الرياء، فالمرائي لا يحقِّق: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾[الفتحة: 5]، والمعجَب بنفسه، المغرور بذاته وعمله لا يحقِّق: ﴿إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفتحة: 5]، وقد جاء القرآن الكريم محذِّرًا من هذه الآفة في قوله تعالى: ﴿وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ، وَغَرَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ﴾ [الحديد: 14]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا﴾[التوبة: 25]، وقال سبحانه وتعالى –أيضًا-: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾[الانفطار: 6]، وفي الحديث: «ثَلاَثٌ مُهْلِكُاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ»(٤- أخرجه ابن عبد البرّ في «جامع بيان العلم وفضله»: (1/143) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والحديث له طرق حسَّنه الألباني بمجموع طرقه، وبه جزم المنذري. [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني: (4/412 -416)]).
وعلى المسلم أن يتعامل مع الناس بالحُسْنَى، ويعترف بحقوقهم، ويكفَّ الأذى عنهم بعدم ارتكاب ما يضرُّهم، أو فعل ما يؤذيهم خاصَّةً إذا كانوا أكبر منه سِنًّا وعِلمًا وشرفًا، أو كانوا سببًا في توجيهه، أو لحقه منهم شيءٌ من فضلهم، فلهم الفضل عليه فهم بمثابة والديه، والواجب نحوهما البرّ وإيصال الخير لهما، وكفُّ الأذى عنهما، والدعاء، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، فإنَّ ذلك كلّه من الإحسان، والإحسان -كما لا يخفى- جزءٌ من عقيدة المسلم، وشَقْصٌ كبيرٌ من إسلامه، ذلك لأنَّ مبنى الدِّين على ثلاثة أصول، وهي الإيمان، والإسلام، والإحسان، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام المتَّفق عليه، حيث قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فيه عقب انصراف جبريل عليه السلام، قال: «هَذَا جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ»(٥- أخرجه مسلم: (1/150) في «الإيمان»، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، وأبو داود: (5/69) في السنّة: باب في القدر، والترمذي: (5/5) في الإيمان، باب ما جاء في وصف جبريل للنبيّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الإيمان والإسلام وابن ماجه: (1/24) في «المقدّمة»، باب في الإيمان. من حديث عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه)، فجعل الإحسانَ من الدِّين، أمَّا العبارات التي يأتي بها غالبًا هؤلاء الطلبة في غاية القبح، من السبِّ، والفزاعة، والفحش، وغيرها من الكلمات، واللَّمز، والطعن، ومختلف آفات اللِّسان؛ فليست من الإحسان في شيء، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾[البقرة: 83]، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾[النحل: 90]، وأهل الصلاح والدِّين يتحاشون مثل هذه الكلمات، وقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الفَاحِشِ، وَلاَ البَذِيءِ»(٦- أخرجه الترمذي: (4/350) في «البرّ والصلة»، باب ما جاء في اللعنة؛ وصحَّحه الحاكم: (1/12)؛ والألباني في الصحيحة (320) وفي «صحيح الترمذي»: (2/370)؛ وقوى إسناده الأرناؤوط في «شرح السنة»: (13/134))، بل إنَّ الإسلام نوَّه بالخُلُق الحسن، ودعا إلى تربيته في المسلمين، وتنميته في نفوسهم، وأثنى الله سبحانه وتعالى على نبيِّه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بحسن الخلق، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وأمره بمحاسن الأخلاق، فقال: ﴿اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصّلت: 34]، ورسالة الإسلام كُلُّها حُصِرت في هذا المضمون من التزكية والتطهير، فقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في الحديث: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»(٧- أخرجه أحمد: (2/318). والبخاري في: «الأدب المفرد» رقم (273) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» رقم: (45))، ومنه نعلم أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قد أتمَّ هذه التزكية منهجًا وعملاً؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أتمَّ دينَه ونعمتَه على رسوله وعلى المؤمنين، فالتزكية التي هي غاية الرسالات وثَمرتُها تُعَدُّ من أصول الدعوة السلفية، وإحدى أركانها الأساسية.
والذي يمكن أن أنصحه –أخيرًا- هو أنَّ الإسلام ليس عقيدةً وعبادةً فَحَسْب، بل هو أخلاقٌ ومُعامَلة، فالأخلاقُ المذمومة في الإسلام جريمةٌ مَمقوتةٌ، والممقوتُ لا يكون خُلقًا للمسلم، ولا وصفًا له بحالٍ من الأحوال؛ ذلك لأنَّ الطهارةَ الباطنية مكتسبةٌ من الإيمان والعمل الصالح، وهي لا تتجانس مع الصفات الممقوتةِ، ولا تتفاعل مع الأخلاق الذميمة، التي هي شرٌّ محضٌ، لا خيرَ فيها، فعلينا أن نجتنب الشرَّ، ونقترب من الخير، وعلينا أن نتحلَّى بالصلاح والتقوى، فهو مقياس التفاضل، وميزانُ الرجال.
اللهمَّ إنَّا نعوذ بك من كلِّ خُلُقٍ لا يُرضي، وكلِّ عمل لا يَنفع، واللهُ من وراء القصد، وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

