التصنيفات
اسلاميات عامة

جهاد الكلمة مقال للشيخ الفاضل دغش العجمي

تعليمية
تعليمية

روى الإمام مسلم في صحيحه رقم(78)عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه،وذلك أضعف الإيمان)
وهذ الحديث يشير إلى وجوب كشف شبه دعاة المنكر على إختلاف نحلهم ومللهم ، لأنه من باب إنكار المنكر ، فواجب على العلماء والدعاة عدم السكوت والإنزواء إزاء دعاة الباطل ، بل يجب كشف مخططاتهم وافكارهم الهدامة .
فعلماء الأمة الإسلامية هم نبضها ومتنفسها في تبيان حقيقة اهل الباطل ودعاته من علمانيين وليبراليين ،ومن دعاة البدعة والضلالة من شتى طوائف الإنحراف،بل ومن دعاة الحزبية البغيضة التي تنخر في عظم الأمة وتفتت جماعتها وكيانها ممن يلبسون لباس السنة والدين ويتلفعون بمرطها.
ويجب كشفهم كل على حدة حتى تستبين سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين .
وكما أن غزاة ديننا وعقيدتنا تجمعهم وحدة الهدف، فعلى المعتدى عليهم أن يتحدوا قلباً وقالباً، فكراً وعملاً،وإلا تخاطفتهم الذئاب كل على حدة.
فهم كما قال صلى الله عليه وسلم :(كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسدِ بالسهرِ والحُمى)رواه مسلم رقم 2586 .
لذا وجب الاتحاد، والعمل جميعاً لخدمة هذا الدين،وألا ندفن رؤوسنا في الرمال،كل على ثغره يعمل،ويذب عن الإسلام والسنة من جانبه.
فإن كان الناطق بالباطل شيطان ناطق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
إنّ من أعظم واجبات العلماء الجهاد بالحجة والبيان لردكيد أهل البدع والبهتان.
والرد على المخالف بابٌ عظيم من ابواب الجهاد في سبيل الله وهو(( جهاد اللسان والكلمة)) حمايةً للدين من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين،وتأويل الجاهلين .
يقول العز بن عبدالسلام الشافعي(ت:661هجري):
(( أوجب الله على العلماء إعزاز الدين وإذلال المبتدعين، فسلاح العالم علمه كما أنّ سلاح الملك سيفه وسنانه، فكما لايجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن المُلحدين والمشركين،لايجوز للعلماء إغماد ألسنتهم عن الزائغيين والمبتدعيين . فمن ناضل عن الله وأظهر دين الله كان جديراً أن يحرسه الله تعالى بعينه التي لاتنام ،ويعزه بعزه الذي لايضام . وقد قال بعضهم : من سكت عن الحق شيطان أخرس .فالساكتون عصاة آثمون مندرجون تحت قوله تعالى ((كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون )) {شفاء الصدور للشيخ مرعي الكرمي (223_224)}.
وقد عد العلماء الكلام في أهل البدع والزيغ والإنحراف والتحذير منهم من باب النصيحة لعامة المسلمين، وبينوا أن هذا الأمر لايعد من الغيبة المحرمة ، فعن كثير بن زياد قال : أن أهل الأهواء لاحرمة لهم [رواه أبو عمرو الداني في رسالته الرساله الوافيه(268)].
ويندرج تحت هذا الهوى هوى دعاة العلمانية ودعاة البدعة والخرافة ودعاة الإباحية ودعاة الفجور ودعاة الحزبية؟!!
إن ذكرهم والتحذير الناس منهم ومن طرائقهم واجب لايجوز التنازل عنه أو التخلي عنه ، وهي وظيفة شرعية ،من مهام العلماء وطلبة العلم ،لحراسة الملة ، والذب عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله((وهذه الأمةـ ولله الحمدـ لم يزل فيها من يتفطن لما في كلام أهل الباطل من الباطل ويرده، وهم لماهداهم الله به يتوافقون في قبول الحق ، ورد الباطل رأيا ورواية من غير تشاعر ولا تؤاطوا)) [مجموع الفتاوى (233/9) ].
إن الرد على أمثال هؤلاء من الجهاد في سبيل الله .
قال الإمام يحيى بن يحيى رحمه الله (توفي 266)
[[ الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله . فقال له محمد بن يحيى الذهلي : الرجل ينفق ماله ويتعب نفسه ، ويجاهد فهذا أفضل منه ؟! قال يحيى : نعم ، بكثير]] رواه الهروي في ذم الكلام رقم 1081 (6/40). ولهذ قال الإمام إبن القيم رحمه الله((ولهذ كان الجهاد نوعين: جهادٌ باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثيرٌ، والثاني :الجهاد بالحجة والبيان ،وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل وهو جهاد الأئمة ،وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته ،وشدة مؤنته ،وكثرة أعدائه، قال الله تعالى ((ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً فلا تُطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيرا))فهذا جهادٌ لهم بالقران وهو أكبرُ الجهادين))[مفتاح دار السعادة :(1/271)].
ويلاحظ في كلام ابن القيم أنه فضّل جهاد الكلمة واللسان على جهاد البدن وهذا الذي عليه أهل العلم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:((ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة ،فإنّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب بإتفاق المسلمين،حتى قيل لأحمدبن حنبل :الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أويتكلم في أهل البدع ؟فقال:إذا قام وصلى واعتكف فإنماهو لنفسه،وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل)).
فبين أنّ نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله،إذتطهير سبيل ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ،ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين)) مجموع الفتاوى(28/231/232) .
إن نظرة سريعة في آثار السكوت عن الباطل تدفع العاقل إلى موقف مضادله ،فمن ثماره:
1.تعطيل عنصر مهم من حياة أهل الحق والسنة وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومجاهدةالمبطلين ،والتفريط في حراسة الدين .
2.ارتفاع أهل الباطل والبدع والإباحية .
3.انتشار دعوتهم ،وامتداد رواقها .
4.فشو شبهاتهم ومداخلتها للإعتقاد الحق، وتلعبها بالقلوب.
5.وبالتالي تحريك العقيدة الحقة من مكانها بعد ثباتها ،فيضعف الإعتقاد السليم ،ويضعف سلطانه.
6. ظهور المبطلين في المجامع، وعلى درجات المنابر ،واحتباؤهم على افواه السكك، لمشاغبة المصلحين والتحريش بينهم ،وتحريض العامة عليهم ، وتكميم أفواههم بعصا السلطان ،فيزداد الأمر شدة ، ويزداد المخالف ظهوراً.
7.في السكوت: إسقاط للعقوبات الشرعية على دعاة التلل والتغريب والبدعة.
8.في السكوت: إيالة المسلمين إلى أمة :مستسلمة منهزمة مخدرة.
9.كسر الحاجز النفسي بين والكفار ،فيستمرئ المسلم الباطل والكفر،وتموت الغيرة على حرمات الدين ،ويستعصي غصلاح الدهماء على أيدي العلماء، ويجفلون من نصحهم ويجفونهم.
10.من أنباء سقوط الدول ظهور أهل الأهواء والبدع والفجور فيها . وهذا معلوم باستقراء أحوال الأمم على تطاول الأزمان.)) [ الرد على المخالف :للشيخ بكر أبوزيد(79_82)بإختصار وتصرف]

يتبع تكملة المقال إن شاء الله
وهومنقول من صفحة الإبانه من جريدة
الوطن الكويتيه ليوم الإثنين الموافق
20/7/2009من مولد المسيح عليه السلام.

تعليمية تعليمية




جزاك الله خيرا.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.