١- أخرجه البخاري: (9/317) في «النكاح»، باب المتشبِّع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضَّرَّة، ومسلم: (14/110) في اللِّباس: باب النهي عن التزوير في اللِّباس، وأبو داود: (5/269) في الأدب: باب في المتشبِّع بما لم يعط، من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما. ومعنى الحديث عند العلماء: «المكثر بما ليس عنده بأن يظهر أنَّ عنده ما ليس عنده يتكثَّر بذلك عند الناس ويتزيَّن بالباطل فهو مذموم كما يذمّ من لبس ثوبي زور» [«شرح مسلم للنووي»: (14/110)].
قال ابن حجر في «الفتح»: (9/318): «وأمَّا حكم التثنية في قوله (ثوبي زور) فللإشارة إلى أنَّ كذب المتحلّى مثنى، لأنّه كذب على نفسه بما لم يأخذ وعلى غيره بما لم يعط، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه».

٢- أخرجه البخاري: (10/507) في «الأدب»، باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وما ينهى عن الكذب، ومسلم: (16/160) في البرِّ والصلة: باب قبح الكذب وحسن الصدق وفعله، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

٣- «التفسير القيّم»فيما جمع لابن القيِّم: (48).

٤- أخرجه ابن عبد البرّ في «جامع بيان العلم وفضله»: (1/143) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والحديث له طرق حسَّنه الألباني بمجموع طرقه، وبه جزم المنذري. [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني: (4/412 -416)].

٥- أخرجه مسلم: (1/150) في «الإيمان»، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، وأبو داود: (5/69) في السنّة: باب في القدر، والترمذي: (5/5) في الإيمان، باب ما جاء في وصف جبريل للنبيّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الإيمان والإسلام وابن ماجه: (1/24) في «المقدّمة»، باب في الإيمان. من حديث عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.

٦- أخرجه الترمذي: (4/350) في «البرّ والصلة»، باب ما جاء في اللعنة؛ وصحَّحه الحاكم: (1/12)؛ والألباني في الصحيحة (320) وفي «صحيح الترمذي»: (2/370)؛ وقوى إسناده الأرناؤوط في «شرح السنة»: (13/134).

٧- أخرجه أحمد: (2/318). والبخاري في: «الأدب المفرد» رقم (273) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» رقم: (45).

من موقع الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله




ا شكرا لك ننتضر جديدك




تعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

طرق الخلاص من الذنوب وتكفير السيئات

طرق الخلاص من الذنوب وتكفير السيئات
للشيخ فركوس حفظه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فإنّ سعادة المؤمن في دنياه وأخراه تكمن في مدى تأديب نفسه وتزكيتها، إذْ ما تطهر عليه نفسه هو حسنة الإيمان والعملُ الصالح، وأنّ شقاءه منوط بفسادها وخبثها، إذ ما تخبث به وتتدسَّى هو سيئة الكفر والمعاصي والذنوب، قال تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}
[الشمس: 10]
لذلك فالواجب على المؤمن أن يحمل نفسه على الآداب المزكِّية لها، المطهِّرة لخبثها وأدرانها، كما أنّ عليه أن يجنّبها كلّ ما يدسِّيها من الأقوال والأفعال، ويفسدها من سيء المعتقدات تلك هي الذنوب التي لا يسلم منها بنو آدم، فما في جِبِلَّتِهم يأبى أن لا يقع منهم ذنب ولو أرادوا أن لا يقع منهم ذنب أصلا فقد رَامَوْا ما ليس لهم إلاّ من عصمه الله من الذنوب لمن أعطي النبوة من بني آدم، قال صلى الله عليه وآله وسلم:
"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ"
( أخرجه مسلم : 8/94. وأحمد : 2/308. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
وقد بينت الشريعة الغرّاء الطرق الشرعية التي تتبع للتخلص من الذنوب والآثام لإصلاح النفس وتطهيرها لتصبح أهلا لكرامة الله سبحانه وتعالى ورضاه، وهي محصورة في أربعة مكفرات:

التوبة: فالتوبة بداية العبد التقي ونهايته لا تفارقه ولا يزال فيها إلى الممات، وحقيقـة التوبة: الندم على ما سلف، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على أن لا يعاوده في المستقبل، والتحلل من الآدمي إن كان في حقّه، والتوبة فرض دائم على كلّ مسلم على قدر استطاعته وهي واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها في معصية صغيرة ولا كبيرة، إذ هي عنوان الفلاح وطريقُه، قال الله تعالى:
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
[النور: 31]
فعلّق الفلاح بالتوبة تعليقَ المسبَّب بسببه ثمّ أتى بأداة "لَعَلَّ" المشعرة بالتّرجّي فكان المعنى أنه لا يرجو الفلاح إلاّ التائبون، والتوبة التي تعالج الذنب وتمحو أثره هي التوبة النصوح، قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}
[ التحريم: 8]
تلك هي التوبة المقبولة، يتردّد صاحبها بين خوفٍ ألاّ تقبل، ورجاء أن تقبل مع إدمان في الطاعات

( انظر اختلاف عبارة العلماء في التوبة النصوح على ثلاثة وعشرين قولاً في تفسير القرطبي: 18/197-199 ).
الاستغفار: وهو طلب المغفرة بالقلب واللسان والجوارح، وهو يتضمن العزم الجازم على ترك ما يغضب الله والإقبال على ما يحبه، هذا، والمغفرة تُذْكَرُ في مقابلة العذاب، لأنّ العذاب يحصل بسبب الذنوب، والمغفرة من الله مانعة من عذابه، ولا يكون ذلك إلاّ بصحة العزم على الإقبال على الله عزّ وجلّ وترك الذنوب والآثام، قال الله تعالى:

{أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}

[البقرة:175]

وإذا كانت التوبة أبلغ في الدلالة على رجوع العبد من معصية الله تعالى إلى طاعته والقيام بأمره، فإنّ الاستغفار أبلغ في الدلالة على الاعتراف بالذنب والندم عليه وطلب إزالة أثره، لذلك كثيرًا ما يُقْرَنُ بين الاستغفار والتوبة، قال تعالى:

{أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}

[المائدة:74]

وقوله تعالى:

{وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}

[هود: 3]

غير أنّ الذنوب – وإن كانت محل مغفرة – إلاّ أنّه يستثنى منها الشرك لقوله تعالى:

{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}

[النساء: 48]

لذلك كان التوحيد أساس المغفرة وسببها الأعظم، ومن فقد التوحيد فقد المغفرة، ومن جاء مع التوحيد بقُراب الأرض خطايا لقيه الله بقُرابها مغفرة، على أنّه موكول إلى مشيئة الله وفضله: إن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، فعن أَنَسُ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ:

«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِى وَرَجَوْتَنِى غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِى غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِى بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»

(- أخرجه الترمذي:5/548، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة(127) و(12تعليمية وفي صحيح الترمذي:3/455 رقم (3540).))،
هكذا تتصاغر الذنوب أمام نور توحيد الله سبحانه وتعالى، فعاقبة المذنب من الموحدين الجنة وعدم الخلود في النار، فلا يُلْقَى فيها كما يُلقى الكفار ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار، فمن وحّد الله واستغفر وتاب وقام بشروط التوحيد أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلّها ونجى من النّار بالكلية، قال تعالى:

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

[الزمر:53]

ذلك لأنّ المغفرة المطلقة من الله سبحانه وتعالى تتضمّن إزالة أثر الذنوب والوقاية من شرِّها.

هذا، ومن ثمرات الاستغفار: اطمئنان القلب وانشراح الصدر وجلاء الهمّ والغمّ، والاستبشار برحمة الله ورضوانه، ومن ثمرات الاشتغال به شغل لسانه عن غيره، وانبعاثٌ في نفسه معاني الصفح والعفو وحسن الخلق.
الاستكثار من الحسنات: ذلك لأنّ السيئات تُغفر بالحسنات لقوله سبحانه وتعالى:

{أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}

[هود: 114]

ولقوله تعالى:

{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}

[الفرقان: 8-69-70]

فالحسنات تكفر كثيرًا من السيئات ويؤكده قوله تعالى:

{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى}

[طه:75-76]

ومن ظواهر هذه النصوص القرآنية يتبين أنّ الحسنات شاملة بإذهاب عموم السيئات صغيرها وكبيرها، غير أنّ السيئة الكبيرة تحتاج إلى حسنة مثلها لتكفيرها ومحوها كالشرك لا يكفره إلاّ التوبة منه والدخول في الإسلام، إذ الإسلام يَجُبُّ ما قبله، وعليه فالاستكثار من الحسنات أمر مرغوب فيه لكونه مُذْهِبًا للسيئة لكن بشرط عدم الاتكال عليها للوقاية من الوقوع في المظالم والذنوب، ذلك لأنّ السيئة في مقابل الحسنة تأكلها أو تنقص أجرها فلا ينتفع بها صاحبها ولا تبلغ به الدرجات العلى، فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:

"أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ"

( أخرجه مسلم:8/18، والترمذي:4/613، وأحمد:2/303-372، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
. فالحديث صريح في أنّ الحسنات تذهب السيئات صغيرها وكبيرها وتقطعها، ومن جهة أخرى تنقص السيئات الحسنات وتأكلها حتى إذا فَنِيَتْ الحسنات أُخذ الرجل بذنوبه وطرح في النار، هذا ولا تعارض مع قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ"

(أخرجه مسلم:1/144، وأحمد: 2/400-414- 484 ، والترمذي:1/418، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)

فإنّ مضمون الحديث خاص بما تكفره الصلوات الخمس والجمعة ورمضان من الصغائر، أمّا النصوص المتقدمة فأعمّ من محتوى هذا النص فهي شاملة للكبائر أيضًا ولا منافاة في العمل بمقتضى العام والخاص كما هو مقرر أصوليا.

ومن الحسنات المكفرات: الجهاد في سبيل الله، والنصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على القضاء، والحب والبغض في الله، والتطوع في الصلاة، والصدقة، والصيام، وغير ذلك من الأعمال الصالحات.

هذا والاستكثار من الحسنات ضرب من ضروب التوبة والاستغفار لذلك تُقْرَنُ الأعمال الصالحة بالتوبة في العديد من الآيات القرآنية فلا تعارض بين وجوب التوبة والاستغفار مع القول بتكفير السيئات بالحسنات، لأنّ التوبة والاستغفار محلها القلب واللسان والجوارح، والعمل الصالح جزء منها، لذلك فمن استغنى بظاهر الحسنات عن حقيقة التوبة والاستغفار فقد أسقط عن نفسه فرض التوبة والاستغفار ورضي قلبه به واعتقده وهذا لا شك في بطلانه من جهة المعتقد والعمل، وأنّه من الكبائر العظيمة وطريق من طرق الكفر، لأنّه يتضمن الإيمان ببعض الشريعة والكفر ببعضها وقد جاء في الحديث:

"مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"

( أخرجه مسلم:12/16، من حديث عائشة رضي الله عنها)

وعلى التائب أن يناسب بين الحسنة والسيئة فلا يترك الفرائض والواجبات بدعوى فعل الحسنات المكفِّرات، فإنّ تكفير هذه السيئات يحصل بتداركها والقيام بها إن لم يسقط وجوبها أو يتعذر تداركها، أمّا الاستمرار على تركها مع الاتكال على تكفيرها بالعمل الصالح من غير جنسها فذاك سبيل المغرورين ممن خدعهم الشيطان بمكره وصدهم عن سبيل المتقين.

·
الأذى الذي يلحق المؤمن: فالأذى الذي يصاب به المؤمن في نفسه وماله وأهله هو من مكفرات الذنوب والخطايا كما ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وآله وسلم:

"مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ"

( أخرجه البخاري:10/103، ومسلم برقم(2573)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لمّا نزلت: {ومَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] بلغت من المسلمين مبلغا شديدًا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

"قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا"

( أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب(6734)، والترمذي:5/247، وصححه الألباني في صحيح الترمذي:3/266، وفي تخريج الطحاوية:(90))

وثبت -أيضًا- من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"

( أخرجه البخاري:10/111، ومسلم برقم(2571)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)

والأجر والثواب يكون بقدر المصيبة والنصب فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ"

(أخرجه الدارقطني:(1762)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب:2/1116)
.
ففي طرق الخلاص من الذنوب والخطايا أملٌ عظيم في فضل الله العميم، حيث يبعث في نفس المسلم الأمل المشرق ويحملها على فعل الخيرات وترك المنكرات ويدفعها إلى الطاعة من غير تهاون ويوطّنها على العمل ضمن مراقبة الله وعلمه ومحاسبة نفسه، إذ هما من طرق إصلاحها وتأديبها وتطهيرها، فإلزام المسلم نفسه بمراقبة الله تعالى حتى يتم لها اليقين بأنّ الله تعالى عليها رقيب فهذا معنى إسلام الوجه في قوله تعالى:

{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}

[لقمان: 22]

كما أمر بمحاسبة النفس على ما قدّمت لغدها المنتظر قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

[الحشر: 18].

هذا، وعلى المسلم أن يجاهد نفسه بالتأديب جهادًا متواصلاً حتى تطمئنّ نفسه وتطيب ليكون أهلاً لمحبة الله ورضاه، قال تعالى:

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}

[العنكبوت: 69].

هكذا درب الصالحين من هذه الأمة يسعون جاهدين إلى الخلاص من الذنوب والمعاصي بالتوبة والاستغفار والاستكثار من الأعمال الصالحة ويسارعون في الخيرات، ويحاسبون أنفسهم على تفريطها ويجاهدونها على التقوى وينهونها عن السوء والهوى مصداقًا لقوله تعالى:

{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}

[النازعات: 40-41].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

أبو عبد المعز محمّد علي فركوس
الجزائر في: 20 رجب 1443ﻫ

الموافق ﻟ : 25 أغسطس 2022م




بارك الله فيك أختي أم همام وجزاك خيرا

غفر الله لنا ولك ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.




بارك الله فيك




بارك الله فيك




جزاك الله خيرا




مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه




بارك الله فيك اختي الفاضلةتعليمية




التصنيفات
اسلاميات عامة

عقيدة أهل السنة والأثر في الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم

عقيدة أهل السنة والأثر في الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم
بقلم: الشيخ عبد المحسن العباد
المدرس في كلية الشريعة بالجامعة
بسم الله الرحمن الرحيم
من رحمة الله بعباده وإحسانه إليهم وفضله عليهم أن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ليبلغهم رسالة ربهم ويرشدهم إلى كل ما ينفعهم ويحذرهم كل ما يضرهم وقد قام صلى الله عليه وسلم بما أرسل به على التمام والكمال فدل أمته على كل خير وحذرها من كل شر ونصح غاية النصح وقد اختار الله لصحبته وتلقي الشريعة عنه قوما هم أفضل هذه الأمة التي هي خير الأمم فشرَّفهم بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وخصَّهم في الحياة الدنيوية بالنظر إليه وسما
عحديثه من فمه الشريف وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقد بلَّغوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بعثه الله به من النور والهدى على أكمل الوجوه وأتمها فكان لهم الأجر العظيم لصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه في سبيل الله وأعمالهم الجليلة في نشر الإسلام ولهم مثل أجور من بعدهم لأنهم الواسطة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه وقد أثنى الله عليهم في كتابه العزيز وأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة وحسبهم ذلك فضلا وشرفا،
قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} . وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}.
وفي قوله –سبحانه-في حق الصحابة الكرام –رضي الله عنهم {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} أخطر حكم ، وأغلظ تهديد ، وأشد وعيد في حق من غيظ بأصحاب رسول -الله صلى الله عليه وسلم- أو كان في قلبه غل لهم .
وقال الله تعالى:
{لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِالْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وقال تعالى في بيان مصارف الفيء: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ والَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ..هذه ثلاث آيات من سورة الحشر الأولى منها في المهاجرين والثانية في الأنصار والثالثة في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم سائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم،وليس وراء هذه الأصناف الثلاثة إلا الخذلان والوقوع في حبائل الشيطان ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير بشأن بعض هؤلاء المخذولين: "أمروا أن يستغفروا لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فسبُّوهم" أخرجه مسلم في أواخر صحيحه وقال النووي في شرحه بعد ذكر آية الحشر: "وبهذا احتج مالك في أنه لا حق في الفيء لمن سب الصحابة رضي الله عنهم لأن الله إنما جعله لمن جاء من بعدهم يستغفر لهم"، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "وما أحسن ما استنبط الإمام مالك من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}،وقال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" والله أعلم ذكر الثالث أم لا. وأخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: " القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث" وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحبأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم"، وروى ابن بطة بإسناد صحيح – كما في منهاج السنة لابن تيمية – عن ابن عباس أنه قال: "لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمل أحدكم أربعين سنة " وفي رواية وكيع: "خير من عمل أحدكم عمره". ولما ذكر سعيد بن زيد رضي الله عنه العشرة المبشرين بالجنة قال: "والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عمِّر عُمْر نوح" أخرجه أبو داود والترمذي، وعن جابر رضي الله عنه قال: "قيل لعائشة أن أناسا يتناولون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت: وما تعجبون من هذا انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر" أخرجه رزين كما في جامع الأصول لابن الأثير ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". وروى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" وأخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" وأخرج من حديث أبي سعيد رضي الله عنه ولفظه: "كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" ، فإذا كان سيف الله خالد بن الوليد وغيره ممن أسلم بعد الحديبية لا يساوي العمل الكثير منهم القليل من عبد الرحمن بن عوف وغيره ممن تقدم إسلامه مع أن الكل تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبة بالنسبة إلى أولئك الأخيار، إن البون لشاسع وإن الشقة لبعيدة فما أبعد الثرى عن الثريا بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
هذه بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على فضل أولئك الأخيار الذين ما كانوا ولا يكونون رضي الله عنهم.
الصحابة كلهم عدول

وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول بتعديل الله تعالى لهم وثنائه عليهم وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم. قال النووي في التقريب الذي شرحه السيوطي في تدريب الراوي: "الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به" انتهى. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة" انتهى. ولهذا لا تضر جهالة الصحابي فإذا قال التابعي: "عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم" لم يؤثر ذلك في المروي لأن الجهالة في الصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول.

قال الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية: "كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره في نص القرآن". ثم ساق بعض الآيات والأحاديث في فضلهم ثم قال: "على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين" وروى بإسناده عن أبي زرعة قال: "إذا رأيت الرجلينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدوا أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة".
ملخص عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة رضي الله عنهم:
ومذهب أهل السنة والجماعة فيهم وسط بين طرفيها الإفراط والتفريط وسط بين المفرطين الغالين الذين يرفعون من يعظمون منهم إلى ما لا يليق إلا بالله أو برسله وبين المفرِّطين الجافين الذين ينقصونهم ويسبونهم فهم وسط بين الغلاة والجفاة يحبونهم جميعا وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف فلا يرفعونهم إلى ما لا يستحقون ولا يقصرون بهم عما يليق بهم فألسنتهم رطبة
بذكرهم بالجميل اللائق بهم وقلوبهم عامرة بحبهم وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون إما مصيبون فلهم أجر الاجتهاد والإصابة وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين بل هم بشر يصيبون ويخطئون ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرة والرضوان، وكتب أهل السنة مملوء ببيان هذه العقيدة الصافية النقية في حق هؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين
من أقوال أئمة السلف في الصحابة
1- قول الإمام الطحاوي: ومن ذلك قول الطحاوي في عقيدة أهل السنة: "ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان"
2-قول إبن أبي زيد القيرواني: وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة: "وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليهوسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب"
3- قول الإمام أحمد: وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة: "ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدا منهم فهو مبتدع رافضي، حبهم سنة والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة" .وقال: "لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وخلَّده في الحبس حتى يتوب ويرجع"
4- قول الامام أبي عثمان الصابوني:
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث: "ويرون الكفّ عمّا شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا أو نقصا فيهم ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافَّتهم".
5- قول شيخ الاسلام ابن تيمية:
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العقيدة الواسطية: "ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم ألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} وطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه".ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضِّلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" وبأنه لا يدخل النار رجل بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ويشهدون بالجنَّة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم يثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت عليه الآثار وكما أجمع على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما – بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر – أيهما أفضل فقدَّم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدَّم قوم عليّاً وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الأصول التي يضلَّلُ المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله". ثم ذكر محبتهم لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوليهم لهم وحفظهم فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وتولِّيهم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وإيمانهم بأنهنَّ أزواجه في الآخرة ثم قال: "ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما جرى بين الصحابة ويقولون أن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغيّر عن وجهه الصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق ومن الفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر حتى أنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء فيالدنيا كفَّر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله".
هذه خمسة نماذج من أقوال السلف الصالح فيما يجب اعتقاده في حق خيار الخلق بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم وسلامه ورضي الله عن الصحابة أجمعين.
القدح في الصحابة قدح في الكتاب والسنة:
ومما ينبغي التفطن له أن القدح في هؤلاء الصفوة المختارة رضي الله عنهم قدح في الدين لأنه لم يصل إلى من بعدهم إلا بواسطتهم وتقدم في كلام أبي زرعة قوله: "وإنما أدَّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" يعني الذين ينتقَّصون أحدا من الصحابة.
القدح في الصحابة لا يضرهم:
وأن القدح فيهم لا يضرهم شيئا بل يفيدهم كما في حديث المفلس ولا يضر القادح إلانفسه فمن وجد في قلبه محبة لهم وسلامة من الغل لهم وصان لسانه عن التعرض لهم إلا بخير فليحمد الله على هذه النعمة وليسأل الله الثبات على هذا الهدى ومن كان في قلبه غلٌّ لهم وأطلق لسانه بذكرهم بما لا يليق بهم فليتق الله في نفسه وليقلع عن هذه الجرائم وليتب إلى الله ما دام باب التوبة مفتوحا أمامه قبل أن يندم حيث لا ينفعه الندم. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




التصنيفات
اسلاميات عامة

أنــــــــــــــــــوااع البشر عند المصـــــــــــــاااائب

تعليمية
تعليمية

الأولى: الشاكر.
الثانية: الراضي.
الثالثة: الصابر.
الرابعة: الجازع.

أمَّا الجازع: فقد فعل محرماً ، وتسخط من قضاء
رب العالمين الذي بيده ملكوت السموات والأرض
له الملك يفعل ما يشاء.
وأمّا الصابر: فقد قام بالواجب ،
والصابر: هو الذي يتحمل المصيبة ، أي يرى
أنها مرة وشاقة وصعبة ، ويكره وقوعها ، ولكنه يتحمل ،
ويحبس نفسه عن الشيء المحرم ، وهذا واجب.
وأمّا الراضي: فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة ويرى أنها

من عند الله فيرضى رضى تاماً، ولا يكون في قلبه تحسر
أو ندم عليها لأنه رضي رضى تاماً ، وحاله أعلى من حال الصابر ولهذا كان الرضى مستحباً ، وليس بواجب.
والشاكر: هو أن يشكر الله على هذه المصيبة.
ولكن كيف يشكر الله على هذه المصيبة وهي مصيبة؟
والجواب: من وجهين:
الوجه الأول: أن ينظر إلى من أصيب بما هو أعظم
فيشكر الله على أنه لم يصب مثله..

الوجه الثاني: أن يعلم أنه يحصل له بهذه المصيبة تكفير السيئات
ورفعة الدرجات إذا صبر فما في الآخرة خير مما في الدنيا
فيشكر الله ، وأيضاً أشد الناس بلاءاً الأنبياء ،
ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، فيرجوا أن يكون بها صالحاً ، فيشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة.

ويُذكر أن رابعة العدوية أصيبت في أصبعها
ولم تحرك شيئاً فقيل لها في ذلك؟
فقالت: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها.
والشكر على المصيبة مستحب ، لأنه فوق الرضى
لأن الشكر رضى وزيادة

من درر العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في آخر
شرحه على كتاب الجنائز من الممتع .




بارك الله فيك و جزاك خيرا
اللهم اجعلنا من الصابرين الراضيين الشاكرين
تقبل الله منا و منكم صالح اعمالنا




جزاكم الله خيرا




اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين و الراضين على قضاء الله و الحمد لله




بارك الله فيك




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
اسلاميات عامة

أحسن الله عزاءنا وعزاءكم في وفاة الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل رحمه الله

تعليمية

أحسن الله عزاءنا وعزاءكم في وفاة الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل رحمه الله

أحسن الله عزاءنا وعزاءكم في وفاة الشيخ العلامة عبد الله بن عقيل رحمه اللهإنا لله وإنا إليه راجعون
لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى

توفي منذ قليل سماحة الوالد العلامة شيخ الحنابلة في عصره عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الكريم العقيل (رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى في المملكة السابق).
نسأل الله أن يتغمد فقيد الأمة وأن يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه
وإنا على فراقه لمحزونون
وسيصلى عليه غدا عصرا بجامع الملك خالد بالرياض إن شاء الله.





اللهم أجرنا في مصيبتنا
رحم الله الشيخ رحمتا واسعة وغفر له وجعله من أهل الجنة




عظم الله أجركم إنا لله وإنا إليه راجعون

الله يرزقكم الصبر والسلوان أخي وتغمد الفقيد

برحمته الواسعة.




إنا لله وإنا إليه راجعون

فقدت الامة الاسلامية علم من اعلمها ومصباح من مصابيح العلم الشرعي




اللهم إغفر له وارحمه اللهم إغفر له وارحمه اللهم اغفر له وارحمه وإجعله من أهل الجنة




|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||

بارك الله فيك في ميزان حسناتك ان شاء الله

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله||| ~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله| ||~~~|||وبحمده||




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




التصنيفات
اسلاميات عامة

حكم قول جمعة مباركة

الخميس 1 ربيع الثاني 1443السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}

من باب النصح والإرشاد والتذكرة احببت أن أذكركم بهذا الموضوع والذي يستهين به الكثير من الناس
هو حكم التهنئة بيوم الجمعة كقول جمعة مباركة والفتوى هي للشيخ سليمان الماجد
هذا هو نص الفتوى
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. في هذه الأيام كثيراً ما أسمع من الناس في يوم الجمعة قول هذه العبارة: "جمعة مباركة"؛ فما حكمها؟ جزاك الله خير الجزاء.
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. لا نرى مشروعية التهنئة بيوم الجمعة كقول بعضهم: جمعة مباركة، ونحو ذلك؛ لأنه يدخل في باب الأدعية والأذكار التي يوقف فيها عند الوارد، وهذا مجال تعبدي محض، ولو كان خيرا لسبقنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولو أجازه أحد للزم من ذلك مشروعية الأدعية والمباركة عند قضاء الصلوات الخمس وغيرها من العبادات، والدعاء في هذه المواضع لم يفعله السلف. والله أعلم




التصنيفات
اسلاميات عامة

بعض الناس يقول : أخاف الله , واخاف ممن لا يخاف من الله عز وجل [ ماحكم هذه العبارة ] ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذا كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حول هذه العبارة التي يرددها كثير من العامة
قال رحمه الله تعالى في الفتاوى [ 58/1 ] :

وبعض الناس يقول : يا رب ، إنى أخافك وأخاف من لا يخافك .
فهذا كلام ساقط لا يجوز ، بل على العبد أن يَخاف الله وحده ولا يَخاف أحدًا ، فإن من لا يَخاف الله
، أذل من أن يُخاف .
فإنه ظالم وهو من أولياء الشيطان ، فالخوف منه قد نهى الله عنه.
وإذا قيل : قد يؤذينى ؟ قيل : إنما يؤذيك بتسليط الله له ، وإذا أراد الله دفع شره عنك دفعه ، فالأمر لله .
وإنما يسلط على العبد بذنوبه ، وأنت إذا خفت الله فاتقيته وتوكلت عليه كفاك شر كل شر ، ولم يسلطه عليك .

فإنه قال : {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ، وتسليطه يكون بسبب ذنوبك وخوفك منه ، فإذا خفت الله وتبت من ذنوبك واستغفرته لم يسلط عليك ،
كما قال : { وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} .اهـ
هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

منقول لتعم الفائدة




اللهم اجعلنا ممن يخافونك ولا يخافون غيرك اللهم امين

أثابك الله و نفع بك




موضوع قيم ومفيد

بارك الله فيكم

وجزاكم الخير المديد




جزاك الله خيرا على الموضوع القيم




وفيكم بارك الله




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم على طرحكم المتميز و لتنبيهنا لأكثر أخطائنا شيوعا نتمنى منكم الطرح المتواصل لندرك اخطاءنا
شكراااااااااااا




موضوع قيم ومفيد جعل الله مجهوداتك في ميزان حسناتك تعليمية